الزبدة الفقهيّة - ج ١

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي

الزبدة الفقهيّة - ج ١

المؤلف:

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي


الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات ذوي القربى
المطبعة: كيميا
الطبعة: ٤
ISBN: 964-6307-54-X
ISBN الدورة:
964-6307-53-1

الصفحات: ٣٤٩

لا قائل بغيره على تقدير القول بالنجاسة ، فإن اللازم من اطّراحه كونه مما لا نصّ فيه.

(ويجب التراوح بأربعة) (١) رجال كل اثنين منهما يريحان الآخرين(يوما)

______________________________________________________

(١) قد عرفت أن بعض المذكورات تقتضي نزح جميع ماء البئر ، فإن أمكن فهو ، وإن تعذر أو تعسر لتجدد نبعه يتراوح أربعة على النزح يوما كاملا من أول الفجر إلى الليل بلا خلاف فيه ، ولذا قال العلامة في المنتهى : «ولا يعرف فيه مخالف بين القائلين بالتنجيس» ، والمستند رواية عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن بئر يقع فيها كلب أو فأرة أو خنزير ، قال عليه‌السلام : ينزف كلها ، فإن غلب عليه الماء فلينزف يوما إلى الليل ، ثم يقام عليها قوم يتراوحون اثنين اثنين فينزفون يوما إلى الليل وقد طهرت) (١).

ونوقشت بأن عمار واقفي وردّ بأنه ثقة وبأن السند منجبر بعمل الأصحاب ، ونوقشت أيضا بأن فيها خللا حيث حكم بالنزف يوما ثم حكم بالتراوح فهي دالة على النزف مرتين وهذا ما لم يقله أحد ، وردّ بأن لفظ ـ ثم ـ للترتيب الذكري فيكون ما بعدها مفسرا لما قبلها فلا تعدد في النزف ، ونوقشت بأنها توجب نزح الجميع للفأرة والكلب والخنزير وهذا مخالف لما عليه المشهور فيجب طرحها ، ورد بأن إعراض المشهور عن صدرها لا يوجب الإعراض عن ذيلها.

هذا والتراوح تفاعل من الراحة ، لأن كل اثنين يريحان صاحبيهما ، ثم هل يختص التراوح بالرجال أو يعم النساء والصبيان والخناث ، يظهر من المنتهى الاجتزاء بالنساء والصبيان لصدق القوم الوارد في الرواية عليهم ، وهو المنقول عن المحقق بشرط عدم قصور نزحهم عن نزح الرجال ، وردّ بأن لفظ القوم الوارد مختص بالرجال لنص أهل اللغة ، ففي الصحاح : (القوم : الرجال دون النساء)

وعن ابن الأثير (إن القوم في الأصل مصدر قام فوصف به ، ثم غلب على الرجال دون النساء ، ولذا قابلهن به في قوله تعالى : (لٰا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسىٰ أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلٰا نِسٰاءٌ مِنْ نِسٰاءٍ)) وعن الكشاف «القوم : الرجال خاصة لأنهم القوام بأمور النساء» ولقول زهير «أقوم آل حض أم نساء» ولذا لا بد من الاقتصار على الرجال.

ثم إن المشهور ذهب إلى عدم الاجتزاء بأقل من أربعة ، لأنه أقل عدد يتراوح اثنان بعد اثنين كما في الرواية ، واستقرب العلامة في المنتهى أقل من الأربعة في التراوح إن ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب الماء المطلق حديث ١.

٦١

كاملا من أول النهار إلى الليل ، سواء في ذلك الطويل والقصير(عند) تعذّر نزح الجميع بسبب(الغزارة) المانعة من نزحه.

(ووجوب نزح الجميع) (١) لأحد الأسباب المتقدمة ، ولا بد من إدخال جزء من الليل متقدما ومتأخرا من باب المقدمة ، وتهيئة الأسباب قبل ذلك ولا يجزئ مقدار اليوم من الليل ، والملفّق منهما ، ويجزي ما زاد عن الأربعة دون ما نقص وإن نهض بعملها (٢) ، ويجوز لهم الصلاة جماعة (٣) لا جميعا بدونها (٤) ولا

______________________________________________________

ـ علم مساواتهم بالنزح للأربعة ، وردّ بمخالفة النص ، نعم يجوز أكثر من أربعة إذا تراوح كل اثنين منهم في كل واقعة.

ثم إن المشهور على أن يقوم اثنان يتجاذبان الدلو ويرميانه في البئر إلى أن يتعبا فيقوم الآخران ، وذهب الشهيد الثاني في الروض إلى أن يكون أحدهما فوق البئر يمتح بالدلو ، والآخر في البئر يمليه ، وردّ بأنه لا مأخذ له مع أن مقتضى كلامه الاجتزاء بالواحد من فوق إذا استغني عن الآخر عند عدم الحاجة لإملاء الدلو ثم المراد من اليوم هو يوم الصوم الممتد من الفجر إلى الليل لأنه المفهوم من لفظ اليوم كما ذهب إليه جماعة ، وذهب الشيخ والصدوق والسيد وابن حمزة أنه من الغدوة إلى العشاء ، والغدوة أول النهار لأن المفهوم من اليوم الوارد في الرواية هو يوم الأجير ، نعم لا فرق في اليوم بين الطويل والقصير لصدق الاسم ، ولا يجزي الليل ولا الملفق منه ومن النهار بمقدار اليوم اقتصارا على مورد النص ، ولما يعتري في الليل من الفتور عن العمل ، ولأن غالب أحكام البئر يغلب عليها جانب التعبد.

وبما أن النزح يجب أن يستوعب اليوم إلى الليل على التحقيق لقوله عليه‌السلام : (فينزفون يوما إلى الليل)

فلا بد من العمل قبل الفجر أو الغدوة كمقدمة علمية ولا بد من تهيئة أسباب النزح قبل أول اليوم حتى يتحقق النزح من أوله.

(١) الواو حالية أي بسبب الغزارة حال وجوب نزح الجميع.

(٢) أي وإن نهض ما نقص بعمل الأربعة.

(٣) استثنى بعضهم للأربعة الصلاة جماعة والأكل مجتمعين ، وفي استثناء الثاني نظر ، لأن حصول الأكل إنما يكون حال الراحة لأنه من تتمتها بخلاف الصلاة التي لا تتم فضيلتها إلا بالجماعة.

(٤) أي لا يجوز لهم الصلاة جميعا بدون جماعة وترك التراوح ، لأن الأمر بالتراوح مع الأمر بالصلاة بدون الجماعة يقتضي أن يصلي كل واحد منهم مع استمرار التراوح بينهم.

٦٢

الأكل كذلك (١) ، ونبّه بإلحاق التاء للأربعة على عدم إجزاء غير الذكور (٢) ولكن لم يدل (٣) على اعتبار الرجال (٤) ، وقد صرّح المصنف في غير الكتاب باعتباره (٥) وهو حسن ، عملا بمفهوم القوم في النص خلافا للمحقق حيث اجتزأ بالنساء والصبيان.

(ولو تغير ماء البئر) (٦) بوقوع نجاسة لها مقدّر(جمع بين المقدّر وزوال)

______________________________________________________

(١) أي ولا الأكل جميعا سواء كانوا مشتركين في المأكول ووعائه أو لا.

(٢) لأن الأربعة وصف للمذكر فيخرج المؤنث.

(٣) أي المصنف.

(٤) بحيث يأتي بوصف مختص بالرجال ليخرج الصبيان ، لأن الذكور تعم الرجل والصبي.

(٥) باعتبار الرجل.

(٦) لو تغير ماء البئر بأحد أوصافه الثلاثة ينجس إجماعا وإنما الكلام في مطهّره فعلى القول بعدم نجاسة البئر بمجرد الملاقاة فإنه يطهر بزوال التغيّر بنفسه أو بعلاج لصحيح إسماعيل بن بزيع عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام : (ماء البئر واسع لا يفسده شي‌ء إلا أن يتغير ريحه أو طعمه فينزح منه حتى يذهب الريح ويطيب طعمه لأن له مادة) (١).

ووجوب النزح في الخبر شرطي لذهاب الريح ، فلو ذهب بنفسه فلا يجب النزح فالمدار على زوال التغيّر.

وعلى القول بنجاسة ماء البئر بالملاقاة كما هو رأي المتقدمين ، فقد وقع بينهم الخلاف على أقوال :

القول الأول : موافقة القائلين بالطهارة إسماعيل بن بزيع وغيرها ، وأشكل عليه بأنه لو زال التغير قبل استيفاء مقدّر النجاسة التي غيرت أحد أوصاف البئر لوجب الحكم بالطهارة فكيف يتنزل عن المقدّر حينئذ.

القول الثاني : وجوب نزح أكثر الأمرين من المقدّر الشرعي ومما يحقق التغير جمعا بين النصوص الموجبة لاستيفاء المقدّر وبين النصوص الدالة على الاكتفاء بزوال التغير.

القول الثالث : التفصيل بين النجاسة المنصوص على مقدرها فيجب نزح أكثر الأمرين من المنصوص ومما يحقق التغير ، وبين النجاسة غير المنصوص على مقدرها فيجب نزح الجميع لأنه مما لا نص فيه ويجب له نزح الجميع كما هو أحد الأقوال في ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب الماء المطلق حديث ٧.

٦٣

(التغير) (١) بمعنى وجوب أكثر الأمرين (٢) ، جمعا بين النصوص وزوال التغيّر المعتبر في طهارة ما لا ينفعل كثيره (٣) فهنا أولى (٤) ، ولو لم يكن لها مقدّر ففي الاكتفاء بمزيل التغير (٥) ، أو وجوب نزح الجميع ، والتراوح مع تعذره (٦) قولان

______________________________________________________

ـ المسألة ، ومع التعذر فيجب التراوح ، وهو اختيار ابن إدريس واستحسنه العلامة في المختلف والشهيد الثاني في الروض.

القول الرابع : التفصيل بين وجوب النزح لما يحقق التغير ثم وجوب نزح المقدّر إذا كان للنجاسة مقدر خاص وإلا فيجب نزح الجميع فإن تعذر فالتراوح ، وهو اختيار المحقق وذلك لعدم تداخل الأسباب بين ما يزيل التغير وبين المنصوص.

القول الخامس : التفصيل بين ما له مقدر فيجب أكثر الأمرين من المقدر ومما يحقق التغير ، وبين ما لا مقدر له فيرجع إلى زوال التغير فقط ، وإليه مال صاحب الحدائق.

القول السادس : وجوب نزح الجميع سواء كان للنجاسة مقدر أو لا ، وهو اختيار جماعة منهم الصدوق والمرتضى والشيخ وسلّار للأخبار الآمرة بنزح الجميع.

منها : رواية معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (فإن أنتن غسل الثوب وأعاد الصلاة ونزحت البئر) (١) وهو مطلق يشمل ما لو كان للنجاسة مقدر أم لا ، نعم اختلفوا عند تعذر نزح الجميع بين التنزل إلى التراوح يوما وبين النزح حتى يزول التغير فذهب الشيخ إلى الثاني والباقي إلى الأول.

القول السابع : نزحها أجمع ومع التعذر لغلبة الماء يعتبر أكثر الأمرين من زوال التغير والمقدّر ، وهو اختيار الشهيد في الدروس.

(١) كما هو القول الثاني والثالث والخامس ، إلا أنه في الثاني مطلق وفي الثالث والخامس في خصوص المنصوص المقدّر.

(٢) لا بمعنى وجوبهما معا كما هو القول الرابع.

(٣) بمجرد الملاقاة.

(٤) وجه الأولوية أن الماء الذي لا ينجس إلا على وجه واحد وهو الذي لا ينفعل كثيره بمجرد الملاقاة فتطهيره بزوال التغير ، فالماء الذي ينجس على أكثر من وجه وهو الذي ينفعل قليله وكثيره بالملاقاة فتطهيره بزوال التغير أولى.

(٥) كما هو القول الخامس وأحد شقي السادس.

(٦) كما هو الشق الثاني للسادس والقول الثالث والرابع.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب الماء المطلق حديث ١٠.

٦٤

أجودهما الثاني (١) ، ولو أوجبنا فيه (٢) ثلاثين أو أربعين اعتبر أكثر الأمرين فيه (٣) أيضا(٤).

(مسائل : الأولى) :

(الماء المضاف ما) (٥) أي الشي‌ء الذي (لا يصدق عليه اسم الماء بإطلاقه) مع صدقه عليه (٦) مع القيد كالمعتصر من الأجسام ، والممتزج بها مزجا يسلبه

______________________________________________________

(١) أي وجوب نزح الجميع وذلك لأنه مما لا نص فيه ، هذا واعلم أن ما لا نص فيه قد اختلف في مقدار النزح على أقوال ثلاثة :

الأول : نزح الجميع لأن تحصيل الطهارة بعد ثبوت النجاسة لا يتحقق إلا بنزح الجميع ، لأن نزح البعض تحكم مع أن الاكتفاء بالبعض موجب للشك في حصول الطهارة فلا بد من نزح الجميع حتى يحكم بثبوت الطهارة. وهذا أشهر الأقوال كما في المدارك.

الثاني : وجوب نزح الثلاثين وذهب إليه البعض استنادا إلى حديث كردويه المتقدم (١) والوارد في ماء المطر المخالط للعذرة وخرء الكلب والبول ، وفيه أنه لا دلالة في الرواية عليه.

الثالث : نزح الأربعين ، وإليه ذهب العلامة في جملة من كتبه وحكي عن ابن حمزة والشيخ في المبسوط واحتج بقوله عليه‌السلام : (ينزح منها أربعون دلوا وإن كانت مبخرة) (٢).

وهذه الرواية لم ترد في الأصول ، نعم ذكرها الشيخ في المبسوط مع عدم العلم بصدرها بحيث يجعلها مجملة.

(٢) في غير المقدّر.

(٣) في غير المقدر من زوال التغير والثلاثين أو الأربعين.

(٤) كالمقدّر.

(٥) هو كل ماء يحتاج إلى قيد حتى يصدق عليه لفظ الماء ، أو يصح سلب الماء عنه.

(٦) أي مع صدق الماء على المضاف.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب الماء المطلق حديث ٣.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب الماء المطلق حديث ٤ ، ونقل الشهيد الأول في شرح الإرشاد أنه وجد بخط الشيخ في الاستبصار أن لفظ المبخرة بضم الميم وسكون الباء وكسر الخاء ومعناه المنتنة ، ويروى بفتح الميم والخاء ومعناه موضع النتن.

٦٥

الإطلاق كالأمراق ، دون الممتزج على وجه لا يسلبه الاسم وإن تغير لونه كالممتزج بالتراب ، أو طعمه كالممتزج بالملح ، وإن أضيف إليهما (١).

(وهو) أي الماء المضاف(طاهر) في ذاته بحسب الأصل (٢) (غير مطهّر) لغيره (مطلقا) من حدث ، ولا خبث اختيارا واضطرارا (٣) (على) القول

______________________________________________________

(١) فيقال : ماء الملح وماء التراب ولكن يبقى اسم الماء صادقا من دون قيد.

(٢) أي لقاعدة الطهارة ، ثم إذا كان معتصرا من جسم طاهر فيحكم بالطهارة للاستصحاب.

(٣) تفسير للإطلاق ، وهو قول المشهور ، أما عدم رفعه الحدث سواء كان أكبر أم أصغر فلقوله تعالى : (فَلَمْ تَجِدُوا مٰاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً) (٢) حيث وجب التيمم عند فقدان الماء وهذا دليل على عدم جواز رفع الحدث في حالتي الاختيار والاضطرار بغير الماء من المائعات.

ولخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في الرجل يكون معه اللبن أيتوضأ منها للصلاة؟ قال: لا إنما هو الماء والصعيد (١) وخبر عبد الله بن المغيرة عن بعض الصادقين عليهم‌السلام : (إذا كان الرجل لا يقدر على الماء وهو يقدر على اللبن فلا يتوضأ باللبن ، إنما هو الماء أو التيمم (٢) والحصر بهما دليل على نفي رفع الحدث بغيرهما.

وذهب الصدوق إلى جواز الوضوء بماء الورد وكذا غسل الجنابة لخبر يونس عن أبي الحسن عليه‌السلام (قلت له : الرجل يغتسل بماء الورد ويتوضأ به للصلاة ، قال : لا بأس بذلك) (٣).

وفي السند محمد بن عيسى عن يونس وقد نقل الصدوق عن شيخه ابن الوليد أنه لا يعتمد على حديث محمد بن عيسى عن يونس ، وقال الشيخ في التهذيب : «إنه خبر شاذ شديد الشذوذ ، وإن تكرر في الكتب والأصول ، فإنما أصله يونس عن أبي الحسن عليه‌السلام ولم يروه غيره ، وقد أجمعت العصابة على ترك العمل بظاهره» وعن ابن أبي عقيل جواز استعمال المضاف في مطلق الطهارة عند الاضطرار ، وقال في الجواهر : «لم نعثر لابن أبي عقيل على مستند».

وأما عدم رفع المضاف للخبث للأخبار :

منها : خبر بريد بن معاوية عن أبي جعفر عليه‌السلام : (ولا يجزي من البول إلا الماء) (٤) ـ

__________________

(١) المائدة الآية : ٩ ، النساء الآية : ٤٦.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب الماء المضاف حديث ١ و ٢.

(٤) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب الماء المضاف حديث ١.

٦٦

(الأصح) ، ومقابله قول الصدوق بجواز الوضوء وغسل الجنابة بماء الورد ، استنادا إلى رواية مردودة ، وقول المرتضى (١) برفعه مطلقا (٢) الخبث.

(وينجس) المضاف (٣) وإن كثر (٤)

______________________________________________________

ـ وقوله عليه‌السلام فيمن أصاب ثوبا نصفه دم أو كله (إن وجد ماء غسله وإن لم يجد ماء صلى فيه) (١) وفي ثالث (في رجل ليس عليه إلا ثوب ولا تحل الصلاة فيه وليس يجد ماء يغسله كيف يصنع؟ قال عليه‌السلام : يتيمم ويصلي فإذا أصاب ماء غسله) (٢) إلى غير ذلك من النصوص التي حصرت رفع الخبث بالماء فقط.

وذهب المفيد والمرتضى إلى رفع الخبث بالمضاف ، واحتج السيد بالإجماع وهو عجيب مع مخالفة المشهور له ، واحتج بقوله تعالى : (وَثِيٰابَكَ فَطَهِّرْ) (٣) وبالأخبار الآمرة بالغسل ، مع أن التطهير والغسل يحصل بالمائعات ، لأن المقصود إزالة عين النجاسة وهي تتحقق بالمائع ، وفيه : إن مفهوم التطهير والغسل وإن تحقق بالمائعات إلا أن الأخبار قيدته بالماء فقط.

(١) والمفيد.

(٢) بجميع أصنافه لا خصوص ماء الورد.

(٣) للأخبار منها : خبر السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إن أمير المؤمنين عليه‌السلام سئل عن قدر طبخت وإذا في القدر فأرة؟ قال : يهراق مرقها ويغسل اللحم ويؤكل) (٤) وخبر زكريا بن آدم عن أبي الحسن عليه‌السلام : (عن قطرة خمر أو نبيذ مسكر قطرت في قدر فيه لحم كثير ومرق كثير قال : يهراق المرق أو يطعمه أهل الذمة أو الكلب ، واللحم اغسله وكله) (٥).

والمرق وإن كان حقيقة أخرى غير المضاف ، إلا أنه كالمضاف في الميعان الموجب لسراية النجاسة.

(٤) وكان بمقدار ألف كر أو أزيد كآبار النفط فإنه ينجس ولو كان النجس بمقدار رأس إبرة ، وفيه : عدم السراية عرفا في مثله خصوصا إذا كان فيه كثرة مفرطة.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب أحكام الخلوة حديث ٦.

(٢) الوسائل الباب ـ ٤٥ ـ من أبواب النجاسات حديث ٥ و ٨.

(٣) المدثر الآية : ٤.

(٤) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب الماء المضاف حديث ٣.

(٥) الوسائل الباب ـ ٣٨ ـ من أبواب النجاسات حديث ٨.

٦٧

بالاتصال (بالنجس) (١) إجماعا ، (وطهره إذا صار) ماء(مطلقا) (٢) مع اتصاله بالكثير المطلق (٣) لا مطلقا (٤) (على) القول (الأصح) ، ومقابله طهره بأغلبية الكثير المطلق عليه وزوال أوصافه (٥) ، وطهره بمطلق الاتصال به وإن بقي الاسم (٦).

ويدفعهما (٧) مع أصالة بقاء النجاسة أن المطهّر لغير الماء شرطه وصول الماء إلى كل جزء من النجس ، وما دام مضافا لا يتصوّر وصول الماء إلى جميع أجزائه النجسة ، وإلا لما بقي كذلك (٨) ، وسيأتي له تحقيق آخر في باب الأطعمة.

______________________________________________________

(١) وكذا المتنجس ، لأنه كالنجس في التنجيس.

(٢) بحيث يمتزج بالمعتصم سواء كان كرا أو ذا مادة ، بشرط زوال إضافته وصيرورته ماء مطلقا فيحكم بطهارته لطهارة الماء المعتصم ، لأن الماء الواحد حكم واحد بعد خلو الأخبار عن كيفية تطهير المضاف فلا بد من الرجوع إلى القواعد وهذا ما عليه المشهور ، وذهب الشيخ في المبسوط إلى أن تطهير المضاف متقوم بأمرين ، غلبة الماء الكثير عليه وزوال أوصاف المضاف وإن بقي اسمه ، والماء الكثير الذي هو أزيد من الكر هو سبب في تطهير المضاف عند اتصاله به ، وتظهر الثمرة بين هذا القول وقول المشهور فيما لو كان الدبس متنجسا ومزجناه بأزيد من الكر بحيث لم تتغير أوصاف المطلق ثم تركناه حتى استقرت أجزاء الدبس تحت الماء فهو طاهر على قول الشيخ دون قول المشهور المشترط لصيرورته مطلقا حتى يطهر.

وذهب العلامة إلى أن تطهير المضاف إنما يتم بمطلق الاتصال بالماء الكثير من دون اشتراط الاستهلاك وإن بقي اسم المضاف وأوصافه ، وفيه : إنه لا دليل عليه.

(٣) الذي هو أزيد من الكر.

(٤) فلو اتصل بالقليل فيبقى المضاف على نجاسته بل ينجس الماء القليل لسريان نجاسة المضاف إليه.

(٥) وإن بقي اسمه عند تفرق الأجزاء وهو قول الشيخ.

(٦) والأوصاف وهو قول العلامة.

(٧) أي يدفع القولين الأخيرين ، والدفع لاستصحاب النجاسة ولأن التطهير متقوم بوصول الماء إلى كل جزء من أجزاء المتنجس ، وما دام اسم المضاف صادق عليه يقطع بعدم وصول الماء إلى كل أجزائه ، فكيف يحكم بطهارته؟.

(٨) أي وإن وصل الماء إلى كل جزء من أجزائه لما بقي المضاف مضافا بل يصير مطلقا.

٦٨

(والسّؤر) (١) وهو الماء القليل (٢) الذي باشره جسم حيوان(تابع للحيوان الذي باشره) في الطهارة (٣)

______________________________________________________

(١) وهو بقية الماء التي يبقيها الشارب من الماء القليل كما عن جماعة من أهل اللغة ، أو بقية المشروب كما في المعتبر ، بل عن الأزهري اتفاق أهل اللغة على أن سائر الشي‌ء باقيه قليلا كان أو كثيرا.

هذا فما عن جماعة من الفقهاء منهم الشارح هنا من أنه ماء قليل لاقى جسم حيوان ليس في محله لأن السؤر هو البقية الملاقي لفم الحيوان.

ودعوى أن حكم الملاقي للفم هو حكم الملاقي لغيره من بقية أجزاء جسم الحيوان فلذا صح إطلاق السؤر على الجميع غير مسموعة لأنها تصلح لتعميم الحكم ولا تصلح لإرادة غير المعنى الحقيقي أو توسعته من لفظ السؤر.

(٢) لعدم إطلاق السؤر على ماء البحر بعد الشرب منه عرفا.

(٣) فإذا كان الحيوان طاهر العين فسؤره طاهر وإن كان الحيوان غير مأكول اللحم كما عليه المشهور للأخبار.

منها : خبر معاوية بن شريح : (سأل عذافر أبا عبد الله عليه‌السلام ـ وأنا عنده ـ عن سؤر السنّور والشاة والبقرة والبعير والحمار والفرس والبغل والسباع ، يشرب منه أو يتوضأ منه؟ فقال عليه‌السلام : نعم ، اشرب منه وتوضأ قال : قلت له : الكلب؟ قال عليه‌السلام : لا ، قلت : أليس هو سبع؟ قال عليه‌السلام : لا والله إنه نجس ، لا والله إنه نجس) (١) وهي صريحة في دوران السؤر مدار الحيوان الذي باشره طهارة ونجاسة. وعن الشيخ في المبسوط وابن إدريس نجاسة سؤر ما يمكن التحرز منه من حيوان الحضر إذا كان غير مأكول اللحم لمرسل الوشاء عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (أنه كان يكره سؤر كل شي‌ء لا يؤكل لحمه) (٢) بدعوى أن الكراهة في الخبر بمعنى الحرمة لمفهوم موثق عمار بن موسى عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سئل عما تشرب منه الحمامة ، فقال عليه‌السلام : كل ما أكل لحمه فتوضأ من سؤره واشرب) (٣) ومفهومه : ما لا يؤكل لحمه لا يتوضأ من سؤره ولا يشرب وهو يفيد النجاسة ، إلا أن هذه الأخبار قد حملت على الكراهة عند المشهور جمعا بينها وبين ما تقدم.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب الأسآر حديث ٦.

(٢) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب الأسآر حديث ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب الأسآر حديث ٢.

٦٩

والنجاسة والكراهة (١) ، (ويكره سؤر الجلّال) (٢) وهو المغتذي بعذرة الإنسان محضا (٣) إلى أن ينبت عليها لحمه ، واشتدّ عظمه ، أو سمي في العرف جلّالا (٤)

______________________________________________________

(١) المشهور على كراهة سؤر مكروه اللحم كالخيل والبغال والحمير ، وليس لهم دليل ظاهر ، ولذا أنكر جماعة من الأصحاب الضابطة بين كراهة اللحم وكراهة السؤر ، نعم هناك موارد يكره سؤر محرم اللحم أو مأكوله قد ذكرها المصنف في المتن.

(٢) الجلّال يحرم أكل لحمه على المشهور لصحيح هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا تأكلوا لحوم الجلّالة ، فإن أصابك من عرقها فاغسله (١) إلا أن الشيخ قد ذهب إلى كراهة أكله وليس له مستند ظاهر.

فهو وإن حرم لحمه إلّا أنه طاهر العين وإن وقع الكلام في عرقه فالمشهور بين المتقدمين على النجاسة والمتأخرون على الطهارة.

وأما سؤره فقد ذهب الشيخ في المبسوط والسيد وابن الجنيد والعلامة إلى نجاسته مع كونه طاهر العين استنادا إلى رواية عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (سئل عما تشرب منه الحمامة ، فقال عليه‌السلام : كل ما أكل لحمه فتوضأ من سؤره واشرب) (٢) والجلال لا يؤكل لحمه فيحرم سؤره إلا أن المشهور حملوه على الكراهة كما تقدم ، نعم عن سيد المدارك أن الحكم بالكراهة ينبغي تعميمه إلى كل ما لا يؤكل لحمه سواء كان جلالا أو غيره وهو الحق.

(٣) على المشهور لمرسل موسى بن أكيل عن أبي جعفر عليه‌السلام : (في شاة شربت بولا ثم ذبحت ، فقال عليه‌السلام : يغسل ما في جوفها ثم لا بأس به ، وكذلك إذا اعتلفت العذرة ما لم تكن جلّالة ، والجلّالة هي التي يكون ذلك غذاؤها (٣) والعذرة هي غائط الإنسان ولا أقل من الانصراف إلى ذلك ، وعن الحلبي أن الجلّال هو ما اغتذى بمطلق النجس ولا دليل له.

(٤) اعترف أكثر من واحد بعدم تعرض النصوص لتعيين المدة التي يحصل بها الجلل ، فما عن بعضهم من تقدير المدة بيوم وليلة ، وعن آخر بما يظهر النتن في لحمه وجلده ، وعن ثالث بما ينمو في البدن وتصير العذرة جزءا منه كما عليه الشارح لا دليل عليه ، فالمرجع هو العرف ولذا أحال عليه الشارح أخيرا.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب الأسآر حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب الأسآر حديث ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب الأطعمة والأشربة حديث ٢.

٧٠

قبل أن يستبرأ بما يزيل الجلل ، (وآكل الجيف (١) مع الخلوّ) أي خلوّ موضع الملاقاة للماء(عن النجاسة) (٢) وسؤر(الحائض المتهمة) (٣) بعدم التنزّه عن النجاسة ، وألحق بها المصنف في البيان كل متهم بها (٤) وهو حسن ، (وسؤر البغل والحمار) (٥) وهما داخلان في تبعيته (٦) للحيوان في الكراهية ، وإنما خصّهما لتأكد الكراهة فيهما (٧) ، (وسؤر الفأرة (٨) والحية) (٩) ، وكل ما لا يؤكل

______________________________________________________

(١) ذهب الشيخ في النهاية والعلامة في المختلف إلى نجاسة سؤره ، وقال في الجواهر: «لا نعرف له وجها» والمشهور إلى الكراهة ولا دليل لهم.

(٢) لأنه مع عدم الخلو ينجس الماء بملاقاة النجاسة.

(٣) لموثق ابن يقطين عن أبي الحسن عليه‌السلام : (في الرجل يتوضأ بفضل الحائض؟ قال عليه‌السلام : إذا كانت مأمونة فلا بأس) (١).

(٤) أي بالنجاسة ، لأن المدار على الائتمان وعدمه كما هو مفاد الخبر المتقدم.

(٥) والمراد به الأهلي ، وألحق بهما الخيل ، وقد تقدم أنه لا دليل على كراهية سؤر مكروه اللحم.

(٦) أي تبعية السؤر.

(٧) وقد أستفيد تأكد الكراهة من مفهوم مضمرة سماعة (هل يشرب سؤر شي‌ء من الدواب ويتوضأ منه؟ فقال : أما الإبل والبقر والغنم فلا بأس) (٢) ففي غيرها الشامل للبغل والحمير بأس ، وهو محمول على الكراهة جمعا بينها وبين ما تقدم على طهارة سؤر غير نجس العين.

(٨) فعن الشيخ في التهذيب والمفيد في المقنعة الحكم بنجاسة سؤرها ، والمشهور على الكراهة جمعا بين خبر سعيد الأعرج عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن الفأرة تقع في السمن أو الزيت ثم تخرج منه حيا ، قال : لا بأس به) (٣) وخبر علي بن جعفر عن أخيه (عن الفأرة الرطبة قد وقعت في الماء فتمشي على الثياب أيصلى فيها؟ قال : اغسل ما رأيت من أثرها ، وما لم تره انضحه بالماء) (٤).

(٩) لخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في حية دخلت حبا فيه ماء وخرجت منه ، ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب الأسآر حديث ٥.

(٢) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب الأسآر حديث ٣.

(٣) الوسائل الباب ـ ٤٤ ـ من أبواب الأطعمة المحرمة حديث ١.

(٤) الوسائل الباب ـ ٣٣ ـ من أبواب النجاسات حديث ٢.

٧١

لحمه (١) إلا الهر (٢) ، (وولد الزنا) (٣) قبل بلوغه (٤) ، أو بعده مع إظهاره للإسلام(٥).

(الثانية):

يستحبّ التباعد بين البئر والبالوعة) (٦)

______________________________________________________

ـ قال : إذا وجد ماء غيره فليهرقه) (١) وهو ظاهر في الكراهة.

(١) قد تقدم الكلام فيه.

(٢) ويشهد له صحيح زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في كتاب علي عليه‌السلام أن الهر سبع ، ولا بأس بسؤره ، وإني لأستحي من الله أن أدع طعاما لأن الهر أكل منه) (٢).

(٣) لمرسلة الوشاء عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (أنه كره سؤر ولد الزنا وسؤر اليهودي والنصراني والمشرك ، وكل من خالف الإسلام ، وكان أشدّ ذلك عنده سؤر الناصب) (٣).

وذهب الصدوق والسيد وابن إدريس إلى نجاسة سؤره ، لأنه نجس العين كافر.

(٤) لأنه محكوم بالطهارة ، غايته يكره سؤره للنص.

(٥) بل الحكم مع إنكاره للإسلام أو لضرورة منه ، وإلا فمع إظهاره فهو مسلم.

(٦) المشهور على استحباب البعد بين البئر والبالوعة بخمس أذرع إذا كانت الأرض صلبة أو كانت البئر فوق البالوعة ، وبسبع أذرع إذا كانت الأرض سهلة أو كانت البالوعة مساوية أو أعلى من البئر.

وحجتهم الجمع بين مرسلة قدامة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (سألته كم أدنى ما يكون بين البئر بئر الماء والبالوعة؟ فقال عليه‌السلام : إن كان سهلا فسبع أذرع ، وإن كان جبلا فخمس أذرع) (٤) بناء على كون أرض الجبل صعبة كما هو الغالب.

وبين خبر الحسن بن رباط عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (سألته عن البالوعة تكون فوق البئر ، قال عليه‌السلام : إذا كانت فوق البئر فسبعة أذرع ، وإذا كانت أسفل من البئر فخمسة ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب الأسآر حديث ٣.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب الأسآر حديث ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب الأسآر حديث ٢.

(٤) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب الماء المطلق حديث ٢ و ٣ و ٦.

٧٢

التي يرمى فيها ماء النزح (١) (بخمس أذرع في) الأرض(الصّلبة) بضم الصاد وسكون اللام ، (أو تحتية) قرار(البالوعة) (٢) عن قرار البئر ، (وإلا يكن) (٣) كذلك بأن كانت الأرض رخوة والبالوعة مساوية للبئر قرارا ، أو مرتفعة عنه (٤) (فسبع) أذرع.

وصور المسألة على هذا التقدير ست (٥) يستحب التباعد في أربع منها بخمس (٦) ، وهي الصّلبة مطلقا (٧)

______________________________________________________

ـ أذرع من كل ناحية ، وذلك كثير) (١).

وذهب ابن الجنيد إلى سبع أذرع إذا كانت الأرض صلبة أو كانت البئر أعلى ، وإلى اثني عشر ذراعا إذا كانت الأرض سهلة أو كانت البالوعة أعلى لخبر محمد بن سليمان الديلمي عن أبيه : (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن البئر ويكون إلى جنبها الكنيف ، فقال لي : إن مجرى العيون كلها مع مهب الشمال ـ وفي نسخة : من مهب الشمال. ، فإذا كانت البئر النظيفة فوق الشمال والكنيف أسفل منها لم يضرها إذا كان بينهما أذرع ، وإن كان الكنيف فوق النظيفة فلا أقل من اثني عشر ذراعا ، وإن كانت تجاها بحذاء القبلة وهما مستويان في مهب الشمال فسبعة أذرع) (٢) ، والرواية ضعيفة بمحمد فهو ضعيف كما في رجال النجاشي ، وبأبيه سليمان فكان غاليا ، بالإضافة إلى قصور دلالتها على جميع ما أفاده ابن الجنيد.

(١) ليس المراد من البالوعة خصوص ما يرمى فيها ماء النزح ، بل الأعم منها ومن مجمع النجاسات كما في رواية الديلمي حيث عبّر بالكنيف.

(٢) التحتية والفوقية بالنسبة إلى قرار البئر وقرار البالوعة ، ولا عبرة بالجهة الفوقية من البئر والبالوعة.

(٣) أي وإن لم تكن الأرض صلبة ، أو كانت سهلة ولم يكن قرار البئر أعلى.

(٤) عن قرار البئر.

(٥) لأن الأرض إما صلبة وإما رخوة وعلى التقديرين فقرار البئر إما أعلى وإما مساو وإما أدنى فالصور ست.

(٦) أي بخمس أذرع.

(٧) سواء كان قرار البئر أعلى أو مساو أو أدنى.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب الماء المطلق حديث ٢ و ٣ و ٦.

٧٣

والرّخوة مع تحتية البالوعة ، وبسبع (١) في صورتين وهما مساواتهما (٢) ، وارتفاع البالوعة في الأرض الرّخوة ، وفي حكم الفوقية المحسوسة الفوقية بالجهة (٣) بأن يكون البئر في جهة الشمال ، فيكفي الخمس مع رخاوة الأرض وإن استوى القراران ، لما ورد من أن «مجاري العيون مع مهب الشمال».

(ولا ينجس) البئر(بها) أي بالبالوعة وإن(تقاربتا (٤) إلا مع العلم بالاتصال) أي اتصال ما بها من النجس بماء البئر ، لأصالة الطهارة وعدم الاتصال (٥).

(الثالثة) :

(النجاسة) أي جنسها(عشرة : البول (٦) ،

______________________________________________________

(١) أي بسبع أذرع.

(٢) أي مساواة البالوعة والبئر قرارا في الأرض الرخوة.

(٣) أي بجهة الأرض حيث إن الشمال أعلى من الجنوب كما في خبر الديلمي المتقدم.

(٤) لقاعدة الطهارة ، ولخبر محمد بن القاسم عن أبي الحسن عليه‌السلام (في البئر يكون بينها وبين الكنيف خمسة أذرع أو أقل أو أكثر يتوضأ منها؟ قال : ليس يكره من قرب ولا بعد ، يتوضأ منها ويغتسل ما لم يتغير الماء) (١).

(٥) عند الشك فيه والأصل العدم.

(٦) أما بول الإنسان فللأخبار :

منها : صحيح ابن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام : (سألته عن البول يصيب الثوب ، فقال عليه‌السلام : اغسله مرتين) (٢) وهو ظاهر في بول الإنسان بلا فرق بين بول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وغيره ، وخالف الشافعي فحكم بطهارة بول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم استنادا إلى رواية عندهم من قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأم أيمن عند ما شربت بوله (إذن لا تلج النار بطنك) (٣) ، وهو على فرض التسليم بسنده لا يدل على الطهارة إذ لعل الثواب لانقيادها ومحبتها لا لطهارة البول.

وعن الإسكافي طهارة بول الرضيع قبل أن يغتذي بالطعام لخبر السكوني عن أبي ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب الماء المطلق حديث ٤.

(٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب النجاسات حديث ١.

(٣) شرح الشفاء للخفاجي ج ١ ص ٣٦٢.

٧٤

(والغائط (١) من غير المأكول) لحمه بالأصل ، أو العارض(ذي النفس) أي الدم

______________________________________________________

ـ عبد الله عليه‌السلام : (ولبن الغلام لا يغسل منه الثوب ، ولا بوله قبل أن يطعم) (١) وهو محمول على عدم اعتبار الغسل المعتبر في بول البالغ ، لا على طهارة بول الرضيع.

وأما بول الحيوان فما يؤكل لحمه طاهر ، وما لا يؤكل لحمه نجس للأخبار.

منها : صحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (اغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل لحمه) (٢).

(١) أما غائط الإنسان فللأخبار :

منها : خبر عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إنما عليه أن يغسل ما ظهر منها ـ يعني المقعدة ـ وليس عليه أن يغسل باطنها) (٣) وخبر الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في الرجل يطأ في العذرة أو البول أيعيد الوضوء؟ قال : لا ، ولكن يغسل ما أصابه) (٤).

وأما عذرة الحيوان الذي لا يؤكل لحمه فللأخبار :

منها : صحيح عبد الرحمن عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن الرجل يصلي وفي ثوبه عذرة من إنسان أو سنّور أو كلب ، أيعيد صلاته؟ قال : إن كان لم يعلم فلا يعيد) (٥) وخبر علي بن جعفر عن أخيه عليه‌السلام (عن الدقيق يقع فيه خرء الفأرة هل يصلح أكله إذا عجن مع الدقيق؟ قال : إذا لم تعرفه فلا بأس ، وإن عرفته فلتطرحه) (٦) ثم لا فرق في نجاسة بول وغائط ما لا يؤكل لحمه بين كونه بريا أو بحريا للإطلاق ، ولا فرق بين كونه صغيرا أو كبيرا ، ولا بين أن تكون حرمته أصلية كالسباع أو عارضية للإطلاق ، بالإضافة إلى صحيح هشام عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا تأكلوا لحوم الجلّالة ، فإن أصابك من عرقها فاغسله) (٧) وهو دال على حرمة أكل الجلال فيندرج تحت عموم قوله عليه‌السلام : (اغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل لحمه) (٨).

وفي موطوء الإنسان خبر مسمع عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إن أمير المؤمنين عليه‌السلام ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب النجاسات حديث ٤.

(٢) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب النجاسات حديث ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب أحكام الخلوة حديث ٢.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب نواقض الوضوء حديث ٢.

(٥) الوسائل الباب ـ ٤٠ ـ من أبواب النجاسات حديث ٥.

(٦) الوسائل الباب ـ ٦٤ ـ من أبواب الأطعمة المحرمة حديث ٣.

(٧) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب الأسآر حديث ١.

(٨) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب النجاسات حديث ٢.

٧٥

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ سئل عن البهيمة التي تنكح فقال عليه‌السلام : حرام لحمها وكذلك لبنها) (١) وفي الغنم الذي شرب لبن الخنزيرة موثق حنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن جدي رضع من لبن خنزيرة حتى شبّ وكبر واشتد عظمه ، ثم إن رجلا استفحله في غنمه فخرج له نسل ، فقال عليه‌السلام : أما ما عرفت من نسله بعينه فلا تقربه ، وأما ما لم تعرفه فكله) (٢).

نعم استثني أمران :

الأول : ما لا نفس له سائلة بدعوى انصراف الأخبار المتقدمة الواردة في بول وأرواث ما لا يؤكل لحمه إلى خصوص ما له نفس سائلة ، ووجه الانصراف إما لأن ما لا نفس له لا لحم له كالذباب ، وإما له لحم ويسمى روثه بالرجيع ، وتوقف المحقق فيه ، ثم إن المراد بذي النفس السائلة هو ما كان له دم يجتمع في العروق ويخرج عند قطعها بقوة ودفق ، وقد نسبه الفيومي في المصباح إلى أهل اللغة والأصحاب.

الثاني : بول الطير وخرؤه وإن كان مما لا يؤكل لحمه ، كما ذهب إليه العماني والجعفي والصدوق والشيخ وجماعة من المتأخرين لخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (كل شي‌ء يطير فلا بأس ببوله وخرئه) (٣).

والمشهور أعرضوا عن هذا الخبر وتمسكوا بعموم صحيح ابن سنان المتقدم (اغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل لحمه) (٤) ، قال العلامة في التذكرة : (وقول الشيخ (رحمه‌الله) في المبسوط بطهارة ذرق ما لا يؤكل لحمه من الطيور لرواية أبي بصير ضعيف ، لأن أحدا لم يعمل بها) وقال ابن إدريس في السرائر : (ورويت رواية شاذة لا يعوّل عليها أن ذرق الطير طاهر سواء كان مأكول اللحم أو غير مأكوله ، والمعوّل عليه عند محققي أصحابنا والمحصلين منهم خلاف هذه الرواية ، لأنه هو الذي تقتضيه أخبارهم المجمع عليها).

وفيه : إن خبر أبي بصير صحيح السند وهو مؤيد بأخبار :

منها : خبر غياث عن جعفر عن أبيه عليهم‌السلام (لا بأس بدم البراغيث والبق وبول ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٠ ـ من أبواب الأطعمة المحرمة حديث ٣.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب الأطعمة المحرمة حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب النجاسات حديث ١.

(٤) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب النجاسات حديث ٢.

٧٦

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ الخشاشيف) (١) وصحيح علي بن جعفر عن أخيه عليهما‌السلام (عن الرجل يرى في الثوب خرء الطير أو غيره هل يحكّه وهو في الصلاة؟ قال عليه‌السلام : لا بأس) (٢) وخبر الجعفريات عن موسى بن جعفر عن آبائه عليهم‌السلام (إن عليا سئل عن الصلاة في الثوب الذي فيه أبوال الخفاش ودماء البراغيث فقال : لا بأس بذلك) (٣).

هذا فضلا عن أن الطير فاقد البول ولذا قال في المستند : (إن الطير إما فاقد للبول كما هو الظاهر في أكثر الطيور حيث لم يطلع أحد على بول له ، ويستبعد وجوده وعدم الاطلاع عليه سيما في المأنوسة) ، وعن السيد المقدس البغدادي : العلم بعدم البول لغير الخفاش.

ويؤيده ما في توحيد المفضل : (تأمل ـ يا مفضل ـ جسم الطائر وخلقته ، فإنه حين قدّر أن يكون طائرا في الجو خفّف جسمه وأدمج خلقه ، فاقتصر به من القوائم الأربع على اثنتين ، ومن الأصابع الخمسة على أربع ، ومن منفذين للزبل والبول على واحد يجمعهما ـ إلى أن قال ـ خلق الخفاش خلقة عجيبة بين خلقة الطير وذوات الأربع ، وهو لذوات الأربع أقرب ، وذلك أنه ذو أذنين ناشزتين ولسان ووبر ، وهو يلد ولادا ويرضع ويبول ، ويمشي إذا مشى على أربع. وكل هذا خلاف صفة الطير) وهو صريح بعدم وجود بول للطير إلا الخفاش.

وعلى ما تقدم فلا عموم في صحيح ابن سنان : (اغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل لحمه) (٤) يشمل الطير لخروجه تخصصا ، هذا بالنسبة للبول ، وأما بالنسبة للغائط فلا يوجد دليل لفظي عام أو مطلق حتى يتمسك به لإثبات نجاسة خرء الطير ، غاية ما يوجد أخبار خاصة بالعذرة وخرء الفأرة وهذا لا يمكن تعميمه إلى ما يخرج من الطير لأنه يسمى بالرجيع مع أن العذرة مختصة بفضلة الإنسان ، نعم لا بد من الحكم بكراهة بول الخشاف جمعا بين ما دل على طهارة بول الخشاف وقد تقدم وبين رواية داود الرقي (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن بول الخشاشيف يصيب ثوبي فأطلبه ولا أجده ، قال عليه‌السلام : اغسل ثوبك) (٥).

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب النجاسات حديث ٥.

(٢) البحار ج ٨٠ باب ـ ١٨ ـ من كتاب الطهارة حديث ٤.

(٣) مستدرك الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب النجاسات حديث ١.

(٤) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب النجاسات حديث ٢.

(٥) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب النجاسات حديث ٤.

٧٧

القوي الذي يخرج من العرق عند قطعه ، (والدم (١) والمنيّ (٢) من ذي النفس)

______________________________________________________

ـ وقيل : بأن جمعا من أهل الخبرة اختبروا الخفاش فوجدوه مما ليس له نفس سائلة فيخرج عن عموم ابن سنان المتقدم تخصصا ، ثم اعلم أن المصنف والشارح حكما بنجاسة بول الطير وخرئه لعدم استثنائهما من بول وغائط غير مأكول اللحم.

(١) بلا خلاف فيه ، ويدل عليه قوله تعالى : (إِلّٰا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ) (١) بناء على ظهور الرجس في النجاسة ، وللأخبار :

منها : صحيح إسماعيل بن جابر عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (قال في الدم يكون في الثوب : إن كان أقل من قدر الدرهم فلا يعيد الصلاة ، وإن كان أكثر من قدر الدرهم وكان رآه فلم يغسله حتى صلى فليعد صلاته) (٢). وخصّ الدم بما له نفس سائلة لخبر عبد الله بن أبي يعفور : (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : ما تقول في دم البراغيث ، قال : ليس به بأس ، قلت : إنه يكثر ويتفاحش ، قال : وإن كثر) (٣) وخبر غياث المتقدم (لا بأس بدم البراغيث والبق وبول الخشاشيف) (٤) وخبر السكوني عن جعفر عن أبيه عليهما‌السلام : (إن عليا عليه‌السلام كان لا يرى بأسا بدم ما لم يذك يكون في الثوب فيصلي فيه الرجل ، يعني دم السمك) (٥) بناء على أن ما لم يذك أي غير قابل للتذكية هو الذي لا نفس له سائلة.

(٢) للأخبار منها : حسنة الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا احتلم الرجل فأصاب ثوبه شي‌ء فليغسل الذي أصابه ، فإن ظنّ أنه أصابه شي‌ء ولم يستيقن ولم ير مكانه فلينضحه بالماء) (٦) وصحيح محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (ذكر المنيّ وشدده وجعله أشدّ من البول) (٧) ، وهو عام يشمل منيّ الإنسان والحيوان ، بريا كان الحيوان أو بحريا ، وخصّص بذي النفس السائلة لأن ما لا نفس سائلة له لا مني له ، ولا أقل من الشك في ذلك ، وعلى فرض وجود منيّ لما لا نفس سائلة فأصالة الطهارة محكمة بعد كون الأخبار المتقدمة منصرفة إلى مني ما له نفس سائلة بل إلى خصوص منيّ الإنسان.

__________________

(١) الأنعام الآية : ١٤٥.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب النجاسات حديث ٢.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب النجاسات حديث ١ و ٥.

(٥) الوسائل الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب النجاسات حديث ٢.

(٦ و ٧) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب النجاسات حديث ٤ و ٢.

٧٨

آدميا كان أم غيره ، برّيا أم بحريا ، (وإن أكل لحمه ، والميتة (١) منه) أي من ذي النفس وإن أكل ، (والكلب (٢) والخنزير (٣)

______________________________________________________

(١) أما ميتة الإنسان فللأخبار منها : حسنة الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (سألته على الرجل يصيب ثوبه جسد الميت فقال : يغسل ما أصاب الثوب) (١) وخبر إبراهيم بن ميمون عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل يقع ثوبه على جسد الميت فقال : إن كان غسّل الميت فلا تغسل ما أصاب ثوبك منه ، وإن كان لم يغسّل فاغسل ما أصاب ثوبك منه) (٢).

ويستثنى منه المعصوم والشهيد ومن شرع له الغسل قبل موته كالمرجوم وسيأتي الكلام في هذه المستثنيات إنشاء الله تعالى.

وأما ميتة الحيوان فللأخبار أيضا ، وهي كثيرة منها : خبر حفص بن غياث عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (لا يفسد الماء إلا ما كانت له نفس سائلة) (٣) وموثق عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سئل عن الخنفساء والذباب والجراد والنملة وما أشبه ذلك يموت في البئر والزيت والسمن وشبهه ، قال : كل ما ليس له دم فلا بأس) (٤).

(٢) للأخبار منها : رواية معاوية بن شريح عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (سئل عن سؤر الكلب يشرب منه أو يتوضأ ، قال : لا ، قلت : أليس هو سبع؟ قال : لا والله إنه نجس ، لا والله إنه نجس) (٥) وصحيح محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في الكلب يصيب شيئا من جسد الرجل ، قال : يغسل المكان الذي أصابه) (٦).

(٣) لقوله تعالى : (إِلّٰا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ) (٧) بناء على كون الرجس بمعنى النجس كما هو الظاهر.

وخبر خيران الخادم : (كتبت إلى الرجل عليه‌السلام أسأله عن الثوب يصيبه الخمر ولحم الخنزير أيصلى فيه أم لا؟ فإن أصحابنا اختلفوا فيه ، فقال بعضهم : صل فيه فإن الله إنما حرّم شربها ، وقال بعضهم : لا تصل فيه ، فكتب عليه‌السلام : لا تصل فيه فإنه رجس) (٨).

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٤ ـ من أبواب النجاسات حديث ٢ و ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٣٤ ـ من أبواب النجاسات حديث ٢ و ١.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٣٥ ـ من أبواب النجاسات حديث ٢ و ١.

(٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب النجاسات حديث ٦ و ٨.

(٧) الأنعام الآية : ١٤٥.

(٨) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب النجاسات حديث ٢.

٧٩

البريان (١) ، وأجزاؤهما (٢) وإن لم تحلها الحياة ، وما تولّد منهما (٣) وإن باينهما في الاسم (٤). أما المتولّد من أحدهما وطاهر (٥) فإنه يتبع في الحكم الاسم ولو لغيرهما ، فإن انتفى المماثل فالأقوى طهارته وإن حرم لحمه ، للأصل فيهما (٦).

(والكافر) أصليا ، ومرتدا (٧) : وإن انتحل الإسلام مع جحده لبعض ضرورياته (٨):

______________________________________________________

(١) لأن البري هو المتبادر من الأخبار المتقدمة ، وذهب ابن إدريس إلى نجاسة الكلب البحري تمسكا بالإطلاق ، وردّ بأنه يلزمه الحكم بنجاسة الخنزير البحري بالإضافة إلى عدم إحراز الإطلاق مع التبادر السابق.

(٢) سواء كان الجزء مما تحله الحياة كاللحم أم مما لا تحله الحياة كالشعر والعظم ، لكون الجميع أجزاء للكلب والخنزير ، بعد ثبوت النجاسة لعينهما فلا محالة تكون الأجزاء نجسة لأن المركب عين الأجزاء.

وذهب السيد المرتضى إلى طهارة الجزء الذي لا تحله الحياة لصحيح زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن الحبل يكون من شعر الخنزير يستقى به الماء من البئر ، هل يتوضأ من ذلك الماء؟ قال عليه‌السلام : لا بأس) (١).

وفيه : عدم ظهوره في ظهارة شعر الخنزير إذ لعل السؤال من ناحية احتمال تقاطر الماء من الحبل على ما في الدلو.

(٣) من الكلب والخنزير فهو محكوم بالنجاسة إن صدق عنوان الكلبية أو الخنزيرية عليه.

(٤) بحيث لم يصدق عليه عنوان أحدهما وكان حقيقة ثالثة ، هذا ما ذهب إليه الشهيدان ، وفيه : إن الأحكام تابعة للأسماء ، فإن لم يصدق عليه عنوان أحدهما فهو محكوم بالطهارة لقاعدة الطهارة.

(٥) كما لو نزى كلب على حيوان فأولده ، روعي في ذلك اسمه ، فإن صدق عليه عنوان أحدهما فله حكمه وإلا فهو طاهر لقاعدة الطهارة.

(٦) في الطهارة وأكل اللحم ، أما الطهارة فالأصل هو قاعدة الطهارة وأما أكل اللحم فالأصل فيه الحرمة ما لم يقم دليل على حلّه بالتذكية.

(٧) لإطلاق الأخبار الآتية.

(٨) هل إنكار الضروري موجب للكفر بما هو سبب مستقل ، أو بما هو راجع إلى إنكار ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب الماء المطلق حديث ٢.

٨٠