الزبدة الفقهيّة - ج ١

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي

الزبدة الفقهيّة - ج ١

المؤلف:

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي


الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات ذوي القربى
المطبعة: كيميا
الطبعة: ٤
ISBN: 964-6307-54-X
ISBN الدورة:
964-6307-53-1

الصفحات: ٣٤٩

فحيث شاءت (١) (بعد الوضوء) المنوي به التقرب دون الاستباحة (٢) (وتذكر الله تعالى بقدر الصلاة) (٣) لبقاء التمرين على العبادة ، فإن الخير عادة.

(ويكره لها الخضاب) (٤) بالحنّاء وغيره كالجنب ، (وتترك ذات العادة) المستقرة وقتا وعددا أو وقتا خاصا(العبادة) المشروطة بالطهارة(برؤية الدم) (٥). أما ذات العادة العددية خاصة ، فهي كالمضطربة في ذلك كما سلف (٦) (وغيرها) من المبتدأة والمضطربة(بعد ثلاثة) أيام احتياطا ، والأقوى جواز تركهما برؤيته أيضا (٧) خصوصا إذا ظنّتاه حيضا ، وهو اختياره (٨) في الذكرى ، واقتصر في الكتابين على الجواز مع ظنه خاصة (٩).

______________________________________________________

(١) لإطلاق الأخبار ، ولكن يستحب أن تكون مستقبلة القبلة.

(٢) لوجود الحدث المستمر المانع من دخول الصلاة.

(٣) عند وقت الصلاة لا مطلقا.

(٤) على المشهور لخبر للجمع بين خبر عامر بن جذاعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (سمعته يقول : لا تختضب الحائض ولا الجنب) (١) وخبر أبي جميلة عن أبي الحسن الأول عليه‌السلام : (لا تختضب الحائض) (٢) وبين رواية سماعة : (سألت العبد الصالح عليه‌السلام عن الجنب والحائض أيختضبان؟ قال عليه‌السلام : لا بأس) (٣) ومثله غيره فما عن الصدوق في الفقيه بعدم الجواز ليس في محله ، وعن المفيد في المقنعة تخصيص الحكم في اليد والرجل ، لا بشعورهن ، وعن المراسم تخصيص الحكم بالحناء ، والكل مدفوع بإطلاق الأخبار.

(٥) قد تقدم أن ذات العادة الوقتية تتحيض بمجرد رؤية الدم وإن لم يكن بصفات الحيض.

(٦) ما قد سلف هو إلحاق العددية بالوقتية لا بالمضطربة هذا من جهة ، ومن جهة أخرى فالحق أن غير الوقتية سواء كانت عددية أو مضطربة أو مبتدئة تتحيض بمجرد رؤية الدم إن كان بصفات الحيض ، وقد تقدم الكلام فيه مع الكلام على أدلة بقية الأقوال.

(٧) أي جواز ترك المبتدئة والمضطربة العبادة برؤية الدم كذات العادة.

(٨) أي التحيض بمجرد رؤية الدم.

(٩) أي مع ظن الحيض.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤٠ من أبواب الحيض حديث ٣.

(٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٤٢ ـ من أبواب الحيض حديث ٧ و ٨ و ٦.

٢٢١

(ويكره وطؤها) قبلا(بعد الانقطاع قبل الغسل على الأظهر) (١) خلافا

______________________________________________________

(١) بل على المشهور شهرة عظيمة للأخبار منها : موثق ابن بكير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا انقطع الدم ولم تغتسل فليأتها زوجها إن شاء) (١) وموثق علي بن يقطين عن أبي الحسن عليه‌السلام : (سألته عن الحائض ترى الطهر ، أيقع بها زوجها قبل أن تغتسل؟ قال عليه‌السلام : لا بأس ، وبعد الغسل أحبّ إليّ) (٢).

ونسب للصدوق القول بالحرمة ، مع أن مراجعة قول الصدوق في الفقيه والهداية والمقنع يفيد أنه منع من الوطء قبل الغسل مع أنه قال : «إن كان زوجها شبقا أو مستعجلا وأراد وطأها قبل الغسل أمرها أن تغسل فرجها ثم يجامعها».

واستدل للمنع بالكتاب قال تعالى : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسٰاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلٰا تَقْرَبُوهُنَّ حَتّٰى يَطْهُرْنَ ، فَإِذٰا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ) (٣) فعلى قراءة التخفيف كما عليه القراء السبعة كما في المدارك فيكون المعنى : حتى يخرجن من الحيض.

وعلى قراءة التشديد فلا يجوز المقاربة إلا بعد التطهير وهو الاغتسال ويؤيده قوله تعالى : (فَإِذٰا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ) الظاهر في تعليق الإتيان بالاغتسال.

وردّ بأن التفعّل قد يأتي بمعنى فعل كقولهم : تبين وتبسم وتطعم أي بان وبسم وطعم ، ومن هذا الباب المتكبر من أسماء الله تعالى فإنه بمعنى الكبير ، وأما ذيل الآية فيحمل على تطهير الفرج لا على التطهير بمعنى الاغتسال ويؤيده الأخبار.

منها : صحيح ابن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام : (في المرأة ينقطع عنها الدم دم الحيض في آخر أيامها ، قال عليه‌السلام : إذا أصاب زوجها شبق فليأمرها فلتغسل فرجها ثم يمسّها إن شاء قبل أن تغتسل) (٤).

واستدل للمنع بأخبار منها : موثق سعيد بن يسار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قلت له : المرأة تحرم عليها الصلاة ثم تطهر فتتوضأ من غير أن تغتسل ، أفلزوجها أن يأتيها قبل أن تغتسل؟ قال عليه‌السلام : لا حتى تغتسل) (٥) وموثق أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (سألته عن امرأة كانت طامثا فرأت الطهر أيقع عليها زوجها قبل أن تغتسل؟ قال : لا حتى تغتسل) (٦).

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٢٧ ـ من أبواب الحيض حديث ٣ و ٥.

(٣) البقرة الآية : ٢٢٢.

(٤) الوسائل الباب ـ ٢٧ ـ من أبواب الحيض حديث ١.

(٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ٢٧ ـ من أبواب الحيض حديث ٧ و ٦.

٢٢٢

للصدوق ـ رحمه‌الله ـ حيث حرّمه ، ومستند القولين الأخبار المختلفة ظاهرا ، والحمل على الكراهة طريق الجمع ، والآية ظاهرة في التحريم (١) قابلة للتأويل (٢).

(وتقضي كلّ صلاة تمكّنت من فعلها قبله) (٣) بأن مضى من أول الوقت مقدار فعلها وفعل ما يعتبر فيها مما ليس بحاصل لها طاهرة (٤) ، (أو فعل ركعة مع الطهارة) (٥) وغيرها من الشرائط المفقودة(بعده).

(وأما الاستحاضة) (٦) ـ

______________________________________________________

ـ وهذه الأخبار محمولة على الكراهة عند المشهور جمعا بينها وبين ما تقدم ، نعم استثنى الصدوق الحكم بالجواز إذا كان شبقا لصحيح ابن مسلم المتقدم ، وهو محمول على ارتفاع الكراهة عند المشهور في حال الشبق.

(١) بناء على التشديد أو بحسب ذيلها كما عرفت.

(٢) بحمل التفعل على معنى فعل وحمل الذيل على تطهير الفرج لا البدن.

(٣) أي قبل الحيض ، للاشتغال اليقيني بثبوت الصلاة في ذمتها فلا بد من قضائها فضلا عن الأخبار منها : موثق يونس عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في امرأة دخل عليها وقت الصلاة وهي طاهرة فأخرت الصلاة حتى حاضت ، قال عليه‌السلام : تقضي إذا طهرت) (١).

(٤) حال لقوله (تمكنت).

(٥) بمعنى أنها طهرت من الحيض قبل خروج الوقت ، وهي تدرك ركعة من الصلاة مع إحراز شرائطها فيجب عليها الأداء ، ويدل عليه خبر عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (أيما امرأة رأت الطهر وهي قادرة على أن تغتسل في وقت صلاة ففرّطت فيها حتى يدخل وقت صلاة أخرى كان عليها قضاء تلك الصلاة التي فرّطت فيها) (٢) ومثله غيره ، مع ضميمة أن من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة كلها كما سيأتي بحثه إن شاء الله تعالى في كتاب الصلاة.

(٦) فهي في الأصل استفعال في الحيض ، يقال : استحيضت ـ للمجهول ـ فهي تستحاض ، إذا استمر بها الدم بعد أيامها فهي مستحاضة ، وقد يطلق لفظ الاستحاضة على نفس ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤٨ ـ من أبواب الحيض حديث ٤.

(٢) الوسائل الباب ـ ٤٩ ـ من أبواب الحيض حديث ١.

٢٢٣

(فهي ما) أي الدم الخارج من الرّحم (١) الذي (زاد على العشرة) (٢) مطلقا (٣) (أو العادة مستمرا) إلى أن يتجاوز العشرة ، فيكون تجاوزها كاشفا عن كون السابق عليها بعد العادة استحاضة(أو بعد اليأس) (٤) ببلوغ الخمسين أو الستين على التفصيل (أو بعد النفاس) (٥) كالموجود بعد العشرة أو فيها بعد أيام العادة مع تجاوز العشرة ، إذا لم يتخلله نقاء أقل الطّهر (٦) أو يصادف أيام العادة (٧) في الحيض ، بعد مضيّ عشرة فصاعدا من أيام النفاس ، أو يحصل (٨) فيه تمييز

______________________________________________________

ـ الدم إما مجازا وإما حقيقة اصطلاحية كما في الجواهر. ولذا أطلق المشهور الاستحاضة على كل دم يخرج من الرحم وليس بحيض ولا نفاس ولا قرح ولا جرح سواء اتصل بالحيض كالمتجاوز لأكثره أو لا ، كالذي تراه الصغيرة قبل البلوغ وإن لم يوجب لها أحكام المستحاضة ، لأن أحكام المستحاضة مختصة بالبالغة.

(١) ليخرج الدم الخارج من غيره ، كدم القروح والجروح الخارج من الفرج لا من الرحم.

(٢) كما تقدم في باب الحيض.

(٣) سواء كانت ذات عادة أو لا.

(٤) قد تقدم في باب الحيض.

(٥) حكم النفساء حكم الحائض كما سيأتي إن شاء الله تعالى.

(٦) إن الدم بعد النفاس يحكم عليه بالاستحاضة ما لم يتحقق أحد شروط ثلاثة وإلا فمع تحقق واحد منها فيكون الدم حيضا.

الشرط الأول : ما لم يتخلل بين النفاس وهذا الدم نقاء بمقدار أقل الطهر ، وإلا لو تخلل ذلك لحكم على هذا الدم بأنه حيض لقاعدة الإمكان.

الشرط الثاني : ما لم يصادف هذا الدم المستمر بعد النفاس أيام العادة ، وكان بين العادة والنفاس عشرة أيام وهو أقل الطهر ، وإلا لو تحقق هذا الشرط لحكم على هذا الدم بأنه حيض ، لأن ذات العادة تتحيض في أيام عادتها كما مضى.

الشرط الثالث : ما لم يكن هذا الدم المستمر بعد النفاس جامعا لصفات الحيض مع تحقق فصله عن النفاس بأقل الطهر ، وإلا لو تحقق ذلك لحكم على هذا الدم بأنه حيض لوجود صفات الحيض فيه ، هذا وقد أشار الشارح بقوله : «إذا لم يتخلله نقاء أقل الطهر» إلى الشرط الأول.

(٧) إشارة إلى الشرط الثاني.

(٨) إشارة إلى الشرط الثالث.

٢٢٤

بشرائطه (١).

(ودمها) أي الاستحاضة(أصفر بارد (٢) رقيق (٣) فاتر) (٤) أي يخرج بتثاقل وفتور لا بدفع(غالبا) (٥) ، ومقابل الغالب ما تجده في الوقت المذكور (٦) فإنه يحكم بكونه استحاضة ، وإن كان بصفة دم الحيض لعدم إمكانه (٧).

______________________________________________________

(١) بشرائط الحيض.

(٢) على المشهور لخبر حفص المتقدم في باب الحيض : (دم الاستحاضة أصفر بارد) (١) وخبر معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إن دم الاستحاضة بارد) (٢) وخبر إسحاق بن جرير : (دم الاستحاضة دم فاسد بارد) (٣).

وعن الشيخ في المقنعة عدم التعرض للصفرة في صفات دم الاستحاضة.

(٣) ذكره جماعة كثيرة ويدل عليه خبر سعيد بن يسار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في المرأة تحيض ثم تطهر وربما رأت بعد ذلك الشي‌ء من الدم الرقيق بعد اغتسالها من طهرها؟

فقال : تستظهر بعد أيامها بيومين أو ثلاثة ثم تصلي) (٤) وخبر الدعائم : (دم الاستحاضة دم رقيق) (٥) وصحيح علي بن يقطين عن أبي الحسن عليه‌السلام في النفساء (فإذا رقّ وكان صفرة اغتسلت وصلت) (٦).

وعن الشيخ في المبسوط عدم التعرض له ، وعن المحقق في المعتبر والشهيد في الذكرى التردد فيه.

(٤) من الفتور ، أي لا يخرج بدفق ودفع ، ويدل عليه ما دل على اعتبار الدفع في دم الحيض ، وفي المدارك : «لم أقف على مستند له».

(٥) قيد اتفاقي ، لأنه قد يتفق أن يكون دم الاستحاضة بصفات الحيض مع عدم إحراز شرائط الحيض فيحكم عليه بالاستحاضة ، كما قد يتفق أن يكون دم الحيض بصفات الاستحاضة فيما لو كان في أيام العادة.

(٦) أي مذكور سابقا وهو ما زاد على العشرة وما زاد على عادتها إن تجاوز العشرة وما تراه بعد اليأس وما تراه قبل البلوغ.

(٧) أي لعدم إمكان كونه حيضا.

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب الحيض حديث ٢ و ١ و ٣.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب الحيض حديث ٨.

(٥) مستدرك الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب الحيض حديث ٢.

(٦) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب النفاس حديث ١٦.

٢٢٥

ثم الاستحاضة تنقسم إلى قليلة وكثيرة ومتوسطة (١) : لأنها إما أن لا تغمس القطنة أجمع ظاهرا وباطنا (٢) ، أو تغمسها كذلك (٣) ولا تسيل عنها بنفسه (٤) إلى غيرها ، أو تسيل (٥) عنها إلى الخرقة ، (فإن لم تغمس القطنة تتوضأ لكلّ صلاة مع تغييرها) (٦) القطنة لعدم العفو عن هذا الدم مطلقا (٧) وغسل ما

______________________________________________________

(١) المراتب الثلاثة في الاستحاضة على المشهور شهرة عظيمة ، وهذا هو المستفاد من الأخبار الآتية ، وعن ابن أبي عقيل إنكار القسم الأول فلم يوجب له وضوءا ولا غسلا والأخبار حجة عليه.

(٢) وهذه هي القليلة ، وقد عبّر البعض عنها بعدم الثقب.

(٣) ظاهرا وباطنا.

(٤) بنفس الغمس وهذه هي المتوسطة.

(٥) عطف على قوله : (لا تسيل) وعليه فمع الغمس والسيلان فهي كبيرة.

(٦) أما تغيير القطنة لكل صلاة لعدم العفو عن هذا الدم في الصلاة قليله وكثيره ، وقال في كشف اللثام : «لم يذكره الصدوقان والقاضي ولا ظفرت بخبر يدل عليه» ، وأشكل عليه بأنه قد ورد تغيير القطنة في المتوسطة في رواية عبد الرحمن بن أبي عبد الله : (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن المستحاضة ـ إلى أن قال ـ : ولتستدخل كرسفا فإن ظهر على الكرسف فلتغتسل ثم تضع كرسفا آخر ثم تصلي) (١) ، وفيه : إن تغيير الكرسف هنا إما لبلله بالماء بعد الغسل وإما لأنها استغنت عنه بعد إخراجه وأما الوضوء لكل صلاة على المشهور للأخبار منها : صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (وإن كان الدم لا يثقب الكرسف ، توضأت ودخلت المسجد ، وصلت كل صلاة بوضوء) (٢) وموثق زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (عن الطامث تقعد بعدد أيامها كيف تصنع؟ قال عليه‌السلام : تستظهر بيوم أو يومين ، ثم هي مستحاضة فلتغتسل وتستوثق من نفسها وتصلي كل صلاة بوضوء ما لم ينفذ الدم ، فإذا نفذ اغتسلت وصلت) (٣).

وذهب ابن أبي عقيل إلى عدم وجوب الوضوء واستدل له باستصحاب الطهارة ، وبالتمسك بإطلاق حصر نواقض الوضوء بغير الاستحاضة ، وهما محكومان بالأخبار المتقدمة.

(٧) قليلا كان أو كثيرا.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب الاستحاضة حديث ٨.

(٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب الاستحاضة حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب الاستحاضة حديث ٩.

٢٢٦

ظهر من الفرج (١) عند الجلوس على القدمين ، وإنما تركه لأنه إزالة خبث قد علم مماسلف(وما يغمسها بغير سيل تزيد) على ما ذكر (٢) في الحالة الأولى (الغسل للصبح) (٣) إن كان الغمس قبلها ، ولو كانت صائمة قدّمته على الفجر (٤) ، واجتزأت به للصلاة ، ولو تأخّر الغمس عن الصلاة فكالأول (٥) (وما يسيل) يجب له جميع ما وجب في الحالتين (٦) وتزيد عليهما(أنها تغتسل أيضا)

______________________________________________________

(١) كما عن المفيد والشهيدين والمحقق الثاني والمقدس الأردبيلي ، لوجوب غسل ما تنجس بملاقاة الدم ، إذا علم ملاقاة الدم لهذا المكان ولذا قال الشارح في الروض : «إن أصابه الدم».

(٢) من تبديل القطنة والوضوء لكل صلاة ، أما تبديل القطنة فقد تقدم الكلام فيه ، وأما الوضوء لكل صلاة فيدل عليه موثق سماعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (وإن لم يجز الدم الكرسف فعليها الغسل لكل يوم مرة والوضوء لكل صلاة) (١) وعن الشيخ في المبسوط والخلاف عدم وجوب الوضوء لصلاة الصبح والاكتفاء بالغسل فقط ، والخبر عام يشمل صلاة الصبح.

(٣) بل الغسل لكل يوم ويدل عليه موثق سماعة المتقدم ، ومثله غيره ، إلا أن الأخبار لم تصرح بكون الغسل لصلاة الصبح ولكن لا بد من إيقاعه قبل صلاة الصبح إذا كانت متوسطة لأن الغسل شرط في صحة عباداتها كما هو ظاهر الخبر المتقدم.

نعم لو لم تكن متوسطة عند صلاة الصبح ثم صارت متوسطة قبل الظهرين فهل يجب عليها الغسل أو لا؟ قال في الجواهر : «ظاهر كلام الأصحاب العدم كما صرح به في جامع المقاصد في مبحث الغايات والشهيد في الروضة ، بل لعل المتأمل يمكنه تحصيل الإجماع على ذلك لتخصيصهم الغسل بكونه للغداة».

إلا أن سيد الرياض وجماعة ذهبوا إلى أن ظاهر الأخبار كون الغسل شرطا لصحة الصلوات ووجوبه لصلاة الغداة ليس لخصوصية فيها بل لكونها متوسطة قبل الصلاة ولازمه وجوب الغسل لو حدثت المتوسطة بعد الغداة.

(٤) لكون الغسل شرطا في صحة عباداتها.

(٥) أي لا يجب عليها إلا الوضوء لكل صلاة وقد عرفت ما فيه.

(٦) من تبديل القطنة والوضوء لكل صلاة والغسل لصلاة الصبح ، أما تبديل القطنة فقد تقدم الكلام فيه ، وأما الوضوء لكل صلاة فعلى المشهور ذلك واستدل له بعموم قوله ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب الاستحاضة حديث ٦.

٢٢٧

(للظّهرين) تجمع بينهما(ثم العشاءين) كذلك (١) (وتغيير الخرقة فيهما) (٢) أي في الحالتين الوسطى والأخيرة ، لأن الغمس يوجب رطوبة ما لاصق الخرقة من القطنة ، وإن لم يسل إليها فتنجس ، ومع السيلان واضح ، وفي حكم تغييرها تطهيرها. وإنما يجب الغسل في هذه الأحوال (٣) ،

______________________________________________________

ـ تعالى : (إِذٰا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلٰاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) (١) الآية ، ورده في المعتبر بقوله : «وظن غالط من المتأخرين أنه يجب على هذه مع هذه الأغسال وضوء مع كل صلاة ولم يذهب إلى ذلك أحد من طائفتنا».

ولذا ذهب جماعة منهم الصدوقان والشيخ والسيد وبنو زهرة وحمزة والبراج إلى عدم وجوب الوضوء أصلا لعدم تعرض نصوص الباب للوضوء أصلا مع تعرضها للوضوء في المتوسطة والقليلة.

وذهب جماعة منهم المفيد والمحقق في المعتبر إلى الوضوء مع كل غسل لا عند كل صلاة لعموم قوله عليه‌السلام : (مع كل غسل وضوء إلا غسل الجنابة) وفيه : إنه غير ظاهر في ذلك بل هو ظاهر في كون غسل الجنابة مجزيا عن الوضوء.

(١) أي تجمع بينهما ويدل عليه صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (فإذا جاز الدم الكرسف تعصبت واغتسلت ، ثم صلت الغداة بغسل ، والظهر والعصر بغسل ، والمغرب والعشاء بغسل ، وإن لم يجز الدم الكرسف صلت بغسل واحد) (٢) وصحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (فإذا جازت أيامها ورأت الدم يثقب الكرسف اغتسلت للظهر والعصر تؤخر هذه وتعجل هذه ، وللمغرب والعشاء غسلا تؤخر هذه وتعجّل هذه ، وتغتسل للصبح) (٣).

(٢) أي في المتوسطة والكبيرة ، لأن الخرقة ملاصقة للقطنة فإذا غمست القطنة وسرى الدم في الكثيرة تنجس الخرقة للملاقاة ، وإذا غمست القطنة ظاهرا وباطنا وإن لم يسر الدم في المتوسطة تنجس الخرقة أيضا بالملاقاة ، فيجب تغييرها لأن هذا الدم لا يعفى عنه في هذه الصلاة مطلقا.

(٣) هل المعتبر وجود الدم قلة أو كثرة في أوقات الصلاة أو أن المعتبر حدوث الدم ولو قبل الوقت كغيره من الأحداث بحيث متى ما حصل يجب موجبه على التفصيل المتقدم في أقسام الاستحاضة. ـ

__________________

(١) المائدة الآية : ٦.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب الاستحاضة حديث ٥ و ١.

٢٢٨

مع وجود الدم الموجب له (١) قبل فعل الصلاة ، وإن كان في غير وقتها (٢) ، إذا لم تكن قد اغتسلت له (٣) بعده (٤) كما يدلّ عليه خبر الصّحاف ، وربما قيل باعتبار وقت الصلاة ولا شاهد له.

(وأما النّفاس) (٥) ـ بكسر النون(فدم الولادة معها) (٦)

______________________________________________________

ـ ذهب الشهيد الأول في الدروس والذكرى إلى الأول والمشهور إلى الثاني ، وقال في الدروس : «والاعتبار بكمية الدم بأوقات الصلاة في ظاهر خبر الصحاف».

وخبر الصحاف هو عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (فلتغتسل ثم تحتشي وتستذفر وتصلي الظهر والعصر ثم لتنظر ، فإن كان الدم فيما بينها وبين المغرب لا يسيل من خلف الكرسف فلتتوضأ ولتصل عند وقت كل صلاة) (١). وقال في الذكرى : «هذا مشعر بأن الاعتبار بوقت الصلاة فلا أثر لما قبله».

مع أن الظاهر منه خلاف ذلك لأن المفروض أنها صلت الظهرين فيكون المراد نفي الغسل لصلاة المغرب إذا لم يسل الدم قبل الغروب ، ومفهومه أنه إذا سال قبل الغروب وجب الغسل للمغرب ، وهذا هو مستند المشهور ولذا قال في المدارك عن استدلال الشهيد بخبر الصحاف : «وهو غير واضح».

(١) للغسل.

(٢) بحيث كان كبيرا قبل الصلاة ثم قلّ عند دخول وقت الصلاة.

(٣) أي للدم.

(٤) أي بعد خروج الدم.

(٥) بكسر النون ، ولغة ولادة المرأة إذا وضعت فهي نفساء كما في الصحاح وغيره ، وهو إما لتنفس الرحم بالدم أو من النفس بمعنى الولد أو من النفس بمعنى الدم لاستلزام الولادة الدم.

وفي عرف الفقهاء أطلق على الدم الذي يقذفه الرحم بسبب الولادة في أيام مخصوصة.

(٦) أي مع الولادة ، فالدم الخارج مع ظهور أول جزء من البدن يكون نفاسا للأخبار منها : خبر زريق عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في الحامل ترى الدم ، ... قال عليه‌السلام : تصلي حتى يخرج رأس الصبي فإذا خرج رأسه لم تجب عليها الصلاة ـ إلى أن قال ـ : وهذه قذفت بدم المخاض إلى أن يخرج بعض الولد فعند ذلك يصير دم النفاس) (٢). ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب الاستحاضة حديث ٧.

(٢) الوسائل الباب ـ ٣٠ ـ من أبواب الحيض حديث ١٧.

٢٢٩

بأن يقارن (١) خروج جزء وإن كان منفصلا (٢) ، مما يعدّ آدميا (٣) أو مبدأ نشوء آدمي (٤) ، وإن كان مضغة مع اليقين. أما العلقة ـ وهي القطعة من الدم الغليظ ـ فإن فرض العلم بكونها مبدأ نشوء إنسان ، كان دمها نفاسا إلا أنه بعيد (٥) (أو بعدها) (٦) بأن يخرج الدم بعد خروجه (٧) أجمع. ولو تعدّد الجزء منفصلا أو الولد ، فلكلّ نفاس (٨) وإن اتصلا ، ويتداخل منه ما اتفقا فيه (٩).

______________________________________________________

ـ وعن ابني حمزة وزهرة وجماعة أن النفاس هو الدم عقيب الولادة فقط ويشهد له موثق عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في المرأة يصيبها الطلق أياما أو يومين فترى الصفرة أو دما ، قال عليه‌السلام : تصلي ما لم تلد) (١). وهو محمول على عدم الولادة بمعنى عدم خروج جزء من المولود.

(١) أي الدم.

(٢) أي منقطعا.

(٣) سواء كان تام الخلقة أو لا ، وسواء كان قد ولجته الروح أو لا لصدق الولادة على الجميع.

(٤) كالمضغة والعلقة ، قال في مصباح المنير : «المني ينتقل بعد طوره فيصير دما غليظا متجمدا ، ثم ينتقل طورا آخر فيصير لحما وهو المضغة ، سميت بذلك لأنها مقدار ما يمضغ» فأما المضغة فالدم المقارن لخروجها نفاس ، بلا خلاف فيه لأنه دم جاء عقيب الحمل ، وأما العلقة فهي الدم المتجمد فكذلك وادعى عليه العلامة في التذكرة الإجماع ، وتوقف المحقق الثاني بإلحاقها بالمضغة ، وفيه : أنه لا داعي للتوقف مع القطع واليقين بكون الخارج هو مبدأ نشوء الآدمي.

(٥) أي العلم بكونها مبدأ نشوء الآدمي.

(٦) أي بعد الولادة ، بلا خلاف فيه ، وهو القدر المتيقن من النصوص.

(٧) خروج الولد.

(٨) بلا خلاف فيه ، وعن الانتصار : «أنه لم يجد نصا صريحا في هذه المسألة» ومثله ما عن السرائر.

(٩) أي ويتداخل من النفاس ما اتفقا فيه ، ومثاله : ما لو ولد أحدهما في أول الشهر والثاني في الخامس منه ، فالخمسة الأولى نفاس الأول والخمسة الثانية نفاس مشترك ، والخمسة الثالثة نفاس الثاني.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب النفاس حديث ١.

٢٣٠

واحترز بالقيدين (١) عما يخرج قبل الولادة فلا يكون نفاسا (٢) ، بل استحاضة إلا مع إمكان كونه حيضا (٣).

(وأقلّه مسماه) (٤) وهو وجوده في لحظة ، فيجب الغسل بانقطاعه بعدها ، ولو لم تر دما فلا نفاس عندنا(وأكثره (٥) قدر العادة في الحيض) للمعتادة على

______________________________________________________

(١) مع الولادة أو بعدها.

(٢) بلا خلاف فيه ويدل عليه النصوص منها : موثق عمار المتقدم : (تصلي ما لم تلد).

(٣) بحيث يكون بينه وبين النفاس أقل الطهر.

(٤) بل يمكن أن يكون لحظة ويدل عليه خبر ليث المرادي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (سألته عن النفساء كم حد نفاسها حتى تجب عليها الصلاة وكيف تصنع؟ فقال عليه‌السلام : ليس لها حد) (١). فلو لم تر الدم فليس لها نفاس أصلا وبعض العامة أوجب الغسل بمجرد خروج الولد وإن لم تر الدم ، وبعضهم جعله حدثا أصغر يوجب الوضوء.

(٥) اختلفوا في مقدار أكثره ، فعن المشهور أنه عشرة أيام ويدل عليه مرسلة المفيد المحكية في السرائر : (أنه سئل كم قدر ما تقعد النفساء عن الصلاة وكم مبلغ أيام ذلك؟ فقد رأيت في كتاب أحكام النساء أحد عشر يوما ، وفي رسالة المقنعة ثمانية عشر يوما ، وفي كتاب الإعلام أحد وعشرين يوما ، فعلى أيهما العمل؟ فأجاب : الواجب على النفساء أن تقعد عشرة أيام ـ إلى أن قال ـ : وعملي في ذلك على عشرة أيام لقول الصادق عليه‌السلام : لا يكون النفاس لزمان أكثر من زمان الحيض) وقال المفيد في المقنعة : «وقد جاءت أخبار معتمدة في أنّ أقصى مدة النفاس هو عشرة أيام وعليها أعمل لوضوحها عندي»(٢).

وخبر مالك بن أعين عن أبي جعفر عليه‌السلام : (عن النفساء يغشاها زوجها وهي في نفاسها من الدم ، قال عليه‌السلام : نعم إذا مضى لها منذ يوم وضعت بقدر أيام عدة حيضها) (٣) وقال الشيخ في التهذيب : «وهذا الحديث يدل على أن أكثر أيام النفساء مثل أكثر أيام الحيض».

وما رواه يونس بن يعقوب عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن امرأة ولدت فرأت الدم أكثر ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب النفاس حديث ١.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب النفاس حديث ١٠ و ٤.

٢٣١

تقدير تجاوز العشرة (١) ، وإلا فالجميع نفاس (٢) ، وإن تجاوزها (٣) كالحيض (٤) (فإن لم تكن) لها عادة(فالعشرة) أكثره (على المشهور). وإنما يحكم به نفاسا

______________________________________________________

ـ مما كانت ترى ، قال عليه‌السلام : فلتقعد أيام قرئها التي كانت تجلس ثم تستظهر بعشرة أيام) (١).

وعن السيد والصدوق والإسكافي وجماعة أن أكثر النفاس ثمانية عشر يوما لخبر حنان بن سدير : (لأي علة أعطيت النفساء ثمانية عشر يوما ولم تعط أقل ولا أكثر؟ فقال عليه‌السلام : لأن الحيض أقله ثلاثة وأوسطه خمسة وأكثره عشرة فأعطيت أقله وأوسطه وأكثره) (٢) ومثله غيره.

وعن العلامة في المختلف أن ذات العادة ترجع إلى عادتها في الحيض والمبتدئة تصبر ثمانية عشر يوما جمعا بين النصوص المتقدمة لاختصاص الأولى بالمعتادة فتحمل الثانية على المبتدئة.

وعن العماني أن أكثر النفاس أحد وعشرون يوما ، وقال في المعتبر بعد حكايته هذا القول : «وقد روى ذلك البزنطي في كتابه عن جميل عن زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام) وقال عنه بعد ذلك : «فإنه متروك والرواية به نادرة».

وتقدم القول أن أكثره أحد عشر يوما كما في كتاب أحكام النساء ولم يعرف له مستند.

(١) على المشهور للأخبار الآمرة بالرجوع إلى عادتها والباقي استحاضة كخبر مالك بن أعين المتقدم : (عن النفساء يغشاها زوجها وهي في نفاسها من الدم ، قال عليه‌السلام : نعم إذا مضى لها منذ يوم وضعت بقدر أيام عدة حيضها) ورواية زرارة : (تقعد النفساء أيامها التي كانت تقعد في الحيض وتستظهر بيومين) (٣) وعن المحقق في المعتبر والنافع أنها تجلس عشرة أيام لا بمقدار العادة لخبر يونس عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن امرأة ولدت فرأت الدم أكثر مما كانت ترى ، قال : فلتقعد أيام قرئها التي كانت تجلس ثم تستظهر بعشرة أيام) (٤) وهو على قول المشهور أدل ، إذ الاستظهار يعني أن نفاسها بمقدار عادتها والباقي ليس نفاسا إذا تجاوز عن العشرة.

(٢) بلا خلاف ولا إشكال.

(٣) أي تجاوز العادة.

(٤) من الاستظهار بيوم أو يومين أو ثلاثة أو إلى تمام العشرة.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب النفاس حديث ٣ و ٢٣.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب النفاس حديث ٥ و ٣.

٢٣٢

في أيام العادة (١) ، وفي مجموع العشرة (٢) مع وجوده فيهما (٣) أو في طرفيهما (٤). أما لو رأته في أحد الطرفين خاصة ، أو فيه (٥) وفي الوسط فلا نفاس لها في الخالي عنه متقدما (٦) ومتأخرا ، بل في وقت الدم (٧) أو الدمين (٨) فصاعدا (٩) وما بينهما (١٠) ، فلو رأت أوله لحظة وآخر السبعة لمعتادتها فالجميع نفاس ، ولو رأته آخرها خاصة فهو النفاس ، ومثله رؤية المبتدأة والمضطربة (١١) في العشرة ، بل المعتادة على تقدير انقطاعه عليها (١٢). ولو تجاوز (١٣) فما وجد منه في العادة ، وما قبله (١٤) إلى زمان الرؤية نفاس خاصة. كما لو رأت رابع الولادة مثلا وسابعها لمعتادتها (١٥) واستمر إلى أن تجاوز العشرة ، فنفاسها

______________________________________________________

(١) لخبر زرارة المتقدم وغيره.

(٢) باعتبار أن النفاس أكثره عشرة.

(٣) في العادة والعشرة.

(٤) طرفي العادة والعشرة.

(٥) أي في أحد الطرفين.

(٦) أي الخالي لأنه يمكن أن لا يخرج الدم عند الولادة أو بعدها مباشرة.

(٧) أي فالنفاس في وقت الدم فقط.

(٨) كما لو رأته في طرفي العادة وطرفي العشرة.

(٩) أو الدماء الثلاثة.

(١٠) إذا كان الدمان وما بينهما في أيام العادة أو في العشرة.

(١١) أي ومثل ما تقدم حكم المبتدئة والمضطربة ، بل ما تقدم كان شاملا لهما ولم يكن مختصا بذات العادة بدليل جعل العشرة في قبال العادة غايته مع تجاوز الدم عن العشرة فذات العادة ترجع إلى عادتها فتجعلها نفاسا والباقي استحاضة وغيرها يكون تمام العشرة لها نفاسا والباقي استحاضة ، لقاعدة التسوية بين النفساء والحائض المستفادة من النصوص وقد تقدم بعضها كخبر يونس وخبر زرارة وخبر مالك بن أعين.

(١٢) أي أن الحكم المتقدم يشمل المعتادة إذا انقطع الدم على العشرة ، وأيضا لا معنى لهذا الاستدراك لأن السابق يشمل هذه الصورة صراحة.

(١٣) أي تجاوز الدم العشرة.

(١٤) الضمير لا يرجع إلى الدم ، بل إلى الزمان الذي رأت فيه الدم والمعنى : إن الذي وجد من الدم في العادة وفي الزمان الذي قبل ذلك.

(١٥) أي لمعتادة السبعة.

٢٣٣

الأربعة الأخيرة من السبعة خاصة ، ولو رأته في السابع خاصة فتجاوزها (١) فهو (٢) النّفاس خاصة ، ولو رأته من أوله والسابع وتجاوز العشرة ـ سواء كان بعد انقطاعه أم لا (٣) ـ فالعادة خاصة نفاس ، ولو رأته أولا وبعد العادة وتجاوز ، فالأول خاصة نفاس ، وعلى هذا القياس (٤).

(وحكمها كالحائض) (٥) في الأحكام الواجبة (٦) والمندوبة (٧)

______________________________________________________

(١) أي فتجاوز العشرة.

(٢) أي السابع.

(٣) أي سواء كان بعد انقطاع الدم قبل العشرة ثم رأته وتجاوز العشرة ، أم لم ينقطع.

(٤) اعلم أن ذات العادة لو تجاوز الدم العشرة فترجع إلى عادتها والباقي استحاضة على المشهور ، وخالف المحقق وجعل العشرة بتمامها نفاسا والباقي استحاضة وقد تقدم الكلام فيه.

وغير ذات العادة من المبتدئة والمضطربة فإن تجاوز الدم العشرة فيكون النفاس عشرة أيام والباقي استحاضة ، وخالف الشهيد في البيان والذكرى وحكم برجوع المبتدئة إلى التمييز ثم إلى عادة أهلها ، والمضطربة إلى التمييز ثم إلى الروايات واستدل بقاعدة التسوية بين النفاس والحيض وبخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (ـ إلى أن قال : وإن كانت لا تعرف أيام نفاسها فابتليت جلست بمثل أيام أمها أو أختها أو خالتها) (١) والمشهور لم يعمل به لضعف سنده بعد تخصيص قاعدة التسوية بين النفساء والحائض في ذات العادة كما هو مورد الأخبار المتقدمة ، فغيرها من المبتدئة والمضطربة يرجع بها إلى أخبار النفاس وان أكثره عشرة أيام.

(٥) ففي المعتبر أنه مذهب أهل العلم وعن البعض أنه قول الأصحاب وعن ثالث أنه مذهبهم ، لما اشتهر أن النفاس حيض محتبس ، ولقاعدة التسوية بين الحائض والنفساء كما استفيد ذلك من بعض النصوص المتقدمة في النفساء ذات العادة ومن النصوص المتقدمة في حرمة وطء الحائض وفي سقوط العبادة عنها.

(٦) من وجوب الغسل بعد الانقطاع أو بعد العادة أو بعد العشرة في غير ذات العادة. ومن وجوب قضاء الصوم دون الصلاة ، ووجوب تركها للعبادة.

(٧) من استحباب الوضوء لها في أوقات الصلاة والجلوس في المصلى والاشتغال بذكر الله بقدر الصلاة.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب النفاس حديث ٢٠.

٢٣٤

والمحرمة (١) والمكروهة (٢) ، وتفارقها في الأقلّ والأكثر (٣).

والدلالة على البلوغ (٤) فإنه (٥) مختص بالحائض لسبق دلالة النفاس بالحمل وانقضاء العدة (٦) بالحيض دون النفاس غالبا ، ورجوع الحائض (٧) إلى عادتها وعادة نسائها ، والروايات والتمييز (٨) دونها. ويختص النّفاس (٩) بعدم اشتراط أقلّ

______________________________________________________

(١) من حرمة دخولها المساجد للمكث فيها ودخول المسجدين الحرمين ، وقراءة سور العزائم ، ومس اسم الله وكتابة القرآن وعدم جواز طلاقها وعدم جواز وطئها.

(٢) من كراهة الوطء بعد الانقطاع وقبل الغسل ، وكراهة الخضاب وكراهة حمل القرآن ولمس هامشه وقراءة باقي القرآن ما عدا العزائم ، والاستمتاع بغير القبل مما بين السرة والركبة ، واعلم أن غسلها كغسل الجنابة بالاتفاق.

(٣) تفارق النفساء الحائض في عدة فوارق :

الأول : إن الحيض أقله ثلاثة ولا حدّ لأقل النفاس.

الثاني : إن الحيض أكثره عشرة بالاتفاق وقد وقع الخلاف في أكثر النفاس.

الثالث : الحيض دليل على البلوغ بخلاف النفاس لأنه مسبوق بالحمل.

الرابع : العدة تنقضي بالحيض دون النفاس غالبا ، وخرج بالغالب ما لو طلقها بعد الوضع وقبل رؤية الدم فإنها تجعل النفاس حيضا ويحسب من الأقراء فيكون له مدخلية في انقضاء العدة.

الخامس : رجوع الحائض إلى عادتها عند التجاوز بخلاف النفساء فإنها ترجع إلى عادتها في الحيض لا في النفاس.

السادس : المبتدئة ترجع إلى التمييز ثم إلى عادة أهلها ثم إلى الروايات والمضطربة ترجع إلى التمييز ثم إلى الروايات بخلاف النفساء فلا ترجع إلى ذلك بل إلى العشرة عند التجاوز.

السابع : لا يشترط بين النفاسين أقل الطهر كالتوأمين بخلاف الحيضتين كما تقدم في باب الحيض.

(٤) الفارق الثالث.

(٥) أي فإن الاستدلال على البلوغ.

(٦) الفارق الرابع.

(٧) الفارق الخامس.

(٨) الفارق السادس.

(٩) الفارق السابع.

٢٣٥

الطّهر بين النفاسين كالتوأمين ، بخلاف الحيضتين.

(ويجب الوضوء مع غسلهنّ) (١) متقدّما عليه (٢) أو متأخرا (٣) (ويستحب)

______________________________________________________

(١) هل يجب الوضوء مع كل غسل واجب ما عدا الجنابة بل والمندوب أو لا ، ذهب المشهور إلى الوجوب لعدم إجزاء الغسل عن الوضوء ، وقال الصدوق : «من دين الإمامية الإقرار بأن في كل غسل وضوء في أوله» ويدل عليه مرسل ابن أبي عمير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (كل غسل قبله وضوء إلا غسل الجنابة) (١) وخبر علي بن يقطين عن أبي الحسن الأول عليه‌السلام : (إذا أردت أن تغتسل للجمعة فتوضأ ثم اغتسل) (٢).

وذهب السيد والمقدس الأردبيلي وسيد المدارك وجماعة إلى الإجزاء لأخبار منها : صحيح ابن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام : (الغسل يجزي عن الوضوء ، وأيّ وضوء أطهر من الغسل) (٣) وموثق عمار : (سئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن الرجل اغتسل من جنابته أو يوم جمعة أو يوم عيد ، هل عليه الوضوء قبل ذلك أو بعده؟ فقال عليه‌السلام : لا ليس عليه قبل ولا بعد ، قد أجزأه الغسل ، والمرأة مثل ذلك إذا اغتسلت من حيض أو غير ذلك فليس عليها الوضوء لا قبل ولا بعد ، قد أجزأها الغسل) (٤) ومكاتبة محمد بن عبد الرحمن الهمذاني إلى أبي الحسن الثالث : (لا وضوء للصلاة في غسل يوم الجمعة ولا غيره) (٥) ومرسل حماد عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في الرجل يغتسل للجمعة أو غير ذلك ، أيجزيه من الوضوء؟ فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : وأيّ وضوء أطهر من الغسل) (٦) وعليه فتحمل الأخبار السابقة على استحباب الوضوء.

(٢) ذهب الصدوقان والمفيد إلى وجوب التقديم لظاهر المرسل من اشتراط القبلية وكذا خبر ابن يقطين.

(٣) ذهب المشهور إلى التخيير لمرسل ابن أبي عمير عن حماد أو غيره عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في كل غسل وضوء إلا الجنابة) (٧) ولأن تأخر الوضوء ليس ناقضا للغسل ولا تقديم الغسل موجبا لنقض الوضوء بالاتفاق ، نعم يستحب التقديم لمرسل ابن أبي عمير وخبر ابن يقطين.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٣٥ ـ من أبواب الجنابة حديث ١ و ٣.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٣٣ ـ من أبواب الجنابة حديث ١ و ٣.

(٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ٣٣ ـ من أبواب الجنابة حديث ٢ و ٤.

(٧) الوسائل الباب ـ ٣٥ ـ من أبواب الجنابة حديث ٢.

٢٣٦

(قبله) وتتخيّر فيه (١) بين نية الاستباحة والرفع مطلقا (٢) على أصح القولين ، إذا وقع بعد الانقطاع (٣).

(وأما غسل المسّ) (٤) للميت الآدمي (٥)

______________________________________________________

(١) في الوضوء.

(٢) سواء كان قبل الغسل أو بعده بناء على أن الوضوء والغسل لهما مدخلية في رفع الحدث الأكبر والأصغر معا لا أن الغسل للأكبر والوضوء للأصغر.

وذهب ابن إدريس إلى أن الوضوء لو تقدم على الغسل فلا يجوز نية الرفع به ، لأن الحدث الأكبر لا يرتفع إلا بالغسل ، وردّ بأن الحدث يرتفع بهما فلا فرق في المتقدم والمتأخر ، ثم لو سلم ما ذكره لزم أن لا يصح نية الرفع بالغسل أيضا على تقدير تقدمه لأنه لا يرفع الحدث بمفرده ، والرد عليل لأنه مبني على كون الغسل والوضوء يشتركان معا في رفع الحدث الأكبر وهو واضح البطلان.

(٣) أي إذا وقع الوضوء بعد انقطاع الدم ، أما إذا استمر وحكمنا عليه بأنه استحاضة فلا بد من كون الوضوء بنية الاستباحة فقط ولا يصح فيه رفع الحدث لبقاء حدث الاستحاضة.

(٤) يجب الغسل بمسّ ميت الإنسان على المشهور للأخبار منها : صحيح محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام : (قلت : الرجل يغمض الميت أعليه الغسل؟ قال عليه‌السلام : إذا مسه بحرارته فلا ، ولكن إذا مسه بعد ما برد فليغتسل) (١) وصحيح عاصم بن حميد : (سألته عن الميت إذا مسه الإنسان ، أفيه غسل؟ فقال : إذا مسست جسده حين يبرد فاغتسل) (٢) وخبر عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (يغتسل الذي غسّل الميت ، وإن قبّل الميت إنسان بعد موته وهو حار فليس عليه غسل ، ولكن إذا مسه وقبّله وقد برد فعليه الغسل ، ولا بأس أن يمسه بعد الغسل ويقبّله) (٣).

وعن السيد المرتضى في الجمل والمصباح الاستحباب لخبر زيد بن علي عن علي عليه‌السلام : (الغسل من سبعة من الجنابة وهو واجب ، ومن غسل الميت وإن تطهرت أجزأك) (٤) فجعله في قبال الواجب دليل على استحبابه ، وفيه : إنه لا يقاوم الأخبار المتقدمة.

(٥) دون الميتة بلا خلاف فيه لصحيح محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام : (في رجل مسّ ميتة هل عليه الغسل؟ قال عليه‌السلام : لا ، إنما ذلك من الإنسان) (٥) ومثله غيره.

_________________

(١ و ٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب غسل المس حديث ١ و ٣ و ١٥ و ٨.

(٥) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب غسل المس حديث ١.

٢٣٧

النجس (١) (فبعد البرد وقبل التطهير) بتمام الغسل (٢) ، فلا غسل بمسّه قبل البرد وبعد الموت. وفي وجوب غسل العضو اللّامس قولان (٣) أجودهما ذلك خلافا

______________________________________________________

(١) احتراز عن المعصوم والشهيد ، أما المعصوم فقد تقدم الكلام فيه ، وأما الشهيد فقد حكم بسقوط غسل مسه كل من المحققين والشهيدين والعلامة وجماعة واستدل له بأن الأخبار الدالة على سقوط تغسيله تفيد أنه طاهر فتدل حينئذ باللازم على عدم وجوب غسل مسه ، لأن الأخبار ظاهرة في وجوب غسل المس بالنسبة للميت الذي يجب تغسيله لا مطلقا ، بل قال في الجواهر : «لم أجد فيه خلافا».

نعم وقع الخلاف فيمن قدم غسله قبل قتله كالمرجوم ، فقد ذهب جماعة منهم العلامة في جملة من كتبه إلى. سقوط غسل مسه لأنه قد اغتسل غسل الميت فيكون طاهرا ، وذهب ابن إدريس إلى وجوب غسل مسه لاندراجه تحت عموم الأخبار المتقدمة ، وتوقف فيه العلامة في المنتهى.

(٢) أي الغسل المعتبر للميت وهو الأغسال الثلاثة وعليه فلو تم غسل رأسه بالأغسال الثلاثة ولم يتم الغسل الثالث لبقية البدن فهل مس رأسه حينئذ موجب للغسل أو لا؟ فقد ذهب الشارح وسيد المدارك وجماعة إلى وجوب غسل المس لصدق المس قبل الغسل أي الغسل الكامل لتمام البدن بالأغسال الثلاثة ، وذهب العلامة في القواعد والتذكرة والشهيد في الذكرى والدروس والبيان إلى عدم الوجوب لصدق كمال الغسل المعتبر بالنسبة للعضو الممسوس ، ولذا لو كان منفصلا فلا يجب لمسه الغسل لو تم غسله بالأغسال الثلاثة فكذا مع الاتصال لعدم تعقل الفرق.

(٣) قد تقدم في باب النجاسات أن الميتة من ذوات النفس السائلة نجسة ولو كان آدميا بلا خلاف فيه ولكن مخصوص بصورة ما بعد البرد وقبل الغسل ، أما ما قبل البرد فهل يوجب النجاسة أو لا كما لم يوجب الغسل؟ ذهب الشيخ والعلامة وجماعة إلى أن مجرد خروج الروح يوجب نجاسته لإطلاق صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن الرجل يصيب ثوبه جسد الميت ، قال عليه‌السلام : يغسل ما أصاب الثوب) (١).

وذهب الأكثر إلى العدم للاستصحاب ، وللمنع من تحقق الموت قبل البرد وللتلازم بين غسل المسّ وغسل العضو اللامس مع أن الأول لا يكون إلا بعد البرد فكذا الثاني ولصحيح إبراهيم بن ميمون : (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل يقع ثوبه على جسد ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٤ ـ من أبواب النجاسات حديث ٢.

٢٣٨

للمصنف (١) ، وكذا لا غسل بمسه بعد الغسل ، وفي وجوبه بمسّ عضو كمل غسله قولان: اختار المصنف عدمه. وفي حكم الميت جزؤه المشتمل على عظم (٢) والمبان منه (٣) من حيّ والعظم المجرّد عند المصنف ، استنادا إلى دوران الغسل معه وجودا وعدما ، وهو ضعيف.

(ويجب فيه) أي في غسل المسّ(الوضوء) قبله أو بعده ، كغيره من أغسال الحي غير الجنابة (٤).

______________________________________________________

ـ الميت؟ قال عليه‌السلام : إن كان غسّل فلا تغسل ما أصاب ثوبك منه ، وإن كان لم يغسّل فاغسل ما أصاب ثوبك منه ، يعني إذا برد الميت) (١).

(١) حيث ذهب إلى عدم وجوب غسل العضو اللامس قبل البرد ، وأما بعد البرد فهو موطن اتفاق.

(٢) مسّ القطعة المبانة من الميت والمشتملة على العظم توجب الغسل على المشهور شهرة عظيمة لمرسل أيوب بن نوح عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا قطع من الرجل قطعة فهي ميتة ، فإذا مسه إنسان فكل ما كان فيه عظم فقد وجب على من يمسه الغسل ، فإن لم يكن فيه عظم فلا غسل عليه) (٢) والخبر وإن كان واردا في الحي إلا أن الحكم يثبت للميت بالأولوية ، ومنه تعرف حكم القطعة المبانة من الميت وإذا كانت غير مشتملة على عظم.

وتوقف المحقق في المعتبر وسيد المدارك لضعف الخبر وردّ بانجباره بالشهرة.

ثم لو مس العظم المجرد عن اللحم فعن الشهيد الأول والشارح في المسالك وجماعة وجوب الغسل لدوران غسل المس مدار وجود العظم في الفرع السابق.

وعن العلامة في التذكرة والمنتهى وجماعة عدم الغسل للأصل ، ولخروجه عن موضوع الخبر إذ الخبر مختص باللحم المشتمل على عظم لا بخصوص العظم ، ولأن العظم ممّا تحله الحياة فهو طاهر بالاتفاق فلا يوجب مسه نجاسة أو حدثا.

ثم إن العظم لا يشمل السن والظفر فلو مس اللحم وفيه سن فلا يجب الغسل كما في كشف الغطاء.

(٣) أي من الجزء المشتمل على العظم.

(٤) وقد تقدم الكلام فيه.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٤ ـ من أبواب النجاسات حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب غسل المس حديث ١.

٢٣٩

و «في» في قوله : «فيه» للمصاحبة كقوله تعالى : (ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ) (١) و(فَخَرَجَ عَلىٰ قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ) (٢) إن عاد ضميره إلى الغسل ، وإن عاد إلى المس فسببية.

(القول في أحكام الأموات (٣) ـ وهي خمسة)

______________________________________________________

(١) الأعراف الآية : ٣٨ ، أي ادخلوا مع أمم.

(٢) القصص الآية : ٧٩ ، أي مع زينته.

(٣) المناسب هو البحث عن غسل الميت لأنه عبادي ، وإنما بحث عن الاحتضار وغيره هنا تقليلا للأبواب ، ثم إن العادة جارية على ذكر أمرين :

الأول : ما يجب أو يستحب للمحتضر فعله.

الثاني : ما يجب أو يستحب أن يفعله الغير بالمحتضر.

أما الأول : فتجب عليه التوبة ، بل لا يختص الوجوب به لأنه يشمل كل مسلم عن صغيرة أو كبيرة ، ويدل عليه قوله تعالى : (تُوبُوا إِلَى اللّٰهِ تَوْبَةً نَصُوحاً) (١) وقوله تعالى : (تُوبُوا إِلَى اللّٰهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (٢) ، فتدل على وجوب التوبة عند الذنب ولا تختص بالمرض ولا بغيره ، وأما النصوص فكثيرة جدا.

وحقيقتها الندم ولا يكفي قوله (أستغفر الله) ، بل لا حاجة إليه مع الندم القلبي ويدل عليه أخبار منها : صحيح ابن أبي عمير عن علي الأحمسي عن أبي جعفر عليه‌السلام : (كفى بالندم توبة) (٣) ، ويعتبر فيها العزم على ترك العود إلى المعصية بل عن البحار المفروغية عنه.

ويجب على المريض أيضا عند ظهور أمارات الموت أداء حقوق الناس الواجبة ورد الودائع والأمانات مع الإمكان ، وإلا فيجب عليه الوصية بها ، كل ذلك لأداء الواجب عليه من ردّ حقوق الغير لأصحابها.

ويجب عليه الوصية بالواجبات العبادية كالصلاة والصوم والحج إذا كان عنده مال ، وكذا بالصلاة والصوم إذا كان على الأكبر قضاؤه ، بل لو احتمل وجود متبرع فيجب عليه الوصية للاحتياط. ـ

__________________

(١) التحريم الآية : ٨.

(٢) النور الآية : ٣١.

(٣) الوسائل الباب ـ ٨٣ ـ من أبواب جهاد النفس حديث ٦.

٢٤٠