تاريخ مدينة دمشق - ج ٦٠

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ٦٠

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٧٨
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

فاتخذ عدّة لمطلع القب

ر وهول الصراط يا منصور

أخبرنا أبو الوقت عبد الأول بن عيسى ، أنا أبو صاعد يعلى بن هبة الله ، أنا عبد الرّحمن بن أحمد بن محمّد بن أبي شريح ، أنا أبو عبد الله محمّد بن عقيل بن الأزهر ، قال : سمعت سليمان بن الربيع بن هشام النهدي يقول : سمعت الحارث بن إدريس أن منصور بن عمّار تكلّم عند مالك بن أنس فقال : ما هذا اللغو ، اللهمّ أسألك الجنّة ، وما قرّب إليها من قول أو عمل ، وأعوذ بك من النار ، وما قرّب إليها من قول أو عمل.

أخبرنا أبو الحسن المالكي ، نا ـ وأبو منصور المقرئ ، أنا الخطيب (١) ، أنا الأزهري ، نا محمّد بن العبّاس الخزاز ، نا ابن منيع (٢) ، نا شجاع بن مخلد ، قال : مرّ بي بشر بن الحارث وأنا جالس في مجلس منصور بن عمّار القاصّ (٣) ، وأنا في آخر الناس ، فمرّ بشر مطرقا ، فنظر إليّ فمضى وهو يقول : وأنت أيضا يا أبا الفضل؟ وأنت أيضا يا أبا الفضل؟!.

أنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد ، أنا أبو نعيم الحافظ ، (٤) نا عثمان بن محمّد العثماني ، نا أبو القاسم بن الأسود ، نا أبو علي بن دسيم الدقّاق (٥) قال : سمعت عبدك العابد يقول : قيل لمنصور بن عمّار : تكلم بهذا الكلام ونرى منك أشياء؟ قال : احسبوني ذرة (٦) وجدتموها على كناسة ، استنفعوا (٧) بالذرة ودعوا الكناسة مكانها.

أخبرنا أبو الحسن المالكي ، نا ـ وأبو منصور بن خيرون ، أنا ـ الخطيب (٨) ، أنا الجوهري ، وقرأت على أبي منصور بن خيرون ، عن الجوهري ، أنا محمّد بن عمران المرزباني ، نا أحمد بن محمّد بن عيسى المكّي ، نا محمّد بن القاسم بن خلّاد قال : قال محمّد بن موسى : شهدت منصور بن عمّار القاص (٩) وقد كلّمه قوم ، فقالوا : هذا رجل غريب يريد الخروج إلى عياله ، فقال لابنه أحمد بن منصور : يا أحمد ، امض معهم إلى أبي

__________________

(١) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ١٣ / ٧٢.

(٢) كذا بالأصل ، ود ، و «ز» ، وم ، وفي تاريخ بغداد : ابن نفيع.

(٣) تحرفت بالأصل وم إلى : «القاضي» ، والمثبت عن د ، و «ز» ، وتاريخ بغداد.

(٤) رواه أبو نعيم الحافظ في حلية الأولياء ٩ / ٣٢٧.

(٥) في الحلية : الزقاق.

(٦) كذا بالأصل ود ، و «ز» ، وم ، والحلية : «الذرة».

(٧) قوله : «استنفعوا بالذرة ودعوا الكناسة» سقط من حلية الأولياء.

(٨) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ١٣ / ٧٥.

(٩) تحرفت بالأصل وم إلى : القاضي ، والمثبت عن د ، و «ز» ، وتاريخ بغداد.

٣٤١

العوّام البزاز ، فقل له : أعطه ثيابا بألف درهم ، بل بأكثر من ذلك ، حتى إذا باعها صح له ألف درهم.

أخبرنا أبو محمّد عبد الكريم بن حمزة ، نا أبو بكر الخطيب ـ إملاء ـ أنا أبو نصر محمّد ابن عبد الله المقرئ ، نا أحمد بن محمّد بن إسحاق الحافظ ، نا عبد الله بن محمّد بن جعفر ، نا أبو حاتم الرّازي ، نا سليم بن منصور بن عمّار قال : كان أبي ـ والله ـ لا يبقى له شيء في رمضان لا كسرة ولا دراهم ولا طعام حتى يبعث به إلى إخوانه المتقلّلين.

أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، نا ـ وأبو منصور بن خيرون ، أنا ـ الخطيب (١).

ح وأخبرنا أبو محمّد بن طاوس ، أنا أبو الغنائم بن أبي عثمان قال : أنا علي بن محمّد ابن عبد الله المعدّل ، أنا الحسين بن صفوان البردعي ، نا عبد الله بن محمّد بن أبي الدنيا ، حدّثني أبو عبد الله التميمي ، حدّثني محمّد بن مفضل قال : رأيت منصور بن عمّار في المنام ، فقلت : يا أبا السّري ، ما فعل بك ربّك؟ قال : خيرا ، قلت : بم ما ذا؟ قال : بما كنت تحببني إلى عبادي.

أخبرنا أبو الحسن الغسّاني ، نا وأبو منصور المقرئ ، أنا الخطيب (٢) ، أنا أحمد بن علي بن محمّد الأصبهاني ـ إجازة ـ أنا أبو أحمد محمّد بن محمّد بن أحمد بن إسحاق الحافظ ، أنا أبو عبيد محمّد بن أحمد بن المؤمّل الصيرفي ـ ببغداد ـ نا إسحاق بن أحمد بن سلمان المؤدّب ، حدّثني أبو جعفر محمّد الصفّار قال : رأيت منصور بن عمّار في منامي ، فقلت له : يا منصور بن عمّار ، ما صنع بك ربك؟ قال : لا تقل ما صنع بك ربك ، ولكن قل : يا منصور كيف نجوت؟ قال : لقيت ربي فقال لي : يا منصور أصبت فيك تخليطا كثيرا غير أنّي وجدتك تحبّبني إلى خلقي ، يا منصور قل لبشر بن الحارث : لو سجدت لي على الجمر ما أدّيت شكري ، فأخبر بشر بذلك فبكى بشر ثم قال : وكيف أؤدي شكر ربّي.

أخبرنا أبو النّضر (٣) عبد الرّحمن بن عبد الجبّار بن عثمان الفامي (٤) ، وأبو نصر أحمد ابن محمّد بن أحمد الإسكيذبادي ، وأبو الفتح محمّد بن الموفّق بن محمّد الجرجاني ،

__________________

(١) تاريخ بغداد ١٣ / ٧٨ ـ ٧٩.

(٢) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ١٣ / ٧٨.

(٣) في م : أبو نصر بن عبد الرحمن.

(٤) غير واضحة بالأصل وبقية النسخ ، راجع مشيخة ابن عساكر ١٠٧ / ب وترجمته في سير الأعلام ٢٠ / ٢٩٧.

٣٤٢

ومحمّد بن علي بن نصر الأدرقاني ، وأبو جعفر محمّد بن علي بن محمّد الطبري ، وأبو المظفّر عبد الفاطر بن عبد الرحيم بن عبد الله السقطي المقرئ ـ بهراة ـ وأمة الرّحمن بنت محمّد بن أحمد العارف ، قالوا : أنا أبو سهل نجيب بن ميمون بن سهل الواسطي ـ بها ـ نا محمّد بن أحمد بن أبي العوام الرياحي ، حدّثني أبي ، حدّثني بعض أصحابنا قال : رأيت منصور بن عمّار في المنام ، فقلت : يا أبا السّري ، ما فعل الله بك؟ قال : غفر لي ، وقال لي : يا منصور : جئت لي بتخليط كثير ، ولكن عفوت عنك بما كنت تحبّبني إلى خلقي.

أخبرنا أبو المظفّر بن القشيري ، أنا أبي الأستاذ أبو القاسم قال (١) : سمعت أبا عبد الرّحمن السّلمي يقول : سمعت أبا بكر الرّازي يقول : سمعت أبا العبّاس القاضي يقول : سمعت أبا الحسن الشعراني يقول : رأيت منصور بن عمّار في المنام ، فقلت : ما فعل الله بك؟ فقال : قال لي : أنت منصور بن عمّار؟ قلت : بلى يا رب ، قال : أنت الذي كنت تزهد الناس في الدنيا وترغّب فيها؟ قلت : قد كان ذلك ، ولكني ما اتّخذت مجلسا إلّا بدأت بالثناء عليك ، وثنّيت بالصلاة على نبيك صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وثلّثت بالنصيحة لعبادك ، فقال : صدق ، ضعوا له كرسيا يمجّدني (٢) في سمائي كما مجّدني في أرضي بين (٣) عبادي.

أخبرنا أبو منصور بن خيرون ، نا أبو بكر الخطيب (٤) ، أخبرني أبو القاسم الأزهري ، نا عبيد الله بن محمّد بن بطّة العكبري ـ بها ـ نا إبراهيم بن جعفر التستري قال : سمعت أبا الحسن علي بن الحسن الواعظ يقول : سمعت أبا بكر الصيدلاني يقول : سمعت سليم بن منصور بن عمّار يقول : رأيت أبي منصورا (٥) في المنام ، فقلت : ما فعل بك ربّك؟ فقال : إن الربّ قرّبني وأدناني وقال لي : يا شيخ السوء تدري لم غفرت لك؟ قال : قلت : لا يا إلهي ، قال : إنك جلست للناس يوما مجلسا فبكيتهم ، فبكى فيهم عبد من عبادي لم يبك من خشيتي قط ، فغفرت له ووهبت أهل المجلس كلهم له ، ووهبتك فيمن وهبته له.

أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وأبو الحسن علي بن أحمد قال : نا وأبو منصور بن

__________________

(١) رواه أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري في الرسالة القشيرية ص ٤٢٤ (طبعة بيروت).

(٢) الأصل ، وم ، ود ، و «ز» : «يحمدني» والمثبت عن الرسالة القشيرية.

(٣) الأصل ، ود ، و «ز» ، وم : «من» والمثبت عن الرسالة القشيرية.

(٤) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ١٣ / ٧٩.

(٥) الأصل وم : «منصور» والمثبت عن د ، و «ز».

٣٤٣

خيرون ، أنا ـ الخطيب ، أنا أبو عبد الرّحمن إسماعيل بن أحمد الحيري.

وأنبأنا أبو الحسن عبد الغافر بن إسماعيل بن عبد الغافر ، أنا أبو بكر محمد بن يحيى ابن إبراهيم قالا : أنا محمد بن الحسين السلمي.

ح وأخبرنا أبو المظفّر بن القشيري ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الرّحمن السّلمي قال : سمعت أبا بكر الرازي يقول : سمعت عبد الله بن موسى الطلحي ـ زاد البيهقي : بمكة ـ يقول : سمعت أحمد بن العبّاس يقول : خرجت من بغداد ، فاستقبلني رجل عليه أثر العبادة ، فقال لي : من أين خرجت؟ قلت : من بغداد ، هربت منها لما رأيت فيها من الفساد ، خفت أن يخسف بأهلها ، فقال : ارجع ولا تخف ، فإنّ فيها قبور أربعة من أولياء الله ، هم حصن لهم من جميع البلايا ، قلت : من هم؟ قال : ـ ثم زاد الحيري : الإمام ، وقالا : أحمد بن حنبل ، ومعروف الكرخي ، وبشر الحافي ، ومنصور بن عمّار ، فرجعت وزرت القبور ، ولم أحج تلك السّنة.

وليس في رواية البيهقي.

أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، نا ـ وأبو منصور بن خيرون ، أنا ـ أبو بكر الحافظ قال (١) : قال لي محمّد بن علي بن مخلد الورّاق : رأيت قبر منصور بن عمّار بباب حرب وعليه لوح منقوش فيه اسمه ، وإلى جانبه قبر ابنه سليم (٢).

٧٦٧١ ـ منصور بن عمير أبو الرّوم بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدّار

ابن قصي بن كلاب بن مرّة بن كعب بن لؤي بن غالب القرشي العبدي (٣)

أخو مصعب بن عمير ، وأبي عزيز بن عمير (٤).

كذا سمّاه أبو بكر بن دريد وقال : أبو الرّوم لقب ؛ من مهاجرة الحبشة ، شهد أحدا ، وأخوه مصعب من المهاجرين الأولين ، قتل أبو الرّوم باليرموك.

أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ، نا أبو بكر الخطيب ، أنا أبو الحسين محمّد بن

__________________

(١) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ١٣ / ٧٩.

(٢) قال الذهبي في سير أعلام النبلاء ٩ / ٩٨ لم أجد وفاة لمنصور ، وكأنها في حدود المائتين.

(٣) ترجمته في الإصابة ٣ / ٤٦٢ وأسد الغابة ٤ / ٤٩٦ و٥ / ١١٣ في باب الكنى ، والاستيعاب ٤ / ١٦٦٠ وطبقات ابن سعد ٤ / ١٢١.

(٤) قيل إن اسمه زرارة ، راجع ترجمته في أسد الغابة ٤ / ٢١٣ في باب الكنى.

٣٤٤

الحسين ، أنا محمّد بن عبد الله بن عتّاب ، أنا القاسم بن عبد الله (١) المغيرة ، نا إسماعيل بن أبي أويس ، نا إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة ، عن عمّه موسى بن عقبة قال : في تسمية من يذكر أنه خرج إلى أرض الحبشة من بني عبد الدّار بن قصي : أبو الرّوم بن عمير بن هاشم.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا أبو طاهر المخلّص ، نا رضوان بن أحمد ـ إجازة ـ أنا أحمد بن عبد الجبّار ، نا يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق قال في تسمية من هاجر إلى أرض الحبشة : أبو الرّوم بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدّار.

وقال ابن إسحاق (٢) في موضع آخر : فيما أخبرنا أبو القاسم أيضا : أنا ابن النّقّور ، أنا المخلّص ، أنا رضوان ـ قراءة ـ أنا أحمد بن يونس ، عن ابن إسحاق قال : وأبو الرّوم بن عمير ابن وهب (٣).

أخبرنا أبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنّا ، قالا : أنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنا أبو طاهر المخلّص ، نا أحمد بن سليمان ، نا الزبير بن بكّار قال : وأبو الرّوم بن عمير ، وأمّه رومية ، هاجر إلى أرض الحبشة ، وقتل يوم اليرموك شهيدا.

أخبرنا أبو البركات الأنماطي ، أنا أبو الفضل بن خيرون ، أنا أبو العلاء الواسطي ، أنا أبو بكر البابسيري ، أنا أبو أمية الأحوص بن المفضّل ، نا أبي قال : قال أبو زكريا : واسم أبي الرّوم بن عمير منصور.

أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنا الحسن بن علي ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا أبو القاسم عبد الوهّاب بن محمّد ، أنا محمّد بن شجاع ، أنا محمّد بن عمر (٤) ، حدّثني موسى ابن يعقوب ، عن عمّته ، عن أمّها ، عن المقداد قال :

لما تصاففنا للقتال جلس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم تحت راية مصعب بن عمير ، فلما قتل أصحاب اللواء ، هزم المشركون الهزيمة الأولى ، وأغار المسلمون على عسكرهم فانتهبوا ، ثم كرّوا على المسلمين فأتوا من خلفهم ، فتفرّق الناس ، ونادى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في أصحاب الألوية ،

__________________

(١) كذا بالأصل ود ، و «ز» ، وفي «ز» بياض بمقدار لفظة بن عبد الله والمغيرة.

(٢) سيرة ابن إسحاق ص ٢٠٦ رقم ٣٠٢.

(٣) سيرة ابن إسحاق ص ٢٠٩ رقم ٣٠٣.

(٤) رواه الواقدي في مغازيه ١ / ٢٣٩ ـ ٢٤٠.

٣٤٥

فأخذ اللواء مصعب بن عمير ، ثم قتل ، وأخذ راية الخزرج سعد بن عبادة ، ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قائم تحتها ، وأصحابه محدقون به ، ودفع لواء المهاجرين إلى أبي الرّوم العبدري آخر النهار ، فنظرت إلى لواء الأوس مع أسيد بن حضير ، فناوشوهم ساعة ، واقتتلوا على الاختلاط من الصفوف ، ونادى المشركون بشعارهم يا للعزّى ، يال هبل ، فأوجعوا والله فينا قتلا ذريعا ، ونالوا من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ما نالوا ، لا والذي بعثه بالحق ، إن رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم زال شبرا واحدا ، إنه لفي وجه العدو ، وتثوب إليه طائفة من أصحابه مرة وتتفرق عنه مرة ، فربّما رأيته قائما يرمي عن فرسه ، أو يرمي بالحجر حتى تحاجزوا ؛ وثبت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كما هو ثبت في عصابة صبروا معه ، أربعة عشر رجلا ، سبعة من المهاجرين ، وسبعة من الأنصار : أبو بكر ، وعبد الرّحمن بن عوف ، وعلي بن أبي طالب ، وسعد بن أبي وقّاص ، وطلحة بن عبيد الله ، وأبو عبيدة بن الجرّاح ، والزّبير بن العوّام ، ومن الأنصار : الحباب بن المنذر ، وأبو دجانة ، وعاصم بن ثابت ، والحارث بن الصّمّة ، وسهل بن حنيف ، وأسيد بن حضير ، وسعد بن معاذ ، ويقال : ثبت سعد بن عبادة ، ومحمّد بن مسلمة ، فيجعلونهما مكان أسيد بن حضير ، وسعد بن معاذ ، وبايعه يومئذ ثمانية على الموت : ثلاثة من المهاجرين ، وخمسة من الأنصار ، علي ، والزّبير ، وطلحة ، وأبو دجانة ، والحارث بن الصّمّة ، وحباب بن المنذر ، وعاصم بن ثابت ، وسهل بن حنيف ، فلم يقتل منهم أحد ، ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يدعوهم في أخراهم ، حتى انتهى من انتهى منهم إلى قريب من المهراس (١).

قرأت على أبي غالب بن البنّا ، عن أبي إسحاق البرمكي.

ح أبو عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، نا الحسين بن فهم ، نا محمّد بن سعد (٢) قال في الطبقة الثانية : أبو الرّوم بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدّار بن قصي ، وأمّه رومية ، وهو أخو مصعب بن عمير لأبيه ، قال محمّد بن عمر : وكان قديم الإسلام بمكة ، وهاجر إلى أرض الحبشة في الهجرة الثانية ، وقد (٣) ذكره أيضا موسى بن عقبة ومحمّد بن إسحاق في روايتهما فيمن هاجر إلى أرض الحبشة في المرة الثانية ، وشهد أحدا ، وتوفي وليس له عقب.

__________________

(١) مهراس : ماء بجبل أحد ، أقصى شعب أحد ، يجتمع من المطر في نقر كبار وصغار ، والمهراس اسم لتلك النقر (راجع وفاء الوفاء للسمهودي ٢ / ٣٧٩).

(٢) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٤ / ١٢١.

(٣) تحرفت بالأصل إلى : «وقيل» والمثبت عن د ، و «ز» ، وم ، وابن سعد.

٣٤٦

قال (١) : وأنا محمّد بن عمر ، نا عبد الرّحمن بن أبي الزناد ، عن أبيه قال : ليس أبو الرّوم من مهاجرة الحبشة ، ولو كان منهم لشهد بدرا مع من شهدها ممن قدم من أرض الحبشة قبل بدر ، ولكنه قد شهد أحدا.

أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنا أبو محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر السوسي ، أنا أبو القاسم بن أبي حية ، نا محمّد بن شجاع ، نا محمّد بن عمر الواقدي (٢) ، حدّثني إبراهيم ابن محمّد بن شرحبيل (٣) العبدري ، عن أبيه قال :

حمل مصعب اللواء ، فلما جال المسلمون ثبت به مصعب ، فأقبل ابن قميئة ، وهو فارس فضرب يده اليمنى فقطعها ، وهو يقول : (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ)(٤) وأخذ اللواء بيده اليسرى ، وحمل (٥) عليه فقطع يده اليسرى ، فحنى على اللواء وضمّه بعضديه إلى صدره ، وهو يقول : (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ) ثم حمل عليه الثالثة بالرمح ، فأنفذه واندقّ الرمح ، ووقع مصعب وسقط اللواء ، وابتدره رجلان من بني عبد الدّار سويبط بن حرملة ، وأبو الرّوم ، فأخذه أبو الرّوم ، فلم يزل في يده حتى دخل به المدينة حين انصرف المسلمون.

٧٦٧٢ ـ منصور بن محمّد بن أحمد بن حرب أبو نصر البخاريّ الحربي القاضي

سمع بدمشق : أحمد بن سليمان بن زبّان ، وأبا العباس الوليد بن عبد العزيز بن أبان المقرئ العدني ، وأبا إسحاق إبراهيم بن عبد الرّزّاق المقرئ بأنطاكية ، وأبا القاسم حسنون ابن الفرج العطار ـ بعين زربة ـ وأبا جعفر محمّد بن عبيد بن إبراهيم بن الأحوص اليشكري بالمصيصة ، وبنيسابور : أبا الحسن علي بن أحمد بن عبد العزيز ، وأبا بكر محمّد بن أحمد بن دلويه ، وأبا العباس الدغولي ، ومحمّد بن سعيد بن محمود البخاريّ النّوجاباذي (٦) ، وأبا محمّد بن أبي حاتم ، والقاضي أبا عبد الله المحاملي ، وحمزة بن القاسم الهاشمي ، وحمزة

__________________

(١) القائل : ابن سعد ، والخبر في الطبقات الكبرى ٤ / ١٢١.

(٢) رواه محمد بن عمر الواقدي في مغازيه ١ / ٢٣٩.

(٣) بالأصل : شراحيل ، والمثبت عن د ، و «ز» ، وم ، ومغازي الواقدي.

(٤) سورة آل عمران ، الآية : ١٤٤.

(٥) كذا بالأصل ، وفي د ، و «ز» ، وم ، والمغازي : وحنا.

(٦) إعجامها مضطرب بالأصل ، وبدون إعجام في د ، و «ز» ، وم ، أعجمت عن الأنساب وضبطت فيه بفتح النون وسكون الواو وفتح الجيم هذه النسبة إلى نوجاباذ ، قرية من قرى بخارى.

٣٤٧

ابن الحسين ، وأبا بكر أحمد بن محمّد بن عمر القرشي المنكدري ، ومحمّد بن جعفر المطيري ، وأبا عبد الله الحسين بن محمّد المطبقي ، وأبا نعيم عبد الملك بن محمّد بن عدي الجرجاني ، وبطرسوس : أبا عبد الله محمّد بن أيوب الأصبهاني وغيرهم.

روى عنه : أبو إبراهيم إسماعيل بن الحسين البسطامي ، وأبو بكر أحمد بن محمّد بن أحمد بن واصل النسوي ، وأزدشير بن محمّد الهشامي المروزي ، وأبو العبّاس فضل بن سهل ابن محمّد (١) الصفّار ، والحاكم أبو عبد الله الحافظ.

أخبرنا أبو المكارم محمّد بن محمّد بن طاهر بن سعيد الميهني ، أنا الحاكم أبو الفتح عبيد الله بن محمّد بن أزدشير الهشامي ـ بمرو ـ أنا (٢) جدي أبو العبّاس أزدشير بن محمّد الهشامي ، أنا أبو نصر منصور بن محمّد بن أحمد الحربي ـ بمرو ـ سنة تسع وسبعين وثلاثمائة ، نا أبو بكر أحمد بن سليمان الدمشقي ـ بدمشق ـ سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة ، نا هشام بن عمّار ، نا صدقة بن خالد ، نا ابن جابر ، نا أبو عبد رب قال : سمعت معاوية بن أبي سفيان يقول : إنه لم يبق من الدنيا إلّا بلاء وفتنة.

هكذا وقع في هذه الرواية موقوفا (٣).

وقد أخبرناه عاليا مسندا أبو الحسن الفرضي ، وأبو القاسم بن السّمرقندي ، قالا : نا عبد العزيز الكتاني ، أنا أبو محمّد بن أبي نصر ، أنا أبو بكر أحمد بن سليمان بن زبّان (٤) الكندي ـ قراءة عليه ـ حدّثنا هشام بن عمّار ، نا صدقة بن خالد ، نا ابن جابر ، ثنا أبو عبد رب قال : سمعت معاوية بن أبي سفيان يقول : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «إنّه لم يبق من الدنيا إلّا بلاء وفتنة» [١٢٤٧٥].

[قال ابن عساكر](٥) : وهذا هو المحفوظ.

كذا رواه جماعة عن ابن جابر ، منهم الوليد ، والوليد بن مرثد.

أخبرنا أبو نصر محمّد بن حمد بن عبد الله الكبريتي ، نا أبو بكر أحمد بن الفضل الباطرقاني الإمام ـ إملاء ـ نا أبو بكر أحمد بن محمّد بن أحمد بن واصل السّوسي (٦) ـ قدم

__________________

(١) سقطت من م.

(٢) بالأصل : «وأنا» والمثبت عن د ، و «ز» ، وم.

(٣) سقطت اللفظة من م.

(٤) في الأصل و «ز» ، وم ، ود : ريان ، تحريف.

(٥) زيادة منا.

(٦) كذا بالأصل ود ، و «ز» ، وم هنا : السوسي ، وتقدم : «النسوي».

٣٤٨

علينا سنة ست وتسعين وثلاثمائة ـ أنا أبو نصر منصور بن محمّد بن أحمد بن حرب ـ ببخارى ـ أنبأ أبو الحسن موسى بن جعفر بن أحمد بن عثمان بن فراس (١) ـ ببغداد ـ نا عثمان بن محمّد ابن عثمان ـ بحلب ـ نا إبراهيم بن محمّد الآمدي الأنصاري ـ وكان يسكن حرّان ـ نا غياث بن بشير ، عن ثابت بن عجلان ، عن عطاء ، عن أبي الدّرداء قال : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «قليل التوفيق خير من كثير العقل ، والعقل في أمر الدنيا مضرّة ، والعقل في أمر الدين مسرّة» [١٢٤٧٦].

قرأت على أبي القاسم زاهر بن طاهر ، عن أبي بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحافظ قال :

منصور بن محمّد بن أحمد بن حرب القاضي ، أبو نصر البخاريّ ، تقلّد أعمالا في الحكم وغيرها من الإضافات ، وكان خليفة أبي أحمد الحنفي الحاكم بنيسابور مدة خروجه إلى بخارى ، وانصرف آخر آمره إلى وطنه ببخارى ، وقلّد بها الحسبة بعد وفاة أبي الحسن الخطيب ، سمع ببخارى ، وسرخس ، والري ، وبغداد ، والشام ، توفي أبو نصر الحربي ببخارى ، وهو على الحسبة بها ، سنة ثمانين وثلاثمائة.

٧٦٧٣ ـ منصور بن محمّد المهدي بن عبد الله المنصور بن محمّد بن علي

ابن عبد الله بن العباس بن عبد المطّلب الهاشميّ (٢)

ولي إمرة دمشق في أيام الأمين سنة ثلاث وتسعين ومائة ، ثم عزل عنها ، وولي إمرة الموسم ، وولي البصرة في أيام الرشيد ، ودعي إليّ أن يبايع بالخلافة في أيام المأمون فأبى وسمع الوليد بن مسلم ، وسويد بن عبد العزيز ، وأعمامه.

روى عنه : أبو العيناء محمّد بن القاسم بن خلّاد.

كتب إليّ أبو طالب الحسين بن محمّد بن علي الزينبي ، وحدّثنا أبو طاهر إبراهيم بن الحسن بن طاهر عنه ، أنا القاضي أبو القاسم علي بن المحسّن بن علي التنوخي ، ثنا أبو الحسن علي بن عمر بن محمّد الصيرفي السكري الحربي ـ قراءة عليه ـ نا علي بن سراج المصري قال : سمعت أبا المسيب (٣) بن أبي حمزة؟؟؟ (٤) قال : رأيت في كتاب : نا

__________________

(١) كذا بالأصل ود ، و «ز» ، وم : «فراس» ترجمته في تاريخ بغداد ١٣ / ٦٠ وفيها : موسى بن جعفر بن محمد بن قرين أبو الحسن العثماني.

(٢) ترجمته في أمراء دمشق ص ١٠٤ وتحفة ذوي الألباب ١ / ٢٤٨ والأعلام للزركلي ٨ / ٢٤٢ وتاريخ بغداد ١٣ / ٨٢.

(٣) في م : المثبت.

(٤) كذا رسمها بالأصل ود ، و «ز» ، وم.

٣٤٩

منصور بن المهدي عن أبيه عن جدّه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «العبّاس وصيي (١) ووارثي» [١٢٤٧٧].

أخبرنا أبو بكر محمّد بن الحسين ، نا أبو الحسين بن المهتدي ، أنا عبيد الله بن أحمد ابن علي الصيدلاني ، ثنا محمّد بن مخلد ، نا محمّد بن القاسم بن خلّاد ، نا منصور بن المهدي ، حدّثني أعمامي قال : كان المنصور يقول لبنيه : يا بني اغسلوا أيديكم قبل الطعام ، فإنه أمنة من الفقر.

أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، نا ـ وأبو منصور بن خيرون ، أنا ـ أبو بكر الخطيب (٢) : منصور ابن أمير المؤمنين المهدي ، واسمه محمّد ـ بن عبد الله بن محمّد بن علي بن عبد الله ابن العباس بن عبد المطّلب ، كان يقرب أهل العلم ويكرمهم ، وولي أعمالا كثيرة ، وكان ينزل مدينة السلام.

قرأت بخط أبي الحسن رشأ بن نظيف ، وأنبأنيه أبو القاسم النسيب ، وأبو الوحش المقرئ عنه ، أنا أبو الفتح إبراهيم بن علي بن إبراهيم بن الحسين البغدادي ، نا محمّد بن يحيى الصّولي ، حدّثني حسين بن فهم ، وأحمد بن إسماعيل ، قالا : نا حمّاد بن عيسى ، حدّثني إبراهيم الموصلي.

وأنبأنا أبو الحسن محمّد بن مرزوق بن عبد الرّزّاق الزعفراني ، أنا أبو بكر الخطيب ، أنبأنا أحمد بن محمّد بن عبد الله الكاتب ، أنا علي بن عبد الله بن المغيرة الجوهري ، أنا أحمد بن سعيد الدمشقي ، نا الزّبير بن بكّار قال :

دخل يوما من الأيام منصور بن المهدي على المأمون وعنده جماعة يتكلمون في الفقه ، فقال له : ما عندك فيما يقول هؤلاء؟ قال : يا أمير المؤمنين أغفلونا في الحداثة ، وشغلنا الطلب عند الكبر من اكتساب الأدب ، قال : لم لا تطلبه اليوم وأنت في كفاية؟ قال : أو يحسن بمثلي طلب العلم ، فقال له المأمون : والله لأن تموت طالبا للعلم خير من أن تعيش قانعا بالجهل ، قال : يا أمير المؤمنين ، وإلى متى تحسن؟ قال : ما حسنت بك الحياة ـ وزاد الموصلي : يا منصور ـ اتّق الله في نفسك ، ولا ترض بهذا فإنه يقصر بك في المجالس ، ويصغّرك في أعين من يراك ، ويزري بك.

__________________

(١) تحرفت في المختصر إلى : وصيتي.

(٢) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ١٣ / ٨٢.

٣٥٠

واللفظ لحكاية الموصلي.

أخبرنا أبو غالب الماوردي ، أنا أبو الحسن السيرافي ، أنا أحمد بن إسحاق ، نا أحمد ابن عمران ، نا موسى ، نا خليفة قال (١) : سنة خمس وثمانين ومائة أقام الحجّ منصور بن المهدي.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو بكر بن الطبري ، أنا أبو الحسين بن الفضل ، أنا عبد الله بن جعفر ، نا يعقوب قال : وفي سنة خمس وثمانين ومائة حجّ بالناس منصور بن محمّد.

قرأت بخط أبي الحسين الرّازي ، حدّثني أحمد بن عيسى ، حدّثنا مساور بن أحمد ، قال : قال إسحاق بن سليمان الهاشميّ : بويع محمّد بن زبيدة في سنة ثلاث وتسعين ومائة ، فولي منصور بن المهدي دمشق ، وعزل علي بن الحسن بن قحطبة ، وأقرّ حميد بن معتوق على سواحل أجناد الشام ، وغزو البحر.

قال إسحاق : وفي سنة أربع وتسعين ومائة : انصرف منصور بن المهدي من دمشق بلا إذن ، فسخط عليه محمّد الأمين ، وولّى مكانه أحمد بن سعيد الحرشي (٢) ، وقد كان أهل دمشق ثاروا بمنصور بن المهدي مرة بعد مرة إحداهن في القلّة (٣) التي فقدت من مسجدهم.

أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، حدّثني عبد العزيز الكتاني ، نا عبد الوهّاب الميداني ، أنا أبو بكر أحمد بن عبد الوهّاب بن محمّد بن الحسين اللهبي ، أنا أبو عبد الرّحمن محمّد بن العبّاس بن الدّرفس ، نا أحمد بن أبي الحواري ، نا إبراهيم بن أيوب ، نا سويد والوليد بن مسلم ، قالا : نا الوضين بن عطاء ، عن يزيد بن مرثد قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من أراد العافية ملأ الله حضنيه عافية ، ومن أراد البلاء ملأ الله حضنيه بلاء» [١٢٤٧٨].

قالا : جميعا ، فحدّثنا به منصور بن المهدي ، فدعا بالقرطاس والدواة فكتبه بيده.

__________________

(١) تاريخ خليفة بن خيّاط ص ٤٥٧ (ت. العمري).

(٢) ترجمته في تحفة ذوي الألباب ١ / ٢٥٠ وأمراء دمشق ص ٢٥ وفيها : «الخرشني».

(٣) القلة : الجرة العظيمة ، وقيل : الكوز الصغيرة (راجع اللسان) وكانت هذه القلة من بلّور ، وقد سرقت من مكانها من المسجد ، وقد صاح الناس لما عرفوا : لا صلاة بعد القلة ، فصارت مثلا ، وقيل فيها أيضا : منصور سرق القلة ، وسليمان شرب المرة. فصارت مثلا. راجع خطط دمشق لمحمد كردعلي ١ / ١٦٣ وتحفة ذوي الألباب ١ / ٢٤٩.

٣٥١

قرأت بخط أبي الحسين الرّازي ، حدّثني أبو سعد عدنان بن أحمد بن طولون المصري ، نا علي بن سراج المصري ، حدّثني أبو الصقر محمّد بن داود بن عيسى الرافعي قال : كان منصور بن المهدي يتولّى دمشق لمحمّد الأمين ، وكان أبي على شرطته ، وكان محمّد الأمين يعجبه البلور فدسّ من سرق قلّة دمشق ، وكانت من بلور ، فلما رأى إمام مسجد جامع دمشق مكانها فارغا ـ ويقال : إنّه كان شعيب بن إسحاق القرشي (١) المحدّث ـ انفتل عن الصلاة وجاء إلى وسط القبة الكبيرة التي بحذاء المحراب ، وأخذ قلنسوته وضرب بها الأرض وصاح بأعلى صوته : سرقت قلّتكم ، فقال الناس : لا صلاة بعد القلّة ، فصارت مثلا ، وكان منصور الذي أمر داود بن عيسى (٢) فأخذ القلّة وبعث بها إلى محمّد الأمين ، ووقع فتن في دمشق بسبب القلّة وغيرها ، فولّى محمّد الأمين سليمان بن أبي جعفر (٣) دمشق وأعمالها ، ورجع منصور بن المهدي إلى بغداد.

قال أبو الصقر : فحدّثني خالي إسحاق بن إبراهيم قال : لما انقضت أيام الأمين وصارت الخلافة إلى المأمون ورجع إلى بغداد من خراسان وجّه عبد الله بن طاهر (٤) إلى دمشق ، ووجهني معه ، فلمّا ودعت المأمون قال لي : خذ هذه القلّة التي سرقها ابن عمّك من مسجد دمشق فردّها عليهم ، قال : فأتيت دمشق ونحن مع عبد الله بن طاهر ، فرددت القلّة عليهم ظاهرا مكشوفا ، قال : وإنّما أراد المأمون ذلك الشّنعة على أخيه الأمين ، قال محمّد بن داود ابن عيسى : فشغبوا (٥) على منصور بن المهدي ، فجاءوا إلى أبي داود بن عيسى وهو على شرطته ، فحاربهم حتى أثخن في الجراح ، فجاءوا إلى دار الإمارة وفيها منصور بن المهدي ، فدخلها داود وأغمي عليه ، قال داود : فانتبهت (٦) ورأسي في حجر منصور بن المهدي وهو يقول لي : ما لك يا أبا الفوارس ، فأفقت وسقاني شربة سويق ، وصعدنا إلى سور القصر نحارب الغوغاء ، فشاور منصور بن المهدي القاضي في ذلك فقال : سلّم داود إليهم ، قال أبي : فقلت لمنصور : ائذن لي في قتله ، قال : فأشاروا عليه أن يولي بعض أهل دمشق عليهم ،

__________________

(١) راجع ترجمته في سير أعلام النبلاء ٩ / ١٠٣ وطبقات ابن سعد ٧ / ٤٧٢.

(٢) وكان على شرطة منصور بن المهدي ، كما في تحفة ذوي الألباب.

(٣) هو سليمان ابن المنصور ، أبو أيوب الهاشمي ، ترجمته في الوافي بالوفيات ١٥ / ٣٩٤ وتاريخ بغداد ٩ / ٢٤.

(٤) هو عبد الله بن طاهر بن الحسين بن مصعب بن زريق الخزاعي ، أبو العباس ، مات سنة ٢٣٠.

(٥) إعجامها غير واضح بالأصل وفي م : فشنعوا ، والمثبت عن د ، و «ز».

(٦) تقرأ بالأصل وم و «ز» : «فانتهت» وفي د : «فانتهت» ولعل الصواب ما أثبت.

٣٥٢

قال : فأمرنا رجلا فنادى : إنّ أميركم فلان ـ لرجل من أهل دمشق ـ قال : ودعا منصور بالرجل ، فخلع عليه ، فسكن الناس ، فلما كان الليل هرب منصور بن المهدي ، وداود بن عيسى ، قال : فقلّد الأمين سليمان بن أبي جعفر بعد منصور بن المهدي.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، وأبو منصور بن العطّار ، قالا : أنا أبو طاهر المخلّص ، نا أبو محمّد بن عبد الرّحمن السكري ، نا زكريا المنقري نا الأصمعي قال : ثم ولّى ـ يعني : الرشيد ـ البصرة عيسى بن موسى سنة خمس وتسعين ومائة ، ثم عزله وولّى منصور بن المهدي ـ.

[قال ابن عساكر](١) : كذا قال ـ ولم يبق عيسى بن موسى إلى هذا الوقت ، ولعله أراد غيره ، والله أعلم.

أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، نا ـ وأبو منصور بن خيرون ، أنا ـ الخطيب (٢) ، أنا أحمد ابن محمّد بن عبد الله الكاتب ، أنا مخلد بن جعفر ، نا محمّد بن خلف وكيع ، أخبرني الحارث بن أبي أسامة ، عن ابن سعد ، عن محمّد بن عمر : أن منصور بن المهدي عسكر بكلواذى (٣) سنة إحدى ومائتين ، وسمّي (٤) المرتضى ، ودعي له على المنابر ، وسلّم عليه بالخلافة ، فأبى ذلك ، وقال له : أنا خليفة أمير المؤمنين المأمون حتى يقدم.

أخبرنا أبو غالب بن البنّا ، أنا أبو الحسين محمّد بن أحمد بن الآبنوسي ، أنا عبيد الله ابن عثمان بن يحيى ، نا إسماعيل بن علي بن إسماعيل قال : وكان منصور بن المهدي عسكر بكلواذى في سنة إحدى ومائتين ، وكان خليفة المأمون ببغداد في يده خاتم المأمون ، فسمّي المرتضى ، وسلّم عليه بالخلافة ، ودعي له على المنابر ، وامتنع من ذلك وأباه ، وقال : إنّما أنا خليفة المأمون حتى يقدم ، وذكر لنا وكيع بن خلف أنه رأى دنانير ضربت لمنصور بن المهدي في سنة إحدى ومائتين عليها سيم (٥) ، كانت زعم مردودة فلما ضعف منصور عن قبول ما دعي إليه من ذلك عدل بالأمر إلى إبراهيم بن المهدي ، فبايع الناس له بالخلافة ، وخلعوا المأمون ، وأم منصور بن المهدي أم ولد ، يقال لها بحرية.

__________________

(١) زيادة منا.

(٢) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ١٣ / ٨٢.

(٣) كلواذى طسوج قرب بغداد ، بينها وبين بغداد فرسخ واحد ناحية الجانب الشرقي منها (راجع معجم البلدان).

(٤) بالأصل : «وسما».

(٥) كذا رسمها بالأصل وفي «ز» ، ود ، وم : «ميم» وفي المختصر أيضا : «م».

٣٥٣

قال : وثنا إسماعيل قال : وقد كان منصور بن المهدي أريد على البيعة له ببغداد بالخلافة في سنة إحدى ومائتين ، عند ورود الخبر إلى بغداد بعقد المأمون العهد بعده لعلي بن موسى الرضا (١) ، وعظم ذلك على العباسيين ببغداد وتأبيهم له ، فامتنع منصور بن المهدي من ذلك وأباه ، وقد كانوا سموه المرتضى ، [و](٢) كتبوا اسمه على الدنانير ، فلما امتنع من قبول ذلك عدلوا عنه إلى إبراهيم بن المهدي (٣) المعروف بابن شكلة ، فبايعوه بالخلافة ، وسمّوه المبارك.

أخبرنا أبو غالب محمّد بن الحسن ، أنا أبو الحسن السيرافي ، أنا أبو عبد الله النهاوندي ، نا أحمد الأشناني ، نا موسى التستري ، نا خليفة العصفري قال : وفيها ـ يعني ـ سنة ست وثلاثين ومائتين مات منصور بن المهدي (٤).

أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، نا ـ وأبو منصور بن خيرون ، أنا ـ الخطيب (٥) ، أخبرني الأزهري ، أنا أحمد بن إبراهيم ، نا إبراهيم بن محمّد بن عرفة قال : وفي هذه السنة ـ يعني : سنة ست وثلاثين ومائتين ـ مات منصور بن المهدي ، وقد تولّى أعمالا كثيرة ، منها : مصر ، والبصرة ، وكان يحب الحديث ويبر أهله ، وكان يزيد ابن هارون صاحبه ، وكان يبعث إليه بالأموال ، فيفرّقها على المحدّثين وأهل الحديث.

آخر الجزء التسعين بعد الستمائة (٦).

٧٦٧٤ ـ منصور (٧) بن محمّد بن علي الوليدي

سمع بدمشق أبا محمّد عبد الله بن جعفر الطبري المعروف بالخبّازي (٨) ، وأبا القاسم ابن أبي العقب ، وأبا بكر بن أبي الحديد.

__________________

(١) راجع وفيات الأعيان ٣ / ٢٦٩ والوافي بالوفيات ٢٢ / ٢٤٨.

(٢) سقطت من الأصل واستدركت عن د ، و «ز» ، وم.

(٣) ترجمته في تاريخ بغداد ٦ / ١٤٢ ووفيات الأعيان ١ / ٣٩.

(٤) كذا بالأصل ود ، و «ز» ، وم ، وينتهي تاريخ خليفة بن خيّاط بحوادث سنة ٢٣٢.

(٥) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ١٣ / ٨٢.

(٦) كتب بعدها في «ز» : بتلوه منصور بن محمد بن علي الوليدي.

(٧) كتب قبلها في «ز» : بسم الله الرّحمن الرّحيم ، وصلى الله على محمد وآله ... وعدة كلمات غير مقروءة.

(٨) تقدمت ترجمته في تاريخ مدينة دمشق ٢٧ / ٣٠٨ رقم ٣٢٢٤ (طبعة دار الفكر) ، ووقع بالأصل هنا : «الخبارى» وفى م : «الحنارى» وفى «ز» : «الخبارى» وفي المختصر : «الجناري».

٣٥٤

روى عنه : أبو العبّاس جعفر بن محمّد بن المعتز بن محمّد بن المستغفر بن الفتح المستغفري النسفي ، وأبو المظفّر هنّاد بن إبراهيم النسفي.

ذكر أبو العباس المستغفري قال : سمعت منصور بن محمّد بن علي الوليدي يقول : سمعت أبا محمّد عبد الله بن جعفر الطبري المعروف بالخبّازي بدمشق يقول : سمعت أبا القاسم نجبة بن علي بن نجبة يقول : سمعت علي بن مهدي يقول : قال الجاحظ : ثلاثة أشياء في ثلاثة أصناف من الناس : السلامة في أصحاب الحديث ، والجلادة في أصحاب الرأي ، وسوء التدبير في العلوية.

أخبرنا أبو غالب أحمد بن الحسن بن البنّا ، أنشدنا القاضي أبو المظفّر هنّاد بن إبراهيم النسفي ، أنشدني منصور بن محمّد الوليدي ـ ببخارى ـ أنشدني أبو عبد الله محمّد بن أحمد الحاكم بنيسابور :

وكم من أكلة منعت أخاها

بلذّة ساعة أكلات دهر

وكم من طالب يسعى بشيء

وفيه هلاكه لو كان يدري

٧٦٧٥ ـ منصور بن محمّد بن محمّد بن محمّد بن إدريس ،

ويقال : منصور بن محمّد بن محمّد بن أحمد بن يحيى

أبو محمّد النيسابوري الحاكم الخفاف

قدم دمشق حاجّا سنة خمس عشرة (١) وأربعمائة ، وحدّث بها عن أبي عمرو (٢) بن نجيد ، وأبي (٣) محمّد عبد الله بن محمّد الدّقّاق ، ومحمّد بن الحسن الضرير ، وبشر بن أحمد الإسفرايني ، وأبي الحسن علي بن محمّد بن الخليل ، وأبي (٤) محمّد عبد الرّحمن بن محمّد ابن محبور (٥) الدهان (٦) ، وأبي الحسن أحمد بن محمّد بن أحمد بن الحسن المروزي.

روى عنه : أبو الحسن علي بن محمّد بن شجاع الربعي ، وعلي بن محمّد الحنائي ، وعبد العزيز الكتاني.

أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ، نا أبو محمّد الكتّاني ، أنا الحاكم أبو محمّد منصور بن

__________________

(١) بالأصل : خمس عشر.

(٢) الأصل : عمر ، والمثبت عن د ، و «ز» ، وم.

(٣) تحرفت في م إلى : «وان».

(٤) بالأصل : وأبا.

(٥) في م : محمود.

(٦) من هنا سقط في د ، سنشير إلى نهايته في موضعه.

٣٥٥

محمّد بن محمّد بن محمّد النيسابوري ، قدم علينا في حاج خراسان ، نا أبو عمرو إسماعيل بن نجيد بن أحمد بن يوسف السلمي ، نا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله الكجي ، نا أبو عبد الله محمّد بن عبد الله الأنصاري ، نا سليمان التيمي عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا هجرة بين المسلمين فوق ثلاثة أيام ، أو ثلاث ليال» [١٢٤٧٩].

أخبرناه عاليا أبو بكر محمّد بن [عبد الباقي أنا أبو](١) إسحاق البرمكي ـ قراءة عليه ـ أنا أبو محمّد بن ماسي ، نا أبو مسلم الكجي ، فذكر بإسناده مثله.

أخبرنا أبو محمّد المزكي ، نا أبو محمّد التميمي ، أنا الحاكم أبو محمّد منصور بن محمّد بن محمّد بن إدريس النيسابوري ، قدم علينا في حاج خراسان سنة خمس عشرة وأربعمائة. نا (٢) أبو محمّد عبد الله بن محمّد الدّقّاق ، نا علي بن الفضل البلخي ، نا عبد الصّمد ، نا شداد بن حكيم عن نوح ـ يعني ـ ابن أبي مريم عن العرزمي عن عطاء ، عن ابن عبّاس قال : ملعون من أكرم بالغنى وأهان بالفقر

٧٦٧٦ ـ منصور بن مرهوب العقيلي (٣)

ولي إمرة دمشق خلافة لأخيه ظالم بن مرهوب العقيلي (٤).

وقد تقدم ذكر ذلك في ترجمة أخيه ظالم ، وذكر تاريخ ولايته فيها.

٧٦٧٧ ـ منصور بن المسلم بن علي بن محمّد بن أحمد بن أبي الحرجين

أبو نصر التميمي السعدي الحلبي المؤدّب المعروف بالدميك

سكن دمشق ، وكان يعلّم الصبيان في مسجد رحبة البصل (٥) ومسجد الرماحين (٦) وله حكايات تستحلى وكان ينظم الشعر.

فمما قرأته بخطه من شعره قوله :

__________________

(١) الكلام غير واضح بالأصل من سوء التصوير ، والمثبت عن «ز» ، وم.

(٢) في م ، و «ز» : أنا.

(٣) ترجمته في تحفة ذوي الألباب ١ / ٣٧٨ وأمراء دمشق ص ١٠٤ وفيهما «منصور بن موهوب».

(٤) ترجمته في تحفة ذوي الألباب ١ / ٣٧٨ وأمراء دمشق ص ٦٨ وفيهما «ظالم بن موهوب».

(٥) مسجد رحبة البصل سفل كبير ، له بابان وعنده قناة وقيسارية وسقاية (الدارس للنعيمي ٢ / ٢٥٢).

(٦) هو مسجد الطريفيين ، ويعرف بالرماحين ، في سوق السراجين ، سفل ، له إمام ومؤذن (الدارس للنعيمي ٢ / ٢٣٥).

٣٥٦

غرام على طول البعاد يزيد

وحبّ على مرّ الزمان جديد

وصبر إذا حاولت أثنى عنانه

ليصحب طوعا صدّ وهو كنود

أبى القلب إلّا أن يتيّمه الهوى

ويسلمه التذكار فهو عميد

قرنه على نأي المنازل وفرة

وجاد عليه بالصّبابة جيد

وأصباه مرتاحا قضيب على نقا

تهبّ له ريح الصّبا فيميد

أيا سابق الأظعان من أرض جوشن

سلمت ونلت الخصب حيث ترود

أين لي عنها نشف ما بي من الجوى

فلم يشف ما بي عالج (١) وزرود (٢)

هل العرجاء الغمر صاف لوارد

وهل خضبته بالخلوق مدود

وهل عين أشمونيت تجري كمقلتي

عليها وهل ظل الجنان (٣) مديد

إذا مرضت ودت بأنّ ترابها

لها دون اكحال الأشاة برود

وهل ساحر إلّا لحاظ تحفظ عنده

مواثيق فيما بيننا وعهود

تمثل لي عيني على الناس شخصه

فيقرب مني والمزار بعيد

أزاح على الشوق عازب زفرتي

وردّ إليّ الهمّ وهو طريد

وقد عرى قلب أراني أنه

على طول أيام الفراق جليد

وأعجب مني أن صبرت لياليا

وأن اصطباري ساعة لشديد

وما كنت أدري أن بسط النوى

ويسعى عدو بيننا وحسود

وأن نصيبي من ودادك لوعة

لها في فؤادي والضلوع وقود

قسوت فما يدني نواك تقرب

إليك ولا يثني قواك صدود

وأفنيت عذر النفس فيك ولم أزل

أسد طريق الغدر وهو سديد

وقد تحبب الإنسان ما فيه نقصه

وببغض ما ينمي به ويزيد

ويؤثر من غير الضرورة ضره

ويرغب عن ما يسره ويحيد

هو الجد لا يعطي المفادة صعبة

ويبدي في أسماحه ويعيد

يريد من الأيام تصفو من الأذى

وتصفو ولا يقضى بذاك وجود

__________________

(١) عالج رمال بين ميد والقريات ، وهي متصلة بالثعلبية على طريق مكة ، لا ماء بها (معجم البلدان).

(٢) زرود : رمال بين الثعلبية والخزيمية بطريق الحاج من الكوفة (معجم البلدان).

(٣) الأصل : الجناد ، والمثبت عن «ز» ، وم.

٣٥٧

وكيف يدوم العيش خلوا من الغذا

وللماء من بعد الصفاء ركود

تجمع من بعد اجتماع مودة

خليل وعن ذوب النضار جمود

وأين الذي يبقى عليك وداده

وأين الذي تختاره وتريد

إذا كان يعطي المرء ما يستحقه

تساوي شقي في القضا وسعيد

ومن حبنا الدنيا على سوء فعلها

يعاب ذميم العيش وهو حميد

وأي ترى طرفا عنا لحرص طارقا

لتستامه والزهد فيه زهيد

وليس لمرضى القناعة بغية

فيلقى وشيطان المراد (١) مريد

إذا لم نجد ما تبتغيه فحص بها

عمار السرى أم الطلاب ولود

فكم خرفت بطن الجنوب أساوله

وكم ركبت ظهر الصعيد أسود

فلا قدرة إلا وأنت مؤمل

ولا ثروة إلّا وأنت تجود

قرأت بخط أبي الفرج غيث بن علي ، سألت أبا نصر عن مولده سنة سبع وخمسمائة ، فذكر أنه في سنة سبع وخمسين وأربعمائة ، وحدّثني أنه رأى في حداثته في النوم كأنه يخرج من فيه جواهر مختلفة الألوان ، وتصير طيورا ، وذكر بعض من كان في مكتبه أنه توفي سنة عشر وخمسمائة أو نحوها.

٧٦٧٨ ـ منصور بن ناصح

حكى عنه أبو مسهر.

أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ـ بقراءتي عليه ـ نا عبد العزيز ، أنا أبو محمّد بن أبي نصر ، أنا أبو القاسم بن أبي العقب ، أنا أحمد بن إبراهيم بن بسر ، نا محمّد بن عائذ قال : وحدّثني عبد الأعلى ، عن منصور بن ناصح قال : كان شعار مقري يا سريع ، وشعار الأوزاع يا عمّار ، وقد كان أسرع فيهم يعني مقري الموت ، فقالوا : قد أسرع فينا الموت ، وعمرو فأبدلوا شعار مقرى فسموه له معافى.

٧٦٧٩ ـ منصور بن نصر بن منصور ،

ويقال : ابن نصر بن إبراهيم بن أبي عيسى الهاشمي

من أهل دمشق.

__________________

(١) بالأصل : المريد ، والمثبت عن «ز» ، وم.

٣٥٨

روى عنه : ابنه محمّد بن منصور.

قرأت على أبي محمّد بن حمزة ، عن عبد العزيز بن أحمد ، أنا علي بن موسى بن الحسين ، أنا محمّد بن عبد الله بن ربيعة الربعي ، نا محمّد بن منصور ، نا أبي منصور بن نصر ابن منصور ، أنشدني بعض إخواني لعبد الله بن المبارك في إسماعيل بن علية لمّا تقلد القضاء :

يا جاعل الدين له بازيا

تصطاد أموال المساكين

احتلت للدنيا ولذّاتها

بحيلة تذهب بالدّين

فصرت مجنونا بها بعد ما

كنت دواء للمجانين

أين رواياتك فيما مضى

عن ابن عون وابن سيرين؟

وتركك الدنيا ولذاتها

وهجر أبواب السلاطين

إن قلت أكرهت فما ذا كذا

زلّ حمار العلم في الطين

قال : وأنشدنا لبعضهم :

إذا جار الأمير وكاتباه

وقاضي الأرض يدّهن في القضاء

فويل للأمير وكاتبيه

وقاضي الأرض من قاضي السماء

٧٦٨٠ ـ منصور بن يزيد الأفقم بن هشام بن عبد الملك بن مروان بن الحكم الأموي

له ذكر.

٧٦٨١ ـ منصور أبو أميّة الخصيّ

خادم عمر بن عبد العزيز.

حكى عن عمر بن عبد العزيز ، ورجاء بن حيوة ، ومكحول ، وميمون بن مهران.

روى عنه : سليمان بن عمر بن خالد الأقطع الرقّي ، وداود بن رشيد الخوارزمي ، وعبد الجبّار بن عاصم النسائي.

أخبرنا أبو القاسم (١) زاهر بن طاهر ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله الغضائري ـ ببغداد ـ نا أحمد بن سلمان (٢) النجّاد ، نا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، نا داود بن رشيد ، نا منصور أبو أميّة خادم عمر بن عبد العزيز قال :

__________________

(١) أقحم بعدها في م : «الرقي ، وداود بن رشيد الخوارزمي ، وعبد الجبار».

(٢) تحرفت بالأصل إلى : سليمان ، والمثبت عن «ز» ، وم ، وهو أحمد بن سلمان بن الحسن بن إسرائيل ، أبو بكر البغدادي الفقيه ، ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٥ / ٥٠٢.

٣٥٩

رأيت عمر بن عبد العزيز وله سفط في كوة مفتاحه في إزاره ، فكان يتغفلني ، فإذا نظر إليّ قد نمت فتح السفط فأخرج منه جبيبة شعر ، ورداء شعر ، فصلى فيهما الليل كله ، فإذا نودي بالصبح نزعهما.

أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد ـ إذنا ـ وأبو الفرج سعيد بن أبي الرجاء ـ شفاها ـ قالا : أنا منصور بن الحسين ، أنا أبو بكر [بن](١) المقرئ ، أنا أبو عروبة ، نا سليمان بن عمر (٢) ، [نا](٣) أبو أميّة الخصيّ غلام عمر بن عبد العزيز قال : دخلت مع عمر بن عبد العزيز الحمّام ، فاطلى ، فولي مغابنه بيده ، ودخلت يوما إلى مولاتي مغرس عرسها (٤) ، فقلت : كل يوم عدس (٥) ، قالت : يا بني هذا طعام مولاك أمير المؤمنين.

أنبأنا أبو القاسم النسيب وغيره ، عن أبي بكر الخطيب ، أنا ابن الفضل القطّان ، أنا دعلج بن أحمد ـ إجازة ـ أنا أحمد بن علي الأبّار ، نا أبو طالب عبد الجبّار بن عاصم نا أبو أميّة الخصيّ غلام عمر بن عبد العزيز قال : رأيت على عمر بن عبد العزيز ومكحول ورجاء بن حيوة (٦) وميمون بن مهران قلانس مضرية صغارا.

ذكر (٧) من اسمه منظور

٧٦٨٢ ـ منظور بن جمهور الكلبيّ أخو منصور

من أهل المزة ، ولي الريّ من قبل أخيه منصور ، ثم مضى معه إلى السند ، فوثب عليه رفاعة بن ثابت بن نعيم الجذامي ، وكان قد هرب إلى منصور فأكرمه فقتله فأخذه منصور فبنى عليه بناء فقتله.

٧٦٨٣ ـ منظور بن زبّان (٨) بن سيّار بن منظور الفزاري

كان في عسكر هشام بن عبد الملك يوم مات أخوه مسلمة.

__________________

(١) سقطت من الأصل واستدركت عن «ز» ، وم.

(٢) تحرفت بالأصل إلى : عمرو ، والمثبت عن «ز» ، وم.

(٣) سقطت من الأصل واستدركت عن «ز» ، وم.

(٤) كذا بالأصل ، و «ز» ، وم.

(٥) كذا.

(٦) الأصل : حيوية ، والمثبت عن «ز» ، وم.

(٧) إلى هنا انتهى السقط من م.

(٨) في م : ريان.

٣٦٠