الزبدة الفقهيّة - ج ١

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي

الزبدة الفقهيّة - ج ١

المؤلف:

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي


الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات ذوي القربى
المطبعة: كيميا
الطبعة: ٤
ISBN: 964-6307-54-X
ISBN الدورة:
964-6307-53-1

الصفحات: ٣٤٩

نابع من الأرض لا يتعداها غالبا ، ولا يخرج عن مسماها عرفا (١) (بالملاقاة) على

______________________________________________________

ـ منها : صحيحة محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا كان الماء قدر كر لم ينجسه شي‌ء) (١) ، ومفهومها : إذا لم يكن قدر كر وهو القليل فينجسه شي‌ء ، ويكفي الإيجاب الجزئي في مقابلة السلب الكلي كما هو قول غير المشهور.

ومنها : حسنة البزنطي (سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن الرجل يدخل يده في الإناء وهي قذرة ، قال : يكفئ الإناء) (٢) وهذا كناية عن نجاسته.

ومنها : خبر الفضل بن عبد الملك عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سأله عن فضل الهرة والشاة والبقرة وغيرها حتى انتهى إلى الكلب ، فقال عليه‌السلام : رجس نجس لا تتوضأ بفضله ، واصبب ذلك الماء واغسله بالتراب أول مرة ثم بالماء) (٣) واستدل غير المشهور بأخبار إما مطلقة قابلة للتقييد وإما بما هو ظاهر في الكر وإما بما لا بد من تأويله وإما بما لا بد من رده إلى أصله.

فمن الأول قوله عليه‌السلام : (خلق الله الماء طهورا لا ينجسه شي‌ء إلا ما غيّر لونه أو طعمه أو ريحه) (٤).

ومن الثاني خبر زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (قلت له : راوية من ماء سقطت فيها فارة أو جرذ أو صعوة ميتة ، قال : إذا تفسخ فيها فلا تشرب من مائها ولا تتوضأ وصبّها ، وإن كان غير متفسخ فاشرب منه وتوضأ واطرح الميتة إذا أخرجتها طرية وكذلك الجرّة وحبّ الماء والقربة وأشباه ذلك من أوعية الماء) (٥) ومن الثالث خبر أبي مريم الأنصاري (كنت مع أبي عبد الله عليه‌السلام في حائط له ، فحضرت الصلاة فنزح دلوا للوضوء من ركي له فخرج عليه قطعة عذرة يابسة ، فأكفأ رأسه وتوضأ بالباقي) (٦).

(١) أشكل على القيد الأخير بأنه ما المراد منه؟ هل عرف النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليكون حقيقة شرعية ، أو عرف زمانه فقط ، أو العرف الشامل لكل زمن ومكان ، والظاهر الأخير لأنه المقصود من العرف عند الإطلاق ، ومنه تعرف ضعف ما عن بعضهم من حصر أحكام ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب الماء المطلق حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب الماء المطلق حديث ٧.

(٣) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب الإسآر حديث ٤.

(٤) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب الماء المطلق حديث ٩.

(٥) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب الماء المطلق حديث ٨.

(٦) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب الماء المطلق حديث ١٢.

٤١

المشهور فيهما (١) ،

______________________________________________________

ـ البئر بما يطلق عليه لفظ البئر في الحجاز والعراق فقط.

وقيد النابع لإخراج ما يسمى بالآبار في البلاد الشامية وهي غير نابعة ، بل مجمع لمياه المطر ، وقيد عدم التعدي لإخراج الآبر في النجف الأشرف حيث الآبار فيها يتعدى الماء من بعضها إلى بعض تحت الأرض ، وقيد عدم الخروج عن المسمى عرفا لإخراج ما يطلق عليه لفظ البئر مع أن ماءه جار في الكثير من الأحوال فهو من أفراد الجاري.

(١) في القليل والبئر ، أما الأول فقد تقدم الكلام فيه ، وأما الثاني فهل ينجس بالملاقاة مع عدم تغيّر أوصافه؟ قد وقع الخلاف فيه على أقوال.

القول الأول : النجاسة وهو المشهور بين القدماء ومستندهم الأخبار الآتية والدالة على وجوب النزح بالملاقاة ، فهي دالة على تنجسه بالملاقاة.

القول الثاني : الطهارة واستحباب النزح ، وإليه ذهب ابن أبي عقيل والحسين بن الغضائري والعلامة وشيخه مفيد الدين بن جهم وولده فخر المحققين وعليه مشهور المتأخرين للأخبار.

منها : صحيح ابن بزيع عن الإمام الرضا عليه‌السلام : (ماء البئر واسع لا يفسده شي‌ء إلا أن يتغير ريحه أو طعمه فينزح حتى يذهب الريح ويطيب طعمه ، لأن له مادة) (١) ، وصحيح علي بن جعفر عن أخيه عليه‌السلام (سألته عن بئر ماء وقع فيها زنبيل من عذرة رطبة أو يابسة ، أو زنبيل من سرقين أيصلح الوضوء منها؟ قال عليه‌السلام : لا بأس) (٢) وصحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سمعته يقول : لا يغسل الثوب ولا تعاد الصلاة مما وقع في البئر ، إلا أن ينتن فإن أنتن غسّل الثوب وأعاد الصلاة ونزحت البئر) (٣).

بالإضافة إلى أن ماء البئر نابع فيأخذ حكم الجاري لأن عدم جريانه لا يجعله قسما على حدة ، وإلى أن ماء البئر لو كان أكثر من كر لوجب أن لا ينجس بالملاقاة ، ونبع ماءه ليس بفارق بل يؤكد اعتصامه فلم حكم بعدم نجاسة الكر وحكم بنجاسة البئر عند الملاقاة؟ هذا فضلا عن أن البئر لو كان ينجس بمجرد الملاقاة وكان تطهيره بالنزح لوجب إعلام المكلفين بمقدار الدلو والتعرض لأحكام تطهيره وتطهير الرشاء والنازحين وغير ذلك مما هو واقع في محل الابتلاء على فرض النزح مع أنه لا يوجد في ـ

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب الماء المطلق حديث و ٧ و ٨ و ١٠.

٤٢

بل كاد يكون إجماعا ، (ويطهر القليل بما ذكر) وهو (١) ملاقاته الكر على الوجه السابق.

وكذا يطهر بملاقاة الجاري مساويا له أو عاليا عليه (٢) ، وإن لم يكن (٣) كرا عند المصنف ومن يقول بمقالته فيه (٤) ، وبوقوع الغيث عليه إجماعا (٥).

______________________________________________________

ـ الأخبار عين ولا أثر لذلك ، مع ضميمة أن أخبار النزح متعارضة وبعضها مجملة من دون تعيين عدد خاص من الدلاء عند النزح وهذا أمارة الاستحباب في غيره من الأبواب فلم لا يكون أمارة للاستحباب هنا؟.

القول الثالث : الطهارة مع وجوب النزح تعبدا وإليه ذهب العلّامة في المنتهى ، أما الطهارة فلما مرّ ، وأما وجوب النزح فلأن الأمر بالنزح حقيقة في الوجوب.

القول الرابع : طهارة ماء البئر إن نبع كرا وإلا فالنجاسة وإليه ذهب أبو الحسن محمد بن محمد البصري من المتقدمين للجمع بين الأخبار بحمل أخبار الطهارة على ما لو كان كرا ويؤيد هذا الجمع موثق عمار (سئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن البئر يقع فيها زبيل عذرة يابسة أو رطبة ، فقال عليه‌السلام : لا بأس إذا كان فيها ماء كثير) (١).

وفيه : إن لفظ الكثير لم يثبت له معنى خاص عند الشارع وإنما له معنى عرفي وهو يشمل الكر وغيره ، وتقييد الماء بالكثرة لا من أجل الكرية وإنما من أجل عدم تغيره بأوصاف النجاسة بمجرد الملاقاة.

القول الخامس : ما عليه متأخرو المتأخرين من الطهارة والنزح إرشادي إلى ما في ماء البئر من الاستقذار العرفي لو وقعت فيه النجاسة ، ولذا اختلفت أخبار النزح ، لا أن النزح أمر على نحو الوجوب أو الاستحباب ، وهو الحق.

(١) ما ذكر.

(٢) باعتبار عدم تقوّم الأعلى بالأسفل وقد عرفت ما فيه.

(٣) الجاري.

(٤) في الجاري من عدم اشتراط كريته ، لأنه بمجرد الملاقاة يصير الماءان ماء واحدا وله حكم واحد وهو حكم الجاري فلا بد من الحكم بطهارة القليل.

(٥) ماء المطر حال تقاطره من السماء كالجاري حكما للأخبار.

منها : صحيح هشام بن سالم (سأل أبا عبد الله عليه‌السلام عن السطح يبال عليه فتصيبه ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب الماء المطلق حديث ١٥.

٤٣

(و) يطهر(البئر) بمطهّر غيره (١) مطلقا (٢) ، (وبنزح جميعه (٣) للبعير) وهو من الإبل بمنزلة الإنسان (٤) يشمل الذكر والأنثى ، الصغير والكبير (٥) ، والمراد من نجاسته المستندة إلى موته (٦) ، (و) كذا(الثور) (٧) قيل هو ذكر البقر (٨) ،

______________________________________________________

ـ السماء فيكف فيصيب الثوب ، فقال عليه‌السلام : لا بأس به ، ما أصابه من الماء أكثر منه) (١) ومرسلة الكاهلي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (كل شي‌ء يراه ماء المطر فقد طهر) (٢).

(١) وغيره القليل والذي يطهره هو الجاري وإلقاء الكر عليه ووقوع الغيث فكذلك ماء البئر ، وقد عرفت أن ماء البئر له مادة فيطهر بمجرد زوال التغير ولو بنفسه أو بعلاج لاتصاله بالمادة.

(٢) قيد لغيره ، والمعنى : إن القليل المتنجس سواء كان مع التغير أو لا فما يطهّره يطهّر ماء البئر ، والأولى جعله قيدا لمطهّر ، والمعنى : إن المطهر لغير ماء البئر يطهر ماء البئر سواء كان جاريا أو كرا أو ماء مطر ، وهذا على المشهور في قبال المحقق حيث خصّ تطهير ماء البئر بالنزح فقط ، وفي قبال العلامة في المنتهى حيث خصّ المطهّر بالجاري وفي قبال الشهيد في الدروس حيث اقتصر على الجاري والكر.

(٣) جميع ماء البئر ، والدال عليه أخبار.

منها : صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (وإن مات فيها بعير أو صبّ فيها خمرا فلتنزح) (٣) ، ويعارضها خبر عمرو بن سعيد بن هلال : (حتى بلغت الحمار والجمل فقال عليه‌السلام : كر من ماء) (٤)وهو مع ضعف سنده لا يصلح للمعارضة للإعراض.

(٤) باتفاق أهل اللغة كما في كشف اللثام ، وقيل : إن البعير من الإبل كالذكر من الإنسان والناقة كالمرأة فيكون مختصا بالذكر والعرف على الأول.

(٥) للإطلاق.

(٦) أي والمراد من نجاسة البئر المستندة إلى موت البعير فيه ، وهو الظاهر من صحيح الحلبي المتقدم ، فلو مات خارج البئر ثم ألقي فيه لكان خارجا عن الحكم.

(٧) كما عن الأكثر لصحيح ابن سنان : (فإن مات فيها ثور أو صب فيها خمر نزح الماء كله) (٥) وخالف ابن إدريس فاكتفى للثور بنزح كر.

(٨) الأكثر على إلحاق البقرة بالثور لصحيح ابن سنان المتقدم (ثور أو نحوه) ، ولما عن ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب الماء المطلق حديث ١ و ٥.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب الماء المطلق حديث ٦ و ٥.

(٥) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب الماء المطلق حديث ١.

٤٤

والأولى اعتبار إطلاق اسمه عرفا مع ذلك (١) ، (والخمر) (٢) قليله وكثيره (٣) ، (والمسكر المائع) بالأصالة (٤) ، (ودم الحدث) وهو الدماء الثلاثة على المشهور (٥) (والفقاع) (٦) بضم الفاء ، وألحق به المصنف في الذكرى عصير

______________________________________________________

ـ صاحب الصحاح من إطلاق البقرة على الثور ، وفيه : إن الثور هو ذكر البقر لغة وعرفا ولذا اكتفى الشيخان للبقرة بكر.

(١) أي الأولى اعتبار إطلاق اسم الثور مع كونه ذكرا حتى يخرج الصغير من الذكور ، لأنه لا يقال له ثور.

(٢) لصحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في البئر يبول فيها الصبي ، أو يصب فيها بول أو خمر فقال : ينزح الماء كله) (١) ولصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (وإن مات فيها بعير أو صبّ فيها خمر فلتنزح) (٢).

(٣) كما عليه الأكثر لإطلاق الأخبار المتقدمة ، وخالف الصدوق فأوجب في القطرة من الخمر عشرين دلوا وقوّاه في الذخيرة لخبر زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام (بئر قطرت فيها قطرة دم أو خمر ، قال : الدم والخمر والميت ولحم الخنزير في ذلك كله واحد ، ينزح منه عشرون دلوا ، فإن غلب الريح نزحت حتى تطيب) (٣) ، وفيه مع ضعف السند فالحكم في غير الخمر لم يقل به أحد فالرواية معرض عنها بين الأصحاب.

(٤) وألحق المسكر بالخمر لما ورد عن أبي الحسن الكاظم عليه‌السلام (ما كان عاقبته عاقبة الخمر فهو خمر) (٤) واستشكل فيه المحقق في المعتبر من ناحية أن الإطلاق أعم من الحقيقة والمجاز.

(٥) هو قول للشيخ وأتباعه ، وقد اعترف جماعة بعدم النص عليه ، ولذا خالف سيد المدارك وغيره وجعلوه كبقية الدماء حكما.

(٦) قال في القاموس : الفقاع كرمّان سمي بذلك لما يرتفع في رأسه من الزبد ، وهو شراب متخذ من الشعير.

وينزح له ماء البئر بتمامه كما عن الشيخ وأتباعه باعتبار أنه خمر فيأخذ حكمه ، ففي مكاتبة الوشاء عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام : (أسأله عن الفقاع ، فكتب : حرام وهو خمر) (٥) ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب الماء المطلق حديث ٤ و ٦.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب الماء المطلق حديث ٣.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب الأشربة المحرمة حديث ١.

(٥) الوسائل الباب ـ ٢٧ ـ من أبواب الأشربة المحرمة حديث ١ و ٨.

٤٥

العنب بعد اشتداده بالغليان قبل ذهاب ثلثيه ، وهو بعيد. ولم يذكر هنا المني (١) مما له نفس سائلة (٢) ، والمشهور فيه ذلك ، وبه قطع المصنف في المختصرين (٣) ، ونسبه في الذكرى إلى المشهور ، معترفا فيه (٤) بعدم النص. ولعله (٥) السبب في تركه هنا ، لكن دم الحدث كذلك (٦) ، فلا وجه لإفراده ، وإيجاب الجميع (٧) لما لا نص فيه يشملهما (٨).

والظاهر هنا حصر المنصوص بالخصوص (٩).

(ونزح كرّ للدابة) (١٠)

______________________________________________________

ـ وخبر هشام بن الحكم عن أبي عبد الله عليه‌السلام سأله عن الفقاع فقال : (لا تشربه فإنه خمر مجهول) (١) وخبر الوشاء : (خمر استصغرها الناس) (٢) وألحق الشهيد الأول العصير العنبي قيل ذهاب الثلثين بالفقاع.

وفيه : إن الحكم بنجاسة العصير العنبي لا يقتضي إلحاقه بالفقاع ، نعم لا بد من نزح الجميع للعصير العنبي باعتبار أن ما لا نص فيه ينزح له الجميع كم سيأتي ، فنزح الجميع للعصير العنبي ليس لإلحاقه بالمنصوص بل لأنه حكم ما لا نص فيه.

(١) أي فيما ينزح له الجميع.

(٢) قليلا وكثيرا من إنسان وغيره ، وقيل : ولم يعرف قائله أنه مختص بمنيّ الإنسان ، غير أن الكثير قد اعترف بعدم النص عليه ، ولذا ألحق بما لا نص فيه ، والقاعدة فيما لا نص فيه وإن اقتضت نزح الجميع لكن لا بما هو منصوص.

(٣) البيان والدروس.

(٤) في الذكرى.

(٥) أي لعل عدم النص.

(٦) لا يوجد فيه نص.

(٧) أي إيجاب نزح الجميع.

(٨) يشمل المني ودم الحدث.

(٩) فكان عليه عدم ذكر دم الحدث.

(١٠) على المشهور ولا مستند لهم ، بل في صحيح الفضلاء زرارة ومحمد بن مسلم وبريد بن معاوية عن أبي عبد الله وأبي جعفر عليهما‌السلام : (في البئر تقع فيها الدابة والفأرة ـ

__________________

(١) المصدر السابق.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢٨ ـ من أبواب الأشربة المحرمة حديث ١.

٤٦

وهي الفرس (١). (والحمار (٢) والبقرة) (٣) ، وزاد في كتبه الثلاثة البغل (٤) ، والمراد من نجاستها المستندة إلى موتها ، هذا هو المشهور والمنصوص منها (٥) مع ضعف طريقه (٦) «الحمار والبغل» ، وغايته أن يجبر ضعفه بعمل الأصحاب ، فيبقى إلحاق الدابة (٧) والبقرة بما لا نص فيه أولى.

(ونزح سبعين دلوا معتادة) (٨)

______________________________________________________

ـ والكلب والخنزير والطير فيموت قال : يخرج ثم ينزح من البئر دلاء ، ثم اشرب منه وتوضأ) (١) ، والأصحاب لم يعملوا بها في خصوص الدابة ، والمحقق في المعتبر جعلها في ما لا نص فيه بالخصوص.

(١) لفظ الدابة موضوع لكل ما يدب على الأرض إلا أنه معنى مهجور ، ويطلق على كل ذي حافر ، ويطلق على كل ما يركب ، ويطلق على خصوص الفرس والبغل ، بل بعضهم جعله مختصا بالفرس ، فالفرس قدر متيقن من الدابة.

(٢) لرواية عمرو بن سعيد بن هلال : (سألت أبا جعفر عليه‌السلام عما يقع في البئر ما بين الفارة والسنّور إلى الشاة فقال : كل ذلك نقول سبع دلاء ، قال : حتى بلغت الحمار والجمل فقال : كر من ماء) (٢).

(٣) لا نص فيها ، ومع ذلك الحقها جماعة بالحمار ، منهم ابنا زهرة وحمزة ، ورد عليهم المحقق في المعتبر بقوله : (فإن قالوا هي مثل الحمار والبغل طالبناهم بدليل التخطي من أين عرفوه ، ولو ساغ البناء على المماثلة في العظم لكانت البقرة كالثور ، والجاموس كالجمل) ولذا ألحقها بما لا نص فيه.

(٤) أي وزاد المصنف في البيان والدروس والذكرى البغل ، لخبر عمرو بن سعيد بن هلال كما في التهذيب (حتى بلغت الحمار والجمل والبغل ، فقال : كر) (٣).

(٥) من المذكورات.

(٦) لأن الخبر عن عمرو بن سعيد بن هلال وهو مجهول.

(٧) لأن المنصوص فيها نزح دلاء كما تقدم ، وهو مبتلى بإعراض الأصحاب عنه.

(٨) بحسب الاستعمال ، وفي المدارك نقل عن بعضهم أن المراد بالدلو الهجرية التي وزنها ثلاثون رطلا أو أربعون ، وهو ضعيف لعدم ثبوت نص ولا عرف على ذلك.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب الماء المطلق حديث ٥.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب الماء المطلق حديث ٥.

(٣) جواهر الكلام الجزء الأول ص ٤٢٠.

٤٧

على تلك البئر ، فإن اختلفت (١) فالأغلب(للإنسان) (٢) أي لنجاسته المستندة إلى موته (٣) سواء في ذلك الذكر والأنثى والصغير والكبير ، والمسلم والكافر (٤) ، إن لم نوجب الجميع لما لا نص فيه ، وإلا اختص بالمسلم(وخمسين) دلوا(للدم الكثير) (٥) في نفسه عادة (٦) كدم الشاة المذبوحة ، غير الدماء الثلاثة لما تقدم (٧).

وفي إلحاق دم نجس العين بها (٨) وجه مخرج (٩) ،

______________________________________________________

(١) الدلاء فالأغلب ، وإن تساوت استعمالا فالأصغر مجز والأكبر أفضل.

(٢) لخبر عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (وما سوى ذلك مما يقع في بئر الماء فيموت فيه فأكثره الإنسان ينزح منها سبعون دلوا) (١) ، وسنده مشتمل على جماعة من الفطحية إلا أن عمل الأصحاب جابر لوهنه.

(٣) أي لنجاسة البئر المستندة إلى موت الإنسان ، فلو مات الإنسان خارج البئر ثم ألقي فيها لكان مما لا نص فيه.

(٤) لأن الإنسان الوارد في الرواية محلى باللام وهو يفيد العموم ، وخالف ابن إدريس فخصّ السبعين بالمسلم ، لأن ملاقاة الكافر لماء البئر توجب نزح الجميع ، لأنه مما لا نص فيه فالموت إن لم يزد البئر نجاسة فلا ينقصها.

(٥) كما عن الشيخ وأتباعه وهو مما لا نص عليه بالخصوص ، وذهب الصدوقان والمحقق في المعتبر والعلامة في المختلف والشهيد في الذكرى وغيرهم إلى أنه ينزح له ما بين الثلاثين إلى الأربعين لصحيح علي بن جعفر عن أخيه عليهما‌السلام : (في رجل ذبح شاة فوقعت في بئر ماء وأوداجها تشخب دما هل يتوضأ من ذلك البئر؟ قال عليه‌السلام : ينزح منها ما بين الثلاثين إلى الأربعين دلوا) (٢).

(٦) وذهب الراوندي والعلامة إلى أن الكثير بالنسبة لماء البئر ولا شاهد له.

(٧) من نزح الجميع كما هو مختار المصنف للدماء الثلاثة.

(٨) بالدماء الثلاثة.

(٩) لأن دم نجس العين والدماء الثلاثة فيهما تغليظ النجاسة بحيث لا يعفى عن قليلهما في الصلاة فيناسب اتحاد حكمهما هنا.

وقال الشارح : «وجه التخريج : أنه ملحق بالدماء الثلاثة في تغليظ حكمه حيث لا ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢١ ـ من أبواب الماء المطلق حديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢١ ـ من أبواب الماء المطلق حديث ١.

٤٨

(والعذرة الرطبة) (١) وهي فضلة الإنسان (٢) ، والمروي اعتبار ذوبانها ، وهو تفرّق أجزائها ، وشيوعها في الماء ، أما الرطوبة فلا نص على اعتبارها ، لكن ذكرها الشيخ وتبعه المصنف وجماعة ، واكتفى في الدروس بكل منهما (٣) ، وكذلك تعين الخمسين (٤) ، والمروي أربعون ، أو خمسون ، وهو (٥) يقتضي التخيير. وإن كان اعتبار الأكثر أحوط (٦) ، أو أفضل (٧) (وأربعين) دلوا(للثعلب والأرنب والشاة والخنزير والكلب والهر وشبه ذلك) (٨) والمراد من نجاسته المستندة إلى موته كما

______________________________________________________

ـ يعفى عن قليله ولا كثيره في الصلاة ، فإذا استثنى الدماء الثلاثة هاهنا من مطلق الدماء لقوة نجاستها استثنى معها دم نجس العين لما ذكر ، وفيه منع كل من الحكمين ، فإن الدم في النص مطلق وإخراج الدماء الثلاثة أيضا في محل النظر حيث لا نص ، ولو سلم فإلحاق غيرها بها ممنوع ، وأيضا فإنهم لم يلحقوه بها في نزح الجميع مع وجود العلة ، فالأولى أن لا يلحق بها هاهنا ، والقول بإلحاقه بها ثمة كما قال المصنف في الذكرى : شك في شك».

(١) على المشهور لخبر ابي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن العذرة تقع في البئر فقال : ينزح منها عشر دلاء فإذا ذابت فأربعون أو خمسون) (١).

(٢) كما نص عليه جماعة من أهل اللغة كما في تهذيب اللغة ، وعن المحقق في المعتبر أن العذرة تشمل فضلة كل حيوان وهو ضعيف.

(٣) من الذوبان والرطوبة ، وخصّها المحقق في الشرائع بالذوبان.

(٤) لأنها الأكثر للشك في تحصيل الطهارة بالأقل ، وقد حكم بتعين الخمسين الشيخ وجماعة.

(٥) أي المروي.

(٦) إذا كان الترديد من الراوي.

(٧) إذا كان الترديد من المعصوم عليه‌السلام.

(٨) بحسب الحجم لخبر الحسين بن سعيد عن القاسم بن محمد عن علي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (والسنّور عشرون أو ثلاثون أو أربعون دلوا ، والكلب وشبهه) (٢) وظاهره الترديد ، ولكن رواه المحقق في المعتبر مقتصرا على الأربعين (٣) ، وشبه الكلب ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب الماء المطلق حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب الماء المطلق حديث ٣.

(٣) جواهر الكلام الجزء الأول ص ٢٣٤.

٤٩

مر ، والمستند ضعيف (١) ، والشهرة جابرة على ما زعموا(و) كذا (٢) في (بول الرجل) (٣) سندا وشهرة (٤). وإطلاق الرجل (٥) يشمل المسلم والكافر ، وتخرج المرأة (٦) والخنثى (٧) ، فيلحق بولهما بما لا نص فيه ، وكذا بول الصبيّة (٨) ، أما الصبي فسيأتي. ولو قيل فيما لا نص فيه بنزح ثلاثين أو أربعين (٩) وجب في بول الخنثى أكثر الأمرين منه (١٠) ومن بول الرجل ، مع احتمال الاجتزاء بالأقل (١١) ، للأصل. (و) نزح(ثلاثين) دلوا(لماء المطر المخالط للبول والعذرة وخرء الكلب) في المشهور ، والمستند رواية مجهولة الراوي (١٢).

______________________________________________________

ـ الخنزير والغزال والثعلب وشبه السنور الأرنب ، ولا فرق في السنور بين الأهلي وغيره للإطلاق ، ولا فرق في الكلب بين البري والبحري للمماثلة كما في روض الجنان.

(١) لاشتمال الخبر على القاسم بن محمد الجوهري وهو واقفي وعلى عليّ بن أبي حمزة البطائني وهو أحد عمد الواقفية.

(٢) أي ينزح له أربعون دلوا.

(٣) لخبر علي بن أبي حمزة البطائني عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (قلت : بول الرجل ، قال : ينزح منها أربعون دلوا) (١).

(٤) بمعنى أن المستند ضعيف والشهرة جابرة على ما زعموا.

(٥) في الخبر.

(٦) ألحق ابن إدريس وجماعة بول المرأة ببول الرجل ، وعن جماعة اندراجه فيما لا نص فيه.

(٧) فيجب أكثر الأمرين من الأربعين ومن موجب ما لا نص فيه للاحتياط.

(٨) لعدم اندراجه تحت عنوان بول الرجل ، فيلحق بولها ببول المرأة والخنثى فيما لا نص فيه.

(٩) كل منهما قول في مسألة ما لا نص فيه ، وفيها قول ثالث بنزح الجميع.

(١٠) من موجب ما لا نص فيه.

(١١) وهو ثلاثون دلوا للشك في وجوب الزائد والأصل عدمه.

(١٢) وهي رواية كردويه : (سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن بئر يدخلها ماء المطر فيه البول والعذرة وأبوال الدواب وأرواثها وخرء الكلاب ، قال عليه‌السلام : ينزح منها ثلاثون ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب الماء المطلق حديث ٢.

٥٠

وإيجاب خمسين للعذرة (١) ، وأربعين لبعض الأبوال (٢) ، والجميع للبعض كالأخير (٣) منفردا لا ينافي وجوب ثلاثين له (٤) مجتمعا مخالطا للماء ، لأن مبنى حكم البئر على جمع المختلف ، وتفريق المتفق (٥) فجاز إضعاف (٦) ماء المطر لحكمه (٧)

______________________________________________________

ـ دلوا) (١) وأشكل بأن كردويه مجهول وردّ بأنه مسمع بن عبد الملك وهو ثقة.

(١) إشكال وحاصله بأن العذرة لها خمسون فإذا انضم إليها غيرها من النجاسات فتجب الزيادة فكيف يجتزئ بالثلاثين.

ويزداد الإشكال تعقيدا بأن الرواية قد ساوت في الحكم بين البول وخرء الكلب والعذرة في نزح الثلاثين ، مع أن المقدّر لكل واحد يختلف عن الآخر ففي العذرة خمسون وفي البول أربعون وفي خرء الكلب نزح الجميع أو الثلاثين أو الأربعين على الاختلاف فيما لا نص فيه.

وأجاب المحقق الثاني بحمل ماء المطر المذكور في الرواية على ماء المطر المخالط لهذه النجاسات وليس فيه أعيانها بل هو متنجس بها فقط لأنها مستهلكة فيه ، وردّ بأن فيه تكلفا لأنه على خلاف ظاهر الرواية.

وأجاب الشهيد الثاني بأن استناد تخفيف النجاسة من أجل أن هذه المذكورات قد صاحبت ماء المطر وهذا ما يخفف نجاستها فلذا كان النزح أقلّ.

(٢) وهو بول الرجل.

(٣) وهو خرء الكلب.

(٤) لما ذكر.

(٥) فقد تساوى حكم الهرة والخنزير في النزح وهو نزح أربعين دلوا مع أن الخنزير نجس العين دون الهرة ، وافترق حكم الكافر عن الكلب مع أنهما نجس العين ففي الكلب أربعون وفي الكافر سبعون أو الجميع على الخلاف المتقدم فلذا شاع بينهم أن حكم البئر قائم على جمع المتباينات وتفريق المتماثلات وفاتهم أن هذا أمارة استحباب النزح أو أنه إرشادي لرفع الاستقذار العرفي ، والقذارة العرفية أدون رتبة من النجاسة الشرعية.

(٦) بمعنى الضعف والتخفيف لا التضعيف والزيادة.

(٧) لحكم ما ذكر منفردا.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب الماء المطلق حديث ٣.

٥١

وإن لم تذهب أعيان هذه الأشياء (١). ولو خالط أحدها كفت الثلاثون (٢) إن لم يكن له مقدّر ، أو كان وهو أكثر ، أو مساو. ولو كان أقل اقتصر عليه (٣). وأطلق المصنف أن حكم بعضها كالكل ، وغيره بأن الحكم (٤) معلق بالجميع ، فيجب لغيره (٥) مقدره ، أو الجميع (٦) ، والتفصيل أجود (٧) ، (ونزح عشر) دلاء(ليابس العذرة) (٨)

______________________________________________________

(١) رد على جواب المحقق الثاني.

(٢) لو خالط ماء المطر واحدا من المذكورات كالبول فقط فقد وقع الخلاف ، فذهب الشهيد الأول إلى أن حكم ماء المطر المخالط لبعضها كحكم المخالط للجميع وهو نزح الثلاثين.

(٣) وذهب بعضهم إلى أن البعض المخالط لماء المطر إن كان له مقدّر منفردا كبول الرجل الذي فيه أربعون فكذا مع مخالطته لماء المطر لإن ماء المطر إن لم يخفف النجاسة لا يزيدها ، وإن لم يكن له مقدر منفردا كخرء الكلب فينزح له الجميع لكونه مما لا نص فيه سواء كان منفردا أو مخالطا لماء المطر.

(٤) وذهب الشهيد الثاني إلى التفصيل بأن البعض إن كان له مقدّر عند الانفراد وكان المقدّر أكثر من ثلاثين دلوا كفت الثلاثون مع الاختلاط ، لأن ماء المطر المصاحب لأكثر من نجاسة فيه ثلاثون دلوا فماء المطر المصاحب لبعضها فيه ثلاثون من باب أولى. ولو كان المقدّر أقل من الثلاثين فيكتفي بهذا المقدر عند الاختلاط لأن ماء المطر إن لم يخفف النجاسة لا يزيدها ، ولو كان البعض لا تقدير له وكان ملحقا فيما لا نص فيه فيكفي فيه الثلاثون لأن ماء المطر المصاحب للجميع فيه ثلاثون فلو صاحب بعضها كانت الثلاثون هنا أولى.

(٥) وكما ترى أن الجميع استحسان من دون دليل شرعي.

(٦) على الأقل.

(٧) وهو نزح الثلاثين.

(٨) لغير الجميع وهو ماء المطر المصاحب للبعض.

(٩) لأنه مما لا نص فيه وقد تقدم شرحه.

(١٠) الذي أتى به الشارح أولا.

(١١) لخبر أبي بصير : (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن العذرة تقع في البئر ، فقال : ينزح منها عشر دلاء ، فإذا ذابت فأربعون أو خمسون) (١) ومقتضى المقابلة مع الذوبان هي اليابسة ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب الماء المطلق حديث ١.

٥٢

وهو غير ذائبها (١) ، أو رطبها (٢) أو هما على الأقوال (٣) ، (وقليل الدم) (٤) كدم الدجاجة المذبوحة في المشهور والمروي دلاء يسيرة وفسرت بالعشر لأنه أكثر عدد يضاف إلى هذا الجمع (٥) ، أو لأنه أقل جمع الكثرة (٦) ، وفيهما نظر (٧).

______________________________________________________

ـ كما عن بعض أو الجامدة كما عن البعض الآخر.

(١) لأن الذائبة يجب لها خمسون أو أربعون كما في الخبر المتقدم.

(٢) لأن الرطبة يجب لها خمسون كما عليه الشيخ وجماعة منهم المصنف في هذا الكتاب.

(٣) لأن الذائبة أو الرطبة لها حكمها المخالف لحكم اليابسة كما عليه الشهيد في الدروس.

(٤) لرواية علي بن جعفر عن أخيه عليهما‌السلام (سأله عن رجل ذبح دجاجة أو حمامة فوقعت في بئر هل يصلح أن يتوضأ منها؟ قال عليه‌السلام : ينزح منها دلاء يسيرة) (١).

(٥) وهذا قول الشيخ في التهذيب فقال : «وأكثر عدد يضاف إلى هذا الجمع عشرة فيجب أن يؤخذ به إذ لا دليل على ما دونه».

وفيه : إنه لا دليل على تعيين أكثره.

(٦) وهو قول العلامة في المنتهى حيث جعله جمع كثرة وحمله على أقله وهو العشرة.

وفيه : إن أقل مراتب جمع الكثرة هو ما زاد عن مراتب جمع القلة بواحد وهذا يقتضي أحد عشر دلوا.

(٧) قال الشارح : «القائل بأن العشرة أكثر عدد يضاف إلى هذا الجمع الشيخ في التهذيب ، فإنه جعله جمع قلة وحمله على أكثره وهو العشرة ، وعكس العلامة في المنتهى فجعله جمع كثرة وحمله على أوله وهو العشرة وإليه أشار بقوله : لأنه أقل جمع الكثرة.

ووجه النظر فيهما : أما في الأول فلفساد كونه جمع قلة ، لأن جمع القلة خمس مشهورة ، وهذا ليس منها ، وعلى تقدير صحته لا يصح حمله على أكثره ، بل مع اطلاقه يحمل على أقله كنظائره اتفاقا ، خصوصا مع وصفه باليسيرة.

ووجه النظر في الثاني : أنه أصاب في جعله جمع كثرة لكنه أخطأ في جعل أقل جمع الكثرة عشرة ، بل هو ما زاد عن أكثر جمع القلة بواحد ، فيكون أقله أحد عشر. هذا مع أن الحق لا يفرق فيه بين الأمرين في أمثال هذه الأحكام المبنية على العرف الذي لا يفرّق بينهما ، وهم قد اعترفوا به في مواضع كثيرة.

وقد تنبّه في المختلف لكونه أقل جمع الكثرة أحد عشر ، وأن هذا جمع كثرة كما هو الحق فيهما ، لكن حمله على العشرة محتجا بأصالة البراءة من الزائد ولا يخفى فساد هذا التعليل أيضا ، ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢١ ـ من أبواب الماء المطلق حديث ١.

٥٣

(و) نزح(سبع) دلاء(للطير) (١) وهو الحمامة (٢) فما فوقها ، أي لنجاسة موته. (والفأرة مع انتفاخها) في المشهور والمروي (٣) ، وإن ضعّف اعتبار تفسخها (٤). (وبول الصبي) (٥)

______________________________________________________

ـ وأنه لو تم لكان حمله على الثلاثة أوفق بالقواعد الشرعية والبراءة الأصلية كما لا يخفى».

وقال الشارح في روض الجنان : «فتأمل هذه الاختلافات الغريبة الواقعة بينهم ، بل بين الواحد ونفسه».

(١) للأخبار منها : خبر علي بن أبي حمزة البطائني : (سألته عن الطير والدجاجة تقع في البئر؟ قال عليه‌السلام : سبع دلاء) (١) ومثله مضمرة سماعة ٢.

(٢) لأن العصفور له حكم خاص وسيأتي إنشاء الله ، وهو مخالف لحكم الطير المنصوص هنا فلذا قيّد الطير هنا بالحمامة والنعامة وما شابهها.

(٣) ففي خبر أبي سعيد المكاري عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا وقعت الفأرة في البئر فتسلخت فانزح منها سبع دلاء) (٣) وفي رواية : فتفسخت ، وفي خبر أبي بصير : (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عما يقع في الآبار ، فقال : أما الفأرة وأشباهها فينزح منها سبع دلاء) (٤) ، وروي ثلاث دلاء (٥) ، وروي خمس (٦) ، وروي نزح الجميع (٧) ، والأخيران لم يعمل بهما ، وقد حملت الثلاث على عدم التفسخ والسبع على التفسخ لخبر أبي سعيد المكاري المتقدم ، وخبر أبي عيينة : (سئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن الفأرة تقع في البئر قال : إذا خرجت فلا بأس ، وإذا تفسخت فسبع دلاء) (٨).

(٤) فأبو عيينة مجهول ، وأبو سعيد المكاري واقفي ، والتفسخ مروي كما تقدم إلا أن المفيد في المقنعة والعلامة وابن إدريس وابن زهرة وجماعة ألحقوا به الانتفاخ ، وفي المعتبر : أنه لم نقف له على مستند.

(٥) لخبر منصور بن حازم عن عدة من الأصحاب عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (ينزح منه سبع دلاء إذا بال فيه الصبي) (٩) وهو ضعيف إلا أنه منجبر بعمل الأصحاب ، وعن السيد المرتضى ينزح ثلاث دلاء وقال المحقق في المعتبر «إن في رواية ثلاثا لم نعثر عليها».

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من أبواب الماء المطلق حديث ٢ و ١.

(٣ و ٥) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب الماء المطلق حديث ١ و ٢.

(٤ و ٦ و ٧) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب الماء المطلق حديث ١١ و ٧ و ٨.

(٨) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب الماء المطلق ١٣.

(٩) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب الماء المطلق حديث ١.

٥٤

وهو الذكر الذي زاد سنة عن حولين (١) ولم يبلغ الحلم ، وفي حكمه (٢) الرضيع الذي يغلب أكله على رضاعه ، أو يساويه (٣) (وغسل الجنب) (٤) الخالي بدنه من نجاسة عينية (٥) ،

______________________________________________________

(١) لأن الرضيع له حكم سيأتي إنشاء الله تعالى.

(٢) أي حكم الصبي.

(٣) لأن الرضيع المستثنى منصرف إلى الرضيع المعتمد على الرضاع.

(٤) للأخبار منها : صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (وإن وقع فيها جنب فانزح منها سبع دلاء) (١) وصحيح محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام إذا دخل الجنب في البئر نزح منها سبع دلاء) (٢).

وقد وقع الخلاف في موجب النزح هل وقوع الجنب في البئر أو اغتساله منها أو ارتماسه فيها.

فذهب سيد المدارك إلى الأول تمسكا بظاهر صحيح الحلبي المتقدم ، وذهب ابن إدريس إلى الثالث مدعيا عليه الإجماع وهو ضعيف ، إذ كيف ينعقد الإجماع والمشهور على خلافه فضلا عن عدم ظهور الأخبار في الارتماس.

والمشهور إلى الثاني تمسكا بظاهر خبر أبي بصير (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الجنب يدخل في البئر فيغتسل منها قال : ينزح منها سبع دلاء) (٣) ، وغيره من الأخبار مطلق فيحمل عليه ، ويؤيده خبر ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إذا أتيت البئر وأنت جنب فلم تجد دلوا ولا شيئا تغرف به فتيمم بالصعيد ، فإن رب الماء رب الصعيد ، ولا تقع في البئر ولا تفسد على القوم ماءهم) (٤).

وأشكل على خبر أبي بصير باشتمال سنده على عبد الله بن بحر وهو ضعيف مع أن أبا بصير مشترك بين الثقة وغيره ، وقيد : (فيغتسل منها) واقع في كلام السائل وجواب الإمام لا ينفي عما عداه.

ثم لا فرق في الجنب بين المرأة والرجل للإطلاق ، ولا بين كونه محدثا بغير الجنابة معها أو لا كذلك للإطلاق.

(٥) هذا الشرط عند الأصحاب ليصح الاكتفاء بالسبع ، إذ لو كان على البدن نجاسة كالمني ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب الماء المطلق حديث ٦.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢٢ ـ من أبواب الماء المطلق حديث ٣ و ١.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب الماء المطلق حديث ٢٢.

٥٥

ومقتضى النص نجاسة الماء بذلك (١) لا سلب الطهورية ، وعلى هذا (٢) فإن اغتسل مرتمسا طهر بدنه من الحدث ، ونجس بالخبث (٣).

وإن اغتسل مرتّبا (٤) ففي نجاسة الماء بعد غسل الجزء الأول مع اتصاله به (٥) ، أو وصول الماء إليه (٦) ، أو توقفه على إكمال الغسل وجهان (٧) ولا يلحق

______________________________________________________

ـ فيجب مقدرها وهو نزح الجميع ، وتوقف العلامة في المنتهى حيث قال : «ونحن لما لم يقم عندنا دلالة على وجوب النزح للمني توقفنا عن هذا الاشتراط».

(١) باغتسال الجنب ، قد وقع الخلاف في أن النزح لغسل الجنب هل لنجاسة الماء أو لكونه مسلوب الطهورية أو للتعبد شرعا؟.

ذهب إلى الأول الشهيد الثاني في كتبه ، وأشكل عليه بأنه حكم من غير دليل ، مع أن ماء البئر ليس أسوأ حالا من القليل ، والقليل لا ينجس باغتسال الجنب منه ، وردّه الشهيد الثاني بأن الحكم بالنجاسة للنص بالنزح ، وفيه : إن النص بالنزح لا يدل على النجاسة إذ لعله تعبدي أو إرشادي لما في الوقوع في البئر من تغيّر الماء بسبب ثوران الحمأة كما عليه سيد المدارك.

وذهب إلى الثاني المحقق في المعتبر والعلامة في المختلف ، وسلب الطهورية معناه أن الماء لا يرفع حدثا لأنه مستعمل في رفع الحدث ، وأشكل عليهما أن وجوب النزح أعم من سلب الطهورية مع أن المستعمل في رفع الحدث ولا يرفع حدثا هو القليل لا الجاري والكر والبئر له نبع كمادة الجاري وهو معتصم بالكرية غالبا.

وذهب إلى الثالث جماعة منهم الشيخ صاحب الجواهر تبعا للشيخ في التهذيب.

(٢) من نجاسة ماء البئر.

(٣) فنجاسة البدن لأن الماء نجس بعد الاغتسال بدليل وجوب النزح منه.

(٤) فلا يخلو إما أن يكون خارج الماء أو داخله ، فإن كان خارجه أجزأ ما وقع من غسله قبل وصول الماء إلى البئر ، وإن كان داخله أجزأ ما وقع مقارنا للنية فقط كما عن جماعة ، واحتمل البعض أن نجاسة البئر المستكشفة من وجوب النزح متعلقة على تحقق الاغتسال بتمامه ، هذا مع اعتراف الكثير بأن هذا الفرع من المشكلات والله أعلم بحقيقة الحال.

(٥) أي اتصال الجنب بالماء بأن كان داخله.

(٦) أي وصول ماء الغسل إلى البئر بعد أن كان الجنب خارجه.

(٧) بل ثلاثة.

٥٦

بالجنب غيره (١) ممن يجب عليه الغسل عملا بالأصل مع احتماله ، (وخروج الكلب) من ماء البئر(حيا) (٢) ، ولا يلحق به الخنزير (٣) بل بما لا نص فيه.

(ونزح خمس لذرق الدجاج) مثلث الدال في المشهور (٤) ، ولا نص عليه

______________________________________________________

(١) مما كان محدثا بالأكبر كالحائض والنفساء ، لأن الحكم قد علّق على الجنب ، وذهب الشهيد في الذكرى إلى أن وجوب النزح إن كان لاعتبار الطهورية فالأقرب إلحاق الحائض والنفساء للاشتراك في المانع ، وهو استعمال ماء البئر في رفع الحدث فلا يرفع حدثا ، وإن جعلناه للتعبد فلا إلحاق.

(٢) لخبر أبي مريم (إذا مات الكلب في البئر نزحت ، وقال عليه‌السلام : إذا وقع فيها ثم خرج حيا نزح منها سبع دلاء) (١).

ولم يعمل ابن إدريس بها وأوجب أربعين دلوا ، لأن الأربعين لموت الكلب فيها فلو خرج حيا لكان أولى.

(٣) لعدم النص مع عدم إسقاط خصوصية الكلب في الخبر لعدم القطع بكون الحكم معلقا على نجس العين بما هو نجس العين ليسرّى إلى الخنزير.

(٤) مطلقا سواء كان جلالا أم لا كما عن الشيخ في جملة من كتبه ، وعن المفيد وسلّار وابن إدريس تخصيصه بالجلال وهو الذي تغذى بعذرة الإنسان ، ووجه التخصيص لأن غير الجلال كذرقه طاهران فلا موجب للنزح ، مع اعتراف جماعة منهم العلامة في المختلف وسيد المدارك والشهيد الثاني بعدم وجود نص فيه سواء كان جلالا أم لا.

وقال العلامة في المختلف : «ويمكن الاحتجاج على وجوب النزح لذرق الجلال بصحيحة إسماعيل بن بزيع عن الإمام الرضا عليه‌السلام : (في البئر يقطر فيها قطرات من بول أو دم ، أو يسقط فيها شي‌ء من عذرة كالبعرة ونحوها ، ما الذي يطهرها؟ فوقّع عليه‌السلام : ينزح دلاء منها) (٢) ، ثم قال : والاحتجاج به بعيد لعدم دلالته على التقدير ، وإنما يستدل به على أنه لا يجزي أقل من خمس من حيث إنه جمع كثرة» انتهى.

وقال المحقق في المعتبر : «ويقرب عندي أن يكون داخلا في قسم العذرة ينزح له عشر ، وإذا ذاب فأربعون أو خمسون ، ويحتمل أن ينزح له ثلاثون لحديث كردويه» (٣) انتهى. ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب الماء المطلق حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب الماء المطلق حديث ٢١.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب الماء المطلق حديث ٣ ، والخبر وارد في ماء المطر المصاحب للعذرة وخرء الكلب والبول ، وقد عرفت أن ماء المطر المصاحب للعذرة له حكم مغاير لحكم العذرة.

٥٧

ظاهرا ، فيجب تقييده بالجلّال كما صنع المصنف في البيان ليكون نجسا.

ويحتمل حينئذ وجوب نزح الجميع إلحاقا له بما لا نص فيه إن لم يثبت الإجماع على خلافه ، وعشر (١) إدخالا له في العذرة ، والخمس (٢) للإجماع على عدم الزائد إن تمّ. وفي الدروس صرح بإرادة العموم (٣) كما هنا (٤) ، وجعل التخصيص بالجلّال قولا.

(وثلاث) دلاء(للفأرة) مع عدم الوصف (٥) (والحية) على المشهور (٦) والمأخذ فيها ضعيف ، وعلل بأن لها نفسا فتكون ميتتها نجسة. وفيه مع الشك في ذلك عدم استلزامه للمدعى (٧)

______________________________________________________

ـ وأشكل عليه بعدم اندراج ذرق الدجاج تحت عنوان العذرة لأنها مختصة بفضلة الإنسان ، وقال الشارح في روض الجنان : «ويمكن أن يستدل على نفي الزيادة عن الخمس بالإجماع على نفي وجوب الزائد» وفيه : إن الإجماع غير متحقق مع مخالفة المحقق في المعتبر.

(١) عطف على الجميع.

(٢) عطف على الجميع.

(٣) أي بعموم الدجاج جلالا وغيره.

(٤) لم يصرح ، نعم لفظ الدجاج هنا محلى باللام وهو ظاهر في العموم.

(٥) أي مع عدم التفسخ كما هو المروي وعليه جماعة ، أو عدم التفسخ وعدم الانتفاخ كما عليه بعض آخر ، وقد تقدم النص في الفأرة.

(٦) ولا نص فيه ، ولذا قال سيد المدارك : «واعترف الأصحاب بعدم ورود النص فيها على الخصوص» ، واستدل بعضهم بأن الحية كالفأرة والدجاجة لكونها لا تزيد على قدرهما ، وردّ بأنه مأخذ ضعيف كما في روض الجنان للشارح. وقال المحقق في المعتبر :«ويمكن أن يستدل على الحية بما رواه الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا سقط في البئر حيوان صغير فمات فيها فانزح منها دلاء) (١) ، فينزل على الثلاثة لأنها أقل محتملاته» واحتج أيضا بأن لها نفسا سائلة فميتتها نجسة ، وعن ابن بابويه أن في الحية سبع دلاء كما عن المختلف ، وعنه أن فيها دلوا واحدا كما في المنتهى والمعتبر.

(٧) لأن كون ميتتها نجسة لا تستلزم ثلاث دلاء ، وأيّ تلازم بينهما.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب الماء المطلق حديث ٦ وفيه : «شي‌ء صغير» بدل «حيوان صغير» ..

٥٨

(و) ألحق بها(الوزغة) (١) بالتحريك ولا شاهد له (٢) كما اعترف به المصنف في غير البيان (٣) ، وقطع بالحكم فيه كما هنا (٤). (و) ألحق بها(العقرب) (٥). وربما

______________________________________________________

(١) كما عن الشيخين المفيد والطوسي لصحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في الفأرة والوزغة تقع في البئر قال : ينزح منها ثلاث) (١).

وعن العلامة والمحقق حمل الخبر على الاستحباب لعدم كونها من ذوات النفس السائلة فلا تنجس بالموت ، أو لأن النزح من أجل سمّها فيكره عدم النزح لذلك.

(٢) للإلحاق ، وقد عرفت أنه للخبر ولذا قال الشارح في الروض : «وألحق الشيخان بها ـ أي الحية ـ العقرب والوزغة بالتحريك للرواية».

(٣) أي في الذكرى والدروس ، وهذا اشتباه من الشارح لأن المصنف في الذكرى اعترف بعدم الشاهد على إلحاق العقرب قال في الذكرى : «وللوزغة عند الصدوق والشيخين وأتباعهما لقول الصادق عليه‌السلام ، وللعقرب عند الشيخ وأتباعه ولا نص صريحا فيه».

واعترف المصنف في الدروس بعدم الشاهد على الحية حيث قال : «وثلاث للفأرة مع عدم الأمرين وروي خمس ، وللحية ولا شاهد له ، وللوزغة والعقرب ، وقيل : يستحب لهما».

(٤) أي قطع بالحكم في البيان كما في اللمعة.

(٥) أي بالحية كما عن الشيخ وأبي الصلاح ، وقد تقدم عن الشهيد الأول في الذكرى عدم النص ، نعم في رواية هارون بن حمزة الغنوي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (سألته عن الفأرة والعقرب وأشباه ذلك يقع في الماء فيخرج حيا ، هل يشرب من ذلك الماء ويتوضأ منه؟ قال : يسكب منه ثلاث مرات ، قليله وكثيره بمنزلة واحدة ، ثم يشرب منه ويتوضأ منه غير الوزغ فإنه لا ينتفع بما يقع فيه) (٢).

وهي محمولة على ما فيه من السم كما عن الصدوق جمعا بينها وبين رواية ابن مسكان عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (كل شي‌ء وقع في البئر ليس له دم مثل العقارب والخنافس وأشباه ذلك فلا بأس) (٣) ورواية الساباطي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سئل عن الخنفساء والذباب والجراد والنملة وما أشبه ذلك يموت في البئر والزيت والسمن وشبهه ، قال : كل ما ليس له دم فلا بأس به) (٤) ومرفوعة محمد بن يحيى عن أبي ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب الماء المطلق حديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب الماء المطلق حديث ٥.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب الماء المطلق حديث ١١.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب الأسآر حديث ١ و ٤.

٥٩

قيل بالاستحباب لعدم النجاسة ، ولعله لدفع وهم السم(ودلو للعصفور) (١) بضم عينه (٢) وهو ما دون الحمامة (٣) سواء كان مأكول اللحم أم لا (٤). وألحق به المصنف في الثلاثة (٥) بول الرضيع قبل اغتذائه بالطعام في الحولين (٦) ، وقيّده في البيان بابن المسلم (٧) وإنما تركه هنا لعدم النص مع أنه في الشهرة كغيره مما سبق.

واعلم أن أكثر مستند هذه المقدرات ضعيف لكن العمل به مشهور (٨) بل

______________________________________________________

ـ عبد الله عليه‌السلام : (لا يفسد الماء إلا ما كانت له نفس سائلة) (١).

أو تحمل رواية هارون على الاستحباب بقرينة بقية الأخبار كما عن المحقق والعلامة.

(١) لخبر عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إن أقل ما يقع في البئر فيموت فيه العصفور فينزح منها دلو واحد) (٢).

(٢) قيل ولا يخفى لطفه على من فتح عينه.

(٣) جمعا بين ما ورد في العصفور وبين ما ورد في الحمامة مع تغاير الحكم.

(٤) لإطلاق الاسم خلافا للراوندي حيث خصه بمأكول اللحم ، وعلى الإطلاق فيشمل الخفاش.

(٥) أي الحق بالعصفور المصنف في الذكرى والدروس والبيان.

(٦) كما عن الشيخ وجماعة لرواية علي بن أبي حمزة : (سألته عن بول الصبي الفطيم ، قال : دلو واحد) (٣) فإذا كان الدلو في بول الفطيم ففي بول الرضيع أولى ، وأشكل بأن المنطوق غير معمول به عند الأصحاب إذ جعلوا في بول الفطيم سبع دلاء ، وذهب أبو الصلاح وابن زهرة إلى ثلاث دلاء في بول الرضيع وليس لهما مستند كما في المدارك.

(٧) لأن ابن الكافر يأخذ حكم أبيه ، أو على الأقل يكون بوله أشد نجاسة من بول ابن المسلم.

(٨) لأحد أمرين إما لعمل الأصحاب وإما لو لم يعمل بها لكانت هذه المذكورات مما لا نص فيه وهذا لا قائل به.

__________________

(١) المصدر السابق.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢١ ـ من أبواب الماء المطلق حديث ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب الماء المطلق حديث ٢.

٦٠