مراقد أهل البيت في القاهرة

محمّد زكي إبراهيم

مراقد أهل البيت في القاهرة

المؤلف:

محمّد زكي إبراهيم


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مطبوعات ورسائل العشيرة المحمّدية
المطبعة: دار نوبار للطباعة
الطبعة: ٦
الصفحات: ٢٤٠

١
٢

قال الإمام الرائد :

من حق يثرب أن تتيه على الورى

برفات خير الخلق مولانا النّبيّ

ولمصر حقّ أن تتيه بدورها

برفات مولانا (الحسين وزينب)

وقال أيضا :

أحب النّبيّ ، وآل النّبيّ

وأحبابهم والذين معه

ويسعدني غضب الناصبي

فلست بنذل ولا إمعه

ويقول :

لا تطلبوا آل النّبيّ

بشرق أرض أو بغرب

وذروا الجميع وأقبلوا

نحوي فمسكنهم بقلبي

وقال الإمام الشافعى :

يا آل بيت رسول الله حبكمو

فرض عظيم إله العرش أنزله

يكفيكموا من جليل القدر أنكمو

من لم يصل عليكم لا صلاة له

٣

٤

بسم الله الرّحمن الرّحيم

مقدمة (الطبعة الأولى)

حمدا لله ، وصلاة وسلاما على مصطفاه ، ومن والاه ، في مبدأ الأمر ومنتهاه توجهت لأتبرك بمشاركة إخواني ، في حفل العشيرة المحمدية ، لإحياء ذكرى مولاتنا السيدة نفيسة رضي‌الله‌عنها ، وأنا أحمل مرضي وإرهاقي الشديد.

وكان لا بدّ من أن أتحدّث رغم أن قد سبقني من المحمديين أئمة ، يؤخذ عنهم ، ويوثق بهم ، وبهم يغاث العباد.

وقبل مغادرة المسجد ، توجّه إليّ بعض المثقفين ، وبعض ضيوف الحفل من إخواننا الإندونسيين ، بأسئلة كثيرة ، عن الأضرحة الزينبية ، والنفيسية ، وغيرها ، واستحلفني من السّادة الإخوة عالم عارف هو مولانا الإمام العارف الشيخ محمد أبو العيون رضي‌الله‌عنه طالبا أن أسجّل ما أجبت به ، ففيه (كما يرى) حل لكثير من المشكلات ، وتحقيق لكثير من الواقعات حول مشاهد آل البيت رضي‌الله‌عنهم.

واستجابة لهذه الرغبة التي أتبرك بها واعتز ، أوجز هنا ما يحضرني الآن من هذه الإجابة ، إيجازا مكتفيا بالتعرض للمسائل التاريخية دون الكرامات والمناقب ؛ فلهذه مجال آخر ، وقد تكفل بها السادة من قبل ، والحمد لله. ونستعين الله ونستهديه ونستكفيه ونستعفيه.

المفتقر إليه تعالى وحده

(محمد زكي إبراهيم)

٥

بسم الله الرّحمن الرّحيم

مقدمة (الطبعات بعد الأولى)

حمدا لله ، وصلاة وسلاما على مصطفاه ، ومن والاه ، في مبدأ الأمر ومنتهاه ..

وبعد ...

فتيمنا بذكر آل بيت سيدنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، واستجابة لرغبات جمهور الإخوة والأخوات في الله ، نعيد هنا طباعة (رسالة التبصير بمشاهد شهيرات آل البيت بالقاهرة) (١) ، استقبالا مباركا للقرن الهجري الخامس عشر.

وهذه الرسالة كانت قد صدرت في عدد خاص من أعداد (المسلم) عام (١٣٨٣ ه‍) ، وقد تقبلها النّاس بقبول حسن وثناء مستطاب ، فقد أزالت كثيرا جدا من الإبهام ، وفصلت العديد من مواضع الإجمال ، وقدمت المعلومات الصحيحة طوق الجهد.

ونحن هذه المرة نعيد الطباعة ، مع مزيد من التحقيقات المتعلقة بالموضوع ، بل المرتبطة به ارتباطا تامّا ، من نحو (صحة حديث الثقلين) ، مع تعريف مركّز ب (أقطاب أهل البيت).

__________________

(١) (رسالة التبصير) هي التي سميت الآن (مراقد أهل البيت) أي هذا الكتاب ، ولهذا الأمر قصة روحية ليس هنا مجال تفصيلها.

٦

أمّا موضوع (التوسل) فقد سبق أن أفردنا له رسالة (متكاملة) هي فيصل علمي بات في موضوعه (١).

ونرجو أن يوفقنا الله لإصدار هذه الأعداد الخاصة التي تخدم الجوانب التي تهم خاصة الأحباب والواقفين على باب الله ، مما لا يعنى به في عصرنا إلّا (العشيرة المحمدية).

ونسأله تعالى أن يجعله عملا خالصا دائما لوجهه الكريم.

ويسعدنا كثيرا ـ والله شهيد ـ أن تكون هذه الأعداد (علقما) في بعض الأفواه ، و (حسكا) في بعض الحلوق ، فكل ما يغضب هؤلاء يرضي الله والنّاس.

* وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم*

المفتقر إليه تعالى وحده

(محمد زكي إبراهيم)

__________________

(١) هي رسالة (الوسيلة والقبور) وتكررت طباعتها تبعا لإقبال الجمهور عليها.

٧

الباب الأول

مقدمة الطبعة الخامسة

وثبوت حديث الثقلين سندا ومتنا

مع ذكر بعض حقوق أهل البيت الأشرف

٨

الباب الأول

مقدمة الطبعة الخامسة

وثبوت حديث الثقلين سندا ومتنا

مع ذكر بعض حقوق أهل البيت الأشرف

حمدا لله ، وصلاة وسلاما على مصطفاه ، ومن والاه ، في مبدأ الأمر ومنتهاه ..

وبعد ...

أولا

لمّا كثرت لجاجة (خصوم أهل البيت) المتسترين باسم (السّلفية) المظلومة حول حديث الثقلين تجريدا منهم لكل خصيصة ل (أهل البيت) أردت بسبق إرادة الله أن أجعل (مقدمة) هذه الطبعة الخامسة من هذا الكتاب الفريد ، هي تحقيق حديث (الثقلين) وآية (المودة) إلجاما لتخرص هؤلاء (النواصب) ، وقطعا لألسنتهم وألسنة الحمقى ممن يتمثلون بهم ، جهلا من الجميع ، وسوء أدب مع الرسول الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

وحين نرى بعض الصّالحين السابقين كبعض أئمة الأحناف ـ رضي‌الله‌عنهم ـ متحرجا من قراءة (سورة اللهب) في الصّلاة ، مبالغة في الأدب

٩

مع سيد خلق الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، يشتد عجبنا من هؤلاء الذين يمعنون في تجريد أهل بيته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من كل خصيصة غلّا وخسة نفس وحبّا في المخالفة.

ولسوف يجد القارىء في هذا الكتاب منهجا جديدا ، وتحقيقا فريدا ، إن شاء الله تعالى ، وحجة بالغة في كثير من جوانب البحث الخالص لوجه الله تعالى.

ولنبدأ بتوفيقه تعالى في الكلام العلمي عن الحديث :

ثانيا

(١) حديث الثقلين :

هناك حديثان صحيحان مشهوران كادا أن يتشابها ، ولفهم النّاس فيهما مواقف تختلف ، لأسباب شتى ..

أمّا الأول ؛ فعن عمرو بن عوف ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «تركت فيكم أمرين ، لن تضلوا ما تمسكتم بهما ، كتاب الله وسنة نبيه» رواه الإمام مالك في الموطأ (معضلا من بلاغاته) ، ووصله ابن عبد البر في التمهيد والجامع ، ورواه الشجري في (الأمالي) ، وقد ضعفه (الحافظ).

ولفظ رواية (الحاكم) عن أبي هريرة ، قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إني تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما : كتاب الله وسنتي ، ولن يتفرقا حتى يردا عليّ الحوض».

١٠

وسكت عنه الحاكم.

وفي لفظ رواية ابن عباس رضي‌الله‌عنهما ، قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إني تركت فيكم ما إن اعتصمتم به ؛ فلن تضلوا أبدا : كتاب الله ، وسنة نبيه» رواه الحاكم أيضا.

قال أبو المنذر في (الزهرة العطرة) : وعليه فلا يصح من هذه الأحاديث في الاعتصام بالسنة مع الكتاب حديث بنفسه ، ولا بغيره ، وإن ذلك غريب كما ذكر الحاكم (فتأمل!!).

هذا بعض ما جاء في هذا الحديث.

أمّا الثاني ؛ فما ورد في الاعتصام بالكتاب وعترة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقد ورد من طرق شتى عن عدد من الصحابة ، منهم :

١ ـ زيد بن الأرقم رضي‌الله‌عنه.

٢ ـ زيد بن ثابت رضي‌الله‌عنه.

٣ ـ أبو سعيد الخدري رضي‌الله‌عنه.

٤ ـ علي بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه.

٥ ـ أبو ذر رضي‌الله‌عنه.

٦ ـ حذيفة بن أسيد رضي‌الله‌عنه.

٧ ـ جابر بن عبد الله رضي‌الله‌عنه.

٨ ـ وغيرهم.

١١

ومن هذه النصوص والطرق الحديثية لحديث الثقلين :

(١)

عن زيد بن الأرقم رضي‌الله‌عنه حين خطب رسول الله ب (ماء خم) بين مكة والمدينة ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب ، وأنا تارك فيكم ثقلين ، أولهما : كتاب الله ، فيه الهدى والنور» فحثّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على الأخذ بالكتاب ، ثم قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «وأهل بيتي ، أذكّركم الله في أهل بيتي» وكررها ثلاثا (هنا وفي أحاديث أخرى). رواه مسلم وأحمد والبسويّ وغيرهم.

(٢)

وعن زيد بن الأرقم رضي‌الله‌عنه ، قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إنّي لكم فرط ، وإنكم واردون عليّ الحوض» (ووصف الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الحوض) ، ثم قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «فانظروا كيف تخلفوني في الثقلين» ؛ فقال رجل : يا رسول الله! وما الثقلان؟ فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «الأكبر ـ يعني الثقل الأكبر ـ كتاب الله» ووصفه «والأصغر عترتي ، وأنهم لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض ، وسألت لهما ذاك ربي». أخرجه الطبراني في الكبير ، وذكره الهيثمي في المجمع وقال : في الصحيح طرف منه.

١٢

(٣)

وعن زيد بن الأرقم رضي‌الله‌عنه ، قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما» ، وفي رواية «فإنّهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض» رواه الشجري في (الأمالي) ، ونحوه ابن أبي عاصم في (السنة) ، والبسويّ في (المعرفة) من طرق مختلفة ، ورواه الترمذي أيضا ، ورواه الحاكم وصححه ، وابن حبان أيضا ، كل أولئك مع اختلاف يسير جدا في بعض الألفاظ ، مع زيادة يسيرة أو نقص ، مع اتحاد المعنى ؛ فحديث العترة بكل هذا صحيح ومشهور.

(٤)

وعن زيد بن ثابت رضي‌الله‌عنه ، قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إنّي تارك فيكم خليفتين : كتاب الله عزوجل ، وعترتي أهل بيتي ، وأنهما لن يتفرقا حتى يردا عليّ الحوض». رواه البسوي وعبد بن حميد ، ورواه الطبراني في الكبير ، وأحمد ، وابن أبي عاصم ، مع اختلاف يسير في بعض الألفاظ ، واتحاد الأصل والمعنى تماما.

(٥)

وعن أبي سعيد الخدري رضي‌الله‌عنه ، قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إنّي تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي ، أحدهما أعظم من الآخر : كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ،

١٣

ولن يتفرقا حتى يردا عليّ الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما». رواه أحمد في المسند ، والترمذي في سننه ، والطبراني في (الكبير) ، وأبو يعلى في (المسند) ، وابن أبي عاصم في (السنة) ، وابن الجعد في المسند ، والشجري في الأمالي ، والبسوي في (المعرفة والتاريخ) ، والديلمي في الفردوس ، وذكره الهيثمي في (المجمع).

(٦)

وأخرجه إمام أهل السنة أحمد بن حنبل في مسنده (٣ / ١٧) ، عن أبي سعيد الخدري رضي‌الله‌عنه ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال : «إنّي أوشك أن أدعى فأجيب ، وإني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله عزوجل وعترتي ، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، وإن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض فانظروا بم تخلفوني فيهما».

(٧)

وأخرج القندوزي في (ينابيع المودة) ، الباب الرابع ، ص ٣٥ طبع إسلامبول ١٣٠١ ، عن حذيفة بن اليمان رضي‌الله‌عنه قال : صلّى بنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الظهر ثم أقبل بوجهه الكريم إلينا ، فقال : «معاشر أصحابي ، أوصيكم بتقوى الله ، والعمل بطاعته ، وإني أدعى فأجيب ، وإني تارك فيكم الثقلين ، كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، إن تمسكتم بهما لن تضلوا ، وإنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض ، فتعلموا منهم ولا تعلموهم فإنّهم أعلم منكم».

١٤

(٨)

وأورد أبو عمر أحمد بن محمد بن عبد ربه ، القرطبي في (العقد الفريد) ج ٢ ص ٤٦ ، خطبة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حجة الوداع ، وفيها : «أيّها النّاس ، إنما المؤمنون إخوة ، فلا يحل لامرئ مال أخيه ، إلا عن طيب نفسه ، ألا هل بلغت ، فلا ترجعوا بعدي كفارا ، يضرب بعضكم أعناق بعض ، فإنّي قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا : كتاب الله ، وأهل بيتي ، ألا هل بلغت .. اللهمّ اشهد».

ونكتفي بهذا القدر هنا ، ومن أراد التفصيل والزيادة فليرجع إلى كتاب (الزهرة العطرة) لحبيبنا وولدنا في الله الباحث المحقق السيد أبو المنذر رضي‌الله‌عنه ، وإلى كتاب (ينابيع المودة).

وحسبنا أن نختم بحديث حذيفة بن أسيد الغفاري رضي‌الله‌عنه قال : قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «وإني سائلكم حين تردون عليّ عن الثقلين ؛ فانظروا كيف تخلفوني فيهما ، فإنّه قد نبأني اللطيف الخبير أنهما لن ينقضيا حتى يردا عليّ الحوض». رواه الطبراني وأورده الهيثمي.

(٢) بعض من أخرج الحديث أيضا أو نقله :

أصل حديث العترة والثقلين في صحيح مسلم ، وأكثر طرقه عند كل رواته صحيحة ، وبهذا أخذ الحديث حكم (التواتر) ، فقد ورد عن سبعة من الصحابة من نحو ثلاثين طريقا ، وحسبنا في صحة التواتر لفظ (الكتاب والعترة) الذي هو القدر المشترك بين جميع الأحاديث ؛ فيحصل التواتر العلمي المعروف عند أهل الحديث.

١٥

والحديث أخرجه القندوزى عن : زيد بن أرقم ، وجابر بن عبد الله الأنصاري ، وأبي ذر الغفاري ، وأبي سعيد الخدري ، وحذيفة بن أسيد الغفاري ، وجبير بن مطعم ، وزيد بن ثابت ، وابن عباس ، وعامر بن أبي ليلى ، وأبي رافع مولى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأبي هريرة ، وأم هانىء بنت أبي طالب .. وغيرهم.

وقال : وفي الصواعق المحرقة : روى هذا الحديث ثلاثون صحابيا ، وإن كثيرا من طريقه صحيح وحسن (انظر الينابيع ، باب ٤ ، ص ٢٨ ـ ٤١).

قال السمهودي : وفي الباب ما يزيد على عشرين من الصحابة.

وأخرج الحديث (مع من ذكرنا) كثير من أئمة الحديث وحفاظه ، كالحاكم في (المستدرك) ، والخطيب في (تاريخ بغداد) ، كما أورده المتقي الهندي في (منتخب كنز العمال) هامش مسند أحمد ، وأخرجه الترمذي في (صحيحه) ، كما في (شرح الشفا) لعلي القاري ، وأخرجه محب الدين أحمد بن عبد الله الطبري في (ذخائر العقبى) ، والحافظ عبد العزيز بن الأخضر.

وأورده في (أسد الغابة) لابن الجزري ، و (تذكرة الخواص) لابن الجوزي ، و (إنسان العيون) لنور الدين الحلبي الشافعي ، و (السراج المنير) للعزيزي الشافعي في شرح الجامع الصغير للسيوطي ، وفخر الدين الرازي في تفسير آية «الاعتصام» ، والنظام النيسابوري في تفسير آية «الاعتصام» ، والخازن في تفسير آية «الاعتصام» وتفسير «آية

١٦

المودة» ، وابن كثير الدمشقي في تفسير «آية المودة» ، وفي تفسير «آية التطهير» ، وهو في «مصابيح السنة» للإمام البغوي الشافعي ، و «الصواعق المحرقة» لابن حجر الهيتمي .. وفي هذا كفاية لمن اهتدى ، وليلهث الثرى كلّ موتور ، من متمسلفة هذه العصور.

(٣) تعقيب وبيان :

قال ابن الأثير في النهاية : «سماهما الثقلين ؛ لأن الأخذ بهما والعمل بهما ثقيل ، ويقال لكل خطير ونفيس : ثقل ، فسماهما ثقلين إعظاما لقدرهما ، وتفخيما لشأنهما» ، وفي شرح القاموس : كل شيء نفيس مصون يقال له (ثقل) بكسر فسكون.

وعن أبي سعيد الخدري رضي‌الله‌عنه : آية (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) نزلت في خمسة : النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وعليّ ، وفاطمة ، والحسن ، والحسين ، عليهم الرضا والسلام.

والإجماع على أن نساءه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من أهل البيت ، كما ورد في عدة أحاديث ، ونقل ملا علي القاري : أن عترة الرجل هم أهل بيته ورهطه الأدنين ، والمراد : التمسك بحبهم ، وحفظ حرمتهم ، وقال ابن الملك : إن المعنى محبتهم والاهتداء بهديهم وسيرتهم .. وقال الطيبي : إن المراد بأهل البيت هنا : أهل العلم والفضل منهم (قلنا : وهذا هو المعقول طبعا ووضعا).

١٧

ولعلّ من يدعون السلفية ويرون أن الدّين هو الزراية بأهل البيت أحياء وأمواتا ، يتقون الله الذي يقول على لسان نبيه : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) فلا يبالغون ويتكلفون أن المراد بالقربى معنى آخر غير قربى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، غفر الله لهم ، ونفعنا الله ببركة نبيه وأهل بيته الأطهار الأبرار.

(٤) منزلة أهل البيت وحقوقهم :

قال العلامة المناوي في ج ٣ ص ١٤ من (فيض القدير) في شرحه لحديث العترة المذكور :

«(تنبيه) قال الشريف : هذا الخبر يفهم وجود من يكون أهلا للتمسك به من أهل البيت والعترة الطاهرة ، في كل زمن إلى قيام الساعة ، حتى يتوجه الحديث المذكور إلى التمسك به كما أن الكتاب كذلك ، فلذلك كانوا أمانا لأهل الأرض ، فإذا ذهبوا ذهب أهل الأرض».

وقد اتفق أهل العلم على ما يأتي :

١ ـ العترة وأهل البيت ، على الخصوص هم : (علي وفاطمة والحسن والحسين) ، ثم ذرياتهم ، أمّا على العموم ، فهم هؤلاء ومعهم (آل عقيل ، وآل جعفر ، وآل عباس) وذرياتهم.

٢ ـ عترة الرجل نسله ورهطه الأقربين ، وفي حديث للنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول نصه «عترتي أهل بيتي» رضي‌الله‌عنهم ، فليلاحظ ذلك في حديث ابن عبّاس قبل حديث أبي سعيد فهو الأدل هنا.

١٨

وقد تواترت الأحاديث في فضل أهل البيت النبوي ، ومن ذلك :

(١)

عن ابن عبّاس رضي‌الله‌عنهما قال : لما نزلت آية (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) قالوا : يا رسول الله! ومن قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم؟ قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «عليّ وفاطمة وابناهما». رواه الطبراني.

(٢)

عن أبي سعيد الخدري رضي‌الله‌عنه قال : سمعت النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : «إنما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح ، من ركبها نجا ، ومن تخلف عنها غرق ، وإنما مثل أهل بيتي فيكم مثل (باب حطة) في بني إسرائيل ، من دخله غفر له» رواه الطبراني في الصغير والأوسط.

(٣)

عن أبي سعيد الخدري رضي‌الله‌عنه : جاء النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى بيت علي فقال : «السّلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته ، إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا» رواه الطبراني في الأوسط.

١٩

(٤)

عن عليّ رضي‌الله‌عنه : أنّه دخل على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقد بسط شملة فجلس عليها هو وعلي وفاطمة والحسن والحسين ، ثم أخذ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بمجامعه ، فعقد عليهم ، ثم قال : «اللهمّ ارض عنهم ، كما أنا عليهم راض». رواه الطبراني في الأوسط.

(٥)

عن صبيح قال : كنت بباب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فجاء عليّ وفاطمة والحسن والحسين فجلسوا ، وخرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : «إنكم على خير» ، وعليه كساء خيبري فجللهم به ، وقال : «أنا حرب لمن حاربكم ، سلم لمن سالمكم». رواه الطبراني في الأوسط ، ورواه أحمد كذلك. وعن أبي هريرة نحوه مختصرا.

(٦)

وعن عليّ رضي‌الله‌عنه : قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لفاطمة : «إنني وإياك وهذين ـ أي الحسن والحسين ـ وهذا النائم الراقد ـ يعني عليّا ـ في مكان واحد».

رواه أحمد والبزار والطبراني (بتفصيل السبب في أن قاله النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم).

٢٠