الزبدة الفقهيّة - ج ١

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي

الزبدة الفقهيّة - ج ١

المؤلف:

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي


الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات ذوي القربى
المطبعة: كيميا
الطبعة: ٤
ISBN: 964-6307-54-X
ISBN الدورة:
964-6307-53-1

الصفحات: ٣٤٩

(الوجه) (١)

______________________________________________________

ـ الحسين عليهما‌السلام : (لا عمل إلا بنية) (١) وفي آخر : (إنما الأعمال بالنيات ، ولكل امرئ ما نوى ، فمن غزا ابتغاء ما عند الله فقد وقع أجره على الله (عزوجل) ، ومن غزا يريد عرض الدنيا أو نوى عقالا لم يكن له إلا ما نوى) (٢).

وفيه : إنها ظاهرة في ترتب الثواب بالإضافة إلى لزوم تخصيص الأكثر بالبيان المتقدم. وعليه فلم يثبت إلا الإجماع المدعى عن الشيخ في الخلاف والعلامة في المختلف والمحقق الثاني في جامع المقاصد وسيد المدارك في كتابه بالإضافة إلى السيرة العملية بين المتشرعة المأخوذة يدا بيد إلى زمن الأئمةعليهم‌السلام.

(١) ذهب المشهور إلى أن وقت النية عند غسل اليدين قبل غسل الوجه لكون الغسل من جملة الوضوء الكامل فتصح النية عنده استحبابا أو جوازا ، وردّ بأنه لو جاز النية عند أول أجزائه المستحبة لجاز تقديمها عند المضمضة والاستنشاق مع أنه لا يصح إجماعا كما في الروض بالإضافة إلى أن غسل اليدين مع استحبابه لم تثبت جزئيته للوضوء فتكون النية قبل العمل وهذا لا يصح إلا أنهم اتفقوا على أنها تتضيق عند غسل الوجه ولا يجوز تأخيرها عنه لاستلزام وقوع بعض أجزاء الواجبة من دون نية.

والذي يخفف الخطب أن البحث بتمامه مبني على كون النية إخطارية وقد عرفت أنها من قبيل الداعي فلا ينفك العمل عنها فيجوز تقديمها حينئذ لأنها تبقى إلى حين العمل ما لم يعرض عنها.

أما غسل الوجه فلا خلاف فيه ويدل عليه قوله تعالى : (إِذٰا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلٰاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) (٣) والأخبار الكثيرة.

والمراد من الوجه هو ما بين قصاص الشعر إلى الذقن طولا وما دارت عليه الإبهام والوسطى عرضا وهو مما لا خلاف فيه للأخبار منها : صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (أخبرني عن حد الوجه الذي ينبغي أن يوضأ الذي قال الله (عزوجل) ، فقال عليه‌السلام : الوجه الذي قال الله وأمر الله (عزوجل) بغسله الذي لا ينبغي لأحد أن يزيد عليه ولا ينقص منه ، إن زاد عليه لم يؤجر وإن نقص منه أثم ، ما دارت عليه الوسطى والإبهام من قصاص شعر الرأس إلى الذقن وما جرت عليه الإصبعان مستديرا فهو من الوجه ، وما سوى ذلك فليس من الوجه ، فقال له : الصدغ من الوجه؟ فقال عليه‌السلام : ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب مقدمة العبادات حديث ١ و ١٠.

(٣) المائدة الآية : ٦.

١٢١

المعتبر شرعا (١) ، وهو (٢) أوّل جزء من أعلاه ، لأن ما دونه لا يسمى غسلا شرعا ، ولأن المقارنة تعتبر لأول أفعال الوضوء والابتداء بغير الأعلى لا يعدّ فعلا (٣) (مشتملة) على قصد(الوجوب) (٤) إن كان واجبا بأن كان في وقت عبادة

______________________________________________________

ـ لا) (٢).

ثم يجب غسل الوجه من الأعلى إلى الأسفل على المشهور للأخبار منها : صحيح زرارة قال : (حكى لنا أبو جعفر عليه‌السلام وضوء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فدعا بقدح من ماء فأدخل يده اليمنى فأخذ كفا من ماء فأسدلها على وجهه من أعلى الوجه ثم مسح بيده الجانبين جميعا) (١) الحديث ، وقال العلامة في المنتهى والشهيد في الذكرى بعد ذكر هذا الصحيح : (وروي أنه قال بعد ما توضأ : إن هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به).

واختار جماعة منهم السيد وابنا إدريس وسعيد والشهيد والشيخ البهائي وصاحب المعالم إلى جواز النكس في الوجه فيجوز الابتداء من الأسفل إلى الأعلى لأن الأخبار لم تحصر الغسل بهذه الكيفية ، لأنها غير واردة في بيان كيفية الغسل وإنما هي واردة في كيفية غسل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهذا لا يدل على عدم جواز كيفية أخرى.

(١) وهو ما دارت عليه الإبهام والوسطى عرضا من قصاص الشعر إلى طرف الذقن طولا.

(٢) أي المراد من الوجه عند المقارنة.

(٣) من أفعال الوضوء بناء على وجوب الابتداء من الأعلى.

(٤) هل يعتبر في النية نية الوجوب أو الندب وصفا أو غاية ، والمراد بالأول كأن ينوي الاتيان بالوضوء الواجب أو المندوب ، والمراد بالثاني كأن ينوي الاتيان بالوضوء لوجوبه أو ندبه.

وقد نسب إلى المشهور اعتبار نية الوجوب أو الندب وصفا أو غاية ، وعن التذكرة الإجماع عليه لوجوب إيقاع الفعل على وجهه وهذا لا يتم إلا بذلك.

وذهب المفيد والشيخ في النهاية والمحقق في المعتبر ومشهور المتأخرين إلى عدم اعتبار نية الوجوب أو الندب لأن إيقاع الفعل على وجهه أن يكون الفعل مشتملا على شرائطه وأجزائه وهذا لا يفيد المدعى لأن كون نية الوجوب شرطا في النية أول الكلام ثم هل يعتبر قصد وجه الوجوب بناء على اشتراط قصد الوجوب بأن ينوي الاتيان ـ

__________________

(٢) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب الوضوء حديث ١.

(١) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب الوضوء حديث ١٠.

١٢٢

واجبة مشروطة به ، وإلا نوى النّدب ، ولم يذكره (١) لأنه خارج عن الغرض (٢).

(والتقرّب) به إلى الله تعالى ، بأن يقصد فعله (٣) لله امتثالا لأمره أو موافقة لطاعته (٤) ، أو طلبا للرفعة عنده بواسطته (٥) ، تشبيها بالقرب المكاني ، أو مجردا عن ذلك ، فإنه تعالى غاية كل مقصد (٦).

______________________________________________________

ـ بالوضوء الواجب مع قصد وجه الوجوب ، ظاهر السرائر والتذكرة الاشتراط وضعفه ظاهر إذ لا دليل ثابت إلا على وجوب النية فقط.

ثم قد ذهب الشيخ إلى لزوم نية الرفع وعن السيد لزوم نية الاستباحة وعن جماعة منهم الشيخ في المبسوط وبنو إدريس وحمزة وزهرة والعلامة في جملة من كتبه إلى الاكتفاء بنية أحدهما لقوله تعالى : (إِذٰا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلٰاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) (١) ولا معنى لفعل الغسل لأجل الصلاة إلا إرادة استباحتها أو إرادة رفع الحدث.

وذهب جماعة منهم الشيخ في النهاية والمحقق في الشرائع ومشهور المتأخرين إلى العدم لعدم دليل يدل على ذلك ، ولذا قال ابن طاوس في البشرى : «إني لم أعرف نقلا متواترا ولا آحادا يقتضي القصد إلى رفع الحدث أو استباحة الصلاة ، لكن علمنا أنه لا بد من نية القربة ، وإلا لكان هذا من باب اسكتوا عما سكت الله عنه» وقال الشارح في روض الجنان : «وبالجملة فمشخصات النية غير القربة لم يرد فيها نص على الخصوص فلا بدّ لمثبت شي‌ء منها من دليل صالح».

(١) أي الندب.

(٢) لأن الكتاب مبني على الاختصار فلا يوافقه إلا ذكر الواجبات فقط.

(٣) أي فعل الوضوء.

(٤) فسرت الطاعة بالإرادة لأن الشارح في الروض قال : «بمعنى موافقة إرادته» ، والحق إن الطاعة والامتثال مفهومان مترادفان ، فيشترط فيهما الأمر وهو أعم من الواجب والمندوب ، فما عن بعضهم من جعل الطاعة للأعم من الواجب والمستحب واختصاص الامتثال بالواجب فقط ليس في محله.

(٥) أي بواسطة الوضوء لكونه محبوبا عند الله.

(٦) قال الشارح في الروض : «ويكفي عن الجميع قصد الله سبحانه الذي هو غاية كل مقصد».

__________________

(١) المائدة الآية : ٦.

١٢٣

(والاستباحة) مطلقا (١) ، أو الرفع حيث يمكن ، والمراد رفع حكم الحدث ، وإلا فالحدث (٢) إذا وقع لا يرتفع ولا شبهة في إجزاء النية المشتملة على جميع ذلك. وإن كان في وجوب ما عدا القربة نظر ، لعدم نهوض دليل عليه.

أما القربة فلا شبهة في اعتبارها في كل عبادة ، وكذا تمييز العبادة عن غيرها حيث يكون الفعل مشتركا ، إلا أنه لا اشتراك في الوضوء حتى في الوجوب والندب ، لأنه في وقت العبادة الواجبة المشروطة به لا يكون إلا واجبا ، وبدونه (٣) ينتفي (وجري الماء) (٤) بأن ينتقل كلّ جزء من الماء عن محله ، إلى غيره بنفسه (٥)

______________________________________________________

(١) سواء رفع الوضوء الحدث أو لا.

(٢) بما هو من بول وغائط.

(٣) أي بدون وقت العبادة الواجبة فينتفي وجوب الوضوء.

(٤) لأن الغسل لا يتحقق إلا بالجريان وإلا فلا فرق بينه وبين المسح ، وللأخبار منها: صحيح زرارة : (كل ما أحاط به من الشعر فليس على العباد أن يطلبوه ، ولا يبحثوا عنه ، ولكن يجرى عليه الماء) (١) وصحيح ابن مسلم الوارد في الغسل : (فما جرى عليه الماء فقد طهر) (٢) بناء على عدم الفرق بين الغسل والوضوء في الغسل ، نعم الجريان قد يكون بنفسه وقد يكون بإعانة اليد.

وذهب البعض إلى العدم لعدم ثبوت الجريان في مفهوم الغسل ولأن الأخبار المتقدمة ناظرة إلى الغالب في الغسل ، ولذا ورد في صحيح زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إنما الوضوء حد من حدود الله ليعلم من يطيعه ومن يعصيه ، وإن المؤمن لا ينجسه شي‌ء إنما يكفيه مثل الدهن) (٣) وفي صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام الوارد في الوضوء : (إذا مسّ جلدك الماء فحسبك) (٤) وهي محمولة على عدم احتياج الوضوء إلى الماء الكثير.

(٥) أي بنفس الماء.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤٦ ـ من أبواب الوضوء حديث ٣.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب الجنابة حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ٥٢ ـ من أبواب الوضوء حديث ١.

(٤) الوسائل الباب ـ ٥٢ ـ من أبواب الوضوء حديث ٣.

١٢٤

أو بمعين (١) (على ما دارت عليه الإبهام) بكسر الهمزة(والوسطى) من الوجه (عرضا وما بين القصاص) ـ مثلث القاف ـ وهو منتهى منبت شعر الرأس(إلى آخر الذّقن) بالذال المعجمة والقاف المفتوحة منه (طولا) (٢) مراعيا في ذلك مستوى الخلقة في الوجه (٣) واليدين(٤).

ويدخل في الحدّ مواضع التحذيف (٥) ، وهي ما بين منتهى العذار والنزعة المتصلة بشعر الرأس والعذار والعارض ، لا النزعتان بالتحريك ، وهما البياضان المكتنفان للناصية.

(وتخليل خفيف الشعر) (٦) وهو ما ترى البشرة من خلاله في مجلس

______________________________________________________

(١) ولو بإعانة اليد.

(٢) قد تقدم الكلام فيه.

(٣) فلا عبرة بالأنزع ولا الأغم ، والأول من انحسر شعره عن الحد المتعارف والثاني من نبت شعره على الجبهة.

(٤) فلا عبرة بقصير اليد وعريض الوجه وكذا العكس بل المدار على الوجه المتعارف للإنسان مع يده المتعارفة بينهم فما يدخل من وجهه تحت يده فيجب على الجميع غسله من وجوههم وإلا فلا.

(٥) لا بد من توضيح معاني بعض المفردات ، النزعتان وهي تثنية النزعة بالتحريك ، وهي ما انحسر عنه الشعر من الرأس متصاعدا في جانبي الرأس ، ويعبر عنهما بالبياضين المكتنفين بالناصية ، والنزعتان خارجتان عن حد الوجه الذي يجب غسله بالاتفاق.

والعذار هو ما حاذى الأذن يتصل أعلاه بالصدغ وأسفله بالعارض فهو الشعر النابت على العظم الناتئ الذي هو سمت الصماخ وما انحط إلى وتد الأذن.

والصدغ بالضم هو الشعر الذي بعد انتهاء العذار المحاذي لرأس الأذن ، ومواضع التحذيف وهي ما بين انتهاء العذار والنزعة المتصلة بشعر الرأس ، سميت بذلك لحذف النساء المترفين ما ينبت عليها من الشعر الخفيف.

والعارض ففي الصحاح عارضة الإنسان صفحتا خديه ، وإليه يرجع تفسير الفقهاء ففي المنتهى أنه ما نزل عن حد العذار وهو النابت على اللحيتين وقريب منه ما في الدروس.

(٦) إذا كان الشعر كثيفا فلا يجب غسل البشرة تحته بلا خلاف فيه للأخبار منها : صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (قلت له : أرأيت ما أحاط به الشعر؟ فقال عليه‌السلام : كل ـ

١٢٥

التخاطب ، دون الكثيف وهو خلافه ، والمراد بتخليله إدخال الماء خلاله لغسل البشرة المستورة به ، أما الظاهرة خلاله فلا بدّ من غسلها. كما يجب غسل جزء آخر مما جاورها من المستورة من باب المقدمة (١).

والأقوى عدم وجوب تخليل الشعر مطلقا (٢) وفاقا للمصنف في الذكرى والدروس وللمعظم ، ويستوي في ذلك شعر اللحية والشارب ، والخدّ والعذار والحاجب ، والعنفقة (٣) والهدب (٤).

(ثم) غسل اليد(اليمنى من المرفق) (٥) بكسر الميم وفتح الفاء أو بالعكس

______________________________________________________

ـ ما أحاط به من الشعر فليس على العباد أن يطلبوه ولا يبحثوا عنه ولكن يجرى عليه الماء) (١) وخبر محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام : (سألته عن الرجل يتوضأ أيبطن لحيته؟ قال : لا) (٢) وإذا كان خفيفا فقد نسب إلى المشهور عدم وجوب غسل البشرة تحته تمسكا بإطلاق الأخبار المتقدمة ، وردّ بأن الأخبار ظاهرة في الشعر الكثيف لأنها ظاهرة في الشعر الذي أحاط على الموضع وهو لا يحيط إلا إذا كان كثيفا.

(١) أي المقدمة العلمية حتى يعلم بتحقق غسل البشرة.

(٢) كثيفا أو خفيفا.

(٣) شعرات بين الشفة السفلى والذقن.

(٤) بضمتين أو بضمة واحدة ، شعرات أشفار العين.

(٥) المرفق على وزن منبر ، وعن التذكرة أنه مجمع عظمي الذراع والعضد وعن المشهور أنه رأس عظمي الذراع والعضد وهو المتبادر عرفا ، ثم إن غسل اليدين من المرافق أمر ضروري ويدل عليه الكتاب والسنة ويكفينا قوله تعالى : (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرٰافِقِ) (٣).

وغسل المرفق واجب ولم يخالف في ذلك إلا زفر من العامة ، نعم وقع الخلاف بينهم في أن غسله أصلي كما ذهب إليه المشهور أو أنه مقدمي كما ذهب إليه العلامة وسيد المدارك ، قال في المدارك : «وقد قطع الأصحاب بوجوب غسل المرفقين إما لأن (إلى) في قوله تعالى : (وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرٰافِقِ) ، بمعنى مع كما ذكره السيد المرتضى ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٤٦ ـ من أبواب الوضوء حديث ٣ و ١.

(٣) المائدة الآية : ٦.

١٢٦

وهو مجمع عظمي الذّراع والعضد ، لا نفس المفصل (إلى أطراف الأصابع) (١)

______________________________________________________

ـ وجماعة أو لأن الغاية إذا لم تتميز وجب دخولها في المغيّا ويرد على الأول : إنه مجاز لا يصار إليه إلا مع القرينة وهي منتفية هنا ، وعلى الثاني : إن الحق عدم دخول الغاية في المغيّا مطلقا كما حقق في محله ، ولقد أجاد الشيخ أبو علي الطبرسي (رحمه‌الله) في تفسيره جوامع الجامع حيث قال : لا دليل في الآية على دخول المرافق في الوضوء إلا أن أكثر الفقهاء ذهبوا إلى وجوب غسلها وهو مذهب أهل البيت عليهم‌السلام. ـ ومن هنا ذهب العلامة في المنتهى وجمع من المتأخرين إلى أن غسلهما غير واجب بالأصالة ، وإنما هو من باب المقدمة ولا بأس به لأنه المتيقن» انتهى كلامه.

ولا ثمرة بعد وجوب غسل المرفق على كل حال.

(١) فيجب الابتداء بالأعلى فلو غسل منكوسا لم يجز على الأكثر ، خلافا للمرتضى وابن إدريس حيث جوزا النكس على كراهة تمسكا بإطلاق الآية لأن لفظ (إلى) يأتي بمعنى مع.

ومستند المشهور أخبار منها : ما رواه العياشي في تفسيره عن صفوان : (سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن قول الله تعالى : (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرٰافِقِ) ـ إلى أن قال ـ : قلت : فإنه قال : فاغسلوا أيديكم إلى المرافق ، فكيف الغسل؟ قال : هكذا ، أن يأخذ الماء بيده اليمنى فيصبه في اليسرى ثم يفيضه على المرفق ثم يمسح إلى الكف) (١) وصحيح زرارة : (قال أبو جعفر عليه‌السلام : ألا أحكي لكم وضوء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؟ فقلنا : بلى.

فدعا بقعب فيه شي‌ء من ماء فوضعه بين يديه ثم حسر عن ذراعيه ثم غمس فيه كفه اليمنى ثم قال : هكذا إذا كانت الكف طاهرة ، ثم غرف ملأها ماء فوضعها على جبهته ثم قال : بسم الله ، وسدله على أطراف لحيته ، ثم أمرّ يده على وجهه وظاهر جبهته مرة واحدة ، ثم غمس يده اليسرى فغرف بها ملأها ثم وضعه على مرفقه اليمنى فأمرّ كفه على ساعده حتى جرى الماء على أطراف أصابعه ، ثم غرف بيمينه ملأها فوضعه على مرفقه اليسرى فأمرّ كفه على ساعده حتى جرى الماء على أطراف أصابعه ومسح مقدم رأسه وظهر قدميه ببلة يساره وبقية بلة يمناه) (٢) ومثله غيره من الأخبار البيانية.

ولا يمكن التمسك بالآية الشريفة على جواز النكس كما تفعله العامة بدعوى أن لفظ ـ

__________________

(١) مستدرك الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من أبواب الوضوء حديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب الوضوء حديث ٢.

١٢٧

(ثم) غسل (اليسرى كذلك) (١) ، وغسل ما اشتملت عليه الحدود (٢) من لحم زائد ، وشعر ويد وإصبع ، دون ما خرج (٣) وإن كان يدا ، إلا أن تشتبه الأصلية فتغسلان معا من باب المقدمة (٤).

(ثم مسح مقدّم الرأس) (٥) ،

______________________________________________________

ـ (إلى) بمعنى مع ، أو يتمسك بها على وجوب النكس لأن الآية في مقام بيان كيفية الغسل و (إلى) للانتهاء.

وذلك لأن الآية في مقام تحديد مكان المغسول لا في مقام بيان كيفية الغسل للسياق حيث لم تتعرض الآية لكيفية الغسل في الوجه وإنما تعرضت لبيان حدود المغسول وهي ما واجه به الغير المسمى بالوجه فكذلك في اليدين قضاء لحق العطف.

(١) أي من المرفق إلى أطراف الأصابع ، وغسل اليسرى ضروري ويدل عليه الكتاب والسنة ، وأما تقديم اليمنى على اليسرى بلا خلاف للأخبار الكثيرة منها الأخبار البيانية لوضوء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقد تقدم بعضها ، ولصحيح منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في الرجل يتوضأ فيبدأ بالشمال قبل اليمين ، قال عليه‌السلام : يغسل اليمين ويعيد اليسار) (١).

(٢) أي حد الوجه وحد اليدين ، لأنه يصدق عليه وجه أو يد عرفا فيدخل تحت إطلاق أدلة وجوب غسل الوجه واليدين.

(٣) أي ما خرج عن الحدود فلا يصدق أنه وجه أو يد فلا يجب غسله ، حتى لو كان الخارج يدا عرفا فيقطع بأنها زائدة والأدلة منصرفة عنها لأنها مختصة باليد الأصلية.

وذهب العلامة في المنتهى والإرشاد والمختلف إلى وجوب غسل الخارج إن سمى يدا سواء كانت فوق المرفق أم دونه وسواء قطعنا بكونها زائدة أم مشتبهة للاحتياط بعد صدق اسم اليد عليها فيشملها إطلاق أدلة وجوب الغسل ، وفيه : إنها منصرفة إلى الأصلية.

(٤) أي المقدمة العلمية حتى يقطع بغسل الأصلية.

(٥) فهو مما لا خلاف فيه ، ويدل عليه الكتاب والسنة ، ويكفينا قوله تعالى : (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ)(٢).

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٥ ـ من أبواب الوضوء حديث ٢.

(٢) المائدة الآية : ٦.

١٢٨

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ ويجب المسح ببلة يده اليمنى على المشهور للأخبار منها : خبر زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (فقد يجزيك من الوضوء ثلاث غرفات ، واحدة للوجه واثنتان للذراعين ، وتمسح ببلة يمناك ناصيتك) (١).

وذهب ابن الجنيد إلى جواز المسح بماء جديد تمسكا بإطلاق الآية ويشهد له طائفة من الأخبار منها : خبر جعفر بن عمارة : (سألت جعفر بن محمد عليهما‌السلام : أمسح رأسي ببلل يدي؟ قال عليه‌السلام : خذ لرأسك ماء جديدا) (٢) وهي محمولة على التقية لموافقتها العامة.

نعم إذا جفت بلّة اليد اليمنى جاز أخذ الماء من بقية أعضاء الوضوء ثم مسح مقدم الرأس به لمرسل الفقيه عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إن نسيت مسح رأسك فامسح عليه وعلى رجليك من بلة وضوئك ، فإن لم يكن بقي في يدك من نداوة وضوئك شي‌ء فخذ ما بقي منه في لحيتك وامسح به رأسك ورجليك ، وإن لم يكن لك لحية فخذ من حاجبيك وأشفار عينيك وامسح به رأسك ورجليك) (٣).

ثم المسح يجب أن يكون على مقدم الرأس الذي هو ربع الرأس تقريبا للأخبار منها : صحيح ابن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (مسح الرأس على مقدمه) (٤) ومرسل حماد عن أحدهما عليهما‌السلام : (في الرجل يتوضأ وعليه العمامة ، قال عليه‌السلام : يرفع العمامة بقدر ما يدخل إصبعه فيمسح على مقدم رأسه) (٥).

فما ورد من جواز أو وجوب مسح تمام الرأس فلا بد من طرحه مثل خبر الحسين بن أبي العلاء : (قال أبو عبد الله عليه‌السلام : أمسح الرأس على مقدمه ومؤخره) (٦).

ثم إنه يكفي مسمى المسح لصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (قلت له : ألا تخبرني من أين علمت أن المسح ببعض الرأس وبعض الرجلين؟ فضحك عليه‌السلام فقال : يا زرارة ، قاله رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ونزل به الكتاب من الله (عزوجل) ، لأن الله (عزوجل) قال : (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) ، فعرفنا أن الوجه كله ينبغي أن يغسل ، ثم قال : (وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرٰافِقِ) ، فوصل اليدين إلى المرفقين بالوجه ، فعرفنا أنه ينبغي لهما ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣١ ـ من أبواب الوضوء حديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢١ ـ من أبواب الوضوء حديث ٦.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢١ ـ من أبواب الوضوء حديث ٨.

(٤ و ٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ٢٢ ـ من أبواب الوضوء حديث ١ و ٣ و ٦.

١٢٩

أو شعره الذي لا يخرج بمدّه عن حدّه (١) ، واكتفى المصنف بالرأس تغليبا لاسمه على ما نبت عليه (بمسماه) أي مسمّى المسح ، ولو بجزء من إصبع ، ممرا له على الممسوح ليتحقق اسمه لا بمجرد وضعه (٢) ، ولا حدّ لأكثره. نعم يكره الاستيعاب (٣) ،

______________________________________________________

ـ أن يغسلا إلى المرفقين ، ثم فصل بين الكلام فقال : (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ) ، فعرفنا حين قال : (بِرُؤُسِكُمْ) أن المسح ببعض الرأس لمكان الباء ، ثم وصل الرجلين بالرأس كما وصل اليدين بالوجه فقال : (وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) ، فعرفنا حين وصلها بالرأس أن المسح على بعضها) (١) وصحيح زرارة وبكير عن أبي جعفر عليه‌السلام : (إذا مسحت بشي‌ء من رأسك أو بشي‌ء من قدميك ما بين كعبيك إلى أطراف الأصابع فقد أجزأك) (٢).

وعن السيد والشيخ والصدوق من وجوب المسح بثلاث أصابع مضمومة لخبر معمر بن عمر عن أبي جعفر عليه‌السلام : (يجزي من المسح على الرأس موضع ثلاث أصابع وكذلك الرجل) (٣) وخبر زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (المرأة يجزيها من مسح الرأس أن تمسح مقدمه قدر ثلاث أصابع ولا تلقي عنها خمارها(٤).

وذهب الشيخ في النهاية إلى الاكتفاء بمقدار الأصبع عند الضرورة لمرسل حماد المتقدم : (في الرجل يتوضأ وعليه العمامة قال عليه‌السلام : يرفع العمامة بقدر ما يدخل إصبعه فيمسح على مقدم رأسه) (٥).

وذهب ابن الجنيد إلى أن المسح بإصبع للرجل وبثلاث للمرأة لهذه الأخبار المتقدمة ، لكن حملت هذه الأخبار عند المشهور على الاستحباب جمعا بينها وبين ما دل على كفاية مسمى المسح.

(١) أي لا يخرج بمد الشعر عن حد الرأس ، وهو الشعر النابت على المقدم لأن المسح عليه مسح على المقدم ، نعم لو مسح على الزائد عنه لكان مسحا على غير المقدم فلا يجوز.

(٢) لأن الوضع لا يسمى مسحا عرفا.

(٣) استيعاب الرأس بالمسح قال في الجواهر : «أما لو مسح جميع الرأس فلا إشكال في ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب الوضوء حديث ١ و ٤.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب الوضوء حديث ٥ و ٣.

(٥) الوسائل الباب ـ ٢٢ ـ من أبواب الوضوء حديث ٣.

١٣٠

إلا أن يعتقد شرعيّته فيحرم (١) ، وإن كان الفضل في مقدار ثلاث أصابع.

(ثم مسح) بشرة ظهر الرّجل (اليمنى) من رءوس الأصابع إلى الكعبين (٢).

______________________________________________________

ـ عدم الحرمة حيث يكون قصد الامتثال بالبعض ، ووقع الباقي لا بقصد شي‌ء من الوضوئية ، وما يظهر من بعضهم من الحكم بالكراهة لم نقف له على مستند ولعله من جهة التشبه بالعامة ونحوه والأمر سهل».

(١) لأنه بدعة.

(٢) وجوب مسح الرجلين في الوضوء متفق عليه عند الإمامية ، بل هو من ضروريات مذهبهم كما في الجواهر ، والأخبار به متواترة من طرقنا ، بل روته العامة ، بل هو المنقول عن ابن عباس وعكرمة وأنس وأبي الغالبة والشعبي ، وعن أبي الحسن البصري وابن جرير الطبري والجبائي التخيير بينه وبين الغسل وعن داود الظاهري وجوب الغسل والمسح معا وباقي علمائهم على إيجاب الغسل.

ودليلنا الكتاب والسنة ، أما الكتاب فقوله تعالى : (يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذٰا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلٰاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرٰافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) (١) بناء على قراءة الجر في الأرجل كما عن ابن كثير وأبي عمرو وحمزة وعاصم في رواية أبي بكر ويؤيدها خبر غالب بن الهذيل : (سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله تعالى : (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ) ، على الخفض هي أم على النصب؟ فقال عليه‌السلام : بل هي على الخفض) (٢).

وجرها يوجب أخذ حكم الرأس وهو المسح ، ويدل على هذا بالنص صحيح زرارة المتقدم عن أبي جعفر عليه‌السلام : (ثم فصل بين الكلام فقال : (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ) فعرفنا حين قال : (بِرُؤُسِكُمْ) أن المسح ببعض الرأس لمكان الباء ثم وصل الرجلين بالرأس كما وصل اليدين بالوجه فقال : (وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) ، فعرفنا حين وصلها بالرأس أن المسح على بعضها) (٣).

وقد نقل عن نافع وابن عامر والكسائي وعاصم في رواية حفص أنها على النصب ، ويكون حكمها المسح بناء على عطفها على محل الرءوس. ـ

__________________

(١) المائدة الآية : ٦.

(٢) مستدرك الوسائل الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب الوضوء حديث ٣.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب الوضوء حديث ١.

١٣١

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ ومن أوجب غسلها من العامة ادعى أنها منصوبة وأنها معطوفة على الأيدي فتأخذ حكمها من الغسل ، وهو من غرائب الاستعمال فلا يحمل كلام الله عليه لأن الانتقال من جملة إلى أخرى قبل إكمال الأولى موجب للإيهام ومخل بالفصاحة.

وأما السنة فمنها : صحيح محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (امسح على مقدم رأسك وامسح على القدمين وابدأ بالشق الأيمن) (١) وخبر محمد بن مروان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إنه يأتي على الرجل ستون وسبعون سنة ما قبل الله منه صلاة ، قلت : كيف ذلك؟ قال : لأنه يغسل ما أمر الله بمسحه) (٢) وعن ابن عباس : (إن كتاب الله المسح ويأبى الناس إلا الغسل) (٣) وعن أمير المؤمنين عليه‌السلام : (ما نزل القرآن إلا بالمسح) (٤) وعن ابن عباس أيضا عن الوضوء أنه : (غسلتان ومسحتان) (٥).

ثم المسح على ظاهر البشرة فلا يجزي المسح على خف أو حائل خلافا للعامة حيث جوزوا المسح على الخف ، ومستندنا الأخبار منها : صحيح زرارة : (قلت له : في مسح الخفين تقية؟ فقال : ثلاثة لا أتقي فيهن أحدا شرب المسكر ومسح الخفين ومتعة الحج) (٦) وخبر النسابة الكلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (قلت له ما تقول : في المسح على الخفين؟ فتبسم ، ثم قال : إذا كان يوم القيامة وردّ الله كل شي‌ء إلى شيئه ، وردّ الجلد إلى الغنم فترى أصحاب المسح أين يذهب وضوؤهم) (٧) وخبر حبابة الوالبية عن أمير المؤمنين عليه‌السلام : (إنا أهل بيت لا نمسح على الخفين ، فمن كان من شيعتنا فليقتد بنا وليستن بسنتنا) (٨) وفي خبر سليم بن قيس الهلالي : (خطب أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال : قد عملت الولاة قبلي أعمالا خالفوا فيها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم متعمدين لخلافه ، ولو حملت الناس على تركها لتفرق عني جندي ، أرأيتم لو أمرت بمقام إبراهيم فرددته إلى الموضع الذي كان فيه ـ إلى أن قال ـ : وحرّمت المسح على الخفين وحددت على النبيذ وأمرت بإحلال المتعتين وأمرت بالتكبير على الجنائز خمس تكبيرات ، وألزمت الناس الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ـ إلى أن قال ـ : إذا لتفرقوا عني) (٩).

ثم إن المشهور ذهب إلى عدم الترتيب بين الرجلين فيجوز مسح اليسرى قبل اليمنى ـ

__________________

(١ و ٢ و ٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب الوضوء حديث ١ و ٢ و ٧ و ٨ و ٩.

(٦ و ٧ و ٨) الوسائل الباب ـ ٣٨ ـ من أبواب الوضوء حديث ١ و ٤ و ١٢.

(٩) الوسائل الباب ـ ٣٨ ـ من أبواب الوضوء حديث ٣.

١٣٢

وهما قبّتا القدمين على الأصح (١) وقيل : إلى أصل السّاق ، وهو مختاره في الألفية.

______________________________________________________

ـ تمسكا بإطلاق الآية ، وعن ابن الجنيد وابني بابويه والشيخ في الخلاف وفخر المحققين والشهيدين وسيد المدارك وجماعة إلى وجوب تقديم اليمنى لصحيح ابن مسلم المتقدم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (امسح على مقدم رأسك وامسح على القدمين وابدأ بالشق الأيمن) (١) وخبر ابن أبي رافع عن أمير المؤمنين عليه‌السلام : (إذا توضأ أحدكم للصلاة فليبدأ باليمين قبل الشمال من جسده) (٢).

ونقل عن جماعة جواز مسحهما معا وإلا بدأ باليمين للتوقيع الصادر عن الناحية المقدسة في أجوبة مسائل الحميري حيث سأله عن المسح على الرجلين يبدأ باليمين أو يمسح عليهما جميعا فأجاب عليه‌السلام : (يمسح عليهما جميعا معا فإن بدأ بإحداهما قبل الأخرى فلا يبدأ إلا باليمين) (٣) وهو المتعين.

ثم لا بد من الاستيعاب الطولي من رءوس الأصابع إلى الكعبين لدلالة الآية عليه فضلا عن النصوص منها : صحيح زرارة وبكير عن أبي جعفر عليه‌السلام : (إذا مسحت بشي‌ء من رأسك أو بشي‌ء من قدميك ما بين كعبيك إلى أطراف الأصابع فقد أجزأك) (٤) واحتمل في الذكرى عدم الاستيعاب الطولي وجزم به في المفاتيح ونفى عنه البعد في الرياض لخبر جعفر بن سليمان عن أبي الحسن عليه‌السلام : (قلت : جعلت فداك يكون خف الرجل مخرقا فيدخل يده فيمسح ظهر قدميه أيجزيه ذلك؟ قال : نعم) (٥) وفيه : إنه غير صريح في عدم الاستيعاب الطولي.

واستدل لمدعاهم بخبر زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (توضأ علي عليه‌السلام فغسل وجهه وذراعيه ثم مسح على رأسه وعلى نعليه ولم يدخل يده تحت الشراك) (٦) وصحيح زرارة وبكير عن أبي جعفر عليه‌السلام المتقدم : (تمسح على النعلين ولا تدخل يدك تحت الشراك) (٧) وفيه : إن مقعد الشراك على الكعبين فعدم دخول اليد تحته لانتهاء محل المسح.

(١) المشهور على ذلك ، وفي المعتبر نسبته إلى مذهب فقهاء أهل البيت عليهما‌السلام ، قال ابن ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب الوضوء حديث ١.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٣٤ ـ من أبواب الوضوء حديث ٤ و ٥.

(٤) الوسائل الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب الوضوء حديث ٤.

(٥ و ٦ و ٧) الوسائل الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب الوضوء حديث ٢ و ٣ و ٤.

١٣٣

(ثم) مسح ظهر(اليسرى) كذلك (١) (بمسماه) في جانب العرض (٢) (ببقيّة البلل) (٣)

______________________________________________________

ـ الأثير في نهايته : «ذهب قوم إلى أنهما العظمان النابتان في ظهر القدم وهو مذهب الشيعة».

وذهبت العامة إلى أنهما العقدتان اللتان في أسفل الساقين على يمين الساق وشماله في كل قدم ، ووافقنا منهم سائر الحنفية وبعض الشافعية ، ولقد صنف العلامة اللغوي عميد الرؤساء كتابا في معنى الكعب وأنه قبة القدم ، وقال فيه : «إن العقدتين في أسفل الساقين اللتين يسميان كعبا عند العامة يسميان عند العرب الفصحاء وغيرهم جاهليهم وإسلاميهم منجمين بفتح الميم والجيم ، والرهرهين بضم الراءين».

ومستندنا الأخبار منها : خبر ميسر عن أبي جعفر عليه‌السلام الوارد في الوضوء البياني : (ثم مسح رأسه وقدميه ثم وضع يده على ظهر القدم ثم قال : هذا هو الكعب ، قال : وأومأ بيده إلى أسفل العرقوب ثم قال : هذا هو الظنبوب) (١) ، وما تقدم من أخبار عدم وجوب استبطان الشرك لإن معقده عند ظهر القدم وذهب العلامة في جملة من كتبه إلى أنه هو المفصل بين الساق والقدم وتبعه عليه الشهيد في الألفية مع أنه أنكره عليه في البيان ، واستدل عليه بخبر زرارة وبكير بن أعين عن أبي جعفر عليه‌السلام : (فقلنا : أين الكعبان؟ قال عليه‌السلام : هاهنا ، يعني المفصل دون عظم الساق) (٢).

(١) من رءوس الأصابع إلى الكعبين.

(٢) على المشهور شهرة عظيمة لصحيح زرارة وبكير عن أبي جعفر عليه‌السلام المتقدم : (وإذا مسحت بشي‌ء من رأسك أو بشي‌ء من قدميك ما بين كعبيك إلى أطراف الأصابع فقد أجزأك) (٣) ولخبر زرارة المتقدم أيضا عن أبي جعفر عليه‌السلام : (فعرفنا حين وصلهما بالرأس أن المسح على بعضهما) (٧) ونسب إلى الشيخ اعتبار المسح بمقدار إصبع ولا دليل له ، وفي التذكرة عن بعضهم اعتبار المسح بمقدار ثلاث أصابع لخبر معمر بن عمر عن أبي جعفر عليه‌السلام : (يجزئ من المسح على الرأس موضع ثلاث أصابع وكذلك الرجلين) (٥) وحملت على الاستحباب عند المشهور.

وعن الحلبي وابن زهرة اعتبار إصبعين ولا يعرف لهما دليل.

(٣) قد تقدم الكلام فيه عند مسح الرأس.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب الوضوء حديث ٩ و ٣.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب الوضوء حديث ٤ و ١.

(٥) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب الوضوء حديث ٥.

١٣٤

الكائن على أعضاء الوضوء من مائه (فيهما) (١) أي في المسحين ، وفهم من إطلاقه المسح (٢) أنه لا ترتيب فيهما (٣) في نفس العضو فيجوز النكس فيه دون الغسل ، للدلالة عليه (٤) ب «من» و «إلى» ، وهو كذلك فيهما (٥) على أصحّ

______________________________________________________

(١) في مسح الرأس ومسح الرجلين.

(٢) أي إطلاق المصنف ، فيفهم منه جواز النكس كما هو المشهور لصحيح حماد بن عثمان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (لا بأس بمسح الوضوء مقبلا ومدبرا) (١) ، وخبره الآخر عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (لا بأس بمسح القدمين مقبلا ومدبرا) (٢) وخبر يونس قال : (أخبرني من رأى أبا الحسن عليه‌السلام بمنى يمسح ظهر قدميه من أعلى القدم إلى الكعب ومن الكعب إلى أعلى القدم ، ويقول : الأمر في مسح الرجلين موسّع من شاء مسح مقبلا ومن شاء مسح مدبرا ، فإنه من الأمر الموسع إن شاء الله) (٣).

وعن المفيد والصدوق والسيد وابن زهرة وابن إدريس والشهيد في البيان والألفية وجوب المسح من أطراف الأصابع إلى الكعبين ولا يجوز النكس لظهور لفظ (إلى) الوارد في الآية بالانتهاء ، ولصحيح أحمد بن محمد البزنطي سألت أبا الحسن عليه‌السلام : (عن المسح على القدمين كيف هو؟ فوضع كفه على الأصابع فمسحها إلى الكعبين) (٤).

وفيه : إن الآية ليست في مقام بيان كيفية المسح بل في مقام بيان حد الممسوح ، والخبر لا يفيد الحصر.

(٣) في المسحين.

(٤) أي على الترتيب في الغسل حيث قال المصنف في الوجه : «ما بين القصاص إلى آخر الذقن» ، وقال في اليدين : «من المرفق إلى أطراف الأصابع» ، ولم يحدد بذلك في المسح.

(٥) أي في المسح والغسل ، أما الغسل فقد تقدم الكلام عليه وأنه لم يخالف إلا ابن إدريس والمرتضى فجوزا النكس في غسل اليدين على كراهته ، وخالف جماعة منهم السيد وابن إدريس في الوجه فجوزوا النكس فيه.

وأما المسح فقد تقدم الكلام في مسح الرجلين وأما مسح الرأس فيجوز النكس على ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب الوضوء حديث ١ و ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب الوضوء حديث ٣.

(٤) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب الوضوء حديث ٤.

١٣٥

القولين ، وفي الدروس رجّح منع النّكس في الرأس دون الرجلين وفي البيان عكس ، ومثله في الألفية(مرتّبا) (١) بين أعضاء الغسل والمسح : بأن يبتدئ بغسل الوجه ، ثم باليد اليمنى ، ثم اليسرى ، ثم بمسح الرأس ، ثم الرّجل اليمنى ، ثم اليسرى ، فلو عكس أعاد على ما يحصل معه الترتيب مع بقاء الموالاة. وأسقط المصنف في غير الكتاب الترتيب بين الرجلين(مواليا) في فعله (٢)

______________________________________________________

ـ المشهور منهم الشهيد في البيان ، ويستدل لهم بإطلاق الآية وبصحيح حماد المتقدم : (لا بأس بمسح الوضوء مقبلا ومدبرا) (١).

وذهبت جماعة منهم الشهيد في الذكرى والدروس ونسبه في الأول إلى الشهرة وفي الثاني إلى الأكثر على عدم جواز النكس للأخبار المتضمّنة للوضوءات البيانية حيث اقتصرت على المسح مقبلا في الرأس ، بل في بعضها : (إن هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به) (٢) ، وصحيح حماد المتقدم محمول على خبره الآخر الذي خصّ النكس بمسح القدمين (٣) فقط بل من المظنون قويا وحدة الخبرين لاتحاد الراوي والمروي عنه ، خصوصا أن أبا الحسن عليه‌السلام كما في خبر يونس جعل الأمر الموسع في خصوص القدمين فقط.

(١) الترتيب بين الأعضاء مما لا خلاف فيه للأخبار منها : خبر زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (تابع بين الوضوء كما قال الله (عزوجل) ، ابدأ بالوجه ثم باليدين ثم امسح الرأس والرجلين ، ولا تقدمن شيئا بين يدي شي‌ء تخالف ما أمرت به ، فإن غسلت الذراع قبل الوجه فابدأ بالوجه وأعد على الذراع ، وإن مسحت الرجل قبل الرأس فامسح على الرأس قبل الرجل ثم أعد على الرجل) (٤).

(٢) الموالاة في الوضوء واجبة وهي مما لا خلاف فيها ، وإنما الخلاف في معناها على أقوال :

الأول : مراعاة الجفاف مطلقا فلو أخّر متابعة الأعضاء على وجه لا يحصل معه جفاف فلا إثم ولا إبطال ، نعم لو جفت الأعضاء السابقة بطل الوضوء وعليه الإعادة وإليه ـ

__________________

(١ ٢) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب الوضوء حديث ١ و ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب الوضوء حديث ١٠ ، والوارد في المتن قد زاده العلامة في المنتهى والشهيد في الذكرى.

(٤) الوسائل الباب ـ ٣٤ ـ من أبواب الوضوء حديث ١.

١٣٦

(بحيث لا يجفّ السابق) من الأعضاء (١) على العضو الذي هو فيه مطلقا (٢) ، على أشهر الأقوال ..

والمعتبر في الجفاف الحسيّ لا التقديري (٣) ،

______________________________________________________

ـ ذهب الأكثر ، ويشهد له موثق أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا توضأت بعض وضوئك وعرضت لك حاجة حتى يبس وضوؤك ، فأعد وضوءك فإن الوضوء لا يبعّض) (١) وصحيح معاوية : (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : ربما توضأت فنفد الماء فدعوت الجارية فابطأت عليّ بالماء فيجفّ وضوئي ، فقال عليه‌السلام : أعد) (٢).

الثاني : وجوب المتابعة بين الأعضاء اختيارا بحيث إذا فرغ من عضو شرع في الآخر فإن أخلّ أثم ولا يبطل الوضوء إلا مع الجفاف ، وهو المحكي عن الخلاف والمعتبر والتحرير ومصباح السيد لصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (أتبع وضوءك بعضه بعضا) (٣) وخبر الحكم بن حكيم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إن الوضوء يتبع بعضه بعضا) (٤) ، ولكن المراد من المتابعة هو الترتيب بين الأعضاء كما يشهد بذلك صدرهما ، فالأخير هو : (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل نسي من الوضوء الذراع والرأس قال عليه‌السلام : يعيد الوضوء إن الوضوء يتبع بعضه بعضا).

القول الثالث : مراعاة أحد الأمرين من التتابع والجفاف ، فلو تابع لا يبطل الوضوء وإن جفت الأعضاء ، ولو لم تجف لا يبطل الوضوء وإن لم يتابع للجمع بين الأخبار السابقة ، وهو المحكي عن الصدوق وجماعة من المتأخرين.

القول الرابع : المدار على جفاف العضو السابق لا على جفاف جميع الأعضاء كما هو القول الأول وإليه ذهب السيد في الناصريات وابن البراج في المهذب وجماعة لحمل أخبار الجفاف المتقدمة على جفاف العضو السابق فقط ، وفيه : إن الظاهر من الأخبار المتقدمة جفاف جميع الأعضاء.

القول الخامس : لو جف بعض العضو السابق لبطل الوضوء وإليه ذهب ابن الجنيد ، وهو مما لا دليل عليه ، والمتعين الأول.

(١) أي كل سابق لا خصوص العضو السابق ، وهذا هو مفاد القول الأول.

(٢) سواء تابع بين الأفعال أم لا.

(٣) بحيث لو كان الهواء رطبا ولم يتابع بين الأعضاء بحيث بقي البلل فلا يضرّ ، وإن كان ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٣٣ ـ من أبواب الوضوء حديث ٢ و ٣.

(٣) الوسائل الباب ـ ٣٥ ـ من أبواب الوضوء حديث ٩.

(٤) الوسائل الباب ـ ٣٣ ـ من أبواب الوضوء حديث ٦.

١٣٧

ولا فرق فيه (١) بين العامد والناسي والجاهل (٢).

(وسننه (٣) السّواك) وهو دلك الأسنان (٤) بعود ، وخرقة ، وإصبع ، ونحوها (٥) ، وأفضله الغصن الأخضر (٦) ، وأكمله الأراك (٧) ، ومحله قبل غسل الوضوء الواجب والندب(٨)

______________________________________________________

ـ عدم التتابع موجبا لجفاف الأعضاء إذا كان الهواء حارا لأن المعتبر هو الحسي الفعلي كما هو الظاهر من النصوص المتقدمة.

(١) في الجفاف.

(٢) لإطلاق النصوص المتقدمة.

(٣) أي سنن الوضوء ، بلا خلاف فيه ففي صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (وعليك بالسواك عند كل وضوء) (١).

(٤) قال في المصباح : «سكت الشي‌ء أسوكه سوكا إذا دلكته».

(٥) للإطلاق في أكثر من خبر ، بل صرح أكثر من خبر بوقوعه بغير الأراك لخبر السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : التسوك بالإبهام والمسبحة عند الوضوء سواك) (٢) ومرسل علي بن إبراهيم : (أدنى السواك أن تدلكه بإصبعك) (٣).

(٦) استدل الشهيد في الذكرى على ذلك بمرسل الفقيه : (إن الكعبة شكت إلى الله ما تلقى من أنفاس المشركين فأوحى الله إليها قرّي يا كعبة فإني مبدّلك بهم قوما يتنظفون بقضبان الشجر ، فلما بعث الله نبيه محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نزل عليه الروح الأمين جبرئيل عليه‌السلام بالسواك) (٤) وفيه : إنه لا يدل على اعتبار الخضرة ولذا قال الخونساري في حاشيته المشهورة : (لم أقف فيما رأينا على ما يدل على أفضلية الخضرة لا في الروايات ولا في كلام الأصحاب).

(٧) لمرسل الطبرسي في مكارم الأخلاق : (وكان صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يستاك بالأراك ، أمره بذلك جبرئيل عليه‌السلام) (٥) ، ولما في الرسالة الذهبية لأبي الحسن الرضا عليه‌السلام وقد كتبها للمأمون وفيها : (واعلم يا أمير المؤمنين أن أجود ما استكت به ليف الأراك ، فإنه يجلو الأسنان ويطيب النكهة ويشدّ اللثة ويسمنها ، وهو نافع من الحفر إذا كان باعتدال (٦).

(٨) أي قبل الغسلات الواجبة في الوضوء والمندوبة ، والمضمضة تمثيل للمندوب ، بل ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب السواك حديث ١.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب السواك حديث ٤ و ٣.

(٤) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب السواك حديث ٢.

(٥ و ٦) مستدرك الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب السواك حديث ٥ و ٦.

١٣٨

كالمضمضة ، ولو أخّره عنه أجزأ (١).

واعلم أن السّواك سنة مطلقا (٢) ، ولكنه يتأكد في مواضع منها : الوضوء (٣) والصلاة (٤) ،

______________________________________________________

ـ الظاهر أنه قبل غسل اليدين المستحب ، ففي خبر الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان إذا صلى العشاء الآخرة أمر بوضوئه وسواكه فوضع عند رأسه مخمّرا فيرقد ما شاء الله ، ثم يقوم فيستاك ويتوضأ ويصلي أربع ركعات ، ثم يرقد ثم يقوم فيستاك ويتوضأ ويصلي ، ثم قال : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) (١).

ومرسلة الصدوق عن أبي جعفر عليه‌السلام : (إذا قمت من فراشك فانظر في أفق السماء وقل : الحمد لله ـ إلى أن قال ـ : وعليك بالسواك ، فإن السواك في السحر قبل الوضوء من السنة ثم توضأ) (٢).

(١) لخبر المعلّى بن خنيس : (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن السواك بعد الوضوء ، فقال عليه‌السلام : الاستياك قبل أن يتوضأ ، قلت : أرأيت إن نسي حتى يتوضأ؟ قال : يستاك ثم يتمضمض ثلاث مرات) (٣).

(٢) أي مستحب في كل وقت للأمر به في الأخبار منها : خبر أبي أسامة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (من سنن المرسلين السواك) (٤) وخبر جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أوصاني جبرئيل بالسواك حتى خفت على أسناني) (٥) وخبر الحسين بن زيد عن الصادق عن آبائه عليهم‌السلام : (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما زال جبرئيل يوصيني بالسواك حتى ظننت أنه سيجعله فريضة) (٦) وقال في مفتاح الكرامة : «استحباب السواك في الجملة مجمع عليه كما في الخلاف والمنتهى والتذكرة والذكرى وغيرها ، وبه قال جميع الفقهاء إلا داود فإنه أوجبه».

(٣) وقد تقدم الدليل عليه.

(٤) لخبر محمد بن مروان عن أبي جعفر عليه‌السلام : (في وصية النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعلي عليه‌السلام : قال : عليك بالسواك لكل صلاة) (٧) وخبر عبد الله بن ميمون القداح عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (ركعتان بالسواك أفضل من سبعين ركعة بغير سواك) (٨) وفي الخبر : (قال ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب السواك حديث ١ و ٥.

(٣) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب السواك حديث ١.

(٤ و ٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب السواك حديث ٢ و ١٥ و ١٦.

(٧ و ٨) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب السواك حديث ١ و ٢ و ٣.

١٣٩

وقراءة القرآن (١) ، واصفرار الأسنان (٢) وغيره (٣).

(والتّسمية) (٤) وصورتها : «بسم الله وبالله» ، ويستحب إتباعها بقوله : «اللهمّ

______________________________________________________

ـ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لو لا أن أشقّ على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة) (١).

(١) للأخبار منها : خبر إسماعيل بن أبان الخياط عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : نظفوا طريق القرآن ، قيل : يا رسول الله وما طريق القرآن؟ قال : أفواهكم ، قيل : بما ذا؟ قال: بالسواك) (٢) ومرسل الصدوق : (قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : إن أفواهكم طرق القرآن فطهروها بالسواك) (٣).

(٢) للأخبار منها : خبر ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في السواك اثنتا عشرة خصلة : هو من السنة ومطهرة للفم ، ومجلاة للبصر ويرضي الرب ، ويذهب بالغمّ ـ بالبلغم ـ ، ويزيد في الحفظ ، ويبيّض الأسنان ويضاعف الحسنات ويذهب بالحفر ويشدّ اللثة ويشهّي الطعام وتفرّح به الملائكة) (٤). ومثله غيره.

(٣) من شدّ اللثة وإزالة الحفر وإزالة البخر وغير ذلك مما تقدم في خبر ابن سنان.

(٤) فهي من سنن الوضوء وقال في مفتاح الكرامة : «هذا مذهب العلماء» وأوجبها ابن حنبل ويدل عليها أخبار منها : خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (يا أبا محمد من توضأ فذكر اسم الله طهر جميع جسده ، ومن لم يسم لم يطهر من جسده إلا ما أصابه الماء) (٥) ومرسل ابن أبي عمير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا سميت في الوضوء طهر جسدك كله ، وإذا لم تسمّ لم يطهر من جسدك إلا ما مرّ عليه الماء) (٦) وخبر ابن مسكان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (من ذكر اسم الله على وضوئه فكأنما اغتسل) (٧).

وهي مستحبة عند وضع اليد في الماء لصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (إذا وضعت يدك في الماء فقل : بسم الله وبالله ، اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين ، فإذا فرغت فقل : الحمد لله رب العالمين) (٨) ولكن في حديث الخصال أن التسمية قبل وضع الماء على اليد عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : (لا يتوضأ الرجل حتى يسمّي يقول ـ قبل أن يمسّ الماء ـ : بسم الله وبالله ، اللهم اجعلني من التوابينـ

__________________

(١) المصدر السابق.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب السواك حديث ١ و ٣.

(٤) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب السواك حديث ١٢.

(٥ و ٦ و ٧) الوسائل الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب الوضوء حديث ٤ و ٥ و ٩.

(٨) الوسائل الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب الوضوء حديث ٢ و ١٠.

١٤٠