.................................................................................................
______________________________________________________
ـ ويستحب للمريض أن يحمد الله ويشكره في حال المرض كحال الصحة ، بل مرضه من أكبر النعم عليه ، ففي الخبر : (أنه تبسم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقيل له : ما لك يا رسول الله تبسمت؟ فقال : عجبت من المؤمن وجزعه من السقم ، ولو يعلم ما له في السقم من الثواب لأحبّ أن لا يزال سقيما حتى يلقى ربه (عزوجل)) (١) وفي ثان : (أنين المؤمن تسبيح ، وصياحه تهليل ، ونومه على الفراش عبادة ، وتقلبه من جنب إلى جنب جهاد في سبيل الله) (٢) وفي ثالث : (تتناثر الذنوب منه كورق الشجر) (٣) وفي رابع : (إذا مرض المؤمن أوحى الله تعالى إلى صاحب الشمال : لا تكتب على عبدي ما دام في حبسي ووثاقي ذنبا ، ويوحي إلى صاحب اليمين : أن أكتب لعبدي ما كنت تكتب له في صحته من الحسنات) (٤) وفي خامس : (إذا أحب الله عبدا نظر إليه ، فإذا نظر إليه أتحفه بواحدة من ثلاث : إما صداع وإما حمى وإما رمد) (٥).
بل يستحب له كتمان المرض وترك الشكاية ، ففي خبر بشير الدهان عن أبي عبد الله عليهالسلام : (قال الله (عزوجل) : أيما عبد ابتليته ببلية فكتم ذلك عواده ثلاثا ، أبدلته لحما خيرا من لحمه ، ودما خيرا من دمه وبشرا خيرا من بشره ، فإن أبقيته أبقيته ولا ذنب له ، وإن مات مات إلى رحمتي). (٦) وحمل على عدم الشكوى لا على كتمان المرض كما ورد في الخبر عن أبي عبد الله عليهالسلام حيث سئل عن حد الشكاية للمريض : (فقال : إن الرجل يقول : حممت اليوم وسهرت البارحة وقد صدق ، وليس هذه شكاة ، وإنما الشكوى أن يقول : لقد ابتليت بما لم يبتل به أحد ، ويقول : أصابني ما لم يصب أحد ، وليس الشكوى أن يقول : سهرت البارحة وحممت اليوم ونحو هذا) (٧).
ويستحب له إعلام إخوانه المؤمنين بالمرض ففي الخبر عن أبي عبد الله عليهالسلام : (ينبغي للمريض منكم أن يؤذن إخوانه بمرضه فيعودونه فيؤجر فيهم ، ويؤجرون فيه. قال : فقيل له : نعم فهم يؤجرون فيه بممشاهم إليه ، فكيف يؤجر فيهم؟ قال : فقال عليهالسلام : باكتسابه لهم الحسنات فيؤجر فيهم فيكتب له بذلك عشر حسنات ويرفع له عشر درجات ويمحى بها عنه عشر سيئات) (٨).
وأما الأمر الثاني فقد ذكر الماتن والشارح أكثره.
__________________
(١ و ٢ و ٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب الاحتضار حديث ١٩ و ١١ و ١٣ و ٧ و ١٢.
(٦) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب الاحتضار حديث ١.
(٧) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب الاحتضار حديث ١.
(٨) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب الاحتضار حديث ١.
الأول ـ (الاحتضار) (١) وهو السّوق ، أعاننا الله عليه ، وثبّتنا بالقول الثابت لديه. سمّي به لحضور الموت أو الملائكة الموكّلة به ، أو إخوانه وأهله عنده.
(ويحب) كفاية(توجيهه) (٢) أي المحتضر المدلول عليه بالمصدر(إلى القبلة) في المشهور بأن يجعل على ظهره ، ويجعل باطن قدميه إليها(بحيث لو جلس استقبل) ولا فرق في ذلك بين الصغير والكبير (٣) ، ولا يختص الوجوب
______________________________________________________
(١) وهو افتعال من الحضور ، والمراد به سوق الروح وإخراجها من البدن ، وسمي السوق بالاحتضار إما لحضور الملائكة عنده أو لحضور أمير المؤمنين عليهالسلام عنده فقد ورد في الخبر : (ما يموت شخص في شرق الأرض أو غربها إلا ويحضره أمير المؤمنين عليهالسلام فالمؤمن يراه حيث يحب والكافر حيث يكره) (١) أو لحضور المؤمنين عنده ليشيعوه ، أو لاستحضار عقله ما قبل الموت من أجل الوصية كما ورد في الحديث أو لحضور الموت عند المريض كما ذكره الشارح وجماعة.
(٢) بوضعه على وجه لو جلس كان وجهه إلى القبلة على المشهور ويدل عليه موثق معاوية بن عمار : (سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الميت؟ فقال : استقبل بباطن قدميه القبلة) (٢) ومرسل الصدوق عن أمير المؤمنين عليهالسلام : (دخل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على رجل من ولد عبد المطلب وهو في السوق ، وقد وجّه لغير القبلة ، فقال : وجّهوه إلى القبلة ، فإنكم إذا فعلتم ذلك أقبلت عليه الملائكة ، وأقبل الله (عزوجل) عليه بوجهه فلم يزل كذلك حتى يقبض) (٣) وخبر سليمان بن خالد : (سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : إذا مات لأحدكم ميت فسجوه تجاه القبلة ، وكذلك إذا غسّل يحفر له موضع المغتسل تجاه القبلة فيكون مستقبلا بباطن قدميه ووجهه إلى القبلة) (٤).
وذهب جماعة منهم السيد المرتضى والشيخ في الخلاف والنهاية والمحقق في المعتبر وجماعة من المتأخرين إلى الاستحباب استضعافا لهذه الأخبار ، فقال في المعتبر : «إن الأخبار المنقولة من أهل البيت عليهمالسلام ضعيفة السند لا تبلغ حد الوجوب» ، بل المرسل مشعر بالاستحباب للتعليل ، وفيه : إن التعليل لا يفيد دائما حمل الأمر على الاستحباب وضعف السند منجبر بكثرتها وعمل المشهور بها مع أن ظاهر الأمر الوجوب.
(٣) لإطلاق الأخبار المتقدمة كما لا فرق بين الرجل والمرأة ، نعم يشترط إسلامه لأن توجيهه إكرام له وتهيئة له للرحمة والكافر غير صالح لذلك.
__________________
(١) البحار ج ٦ ص ١٩١.
(٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٣٥ ـ من أبواب الاحتضار حديث ٤ و ٦ و ٢.
بوليّه (١) ، بل بمن علم باحتضاره (٢) وإن تأكّد فيه (٣) وفي الحاضرين (٤).
(ويستحب نقله إلى مصلاه) (٥) وهو ما كان أعده للصلاة فيه أو عليه (٦) ، إن تعسّر عليه الموت واشتدّ به النزع كما ورد به النص ، وقيّده به المصنف في غيره (٧) (وتلقينه الشهادتين والإقرار بالأئمة عليهمالسلام) (٨) والمراد بالتلقين
______________________________________________________
(١) ظاهر كلام العلامة في النهاية اختصاص التوجيه بالولي ، وفيه : أن الأخبار مطلقة بل مشعرة بأنه واجب كفاية على كل مسلم.
(٢) خصّه بالعلم لأنه شرط تنجز التكليف.
(٣) في وليه ، لأنه أولى به بعد موته.
(٤) لئلا يموت قبل التوجيه انتظارا بمن هو عالم وغائب.
(٥) وهو الموضع الذي كان يكثر الصلاة فيه ، أو كان قد أعدّه للصلاة ، ولكنه مخصوص بما إذا اشتد النزع لصحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام : (إذا عسر على الميت موته ونزعه قرّب إلى مصلاه الذي كان يصلي فيه) (١) ومضمرة زرارة : (إذا اشتد عليه النزع فضعه في مصلاه الذي كان يصلي فيه أو عليه) (٢) وخبر حريز : (كنا عند أبي عبد الله عليهالسلام فقال له رجل : إن أخي منذ ثلاثة أيام في النزع وقد اشتدّ عليه الأمر فادع له ، فقال : اللهم سهّل عليه سكرات الموت ثم أمره وقال : حوّلوا فراشه إلى مصلاه الذي كان يصلي فيه فإنه يخفف عليه إن كان في أجله تأخير ، وإن كانت منيته قد حضرت فإنه يسهل عليه) (٣).
فإطلاق استحباب نقله إلى مصلاه مطلقا كما عن المحقق والعلامة ليس في محله.
(٦) كسجادة كان يكثر الصلاة عليها ولم يتخذ موضعا خاصا ، فيستحب أن تبسط ويوضع عليها استنادا لمضمرة زرارة المتقدمة.
(٧) في غير هذا الكتاب.
(٨) بلا خلاف فيه للأخبار منها : صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام : (إذا حضرت الميت قبل أن يموت فلقنه شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله) (٤) وخبر أبي بصير عن أبي جعفر عليهالسلام : (أما إني لو أدركت عكرمة قبل أن تقع النفس موقعها لعلمته كلمات ينتفع بها ، ولكني أدركته وقد وقعت النفس موقعها ، قلت : جعلت فداك وما ذاك الكلام؟ قال : هو والله ما أنتم عليه ، فلقنوا موتاكم عند ـ
__________________
(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٤٠ ـ من أبواب الاحتضار حديث ١ و ٢ و ٦.
(٤) الوسائل الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب الاحتضار حديث ١.
التفهيم ، يقال «غلام لقن» أي سريع الفهم ، فيعتبر إفهامه ذلك (١) ، وينبغي للمريض متابعته (٢) باللسان والقلب ، فإن تعذّر اللسان اقتصر على القلب.
(وكلمات الفرج) (٣) وهي لا إله إلّا الله الحليم الكريم إلى قوله : وسلام
______________________________________________________
ـ الموت شهادة أن لا إله إلا الله والولاية) (١) ولعموم (ما أنتم عليه) يستحب تلقين سائر الاعتقادات الحقة ، وإن كان ذيله ظاهرا في كون المراد من لفظ (ما أنتم عليه) خصوص الولاية ، فإثبات غيرها يحتاج إلى دليل.
وخبر أبي خديجة عن أبي عبد الله عليهالسلام : (ما من أحد يحضره الموت إلا وكل به إبليس من شياطينه من يأمره بالكفر ويشككه في دينه حتى تخرج نفسه ، فمن كان مؤمنا لم يقدر عليه ، فإذا حضرتم موتاكم فلقنوهم شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ رسول الله حتى يموتوا) (٢) وفيه استحباب التكرار إلى حين الموت.
(١) بحيث يكون بلطف ومداراة.
(٢) لأن التلقين من أجل أن يقولها المحتضر ، ولذا ورد في خبر الحضرمي عن أبي عبد الله عليهالسلام : (والله لو أن عابد وثن وصف ما تصفون عند خروج نفسه ما طمعت النار من جسده شيئا أبدا) ().
وفي النبوي : «من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة» (٤).
(٣) للأخبار منها : خبر زرارة : (إذا أدركت الرجل عند النزع فلقنه كلمات الفرج : لا إله إلا الله الحليم الكريم لا إله إلا الله العلي العظيم سبحان الله رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع وما فيهن وما بينهن ورب العرش العظيم والحمد لله رب العالمين) (٥) وخبر الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام : (إن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم دخل على رجل من بني هاشم وهو يقضي ، فقال له رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : قل : لا إله إلا الله العلي العظيم ، لا إله إلا الله الحليم الكريم ، سبحان الله رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع وما بينهن وما تحتهن ورب العرش العظيم والحمد لله رب العالمين ، فقالها فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : الحمد لله الذي استنقذه من النار) (٦) وذكر المفيد وجمع من الأصحاب أنه يقول قبل التحميد : وسلام على المرسلين ، وأخبار كلمات الفرج لا تخلو عن اختلاف فالجمع بينها يقتضي التخيير بينها.
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ٣٧ ـ من أبواب الاحتضار حديث ٢ و ٤.
(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب الاحتضار حديث ٣.
(٤) الوسائل الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب الاحتضار حديث ٦.
(٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ٣٨ ـ من أبواب الاحتضار حديث ١.
على المرسلين والحمد لله ربّ العالمين وينبغي أن يجعل خاتمة تلقينه (لا إله إلّا الله) ، فمن كان آخر كلامه (لا إله إلا الله) دخل الجنة (١) (وقراءة القرآن عنده) (٢) قبل خروج روحه وبعده للبركة ، والاستدفاع (٣) خصوصا يس والصافات (٤) ،
______________________________________________________
(١) للنبوي المتقدم.
(٢) كما عن المعتبر والذكرى ويدل عليه ما في الفقه الرضوي : «فإذا حضر أحدكم الموت ، فاحضروا عنده بالقرآن وذكر الله والصلاة على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم» (١).
(٣) أي استدفاع الشياطين المضللين المشككين.
(٤) لخبر الجعفري : (رأيت أبا الحسن عليهالسلام يقول لابنه القاسم : قم يا بني فاقرأ عند رأس أخيك (الصَّافّٰاتِ صَفًّا) حتى تستتمها ، فقرأ فلما بلغ (أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمْ مَنْ خَلَقْنٰا) قضى الفتى ، فلما سجي وخرجوا أقبل عليه يعقوب بن جعفر فقال له : كنا نعهد الميت إذا نزل به الموت يقرأ عنده (يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ) فصرت تأمرنا ب (الصافات) فقال : يا بني لم تقرأ عند مكروب من موت قط إلا عجل الله راحته) (٢) ويستفاد منه استحباب قراءة يس أيضا.
وفي كشف اللثام : (روي أنه يقرأ عند النازع آية الكرسي وآيتان بعدها ، ثم آية السخرة : (إِنَّ رَبَّكُمُ اللّٰهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمٰاوٰاتِ) إلى آخرها (٣) ، ثم ثلاث آيات من البقرة : (لِلّٰهِ مٰا فِي السَّمٰاوٰاتِ وَمٰا فِي الْأَرْضِ) إلى آخرها (٤) ثم يقرأ سورة الأحزاب) (٥). وعنه أيضا : (من قرأ سورة يس وهو في سكرات الموت أو قرأت عنده جاء رضوان خازن الجنة بشربة من شراب الجنة فسقاها إياه وهو على فراشه فيشرب فيموت ريّان ويبعث ريّان ولا يحتاج إلى حوض من حياض الأنبياء عليهمالسلام) (٦) وعنه أيضا : (أيّما مسلم قرأ عنده إذا نزل به ملك الموت سورة يس نزل بكل حرف منها عشرة أملاك يقومون بين يديه صفوفا يصلون عليه ويستغفرون له ويشهدون غسله ويتبعون جنازته ويصلون عليه ـ
__________________
(١) الفقه الرضوي الباب ـ ٢٤ ـ ص ١٨١ تحقيق مؤسسة آل البيت (عم) لإحياء التراث ـ الطبعة الأولى.
(٢) الوسائل الباب ـ ٤١ ـ من أبواب الاحتضار حديث ١.
(٣) الأعراف الآية : ٥٤.
(٤) آخر سورة البقرة.
(٥) مستدرك الوسائل الباب ـ ٣٩ ـ من أبواب الاحتضار حديث ٣٥.
(٦) مستدرك الوسائل الباب ـ ٤١ ـ من أبواب قراءة القرآن حديث ١.
قبله (١) لتعجيل راحته (٢). (والمصباح إن مات ليلا) في المشهور (٣) ، ولا شاهد له بخصوصه ، وروي ضعيفا دوام الإسراج (٤).
(ولتغمض عيناه) (٥) بعد موته معجّلا ، لئلا يقبح منظره (٦).
______________________________________________________
ـ ويشهدون دفنه) (١).
وفي النبوي : (من دخل المقابر فقرأ يس خفف الله عنهم يومئذ وكان له بعدد من فيها حسنات) (٢).
وقال في الجواهر : «ولم أقف على دليل خاص لما هو المتعارف في بلادنا وغيرها من القراءة على قبر الميت ثلاثة أيام بلياليها فصاعدا بغير فتور».
(١) قبل خروج الروح.
(٢) بالنسبة للصافات كما ورد في خبر الجعفري ، وبالنسبة ل (يس) كما ورد في خبري كشف اللثام.
(٣) استدل له بخبر عثمان بن عيسى عن عدة من أصحابنا : (لما قبض أبو جعفر عليهالسلام أمر أبو عبد الله عليهالسلام بالسراج في البيت الذي كان يسكنه حتى قبض أبو عبد الله عليهالسلام ، ثم أمر أبو الحسن عليهالسلام بمثل ذلك في بيت أبي عبد الله عليهالسلام حتى أخرج به إلى العراق ثم لا أدري ما كان) (٣).
وناقشهم المحقق الثاني بأن الحديث لا يدل على المدعى فلا يبقى إلا اشتهار الحكم وهو كاف في إثبات الحكم للتسامح في أدلة السنن.
(٤) في البيت الذي كان يسكنه الميت في حال الحياة ، لا الإسراج عند قبره.
(٥) بلا خلاف كما عن المنتهى لرواية أبي كهمش : (حضرت موت إسماعيل ، وأبو عبد الله عليهالسلام جالس عنده ، فلما حضره الموت شدّ لحييه وغمضه وغطى عليه الملحفة) (٤) وكما في الإرشاد للمفيد من قول الحسن لأخيه الحسين عليهماالسلام : (فإذا قضيت نحبي فغمضني وغسلني) (٥).
(٦) كذا ذكره البعض ولعدم دخول الهوام فيها.
__________________
(١) المصدر السابق.
(٢) الجواهر ج ٤ ص ٢٢.
(٣) الوسائل الباب ـ ٤٥ ـ من أبواب الاحتضار حديث ١.
(٤) الوسائل الباب ـ ٤٤ ـ من أبواب الاحتضار حديث ٣.
(٥) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب الدفن حديث ١٠.
(ويطبّق فوه) (١) كذلك ، وكذا يستحب شدّ لحييه بعصابة (٢) لئلا يسترخي (وتمدّ يداه إلى جنبيه) (٣) وساقاه إن كانتا منقبضتين ، ليكون أطوع للغسل وأسهل للدّرج في الكفن ، (ويغطّي بثوب) (٤) للتأسي ، ولما فيه من الستر والصيانة. (ويعجّل تجهيزه) (٥) فإنه من إكرامه (إلا مع الاشتباه) فلا يجوز التعجيل فضلا عن رجحانه (فيصبر عليه ثلاثة أيام) (٦)
______________________________________________________
(١) قال الشارح في الروض : «للاتفاق عليه ، ولئلا يقبح منظره بدونه ، ويدخل الهوام إلى بطنه».
(٢) لرواية أبي كهمش المتقدمة ، واستشكل بعضهم من أن الشدّ بالعصابة لم يذكر في الرواية إذ لعل المراد من (شدّ لحييه) الوارد في الخبر هو عين تطبيق الفم ، هذا ولكن قد لا يستطيع الحي إطباقه إلا بالشد فلذا قال في الجواهر : «ولعل مراد الجميع عند التأمل واحد».
(٣) بلا خلاف في استحبابه كما في الجواهر ، مع أن المحقق في المعتبر قال : (لم أعلم أن في ذلك نقلا عن أهل البيت عليهمالسلام ولعل ذلك ليكون أطوع للغاسل وأسهل للدرج في الكفن).
وبنفس هذا التعليل يستحب أيضا مدّ ساقيه إن كانتا منقبضتين.
(٤) للتأسي برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كما ورد في خبر الحارث بن يعلى بن مرة عن أبيه عن جده : (قبض رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فستر بثوب ، ورسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم خلف الثوب وعلي عليهالسلام عند طرف ثوبه) (١) وللتأسي بأبي عبد الله عليهالسلام لما سجّى ابنه إسماعيل كما تقدم في رواية أبي كهمش المتقدمة ، ولخبر سليمان بن خالد المتقدم : (إذا مات لأحدكم ميت فسجوه تجاه القبلة) ولخبر الجعفري المتقدم : (قضى الفتى فلما سجي وخرجوا).
(٥) بلا خلاف فيه ، لمرسل الفقيه : (كرامة الميت تعجيله) (٢) وخبر جابر عن أبي جعفر عليهالسلام : (قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : يا معشر الناس لا ألفين رجلا مات له ميت ليلا فانتظر به الصبح ، ولا رجلا مات له ميت نهارا فانتظر به الليل ، لا تنتظروا بموتاكم طلوع الشمس ولا غروبها ، عجّلوا بهم إلى مضاجعهم) (٣).
(٦) حتى يتيقن موته ، إلا أن التقييد بالثلاثة لما ورد في المصعوق والغريق ونحوهما ففي ـ
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ٤٤ ـ من أبواب الاحتضار حديث ٢.
(٢) الوسائل الباب ـ ٤٧ ـ من أبواب الاحتضار حديث ٧.
(٣) الوسائل الباب ـ ٤٧ ـ من أبواب الاحتضار حديث ١.
إلا أن يعلم قبلها لتغير وغيره من أمارات الموت (١) ، كانخساف صدغيه وميل أنفه ، وامتداد جلدة وجهه ، وانخلاع كفه من ذراعه ، واسترخاء قدميه ، وتقلّص أنثييه إلى فوق مع تدلّي الجلدة (٢) (ونحو ذلك) (٣).
(ويكره حضور الجنب والحائض عنده) (٤) لتأذي الملائكة بهما ، وغاية الكراهة تحقق الموت ، وانصراف الملائكة(وطرح حديد على بطنه) في المشهور (٥) ، ولا شاهد له من الأخبار ، ولا كراهة في وضع غيره للأصل ، وقيل يكره أيضا (٦).
______________________________________________________
ـ خبر هشام بن الحكم عن أبي الحسن عليهالسلام : (في المصعوق والغريق؟ قال : ينتظر به ثلاثة أيام إلا أن يتغير قبل ذلك) (١). وخبر إسماعيل بن عبد الخالق عن أبي عبد الله عليهالسلام : (خمس ينتظر بهم إلا أن يتغيروا : الغريق والمصعوق والمبطون والمهدوم والمدخن) (٢) ومثلها غيرها ، وهي تقتضي عموم الحكم لكل مشتبه ، وذكر ثلاثة أيام لأنها توجب العلم بالموت غالبا.
(١) ذكر في الجواهر أنه لم يذكر شيء منها في الأخبار ، وإنما هي مشهورة فالمدار على حصول العلم بالموت لا على مجرد حصول أمارات الموت.
(٢) أي جلدة الأنثيين.
(٣) كزوال النور من بياض العين وسوادها وزوال النبض وذهاب النّفس.
(٤) عند المحتضر لخبر يونس عن أبي عبد الله عليهالسلام : (لا تحضر الحائض الميت ، ولا الجنب عند التلقين) (٣) وفي علل الشرائع : (لا يحضر الحائض والجنب عند التلقين لأن الملائكة تتأذى بهما) (٤).
(٥) يكره طرح حديد على بطن الميت بعد موته ، وقال في التهذيب : «سمعناه مذاكرة من الشيوخ» ، وعن ابن الجنيد أنه يضع على بطن الميت شيئا يمنع من ربوها.
(٦) كما عن العلامة في المنتهى والتذكرة.
__________________
(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٤٨ ـ من أبواب الاحتضار حديث ١ و ٢.
(٣) الوسائل الباب ـ ٤٣ ـ من أبواب الاحتضار حديث ٢.
(٤) الوسائل الباب ـ ٤٣ ـ من أبواب الاحتضار حديث ٣.
(الثاني ـ الغسل)
(ويجب تغسيل كلّ) ميّت(مسلم (١) أو بحكمه) كالطفل والمجنون المتولّدين من مسلم (٢) ، ولقيط دار الإسلام ، أو دار الكفر وفيها مسلم يمكن تولّده منه (٣) ، والمسبي بيد المسلم على القول بتبعيته في الإسلام (٤) ، كما هو مختار المصنف وإن كان المسبي ولد زنا (٥) وفي المتخلّق من ماء الزاني المسلم
______________________________________________________
(١) لموثق سماعة عن أبي عبد الله عليهالسلام : (غسل الميت واجب) (١) ومضمر أبي خالد : (اغسل كل الموتى الغريق وأكيل السبع وكل شيء إلا ما قتل بين الصفين) (٢).
وذهب المفيد والشيخ في التهذيب والمحقق في المعتبر وابنا زهرة والبراج وسيد المدارك إلى عدم وجوب تغسيل العامي لأن المخالف كافر كما صرح بذلك في التهذيب والحدائق ، وفيه : ما تقدم أن الكافر هو المنكر لما ثبت من الدين ضرورة كمنكر ولاية أمير المؤمنين عليهالسلام.
ولا يجوز تغسيل الكافر أو من حكم بكفره كالغلاة والنواصب والخوارج لموثق عمار عن أبي عبد الله عليهالسلام : (سئل عن النصراني يكون في السفر وهو مع المسلمين فيموت ، قال عليهالسلام : لا يغسله مسلم ولا كرامة ولا يدفنه ولا يقوم على قبره وإن كان أباه) (٣).
(٢) فحكمهما حكم المسلم بالتبعية للسيرة القطعية ، ويدل عليه في الصبي خبر أبي النمير مولى الحارث بن المغيرة : (قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : حدثني عن الصبي الى كم تغسله النساء؟ فقال عليهالسلام : إلى ثلاث سنين) (٤).
(٣) لأن الأصل وجوب تغسيل كل ميت ما لم يخرج بالدليل أنه كافر ، ومع احتمال تولده من مسلم فيجب تغسيله لعدم القطع بخروجه.
(٤) على المشهور ، وليس لهم دليل ظاهر كما في المستمسك ، بل الاستصحاب يقتضي خلاف ذلك.
(٥) إن وصلية.
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب غسل الميت حديث ١.
(٢) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب غسل الميت حديث ٣.
(٣) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من أبواب غسل الميت حديث ١.
(٤) الوسائل الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب غسل الميت حديث ١.
نظر من انتفاء التبعية شرعا (١) ، ومن تولده منه حقيقة (٢) وكونه ولدا لغة فيتبعه في الإسلام (٣) كما يحرم نكاحه.
ويستثنى من المسلم من حكم بكفره من الفرق كالخارجيّ والناصبي والمجسم ، وإنما ترك استثناءه لخروجه عن الإسلام حقيقة وإن أطلق عليه ظاهرا.
ويدخل في حكم المسلم الطفل (ولو سقطا إذا كان له أربعة أشهر) (٤) ولو كان دونها لفّ في خرقة (٥) ودفن بغير غسل (٦) (بالسّدر) (٧) أي بماء مصاحب
______________________________________________________
(١) دليل لعدم الإلحاق.
(٢) لأنه من مائه.
(٣) بحيث إذا كان ولده حقيقة فنثبت له جميع الأحكام عدا ما خرج بالدليل الشرعي من انتفاء الميراث والبنوة ، والباقي على ما هو عليه ول ذا يحرم على الزاني نكاحه لو كان بنتا.
(٤) لخبر زرارة عن أبي عبد الله عليهالسلام : (السقط إذا تمّ له أربعة أشهر غسّل) (١).
(٥) ففي المعتبر نسبته إلى العلماء ، وفي الحدائق إلى الأصحاب ، وقال في المعتبر : (لم أقف على مستنده).
(٦) لخبر محمد بن الفضيل : (كتبت إلى أبي جعفر عليهالسلام أسأله عن السقط كيف يصنع به؟ فكتب إليّ : السقط يدفن بدمه في موضعه) (٢).
(٧) يجب تغسيله بثلاثة أغسال للأخبار منها : صحيح ابن مسكان عن أبي عبد الله عليهالسلام : (سألته عن غسل الميت؟ فقال عليهالسلام : اغسله بماء وسدر ، ثم اغسله على أثر ذلك غسلة أخرى بماء وكافور وذريرة إن كانت ، واغسله الثالثة بماء قراح ، قلت : ثلاث غسلات لجسده كله ، قال عليهالسلام : نعم) (٣).
وخالف سلار فاعتبر وجوب غسل واحد بالقراح لخبر محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليهالسلام : (غسل الميت مثل غسل الجنب) (٤) وخبر زرارة : (قلت لأبي جعفر عليهالسلام : ـ
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب غسل الميت حديث ٤.
(٢) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب غسل الميت حديث ٥.
(٣) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب غسل الميت حديث ١.
(٤) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب غسل الميت حديث ١.
لشيء من السدر. وأقله ما يطلق عليه اسمه (١) ، وأكثره أن لا يخرج به (٢) الماء عن الإطلاق (٣) ، في الغسلة الأولى (ثم) بماء مصاحب لشيء من(الكافور) كذلك (٤)
______________________________________________________
ـ ميت مات وهو جنب كيف يغسل ، وما يجزيه من الماء؟ قال عليهالسلام : يغسل غسلا واحدا يجزي ذلك للجنابة ولغسل الميت) (١) وفيه : إن الأول وارد مورد التشبيه للكيفية ، والثاني في مقام التداخل بين السببين من الموت والجنابة. ويعتبر في الغسل الأول خلط الماء بقليل من السدر ، وفي الثاني بقليل من الكافور كما هو المشهور ويدل عليه صحيح ابن مسكان المتقدم ، وصحيح يعقوب بن يقطين عن العبد الصالح عليهالسلام : (إلى أن قال ـ ثم يفاض عليه الماء ثلاث مرات ـ إلى أن قال ـ ويجعل في الماء شيء من السدر وشيء من كافور) (٢).
وعن ابني حمزة وسعيد نفي اعتبار الخليطين السدر والكافور لإطلاق ما دل على أنه كغسل الجنابة وهو ضعيف لأنك عرفت وروده مورد التشبيه للكيفية.
ويجب أيضا الترتيب بماء السدر ثم بماء الكافور ثم بالماء القراح على المشهور ويقتضيه النصوص المتقدمة ، وعن ابن حمزة نفي اعتبار الترتيب لإطلاق خبر الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام : (يغسل الميت ثلاث غسلات ، مرة بالسدر ومرة بالماء يطرح فيه الكافور ومرة أخرى بالماء القراح) (٣) وفيه لو سلم إطلاقه فهو مقيد بالنصوص المتقدمة.
(١) بحيث يصدق ماء ومعه شيء من السدر لصحيح ابن مسكان المتقدم وغيره ، وفي الشرائع : «قيل : مقدار السدر سبع ورقات» وفي الجواهر : «لم نعرف قائله ولا من نسب إليه».
(٢) أي بالسدر.
(٣) فظاهر النصوص المتقدمة اعتبار صدق الماء حقيقة حين الغسل ، وعن المفيد تقدير السدر برطل وعن البر ابن البراج تقديره رطل ونصف.
(٤) أي أقله ما يطلق عليه ماء معه شيء من الكافور وأكثره ما لا يخرج به عن الإطلاق ، وعن الصدوق والمفيد تقديره بنصف مثقال ، وقال البعض : (لم نقف له على وجه) ـ
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ٣١ ـ من أبواب غسل الميت حديث ١.
(٢) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب غسل الميت حديث ٧.
(٣) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب غسل الميت حديث ٤.
(ثم) يغسل ثالثا بالماء(القراح) (١) وهو المطلق الخالص من الخليط ، بمعنى كونه غير معتبر فيه (٢) لا أن سلبه عنه معتبر (٣) وإنما المعتبر كونه ماء مطلقا (٤).
وكلّ واحد من هذه الأغسال (كالجنابة) يبدأ بغسل رأسه ورقبته أولا ، ثم بميامنه ، ثم مياسره (٥) ، أو يغمسه في الماء دفعة واحدة عرفية (٦) ، (مقترنا) في
______________________________________________________
ـ نعم في موثق عمار تقديره : (بنصف حبة) (١) وفي المرسل عن يونس : (حبات كافور) (٢) وفي رواية المغيرة عن أبي عبد الله عليهالسلام : (غسل علي بن أبي طالب عليهالسلام رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بدأه بالسدر والثانية ثلاثة مثاقيل من كافور) (٣) ولم يعرف القول بالجميع من أحد.
(١) بفتح القاف وهو الذي لا يشوبه شيء ، وعن السرائر اشتراط عدم شوبه بشيء حتى التراب ، ولا وجه له إلا التمسك بلفظ القراح ، وعن جماعة أن المراد بالقراح هو خلوه من السدر والكافور وإن كان مخلوطا بقليل من التراب وذلك للمقابلة بينه وبين ماء السدر والكافور في الأخبار.
(٢) أي بمعنى كون الخليط غير معتبر في الماء القراح.
(٣) أي لا أن سلب الماء القراح عن الماء الخليط معتبر في وصفه بالقراح.
(٤) والماء المطلق لا يضره القليل من التراب.
(٥) بلا خلاف للأخبار.
منها : موثق عمار عن أبي عبد الله عليهالسلام : (ثم تبدأ فتغسل الرأس واللحية بسدر حتى تنقيه ثم تبدأ بشقه الأيمن ثم بشقه الأيسر إلى أن قال ـ يجعل في الجرة من الكافور نصف حبة ثم يغسل رأسه ولحيته ثم شقه الأيمن ثم شقه الأيسر) (٤).
(٦) كما عليه العلامة وولده والشهيدان باعتبار الإطلاق في خبر محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليهالسلام : (غسل الميت مثل غسل الجنب) (٥) ، والإطلاق أعم من الترتيبي والارتماسي ، وعن العلامة في التذكرة الإشكال فيه ، بل عن جماعة منهم صاحب الجواهر وكاشف اللثام عدم الجواز لأن نصوص الترتيب حاكمة ومخصصة لهذا الإطلاق.
__________________
(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب غسل الميت حديث ١٠ و ٣ و ١١.
(٤) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب غسل الميت حديث ١٠.
(٥) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب غسل الميت حديث ١.
أوله (بالنية) (١) وظاهر العبارة ـ وهو الذي صرح به في غيره ـ الاكتفاء بنية واحدة للأغسال الثلاثة (٢) ، والأجود التعدّد بتعددها (٣).
ثم إن اتحد الغاسل تولى هو النية (٤) ، ولا تجزي من غيره ، وإن تعدّد واشتركوا في الصبّ نووا جميعا (٥) ، ولو كان البعض يصبّ والآخر يقلّب نوى الصابّ لأنه الغاسل حقيقة ، واستحب من الآخر ، واكتفى المصنف في الذكرى بها منه أيضا (٦). ولو ترتبوا ـ بأن غسل كلّ واحد منهم بعضا ـ اعتبرت (٧) من كل واحد عند ابتداء فعله.
(والأولى بميراثه أولى بأحكامه) (٨) ، بمعنى أن الوارث أولى ممن ليس
______________________________________________________
(١) اشتراط النية فيه على المشهور وعن الخلاف الإجماع عليه ، واستدل له : (لا عمل إلا بنية) (١) (وإنما الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى) (٢) وهو لا يدل على اشتراط التقرب في خصوص غسل الميت ، فالعمدة هو الإجماع أو السيرة العملية ، وعن السيد المرتضى والعلامة في المنتهى عدم الاشتراط لأن الغسل تطهير للميت من نجاسة الموت فيكون توصليا كغسل الثوب.
(٢) أما ظاهر العبارة ذلك حيث اكتفى بالنية ولم يشر إلى تعددها ، كظاهر كلام جماعة آخرين من الاكتفاء بنية واحدة لظهور الأدلة في كون الأغسال عملا واحدا يعبر عنه بغسل الميت فيحتاج إلى نية واحدة.
وذهب الشهيد الثاني وسيد الرياض وجماعة إلى وجوب تعدد النية لوضوح أن كل غسل عمل مستقل ، وهو الأحوط.
(٣) أي بتعدد الأغسال.
(٤) لعدم صدق المغسل على غيره كما هو واضح.
(٥) لأنهم بمنزلة المغسّل الواحد.
(٦) أي الاكتفاء بنية المقلّب لأن الصاب كالآلة وهو ضعيف لعدم صدق المغسّل عليه.
(٧) أي النية لوضوح أن كل واحد عليه نية الفعل الذي يصدر منه.
(٨) أي أن أولى الناس بميراث الميت أولى بأحكامه من غسل وتحنيط وتكفين وصلاة ودفن وغيرها بلا خلاف فيه ، للأخبار منها : خبر غياث بن إبراهيم عن الصادق عن آبائه عليهمالسلام عن أمير المؤمنين عليهالسلام : (يغسل الميت أولى الناس به) (٣) ومرسل ابن ـ
__________________
(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب مقدمة العبادات حديث ١ و ١٠.
(٣) الوسائل الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب غسل الميت حديث ١.
بوارث وإن كان قريبا (١) ، ثم إن اتحد الوارث اختص ، وإن تعدّد فالذكر أولى (٢) من الأنثى ، والمكلف من غيره (٣) ، والأب من الولد (٤) والجد (٥). (والزوج أولى) بزوجته (مطلقا) (٦) في جميع أحكام الميت ، ولا فرق بين الدائم والمنقطع (٧).
(ويجب المساواة) بين الغاسل والميت(في الرّجولية والأنوثية) (٨) فإذا كان
______________________________________________________
ـ أبي عمير : (يصلي على الجنازة أولى الناس بها أو يأمر من يحب) (١) وخبر السكوني : (إذا حضر سلطان من سلطان الله جنازة فهو أحق بالصلاة عليها إن قدمه وليّ الميت وإلا فهو غاصب) (٢).
(١) كالأخ بالنسبة للابن فالثاني أولى.
(٢) بلا خلاف ، وقال في المدارك : «جزم بهذا التعميم المتأخرون» ، وقال المحقق الخونساري في حاشيته على الروضة : «ومستنده غير ظاهر» وقيل : إن الأولوية للذكر هنا ناشئة من كثرة نصيبه.
(٣) لأن غير البالغ أو المجنون لا ولاية له على نفسه فعلى غيره من باب أولى.
(٤) قال في المدارك إنه : «مذهب الأصحاب لا أعلم فيه مخالفا».
(٥) لأنه أولى من الجد بالميراث.
(٦) سواء كان غسلا أم لا ، ويدل عليه خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام : (عن المرأة تموت من أحق أن يصلي عليها؟ قال عليهالسلام : الزوج ، قلت : الزوج أحق من الأب والأخ والولد؟ قال عليهالسلام : نعم) (٣) وخبر إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليهالسلام : (والزوج أحق بامرأته حتى يضعها في قبرها) (٤).
(٧) وكذا لا فرق بين كونها حرة أو أمة لإطلاق الأخبار المتقدمة.
(٨) بلا خلاف ويدل عليه جملة من النصوص منها : صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام : (عن المرأة تموت في السفر وليس معها ذو محرم ولا نساء ، قال عليهالسلام : تدفن كما هي بثيابها ، وعن الرجل يموت وليس معه إلا النساء ليس معهن رجال قال عليهالسلام : يدفن كما هو بثيابه) (٥) وصحيح عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله ـ
__________________
(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب صلاة الجنازة حديث ١ و ٤.
(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب صلاة الجنازة حديث ١ و ٣.
(٥) الوسائل الباب ـ ٢١ ـ من أبواب غسل الميت حديث ١ و ٣.
الولي مخالفا للميت أذن للمماثل (١) لا أن ولايته تسقط ، إذ لا منافاة بين الأولوية وعدم المباشرة. وقيّد بالرجولية لئلا يخرج (٢) تغسيل كلّ من الرجل والمرأة ابن ثلاث سنين وبنته (٣) ، لانتفاء وصف الرّجولية في المغسّل الصغير ، ومع ذلك لا يخلو من القصور (٤) كما لا يخفى.
وإنما يعتبر المماثلة(في غير الزوجين) فيجوز لكل منهما تغسيل صاحبه اختيارا (٥)،
______________________________________________________
ـ عليهالسلام : (سألته عن امرأة ماتت مع رجال؟ قال عليهالسلام : تلف وتدفن ولا تغسّل) (١) ويستثنى من ذلك موارد سيأتي البحث فيها إن شاء الله تعالى.
(١) جمعا بين ما دل على أن أحكام الميت للولي مع ما دل على اشتراط المماثلة.
(٢) لا ضير فيه لأنه سينص على إخراجه فيما بعد.
(٣) فيجوز للرجل تغسيل البنت والمرأة تغسيل الصبي إذا لم يتجاوزا ثلاث سنين ، ويدل عليه خبر أبي النمير مولى الحارث بن المغيرة المتقدم : (قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : حدثني عن الصبي إلى كم تغسله النساء؟ فقال عليهالسلام : إلى ثلاث سنين) (٢).
(٤) اعلم أن المصنف اشترط الرجولية والأنوثية ، وغيره اشترط الذكورية والأنوثية ، فقيد الرجولية وإن أخرج المغسّل الصغير بخلاف قيد الذكورية ، إلا أن قيد الأنوثية الموجود في كلا التعريفين لا يخرج المغسّلة الصغيرة ، فكل من التعريفين غير دقيق.
(٥) بلا خلاف فيه للأخبار منها : صحيح عبد الله بن سنان : (سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الرجل أيصلح له أن ينظر إلى امرأته حين تموت ، أو يغسلها إن لم يكن عنده من يغسلها؟ وعن المرأة هل تنظر إلى مثل ذلك من زوجها حين يموت؟ فقال عليهالسلام : لا بأس بذلك ، إنما يفعل ذلك أهل المرأة كراهية أن ينظر زوجها إلى شيء يكرهونه منها) (٣) والمشهور على أن الحكم حتى مع وجود المماثل لخبر محمد بن مسلم : (سألته عن الرجل يغسل امرأته؟ قال عليهالسلام : نعم ، إنما يمنعها أهلها تعصبا) (٤).
وعن الشيخ في التهذيب وابن زهرة وجماعة اشتراط فقد المماثل لخبر أبي حمزة عن أبي ـ
__________________
(١) المصدر السابق.
(٢) الوسائل الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب غسل الميت حديث ١.
(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب غسل الميت حديث ١ و ٤.
فالزوج بالولاية (١) ، والزوجة معها (٢) أو بإذن الولي (٣) والمشهور أنه من وراء الثياب (٤) وإن جاز النظر (٥) ويغتفر العصر هنا (٦) في الثوب كما يغتفر في الخرقة الساترة للعورة مطلقا (٧) ، إجراء لهما مجرى ما لا يمكن عصره.
ولا فرق في الزوجة بين الحرّة والأمة ، والمدخول بها وغيرها (٨) ،
______________________________________________________
ـ جعفر عليهالسلام : (لا يغسل الرجل المرأة إلا أن لا توجد امرأة) (١) وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام : (يغسل الزوج امرأته في السفر والمرأة زوجها في السفر إذا لم يكن معهم رجل) (٢) وهي لا تقاوم الأخبار الدالة على الجواز مطلقا.
(١) كما عرفت.
(٢) أي مع الولاية إذا انحصر الإرث بها.
(٣) عند وجود وارث غيرها وكان ذكرا فهو المقدّم لما تقدم من تقديم الذكور على الإناث.
(٤) لصحيح ابن مسلم : (في الرجل يغسل امرأته؟ قال عليهالسلام : نعم ، من وراء الثياب) (٣) وخبر الحلبي : (وفي المرأة إذا ماتت يدخل زوجها يده تحت قميصها فيغسلها) (٤) وخبر عبد الرحمن : (سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الرجل يموت وليس عنده من يغسله إلا النساء ، هل تغسله النساء؟ فقال عليهالسلام : تغسله امرأته وذات محرمه ، وتصب عليه النساء الماء صبا من فوق الثياب) (٥) ومثلها غيرها. وعن الأشهر كما في الرياض أنه يصح مع التجرد ويدل عليه صحيح منصور : (سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الرجل يخرج في السفر ومعه امرأته ، أيغسلها؟ قال عليهالسلام : نعم ، وأمه وأخته ونحو هذا يلقي على عورتها خرقة) (٦) وصحيح ابن سنان المتقدم.
(٥) للاستصحاب ولإطلاق خبر ابن سنان المتقدم.
(٦) في غسل أحد الزوجين الآخر من وراء الثوب.
(٧) سواء تماثل الغاسل والمغسول أم لا ، وذلك لأن الثوب والخرقة قد تنجسا بمباشرة بدن الميت ، وظاهر النصوص عدم التعرض للعصر وهذا دال على أنهما يطهران عند تمامية غسل الميت من دون العصر إجراء لهما مجرى ما لا يمكن عصره.
(٨) كل ذلك لإطلاق الأخبار المتقدمة.
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب غسل الميت حديث ١٠.
(٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب غسل الميت حديث ٢ و ٣.
(٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب غسل الميت حديث ٤ و ١.
والمطلّقة رجعية زوجة (١) ، بخلاف البائن (٢). ولا يقدح انقضاء العدة في جواز التغسيل عندنا (٣) ، بل لو تزوّجت جاز لها تغسيله وإن بعد الفرض ، وكذا يجوز للرّجل تغسيل مملوكته (٤) غير المزوّجة وإن كانت أم ولد ، دون المكاتبة وإن كانت مشروطة ، دون العكس(٥)
______________________________________________________
(١) لأن زوجها أحق بها من غيره ما دامت في العدة.
(٢) فإنها أجنبية قطعا.
(٣) قد تقدم أن المطلقة الرجعية بحكم الزوجة فلو مات الزوج في أثناء عدتها فعدة الطلاق تنهدم ولا عبرة بها لأنه عليها عدة الوفاة ، فلو انقضت عدة الوفاة ولم يغسّل الزوج سواء تزوجت بغيره بعد الانقضاء أم لا فهل يجوز لها تغسيله؟
ذكر الشهيد في الذكرى ومثله في جامع المقاصد من جواز التغسيل لها بعد انقضاء العدة ، بل نسب الحكم إلى الجميع كما عبّر بذلك الشارح هنا ، خلافا لبعض العامة حيث منع من تغسيلها بعد انقضاء عدتها ومال إليه بعض المتأخرين لأنها بحكم الأجنبية بعد عدة الوفاة.
وردّ بأنها لو كانت أجنبية بعد انقضاء عدة الوفاة لكانت الزوجة كذلك مع أن اسم الزوجة متحقق عليها ولو بعد انقضاء عدة الوفاة ، غايته الفرض بعيد وقد قال في الجواهر : «تعارف في عصرنا إبقاء الميت مدة طويلة جدا بسبب إرادة دفنه في أحد المشاهد» وأيضا يمكن فرضه فيما لو دفن الميت بغير غسل ثم أخرج الميت من قبره لغرض الشهادة عليه أو أخرجه السيل ولم يتغير ولم يتلاش فيجب حينئذ تغسيله وقد كانت زوجته أو مطلقته قد تزوجت بعد انقضاء عدتها ، ويمكن فرضه على مذهب ابن أبي عقيل من أن عدة الوفاة تنقضي بالوضع بالنسبة للحامل ، فلو كانت زوجته أو مطلقته حاملا وقد وضعت بعد موته بلحظة فقد انقضت عدتها فلو تزوجت قبل تغسيله لم يمنع ذلك من تغسيلها له.
(٤) المورد الثاني من موارد استثناء وجوب المماثلة بين الغاسل والميت ، فيجوز للمولى تغسيل مملوكته لأنه يجوز له وطؤها فيجوز له تغسيلها ، سواء كان قد وطأها أم لا ، وسواء كانت أم ولد أم لا ، بشرط أن لا تكون مزوجة ولا في عدة الغير ، لأنها حينئذ زوجة لغير المولى فزوجها أحق بها ، وبشرط أن لا تكون مكاتبة مشروطة أو مطلقة وبشرط أن لا يكون بعضها معتقا لأنه لا يجوز له وطؤها في حياتها فلا يجوز له الغسل بعد وفاتها.
(٥) أي تغسيل المملوكة لمولاها ، فإن كانت أم ولد فقد منع من الجواز سيد المدارك ـ
لزوال ملكه عنها (١) ، نعم لو كانت أمّ ولد غير منكوحة لغيره عند الموت جاز (٢).
(ومع التعذّر) للمساوي في الذكورة والأنوثة(فالمحرم) (٣) وهو من يحرم
______________________________________________________
ـ وجماعة لارتفاع الملك بالموت ، لأنها تصير حرة من نصيب ولدها ، وغيرهم ذهب إلى الجواز لخبر إسحاق بن عمار عن جعفر عن أبيه عليهماالسلام : (إن علي بن الحسين عليهالسلام أوصى أن تغسله أم ولد له إذا مات فغسلته) (١). وهو معارض بما دل على أن الصدّيق لا يغسله إلا صدّيق مثله (٢) مع ما في الفقه الرضوي : (نروي أن علي بن الحسين عليهالسلام لما مات قال أبو جعفر عليهالسلام : لقد كنت أكره أن أنظر إلى عورتك في حياتك فما أنا بالذي أنظر إليها بعد موتك ، فأدخل يده وغسل جسده ثم دعا أم ولد له فأدخلت يدها فغسلت) الحديث ؛ (٣) فلا بد من حمل هذه الأخبار على مساعدتها للإمام الباقر عليهالسلام في الغسل.
وإن كانت غير أم ولد فقد ذهب جماعة منهم سيد المدارك إلى المنع لارتفاع الملك بالانتقال إلى الوارث ، وجماعة منهم العلامة إلى الجواز لاستصحاب إباحة اللمس والنظر.
(١) تعليل لعدم جواز تغسيل المملوكة لمولاها لانتقالها إلى الوارث بالموت.
(٢) تخصيص الحكم بأم الولد للرواية المتقدمة وإلا فقد عرفت بحسب القواعد خروجها عن ملكه بموته.
(٣) هذا المورد الثالث المستثنى من المساواة ، وهو المحارم بنسب أو رضاع بلا خلاف فيه ويدل عليه أخبار منها : خبر عبد الرحمن بن عبد الله عن أبي عبد الله عليهالسلام : (سألته عن الرجل يموت وليس عنده من يغسله إلا النساء ، هل تغسله النساء؟ فقال : تغسله امرأته أو ذات محرمه ، وتصب عليه النساء الماء صبا من فوق الثياب) (٤).
وذهب جماعة منهم العلامة في المنتهى والفاضل الهندي في كشفه إلى عدم اشتراط فقدان المماثل لإطلاق صحيح منصور بن حازم : (سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الرجل يخرج في السفر ومعه امرأته أيغسلها؟ قال عليهالسلام : نعم ، وأمه وأخته ونحو هذا يلقي ـ
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب غسل الميت حديث ١.
(٢) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب غسل الميت حديث ٦.
(٣) مستدرك الوسائل الباب ـ ٢٢ ـ من أبواب غسل الميت حديث ١.
(٤) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب غسل الميت حديث ٤ و ١ و ٦.
نكاحه مؤبّدا بنسب أو رضاع أو مصاهرة ، يغسّل محرمه الذي يزيد سنّه عن ثلاث سنين(من وراء الثوب (١) ، فإنّ تعذّر) المحرم والمماثل (فالكافر) (٢) يغسّل المسلم والكافرة تغسّل المسلمة بتعليم المسلم على المشهور. والمراد هنا
______________________________________________________
ـ على عورتها خرقة). (١)
ومستند المشهور باشتراط المماثل خبر عبد الله بن سنان : (سمعت أبا عبد الله عليهالسلام : يقول : إذا مات الرجل مع النساء غسلته امرأته ، وإن لم تكن امرأته معه غسلته أولاهنّ به وتلف على يدها خرقة) (٢) فإذا كانت الزوجة مقدمة على النساء فالمماثل الذكر أولى بالتقديم ، لأن المماثل الذكر يجوز له تغسيله من غير خلاف وبدون اشتراط بخلاف الزوجة فتغسيلها له مما قد وقع الخلاف فيه بالنسبة لاشتراط فقد المماثل وعدمه وهو مشروط بكونه من وراء الثياب على قول.
(١) كما عليه المشهور ويدل عليه أخبار منها : خبر عبد الرحمن المتقدم ، وعن جماعة منهم ابن زهرة وأبو الصلاح والشهيد في الذكرى الاستحباب لصحيح منصور بن حازم المتقدم : (نعم ، وأمه وأخته ونحو هذا يلقي على عورتها خرقة).
(٢) فيأمر المسلم الكتابية بأن تغتسل أولا ثم تغسل المسلمة ثانيا ، وكذلك بالنسبة للكتابي إذا أراد أن يغسل المسلم على المشهور لموثق عمار عن أبي عبد الله عليهالسلام : (فإن مات رجل مسلم وليس معه رجل مسلم ولا امرأة مسلمة من ذوي قرابته ومعه رجال نصارى ونساء مسلمات ليس بينه وبينهن قرابة؟ قال عليهالسلام : يغتسل النصارى ثم يغسلونه فقد أضطر ، وعن المرأة المسلمة تموت وليس معها امرأة مسلمة ولا رجل مسلم من ذوي قرابتها ومعها نصرانية ورجال مسلمون وليس بينها وبينهم قرابة؟ قال عليهالسلام : تغتسل النصرانية ثم تغسلها) (٣) وخبر عمرو بن خالد عن زيد بن علي عن آبائه عن علي عليهالسلام : (أتى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم نفر فقالوا : إن امرأة توفيت معنا وليس معها ذو محرم ، فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : كيف صنعتم؟ فقالوا : صببنا عليها الماء صبّا ، فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : أما وجدتم امرأة من أهل الكتاب تغسلها؟ قالوا : لا ، قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : أفلا يممتموها) (٤).
وذهب المحقق في المعتبر وجماعة إلى سقوط الغسل لأن غسل الميت مفتقر إلى النية ، وهي لا تصح من الكافر ، مع أن الخبر الأول ضعيف لأن رواته فطحية خصوصا عمار ـ
__________________
(١ ـ ٢) المصدر السابق.
(٣) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب غسل الميت حديث ١.
(٤) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب غسل الميت حديث ٢.
صورة الغسل ولا يعتبر فيه النية ، ويمكن اعتبار نية الكافر كما يعتبر نيته في العتق. ونفاه المحقق في المعتبر لضعف المستند وكونه ليس بغسل حقيقي لعدم النية. وعذره (١) واضح (٢).
(ويجوز تغسيل الرجل ابنة ثلاث سنين مجردة وكذا المرأة) يجوز لها تغسيل ابن ثلاث مجردا وإن وجد المماثل (٣) ،
______________________________________________________
ـ الساباطي بالإضافة إلى أن الكافر نجس في المشهور فكيف يفيد غيره الطهارة وردّ بأن الأخبار وإن كانت ضعيفة إلا أنها منجبرة بعمل الأصحاب ، والنية لا لزوم لها هنا لأن المراد هو الغسل الصوري ، أو يقال بالاكتفاء بها هنا كالاكتفاء بها في العتق إذا صدرت من الكافر ، أو يتولى المسلم الآمر النية عن الكافر فيكون الكافر كالآلة كما احتمله كشف اللثام ، وأما نجاسة الكافر فلا تضر لإلزامه عدم مس بدن الميت إن أمكن وإلا يكون قد تحقق تطهير الميت من الحدث وإن تنجس بالخبث.
(١) أي عذر المحقق.
(٢) لقوة أدلته.
(٣) هذا هو المورد الرابع المستثنى من لزوم التماثل بين الغاسل والميت ، أما تغسيل المرأة للصبي دون الثلاث ولو كان مجردا بالاتفاق لخبر أبي النمير المتقدم : (قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : حدثني عن الصبي إلى كم تغسله النساء؟ فقال عليهالسلام : إلى ثلاث سنين) (١).
والمشهور قيدوا الصبي بثلاث فما دون وعن المقنعة والمراسم إذا كان ابن خمس فما دون غسلته النساء مجردا ، وإن كان أكثر من خمس يصببن عليه الماء صبا وأما تغسيل الرجل للصبية دون الثلاث فمتفق عليه كعكسه إلا من المحقق حيث توقف فيه في المعتبر وقال : (والأولى المنع والأصل حرمة النظر).
وعن الصدوق تحديد الجواز للصبية بما إذا كانت دون الخمس لما رواه في الفقيه عن جامع محمد بن الحسن : (في الجارية تموت مع الرجال في السفر قال : إذا كانت ابنة أكثر من خمس سنين أو ست دفنت ولم تغسّل ، وإن كانت بنت أقل من خمس سنين غسلت) (٢). ـ
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب غسل الميت حديث ١.
(٢) الوسائل الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب غسل الميت حديث ٤ و ٢.