الزبدة الفقهيّة - ج ١

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي

الزبدة الفقهيّة - ج ١

المؤلف:

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي


الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات ذوي القربى
المطبعة: كيميا
الطبعة: ٤
ISBN: 964-6307-54-X
ISBN الدورة:
964-6307-53-1

الصفحات: ٣٤٩

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ لأبي عبد الله عليه‌السلام : امرأة رأت الدم في حيضها حتى تجاوز وقتها ، متى ينبغي لها أن تصلي؟ قال : تنتظر عدتها التي كانت تجلس ثم تستظهر بعشرة أيام ، فإن رأت الدم دما صبيبا فلتغتسل في وقت كل صلاة) (١).

واختلاف الأخبار في مدة الاستظهار دليل على استحبابه بيوم أو يومين أو ثلاثة أو إلى تمام العشرة ، هذا مع أن أخبار تمام العشرة يمكن حملها على الاستظهار بثلاثة أيام باعتبار أن الغالب في عادة النساء هي سبعة أيام.

وهذه الأخبار محمولة على ما لو ظنت انقطاع الدم على العشرة فما دون ، أما لو علمت بتجاوز العشرة فتقتصر على أيام عادتها حائضا والباقي مستحاضة جمعا بين أخبار الاستظهار وأخبار الاقتصار على العادة وهي كثيرة منها : موثق إسحاق بن جرير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في المرأة تحيض فتجوز أيام حيضها ، قال عليه‌السلام : إن كان أيام حيضها دون عشرة أيام استظهرت بيوم واحد ثم هي مستحاضة ، قالت : فإن الدم يستمر بها الشهر والشهرين والثلاثة كيف تصنع بالصلاة؟ قال عليه‌السلام : تجلس أيام حيضها ثم تغتسل لكل صلاتين) (٢). وموثق عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (المرأة المستحاضة التي لا تطهر تغتسل؟ قال عليه‌السلام : المستحاضة تغتسل عند صلاة الظهر ـ إلى أن قال ـ : ولا بأس أن يأتيها بعلها متى شاء إلا أيام حيضها) (٣).

هذا واعلم أن الحائض إن علمت بالنقاء بعد انقضاء عادتها اغتسلت وصلت ، وإن احتملت بقاء الدم يجب عليها الاستبراء واستعلام الحال بأن تدخل قطنة وتصبر عليها قليلا فإن خرجت وهي نقية فتغتسل وتصلي وإلا فإن احتملت الانقطاع إلى العشرة فما دون فتستظهر بيوم أو يومين أو ثلاثة وإن لم تحتمل الانقطاع فتعمل عمل المستحاضة.

والأخبار الدالة على الاستبراء كثيرة منها : صحيح ابن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام : (إذا أرادت الحائض أن تغتسل فلتستدخل قطنة فإن خرج فيها شي‌ء من الدم فلا تغتسل ، وإن لم تر شيئا فلتغتسل) (٤) ، ظاهر في كون الاستبراء للإرشاد في تحصيل ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب الحيض حديث ١٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب الحيض حديث ٣.

(٣) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب الاستحاضة حديث ٤.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب الحيض حديث ١.

٢٠١

(ولو تجاوز) الدم(العشرة فذات العادة الحاصلة باستواء) الدم(مرتين) (١) أخذا وانقطاعا (٢) ، سواء أكان في وقت واحد (٣) ، بأن رأت في أول شهرين سبعة مثلا ، أم في وقتين (٤) كأن رأت السبعة في أول شهر وآخره ، فإن السبعة تصير عادة وقتية وعددية في الأول ، وعددية في الثاني ، فإذا تجاوز عشرة (٥) (تأخذها) أي العادة فتجعلها حيضا(٦).

______________________________________________________

ـ النقاء لئلا يظهر الدم فيلغى الاغتسال ، فما عن البعض من وجوب الاستبراء ليس في محله.

(١) العادة تتحقق برؤية الدم مرتين متماثلتين بلا خلاف معتد به للأخبار منها : موثق سماعة : (سألته عن الجارية البكر أول ما تحيض ـ إلى أن قال ـ : فإذا اتفق شهران عدة أيام سواء فتلك أيامها) (١) ومرسلة يونس : (فإن انقطع الدم لوقته في الشهر الأول سواء حتى توالى عليها حيضتان أو ثلاث فقد علم الآن أن ذلك قد صار لها وقتا وخلقا معروفا ، تعمل عليه وتدع ما سواه ، وتكون سنتها فيما يستقبل إن استحاضت ـ إلى أن قال ـ : وإنما جعل الوقت أن توالى عليها حيضتان أو ثلاث لقول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للتي تعرف أيامها : دعي الصلاة أيام أقرائك ، فعلمنا أنه لم يجعل القرء الواحد سنة لها فيقول : دعي الصلاة أيام قرئك ، ولكن سنّ لها الأقراء وأدناه حيضتان فصاعدا) (٢) فما عن بعضهم ولم يعرف الاكتفاء بالمرة ضعيف جدا.

(٢) أي استوى الدم أخذا وانقطاعا بحسب العدد ، وهذا يشمل الوقتية العددية والعددية

(٣) فهي الوقتية العددية.

(٤) فهي العددية فقط.

(٥) تكرار لقول الماتن ، أعاده لطول الفصل ليرتبط الكلام بعضه ببعض.

(٦) ما تراه المرأة من الدم أيام عادتها أو قبلها بقليل ولم يتجاوز العشرة فالمجموع حيضا بلا خلاف للأخبار منها : موثق سماعة : (فلها أن تجلس وتدع الصلاة ما دامت ترى الدم ما لم يجز العشرة) (٣) وموثق ابن بكير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (المرأة إذا رأت الدم في أول حيضها واستمر بها الدم بعد ذلك تركت الصلاة عشرة أيام) (٤) وإذا تجاوز فتأخذ عادتها حيضا والباقي استحاضة للأخبار منها : مرسلة داود العجلي عن أبي ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب الحيض حديث ١ و ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب الحيض حديث ١.

(٤) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب الحيض حديث ٦.

٢٠٢

والفرق بين العادتين الاتفاق على تحيّض الأولى برؤية الدم (١) ، والخلاف في الثانية (٢) فقيل : إنها فيه كالمضطربة لا تتحيض إلا بعد ثلاثة والأقوى أنها كالأولى (٣).

______________________________________________________

ـ عبد الله عليه‌السلام : (سألته عن المرأة تحيض ثم يمضي وقت طهرها وهي ترى الدم فقال : تستظهر بيوم إن كان حيضها دون العشرة أيام فإن استمر الدم فهي مستحاضة) (١) ومرسلة يونس عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (وكل ما رأته بعد أيام حيضها فليس من الحيض) (٢) وقد تقدم الكثير من الأخبار في الاستظهار.

(١) أي تتحيض الوقتية بمجرد رؤية الدم وإن لم يكن بصفات الحيض للأخبار منها : صحيح الحسين بن نعيم الصحاف عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (وإذا رأت الحامل الدم قبل الوقت الذي كانت ترى فيه الدم بقليل أو في الوقت من ذلك الشهر فإنه من الحيضة) (٣) وموثق سماعة : (عن المرأة ترى الدم قبل وقت حيضها ، قال عليه‌السلام : فلتدع الصلاة ، فإنه ربما تعجل بها الوقت) (٤). وصحيح محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن المرأة ترى الصفرة في أيامها ، فقال عليه‌السلام : لا تصل حتى تنقضي أيامها) (٥) ومرسلة يونس : (لأن السنة في الحيض أن تكون الصفرة والكدرة فما فوقها في أيام الحيض ـ إذا عرفت ـ حيضا) (٦).

(٢) أي في العادة العددية ، فعن جماعة منهم المحقق في الشرائع أنها تتحيض بمجرد رؤية الدم إن كان بصفات الحيض لأخبار الصفات منها : خبر حفص البختري : (إن دم الحيض حارّ عبيط أسود له دفع وحرارة ، ودم الاستحاضة أصفر بارد ، فإذا كان للدم حرارة ودفع وسواد فلتدع الصلاة) (٧) ولقاعدة الإمكان المتقدمة.

وذهبت جماعة منهم السيد وابن الجنيد إلى أن علمها بالعدد فقط مما لا تأثير له في الحكم بالتحيض فلا بد أن تكون كالمضطربة والمبتدئة.

(٣) كالوقتية لأخبار الصفات ، هذا وقد ألحقها الشارح بالمضطربة عند البحث في أحكام ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب الحيض حديث ٤.

(٢) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب الحيض حديث ٣.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب الحيض حديث ١ و ٢.

(٥) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب الحيض حديث ١.

(٦) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب الحيض حديث ٤.

(٧) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب الحيض حديث ٢.

٢٠٣

ولو اعتادت (١) وقتا خاصا ـ بأن رأت في أول شهر سبعة ، وفي أول آخر ثمانية ـ

______________________________________________________

ـ الحيض كما سيأتي ، ثم إن المضطربة هي الناسية للعادة بحيث كانت لها عادة ثم اضطرب عليها الدم وقد نسيت عادتها كما عن المحقق في الشرائع والعلامة وتبعه من تأخر ، وفسرها في المعتبر بمن لم تستقر لها عادة وجعل الناسية للعادة قسيما لها وهي تتحيض بمجرد رؤية الدم إن كان بصفات الحيض لأخبار الصفات المتقدمة ، فما عن الشهيد الاكتفاء بالظن فإن ظنت تحيضت وإلا فلا لأصالة عدم الحيض لا معنى له بعد كون أخبار الصفات حاكمة في البين. وأما المبتدئة فتتحيض بمجرد رؤية الدم إن كان بصفات الدم على المشهور للأخبار منها : مضمرة سماعة : (سألته عن الجارية البكر أول ما تحيض فتقعد في الشهر يومين وفي الشهر ثلاثة يختلف عليها ، لا يكون طمثها في الشهر عدة أيام سواء ، قال عليه‌السلام : فلها أن تجلس وتدع الصلاة ما دامت ترى الدم ما لم يجز العشرة) (١) وموثق ابن بكير : (في الجارية أول ما تحيض يدفع عليها الدم فتكون مستحاضة ، إنها تنظر بالصلاة فلا تصلي حتى يمضي أكثر ما يكون من الحيض ، فإذا مضى ذلك وهو عشرة أيام فعلت ما تفعله المستحاضة) (٢).

وعن جماعة منهم الكليني والحلي في السرائر والمحقق في المعتبر والعلامة في التذكرة التفصيل بين الأيام الثلاثة الأولى فلا تتحيض ، وبين ما بعدها فتتحيض للقطع بكونه حيضا ، والأخبار السابقة حجة عليهم.

هذا واعلم أن الأخبار غير صريحة في تقسيم الحائض إلى ذات العادة وغيرها ، وأن ذات العادة تارة تكون عادتها وقتية وأخرى عددية وثالثة وقتية عددية وأن غيرها إما مضطربة وإما مبتدئة وإنما الموجود يدل على ذات العادة الوقتية وعلى المبتدئة وعلى المضطربة وأما العددية فلا يوجد خبر ظاهر في ذلك.

هذا من جهة ومن جهة أخرى فالوقتية تتحيض بمجرد رؤية الدم وإن لم يكن بصفات الحيض إذا دخل وقتها ، بل وكذا لو تعجل عليها بيوم أو يومين للأخبار التي تقدم بعضها ، وأما غيرها فتتحيض سواء كانت عددية أو مضطربة أو مبتدئة برؤية الدم إذا كان بصفات الحيض لأخبار الصفات وقد تقدم بعضها ، ولذا ترى أن الشارح ألحق المضطربة بالعددية كما هنا ، وبالمبتدئة كما في أحكام الحيض.

(١) أي المضطربة ، اعلم أن المضطربة بناء على تفسيرها بمن لم تستقر لها عادة إما أن ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب الحيض حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب الحيض حديث ٥.

٢٠٤

فهي مضطربة العدد لا ترجع إليه (١) عند التجاوز (٢) ، وإن أفاد الوقت تحيّضها برؤيته فيه (٣) بعد ذلك (٤) كالأولى (٥) إن لم نجز ذلك للمضطربة (٦).

(وذات التمييز) (٧) وهي التي ترى الدم نوعين أو أنواعا(تأخذه) بأن تجعل القويّ حيضا ، والضعيف استحاضة(بشرط عدم تجاوز حدّيه) قلة وكثرة (٨) ، وعدم قصور الضعيف (٩) ، وما يضاف إليه (١٠) من أيام النقاء عن أقلّ الطهر ، وتعتبر القوة بثلاثة (١١) : «اللون» فالأسود قويّ الأحمر ، وهو قويّ الأشقر ، وهو قويّ

______________________________________________________

ـ تكون مضطربة في الوقت والعدد وإما أن تكون مضطربة في الوقت فقط وإما أن تكون مضطربة في العدد فقط ، والأخيرة تتحيض بمجرد رؤبة الدم وإن لم يكن بصفات الحيض لأنها صاحبة عادة وقتية بخلاف القسمين السابقين فإنها تتحيض برؤية الدم إن كان بصفات الحيض لأخبار الصفات.

(١) إلى العدد.

(٢) أي تجاوز الدم عشرة أيام ، ولا ترجع إليه لعدم ضبطه.

(٣) أي برؤية الدم في ذلك الوقت.

(٤) أي بعد هذا الشهر من الأشهر المقبلة فتكون ذات عادة وقتية لتكرره شهرين فصاعدا.

(٥) أي تكون المضطربة حينئذ كذات العادة الوقتية تتحيض بمجرد رؤية الدم وإن لم يكن بصفات الحيض.

(٦) أي لم نجز التحيض للمضطربة بمجرد رؤية الدم ، بناء على إلحاقها بالمبتدئة وبناء على أن حكم المبتدئة لا تتحيض إلا بعد ثلاثة أيام كما هو قول جماعة وقد تقدم.

(٧) أي صاحبة الدم المتميز بأن رأت نوعين من الدم أو أكثر كل واحد متميز عن الآخر ولم تكن ذات عادة ، فما شابه دم الحيض من صفاته الثابتة له فهو حيض ، وما شابه دم الاستحاضة في صفاته الثابتة له فهو استحاضة ، لأخبار الصفات التي تقدم بعضها.

(٨) أي بشرط أن يكون ما شابه دم الحيض لا ينقص عن ثلاثة ولا يزيد على العشرة.

(٩) بحيث كان القوي أولا ثم ضعف الدم ثم صار قويا فيحكم بحيضيّة القوي في كلا الطرفين بشرط عدم قصور الضعيف عن العشرة لأنها أقل الطهر.

أما لو كان القوي ثلاثة أيام ثم صار أصفر يومين ثم صار قويا كما كان ثلاثة أيام فلا يحكم بحيضية الطرفين لقصور الضعيف عن أقل الطهر بل يحكم على الجميع بأنه حيض لعدم زيادة ما رأته عن أكثر الحيض.

(١٠) إلى الضعيف.

(١١) باللون والرائحة والقوام ، وفيه : إن الأخبار لم تذكر الرائحة كما صرح بذلك غير ـ

٢٠٥

الأصفر ، وهو قويّ الأكدر. و «الرائحة» فذو الرائحة الكريهة قويّ ما لا رائحة له ، وماله رائحة أضعف. و «القوام» فالثخين قويّ الرقيق ، وذو الثلاث (١) قويّ ذي الاثنين ، وهو قويّ ذي الواحد ، وهو قويّ العادم. ولو استوى العدد (٢) وإن كان مختلفا فلا تمييز(٣).

(و) حكم(الرّجوع) ، إلى التمييز ثابت(في المبتدأة) (٤) بكسر الدال

______________________________________________________

ـ واحد ، نعم ذكرت الخروج دفقا والحرارة فكان على الشارح ذكرهما.

(١) أي الدم ذي اللون والرائحة والقوام أقوى من الدم الفاقد لواحد منها.

(٢) بأن كان في أحد الدمين وصف وفي الآخر وصف آخر.

(٣) قال في الجواهر عن هذه الترجيحات : «وفي اعتبار شي‌ء من ذلك مما لا يرجع إلى النصوص نظر وتأمل» وعليه فالمدار على اللون والحرارة والدفق.

(٤) المبتدئة بكسر الدال اسم فاعل بمعنى التي ابتدأت الحيض ، ويجوز الفتح ليصير اسم مفعول بمعنى أن الحيض ابتدأ فيها ، والمبتدئة هل تختص بمن رأت الدم مرة واحدة ، أو تشمل كل من لم يستقر لها عادة ، ذهب المحقق في المعتبر إلى الأول وعليه فتكون المضطربة هي الأعم ممن لم يستقر لها عادة ومن الناسية لعادتها.

وذهب غيره إلى الثاني فتكون المضطربة هي خصوص الناسية للعادة ، وذهب سيد المدارك إلى أن الخلاف لفظي باعتبار أن حكم الجميع هو التحيض بمجرد رؤية الدم إن كان بصفات الحيض.

ويرده أن غير المستقرة وهي التي رأت الدم شهورا أو سنين ولم يستقر لها عادة تأخذ حكم المضطربة من الرجوع إلى الصفات ، ومع فقدها ترجع إلى الروايات بناء على قول المحقق في المعتبر.

وهي تأخذ حكم المبتدأة فترجع إلى الصفات ومع فقدها فترجع إلى عادة نسائها فإن اختلفن فترجع إلى عادة أقرانها على قول ، وإن اختلفن فترجع إلى الروايات على المشهور.

ثم إن المبتدئة قد عرفت تحيضها بمجرد رؤية الدم إن كان بصفات الحيض ، فإذا توقف على العشرة فما دون فالكل حيض ، وإن استمر الدم وتجاوز العشرة فما كان بصفات الحيض فهو حيض وما كان بصفات الاستحاضة فهو استحاضة لأخبار الصفات وهذا هو مقصود الشارح عند قوله بالرجوع إلى التمييز ، بشرط أن لا ينقص ما جعلته حيضا عن ثلاثة أيام ولا يزيد على العشرة ، وبشرط عدم قصور الضعيف مع النقاء عن أقل الطهر إذا كان المحكوم بالحيضية على حاشيتي الضعيف. ـ

٢٠٦

.................................................................................................

______________________________________________________

فإن فقدت الصفات بأن كان الدم كله لونا واحدا ، أو اختلف اللون إلا أن الواجد للصفات لم يحرز شرطي الحيض المتقدمين ، فترجع إلى عادة أقاربها في عدد الأيام لمضمرة سماعة : (سألته عن جارية حاضت أول حيضها فدام دمها ثلاثة أشهر وهي لا تعرف أيام أقرائها؟ فقال : أقراؤها مثل أقراء نسائها ، فإن كانت نساؤها مختلفات فأكثر جلوسها عشرة أيام وأقله ثلاثة) (١) وخبر زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام : (يجب للمستحاضة أن تنظر بعض نسائها فتقتدي بأقرائها ثم تستظهر على ذلك بيوم) (٢).

بلا فرق بين الحيّة منهن والميتة ولا بين المساوية في السن وغيرها ، ولا بين البلدية وغيرها للعموم ، وخالف الشهيد في الذكرى واعتبر اتحاد البلد محتجا بأن للبلدان أثرا ظاهرا في تخالف الأمزجة.

كما أنه لا فرق بين أقارب الأب وأقارب الأم لصدق نسائها الوارد في الخبر على الجميع ، وذهب الشيخ في الخلاف وابن زهرة في الغنية والمحقق في الشرائع والمعتبر إلى اشتراط اتفاق جميع النساء في العادة حتى ترجع إليهن ، وعن الشهيد في الذكرى الاكتفاء بالغالب فيهن لتعذر اتفاق الجميع.

ثم إن اختلفت عادة أقاربها ترجع إلى عادة أقرانها ممن هنّ في سنها على المشهور ، وقد اعترف أكثر من واحد بعدم الدليل عليه إلا الظن بالمساواة بينهن ، ويؤيده مرسلة يونس عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إن المرأة أول ما تحيض ربما كانت كثيرة الدم ، فيكون حيضها عشرة أيام فلا تزال كل ما كبرت نقصت حتى ترجع إلى ثلاثة أيام) (٣) وهي ظاهرة في توزيع الأيام على الأعمار.

ولما يوجد في بعض النسخ من تبديل الهمزة في أقرائها ، بالنون في رواية زرارة ومحمد بن مسلم المتقدمة ، فيكون اللفظ (فتقتدي بأقرانها) ، وكذا تبديل الهمزة بالنون في موثق سماعة فيكون اللفظ : (أقراؤها مثل أقران نسائها).

مع أن الظن هنا لا يفيد حكما ، وتبديل اللفظ في خبر زرارة وابن مسلم وموثق سماعة لا يلتفت إليه ما دام السياق وأكثر النسخ خصوصا المصححة على أقرائها. ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب الحيض حديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب الحيض حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب الحيض حديث ٤.

٢٠٧

وفتحها ، وهي من لم يستقر لها عادة ، إما لابتدائها (١) ، أو بعده مع اختلافه (٢) عددا ووقتا(والمضطربة) وهي من نسيت عادتها وقتا ، أو عددا ، أو معا. وربّما أطلقت على ذلك (٣) وعلى من تكرر لها الدم مع عدم استقرار العادة (٤) ، وتختص المبتدأة على هذا (٥) بمن رأته أول مرة ، والأول أشهر (٦).

وتظهر فائدة الاختلاف في رجوع ذات القسم الثاني من المبتدأة (٧) إلى عادة أهلها (٨) وعدمه (٩). (ومع فقده) أي فقد التمييز بأن اتحد الدم المتجاوز لونا وصفة ، أو اختلف ولم تحصل شروطه (تأخذ المبتدأة عادة أهلها) وأقاربها من الطرفين ، أو أحدهما كالأخت والعمة والخالة وبناتهن ، (فإن اختلفن) في العادة وإن غلب بعضهن(فأقرانها) وهنّ من قاربها في السن عادة. واعتبر المصنف في كتبه الثلاثة (١٠) فيهن وفي الأهل اتحاد البلد لاختلاف الأمزجة باختلافه ، واعتبر في الذكرى أيضا الرجوع إلى الأكثر عند الاختلاف وهو أجود ، وإنما اعتبر في الأقران الفقدان دون الأهل لإمكانه فيهن دونهن (١١) ، إذ لا أقلّ من الأم لكن قد

______________________________________________________

ـ ثم على القول بالرجوع إلى أقرانها فقد اشترط الشهيد اتحاد البلد أيضا لأن للبلدان أثرا ظاهرا في تخالف الأمزجة ، وفيه إنه استحسان ظني لا يصلح أن يكون مستندا للحكم.

ثم على القول بالرجوع إلى أقرانها فإن اختلفن فترجع إلى الروايات ، وكذا على القول بعدم الرجوع إليهن فترجع إلى الروايات وسيأتي البحث فيها إن شاء الله تعالى.

(١) أي ابتدائها برؤية الدم.

(٢) اختلاف الدم.

(٣) أي على الناسية.

(٤) وهو قول المحقق في المعتبر.

(٥) أي هذا الإطلاق الأخير.

(٦) مع أنه لم ينقل الشارح في الروض خلافا إلا عن المحقق ، فالأولى القول : والأول مشهور.

(٧) وهي التي لم يستقر لها عادة وهي المسماة بالمتحيرة.

(٨) على قول المشهور.

(٩) أي عدم الرجوع على قول المحقق.

(١٠) الذكرى والدروس والبيان.

(١١) أي لإمكان الفقدان في الأقران بحيث كانت تعيش في بلاد نائية ، مع أنه لا يمكن ـ

٢٠٨

يتفق الفقدان بموتهن وعدم العلم بعادتهن ، فلذا عبّر في غيره (١) بالفقدان ، والاختلاف فيهما.

(فإن فقدن) الأقران ، (أو اختلفن فكالمضطربة في) (٢) الرجوع إلى

______________________________________________________

ـ الفقدان في الأهل إذ كل بنت لها أم على الأقل فترجع إلى أمها ، ولذا رتب أكثر من واحد الاختلاف على الأهل والفقدان على الأقران ، ومنهم المصنف هنا.

وفيه : المدار على العلم بعادة أهلها فقد يموت الجميع قبل وعيها ولا تستطيع أن تعلم بعادتهن فالفقدان الحكمي متحقق في الأهل كما يتحقق الفقدان في الأقران ، ولذا رتب الفقدان عليهما كل من الشيخ في المبسوط والعلامة في القواعد وابني حمزة وإدريس وجماعة.

(١) أي فلذا عبّر المصنف في غير الأهل بالفقدان ، وعبّر بالاختلاف في الأهل والأقران.

(٢) قد عرفت أن المضطربة تتحيض بمجرد رؤية الدم إن كان بصفات الحيض لأخبار الصفات ، فإن لم يتجاوز العشرة فكله حيض ، وإن تجاوز فما كان من صفات الحيض فهو حيض وما كان من صفات الاستحاضة فهو استحاضة لأخبار الصفات ، بشرط أن يكون ما جعلته حيضا حائزا على شرائط الحيض من عدم نقصه على الثلاثة وعدم تجاوزه العشرة ، وكون الوسط أو النقاء المتخلل بين الدمين مع ما أضيف إلى الدم لا يتجاوز العشرة إذا كان محفوفا بالدم من جانبيه.

وعن أبي الصلاح أنها ترجع إلى النساء ثم إلى التمييز بالصفات ، وعن ابن زهرة أنها لا تلتفت إلى شي‌ء بل تتحيض بعشرة أيام ، وهما ضعيفان كما في الجواهر إذ لا دليل لهما.

ثم على القول المشهور من التحيض بالتمييز فإن فقدته ترجع إلى الروايات ففي موثق عبد الله بن بكير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : (في الجارية أول ما تحيض يدفع عليها الدم فتكون مستحاضة؟ إنها تنتظر بالصلاة فلا تصلي حتى يمضي أكثر ما يكون من الحيض ، فإذا مضى ذلك وهو عشرة أيام فعلت ما تفعله المستحاضة ، ثم صلت فمكثت تصلي بقية شهرها ، ثم تترك الصلاة في المرة الثانية أقل ما تترك امرأة الصلاة وتجلس أقل ما يكون من الطمث وهو ثلاثة أيام) (١) ومثله موثقه الآخر (٢) وهي تدل على أنها تأخذ عشرة أيام من شهر وثلاثة أيام من شهر آخر وهكذا ، وفي مرسلة يونس الطويلة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (تحيضي في كل شهر في علم الله ستة أيام أو سبعة ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب الحيض حديث ٥ و ٦.

٢٠٩

الروايات ، وهي (أخذ عشرة) أيام(من شهر ، وثلاثة من آخر) مخيرة في الابتداء بما شاءت منهما ، (أو سبعة سبعة) من كل شهر ، أو ستة ستة مخيرة في ذلك (١) ، وإن كان الأفضل لها اختيار ما يوافق مزاجها (٢) منها ، فتأخذ ذات المزاج الحار السبعة ، والبارد الستة ، والمتوسط الثلاثة والعشرة ، وتتخير في وضع ما اختارته حيث شاءت من أيام الدم (٣) ، وإن كان الأولى الأول (٤) ، ولا اعتراض للزوج في ذلك (٥). هذا في الشهر الأول ، أما ما بعده (٦) فتأخذ ما يوافقه وقتا.

وهذا إذا نسيت المضطربة الوقت والعدد معا ، أما لو نسيت أحدهما خاصة ، فإن كان الوقت (٧)

______________________________________________________

ـ أيام ـ إلى أن قال «للتي اختلط عليها أيامها وزادت ونقصت حتى لا تقف منها على حد ولا من الدم على لون.» : ولكن الدم أطبق عليها فلم تزل الاستحاضة دارة وكان الدم على لون واحد وحالة واحدة فسنتها السبع والثلاث والعشرون) (١) وبعضهم قال بالتخيير بين هذه الرواية وبين الروايات السابقة ، والذي يترجح في النظر هو حمل هذه على من استمر معها الدم وكانت مضطربة وتلك على المبتدئة كما هو ظاهرها ، وهناك أقوال كثيرة في المبتدئة والمضطربة أنهاها في كشف اللثام إلى أربعة عشر قولا ، وفي طهارة الشيخ إلى عشرين.

(١) للجمع بين الأخبار المتقدمة.

(٢) ذهب العلامة في النهاية إلى الوجوب ، وذهب المحقق والشهيد وجماعة إلى التخيير وإن لم يوافق المزاج وقد عرفت حمل الأخبار المتقدمة فلا نعيد.

(٣) ولا يشترط وضعه في أول الشهر كما ذهب إليه الشارح في الروض وجماعة ، وعن الأكثر وجوب وضعه في أول أيام الدم لظهور الروايات في ذلك.

(٤) أي أول أيام الدم.

(٥) لأن التخيير بيدها ، فلو اختارت لكانت حائضا ، ومع تحقق عنوان الحيض لا يجب عليها إطاعة الزوج في المواطأة.

(٦) أي بعد الشهر الأول.

(٧) فتكون ذاكرة للعدد ، فذهب المشهور إلى أنها تتخير في وضع عدد عادتها في أي وقت تشاء من الشهر ، وذهب الشيخ في المبسوط والعلامة في الإرشاد إلى أنها تعمل ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب الحيض حديث ٣.

٢١٠

أخذت العدد كالروايات (١) أو العدد (٢)

______________________________________________________

ـ في الزمان كله عمل المستحاضة وتغتسل للحيض في كل وقت تحتمل انقطاع الحيض فيه وتقضي بعد ذلك صوم عادتها ، للاحتياط لعدم تشخيصها الحيض في وقت خاص. وفيه : إن الناسية للوقت فقط ليست أسوأ حالا من الناسية للوقت والعدد ، مع أن الثانية ترجع إلى الصفات أو الروايات ولا يجب عليها الاحتياط فلم وجب الاحتياط على الأولى ، على أن هذا الاحتياط موجب للعسر والحرج المنفيين في الشريعة.

(١) أي تجعل عدد أيامها حيث شاءت من أيام الدم كما تتخير عند الأخذ في الروايات.

(٢) بحيث تكون ذاكرة للوقت ، وهنا أربع مسائل :

الأولى : أن تذكر وقت أول الحيض بحيث تعلم أن أول الشهر هو أول حيضها ، فقد ذهب الشيخ في المبسوط وابن حمزة والشهيد في البيان والمحقق في المعتبر وجماعة إلى اكمال ما تذكره ثلاثة أيام لأنه أقل الحيض والباقي على الاستحاضة لأصالة شغل ذمتها بالعبادة.

وعن الشيخ في الخلاف أنها ترجع إلى الروايات فتكمل ما ذكرته بعدد مروي وهو السبعة فقط.

وعن الشهيد الثاني وجماعة أنها تتخير بإكمال ما ذكرته بعدد مروي من الستة أو السبعة أو العشرة والثلاثة لصدق الاضطراب والنسيان في حقها فتشملها أخبار المضطربة.

الصورة الثانية : أن تذكر وقت آخر الحيض فتجعله نهاية الثلاثة التي هي حيض قطعا وما قبل الثلاثة تعمل عمل المستحاضة كما عن جماعة ، وعن الشهيد أنها تكمل ما علمت آخره بعدد مروي من الستة أو السبعة أو العشرة والثلاثة.

الصورة الثالثة : أن تعلم وقت وسط الحيض وتعلم أنه محفوف بما قبله وبما بعده بالحيض ، فيكون ما قبله بيوم وما بعده بيوم مع ضميمته حيضا قطعا ويقتصر عليه كما عن جماعة ، أو يكمل بعدد مروي كما عن الشهيد الثاني. وعن البعض أنها لو اختارت الإكمال بإحدى الروايات فلا بد من اختيارها السبعة أو الثلاثة ليوافق الوسطية المحفوفة بالحيض من كلا الجانبين على نحو التساوي.

وفيه : إن المراد بالوسط هو ما بين الأول والأخير لا الوسط الحقيقي بحيث يكون هناك التساوي بين طرفيه.

الصورة الرابعة : أن تعلم أن هذا اليوم من أيام حيضها من غير معرفة أوليته أو وسطيته أو آخريته للحيض ، فتجعله حيضا مع إكماله بيومين فيكون المجموع حيضا على نحو القطع ويجري فيه الخلاف المتقدم.

٢١١

جعلت ما تيقن من الوقت حيضا أولا (١) ، أو آخرا (٢) ، أو ما بينهما (٣) وأكملته بإحدى الروايات على وجه يطابق ، فإن ذكرت أوله أكملته ثلاثة متيقنة وأكملته بعدد مروي ، أو آخره تحيّضت بيومين قبله متيقنة وقبلهما تمام الرواية ، أو وسطه المحفوف بمتساويين ، وأنه يوم حفّته بيومين واختارت رواية السبعة لتطابق الوسط ، أو يومان حفّتهما بمثلهما ، فتيقنت أربعة واختارت رواية الستة فتجعل قبل المتيقن يوما وبعده يوما ، أو الوسط بمعنى الأثناء مطلقا حفّته بيومين متيقنة ، وأكملته باحدى الروايات متقدمة أو متأخرة أو بالتفريق. ولا فرق هنا (٤) بين تيقن يوم وأزيد ، ولو ذكرت عددا في الجملة (٥) فهو المتيقّن خاصة ، وأكملته بإحدى الروايات قبله أو بعده أو بالتفريق ، ولا احتياط لها (٦) بالجمع بين التكليفات (٧) عندنا (٨) ، وإن جاز فعله (٩).

(ويحرم عليها) أي على الحائض مطلقا (١٠) (الصلاة) (١١)

______________________________________________________

(١) الصورة الأولى.

(٢) الصورة الثانية.

(٣) الصورة الثالثة.

(٤) في الوسط بمعنى مطلق الأثناء.

(٥) الصورة الرابعة.

(٦) إشارة إلى خلاف الشيخ والعلامة المتقدم بالنسبة لناسية الوقت من حكمهما بالاحتياط عليها فتعمل عمل المستحاضة وتغتسل للحيض في كل وقت تحتمل فيه انقطاع دم الحيض مع قضاء صوم عادتها.

(٧) تكليف تروك الحائض وتكليف عمل المستحاضة.

(٨) لأنها ليست بالأسوإ حالا من الناسية للوقت والعدد معا.

(٩) أي الجمع.

(١٠) سواء كان حيضها يقينا أو بحكم الحيض ، وسواء كان حيضها باعتبار العادة أو التمييز أو الرجوع إلى أهلها أو أقرانها أو الروايات.

(١١) بل كل ما يشترط فيه الطهارة كالصلاة والصوم والطواف والاعتكاف ، ويدل عليه أخبار منها : صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (إذا كانت المرأة طامثا فلا تحل لها الصلاة) (١) وخبر الفضل بن شاذان عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام : (إذا حاضت المرأة ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٩ ـ من أبواب الحيض حديث ١ و ٢.

٢١٢

واجبة ومندوبة (١) (والصوم وتقضيه) دونها (٢) ، والفارق النص ، لا مشقتها بتكررها (٣) ولا غير ذلك (٤).

______________________________________________________

ـ فلا تصوم ولا تصلي) (١) وخبر علي بن عقبة عن أبيه عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في امرأة اعتكفت ثم إنها طمثت قال عليه‌السلام : ترجع ليس لها اعتكاف) (٢).

(١) لإطلاق الخبر.

(٢) أي وتقضي الصوم دون الصلاة للأخبار منها : خبر زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (سأله عن قضاء الحائض الصلاة ثم تقضي الصيام ، فقال عليه‌السلام : ليس عليها أن تقضي الصلاة وعليها أن تقضي صوم شهر رمضان) (٣) وخبر الحسن بن راشد : (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : الحائض تقضي الصلاة؟ قال عليه‌السلام : لا ، قلت : تقضي الصوم؟ قال عليه‌السلام : نعم ، قلت : من أين جاء هذا؟ قال عليه‌السلام : إن أول من قاس إبليس) (٤) وحديث ابن شبرمة : (إن أبا عبد الله عليه‌السلام قال لأبي حنيفة : أيّما أعظم الصلاة أم الصوم؟ قال : الصلاة قال : فما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟! فاتق الله ولا تقس) (٥).

(٣) أي مشقة الصلاة بتكرارها دون الصوم فإنه في السنة مرة.

(٤) من الوجوه ، وقال الشارح في المسالك بعد ما أورد خبر ابن راشد المتقدم : (فلا معنى لتحمل الفرق بعد ذلك) وظاهر كلامه أن الفارق تعبدي كما صرّح بذلك في روض الجنان ، ولذا قال في الروض : «وقد تمحل للفرق بعضهم بأشياء مدفوعة بما أوردناه».

وفيه : إن الأخبار ، صرحت بأن الفارق هو المشقة كما في خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟ قال : لأن الصوم إنما هو في السنة شهر ، والصلاة في كل يوم وليلة عليها ، فأوجب الله قضاء الصوم ولم يوجب عليها قضاء الصلاة لذلك) (٦) وخبر علي بن محمد بن قتيبة النيشابوري : (قال الفضل بن شاذان : إن سأل سائل فقال : أخبرني هل يجوز أن يكلّف الحكيم عبده ـ

__________________

(١) المصدر السابق.

(٢) الوسائل الباب ـ ٥١ ـ من أبواب الحيض حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ٤١ ـ من أبواب الحيض حديث ٢.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٤١ ـ من أبواب الحيض حديث ٣ و ١٣.

(٦) الوسائل الباب ـ ٤١ ـ من أبواب الحيض حديث ١٢.

٢١٣

(والطواف) الواجب والمندوب (١) ، وإن لم يشترط فيه (٢) الطهارة لتحريم دخول المسجد مطلقا (٣) عليها(ومسّ) كتابة(القرآن) (٤)

______________________________________________________

ـ فعلا من الأفاعيل بغير علة ولا معنى ، قيل له : لا يجوز ذلك لأنه حكيم غير عابث ولا جاهل.

ثم سئل عن علل كثير من الأحكام وأجاب ببيانها.

ومنها : فإن قال : فلم صارت ـ أي الحائض ـ تقضي الصوم لا الصلاة؟ قيل : لعلل شتى : فمنها : ان الصيام لا يمنعها من خدمة نفسها وخدمة زوجها وإصلاح بيتها والقيام بأمورها والاشتغال بمرمة معيشتها والصلاة تمنعها من ذلك كله ، لأن الصلاة قد تكون في اليوم والليلة مرارا فلا تقوى على ذلك والصوم ليس كذلك.

ومنها : إن الصلاة فيها عناء وتعب واشتغال الأركان وليس في الصوم شي‌ء من ذلك ، وإنما هو الإمساك عن الطعام والشراب فليس فيه اشتغال الأركان.

ومنها : إنه ليس من وقت يجي‌ء إلا وقد تجب عليها فيه صلاة جديدة في يومها وليلتها ، وليس الصوم كذلك ، لأنه ليس كلما حدث عليها يوم وجب الصوم ، وكلما حدث وقت الصلاة وجبت عليها الصلاة ـ إلى أن قال ـ : سأله السائل عن هذه الوجوه من أين أخذها؟ فقال الفضل : ما كنت أعلم مراد الله تعالى مما فرض ولا مراد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بما شرّع وسنّ ، ولا أعلّل من ذات نفسي ، قد سمعتها من مولاي أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليه‌السلام مرة بعد مرة والشي‌ء بعد الشي‌ء فجمعتها ، فقلت : فأحدث بها عنك عن الرضا عليه‌السلام؟ فقال : نعم) (١).

(١) لا خلاف في اشتراط الطهارة في الطواف الواجب ، وأما المندوب فقد ذهب الشهيدان إلى عدم اشتراطها فيه ، ومع ذلك يحرم عليها الطواف المندوب لحرمة دخولها المسجد الحرام مطلقا ولو للاجتياز.

وذهب العلامة في النهاية إلى اشتراط المندوب بالطهارة فيحرم عليها الطواف لفقدان شرطه ، وتتمة الكلام موكولة إلى محله إن شاء الله تعالى.

(٢) في المندوب.

(٣) ولو للاجتياز.

(٤) على المشهور لقوله تعالى : (لٰا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) (٢) ، وذهب ابن الجنيد إلى الكراهة.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤١ ـ من أبواب الحيض حديث ٨.

(٢) الواقعة الآية : ٧٩.

٢١٤

وفي معناه (١) اسم الله تعالى ، وأسماء الأنبياء والأئمة عليهم‌السلام كما تقدم.

(ويكره حمله) (٢) ولو بالعلاقة (٣) (ولمس هامشه) وبين سطوره (٤) (كالجنب) (٥).

(ويحرم) عليها(اللّبث في المساجد) (٦) غير الحرمين (٧) ، وفيهما يحرم

______________________________________________________

(١) معنى القرآن ، وكانت المذكورات الآتية في معناه من ناحية وجوب التعظيم ، ولذا ذهب جماعة منهم العلامة والشهيدان والمحقق الثاني إلى ذلك لوجوب التعظيم ، ولأن الحيض أعظم حدثا من الجنابة كما في خبر سعيد بن يسار ، الوارد في المرأة ترى الدم وهي جنب فقال عليه‌السلام : (قد أتاها ما هو أعظم من ذلك) (١) وعليه فكل ما يحرم على الجنب يحرم على الحائض.

(٢) ذهب الأكثر إلى كراهة حمله لخبر إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي الحسن عليه‌السلام : (المصحف لا تمسّه على غير طهر ولا جنبا ولا تمسّ خطه ولا تعلّقه ، إن الله تعالى يقول : (لٰا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) (٢). المحمول على الكراهة بالنسبة للتعليق للإجماع المدعى في المعتبر ، وذهب السيد المرتضى إلى الحرمة وهو ضعيف.

(٣) ذهب العلامة إلى عدم الكراهة بالعلّاقة ، ورد عليه الشارح في الروض بأن ظاهر النص يتناوله.

(٤) فذهب المشهور إلى الكراهة لخبر إبراهيم بن عبد الحميد المتقدم بدعوى أن مسّ ذلك مندرج في قوله : (لا تمسّه على غير طهر) وذهب السيد المرتضى إلى الحرمة.

(٥) لم يذكر الماتن هذا الحكم سابقا في الجنب فلذا استدركه هنا بالتشبيه ، مع أن عموم النص السابق يشمله والخلاف جار فيه كما يجري في الحائض بين المشهور وعلم الهدى.

(٦) لصحيح زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام : (قلنا له : الحائض والجنب يدخلان المسجد أم لا؟ قال : الحائض والجنب لا يدخلان المسجد إلا مجتازين ، إن الله تبارك وتعالى يقول : (وَلٰا جُنُباً إِلّٰا عٰابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىٰ تَغْتَسِلُوا) (٣) وذهب سلّار إلى ندبية اعتزالها للمسجد وهو ضعيف.

(٧) المسجد الحرام ومسجد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لصحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام : ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٢ ـ من أبواب الحيض حديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب الوضوء حديث ٣.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب الجنابة حديث ١٠.

٢١٥

الدخول مطلقا كما مرّ ، وكذا يحرم عليها وضع شي‌ء فيها (١) كالجنب ، (وقراءة العزائم) (٢)

______________________________________________________

ـ (الجنب والحائض يدخلان المسجد مجتازين ولا يقعدان فيه ، ولا يقربان المسجدين الحرمين) (١) وهو دال على حرمة الدخول ولو بالاجتياز.

(١) أي في المساجد وإن جاز الأخذ لصحيح ابن سنان : (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الجنب والحائض يتناولان من المسجد المتاع يكون فيه؟ قال عليه‌السلام : نعم ، ولكن لا يضعان في المسجد شيئا) (٢).

(٢) للأخبار منها : لصحيح زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام : (الحائض والجنب هل يقرءان من القرآن شيئا؟ قال : نعم ما شاءا إلا السجدة) (٣) والأخبار لم تذكر إلا السجدة وهي ظاهرة في آية السجدة إلا أن الأصحاب قطعوا بتحريم السورة لما في المعتبر : (يجوز للجنب والحائض أن يقرءا ما شاءا من القرآن إلا سور العزائم الأربع وهي : اقرأ باسم ربك والنجم وتنزيل السجدة وحم السجدة ، روى ذلك البزنطي في جامعه عن المثنى عن الحسن الصيقل عن أبي عبد الله عليه‌السلام) (٤).

ولو قرأت أو سمعت آية السجدة فيجب عليها السجود على الأشهر لصحيح أبي عبيدة الحذاء : (سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن الطامث تسمع السجدة؟ فقال : إن كانت من العزائم فلتسجد إذا سمعتها) (٥) وموثق أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (والحائض تسجد إذا سمعت السجدة) (٦).

وعن المفيد والشيخ وابن زهرة وابن البراج عدم جواز السجود لصحيح عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (سألته عن الحائض هل تقرأ القرآن وتسجد سجدة إذا سمعت السجدة؟ فقال عليه‌السلام : تقرأ ولا تسجد) (٧) وخبر غياث بن إبراهيم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (لا تقضي الحائض الصلاة ولا تسجد إذا سمعت السجدة) (٨) وهما محمولان على التقية.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب الجنابة حديث ١٧.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب الجنابة حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب الجنابة حديث ٤.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب الجنابة حديث ١١.

(٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب الحيض حديث ١ و ٣.

(٧ و ٨) الوسائل الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب الجنابة حديث ٤ و ٥.

٢١٦

وأبعاضها(وطلاقها) (١) مع حضور الزوج أو حكمه (٢) ودخوله بها (٣) وكونها حائلا (٤) ، وإلّا صح ، وإنما أطلق لتحريمه في الجملة ، ومحل التفصيل باب الطلاق ، وإن اعتيد هنا إجمالا.

(ووطؤها قبلا) (٥)

______________________________________________________

(١) أي يحرم طلاقها ، ولو وقع لا يصح ، والحكم مختص بالحاضر أو من بحكمه وهو الزوج القريب منها بحيث يمكنه استعلام حالها أو الغائب من دون أن يعلم انتقالها عن الطهر الذي فارقها فيه بحسب عادتها الغالبة ، أو الغائب عنها دون الشهر كما عن الشيخ أو دون الثلاثة أشهر كما عن ابن الجنيد ، وسيأتي الكلام في هذه الأقوال في كتاب الطلاق إن شاء الله تعالى.

(٢) حكم الحضور.

(٣) وإلا فغير المدخول بها يصح طلاقها وإن كانت حائضا.

(٤) أي غير حامل ، وإلا فلو كانت حاملا لصح طلاقها وإن كانت حائضا.

(٥) أي يحرم وطؤها للأخبار منها : خبر محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام : (سألته عن الرجل أتى المرأة وهي حائض؟ قال : يجب عليه في استقبال الحيض دينار ، وفي وسطه نصف دينار ، قلت : جعلت فداك يجب عليه شي‌ء؟ قال : نعم ، خمسة وعشرون سوطا ربع حد الزاني لأنه أتى سفاحا) (١) وموثق هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في الرجل يأتي المرأة فيما دون الفرج وهي حائض؟ قال عليه‌السلام : لا بأس إذا اجتنب ذلك الموضع) (٢) وخبر عبد الملك بن عمرو : (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام : ما لصاحب المرأة الحائض منها؟ فقال عليه‌السلام : كل شي‌ء ما عدا القبل منها بعينه) (٣).

فما عن السيد من تحريم الاستمتاع بما بين السرة والركبة لصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (سأله عن الحائض وما يحلّ لزوجها منها؟ فقال عليه‌السلام : تتزر بإزار إلى الركبتين وتخرج سرتها ، ثم له ما فوق الإزار) (٤) ولكن لا بد من حمله على الكراهة جمعا بينه وبين ما تقدم.

وإطلاق الأخبار يقتضي تحريم الوطء ولو بإدخال الحشفة وتحريم الوطء بين الدائمة والمتمتع بها والحرة والأمة ، وسواء كان الحيض قطعيا أم بحكم الحيض.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب بقية الحدود حديث ١.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب الحيض حديث ٦ و ١.

(٤) الوسائل الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب الحيض حديث ١.

٢١٧

(عامدا عالما (١) فتجب الكفارة) (٢) لو فعل (احتياطا) (٣) لا وجوبا على الأقوى ، ولا كفارة عليها مطلقا (٤) ، والكفارة(بدينار) أي مثقال ذهب خالص مضروب(في الثلث الأول ، ثم نصفه في الثلث الثاني ، ثم ربعه في الثلث الأخير) (٥)

______________________________________________________

(١) أما مع عدم التعمد فلا يصدق أنه قد أتاها فلا تشمله الأخبار المتقدمة. وأما مع عدم العلم فلأن الجهل معذّر عقلا وشرعا.

(٢) لخبر ابن مسلم المتقدم وخبر داود بن فرقد عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في كفارة الطمث أنه يتصدق إذا كان في أوله بدينار وفي وسطه نصف دينار وفي آخره ربع دينار ، قلت : فإن لم يكن عنده ما يكفّر؟ قال عليه‌السلام : فليتصدق على مسكين واحد ، وإلا استغفر الله تعالى ولا يعود ، فإن الاستغفار توبة وكفارة لكل من لم يجد السبيل إلى شي‌ء من الكفارة (١).

ولذا ذهب شهور القدماء إلى وجوب الكفارة ، إلا أن الشيخ في النهاية والمبسوط والعلامة والمحقق والشهيدان والمحقق الثاني وجماعة ذهبوا إلى الاستحباب جمعا بينها وبين صحيح العيص : (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل واقع امرأته وهي طامث؟ قال عليه‌السلام : لا يلتمس فعل ذلك ، وقد نهى الله تعالى أن يقربها ، قلت : فإن فعل ذلك أعليه كفارة؟ قال عليه‌السلام : لا أعلم فيه شيئا ، يستغفر الله) (٢) وموثق زرارة عن أحدهما عليهما‌السلام : (عن الحائض يأتيها زوجها ، قال عليه‌السلام : ليس عليه شي‌ء يستغفر الله ولا يعود) (٣).

(٣) قال الشارح في الروض : «ولا ريب أن الاحتياط طريق اليقين ببراءة الذمة».

(٤) لا وجوبا ولا احتياطا سواء قيل بوجوب الكفارة على الزوج أم لا ، لأن الأخبار خصت الكفارة بالرجل ففي خبر ابن مسلم المتقدم : (يجب عليه في استقبال الحيض دينار) وفي خبر ابن فرقد المتقدم : (أنه يتصدق إذا كان في أوله بدينار).

(٥) لخبر ابن فرقد المتقدم ، وهذا التقدير لكفارة مذهب المشهور ، وعن الصدوق في المقنع جعل الكفارة ما يشبع مسكينا لصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في الرجل يقع على امرأته وهي حائض ما عليه؟ قال عليه‌السلام : يتصدق على مسكين بقدر شبعه) (٤) ، وهو محمول عندهم على ما لو عجز عن الكفارة بالتقدير الأول ويشهد له ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٨ ـ من أبواب الحيض حديث ١.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب الحيض حديث ١ و ٢.

(٤) الوسائل الباب ـ ٢٨ ـ من أبواب الحيض حديث ٥.

٢١٨

ويختلف ذلك (١) باختلاف العادة وما في حكمها من التميز والروايات ، فالأولان (٢) أول لذات الستة ، والوسطان وسط والأخيران آخر ، وهكذا. ومصرفها مستحق الكفارة (٣) ، ولا يعتبر فيه (٤) التعدّد.

(ويكره لها قراءة باقي القرآن) (٥)

______________________________________________________

ذيل خبر ابن فرقد المتقدم ، أما كون الدينار مثقالا شرعيا من الذهب الخالص فقد تقدم الكلام فيه في مبحث الكر وستأتي له تتمة في كتاب الزكاة إن شاء الله تعالى.

ثم هل تجزي القيمة أم لا بد من صرف نفس الدينار ، ذهب جماعة منهم العلامة والشهيدان والمحقق الثاني إلى الاقتصار على نفس الدينار جمودا على ظاهر النص كما في سائر موارد الكفارات ، وعليه فلا عبرة بالقيمة ولا بغيرها لعدم تناول الاسم لهما ، وذهب جماعة منهم الشيخ في النهاية والمفيد في المقنعة وابن زهرة في الغنية إلى جواز الاكتفاء بالقيمة لأنه عند صدور النصوص لم يكن مضروبا إلا نفس الدينار ، أما نصفه وربعه فلا ، فكما جازت القيمة في النصف والربع فتجوز فيه.

(١) أي أول الحيض ووسطه وآخره.

(٢) أي اليوم الأول والثاني.

(٣) لأن مصرفها مصرف غيرها من الكفارات من أنها تعطي للفقراء والمساكين من أهل الإيمان بلا خلاف في ذلك كما في الجواهر ، كما أنه لا يشترط تعدد المعطى لإطلاق النصوص السابقة.

(٤) أي في مستحق الكفارة.

(٥) على المشهور لخبر السكوني عن أمير المؤمنين عليه‌السلام : (سبعة لا يقرءون القرآن ـ وعدّ منها ـ الجنب والنفساء والحائض) (١) وخبر الدعائم عن علي عليه‌السلام : (لا تقرأ الحائض قرآنا ولا تدخل مسجدا) (٢) المحمول على الكراهة جمعا بينه وبين ما تقدم من النصوص الدالة على الجواز كخبر زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام : (الحائض والجنب ... هلي يقرءان من القرآن شيئا؟ قال : نعم ما شاءا إلا السجدة) (٣).

وعن ابن البراج تقييد الكراهة بالزائد عن السبع ، وعن سلّار القول بالحرمة.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤٧ ـ من أبواب قراءة القرآن من كتاب الصلاة حديث ١.

(٢) مستدرك الوسائل الباب ـ ٢٧ ـ من أبواب الحيض حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب الجنابة حديث ٤.

٢١٩

غير العزائم من غير استثناء للسبع (١) (وكذا) يكره له (الاستمتاع بغير القبل) مما بين السّرّة والرّكبة (٢) ، ويكره لها إعانته عليه (٣) إلا أن يطلبه فتنتفي الكراهة عنها لوجوب الإجابة. ويظهر من العبارة كراهة الاستمتاع بغير القبل مطلقا (٤) ، والمعروف ما ذكرناه.

(ويستحبّ) لها(الجلوس في مصلاها) (٥) إن كان لها محل معد لها وإلا

______________________________________________________

(١) إشارة إلى خلاف ابن البراج ، حيث ألحقها بالجنب مع أن النص قد ورد في الجنب فقط وقد تقدم ، فإلحاق الحائض به قياس.

(٢) قد تقدم.

(٣) بناء على أن مقدمة المكروه مكروهة.

(٤) سواء كان بين السرة والركبة أم لا.

(٥) بل يستحب للحائض أن تتنظف وتبدل القطنة وتتوضأ في أوقات الصلاة وتقعد في مصلاها ، لصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (وكنّ نساء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا يقضين الصلاة إذا حضن ولكن يتحشين حين يدخل وقت الصلاة ويتوضأن ، ثم يجلسن قريبا من المسجد فيذكرن الله (عزوجل)) (١).

وصحيح زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (وعليها أن تتوضأ وضوء الصلاة عند وقت كل صلاة ، ثم تقعد في موضع طاهر فتذكر الله (عزوجل) وتسبحه وتهلله وتحمده كمقدار صلاتها ، ثم تفرغ لحاجتها) (٢) وصحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (وإذا كان وقت الصلاة توضأت واستقبلت القبلة وهللت وكبرت وتلت القرآن وذكرت الله (عزوجل)) (٣).

وعن الصدوق وجوب الوضوء عليها لظاهر الأخبار المتقدمة ، ولكن لا بد من الحمل على الاستحباب للسيرة ولما ورد بلفظ ينبغي كما في خبر زيد الشحام : (سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : ينبغي للحائض أن تتوضأ عند وقت كل صلاة ، ثم تستقبل القبلة وتذكر الله مقدار ما كانت تصلي) (٤).

نعم قد ورد في صحيح الحلبي (٥) المتقدم أن الجلوس بالقرب من مسجدها أي مسجد صلاتها وبهذا أفتى الشيخ المفيد ، وغيره جعل الاستحباب بالجلوس في مصلاها.

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٤٠ ـ من أبواب الحيض حديث ١ و ٢.

(٤) الوسائل الباب ـ ٤٠ ـ من أبواب الحيض حديث ٥.

٢٢٠