الزبدة الفقهيّة - ج ٢

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي

الزبدة الفقهيّة - ج ٢

المؤلف:

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي


الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات ذوي القربى
المطبعة: كيميا
الطبعة: ٤
ISBN: 964-6307-55-8
ISBN الدورة:
964-6307-53-1

الصفحات: ٥٥٢

(والوقوف) (١) على مواضعه ، وهي ما تمّ لفظه ومعناه (٢) ، أو أحدهما (٣) ، والأفضل : التام ، ثم الحسن ، ثم الكافي ، على ما هو مقرّر في محله ولقد كان يغني عنه (٤) ذكر الترتيل على ما فسّره به المصنّف (٥) ، فالجمع بينهما تأكيد. نعم ، يحسن الجمع بينهما لو فسّر الترتيل بأنه : تبيين الحروف من غير مبالغة كما فسّره به في المعتبر والمنتهى ، أو بيان الحروف وإظهارها من غير مدّ يشبه الغناء كما فسّره به (٦) في النهاية وهو الموافق لتعريف أهل اللغة.

(وتعمّد الإعراب) (٧) إما بإظهار حركاته وبيانها بيانا شافيا بحيث لا يندمج

______________________________________________________

(١) قال الشارح في الروض «والوقوف على مواضعه فيقف على التام ثم على الحسن ثم على الجائز على ما هو مقرر عند القراء تحصيلا لفائدة الاستماع إذ به يسهل الفهم ويحسن النظم ولا يتعين الوقف في موضع ولا يقبح ، بل متى شاء وقف ومتى شاء وصل مع المحافظة على النظم ، وما ذكره القراء قبيحا أو واجبا لا يعنون به معناه الشرعي ، وقد صرح به محققوهم» انتهى.

(٢) وهو المسمى عندهم بالتام لأنه لا تعلق بما بعده لا لفظا ولا معنى وأكثر ما يوجد في الفواصل ورءوس الآيات.

(٣) فإن تم لفظا ولكنه متعلق بما بعده من حيث المعنى فهو المسمى عندهم بالكافي مثل قوله تعالى : (لٰا رَيْبَ فِيهِ).

وإن تم معنى ولكنه متعلق بما بعده من حيث اللفظ فهو المسمى عندهم بالحسن مثل قوله تعالى : (الْحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ الْعٰالَمِينَ).

وإن كان متعلقا لفظا ومعنى بما بعده فالوقف عليه قبيح كالوقف على المبتدأ أو المضاف.

ثم أضافوا عشرة مواضع وادّعوا أن الوقف عليها وقف غفران ، ورووا عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (إن من ضمن لي أن يقف على عشرة مواضع ضمنت له الجنة) وأن هناك ثمانية وخمسين وقفا حراما ومن وقف على واحد منها فقد كفر وجعل منها الوقف على (صِرٰاطَ الَّذِينَ) إلى غير ذلك مما زخرفوه واختلقوه من دون دليل يدل عليه.

(٤) عن الوقوف.

(٥) في الذكرى.

(٦) أي كما فسّر العلامة الترتيل بهذا المعنى في النهاية وقد تقدم عرض أقوالهم مع عرض المعنى اللغوي عن الجوهري.

(٧) فالإعراب مع الدرج واجب لأنه جزء الكلمة وإلا فلا دليل على استحبابه.

١٨١

بعضها في بعض إلى حد لا يبلغ حدّ المنع (١) ، أو بأن لا يكثر الوقوف الموجب للسكون خصوصا في الموضع المرجوح (٢) ، ومثله حركة البناء.

(وسؤال الرحمة والتعوّذ من النقمة) عند آيتيهما (٣) (مستحبّ) خبر الترتيل وماعطف عليه ، وعطفها (٤) بثم الدال على التراخي لما بين الواجب والندب من التغاير (وكذا) يستحب (تطويل السورة (٥) في الصبح) كهل أتاك وعمّ ، لا مطلق التطويل ، (وتوسّطها في الظهر والعشاء) كهل أتاك والأعلى كذلك (٦) ، (وقصرها)

______________________________________________________

(١) بحيث لو وصل الأمر إلى دمج بعضها ببعض فتعمد الإعراب حينئذ واجب وليس بمستحب.

(٢) في الوقف الكافي مثلا.

(٣) لمرسل ابن أبي عمير المتقدم في الترتيل ، ومثله غيره.

(٤) أي المذكورات.

(٥) ذكر المشهور أن المستحب هو قراءة قصار السور من المفصل في الظهرين والمغرب ، ومتوسطاته في العشاء ومطولاته في الصبح ، وقد اعترف أكثر من واحد منهم الشارح في الروض بعدم العثور على مستند لذلك في أخبارنا وإنما اتبع المشهور في ذلك العامة ، هذا من جهة ومن جهة أخرى فالمشهور على أن المفصّل من أول سورة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى آخر القرآن ، وقيل إن أوله من الحجرات أو من الجاثية أو القتال أو ق وقيل غير ذلك ، ومن جهة ثالثة سمي المفصّل بذلك لكثرة الفصول بين سوره ومطولاته من أوله إلى عمّ ومتوسطاته من عمّ إلى الضحى وقصاره من الضحى إلى آخره.

ومن جهة رابعة فالوارد عندنا في هذا هو رواية سعد الإسكاف عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (أعطيت السور الطوال مكان التوراة والمئين مكان الإنجيل ، والمثاني مكان الزبور وفضّلت بالمفصّل ثمان وستين سورة وهو مهيمن على سائر الكتب) (١). والعدد المذكور منطبق على كونه من أول سورة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وفي خبر دعائم الإسلام (لا بأس أن يقرأ في الفجر بطوال المفصّل وفي الظهر والعشاء الآخرة بأواسطه وفي العصر والمغرب بقصاره) (٢) وهو لم يخالف المشهور إلا في الظهر.

(٦) أي لا مطلق التوسط.

__________________

(١) أصول الكافي ج ٢ كتاب فضل القرآن حديث ١٠.

(٢) مستدرك الوسائل الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ٢.

١٨٢

(في العصر والمغرب) بما دون ذلك. وإنما أطلق ولم يخصّ التفصيل بسور المفصّل لعدم النصّ على تعيينه بخصوصه عندنا ، وإنما الوارد في نصوصنا هذه السور وأمثالها (١) لكنّ المصنف وغيره قيّدوا الأقسام بالمفصّل ، والمراد به (٢) ما بعد محمّد (٣) أو الفتح ، أو الحجرات ، أو الصفّ ، أو الصافات إلى آخر القرآن. وفي مبدئه أقوال أخر أشهرها الأول ، سمّي مفصّلا لكثرة فواصله بالبسملة بالإضافة إلى باقي القرآن ، أو لما فيه من الحكم المفصّل لعدم المنسوخ منه.

(وكذا يستحبّ قصر السورة مع خوف الضيق) بل قد يجب (٤) (واختيار هل أتى وهل أتاك في صبح الاثنين) ، وصبح (الخميس) (٥) فمن قرأهما في اليومين

______________________________________________________

(١) كما في صحيح محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (أما الظهر والعشاء الآخرة تقرأ فيهما سواء ، والعصر والمغرب سواء ، وأما الغداة فأطول ، وأما الظهر والعشاء الآخرة فسبح اسم ربك الأعلى والشمس وضحاها ونحوها ، وأما العصر والمغرب فإذا جاء نصر الله وألهاكم التكاثر ونحوها ، وأما الغداة فعمّ يتساءلون وهل أتاك حديث الغاشية ولا أقسم بيوم القيامة وهل أتى على الإنسان حين من الدهر) (١) وخبر عيسى بن عبد الله القمي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يصلّي الغداة بعمّ يتساءلون وهل أتاك حديث الغاشية ولا أقسم بيوم القيامة وشبهها ، وكان يصلي الظهر بسبح اسم والشمس وضحاها وهل أتاك حديث الغاشية وشبهها ، وكان يصلي المغرب بقل هو الله وإذا جاء نصر الله والفتح وإذا زلزلت ، وكان يصلي العشاء الآخرة بنحو ما يصلي في الظهر والعصر بنحو من المغرب) (٢) وهذه الأخبار ظاهرة في إلحاق الظهر بالعشاء لا في العصر والمغرب كما ذهب إليه المشهور.

(٢) بالمفصّل.

(٣) على المشهور ويدل عليه خبر سعد الإسكاف المتقدم.

(٤) مراعاة للوقت.

(٥) لمرسل الفقيه (حكى من صحب الرضا عليه‌السلام إلى خراسان أنه كان يقرأ في صلاة الغداة يوم الاثنين ويوم الخميس في الركعة الأولى الحمد وهل أتى على الإنسان ، وفي الثانية الحمد وهل أتاك حديث الغاشية ، فإن من قرأهما في صلاة الغداة يوم الاثنين ويوم الخميس وقاه الله شر اليومين) (٣).

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٤٨ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ٢ و ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ٥٠ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ١.

١٨٣

وقاه الله شرهما ، (و) سورة (الجمعة والمنافقين في ظهريها وجمعتها) (١) على طريق الاستخدام ، وروي (٢) أن من تركهما فيها متعمدا فلا صلاة له ، حتى قيل بوجوب قراءتهما في الجمعة وظهرها لذلك وحملت الرّواية على تأكد الاستحباب

______________________________________________________

(١) على المشهور لصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (اقرأ سورة الجمعة والمنافقين فإن قراءتهما سنة يوم الجمعة في الغداة والظهر والعصر) (١) ومرفوع حريز وربعي عن أبي جعفر عليه‌السلام (إذا كان ليلة الجمعة يستحب أن يقرأ في العتمة سورة الجمعة وإذا جاءك المنافقون وفي صلاة الصبح مثل ذلك وفي صلاة الجمعة مثل ذلك وفي صلاة العصر مثل ذلك) (٢).

وفي الشرائع نسبة القول بوجوبهما في الظهرين من الجمعة إلى البعض ولعله الصدوق لأنه أمر بالإعادة لو نسيهما لصحيح عمر بن يزيد عن أبي عبد الله عليه‌السلام (من صلى الجمعة بغير الجمعة والمنافقين أعاد الصلاة في سفر أو حضر) (٣) ، غايته أن الخبر كفتوى الصدوق مختص بالظهر وأما العصر فوجوب قراءتهما فيها مما لم يعرف قائله ولكن الخبر محمول على الاستحباب المؤكد جمعا بينها وللتعبير بالاستحباب في الأخبار المتقدمة ولخبر علي بن يقطين عن أبي الحسن عليه‌السلام (عن الجمعة في السفر ما اقرأ فيها؟ قال : اقرأ فيهما بقل هو الله أحد) (٤) وهو ظاهر في استحباب الجمعة والمنافقين جمعا بينه وبين ما تقدم ومنه تعرف وجوبهما في الجمعة كما عن السيد المرتضى.

فالضمير في (ظهريها وجمعتها) راجع إلى الجمعة باعتبار أنها يوم ، والمراد منها سورة الجمعة لإضافة السورة إليها فاختلف المراد من الضمير مع المراد من مرجعه.

(٢) كما في خبر محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (إن الله أكرم بالجمعة المؤمنين فسنّها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بشارة لهم ، والمنافقين توبيخا للمنافقين ، ولا ينبغي تركهما فمن تركهما متعمدا فلا صلاة له) (٥) ، وخبر عبد الملك الأحول عن أبيه عن أبي عبد الله عليه‌السلام (من لم يقرأ في الجمعة بالجمعة والمنافقين فلا جمعة له) (٦) لكنهما محمولان على الاستحباب المؤكد لما سمعت من خبر علي بن يقطين المتقدم ولخبره الآخر (سألت أبا الحسن الأول عليه‌السلام : عن الرجل يقرأ في صلاة الجمعة بغير سورة الجمعة متعمدا ، قال عليه‌السلام : لا ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٤٩ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ٦ و ٣.

(٣) الوسائل الباب ـ ٧٢ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ١.

(٤) الوسائل الباب ـ ٧١ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ٢.

(٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ٧٠ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ٣ و ٧.

١٨٤

جمعا ، (والجمعة والتوحيد في صبحها) (١) وقيل : الجمعة والمنافقين ، وهو مرويّ أيضا ، (والجمعة والأعلى في عشاءيها) (٢) : المغرب والعشاء ، وروي في المغرب : الجمعة والتوحيد ، ولا مشاحة في ذلك ، لأنه مقام استحباب (٣).

______________________________________________________

بأس بذلك) (١) ومثله غيره.

(١) كما في الكثير من النصوص منها : خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (اقرأ في ليلة الجمعة الجمعة وسبح اسم ربك الأعلى ، وفي الفجر سورة الجمعة وقل هو الله أحد) (٢) هذا على المشهور ، وذهب المرتضى وابن بابويه إلى قراءة الجمعة والمنافقين في صبح الجمعة لصحيح زرارة ومرفوع حريز وربعي المتقدمين.

(٢) أي في ليلة الجمعة والذي يدل على الجمعة والأعلى في العشاءين هو خبر أبي بصير المتقدم ، وورد استحباب قراءة الجمعة والمنافقين كما في مرفوع حريز وربعي المتقدم ، وورد استحباب قراءة الجمعة وقل هو الله أحد في مغرب ليلة الجمعة كما في خبر أبي الصباح الكناني عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إذا كان ليلة الجمعة فاقرأ في المغرب سورة الجمعة وقل هو الله أحد) (٣).

(٣) قال المحقق في المعتبر «ولا مشاحة في ذلك لأنه مقام استحباب» ، نعم ورد الأمر بقراءة إنا أنزلناه في الركعة الأولى وبقل هو الله أحد في الثانية من كل صلاة بل لو عدل عن غيرهما إليهما لما فيهما من الفضل أعطي أجر السورة التي عدل عنها مضافا إلى أجرهما ، ففي خبر الاحتجاج عن صاحب الزمان عليه‌السلام (كتب إلى محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري في جواب مسائله حيث سأله عما روي في ثواب القرآن في الفرائض وغيرها أن العالم عليه‌السلام قال : عجبا لمن لم يقرأ في صلاته إنا أنزلناه في ليلة القدر كيف تقبل صلاته؟ وروي ما زكت صلاة لم يقرأ فيها قل هو الله أحد ، وروي أن من قرأ في فرائضه الهمزة أعطي من الثواب قدر الدنيا ، فهل يجوز أن يقرأ الهمزة ويدع هذه السور التي ذكرناها مع ما قد روي أنه لا تقبل صلاته ولا تزكو إلا بهما.

الثواب في السورة على ما قد روي ، وإذا ترك سورة مما فيها من الثواب وقرأ قل هو الله أحد وإنا أنزلناه لفضلهما أعطي ثواب ما قرأ وثواب السورة التي ترك ، ويجوز أن يقرأ غير هاتين السورتين وتكون صلاته تامة ، ولكنه يكون قد ترك الأفضل).

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٧١ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٤٩ ـ من أبواب قراءة في الصلاة حديث ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ٤٩ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ٤.

١٨٥

(وتحرم) قراءة (العزيمة في الفريضة) (١) على أشهر القولين. فتبطل (٢) بمجرد الشروع فيها عمدا للنهي ، ولو شرع فيها (٣) ساهيا ، عدل عنها وإن تجاوز نصفها ، ما لم يتجاوز موضع السجود ، ومعه (٤) ففي العدول ، أو إكمالها والاجتزاء بها ،

______________________________________________________

(١) على المشهور ولم يعرف الخلاف إلا من ابن الجنيد ، ومستند المشهور خبر زرارة عن أحدهما عليهما‌السلام (لا تقرأ في المكتوبة بشي‌ء من العزائم فإن السجود زيادة في المكتوبة) (١) وموثق سماعة (من قرأ (اقرأ باسم ربك) فإذا ختمها فليسجد. إلى أن قال. ولا تقرأ في الفريضة اقرأ في التطوع) (٢).

وذهب ابن الجنيد إلى جواز القراءة مع ترك آية السجدة فإذا فرغ من الصلاة قرأها وسجد ويشهد له خبر عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن الرجل يقرأ في المكتوبة سورة فيها سجدة من العزائم فقال : إذا بلغ موضع السجدة فلا يقرأها) (٣).

وهذا منه على مبناه من عدم وجوب السورة والتبعيض جائز فيمكن قراءتها من دون قراءة موجب السجود ، والمتّبع الأول لوجوب السورة كما تقدم ولعمل المشهور بالخبرين السابقين.

(٢) أي الصلاة ، اعلم أنه على القول المشهور المنصور من التحريم إن قرأ سورة فيها عزيمة تبطل الصلاة بمجرد الشروع لأنه إن أكمل السورة فيجب السجود وهو زيادة في المكتوبة وإن ترك موجب السجود لزم الاقتصار على الأقل من السورة وهو ممنوع ، هذا كله إذا كان من نيته الإتمام حين الشروع وإلا لو كان العدم وعدل عنها إلى غيرها قبل تجاوز النصف بشرط أن تكون السجدة في النصف الآخر فلا دليل على بطلان صلاته.

(٣) ساهيا فإن تذكر قبل آية السجدة عدل عنها إلى غيرها وإن كان قد تجاوز النصف لأن نصوص العدول الآتية المقيدة بما لم يبلغ النصف منصرفة عن هذا المقام وظاهرة فيما لو كانت السورة مجزية عند الإكمال بخلاف ما نحن فيه فإنها غير مجزية لو أكملها فضلا عن بطلان الصلاة بها.

(٤) أي مع التجاوز لموضع السجود فذهب الشهيد في البيان إلى الجزم بالعدول مع التذكر بعد قراءة آية السجدة أو بعد الإتمام إذا كان قبل الركوع وتابعه المحقق الثاني وصاحب الجواهر لإطلاق النهي عن قراءة العزيمة المقتضي لعدم الاجتزاء وعن غيرهم أنه صحت صلاته ولا يجب عليه العدول لوقوع ما يخشى منه وهو قراءة آية السجدة ، ثم على هذا

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ٦.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٤٠ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ١ و ٢ و ٣.

١٨٦

مع قضاء السجود بعدها ، وجهان في الثاني منهما قوة ومال المصنّف في الذكرى إلى الأول ، واحترز بالفريضة عن النافلة ، فيجوز قراءتها فيها (١) ، ويسجد لها في محله ، وكذا لو استمع (٢) فيها إلى قارئ أو سمع (٣) على أجود القولين.

______________________________________________________

القول اختلفوا فهل يجب السجود عند التذكر كما في كشف الغطاء أو يؤخره إلى ما بعد الفراغ من الصلاة كما هو المعروف بينهم أو يومئ بدل السجود كما عن بعض أو يجمع بين الإيماء في الأثناء والسجود بعد الفراغ أقوال أربعة والأحوط الأخير وإن كان الإيماء كاف لخبر أبي بصير (إن صليت مع قوم فقرأ الإمام (اقرأ باسم ربك) أو شيئا من العزائم وفرغ من قراءته ولم يسجد فأومئ إيماء) (١) وخبر سماعة (وإذا ابتليت بها مع إمام لا يسجد فيجزيك الإيماء والركوع) (٢) وخبر علي بن جعفر (عن الرجل يكون في صلاة في جماعة فيقرأ إنسان السجدة كيف يصنع؟ قال عليه‌السلام : يومئ برأسه ، قال : وسألته عن الرجل يكون في صلاة فيقرأ آخر السجدة فقال عليه‌السلام : يسجد إذا سمع شيئا من العزائم الأربع ثم يقوم فيتم صلاته إلا أن يكون في فريضة فيومئ برأسه إيماء) (٣).

(١) في النافلة بلا خلاف لموثق سماعة المتقدم.

(٢) في النافلة ، لا خلاف في وجوب السجود على من استمع لها للأخبار منها : خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إذا قرئ بشي‌ء من العزائم الأربع فسمعتها فاسجد وإن كنت على غير وضوء) (٤).

(٣) كما عليه الأكثر لإطلاق خبر ابن جعفر عن أخيه (عن الرجل يكون في صلاة جماعة فيقرأ إنسان السجدة كيف يصنع؟ قال عليه‌السلام : يومئ برأسه إيماء) (٥) وعن الشيخ والمحقق والعلامة وجماعة العدم لاختصاص السجود بالاستماع لا بالسماع ويدل عليه خبر ابن سنان (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل سمع السجدة تقرأ ، قال عليه‌السلام : لا يسجد إلا أن يكون منصتا لقراءته مستمعا لها أو يصلي بصلاته ، فأما أن يكون يصلي في ناحية وأنت تصلي في ناحية أخرى فلا تسجد لما سمعت) (٦).

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٨ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٣٧ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ٤٣ ـ من أبواب قراءة القرآن حديث ٣ و ٤.

(٤) الوسائل الباب ـ ٤٢ ـ من أبواب قراءة القرآن حديث ٢.

(٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ٤٣ ـ من أبواب قراءة القرآن حديث ٣ و ١.

١٨٧

ويحرم استماعها في الفريضة فإن فعل ، أو سمع اتفاقا وقلنا بوجوبه له (١) أومأ لها (٢) وقضاها (٣) بعد الصلاة ، ولو صلّى مع مخالف تقية فقرأها تابعه في السجود ولم يعتد بها (٤) على الأقوى والقائل بجوازها منا (٥) لا يقول بالسجود لها في الصلاة فلا منع من الاقتداء به (٦) من هذه الجهة (٧) ، بل من حيث فعله (٨) ما يعتقد المأموم الإبطال به.

(ويستحب الجهر بالقراءة في نوافل الليل ، والسّر في) نوافل (النهار) (٩) وكذا قيل (١٠) في غيرها من الفرائض (١١) ، بمعنى استحباب الجهر بالليلية منها ،

______________________________________________________

(١) أي بوجوب السجود للسماع.

(٢) وقد تقدم أخبار الإيماء.

(٣) من باب الاحتياط ليس إلا.

(٤) أي بصلاته للزيادة العمدية من السجود مع عدم العلم باغتفار مثل هذا تقية ، وإن كانت التقية ترفع تحريم إبطال الصلاة بزيادة السجود.

(٥) هو ابن الجنيد حيث جوّز قراءة العزائم في الفريضة ولكن لم يجوّز السجود في أثناء الصلاة بل أوجب ترك موجب السجود إلى ما بعد الصلاة. وعليه فالاقتداء بمن يقول بهذا القول وقد قرأ سورة العزيمة من دون موجبها غير مجز ، وعدم الإجزاء لا من ناحية زيادة السجود ، كيف وقد عرفت أن ابن الجنيد قد أوجب ترك موجب السجود في أثناء الصلاة بل من ناحية أن صلاة الإمام بنظر المأموم باطلة لأن الإمام قد أقدم على ما لا يجوز له قراءته وهي سورة العزيمة والمأموم يعتبر أن قراءة سورة العزيمة منهي عنها والنهي يقتضي الفساد.

(٦) أي بهذا القائل منا.

(٧) أي جهة عدم السجود في الصلاة.

(٨) فعل الإمام من قراءة السورة المنهي عنها.

(٩) بلا خلاف فيه لمرسل ابن فضال عن أبي عبد الله عليه‌السلام (السنة في صلاة النهار بالإخفات والسنة في صلاة الليل بالإجهار) (١).

(١٠) وهو المحقق الثاني في جامعه.

(١١) بشرط أن يكون لها نظير في الليل ونظير في النهار كالكسوفين فصلاة الكسوف يستحب ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٢ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ٢.

١٨٨

والسّر في نظيرها نهارا كالكسوفين ، أما ما لا نظير له (١) فالجهر مطلقا (٢) كالجمعة (٣) والعيدين (٤) ، والزلزلة (٥) ، والأقوى في الكسوفين ذلك (٦) ، لعدم اختصاص الخسوف بالليل (وجاهل الحمد (٧) يجب عليه التعلم) مع إمكان وسعة

______________________________________________________

فيها الإسرار لأنها تصلّى نهارا ، وصلاة الخسوف يجهر فيها لأنها تصلّى ليلا وفيه : إنه يستحب الإجهار في الكسوفين بل عن المنتهى نسبته إلى علمائنا وأكثر العامة ، ويدل عليه صحيح زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام الوارد في صلاة الكسوفين (وتجهر بالقراءة) (١).

(١) تتمة قول المحقق الثاني. والمراد أنه ليس له فردان أحدهما ليلي والآخر نهاري بل له فرد واحد قد يقع نهارا كالعيدين وقد يقع كالزلزلة في بعض الأحيان.

(٢) سواء صلاها بالنهار أو الليل.

(٣) واستحباب الجهر فيها إجماعي ويدل عليه أخبار منها : صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (والقراءة فيها بالجهر) (٢) بل وكذا لو صلاها ظهرا لخبر عمران الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن الرجل يصلي الجمعة أربع ركعات أيجهر فيها بالقراءة؟ قال : نعم والقنوت في الثانية) (٣).

(٤) لخبر ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يعتم في العيدين. إلى أن قال. ويجهر بالقراءة كما يجهر في الجمعة) (٤).

(٥) إلحاقا لها بصلاة الكسوفين لأن جنس الجميع واحد.

(٦) أي الجهر وقد تقدم دليله وهو صحيح زرارة ومحمد بن مسلم ، لا لما قاله الشارح من وقوع خسوف القمر نهارا وذلك قبل طلوع الشمس وبعد طلوع الفجر من جهة المغرب وقبل ذهاب الحمرة المشرقية وبعد غياب القرص من جهة المشرق.

(٧) يجب عليه تعلمها للإجماع المدعى عن المعتبر والمنتهى وعن العلامة الطباطبائي في مصابيحه «إن ثبت الإجماع كما

في المعتبر والمنتهى وإلا اتجه القول بنفي الوجوب» وذلك لأنه لا دليل على وجوب التعلم إلا وجوب نفس الصلاة مع أنه يمكن له أن يأتي بها مأموما فتسقط عنه قراءة الحمد ، وإلا كون وجوب التعلم نفسيا هو مما لا دليل عليه كما حرر في الأصول.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب صلاة الكسوف والآيات حديث ٦.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٧٣ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ٢ و ١.

(٤) الوسائل الباب ـ ٣٢ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ١.

١٨٩

الوقت (فإن ضاق الوقت قرأ ما يحسن منها) (١) أي من الحمد ، هذا إذا سمّي قرآنا ، فإن لم يسمّ لقلّته فهو كالجاهل بها أجمع.

وهل يقتصر عليه (٢) ، أو يعوّض عن الفائت؟ (٣) ظاهر العبارة الأول (٤) ، وفي الدروس : الثاني وهو الأشهر. ثم إن لم يعلم غيرها (٥) من القرآن كرّر ما يعلمه بقدر الفائت (٦) ، وإن علم ففي التعويض منها (٧) ، أو منه (٨) قولان مأخذهما كون الأبعاض أقرب إليها ، وأن الشي‌ء الواحد لا يكون أصلا وبدلا ، وعلى التقديرين (٩) فيجب المساواة له (١٠) في الحروف (١١) ، وقيل في الآيات (١٢).

______________________________________________________

(١) بلا خلاف ولا إشكال لقاعدة الميسور.

(٢) على ما يعرفه من الحمد بشرط أن يكون قرآنا ، كما عليه جماعة كما عن المعتبر والمنتهى والتحرير ومجمع البرهان والمدارك لأصالة البراءة عن وجوب العوض.

(٣) كما اختاره الشهيد في الذكرى والدروس وابن سعيد في جامعه بل نسب إلى المشهور لوجوب قراءة الحمد ومع التعذر فينتقل إلى البدل وهو العوض عن الفائت.

(٤) حيث لم يقيدها المصنف بالتعويض عن الفائت.

(٥) غير الحمد.

(٦) لأن الذي يعرفه من القرآن منحصر بها فلا بد من تكرار ما يعلمه منها حينئذ.

(٧) من الحمد لأنه أقرب إلى الفائت لكون الجميع من سورة الحمد ، وهو قول العلامة في التذكرة.

(٨) أي من القرآن لعموم قوله تعالى : (فَاقْرَؤُا مٰا تَيَسَّرَ مِنْهُ) (١) ، ولأن الشي‌ء الواحد لا يكون أصلا وبدلا وهو قول العلامة في النهاية ، وفي الثاني ضعف لأن الجزء الذي يعرفه يأتي به أولا بالأصالة ويأتي به ثانيا بدلا عما لا يعرفه فتغاير البدل والمبدل منه.

(٩) سواء كان التعويض من الحمد أو من القرآن.

(١٠) أي للفائت.

(١١) كما عن المشهور لوجوب التطابق بين البدل والمبدّل.

(١٢) لقوله تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْنٰاكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثٰانِي) (٢) فيجب التطابق في الآيات سواء قصرت أو طالت كقضاء أيام الصوم.

__________________

(١) المزمل الآية : ٢٠.

(٢) الحجر الآية : ٨٧.

١٩٠

والأول أشهر.

ويجب مراعاة الترتيب بين البدل والمبدل ، فإن علم الأول أخّر البدل (١) ، أو الآخر قدّمه (٢) ، أو الطرفين وسّطه (٣) ، أو الوسط حفّه به (٤) ، وهكذا. ولو أمكنه الائتمام قدّم على ذلك (٥) ، لأنه في حكم القراءة التامة ، ومثله (٦) ما لو أمكن متابعة قارئ ، أو القراءة من المصحف ، بل قيل بإجزائه (٧) اختيارا ، والأولى اختصاصه بالنافلة ، (فإن لم يحسن) شيئا منها (٨) (قرأ من غيرها بقدرها) (٩) أي

______________________________________________________

(١) لكون المبدل متأخرا.

(٢) أي قدم البدل لكون المبدل متقدما.

(٣) أي وسّط البدل بين الطرفين لكون المبدل كذلك.

(٤) أي حف الوسط بالبدل من حاشيتيه لكون المبدل كذلك.

(٥) أي على البدل ، بل عرفت تقديمه على وجوب التعلم أيضا.

(٦) ومثل الائتمام.

(٧) أي يكون مجزيا حال الاختيار والاضطرار في الفريضة سواء كان قادرا على التعلم أو لا كما عن ظاهر الشرائع والتذكرة ونهاية الأحكام لخبر الحسن بن زياد الصيقل عن أبي عبد الله عليه‌السلام (ما تقول في الرجل يصلي وهو ينظر في المصحف يقرأ فيه ، يضع السراج قريبا منه؟ قال عليه‌السلام : لا بأس بذلك) (١).

وعن الشهيدين والمحقق الثاني وجماعة عدم الجواز في الفريضة لخبر علي بن جعفر عن أخيه عليه‌السلام (عن الرجل والمرأة يضع المصحف أمامه ينظر فيه ويقرأ ويصلي؟ قال عليه‌السلام : لا يعتدّ بتلك الصلاة) (٢) وأصحاب القول الأول حملوا الخبر الثاني على الكراهة جمعا بين الأخبار ، وأصحاب القول الثاني حملوا الخبر الأول على النافلة جمعا بين الأخبار ، والجمع الأول هو الأظهر.

(٨) من الحمد.

(٩) على المشهور للنبوي : (إذا قمت إلى الصلاة فإن كان معك قرآن فاقرأ به ، وإلا فاحمد الله تعالى وهلله وكبره) (٣) وهو ظاهر في أن الانتقال إلى الذكر بعد تعذر قراءة القرآن مطلقا. وفي الشرائع التخيير بين القراءة من غيرها والذكر والنبوي يدفعه.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٤١ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ١ و ٢.

(٣) كنز العمال ج ٤ ص ١٩٤٦.

١٩١

بقدر الحمد حروفا (١) ، وحروفها مائة وخمسة وخمسون حرفا بالبسملة (٢) ، إلا لمن قرأ مالك فإنها تزيد حرفا ، ويجوز الاقتصار على الأقل ، ثم قرأ السورة إن كان يحسن سورة تامة ولو بتكرارها عنهما مراعيا في البدل المساواة (فإن تعذر) ذلك كلّه ولم يحسن شيئا من القراءة (ذكر الله تعالى (٣) بقدرها) أي بقدر الحمد خاصة ، أما السورة فساقطة كما مر (٤).

وهل يجزي مطلق الذكر (٥)؟ أم يعتبر الواجب في الأخيرتين؟ قولان اختار ثانيهما المصنف في الذكرى لثبوت بدليته عنها (٦) في الجملة. وقيل يجزئ مطلق الذكر وإن لم يكن بقدرها عملا بمطلق الأمر (٧) ، والأوّل أولى ، ولو لم يحسن

______________________________________________________

(١) وقد تقدم دليله.

(٢) بناء على أن الحمد مشتملة على (ملك) لا على (مالك).

(٣) بالتسبيح والتكبير والتهليل والذكر ، فعن المشهور أنه يذكر الله ويسبحه ويهلله ، وعن نهاية الأحكام زيادة التحميد ، وعن الخلاف الاقتصار على الحمد ، وفي اللمعة هنا الاقتصار على الذكر ، وعن الجعفي والكاتب تعيين التسبيح الواجب في الأخيرتين ، وقد تقدم النبوي المشتمل على التحميد والتهليل والتكبير ، وفي النبوي المروي في المنتهى والتذكرة (أنه قال لرجل : قل : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم) وقد رواه في الذكرى إلى قوله : (إلا بالله) وهو مما روته العامة (١).

وهذه الأخبار عامية فالأولى الاقتصار على صحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إن الله فرض من الصلاة الركوع والسجود ألا ترى لو أن رجلا دخل في الإسلام لا يحسن أن يقرأ القرآن أجزأه أن يكبر ويسبح ويصلّي) (٢) وظاهره أن التكبير للافتتاح فيقتصر على التسبيح إما مطلقه وإما ما ورد في الركعتين الأخيرتين.

(٤) عند قول المصنف : (إلا مع الضرورة).

(٥) الشامل على التحميد والتهليل والتكبير والتسبيح.

(٦) أي ثبوت بدلية الذكر الواجب عن الحمد كما هو الحكم بالتخيير بينهما في الأخيرتين ، ومقصود الشارح من قوله «في الجملة» أي في الأخيرتين ، ولكن عرفت دلالة صحيح ابن سنان عليه أيضا.

(٧) قال الشارح في الروض «وفي المعتبر اجتزأ بمدلول الخبر النبوي مرة لإطلاق الأمر».

__________________

(١) سنن البيهقي ج ٢ ص ٣٨١ ، وسنن أبي داود ج ١ الرقم ٨٣٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ١.

١٩٢

الذكر قيل (١) وقف بقدرها لأنه كان يلزمه عند القدرة على القراءة قيام وقراءة ، فإذا فات أحدهما بقي الآخر ، وهو حسن.

(والضحى وأ لم نشرح سورة) واحدة (والفيل والإيلاف سورة) في المشهور (٢) فلو قرأ إحداهما في ركعة ، وجبت الأخرى على الترتيب ، والأخبار خالية من الدلالة على وحدتهما (٣) وإنما دلت على عدم إجزاء إحداهما ، وفي بعضها (٤) تصريح بالتعدد (٥) مع الحكم المذكور (٦) ، والحكم من حيث الصلاة واحد (٧) ،

______________________________________________________

(١) وهو العلامة في النهاية.

(٢) لمرسل الشرائع «روى أصحابنا أن (الضحى) و (ألم نشرح) سورة واحدة ، وكذا (الفيل) و (لإيلاف)» (١) ومثله مرسل الطبرسي في مجمع البيان (٢) ، وخبر أبي العباس عن أبي عبد الله عليه‌السلام (الضحى وأ لم نشرح سورة واحدة) (٣) وخبر القاسم بن عروة عن شجرة أخي بشير النبال عن أبي عبد الله عليه‌السلام (ألم تر ، ولإيلاف سورة واحدة) (٤) ومثله خبر أبي جميلة عنه عليه‌السلام (٥)

ويؤيده عدم جواز الاكتفاء بإحداهما في الصلاة لأخبار منها : صحيح زيد الشحام (صلى بنا أبو عبد الله عليه‌السلام الفجر فقرأ الضحى وأ لم نشرح في ركعة) (٦) وخبر المفضل بن صالح عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا تجمع بين سورتين في ركعة واحدة إلا الضحى و (أَلَمْ نَشْرَحْ) ، و (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ) و (لِإِيلٰافِ قُرَيْشٍ)) (٧).

وذهب المحقق في المعتبر إلى أنهما سورتان وإن لم تجز إحداهما دون الأخرى في الصلاة ، بدليل التصريح أنهما سورتان في خبر المفضل ولأن وضعهما في المصحف يدل على ذلك ، والأمر سهل ما دام تجب قراءتهما معا غير أن المراسيل المتقدمة منجبرة باعتماد الأصحاب عليها فالأقوى أنهما سورة واحدة وبينهما البسملة.

(٣) بالنظر إلى صحيح زيد الشحام وخبر المفضل المتقدمين فقط.

(٤) أي بعض الأخبار كما في خبر المفضل بن صالح المتقدم.

(٥) أي تعدد سورتهما.

(٦) أي عدم إجزاء إحداهما فلا بد من ضم الأخرى في الصلاة.

(٧) لأنه لا بد من قراءتهما معا سواء قلنا بكونهما سورة أو سورتين.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ٩ و ٤.

(٣ و ٤ و ٥) مستدرك الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ١ و ٢ وملحقه.

(٦ و ٧) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ١ و ٥.

١٩٣

وإنما تظهر الفائدة في غيرها (١) (وتجب البسملة بينهما) على التقديرين في الأصح (٢) لثبوتها بينهما تواترا ، وكتبها في المصحف المجرّد عن غير القرآن حتى النقط والإعراب ، ولا ينافي ذلك الواحدة لو سلّمت كما في سورة النمل (٣).

______________________________________________________

(١) كالنذر وأخويه.

(٢) أما على تقدير التعدد فواضح بلا خلاف فيه ، وأما على تقدير الوحدة فذهب الأكثر على كون البسملة بينهما لثبوتها في المصاحف عند المسلمين من صدر الإسلام وعن الشيخ والمحقق بل في البحار نسبته إلى الأكثر وفي التبيان ومجمع البيان نسبته إلى الأصحاب من عدم البسملة بينهما لسقوطها من مصحف أبي ، قال في مجمع البيان «وروي أن أبي بن كعب لم يفصل بينهما في مصحفه» (١).

(٣) فإن البسملة فيها متعددة ، وفيه نظر لأن البسملة الثانية في سورة النمل جزء آية ولارتباط ما قبلها وما بعدها بها بخلاف المقام.

وبقي هناك أحكام مستحبة وواجبة في القراءة وهي مشهورة فكان على المصنف ذكرها أو على الشارح استدراكها لأن اللمعة مبنية على ذكر المشهورات منها : أن البسملة جزء من كل سورة فيجب قراءتها بالاتفاق للأخبار الكثيرة منها : صحيح ابن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن السبع المثاني والقرآن العظيم أهي الفاتحة؟ قال عليه‌السلام : نعم ، قلت : بسم الله الرحمن الرحيم من السبع؟ قال عليه‌السلام : نعم هي أفضلهن) (٢).

وخبر ابن عمران الهمداني (كتبت إلى أبي جعفر عليه‌السلام : جعلت فداك ما تقول في رجل ابتدأ ببسم الله الرحمن الرحيم في صلاته وحده بأم الكتاب فلما صار إلى غير أم الكتاب من السورة تركها فقال العباسي : ليس بذلك بأس؟ فكتب عليه‌السلام بخطه : يعيدها مرتين على رغم أنفه) (٣) وما ورد من جواز تركها (٤) محمول على التقية لموافقته للعامة ومذهبهم في ذلك مشهور. نعم لا بسملة في سورة براءة بالاتفاق لأنه هو المرسوم في جميع المصاحف.

ويجب الجهر بالبسملة في الصلاة الجهرية بلا كلام لأنها جزء مما يجب الجهر فيه ، وأما في الصلاة الإخفاتية وهي الظهران فيستحب الجهر بها في الحمد والسورة على المشهور لصحيح صفوان (صليت خلف أبي عبد الله عليه‌السلام أياما فكان إذا كان صلاة لا يجهر فيها ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ٧.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ٢ و ٦.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ٢ و ٣ و ٤ و ٥.

١٩٤

.................................................................................................

______________________________________________________

جهر ببسم الله الرحمن الرحيم ، وكان يجهر في السورتين جميعا) (١) ، وخبر أبي حفص الصائغ (صليت خلف جعفر بن محمد عليه‌السلام فجهر ببسم الله الرحمن الرحيم) (٢) ، وخبر الفضل بن شاذان عن الرضا عليه‌السلام في كتابه إلى المأمون : (والإجهار ببسم الله الرحمن الرحيم في جميع الصلوات سنة) (٣).

وعن أبي الصلاح وجوب الجهر في الحمد والسورة في الأوليين وعن القاضي ابن البراج والصدوق وجوب الجهر حتى في الأخيرتين لخبر الأعمش عن جعفر عليه‌السلام (والإجهار ببسم الله الرحمن الرحيم في الصلاة واجب) (٤) ولكن عدّ الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم من علامات المؤمن كما في الخبر (وبما يعرف شيعته؟ قال : بصلاة الإحدى وخمسين والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم والقنوت قبل الركوع والتختم باليمين) (٥) ومثله غيره.

وظاهره الاستحباب ولعل التعبير بالواجب في خبر الأعمش في قبال العامة الذي كان ديدنهم على ترك البسملة في السورة.

ومنها : جواز العدول من سورة إلى أخرى اختيارا من دون خلاف لجملة من النصوص منها : خبر ابن أبي نصر السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام (الرجل يقوم في الصلاة فيريد أن يقرأ سورة فيقرأ قل هو الله أحد وقل يا أيها الكافرون ، فقال عليه‌السلام : يرجع من كل سورة إلا من قل هو الله أحد وقل يا أيها الكافرون) (٦) وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن رجل قرأ في الغداة سورة قل هو الله أحد ، قال عليه‌السلام : لا بأس ومن افتتح سورة ثم بدا له أن يرجع في سورة غيرها فلا بأس إلا قل هو الله أحد ولا يرجع منها إلى غيرها ، وكذلك قل يا أيها الكافرون) (٧).

والمعروف بينهم عدم جواز العدول مع تجاوز النصف ، وأما قبل تجاوز النصف فجائز ، وأما عند بلوغ النصف فقد وقع الخلاف ، وعن المشهور أنه يجوز العدول وإن بلغ النصف لخبر البزنطي عن أبي العباس (في رجل يريد أن يقرأ سورة فيقرأ في أخرى فقال : يرجع إلى التي يريد وإن بلغ النصف) (٨).

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢١ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ١ و ٨ و ٦.

(٤) الوسائل الباب ـ ٢١ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ٥.

(٥) مستدرك الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ١١.

(٦ و ٧) الوسائل الباب ـ ٣٥ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ١ و ٢.

(٨) الوسائل الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ٣.

١٩٥

(ثم يجب الركوع (١) منحنيا إلى أن تصل كفاه) معا (ركبتيه) فلا يكفي

______________________________________________________

نعم في خصوص يوم الجمعة يجوز العدول من سورة التوحيد والكافرون إلى الجمعة والمنافقين ما لم يبلغ النصف مع النسيان لا مع العمد للأخبار منها : صحيح ابن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام (في الرجل يريد أن يقرأ سورة الجمعة في الجمعة فقرأ قل هو الله أحد ، قال عليه‌السلام : يرجع إلى سورة الجمعة) (١) وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إذا افتتحت صلاتك بقل هو الله أحد وأنت تريد أن تقرأ بغيرها فامض فيها ولا ترجع إلا أن تكون في يوم الجمعة فإنك ترجع إلى الجمعة والمنافقين منها) (٢) والأخير مطلق في يوم الجمعة سواء كان جمعة أو ظهرا فتخصيص العدول بالجمعة كما عن البعض ليس في محلّه.

ومنها : كراهة قراءة سورتين في الفريضة وهو المسمى بالقران للجمع بين صحيح محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام (سألته عن الرجل يقرأ السورتين في الركعة فقال عليه‌السلام : لا لكل سورة ركعة) (٣) ، وخبر منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا تقرأ في المكتوبة بأقل من سورة ولا بأكثر) (٤) ، وبين ما دل على الجواز كصحيح علي بن يقطين عن أبي الحسن عليه‌السلام (عن القران بين السورتين في المكتوبة والنافلة ، قال عليه‌السلام : لا بأس) (٥) ، ويشير إلى الكراهة في الفريضة خبر علي بن جعفر عن أخيه عليهما‌السلام (عن رجل قرأ سورتين في ركعة ، قال عليه‌السلام : إذا كانت نافلة فلا بأس وأما الفريضة فلا يصلّح) (٦) وموثق زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (إنما يكره أن يجمع بين السورتين في الفريضة فأما النافلة فلا بأس) (٧) ومثلها غيرها ، ومشهور القدماء ذهبوا إلى المنع في الفريضة ترجيحا لنصوص المنع على نصوص الجواز والأقوى الجمع بينهما بالكراهة.

(١) وجوب الركوع أمر ضروري لتوقف صدق الركعة عليه ولأجله سميت بذلك والأخبار الدالة عليه كثيرة سيأتي التعرض لبعضها إن شاء الله تعالى ، والواجب ركوع واحد في كل ركعة بالاتفاق إلا في صلاة الآيات ففي كل ركعة خمسة ركوعات كما سيأتي إنشاء الله ، والواجب فيه الانحناء بمقدار تصل يداه إلى ركبتيه بلا خلاف في ذلك إلا من أبي حنيفة فاكتفى بمسمى الانحناء.

والواجب منه أن تصل أطراف الأصابع إلى الركبتين لصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٦٩ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ١ و ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ١.

(٤) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب القراءة حديث ٢.

(٥ و ٦ و ٧) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ٩ و ١٣ و ٢.

١٩٦

وصولهما بغير انحناء كالانخناس (١) مع إخراج الركبتين ، أو بهما (٢) ، والمراد بوصولهما بلوغهما قدرا لو أراد إيصالهما وصلتا ، إذ لا يجب الملاصقة (٣) ، والمعتبر وصول جزء من باطنه لا جميعه ، ولا رءوس الأصابع (٤) (مطمئنا) (٥) فيه بحيث تستقر الأعضاء (بقدر واجب الذكر) مع الإمكان.

(و) الذكر الواجب (٦) (هو سبحان ربّي العظيم وبحمده ، أو سبحان الله)

______________________________________________________

(فإن وصلت أطراف أصابعك في ركوعك إلى ركبتيك أجزأك ذلك ، وأحب إليّ أن تمكّن كفيك من ركبتيك فتجعل أصابعك في عين الركبة وتفرّج بينهما) (١).

ومنه يظهر ضعف ما عن جماعة من عدم الاعتناء بهكذا ركوع إذ يجب إيصال باطن الكف إلى الركبتين بل في جامع المقاصد (لم أقف في كلام لأحد يعتدّ به على الاجتزاء ببلوغ رءوس الأصابع في حصول الركوع).

نعم يستحب إيصال باطن الكف والراحة إلى الركبتين لصحيح حماد عن أبي عبد الله عليه‌السلام (ثم ركع وملأ كفيه من ركبتيه) (٢) وصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (وتمكّن راحتيك من ركبتيك) (٣).

(١) تقويس الركبتين بحيث تصل يداه إليهما من غير انحناء.

(٢) أي بالتقويس مع الانحناء.

(٣) أي ملاصقة الكفين للركبتين للإجماع المدعى عن البعض لأن المقوّم لحقيقة الركوع هو الانحناء المعروف لا وضع اليدين على الركبتين.

(٤) مع أنه في المسالك قال : «والظاهر الاكتفاء ببلوغ الأصابع».

(٥) الواجب هو الطمأنينة بمقدار الذكر الواجب بلا خلاف فيه لخبر زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (بينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جالس في المسجد إذ دخل رجل فقام يصلي فلم يتمّ ركوعه ولا سجوده فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : نقر كنقر الغراب ، لئن مات هذا وهكذا صلاته ليموتن على غير ديني) (٤) والنبوي (ثم اركع حتى تطمئن راكعا) (٥) وهو مما ذكره الشهيد.

(٦) ذهب المشهور إلى تعين التسبيح لجملة من الأخبار منها : صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (قلت له : ما يجزئ من القول في الركوع والسجود ، فقال عليه‌السلام : ثلاث ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب أفعال الصلاة حديث ٣ و ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب الركوع حديث ١.

(٤) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب الركوع حديث ١.

(٥) الذكرى : المسألة الأولى من مسائل الركوع.

١٩٧

(ثلاثا) للمختار ، (أو مطلق الذكر للمضطر) (١) ، وقيل يكفي المطلق (٢) مطلقا (٣) وهو أقوى ، لدلالة الأخبار الصحيحة عليه ، وما ورد في غيرها معيّنا (٤) غير مناف له لأنه (٥) بعض أفراد الواجب الكلّي تخييرا ، وبه يحصل الجمع بينهما (٦) ،

______________________________________________________

تسبيحات في ترسل وواحدة تامة تجزئ) (١).

وعن المبسوط والعلامة في جملة من كتبه وجماعة من المتأخرين الاكتفاء بمطلق الذكر للأخبار أيضا منها : صحيح هشام بن الحكم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قلت له : يجزئ أن أقول مكان التسبيح في الركوع والسجود : لا إله إلا الله والحمد لله والله أكبر؟ فقال : نعم كل هذا ذكر الله تعالى) (٢).

ثم على تقدير التسبيح فهل يجزئ مطلقه كما عن الانتصار والغنية أو يتعين التسبيحة الكبرى كما عن نهاية الشيخ أو يتعين ثلاث كبريات كما في التذكرة نسبته إلى البعض أو يتخير بين التسبيحة الكبرى والتسبيحات الثلاث الصغريات كما عن جماعة منهم الصدوقان؟ أقوال منشؤها اختلاف الأخبار والجمع بينها يقتضي القول الأخير.

ففي خبر معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (أخف ما يكون من التسبيح في الصلاة قال عليه‌السلام : ثلاث تسبيحات مترسلا تقول : سبحان الله سبحان الله سبحان الله) (٣) ، وفي خبر الحضرمي عن أبي جعفر عليه‌السلام (تدري أيّ شي‌ء حد الركوع والسجود؟ قلت : لا ، قال عليه‌السلام : سبح في الركوع ثلاث مرات سبحان ربي العظيم وبحمده ، وفي السجود : سبحان ربي الأعلى وبحمده ثلاث مرات) (٤) وتقدم صحيح زرارة (ثلاث تسبيحات في ترسل وواحدة تامة تجزئ).

(١) من قال بتعين التسبيح فقد حمل أخبار الذكر على صورة الاضطرار.

(٢) أي مطلق الذكر.

(٣) للمختار والمضطر وقد تقدم البحث فيه.

(٤) بالتسبيح.

(٥) أي التسبيح.

(٦) أي بين الخبرين الدالين على الذكر وعلى التسبيح.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب الركوع حديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب الركوع حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب الركوع حديث ٢.

(٤) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب الركوع حديث ٧.

١٩٨

بخلاف ما لو قيدناه (١) ، وعلى تقدير تعيّنه (٢) فلفظ «وبحمده» واجب أيضا تخييرا لا عينا (٣) ، لخلوّ كثير من الأخبار عنه (٤) ، ومثله القول في التسبيحة الكبرى مع كون بعضها (٥) ذكرا تاما (٦).

ومعنى «سبحان ربّي» تنزيها له (٧) عن النقائص ، وهو منصوب على المصدر

______________________________________________________

(١) أي قيدنا الذكر بخصوص التسبيح للمختار.

(٢) أي تعين الذكر بالتسبيح.

(٣) فقد تقدم في خبر الحضرمي (سبح في الركوع ثلاث مرات سبحان ربي العظيم وبحمده) وورد في صحيح هشام عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن التسبيح في الركوع والسجود فقال : تقول في الركوع : سبحان ربي العظيم ، وفي السجود : سبحان ربي الأعلى ، الفريضة من ذلك تسبيحة والسنة ثلاث والفضل في سبع) (١) فالجمع بينهما يقتضي أن يكون لفظ (وبحمده) تخييري.

(٤) ولكن في حاشية المدارك للبهبهاني أنها مذكورة في تسعة أخبار ، وزاد في مفتاح الكرامة ثلاث روايات فيكون المجموع اثني عشر ، وزاد في المستمسك خبرين فيكون المجموع أربع عشرة رواية ، مع أنه لم يحذف إلا في خبر هشام المتقدم فيقتضى أن يحمل ما ورد في خبر هشام على إرادة الاكتفاء في بيان الكل ببيان البعض وأنه إشارة إلى التسبيحة الكبرى فإنه أقرب عرفا من الحمل على الاستحباب كما فعل الشهيدان والمحقق الثاني.

(٥) وهو سبحان الله.

(٦) فالجمع بينهما يقتضي حمل كلّ منهما على أنه من أفراد الذكر الواجب على نحو التخيير

(٧) قال الشارح في الروض : (التسبيح لغة التنزيه ، ومعنى (سبحان الله) تنزيها له من النقائص مطلقا ، وهو اسم منصوب على أنه واقع موقع المصدر لفعل محذوف ، تقديره : سبّحت الله سبحانا وتسبيحا ، أي برأته من السوء براءة (٢) ، والتسبيح هو المصدر وسبحان واقع موقعه وعامله محذوف كما في نظائره ، ولا يستعمل غالبا إلا مضافا كقولنا : سبحان الله ، وهو مضاف إلى المفعول به ، أي سبّحت الله لأنه المسبّح المنزّه ، قال أبو البقاء : ويجوز أن يكون مضافا إلى الفاعل لأن المعنى تنزّه الله ، والمعروف هو الأول.

ومعنى (سبحان ربي العظيم وبحمده) تنزيها له من النقائص ، وعامله المحذوف هو متعلق الجار في (وبحمده) ، والمعطوف عليه محذوف يشعر به العظيم ، كأنه قال : تنزيها لربي العظيم بعظمته وبحمده.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب الركوع حديث ١.

(٢) والمناسب التعبير : برأته من السوء تبرئة لا براءة.

١٩٩

بمحذوف من جنسه ، ومتعلق الجار في «وبحمده» هو العامل المحذوف ، والتقدير سبّحت الله تسبيحا وسبحانا وسبّحته بحمده ، أو بمعنى والحمد له نظير (مٰا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ) أي والنعمة له ، (ورفع الرأس منه) (١) ، فلو هوى من غير رفع بطل (٢) مع التعمد ، واستدركه مع النسيان (٣) ، (مطمئنا) (٤) ولا حدّ لها (٥) ،

______________________________________________________

أو بحمده أنزّهه فيكون عطفا لجملة على جملة ، وقيل : معنى (وبحمده) والحمد له على حدّ ما قيل في قوله تعالى : (مٰا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ) ، أي والنعمة لربك (١) والعظيم في صفته تعالى من يقصر كل شي‌ء سواء عنه ، أو من انتفت عنه صفات النقص ، أو من حصلت له جميع صفات الكمال ، أو من قصرت العقول عن أن تحيط بكنه حقيقته ، فإن الأصل في العظيم أن يطلق على الأجسام يقال : هذا الجسم عظيم وهذا الجسم أعظم منه ، ثم ينقسم إلى ما تحيط به العين وإلى ما تحيط به كالسماء والأرض ، ثم الذي لا تحيط به العين قد يحيط به العقل وقد لا يحيط ، وهو العظيم المطلق ، ويطلق على الله تعالى بهذا الاعتبار مجردا عن أخذ الجسم جنسا في تعريفه) انتهى كلامه.

(١) أي من الركوع.

(٢) بل بطلت صلاته ، وهو مذهب علمائنا كما في المعتبر وغيره للنبوي (ثم ارفع رأسك حتى تعتدل قائما) (٢) وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا رفعت رأسك من الركوع فأقم صلبك فإنه لا صلاة لمن لا يقيم صلبه) (٣) وهذا الخبر دال على الطمأنينة حال الرفع أيضا ، وصحيح حماد : (ثم استوى قائما فلما استمكن من القيام قال : سمع الله لمن حمده) (٤) وهذا أيضا دال على الطمأنينة.

(٣) مع بقاء محله وإلا إذا أتى بركن ثم تذكر عدم القيام فلا شي‌ء عليه لحديث (لا تعاد الصلاة) (٥).

(٤) حال الرفع وقد تقدم دليله.

(٥) أي للطمأنينة.

__________________

(١) والمعنى : ما أنت بمجنون والنعمة لربك.

(٢) الذكرى : المسألة الأولى من مسائل الركوع.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب الركوع حديث ٢.

(٤) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب أفعال الصلاة حديث ١.

(٥) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب قواطع الصلاة حديث ٤.

٢٠٠