الزبدة الفقهيّة - ج ١

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي

الزبدة الفقهيّة - ج ١

المؤلف:

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي


الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات ذوي القربى
المطبعة: كيميا
الطبعة: ٤
ISBN: 964-6307-54-X
ISBN الدورة:
964-6307-53-1

الصفحات: ٣٤٩

على أشهر القولين (١) (أو دائما) (٢) على القول الآخر (٣) ، وهو الأقوى (٤) والأولى (٥) قراءة «يصلّي» في الفعلين مبنيا للمعلوم ، أي يصلّي من أراد الصلاة على الميت ، إذا لم يكن هذا المريد قد صلّى عليه ، ولو بعد الدفن المدة المذكورة أو دائما سواء كان قد صلّى على الميت أم لا (٦). هذا هو الذي

______________________________________________________

ـ صلى على القبر) (١) وفي الذكرى : (روي أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صلى على قبر مسكينة دفنت ليلا) (٢).

وقيده الأكثر بيوم وليلة وادعى عليه في الغنية الإجماع ، ولا شاهد له في النصوص.

وذهب الشيخ في الخلاف وسلّار إلى تحديده بثلاثة أيام وعن الخلاف : «قد روي ثلاثة أيام»(٣).

وعن ابن الجنيد جواز الصلاة عليه ما لم تتغير صورته ولا دليل عليه ، وعن المختلف عدم التحديد وهو خيرة الشهيد في البيان والمحقق الثاني في جامع المقاصد والفاضل الميسي وجماعة ، وقال المحقق في المعتبر والعلامة في المنتهى : بعدم الوقوف في هذه التقديرات على مستند.

(١) وهو قول الأكثر.

(٢) كما عن الشهيد في البيان والمحقق الثاني والفاضل الميسي وجماعة.

(٣) وهناك قولان آخران أيضا.

(٤) أي عدم التحديد وإليه ذهب في المسالك أيضا.

(٥) وجه الأولوية لأنه هو المطابق لقول الماتن في بقية كتبه ، إذ على قراءته مبنيا للمجهول فيكون المعنى : من دفن بغير صلاة عليه يصلى عليه يوما وليلة بعد الدفن مع أن الماتن قد ذهب إلى وجوب الصلاة عليه دائما لبقاء وقتها.

(٦) من دفن بغير صلاة فتجب الصلاة عليه وهو في القبر من دون نبش وذهب إليه المشهور وقد خالف المحقق في المعتبر والعلامة في القواعد والإرشاد ومستند المشهور إطلاق وجوب الصلاة على الميت مثل قوله عليه‌السلام : (لا تدعوا أحدا من أمتي بلا صلاة) (٤).

__________________

(١) المصدر السابق.

(٢) سنن البيهقي ج ٤ ص ٤٨.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من أبواب صلاة الجنازة حديث ٩.

(٤) الوسائل الباب ـ ٣٧ ـ من أبواب صلاة الجنازة حديث ٣.

٣٠١

اختاره المصنف في المسألة ويمكن قراءته مبنيا للمجهول ، فيكون الحكم مختصا بميت لم يصلّ عليه (١).

أما من صلّى عليه فلا تشرع (٢) الصلاة عليه بعد دفنه ، وهو قول لبعض الأصحاب جمعا بين الأخبار ، ومختار المصنف أقوى.

(ولو حضرت جنازة في الأثناء) (٣) أي في أثناء الصلاة على جنازة أخرى

______________________________________________________

ـ وذهب المحقق في المعتبر إلى منع الصلاة على المدفون مطلقا سواء صلي عليه أو لا للأخبار منها : موثق عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (ولا يصل عليه وهو مدفون) (١).

وذهب العلامة إلى الجمع بين النصوص فحمل أخبار المنع على من صلي عليه وأخبار الجواز على من دفن بغير صلاة ويستدل له بخبر محمد بن أسلم عن رجل من أهل الجزيرة قلت : لأبي الحسن الرضا عليه‌السلام : (يصلى على المدفون بعد ما يدفن؟ قال عليه‌السلام : لا ، لو جاز لأحد لجاز لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) (٢).

(١) وخالف المحقق في المعتبر فقد منع من الصلاة مطلقا بعد الدفن.

(٢) وهو مذهب العلامة في بعض كتبه.

(٣) إذا شرع في الصلاة على جنازة ثم حضرت أخرى كان المصلي مخيّرا بين قطع الأولى واستئناف الصلاة عليهما معا ، وبين أن يكمل الصلاة الأولى ثم يستأنف صلاة للجنازة الثانية.

ذهب إلى ذلك العلامة وغيره ، بل نسبه الكركي إلى المعظم والبحراني إلى المشهور ، اعتمادا على صحيح علي بن جعفر عن أخيه : (في قوم كبروا على جنازة تكبيرة أو اثنتين ووضعت معها أخرى كيف يصنعون ، قال عليه‌السلام : إن شاءوا تركوا الأولى حتى يفرغوا من التكبير على الأخيرة ، وإن شاءوا رفعوا الأولى وأتموا ما بقي على الأخيرة ، كل ذلك لا بأس به) (٣).

وأشكل عليهم المصنف في الذكرى بأن الرواية قاصرة عن مدعاهم من حيث إنها لا تدل على قطع الصلاة على الجنازة الأولى هذا فضلا عن تحريم قطع العبادة الواجبة ، بل الرواية تدل على تشريك الجنازتين بالتكبيرات الباقية ، فإذا أنهى التكبير بالنسبة ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من أبواب صلاة الجنازة حديث ٧.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من أبواب صلاة الجنازة حديث ٨.

(٣) الوسائل الباب ـ ٣٤ ـ من أبواب صلاة الجنازة حديث ١.

٣٠٢

(أتمّها ثم استأنف) الصلاة(عليها) أي على الثانية ، وهو الأفضل (١) مع عدم الخوف على الثانية (٢) ، وربما قيل بتعينه (٣) إذا كانت الثانية مندوبة لاختلاف الوجه ، وليس بالوجه (٤).

وذهب العلامة وجماعة من المتقدمين والمتأخّرين إلى أنه يتخير بين قطع الصلاة على الأولى واستئنافها عليهما ، وبين إكمال الأولى وإفراد الثانية بصلاة ثانية ، محتجين برواية علي بن جعفر عن أخيه عليه‌السلام في قوم كبّروا على جنازة تكبيرة أو تكبيرتين ووضعت معها أخرى؟ قال عليه‌السلام : «إن شاءوا تركوا الأولى (٥) حتى يفرغوا من التكبير على الأخيرة وإن شاءوا رفعوا الأولى (٦)

______________________________________________________

ـ للجنازة الأولى فهم بالخيار بين تركها حتى يكملوا التكبير على الجنازة الثانية وبين رفعها ودفنها مع إكمال بعضهم للتكبير على الجنازة الثانية.

والرواية وإن لم تنص على التشريك بين الجنازتين إلا أن صريحها بين ترك الأولى أو رفعها لازم له.

(١) أي الإتيان بصلاتين لكل جنازة صلاة أفضل من التشريك بين الجنازتين لأن في التعدد تعدد الذكر مع تخصيص الدعاء لكل ميت بخلاف التشريك ففيه صلاة واحدة مع تعميم الدعاء لهما.

وهذا الإتيان المتعدد أفضل من قطع الأولى واستئناف الصلاة عليهما لما في القطع ، من قطع العبادة الواجبة وهو محرم.

(٢) وإلا إذا خيف على الثانية فالتشريك هو الأولى.

(٣) ذهب العلامة في التذكرة ونهاية الأحكام إلى تعيّن إتمام الأولى على الأولى واستئناف ثانية على الثانية بشرط أن تكون الصلاة الثانية مندوبة فيما لو كان الميت دون ست سنين بدعوى اشتراط قصد الوجه من وجوب أو ندب ، وهذا مما لا يمكن اجتماعه في صلاتين فلذا وجب التعدد.

(٤) أي لا يصلح ما تقدم من دليل العلامة أن يكون دليلا وذلك لأن التشريك في باقي التكبيرات لو كان ممنوعا لاختلاف الوجه لوجب عدم جواز الإتيان بصلاة واحدة ابتداء لاختلاف الوجه أيضا مع أنه قائل بالجواز في الثاني ، بالإضافة إلى أنه لا دليل على اعتبار قصد الوجه كما تقدم سابقا في مبحث الوضوء.

(٥) بدعوى ترك الصلاة الأولى وقطعها.

(٦) بدعوى إتمام الصلاة الأولى ، مع أن الرواية ظاهرة في كون المراد من الأولى هو الجنازة لا الصلاة فيتعين كلام المصنف في الذكرى.

٣٠٣

وأتموا التكبير على الأخيرة ، كل ذلك لا بأس به».

قال المصنف في الذكرى : والرواية قاصرة عن إفادة المدّعي ، إذ ظاهرها أن ما بقي من تكبير الأولى محسوب للجنازتين ، فإذا فرغوا من تكبير الأولى تخيّروا بين تركها بحالها حتى يكملوا التكبير على الأخيرة ، وبين رفعها من مكانها والإتمام على الأخيرة ، وليس في هذا دلالة على إبطال الصلاة على الأولى بوجه. هذا مع تحريم قطع الصلاة الواجبة (١). نعم لو خيف على الجنائز قطعت الصلاة ثم استأنف عليها لأنه قطع لضرورة ، وإلى ما ذكره أشار هنا بقوله :

(والحديث) الذي رواه علي بن جعفر عليه‌السلام(يدلّ على احتساب ما بقي من التكبير لهما ثم يأتي بالباقي للثانية ، وقد حققناه في الذكرى) بما حكيناه عنها. ثم استشكل بعد ذلك الحديث بعدم تناول النية أولا للثانية فكيف يصرف باقي التكبيرات إليها ، مع توقف العمل على النية.

وأجاب بإمكان حمله (٢) على إحداث نية من الآن لتشريك باقي التكبير على الجنازتين. وهذا الجواب لا معدل عنه ، وإن لم يصرح بالنية في الرواية ، لأنها أمر قلبي (٣) يكفي فيها مجرّد القصد إلى الصلاة على الثانية ، إلى آخر ما يعتبر فيها.

وقد حقق المصنف في مواضع أن الصدر الأول ما كانوا يتعرّضون للنية لذلك (٤) ، وإنما أحدث البحث عنها المتأخرون ، فيندفع الإشكال. وقد ظهر من ذلك أن لا دليل على جواز القطع ، وبدونه يتّجه تحريمه (٥).

وما ذكره المصنف من جواز القطع ـ على تقدير الخوف على الجنائز ـ غير واضح ، لأن الخوف إن كان على الجميع ، أو على الأولى فالقطع يزيد

______________________________________________________

(١) بخلاف المندوبة فيجوز قطعها وسيأتي البحث فيه إن شاء الله تعالى.

(٢) أي حمل الحديث.

(٣) فأمرها سهل لا يحتاج إلى تجشم ، والرواية بصدد بيان أفعال الجوارح لا الجوانح.

(٤) لأنها أمر قلبي.

(٥) أي بدون الدليل على جواز القطع يحرم القطع حينئذ.

٣٠٤

الضرر على الأولى ولا يزيله ، لانهدام ما قد مضى من صلاتها الموجب لزيادة مكثها ، وإن كان الخوف على الأخيرة فلا بد لها من المكث مقدار الصلاة عليها وهو يحصل مع التشريك الآن والاستئناف.

نعم يمكن فرضه (١) نادرا بالخوف على الثانية ، بالنظر إلى تعدّد الدعاء مع اختلافهما فيه (٢) ، بحيث يزيد ما يتكرر منه (٣) على ما مضى من الصلاة ، وحيث يختار التشريك بينهما فيما بقي ينوي بقلبه على الثانية ، ويكبّر تكبيرا مشتركا بينهما ، كما لو حضرتا ابتداء ، ويدعو لكلّ واحدة بوظيفتها من الدعاء مخيرا في التقديم إلى أن يكمل الأولى ، ثم يكمل ما بقي من الثانية.

ومثله ما لو اقتصر على صلاة واحدة على متعدّد ، فإنه يشرّك بينهم فيما يتحد لفظه (٤) ويراعي في المختلف (٥) ـ كالدعاء لو كان فيهم مؤمن ومجهول ومنافق وطفل ـ وظيفة كل واحد ، مع اتحاد الصنف يراعي تثنية الضمير وجمعه وتذكيره وتأنيثه ، أو يذكر مطلقا مؤولا بالميت ، أو يؤنث مؤوّلا بالجنازة ، والأول أولى (٦).

(الخامس ـ دفنه) (٧)

______________________________________________________

(١) فرض تقدير الخوف.

(٢) أي مع اختلاف الجنازتين في الدعاء.

(٣) أي من الدعاء ، فيكون الاستئناف أخف من التشريك ، مع الإتيان بدعاء يعمهما عند الاستئناف ، وهذا هو مراد المصنف في الذكرى ولا يضره أنه فرض بعيد.

(٤) كالتكبير والشهادتين والصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلى الأنبياء والدعاء لجميع المؤمنين.

(٥) وهو الدعاء لهما أو عليهما أو لأحدهما وعلى الآخر ، أو لأبوي أحدهما.

(٦) أي مراعاة تثنية الضمير وجمعه وتذكيره وتأنيثه ويحتمل إرجاعه إلى أن التذكير أولى من التأنيث باعتبار إطلاق الميت فإنه أكثر شيوعا من إطلاق الجنازة.

(٧) وهو مما لا خلاف فيه بين المسلمين ، وعن الفاضلين أنه ضروري ، ويدل عليه قوله تعالى : (مِنْهٰا خَلَقْنٰاكُمْ وَفِيهٰا نُعِيدُكُمْ) (١) وقوله تعالى : (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفٰاتاً) ـ

__________________

(١) طه الآية : ٥٥.

٣٠٥

(والواجب مواراته في الأرض) (١) ، على وجه (٢) يحرس جثّته من السباع ، ويكتم رائحته عن الانتشار ، واحترز بالأرض عن وضعه في بناء ونحوه (٣) وإن حصل الوصفان (٤) (مستقبل القبلة) (٥) بوجهه ومقاديم بدنه (على جانبه الأيمن) (٦) مع الإمكان.

(ويستحب) أن يكون(عمقه) أي الدفن مجازا ، أو القبر المعلوم بالمقام(نحو قامة) معتدلة ، وأقل الفضل إلى الترقوة (٧)

______________________________________________________

ـ أَحْيٰاءً وَأَمْوٰاتاً) (١) وفي خبر الفضل بن شاذان عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام : (إنما أمر بدفن الميت لئلا يظهر الناس على فساد جسده وقبح منظره وتغيّر ريحه ، ولا يتأذى الأحياء بريحه وبما يدخل عليه من الآفة والفساد ، وليكون مستورا عن الأولياء والأعداء فلا يشمت عدو ولا يحزن صديق) (٢).

(١) الدفن هو المواراة في الأرض لغة ، قال في المصباح : «الدفن : أخفيته تحت أطباق الثرى» ، والمواراة تكون بأن يحفر له حفيرة فيدفن فيها ، وقد قطع بذلك الأصحاب كما في المدارك.

(٢) الوضع في الحفيرة لا بد أن يحقق وصفين :

الأول : ستر رائحته عن الإنس.

والثاني : ستر بدنه عن السباع ، وهما وصفان متلازمان غالبا ، وقد ذكر الوصف الأول في خبر الفضل المتقدم.

(٣) كتابوت من صخر.

(٤) كتم الرائحة وحفظ البدن ، كل ذلك تمسكا بمعنى الدفن وللتأسي بعمل النبي والمسلمين في كل عصر.

(٥) على المشهور لخبر الدعائم عن علي عليه‌السلام : (شهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جنازة رجل من بني عبد المطلب فلما أنزلوه قبر قال : أضجعوه في لحده على جنبه الأيمن مستقبل القبلة ولا تكبوه لوجهه ولا تلقوه لظهره) (٣) وعن ابن حمزة في الوسيلة أنه مستحب ، وظاهر الأمر الوجوب.

(٦) لخبر الدعائم المتقدم.

(٧) ويدل عليه مرسل ابن أبي عمير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (حد القبر إلى الترقوة ، ـ

__________________

(١) المرسلات الآية : ٢٥ و ٢٦.

(٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب الدفن حديث ١.

(٣) مستدرك الوسائل الباب ـ ٥١ ـ من أبواب الدفن حديث ١.

٣٠٦

(ووضع الجنازة) (١) عند قربها من القبر بذراعين ، أو بثلاث عند رجليه (٢) (أولا ونقل الرّجل) بعد ذلك(في ثلاث دفعات) حتى يتأهب للقبر وإنزاله في الثالثة (٣) ـ

______________________________________________________

وقال بعضهم : إلى الثدي ، وقال بعضهم : قامة الرجل حتى يمدّ الثوب على رأس من في القبر ، وأما اللحد فبقدر ما يمكن فيه الجلوس) (١) والظاهر كما عن غير واحد أنه من كلام ابن أبي عمير ويكون المراد بالبعض هو بعض الأصحاب ويؤيده خبر الكليني عن سهل بن زياد قال : (روى أصحابنا أن حد القبر إلى الترقوة ، وقال بعضهم إلى الثدي ، وقال بعضهم قامة الرجل) (٢) وتعدد الأقوال المستندة إلى الأخبار موجب للتخيير بين الثلاثة إلا أن الفقهاء اقتصروا على القامة والترقوة من دون دليل ظاهر على ذلك.

(١) للأخبار منها : صحيح ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (ينبغي أن يوضع الميت دون القبر هنيهة ثم واره) (٣).

ويستحب أن يكون ذلك دون القبر بذراعين أو ثلاثة لخبر محمد بن عجلان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إذا جئت بالميت إلى قبره فلا تفدحه بقبره ، ولكن ضعه دون قبره بذراعين أو ثلاثة أذرع ، ودعه حتى يتأهب للقبر ولا تفدحه به) (٤).

(٢) لخبر ابن عجلان الآخر عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا تفدح ميتك بالقبر ، ولكن ضعه أسفل منه بذراعين أو ثلاثة ودعه حتى يأخذ أهبته) (٥) والأسفل هو أسفل القبر وهو مما يلي الرجلين.

بالإضافة إلى ما ورد في الخبر (أن لكل بيت بابا إن باب القبر من قبل الرجلين) (٦).

(٣) لخبر الصدوق في العلل : (إذا أتيت بالميت القبر فلا تفدح به ، فإن للقبر أهوالا عظيمة وتعوذ من هول المطلع ولكن ضعه قرب شفير القبر واصبر عليه هنيئة ، ثم قدمه قليلا واصبر عليه ليأخذ أهبته ثم قدمه إلى شفير القبر) (٧) والخبر دال على تثنية الوضع ، ولكن يثلّث بإيصال الجنازة إلى شفير القبر المتعقب بالنزول في الحفرة.

وخالف ابن الجنيد وجماعة فذهبوا إلى أنه هو الوضع دون القبر هنيئة ثم دفنه اعتمادا على خبر ابن عجلان وصحيح ابن سنان المتقدمين.

وهذه الأخبار مطلقة تشمل الرجل والمرأة فتخصيص الحكم بالرجل دون المرأة كما فعله الشهيدان وجماعة ليس في محله.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب الدفن حديث ٢.

(٣ و ٤ و ٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب الدفن حديث ١ و ٣ و ٥ و ٦.

(٧) الوسائل الباب ـ ٢٢ ـ من أبواب الدفن حديث ٤ و ٦ و ٧.

٣٠٧

(والسّبق برأسه) (١) حالة الإنزال. (والمرأة) توضع مما يلي القبلة وتنقل دفعة واحدة (٢) وتنزل (عرضا) ، هذا هو المشهور ، والأخبار خالية عن الدفعات (٣).

(ونزول الأجنبي معه) (٤) لا الرحم ، وإن كان ولدا ، (إلا فيها) (٥) فإن نزول

______________________________________________________

(١) إن كان رجلا ، وإن كانت امرأة فترسل عرضا مما يلي القبلة بلا خلاف فيه لمرفوع عبد الصمد بن هارون عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا أدخلت الميت القبر إن كان رجلا يسلّ سلا ، والمرأة تؤخذ عرضا فإنه أستر) (١) وخبر عمرو بن خالد عن زيد بن علي عن آبائه عن علي عليهم‌السلام : (يسلّ الرجل سلا وتستقبل المرأة استقبالا ويكون أولى الناس بالمرأة في مؤخرها) (٢) وخبر الأعمش المروي في الخصال عن جعفر بن محمد عليهما‌السلام : (والميت يسلّ من قبل رجليه سلا والمرأة تأخذ بالعرض من قبل اللحد) (٣) واللحد في داخل الحفرة مما يلي القبلة ، وعن جامع المقاصد والروض أن ذلك قاله الأصحاب وكفى به حجة لمثله.

(٢) قد عرفت ما فيه.

(٣) وفيه : إن خبر الصدوق قد دل على تثنية الوضع.

(٤) أي مع الميت ، فيكره نزول الأقارب ، وعن الحدائق أن ظاهر الأصحاب الاتفاق عليه ، وإثباته من الأخبار مشكل ففي خبر ابن راشد عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (الرجل ينزل في قبر والده ولا ينزل الوالد في قبر ولده) (٤) وخبر محمد بن عجلان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (فإذا أدخلته في قبره فليكن أولى الناس به عند رأسه وليحسر عن خده وليلصق خده بالأرض وليذكر اسم الله) (٥) وهي دالة على دخول بعض الأرحام قبور أرحامهم ولذا مال صاحب البحار إلى عدم الكراهة ، نعم يكره نزول الوالد إلى قبره ولده لخبر ابن راشد.

(٥) أي في المرأة فنزول الرحم معها أفضل لخبر السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : مضت السنة من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن المرأة لا يدخل قبرها إلا من كان يراها في حياتها) (٦).

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٣٨ ـ من أبواب الدفن حديث ١ و ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢٢ ـ من أبواب الدفن حديث ٥.

(٤) الوسائل الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب الدفن حديث ٢.

(٥) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب الدفن حديث ٨.

(٦) الوسائل الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب الدفن حديث ١ و ٢.

٣٠٨

الرحم معها أفضل ، والزوج أولى بها منه (١) ، ومع تعذّرهما فامرأة صالحة ثم أجنبي صالح.

(وحلّ عقد الأكفان) (٢) من قبل رأسه ورجليه (ووضع خدّه) الأيمن على التراب خارج الكفن (٣) (وجعل) شي‌ء من(تربة الحسين عليه‌السلام معه) (٤) تحت

______________________________________________________

(١) أي من الرحم لخبر إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (الزوج أحق بامرأته حتى يضعها في قبرها) (١) وظاهر الخبر أن الزوج أولى من الأرحام ، وبالنسبة للرحم فالظاهر ترتيب الأولياء الأقرب فالأقرب ، والجميع أولى من النساء وإن كنّ أرحاما خلافا لأحمد بن حنبل حيث جعل النساء أولى ، وهو ضعيف لاحتياج الدفن إلى مباشرة تضعف عنها النساء غالبا.

(٢) لخبر إسحاق بن عمار : (سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : ... إذا وضعته في قبره فحلّ عقده) (٢) وخبر سالم بن مكرم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (ويجعل له وسادة من تراب يجعل خلف ظهره مدرة لئلا يستلقي ، ويحلّ عقد كفنه كلها ، ويكشف عن وجهه ويدعى له) (٣).

(٣) لخبر محفوظ : (وليكشف عن خده الأيمن حتى يفضي به إلى الأرض) (٤).

(٤) لخبر الحميري : (كتبت إلى الفقيه أسأله عن طين القبر يوضع مع الميت في قبره هل يجوز ذلك أم لا؟ فأجاب عليه‌السلام ـ وقرأت التوقيع ومنه نسخت ـ توضع مع الميت في قبره ويخلط بحنوطه إن شاء الله) (٥).

وخبر جعفر بن عيسى عن أبي الحسن عليه‌السلام : (ما على أحدكم إذا دفن الميت ووسده التراب أن يضع مقابل وجهه لبنة من الطين ولا يضعها تحت رأسه) (٦) وقد روى العلامة في المنتهى (إن امرأة كانت تزني وتضع أولادها وتحرقهم بالنار خوفا من أهلها ولم يعلم به غير أمها ، فلما ماتت دفنت فانكشف التراب عنها ولم تقبلها الأرض فنقلت عن ذلك الموضع إلى غيره فجرى لها ذلك ، فجاء أهلها إلى الصادق عليه‌السلام وحكوا له القصة فقال لأمها : ما كانت تصنع هذه في حياتها من المعاصي؟ فأخبرته بباطن أمرها ، فقال الصادق عليه‌السلام : إن الأرض لا تقبل هذه لأنها كانت تعذب خلق ـ

__________________

(١) المصدر السابق.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب الدفن حديث ٤ و ٥.

(٤) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب الدفن حديث ٤.

(٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب التكفين حديث ١ و ٣.

٣٠٩

خدّه ، أو في مطلق الكفن ، أو تلقاء وجهه ، ولا يقدح في مصاحبته لها احتمال وصول نجاسته إليها لأصالة عدمه ، مع ظهور طهارته الآن.

(وتلقينه) (١) الشهادتين والإقرار بالأئمة واحدا بعد واحد ممن نزل معه إن كان وليا ، وإلا استأذنه ، مدنيا فاه إلى أذنه قائلا له : «اسمع» ثلاثا قبله (والدعاء له) (٢) بقوله : «بسم الله وبالله وفي سبيل الله وعلى ملّة رسول الله صلّى الله عليه

______________________________________________________

ـ الله بعذاب الله ، اجعلوا في قبرها شيئا من تربة الحسين عليه‌السلام ففعل ذلك بها فسترها الله تعالى) (١).

هذا واعلم أن الأصحاب اختلفوا في موطن وضع التراب ، فعن المبسوط والقواعد والمنتهى الاكتفاء بمطلق استصحاب الميت لتربة القبر ويدل عليه خبر الحميري وما رواه العلامة ، وذهب المحقق في المعتبر إلى وضع التربة في الأكفان ويدل عليه الفقه الرضوي : (ويجعل معه في أكفانه شي‌ء من طين القبر وتربة الحسين عليه‌السلام) (٢).

وعن الشيخ المفيد الوضع تحت خدّ الميت وقال عنه في الجواهر : «لم نقف له على مأخذ». فضلا عن النهي عنه كما في خبر ابن عيسى المتقدم.

وعن ابن إدريس وجماعة أنها توضع في قبال وجهه كما يدل عليه خبر ابن عيسى المتقدم ، وعن العلامة في المختلف التخيير بين الوضع تحت الخد أو تلقاء الوجه أو غير ذلك.

(١) بلا خلاف للأخبار الكثيرة منها : خبر محفوظ الإسكاف عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا أردت أن تدفن الميت ـ إلى أن قال : ويدني فمه إلى سمعه ويقول : اسمع وافهم ثلاث مرات ، الله ربك ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نبيك والإسلام دينك وفلان إمامك) (٣) وخبر سالم بن مكرم : (وتقول : يا فلان ابن فلان ، الله ربك ومحمد نبيك والإسلام دينك وعلي وليّك وإمامك وتسمّي الأئمة عليهم‌السلام واحدا واحدا إلى آخرهم ، أئمتك أئمة هدى أبرار) (٤).

(٢) لخبر محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام : (إذا وضع الميت في لحده فقل : بسم الله ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب التكفين حديث ٢.

(٢) مستدرك الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب الكفن حديث ٣.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب الدفن حديث ٤.

(٤) الوسائل الباب ـ ٢١ ـ من أبواب الدفن حديث ٥.

٣١٠

وآله ، اللهمّ عبدك نزل بك ، وأنت خير منزول به ، اللهمّ افسح له في قبره ، وألحقه بنبيّه ، اللهمّ إنّا لا نعلم منه إلّا خيرا وأنت أعلم به منّا» (والخروج من قبل الرجلين) (١) لأنه باب القبر ، وفيه احترام للميت. (والإهالة) للتراب من الحاضرين غير الرحم(بظهور الأكفّ (٢) مسترجعين) أي قائلين : (إِنّٰا لِلّٰهِ وَإِنّٰا إِلَيْهِ رٰاجِعُونَ) حالة الإهالة (٣) ، يقال رجع واسترجع : إذا قال ذلك. (ورفع القبر) عن وجه الأرض مقدار(أربع أصابع) (٤) مفرّجات إلى شبر لا أزيد ليعرف فيزار

______________________________________________________

ـ وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، عبدك ابن عبدك نزل بك وأنت خير منزول به ، اللهم أفسح له في قبره ، وألحقه بنبيه ، اللهم إنا لا نعلم منه إلا خيرا وأنت أعلم به) (١).

(١) لموثق عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (لكل شي‌ء باب ، وباب القبر مما يلي الرجلين) (٢) وخبر السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام (من دخل القبر فلا يخرج منه إلا من قبل الرجلين) (٣).

(٢) لمرسل محمد بن الأصبغ (رأيت أبا الحسن عليه‌السلام وهو في جنازة فحثا التراب على القبر بظهر كفه) (٤).

وأن يكون ذلك من غير أولي الرحم لخبر عبيد بن زرارة : (مات لبعض أصحاب أبي عبد الله عليه‌السلام ولد فحضر أبو عبد الله عليه‌السلام فلما ألحد تقدم أبوه فطرح عليه التراب ، فأخذ أبو عبد الله عليه‌السلام بكفيه وقال : لا تطرح عليه التراب ، ومن كان منه ذا رحم فلا يطرح عليه التراب ، فإن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نهى أن يطرح الوالد أو ذو رحم على ميته التراب.

فقلنا يا بن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أتنهانا عن هذا وحده؟ فقال : أنهاكم أن تطرحوا التراب على ذوي أرحامكم فإن ذلك يورث القسوة في القلب ، ومن قسا قلبه بعد من ربه) (٥).

(٣) عليه فتوى الأصحاب كما في المدارك وقال في الجواهر : (وإلا فلم نعثر على خبر مشتمل على تمام هذه الكيفية).

(٤) للأخبار منها : خبر قدامة بن زائدة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رفع ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢١ ـ من أبواب الدفن حديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢٢ ـ من أبواب الدفن حديث ٦.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب الدفن حديث ١.

(٤) الوسائل الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب الدفن حديث ٥.

(٥) الوسائل الباب ـ ٣٠ ـ من أبواب الدفن حديث ١.

٣١١

ويحترم ، ولو اختلفت سطوح الأرض اغتفر رفعه عن أعلاها وتأدت السنة بأدناها (١).

(وتسطيحه) (٢) لا يجعل له في ظهره سنم لأنه من شعار الناصبة وبدعهم المحدثة مع اعترافهم بأنه خلاف السنة مراغمة للفرقة المحقة ، (وصبّ الماء عليه من قبل رأسه) إلى رجليه (دورا) إلى أن ينتهي إليه ، (و) يصبّ(الفاضل على وسطه) (٣)

______________________________________________________

ـ قبر إبراهيم) (١) وخبر ابن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (ويرفع القبر فوق الأرض أربع أصابع) (٢) وخبر الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (أمرني أبي أن أجعل ارتفاع قبره أربع أصابع مفرجات) (٣) وخبر إبراهيم بن علي عن جعفر عن أبيه عليهما‌السلام (أن قبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رفع شبرا من الأرض) (٤).

وذهب المحقق في المعتبر وسيد المدارك إلى التخيير في أربع أصابع بين المضمومة والمفرجة بل نسب إلى الأكثر ، واقتصر المفيد وابنا إدريس وحمزة وسلّار والشيخ على المنفرجات ، وذهب العلامة في التذكرة وابن أبي عقيل إلى المضمومة.

(١) أي بالشبر من الجانب المنخفض.

(٢) بمعنى أن لا يسنّم للأخبار منها : عن أبي هريرة : (السنة التسطيح إلا أن الشيعة استعملته فعدلنا عنه إلى التسنيم) (٥) وخبر الأعمش المروي في الخصال : (والقبور تربع ولا تسنم) (٦) والشافعية وافقونا على استحباب التسطيح وكذا في الجهر بالبسملة.

(٣) بلا خلاف للأخبار منها : خبر سالم بن مكرم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (فإذا سوي قبره فصب على قبره الماء وتجعل القبر أمامك وأنت مستقبل القبلة ، وتبدأ بصب الماء عند رأسه وتدور به على قبره من أربع جوانبه حتى ترجع إلى الرأس من غير أن تقطع الماء ، فإن فضل من الماء شي‌ء فصبه على وسط القبر) (٧).

وخبر ابن أبي عمير عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في رش الماء على القبر قال : يتجافى عنه العذاب ما دام الندى في التراب) (٨).

__________________

(١ و ٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٣١ ـ من أبواب الدفن حديث ٢ و ١ و ٧ و ٨.

(٥) جواهر الكلام ج ٤ ص ٣١٥.

(٦) الوسائل الباب ـ ٢٢ ـ من أبواب الدفن حديث ٥.

(٧) الوسائل الباب ـ ٢١ ـ من أبواب الدفن حديث ٥.

(٨) الوسائل الباب ـ ٣٢ ـ من أبواب الدفن حديث ٢.

٣١٢

وليكن الصابّ مستقبلا(ووضع اليد عليه) (١) بعد نضحه بالماء ، مؤثّرة في التراب ، مفرّجة الأصابع.

وظاهر الأخبار أن الحكم مختصّ بهذه الحالة فلا يستحبّ تأثيرها بعده. روى زرارة (٢) عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : «إذا حثي عليه التراب وسوّي قبره فضع كفّك على قبره عند رأسه وفرّج أصابعك واغمز كفّك عليه ، بعد ما ينضح بالماء» ، والأصل عدم الاستحباب في غيره (٣) ، وأما تأثير اليد في غير التراب فليس بسنة مطلقا (٤) ، بل اعتقاده سنة بدعة(مترحّما) (٥) عليه بما شاء من

______________________________________________________

(١) أي على القبر بحيث تكون اليد مفرجة الأصابع غامزا بها عند رأسه تأسيا بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حيث وضع يده عند رأس إبراهيم غامزا بها حتى بلغت الكوع وقال : (بسم الله ختمتك من الشيطان أن يدخلك) (١) وحسنة زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا فرغت من القبر فانضحه ثم ضع يدك عند رأسه وتغمز كفك عليه بعد النضح) (٢).

(٢) في الصحيح وهو خبر آخر غير ما تقدم ـ الوسائل الباب ـ ٣٣ ـ من أبواب الدفن حديث ١.

(٣) أي في غير حال الدفن ، إلا أن الشهيد في الذكرى ذهب إلى استحباب وضع اليد ولو عند الزيارة فيما بعد ويستدل له بخبر محمد بن أحمد : (كنت بفيد فمشيت مع علي بن بلال إلى قبر محمد بن إسماعيل بن بزيع فقال لي ابن بلال : قال لي صاحب هذا القبر عن الرضا عليه‌السلام : من أتى قبر أخيه ثم وضع يده على القبر وقرأ إنا أنزلناه في ليلة القدر سبع مرات أمن يوم الفزع الأكبر أو يوم الفزع) (٣).

(٤) أي وضع اليد في الرمل ونحوه سواء كان بعد النضح حال الدفن أو في حال الزيارة لعدم شمول صحيح زرارة ، لغير التراب ، وفيه : إن حسنة زرارة مطلقة تشمل غير التراب.

(٥) أي يستحب الترحم على الميت وأفضله ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام : (أنه بعد ما حتى الإمام على قبر رجل من أصحابنا مما يلي رأسه ثلاثا بكفه ثم بسط كفه على القبر ثم قال : اللهم جاف الأرض عن جنبيه واصعد إليك روحه ولقّه منك رضوانا ، وأسكن قبره من رحمتك ما تغنيه عن رحمة من سواك) (٤).

__________________

(١) مستدرك الوسائل الباب ـ ٣١ ـ من أبواب الدفن حديث ٤.

(٢) الوسائل الباب ـ ٣٢ ـ من أبواب الدفن حديث ٤.

(٣) الوسائل الباب ـ ٥٧ ـ من أبواب الدفن حديث ١.

(٤) الوسائل الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب الدفن حديث ٣.

٣١٣

الألفاظ ، وأفضله «اللهمّ جافّ الأرض عن جنبيه وأصعد إليك روحه ولقّه منك رضوانا وأسكن قبره من رحمتك ما تغنيه عن رحمة من سواك» وكذا يقوله كلما زاره مستقبلا (١).

(وتلقين الوليّ) (٢) ، أو من يأمره (بعد الانصراف) بصوت عال إلا مع التقية (٣) (ويتخير) الملقّن(في الاستقبال (٤) والاستدبار) (٥) لعدم ورود معيّن.

(ويستحبّ التعزية (٦)) لأهل المصيبة ، وهي تفعلة من العزاء وهو الصبر ،

______________________________________________________

(١) أي القبلة ، لأن الاستقبال حسن على كل حال.

(٢) لخبر يحيى بن عبد الله عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (ما على أهل الميت أن يدرءوا عن ميتهم لقاء منكر ونكير ، قلت : كيف نصنع؟ قال : إذا أفرد الميت فليستخلف عنده أولى الناس به فيضع فمه عند رأسه ثم ينادي بأعلى صوته : يا فلان بن فلان أو يا فلانة بنت فلان ، هل أنت على العهد الذي فارقتنا عليه من شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله سيد النبيين وأن عليا أمير المؤمنين وسيد الوصيين ، وأن ما جاء به محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حق وأن الموت حق والبعث حق وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور ، فيقول منكر لنكير : انصرف بنا عن هذا فقد لقّن حجته) (١).

(٣) لإنكار الجمهور هذا التلقين مع وروده في رواياتهم إلا جماعة من الشافعية فإنهم استحبوه ويمكن أيضا أن تكون التقية باعتبار ذكر الأئمة عليهم‌السلام.

(٤) لأن الاستقبال خير المجالس وإليه ذهب جماعة كابن إدريس والعلامة.

(٥) فيتوجه نحو القبر فقط ، وهو أدخل في مقابلة الميت والخطاب معه كما ذهب إليه أبو الصلاح وابن البراج ، والذهاب إلى التخيير رد لكلا القولين.

(٦) بلا خلاف فيه للأخبار منها : خبر إسماعيل الجزريّ عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من عزّى حزينا كسي في الموقف حلّة يحبى بها) (٢).

وخبر وهب عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من عزّى مصابا كان له مثل أجره من غير أن ينتقص من أجر المصاب شي‌ء) (٣).

وخبر السكوني عن جعفر عن أبيه عن آبائه عليهم‌السلام : (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : التعزية تورث الجنة) (٤).

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٥ ـ من أبواب الدفن حديث ١.

(٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٤٦ ـ من أبواب الدفن حديث ٤ و ٢ و ٨.

٣١٤

ومنه «أحسن الله عزاءك» أي صبرك «وسلوك» يمدّ ويقصر (١) ، والمراد بها الحمل على الصبر والتسلية عن المصاب بإسناد الأمر إلى حكمة الله تعالى وعدله ، وتذكيره بما وعد الله الصابرين ، وما فعله الأكابر من المصابين ، فمن عزّى مصابا فله مثل أجره (٢) ، ومن عزّى ثكلى كسي بردا في الجنة (٣) ، وهي مشروعة(قبل الدفن) إجماعا (٤) (وبعده) عندنا (٥).

(وكلّ أحكامه) أي أحكام الميت(من فروض الكفاية) (٦) إن كانت واجبة(أو ندبها) (٧) إن كانت مندوبة.

ومعنى الفرض الكفائي (٨) مخاطبة الكل به ابتداء على وجه يقتضي وقوعه

______________________________________________________

(١) فيقال : العزاء والعزى.

(٢) إشارة إلى خبر وهب المتقدم ؛

(٣) رواه الشهيد الثاني في مسكن الفؤاد عن أبي هريرة عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١) ، والجمع بين الخبرين إشارة إلى أنه لا فرق بين أهل المصيبة رجلا كان أو امرأة ، نعم يكره تعزية الشابة خوف الفتنة.

(٤) بين المسلمين.

(٥) ووافقنا عليها الكثير من العامة عدا سفيان الثوري فإنه كره التعزية بعد الدفن لأن الدفن خاتمة أمر الميت ، وفيه : إن الدفن خاتمة أمره لا خاتمة أمر أهله فضلا عن الأخبار منها : خبر هشام بن الحكم : (رأيت موسى بن جعفر عليهم‌السلام يعزي قبل الدفن وبعده) (٢).

ومرسل ابن أبي عمير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (التعزية لأهل المصيبة بعد ما يدفن) (٣) ومرسل خالد عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (التعزية الواجبة بعد الدفن) (٤).

(٦) أي الواجبات الكفائية.

(٧) أي المندوبات الكفائية ، واعلم أن هذا بالنسبة لأكثرها ، وإلا فبعضها مستحب عيني كالتشييع والدعاء له والتعزية.

(٨) ثبت في محله أن الكفائي كالعيني في توجيهه إلى جميع المكلفين ولذا يعاقب الجميع عند تركه ، ويفترق عن العيني بسقوطه بقيام من به الكفاية.

__________________

(١) مستدرك الوسائل الباب ـ ٤٠ ـ من أبواب الدفن حديث ٦.

(٢) الوسائل الباب ـ ٤٧ ـ من أبواب الدفن حديث ١.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٤٨ ـ من أبواب الدفن حديث ١ و ٣.

٣١٥

من أيهم كان وسقوطه بقيام من فيه الكفاية ، فمتى تلبّس به من يمكنه القيام به سقط عن غيره سقوطا مراعى بإكماله ، ومتى لم يتفق ذلك (١) أثم الجميع في التأخر عنه (٢) ، سواء في ذلك الوليّ وغيره ، ممن علم (٣) بموته من المكلفين ، القادرين عليه.

(الفصل الثالث ـ في التيمم)

(وشرطه (٤) : عدم الماء) بأن لا يوجد (٥) مع طلبه على الوجه المعتبر (٦)

______________________________________________________

(١) إما التلبس وإما الإكمال.

(٢) عن الفرض الكفائي.

(٣) لأن الجاهل معذور لجهله.

(٤) ابتدأ بشرط التيمم ضرورة عدم مشروعية التيمم على الإطلاق بل هي مشروطة بثلاثة شرائط وهي : عدم وجدان الماء وعدم الوصول إليه وعدم الخوف من استعماله كما عن جماعة منهم المحقق والشهيد ، وفي المنتهى جعل الشروط ثمانية وهي : فقد الماء والخوف من اللص والاحتياج للماء للعطش والمرض والحرج المانعان عن استعماله وفقد الآلة التي يتوصل بها إليه والضعف عن الحركة وخوف الزحام يوم الجمعة وعرفة وضيق الوقت.

وعن جماعة جعل شرط التيمم واحدا وهو العجز عن استعمال الماء عقلا أو شرعا ، وكل ما ذكر سابقا راجع إليه.

(٥) إشارة من الشارح على أن الشرط هو عدم وجدانه للماء لا عدم الماء واقعا ويدل عليه قوله تعالى : (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضىٰ أَوْ عَلىٰ سَفَرٍ أَوْ جٰاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغٰائِطِ أَوْ لٰامَسْتُمُ النِّسٰاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مٰاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً) (١) ولأخبار منها : خبر داود الرقي : (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أكون في السفر فتحضر الصلاة وليس معي ماء ويقال إن الماء قريب منا أفأطلب الماء وأنا في وقت يمينا وشمالا؟ قال عليه‌السلام : لا تطلب الماء ولكن تيمم ، فإني أخاف عليك التخلف عن أصحابك فتضل ويأكلك السبع) (٢).

(٦) شرعا وهو مقدار غلوة سهم أو سهمين كما سيأتي إن شاء الله تعالى.

__________________

(١) المائدة الآية : ٦.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب التيمم حديث ١.

٣١٦

(أو عدم الوصلة إليه) (١) مع كونه موجودا. إما للعجز عن الحركة المحتاج إليها في تحصيله ، لكبر (٢) ، أو مرض ، أو ضعف قوة ، ولم يجد معاونا ولو بأجرة مقدورة ، أو لضيق الوقت (٣) بحيث لا يدرك منه معه بعد الطهارة ركعة أو لكونه

______________________________________________________

(١) وعدم الوصول إلى الماء إما لتوقف الماء على ثمن لشرائه ويتعذر عليه تحصيل الثمن فيتيمم بالاتفاق كما في التذكرة وإما لفقد الآلة التي يتوصل بها إليه كما إذا كان على شفير نهر أو بئر فيتيمم أيضا. ولصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن الرجل يمر بالركية وليس معه دلو؟ قال عليه‌السلام : ليس عليه أن يدخل الركية ، لأن رب الماء هو رب الأرض فليتيمم) (١) وصحيح ابن أبي يعفور وعنبسة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا أتيت البئر وأنت جنب فلم تجد دلوا ولا شيئا تغرف به فتيمم بالصعيد ، فإن رب الماء رب الصعيد ، ولا تقع في البئر ولا تفسد على القوم ماءهم) (٢).

وإما أن يكون عدم الوصول إلى الماء للعجز عن الحركة المحتاج إليها في تحصيله لكبر أو مرض أو ضعف قوة ولم يجد معاونا ولو بأجرة مقدورة فيتيمم لسقوط تكليف تحصيل الماء لأنه متعذر.

وإما أن يكون عدم الوصول إلى الماء لأن الماء موجود في محل يخاف من السعي إليه سواء كان الخوف على نفس أو عضو أو مال أو بضع أو عرض أو ذهاب عقل ولو كان الخوف بسبب الجبن فالتكليف بتحصيل الماء في هذه الحالات عسري أو حرجي فيسقط ويتيمم ، ويدل عليه خبر يعقوب بن سالم : (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل لا يكون معه ماء ، والماء عن يمين الطريق ويساره غلوتين أو نحو ذلك ، قال عليه‌السلام : لا آمره أن يغرّر بنفسه فيعرض له لص أو سبع) (٣).

(٢) تعليل للعجز عن الحركة.

(٣) لو كان الماء موجودا ولكن لا يمكن له استعماله لأنه لا يدرك الفريضة في وقتها ولو ركعة منها فإن من أدرك ركعة فقد أدرك الوقت كله كما سيأتي بيانه في مواقيت الصلاة ، فيتيمم كما عن العلامة في المنتهى والتذكرة وتبعه عليه جماعة بل عن الرياض أنه الأشهر.

وذهب المحقق في المعتبر والمحقق الثاني في جامعه والفاضل الهندي في كشفه وسيد المدارك إلى أن ضيق الوقت ليس من مسوغات التيمم ، لأن التيمم مشروط ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب التيمم حديث ١ و ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب التيمم حديث ٢.

٣١٧

في بئر بعيد القعر يتعذّر الوصول إليه بدون الآلة وهو عاجز عن تحصيلها ولو بعوض ، أو شق ثوب نفيس (١) ، أو إعارة ، أو لكونه (٢) موجودا في محل يخاف من السعي إليه على نفس ، أو طرف (٣) ، أو مال محترمة (٤) أو بضع أو عرض (٥) أو ذهاب عقل ولو بمجرد الجبن ، أو لوجوده بعوض يعجز عن بذله لعدم أو حاجة (٦) ولو في وقت مترقب.

ولا فرق في المال المخوف ذهابه والواجب بذله عوضا حيث يجب حفظ الأول (٧)

______________________________________________________

ـ بعدم وجدان الماء وهو واجد له بحسب الفرض فلا بد أن يتطهر ويصلي ولو كانت الصلاة قضاء في خارج الوقت.

(١) عطف على العوض ، والمعنى أنه عاجز عن تحصيل الآلة ولو كانت الآلة هي شق ثوبه النفيس أو إعارته.

(٢) أي لكون الماء.

(٣) المراد به عضو البدن.

(٤) وصف للمذكورات السابقة.

(٥) المراد بالأول هو الكناية عن التعرض للنساء بالفحشاء ، وبالثاني هو الكناية عما يمسّ كرامة الإنسان حسبا ونسبا ، فتحصيل الماء المستوجب لذلك فيه غضاضة وحزازة لا تتحمل.

(٦) بحيث هو يحتاج إلى العوض حالا أو في زمن مترقب فلا يجب بذله لشراء الماء ، نعم لو كان غير عاجز عن دفعه ولا محتاجا إليه فيجب عليه شراء الماء للوضوء لصحيح صفوان : (سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن رجل احتاج إلى الوضوء للصلاة وهو لا يقدر على الماء ، فوجد بقدر ما يتوضأ به بمائة درهم أو بألف درهم وهو واجد لها ، يشتري ويتوضأ أو يتيمم؟ قال عليه‌السلام : لا ، بل يشتري) (١).

(٧) فيسقط الوضوء مع الخوف على المال سواء كان المال قليلا أو كثيرا ، يضر بحاله أو لا ، وإليه ذهب العلامة في النهاية وتبعه الشهيد الثاني ويستدل له برواية يعقوب بن سالم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن الرجل لا يكون معه ماء ، والماء عن يمين الطريق ويساره غلوتين أو نحو ذلك ، قال عليه‌السلام : لا آمره أن يغرّر بنفسه فيعرض له لص أو ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب التيمم حديث ١.

٣١٨

وبذل الثاني (١) ـ بين القليل والكثير ، والفارق النص (٢) لا أن الحاصل بالأول (٣) العوض على الغاصب (٤) وهو منقطع ، وفي الثاني (٥) الثواب وهو دائم ، لتحقق الثواب فيهما (٦) مع بذلهما (٧) اختيارا طلبا للعبادة لو أبيح ذلك ، بل قد يجتمع ـ

______________________________________________________

سبع) (١) والظاهر أن الخوف من اللص بالنسبة للمال سواء كان قليلا أو كثيرا.

ويستشعر من كلام الذكرى عدم سقوط الوضوء إذا كان الخوف على المال القليل الذي لا يضرّ بحاله تمسكا بعمومات الوضوء.

(١) أي المال الواجب بذله عوضا فإن كان بثمن المثل وبزيادة يسيرة فلا خلاف على ما نقله العلامة في المنتهى ، وإن كان بزيادة كثيرة فذهب الأكثر إلى وجوب الشراء ما لم يتضرر لصحيح صفوان المتقدم (سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن رجل احتاج إلى الوضوء للصلاة وهو لا يقدر على الماء فوجد بقدر ما يتوضأ به بمائة درهم أو بألف درهم وهو واجد لها ، يشتري ويتوضأ أو يتيمم؟ فقال عليه‌السلام : لا ، بل يشتري) (٢).

وذهب ابن الجنيد إلى عدم وجوب بذله والانتقال إلى التيمم لأن زيادة الثمن ضرر وهو منفي ، وبأنه لو خاف لصا على ماله لساغ له التيمم ولو كان المال المخوف ذهابه بقدر هذه الزيادة.

وأجاب العلامة في المنتهى بأن بذل الزائد في قبال الثواب ليس ضررا ، بخلاف ما لو تركه للص فلا ثواب له ، وقال في الذكرى عن كلام ابن الجنيد أنه خيال ضعيف وإنما الفارق النص فيجب البذل مهما بلغ الثمن لصحيح صفوان المتقدم ويجب حفظ المال لرواية يعقوب بن سالم المتقدمة.

(٢) إشارة إلى جواب الذكرى.

(٣) المراد بالأول هو المال المخوف ذهابه.

(٤) أي ثبوت الضمان على الناصب مع أن الضمان أمر دنيوي منقطع فلذا جاز لصاحب المال حفظه وإنه استلزم ترك الوضوء.

(٥) أي المال الواجب بذله عوضا.

(٦) رد من الشارح على العلامة في جوابه المتقدم وحاصل الرد أن الثواب متحقق في كليهما لأن ترك المال وإن سرق طلبا للماء تقربا إلى الله موجب للثواب أيضا.

(٧) أي بذل المالين لأن ترك المال للص بذل له وأما في الصورة الثانية فواضح.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب التيمم حديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب التيمم حديث ١.

٣١٩

في الأول (١) العوض والثواب (٢) بخلاف الثاني (٣).

(أو الخوف من استعماله لمرض) (٤) حاصل يخاف زيادته ، أو بطؤه أو عسر علاجه ، أو متوقّع (٥) ، أو برد شديد يشقّ تحمله (٦) ، أو خوف عطش حاصل ، أو متوقّع (٧) في زمان لا يحصل فيه الماء عادة ، أو بقرائن الأحوال لنفس محترمة ولو حيوانا (٨).

______________________________________________________

(١) أي المال المخوف ذهابه.

(٢) أما العوض فلضمان اللص الغاصب وأما الثواب فللتقرب.

(٣) وهو المال الواجب بذله عوضا فلا عوض فيه لأنه ثمن في قبال الماء ، فلا يترتب إلا الثواب ، فلو كان المدار في جواز الوضوء هو الثواب على البذل لجاز الوضوء في الصورتين لتحقق الثواب فيهما بل لكان الثواب في المال المخوف ذهابه لأن فيه العوض.

(٤) بالاتفاق لقوله تعالى : (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضىٰ) ـ إلى قوله تعالى ـ (فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً) (١) وللأخبار الواردة في مشروعية التيمم لمجروح والمقروح والمكسور والمبطون ومن يخاف على نفسه البرد كصحيح البزنطي عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام (في الرجل تصيبه الجنابة وبه قروح أو جروح أو يكون يخاف على نفسه من البرد ، فقال عليه‌السلام : لا يغتسل ويتيمم) (٢) ومرسل ابن أبي عمير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (يؤمم المجدور والكسير إذا أصابتهما الجنابة) (٣) بالإضافة إلى أدلة نفي الضرر والحرج.

(٥) عطف على قوله : (لمرض حاصل).

(٦) لصحيح البزنطي المتقدم.

(٧) لصحيح ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في رجل أصابته جنابة في السفر وليس معه إلا ماء قليل ، ويخاف إن هو اغتسل أن يعطش ، قال : إن خاف عطشا فلا يهريق منه قطرة وليتيمم بالصعيد ، فإن الصعيد أحبّ إليّ) (٤) وصحيح الحلبي : (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : الجنب يكون معه الماء القليل فإن هو اغتسل به خاف العطش أيغتسل به أو يتيمم؟ فقال عليه‌السلام : بل يتيمم ، وكذلك إذا أراد الوضوء) (٥) ، ومثلها غيرها.

(٨) لإطلاق موثق سماعة قال : (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يكون معه الماء في ـ

__________________

(١) المائدة الآية : ٦.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب التيمم حديث ٧ و ١٠.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب التيمم حديث ١ و ٢.

٣٢٠