الزبدة الفقهيّة - ج ٢

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي

الزبدة الفقهيّة - ج ٢

المؤلف:

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي


الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات ذوي القربى
المطبعة: كيميا
الطبعة: ٤
ISBN: 964-6307-55-8
ISBN الدورة:
964-6307-53-1

الصفحات: ٥٥٢

حرفين (١) فصاعدا ، وإن لم يكن كلاما لغة (٢) ولا اصطلاحا (٣) ، وفي حكمه (٤) الحرف الواحد المفيد (٥) كالأمر من الأفعال المعتلة الطرفين ، مثل «ق» من الوقاية ، و «ع» من الوعاية لاشتماله على مقصود الكلام وإن أخطأ بحذف هاء السّكت (٦) وحرف المد (٧) لاشتماله على حرفين فصاعدا.

ويشكل بأن النصوص خالية عن هذا الإطلاق (٨) ، فلا أقلّ من أن يرجع فيه (٩)

______________________________________________________

عليه ، لأن الكلام الوارد في الأخبار محمول على المعنى العرفي وهو صادق على مطلق اللفظ الصادر وهو مطلق الصوت المقطع من جنس الكلام.

الإشكال الثاني : إن الحرف الواحد المفهم للمعنى مثل (ق) من الوقاية هو كلام عرفا بل أيضا بحسب أهل اللغة والعربية ، أما بحسب أهل اللغة فهو الموضوع لحرفين فصاعدا بشرط الوضع فهو كذلك لأن المقدّر فيها بمنزلة الملفوظ ، وأما بحسب أهل العربية فهو المتضمن للإسناد الخبري أو الإنشائي وهو كذلك ، فلا داعي للتردد فيه كما وقع من العلامة في القواعد ، أو الجزم بالبطلان كما وقع منه ومن الشهيد.

الإشكال الثالث : إن حرف المدّ بما هو هو ليس بحرف ولا حركة وإنما هو زيادة في مطّ الحرف والنفس به وعليه فالمد ليس بحرف حتى يكون مع ما قبله موجبا للبطلان ، وإشكالاته الثلاثة متينة جدا.

(١) موضوعين أو مهملين.

(٢) قد عرفت أن الشائع عند أهل اللغة هو أن الكلام ما تركب من حرفين فصاعدا إذا كان لمعنى فيخرج المهمل.

(٣) قد عرفت أن المصطلح عند أهل العربية كالنحاة هو أن الكلام ما اشتمل على الإسناد التام الخبري أو الإنشائي ، وغيره خارج.

(٤) أي حكم ما تركب من حرفين.

(٥) أي المفيد للمعنى وهو الأمر الأول الملحق عندهم بالكلام.

(٦) لأنه يجب إلحاقها بفعل الأمر إذا كان من حرف واحد.

(٧) والمدّ يحصل من إشباع أواخر الكلم ، والمدة إما ألف أو واو أو ياء ، ومقصود الشارح أن حرف المد مع ما قبله حرفان تبطل الصلاة بهما وهذا هو الأمر الثاني الملحق عندهم بالكلام.

(٨) أي إطلاق كون الكلام ما تركب من حرفين فصاعدا ، موضوعين كانا أو مهملين ، فيجب حمل الكلام المبطل على المعنى العرفي وهذا هو الإشكال الأول.

(٩) في الكلام.

١٢١

إلى الكلام لغة أو اصطلاحا (١) ، وحرف المدّ (٢). وإن طال مدّه بحيث يكون بقدر أحرف (٣). لا يخرج عن كونه حرفا واحدا في نفسه ، فإن المدّ. على ما حققوه. ليس بحرف ولا حركة ، وإنما هو زيادة في مطّ الحرف والنفس به ، وذلك لا يلحقه بالكلام.

والعجب (٤) أنهم جزموا بالحكم الأول مطلقا (٥) ، وتوقفوا في الحرف المفهم من حيث كون المبطل الحرفين فصاعدا ، مع أنه (٦) كلام لغة واصطلاحا (٧).

وفي اشتراط كون الحرفين موضوعين لمعنى وجهان (٨) ، وقطع المصنف بعدم اعتباره. وتظهر الفائدة في الحرفين الحادثين من التنحنح ونحوه (٩) وقطع

______________________________________________________

(١) أي فإن لم يحمل على المعنى العرفي فيجب حمله على المعنى اللغوي أو الاصطلاحي عند أهل العربية ، وأما حمله على ما يخالف الجميع فهو مما لا دليل عليه ، وهذا من تتمة الإشكال الأول.

(٢) هذا هو الإشكال الثالث المتقدم.

(٣) فيقال : مدّ بمقدار خمس ألفات ، ويراد منه التقدير لزمان النطق بالألفات الخمسة لا أن المدّ هو بحقيقته خمس ألفات كما هو واضح.

(٤) شروع في عرض الإشكال الثاني.

(٥) أي جزموا بكون الكلام ما تركب من حرفين موضوعين أو مهملين.

(٦) أي مع أن الحرف المفهم.

(٧) أما لغة فلأنه من حرفين غايته أحدهما مقدر ، وأما اصطلاحا فلأنه مشتمل على الإسناد بين الفعل والفاعل.

(٨) قد عرفت إطباقهم على عدم اشتراط كون الحرفين موضوعين لمعنى ، ولذا قال في الجواهر : «فما عن الروضة من أن في اشتراط كون الحرفين موضوعين لمعنى وجهين ، وقطع المصنف بعدم اعتباره في غير محله قطعا».

(٩) كالأنين والتأوه ، اعلم أن الصلاة لا تبطل بصوت التنحنح ولا بصوت الأنين والتأوه والنفخ وإن كان هذا الصوت مؤلفا من حرفين ، لخروج ذلك عن مسمى الكلام عرفا ويدل عليه مع ذلك موثق عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن الرجل يسمع صوتا بالباب وهو في الصلاة فيتنحنح لتسمع جاريته أو أهله لتأتيه ، فيشير إليها بيده ليعلمها من بالباب ، لتنظر من هو ، فقال عليه‌السلام : لا بأس به) (١) ، وخبر إسحاق بن عمار عن ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب قواطع الصلاة حديث ٤.

١٢٢

العلامة بكونهما حينئذ غير مبطلين ، محتجا بأنهما ليسا من جنس الكلام ، وهو حسن (١).

واعلم أن في جعل هذه التروك من الشرائط تجوّزا ظاهرا ، فإن الشرط يعتبر كونه متقدّما على المشروط ومقارنا له ، والأمر هنا ليس كذلك (٢).

(و) ترك (الفعل الكثير (٣) عادة) وهو ما يخرج به فاعله عن كونه مصليا عرفا. ولا عبرة بالعدد (٤) ، فقد يكون الكثير فيه قليلا كحركة الأصابع ، والقليل

______________________________________________________

رجل عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن المكان يكون عليه الغبار أفأنفخه إذا أردت السجود ، فقال عليه‌السلام : لا بأس) (١) ، نعم ورد في خبر طلحة بن زيد عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم‌السلام (من أنّ في صلاته فقد تكلم) (٢) وهو محمول على الكراهة جمعا ، أو معرض عنه بين الأصحاب كما عن غير واحد.

(١) وفيه : إن معنى الكلام عرفا ينطبق عليهما بل ينطبق على الحرف الواحد المهمل ، وهذا ما ذهب إليه الشارح أولا فكيف استحسن ذلك من العلامة ، ثم إن ظاهر كلامه أن الشهيد والعلامة قد خالفا بالمهمل وحكما بعدم البطلان ، ونقله عن الشهيد قد عرفت ما قاله فيه صاحب الجواهر ، وأما نقله عن العلامة مع استحسانه له مع أنه على خلاف مبناه فقد قال عنه في الجواهر «وهو أغرب من الأول».

(٢) لأن التروك لا يجب تقدمها على الصلاة وإنما يعتبر مقارنتها فقط.

(٣) بل ترك كلّ فعل تمحى به صورة الصلاة سواء كان الفعل قليلا أو كثيرا بلا خلاف فيه ولا إشكال ، وقد اعترف أكثر من واحد بعدم النص عليه ، فقال في المدارك : «لم أقف على رواية تدلّ بمنطوقها على بطلان الصلاة بالفعل الكثير» ، نعم مستند البطلان هو خروج المصلي عن كونه مصليا بهذا الفعل كما علّله في المعتبر والمنتهى وجماعة ، ومنه تعرف أن المدار على محو صورة الصلاة وليس له ضابط خاص. فقد يكون الكثير قليلا غير ماح لصورة الصلاة كحركة الأصابع ، وقد يكون القليل كثيرا ماحيا لصورة الصلاة كالوثبة الفاحشة ، ومنه تعرف أن عدّ الركعات والتسبيح بالأصابع والسبحة كما هو المتعارف عند بعض المصلين لا يضرّ لعدم محو صورة الصلاة ، ومنه تعرف حكم السكوت الطويل الموجب لمحو صورة الصلاة دون القليل.

(٤) أي عدد الأفعال.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب السجود حديث ٣.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب قواطع الصلاة حديث ٤.

١٢٣

فيه كثيرا كالوثبة الفاحشة.

ويعتبر فيه التوالي (١) ، فلو تفرّق بحيث حصلت الكثرة في جميع الصلاة ولم يتحقّق الوصف (٢) في المجتمع (٣) منها لم يضر ، ومن هنا كان النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يحمل أمامة وهي ابنة ابنته ويضعها كلما سجد ثم يحملها إذا قام (٤). ولا يقدح القليل كلبس العمامة والرّداء ومسح الجبهة وقتل الحيّة والعقرب وهما منصوصان (٥).

(و) ترك (السكوت الطويل) المخرج عن كونه مصليا (عادة) ولو خرج به عن كونه قارئا (٦) بطلت القراءة خاصة.

(و) ترك (البكاء) (٧) بالمدّ ، وهو ما اشتمل منه على صوت ، لا مجرّد خروج

______________________________________________________

(١) أي توالي الفعل المنافي بحيث لو فرّق على أجزاء الصلاة لخرج عن كونه ماحيا فلا بأس ، نعم لو أتى به دفعة واحدة وعدّ ماحيا لصورة الصلاة فهو مبطل وهذا هو مراده من التوالي.

(٢) وهو الخروج عن كونه مصليا عرفا.

(٣) أي المجتمع فعلا من دون ضم بقية الأفعال الواقعة في بقية أجزاء الصلاة.

(٤) صحيح مسلم ج ٢ ص ٧٣.

(٥) ففي خبر زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (رجل يرى العقرب والأفعى والحية وهو يصلي أيقتلها؟ قال : نعم إن شاء فعل) (١) ومثله غيره من الأخبار ، وفي خبر عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا بأس أن تحمل المرأة صبيّها. وهي تصلي وترضعه وهي تتشهد) (٢).

(٦) فالسكوت له حدّ لا يضرّ بالصلاة ولا بالقراءة ، وله حدّ يضرّ بالقراءة فقط دون الصلاة وله حد يضرّ بالقراءة والصلاة والمرجع هو العرف.

(٧) تعمد البكاء موجب لبطلان الصلاة على المشهور لخبر النعمان بن عبد السلام عن أبي حنيفة (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن البكاء في الصلاة أيقطع الصلاة؟ فقال عليه‌السلام : إن بكى لذكر جنة أو نار فذلك هو أفضل الأعمال في الصلاة ، وإن كان ذكر ميتا له فصلاته فاسدة) (٣) ، وعن الأردبيلي وجماعة الإشكال فيه لضعف الخبر وفيه : إن عمل الأصحاب به جابر لوهنه.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب قواطع الصلاة حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب قواطع الصلاة حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب قواطع الصلاة حديث ٤.

١٢٤

الدمع مع احتماله لأنه (١) البكا مقصورا ، والشك في كون الوارد منه في النص مقصورا أو ممدودا ، وأصالة عدم المدّ معارض بأصالة صحة الصلاة ، فيبقى الشك في عروض المبطل مقتضيا لبقاء حكم الصحة.

______________________________________________________

هذا واعلم أن البكاء يمدّ ويقصر فمع المدّ يراد به البكاء المشتمل على الصوت ، ومع القصر يزاد به الدموع فقط وهو المحكي عن الصحاح والخليل والراغب وابن فارس وعن المقاييس نسبته إلى النحويين ، وباعتبار أن المسئول عنه في الرواية كما وصلت إلينا بالمدّ فيكون البكا مقصورا ومجردا عن الصوت فلا بأس به وإن كان لذكر الميت وقد نسب ذلك إلى المشهور بين الأصحاب كما في الحدائق ، هذا ويحتمل أن يكون البكاء في الرواية مقصورا إذ لا توجد نسخ مضبوطة تقطع النزاع مع العلم بتسامح النساخ بالإضافة إلى أن لفظ البكاء بالمد قد وقع في السؤال مع أن الحكم مستفاد من الجواب وهو مشتمل على الفعل (إن بكى) وهو مطلق يشمل الحالتين ، فضلا عن أصالة عدم الزيادة في اللفظ والمعنى عند الشك فيها ، وأيضا لا نسلم بهذا الفرق بين الممدود والمقصور إذ المعنى العرفي أعم ولا بد أن تحمل الرواية عليه.

وفي الكل تأمل أما في الأول فكل النسخ قد جاءت بالممدود فلا داعي لاحتمال غيره ، والثاني أن الفعل وإن كان كذلك إلا أن المراد منه هو الممدود للتطابق بيّن الجواب والسؤال والثالث معارض بأصالة صحة الصلاة لو بكى من دون صوت ، والرابع أن الفرق بين العرف واللغة في عصرنا غير متحقق وأن البكاء فيهما هو ما يشمل المجرد لكن اتفاق أهل اللغة على ما نقل يوجب أن يكون المعنى العرفي في زمن صدور النص متطابقا معه ، وإن كان الاحتياط لا يترك في البكاء المجرد عن الصوت.

ثم اعلم أن الرواية وإن نصت على البكاء لذكر الميت لكن مقابلته مع ذكر الجنة والنار يقتضي أن يكون ذكر الميت من باب المثال لكل ما يكون من الأمور الدنيوية ، نعم إذا صلى ودعا الله بأمر دنيوي لكنه بكى تذللا لله تعالى حتى يقضي حاجته فهو من المرغبات شرعا ففي خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إذا خفت أمرا يكون أو حاجة تريدها فابدأ بالله تعالى فمجده وأثن عليه كما هو أهله وصلّ على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسل حاجتك ، وتباك ولو مثل رأس الذباب ، إن أبي عليه‌السلام كان يقول : إن أقرب ما يكون العبد من الرب (عزوجل) وهو ساجد باك) (١).

(١) أي مجرد خروج الدمع.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب الدعاء حديث ٤.

١٢٥

وإنما يشترك ترك البكاء (للدنيا) كذهاب مال وفقد محبوب ، وإن وقع على وجه قهري في وجه (١) ، واحترز بها عن الآخرة ، فإن البكاء لها. كذكر الجنة والنار ، ودرجات المقرّبين إلى حضرته ، ودركات المبعّدين عن رحمته. من أفضل الأعمال (٢). ولو خرج منه حينئذ (٣) حرفان فكما سلف (٤).

(و) ترك (القهقهة) (٥) وهي : الضحك المشتمل على الصوت وإن لم يكن فيه

______________________________________________________

(١) لا يمكن دفعه ، فلو بكى على نحو الاضطرار تبطل الصلاة على المشهور بل قيل : لم يعرف مخالفا فيه لإطلاق النص ، وحديث الرفع يرفع الإثم ولا يصحح ما وقع منه.

(٢) ففي خبر منصور بن يونس عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن الرجل يتباكى في الصلاة المفروضة حتى يبكي ، فقال : قرة عين والله ، وقال : إذا كان ذلك فاذكرني عنده) (١) وخبر سعد بيّاع السابري (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أيتباكى الرجل في الصلاة؟ فقال : بخ بخ ولو مثل رأس الذباب) (٢).

(٣) أي ولو خرج من المصلي حين كون بكائه لذكر الجنة والنار.

(٤) من اشتراط كونهما موضوعين لمعنى فيبطل وإلا فلا وقد استحسنه الشارح الثاني ، ولذا قال في الروض «ولو خرج منه حرفان بحيث لا يصدق عليهما اسم الكلام فكما مرّ في التنحنح ، وقطع المصنف. أي العلامة. هنا أيضا بعدم البطلان بهما» هذا وقد عرفت خروجهما عن اسم الكلام عرفا وليس البطلان لأن الكلام المبطل هو ما تركب من حرفين موضوعين لمعنى دون المهملين.

(٥) فالقهقهة مبطلة للصلاة بالاتفاق للأخبار منها : صحيح زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام (القهقهة لا تنفض الوضوء وتنقض الصلاة) (٣) وموثق سماعة (سألته عن الضحك هل يقطع الصلاة؟ قال : أما التبسم فلا يقطع الصلاة وأما القهقهة فهي تقطع الصلاة) (٤) وفي صحيح ابن أبي عمير عن رهط سمعوه يقول : (إن التبسم في الصلاة لا ينقض الصلاة ولا ينقض الوضوء ، إنما يقطع الضحك الذي فيه القهقهة) (٥)

والقهقهة هي الضحك المشتمل على الصوت والمدّ والترجيع كما عن العين وتهذيب اللغة ، وعليه فلا تكون مطلق الضحك وإن اشتمل على الصوت ، ولكن لا بد من كون المراد من المبطل هو مطلق الضحك لوقوعها في قبال التبسم مع كون الخبر بصدد بيان حكم تمام أفراد الضحك ، والمراد بالخبر هو موثق سماعة المتقدم.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب قواطع الصلاة حديث ١ و ٥.

(٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب قواطع الصلاة حديث ١ و ٢ و ٣.

١٢٦

ترجيع ، ولا شدة ، ويكفي فيها وفي البكاء مسماهما (١) ، فمن ثم أطلق. ولو وقعت على وجه لا يمكن دفعه ففيه وجهان (٢) ، واستقرب المصنف في الذكرى البطلان.

(والتّطبيق) (٣) وهو : وضع إحدى الراحتين على الأخرى راكعا بين ركبتيه ، لما روي من النهي عنه ، والمستند ضعيف ، والمنافاة به من حيث الفعل (٤) منتفية ، فالقول بالجواز أقوى ، وعليه المصنّف في الذكرى.

(والتكتّف) (٥) وهو : وضع إحدى اليدين على الأخرى بحائل وغيره فوق

______________________________________________________

(١) أي مسمى الضحك والبكاء.

(٢) لم يخالف في البطلان إلا الأردبيلي ، ومستند المشهور عموم النصوص المتقدمة ، ودعوى حديث الرفع والاضطرار والتمسك به كما عن الأردبيلي لا تنفعه لأن الخبر يرفع المؤاخذة فقط.

(٣) فعن أبي الصلاح والشهيد والعلامة في المختلف كراهته ، وعن ابن الجنيد والفاضلين وظاهر الخلاف كما عن الذكرى وأيضا نسب فيها إلى أبي الصلاح التحريم مع أنه في البيان نسب إليه الكراهة ، ونسب إلى ابن مسعود وصاحبيه الأسود بن يزيد وعبد الرحمن بن الأسود الاستحباب ، بل عن الخلاف للشيخ أن ابن مسعود قائل بوجوبه.

وعلى كل فلا يوجد في ذلك إلا خبر قرب الإسناد المروي عن علي بن جعفر عن أخيه عليهما‌السلام (قال علي بن الحسين عليهما‌السلام : وضع الرجل إحدى يديه على الأخرى في الصلاة عمل وليس في الصلاة على) (١) وهذا ما أورده صاحب الجواهر وأورد عليه بأنه ناظر إلى التكتيف.

وإلا ما روته العامة عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص (صليت إلى جنب أبي فطبقت يديّ وجعلتهما بين ركبتيّ ، فضرب أبي في يدي فلما انصرف قال : يا بني إنا كنا نفعل ذلك فأمرنا أن نضرب بالأكف على الركب) وهي مع ضعف سندها لا تدل على النهي عن التطبيق إذ لعل الوضع على الركب هو المستحب فلذا أمروا به فلا يكون غيره مكروها ، ولذا قال البعض كما في المستمسك بأنه لا دليل عليه ظاهرا.

(٤) أي من حيث إنّه فعل كثير فتبطل الصلاة.

(٥) على المشهور للأخبار منها : صحيح محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام (الرجل يضع يده

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب قواطع الصلاة حديث ٤.

١٢٧

السرة وتحتها بالكف عليه وعلى الزّند ، لإطلاق النهي عن التكفير الشامل لجميع ذلك (إلّا لتقية) فيجوز منه ما تأدت به ، بل يجب ، وإن كان عندهم سنة ، مع ظن الضرر بتركها ، لكن لا تبطل الصلاة بتركها (١) حينئذ (٢) لو خالف (٣) ، لتعلق النهي بأمر خارج بخلاف المخالفة في غسل الوضوء بالمسح (٤) (والالتفات إلى ما وراءه) (٥)

______________________________________________________

في الصلاة وحكى اليمنى على اليسرى فقال : ذلك التكفير لا تفعل) (١) وصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (ولا تكفّر فإنما يفعل ذلك المجوس) (٢) وخبر علي بن جعفر عن أخيه عليهما‌السلام (وسألته عن الرجل يكون في صلاته أيضع إحدى يديه على الأخرى بكفّه أو ذراعه؟ قال : لا يصلح ذلك ، فإن فعل فلا يعود له) (٣) وخبره الآخر المتقدم (وضع الرجل إحدى يديه على الأخرى في الصلاة عمل وليس في الصلاة عمل) (٤).

وذهب أبو الصلاح والمحقق في المعتبر وجماعة إلى الكراهة ويدفعهم النهي الظاهر في التحريم والبطلان ، ثم إن جماعة كالصدوق في الفقيه والمفيد في المقنعة وابن زهرة في الغنية والمحقق في النافع والشرائع اقتصروا على كون التكتف بوضع اليمنى على اليسرى كما هو ظاهر صحيح ابن مسلم المتقدم ، وغيرهم ذهب إلى مطلق وضع إحدى اليدين على الأخرى كما هو صريح بقية النصوص ، إذا صدر منه بداعي التخضع سواء كان بينهما حائل أو لا وسواء كانا فوق السرة أو تحتها وسواء وضع إحدى اليدين على الأخرى أو وضعها على الزند أو الذراع.

نعم إن صدر تقية فلا بأس لعموم أدلة التقية ، وكذا لو صدر بداعي الحك ونحوه فلا بأس لخروجه عن كونه بداعي التخضع المنهي عنه.

(١) التقية.

(٢) أي حين ظن الضرر بتركها.

(٣) وترك التكفير ، لأن النهي حينئذ هو نهي عن ترك التكفير وهو نهي عن وصف خارج عن أفعال الصلاة.

(٤) بحيث وجب عليه غسل القدم تقية فخالف ومسح فالنهي هنا مبطل للوضوء لتعلقه بفعل من أفعال الوضوء وهو المسح.

(٥) ففي الجملة هو مبطل بالاتفاق فإن كان ببدنه أجمع فتبطل الصلاة لصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (الالتفات يقطع الصلاة إذا كان بكله) (٥).

__________________

(١ و ٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب قواطع الصلاة حديث ١ و ٢ و ٥ و ٤.

(٥) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب قواطع الصلاة حديث ٣.

١٢٨

إن كان ببدنه أجمع ، وكذا بوجهه عند المصنف وإن كان الفرض بعيدا (١) ، أما إلى ما دون ذلك كاليمين واليسار ، فيكره بالوجه (٢) ويبطل بالبدن (٣) عمدا (٤) من حيث الانحراف عن القبلة.

(والأكل والشرب) (٥) وإن كان قليلا كاللقمة ، إما لمنافاتهما وضع

______________________________________________________

ومفهومه إذا لم يكن بكله فلا تبطل الصلاة وإن التفت بالوجه مستدبرا وإليه ذهب العلامة وجماعة ، ويدفعه أن الالتفات بالوجه مستدبرا مبطل للصلاة لصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إذا التفت في صلاة مكتوبة من غير فراغ فأعد الصلاة إذا كان الالتفات فاحشا) (١) والاستدبار بالوجه من مصاديق الالتفات الفاحش إلا أن يقال إن المراد منه ما كان بكل البدن ولكن يدفعه صحيح علي بن جعفر عن أخيه موسى عليهما‌السلام (سألته عن الرجل يكون في صلاته فيظن أن ثوبه قد انخرق أو أصابه شي‌ء هل يصلح له أن ينظر فيه أو يمسّه ، قال : إن كان في مقدم ثوبه أو جانبيه فلا بأس وإن كان في مؤخره فلا يلتفت فإنه لا يصلح) (٢) وعليه يحمل موثق أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إن تكلمت أو صرفت وجهك عن القبلة فأعد الصلاة) (٣).

وأما الالتفات بالوجه عن القبلة إلى ما بين اليمين والشمال فلا تبطل الصلاة لخبر عبد الملك عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن الالتفات في الصلاة أيقطع الصلاة؟ فقال عليه‌السلام : لا ، وما أحب أن يفعل) (٤) وقد حملت على هذه الصورة جمعا بينها وبين ما تقدم ، وخالف فخر المحققين في هذه الصورة وأوجب بطلان الصلاة وهو ضعيف للخبر.

(١) بحيث يبقى البدن مستقبلا والوجه مستدبرا.

(٢) قد عرفت حكم التفات الوجه إلى ما بين اليمين واليسار ، وأما إلى نفس اليمين واليسار فجائز لصحيح علي بن جعفر المتقدم (إذا كان في مقدم ثوبه أو جانبيه فلا بأس وإن كان في مؤخره فلا يلتفت فإنه لا يصلح) فجعل البطلان في النظر إلى المؤخرة فغيره يكون جائزا بل وكذا النظر إلى الجانبين مما يستدعي النظر إلى عين يمين المصلي ويساره ، لكن حكم بالكراهة لإطلاق موثق أبي بصير المتقدم وإن حمل على صورة الاستدبار.

(٣) لأنه مناف للاستقبال الذي هو شرط في صحة الصلاة.

(٤) بل وسهوا لإطلاق النصوص وحديث الرفع قد تقدم أنه لا يرفع إلا المؤاخذة والإثم.

(٥) بلا خلاف فيه لكن اختلفوا في السبب الموجب للبطلان فقيل لكونه أكلا وشربا ويكفي ـ

__________________

(١ و ٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب قواطع الصلاة حديث ٢ و ٤ و ٦ و ٥.

١٢٩

الصلاة (١) ، أو لأن تناول المأكول والمشروب ووضعه في الفم وازدرداه أفعال كثيرة (٢) ، وكلاهما ضعيف ، إذ لا دليل على أصل المنافاة (٣) ، فالأقوى اعتبار الكثرة فيهما عرفا (٤) ، فيرجعان إلى الفعل الكثير ، وهو اختيار المصنف في كتبه الثلاثة (إلا في الوتر لمن يريد الصوم) وهو عطشان (فيشرب) (٥) إذا لم يستدع منافيا غيره ، وخاف فجأة الصبح قبل إكمال غرضه منه ولا فرق فيه (٦) بين الواجب والندب.

واعلم أن هذه المذكورات أجمع إنما تنافي الصلاة مع تعمّدها (٧) ، عند

______________________________________________________

حينئذ مسماهما كما عن الشيخ وفيه أنه لا دليل عليه ، وقيل لأنه فعل كثير لان تناول المأكول ومضغه وابتلاعه أفعال متعددة وكذا المشروب كما عن التذكرة ونهاية الأحكام ، وقيل لأنه بالأكل والشرب يعرض عن الصلاة كما عن الشهيد ، والحق كما عن جماعة أنهما يوجبان محو صورة الصلاة عرفا فلذا تبطل الصلاة. نعم لا بد من استثناء ابتلاع بقايا الطعام الباقية في الفم أو بين الأسنان لأنه لا يصدق عليه الأكل ولو صدق فهو لا يوجب محو صورة الصلاة عرفا وهذا الاستثناء متفق عليه أيضا.

(١) كما عن الشيخ.

(٢) كما عن العلامة.

(٣) إذ لا دليل على أن مطلق الأكل والشرب يبطل الصلاة.

(٤) بل الأقوى جعل المناط هو محو صورة الصلاة بهما عرفا بلا فرق بين القليل والكثير.

(٥) لخبر سعيد الأعرج عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إني أبيت وأريد الصوم فأكون في الوتر فأعطش فأكره أن أقطع الدعاء وأشرب ، وأكره أن أصبح وأنا عطشان ، وأمامي قلّة بيني وبينها خطوتان أو ثلاث ، قال عليه‌السلام : تسعى إليها وتشرب منها حاجتك وتعود في الدعاء) (١). نعم قيدت الرواية بما إذا لم يصدر منه المنافي بحيث لا يستدبر القبلة إذا رجع بل يرجع القهقرى ، وهذه الرخصة مقصورة على الماء إذا كان عطشانا وأما إذا لم يكن عطشانا فلا. وكذا يمنع من الأكل في الصلاة لعدم شمول النص له وأيضا مخصوص بمن يريد الصوم ويخشى طلوع الفجر ، ومخصوص بما إذا كان في الوتر وفي حال الدعاء وإن كان الأولى تعميم الرخصة لمطلق النافلة ولو كان في غير الدعاء إذا لا خصوصية للرواية في الوتر وفي الدعاء.

(٦) في الصوم لإطلاق الخبر.

(٧) لأن صدورها سهوا لا يضر لحديث الرفع وهذا ما ذهب إليه الجلّ إن لم يكن الكل وقد ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب قواطع الصلاة حديث ١.

١٣٠

المصنف مطلقا (١) ، وبعضها إجماعا (٢) ، وإنما لم يقيّد هنا اكتفاء باشتراطه تركها ، فإن ذلك يقتضي التكليف به (٣) المتوقّف على الذكر ، لأن الناسي غير مكلّف ابتداء ، نعم الفعل الكثير ربما توقّف المصنف في تقييده بالعمد ، لأنه أطلقه في البيان ، ونسب التقييد في الذكرى إلى الأصحاب ، وفي الدروس إلى المشهور ، وفي الرسالة الألفية جعله من قسم المنافي مطلقا (٤) ولا يخلو إطلاقه هنا (٥) من دلالة على القيد (٦) إلحاقا له بالباقي (٧). نعم لو استلزم الفعل الكثير ناسيا انمحاء صورة الصلاة رأسا توجه البطلان أيضا ، لكن الأصحاب أطلقوا الحكم.

(السابع. الإسلام : فلا تصح العبادة) (٨)

مطلقا (٩) فتدخل الصلاة (١٠) (من الكافر) (١١) مطلقا وإن كان مرتدا مليا ،أو

______________________________________________________

عرفت أن حديث الرفع يرفع المؤاخذة فقط ولا يصحح الصلاة لو وقعت هذه المذكورات في أثنائها ولذا استثنى بعضهم صورة النسيان أو الجهل بالحكم الوضعي فحكم بالبطلان.

(١) أي في كل فرد من أفراد هذه المذكورات.

(٢) أي أن الإجماع قام على إبطال بعضها في صورة التعمد وإن ذهب المصنف إلى إبطال جميعها في هذه الصورة.

(٣) أي بالترك.

(٤) سواء صدر عمدا أو لا.

(٥) في اللمعة.

(٦) وهو أن الفعل الكثير ينافي الصلاة في صورة التعمد ، لأنه لم يقيده بالإطلاق بل جعله كغيره ، وقد عرفت أن الجميع عند المصنف مختص بصورة العمد.

(٧) للفعل الكثير بباقي المذكورات.

(٨) لا تصح العبادة من الكفار لاشتراط إيقاعها مع قصد التقرب وهو منفي من الكفار إذ لا يتأتى لهم ، ولذا اشترط الإسلام في صحة العبادات.

(٩) صلاة كان أو غيرها.

(١٠) أي تدخل في العبادة التي لا تصح من الكفار.

(١١) إن قلت : إن عدم تأتي النية من الكفار إنما يتم في الكافر الدهري الذي لا يعرف الله ، وأما غيره ممن جحد أمرا ضروريا فيتأتى منه قصد التقرب ، قلت : مرادهم من نفي التقرب في حق الكافر هو نفي التقرب الموجب لترتب الثواب وهذا لا يمكن في الكافر ـ

١٣١

فطريا (وإن وجبت عليه) (١).

كما هو قول الأكثر ، خلافا لأبي حنيفة حيث زعم أنه غير مكلف بالفروع فلا يعاقب على تركها ، وتحقيق المسألة في الأصول. (والتمييز) (٢) بأن يكون له قوة يمكنه بها معرفة أفعال الصلاة ليميّز الشرط من الفعل ، ويقصد بسببه فعل العبادة ، (فلا تصح من المجنون (٣) ، والمغمى عليه (٤) و) الصبي (غير المميّز لأفعالها) بحيث لا يفرّق بين ما هو شرط فيها وغير شرط ، وما هو واجب وغير واجب ، إذا نبّه عليه.

(ويمرّن الصبيّ) على الصلاة (لستّ) (٥) ، وفي البيان لسبع (٦) ، وكلاهما

______________________________________________________

المحكوم بدخوله النار ، وفيه : إنه لا دليل على ذلك وإلا للزم عدم صحة عبادات المخالفين لعدم ترتب الثواب عليها ، وسيأتي له تتمة في الحاشية الآتية.

(١) أي وجبت العبادة على الكافر وهذا هو المشهور المعروف عن الإمامية ، وادعى بعضهم الإجماع عليه ويقتضيه عموم أدلة التكليف ، وخالف أبو حنيفة فذهب إلى عدم تكليفهم بالفروع ويؤيده أن تكليف الكافر بالفروع مشكل مع الالتزام بعدم صحتها منه فلو أريد الإتيان بها حال الكفر مع عدم الصحة فهو تكليف ما لا يطاق وهو قبيح عقلا ولو أريد الإتيان بها بعد إسلامه فهو مناف لالتزامهم بأن العبادات الثابتة حال الكفر تسقط بالإسلام للحديث النبوي المشهور : (الإسلام يجب ما قبله) (١).

وردّ بأنهم قادرون على الامتثال الموجب للتقرب برفع الكفر فهو تكليف بالمقدور.

(٢) لأنه مع عدم التمييز فهو كالجمادات ويمتنع تكليفه وهذا واضح عقلا.

(٣) لمنافاة الجنون للنية.

(٤) لأن الإغماء ينافي النية كالجنون.

(٥) لخبر محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام (في الصبي متى يصلي؟ قال : إذا عقل الصلاة ، قلت : متى يعقل الصلاة وتجب عليه؟ قال : لست سنين) (٢).

(٦) لخبر الحلبي عن أبي عبد الله عن أبيه عليهما‌السلام (أنا نأمر صبياننا بالصلاة إذا كانوا بين خمس سنين ، فمروا صبيانكم بالصلاة إذا كانوا بني سبع سنين) ٣.

__________________

(١) كنز العمال ج ١ حديث ٢٤٣.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب إعداد الفرائض حديث ٢ و ٥.

١٣٢

مروي ، ويضرب عليها لتسع (١) ، وروي لعشر (٢) ، ويتخير (٣) بين نية الوجوب والندب ، والمراد بالتمرين التعويد على أفعال المكلفين ليعتادها قبل البلوغ فلا يشق عليه بعده.

(الفصل الثالث. في كيفية الصلاة)

(ويستحبّ) (٤) قبل الشروع في الصلاة (الأذان والإقامة) وإنما جعلهما من الكيفية خلافا للمشهور من جعلهما من المقدمات نظرا إلى مقارنة الإقامة لها غالبا (٥) لبطلانها (٦) بالكلام ونحوه (٧) بينها وبين الصلاة ، وكونها أحد

______________________________________________________

(١) لخبر عبد الله بن فضالة عن أبي عبد الله أو أبي جعفر عليهما‌السلام (يترك الغلام حتى يتم له سبع سنين فإذا تمّ له سبع سنين قيل له : اغسل وجهك وكفيك ، فإذا غسلهما قيل له : صل ، ثم يترك حتى يتم له تسع سنين فإذا تمت له علّم الوضوء وضرب عليه وأمر بالصلاة وضرب عليها ، فإذا تعلم الوضوء والصلاة غفر الله لوالديه إن شاء الله) (١).

(٢) لا يوجد خبر يدل على ضرب الطفل لعشر على الصلاة. نعم ورد في خبر الجعفريات مسندا : (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مروا صبيانكم بالصلاة إذا كانوا أبناء عشر سنين) (٢).

(٣) بل ذكر جماعة تخيير الصبي في كل عبادة بين نية الوجوب ونية الندب ، أما الوجوب لغرض التمرين على الفعل الواجب ، وأما الندب لعدم وجوب العبادة عليه ، بل بعضهم رجح نية الوجوب أو مطلق القربة من دون قصد الوجوب أو الندب لأن عبادات الصبي تمرينية لحديث رفع القلم ، وفيه : إن حديث رفع القلم يرفع الإلزام والمؤاخذة ولا يرفع الرجحان والمشروعية ، بل الأصح أن عباداته مشروعة لإطلاق أدلة التشريع ، نعم لا يقصد الوجوب ولا الندب لعدم الدليل عليه بل يقصد مطلق القربة.

(٤) سيأتي دليله إن شاء الله تعالى.

(٥) التقييد بالغالب إما باعتبار الغلبة في أفراد الصلاة وهي الصلاة اليومية بالنسبة إلى غيرها ، وإما باعتبار أن الغالب في أحوال المصلين مقارنة الإقامة للصلاة ، وغير الغالب هو المصلي الذي يكتفي بإقامة غيره فصلاته غير مقارنة لإقامته.

(٦) أي الإقامة وسيأتي الكلام في أنها لا تبطل ، نعم يكره ذلك.

(٧) كالسكوت الطويل والفعل الكثير.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب إعداد الفرائض حديث ٧.

(٢) مستدرك الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب إعداد الفرائض حديث ٣.

١٣٣

الجزءين (١) فكانا كالجزء المقارن ، كما دخلت النية فيها ، (٢) ، مع أنها خارجة عنها (٣) ، متقدمة عليها (٤) على التحقيق.

وكيفيتهما (بأن ينويهما) (٥) أولا لأنهما عبادة ، فيفتقر في الثواب عليها (٦) إلى النية (٧) ، إلا ما شذ (٨) ، (ويكبّر أربعا في أول الأذان ، ثم التشهّدان) بالتوحيد والرسالة ، (ثم الحيعلات الثلاث ، ثم التكبير ، ثم التهليل ، مثنى مثنى) ، فهذه ثمانية عشر فصلا (٩).

______________________________________________________

(١) وهم ودفع ، أما الوهم : إن الإقامة مقارنة للصلاة وأما الأذان فلا داعي لجعله من كيفية الصلاة ، ودفعه : إن الإقامة أحد جزئي الأذان والإقامة ، فإذا اعتبرت المقارنة بين الصلاة وبين أحد الجزءين فقد اعتبرت أيضا بين الصلاة وبين الجزءين معا.

(٢) في الصلاة بناء على أنها جزء.

(٣) بناء على أنها شرط وهو الصحيح بدليل الوجدان.

(٤) بحيث يقع التقارن بين آخر جزء من النية وأول جزء من التكبير بناء على أن النية إخطارية وقد عرفت أنها على نحو الداعي فلا داعي للبحث في محل النية أنها عند أول التكبير أو بين الألف والراء من تكبيرة الإحرام أو يبتدأ التكبير عند انتهائها.

(٥) أي يأتي بهما بنية التقرب ، فهما متوقفان على نية التقرب لأنهما عباديان بالاتفاق والارتكاز المتشرعي شاهد على ذلك.

(٦) على العبادة.

(٧) أي كل عبادة لا يثاب عليها إلا بنية التقرب ، بل لا تتقوّم العبادة إلا بنية التقرب.

(٨) كالأذان في أذن المولود اليمنى والإقامة في أذنه اليسرى فهي عبادة يترتب عليها الثواب وغير مفتقرة على النية كما قيل هذا بالنسبة للأذان والإقامة ، ويمكن أن يريد بقوله إلا ما شذّ بالنسبة إلى مطلق العبادات كمعرفة الله وإجلاله وتعظيمه والسجود له وسائر التخشعات فإنها عبادة لا تتوقف على النية ، وكذا نفس النية فإنها أمر عبادي لا تتوقف على النية والا لزم التسلسل.

(٩) بالاتفاق ويدل عليه الأخبار منها : خبر إسماعيل الجعفي عن أبي جعفر عليه‌السلام : (الأذان والإقامة خمسة وثلاثون حرفا ، فعدّ ذلك بيده واحدا واحدا ، الأذان ثمانية عشر حرفا ، والإقامة سبعة عشر حرفا) (١) ، وخبر الحضرمي وكليب الأسدي جميعا عن أبي عبد الله

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ١.

١٣٤

(والإقامة مثنى) في جميع فصولها وهي فصول الأذان إلا ما يخرجه (ويزيد بعد حيّ على خير العمل قد قامت الصلاة مرتين ويهلّل في آخرها مرة) واحدة.

ففصولها سبعة عشر (١) تنقص عن الأذان ثلاثة ويزيد اثنين ، فهذه جملة الفصول المنقولة شرعا ، (ولا يجوز اعتقاد شرعية غير هذه) الفصول (في الأذان والإقامة كالتشهد بالولاية) (٢) لعلي عليه‌السلام (وأن محمدا وآله خير البرية) أو خير البشر (وإن)

______________________________________________________

عليه‌السلام (حكى لهما الأذان فقال : الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر ، أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله ، حي على الصلاة حي على الصلاة ، حي على الفلاح حي على الفلاح ، حي على خير العمل حي على خير العمل ، الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله لا إله إلا الله) (١).

نعم يعارضها طائفة من النصوص مثل صحيح صفوان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (الأذان مثنى مثنى والإقامة مثنى مثنى) (٢) وهي لا تقاوم الطائفة الأولى لأنها المشهور وعليها العمل.

(١) إنه مذهب الأصحاب وعليه عمل الطائفة ويدل عليه خبر إسماعيل الجعفي المتقدم ، وما ورد من أنها مثنى مثنى كصحيح صفوان المتقدم أو أنها مرة مرة إلا قول (الله أكبر) فإنه مرتان (٣) ، وغير ذلك فهو غير معمول به وبعضه محمول على التقية.

(٢) الشهادة لعلي عليه‌السلام بالولاية وإمرة المؤمنين ليست جزءا من الأذان أو الإقامة بلا خلاف في ذلك ولا إشكال ، قال الصدوق في الفقيه : «هذا هو الأذان الصحيح. بعد ذكر خبر الحضرمي والأسدي المتقدم. لا يزاد فيه ولا ينقص منه ، والمفوضة (لعنهم الله) قد وضعوا أخبارا زادوا بها في الأذان : (محمد وآل محمد خبر البرية) مرتين ، وفي بعض رواياتهم بعد أشهد أن محمدا رسول الله (أشهد أن عليا ولي الله) مرتين ، ولا شكّ في أن عليا ولي الله وأمير المؤمنين حقا ، وأن محمدا وآله صلى الله عليهم خير البرية ، لكن ليس ذلك في أصل الأذان ، ثم قال : وإنما ذكرت ذلك ليعرف بهذه الزيادة المتهمون بالتفويض المدلسون أنفسهم في جملتنا). وقال الشيخ في النهاية : فأما ما روي في شواذ الأخبار من قول : (إن عليا ولي الله وآل محمد خير البرية) فمما لا يعمل عليه في الأذان والإقامة ، فمن عمل به كان مخطئا» وقال في المبسوط : «وأما قول. أشهد أن عليا أمير المؤمنين وآل محمد خير البرية. على ما ورد في شواذ الأخبار فليس بمعمول عليه في الأذان ولو فعله الإنسان لم يأثم به ، غير أنه ليس من فضيلة الأذان ولا كمال فصوله».

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ١ و ٩ و ٤.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢١ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ٣.

١٣٥

(كان الواقع كذلك) فما كل واقع حقا يجوز إدخاله في العبادات الموظّفة شرعا ، المحدودة من الله تعالى ، فيكون إدخال ذلك (١) فيها بدعة وتشريعا ، كما لو زاد في الصلاة ركعة أو تشهدا أو نحو ذلك من العبادات. وبالجملة فذلك من أحكام الإيمان لا من فصول الأذان.

قال الصدوق : إن إدخال ذلك فيه من وضع المفوّضة وهم طائفة من الغلاة ، ولو فعل هذه الزيادة ، أو إحداها بنية أنها منه أثم في اعتقاده ، ولا يبطل الأذان بفعله ، وبدون اعتقاد ذلك لا حرج (٢). وفي المبسوط أطلق عدم الإثم به (٣) ، ومثله المصنّف في البيان.

(واستحبابهما ثابت في الخمس) اليومية خاصة (٤) ، دون غيرها من الصلوات

______________________________________________________

(١) بعنوان أنه من أجزاء الأذان والإقامة.

(٢) بل يستحب لخبر الاحتجاج (إذا قال أحدكم : لا إله إلا الله محمد رسول الله فليقل : علي أمير المؤمنين) (١) وهو مطلق يشمل الأذان وغيره ، ولما ورد في صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (وصل على النبي كلما ذكرته أو ذكره ذاكر عندك في أذان وغيره) (٢) فإذا استحب الصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في أثناء الأذان مع الاعتقاد بعدم الجزئية فكذا في غيره مما تقدم.

(٣) وإن اعتقد أنه من الأذان وقد تقدم كلامه.

(٤) بالاتفاق ويشهد له جملة من النصوص منها : صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (ليس يوم الفطر ولا يوم والأضحى أذان ولا إقامة ، أذانهما طلوع الشمس) (٣).

وخبر إسماعيل الجعفي (أرأيت صلاة العيدين هل فيهما أذان وإقامة؟ قال عليه‌السلام : ليس فيهما أذان ولا إقامة ولكنه ينادي الصلاة ثلاث مرات) (٤).

وموثق عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إذا قمت إلى صلاة فريضة فأذان وأقم) (٥) وهو محمول على الفرائض الخمسة فقط جمعا بين الأخبار.

__________________

(١) الاحتجاج ج ١ ص ٢٣١ في ضمن احتجاج أمير المؤمنين (ع) في ذيل تفصيل ما كتب على العرش طبع دار النعمان سنة ١٣٨٦ ه‍ ١٩٦٦ م.

(٢) الوسائل الباب ـ ٤٢ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ١.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ٥ و ١.

(٥) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ٤.

١٣٦

وإن كانت واجبة. بل يقول المؤذّن للواجب منها : الصلاة ثلاثا (١) بنصب الأولين (٢) ، أو رفعهما (٣) ، أو بالتفريق (٤) (أداء وقضاء (٥) ، للمنفرد والجامع (٦) ، وقيل) والقائل به المرتضى والشيخان (يجبان في الجماعة) (٧) لا بمعنى اشتراطهما في الصحة ، بل في ثواب الجماعة على ما صرح به الشيخ في المبسوط وكذا فسّره به (٨) المصنّف في الدروس عنهم مطلقا (٩).

______________________________________________________

(١) لخبر إسماعيل الجعفي المتقدم مع إلغاء خصوصية مورده.

(٢) أي بنصب لفظ الصلاة في المرة الأولى والثانية وأما في المرة الثالثة فالوقف ، والنصب على تقدير حذف العامل بتقدير : أقيموا الصلاة وأما الوقف في الثالثة فلأن الوقف مع الإعراب غير عربي كما ذكر.

(٣) على أنهما فاعل مع حذف الفعل بتقدير : حضرت الصلاة ، أو كونهما مبتدأ لخبر محذوف والتقدير : الصلاة قائمة أو حاضرة ، أو كونهما خبرا لمبتدإ محذوف والتقدير : هذه الصلاة.

(٤) بالنصب والرفع.

(٥) لإطلاق نصوص مشروعيتهما.

(٦) رجالا أو نساء ، حضرا أو سفرا على المشهور لإطلاق نصوص مشروعيتهما.

(٧) فعن السيد والشيخين وابني حمزة والبراج أنهما واجبان على الرجال في الجماعة ، وعن الغنية والكافي والإصباح إطلاق الوجوب من غير تقييده بالرجال ومستندهم أخبار منها : خبر أبي بصير عن أحدهما عليه‌السلام (أيجزي أذان واحد؟ قال عليه‌السلام : إن صليت جماعة لم يجز إلا أذان وإقامة ، وإن كنت وحدك تبادر أمرا تخاف أن يفوتك يجزئك إقامة إلا الفجر والمغرب فإنه ينبغي أن تؤذن فيهما وتقيم من أجل أنه لا يقصّر فيهما كما يقصّر في سائر الصلوات) (١).

ولكنها معارضة بصحيح علي بن رئاب (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام قلت : تحضر الصلاة ونحن مجتمعون في مكان واحد ، أتجزئنا إقامة بغير أذان؟ قال عليه‌السلام : نعم) (٢) وخبر الحسن بن زياد عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إذا كان القوم لا ينتظرون أحدا اكتفوا بإقامة واحدة) (٣).

(٨) أي فسر الوجوب بالاشتراط في الثواب.

(٩) أي عن الجميع من دون استثناء لأحد منهم.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ١ ، وذيله في باب ـ ٦ ـ حديث ٧.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ١٠ و ٨.

١٣٧

(ويتأكدان في الجهرية (١) ، وخصوصا الغداة والمغرب) (٢) بل أوجبهما فيهما الحسن مطلقا (٣) ، والمرتضى فيهما على الرجال (٤) ، وأضاف إليهما (٥) الجمعة ، ومثله ابن الجنيد ، وأضاف الأول الإقامة مطلقا (٦) ، والثاني هي (٧) على الرجال مطلقا (٨) (ويستحبّان للنساء سرا) (٩) ويجوزان جهرا إذا لم يسمع

______________________________________________________

(١) للإجماع عن الغنية وهو الحجة لخلو النصوص عن ذلك ، وعلّل كما في روض الجنان «لأن في توظيف الجهر فيها دلالة على اعتناء الشارع بالتنبيه عليها ، وفي الأذان والإقامة زيادة تنبيه فيتأكد فيها» وهو استحسان محض.

(٢) فعن ابن أبي عقيل وجوبهما مطلقا وعن ابن الجنيد وجوبهما على الرجال لخبر أبي بصير المتقدم (إلا الفجر والمغرب فإنه ينبغي أن تؤذن فيهما وتقيم من أجل أنه لا يقصّر فيهما كما يقصّر في سائر الصلوات).

وصحيح صفوان بن مهران عن أبي عبد الله عليه‌السلام (ولا بد في الفجر والمغرب من أذان وإقامة في الحضر والسفر لأنه لا يقصّر فيهما في حضر ولا سفر ، وتجزئك إقامة بغير أذان في الظهر والعصر والعشاء الآخرة ، والأذان والإقامة في جميع الصلوات أفضل) (١) ومثلها غيرها ، لكنها محمولة على الاستحباب المؤكد جمعا بينها وبين صحيح عمر بن يزيد (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الإقامة بغير الأذان في المغرب ، فقال عليه‌السلام : ليس به بأس وما أحب أن يعتاد) (٢) وإذا ثبت التفكيك في المغرب يثبت في الفجر لعدم التقصير فيهما.

(٣) على الرجال والنساء.

(٤) وكذا ابن الجنيد.

(٥) أي وأضاف السيد المرتضى الجمعة.

(٦) أي أضاف الحسن فأوجب الإقامة في جميع الصلوات على الرجال والنساء.

(٧) أي وأضاف المرتضى أن الإقامة واجبة على الرجال في جميع الصلوات.

(٨) علّق الشارح بقوله : «الإطلاق الأولي لمذهب الحسن بالنسبة إلى الرجال والنساء وقرينته تقييد المرتضى بعده ، والثانية وهي قوله : وأضاف الأول الإقامة مطلقا بالنسبة إلى جميع الخمس بمعنى أنه أوجب الإقامة في الخمس دون الأذان مضافا إلى ما أوجبه فيهما سابقا ، والإطلاق الثالثة للمرتضى في الخمس كذلك لكنه خصّ الوجوب بالرجال» انتهى.

(٩) لأن النساء عورة.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ٦.

١٣٨

الأجانب من الرجال (١) ، ويعتدّ بأذانهن لغيرهن (٢) (ولو نسيهما) المصلي ولم يذكر حتى افتتح الصلاة (تداركهما ما لم يركع) في الأصح (٣) ، وقيل يرجع

______________________________________________________

(١) مع أنّ لو سمعت الرجال صوتها مع علمها بالسماع فهو محرم كما في الروض قال : «فإن سمعوا مع علمها حرم ولم يعتدّ به للنهي المفسد للعبادة ، ولو لم تعلم صح ، وظاهر المبسوط الاعتداد به مع سماعهم مطلقا وهو ضعيف ، واعتذر له في الذكرى بإمكان أن يقال إن ما كان من قبيل الأذكار وتلاوة القرآن مستثنى كما استثني الاستفتاء من الرجال وتعلمهن منهم والمحاورات الضرورية ، ويندفع بأن ذلك المستثنى للضرورة وهي منتفية هنا» ونوقش بأن النهي غير مفسد لأنه عن أمر خارج عن الأذان والإقامة وهو الجهر بهما فضلا عن أن النهي غير ثابت إذ كونها عورة لا يدل على تحريم سماع صوتها للسيرة القاضية بالجواز.

(٢) من النساء وكذا للرجال المحارم كما عن الروض.

(٣) كما هو المشهور لصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إذا افتتحت الصلاة فنسيت أن تؤذن وتقيم ثم ذكرت قبل أن تركع فانصرف وأذن وأقم واستفتح الصلاة ، وإن كنت قد ركعت فأتم على صلاتك) (١) وهو محمول على الاستحباب لصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (عن رجل نسي الأذان والإقامة حتى دخل في الصلاة ، قال عليه‌السلام : فليمض في صلاته فإنما الأذان سنة) (٢).

وعن الشيخ في التهذيب والاستبصار جواز الرجوع قبل الفراغ من الصلاة لصحيح علي بن يقطين (عن الرجل ينسى أن يقيم الصلاة وقد افتتح الصلاة قال عليه‌السلام : إن كان قد فرغ من صلاته فقد تمت صلاته ، وإن لم يكن فرغ من صلاته فليعد) (٣). وهو مردود لما قاله العلامة في المختلف من دعوى الإجماع على خلافه فيكون مهجورا عندهم. وإطلاق النص والفتوى شامل للمنفرد وغيره فما عن الشرائع والمبسوط من التقييد بالمنفرد ليس بوجه كما في المسالك.

والنصوص مقيدة بالنسيان فلا تشمل من كان متعمدا للترك فلا يجوز له الرجوع ، وعن الشيخ في النهاية والحلي أنه يرجع ما لم يركع إذا تركهما متعمدا ، وأما إذا تركهما نسيانا فيمضي في صلاته ولا يرجع ، وهو ضعيف إذ ليس له مأخذ فيما بين أيدينا. وذهب المشهور إلى أن ناسي الأذان والإقامة يرجع ، وكذا ناسي الأذان ، وأما ناسي الإقامة فقط ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ٣ و ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢٨ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ٣.

١٣٩

العامد دون الناسي ، ويرجع أيضا للإقامة لو نسيها ، لا للأذان وحده ، (ويسقطان عن الجماعة الثانية) (١) إذا حضرت لتصلّي في مكان فوجدت جماعة أخرى قد أذّنت وأقامت وأتمّت الصلاة (ما لم تتفرّق الأولى) بأن يبقى منها ولو

______________________________________________________

فلا يرجع اقتصارا في إبطال الصلاة على موضع الوفاق كما في المسالك ، مع أن الشهيد في النفلية نسب إلى المشهور جواز الرجوع في ناسي الإقامة ، وعن الإيضاح وغاية المرام الإجماع على عدم جواز الرجوع في ناسي الأذان.

وعلى كل فالنصوص ظاهرة في جواز الرجوع لناسيهما معا ، وأما غيره فلا دليل عليه.

(١) الداخل للمسجد من أجل الصلاة تسقط عنه الأذان والإقامة إذا كان في المسجد قد أقيمت صلاة الجماعة بأذان وإقامة ولم تتفرق صفوفها ، ويدل عليه الأخبار الكثيرة منها : موثق أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قلت له : الرجل يدخل المسجد وقد صلى القوم أيؤذن ويقيم؟ قال عليه‌السلام : إن كان دخل ولم يتفرق الصف صلى بأذانهم وإقامتهم ، وإن كان تفرق الصف أذّن وأقام) (١).

وخبر أبي علي (كنا عند أبي عبد الله عليه‌السلام فأتاه رجل فقال : جعلت فداك صلينا في المسجد الفجر وانصرف بعضنا وجلس بعض في التسبيح فدخل علينا رجل المسجد فأذن فمتعناه ودفعناه عن ذلك ، فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : أحسنت ، ادفعه عن ذلك وامنعه أشدّ المنع ، فقلت : فإن دخلوا فأرادوا أن يصلوا فيه جماعة؟ قال عليه‌السلام : يقومون في ناحية المسجد ولا يبدو. يبدر. بهم إمام) (٢).

فالخبر الأول قد دلّ على سقوطهما عن المنفرد ، والثاني عن الجماعة ، ويشترط في السقوط أن يكون الأذان والإقامة لجماعة فيسقطان عن المنفرد والجماعة الثانية حينئذ ، وأما إذا صلى المنفرد بأذان وإقامة فلا يسقطان عن الثاني سواء كان منفردا أو جماعة لاختصاص النصوص بكون الأول جماعة ، وظاهر النصوص أن الجماعة كانت في المسجد فلو قامت جماعة في غير المسجد فهل يسقطان عن المنفرد أو الجماعة التي أدركت الأولى قبل تفرق صفوفها؟ والذي ذهب إليه في الذكرى التعميم لعدم تعقل الفرق ، وفي روض الجنان العدم لأنه خروج عن مورد النص فيقتصر في الرخصة على موردها ، ثم إن تفرق الصف يتحقق بقيام جميع المصلين من أماكنهم فلو بقي بعضهم ولو واحدا متشاغلا بالتسبيح فلا يصدق تفرق الصف حينئذ عرفا.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ٦٥ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ٢.

١٤٠