الزبدة الفقهيّة - ج ٢

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي

الزبدة الفقهيّة - ج ٢

المؤلف:

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي


الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات ذوي القربى
المطبعة: كيميا
الطبعة: ٤
ISBN: 964-6307-55-8
ISBN الدورة:
964-6307-53-1

الصفحات: ٥٥٢

على تقديره (١) دوريّ (٢). نعم يكفي ذلك في سفر قصير لا يقصر فيه (٣) ، مع احتمال الجواز فيما لا قصر فيه مطلقا (٤) لعدم الفوات. وعلى تقدير المنع في السفر الطويل يكون عاصيا به (٥) إلى محلّ لا يمكنه فيه (٦) العود إليها ، فتعتبر المسافة حينئذ (٧) ، ولو اضطر إليه (٨) شرعا كالحج حيث يفوت الرفقة أو الجهاد حيث لا يحتمل الحال تأخيره ، أو عقلا بأداء التخلف إلى فوات غرض يضر به فواته لم يحرم (٩) ، والتحريم على تقديره (١٠) مؤكّد (١١). وقد روي أن قوما سافروا كذلك فخسف بهم (١٢) ، وآخرون اضطرم عليهم خباؤهم من غير أن يروا نارا.

______________________________________________________

(١) على تقدير إمكان المسافر من إقاحتها في طريق السفر.

(٢) مراده منه ما يلزم من وجوده العدم لا ما يلزم توقف الشي‌ء على نفسه.

(٣) بشرط عدم فوات الجمعة وإلا لحرم لوجوب ترك ما ينافي السعي إلى الجمعة المنعقدة كما هو صريح الآية المتقدمة.

(٤) ولو كان السفر طويلا ككثير السفر بشرط عدم الفوات أيضا.

(٥) أي بالسفر.

(٦) أي لا يمكن المسافر في هذا المحل العود إلى الجمعة المنعقدة.

(٧) والمعنى فإذا تحقق عدم إمكان العود فحينئذ يبتدأ سفره الشرعي الموجب للتقصير وتحتسب المسافة من ذلك المكان ، وأما ما قبله فلا يترخص لأنه عاص.

(٨) إلى السفر.

(٩) أي لم يحرم السفر لنفي الحرج.

(١٠) أي على تقدير التحريم.

(١١) لعقاب فاعله في الدنيا كما في الأخبار التي سيوردها فضلا عن الأدلة الدالة على حرمته.

(١٢) فقد أورد الشهيد الثاني في رسالة الجمعة : (عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من سافر يوم الجمعة دعا عليه ملكاه أن لا يصاحب في سفره ، ولا تقضى له حاجة ، وجاء رجل إلى سعيد بن المسيب يوم الجمعة يودّعه لسفر فقال : لا تعجل حتى تصلّي ، فقال : أخاف أن تفوتني أصحابي ، ثم عجّل فكان سعيد يسأل عنه حتى قدم قوم فأخبروه أن رجله انكسرت ، فقال سعيد : إني كنت لأظنّ أنه سيصيبه ذلك.

وروي أن صيادا كان يخرج في الجمعة لا يحرّجه مكان الجمعة من الخروج فخسف به وببغلته ، فخرج الناس وقد ذهبت بغلته في الأرض ، فلم يبق منها إلا أذناها وذنبها.

وروي أن قوما خرجوا إلى سفر حين حضرت الجمعة فاضطرم عليهم خباؤهم نارا من ـ

٣٠١

(ويزاد في نافلتها) عن غيرها من الأيام (أربع ركعات) مضافة إلى نافلة الظهرين يصير الجميع عشرين كلّها للجمعة فيها (١) ، (والأفضل جعلها) أي

______________________________________________________

ـ غير نار يرونها) (١).

وكما يحرم السفر بعد الزوال يحرم البيع يوم الجمعة بعد الأذان لقوله تعالى : (إِذٰا نُودِيَ لِلصَّلٰاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلىٰ ذِكْرِ اللّٰهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ) (٢) ، وأكثر الأصحاب علقوا التحريم على الأذان كما هو صريح الآية ، بل صرح بعضهم بالكراهة قبل الأذان بعد الزوال ، وعلّقه الشيخ في الخلاف على جلوس الإمام على المنبر باعتبار وقوع الأذان بين يديه ، وذهب العلامة في الإرشاد وتبعه الشارح في الروض إلى أن التعليق على الزوال لأنه السبب الموجب للصلاة ، وما النداء الوارد في الآية إلا من باب الإعلام بدخول الوقت ولذا لو فرض تأخر الأذان عن الزوال لسبب فيجب السعي ويحرم البيع وإن لم يؤذن المؤذن وهو الأجود ، ثم إن العلامة في جملة من كتبه حرم غير البيع من العقود لاشتراك الجميع في ترك السعي ، وعن المحقق في المعتبر الاقتصار على البيع لاختصاص الآية به ، وفيه : إنما خصّ البيع بالذكر لكونه هو الغالب في المعاملات الموجبة لترك السعي.

ثم لو خالف وباع أثم إلا أن البيع صحيح لأن النهي في المعاملات غير مفسد ، وذهب الشيخ إلى البطلان لأن النهي مفسد عنده مطلقا وهو ضعيف.

(١) أي في الجمعة كيوم ، ففي المدارك : «مذهب الأصحاب استحباب التنفل يوم الجمعة بعشرين ركعة زيادة عن كل يوم بأربع ركعات» ، قال العلامة (رحمه‌الله) في النهاية : «والسبب فيه أن الساقط ركعتان فيستحب الإتيان ببدلهما ، والنافلة الراتبة ضعف الفرائض ، ومقتضى ذلك اختصاص استحباب الزيادة بمن صلى الجمعة والأخبار مطلقة».

أقول : سيأتي في خبر زريق استحباب صلاة العشرين ولو صلى الظهر يوم الجمعة ، ويدل على هذه الزيادة خبر الفضل بن شاذان عن الإمام الرضا عليه‌السلام : (إنما زيد في صلاة السنة يوم الجمعة أربع ركعات تعظيما لذلك اليوم ، وتفرقة بينه وبين سائر الأيام) (٣).

ومثله غيره إلا أن الإسكافي ذهب إلى زيادة ست ركعات لصحيح سعد الأشعري عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام : (سألته عن الصلاة يوم الجمعة : كم ركعة هي قبل الزوال؟ قال عليه‌السلام : ست ركعات بكرة ، وست بعد ذلك اثنتا عشرة ركعة ، وست ركعات بعد ـ

__________________

(١) بحار الأنوار ج ٨٦ ص ٢١٤ حديث ٥٧.

(٢) الجمعة الآية : ٩.

(٣) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ١.

٣٠٢

العشرين (سداس) (١) مفرقة ستا ستا (في الأوقات الثلاثة) المعهودة وهي انبساط الشمس بمقدار ما يذهب شعاعها وارتفاعها وقيامها وسط النهار قبل الزوال ، (وركعتان) وهما الباقيتان من العشرين عن الأوقات الثلاثة تفعل (عند الزوال) بعده على الأفضل (٢) ، أو قبله بيسير ...

______________________________________________________

ـ ذلك ثماني عشرة ركعة ، وركعتان بعد الزوال فهذه عشرون ركعة ، وركعتان بعد العصر فهذه ثنتان وعشرون ركعة) (١) ولكنه مهجور لإعراض الأصحاب عنه ، وعن الصدوقين أنه كسائر الأيام لصحيح الأعرج عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن صلاة النافلة يوم الجمعة فقال : ست عشرة ركعة قبل العصر ثم قال : وكان علي عليه‌السلام : يقول ما زاد فهو خير) (٢) ولكنه لا ينافي ما دل على الزيادة.

(١) بأن يأتي ستا عند انبساط الشمس وستا عند ارتفاعها وستا قبل الزوال وبركعتين عند الزوال على المشهور وليس عليه دليل ظاهر من النصوص ففي صحيح البزنطي عن أبي الحسن عليه‌السلام : (النوافل في يوم الجمعة ست ركعات بكرة وست ركعات ضحوة وركعتين إذا زالت الشمس ، وست ركعات بعد الجمعة) (٣) ومثله خبر يعقوب بن يقطين (٤)وخبر مراد بن خارجة (٥)، نعم في صحيح سعد الأشعري إشعار بذلك لكنه مهجور عند الأصحاب لزيادة ركعتين بعد العصر.

(٢) بل بعد الفريضة ويشهد له جملة من النصوص منها : خبر محمد بن مسلم المروي في المصباح عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن صلاة الجمعة قال : وقتها إذا زالت الشمس فصل الركعتين قبل الفريضة وإن أبطأت حتى يدخل الوقت هنيئة فابدأ بالفريضة ودع الركعتين حتى تصليهما بعد الفريضة) (٦).

وفي خبر حريز : (سمعته يقول : أما أنا فإذا زالت الشمس يوم الجمعة بدأت بالفريضة وأخرت الركعتين إذا لم أكن صليتهما) (٧).

وخبر سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (قلت له : أيّما أفضل أقدّم الركعتين يوم الجمعة أو أصليهما بعد الفريضة؟ قال : تصليهما بعد الفريضة) (٨) والمرسل عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (سألته عن الركعتين اللتين قبل الزوال يوم الجمعة قال : أما أنا فإذا زالت الشمس بدأت بالفريضة) (٩).

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ٥ و ٧.

(٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ١٩ و ١٠ و ١٢.

(٦ و ٧) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ٦ و ٧.

(٨ و ٩) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ١٤ و ١٥.

٣٠٣

على رواية (١) ، ودون بسطها كذلك جعل سنة الانبساط بين الفريضتين (٢) ، ودونه فعلها أجمع يوم الجمعة كيف اتفق (٣) ، (والمزاحم) في الجمعة (عن السجود) في

______________________________________________________

(١) ففي مرسل أبي بصير : (تقديمها أفضل من تأخيرها) (١).

وخبر علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه‌السلام : سألته عن ركعتي الزوال يوم الجمعة قبل الأذان أو بعده؟ قال : قبل الأذان) (٢).

وخبر علي بن يقطين عن أبيه : (سألت أبا الحسن عليه‌السلام : عن النافلة التي تصلى يوم الجمعة وقت الفريضة قبل الجمعة أفضل أو بعدها؟ قال : قبل الصلاة) (٣) بحمله على ما قبل الزوال ، بل أفضليتها قبل الزوال عند الشك بدخوله لخبر عبد الرحمن بن عجلان عن أبي جعفر عليه‌السلام : (إذا كنت شاكا في الزوال فصل الركعتين وإذا استيقنت الزوال فصلّ الفريضة) (٤)، وخبر زريق عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (ربما كان يقدم عشرين ركعة يوم الجمعة في صدر النهار ، فإذا كان عند زوال الشمس أذّن وجلس جلسة ثم أقام وصلى الظهر ، وكان لا يرى صلاة عند الزوال يوم الجمعة إلا الفريضة ، ولا يقدّم صلاة بين يدي الفريضة إذا زالت الشمس. إلى أن قال. وربما كان يصلي يوم الجمعة ست ركعات إذا ارتفع النهار وبعد ذلك ست ركعات أخر وكان إذا ركدت الشمس في السماء قبل الزوال أذّن وصلى ركعتين فما يفرغ إلا مع الزوال ثم يقيم للصلاة فيصلي الظهر) (٥) وهذا الخبر صريح في استحباب التنفل بعشرين ركعة يوم الجمعة لو صلى الظهر ولم يأت بالجمعة.

(٢) بحيث يصلي ستا عند ارتفاع الشمس وستا عند قيامها وركعتين عند الزوال وستا بين الجمعة والعصر وهذا ما يدل عليه صحيح البزنطي وخبر ابن يقطين وخبر مراد بن خارجة التي تقدم الكلام فيها.

(٣) فلو أتى بها أول النهار لجاز كما يدل عليه صدر خبر زريق المتقدم وخبر عمر بن حنظلة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (صلاة التطوع يوم الجمعة إن شئت من أول النهار ، وما تريد أن تصليه يوم الجمعة فإن شئت عجلته فصليته من أول النهار ، أيّ النهار شئت قبل أن تزول الشمس) (٦).

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ٩.

(٢) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ٢.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ٣ و ١١.

(٥) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ٤.

(٦) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ٨.

٣٠٤

الركعة الأولى (يسجد) بعد قيامهم عنه (١) ، (ويلتحق) (٢) ولو بعد الركوع (٣) ، (فإن لم يتمكن منه) إلى أن سجد الإمام في الثانية ، و (سجد مع ثانية الإمام نوى بهما) الركعة (الأولى) لأنه لم يسجد لها بعد (٤) ، ...

______________________________________________________

(١) عن السجود.

(٢) أي يلتحق بالإمام.

(٣) من الركعة الثانية للإمام بحيث لم يرفع الإمام رأسه من الركوع وإلا لو رفع لحرم عليه المتابعة لكونه مسبوقا بركن.

(٤) وتحرير المسألة على نحو يرفع الإبهام هو : لو زوحم المأموم فلم يمكنه السجود مع الإمام لم يجز له السجود على ظهر غيره أو رجليه بالاتفاق منا خلافا لبعض العامة حيث جوّز ذلك ، فإن أمكنه السجود بعد قيام الإمام واللحاق به قبل الانتهاء من الركوع فعل ذلك وصحت جمعته بلا خلاف فيه ، وقد وقع مثله في صلاة عسفان حيث سجد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبقي صف لم يسجد معه ، والسبب في الجميع هو الحاجة والضرورة.

ثم إذا لم يمكنه السجود حتى سجد الإمام للثانية فيسجد معه من دون متابعته في الركوع وإلا تبطل صلاته لزيادة الركن خلافا لمالك والشافعي ، وإذا سجد معه فينوي أنهما سجدتان للأولى ثم يأتي بركعة ثانية لنفسه بعد تسليم الإمام وتصح جمعته بلا خلاف فيه بيننا.

نعم لو نوى أن السجدتين للثانية قيل بالبطلان كما عن الشيخ في النهاية والقاضي في المهذب والمحقق في المعتبر والنافع والفاضل في القواعد وجماعة لعدم جواز الاعتداد بهما ما دام لم تثبت له ركعة تامة ولو أعادهما للأولى للزم زيادة الركن وهو موجب للبطلان.

وذهب الشيخ في المبسوط والمرتضى ويحيى بن سعيد وجماعة بأنه لو سجد للثانية فيحذفهما ثم يسجد سجدتين للأولى فتكمل له ركعة ثم يتمها بأخرى لخبر حفص بن غياث عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في رجل أدرك الجمعة وقد ازدحم الناس فكبر مع الإمام وركع ولم يقدر على السجود ، وقام الإمام والنّاس في الركعة الثانية وقام هذا معهم فركع الإمام ولم يقدر هذا على الركوع في الركعة الثانية من الزحام وقدر على السجود كيف يصنع؟

فقال عليه‌السلام : أما الركعة الأولى فهي إلى عند الركوع تامة فلما لم يسجد لها حتى دخل في الركعة الثانية لم يكن ذلك له ، فلما سجد في الثانية فإن كان نوى هاتين السجدتين للركعة الأولى فقد تمت له الأولى ، فإذا سلم الإمام قام فصلى ركعة ، فيسجد فيها ثم يتشهد ويسلّم ، وإن كان لم ينو السجدتين للركعة الأولى لم تجز عنه الأولى ولا الثانية ، ـ

٣٠٥

أو يطلق فتنصرفان إلى ما في ذمته (١).

ولو نوى بهما الثانية بطلت الصلاة لزيادة الركن في غير محله ، وكذا لو زوحم عن ركوع الأولى ، وسجودها ، فإن لم يدركهما مع ثانية الإمام (٢) فاتت

______________________________________________________

ـ وعليه أن يسجد سجدتين ينوي أنهما للركعة الأولى ، وعليه بعد ذلك ركعة ثانية يسجد فيها) (١) ونوقش بأن حفص بن غياث عامي ، وقال في الذكرى : «ليس ببعيد العمل بهذه الرواية لاشتهارها بين الأصحاب وعدم وجود ما ينافيها في هذا الباب».

(١) فيكونان للأولى وكذا مع الذهول عن القصد كما في المدارك.

(٢) فلو أدركهما مع ثانية الإمام قبل الركوع فتصح لصحيح عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في رجل صلى في جماعة يوم الجمعة فلما ركع الإمام ألجأه الناس إلى جدار أو أسطوانة فلم يقدر على أن يركع ولا يسجد حتى رفع القوم رءوسهم ، أيركع ثم يسجد ويلحق بالصف وقد قام القوم أم كيف يصنع؟ قال عليه‌السلام : يركع ويسجد ثم يقوم في الصف ولا بأس بذلك) (٢) ، وقد رواه الشيخ في التهذيب بزيادة : (فهل يجوز له أن يركع ويسجد وحده ثم يستوي مع الناس في الصف؟ فقال عليه‌السلام : نعم لا بأس بذلك) (٣). هذا كله إذا أدرك الإمام قبل أن يرفع رأسه من ركوع الثانية ، وأما لو أدركه بعد رفع رأسه من ركوع الثانية فعن التذكرة والنهاية الإشكال في إدراكه الجمعة لأنه لم يدرك مع الإمام ركوعا ، وعن المنتهى والذكرى أنه أدرك مع الإمام ركعة حكما متمسكين بإطلاق صحيح عبد الرحمن المتقدم ، وفيه : إنه ظاهر بل صريح في اشتراط إدراكه قبل الانتهاء من الركوع.

ولو لم يدركهما حتى رفع الإمام رأسه من السجود فهل يجب عليه قطعها واستئنافها ظهرا وهو الذي تقتضيه قواعد المذهب أو يجب عليه العدول إلى الظهر لانعقادها صحيحة مع النهي عن قطعها وهو اختيار المحقق في المعتبر أو أنه يتمها جمعة لأن الجماعة إنما تعتبر ابتداء لا استدامة كما استظهره في المدارك ، وفيه : إن الجمعة قد فاتته لعدم إدراكه ركعة مع الإمام فيجب استئنافها ظهرا حينئذ. ولذا من لم يحضر الخطبة وأول الصلاة وأدرك مع الإمام ركعة صلّى جمعة بالإجماع للأخبار منها : صحيح الفضل بن عبد الملك عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (من أدرك ركعة فقد أدرك الجمعة) (٤).

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ٢.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ١ و ٣.

(٤) الوسائل الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ٦.

٣٠٦

الجمعة لاشتراط إدراك ركعة منها معه ، واستأنف الظهر مع احتمال العدول لانعقادها صحيحة ، والنهي عن قطعها مع إمكان صحتها (١).

(ومنها صلاة العيدين) (٢). وأحدهما عيد مشتق من العود لكثرة عوائد الله تعالى فيه على عباده ، وعود السرور والرحمة بعوده ، وياؤه منقلبة عن واو ، وجمعه على أعياد غير قياس ، لأن الجمع يردّ إلى الأصل ، والتزموه كذلك للزوم الياء في مفرده وتميّزه عن جمع العود.

(وتجب) صلاة العيدين وجوبا عينيا (٣) (بشروط الجمعة) العينية (٤) ، أما

______________________________________________________

ـ وصحيح عبد الرحمن العرزمي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا أدركت الإمام يوم الجمعة وقد سبقك بركعة فأضف إليها ركعة أخرى واجهر فيها فإن أدركته وهو يتشهد فصل أربعا) (١).

وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا أدركت الإمام قبل أن يركع الركعة الأخيرة فقد أدركت الصلاة وإن أنت أدركته بعد ما ركع فهي الظهر أربع) (٢).

(١) أي صحة الجمعة كما اختاره سيد المدارك على ما تقدم.

(٢) العيدان هما اليومان المعروفان من الفطر والأضحى ، واحدهما عيد ، وياؤه منقلبة عن واو لأنه مأخوذ من العود ، إما لكثرة عوائد الله تعالى فيه على عباده وإما لعود السرور والرحمة بعوده ، والجمع أعياد على غير قياس لأن حق الجمع رد الشي‌ء إلى أصله ، وإنما فعلوا ذلك للزوم الياء في مفرده وللفرق بين جمعه وبين جمع عود الخشب.

(٣) بلا شبهة ولا إشكال وهو مما لا خلاف فيه ويدل عليه قوله تعالى : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكّٰى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلّٰى) (٣) ففي خبر الدعائم عن جعفر بن محمد عليهما‌السلام في تفسير هذه الآية : (يعني صلاة العيد في الجبانة) (٤) وفي مرسل الفقيه : (سئل الصادق عليه‌السلام عن قول الله (عزوجل):. (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكّٰى). قال : من أخرج الفطرة ، فقيل له : (وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلّٰى). قال : خرج إلى الجبانة فصلى) (٥) وللأخبار منها : صحيح جميل عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (صلاة العيدين فريضة وصلاة الكسوف فريضة) (٦).

(٤) وأهمها حضور المعصوم عليه‌السلام أو نائبه بلا خلاف فيه وادعي عليه الإجماع كما عن غير ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ٥ و ٣.

(٣) الأعلى الآية : ١٤ ـ ١٥.

(٤) مستدرك الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ٢.

(٥) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ٤.

(٦) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ١.

٣٠٧

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ واحد وللأخبار منها : موثق سماعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (قلت له : متى نذبح؟ قال عليه‌السلام : إذا انصرف الإمام ، قلت : فإذا كنت في أرض ليس فيها إمام فأصلي بهم جماعة؟ قال : إذا استقلت الشمس ، وقال : لا بأس بأن تصلي وحدك ولا صلاة إلا مع إمام) (١) وهو ظاهر في إمام الأصل لمقابلته مع صلاة الجماعة عند عدم حضوره عليه‌السلام ، وهو من أوضح الأخبار على اشتراط المعصوم في وجوب صلاة العيدين وإلا فقد وردت جملة من الأخبار أوردها الشيخ الحر في وسائله إلا أنه قد نوقشت بأنها غير ظاهرة في إمام الأصل أعني المعصوم بل هي ظاهرة في إمام الجماعة بحيث تشترط الجماعة في صلاة العيدين ، والمناقشة ضعيفة في بعضها وهي غير واردة في الموثق المذكور.

وخبر عبد الله بن ذبيان عن أبي جعفر عليه‌السلام : (يا عبد الله ما من يوم عيد للمسلمين أضحى ولا فطر إلا وهو يجدد الله لآل محمد عليهم‌السلام فيه حزنا ، قلت : ولم؟ قال : إنهم يرون حقهم في أيدي غيرهم) (٢) وهو دال على أن إقامة صلاة العيدين من مناصب الإمامة كالجمعة ومما يدل على ذلك أيضا دعاء السجاد عليه‌السلام في الصحيفة السجادية وكان يدعو به في الجمعة وثاني العيدين : (اللهم إن هذا المقام مقام لخلفائك وأصفيائك ومواضع أمنائك في الدرجة الرفيعة التي اختصصتهم بها قد ابتزوها وأنت المقدّر لذلك إلى أن قال. حتى عاد صفوتك وخلفاؤك مغلوبين مقهورين مبتزين يرون حكمك مبدلا وكتابك منبوذا) (٣).

واستشكل فيه سيد المدارك حتى ذهب صاحب الحدائق إلى وجوبها على الجامع والمنفرد في حال الغيبة وهو ضعيف لما ذكرناه من الأدلة.

واشتراط الجماعة للأخبار منها : صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (من لم يصل مع الإمام في جماعة يوم العيد فلا صلاة له ولا قضاء عليه) (٤).

واشتراط العدد للأخبار منها : صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (أنه قال : في صلاة العيدين إذا كان القوم خمسة أو سبعة فإنهم يجمعون الصلاة كما يصنعون يوم الجمعة) (٥).

واشتراط الخطبة سيأتي ما يدل عليه.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ٦.

(٢) الوسائل الباب ـ ٣١ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ١.

(٣) الصحيفة السجادية رقم الدعاء ٤٨.

(٤) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ٣.

(٥) الوسائل الباب ـ ٣٩ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ١.

٣٠٨

التخييرية فكاختلال الشرائط (١) لعدم إمكان التخيير هنا (٢) ، (والخطبتان بعدها) (٣) بخلاف الجمعة ، ولم يذكر وقتها (٤) وهو ما بين طلوع الشمس والزوال (٥) ، وهي ركعتان (٦) كالجمعة (ويجب فيها التكبير زائدا عن المعتاد) من تكبيرة الإحرام ،

______________________________________________________

(١) والمعنى لا تجب صلاة العيدين تخييرا كعدم وجوبها إذا اختل شي‌ء من شرائطها.

(٢) لعدم وجود بدل لها بخلاف الجمعة فبدلها الظهر عند الفوات.

(٣) بلا خلاف فيه منا ومن غيرنا إلا عثمان بن عفان فقد قدّمهما على الصلاة بدعة لأنه لما أحدث إحداثه كان إذا فرغ من الصلاة قام الناس ليرجعوا فلما رأى ذلك قدم الخطبتين واحتبس الناس للصلاة ويدل على ذلك أخبار كثيرة منها : خبر معاوية : (سألته عن العيدين فقال : ركعتان. إلى أن قال. والخطبة بعد الصلاة وإنما أحدث الخطبة قبل الصلاة عثمان) (١).

وخبر محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام في صلاة العيدين : (الصلاة قبل الخطبتين بعد القراءة سبع في الأولى وخمس في الأخيرة ، وكان أول من أحدثها بعد الخطبة عثمان لما أحدث إحداثه كان إذا فرغ من الصلاة قام الناس ليرجعوا ، فلما رأى ذلك قدّم الخطبتين واحتبس الناس للصلاة) (٢).

(٤) أي وقت صلاة العيد.

(٥) على المشهور ويدل على أن أول وقتها طلوع الشمس أخبار منها : صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (ليس يوم الفطر ولا يوم الأضحى أذان ولا إقامة ، أذانهما طلوع الشمس ، إذا طلعت خرجوا) (٣) وتنزيل الطلوع منزلة الأذان مشعر بدخول وقتها حينئذ.

وعن جماعة من القدماء التصريح بأن وقتها عند الطلوع أو عند انبساطها فلا بد من حمله على وقت الفضيلة.

ويدل على أن انتهاء وقتها عند الزوال صحيح محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه‌السلام : (إذا شهد عند الإمام شاهدان أنهما رأيا الهلال منذ ثلاثين يوما أمر الإمام بالإفطار في ذلك اليوم إذا كانا شهدا قبل زوال الشمس ، فإن شهدا بعد زوال الشمس أمر الإمام بإفطار ذلك اليوم وأخّر الصلاة إلى الغد فصلى بهم) (٤).

(٦) بلا خلاف ويدل على ذلك الأخبار الكثيرة وسيأتي التعرض لبعضها.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ١ و ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ٥.

(٤) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ١.

٣٠٩

وتكبير الركوع والسجود (خمسا في) الركعة (الأولى وأربعا في الثانية) بعد القراءة فيهما في المشهور (١) (والقنوت بينهما) على وجه التجوز (٢) ، وإلّا فهو بعد كلّ تكبيرة ، وهذا التكبير والقنوت جزءان منها (٣) ، فيجب حيث تجب ، ويسنّ حيث تسنّ ، فتبطل بالإخلال بهما عمدا على التقديرين.

(ويستحبّ) القنوت (بالمرسوم) (٤) وهو : «اللهمّ أهل الكبرياء والعظمة» إلى

______________________________________________________

(١) ففي صحيح إسماعيل الجعفي عن أبي جعفر عليه‌السلام في صلاة العيدين قال : (يكبّر واحدة يفتتح بها الصلاة ثم يقرأ أم الكتاب وسورة ، ثم يكبّر خمسا يقنت بينهن ، ثم يكبّر واحدة ويركع بها ، ثم يقوم فيقرأ أم الكتاب وسورة يقرأ في الأولى سبح اسم ربك الأعلى وفي الثانية والشمس وضحاها ثم يكبّر أربعا ويقنت بينهن ثم يركع بالخامسة) (١).

وما ورد من تعيين السورة محمول على الفضل لصحيح جميل عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (سألته عن التكبير في العيدين قال : سبع وخمس وقال : صلاة العيدين فريضة ، وسألته ما يقرأ فيهما؟ قال : والشمس وضحاها وهل أتاك حديث الغاشية وأشباههما) (٢) ، وما ورد من كون التكبير ثلاثا بعد القراءة وإن شاء خمسا وإن شاء سبعا كما في صحيحة زرارة (٣) فهو متروك عند الأصحاب ، وعن ابن الجنيد جعل التكبير في الأولى قبل القراءة وفي الثانية بعد القراءة لجملة من النصوص منها : صحيح ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (التكبير في العيدين في الأولى سبع قبل القراءة ، وفي الآخرة خمس بعد القراءة) (٤) ولكن الطائفة الأولى أشهر وعليها العمل لمخالفتها للعامة.

(٢) لأنه لا تكبير بعد الأخيرة.

(٣) ذهب الشيخ في أحد قوليه والمحقق إلى أنهما مستحبان لصحيح زرارة المتقدم من جعل التكبير ثلاثا وإن شاء خمسا وإن شاء سبعا وهو ظاهر في استحباب التكبير ويكون القنوت تابعا له ، والأكثر على الوجوب للنصوص التي تقدم بعضها والدالة على تحديد التكبير بالخمس في الأولى وبالأربع في الثانية.

(٤) ففي خبر محمد بن عيسى بن أبي منصور عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : (تقول بين كل تكبيرتين في صلاة العيدين : اللهم أهل الكبرياء والعظمة وأهل الجود والجبروت ، وأهل العفو والرحمة وأهل التقوى والمغفرة ، أسألك في هذا اليوم الذي جعلته للمسلمين عيدا ولمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذخرا ومزيدا ، أن تصلي على محمد وآل محمد كأفضل ما صليت على عبد من ـ

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ١٠ و ٤ و ١٧.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ١٨.

٣١٠

آخره ، ويجوز بغيره (١) ، وبما سنح (٢) ، (ومع اختلال الشروط) الموجبة (٣) (تصلّى جماعة ، وفرادى مستحبا) (٤) ، ...

______________________________________________________

ـ عبادك ، وصل على ملائكتك ورسلك ، واغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات ، اللهم إني أسألك خير ما سألك عبادك المرسلون ، وأعوذ بك من شرّ ما عاذ بك منه عبادك المرسلون) (١) ، وفي خبر جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام : (كان أمير المؤمنين عليه‌السلام إذا كبّر في العيدين قال بين كل تكبيرتين : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، اللهم أهل الكبرياء) (٢) إلى آخر ما ذكر في الخبر السابق.

(١) كما في خبر بشر بن سعيد عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (تقول في دعاء العيدين بين كل تكبيرتين : الله ربي أبدا والإسلام ديني أبدا ، ومحمد نبيّي أبدا ، والقرآن كتابي أبدا ، والكعبة قبلتي أبدا ، وعلي وليّي أبدا ، والأوصياء أئمتي أبدا وتسمّيهم إلى آخرهم ، ولا أحد إلا الله) (٣).

لكن العمل على ما في مصباح الشيخ : (فإذا كبر قال : اللهم أهل الكبرياء والعظمة وأهل الجود والجبروت ، وأهل العفو والرحمة وأهل التقوى والمغفرة ، أسألك بحق هذا اليوم الذي جعلته للمسلمين عيدا ولمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذخرا ومزيدا أن تصلي على محمد وآل محمد ، وأن تدخلني في كل خير أدخلت فيه محمدا وآل محمد ، وأن تخرجني من كل سوء أخرجت منه محمدا وآل محمد صلواتك عليه وعليهم ، اللهم إني أسألك خير ما سألك به عبادك الصالحون ، وأعوذ بك مما استعاذ منه عبادك الصالحون) (٤) وفي نسخة (عبادك المخلصون).

(٢) لاختلاف ألفاظ الدعاء في الأخبار الكاشف عن استحبابه وعن جواز الدعاء بما شاء المصلي ولصحيح محمد بن مسلم. عن أحدهما عليهما‌السلام : (سألته عن الكلام الذي يتكلم به فيما بين التكبيرتين في العيدين ، قال : ما شئت من الكلام الحسن) (٥) ، وإن كان الأولى الاقتصار على ما ورد عنهم عليهم‌السلام لأنهم أعرف من غيرهم بالخطاب ومقتضى الحال.

(٣) أي الموجبة للصلاة.

(٤) على الأكثر للأخبار منها : صحيح ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (من لم يشهد جماعة

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ٢ و ٣ و ٤.

(٤) مستدرك الوسائل الباب ـ ٢٢ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ٢.

(٥) الوسائل الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ١.

٣١١

ولا يعتبر حينئذ (١) تباعد العيدين بفرسخ (٢). وقيل مع استحبابها تصلّى فرادى

______________________________________________________

ـ الناس في العيدين فليغتسل وليتطيب بما وجد ، وليصل في بيته وحده كما يصلي في جماعة) (١).

وخبر منصور عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (مرض أبي يوم الأضحى فصلّى في بيته ركعتين ثم ضحى) (٢).

وخبر الإقبال : (روى محمد بن أبي قرة بإسناده عن الصادق عليه‌السلام أنه سئل عن صلاة الأضحى والفطر فقال : صلهما ركعتين في جماعة وغير جماعة) (٣).

وعن الصدوق في المقنع وابن أبي عقيل عدم المشروعية مطلقا لصحيح محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام : (سألته عن الصلاة يوم الفطر والأضحى قال : ليس صلاة إلا مع إمام) (٤) ومقتضى الجمع حمله على نفي الوجوب لا المشروعية وعن المرتضى وأبي الصلاح بل وعن المفيد والشيخ في التهذيب والمبسوط تعيّن الانفراد بها ولا تصح حينئذ جماعة ، بل في الرياض : «قواه من فضلاء المعاصرين جماعة» لموثق عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (هل يؤم الرجل بأهله في صلاة العيدين في السطح أو في بيت؟ قال : لا يؤم بهنّ ولا يخرجن وليس على النساء خروج) (٥) ، وموثق سماعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (لا صلاة في العيدين إلا مع الإمام فإن صليت وحدك فلا بأس) (٦).

وفيه : إن النهي في الأول لعدم الجماعة على النساء ، والثاني غير صريح في تعين الانفراد إذا لم يكن إمام الأصل فضلا عن موثق سماعة الآخر عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (قلت له : متى يذبح؟ قال : إذا انصرف الإمام ، قلت : فإذا كنت في أرض. قرية. ليس فيها إمام فأصلي بهم جماعة فقال : إذا استقلت الشمس ، وقال : لا بأس أن تصلي وحدك ولا صلاة إلا مع إمام) (٧) فتقريره عليه‌السلام على صلاتها جماعة دليل على مشروعيتها كذلك.

(١) أي حين استحبابها.

(٢) اعلم أن المشهور إذا وجبت صلاة العيد وجب أن تكون المسافة بينها وبين الصلاة الثانية فرسخ فما زاد كما اشترط في الجمعة ، واستدل له بخبر ابن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (قال الناس لعلي عليه‌السلام : ألا تخلف رجلا يصلي بضعفة الناس في العيدين؟ ـ

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ١ و ٣ و ٤.

(٤) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ٤.

(٥) الوسائل الباب ـ ٢٨ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ٢.

(٦ و ٧) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب صلاة العيد الحديث ٥ و ٦.

٣١٢

خاصة ، وتسقط الخطبة في الفرادى (١) ، (ولو فاتت) في وقتها لعذر وغيره (لم تقض) في أشهر القولين للنصّ (٢) ، وقيل : تقضى كما فاتت ، وقيل : أربعا مفصولة وقيل : موصولة وهو ضعيف المأخذ.

______________________________________________________

ـ فقال : لا أخالف السنة) (١) بناء على أن المطلوب هو صلاة ثانية في البلد الواحد ، وفيه : إن المطلوب هو صلاة ثانية في المسجد في قبال صلاة المعصوم في الصحراء ويدل عليه خبر الدعائم : (قيل له : يا أمير المؤمنين. عليه‌السلام. لو أمرت من يصلي بضعفاء الناس يوم العيد في المسجد قال : إني أكره أن أسنن سنة لم يستنها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) (٢) ، وعليه فالذي كره عليه‌السلام هو الصلاة في المسجد لا تكرار الصلاة في البلد ولا أقل من الاحتمال الموجب للإجمال واستدل لاعتبار الوحدة بسيرة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حيث لم يعلم إقامة صلاتين في بلد واحد ، وفيه : إنه لا يدل على المنع كما هو واضح إذ عدم الفعل أعم من الحرمة ومن عدم الضرورة لتكرار الفعل ولذا توقف العلامة في التذكرة والنهاية في اشتراط ذلك ، وتابعه سيد المدارك.

وعن الشهيدين في الذكرى والدروس وروض الجنان إن هذا الشرط معتبر عند وجوب الصلاة ، وأما مع مندوبيتها فلا يمنع التعدد إذ لا دليل على اعتبار الوحدة في هذا الحال.

(١) لانتفاء المقتضي إذ لا يوجد سامع في البين.

(٢) وهو صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (من لم يصل مع الإمام في جماعة يوم العيد فلا صلاة له ولا قضاء عليه) (٣) وهذا ما عليه المشهور سواء كانت الصلاة واجبة أو مندوبة وسواء كان فواتها عمدا أو لعذر للإطلاق.

وعن ابن إدريس يستحب قضاؤها لصحيح محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه‌السلام : (إذا شهد عند الإمام شاهدان أنهما رأيا الهلال منذ ثلاثين يوما أمر الإمام بالإفطار في ذلك اليوم إذا كانا شهدا قبل زوال الشمس ، فإن شهدا بعد زوال الشمس أمر الإمام بإفطار ذلك اليوم وأخّر الصلاة إلى الغد فصلى بهم) (٤) ، ومرفوع محمد بن أحمد : (إذا أصبح الناس صياما ولم يروا الهلال وجاء قوم عدول يشهدون على الرؤية فليفطروا وليخرجوا من الغد أول النهار إلى عيدهم) (٥) والعمل عليها لأن صحيح زرارة ناظر إلى نفي القضاء ـ

__________________

(١ و ٢) مستدرك الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ٦ و ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ٣.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ١ و ٢.

٣١٣

(ويستحبّ الإصحار بها) (١) ، مع الاختيار للاتباع (٢) (إلا بمكة) فمسجدها أفضل (٣) (وأن يطعم) بفتح حرف المضارعة فسكون الطاء ففتح العين مضارع طعم بكسرها كعلم أي يأكل (في) عيد (الفطر قبل خروجه) إلى الصلاة ، (وفي الأضحى بعد عوده من أضحيّته) بضم الهمزة وتشديد الياء ، للاتباع (٤) ، والفرق

______________________________________________________

ـ على من فاتته الصلاة الواجبة وهذا لا ينافي استحبابها بعد خروج وقتها إذا كان لعذر عدم العلم بالعيد كما هو مورد الخبرين الأخيرين ، وموافقتهما للعامة لا توجب طرحهما لعدم المعارض لهما ولذا نفى البأس عن هذا القول سيد المدارك ونسب إلى الكليني من القدماء. وعن ابن الجنيد أنه من فاتته صلاة العيد قضاها أربعا مفصولات ، يعني بتسليمتين ، وعن علي بن بابويه أنه قضاها أربعا موصولات يعني بتسليمة واحدة ويشهد لهما خبر أبي البختري عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم‌السلام : (من فاتته صلاة العيد فليصل أربعا) (١) وفيه : إن أبا البختري عامي وهو ضعيف وكذاب كما في رجال النجاشي والفهرست ، وقال الشهيد في الذكرى : «لم نقف على مأخذهما ورواية الأربع مع ضعف سندها مطلقة» ، وذلك لعدم دلالتها على أن الأربع قضاء ولذا حملها الشيخ في التهذيب على الجواز والتخيير بين أن يصلي ركعتين كصلاة العيد وبين أربع كيف شاء من غير أن يقصد بها القضاء.

(١) للأخبار منها : معتبرة علي بن رئاب عن أبي بصير. يعني ليث المرادي. عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (لا ينبغي أن تصلي صلاة العيدين في مسجد مسقف ، ولا في بيت إنما تصلي في الصحراء أو في مكان بارز) (٢).

(٢) أي للتأسي كما في صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يخرج حتى ينظر إلى آفاق السماء وقال : لا تصلين يومئذ على بساط ولا بارية) (٣) ومثله غيره.

(٣) لخبر حفص بن غياث عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما‌السلام : (السنة على أهل الأمصار أن يبرزوا من أمصارهم في العيدين إلا أهل مكة ، فإنهم يصلون في المسجد الحرام) (٤) ومثله غيره.

(٤) لصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (كان أمير المؤمنين عليه‌السلام لا يأكل يوم الأضحى ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ٢.

(٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ٢ و ١٠ و ٣.

٣١٤

لائح (١) وليكن الفطر في الفطر ، على الحلو للاتباع (٢) ، وما روي (٣) شاذا من الإفطار فيه على التربة المشرّفة محمول على العلّة جمعا (ويكره التنفّل قبلها) (٤) بخصوص القبلية (٥) ، (وبعدها) إلى الزوال بخصوصه للإمام والمأموم (٦) (إلا بمسجد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) فإنه يستحبّ أن يقصده الخارج إليها (٧) ويصلّي به ركعتين قبل

______________________________________________________

ـ شيئا حتى يأكل من أضحيته ، ولا يخرج يوم الفطر حتى يطعم ويؤدي الفطرة ، ثم قال : وكذلك نفعل نحن) (١).

(١) إذ صلاة عيد الفطر متوقف على الإفطار قبلها بخلاف صلاة عيد الأضحى فلا يتوقف على الإفطار قبلها بل هو متوقف على الأضحية قبلها.

(٢) لخبر الجعفريات : (أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان إذا أراد أن يخرج إلى المصلى يوم الفطر كان يفطر على تمرات أو زبيبات) (٢) ، وفي فقه الرضا : (والذي يستحب الإفطار عليه في يوم الفطر الزبيب ، والتمر وأروي عن العالم عليه‌السلام الإفطار على السكر) (٣).

(٣) لخبر النوفلي : (قلت لأبي الحسن عليه‌السلام : إني أفطرت يوم الفطر على طين وتمر فقال لي : جمعت بركة وسنة) (٤) ، وفي الفقه الرضوي : (وروي أفضل ما يفطر عليه طين قبر الحسين عليه‌السلام) (٥).

(٤) أي قبل صلاة العيدين.

(٥) أي ليس هناك سبب للكراهة إلا قبلية صلاة العيدين وبعديتها.

(٦) ففي خبر محمد بن مسلم : (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الصلاة في الفطر والأضحى قال : ليس فيهما أذان ولا إقامة وليس بعد الركعتين ولا قبلهما صلاة) (٦) ومثله غيره ، وصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (صلاة العيدين مع الإمام سنة ، وليس قبلهما ولا بعدهما صلاة ذلك اليوم إلى الزوال) (٧) ، وصحيحه الآخر عن أبي جعفر عليه‌السلام : (لا تقض وتر ليلتك إن كان فاتك حتى تصلي الزوال في يوم العيدين) (٨).

(٧) أي إلى صلاة العيد.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ٢.

(٢ و ٣) مستدرك الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ١ و ٢.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ١.

(٥) مستدرك الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ٢.

(٦) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ٤.

(٧) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ٢.

(٨) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ٩.

٣١٥

خروجه للاتباع (١). نعم لو صليت (٢) في المساجد لعذر ، أو غيره استحبّ صلاة التحية للداخل (٣) وإن كان مسبوقا والإمام يخطب لفوات الصلاة (٤) المسقط (٥) للمتابعة (٦) (ويستحب التكبير) في المشهور (٧) ، وقيل يجب للأمر به (في الفطر)

______________________________________________________

(١) لخبر محمد بن الفضل الهاشمي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (ركعتان من السنة ليس تصليان في موضع إلا في المدينة ، قال : تصلى في مسجد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في العيد قبل أن يخرج إلى المصلى ليس ذلك إلا بالمدينة ، لأن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فعله) (١).

(٢) أي صلاة العيد.

(٣) قال الشارح في الروض : «ولو أقيمت الصلاة في مسجد لعذر استحب صلاة التحية فيه أيضا لأنه موضع ذلك ، قال في التذكرة : وصلى وإن كان الإمام يخطب ولا يصلي العيد لأنه إنما سنّ له الاشتغال مع الإمام بما أدرك ، لا قضاء ما فاته» انتهى.

(٤) أي صلاة العيد وقد فاتته لأن الخطبة بعد الصلاة في العيد.

(٥) صفة للفوات.

(٦) أي متابعة الإمام فما دام قد فاتته صلاة العيد مع الإمام فلا يلزم المأموم متابعة الإمام في الخطبة فلا مانع من الاشتغال بصلاة التحية حينئذ.

(٧) خلافا للمرتضى في الانتصار حيث ذهب للوجوب ، ومستند المشهور رواية سعيد النقاش : (قال أبو عبد الله عليه‌السلام لي : أما أن في الفطر تكبيرا ولكنه مسنون ، قال : قلت : وأين هو؟ قال : في ليلة الفطر في المغرب والعشاء الآخرة ، وفي صلاة الفجر وفي صلاة العيد ثم يقطع ، قال : قلت : كيف أقول؟ قال : تقول : الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر ، الله أكبر ولله الحمد الله أكبر على ما هدانا ، وهو قول الله (عزوجل) (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ). يعني الصيام. (وَلِتُكَبِّرُوا اللّٰهَ عَلىٰ مٰا هَدٰاكُمْ) (٢). وهو صريح في الاستحباب وعليه يحمل خبر الفضل بن شاذان عن الرضا عليه‌السلام : (كتب إلى المأمون : والتكبير في العيدين واجب في الفطر في دبر خمس صلوات ويبدأ به في دبر صلاة المغرب ليلة الفطر) (٣) ، وخبر الأعمش : (والتكبير في العيدين واجب ، أما في الفطر ففي خمس صلوات مبتدأ به من صلاة المغرب ليلة الفطر إلى صلاة العصر من يوم الفطر وهو أن يقال : الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ولله الحمد ، الله أكبر على ما هدانا والحمد لله على أما أبلانا لقوله (عزوجل):. (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللّٰهَ عَلىٰ مٰا ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ١٠.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ٢ و ٥.

٣١٦

عقيب أربع) صلوات (أولها المغرب ليلته (١) ، وفي الأضحى (٢) عقيب خمس عشرة) صلاة للناسك (بمنى (٣) ، و) عقيب (عشر بغيرها) ، وبها لغيره (٤) (أولها ظهر يوم النحر) وآخرها صبح آخر التشريق ، أو ثانيه (٥) ولو فات بعض هذه الصلوات كبّر

______________________________________________________

ـ هَدٰاكُمْ). وبالأضحى في الأمصار في دبر عشر صلوات مبتدأ به من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة الغداة يوم الثالث ، وفي منى في دبر خمس عشرة صلاة مبتدئا به من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة الغداة يوم الرابع ، ويزاد في هذا التكبير : والله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام) (١).

(١) أي ليلة العيد وينتهي عقيب صلاة العيد كما هو المشهور ويدل عليه خبر النقاش المتقدم ، وعن الصدوق ضم الظهرين إلى هذه الصلوات الأربع ومستنده خبر الأعمش المتقدم ، والحمل على اختلاف مراتب الفضل هو المتعين ، وعن ابن الجنيد ضم النوافل أيضا ولم يعرف مستنده ، وقيل : إن مستنده هو حسن ذكر الله على كل حال وهو كما ترى.

(٢) ومستند الاستحباب فيه صحيح علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه‌السلام : (سألته عن التكبير أيام التشريق أواجب هو أم لا؟ قال : يستحب فإن نسي فليس عليه شي‌ء) (٢).

(٣) أولها ظهر يوم العيد وآخرها صبح اليوم الثالث عشر كما في خبر الأعمش المتقدم وصحيح زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن التكبير في أيام التشريق في دبر الصلوات فقال : التكبير في منى في دبر خمس عشرة صلاة وفي سائر الأمصار في دبر عشر صلوات ، وأول التكبير في دبر صلاة الظهر يوم النحر تقول فيه : الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر ، الله أكبر ولله الحمد الله أكبر على ما هدانا ، الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام. وإنما جعل في سائر الأمصار في دبر عشر صلوات لأنه إذا نفر الناس في النفر الأول أمسك أهل الأمصار عن التكبير ، وكبّر أهل منى ما داموا بمنى إلى النفر الأخير) (٣).

(٤) أي وبعشر لغير الناسك إن كان بمنى ، لأن التكبير عقيب خمس عشرة كما في الأخبار لمن كان في منى منصرف إلى خصوص الناسك فيها.

(٥) أي ثاني أيام التشريق لمن كان بغير منى أو لغير الناسك بها.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ٦.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢١ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ١٠.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢١ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ٢.

٣١٧

مع قضائها (١) ، ولو نسي التكبير خاصة أتى به حيث ذكر (٢) (وصورته : «الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله ، والله أكبر ، الله أكبر على ما هدانا» (٣) ، ويزيد في) تكبير (الأضحى) على ذلك (الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام) (٤) وروي فيهما (٥) غير ذلك بزيادة ونقصان (٦) ، وفي الدروس اختار : «الله أكبر» ثلاثا ، لا إله إلّا الله ، والله أكبر الحمد لله على ما هدانا وله الشكر على ما أولانا» والكل جائز (٧) ، وذكر الله حسن على كل حال.

(ولو اتفق عيد وجمعة (٨) تخير القرويّ) الذي حضرها في البلد من قرية قريبة

______________________________________________________

(١) أي قضاء هذه الصلاة الفائتة ولو في غير أيام التشريق لعموم اقض ما فات كما فات ، مع أن في الأخبار اختصاص التكبير عقيب هذه الصلوات في أيام التشريق فقط.

(٢) وإن كان الأمر بالتكبير عقيب الصلوات لكن مع النسيان فيؤتى بالتكبير عند الالتفات لقاعدة الميسور والمعسور ، مع أنه قد تقدم صحيح علي بن جعفر بعدم التكبير لو نسيه عقيب الصلاة.

(٣) على المشهور مع زيادة (وله الشكر على ما أولانا) ، والذي يدل على تثنية التكبير أولا خبر النقاش المتقدم المروي في بعض نسخ التهذيب وخبر الأعمش المتقدم ، مع أن خبر النقاش المروي في الكافي والفقيه وأكثر نسخ التهذيب تثليث التكبير أولا كما نقلناه سابقا.

وفي خبر النقاش المتقدم : (لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد) والتحميد الأخير محذوف في قول المشهور ، بل عبارات الأصحاب مختلفة في كيفية التكبير اختلافا فاحشا والعمدة فيه خبر النقاش المتقدم.

(٤) كما في خبر الأعمش المتقدم.

(٥) في التكبيرين في الفطر والأضحى.

(٦) راجع الوسائل الباب. ٢٠ و ٢١. من أبواب صلاة العيد.

(٧) إما لأنه مروي وإما لحسن ذكر الله على كل حال.

(٨) يتخير من صلى العيد في حضور الجمعة على المشهور بين الأصحاب لصحيح الحلبي : (سأل أبا عبد الله عليه‌السلام عن الفطر والأضحى إذا اجتمعا يوم الجمعة فقال : اجتمعا في زمان علي عليه‌السلام فقال : من شاء أن يأتي الجمعة فليأت ومن قعد فلا يضره وليصل الظهر) (١). ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ١.

٣١٨

كانت ، أم بعيدة ، (بعد حضور العيد في حضور الجمعة) فيصلّيها واجبا (١) وعدمه (٢) فتسقط ويصلّي الظهر ، فيكون وجوبها عليه تخييريا (٣) ، والأقوى عموم التخيير (٤) لغير الإمام ، وهو الذي اختاره (٥) المصنف في غيره (٦) أما هو (٧) فيجب عليه الحضور (٨) ، فإن تمت الشرائط صلّاها ، وإلّا سقطت عنه ، ويستحبّ له

______________________________________________________

ـ وخصّ ابن الجنيد الرخصة بالبعيد النائي لخبر إسحاق بن عمار عن جعفر عن أبيه عليهما‌السلام : (إن علي بن أبي طالب عليه‌السلام كان يقول : إذا اجتمع عيدان للناس في يوم واحد فإنه ينبغي للإمام أن يقول للناس في خطبته الأولى إنه قد اجتمع لكم عيدان فأنا أصليهما جميعا ، فمن كان مكانه قاصيا فأحبّ أن ينصرف عن الآخر فقد أذنت له) (١) ، وخبر سلمة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (اجتمع عيدان على عهد أمير المؤمنين عليه‌السلام فخطب الناس فقال : هذا يوم اجتمع فيه عيدان فمن أحبّ أن يجمع معنا فليفعل ، ومن لم يفعل فإن له رخصة ، يعني من كان متنحيا) (٢). وهما صريحان في تخصيص الرخصة بالنائي ولذا عمل بهما جماعة من المتأخرين.

ثم إن الرخصة للمأموم فقط لعدم ظهور النصوص فيما يشمله بل ظاهر خبر إسحاق خلافه فيجب على الإمام الحضور كما قطع بذلك جمع من الأصحاب منهم السيد المرتضى ، فما عن الشيخ في الخلاف من تخيير الإمام أيضا ليس في محله.

وعن القاضي والحلبيين عدم الرخصة لقصور النصوص عن تخصيص أدلة وجوب الجمعة ، وفيه : إن خبر الحلبي صحيح السند ومؤيد بعمل الأصحاب فيتعين العمل به.

(١) أي الجمعة عند حضوره.

(٢) أي عدم الحضور.

(٣) بعد ما كانت عليه عينا.

(٤) للنائي وغيره من المأمومين كما هو المشهور لإطلاق صحيح الحلبي لكن عرفت بلا بدية تقييده.

(٥) أي اختار عموم التخيير.

(٦) في غير هذا الكتاب.

(٧) أي الإمام.

(٨) قد تقدم الكلام فيه.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ٣ و ٢.

٣١٩

إعلام الناس بذلك في خطبة العيد (١).

(ومنها. صلاة الآيات)

جمع آية وهي العلامة ، سمّيت بذلك (٢) الأسباب (٣) المذكورة لأنها علامات على أهوال الساعة ، وأخاويفها (٤) ، وزلازلها ، وتكوير الشمس ، والقمر ، (و) الآيات التي تجب لها الصلاة (هي الكسوفان) (٥) كسوف الشمس ، وخسوف القمر

______________________________________________________

(١) تأسيا بأمير المؤمنين كما في صحيح الحلبي وخبر سلمة المتقدمين ، بل وهو مما ينبغي فعله على كل إمام كما في خبر إسحاق بن عمار المتقدم.

(٢) أي بالآيات.

(٣) نائب فاعل لفعل (سميت) ، وتسمى هذه الصلاة بصلاة الكسوف الشامل لاحتجاب القمرين لكثرة وقوعه بالنسبة إلى غيره من الآيات ، مع ورود أكثر النصوص به ففي صحيح زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام : (كل أخاويف السماء من ظلمة أو ريح أو فزع فصلّ له صلاة الكسوف حتى يسكن) (١) ، وفي خبر الفضل بن شاذان عن الرضا عليه‌السلام : (إنما جعل للكسوف صلاة ، لأنه من آيات الله (تبارك وتعالى) ، لا يدرى الرحمة ظهرت أم لعذاب؟ فأحبّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن تفزع أمته إلى خالقها وراحمها عند ذلك ليصرف عنهم شرها ويقيهم مكروهها ، كما صرف عن قوم يونس حين تضرعوا إلى الله (عزوجل)) (٢).

(٤) جمع أخواف الذي هو جمع خوف.

(٥) بالاتفاق للأخبار منها : خبر علي بن عبد الله عن أبي الحسن موسى عليه‌السلام : (لما قبض إبراهيم بن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جرت فيه ثلاث سنن ، أما واحدة فإنه لما مات انكسفت الشمس فقال الناس : انكسفت الشمس لفقد ابن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فصعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : يا أيها الناس إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله ، يجريان بأمره مطيعان له ، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته ، فإذا انكسفتا أو واحدة منهما فصلوا ، ثم نزل فصلى بالناس صلاة الكسوف) (٣).

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من صلاة الكسوف حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من صلاة الكسوف حديث ٣.

(٣) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب صلاة الكسوف حديث ١٠.

٣٢٠