الزبدة الفقهيّة - ج ٢

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي

الزبدة الفقهيّة - ج ٢

المؤلف:

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي


الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات ذوي القربى
المطبعة: كيميا
الطبعة: ٤
ISBN: 964-6307-55-8
ISBN الدورة:
964-6307-53-1

الصفحات: ٥٥٢

الأفق ، فإن الشمس إذا طلعت وقع ـ لكلّ شاخص قائم (١) على سطح الأرض (٢) بحيث يكون (٣) عمودا على سطح الأفق (٤) ـ ظل طويل (٥) إلى جهة المغرب ، ثم لا يزال ينقص كلما ارتفعت الشمس حتى تبلغ وسط السماء (٦) فينتهي النقصان إن كان عرض المكان المنصوب فيه المقياس (٧) مخالفا لميل الشمس في المقدار (٨) ويعدم

______________________________________________________

(١) بحيث يكون قيامه مستويا بتسعين درجة من الجوانب الأربعة.

(٢) وإذا كان مستويا يكون أحسن.

(٣) اسمها ضمير راجع إلى الشاخص.

(٤) أي سطح الأرض.

(٥) فاعل ل (وقع).

(٦) وهو خط وهمي مسامت لرأس الشاخص مارا بقطبي الجنوب والشمال يقسّم دائرة الفلك إلى قسمين متساويين.

(٧) أي الشاخص المنصوب على سطح الأرض.

(٨) اعلم أن الشمس في أول يوم من فصل الربيع ـ وهو أول يوم من أيام انتقالها إلى برج الحمل ـ تشرق على خط الاستواء وتسير عليه وتغرب عليه ثم تنحرف نحو الشمال شيئا فشيئا حتى اليوم الأخير من فصل الربيع وهو نهاية برج الجوزاء ، وتكون في نهاية الارتفاع على مدار السرطان ، ثم تأخذ بالرجوع في فصل الصيف إلى آخره حتى تشرق في أول يوم الخريف من نفس المكان الذي أشرقت فيه في أول يوم من فصل الربيع وهما المسميان بيوم الاعتدال الربيعي وبيوم الاعتدال الخريفي.

ثم تأخذ بالانحراف جنوبا حتى نهاية فصل الخريف وتكون في نهاية انخفاضها على مدار الجدي ثم في فصل الشتاء ترجع إلى نقطة الاعتدال الربيعي. وهذه هي دورة الشمس على مدار السنة بالنسبة لخطوط العرض.

فمراد الشارح أن الشاخص إن نصب في مكان على خط عرض مخالف لخط العرض الذي تشرق عليه الشمس فلا ينعدم الظل عند الزوال بل يبقى منه شي‌ء وإن كان الشاخص على خط عرض تشرق عليه الشمس في ذلك اليوم فينعدم ظله عند الزوال.

فمثلا لو نصب الشاخص على خط الاستواء في يومي الاعتدال الربيعي والخريفي أو نصب على مدار السرطان في نهاية فصل الصيف أو نصب على مدار الجدي في نهاية فصل الخريف فلا محالة ينعدم ظله وقت الزوال وهكذا.

هذا واعلم أن الشاخص المنصوب بعد مدار السرطان باتجاه الشمال وبعد مدار الجدي باتجاه الجنوب لا ينعدم ظله في أيام السنة كلها لعدم المسامتة بين خطه والخط الذي ـ

٢١

الظل أصلا إن كان بقدره (١) ، وذلك في كلّ مكان يكون عرضه مساويا للميل الأعظم للشمس أو أنقص (٢) عند ميلها (٣) بقدره (٤) وموافقته له (٥) في الجهة (٦).

ويتفق (٧) في أطول أيام السنة (٨) تقريبا (٩) في مدينة الرسول (صلى الله عليه)

______________________________________________________

تشرق عليه الشمس.

ثم اعلم أن أي شاخص يوضع ما بين مدار السرطان ومدار الجدي وهو مدار نهاية ارتفاع الشمس إلى الشمال ونهاية انخفاضها نحو الجنوب ينعدم ظله يومين في السنة ، يوما عند ارتفاعها ويوما عند رجوعها هذا إذا كان بالجهة الشمالية ، أو يوما عند هبوطها ويوما عند رجوعها إن كان في الجهة الجنوبية لخط الاستواء ، نعم إذا نصب الشاخص على عين مدار الجدي أو السرطان فلا ينعدم فيه الظل عند الزوال إلا يوما واحدا وهو يوم غاية ارتفاعها إذا كان على مدار السرطان وهو يوم غاية انخفاضها إذا كان على مدار الجدي.

(١) بأن كان الشاخص وشروق الشمس وسيرها على خط واحد من خطوط العرض.

(٢) اعلم أن المراد من الميل الأعظم للشمس هو سيرها فوق خطي السرطان والجدي أي سيرها في غاية ارتفاعها وسيرها في غاية انخفاضها ، فإذا كان الشاخص على هذين الخطين فينعدم ظله يوما في السنة عند ما تكون الشمس في غاية ارتفاعها وغاية انخفاضها ، وهذا هو المراد بقول الشارح : «يكون عرضه مساويا للميل الأعظم للشمس».

وأما إذا كان الشاخص على خط عرض ما بين مدار السرطان ومدار الجدي فيكون هذا الخط أنقص من خط الميل الأعظم للشمس فالشاخص المنصوب عليه ينعدم ظله إذا أشرقت الشمس على خطه وهذا يتحقق في يومين من أيام السنة كما تقدم.

(٣) ميل الشمس.

(٤) فلو كان بعيدا عن خط الاستواء بدرجتين فلا بد أن تكون الشمس بحسب شروقها وسيرها بعيدة بدرجتين أيضا.

(٥) أي موافقة الميل للقدر.

(٦) بأن يكون الخط بعيدا عن الاستواء بدرجتين من الجهة الشمالية مثلا وكذلك ميل الشمس وشروقها وغروبها ، أما لو كان بعيدا من خط الاستواء بدرجتين شمالا وكان ميل الشمس شروقا وغروبا بعيدا عن الاستواء بدرجتين جنوبا فلا ينعدم الظل بل يكون ظله شماليا.

(٧) أي يتفق الانعدام.

(٨) وهو نهاية فصل الربيع عند ما تكون الشمس على مدار السرطان.

(٩) لا تحقيقا ، لأن خط المدينة (على مشرفها آلاف التحية والسلام) ليس على خط السرطان، ـ

٢٢

(وآله وسلم) وما قاربها في العرض ، وفي مكة (١) قبل الانتهاء (٢) بستة وعشرين يوما ، ثم يحدث ظلّ جنوبي (٣)

______________________________________________________

لأن خط السرطان على درجة أربع وعشرين من خطوط العرض والمدينة على خط خمسة وعشرين درجة إلا أن الظل لا يكاد يظهر للحس عند الزوال ولذا قال الشارح في المقاصد العلية : «والأولى التمثيل بأطول أيام السنة بمدينة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فإن عرضها يناسب الميل الأعظم للشمس وإن خالفه بدقائق لا تكاد تظهر للحس».

(١) ذهب جماعة منهم الشهيد في الذكرى والدروس والمحقق الثاني في جامع المقاصد وحاشية الإرشاد أن انعدام الظل يتم في مكة وصنعاء في أطوال أيام السنة وهو حين نزول الشمس على مدار السرطان.

وقال الشارح في المقاصد العلية : إنه فاسد قطعا وإن الشمس تسامت رءوس أهل مكة وصنعاء مرتين في السنة ، وليس ذلك في زمن واحد ، بل في صنعاء عند كون الشمس في الدرجة الثامنة من برج الثور صاعدة ثم تميل عنه نحو الشمال ويحدث لأهل صنعاء ظل جنوبي عند الزوال إلى أن ينتهي الصعود فتصل الشمس إلى خط السرطان ، ثم ترجع الشمس فإن وصلت إلى الدرجة الثالثة والعشرين من برج الأسد فينعدم الظل عند أهل صنعاء ، لأن خط العرض في صنعاء هو أربع عشرة درجة وأربعون دقيقة.

وأما في مكة فعرضها إحدى وعشرون درجة وأربعون دقيقة فانعدام الظل فيها يكون قبل وصول الشمس إلى مدار السرطان بأيام كثيرة وذلك عند ما تكون الشمس في الدرجة الثامنة من الجوزاء إذا كانت صاعدة وفي الدرجة الثالثة والعشرين من السرطان إذا كانت هابطة.

(٢) أي قبل وصول الشمس إلى مدار السرطان.

(٣) اعلم أن العلامة في المنتهى والتذكرة جعل في هذا اليوم ـ أعني قبل الانتهاء بستة وعشرين يوما ـ انعدام الظل لأهل مكة وصنعاء ، وأن الظل يبقى منعدما إلى أن تصل الشمس إلى مدار السرطان وبعده بستة وعشرين يوما فيكون ذلك مدة اثنين وخمسين يوما ، وقال عنه الشارح في الروض : إنه غلط فاحش من ناحيتين :

أولا : إن هذا يتم لمكة وليس لصنعاء لاختلاف خطوط العرض بين صنعاء ومكة فكيف يتفق انعدام الظل فيهما في يوم واحد؟

وثانيا : إن انعدام الظل يكون في يومين من أيام السنة فقط إذا كان خط العرض للبلد أقل من مدار السرطان أو مدار الجدي فكيف جعل انعدام الظل في اثنين وخمسين يوما؟ ولذا قوله هنا : «ثم يحدث ظل جنوبي» إشارة إلى قول العلّامة فانتبه.

ثم إن الظل جنوبيا في هذا الوقت لأهل مكة لأن الشمس تسير نحو الشمال باتجاه مدار السرطان.

٢٣

إلى تمام الميل (١) وبعده (٢) إلى ذلك المقدار (٣) ، ثم يعدم (٤) يوما آخر.

والضابط : أن ما كان عرضه زائدا (٥) على الميل الأعظم لا يعدم الظلّ فيه أصلا ، بل يبقى عند زوال الشمس منه بقية تختلف زيادة ونقصانا ببعد الشمس من مسامتة رءوس أهله وقربها ، وما كان عرضه مساويا للميل (٦) يعدم فيه يوما وهو أطول أيام السنة (٧) ، وما كان عرضه أنقص منه (٨) كمكة وصنعاء يعدم فيه يومين عند مسامتة الشمس لرءوس أهله صاعدة وهابطة ، كلّ ذلك مع موافقته (٩) له في الجهة (١٠) كما مرّ.

أما الميل الجنوبي فلا يعدم ظله من ذي العرض (١١) مطلقا (١٢) ، لا كما قاله

______________________________________________________

(١) أي الميل الأعظم وهو نهاية صعودها عند ما تكون على مدار السرطان.

(٢) أي وبعد تمام الميل أيضا يحدث ظل جنوبي.

(٣) وهو ستة وعشرون يوما بعد انتهاء الميل.

(٤) أي الظل لأن الشمس تكون مسامتة لمكة عند هبوطها ، كما كانت مسامتة لها عند صعودها.

هذا واعلم إذا عرفت انعدام الظل في مكة في هذين اليومين من أيام السنة لأن الشمس تكون مسامتة لرءوس أهل البلد ، فإذا كنت في بلد بعيد عن مكة من أي جهة من الجهات وأردت أن تعرف جهة القبلة بالتمام فإذا عرفت وقت زوال الشمس في مكة وأنت في بلدك فانظر إلى الشمس ففي أي جهة كانت فتكون هي جهة القبلة.

(٥) أي فوق مدار السرطان باتجاه القطب الشمالي ، أو فوق مدار الجدي باتجاه القطب الجنوبي ، وقد عرفت أنه لا ينعدم ظله أبدا في تمام أيام السنة.

(٦) أي الميل الأعظم وهو عند كون الشمس على مدار السرطان عند غاية صعودها ، وعند كون الشمس على مدار الجدي في غاية انخفاضها فينعدم ظله يوما واحدا في السنة.

(٧) إذا كانت على مدار السرطان ، وما كان على مدار الجدي فينعدم ظله في يوم وهو أقصر أيام السنة.

(٨) أي من الميل الأعظم ، وهو ما كان واقعا بين مدار السرطان ومدار الجدي فينعدم ظله يومين في السنة يوما عند صعودها ويوما عند انخفاضها.

(٩) أي موافقة عرض البلد أو الشاخص للميل الأعظم.

(١٠) كأن يكونا شماليين أو جنوبيين دون التعاكس.

(١١) أي من ذي العرض الشمالي ، لأن كلّا من الميل الشمالي والجنوبي يعدم ظله من ذي عرضه لا من عرض غيره.

(١٢) سواء كان مساويا له بالمقدار أم لا ، وتوضيحه : فلو كانت الشمس باتجاه الشمال نحو ـ

٢٤

المصنف رحمه‌الله في الذكرى. تبعا للعلامة. من كون ذلك (١) بمكة وصنعاء في أطول أيام السنة ، فإنه من أقبح الفساد (٢) ، وأول من وقع فيه الرافعيّ من الشافعية ، ثم قلده فيه جماعة منا ومنهم من غير تحقيق للمحل. وقد حرّرنا البحث في شرح الإرشاد (٣).

وإنما لم يذكر المصنف هنا حكم حدوثه بعد عدمه (٤) لأنه نادر (٥) ، فاقتصر على العلامة الغالبة (٦) ، ولو عبّر بظهور الظل (٧) في جانب المشرق. كما صنع في الرسالة الألفية. لشمل القسمين بعبارة وجيزة.

(وللعصر الفراغ) (٨) منها

______________________________________________________

مدار السرطان فما وقع تحت خط الاستواء باتجاه مدار الجدي لا ينعدم ظله سواء كان بعده عن خط الاستواء باتجاه الجنوب يساوي بعد الشمس عن خط الاستواء باتجاه الشمال أم لا.

(١) أي انعدام الظل في بلد تحت خط الاستواء باتجاه الجنوب والشمس باتجاه الشمال فوق خط الاستواء نحو مدار السرطان.

(٢) وقد تقدم ضعفه فلا نعيد.

(٣) أي كتاب روض الجنان وقد نقلنا لك خلاصة مناقشته.

(٤) أي حكم حدوث الظل بعد عدمه وإنما ذكر زيادته بعد نقصانه.

(٥) لأنه يتحقق يوما أو يومين في السنة فيما هو واقع على خط السرطان أو خط الجدي أو ما بينهما.

(٦) وهي زيادة الظل بعد نقصانه.

(٧) وهو أعم من الزيادة والحدوث.

(٨) أي الفراغ من الظهر على المشهور شهرة عظيمة ، ونسب للصدوق بل للصدوقين الخلاف ونوقش في النسبة ، ومستند المشهور أخبار منها : مرسل داود بن فرقد عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر حتى يمضي مقدار ما يصلي المصلي أربع ركعات ، فإذا مضى ذلك فقد دخل وقت الظهر والعصر حتى يبقى من الشمس مقدار ما يصلي أربع ركعات ، فإذا بقي مقدار ذلك فقد خرج وقت الظهر وبقي وقت العصر حتى تغيب الشمس) (١) وصحيح الحلبي : (سألته عن رجل نسي الأولى والعصر ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب المواقيت حديث ٧.

٢٥

(ولو تقديرا) (١) بتقدير أن لا يكون قد صلّاها فإنّ وقت العصر يدخل بمضيّ مقدار فعله الظهر (٢) بحسب حاله من قصر ، وتمام ، وخفة ، وبطء ، وحصول الشرائط ، وفقدها بحيث لو اشتغل بها لأتمها (٣). لا بمعنى جواز فعل العصر حينئذ مطلقا (٤) ، بل تظهر الفائدة لو صلّاها ناسيا قبل الظهر ، فإنها تقع صحيحة إن وقعت بعد

______________________________________________________

جميعا ثم ذكر عند غروب الشمس ، فقال عليه‌السلام : إن كان في وقت لا يخاف فوت إحداهما فليصل الظهر ثم ليصلّ العصر ، وإن هو خاف أن تفوته فليبدأ بالعصر ولا يؤخرها فتفوته فتكون قد فاتتاه جميعا ، ولكن يصلي العصر فيما قد بقي من وقتها ثم ليصل الأولى بعد ذلك على أثرها) (١).

وعليهما تحمل الأخبار الباقية مثل صحيح عبيد بن زرارة : (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن وقت الظهر والعصر فقال : إذا زالت الشمس دخل وقت الظهر والعصر جميعا إلا أن هذه قبل هذه ، ثم أنت في وقت منهما جميعا ، حتى تغيب الشمس) (٢) وصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (إذا زالت الشمس دخل الوقتان الظهر والعصر ، فإذا غابت الشمس دخل الوقتان المغرب والعشاء الآخرة) (٣).

(١) لمرسل ابن فرقد المتقدم : (حتى يمضي مقدار ما يصلي المصلي أربع ركعات) وهو ظاهر في التقدير لا في الإتيان بالصلاة فعلا ، وظاهر أيضا أن التقدير بلحاظ نفس فعل الصلاة دون مقدماته إلا أن اعتبار المقدمات في التقدير أمرّ مفروغ عنه وإليه ذهب المحقّق والشهيد الثانيين وغيرهما.

(٢) تامة الأفعال والشرائط بحسب حاله.

(٣) أي لو اشتغل بالظهر في هذا الوقت الفائت لأتمها.

(٤) أي حين مضي وقت يستطيع أن يأتي بالظهر فيه فليس له الإتيان بالعصر سواء أتى بالظهر أم لا ، بل إن دخول وقت العصر بعد مضي وقت يستطيع فيه أن يأتي فيه بالظهر تظهر فائدته فيما لو صلى العصر ناسيا للظهر فتكون العصر صحيحة إن وقعت العصر بعد دخول وقت الظهر المذكور لأنه لم يفت إلا الترتيب وهو غير معتبر في حال النسيان لحديث : (لا تعاد الصلاة) (٤).

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب المواقيت حديث ١٨.

(٢) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب المواقيت حديث ٥.

(٣) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب المواقيت حديث ١.

(٤) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب الوضوء حديث ٨.

٢٦

دخول وقتها المذكور ، وكذا لو دخل قبل أن يتمها (١) (وتأخيرها) أي العصر إلى (مصير الظلّ) الحادث بعد الزوال (مثله) أي مثل ذي الظل وهو المقياس (أفضل) (٢)

______________________________________________________

(١) أي وكذا لو دخل الوقت المشترك بين الصلاتين بعد مضي وقت الظهر المذكور قبل أن يفرغ من العصر ولو بركعة ، فصلاة العصر تكون صحيحة لأنه أدرك وقتها ولو بركعة ومن أدرك ركعة في داخل الوقت فقد أدرك الوقت كله.

(٢) قد اختلفت الأخبار الدالة على وقت الفضيلة فمنها : ما دل على انتهاء الفضيلة بالقدمين كصحيح الفضلاء عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام : (وقت الظهر بعد الزوال قدمان ووقت العصر بعد ذلك قدمان) (١) وخبر عبيد بن زرارة : (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن أفضل وقت الظهر؟ ، قال عليه‌السلام : ذراع بعد الزوال ، قلت : في الشتاء والصيف سواء ، قال : نعم) (٢) بناء على أن الذراع هو ما بين المرفق إلى أطراف الأصابع المساوي للقدمين تقريبا بحسب الوجدان ، ومكاتبة محمد بن الفرج : (إذا زالت الشمس فصل سبحتك وأحب أن يكون فراغك من الفريضة والشمس على قدمين ، ثم صل سبحتك وأحب أن يكون فراغك من العصر والشمس على أربعة أقدام) (٣).

ومنها : ما دل على انتهاء الفضيلة بالقامة كصحيح البزنطي : (سألته عن وقت صلاة الظهر والعصر ، فكتب : قامة للظهر وقامة للعصر) (٤) وخبر محمد بن حكيم : (سمعت العبد الصالح وهو يقول : إن أول وقت الظهر زوال الشمس وآخر وقتها قامة من الزوال ، وأول وقت العصر قامة وآخر وقتها قامتان ، قلت : في الشتاء والصيف سواء؟ قال عليه‌السلام : نعم) (٥).

والمراد بالقامة هو الذراع للأخبار منها : خبر علي بن حنظلة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في كتاب علي عليه‌السلام القامة ذراع ، والقامتان الذراعان) (٦) وخبر علي بن أبي حمزة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (قال له أبو بصير : كم القامة؟ فقال : ذراع ، إن قامة رحل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كانت ذراعا) (٧) وخبر إسماعيل الجعفي عن أبي جعفر عليه‌السلام : (كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا كان الفي‌ء في الجدار صلى الظهر وإذا كان ذراعين صلى العصر ، قلت : الجدران تختلف ، منها قصير ومنها طويل ، قال : إن جدار مسجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يومئذ قامة ، وإنما جعل الذراع والذراعان لئلا يكون تطوع في وقت فريضة) (٨) وخبر زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (كان حائط مسجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قامة ، فإذا مضى من فيئه ـ

__________________

(١ و ٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب المواقيت حديث ١ و ٢٥ و ٣١ و ١٢.

(٥ و ٦ و ٧ و ٨) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب المواقيت حديث ٢٩ و ٢٦ و ١٦ و ٢٨.

٢٧

.................................................................................................

______________________________________________________

ذراع صلى الظهر ، وإذا مضى من فيئه ذراعان صلى العصر ، ثم قال : أتدري لم جعل الذراع والذراعان؟ قلت : لا ، قال : من أجل الفريضة إذا دخل وقت الذراع والذراعين بدأت الفريضة وتركت النافلة) (١) وإذا كانت القامة ذراعا باعتبار أن قامة حائط مسجد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كانت ذراعا ، وجعل وقت الظهر عند الذراع من الفي‌ء ، فيكون الوقت عند صيرورة ظل كل شي‌ء مثله وعليه فلو حمل لفظ القامة على قامة الإنسان وأن مدار فضيلة الظهر عند صيرورة ظل الشخص كمثله فلا تعارض ، وهذا ما تدل عليه طائفة ثالثة من الأخبار منها : موثق زرارة (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن وقت صلاة الظهر في القيظ فلم يجبني ، فلما أن كان بعد ذلك قال لعمر بن سعيد بن هلال : إن زرارة سألني عن وقت صلاة الظهر في القيظ فلم أخبره فحرجت من ذلك فاقرأه مني السلام وقل له : إذا كان ظلك مثلك فصل الظهر وإذا كان ظلك مثليك فصل العصر) (٢) ومثلها رواية ابن بكير (٣) ، وخبر معاوية بن وهب عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (أتى جبرائيل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بمواقيت الصلاة فأتاه حين زالت الشمس فأمره فصلى الظهر ، ثم أتاه حين زاد الظل قامة فأمره فصلى العصر ، ثم أتاه حين غربت الشمس فأمره فصلى المغرب ، ثم أتاه حين سقط الشفق فأمره فصلى العشاء ، ثم أتاه حين طلع الفجر فأمره فصلى الصبح ، ثم أتاه من الغد حين زاد في الظل قامة فأمره فصلّى الظهر ، ثم أتاه حين زاد من الظل قامتان فأمره فصلّى العصر ، ثم أتاه حين غربت الشمس فأمره فصلى المغرب ثم أتاه حين ذهب ثلث الليل فأمره فصلّى العشاء ، ثم أتاه حين نوّر الصبح فأمره فصلّى الصبح ثم قال : ما بينهما وقت) (٤) هذا ولا بدّ من التنبيه على أمرين :

الأول : قد عرفت عدم التعارض بين الأخبار لحمل القدمين على الذراع ، والذراع على القامة أعني قامة حائط مسجد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولذا قال في الجواهر : «وقد جرت العادة بأن تكون قامة الشاخص الذي يجعل مقياسا لمعرفة الوقت ذراعا كما أشارت إليه بعض النصوص ، فلأجل ذلك كثيرا ما يعبر عن القامة بالذراع وعن الذراع بالقامة» والنص الذي أشار إليه صاحب الجواهر هو مرسل الصدوق عن الصادق عليه‌السلام : (تبيان زوال الشمس أن تأخذ عودا طوله ذراع وأربع أصابع ، فتجعل أربع أصابع في الأرض ، فإذا نقص الظل حتى يبلغ غايته ثم زاد فقد زالت الشمس وتفتح أبواب السماء وتهب الرياح ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب المواقيت حديث. ٢٧

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب المواقيت حديث ١٣ و ٣٣.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب المواقيت حديث ٥.

٢٨

.................................................................................................

______________________________________________________

وتقضى الحوائج العظام) (١).

وإذا كانت القامة ذراعا وقد جعل وقت الظهر عند الذراع فيكون وقتها عند صيرورة ظل كل شي‌ء مثله ، وهذا ما عليه المشهور ، وذهب الشيخ في المبسوط والخلاف وسلار في المراسم وابن حمزة في الوسيلة والقاضي ابن البراج إلى أن ما بين الزوال إلى أن يصير ظل كل شي‌ء مثله وقت للظهر للمختار فقط ، وأما المعذور والمضطر فيمتد إلى الغروب ، وإلى أن وقت العصر من حين الفراغ من الظهر إلى أن يصير ظل كل شي‌ء مثليه للمختار ، وأما المعذور والمضطر فإلى الغروب تمسكا بالأخبار المتقدمة ، وقد عرفت أنها محمولة على بيان فضيلة الوقت جمعا بينها وبين أخبار الاشتراك الدالة على أن وقت الظهرين إلى الغروب ، وقيل : أربعة أقدام للظهر وثمان للعصر هذا للمختار وما زاد على ذلك حتى تغرب الشمس وقت لذوي الأعذار ، وقال في الجواهر : «وإن كنا لم نقف على قائله مصرحا بجميع ذلك. إلى أن قال. نعم حكي عن مصباح السيد والنهاية وعمل يوم وليلة وموضع من التهذيب تحديد وقت الظهر خاصة للمختار بذلك من غير تصريح بالعصر أصلا. إلى أن قال. ومن الغريب أنه على كثرتها وشدة اختلافها. أي النصوص. لم نعثر على ما يدل منها على تمام هذا القول» انتهى.

نعم ورد في جملة من الأخبار تحديد وقت الظهر للمختار بأربعة أقدام منها : خبر الكرخي : (سألت أبا الحسن موسى عليه‌السلام : متى يدخل وقت الظهر؟ قال : إذا زالت الشمس ، فقلت : متى يخرج وقتها؟ فقال : من بعد ما يمضي من زوالها أربعة أقدام ، إنّ وقت الظهر ضيّق ليس كغيره. إلى أن قال : فقلت له : لو أن رجلا صلى الظهر بعد ما يمضي من زوال الشمس أربعة أقدام أكان عندك غير مؤد لها؟ فقال : إن كان تعمد ذلك ليخالف السنة والوقت لم تقبل منه) (٢) وخبر الفضل بن يونس : (سألت أبا الحسن عليه‌السلام المرأة ترى الطهر قبل غروب الشمس كيف تصنع بالصلاة؟ قال : إذا رأت الطهر بعد ما يمضي من زوال الشمس أربعة أقدام فلا تصلي إلا العصر ، لأن وقت الظهر دخل عليها وهي في الدم وخرج عنها الوقت وهي في الدم) (٣) وهي لا تصلح لمعارضة ما تقدم أن وقت الظهرين إلى الغروب لضعف أسانيدها ولكون خبر الكرخي ظاهرا في كون التأخير من باب تعمد المخالفة لسنة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا بقصد الرخصة في التأخير ، ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب المواقيت حديث ٤.

(٢) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب المواقيت حديث ٣٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ٤٩ ـ من أبواب الحيض حديث ٢.

٢٩

.................................................................................................

______________________________________________________

ولكون خبر الفضل محمولا على ذهاب الوقت المشترك وإن كان فرضا بعيدا أو يردّ إلى أهله. وقيل كما عن المقنعة : إن وقت الظهر من زوال الشمس إلى أن يرجع الفي‌ء سبعي الشاخص ، والعصر إلى أن يتغير لون الشمس باصفرارها للغروب ، وللمضطر والناسي إلى الغروب وقال عنه في الجواهر : «ولم أعرف له دليلا من الأخبار على كثرتها وشدة اختلافها» وهناك أقوال أخرى غير ظاهرة المستند.

الثاني : ممّا تقدم من وجود وقتين مختلفين للظهر والعصر بالنسبة للفضيلة شاع استحباب التفريق بين الصلاتين وقد توهم استحباب التفريق بأن يأتي بصلاة الظهر عند أول الزوال إلى أن يصير ظل كل شي‌ء مثله سواء أتى بنوافلها أم لا ، وأن يأتي بصلاة العصر بعد ما يصير ظل الشاخص مثله إلى المثلين سواء أتى بنوافلها أم لا.

ولكنّ التأمّل في الأخبار يعطي أن وقت الفضيلة للظهرين بالمعنى المتقدم من أجل أداء نوافلهما ، فإذا أراد الإتيان بنوافل الظهر فوقت فضيلتها يمتد إلى المثل ، وإذا أراد الإتيان بنوافل العصر فيمتد وقت فضيلتها إلى المثلين ، أما إذا لم يأت بالنوافل أو لم يكن مريدا ذلك فوقت الفضيلة لكلا الصلاتين عند الزوال إلا أن هذه قبل هذه ويدلّ عليه أخبار كثيرة منها : خبر ابن مسكان عن الحارث بن المغيرة وعمر بن حنظلة ومنصور بن حازم جميعا قالوا : (كنّا نقيس الشمس بالمدينة بالذراع فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : ألا أنبئكم بأبين من هذا ، إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر إلا أن بين يديها سبحة ، وذلك إليك إن شئت طوّلت وإن شئت قصرت) (١) وخبر مسمع بن عبد الملك : (إذا صليت الظهر فقد دخل وقت العصر إلا أن بين يديها سبحة وذلك إليك إن شئت طوّلت وإن شئت قصرت) (٢).

وباعتبار سقوط نوافل الظهرين في السفر فيستحب إتيان المسافر بالظهرين عند الزوال للأخبار منها : خبر زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (صلاة المسافر حين تزول الشمس لأنه ليس قبلها في السفر صلاة وإن شاء أخّرها إلى وقت الظهر في الحضر غير أن أفضل ذلك أن يصليها في أول وقتها حين تزول) (٣).

وباعتبار أن المؤمن يداوم على صلاة الواحد والخمسين فكان التفريق ديدنهم ، لا باعتبار أن نفس التفريق وإن لم يأت بالنوافل هو أفضل من الجمع بين الفريضتين من دون نوافلهما ولذا صلى الإمام عليه‌السلام بل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جمعا عند اضطراره لترك النوافل ففي خبر صفوان الجمال : (صلى بنا أبو عبد الله عليه‌السلام الظهر والعصر عند ما زالت الشمس بأذان ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب المواقيت حديث ١ و ٤.

(٣) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب المواقيت حديث ١.

٣٠

من تقديمها على ذلك الوقت (١) ، كما أنّ

______________________________________________________

وإقامتين وقال : إني على حاجة فتنفلوا) (١) وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا كان في سفر أو عجّلت به حاجة يجمع بين الظهر والعصر ، وبين المغرب والعشاء الآخرة ، قال : وقال أبو عبد الله عليه‌السلام : لا بأس أن تعجّل العشاء الآخرة في السفر قبل أن يغيب الشفق) (٢).

وما نقله الشهيد في الذكرى عن كتاب عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان في السفر يجمع بين المغرب والعشاء والظهر والعصر ، إنما يفعل ذلك إذا كان مستعجلا ، قال : وقال عليه‌السلام : وتفريقهما أفضل) (٣).

وأفضلية التفريق هنا بمعنى أن يأتي بالظهرين مع النوافل لا بمعنى أن يفرّق بين الظهرين وإن لم يأت بنوافلهما ولذا ورد في خبر محمد بن حكيم عن أبي الحسن عليه‌السلام : (إذا جمعت بين صلاتين فلا تطوع بينهما) (٤) وخبره الآخر عنه عليه‌السلام : (الجمع بين الصلاتين إذا لم يكن بينهما تطوع فإذا كان بينهما تطوع فلا جمع) (٥) وخبر منصور عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (سألته عن صلاة المغرب والعشاء بجمع ، فقال : بأذان وإقامتين ، لا تصل بينهما شيئا هكذا صلّى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) (٦) باعتبار أنه مع النوافل لا جمع ، بل ورد التعليل بكون وقت الفضيلة للظهر ممتدا إلى المثل والعصر إلى المثلين لمكان النافلة كما في خبر زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (أتدري لم جعل الذراع والذراعان؟ قلت : لم جعل ذلك؟ قال : لمكان النافلة ، لك أن تتنفّل من زوال الشمس إلى أن يمضي ذراع فإذا بلغ فيؤك ذراعا بدأت بالفريضة وتركت النافلة ، وإذا بلغ فيؤك ذراعين بدأت بالفريضة وتركت النافلة) (٧) ، وفي خبر إسماعيل الجعفي عن أبي جعفر عليه‌السلام : (وإنما جعل الذراع والذراعان لئلا يكون تطوع في وقت فريضة) (٨) ، ومكاتبة محمد بن الفرج : (إذا زالت الشمس فصل سبحتك وأحب أن يكون فراغك من الفريضة والشمس على قدمين ، ثم صل سبحتك وأحبّ أن يكون فراغك من العصر والشمس على أربعة أقدام ، فإن عجّل بك أمر فابدأ بالفريضتين واقض بعدهما النوافل) (٩) ، وخبر زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام المنقول عن السرائر : (إنما جعلت القدمان والأربع والذراع والذراعان وقتا لمكان النافلة) (١٠).

(٣) إن أتى بنوافلها وإلا فلا.

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٣١ ـ من أبواب المواقيت حديث ٢ و ٣ و ٧.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٣٣ ـ من أبواب المواقيت حديث ٢ و ٣.

(٦) الوسائل الباب ـ ٣٤ ـ من أبواب المواقيت حديث ١.

(٧ و ٨ و ٩ و ١٠) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب المواقيت حديث ٣ و ٢٨ و ٣١ و ٣٥.

٣١

فعل الظهر قبل هذا المقدر (١) أفضل ، بل قيل بتعينه (٢) بخلاف تأخير العصر.

(وللمغرب ذهاب الحمرة المشرقية) (٣) وهي الكائنة في جهة المشرق ، وحدّه

______________________________________________________

(١) أي قبل أن يصير ظل كل شاخص مثله.

(٢) قد تقدم أنه مذهب الشيخ في الخلاف والمبسوط وجماعة.

(٣) بالنسبة لابتداء وقتها على المشهور للأخبار منها : صحيح بريد بن معاوية عن أبي جعفر عليه‌السلام : (إذا غابت الحمرة من هذا الجانب. يعني من المشرق. فقد غابت الشمس من شرق الأرض وغربها) (١) ، ومرسل علي بن أحمد بن أشيم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (وقت المغرب إذا ذهبت الحمرة من المشرق ، وتدري كيف ذلك؟ قلت : لا ، قال عليه‌السلام : لأن المشرق مطل على المغرب هكذا. ورفع يمينه فوق يساره. ، فإذا غابت هاهنا ذهبت الحمرة من هاهنا) (٢) ، ومرسل ابن أبي عمير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (وقت سقوط القرص ووجوب الإفطار من الصيام أن تقوم بحذاء القبلة وتنفقد الحمرة التي ترتفع من المشرق ، فإذا جازت قمة الرأس إلى ناحية المغرب فقد وجب الإفطار وسقط القرص) (٣) وخبر محمد بن علي : (صحبت الرضا عليه‌السلام في السفر فرأيته يصلي المغرب إذا أقبلت الفحمة من المشرق ، يعني السواد) (٤) ، وخبر عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إنما أمرت أبا الخطاب أن يصلي المغرب حين زالت الحمرة من مطلع الشمس ، فجعل هو الحمرة التي من قبل المغرب وكان يصلي حين يغيب الشفق) (٥).

وفي المدارك عن المبسوط والانتصار وعلل الشرائع والأحكام وجماعة أن وقتها عند غروب الشمس المعلوم باستتار القرص للأخبار منها : صحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (وقت المغرب إذا غربت الشمس فغاب قرصها) (٦) ، وخبر جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام : (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إذا غاب القرص أفطر الصائم ودخل وقت الصلاة) (٧) ، وصحيح داود بن فرقد : (سمعت أبي يسأل أبا عبد الله عليه‌السلام متى يدخل وقت المغرب؟ فقال عليه‌السلام : إذا غاب كرسيّها ، قلت : وما كرسيّها؟ قال عليه‌السلام : قرصها ، فقلت : متى يغيب قرصها؟ قال عليه‌السلام : إذا نظرت إليه فلم تره) (٨) والأخبار في ذلك كثيرة لكن لا بد من تقديم الطائفة الأولى إما لأن غيبوبة القرص لا تتم إلا بارتفاع الحمرة المشرقية لأن جانب المشرق مطل على المغرب كما تقدم في بعض الأخبار وإما لكون الطائفة الثانية محمولة على التقية لموافقتها للعامة.

__________________

(١ و ٢ و ٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب المواقيت حديث ١ و ٣ و ٤ و ٨ و ١٠.

(٦ و ٧ و ٨) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب المواقيت حديث ١٦ و ٢٠ و ٢٥.

٣٢

قمة الرأس (١). (وللعشاء الفراغ منها) (٢) ولو تقديرا على نحو ما قرّر للظهر. إلا

______________________________________________________

(١) كما في مرسل ابن أبي عمير المتقدم ولكن ابتداءه من حين ارتفاع الحمرة من مطلع الشمس كما في خبر عمار.

(٢) أي وقت دخول صلاة العشاء عند مضي وقت المغرب ولو تقديرا ويدل عليه النصوص الكثيرة منها : صحيح عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا غربت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين إلى نصف الليل إلا أن هذه قبل هذه) (١) ، وخبر عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله تعالى : (أَقِمِ الصَّلٰاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلىٰ غَسَقِ اللَّيْلِ) فقال عليه‌السلام : (إن الله افترض أربع صلوات ، أول وقتها زوال الشمس إلى انتصاف الليل ، منها صلاتان أول وقتهما من عند زوال الشمس إلى غروب الشمس إلا أن هذه قبل هذه ، ومنها صلاتان أول وقتهما من غروب الشمس إلى انتصاف الليل إلا أن هذه قبل هذه) (٢) ، ومرسل داود بن فرقد عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا غابت الشمس فقد دخل وقت المغرب حتى يمضي مقدار ما يصلّي ثلاث ركعات ، فإذا مضى ذلك فقد دخل وقت المغرب والعشاء الآخرة حتى يبقى من انتصاف الليل مقدار ما يصلي المصلي أربع ركعات ، وإذا بقي مقدار ذلك فقد خرج وقت المغرب وبقي وقت العشاء إلى انتصاف الليل) (٣) ومرسل الصدوق : (قال الصادق عليه‌السلام : إذا غابت الشمس فقد حلّ الإفطار ووجبت الصلاة وإذا صليت المغرب فقد دخل وقت العشاء الآخرة إلى انتصاف الليل) (٤).

ثم لهذه الأخبار وغيرها ذهب المشهور إلى أن وقت المغرب يمتد إلى حين يبقى إلى منتصف مقدار ما يصلي العشاء ، وعن الخلاف انتهاء وقتها بذهاب الحمرة المغربية لصحيح زرارة والفضيل عن أبي جعفر عليه‌السلام : (إن لكل صلاة وقتين غير المغرب ، فإن وقتها واحد ، ووقتها وجوبها ، ووقت فوتها سقوط الشفق) (٥) ، وعن المقنعة والنهاية أن ذلك للحاضر ، أما المسافر فيمتد وقتها إلى ربع الليل لصحيح عمر بن يزيد : (وقت المغرب في السفر إلى ربع الليل) (٦) ، وعن جماعة منهم الشيخ في المبسوط والسيد في الإصباح أن ذهاب الحمرة المغربية وقت للمغرب بالنسبة للمختار ، وأما المعذور فيجوز ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب المواقيت حديث ٢٤.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب المواقيت حديث ٤.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب المواقيت حديث ٤ و ٢.

(٥) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من أبواب المواقيت حديث ٢.

(٦) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب المواقيت حديث ٢.

٣٣

.................................................................................................

______________________________________________________

تأخيرها إلى ربع الليل ، والإنصاف يقتضي حمل نصوص الشفق على وقت الفضيلة وكراهة التأخير عن ذلك ، ونصوص الربع وغيرها على نفي الكراهة في التأخير بالنسبة للمسافر والمضطر والمعذور لأنه هو الجمع العرفي بينها وبين أخبار كون وقت المغرب يمتد إلى منتصف الليل ثم إن المشهور قد ذهب إلى أن وقت العشاء عند ارتفاع الحمرة المشرقية بعد مضي مقدار ثلاث ركعات للمغرب للنصوص المتقدمة ، وعن المقنعة والمبسوط والخلاف أن أول وقتها غروب الحمرة المغربية لظاهر جملة من الأخبار منها : صحيح بكر بن محمد عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (وأول وقت العشاء الآخرة ذهاب الحمرة وآخر وقتها إلى غسق الليل) (١) ، وصحيح الحلبي : (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام : متى تجب العتمة؟ قال عليه‌السلام : إذا غاب الشفق ، والشفق الحمرة) (٢) وهو محمول على وقت الفضيلة جمعا بينها وبين ما تقدم من أن وقت العشاءين عند ارتفاع الحمرة المشرقية ويشهد لهذا الحمل أخبار منها : خبر إسحاق بن عمار : (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام : يجمع بين المغرب والعشاء في الحضر قبل أن يغيب الشفق من غير علة؟ قال عليه‌السلام : لا بأس) (٣) ، وخبر زرارة : (سألت أبا جعفر وأبا عبد الله عليهما‌السلام عن الرجل يصلي العشاء الآخرة قبل سقوط الشفق ، فقالا : لا بأس به) (٤) ، وموثق زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (صلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالناس المغرب والعشاء الآخرة قبل الشفق من غير علة في جماعة ، وإنما فعل ذلك ليتسع الوقت على أمته) (٥)

ومنها يظهر ضعف ما عن النهاية من أنه يجوز للمسافر والمعذور تقديمها على ذهاب الشفق ولا يجوز لغيرهما.

ثم إن المشهور قد ذهب إلى أن وقت العشاء ممتدّ إلى منتصف الليل للمختار ويشهد لذلك النصوص المتقدمة ، وعن المفيد في المقنعة وال شيخ في جملة من كتبه أن آخر العشاء هو ثلث الليل للمختار وغيره ويشهد لهما جملة من النصوص منها : خبر زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (وآخر وقت العشاء ثلث الليل) (٦) ، وخبر معاوية بن عمار : (أن وقت العشاء الآخرة إلى ثلث الليل) (٧) وهي محمولة على كراهة التأخير عن ثلث الليل.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب المواقيت حديث ٦.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب المواقيت حديث ١.

(٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٢٢ ـ من أبواب المواقيت حديث ٨ و ٥ و ٢.

(٦) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب المواقيت حديث ٣.

(٧) الوسائل الباب ـ ٢١ ـ من أبواب المواقيت حديث ٤.

٣٤

أنه هنا لو شرع في العشاء (١) تماما تامة الأفعال فلا بدّ من دخول المشترك (٢) وهو فيها (٣) ، فتصح مع النسيان بخلاف العصر (٤).

(وتأخيرها) (٥) إلى ذهاب الحمرة (المغربية أفضل) (٦) ، بل قيل بتعينه (٧) كتقديم المغرب عليه (٨).

______________________________________________________

وذهب الشيخ في التهذيب والاستبصار والمبسوط من أن الثلث للمختار والنصف لغيره ، ويرده ما تقدم من النصوص ، نعم يمتد وقت العشاءين إلى طلوع الفجر للمضطر بسبب النوم أم النسيان أو الحيض ونحو ذلك لموثق أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إن نام رجل ولم يصل صلاة المغرب والعشاء أو نسي فإن استيقظ قبل الفجر قدر ما يصليهما كلتيهما فليصلهما وإن خشي أن تفوته إحداهما فليبدأ بالعشاء الآخرة ، وإن استيقظ بعد الفجر فليبدأ فليصل الفجر ثم المغرب ثم العشاء الآخرة) (١) ، وصحيح ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام الوارد في الحيض : (وإن طهرت في آخر الليل فلتصل المغرب والعشاء) (٢) ، وخبر عمر بن حنظلة : (إذا طهرت المرأة قبل طلوع الفجر صلت المغرب والعشاء) (٣) ، وفي مرسل الفقيه : (يقضي ويصبح صائما عقوبة) (٤) وإعراض المشهور لا يضرّ لعدم المعارضة بينها وبين أخبار منتصف الليل بحملها على ذوي الأعذار الثلاثة أو مطلقا وإليه ذهب في المعتبر والمدارك.

(١) نسيانا وغفلة.

(٢) أي الوقت المشترك للعشاءين.

(٣) أي والمصلي ما زال في العشاء قبل إتمامها.

(٤) فلو تذكر في أثناء صلاة العصر أنه لم يصل الظهر فلا بد من البطلان لعدم تماميتها غفلة لتكون صحيحة لأن الوقت المختص للظهر لم ينته حيث تذكر قبل إتمام أربع ركعات.

(٥) أي العشاء.

(٦) قد تقدم الكلام فيه.

(٧) كما عن المقنعة والمبسوط والخلاف والنهاية.

(٨) على الشفق المغربي كما عن الخلاف والمبسوط والإصباح للمختار عند الأخيرين.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٦٢ ـ من أبواب المواقيت حديث ٣.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٤٩ ـ من أبواب الحيض الحديث ١٠ و ١٢.

(٤) الوسائل الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب المواقيت حديث ٦.

٣٥

أما الشّفق الأصفر (١) والأبيض (٢) فلا عبرة بهما عندنا.

(وللصبح طلوع الفجر) (٣) الصادق وهو الثاني (٤) المعترض في الأفق.

______________________________________________________

(١) وهو الحادث قبل الشفق الأحمر.

(٢) وهو الحادث بعد الشفق الأحمر. ففي خبر الحلبي : (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام : متى تجب العتمة؟ قال : إذا غاب الشفق ، والشفق الحمرة ، فقال عبيد الله : أصلحك الله إنه يبقى بعد ذهاب الحمرة ضوء شديد معترض ، فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : إن الشفق إنما هو الحمرة وليس الضوء من الشفق) (١).

(٣) للأخبار الكثيرة منها : صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (إذا طلع الفجر فقد دخل وقت الغداة) (٢) وخبره الآخر عنه عليه‌السلام : (وقت صلاة الغداة ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس) (٣).

(٤) إجماعي ويشهد له أخبار كثيرة منها : صحيح ليث المرادي : (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام فقلت : متى يحرم الطعام على الصائم وتحلّ الصلاة صلاة الفجر؟ فقال عليه‌السلام : إذا اعترض الفجر فكان كالقبطية البيضاء فثم يحرم الطعام على الصائم وتحل الصلاة صلاة الفجر) (٤) ، وخبر علي بن عطية عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (الصبح هو الذي إذا رأيته كان معترضا كأنه بياض نهر سوراء) (٥) ، وخبر علي بن مهزيار : (كتب أبو الحسن بن الحصين إلى أبي جعفر الثاني عليه‌السلام معي : جعلت فداك ، قد اختلف موالوك في صلاة الفجر ، فمنهم من يصلي إذا طلع الفجر الأول المستطيل في السماء ، ومنهم من يصلي إذا اعترض في أسفل الأفق واستبان ولست أعرف أفضل الوقتين فأصلي فيه فإن رأيت أن تعلمني أفضل الوقتين وتحدّه لي. إلى أن قال. فكتب عليه‌السلام بخطه. وقرأته. : الفجر يرحمك الله هو الخيط الأبيض المعترض وليس هو الأبيض صعدا فلا تصل في سفر ولا حضر حتى تبيّنه ، فإن الله تبارك وتعالى لم يجعل خلقه في شبهة من هذا ، فقال تعالى : (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتّٰى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ) ، فالخيط الأبيض هو المعترض الذي يحرم به الأكل والشرب في الصوم ، وكذلك هو الذي يوجب به الصلاة) (٦).

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب المواقيت حديث ١.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب المواقيت حديث ٢ و ٦.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٢٧ ـ من أبواب المواقيت حديث ١ و ٢.

(٦) الوسائل الباب ـ ٢٧ ـ من أبواب المواقيت حديث ٤.

٣٦

(ويمتد وقت الظهرين إلى الغروب) اختيارا على أشهر القولين (١) لا بمعنى أن الظهر تشارك العصر في جميع ذلك الوقت ، بل يختصّ العصر من آخره بمقدار أدائها ، كما يختص الظهر من أوله به (٢).

وإطلاق امتداد وقتهما باعتبار كونهما لفظا واحدا (٣) إذا امتدّ وقت مجموعه من حيث هو مجموع إلى الغروب لا ينافي عدم امتداد بعض أجزائه. وهو الظهر.

إلى ذلك (٤) ، كما إذا قيل : يمتدّ وقت العصر إلى الغروب لا ينافي عدم امتداد بعض أجزائها (٥). وهو أولها. إليه.

وحينئذ (٦) فإطلاق الامتداد (٧) على وقتهما (٨)

______________________________________________________

ثم للنصوص المتقدمة ذهب المشهور إلى أن وقتها يمتد إلى حين طلوع الشمس للمختار والمضطر ، وذهب الشيخ في الكثير من كتبه أن ذلك للمضطر وأما المختار فوقت الصبح إلى أن يسفر الصبح المفسر بحدوث الحمرة المشرقية لصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (وقت الفجر حين ينشق الفجر إلى أن يتجلل الصبح السماء ، ولا ينبغي تأخير ذلك عمدا ولكنه وقت لمن شغل أو نسي أو نام) (١) ، وصحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (لكل صلاة وقتان ، وأول الوقتين أفضلهما ، ووقت صلاة الفجر حين ينشق الفجر إلى أن يتجلل الصبح السماء ولا ينبغي تأخير ذلك عمدا ، ولكنه وقت من شغل أو نسي أو سها أو نام) (٢) ، وموثق عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في الرجل إذا غلبته عينه أو عاقه أمر أن يصلي المكتوبة من الفجر ما بين أن يطلع الفجر إلى أن تطلع الشمس) (٣) وقد حملت هذه الأخبار على بيان وقت الفضيلة لصلاة الصبح مع كراهة تأخيرها عن الحمرة المشرقية جمعا بين النصوص.

(١) قد تقدم الكلام فيه.

(٢) أي بمقدار أدائها.

(٣) فيصيران فعلا واحدا.

(٤) أي إلى الغروب.

(٥) أي صلاة العصر وهو ما قبل الأخير.

(٦) أي وحين اعتبارهما فعلا واحدا بلفظ واحد.

(٧) أي الامتداد إلى الغروب.

(٨) على الظهرين.

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب المواقيت حديث ١ و ٥ و ٧.

٣٧

بهذا المعنى (١) بطريق الحقيقة لا المجاز ، إطلاقا (٢) لحكم بعض الأجزاء على الجميع أو نحو ذلك (٣).

(و) وقت (العشاءين إلى نصف الليل) (٤) مع اختصاص العشاء من آخره بمقدار أدائها ، على نحو ما ذكرناه في الظهرين.

(ويمتدّ وقت الصبح حتى تطلع الشمس) (٥) على أفق مكان المصلي وإن لم تظهر للأبصار (٦).

(و) وقت (نافلة الظهر من الزّوال إلى أن يصير الفي‌ء) وهو الظلّ الحادث بعد الزوال ، سمّاه في وقت الفريضة ظلا وهنا فيئا. وهو (٧) أجود. لأنه مأخوذ من «فاء : إذا رجع» مقدار (قدمين) (٨) أي سبعي قامة

______________________________________________________

(١) من كونهما فعلا واحدا.

(٢) تمثيل للإطلاق المجازي وهو رد على المصنف في الذكرى حيث اعتبر أن الإطلاق مجازي من باب إطلاق الجزء على الكل.

(٣) كإطلاق أحد المجاورين على الآخر.

(٤) قد تقدم الكلام فيه.

(٥) قد تقدم الكلام فيه.

(٦) لوجود حائل كالجبل ونحوه.

(٧) أي الفي‌ء.

(٨) كما هو المشهور للأخبار منها : موثق عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (فإن مضى قدمان قبل أن يصلي ركعة بدأ بالأولى ولم يصل الزوال إلا بعد ذلك ، وللرجل أن يصلي من نوافل الأولى (العصر) ما بين الأولى إلى أن تمضي أربعة أقدام ، فإن مضت الأربعة أقدام ولم يصل من النوافل شيئا فلا يصلّ النوافل) (١) ، وصحيح الفضلاء عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليه‌السلام : (وقت الظهر بعد الزوال قدمان ووقت العصر بعد ذلك قدمان) (٢) ، وخبر زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (سألته عن وقت الظهر فقال : ذراع من زوال الشمس ، ووقت العصر ذراعان من وقت الظهر فذاك أربعة أقدام من زوال الشمس ، ثم قال : إن حائط مسجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان قامة ، وكان إذا مضى منه ذراع صلى الظهر ، وإذا مضى منه ذراعان صلى العصر ، ثم قال : أتدري لم جعل الذراع والذراعان؟ قلت : ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤٠ ـ من أبواب المواقيت حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب المواقيت حديث ١.

٣٨

المقياس (١) ، لأنها (٢) إذا قسّمت سبعة أقسام يقال لكل قسم «قدم» ، والأصل فيه أن قامة الإنسان غالبا سبعة أقدام بقدمه. (وللعصر أربعة أقدام) فعلى هذا (٣) تقدم نافلة العصر بعد صلاة الظهر أول وقتها (٤) أو في هذا المقدار (٥) ، وتؤخّر الفريضة (٦) إلى

______________________________________________________

لم جعل ذلك؟ قال : لمكان النافلة ، لك أن تتنفل من زوال الشمس إلى أن يمضي ذراع ، فإذا بلغ فيؤك ذراعا من الزوال بدأت بالفريضة وتركت النافلة ، وإذا بلغ فيؤك ذراعين بدأت بالفريضة وتركت النافلة) (١) ورواه الشيخ أيضا وزاد فيه : (قال ابن مسكان : وحدثني بالذراع والذراعين سليمان بن خالد وأبو بصير المرادي وحسين صاحب القلانس وابن أبي يعفور ومن لا أحصيه منهم) (٢) إلى غير ذلك من أخبار القدمين والأربعة وأخبار الذراع والذراعين باعتبار أن الذراع قدمان كما تقدم.

وقد حمل المشهور أخبار القدمين على سبعي الشاخص لأن قامة الإنسان بمقدار سبعة أقدام بقدمه بحسب الغالب ونسبة القدمين إلى القامة حينئذ هي ما ذكرنا ، وفيه : إن أخبار القامة المتقدمة في أوقات فريضة الظهرين محمولة على الذراع كما تقدم لأن القامة هي قامة حائط مسجد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأن الحائط كان بمقدار الذراع ، فتكون أخبار القدمين والذراع متطابقة مع أخبار المثل منها : خبر أحمد بن عمر عن أبي الحسن عليه‌السلام : (سألته عن وقت الظهر والعصر فقال : وقت الظهر إذا زاغت الشمس إلى أن يذهب الظل قامة ، ووقت العصر قامة ونصف إلى قامتين) (٣) وقد تقدم بعضها سابقا.

وذهب جماعة منهم الشيخ في الخلاف والفاضلان في المعتبر والتبصرة والمحقق الثاني إلى أن وقت النافلة إلى المثل والمثلين وما ذلك إلا لأن القدمين تساوي ذراعا وهو مقدار قامة حائط مسجد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فإذا بلغ الظل قدمين أو كان بمقدار القامة فلا فرق.

(١) بل هو تمام قامة المقياس كما تقدم.

(٢) أي القامة.

(٣) أي من كون وقت نافلة العصر أربعة أقدام بالمعنى المتقدم من أنها أربعة أسباع الشاخص وأن وقت فضيلة فريضة العصر وهو ما بعد المثل فتقدم نافلة العصر في وقت فريضتها وتؤخر فريضة العصر إلى وقت فضيلتها.

(٤) بعد القدمين مباشرة.

(٥) أي في مقدار أربعة أقدام.

(٦) أي فريضة العصر.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب المواقيت حديث ٣ و ٤.

(٣) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب المواقيت حديث ٩.

٣٩

وقتها ، وهو ما بعد المثل. هذا هو المشهور رواية وفتوى.

وفي بعض الأخبار ما يدلّ على امتداد وقتهما بامتداد وقت فضيلة الفريضة ، وهو زيادة الظلّ بمقدار مثل الشّخص للظهر ومثليه للعصر ، وفيه قوّة (١).

ويناسبه المنقول من فعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمة عليهم‌السلام وغيرهم من السلف من صلاة نافلة العصر قبل الفريضة متصلة بها (٢).

وعلى ما ذكروه من الأقدام لا يجتمعان أصلا (٣) لمن أراد صلاة العصر في وقت الفضيلة ، والمروي أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يتبع الظهر بركعتين من سنّة العصر (٤) ،

______________________________________________________

(١) بل متعين ولا خلاف بينه وبين أخبار القدمين والأربعة كما تقدم.

(٢) أي من اتصال نافلة العصر بفريضتها ويدل عليه خبر رجاء بن أبي الضحاك : (كان الرضا عليه‌السلام إذا زالت الشمس جدّد وضوءه وقام فصلى ست ركعات. إلى أن قال. ثم يؤذن ويصلي ركعتين ثم يقيم ويصلي الظهر. إلى أن قال. فإذا رفع رأسه قام فصلّى ست ركعات إلى أن قال. ثم يؤذن ويصلي ركعتين ويقنت في الثانية فإذا سلّم أقام وصلى العصر) (١) فهذا مناسب لتحديد المثل لأن أربعة أقدام إذا كانت أربعة أسباع الشاخص على مبنى الشارح وكان وقت فريضة العصر بعد المثل فلا بد من الفصل بين نوافل العصر وفريضتها.

(٣) أي لا يجتمع وقت فضيلة العصر مع وقت فضيلة نافلتها ، وهذا بناء على أن الأقدام أربعة أسباع الشاخص ، وقد عرفت ضعف المبنى.

(٤) ويدل عليه مرسلة الصدوق : (قال أبو جعفر عليه‌السلام : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا يصلي بالنهار شيئا حتى تزول الشمس ، وإذا زالت صلّى ثماني ركعات وهي صلاة الأوّابين ، تفتح في تلك الساعة أبواب السماء ويستجاب الدعاء وتهب الرياح وينظر الله إلى خلقه فإذا فاء الفي‌ء ذراعا صلى الظهر أربعا وصلى بعد الظهر ركعتين ، ثم صلى ركعتين أخراوين ثم صلى العصر أربعا) (٢) ، وخبر زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا يصلي من النهار شيئا حتى تزول الشمس فإذا زالت قدر نصف إصبع صلّى ثماني ركعات ، فإذا فاء الفي‌ء ذراعا صلى الظهر ثم صلى بعد الظهر ركعتين ، ويصلي قبل وقت العصر ركعتين فإذا فاء الفي‌ء ذراعين صلى العصر) (٣).

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب إعداد الفرائض حديث ٢٤.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب إعداد الفرائض حديث ٦.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب المواقيت حديث ٣.

٤٠