الزبدة الفقهيّة - ج ٢

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي

الزبدة الفقهيّة - ج ٢

المؤلف:

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي


الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات ذوي القربى
المطبعة: كيميا
الطبعة: ٤
ISBN: 964-6307-55-8
ISBN الدورة:
964-6307-53-1

الصفحات: ٥٥٢

قد عزم على فعله كالقنوت ، والأجود خروج الثاني إذا لا يسمّى ذلك نقصانا ، وفي دخول الأول نظر ، لأن السهو (١) لا يزيد على العمد.

وفي الدروس أن القول بوجوبهما (٢) لكلّ زيادة ، ونقصان لم نظفر بقائله ولا بمأخذه ، والمأخذ ما ذكرناه ، وهو (٣) من جملة القائلين به (٤) ، وقبله الفاضل ، وقبلهما الصدوق.

(وللقيام في موضع قعود وعكسه) ناسيا (٥) ، وقد كانا داخلين في الزيادة والنقصان ، وإنما خصهما تأكيدا ، لأنه قد قال بوجوبه لهما (٦) من لم يقل بوجوبه لهما (٧) مطلقا ، ...

______________________________________________________

(١) أي الإتيان به سهوا لا يزيد على الإتيان به عمدا مع أن الإتيان العمدي لا يوجب سجدتي السهو.

(٢) أي بوجوب سجدتي السهو.

(٣) أي المصنف في الذكرى.

(٤) بهذا القول كما في الذكرى بل وفي المتن هنا.

(٥) نسب إلى الأكثر كما في السرائر لصحيح معاوية بن عمار : (سألته عن الرجل يسهو فيقوم في حال قعود أو يقعد في حال قيام قال : يسجد سجدتين بعد التسليم وهما المرغمتان ترغمان الشيطان) (١) وموثق عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن السهو ما تجب فيه سجدتا السهو؟ قال عليه‌السلام : إذا أردت أن تقعد فقمت ، أو أردت أن تقوم فقعدت ، أو أردت أن تقرأ فسبحت ، أو أردت أن تسبح فقرأت فعليك سجدتا السهو ، وليس في شي‌ء مما يتم به الصلاة سهو) (٢).

وعن الشيخين والكليني والقديمين ووالد الصدوق والمحقق والعلامة في المنتهى أنه لا يجب لموثق سماعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (من حفظ سهوه فأتمه فليس عليه سجدتا السهو) (٣) وفيه : إن الخبرين السابقين نص فيقدمان.

(٦) أي بوجوب السجود للقيام والقعود في موضع الآخر.

(٧) أي بوجوب السجود للزيادة والنقيصة سواء كانتا قياما أو قعودا أو غيرهما. كابن إدريس وابن زهرة.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٣٢ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ١ و ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ١١.

٣٨١

(وللشك بين الأربع والخمس) (١) حيث تصح معه (٢) الصلاة (٣) ، (ويجب فيهما النية) (٤) المشتملة (٥) على قصدهما (٦) ، وتعيين السبب إن تعدّد (٧) ، وإلّا فلا (٨) ، واستقرب المصنف في الذكرى اعتباره مطلقا (٩) ، وفي غيرها عدمه مطلقا ، واختلف أيضا اختياره في اعتبار نية الأداء ، أو القضاء فيهما (١٠) ، وفي الوجه (١١) : واعتبارهما أولى. والنية مقارنة لوضع الجبهة على ما يصح السجود عليه ، أو بعد الوضع على الأقوى (١٢).

______________________________________________________

(١) إذا شك بين الأربع والخمس بعد إكمال السجدتين فيبني على الأربع ويتم صلاته ثم يسجد سجدتي السهو على المشهور لصحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا كنت لا تدري أربعا صليت أم خمسا ، فاسجد سجدتي السهو بعد تسليمك ، ثم سلم بعدهما) (١) ومثله موثق أبي بصير (٢).

فما عن الخلاف من البطلان وعن المفيد والصدوقين وغيرهم من عدم وجوب سجدتي السهو ليس في محله لأن هذه النصوص حجة عليهم.

(٢) مع هذا الشك.

(٣) كما تقدم من أنه بعد إكمال السجدتين.

(٤) لأنهما عبادة بالاتفاق.

(٥) أي النية.

(٦) لما تقدم في بحث نية الوضوء والصلاة أن النية مؤلفة من القصد مع التقرب.

(٧) لتعدد المكلف به وعدم تشخص الفعل لأحدها بغير النية كما عن جماعة ، والحق عدم التعيين للأصل.

(٨) لا يجب تعيين السبب إذا كان واحدا لإطلاق الأدلة والأصل أيضا خلافا لنهاية الفاضل والذكرى فيجب لتوقف صدق الامتثال على ذلك وفيه منع واضح.

(٩) تعدد السبب أو لا.

(١٠) في سجدتي السهو ويحتمل أن يكون في الذكرى وغيرها.

(١١) قد عرفت أنه لا يجب التعرض لنية الأداء والقضاء والوجه في أصل الصلاة فكذا في سجدتي السهو.

(١٢) اعلم أن سجدتي السهو لا يجب فيها التكبير على المشهور كما سيأتي فلذا من تعرض للنية جعل وقتها أول السجود بمعنى أنها تقارنه وهذا مبني على كون النية إخطارية ، ثم إن ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ١ و ٣.

٣٨٢

(وما يجب في سجود الصلاة) من الطهارة وغيرها من الشرائط ، ووضع الجبهة على ما يصح السجود عليه ، والسجود على الأعضاء السبعة وغيرهما من الواجبات (١) ، والذكر (٢) ، إلا أنه هنا مخصوص بما رواه الحلبي (٣) عن الصادق

______________________________________________________

ـ الشهيد في البيان جوّز مقارنة النية للتكبير وإن كان التكبير مستحبا ، وهو حسن لصدق المقارنة عرفا ، والشارح هنا في الروضة والمحقق الثاني في جامعه أنه لو نوى بعد الوضع فالأقوى الصحة ولعله لصدق المقارنة عرفا ، وفي الجميع أن النية على نحو الداعي وهي متحققة من أول الأمر ومستمرة إلى الآخر فلا معنى للبحث عن وقتها.

(١) كرفع الرأس من السجدة الأولى والطمأنينة حال الذكر في السجود ، والطهارة والستر والاستقبال كما عن جماعة منهم الشهيدان إلا أنه ليس في الأدلة تعرض لشي‌ء من ذلك ، نعم هو مقتضى الاحتياط. وجعل سجود السهو عقيب الصلاة مباشرة قبل التكلم كما في صحيح ابن أبي يعفور الوارد في نسيان التشهد حيث قال فيها : (وإن لم يذكر حتى ركع فليتم صلاته ثم يسجد سجدتين وهو جالس قبل أن يتكلم) (١). هذا وعدم تعرض الشهيدين للتكبير قبل السجدتين كاشف عن عدم وجوبه عندهما للأصل ، ولكن هل هو مستحب أو لا؟ ذهب المشهور إلى استحبابه لموثق عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (سألته عن سجدتي السهو هل فيهما تكبير أو تسبيح؟ فقال : لا ، إنما هما سجدتان فقط فإن كان الذي سها الإمام كبّر إذا سجد وإذا رفع رأسه ليعلم من خلفه أنه قد سها ، وليس عليه أن يسبح فيهما ولا فيهما تشهد بعد السجدتين) (٢) وهو ظاهر في الإمام فقط وأن التكبير للإعلام لا للسجدتين ولذا ذهب جمع من الأصحاب إلى عدم استحبابه.

(٢) المشهور على وجوب الذكر في السجدتين ، وعن جماعة منهم المحقق في المعتبر والنافع والعلامة في المنتهى والمختلف العدم للأصل مضافا إلى موثق عمار المتقدم : (إنما هما سجدتان فقط. إلى أن قال. : وليس عليه أن يسبح فيهما ولا فيهما تشهد بعد السجدتين).

ومستند المشهور صحيح الحلبي الآتي ، ومقتضى الجمع استحباب الذكر لا وجوبه ، وعلى فرض القول بوجوبه فهل يتعين الذكر بصيغة خاصة وهي الواردة في صحيح الحلبي الآتي كما عن الشيخ والعلامة والشهيد أو يجزي مطلق الذكر لاختلافه وتعدده في الصحيح المذكور.

(٣) صحيح الحلبي. على ما في الفقيه. عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (أنه قال : تقول في سجدتي ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب التشهد حديث ٤.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ٣.

٣٨٣

عليه‌السلام. (وذكرهما «بسم الله وبالله وصلّى على محمّد وآل محمّد»). وفي بعض النسخ (١) ، «وعلى آل محمّد» ، وفي الدروس (٢) «اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد

______________________________________________________

ـ السهو : بسم الله وبالله وصلى الله على محمد وآل محمد ، قال : وسمعته مرة أخرى يقول : بسم الله وبالله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته) (١) ومثله عن الكافي إلا أن فيه : (اللهم صل) (٢) بدل : (وصلى الله). ونفسه قد رواه الشيخ في التهذيب : (سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول في سجدتي السهو : بسم الله وبالله وصلى الله على محمد وآل محمد ، وسمعته مرة أخرى يقول فيهما : بسم الله وبالله والسلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته) (٣).

وعليه فالتخيير بين صيغتين الأولى : «بسم الله وبالله اللهم صلى على محمد وآل محمد» والثانية : «بسم الله وبالله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته» لتضمن التخيير في صحيح الحلبي على اختلاف نقله.

غير أن الصيغة الأولى فيها احتمالات.

الأول : اللهم صلى على محمد وآل محمد ، كما في الكافي.

الثاني : وصلى الله على محمد وآله محمد ، كما في الفقيه.

الثالث : بسم الله وبالله وصلى الله على محمد وآله ، كما عن التقي والمحقق الثاني في حاشية النافع أنه ذكرها ولم يظهر له مأخذ.

الرابع : بسم الله وبالله وصلى الله على محمد وعلى آل محمد ، كما عن بعض نسخ الفقيه.

والصيغة الثانية فيها احتمالان :

الأول : بسم الله وبالله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، كما في الفقيه والكافي.

الثاني : بسم الله وبالله والسلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، كما في التهذيب.

وعن الوحيد الجزم بترك الواو ولعله لاتفاق الفقيه والكافي عليه ، والأولى العمل على ما في الكافي بتمام الصيغتين لأنه أثبت.

(١) نسخ الفقيه.

(٢) وهو الموافق لرواية الكافي.

__________________

(١) الفقيه ج ١ ص ٢٦٦ حديث ٩٩٧.

(٢) فروع الكافي ج ١ ص ٣٥٦ حديث ٥.

(٣) التهذيب ج ٢ ص ١٩٦ حديث ٧٧٣.

٣٨٤

(أو «بسم الله وبالله والسّلام عليك (١) أيها النّبي ورحمة الله وبركاته») ، أو بحذف واو العطف (٢) من السلام والجميع مروي (٣) مجزئ ، (ثم يتشهد) (٤) بعد رفع رأسه معتدلا (ويسلّم) (٥). هذا هو المشهور بين الأصحاب ، والرواية الصحيحة

______________________________________________________

(١) كما في التهذيب.

(٢) كما في رواية الكافي والفقيه.

(٣) أما الصيغتان فنعم ، وأما الاختلاف في ألفاظ الصيغتين فهو من قبيل اشتباه الحجة باللاحجة وقد عرفت ترجيح رواية الكافي.

(٤) على المشهور لجملة من النصوص ، منها : صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا لم تدر أربعا صليت أم خمسا أم نقصت أم زدت ، فتشهد وسلّم واسجد سجدتين بغير ركوع ولا قراءة ، يتشهد فيهما تشهدا خفيفا) (١).

وصحيح علي بن يقطين : (سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن الرجل لا يدري كم صلى ، واحدة أو اثنتين أم ثلاثا قال : يبني على الجزم ويسجد سجدتي السهو ويتشهد تشهدا خفيفا) (٢).

ورواية سهل بن اليسع عن الإمام الرضا عليه‌السلام : (يبني على يقينه ويسجد سجدتي السهو بعد التسليم ويتشهد تشهدا خفيفا) (٣).

ولكن يعارضها موثق عمار المتقدم (إنما هما سجدتان فقط. إلى أن قال. وليس عليه أن يسبح فيهما ولا فيهما تشهد بعد السجدتين) (٤). ومقتضى الجمع هو استحباب التشهد كما عن العلامة في المختلف وجماعة.

هذا والمراد بالتشهد الخفيف هو : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله اللهم صل على محمد وآل محمد ، وقد نسب ذلك إلى الأصحاب ، ويحتمل أن يكون المراد بالخفيف هو التشهد المعروف مع حذف الزيادات المستحبة منه.

(٥) على المشهور لصحيح ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا كنت لا تدري أربعا صليت أم خمسا فاسجد سجدتي السهو بعد تسليمك ثم سلّم بعدهما) (٥) ومثله موثق أبي ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث ٤.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ٦.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ٢.

(٤) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ٣.

(٥) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ٢ ، والباب ـ ١٤ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ١.

٣٨٥

دالة عليه (١). وفيه أقوال أخر (٢) ضعيفة المستند (٣).

(والشاكّ في عدد الثنائية (٤) ، ...

______________________________________________________

ـ بصير (١) ، لكن في موثق عمار المتقدم عدم الوجوب حيث قال : (ولا فيهما تشهد بعد السجدتين) ومقتضى الجمع هو استحباب التسليم.

(١) أي على المشهور ومراده من الرواية هو : صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا لم تدر أربعا صليت أم خمسا أم نقصت أم زدت فتشهد وسلّم واسجد سجدتين بغير ركوع ولا قراءة ، تشهد فيهما تشهدا خفيفا) (٢).

(٢) منها : وجوب التشهد من غير تسليم كما عن الصدوق في المقنع.

ومنها استحباب الجميع ما عدا السجدتين وهو ظاهر العلامة في المختلف.

ومنها : استحباب التشهد والتسليم مع وجوب الذكر كما عن ابن إدريس ، وهكذا.

واعلم أن الشارح ردّ موثق عمار الدال على عدم التشهيد والتسليم بضعف سنده فلا يقاوم صحيح الحلبي مع إمكان حمله على التقية كما قال في الروض.

(٣) لاعتماد الجميع على موثق عمار وقد عرفت رأي الشارح فيه ، هذا وتجب المبادرة إلى السجود للسهو عقيب الصلاة كما عليه المشهور لصحيح ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه‌السلام في حديث: (يتم صلاته ثم يسلم ويسجد سجدتي السهو وهو جالس قبل أن يتكلم) (٣) وللأمر به عقيب التسليم كما في صحيح سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (حتى إذا فرغ فليسلم وليسجد سجدتي السهو) (٤).

نعم لو عصى وأخّر لا تجب إعادة الصلاة على المشهور لأن سجدتي السهو لإرغام الشيطان كما تقدم في بعض النصوص من دون دخل لهما في نفس الصلاة ، والإتيان به فيما بعد لبقاء الأمر حتى يتحقق الامتثال.

وكذا لو نسي فيأتي به كما في موثق عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في الرجل إذا سها في الصلاة فينسى أي يسجد سجدتي السهو قال : يسجدهما متى ذكر) (٥).

(٤) الشك فيها مبطل على المشهور بين الأصحاب ويدل عليه جملة من النصوص ، منها : صحيح الحلبي وحفص بن البختري وغيره عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا شككت في ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ٣.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ٤ ، والباب ـ ٢٠ ـ منه حديث ٢.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب التشهد حديث ٤ و ٣.

(٥) الوسائل الباب ـ ٣٢ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ٢.

٣٨٦

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ المغرب فأعد ، وإذا شككت في الفجر فأعد) (١) وصحيح العلاء عن أبي عبد الله عليه‌السلام : سألت عن الرجل يشك في الفجر؟ قال يعيد ، قلت : المغرب؟ قال عليه‌السلام : نعم والوتر والجمعة ، من غير أن أسأله) (٢) وصحيح ابن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن الرجل يصلي ولا يدري واحدة أم اثنتين قال : يستقبل حتى يستيقن أنه قد أتم ، وفي الجمعة وفي المغرب وفي الصلاة في السفر) (٣) وموثق سماعة : (سألته عن السهو في صلاة الغداة ، قال : إذا لم تدر واحدة صليت أم اثنتين فأعد الصلاة من أولها ، والجمعة أيضا إذا سها فيها الإمام فعليه أن يعيد الصلاة لأنها ركعتان ، والمغرب إذا سها فيها فلم يدر كم ركعة صلى فعليه أن يعيد الصلاة) (٤) والتعليل بأنها ركعتان يقتضي تعميم الحكم ببطلان الصلاة بالشك إذا كانت ثنائية بلا فرق بين الصبح وبين صلاة الجمعة وصلاة الظهرين والعشاء للمسافر وصلاة الآيات إذا شك بين الركوع الخامس والسادس لأنه شك بين الأولى والثانية فضلا عن التصريح في صحيح محمد بن مسلم بكل ما ذكرنا ما عدا صلاة الآيات.

وعن الصدوق التخيير بين الإعادة وبين البناء على الأقل جمعا بين ما تقدم وبين خبر الحسين بن أبي العلاء عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن الرجل لا يدري أركعتين صلى أم واحدة؟ قال : يتمّ) (٥).

وموثق عمار : (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : رجل شك في المغرب فلم يدر ركعتين صلى أم ثلاثا؟ قال : يسلّم ثم يقوم فيضيف إليها ركعة) (٦) وموثقه الآخر : (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل لم يدر صلى الفجر ركعتين أو ركعة؟ قال : يتشهد وينصرف ثم يقوم فيصلي ركعة فإن كان قد صلى ركعتين كانت هذه تطوعا ، وإن كان قد صلى ركعة كانت هذه تمام الصلاة.

قلت : فصلى المغرب فلم يدر اثنتين صلّى أم ثلاثا؟ قال : يتشهد وينصرف ثم يقوم فيصلي ركعة فإن كان صلى ثلاثا كانت هذه تطوعا ، وإن كان صلّى اثنتين كانت هذه تمام الصلاة) (٧). ولكن لا بد من طرحها لعدم مقاومة ما تقدم وقال الشيخ في الاستبصار عن خبري عمار : «إن هذين الخبرين شاذان مخالفان للأخبار كلها وإن الطائفة قد أجمعت على ترك العمل بهما».

__________________

(١ و ٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ١ و ٧ و ٢ و ٨.

(٥) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث ٢٠.

(٦ و ٧) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ١١ و ١٢.

٣٨٧

(أو الثلاثية (١) ، أو في الأوليين من الرباعية (٢) أو في عدد غير محصور) بأن لم يدر كم صلّى ركعة (٣) ، (أو قبل إكمال السجدتين) (٤) ...

______________________________________________________

(١) على المشهور وتشهد له النصوص المتقدمة وعن الصدوق التخيير هنا أيضا بما تقدم لما تقدم ، وفيه : ما تقدم.

(٢) على المشهور بين الأصحاب لصحيح زرارة عن أحدهما عليهما‌السلام : (رجل لا يدري واحدة صلى أم اثنتين؟ قال : يعيد) (١) ومثله صحيح رفاعة (٢) وغيره ، وصحيح الفضل بن عبد الملك : (إذا لم تحفظ الركعتين الأولتين فأعد صلاتك) (٣) وصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (كان الذي فرضه الله تعالى على العباد عشر ركعات وفيهن القراءة ، وليس فيهنّ وهم ، يعني سهوا ، فزاد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سبعا وفيهن الوهم وليس فيهن قراءة ، فمن شك في الأوليين أعاد حتى يحفظ ويكون على يقين ، ومن شك في الأخيرتين عمل بالوهم) (٤) والأخبار كثيرة. وعن الصدوق التخيير بين الإعادة والبناء على الأقل جمعا بين ما تقدم وبين جملة من النصوص منها : خبر عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي إبراهيم عليه‌السلام (في الرجل لا يدري أركعة صلى أم اثنتين؟ قال : يبني على الركعة) (٥) وخبر ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن رجل لا يدري أركعتين صلى أم واحدة؟ قال : يتم بركعة) (٦) وخبر الحسين بن أبي العلاء المتقدم (٧). وهذه أيضا لا بدّ من طرحها أو تأويلها لعدم مقاومتها للأخبار الكثيرة المتقدمة.

(٣) لصحيح عبد الله بن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إن شككت فلم تدر أفي ثلاث أنت أم في اثنتين أم في واحدة أم في أربع فأعد الصلاة ولا تمض على الشك) (٨) وصحيح صفوان عن أبي الحسن عليه‌السلام : (إن كنت لا تدري كم صليت ولم يقع وهمك على شي‌ء فأعد الصلاة) (٩). ومثلهما غيرهما.

(٤) أي شك بين الاثنتين والثلاث قبل إكمال السجدتين فيعيد لأنه يشترط حفظ الأوليين من الشك كما في صحيح الفضل المتقدم وهذا لا يتم إلا بعد إكمال السجدتين ويدل عليه أيضا صحيح زرارة عن أحدهما عليهما‌السلام : (قلت له : رجل لم يدر اثنتين صلى أم ثلاثا ، فقال : إن دخله الشك بعد دخوله في الثالثة مضى في الثالثة ثم صلى الأخرى ولا شي‌ء عليه ويسلم) (١٠) وهو ظاهر في اشتراط إكمال السجدتين ، ومفهومه : مع عدم الإكمال لا يمضي بل يعيد ، وعليه يحمل إطلاق خبر عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : ـ

__________________

(١ و ٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ٦ و ١٢ و ١٣ و ١.

(٥ و ٦ و ٧) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ٢٣ و ٢٢ و ٢٠.

(٨ و ٩) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ٢ و ١.

(١٠) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ١ و ٣.

٣٨٨

المتحقّق (١) بإتمام ذكر السجدة الثانية (٢) (فيما يتعلق بالأوليين) وإن أدخل معهما غيرهما (٣) ، وبه (٤) يمتاز عن الثالث (٥) (يعيد) الصلاة لا بمجرد الشك بل بعد استقراره بالتروّي عند عروضه (٦) ، ولم يحصل ظن بطرف من متعلقه ، وإلا بني عليه (٧) في الجميع ، ...

______________________________________________________

ـ (سألته عن رجل لم يدر ركعتين صلى أم ثلاثا؟ قال : يعيد) (١). وعليه فالشك بعد الإكمال هو شك في تحقق الثالثة ، وقيل الإكمال هو شك في تحقق الثانية.

(١) أي الإكمال.

(٢) فعن المحقق في المسائل البغدادية وابن طاوس في البشرى إن إكمال الركعة متحقق بالركوع واحتمله الشهيد في الذكرى لأن الركعة مستفادة من الركوع لغة ولذا ورد أن صلاة الآيات عشر ركعات (٢).

وفيه : إن الركعة شرعا مؤلفة من الركوع والسجود فلا داعي لإخراج الثاني عنها وعن الشهيد الثاني في كتبه ونسب إلى الشهيد الأول ومال إليه المحقق الثاني أنه متحقق بإتمام الذكر الواجب لأن الواجب من الركعة يتم عند مقدار السجود الذي يؤتى به بالذكر الواجب ، وأما الرفع من السجود فليس من أجزاء السجود ولا من أجزاء الركعة.

وعن المشهور أنه متحقق برفع الرأس من السجدة الثانية لأن الرفع من أجزاء الركعة ، وأشكل عليه : بأنه واجب مقدمة لإحراز ما بقي من الصلاة.

وعن الشهيد في الذكرى أنه متحقق بوضع الجبهة في السجدة الثانية لأن الذكر غير داخل في ماهية الركعة ، وعن بعض أنه متحقق بوضع الجبهة في السجدة الأولى ولذا لو فاته الباقي نسيانا لتحققت الركعة.

والأحوط العمل على قول المشهور لارتكاز المتشرعة.

(٣) بأن كان الشك بين الاثنتين والثلاث قبل إكمال السجدتين.

(٤) بهذا القيد الأخير.

(٥) أي عن الشك في الأوليين من الرباعية.

(٦) لانصراف الأخبار إلى الشك المستقر لا البدوي الذي يمكن أن يرتفع.

(٧) على الظن ، اعلم أن الظن في الركعات بحكم اليقين على المشهور لصحيح صفوان عن أبي الحسن عليه‌السلام : (إن كنت لا تدري كم صليت ولم يقع وهمك على شي‌ء فأعد ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ١ و ٣.

(٢) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من صلاة الكسوف.

٣٨٩

وكذا في غيره (١) من أقسام الشك (وإن أكمل) الركعتين (الأوليين) بما ذكرناه من ذكر الثانية (٢) ، وإن لم يرفع رأسه منها (وشك في الزائد) بعد التروي (٣).

(فهنا صور خمس) (٤) تعم بها البلوى أو أنها منصوصة ، وإلا فصور الشك

______________________________________________________

ـ الصلاة) (١) ومفهومه : فإن وقع الوهم بمعنى الظن فلا تعد ، وصحيح عبد الرحمن بن سيابة والبقباق عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا لم تدر ثلاثا صليت أو أربعا ووقع رأيك على الثلاث فابن على الثلاث ، وإن وقع رأيك على الأربع فسلم وانصرف) (٢) وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إن كنت لا تدري ثلاثا صليت أم أربعا. إلى أن قال : وإن ذهب وهمك إلى الثلاث فقم فصل الركعة الرابعة ولا تسجد سجدتي السهو ، فإن ذهب وهمك إلى الأربع فتشهد وسلم ثم اسجد سجدتي السهو) (٣) وعن ابن إدريس معاملة الظن معاملة الشك في الأوليين فقط ، وأما في الأخيرتين فحكمه حكم اليقين ولم يعرف له مستند خصوصا أن الخبر الأول مطلق يشمل الأوليين.

(١) وهو الظن في الأفعال فإنه بحكم اليقين على المشهور بل عن المحقق الثاني عدم الخلاف فيه للنبوي العالي : (إذا شك أحدكم في الصلاة فلينظر أحرى ذلك إلى الصواب فليبن عليه) (٤).

(٢) أي ذكر السجدة الثانية.

(٣) لأنه لو انقلب شكه بعد التروي إلى الظن أو اليقين فلهما حكم مغاير لحكم الشك فالعمل على الحادث بعد التروي حينئذ.

(٤) بعد ما ذكر الشكوك المبطلة للصلاة ، أراد أن يذكر الشكوك التي تصح الصلاة معها ، وصورها متشعبة ، إلا أن ديدن الفقهاء الاقتصار على أربع صور لأنها مورد النص أو لأنها عامة البلوى ، وعن الشارح وجوب معرفتها عينا بخلاف غيرها من مسائل الشك فتجب كفاية ، وفيه : إنه لا دليل على التفرقة بينها وبين غيرها من المسائل ، والصور الأربعة هي : الشك بين الاثنتين والثلاث بعد إكمال السجدتين ، والشك بين الثلاث والأربع مطلقا ، والشك بين الاثنتين والأربع بعد إكمال السجدتين ، والشك بين الاثنتين والثلاث والأربع ، وأما الصورة الخامسة التي ذكرها الماتن فسيأتي الكلام فيها.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ٥.

(٤) سنن البيهقي ج ٢ ص ٣٣٠.

٣٩٠

أزيد من ذلك كما حرره في رسالة الصلاة وسيأتي أن الأولى (١) غير منصوصة (الشك بين الاثنتين والثلاث) بعد الإكمال (٢) ، (والشك بين الثلاث والأربع)

______________________________________________________

(١) لم يرو فيها نص بخصوصه لكن الأخبار المطلقة تشملها.

(٢) أي بعد إكمال السجدتين وقد تقدم وجهه ، ثم إنه يبني على الأكثر. أعني الثلاث. كما هو المشهور ويدل عليه موثق عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (كلما دخل عليك من الشك في صلاتك فاعمل على الأكثر قال : فإذا انصرفت فأتم ما ظننت أنك قد نقصت) (١). وموثقه الآخر عنه عليه‌السلام : (يا عمار أجمع لك السهو كله في كلمتين ، متى ما شككت فخذ بالأكثر فإذا سلمت فأتم ما ظننت أنك نقصت) (٢) وموثقه الثالث عنه عليه‌السلام : (عن شي‌ء من السهو في الصلاة؟ فقال : ألا أعلمك شيئا إذا فعلته ثم ذكرت أنك أتممت أو نقصت لم يكن عليك شي‌ء؟ قلت : بلى ، قال : إذا سهوت فابن على الأكثر فإذا فرغت وسلّمت فقم فصل ما ظننت أنك نقصت ، فإن كنت قد أتممت لم يكن عليك في هذه شي‌ء ، وإن ذكرت أنك كنت نقصت كان ما صليت تمام ما نقصت) (٣).

هذا وعن الصدوق في المقنع مبطلية هذا الشك لصحيح عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن رجل لم يدر ركعتين صلى أم ثلاثا قال عليه‌السلام : يعيد ، قلت : أليس يقال لا يعيد الصلاة فقيه؟ قال : إنما ذلك في الثلاث والأربع) (٤) وفيه : إنه محمول على الشك بين الاثنتين والثلاث قبل إكمال السجدتين وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك.

وعن الصدوق في الفقيه البناء على الأقل ويشهد له جملة من النصوص ، منها : موثق عمار عن أبي الحسن عليه‌السلام : (إذا شككت فابن على اليقين ، قلت : هذا أصل؟ قال عليه‌السلام : نعم) (٥) وفيه : إنه اليقين الوارد فيه ليس هو الأقل ، بل الأكثر بدليل رواية العلاء : (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : رجل صلى ركعتين وشك في الثالثة؟ قال عليه‌السلام : يبني على اليقين فإذا فرغ تشهد وقام قائما فصل ركعة بفاتحة القرآن) (٦) فالأمر بصلاة ركعة منفصلة يقتضي على كون المراد من اليقين هو الأكثر لأنه لا داعي للركعة المنفصلة على تقدير البناء على الأقل. هذا واعلم أن أخبار اليقين المتقدمة لمّا لم تكن ظاهرة في البناء على الأكثر عند بعضهم جعل هذه المسألة مما لم يرد فيها نص خاص كما عن الشهيد في الذكرى وقد صرح به الشارح هنا.

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ٤ و ١ و ٣.

(٤) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث ٣.

(٥) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ٢.

(٦) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ٢.

٣٩١

مطلقا (١) (ويبني على الأكثر فيهما (٢) ثم يحتاط) بعد التسليم (بركعتين جالسا ، أو ركعة قائما (٣) والشك بين الاثنتين والأربع يبني على الأربع (٤) ويحتاط بركعتين)

______________________________________________________

ـ وعن والد الصدوق التخيير بين البناء على الأقل مع التشهد في كل ركعة وبين البناء على الأكثر كما هو المشهور وليس له مستند إلا ما عن الفقه الرضوي وهو لا يقاوم ما تقدم من الأخبار.

(١) سواء كان قائما أو راكعا أو ساجدا أو بعد إكمال السجدتين ، فيبني على الأكثر لموثقات عمار المتقدمة فضلا عن جملة من النصوص الخاصة ، منها : صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إن كنت لا تدري ثلاثا صليت أم أربعا ولم يذهب وهمك إلى شي‌ء فسلّم ثم صل ركعتين وأنت جالس تقرأ فيهما بأم الكتاب) (١) ومرسل جميل عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (فيمن لا يدري أثلاثا صلّى أم أربعا ووهمه في ذلك سواء فقال عليه‌السلام : إذا اعتدل الوهم في الثلاث والأربع فهو بالخيار إن شاء صلّى ركعة وهو قائم وإن شاء صلى ركعتين وأربع سجدات وهو جالس) (٢).

(٢) في هاتين الصورتين.

(٣) أما في الصورة الثانية. أعني الشك بين الثلاث والأربع. لمرسل جميل ، وعن العماني والجعفي تعين الجلوس عليه لأن أكثر أخبار هذا الباب متضمنة للركعتين جالسا كصحيح الحلبي المتقدم ، والعمل على الأول لانجبار ضعف المرسل بعمل الأصحاب.

وأما في الصورة الأولى. أعني الشك بين الاثنتين والثلاث. لما تقدم في الصورة السابقة لوحدة المناط من احتمال نقص الركعة وهو بعينه موجود هنا.

(٤) بشرط أن يكون الشك بعد إكمال السجدتين والبناء على الأربع لموثقات عمار المتقدمة ولجملة من النصوص الخاصة ، منها : صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا لم تدر اثنتين صليت أم أربعا ولم يذهب وهمك إلى شي‌ء فتشهد وسلم ، ثم صلّ ركعتين وأربع سجدات تقرأ فيهما بأم الكتاب ثم تشهد وتسلّم ، فإن كنت إنما صليت ركعتين كانتا هاتان تمام الأربع ، وإن كنت صليت أربعا كانتا هاتان نافلة) (٣).

وصحيح محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن رجل صلى ركعتين فلا يدري ركعتين هي أو أربع؟ قال عليه‌السلام : يسلّم ثم يقوم فيصلي ركعتين بفاتحة الكتاب ويتشهد وينصرف وليس عليه شي‌ء) (٤) وأما ما في صحيح العلاء عن محمد بن مسلم : (سألته عن الرجل لا يدري صلى ركعتين أم أربعا؟ قال : يعيد الصلاة) (٥) كما ذهب إليه ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ٥ و ٢.

(٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ١ و ٦ و ٧.

٣٩٢

(قائما ، والشك بين الاثنين والثلاث والأربع يبني على الأربع (١) ويحتاط بركعتين قائما ثم بركعتين جالسا على المشهور). ورواه ابن أبي عمير عن الصادق عليه‌السلام ، عاطفا لركعتي الجلوس بثم كما ذكرنا هنا ، فيجب الترتيب بينهما. وفي الدروس

______________________________________________________

ـ الصدوق في المقنع فهو محمول على ما قبل إكمال السجدتين أو مطروح.

ونصوص هذا الباب متفقة على كون الركعتين المفصولتين من قيام فلذا اتفقت فتوى الأصحاب على ذلك.

(١) على المشهور لمرسل ابن أبي عمير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في رجل صلى فلم يدر اثنتين صلى أم ثلاثا أم أربعا؟ قال عليه‌السلام : يقوم فيصلي ركعتين من قيام ويسلم ، ثم يصلي ركعتين من جلوس ويسلّم ، فإن كانت أربع ركعات كانت الركعتان نافلة ، وإلا تمت الأربع) (١).

وعن الصدوقين وابن الجنيد أنه يصلي ركعة من قيام وركعتين من جلوس لصحيح عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي إبراهيم عليه‌السلام : (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : رجل لا يدري اثنتين صلى أم ثلاثا أم أربعا؟ فقال : يصلي ركعة من قيام ثم يسلم ثم يصلي ركعتين وهو جالس) (٢). وما يوجد في بعض نسخ الوسائل أنه : «يصلي ركعتين من قيام» اشتباه لتصريح الصدوق في الفقيه أن المروي هو ركعة من قيام.

وعلى كل ففي الذكرى قال : «وهو قوي من حيث الاعتبار ، لأنهما تنضمان حيث تكون الصلاة اثنتين ويجتزئ بإحداهما حيث تكون ثلاثا إلا أن النقل والأخبار تدفعه» ومراده بالنقل والأخبار هو مرسل ابن أبي عمير هذا من جهة ومن جهة أخرى فالاعتبار يقتضي عدم قوة هذا القول لأنه إذا كانت الصلاة واقعا اثنتين فانضمام ركعة قيام إلى ركعتي الجلوس وإن كان كافيا في إتمامها لكن الإشكال في زيادة التشهد والتسليم وإن كانت ثلاثا فالاجتزاء بأحدهما يقتضي لغوية الآخر.

ثم إن المشهور على تقديم الركعتين من قيام على ركعتي الجلوس لعطف ركعتي الجلوس على ما قبلها بثمّ الدال على الترتيب كما في مرسل ابن أبي عمير المتقدم ثم هل يجوز أن يصلي بدل الركعتين جلوسا ركعة من قيام ، قيل : نعم لتساويهما في البدلية ، بل الركعة من قيام أقرب إلى حقيقة ما يحتمل فواته من ركعتي الجلوس وهذا ما اختاره الشهيدان ، وقيل : لا لأن فيه خروجا عن المنصوص كما عن المفيد وابن زهرة ، هذا وذهب سلار إلى وجوب الركعة من قيام وعدم جواز ركعتي الجلوس وليس له مستند.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ٤ و ١.

٣٩٣

جعله أولى ، وقيل : يجوز إبدال الركعتين جالسا بركعة قائما ، لأنها أقرب إلى المحتمل فواته ، وهو حسن ، (وقيل يصلّي ركعة قائما ، وركعتين جالسا ذكره) الصدوق (ابن بابويه) وأبوه وابن الجنيد (وهو قريب) من حيث الاعتبار (١). لأنهما ينضمان حيث تكون الصلاة اثنتين ، ويجتزي بإحداهما حيث تكون ثلاثا ، إلا أن الأخبار تدفعه ، (والشك بين الأربع والخمس (٢) ، وحكمه قبل الركوع كالشك بين الثلاث والأربع) فيهدم الركعة ويتشهد ويسلّم ويصير بذلك شاكا بين الثلاث والأربع فيلزمه حكمه (٣) ، ويزيد عنه (٤) سجدتي السهو لما هدمه من القيام ، وصاحبه من الذكر.

(وبعده) أي بعد الركوع سواء كان قد سجد (٥) ، أم لا (يجب سجدتا السهو) لإطلاق النص (٦). «بأن من لم يدر أربعا صلّى ، أم خمسا يتشهد ويسلّم

______________________________________________________

(١) بل لصحيح عبد الرحمن كما تقدم.

(٢) بعد ما تقدم صور الشك المبطلة وغيرها فيما لو كان طرفا الشك من إعداد الرباعية أراد أن يستعرض الشك بين عدد الرباعية وغيرها. والصور المتصورة كثيرة جدا لأن الشك قد يكون بين طرفين وقد يكون أكثر وقد يكون الشك حال القيام أو حال الركوع أو ما بعد السجدتين حتى حكي عن الشهيد إنهاؤها إلى مائتين وخمسين صورة إلا أن المهم منها هو صور الشك بين الأربع والخمس وهي أربع صور.

الصورة الأولى : فيما لو شك بين الأربع والخمس بعد إكمال السجدتين ، وقد تقدم حكمه من البناء على الأربع ويسجد سجدتي السهو ليس إلا.

الصورة الثانية : ما لو شك بين الأربع والخمس حال القيام فيجب عليه هدم القيام فينقلب شكه بين الثلاث والأربع فيأخذ حكمه مع زيادة سجدتي السهو لزيادة القيام المنهدم ، وفي الحدائق نفي الخلاف عنه.

الصورة الثالثة : ما لو كان الشك بين الأربع والخمس بعد الدخول في الركوع إلى ما قبل إكمال السجدتين وسيأتي التعرض لها.

(٣) أي حكم الشاك بين الثلاث والأربع.

(٤) عن الشاك بين الثلاث والأربع.

(٥) بشرط عدم الإكمال.

(٦) ذهب المحقق والشهيد إلى الصحة لإطلاق صحيح ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا كنت لا تدري أربعا صليت أم خمسا فاسجد سجدتي السهو بعد تسليمك ثم سلّم ـ

٣٩٤

ويسجد سجدتي السهو». (وقيل (١) : تبطل الصلاة لو شكّ ولمّا يكمل السجود إذا كان قد ركع) لخروجه عن المنصوص (٢). فإنه (٣) لم يكمل الركعة حتى يصدق عليه أنه شك بينهما ، وتردده (٤) بين المحذورين : الإكمال المعرّض للزيادة (٥) ، والهدم المعرّض للنقصان (٦) (والأصحّ الصحة) لقولهم عليهم‌السلام : «ما أعاد الصلاة فقيه»

______________________________________________________

ـ بعدهما) (١) وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا لم تدر خمسا صليت أم أربعا فاسجد سجدتي السهو بعد تسليمك وأنت جالس ثم سلم بعدهما) (٢) وهما متفاوتان باختلاف يسير مع ما نقله الشارح من الخبر.

وذهب المشهور إلى البطلان.

أولا : لأن الأخبار المتقدمة ظاهرة فيمن أكمل الرابعة وهذا لا يتم إلا بعد إكمال السجدتين ، وموردنا ليس منه ، وعليه فلا يصح التمسك بإطلاقها.

وثانيا : أنه لا يمكن علاج هذا الشك لأن العلاج إما بالإكمال وإما بالهدم فإن أكمل فيلزم زيادة ركن عمدا بناء على أن ما بيده خامسة وإن هدم وجلس متشهدا فيلزم منه نقصان ركعة تامة بناء على أن المهدوم هي الرابعة ، ويلزم منه زيادة ركن الركوع الذي أعرض عنه وزيادته السهوية مبطلة أيضا. وردّ بأنه نلتزم بالإكمال ولا يوجد محذور إلا احتمال زيادة السجود والركوع الركنية وهذا ليس بمانع لوروده فيما لو شك بين الأربع والخمس بعد إكمال السجدتين ، فزيادة الركن واردة بناء على احتمال أن ما بيده خامسة ومع ذلك حكم بالصحة مع سجدتي السهو بالاتفاق فليكن هذا مثله خصوصا أننا أمرنا بإتمام الصلاة ومعالجة الشك الوارد فيها ما أمكن كما في الخبر عن حمزة بن حمران عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (ما أعاد الصلاة فقيه قط ، يحتال لها ويدبّرها حتى لا يعيدها) (٣).

(١) هو قول المشهور.

(٢) إذ المنصوص ظاهر بعد إكمال السجدتين كما تقدم.

(٣) تعليل لخروجه عن المنصوص.

(٤) الدليل الثاني للمشهور على البطلان ، والمعنى : وتردد الشك المذكور.

(٥) لزيادة الركن بناء على أنها خامسة.

(٦) لنقصان ركعة بتمامها بناء على أنها رابعة حيث إنه يهدمها ويجلس متشهدا مسلما ثم يسجد سجدتي السهو.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ١ و ٣.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ١.

٣٩٥

يحتال فيها ويدبّرها ، حتى لا يعيدها ولأصالة عدم الزيادة (١). واحتمالها (٢) لو أثّر لأثّر في جميع صورها (٣) ، والمحذور إنما هو زيادة الركن ، لا الركن المحتمل زيادته (٤).

(مسائل سبع)

الأولى. (لو غلب على ظنه) بعد التروي (أحد طرفي ما شكّ فيه ، أو أطرافه (٥) بنى عليه) أي على الطرف الذي غلب عليه ظنه ، والمراد أنه غلب عليه ثانيا ، بعد أن شك فيه أولا ، لأن الشك لا يجامع غلبة الظن ، لما عرفت من

______________________________________________________

(١) دليل ثان للشارح على الصحة ، وفيه : إنه أصل مثبت لا نقول بحجيته.

(٢) أي احتمال الزيادة بناء على أن ما بيده خامسة لو أمرنا بالإتمام كما هو قول المحقق والشهيد.

(٣) ليس لها فيما ذكره الماتن إلا صورة وهي : ما لو شك بين الأربع والخمس بعد إكمال السجدتين ، فاحتمال الزيادة الركنية بناء على أن ما بيده خامسة لا يضر ولذا حكم بصحة الصلاة بعد البناء وعلى الأقل مع سجدتي السهو.

(٤) وفيه : إن هناك فرقا بين موردنا وبين الشك بين الأربع والخمس بعد إكمال السجدتين مع الاشتراك باحتمال زيادة الركن وهو : أن ما بعد الإكمال منصوص وقد تقدم ذكر النص بخلاف المقام فإنه غير منصوص ، وإلحاقه بالمنصوص قياس.

فضلا عن أن احتمال زيادة الركن بعد إكمال السجدتين هو احتمال لزيادته سهوا بخلاف المقام فاحتمال زيادته على القول بالاتمام هو احتمال لزيادته عمدا وتوضيحه : أنه بعد إكمال السجدتين يكون شكه حين الالتفات دائرا بين الأربع التامة والخمسة فلو بنى على الأربع لأنها الأقل وهو الأصل في الشكوك فلا يلزم من هذا البناء فعل يوجب بطلان الصلاة لو كانت واقعا خمس ركعات إلا ما قد صدر منه من الزيادة السهوية للركن بخلاف ما قبل إكمال السجدتين فلو التفت وأراد البناء على الأربع فيلزم منه إتمام الركعة التي بيده ، وهذا الإتمام موجب لبطلان الصلاة لو كانت واقعا خمس ركعات لأنه زيادة ركن عمدا.

وبهذا بان الفرق بين الصورتين فالأقوى الحكم ببطلان الصلاة في موردنا لعدم إمكان العلاج كما عليه المشهور وإن حكمنا بالصحة عند الشك بين الأربع والخمس بعد إكمال السجدتين لورود النص فيه.

(٥) أي أطراف الشك فيما لو شك بين الاثنتين والثلاث والأربع.

٣٩٦

اقتضاء الشك تساوي الطرفين ، والظن رجحان أحدهما. ولا فرق في البناء على الطرف الراجح بين الأوليين وغيرهما (١) ، ولا بين الرباعية وغيرها (٢) ، ومعنى البناء عليه فرضه واقعا ، والتزام حكمه من صحة وبطلان ، وزيادة ونقصان ، فإن كان في الأفعال (٣) وغلب الفعل بنى على وقوعه ، أو عدمه (٤) فعله إن كان في محله (٥) ، وفي عدد الركعات (٦) يجعل الواقع ما ظنه من غير احتياط. فإن غلب الأقل بني عليه وأكمل ، وإن غلب الأكثر من غير زيادة في عدد الصلاة كالأربع تشهد وسلّم ، وإن كان زيادة كما لو غلب ظنه على الخمس صار كأنه زاد ركعة آخر الصلاة ، فتبطل إن لم يكن جلس عقيب الرابعة بقدر التشهد (٧) وهكذا.

(ولو أحدث قبل الاحتياط ، أو الأجزاء المنسية) التي تتلافى بعد الصلاة (تطهّر وأتى بها) من غير أن تبطل الصلاة (على الأقوى) (٨) ...

______________________________________________________

(١) كما عليه المشهور بخلاف ابن إدريس فخصه في غير الأوليين وقد تقدم الكلام فيه في أوائل بحث الشك في الركعات.

(٢) كالثنائية والثلاثية لإطلاق الأخبار التي تقدم الكلام فيها سابقا.

(٣) أيضا قد تقدم الكلام فيه هناك.

(٤) معطوف على قوله : «وغلب الفعل» والمعنى : وغلب عدم الفعل على الظن فلا بدّ أن يأتي به.

(٥) وإن لم يكن في محله فإن كان ركنا فتبطل الصلاة وإن كان غير ركني فإن كان المنسي سجدة واحدة أو تشهدا فيقضى وإلا فلا.

(٦) معطوف على قوله : «فإن كان في الأفعال» ، والمعنى وإن كان الظن في عدد الركعات.

(٧) وإلا فتصح وتقدم الكلام فيه في الفصل الخامس في التروك.

(٨) هاهنا مسائل :

الأولى : صلاة الاحتياط هل يعتبر فيها ما يعتبر في الصلاة من شرائط وأجزاء بالجملة ، قيل : نعم لأنها صلاة ويعتبر ذلك من الضروريات وعليه فأما النية فيكفي في إثباتها صراحة أدلة ركعة الاحتياط التي تقدم بعضها. في كونها معرضا لكونها نافلة.

وأما التكبير فعلى المشهور نعم لدعوى الإجماع عليه كما عن بعض ولخبر زيد الشحام : (سألته عن رجل صلى العصر ست ركعات أو خمس ركعات قال : إن استيقن أنه صلى خمسا أو ستا فليعد ، وإن كان لا يدري أزاد أم نقص فليكبر وهو جالس ثم ليركع ركعتين يقرأ فيهما بفاتحة الكتاب في آخر صلاته ثم يتشهد) (١) بالإضافة إلى كونها معرضا ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ٥.

٣٩٧

.................................................................................................

______________________________________________________

لكونها نافلة ولا صلاة بغير افتتاح.

والمحكي عن الراوندي وجود الخلاف فيه من بعض أصحابنا واستدل له لكونها في معرض الجزئية للصلاة الأصلية وهو مانع من التكبير للزوم زيادة الركن ويدفعه ما قد سمعته من الأدلة.

وأما الفاتحة فعلى المشهور أيضا كذلك للأمر بها في كل النصوص التي تعرضت لركعة الاحتياط وقد تقدم بعضها ، فما عن المفيد والحلبي والحلي من التخيير بين الفاتحة وبين التسبيح لأنها قائمة مقام ثالثة أو رابعة فيثبت التخيير في البدل كما هو ثابت في المبدل فهو ضعيف لأنه اجتهاد في قبال النص.

وأما السورة فليست بواجبة بالاتفاق لخلو النصوص عنها مع تعرضها للفاتحة لعدم وجوب السورة سواء كانت جزءا من الصلاة لأنها مقام الثالثة أم الرابعة أو كانت نافلة ، ومنه تعرف عدم مشروعية الأذان والإقامة والسورة والقنوت لها.

ثم إنه يجب الإخفات في القراءة حتى في البسملة كما عن الدروس والبيان ودليله غير ظاهر بل مقتضى القاعدة التخيير بين الجهر والإخفات لإطلاق الأخبار الدالة على قراءة الفاتحة في ركعة الاحتياط بل ويستحب الجهر بالبسملة لإطلاق ما دل على استحبابه.

نعم يشترط فيها الركوع والسجود والتشهد والتسليم كما صرحت بذلك الأخبار الكثيرة وقد تقدم ذكر بعضها في مطاوي الأبحاث السابقة فراجع.

المسألة الثانية : إذا وقع المنافي بين الصلاة الأصلية وبين صلاة الاحتياط فهل تبطل الصلاة الأصلية أو لا؟ وهذا مبني على الخلاف في كون صلاة الاحتياط هل هي صلاة مستقلة كما عن ابن إدريس وجماعة أو أنها جزء للصلاة الأصلية كما نسب إلى المشهور أو أنها صلاة منفردة من جهة وتمام من جهة أخرى كما ذهب إليه العلامة وولده وجماعة؟

ودليل الأول لوجوب النية وتكبيرة الإحرام فيها ولا شي‌ء من جزء الصلاة كذلك ولازمه لو وقع المنافي بينها وبين الصلاة الأصلية لا تبطل الأصلية.

ودليل الثاني لظاهر قوله عليه‌السلام في خبر أبي بصير : (إذا لم تدر أربعا صليت أم ركعتين فقم واركع ركعتين) (١) والفاء للتعقيب ، وهو ينافي تسويغ الحدث مما يكشف عن أنها جزء من الصلاة الأصلية ، ولقوله عليه‌السلام في خبر ابن أبي يعفور : (وإن كان صلى أربعا كانت هاتان نافلة ، وإن كان صلى ركعتين كانت هاتان تمام الأربع وإن تكلم فليسجد سجدتي السهو) (٢). والأمر بسجدتي السهو للكلام الصادر بين الصلاد الأصلية وركعتي ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث ٨ و ٢.

٣٩٨

لأنه (١) صلاة منفردة ، ومن ثمّ وجب فيها (٢) النية والتحريمة والفاتحة ، ولا صلاة إلا بها ، وكونها جبرا (٣) لما يحتمل نقصه من الفريضة ومن ثمّ وجبت المطابقة بينهما (٤) لا يقتضي الجزئية (٥) ، بل يحتمل ذلك ، والبدلية (٦) إذ لا يقتضي (٧) المساواة من كل وجه ، ولأصالة الصحة (٨) ...

______________________________________________________

ـ الاحتياط ظاهر في كون ركعتا الاحتياط جزءا من الأصلية ، ولازمه بطلان الأصلية لو وقع المنافي بينها وبين صلاة الاحتياط والحق هو الثالث لصريح الأخبار به كخبر ابن أبي يعفور المتقدم وغيره ، وعليه فلو وقع المنافي فتبطل الأصلية كما أنه تجب المبادرة إلى الاحتياط لجهة الجزئية كما يجب التكبير والنية وتعيّن الفاتحة والتشهد والتسليم لجهة الاستقلالية.

المسألة الثالثة : لو وقع المنافي بين الصلاة وأجزائها المنسية كالتشهد والسجدة الواحدة فتبطل الصلاة على الأقوى لأنها أجزاء صلاتيه فالحدث الواقع بينها وبين الصلاة واقع في أثناء الصلاة وهو يوجب البطلان ، وهذا ما ذهب إليه جماعة منهم

العلامة في النهاية.

وقيل : لا تبطل لتمامية الصلاة بالتسليم ، والأجزاء المنسية خارجة عن الجزئية وإلا لبطلت الصلاة بتخلل الأركان بين محلها وتلافيها ، وهو ضعيف لأن تلافيها إنما كان بعنوان قضاء الأجزاء عقيب الصلاة.

(١) أي الاحتياط ، وأما الأجزاء المنسية فسيأتي الكلام من الشارح فيها.

(٢) في صلاة الاحتياط.

(٣) دليل من قال أنها جزء من الصلاة.

(٤) بين الصلاة المفروضة وبين صلاة الاحتياط فلو احتمل نقص المفروضة بركعة فيأتي بركعة احتياط وإلا فركعتان.

(٥) خبر لقوله : «وكونها جبرا» ، لأنه لو كانت جزءا لما احتاجت صلاة الاحتياط إلى النية وتكبيرة الإحرام والفاتحة.

(٦) والمعنى كما يحتمل كونها جزءا يحتمل كونها بدلا.

(٧) تعليل لاحتمال البدلية وذلك لأنه لا يشترط التساوي بين البدل والمبدل من كل وجه بدليل جواز مشروعية صلاة الاحتياط من ركعتي الجلوس مع أن الفائت على تقديره ركعة من قيام ، وإذا كانت بدلا فتكون صلاة منفردة لاشتمالها على نية وتكبيرة الإحرام والفاتحة.

(٨) أي صحة الصلاة الأصلية لو وقع المنافي بينها وبين صلاة الاحتياط. فبه : إن قاعدة الاشتغال محكمة ويشك في براءة الذمة لو وقع المنافي.

٣٩٩

وعليه المصنف في مختصراته (١) ، واستضعفه في الذكرى ، بناء على أن شرعيته ليكون استدراكا للفائت منها. فهو على تقدير وجوبه جزء ، فيكون الحدث واقعا في الصلاة ، ولدلالة ظاهر الأخبار عليه.

وقد عرفت دلالة البدلية (٢) ، والأخبار (٣) إنما دلت على الفورية ولا نزاع فيها ، وإنما الكلام في أنه بمخالفتها هل يأثم خاصة. كما هو مقتضى كلّ واجب أم يبطلها. وأما الأجزاء المنسية فقد خرجت عن كونها جزءا محضا (٤) ، وتلافيها بعد الصلاة فعل آخر. ولو بقيت على محض الجزئية كما كانت لبطلت بتخلل الأركان بين محلها وتلافيها.

(ولو ذكر ما فعل فلا إعادة (٥) إلا أن يكون قد أحدث) أي ذكر نقصان

______________________________________________________

(١) وهي الدروس والبيان والألفية وهي مختصرات بالنسبة إلى الذكرى.

(٢) فلا يجب في البدل أن يكون جزءا كالمبدل ولذا كان البدل مشتملا على النية والتحريمة والفاتحة بخلاف المبدل.

(٣) ومقصوده منها هو خبر أبي بصير المتقدم حيث ورد فيه : (إذا لم تدر أربعا صليت أو ركعتين فقم وأركع ركعتين) (١) والفاء التعقيبية تنافي تسويغ الحدث ، ورده الشارح بأن الفاء تدل على الفورية ولا تدل على أن مخالفة الفورية توجب الإثم فقط أو مع البطلان.

وفيه : إن الأخبار غير منحصرة في هذا الخبر فهناك أخبار أخر كخبر ابن أبي يعفور المتقدم وغيره ، وقد عرفت أن صريح الأخبار بأنها صلاة مستقلة من جهة وجزءا من الصلاة الأصلية من جهة أخرى وعليه فالحدث الواقع بينها وبين المفروضة ينافي الحكم بصحة الصلاة الأصلية.

(٤) بدليل تخلل الأركان بين محلها وتلافيها.

إن قلت : لو خرجت عن الجزئية فلم وجب الإتيان بها؟

قلت : وجب الإتيان بها لدليل من خارج.

وفيه : إن تلافيها فيما بعد بدليل خارجي إنما كان بعنوان أنها أجزاء صلاتية.

(٥) اعلم أنه لو أتى بالمنافي قبل صلاة الاحتياط ثم تبين له تمامية الصلاة المفروضة فلا تجب الإعادة لتبين صحتها واقعا ، كما أن الحكم كذلك لو تبين تمامية الصلاة المفروضة قبل صلاة الاحتياط وإن لم يأت بالمنافي ، واعلم أنه لو صلى صلاة الاحتياط ثم تبين تمامية ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ٨.

٤٠٠