الزبدة الفقهيّة - ج ٢

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي

الزبدة الفقهيّة - ج ٢

المؤلف:

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي


الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات ذوي القربى
المطبعة: كيميا
الطبعة: ٤
ISBN: 964-6307-55-8
ISBN الدورة:
964-6307-53-1

الصفحات: ٥٥٢

شحمتي أذنيه (١) (كما مرّ) في تكبير الركوع. ولقد كان بيانه (٢) في تكبير الإحرام أولى منه فيه (٣) لأنه أولها (٤) والقول بوجوبه فيه (٥) زيادة. (مستقبل القبلة ببطون)

______________________________________________________

(١) لخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا افتتحت الصلاة فكبرت فلا تجاوز أذنيك) (١) وصحيح صفوان : (رأيت أبا عبد الله عليه‌السلام إذا كبر في الصلاة يرفع يديه حتى يكاد يبلغ أذنيه) (٢).

وأقله محاذاة اليدين للوجه وهو المشهور بين الأصحاب للأخبار منها : صحيح ابن سنان : (رأيت أبا عبد الله عليه‌السلام يصلي يرفع يديه حيال وجهه حين استفتح) (٣).

وخبر ابن سنان الآخر عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله (عزوجل) : (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) ، قال : (هو رفع يديك حذاء وجهك) (٤).

(٢) أي بيان رفع اليدين بالتكبير.

(٣) أي أولى من بيانه في تكبير الركوع.

(٤) أي لأن تكبير الإحرام أول التكبيرات.

(٥) أي وللقول بوجوب رفع اليدين في تكبير الإحرام زيادة على بقية التكبيرات ، وهو المحكي عن الكاتب ومال إليه الأصبهاني في كشفه والكاشاني في مفاتيحه والبحراني في حدائقه ، بل عن الانتصار للسيد المرتضى وجوب رفع اليدين في كل التكبيرات لظاهر الأوامر به وفيه : إن هذه الأوامر ظاهرة في الاستحباب لكونه زينة ، ولصحيح ابن جعفر عن أخيه عليهما‌السلام : (على الإمام أن يرفع يده في الصلاة ليس على غيره أن يرفع يده في الصلاة) (٥) ، ولخبر الفضل بن شاذان عن الرضا عليه‌السلام : (إنما ترفع اليدان بالتكبير لأن رفع اليدين ضرب من الابتهال والتبتل والتضرع ، فأحب الله عزوجل أن يكون العبد في وقت ذكره له متبتلا متضرعا مبتهلا ، ولأن في رفع اليدين إحضار النية وإقبال القلب على ما قال وقصد ، لأن الفرض من الذكر إنما هو الاستفتاح ، وكل سنة فإنما تؤدّى على جهة الفرض ، فلما أن كان في الاستفتاح الذي هو الفرض رفع اليدين أحبّ أن يؤدوا السنة على جهة ما يؤدّى الفرض) (٦).

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث ٥ و ١.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث ٣ و ٤.

(٥) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث ٧.

(٦) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث ١١.

٢٢١

(اليدين) حالة الرفع (١) ، (مجموعة الأصابع مبسوطة الإبهامين) على أشهر القولين (٢) ، وقيل : يضمهما إليها (٣) مبتدئا به (٤) عند ابتداء الرفع ، وبالوضع (٥) عند انتهائه على أصح الأقوال (٦) (والتوجّه بستّ تكبيرات) أوّل الصلاة قبل تكبيرة الإحرام وهو الأفضل (٧) ،

______________________________________________________

(١) أي رفع اليدين ، لخبر منصور : (رأيت أبا عبد الله عليه‌السلام افتتح الصلاة فرفع يديه حيال وجهه واستقبل القبلة ببطن كفيه) (١) ، وخبر جميل : (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قوله (عزوجل) (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) فقال بيده : هكذا ، يعني استقبل القبلة بيديه حذو وجهه القبلة في افتتاح الصلاة) (٢).

(٢) قال في الذكرى : «ولتكن الأصابع مضمومة وفي الإبهام قولان ، وفرقه أولى ، واختاره ابن إدريس تبعا للمفيد وابن البراج وكل ذلك منصوص» وفي المعتبر : «ويستحب ضم الأصابع.

إلى أن قال. وقال علم الهدى وابن الجنيد : يجمع بين الأربع ويفرق بين الإبهام».

وقد ورد في صحيح حماد الوارد في تعليم الصلاة : (فقام أبو عبد الله عليه‌السلام مستقبل القبلة منتصبا فأرسل يديه جميعا على فخذيه قد ضمّ أصابعه) (٣) وخبر زيد النرسي (أنه رأى أبا الحسن الأول عليه‌السلام يصلي فكان إذا كبر في الصلاة ألزق أصابع يديه الإبهام والسبابة والوسطى والتي تليها ، وفرّج بينها وبين الخنصر) (٤) وذيله شاذ كما اعترف غير واحد بذلك. وأما تفريق الإبهام فلم يرد به نص إلا ما أشار إليه الشهيد في الذكرى.

(٣) أي يضم الإبهامين إلى الأصابع.

(٤) أي مبتدئا بالتكبير.

(٥) أي ومبتدئا بالوضع عند الانتهاء من التكبير فإذا انتهى التكبير والرفع أرسلهما.

(٦) بل هو المشهور بين الأصحاب لأنه هو معنى الرفع بالتكبير ، وقيل : يكبر حال الانتهاء من الرفع قبل الإرسال ، وقيل : يكبر حال إرسالهما والنصوص غير ظاهرة في الأخيرين.

(٧) لا خلاف في استحباب التوجه بسبع تكبيرات كما عن المنتهى للأخبار منها : صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (أدنى ما يجزي من التكبير في التوجه إلى الصلاة تكبيرة واحدة ، وثلاث تكبيرات وخمس ، وسبع أفضل) (٥).

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث ٦ و ١٧.

(٣) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب أفعال الصلاة حديث ١.

(٤) مستدرك الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب أفعال الصلاة حديث ٣.

(٥) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث ٩.

٢٢٢

أو بعدها (١) ، أو بالتفريق (٢) في كلّ صلاة فرض ونفل على الأقوى (٣) ، سرا

______________________________________________________

ـ وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا افتتحت الصلاة فكبّر إن شئت واحدة ، وإن شئت ثلاثا ، وإن شئت خمسا ، وإن شئت سبعا ، وكلّ ذلك مجز عنك غير أنك إذا كنت إماما لم تجهر إلا بتكبيرة) (١).

وكون تكبيرة الإحرام هي الأخيرة لما في الفقه الرضوي : (واعلم أن السابعة هي الفريضة وهي تكبيرة الافتتاح وبها تحريم الصلاة) (٢).

(١) بحيث تكون تكبيرة الإحرام هي الأولى وهو المحكي عن البهائي في حواشي الاثني عشرية والجزائري والكاشاني وصاحب الحدائق لصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا افتتحت الصلاة فارفع كفيك ثم ابسطهما بسطا ، ثم كبر ثلاث تكبيرات) (٣).

(٢) بحيث هو مخير في تعيين تكبيرة الإحرام كما صرح بذلك غير واحد وعن المنتهى والذكرى نسبته إلى أصحابنا ، وعن المفاتيح والبحار أنه لا خلاف فيه لإطلاق الأخبار التي تقدم بعضها.

(٣) ففي الجواهر : «لعله المشهور بين المتأخرين» لإطلاق النصوص ، وفي الحدائق دعوى انصرافها إلى خصوص الواجبة أو اليومية ، وعن السيد التخصيص بالفرائض فقط ، والانصراف ممنوع.

نعم ذهب الشيخان والقاضي والعلامة في التحرير والتذكرة ونهاية الأحكام أن التوجيه بسبع تكبيرات مختص بسبعة مواضع وهي : كل صلاة واجبة ، وأول ركعة من صلاة الليل ، ومفردة الوتر ، وأول ركعة من نافلة الظهر ، وأول ركعة من نافلة المغرب ، وأول ركعة من صلاة الإحرام ، والوتيرة ، وعن سلار إبدال صلاة الإحرام بالشفع ، وعن ابن بابويه الاقتصار على الستة الأول بإخراج الوتيرة ، بل ربما نسب الأخير إلى المشهور.

وعن الشيخ الاعتراف بعدم وقوفه على خبر مسند يشهد بهذا الاختصاص وكذا حكي عن الفاضل ، مع أنهما ممن نسب إليهما القول بالاختصاص.

نعم قد ورد في فلاح السائل عن أبي جعفر عليه‌السلام : (افتتح في ثلاثة مواطن بالتوجه والتكبير : في الزوال وصلاة الليل والمفردة من الوتر ، وقد يجزيك فيما سوى ذلك من ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث ٩ و ٣.

(٢) فقه الرضا (ع) باب الصلوات المفروضة ص ١٠٥ تحقيق مؤسسة آل البيت (عم) لإحياء التراث.

(٣) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث ١.

٢٢٣

مطلقا (١) (يكبّر ثلاثا) منها (٢) (ويدعو) بقوله : «اللهمّ أنت الملك الحقّ لا إله إلّا أنت» إلى آخره (٣) ، (واثنتين ويدعو) بقوله : «لبّيك وسعديك» إلى آخره ، (وواحدة)

______________________________________________________

ـ التطوع أن تكبر تكبيرة لكل ركعتين) (١).

وفي الفقه الرضوي (ثم افتتح بالصلاة وتوجه بعد التكبير فإنه من السنة الموجبة في ست صلوات وهي : أول ركعة من صلاة الليل ، والمفردة من الوتر ، وأول ركعة من نوافل المغرب ، وأول ركعة من ركعتي الزوال ، وأول ركعة من ركعتي الإحرام ، وأول ركعة من ركعات الفرائض) (٢).

وحملت هذه الأخبار على تأكد الاستحباب في هذه المواضع وهو الظاهر من المقنعة للمفيد.

(١) أي في جميع الست سواء تقدمت على تكبيرة الإحرام أو تأخرت لخبر أبي بصير المتقدم : (غير أنك إذا كنت إماما لم تجهر إلا بتكبيرة) (٣) ، وصحيح الحلبي (وإن كنت إماما فإنه يجزيك أن تكبر واحدة تجهر فيها وتسر ستا) (٤) ، وخبر الحسن بن راشد : (سألت أبا الحسن الرضا عليه‌السلام عن تكبيرة الافتتاح فقال عليه‌السلام : سبع ، قلت : روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه كان يكبر واحدة ، فقال عليه‌السلام : إن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يكبر واحدة يجهر بها ويسر ستا) (٥).

هذا للإمام ، وأما المأموم فيسر بها كباقي الأذكار وأما المنفرد فيتخير ، وعن الجعفي استحباب الجهر بتكبيرة الإحرام

للجميع ولم يظهر مستنده.

(٢) أي من تكبيرات الإحرام.

(٣) ففي صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا افتتحت الصلاة فارفع كفيك ثم ابسطهما بسطا ثم كبر ثلاث تكبيرات ثم قل : اللهم أنت الملك الحق لا إله إلا أنت ، سبحانك إني ظلمت نفسي فاغفر لي ذنبي ، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ، ثم تكبر تكبيرتين ثم قل : لبيك وسعديك والخير في يديك والشرّ ليس إليك ، والمهدي من هديت ، لا ملجأ منك إلا إليك ، سبحانك وحنانيك ، تباركت وتعاليت ، سبحانك رب البيت ، ثم تكبر تكبيرتين ثم تقول : (وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمٰاوٰاتِ وَالْأَرْضَ) عالم ـ

__________________

(١) مستدرك الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث ١.

(٢) فقه الرضا (ع) باب صلاة الليل ص ١٣٨ تحقيق مؤسسة آل البيت (عم) لإحياء التراث.

(٣) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث ٣.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث ١ و ٢.

٢٢٤

(ويدعو) بقوله : «يا محسن قد أتاك المسي‌ء» إلى آخره (١). وروي أنه يجعل هذا الدعاء قبل التكبيرات (٢) ، ولا يدعو بعد السادسة (٣) ، وعليه المصنف في الذكرى ، مع نقله ما هنا (٤) والدروس والنفلية (٥) ، وفي البيان كما هنا ، والكل حسن (٦). وروي جعلها (٧) ولاء من غير دعاء بينها (٨) ، والاقتصار على خمس ، وثلاث (٩)

______________________________________________________

ـ الغيب والشهادة حنيفا مسلما (وَمٰا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) ، (إِنَّ صَلٰاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيٰايَ وَمَمٰاتِي لِلّٰهِ رَبِّ الْعٰالَمِينَ ، لٰا شَرِيكَ لَهُ وَبِذٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا) من المسلمين ، ثم تعوّذ من الشيطان الرجيم ، ثم اقرأ فاتحة الكتاب) (١).

(١) قال الشارح في شرح النفلية : «وروي الدعاء عقيب السادسة بقوله : يا محسن قد أتاك المسي‌ء وقد أمرت المحسن أن يتجاوز عن المسي‌ء ، وأنت المحسن وأنا المسي‌ء فصل على محمد وآل محمد وتجاوز عن قبيح ما تعلم مني» (٢) وذكره الشهيد في الذكرى إلا أن المشهور هو الأول.

(٢) ورد في فلاح السائل عن ابن أبي عمير عن بكر بن محمد الأزدي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (كان أمير المؤمنين عليه‌السلام يقول لأصحابه : من أقام الصلاة وقال قبل أن يحرم ويكبّر : يا محسن قد أتاك المسي‌ء ، وقد أمرت المحسن أن يتجاوز عن المسي‌ء ، وأنت المحسن وأنا المسي‌ء فبحق محمد وآل محمد صل على محمد وآل محمد وتجاوز عن قبيح ما تعلم مني ، فيقول الله تعالى : ملائكتي اشهدوا أني قد عفوت عنه وأرضيت عنه أهل تبعاته) (٣)

(٣) كما في صحيح الحلبي المتقدم.

(٤) أي مع نقل الشهيد في الذكرى ما ذكره هنا في اللمعة.

(٥) عطف على الذكرى.

(٦) لأنه مروي.

(٧) أي التكبيرات.

(٨) لموثق زرارة : (رأيت أبا جعفر عليه‌السلام أو قال سمعته استفتح الصلاة بسبع تكبيرات ولاء) (٤).

لصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (أدنى ما يجزي من التكبير في التوجه إلى الصلاة ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث ١.

(٢) مستدرك الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث ٦.

(٣) مستدرك الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب القيام حديث ٢.

(٤) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث ٢.

٢٢٥

(ويتوجّه) أي يدعو بدعاء التوجّه وهو : «وجّهت وجهي للّذي فطر السّماوات والأرض» إلى آخره (بعد التحريمة) (١) حيث ما فعلها.

(وتربع المصلي قاعدا) (٢) لعجز ، أو لكونها نافلة بأن يجلس على ألييه وينصب ساقيه ووركيه ، كما تجلس المرأة متشهدة (حال قراءته ، ويثني رجليه حال ركوعه جالسا) بأن يمدّهما ، ويخرجهما من ورائه ، رافعا ألييه عن عقبيه ، مجافيا فخذيه عن طية ركبتيه ، منحنيا قدر ما يحاذي وجهه ما قدام ركبتيه ، (وتورّكه حال تشهده) (٣)

______________________________________________________

ـ تكبيرة واحدة ، وثلاث تكبيرات وخمس ، وسبع أفضل) (١) ، وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا افتتحت الصلاة فكبر إن شئت واحدة ، وإن شئت ثلاثا ، وإن شئت خمسا ، وإن شئت سبعا ، فكل ذلك مجز عنك غير أنك إذا كنت إماما لم تجهر إلا بتكبيرة) (٢).

(١) لصحيح الحلبي المتقدم ، غير أن ظاهر الأخبار أن دعاء التوجه قبل القراءة بعد التكبيرات سواء كانت تكبيرة الإحرام هي السابعة أو لا.

(٢) من يصلي جالسا إما للعجز إذا كانت الصلاة فريضة وإما لكونها نافلة حيث يجوز له الصلاة عن جلوس فيستحب له أن يجلس جلوس القرفصاء وهو أن يرفع فخذيه وساقيه وهو المصرح به في القواعد وغيره بأن يتربع حال القراءة ، وعن المعتبر نسبته إلى مذهبنا وعن المدارك إلى علمائنا لحسنة حمران عن أحدهما عليهما‌السلام : (كان أبي إذا صلى جالسا تربع فإذا ركع ثنى رجليه) (٣) وحمل التربع على القرفصاء مع أنه أحد معانيه ولا ينحصر فيه لكون القرفصاء أقرب إلى القيام من بقية معاني التربع وأما ثني الرجلين فهو افتراش الرجلين تحته بحيث إذا قعد يقعد على صدرهما بعد رفع ألييه عن عقبيه.

(٣) أي حال تشهد المصلي عن جلوس ونسب للشيخ في المبسوط وأتباعه بل وإلى سائر المتأخرين لاستحباب التورّك في مطلق التشهد كما في صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (وإذا قعدت في تشهدك فألصق ركبتيك الأرض وفرّج بينهما شيئا ، وليكن ظاهر قدمك اليسرى على الأرض وظاهر قدمك اليمنى على باطن قدمك اليسرى وأليتاك على الأرض ، وأطراف إبهامك اليمنى على الأرض وإياك والقعود على قدميك فتتأذى بذلك) (٤) ، نعم في الشرائع نسبة التورك حال التشهد لمن يصلي جالسا إلى القيل وعن ابن ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث ٩ و ٣.

(٣) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب القيام حديث ٤.

(٤) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب أفعال الصلاة حديث ٣.

٢٢٦

بأن يجلس على وركه الأيسر كما تقدّم (١) ، فإنه (٢) مشترك بين المصلّي قائما وجالسا ، (والنظر قائما إلى مسجده) (٣) بغير تحديق ، بل خاشعا به ، (وراكعا إلى ما بين رجليه (٤) وساجدا إلى) طرف (أنفه (٥) ، ومتشهدا إلى حجره) (٦) ، كلّ ذلك مروي إلا الأخير فذكره الأصحاب ولم نقف على مستنده.

نعم هو مانع من النظر إلى ما يشغل القلب ففيه مناسبة كغيره.

(ووضع اليدين قائما على فخذيه بحذاء ركبتيه (٧). مضمومة الأصابع) (٨)

______________________________________________________

ـ سعيد في جامعه استحباب التربع له حال التشهد لإطلاق حسنة حمران ، وعن صاحب الجواهر استحباب التربع له بين السجدتين للإطلاق المذكور ، ولكن يمكن القول بأن حسنة حمران ظاهرة فيما قبل الركوع باستحباب التربع وأما ما بعده فلا بد من تحكيم بقية الأدلة.

(١) من معنى التورك.

(٢) أي فإن التورك حال التشهد.

(٣) لصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (إذا قمت في الصلاة فلا تلصق قدمك بالأخرى ، دع بينهما فصلا ، إصبعا أقل ذلك إلى شبر أكثره ، وأسدل منكبيك وأرسل يديك ولا تشبك أصابعك وليكونا على فخذيك قبالة ركبتيك وليكن نظرك إلى موضع سجودك) (١).

(٤) لصحيح زرارة المتقدم : (فإن وصلت أطراف أصابعك في ركوعك إلى ركبتيك أجزأك ذلك. إلى أن قال. وأقم صلبك ومدّ عنقك وليكن نظرك إلى ما بين قدميك) (٢).

(٥) ونسبه الشهيد في الذكرى إلى جماعة من الأصحاب ، وقال في الحدائق : «وهو يؤذن بعدم وقوفه على مستنده وبذلك صرح غيره أيضا ، ومستنده الذي وقفت عليه كتاب الفقه الرضوي حيث قال : ويكون بصرك وقت السجود إلى أنفك ، وبين السجدتين في حجرك ، وكذلك في وقت التشهد» (٣).

(٦) لخبر الفقه الرضوي المتقدم ، وعلله في المنتهى «لئلا يشتغل قلبه عن عبادة الله تعالى».

(٧) لصحيح زرارة المتقدم : (وليكونا على فخذيك قبالة ركبتيك).

(٨) لصحيح حماد : (فقام أبو عبد الله عليه‌السلام مستقبل القبلة منتصبا فأرسل يديه جميعا على فخذيه قد ضمّ أصابعه ، وقرّب بين قدميه حتى كان بينهما ثلاث أصابع مفرجات ، ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب أفعال الصلاة حديث ٣.

(٣) الحدائق ج ٨ ص ٣٠١.

٢٢٧

ومنها الإبهام ، (وراكعا على عيني ركبتيه الأصابع والإبهام مبسوطة) هنا (١) (جمع) (٢) تأكيد لبسط الإبهام والأصابع وهي (٣) مؤنثة سماعية فلذلك أكّدها بما يؤكّد به جمع المؤنث. وذكر الإبهام لرفع الإيهام. وهو تخصيص بعد التعميم لأنها إحدى الأصابع ، (وساجدا بحذاء أذنيه (٤) ، ومتشهدا وجالسا) لغيره (٥) (على فخذيه (٦) كهيئة القيام) في كونها مضمومة الأصابع بحذاء الركبتين.

(ويستحبّ القنوت) (٧) استحبابا مؤكدا ، بل قيل بوجوبه (عقيب قراءة)

______________________________________________________

ـ واستقبل بأصابع رجليه جميعا القبلة لم يحرفهما عن القبلة بخشوع واستكانة) (١).

(١) حال الركوع لصحيح حماد المتقدم (ثم ركع وملأ كفيه من ركبتيه مفرجات).

(٢) أي البسط والتفريق لجميع الأصابع وليس لخصوص الإبهام ، وإنما ذكر الإبهام بعد ذكر الأصابع زيادة في التأكيد لرفع الإيهام في كون التفريج لبقية الأصابع دون الإبهام.

(٣) أي الإصبع.

(٤) لخبر حماد المتقدم : (ثم كبر وهو قائم ورفع يديه حيال وجهه ثم سجد وبسط كفيه مضموتي الأصابع بين ركبتيه حيال وجهه).

(٥) أي لغير التشهد كالجلوس بين السجدتين.

(٦) قال العلامة في التذكرة : «ويستحب وضعهما حالة الجلوس للتشهد وغيره على فخذيه مبسوطتين مضمومتي الأصابع بحذاء عيني ركبتيه ، عند علمائنا لأن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان إذا قعد يدعو يضع يده اليمنى على فخذه اليمنى ويده اليسرى على فخذه اليسرى).

(٧) القنوت لغة هو الخضوع لله والدعاء والطاعة ، وعلى الأخير حمل قوله تعالى : (وَكٰانَتْ مِنَ الْقٰانِتِينَ) (٢) والثاني هو المتعارف بين المتشرعة ، وعلى الأول حمل قوله تعالى : (وَقُومُوا لِلّٰهِ قٰانِتِينَ) (٣).

واستحبابه بالمعنى المتعارف عند المتشرعة على المشهور شهرة عظيمة ، ونسب الوجوب للصدوق ، ويشهد له خبر الفضل بن شاذان عن الرضا عليه‌السلام : (والقنوت سنّة واجبة في الغداة والظهر والعصر والمغرب والعشاء) (٤).

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب أفعال الصلاة حديث ١.

(٢) التحريم الآية : ١٢.

(٣) البقرة الآية : ٢٣٨.

(٤) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب القنوت حديث ٤.

٢٢٨

الثانية) في اليومية مطلقا (١) ، ...

______________________________________________________

ـ وخبر الأعمش عن جعفر بن محمد عليهما‌السلام : (والقنوت في جميع الصلوات سنّة واجبة في الركعة الثانية قبل الركوع وبعد القراءة) (١).

وخبر وهب بن عبد ربه عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (من ترك القنوت رغبة عنه فلا صلاة له) (٢).

ولكنها محمولة على الاستحباب لصحيح البزنطي عن الرضا عليه‌السلام : (قال أبو جعفر عليه‌السلام في القنوت : إن شئت فاقنت وإن شئت فلا تقنت ، قال أبو الحسن عليه‌السلام : وإذا كانت التقية فلا تقنت وأنا أتقلد هذا) (٣). وهو صريح في جواز ترك القنوت عند عدم التقية هذا فضلا عن أن خبر وهب ظاهر في جواز ترك القنوت لا من باب الرغبة عنه.

(١) جهرية كانت أو إخفاتية ، ففي الذكرى نسب إلى ابن أبي عقيل وجوب القنوت في خصوص الجهرية ويشهد له موثق سماعة : (سألته عن القنوت في أي صلاة هو؟ فقال : كل شي‌ء يجهر فيه بالقراءة فيه قنوت) (٤) ولكنه محمول على تأكد الاستحباب لموثق أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن القنوت فقال عليه‌السلام : فيما يجهر فيه بالقراءة ، فقلت له : إني سألت أباك عليه‌السلام عن ذلك فقال عليه‌السلام لي : في الخمس كلها ، فقال عليه‌السلام : رحم الله أبي عليه‌السلام ، إن أصحاب أبي أتوه فسألوه فأخبرهم بالحق ، ثم أتوني شكاكا فأفتيتهم بالتقية) (٥) وهو ظاهر أن التخصيص بالجهرية من أجل التقية وإلا فالقنوت في الجميع بلا فرق بين الجهرية والإخفاتية.

وموثق زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (القنوت في كل الصلوات ، فقال محمد بن مسلم فذكرت ذلك لأبي عبد الله عليه‌السلام فقال : أما ما لا يشك فيه فما جهر فيه بالقراءة) (٦) ويتأكد أكثر من بين الصلوات الجهرية بالصبح والمغرب والجمعة والوتر لصحيح سعد عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام : (سألته عن القنوت ، هل يقنت في الصلوات كلها أم فيما يجهر فيه بالقراءة؟ قال عليه‌السلام : ليس القنوت إلا في الغداة والجمعة والوتر والمغرب) (٧).

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب القنوت حديث ٦ و ١١.

(٣) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب القنوت حديث ١.

(٤) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب القنوت حديث ١.

(٥) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب القنوت حديث ١٠.

(٦ و ٧) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب القنوت حديث ٤ و ٥ و ٦.

٢٢٩

وفي غيرها (١) عدا الجمعة ففيها قنوتان (٢) أحدهما في الأولى قبل الركوع ، والآخر في

______________________________________________________

(١) سواء كانت من النوافل الراتبة أو لا ، بل قال في التذكرة : «وهو مستحب في كل صلاة مرة واحدة فرضا كانت أو نفلا أداء أو قضاء عند علمائنا أجمع» ويدل عليه جملة من الأخبار منها : صحيح عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (سألته عن القنوت فقال عليه‌السلام : في كل صلاة فريضة ونافلة) (١) وصحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام : (القنوت في كل صلاة في الفريضة والتطوع) (٢).

(٢) لا خلاف في أن القنوت المستحب في كل صلاة هو مرة واحدة بعد القراءة وقبل الركوع في الركعة الثانية ويدل عليه جملة من الأخبار منها : خبر الأعمش عن جعفر بن محمد عليهما‌السلام : (والقنوت في جميع الصلوات سنّة واجبة في الركعة الثانية قبل الركوع وبعد القراءة) (٣).

وصحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (ما أعرف قنوتا إلا قبل الركوع) (٤).

وصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (القنوت في كل صلاة في الركعة الثانية قبل الركوع) (٥) ومثله غيره.

نعم ورد في خبر معمر بن يحيى عن أبي جعفر عليه‌السلام : (القنوت قبل الركوع وإن شئت بعده) (٦) وحمله في المعتبر على أن ما قبل الركوع هو الأفضل ، وحمله الشيخ على أن القنوت بعد الركوع هو للقضاء أو حال التقية ، وفيه أن الحمل على التقية لا معنى له لأن العامة لا يقولون بالتخيير ، إلا في الجمعة ففيها قنوتان ففي الركعة الأولى واحد قبل الركوع وفي الركعة الثانية الثاني بعد الركوع على المشهور ويشهد له صحيح أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (سأله بعض أصحابنا وأنا عنده عن القنوت في الجمعة فقال عليه‌السلام له : في الركعة الثانية ، فقال له : قد حدثنا به بعض أصحابنا أنك قلت له في الركعة الأولى ، فقال عليه‌السلام : في الأخيرة ، وكان عنده ناس كثير فلما رأى غفلة منهم قال عليه‌السلام : يا أبا محمد في الأولى والأخيرة ، فقال له أبو بصير بعد ذلك : قبل الركوع أو بعده؟ فقال له أبو عبد الله عليه‌السلام : كل قنوت قبل الركوع ، إلا الجمعة فإن الركعة الأولى القنوت فيها قبل الركوع والأخيرة بعد الركوع) (٧) وصحيح زرارة عن أبي جعفر ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب القنوت حديث ٨ و ١٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب القنوت حديث ٦.

(٤ و ٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب القنوت حديث ٦ و ١ و ٤.

(٧) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب القنوت حديث ١٢.

٢٣٠

الثانية بعده ، والوتر ففيها قنوتان قبل الركوع وبعده (١) ، وقيل يجوز فعل القنوت

______________________________________________________

ـ عليه‌السلام : (على الإمام فيها. أي في الجمعة. قنوتان : قنوت في الركعة الأولى قبل الركوع وفي الركعة الثانية بعد الركوع ، ومن صلاها وحده فعليه قنوت واحد في الركعة الأولى قبل الركوع) (١).

وذهب الصدوق في الفقيه إلى أنها كغيرها فيها قنوت واحد في الركعة الثانية قبل الركوع وهو الظاهر من الحلي في سرائره ، وفيه : إنه طرح لهذه النصوص بلا موجب وعن المفيد في المقنعة والعلامة في المختلف أن في الجمعة قنوتا واحدا في الركعة الأولى للأخبار منها : خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (القنوت قنوت يوم الجمعة في الركعة الأولى بعد القراءة) (٢) وتقدم صحيح زرارة : (ومن صلاها وحده فعليه قنوت واحد في الركعة الأولى قبل الركوع) وهي محمولة على بيان مرتبة من مراتب الفضل وإلا فيردّ علمه إلى أهله.

(١) فالمشهور ذهب إلى قنوت واحد في الوتر قبل الركوع للأخبار الكثيرة منها : صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن القنوت في الوتر فقال عليه‌السلام : قبل الركوع) (٣).

وذهب المحقق في المعتبر وتبعه عليه العلامة في التذكرة والشهيد في الدروس والشارح هنا في الروضة إلى أن في الوتر قنوتين قبل الركوع وبعده لمرسل أحمد بن عبد العزيز الرازي عن أبي الحسن الأول عليه‌السلام : (كان إذا استوى من الركوع في آخر ركعته من الوتر قال : اللهم إنك قلت في كتابك المنزل : (كٰانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مٰا يَهْجَعُونَ* وَبِالْأَسْحٰارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) (٤) طال والله هجوعي وقلّ قيامي ، وهذا السحر وأنا أستغفرك لذنوبي ، استغفار من لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا ، ثم يخر ساجدا) (٥).

وفي رواية الكافي : (كان أبو الحسن الأول عليه‌السلام إذا رفع رأسه من آخر ركعة الوتر قال : هذا مقام من حسناته نعمة منك وشكره ضعيف وذنبه عظيم وليس له إلا رفقك ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب القنوت حديث ٤.

(٢) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب القنوت حديث ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من أبواب القنوت حديث ٥.

(٤) الذاريات الآية : ١٧ ـ ١٨.

(٥) مستدرك الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب القنوت حديث ١ و ٢.

٢٣١

مطلقا (١) قبل الركوع وبعده ، وهو حسن للخبر (٢) ، وحمله على التقية ضعيف لأن العامة لا يقولون بالتخيير ، وليكن القنوت (بالمرسوم) على الأفضل (٣) ، ويجوز بغيره

______________________________________________________

ـ ورحمتك ، فإنك قلت في كتابك المنزل على نبيك المرسل صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) (١) ثم ذكر بقية الخبر المتقدم.

وأشكل عليه بأن استحباب الدعاء المذكور لا يستلزم استحباب قنوت آخر إذ ليس كل دعاء قنوتا وإلا لزم استحباب القنوت في الركوع والسجود وفيما بين السجدتين إلى غير ذلك من الموارد وهذا مما لا يمكن الالتزام به.

(١) سواء نسيه قبل الركوع أو لا.

(٢) وهو خبر معمر بن يحيى وقد تقدم وتقدم الكلام فيه.

(٣) ذكر أكثر من واحد استحباب أن يقنت بالأدعية الواردة عن الأئمة عليهم‌السلام للتأسي بهم.

والأفضل كلمات الفرج كما ذكره الشيخ وجماعة بل عن البحار نسبته إلى الأصحاب ، بل عن السيد والحلي : «رُوي أنها. أي كلمات الفرج. أفضله» ، وقد ورد الأمر بدعاء الفرج في خبر أبي بصير. الوارد في قنوت الجمعة. عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (القنوت قنوت يوم الجمعة في الركعة الأولى بعد القراءة تقول في القنوت : لا إله إلا الله الحليم الكريم ، لا إله إلا الله العلي العظيم ، لا إله إلا الله رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع وما فيهن وما بينهن ورب العرش العظيم والحمد لله رب العالمين ، اللهم صل على محمد وآله كما هديتنا به ، اللهم صل على محمد وآله كما أكرمتنا به ، اللهم اجعلنا ممن اخترته لدينك وخلقته لجنتك ، اللهم لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب) (٢).

وفي الفقه الرضوي : (وقل في قنوتك بعد فراغك من القراءة قبل الركوع : اللهم أنت الله لا إله إلا أنت الحليم الكريم ، لا إله إلا أنت العلي العظيم ، سبحانك رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع ، وما فيهن وما بينهن ورب العرش العظيم ، يا الله ليس كمثله شي‌ء صل على محمد وآل محمد واغفر لي ولوالدي ولجميع المؤمنين والمؤمنات إنك على كل شي‌ء قدير ، ثم اركع) (٣) وهو ظاهر في استحبابه في كل صلاة مع اختلاف بألفاظ الدعاء مع الخبر المتقدم.

__________________

(١) مستدرك الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب القنوت حديث ١ و ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب القنوت حديث ٤.

(٣) مستدرك الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب القنوت حديث ٤ و ٧.

٢٣٢

(وأفضله كلمات الفرج) وبعدها (١) «اللهمّ اغفر لنا وارحمنا وعافنا واعف. عنّا في الدّنيا والآخرة إنّك على كلّ شي‌ء قدير» (٢) ،

______________________________________________________

ـ وقال الشهيد في الذكرى : «واختار ابن أبي عقيل الدعاء بما روي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام في القنوت : اللهم إليك شخصت الأبصار ونقلت الأقدام ورفعت الأيدي ومدّت الأعناق ، وأنت دعيت بالألسن وإليك سرهم ونجواهم في الأعمال ، ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين ، اللهم إنا نشكو إليك فقد نبينا وغيبة إمامنا وقلة عددنا وكثرة عدونا وتظاهر الأعداء علينا ووقوع الفتن بنا ، ففرّج ذلك اللهم بعدل تظهره وإمام حق نعرفه ، إله الحق آمين رب العالمين.

قال : وبلغني أن الصادق عليه‌السلام كان يأمر شيعته أن يقنتوا بهذا بعد كلمات الفرج» (١) وهذا ظاهر في معروفية القنوت بدعاء الفرج بين أصحاب الإمام عليه‌السلام.

هذا واعلم أن النصوص اختلفت في ألفاظ دعاء الفرج والعمدة على صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام الوارد في تلقين المحتضر : (إذا أدركت الرجل عند النزع فلقنه كلمات الفرج : لا إله إلا الله الحليم الكريم ، لا إله إلا الله العلي العظيم ، سبحان الله رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع وما فيهن وما بينهن ورب العرش العظيم ، والحمد لله رب العالمين) (٢).

وذكر المفيد وجماعة أن يقول قبل التحميد : «وسلام على المرسلين» ، نعم روى سليمان بن حفص المروزي عن أبي الحسن الثالث يعني الهادي عليه‌السلام : (لا تقل في صلاة الجمعة في القنوت : سلام على المرسلين) (٣) وقيل : إن النهي لاحتمال أنه من التسليم المحلّل ، وفيه : إنه لا يصح التحليل به قبل تمامية بقية أجزاء الصلاة والذي يخفف الخطب ضعف الخبر.

(١) أي بعدها في الفضيلة لا في الذكر.

(٢) فقد ورد هذا الدعاء في جملة من النصوص منها : صحيح سعد بن أبي خلف عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (يجزيك في القنوت : اللهم اغفر لنا وارحمنا وعافنا واعف عنا في الدنيا والآخرة إنك على كل شي‌ء قدير) (٤).

__________________

(١) مستدرك الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب القنوت حديث ٤ و ٧.

(٢) الوسائل الباب ـ ٣٨ ـ من أبواب الاحتضار حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب القنوت حديث ٦.

(٤) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب القنوت حديث ١.

٢٣٣

(وأقله سبحان الله ثلاثا (١) أو خمسا) (٢).

ويستحب رفع اليدين به موازيا لوجهه (٣) ، بطونهما إلى السماء (٤) ، مضمومتي الأصابع إلا الإبهامين (٥) ، والجهر به للإمام والمنفرد ، والسّرّ للمأموم (٦) ، ويفعله الناسي قبل الركوع بعده (٧) ، ...

______________________________________________________

(١) لخبر أبي بكر بن أبي سماك عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (يجزي من القنوت ثلاث تسبيحات) (١).

(٢) لخبر أبي بصير عنه عليه‌السلام : (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام : عن أدنى القنوت ، فقال عليه‌السلام : خمس تسبيحات) (٢) ومرسل حريز عن أبي جعفر عليه‌السلام : (يجزيك من القنوت خمس تسبيحات في ترسل) (٣).

(٣) وقد نسب إلى الأصحاب كما عن المعتبر والذكرى ويدل عليه صحيح ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (ترفع يديك في الوتر حيال وجهك) (٤) مع القطع بعدم الفرق بين قنوت الوتر وقنوت غيرها. وعن المفيد أنه يرفع يديه حيال صدره ووجهه غير ظاهر.

(٤) نسب إلى الأصحاب كما عن المعتبر والذكرى ، وهو كاف للتسامح في أدلة السنن ، نعم استدل عليه بصحيح ابن سنان المتقدم : (وتتلقى بباطنهما السماء) لكن هذه الزيادة وإن ذكرت في المعتبر والذكرى لكنها غير موجودة في الوسائل بل وفي التهذيب والفقيه وهما قد أوردا الخبر.

(٥) قال في الجواهر : «وكذا لم أقف في شي‌ء مما وصلني من النصوص على الأمر بتفريق الإبهامين وضم الأصابع في خصوص القنوت».

(٦) يستحب الجهر بالقنوت سواء كانت الصلاة جهرية أو إخفاتية لصحيح زرارة : (قال أبو جعفر عليه‌السلام : القنوت كله جهار) (٥) إلا المأموم فيستحب له الإسرار لخبر أبي بصير : (ينبغي للإمام أن يسمع خلفه كلما يقول ، ولا ينبغي لمن خلف الإمام أن يسمعه شيئا مما يقول) (٦) وفيه : إنه أعم من الإخفات ومن عدم الجهر به على نحو يسمعه الإمام فلو جهر به بحيث لا يسمعه الإمام فلا نهي عنه.

(٧) أي بعد الركوع للأخبار منها : صحيح محمد بن مسلم وزرارة بن أعين (سألنا أبا جعفر ـ

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب القنوت حديث ٣ و ١ و ٢.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب القنوت حديث ١.

(٥) الوسائل الباب ـ ٢١ ـ من أبواب القنوت حديث ١.

(٦) الوسائل الباب ـ ٥٢ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ٣.

٢٣٤

وإن قلنا (١) بتعينه قبله (٢) اختيارا فإن لم يذكره حتى تجاوز (٣) قضاه بعد الصلاة جالسا ، ثم في الطريق مستقبلا (٤) (ويتابع المأموم إمامه فيه) وإن كان مسبوقا (٥).

(وليدع فيه (٦) وفي أحوال الصلاة (٧) لدينه ودنياه من المباح) ، والمراد به

______________________________________________________

ـ عن الرجل ينسى القنوت حتى يركع ، قال عليه‌السلام : يقنت بعد الركوع ، فإن لم يذكر فلا شي‌ء عليه) (١).

وصحيح ابن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن القنوت ينساه الرجل ، فقال : يقنت بعد ما يركع ، فإن لم يذكر حتى ينصرف فلا شي‌ء عليه) (٢).

(١) إن وصلية.

(٢) أي بتعين القنوت قبل الركوع وقد تقدم الكلام فيه.

(٣) أي تجاوز الركوع بحيث دخل في السجود فيقضيه بعد الصلاة لصحيح أبي بصير : (سمعته يذكر عند أبي عبد الله عليه‌السلام قال في الرجل إذا سها عن القنوت : قنت بعد ما ينصرف وهو جالس) (٣).

(٤) أي مستقبلا للقبلة لصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (رجل نسي القنوت فذكره وهو في بعض الطريق فقال عليه‌السلام : يستقبل القبلة ثم ليقله ، ثم قال : إني لأكره للرجل أن يرغب عن سنّة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أو يدعها) (٤).

(٥) بحيث كان الإمام في الثانية والمأموم في الأولى ففي موثق عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في الرجل يدخل الركعة الأخيرة من الغداة مع الإمام فقنت الإمام أيقنت معه؟ قال عليه‌السلام نعم ويجزيه من القنوت لنفسه) (٥).

(٦) أي في قنوت الصلاة ، ففي صحيح إسماعيل بن الفضل : (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن القنوت وما يقال فيه ، قال عليه‌السلام : ما قضى الله على لسانك ولا أعلم فيه شيئا موقتا) (٦) ومثله غيره.

(٧) عند الركوع والسجود لصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (كلما ذكرت الله عزوجل والنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فهو من الصلاة) (٧) ومثله غيره.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من أبواب القنوت حديث ١ و ٢.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب القنوت حديث ٢ و ١.

(٥) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب القنوت حديث ١.

(٦) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب القنوت حديث ١.

(٧) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب قواطع الصلاة حديث ٢.

٢٣٥

هنا (١) مطلق الجائز (٢) وهو غير الحرام ، (وتبطل) الصلاة (لو سأل المحرّم) (٣) مع علمه بتحريمه ، وإن جهل الحكم الوضعي وهو البطلان. أما جاهل تحريمه ففي عذره وجهان (٤) أجودهما العدم (٥) ، صرّح به في الذكرى وهو ظاهر الإطلاق هنا

(والتعقيب) (٦) وهو الاشتغال عقيب الصلاة بدعاء ، أو ذكر

______________________________________________________

(١) أي المراد بالمباح في القنوت والدعاء.

(٢) فيشمل المباح.

(٣) ذكر أكثر من واحد بعدم جواز الدعاء لطلب الحرام وفي المنتهى الإجماع عليه وهو العمدة لاعتراف جماعة بعدم الوقوف على خبر أو أثر يدل عليه سوى الإجماع المذكور.

وفي التذكرة الإجماع على بطلان الصلاة به وكذا في كشف اللثام فإن تم فهو وإلا فيشكل الحكم بالبطلان للشك في شمول قدح الكلام الموجب لبطلان الصلاة لمثله ، فقد ورد في صحيح علي بن مهزيار عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام : (سألته عن الرجل يتكلم في صلاة الفريضة بكل شي‌ء يناجي به ربه قال عليه‌السلام : نعم) (١) وهو شامل له وإن كان يحرم السؤال به.

نعم إذا دعا على شخص ظلما فلا يجوز لصحيح هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إن العبد ليكون مظلوما فلا يزال يدعو حتى يكون ظالما) (٢) وظاهره حرمة ظلم الغير بالدعاء وهو موجب للبطلان لأن النهي في العبادات مفسد وإن كان جاهلا بالبطلان.

وأما إذا كان الدعاء على الغير بغير ظلم فهو جائز ففي صحيح ابن سنان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام: (تدعو في الوتر على العدو وإن شئت سميتهم) (٣) وخبر عبد الله بن هلال عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد قنت ودعا على قوم بأسمائهم وأسماء آبائهم وعشائرهم) (٤) وفي مكاتبة إبراهيم بن عقبة إلى أبي الحسن عليه‌السلام : (جعلت فداك قد عرفت بعض هؤلاء الممطورة فأقنت عليهم في صلاتي؟ قال عليه‌السلام : نعم ، أقنت عليهم في صلاتك) (٥).

(٤) وجه البطلان أنه لا فرق بين العالم والجاهل في مبطلات الصلاة وهذا منها ، ووجه عدم البطلان : أن الجهل عذر عقلا وشرعا.

(٥) أي عدم العذر.

(٦) استحباب التعقيب من ضروريات الدين كما في الجواهر ففي خبر حماد بن عيسى عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إن الله فرض عليكم الصلوات الخمس في أفضل الساعات فعليكم ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب قواطع الصلاة حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٥٣ ـ من أبواب الدعاء حديث ١.

(٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب القنوت حديث ١ و ٢ و ٣.

٢٣٦

وهو (١) غير منحصر ، لكثرة ما ورد منه عن أهل البيت عليهم‌السلام (وأفضله التكبير ثلاثا) (٢) ، رافعا بها يديه إلى حذاء أذنيه ، واضعا لهما على ركبتيه أو قريبا

______________________________________________________

ـ بالدعاء في أدبار الصلوات) (١) وفي خبر مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (كان أبي يقول في قول الله تبارك وتعالى : (فَإِذٰا فَرَغْتَ فَانْصَبْ وَإِلىٰ رَبِّكَ فَارْغَبْ) فإذا قضيت الصلاة بعد أن تسلّم وأنت جالس فانصب في الدعاء من أمر الدنيا والآخرة ، فإذا فرغت من الدعاء فارغب إلى الله (عزوجل) أن يتقبلها منك) (٢).

وخبر علي بن جعفر عن أخيه عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (ما من مؤمن يؤدي فريضة من فرائض الله إلا كان له عند أدائها دعوة مستجابة) (٣) وفي النبوي : (من صلى فريضة فله عند الله دعوة مستجابة) (٤).

وهي صريحة في كون التعقيب هو الدعاء في دبر الصلاة ، إلا أن التعقيب يشمل الذكر لخبر حماد بن عثمان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (تكون للرجل الحاجة يخاف فوتها فقال : يدلج وليذكر الله عزوجل فإنه في تعقيب ما دام على وضوئه) (٥).

وقد ورد الحث الشديد عليه ففي خبر الوليد بن صبيح عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (التعقيب أبلغ في طلب الرزق من الضرب في البلاد) (٦) ومرسل منصور بن يونس عن أبي عبد الله عليه‌السلام (من صلى صلاة فريضة وعقب إلى أخرى فهو ضيف الله ، وحق على الله أن يكرم ضيفه) (٧).

ومعالجة النفس وتصبرها على التعقيب وعدم اشتغالها بالأمور الدنيوية مما لا يطيقه إلا ذو حظ عظيم لذا ورد في خبر عبد الله بن محمد عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (ما عالج الناس شيئا أشد من التعقيب) (٨).

(١) أي التعقيب غير منحصر بذكر أو دعاء خاص.

(٢) لخبر زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (إذا سلمت فارفع يديك بالتكبير ثلاثا) (٩) وخبر المفضل بن عمر : (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : لأي علة يكبّر المصلي بعد التسليم ثلاثا يرفع بها يديه؟ فقال عليه‌السلام : لأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لما فتح مكة صلّى بأصحابه الظهر عند ـ

__________________

(١ و ٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب التعقيب حديث ٦ و ٧ و ١٢ و ١٥.

(٥) الوسائل الباب ـ ١٧ من أبواب التعقيب حديث ٣.

(٦) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب التعقيب حديث ١.

(٧ و ٨) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب التعقيب حديث ٥ و ٢.

(٩) مستدرك الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب التعقيب حديث ٤.

٢٣٧

منهما (١) مستقبلا بباطنهما القبلة (٢) ، (ثم التهليل بالمرسوم) وهو «لا إله إلّا الله إلها واحدا ونحن له مسلمون» (٣) ... إلخ.

(ثم تسبيح الزهراء) ، وتعقيبها بثم من حيث الرتبة لا الفضيلة ، وإلّا فهي أفضله (٤) مطلقا ، بل روي أنها أفضل من ألف ركعة لا تسبيح عقبها (٥) (وكيفيتها)

______________________________________________________

ـ الحجر الأسود ، فلما سلّم رفع يديه وكبّر ثلاثا وقال : لا إله إلا الله وحده وحده ، أنجز وعده ونصر عبده وأعز جنده وغلب الأحزاب وحده ، فله الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شي‌ء قدير ، ثم أقبل على أصحابه فقال : لا تدعوا هذا التكبير وهذا القول في دبر كل صلاة مكتوبة ، فإن من فعل ذلك بعد التسليم وقال هذا القول كان قد أدّى ما يجب عليه من شكر الله تعالى على تقوية الإسلام وجنده) (١).

(١) ليتحقق معنى تعدد الرفع.

(٢) كما عن المفيد لما ورد في تكبيرة الإحرام ولعله لكون كيفية التكبير في الجميع واحدة.

(٣) أورد في البحار نقلا عن مصباح الشيخ : «ثم يسلّم ثم يرفع يديه بالتكبير إلى حيال أذنيه فيكبر ثلاث تكبيرات في ترسل واحد ثم يقول ما ينبغي أن يقال عقيب كل فريضة وهو : لا إله إلا الله إلها واحدا ونحن له مسلمون ، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره المشركون ، لا إله إلا الله ربنا ورب آبائنا الأولين ، لا إله إلا الله وحده وحده وحده صدق عبده وأنجز وعده ونصر عبده وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده ، فله الملك وله الحمد يحيي ويميت ويميت ويحيي وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شي‌ء قدير» (٢) وقال المجلسي بعد ذلك : «فأما التهليلات الأول إلى قوله ورب آبائنا الأولين فلم أرها في رواية ، وفي النهاية ذكر الأوليين إلى قوله ولو كره الكافرون وترك الثالثة وقوله لا إله إلا الله وحده».

(٤) أي تسبيحات الزهراء أفضل التعقيب ففي خبر صالح بن عقبة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (ما عبّد الله بشي‌ء من التحميد أفضل من تسبيح فاطمة ، ولو كان شي‌ء أفضل منه لنحله رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فاطمة) (٣).

(٥) ففي خبر أبي خالد القماط عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (تسبيح فاطمة عليها‌السلام في كل يوم في دبر كل صلاة أحب إليّ من صلاة ألف ركعة في كل يوم) (٤).

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب القنوت حديث ٢.

(٢) البحار ج ٨٣ ص ٤٣ باب سائر ما يستحب عقيب كل صلاة حديث ٥٤.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب التعقيب حديث ١ و ٢.

٢٣٨

(أن يكبّر أربعا وثلاثين) مرّة (ويحمد ثلاثا وثلاثين ويسبح ثلاثا وثلاثين (١) ثم)

______________________________________________________

ـ وفي خبر زرارة بن أعين عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (تسبيح فاطمة عليها‌السلام الزهراء من الذكر الكثير الذي قال الله (عزوجل) : (اذْكُرُوا اللّٰهَ ذِكْراً كَثِيراً)) (١).

وخبر أبي هارون المكفوف عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (يا أبا هارون إنا نأمر صبياننا بتسبيح فاطمة عليها‌السلام كما نأمرهم بالصلاة ، فالزمه فإنه لم يلزمه عبد فشقى) (٢).

وخبر محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام : (من سبّح تسبيح فاطمة عليها‌السلام ثم استغفر غفر له ، وهي مائة باللسان وألف في الميزان وتطرد الشيطان وترضي الرحمن) (٣).

وخبر ابن أبي نجران عن رجل عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (من سبح الله في دبر الفريضة تسبيح فاطمة المائة مرة وأتبعها بلا إله إلا الله مرة غفر له) (٤).

وفي خبر ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (من سبّح تسبيح فاطمة عليها‌السلام منكم قبل أن يثني رجليه من المكتوبة غفر له) (٥).

(١) على المشهور بين الأصحاب شهرة عظيمة بل في الوسائل عليه عمل الطائفة ويشهد له جملة من النصوص منها : خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في تسبيح فاطمة عليها‌السلام تبدأ بالتكبير أربعا وثلاثين ثم التحميد ثلاثا وثلاثين ثم التسبيح ثلاثا وثلاثين) (٦).

وصحيح ابن عذافر : (دخلت مع أبي على أبي عبد الله عليه‌السلام فسأله أبي عن تسبيح فاطمة فقال : الله أكبر حتى أحصى أربعا وثلاثين مرة ثم قال : الحمد لله حتى بلغ سبعا وستين ثم قال سبحان الله حتى بلغ مائة ، يحصيها بيده جملة واحدة) (٧).

خلافا للصدوق والإسكافي من تقديم التسبيح على التحميد لخبر المفضل بن عمر عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (سبح تسبيح فاطمة عليها‌السلام وهو : الله أكبر أربعا وثلاثين مرة وسبحان الله ثلاثا وثلاثين مرة والحمد لله ثلاثا وثلاثين مرة ، فو الله لو كان شي‌ء أفضل منه لعلّمه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إياها) (٨).

ومرسل الفقيه عن أمير المؤمنين عليه‌السلام : (إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال له ولفاطمة : ألا أعلمكما ما هو خير لكما من الخادم ، إذا أخذتما منامكما فكبّرا أربعا وثلاثين تكبيرة ـ

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب التعقيب حديث ١ و ٢ و ٣.

(٤) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب التعقيب حديث ٣.

(٥) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب التعقيب حديث ٥.

(٦ و ٧) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب التعقيب حديث ٢ و ١.

(٨) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب التعقيب حديث ٣.

٢٣٩

(الدعاء) بعدها بالمنقول (١) ، ...

______________________________________________________

ـ وسبّحا ثلاثا وثلاثين تسبيحة واحمدا ثلاثا وثلاثين تحميدة ، فقالت فاطمة : رضيت عن الله وعن رسوله) (١) وقد رواه في العلل بسند أكثر رجاله من العامة. ومثلهما خبر داود بن فرقد (٢) ، والتوقيع الوارد في الاحتجاج (٣) ، لكن الشهرة وعمل الأصحاب على الطائفة الأولى من تقديم التحميد على التسبيح.

ويستحب أن يكون التسبيح بسبحة من طين قبر الحسين صلوات الله عليه ففي خبر الحسن بن محبوب : (أن أبا عبد الله عليه‌السلام سئل عن استعمال التربتين من طين قبر حمزة والحسين عليه‌السلام والتفاضل بينهما ، فقال عليه‌السلام : السبحة التي من طين قبر الحسين عليه‌السلام تسبح بيد الرجل من غير أن يسبح) (٤) ، وفي مرسل الطبرسي عن أبي عبد الله الصادق عليه‌السلام : (من أدار سبحة من تربة الحسين عليه‌السلام مرة واحدة بالاستغفار أو غيره كتب الله له سبعين مرة ، وأن السجود عليها يخرق الحجب السبع) (٥).

(١) أي بما ورد عن النبي والأئمة عليهم‌السلام ، وهي كثيرة جدا منها : ما ورد في صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (أقل ما يجزيك من الدعاء بعد الفريضة أن تقول : اللهم إني أسألك من كل خير أحاط به علمك وأعوذ بك من كل شر أحاط به علمك ، اللهم إني أسألك عافيتك في أموري كلها ، وأعوذ بك من خزي الدنيا وعذاب الآخرة) (٦).

وخبر محمد الواسطي : (سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : لا تدع في دبر كل صلاة : أعيذ نفسي وما رزقني ربي بالله الواحد الأحد الصمد حتى تختمها ، وأعيذ نفسي وما رزقني ربي برب الفلق حتى تختمها ، وأعيذ نفسي وما رزقني ربي برب الناس حتى تختمها) (٧).

وفي خبر الحسين بن حماد عن أبي جعفر عليه‌السلام (من قال دبر صلاة الفريضة قبل أن يثني رجليه : أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم ذا الجلال والإكرام وأتوب إليه ، ثلاث مرات غفر الله له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر) (٨).

وفي خبر ابن مهزيار : (كتب محمد بن إبراهيم إلى أبي الحسن عليه‌السلام : إن رأيت يا سيدي أن تعلمني دعاء أدعو به في دبر صلواتي ، يجمع الله لي به خير الدنيا والآخرة ، فكتب عليه‌السلام : تقول : أعوذ بوجهك الكريم وعزتك التي لا ترام وقدرتك التي لا ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب التعقيب حديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب التعقيب حديث ٩.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢١ ـ من أبواب التعقيب حديث ٤.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب التعقيب حديث ٢ و ٤.

(٦) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب التعقيب حديث ١.

(٧ و ٨) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب التعقيب حديث ٣ و ٤.

٢٤٠