الزبدة الفقهيّة - ج ١

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي

الزبدة الفقهيّة - ج ١

المؤلف:

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي


الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات ذوي القربى
المطبعة: كيميا
الطبعة: ٤
ISBN: 964-6307-54-X
ISBN الدورة:
964-6307-53-1

الصفحات: ٣٤٩

كما مر (١) (بعد غسل اليدين ثلاثا) (٢) من الزّندين (٣) ، وعليه المصنف في الذكرى ، وقيل من المرفقين ، واختاره في النفلية ، وأطلق في غيرهما كما هنا ، وكلاهما مؤدّ للسنّة (٤) وإن كان الثاني أولى.

(والموالاة) بين الأعضاء (٥) ،

______________________________________________________

(١) من معناهما وتثليثهما في الوضوء.

(٢) أما استحباب غسل اليدين فلما مرّ من صحيح زرارة وموثق أبي بصير.

والتثليث لصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (كم يفرغ الرجل على يده اليمنى قبل أن يدخلها في الإناء؟ قال عليه‌السلام : واحدة من حدث البول واثنتان من حدث الغائط وثلاث من الجنابة) (١). وخبر حريز عن أبي جعفر عليه‌السلام : (يغسل الرجل يده من النوم مرة ، ومن الغائط والبول مرتين ومن الجنابة ثلاثا) (٢).

(٣) على المشهور لخبر محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام : (سألته عن غسل الجنابة؟ فقال : تبدأ بكفيك فتغسلهما ثم تغسل فرجك) (٣) وموثق أبي بصير المتقدم : (تصب على يديك الماء فتغسل كفيك) (٤).

وعن الجعفي استحباب الغسل إلى المرفقين لصحيح يعقوب بن يقطين عن أبي الحسن عليه‌السلام : (يبدأ فيغسل يديه إلى المرفقين) (٥) ونقل عنه استحباب الغسل إلى ما دون المرفقين ، أي إلى نصف الذراع لموثق سماعة : (فليفرغ على كفيه وليغسلهما دون المرفق) (٦).

وأثبت العلّامة استحباب غسل اليدين مطلقا سواء كان الغسل ترتيبيا أو ارتماسيا ، وسواء كان بالقليل أو بالكثير ، وسواء كان بالاغتراف أو بالصب لإطلاق الأخبار المتقدمة ، وخص المحقق غسل اليدين فيما لو كان الغسل ترتيبيا من ماء قليل بالاغتراف كما هو ظاهر الأخبار المتقدمة فيقتصر عليه.

(٤) لصدق غسل اليدين في الكيفيتين.

(٥) لا تجب الموالاة بين أعضاء الغسل ، كما لا تجب في غسل العضو الواحد ، فيجوز ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٧ ـ من أبواب الوضوء حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢٧ ـ من أبواب الوضوء حديث ٢.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب الجنابة حديث ١ و ٩.

(٥) الوسائل الباب ـ ٣٤ ـ من أبواب الجنابة حديث ١.

(٦) الوسائل الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب الجنابة حديث ٨.

١٨١

بحيث كلما فرغ من عضو شرع في الآخر ، وفي غسل نفس العضو لما فيه (١) من المسارعة إلى الخير (٢) ، والتحفظ من طريان المفسد (٣) ولا تجب في المشهور (٤) إلّا لعارض ، كضيق وقت العبادة المشروطة به ، وخوف فجأة الحدث للمستحاضة ، ونحوها (٥). وقد تجب بالنذر لأنه راجح (٦). (ونقض)

______________________________________________________

ـ غسل بعض الأعضاء وإرجاء البعض الآخر كما يجوز غسل جزء الوضوء وإرجاء بقية الأجزاء للأخبار

منها : خبر حريز : (قلت : وكذلك غسل الجنابة ، قال : هو بتلك المنزلة وابدأ بالرأس ثم أفض على سائر جسدك ، قلت : وإن كان بعض يوم؟ قال : نعم) (١) وخبر إبراهيم بن عمر اليماني عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إن عليا عليه‌السلام لم ير بأسا أن يغسل الجنب رأسه غدوة ويغسل سائر جسده عند الصلاة) (٢) ومرسل الصدوق عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (لا بأس بتبعيض الغسل ، تغسل يدك وفرجك ورأسك ، وتؤخر غسل جسدك إلى وقت الصلاة ثم تغسل جسدك إذا أردت ذلك) (٣). وعن جماعة استحباب الموالاة وإن لم تجب لعموم قوله تعالى : (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرٰاتِ) (٤) وقوله تعالى : (وَسٰارِعُوا إِلىٰ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ) (٥).

نعم لو عرض للموالاة عارض يوجبها كالنذر فتجب بلا إشكال ، وكذا عند ضيق وقت الصلاة ، وكذا لو خيف الحدث كالمستحاضة والمسلوس والمبطون.

(١) في التوالي.

(٢) إشارة إلى دليل الاستحباب.

(٣) وهو الحدث ، بناء على أن الحدث الأصغر مفسد للغسل.

(٤) قال المحقق الخونساري في حاشيته : (ظاهره وجود قول بالوجوب ، أو عدم وضوح مستند المشهور ، ولم ينقل فيما رأيناه من الكتب قول بالوجوب ، بل صرح كثير منهم بعدم وجوب الموالاة وظاهر الشيخ في التهذيب والعلّامة في المنتهى والمصنف في الذكرى الإجماع على ذلك).

(٥) كالمسلوس والمبطون.

(٦) فمتعلق النذر وهو التوالي راجح فينعقد النذر.

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب الجنابة حديث ٢ و ٣ و ٤.

(٤) البقرة الآية : ١٤٨.

(٥) آل عمران الآية : ١٣٣.

١٨٢

المرأة الضفائر) (١) جمع ضفيرة ، وهي العقيصة المجدولة من الشعر ، وخصّ المرأة لأنها مورد النص ، وإلّا فالرجل كذلك ، لأن الواجب غسل البشرة دون الشعر ، وإنما استحبّ النقض للاستظهار (٢) ، والنص (٣). (وتثليث الغسل) (٤)

______________________________________________________

(١) من الضفر بمعنى نسج الشعر ، وهو جمع ضفيرة بمعنى العقيصة ، وقال في المصباح : (هو الشعر الذي يلوى).

ولا يجب نقضها لأنه لا يجب غسل الشعر كما تقدم ففي رواية الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (لا تنقض المرأة شعرها إذا اغتسلت من الجنابة) (١).

وأما استحباب نقضه لخبر محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام : (كانت أشعار نساء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قرون رءوسهن مقدم رءوسهن ، فكان يكفيهن من الماء شي‌ء قليل ، فأما النساء الآن فقد ينبغي لهن أن يبالغن في الماء) (٢) والخبر لا يدل على نقض الشعر بل على استحباب المبالغة بالماء حتى يصل إلى البشرة ، فالاستدلال به على استحباب نقض الشعر كما في الذكرى للشهيد الأول وتبعه الشارح عليه ، وعلّق الشارح بقوله : (قال في الذكرى : ولو توقف الوصول إلى البشرة على حلّ الضفائر وجب وإلّا فلا ، وقد سلفت الرواية ، وقال المفيد : إن كان الشعر مشدودا أحلّته ، وحمله الشيخ في التهذيب على توقف حصول الماء عليه لأن الواجب غسل البشرة ، والشعر لا يسمى بشرة ، ولا فرق بين الرجل الجنب والحائض في عدم وجوب نقض الصغائر إذا وصل الماء إلى البشرة ، لأن الواجب في الغسلتين بالبشرة لا بالواجب).

(٢) أي طلب الغسل زيادة على الواجب ليقطع بتحقق الواجب من غسل البشرة.

(٣) وهو خبر محمد بن مسلم المتقدم وقد عرفت عدم دلالته.

(٤) كما عن جماعة ، ويستدل له بكونه إسباغا ، وبأنه يستحب الغسل بصاع وهذا يقتضي التثليث ولأخبار الصب على الرأس ثلاث مرات ، منها : خبر زرارة المتقدم (ثم صبّ على رأسه ثلاث أكف) (٣).

وخبر محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (ثم تصب على رأسك ثلاثا) (٤) ، ومثلها غيرها لما ورد في الصب مرتين على المنكبين.

وفي هذه الأدلة نظر ، أما الإسباغ فهو المبالغة في إتمام الغسل الأول لا تكراره ، وأما كون الغسل بصاع فهو غير موجب للتثليث وإلا فلا يكفي وجدانا ، وأما الأخبار فهي ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٣٨ ـ من أبواب الجنابة حديث ٤ و ١.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب الجنابة حديث ٢ و ١.

١٨٣

لكلّ عضو من أعضاء البدن الثلاثة ، بأن يغسله ثلاث مرات.

(وفعله) أي الغسل بجميع سننه ، الذي من جملته تثليثه (بصاع) (١) لا أزيد. وقد روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : «الوضوء بمدّ ، والغسل بصاع ، وسيأتي أقوام بعدي يستقلّون ذلك فأولئك على خلاف سنتي ، والثابت على سنتي معي في حظيرة القدس».

(ولو وجد) المجنب بالإنزال (بللا) مشتبها (٢)

______________________________________________________

ـ دالة على تثليث الأكف ليتحقق الغسل الواحد للرأس لا تثليث الغسل ، ولذا ذهبت جماعة إلى عدم الدليل على استحباب التثليث.

(١) للأخبار ، منها : صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (من انفرد بالغسل وحده فلا بدّ له من صاع) (١) وصحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يغتسل بصاع) (٢) ومرسل الصدوق عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (الوضوء مد والغسل صاع ، وسيأتي أقوام من بعدي يستقلون ذلك ، فأولئك على خلاف سنتي ، والثابت على سنتي معي في حظيرة القدس) (٣)

واعلم أن الصاع أربعة أمداد ، والمد رطلان وربع بالعراقي ، فيكون الصاع تسعة أرطال بالعراقي ، والرطل العراقي مائة وثلاثون درهما كما تقدم فيكون الصاع (١١٧٠) درهما.

وكل عشرة دراهم تساوي سبعة مثاقيل شرعية فيكون الصاع (٨١٩) مثقالا شرعيا ، والمثقال الشرعي يساوي ثلاثة أرباع الصيرفي فيكون الصاع (٢٥ ، ٦١٤) مثقالا صيرفيا ، والمثقال الصيرفي يساوي ٨ ، ٤ غرامات فيكون الصاع (٤ ، ٢٩٤٨) غراما.

(٢) لو وجد المجنب بالإنزال بعد ما اغتسل بللا ، فإن علم أنه مني فلا إشكال في وجوب الغسل ، لأن إنزال المني موجب للغسل ، وإن علم أنه بول خالص فلا إشكال في وجوب الوضوء خاصة ، ولو علم أنه من غيرهما فلا إشكال في عدم وجوب شي‌ء عليه ، وإذا لم يعلم شيئا ففيه صور :

الصورة الأولى : ما لو كان المغتسل قد بال ثم استبرأ بعد البول بالخرطات التسع ، فلا إشكال في عدم وجوب شي‌ء عليه من الغسل والوضوء ، ويحكم على البلل بأنه ليس ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣١ ـ من أبواب الجنابة حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٣٢ ـ من أبواب الجنابة حديث ٣.

(٣) الوسائل الباب ـ ٥٠ ـ من أبواب الوضوء حديث ٦.

١٨٤

(بعد الاستبراء) بالبول (١)

______________________________________________________

ـ بمني ولا بول. وهذا مما لا خلاف فيه.

الصورة الثانية : لو كان المغتسل قد بال وترك الاستبراء بعد البول فلا يجب عليه الغسل بالاتفاق ويجب عليه الوضوء فقط ويدل عليه أخبار منها : صحيح الحلبي : (سئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يغتسل ثم يجد بعد ذلك بللا وقد كان بال قبل أن يغتسل ، قال : ليتوضأ ، وإن لم يكن بال قبل الغسل فليعد الغسل) (١) وخالف الشيخ في التهذيب والاستبصار والصدوق فلم يوجبا عليه شيئا لصحيح ابن أبي يعفور : (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل بال ثم توضأ ثم قام إلى الصلاة ثم وجد بللا ، قال : لا يتوضأ إنما ذلك من الحبائل) (٢) حيث ترك الاستبراء من البول فلم يحكم عليه بإعادة الوضوء.

الصورة الثالثة : لو كان المغتسل قد ترك البول والاستبراء بالخرطات فوجد بللا فعليه إعادة الغسل لصحيح سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (سألته عن رجل أجنب فاغتسل قبل أن يبول فخرج منه شي‌ء ، قال : يعيد الغسل) (٣) ومثله غيره ويظهر من الصدوق الاكتفاء بالوضوء لأنه قال عقيب صحيح الحلبي المتقدم : (وروي في حديث آخر : إن كان قد رأى بللا ولم يكن بال فليتوضأ ولا يغتسل) (٤).

الصورة الرابعة : انتفاء البول مع إمكانه وقد أتى بالاجتهاد المسمى بالخرطات فعليه إعادة الغسل تمسكا بإطلاق صحيح سليمان بن خالد المتقدم وغيره ، ويظهر من المحقق كما في المدارك وجوب الوضوء فقط.

الصورة الخامسة : انتفاء البول مع عدم إمكانه مع إتيانه بالاجتهاد المسمى بالخرطات ، وفيه قولان ، عدم الإعادة لخبر جميل بن دراج : (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل تصيبه الجنابة فينسى أن يبول حتى يغتسل ، ثم يرى بعد الغسل شيئا أيغتسل أيضا؟ قال عليه‌السلام : لا ، قد تعصرت ونزل من الحبائل) (٥) وقيل بالإعادة تمسكا بإطلاق الأخبار الآمرة بالغسل عند عدم البول سواء تعذر البول أو لا.

(١) والخرطات التسع ، وهذه الصورة الأولى فلا يلتفت.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب الجنابة حديث ١ و ١٠.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ أبواب نواقض الوضوء حديث ١.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب الجنابة حديث ٢.

(٥) الوسائل الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب الجنابة حديث ١١.

١٨٥

أو الاجتهاد مع تعذره (١) (لم يلتفت ، وبدونه) أي بدون الاستبراء بأحد الأمرين (٢) (يغتسل). ولو وجده بعد البول من دون الاستبراء بعده (٣) وجب الوضوء خاصة ، أما الاجتهاد بدون البول مع إمكانه (٤) فلا حكم له (٥) (والصلاة السابقة) على خروج البلل المذكور(صحيحة) (٦) ، لارتفاع حكم السابق ، والخارج حدث جديد وإن كان قد خرج عن محله إلى محل آخر. وفي حكمه ما لو أحسّ بخروجه فأمسك عليه فصلى ثم أطلقه.

(ويسقط الترتيب) (٧) بين الأعضاء الثلاثة(بالارتماس) وهو غسل البدن أجمع

______________________________________________________

(١) أي مع تعذر البول ولكن أتى بالخرطات التسع ، وهذه الصورة الخامسة فلا يلتفت على قول.

(٢) فقد ترك البول وترك الخرطات ، وهذه هي الصورة الثالثة.

(٣) أي بعد البول ، فهو قد بال ولم يستبرئ بالخرطات وهذه هي الصورة الثانية.

(٤) أي إمكان البول ، فهو قد استبرأ بالخرطات التسع ولم يبل مع إمكان البول ، وهذه هي الصورة الرابعة.

(٥) أي لا حكم لهذا الاجتهاد ، لأن الاستبراء من المني بالبول لا بالخرطات ولذا وجب عليه إعادة الغسل.

(٦) فالصلاة السابقة أي التي سبقت خروج البلل يحكم بصحتها ، لأن هذا البلل على فرض كونه منيا أو بولا فهو حدث جديد ، فالصلاة الواقعة قبله مستجمعة للشرائط فلا بدّ من الحكم بصحتها وهذا مما لا إشكال فيه ، ونقل الخلاف عن بعضهم ولذا قال في الجواهر : (نعم نقل في المنتهى قولا عن بعض علمائنا بالإعادة ولم نعرفه ، ولعل مستنده ما في صحيح ابن مسلم : (عن الرجل يخرج من إحليله بعد ما اغتسل شي‌ء؟ قال : يغتسل ويعيد الصلاة) (١) انتهى ما في الجواهر ، وتحمل الرواية على أنه صلى ما بعد خرج البلل.

(٧) ما تقدم من ترتيب أعضاء الغسل بتقديم الرأس على الأيمن ، وهو على الأيسر يسقط في الارتماس للأخبار منها : صحيح زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (لو أن رجلا جنبا ارتمس في الماء ارتماسة واحدة أجزأ ذلك وإن لم يدلك جسده) (٢) وصحيح الحلبي ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب الجنابة حديث ٦.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب الجنابة حديث ٥ و ١٢.

١٨٦

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ عنه عليه‌السلام : (إذا ارتمس الجنب في الماء ارتماسة واحدة أجزأه ذلك من غسله) (١)

وعن الشيخ في المبسوط عن بعض أصحابنا أن الارتماس يترتب حكما ، وبه قال الشيخ في الاستبصار ، وفسر الترتيب الحكمي بأحد وجوه ثلاثة :

الأول : إن المرتمس لا بدّ أن ينوي الترتيب في الغسل ، وهذا ما فسره المحقق في المعتبر ، وفيه : إن نية الترتيب في الارتماس لا معنى لها بعد ما لم يتحقق الترتيب خارجا.

الثاني : إن المرتمس يحكم له بالترتيب بعد ما يخرج من الماء لمكان خروج رأسه أولا ثم سائر جسده ، وفيه : إن هذا الترتيب الحكمي لا معنى له لعدم تحققه بين الأيمن والأيسر بناء على اشتراطه بينهما.

الثالث : إن المرتمس بعد ما يخرج يحكم بأن غسله ترتيبي بمعنى لو بقيت لمعة في ظهره مثلا ، فإن كانت في الأيسر غسلها ، وإن كانت في الأيمن غسلها مع الأيسر.

والترتيب الحكمي لا دليل عليه بعد اختصاص الترتيب في الترتيبي ، وأما الارتماسي فأدلته مطلقة بحيث كلما صدق الارتماسي صدق الغسل من دون اشتراط الترتيب ، قال سيد المدارك : «وإنما المستفاد من الروايات الاجتزاء في الغسل بالارتماسة الواحدة الشاملة للبدن وسقوط الترتيب فيه مطلقا ، وإثبات ما عدا ذلك زيادة لم تعلم من النص ، وقد أطنب المتأخرون في البحث في هذه المسألة بما لا طائل تحته».

وأما لو بقيت لمعة في ظهره فيتبين أن الغسل لتمام البدن دفعة واحدة لم يتحقق فلا بدّ من إعادته ، هذا واعلم أن الخلاف قد وقع في كيفية الغسل الارتماسي على وجوه ، بل أقوال :

الأول : هو استيلاء الماء على جميع أجزاء البدن في آن واحد حقيقة ، وعن المحقق الثاني نسبته إلى بعض الطلبة ، وفي مفتاح الكرامة : «إنه يتوهم من عبارة الشهيد في الألفية».

الثاني : غمس الأعضاء متواليا فيكون أول الغسل عند غمس أول جزء من البدن ، وآخره عند غمس آخر الأجزاء البدنية ، وهو المنسوب إلى المشهور فيكون الغسل تدريجيا.

الثالث : إنه غمس الأعضاء ولو في آنات متعددة بحيث لا تصدق معه الدفعة بحيث لو ـ

__________________

(١) المصدر السابق.

١٨٧

دفعة واحدة (١) عرفية (٢) ، وكذا ما أشبهه (٣) كالوقوف تحت المجاري [المجرى] والمطر الغزيرين لأن البدن يصير به (٤) عضوا واحدا (٥).

______________________________________________________

ـ غمس عضوا في الماء في ساعة وغمس الآخر في ساعة أخرى فيكون غسلا ارتماسيا فهو غسل تدريجي بدون الدفعة ، وقد اختاره صاحب الحدائق ومال إليه في كشف اللثام.

والظاهر من الأخبار الثاني.

(١) فيخرج الاحتمال الثالث.

(٢) فيخرج الاحتمال الأول.

(٣) أي أشبه الارتماسي ، كالوقوف تحت المطر والمجرى الغزيرين ، وإليه ذهب الشيخ في المبسوط والعلامة والشهيدان لصدق الارتماس عليه ، ولصحيح علي بن جعفر عن أخيه (عليهما‌السلام) : (أنه سأله عن الرجل يجنب هل يجزيه من غسل الجنابة أن يقوم في المطر حتى يغسل رأسه وجسده وهو يقدر على ما سوى ذلك؟ فقال عليه‌السلام : إن كان يغسله اغتساله بالماء أجزأه ذلك) (١) وصحيحه الآخر عنه عليه‌السلام : (عن الرجل تصيبه الجنابة ولا يقدر على الماء فيصيبه المطر أيجزيه ذلك أو عليه التيمم؟ فقال عليه‌السلام : إن غسله أجزأه وإلا تيمم) (٢) ومرسل ابن أبي حمزة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في رجل أصابته جنابة فقام في المطر حتى سال على جسده ، أيجزيه ذلك من الغسل؟ قال عليه‌السلام : نعم) (٣).

وذهب المحقق في المعتبر وابن إدريس وهو ظاهر الكثير من القدماء الى عدم سقوط الترتيب في المطر والمجرى ، لظهور الأخبار المتقدمة في الغسل الترتيبي ، فقوله عليه‌السلام : (إن كان يغسله اغتساله بالماء أجزأه ذلك) كما في صحيح علي بن جعفر المتقدم ظاهر فيما قلنا.

نعم لو كان النهر كبيرا جاريا من فوق على نحو يستوعب الماء جميع بدنه بحيث يكون البدن بتمامه تحت الماء دفعة واحدة عرفية لصدق الارتماسي حينئذ ولكن هذا لا يمكن تحققه تحت المطر ولو كان غزيرا.

(٤) أي بالارتماسي.

(٥) ولذا سقط وجوب الترتيب فيه.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب الجنابة حديث ١٠ و ١١.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب الجنابة حديث ١٤.

١٨٨

(ويعاد) غسل الجنابة(بالحدث) الأصغر(في أثنائه على الأقوى) (١) عند المصنف وجماعة ، وقيل لا أثر له مطلقا ، وفي ثالث يوجب الوضوء خاصة ، وهو الأقرب. وقد حقّقنا القول في ذلك برسالة مفردة.

______________________________________________________

(١) لو وقع الحدث الأصغر في أثناء الغسل الترتيبي أو الارتماسي ففيه أقوال :

الأول : أنه يعيد الغسل كما عن الصدوق في الهداية والفقيه والشيخ في المبسوط والعلامة والشهيد بل عن المحقق الثاني نسبته إلى الأكثر ، لمرسل الصدوق عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (لا بأس بتبعيض الغسل ، تغسل يدك وفرجك ورأسك ، وتؤخر غسل جسدك إلى وقت الصلاة ، ثم تغسل جسدك إذا أردت ذلك ، فإن أحدثت حدثا من بول أو غائط أو ريح أو منيّ بعد ما غسلت رأسك من قبل أن تغسل جسدك فأعد الغسل من أوله) (١) ومثله ما عن الفقه الرضوي (٢)

الثاني : وذهب جماعة منهم ابن إدريس والمحقق الثاني وابن البراج والمحقق الداماد والفاضل الخراساني إلى أنه لا أثر لهذا الحدث فيقتصر على إتمام الغسل فقط ، ودليلهم بأن الحدث الأصغر غير موجب للغسل فلا معنى للإعادة ، والوضوء منفي مع غسل الجنابة كما في الأخبار الكثيرة منها : خبر عبد الله بن سليمان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (الوضوء بعد الغسل بدعة) (٣)

الثالث : وذهب المحقق والشهيد الثاني وسيد المدارك والمقدس الأردبيلي والكاشاني والبهائي ووالده والفاضل الهندي وجماعة إلى إتمام الغسل مع وجوب الوضوء للصلاة أما وجوب إتمام الغسل فلأن الحدث الأصغر ليس موجبا للغسل ولا لبعضه قطعا فيسقط وجوب الإعادة ، وأما وجوب الوضوء فلأن الحدث المتجدد لا بدّ له من رافع ، وهو إما الغسل بتمامه وإما الوضوء ، والأول منتف لتقدم بعضه فيتعين الثاني وهو الوضوء ، وأما ما ورد من أن غسل الجنابة لا وضوء معه وأنه بدعة فهو بلحاظ رفع الحدث السابق على الشروع في الغسل ، ولا يدل على رفع ما يكون في أثنائه كما لا يدل على رفع ما يكون بعده وهذا القول الأخير متين لو لا مرسلة الصدوق المتقدمة ، والعمل عليها لأنه لا يجوز تركها بعد كون الحجية على خبر موثوق الصدور ، وعمل الصدوق والشيخ وجماعة بها موجب لوثاقة صدورها.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب الجنابة حديث ٤.

(٢) مستدرك الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب الجنابة حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ٣٣ ـ من أبواب الجنابة حديث ٦.

١٨٩

أما غير غسل الجنابة من الأغسال (١) فيكفي إتمامه مع الوضوء قطعا ، وربما خرّج بعضهم بطلانه كالجنابة (٢) ، وهو ضعيف جدا.

(وأما الحيض (٣) ـ فهو ما) أي الدم الذي (تراه المرأة بعد) إكمالها(تسع) (٤)

______________________________________________________

(١) سواء كان واجبا كغسل الحيض أم مستحبا كغسل الجمعة ، فإن قلنا بإجزاء هذه الأغسال عن الوضوء كغسل الجنابة ـ كما هو الحق ـ فيأتي فيها النزاع المتقدم في غسل الجنابة.

وإن قلنا بعدم إجزائها عن الوضوء ، ولا بد من الوضوء مع هذه الأغسال ، فيكفي إتمام هذه الأغسال مع الوضوء بغير إشكال لرفع الحدث الأصغر الواقع في أثناء الغسل بالحدث الأصغر فيما بعد ، ونفس الحدث الأصغر ليس مبطلا للغسل ، لأنه ليس من موجباته.

(٢) وهو الحق ، لأن الأصغر سبب في بطلان غسل الجنابة لمرسل الصدوق فكذا هو سبب في بطلان غيره من الأغسال ، إذ الجميع مشترك في إجزائها عن الوضوء.

(٣) الحيض لغة هو السيل ، قال في القاموس : «حاضت المرأة تحيض حيضا ـ إلى أن قال ـ سال دمها».

وهو الدم الذي يخرج من رحم المرأة في أيام مخصوصة من كل شهر ، ومعناه واضح لدى الأذهان فلا داعي لتعريفه وللنقض عليه طردا أو عكسا.

(٤) فكل دم تراه قبل التسع فليس بحيض للأخبار منها : موثق عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (ثلاث يتزوجن على كل حال ـ إلى أن قال ـ والتي لم تحض ومثلها لا تحيض ، قلت : ومتى يكون كذلك؟ قال : ما لم تبلغ تسع سنين فإنها لا تحيض ومثلها لا تحيض) (١) وخبره الآخر عنه عليه‌السلام ـ وهو صحيح السند ـ : (ثلاث يتزوجن على كل حال ، وعدّ منها التي لم تحض ومثلها لا تحيض ، قلت : وما حدها؟ قال عليه‌السلام : إذا أتى لها أقل من تسع سنين ، والتي لم يدخل بها ، والتي قد يئست من المحيض ومثلها لا تحيض ، قلت : وما حدها؟ قال عليه‌السلام : إذا كان لها خمسون سنة) (٢).

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب العدد حديث ٥.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب العدد حديث ٤.

١٩٠

سنين هلالية (١) ، (وقبل) إكمال (ستين) سنة (٢) (إن كانت المرأة قرشيّة) وهي المنتسبة بالأب إلى النّضر بن كنانة (٣) وهي أعم من الهاشمية ، فمن علم انتسابها

______________________________________________________

(١) لأن ذلك هو الأصل في الشهور والسنين لقوله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوٰاقِيتُ لِلنّٰاسِ وَالْحَجِّ) (١).

(٢) كل دم تراه المرأة بعد سن اليأس ليس بحيض ويدل عليه صحيح ابن الحجاج المتقدم : (والتي قد يئست من المحيض ومثلها لا تحيض) وأما حد اليأس ففيه خلاف ، فعن الشيخ في النهاية وابن إدريس في السرائر وابن البراج في المهذب وجماعة إلى أن حد اليأس مطلقا هو خمسون سنة ، ويدل عليه صحيح ابن الحجاج المتقدم : (قلت : فما حدها؟ قال عليه‌السلام : لها خمسون سنة) وصحيحه الآخر عنه عليه‌السلام المروي في الكافي (حدّ التي قد يئست من المحيض خمسون سنة) (٢) ومرسل ابن أبي نصر عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (المرأة التي قد يئست من المحيض حدّها خمسون سنة) (٣).

وذهب المحقق في طهارة الشرائع والعلامة في المنتهى ومال إليه في المختلف إلى أن حدّ اليأس مطلقا هو ستون سنة لصحيح عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله عليه‌السلام المروي في التهذيب (قلت : التي قد يئست من الحيض ومثلها لا تحيض؟ قال : إذا بلغت ستين سنة فقد يئست من المحيض ومثلها لا تحيض) (٤) ومرسل الكليني قال : (وروي ستون سنة) (٥) وذهب المشهور إلى أن حدّ اليأس هو خمسون سنة في غير القرشية ، وفي القرشية إلى الستين لمرسل ابن أبي عمير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا بلغت المرأة خمسين لم تر حمرة إلا أن تكون امرأة من قريش) (٦) ومرسل المفيد في المقنعة (روي أن القرشية من النساء والنبطية تريان الدم إلى ستين سنة) (٧) ، وألحق ابن حمزة في الوسيلة النبطية بالقرشية بل في جامع المقاصد نسبته إلى الأصحاب.

(٣) فآباء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (عبد الله بن عبد المطلب ـ واسمه شيبة الحمد ـ بن هاشم ـ واسمه عمرو ـ بن عبد مناف ـ واسمه المغيرة ـ بن قصيّ ـ واسمه زيد ـ بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن عدنان).

وقريش هو النضر بن كنانة كما في الجواهر وطهارة الشيخ ، والحدائق والمستند ، وفي ـ

__________________

(١) البقرة آية : ١٨٩.

(٢ و ٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٣١ ـ من أبواب الحيض حديث ١ و ٣ و ٨ و ٤.

(٦ و ٧) الوسائل الباب ـ ٣١ ـ من أبواب الحيض حديث ٢ و ٩.

١٩١

إلى قريش بالأب (١) لزمها حكمها ، وإلا فالأصل عدم كونها منها (٢) ، (أو نبطيّة) (٣) منسوبة إلى النّبط (٤) ، وهم ـ على ما ذكره الجوهريّ ـ قوم ينزلون البطائح بين العراقين ، والحكم فيها مشهور ، ومستنده غير معلوم (٥) ، واعترف المصنف بعدم وقوفه فيها على نص (٦) ، والأصل يقتضي كونها كغيرها ،

______________________________________________________

ـ النفحة العنبرية لابن أبي الفتوح : «ومن ولد كنانة النضر وهو الملقب بقريش» وقيل : قريش هو الفهر بن مالك ، كما عن سبائك الذهب والعقد الفريد ومختصر أخبار البشر والسيرة النبوية لابن دحلان ، وفي السيرة الحلبية : «فهر اسمه قريش قال الزبير بن بكار : أجمع النسابون من قريش وغيرهم أن قريشا إنما تفرقت عن فهر» وفي المستمسك : إنه يظهر من غير واحد أنه قصي.

(١) ذهب المحقق الثاني وسيد المدارك إلى احتمال الاكتفاء بانتساب المرأة إلى قريش بالأم لأن المعتبر في الحيض تقارب الأمزجة ، ومن ثمّ اعتبر العمات والخالات وبناتهن في المبتدئة إذا اختلف عليها الدم.

(٢) بالاتفاق ، للاستصحاب إذ قبل وجودها لم تكن قرشية فبعد الوجود والشك في قرشيتها فالأصل العدم.

وفيه : إن عدم قرشيتها قبل وجودها من باب السالبة بانتفاء الموضوع وهو غير مفيد في يقين الاستصحاب ، إذ المفيد السالبة التي يتيقن موضوعها ، واستدل على الحكم بقاعدة الأعم الأغلب ، وفيه : لا دليل على حجية هذه القاعدة من عقل أو نقل في الموضوعات الشرعية.

(٣) على المشهور كما في جامع المقاصد.

(٤) قال في جامع المقاصد : «إن الذي كثر في كلام أهل اللغة أنهم جيل كانوا ينزلون البطائح بين الكوفة والبصرة» وقال في المصباح : «إنهم قوم من العرب دخلوا في العجم والروم واختلطت أنسابهم وفسدت ألسنتهم ، وقيل : من كان أحد أبويه عربيا والآخر عجميا ، وقيل : عرب استعجموا أو عجم استعربوا».

(٥) قد عرفت مرسل المفيد الوارد في إلحاق النبطية ، ولذا قال الشارح في روض الجنان : «وأما النبطية فذكرها المفيد برواية ، وتبعه جماعة بحيث صار إلحاقها بالقرشية هو المشهور ، لكن لم يوجد بها خبر مستند ، ومن ثمّ تركها المحقق في المعتبر وخصّ الحكم بالقرشية» فمراده هنا من المستند المنفي هو الخبر المسند حينئذ.

(٦) قال المصنف في الذكرى عن : «وأما النبطية فذكره المفيد رواية ومن تابعه ، ولم أجد به خبرا مسندا».

١٩٢

(وإلا) يكن كذلك(فالخمسون) سنة مطلقا (١) غاية إمكان حيضها.

(وأقلّه ثلاثة أيام متوالية) (٢) فلا يكفي كونها في جملة عشرة على الأصح.

______________________________________________________

(١) في العبادة والعدة قال الشارح في الروض : «وما يوجد في بعض القيود من الحكم باليأس بالخمسين بالنسبة للعبادة مطلقا ، وبالستين بالنسبة إلى العدة مطلقا ليس له مرجع يجوز الاعتماد عليه ، ولا فقيه يعوّل على مثله يستند إليه ، واشتماله على نوع من الاحتياط غير كاف في الذهاب إليه ، وربما استلزم نقيض الاحتياط في بعض موارده».

(٢) وأكثره عشرة أيام للأخبار الكثيرة منها : صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (أقلّ ما يكون الحيض ثلاثة أيام وأكثر ما يكون عشرة أيام) (١) وصحيح صفوان : (سألت أبا الحسن الرضا عليه‌السلام عن أدنى ما يكون الحيض ، فقال عليه‌السلام : أدناه ثلاثة وأبعده عشرة) (٢).

والتوالي في الأيام الثلاثة على المشهور لما في الفقه الرضوي : (وإن رأت يوما أو يومين فليس ذلك من الحيض ما لم تر الدم ثلاثة أيام متواليات) (٣) وعن الشيخ في النهاية والاستبصار وابن البراج في المهذب أنه يكفي كون الثلاثة في جملة العشرة لمرسل يونس بن يعقوب عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (فإذا رأت المرأة الدم في أيام حيضها تركت الصلاة ، فإن استمر بها الدم ثلاثة أيام فهي حائض ، وإن انقطع الدم بعد ما رأته يوما أو يومين اغتسلت وصلّت وانتظرت من يوم رأت الدم إلى عشرة أيام ، فإن رأت في تلك العشرة أيام من يوم رأت الدم يوما أو يومين حتى يتم لها ثلاثة أيام ، فذلك الذي رأته في أول الأمر مع هذا الذي رأته بعد ذلك في العشرة هو من الحيض) (٤) وهو ضعيف لإرساله وجهالة بعض رجاله وهو إسماعيل بن مرار وقال في الجواهر : (ورجوع الشيخ عنه في غير النهاية) ، فهذا كله موجبات لعدم العمل بهذا المرسل.

ثم على المشهور من اعتبار التوالي فما معناه؟

فهل يراد منه استمرار الدم ولو في باطن الرحم بحيث كلما وضعت الكرسف تلوث ، وإليه ذهب الحلبي وابنا زهرة وإدريس والمحقق الثاني لأنه هو المتبادر من التوالي ، ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب الحيض حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب الحيض حديث ٢.

(٣) مستدرك الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب الحيض حديث ١.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب الحيض حديث ٢.

١٩٣

(وأكثره عشرة) أيام ، فما زاد عنها ليس بحيض إجماعا(وهو أسود ، أو أحمر (١) حار (٢) له دفع) وقوة (٣)

______________________________________________________

ـ أم يكفي وجود الدم في كل يوم آنا ما كما نسب إلى الأكثر ، أم أنه يشترط رؤيته في أول اليوم الأول وآخر اليوم الثالث وفي أيّ وقت من اليوم الثاني وإليه ذهب معاصر الشارح وهو السيد حسن بن جعفر ، ومال إليه الشيخ البهائي في الحبل المتين ، والأول أقوى.

(١) صرح البعض كالمحقق في الشرائع بكونه أسودا غليظا في الأغلب ، وبعض منهم الشيخ المفيد في المقنعة وابن زهرة بكونه أحمر ، وثالث بكونه أحمر أو أسود ، وهو الذي يقتضيه الجمع بين النصوص ففي خبر حفص البختري : (دخلت على أبي عبد الله عليه‌السلام امرأة فسألته عن المرأة يستمر بها الدم ، فلا تدري أحيض هو أو غيره؟ قال : فقال لها : إن دم الحيض حارّ عبيط أسود له دفع وحرارة ، ودم الاستحاضة أصفر بارد ، فإذا كان للدم حرارة ودفع وسواد فلتدع الصلاة ، قال : فخرجت وهي تقول : والله لو كان امرأة ما زاد على هذا) (١) ومرسل يونس عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إن دم الحيض أسود يعرف) (٢).

وفي مرسل ابن أبي عمير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا بلغت المرأة خمسين سنة لم تر حمرة إلا أن تكون امرأة من قريش) (٣) وفي المرسل عن محمد بن مسلم : (إن كان دما أحمر كثيرا فلا تصلي ، وإن كان قليلا أصفر فليس عليها إلا الوضوء) (٤) إلا أن يقال ليس المراد من السواد هو السواد الحالك الأحمر شديد الاحمرار بحيث يميل إلى السواد بقرينة مقابلته للأصفر في النصوص ، فيكون المراد من كل منهما ما يعم الآخر.

(٢) لصحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إن دم الاستحاضة والحيض ليس يخرجان من مكان واحد ، إن دم الاستحاضة بارد وإن دم الحيض حارّ) (٥) وقد تقدم في خبر حفص : (إن دم الحيض حار) (٦).

(٣) لخبر حفص المتقدم : (له دفع وحرارة) وموثق إسحاق بن جرير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (دم الحيض ليس به خفاء ، هو دم حارّ تجد له حرقة) (٧).

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب الحيض حديث ٢ و ٤.

(٣) الوسائل الباب ـ ٣١ ـ من أبواب الحيض حديث ٢.

(٤) الوسائل الباب ـ ٣٠ ـ من أبواب الحيض حديث ١٦.

(٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب الحيض حديث ١ و ٢.

(٧) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب الحيض حديث ٣.

١٩٤

عند خروجه (غالبا) (١) قيّد بالغالب ليندرج فيه (٢) ما أمكن كونه حيضا (٣) ، فإنه يحكم به (٤) وإن لم يكن كذلك (٥) كما نبّه عليه بقوله : (ومتى أمكن كونه) (٦) أي

______________________________________________________

(١) للتنبيه على أنه قد يجي‌ء بغير هذه الصفات في أيام العادة ومع ذلك يكون حيضا ، وقد يجي‌ء في هذه الصفات في أيام طهرها يحكم عليه بالاستحاضة.

(٢) في الحيض الموصوف بالصفات السابقة.

(٣) هو الدم المحكوم عليه بالحيضية لقاعدة كل دم أمكن أن يكون حيضا فهو حيض ، وسيأتي الكلام فيها إن شاء الله تعالى.

(٤) بكونه حيضا.

(٥) أي وإن لم يكن بهذه الصفات المعروفة.

(٦) هذه هي قاعدة الإمكان والبحث فيها من جهتين تارة من ناحية معناها وأخرى من ناحية الدليل عليها.

أما الجهة الأولى : فليس معنى الإمكان هنا هو الاحتمال المقابل للظن ولا الإمكان الخاص ، بل المراد هو الإمكان العام بمعنى سلب الضرورة عن الطرف المقابل ، فيكون المعنى : كل دم لا يسلب عنه الحيض بالضرورة فهو حيض.

وأما الجهة الثانية : فاستدل على هذه القاعدة بالأصل بمعنى أن الغالب في النساء هو الدم الطبيعي المخلوق فيهن لتغذية الولد بخلاف الاستحاضة وغيرها فلا تكون إلا لآفة ، بل الأصح أن هذه القاعدة مما قد دلت عليها الأخبار منها : خبر يونس بن يعقوب : (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : المرأة ترى الدم ثلاثة أيام أو أربعة ، قال : تدع الصلاة) (١) وخبر سماعة : (سألته عن المرأة ترى الدم قبل وقت حيضها ، فقال : إذا رأت الدم قبل وقت حيضها فلتدع الصلاة فإنه ربما تعجل بها الوقت) (٢) وخبر منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (أيّ ساعة رأت المرأة الدم فهي تفطر) (٣) وخبر محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام : ـ إلى أن قال ـ : وفي المرأة ترى الدم في أول النهار في شهر رمضان أتفطر أم تصوم؟ قال عليه‌السلام : تفطر ، إنما فطرها من الدم) (٤) إلى غير ذلك من النصوص الدالة على التحيض بمجرد الدم ، فهي تدل على أن كل دم يمكن أن يكون حيضا شرعا بلا أي محذور فهو حيض ، وعليه فالقاعدة متصيّدة.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب الحيض حديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب الحيض حديث ١.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٥٠ ـ من أبواب الحيض حديث ٣ و ٧.

١٩٥

الدم(حيضا) بحسب حال المرأة (١) بأن تكون بالغة غير يائسة ، ومدّته بأن لا

______________________________________________________

(١) شروع في قيود إمكان كون الدم حيضا ، وهذه القيود تارة بحسب المرأة وأخرى بحسب حال الدم ، أما بحسب المرأة فأن تكون بالغة غير يائسة لما تقدم من كون الدم فيما دون التسع ليس بحيض ولما تقدم أن اليائسة لا ترى حيضا. وأما بحسب الدم فهو تارة بحسب مدته وأخرى بحسب دوامه وثالثة بحسب أوصافه ورابعة بحسب محل خروجه.

أما مدته : فأن لا ينقص عن ثلاثة ولا يزيد عن عشرة وقد تقدم.

وأما دوامه : فيشترط فيه التوالي في الأيام الثلاثة الأولى وقد تقدم الخلاف فيه.

وأما صفاته : فهو أن يكون بصفات الحيض من كونه أسود أو أحمر يخرج بدفق وله حرارة وقد تقدم الكلام فيه.

وأما محله ، فهو خروجه من الجانب الأيسر ولذا ذهب المشهور لو اشتبه دم الحيض بدم القرحة فتستلقي على قفاها وتدخل إصبعها في الفرج فإن خرج الدم من الطرف الأيسر فهو حيض وإلا فمن القرحة اعتمادا على رواية الشيخ في التهذيب عن محمد بن يحيى مرفوعا عن أبان : (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : فتاة منا بها قرحة في جوفها والدم سائل ، لا تدري من دم الحيض أو من دم القرحة؟ فقال عليه‌السلام : مرها فلتستلق على ظهرها ثم ترفع رجليها وتستدخل إصبعها الوسطى فإن خرج الدم من الجانب الأيسر فهو من الحيض ، وإن خرج من الجانب الأيمن فهو من القرحة) (١).

وذهب ابن الجنيد والشهيد في الذكرى والدروس إلى عكس ذلك فلو خرج من الأيسر فهو من القرحة ومن الأيمن فهو حيض اعتمادا على نفس الرواية المروية في الكافي حيث قال عليه‌السلام : (فإن خرج الدم من الجانب الأيمن فهو من الحيض ، وإن خرج من الجانب الأيسر فهو من القرحة) (٢) بل عن الذكرى أنه وجد كثيرا من نسخ التهذيب موافقا للكافي ، بل نقل عن ابن طاوس أنه وجد في بعض نسخ التهذيب الجديدة أن الحيض من الجانب الأيسر وقطع بأنه تدليس.

وذهب المحقق والشهيد الثاني والمقدس الأردبيلي وسيد المدارك إلى عدم اعتبار الجانب أصلا ، لإرسال الخبر واضطرابه ، ولجواز كون القرحة في الجانبين ، ولأن الحيض من الرحم وليس من جانب معيّن فيه ، وعن النراقي أن كل امرأة رأيناها

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب الحيض حديث ٢ و ١.

١٩٦

ينقص عن ثلاثة ولا يزيد عن عشرة ، ودوامه كتوالي الثلاثة ، ووصفه كالقوي مع التمييز (١) ، ومحلّه كالجانب إن اعتبرناه ، ونحو ذلك (٢)

______________________________________________________

وسألناها اعترفت بعدم إدراك الجانب للخروج ، مع أن في الجواهر قال : «بل المحكي عن كثير من النساء العارفات أن الحيض مخرجه من ذلك» أي من الجانب الأيسر ، والله العالم بذلك. ومما تقدم فلو اعتبرنا الجانب فلا بدّ من أن يكون الدم من الجانب المعتبر حتى يحكم بكونه حيضا.

(١) بالصفات.

(٢) من مضيّ أقل الطهر على الحيضة السابقة وعدم كونها حاملا ، أما الأول : فأقل الطهر بين الحيضتين عشرة أيام للأخبار منها : صحيح ابن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام : (لا يكون القرء في أقل من عشرة أيام فما زاد ، أقل ما يكون عشرة من حين تطهر إلى أن ترى الدم) (١) ومرسل يونس : (أدنى الطهر عشرة أيام ـ إلى أن قال : ولا يكون الطهر أقل من عشرة أيام) (٢).

ولا حدّ لكثيرة بالاتفاق إلا من أبي الصلاح فإنه لا يتجاوز ثلاثة أشهر ، وقال عنه العلامة في المنتهى أنه شاذ.

وأما الثاني : وهو اجتماع الحيض مع الحمل ففيه أقوال :

أنه يجتمع وفي المدارك أنه مذهب الأكثر وعن جامع المقاصد أن المشهور للأخبار منها : صحيح ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن الحبلى ترى الدم أتترك الصلاة؟ فقال عليه‌السلام : نعم ، إن الحبلى ربما قذفت بالدم) (٣) وصحيح ابن الحجاج : (سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن الحبلى ترى الدم وهي حامل ، كما كانت ترى قبل ذلك في كل شهر ، هل تترك الصلاة؟ قال عليه‌السلام : تترك الصلاة إذا دام) (٤) وصحيح صفوان عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام : (عن الحبلى ترى الدم ثلاثة أيام أو أربعة أيام ، تصلي؟ قال عليه‌السلام : تمسك عن الصلاة) (٥) وعن الشيخ في النهاية والاستبصار والمحقق في المعتبر وسيد المدارك وجماعة أنه يمكن الاجتماع بشرط أن يكون الحيض في زمن عادتها ، أو مع التقدم قليلا ، أما إذا تأخر الدم عن عادتها عشرين يوما فهو استحاضة لصحيح الحسين بن نعيم الصحاف : (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : إن أم ولدي ترى الدم وهي حامل ، كيف تصنع بالصلاة؟ فقال عليه‌السلام لي : إذا رأت الحامل ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب الحيض حديث ١ و ٢.

(٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٣٠ ـ من أبواب الحيض حديث ١ و ٢ و ٤.

١٩٧

(حكم به) (١). وإنما يعتبر الإمكان (٢)

______________________________________________________

ـ الدم بعد ما يمضي عشرون يوما من الوقت الذي كانت ترى فيه الدم من الشهر الذي كانت تقعد فيه ، فإن ذلك ليس من الرحم ولا من الطمث فلتتوضأ وتحتشي بكرسف وتصلي ، وإذا رأت الحامل الدم قبل الوقت الذي كانت ترى فيه الدم بقليل أو في الوقت من ذلك الشهر ، فإنه من الحيضة) (١). وهذا الشرط مما يجب العمل به لصحة الخبر.

وعن ابن الجنيد والمفيد والمحقق والبهبهاني منع اجتماع الحيض مع الحمل مطلقا لخبر السكوني عن جعفر عن أبيه عليهما‌السلام (قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما كان الله ليجعل حيضا مع حبل ، يعني إذا رأت الدم وهي حامل لا تدع الصلاة إلا أن ترى على رأس الولد إذا ضربها الطلق ورأت الدم تركت الصلاة) (٢) وصحيح حميد بن المثنى : (سألت أبا الحسن الأول عليه‌السلام عن الحبلى ترى الدفقة والدفقتين من الدم في الأيام وفي الشهر والشهرين ، فقال عليه‌السلام : تلك الهرّاقة ليس تمسك هذه عن الصلاة) (٣). والأخير ظاهر في الاستحاضة لأن الحيض لا يكون دفقة أو دفقتين ، وأما خبر السكوني فلا يقاوم هذه الأخبار الكثيرة فلا بد من حمله على التقية أو رده لأهله وعن الشيخ في الخلاف وابن إدريس منع الحيض مع الحمل إذا استبان وادعى عليه الشيخ الإجماع ولخبر محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام : (سألته عن الحبلى قد استبان حبلها ترى ما ترى الحائض من الدم ، قال : تلك الهراقة من الدم ، إن كان دما أحمر كثيرا فلا تصلي ، وإن كان قليلا أصفر فليس عليها إلا الوضوء) (٤) وخبر أبي المغراء : (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الحبلى قد استبان ذلك منها ترى كما ترى الحائض من الدم ، قال : تلك الهراقة ، إن كان دما كثيرا فلا تصلّين ، وإن كان قليلا فلتغتسل عند كل صلاتين) (٥).

واشتراط الاستبانة لم تقع في كلام المعصوم حتى يؤخذ به وإنما وقع في كلام السائل وهو لا يدل على كونه شرطا في الحكم.

(١) أي بكونه حيضا.

(٢) قد تقدم أن كل دم أمكن أن يكون حيضا بحيث يكون مستجمعا لشرائط الحيضية مع ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٠ ـ من أبواب الحيض حديث ٣.

(٢) الوسائل الباب ـ ٣٠ ـ من أبواب الحيض حديث ١٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ٣٠ ـ من أبواب الحيض حديث ٨.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٣٠ ـ من أبواب الحيض حديث ١٦ و ٥.

١٩٨

بعد استقراره (١) فيما يتوقف عليه (٢) كأيام الاستظهار (٣) فإن الدم فيها (٤) يمكن كونه حيضا ، إلا أن الحكم به (٥) موقوف على عدم عبور العشرة ، ومثله القول في أول رؤيته (٦) مع انقطاعه قبل الثلاثة.

______________________________________________________

ـ ارتفاع الموانع عنه لا بدّ أن يحكم بكونه حيضا ، إلا إذا احتمل حصول كاشف فيما بعد يدل على أنه ليس بحيض ، فلا يحكم عليه بالحيضية بل لا بدّ من التربص إلى ظهور الكاشف فإن ظهر وإلا حكم عليه بأنه حيض ، وهذا له موردان.

الأول : إذا تجاوز الدم عن أيام العادة وكان بصفات الحيض فلا يحكم عليه بالحيضية لاحتمال أن يكون استحاضة إذا تجاوز العشرة ، فلا بد من التربص إلى ظهور الكاشف وهو تجاوزه عن العشرة ، وهذا التربص يسمى بأيام الاستظهار فإن تجاوز فلا يحكم على الزائد عن أيام العادة بأنه حيض وإلا فيكون حيضا.

الثاني : عند أول رؤية الدم للمبتدئة فيحتمل أن لا يتوالى في الأيام الثلاثة الأولى ، فلا بد من التربص إلى ظهور الكاشف وهو عدم التوالي ، فإن لم يتوال فليس بحيض وإلا فيكون حيضا.

(١) أي بعد استقراره في نفس الأمر ، وإلا فما قبل ظهور الكاشف فهو احتمال ليس إلا.

(٢) أي فيما يتوقف الإمكان المستقر عليه وهو عدم ظهور الكاشف على أنه ليس بحيض.

(٣) تمثيل للموصول.

(٤) في أيام الاستظهار.

(٥) أي بكونه حيضا.

(٦) بالنسبة للمبتدئة فقط ، هذا واعلم أن الأصحاب قد اختلفوا في أيام الاستظهار فمن انقضت أيام عادتها واستمر معها الدم ، فنسب إلى عامة المتأخرين استحباب الاستظهار ، وعن مجمع الفائدة والمعتبر والذخيرة التخيير بين الاستظهار وعدمه ، وعن الشيخ وابن إدريس والسيد وابن حمزة والعلامة وجوب الاستظهار ، ثم اختلفوا في الاستظهار أنه بيوم أو يومين أو ثلاثة أو إلى تمام العشرة ، كل ذلك تبعا لاختلاف الأخبار.

فمن الأخبار الدالة على الاستظهار مرسل ابن المغيرة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا كانت أيام المرأة عشرة لم تستظهر ، فإذا كانت أقلّ استظهرت) (١) وخبر يونس بن

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب الحيض حديث ٢.

١٩٩

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ يعقوب : (سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : تجلس النفساء أيام حيضها التي كانت تحيض ثم تستظهر وتغتسل وتصلي) (١).

ومن الأخبار الدالة على الاستظهار بيوم واحد موثق إسحاق بن جرير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن المرأة تحيض فتجوز أيام حيضها ، قال عليه‌السلام : إن كان أيام حيضها دون عشرة أيام استظهرت بيوم واحد ، ثم هي مستحاضة) (٢) ومرسل داود مولى أبي المغراء عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (سألته عن المرأة تحيض ثم يمضي وقت طهرها وهي ترى الدم ، فقال : تستظهر بيوم إن كان حيضها دون العشرة أيام ، فإن استمرّ الدم فهي مستحاضة ، وإن انقطع الدم اغتسلت وصلت) (٣) ومن الأخبار الدالة على الاستظهار بيومين صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (قلت له : النفساء متى تصلي؟ قال عليه‌السلام : تقعد بقدر حيضها وتستظهر بيومين ، فإن انقطع الدم وإلا اغتسلت واحتشت واستثفرت وصلت) (٤).

ومن الأخبار الدالة على الاستظهار بثلاثة أيام موثق سماعة : (فإن كان أكثر من أيامها التي كانت تحيض فيهن فلتتربص ثلاثة أيام بعد ما تمضي أيامها) (٥) ومن الأخبار الدالة على الاستظهار بيوم أو يومين خبر زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (عن الطامث تقعد بعدد أيامها كيف تصنع؟ قال : تستظهر بيوم أو يومين ثم هي مستحاضة) (٦).

ومن الأخبار الدالة على الاستظهار بيومين أو ثلاثة صحيح سعيد بن يسار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن المرأة تحيض ثم تطهر وربما رأت بعد ذلك الشي‌ء من الدم الرقيق بعد اغتسالها من طهرها فقال عليه‌السلام : تستظهر بعد أيامها بيومين أو ثلاثة ثم تصلي) (٧).

ومن الأخبار الدالة على الاستظهار بيوم أو يومين أو ثلاثة صحيح البزنطي عن الرضا عليه‌السلام : (سألته عن الحائض كم تستظهر؟ فقال : تستظهر بيوم أو يومين أو ثلاثة) (٨).

ومن الأخبار الدالة على الاستظهار إلى تمام العشرة موثق يونس بن يعقوب : (قلت ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب النفاس حديث ٨.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب الحيض حديث ٣.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب الحيض حديث ٤.

(٤) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب النفاس حديث ٢.

(٥ و ٦ و ٧ و ٨) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب الحيض حديث ١ و ١٣ و ٨ و ٩.

٢٠٠