الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٢

السيد جعفر مرتضى العاملي

الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٢

المؤلف:

السيد جعفر مرتضى العاملي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 964-493-173-4
ISBN الدورة:
964-493-171-8

الصفحات: ٣٥١

أما قوله : عن الذي لا يقرأ بفاتحة الكتاب : لا صلاة له (١) وقوله «صلى الله عليه وآله» : كل صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج (٢).

فهو لا ينافي ذلك إذ يمكن أن يكون ذلك تشريعا حادثا بعد ذلك.

هذا كله عدا عن أنهم يروون : أن سورة الفاتحة قد نزلت بعد المدثر (٣) أي بعد عدة سنوات من البعثة.

هذا ، وثمة قول آخر ، وهو أن أول ما نزل عليه «صلى الله عليه وآله» هو سورة المدثر (٤) ، وستأتي الإشارة إلى أنها قد نزلت بعد المرحلة الاختيارية أو فقل : السرية ، كما أنهم يروون روايات عديدة تنافي قولهم هذا (٥).

وعلى كل حال ، فإن تحقيق هذا الأمر لا يهمنا كثيرا ، فلا بد من توفير الفرصة للحديث عن الأهم فالأهم.

ولا بأس بأن نعطف الكلام هنا إلى الحديث عن معجزته «صلى الله عليه وآله» ، وهي :

القرآن ، وسر إعجازه ، فإن ذلك ربما تكون له أهميته البالغة لمن يريد أن يقرأ سيرة النبي «صلى الله عليه وآله» ، ويستفيد منها : عقيدة ، وشريعة ،

__________________

(١) الوسائل ج ٤ ص ٧٣٢.

(٢) الوسائل ج ٤ ص ٧٣٣.

(٣) الإتقان ج ١ ص ٢٤.

(٤) الإتقان ج ١ ص ٢٣ ، والبخاري ، وغيره والأوائل للطبراني ص ٤٣ وستأتي الرواية.

(٥) راجع تفسير الميزان ج ٢ ص ٢٢.

٣٠١

وأدبا ، وسلوكا.

مع العلم بأن كثيرا من الأحداث قد جاءت مرتبطة بالقرآن ، وكانت سببا في نزول طائفة من آياته ولا بد من الاستدلال به عليها ، فنقول :

إعجاز القرآن :

لقد تحدى الله أعداء الإسلام بأن يأتوا بمثل القرآن ، فلما عجزوا تحداهم بأن يأتوا بعشر سور من مثل القرآن ، فعجزوا عن ذلك أيضا ، ثم صعّد تحديه لهم ، وطلب منهم أن يأتوا بسورة واحدة من مثله ، فلو أنهم استطاعوا أن يأتوا ولو بقدر سورة الكوثر ، التي هي سطر واحد ، لثبت بطلان هذا الدين الجديد من أساسه ، ما دام أنه هو قد قبل بهذا التحدي مسبقا ، ولكانوا قد وفروا على أنفسهم الكثير من الويلات ، التي أقدموا عليها بإعلانهم الحرب على النبي الأعظم «صلى الله عليه وآله» ، والتي أدت إلى إزهاق النفوس الكثيرة ، وهدر الطاقات العظيمة ، وغير ذلك من مصائب وكوارث ، انتهت بهزيمتهم ، وانتصار الإسلام وقائده الأعظم «صلى الله عليه وآله».

فما هي تلك الخصيصة التي في القرآن ، والتي جعلتهم يعجزون عن مجاراته ، وحتى عن أن يأتوا ب (بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ)؟! (١).

بل ما هي تلك الخصيصة التي سوغت التحدي بالقرآن للإنس والجن معا دون اختصاص بزمان دون زمان ، قال تعالى :

(قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا

__________________

(١) الآية ٢٣ من سورة البقرة.

٣٠٢

يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً)(١).

ربما يقال : إنها إخباراته الغيبية الصادقة ، سواء بالنسبة إلى الماضين كقوله تعالى :

(تِلْكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيها إِلَيْكَ ما كُنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هذا)(٢).

أو بالنسبة لتنبؤاته المستقبلية ، كقوله تعالى :

(الم ، غُلِبَتِ الرُّومُ ، فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ)(٣). وكإخباره بنتائج حرب بدر العظمى ، وغير ذلك (٤).

وربما يقال : إنه لتضمن القرآن للمعارف العلمية ، التي تنسجم مع العقل والبرهان ، وإخباراته عن سنن الكون وأسرار الخليقة ، وأحوال النظام الكوني ، وغير ذلك من أمور لا يمكن الوصول إليها إلا بالعلم والمعرفة الشاملة والواسعة ، الأمر الذي لم يكن متوفرا في البيئة التي عاش فيها النبي «صلى الله عليه وآله» كقوله تعالى : (وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ)(٥) وغير ذلك من الآيات التي تشير إلى دقائق وحقائق علمية في مختلف

__________________

(١) الآية ٨٨ من سورة الإسراء.

(٢) الآية ٤٩ من سورة هود. وليراجع أيضا الآية ١٠٢ من سورة يوسف ، والآية ٤٤ من سورة آل عمران وغير ذلك.

(٣) الآيات الأول من سورة الروم.

(٤) راجع : البيان للسيد الخوئي ص ٨١ ـ ٨٤.

(٥) الآية ٢٢ من سورة الحجر.

٣٠٣

العلوم والفنون.

وربما يقال : إن إعجازه إنما هو في نظامه التشريعي الذي جاء به ، والذي لا يمكن لرجل عاش في بيئة كالبيئة التي عاش فيها الرسول الأعظم «صلى الله عليه وآله» وعانى من الظروف والأحوال الاجتماعية ، ومستوى الثقافة في ذلك العصر ، أن يأتي بمثل ذلك مهما كان عظيما في فكره ، وذكائه ، وسعة أفقه.

ولربما نجد الإشارة إلى هذين الرأيين في قوله تعالى :

(قُلْ لَوْ شاءَ اللهُ ما تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْراكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِنْ قَبْلِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ)(١).

وأخيرا ، فلربما يقال : إن إعجاز القرآن هو في عدم وجود الاختلاف فيه ، ولذلك ترى أنه قد تحداهم بذلك فقال :

(أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً)(٢).

وثمة إشارات أخرى لجزئيات ربما يدخل أكثرها فيما قدمناه .. ولعل فيما ذكرناه كفاية.

وثمة قول آخر ، أكثر شيوعا ومعروفية ولا سيما بين القدماء ، وهو إعجاز القرآن في الفصاحة والبلاغة ، وقد كتبوا في هذا الموضوع الشيء الكثير قديما وحديثا.

__________________

(١) الآية ١٦ من سورة يونس.

(٢) الآية ٨٢ من سورة النساء.

٣٠٤

أما نحن فنقول : إن هذا الأخير هو السر الأعظم في إعجاز القرآن الكريم حقا ، وهو يستبطن سائر الجوانب الإعجازية المذكورة آنفا وغيرها مما لم نذكره (١).

لماذا الأخير فقط؟!

وأما لماذا هذا الأخير فقط دون سواه؟! فإن ذلك واضح ، حيث إننا نقصد ب «البلاغة» معنى أوسع مما يقصده علماء المعاني والبيان ، وهذا المعنى يستبطن جميع وجوه الإعجاز وينطبق عليها ، وبيان ذلك يحتاج إلى شيء من البسط في البيان فنقول :

إنه إذا كان الرسول «صلى الله عليه وآله» قد أرسل للناس كافة فلا بد أن تكون معجزته بحيث يستطيع كل من واجهها :

أن يدرك إعجازها ، وأنها أمر خارق للعادة وأنها صادرة عن قدرة عليا ، وقوة قاهرة ، تهيمن على النواميس الطبيعية ، وتقهرها ، وإلا فإنه إذا جاء شخص مثلا إلى بلد ، وادّعى أنه يعرف اللغة الفلانية ، ولم يكن أحد في البلد يعرف شيئا من تلك اللغة ، ولا سمع بها ، فإنهم لا يستطيعون أن

__________________

(١) حيث يجد كل فريق في هذا القرآن ما يناسب فكره وعقليته ويراه معجزا حقا ، فالإخبارات الغيبية والنظام الكامل الذي أتى به وغير ذلك من أمور لا تخفى مما يمكن لأهل كل لغة أن يدركوها هي من مصاديق البلاغة لهم ، وحتى الفصاحة والبلاغة فإن بالإمكان لغير العربي أن يدركها أيضا بتعلم اللغة العربية ومعرفة سر القرآن أو الاعتماد على النقل القطعي ممن قد اطلع على بعض جوانب إعجاز القرآن.

٣٠٥

يحكموا بصدقه ولا بكذبه ، إذ ليس لهم طريق لإثبات هذا الصدق أو الكذب.

وأما إذا ادّعى أمرا لهم خبرة فيه ، واستطاعوا أن يتلمسوا فيه مواقع خرقه للنواميس الطبيعية فلا بد لهم من التسليم له والقبول بدعوته ؛ لأن ذلك يكون قاطعا لعذرهم ، وموجبا لخضوع عقولهم لما يأتي به.

وبكلمة موجزة نقول : لا بد أن تكون معجزة النبي في كل عصر متناسبة مع خبرات ذلك العصر ، ولكل من أرسل إليهم ؛ ليمكن إثبات إعجازها لهم ، وإقامة الحجة عليهم.

وإذا كان القرآن قد تحداهم أن يأتوا بسورة واحدة من مثله ، فلا بد أن يكون وجه الإعجاز فيه ساريا ليصل حتى إلى أصغر سورة فيه.

وإذا نظرنا إلى ما ذكروه آنفا ، فإننا نجد أن بعض السور لا تشتمل على شيء مما ذكروه ، مع أن التحدي به وارد.

أضف إلى ذلك : أن الإخبار بالغيب مثلا لا يمكن أن يكون قاطعا لعذر من ألقي إليهم إلا بعد تحقق المخبر عنه ، وقد يطول ذلك إلى سنوات عديدة ، أما من يأتون بعد ذلك فلربما يصعب عليهم الجزم بتحقق ما أخبر به.

أما القضايا العلمية ، فلربما لا يكون من بينهم من له الخبرات اللازمة في تلك العلوم ؛ ليمكن إدراك الإعجاز فيها ؛ فإن ذلك رهن بتقدم العلم ، وتمكن العلماء من استجلاء تلك الحقائق من القرآن.

وحتى لو أدرك ذلك بعضهم ، فلربما يحمله اللجاج ، أو غير ذلك من مصالحه الشخصية (بنظره) على إنكار ذلك وإخفائه.

كما كان الحال بالنسبة إلى أهل الكتاب ، الذين كانوا يعرفون النبي «صلى الله

٣٠٦

عليه وآله» كما يعرفون أبناءهم ، ويجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل ، ولكن الأحبار والرهبان أخفوا ذلك وأنكروه لمصالح شخصية ، أو لغير ذلك ، مما وجدوا فيه مبررا للإقدام على خداع أنفسهم ، وخداع غيرهم ، وهكذا يقال بالنسبة للإعجاز التشريعي ، وغير ذلك من أمور.

ويبقى سؤال :

ما هو وجه الإعجاز في القرآن إذا؟

وفي مقام الإجابة على هذا السؤال نقول :

بلاغة القرآن :

قبل كل شيء ينبغي التذكير بأن ما ذكرناه آنفا ، لا يعني أن الإخبار بالغيب ، وغير ذلك مما ذكرناه ، ومما لم نذكره ، غير موجود في القرآن ، بل هو موجود فيه بأجلى مظاهره وأعظمها ، وهي معجزات أيضا لكل أحد ، ولكننا نقول :

إن ذلك ليس هو الملاك الأول والأخير لإعجاز القرآن ، وإنما ملاك الإعجاز فيه هو أمر يستطيع كل أحد أن يدركه ، وأن يفهمه ، وهو أمر تشتمل عليه حتى السورة التي لا تزيد على السطر الواحد ، كسورة الكوثر مثلا. وهو أيضا أمر يجده كل أحد ، مهما كان تخصصه ، ومهما كان مستواه الفكري ، وأيا كان نوع ثقافته ، وفي أي عصر ، وفي أي ظرف ، وهو كذلك أمر يشمل كل ما تقدم وسواه مما لم نذكره ، ويضمه تحت جناحيه ؛ وذلك الأمر هو :

البلاغة :

فأما أن ما تقدم يرجع : إلى البلاغة ؛ فلأن حقيقة البلاغة ـ كما عرفوها ـ

٣٠٧

هي : مطابقة الكلام لمقتضى الحال ، أو للاعتبار المناسب ، والقرآن مطابق لمقتضى الحال دائما وفي كل زمان ، وإلى الا بد ومع كل شخص ؛ لأنه خطاب لهم جميعا ، ومعجز لهم جميعا ؛ فحين يخبر عن الغيب ، فإنما اقتضى الحال ذلك. وكذلك حين يكشف عن أسرار الكون ، وخفايا الطبيعة ، ويشير إلى بعض الحقائق العلمية ، وكذلك أيضا حين يضع أعظم تشريع ، وأروع نظام عرفته الإنسانية ، إلى غير ذلك مما تقدم ذكره وما لم نذكره.

بل أن تكون ظروف نشأة الرسول الأعظم هي تلك ، فإن ذلك له أهمية كبرى في قبول الدعوة ، والإذعان لها ، وكذلك فإن الكلام الذي يختلف صدره وذيله ، أو يختلف من وقت لآخر ، مع كون الهدف واحدا ، والمخاطب والمتكلم واحدا ، لا يمكن أن يكون بليغا ، ولا مطابقا لمقتضى الحال ، كما يقولون.

الإعجاز بالبلاغة كيف؟ ولماذا؟!

وأما كيف عجزت الإنس والجن عن مجاراة هذا القرآن؟ وكيف أمكن اعتبار البلاغة القرآنية هي سر الإعجاز فيه؟ فإن ذلك يحتاج إلى توسع في القول ، وبسط في البيان ، فنقول :

إن لدلالة الكلام على المعنى في مقام التفهم والتفهيم شروطا :

منها : أن يكون اللفظ الذي يلقيه المتكلم قادرا على تحمل المعنى المطلوب ، بأي نحو من أنحاء التحمل ، سواء من حيث مفردات الجملة ، أو من حيث نوعية تركيبها ، أو من جهة المقايسة بينها وبين غيرها.

ومنها : أن يكون المستوى الفكري والثقافي للمتكلم بحيث يستطيع أن يقصد تلك المعاني التي يقدر اللفظ على تحملها.

٣٠٨

ومنها : أن يكون ذلك المعنى منسجما أيضا مع نوعية اختصاص ذلك المتكلم ، ومع مراميه وأهدافه.

ومنها : قدرة المخاطب أو المخاطبين على استيعاب مقصود المتكلم ، ولو على امتداد الزمن.

هذه هي الشروط التي لا بد أن تتوفر في عملية التفهم والتفهيم بين كل متكلم ومخاطب.

ولكن ذلك يحتاج إلى توضيح وتطبيق بالنسبة لما نحن بصدده ، فنقول :

التوضيح والتطبيق :

وفي مجال التوضيح والتطبيق نقول :

إن اللغة العربية بما لها من خصائص ومميزات أقدر اللغات إطلاقا على تحمل المعاني ، فنجد أنهم يذكرون للجملة المؤلفة من كلمتين فقط عشرات الخصائص والمميزات التي تشير كل منها إلى العديد من الآثار المحتملة ، التي يمكن للفظ أن يتحملها بالنسبة للمعنى المدلول ، فالمسند إليه مثلا تارة يكون اسما جامدا وأخرى مشتقا ، وتارة يكون ظاهرا ، وأخرى مضمرا ، مقدما أو مؤخرا ، محذوفا أو مذكورا ، منكرا أو معرفا ، والتعريف لكل واحد منها له أنحاء ، لكل منها آثار وإشارات لخصوصيات في المعنى.

وكذا الحال في جانب المسند ، الذي تارة يكون فعلا ـ بأقسامه الثلاثة ـ وأخرى اسما ، جامدا ، أو مشتقا ، معرفا أو منكرا ، مقدما أو مؤخرا ، مذكورا أو محذوفا ، إلى آخر ما هنالك ، وكل واحدة من هذه لها آثار مختلفة ومتعددة يحتمل إرادتها أيضا.

٣٠٩

فمثلا قد يكون ذكره للتحقير أو عكسه ، أو للتبرك به ، أو إيهام استلذاذه ، أو للتنبيه على غباوة السامع ، أو للتقرير ، أو للإيضاح ، إلى غير ذلك.

وقد يحذف للتعظيم ، أو للتحقير ، أو للاستغناء عنه ، أو لإيقاع السامع في حيرة ، إلى غير ذلك مما هو مذكور في محله.

وكذا سائر الخصوصيات التي ذكرناها ، وما لم نذكره أكثر بكثير.

هذا بالإضافة : إلى الاستعارات ، والكنايات ، والتعريضات ، والإشارات ، وغير ذلك مما تكفل لبيانه علم المعاني والبيان والبديع.

حتى إنهم ليذكرون العديد من الامتيازات لقوله تعالى : (فِي الْقِصاصِ حَياةٌ)(١) على ما كان أبلغ كلام عند العرب ، وهو قولهم : «القتل أنفى للقتل».

ويكفي أن نشير : إلى أن جملة زيد قائم ، إذا لوحظ المسند إليه فيها فإنه ظاهر ، ومقدم ، ومعرف بالعلمية ، وكل من هذه الثلاثة يقع على حالات كثيرة ، وكذا الحال بالنسبة للمسند وهو كلمة : قائم.

ثم لا بد من ملاحظة الهيئة التركيبية ، وموقعها من غيرها ، ومع ما لها من متعلقات.

وهكذا يتضح : أن الجملة الواحدة ربما تفيد معنى له العديد من الخصوصيات الهامة ، فكيف إذا لوحظت تلك الجملة مع غيرها من الهيئات التركيبية الأخرى ، ثم أريد استخلاص المعاني من المجموع؟

__________________

(١) الآية ١٧٩ من سورة البقرة.

٣١٠

هذا كله ، بالإضافة إلى لزوم معرفة أساليب العرب ، وطرائق استعمالاتهم للكلام ومقاماتها ، فإن ذلك يفيد كثيرا في الوقوف على معاني القرآن ، وفهم مراميه.

وقد روي : أن بعضهم كان في مجلس الإمام السجاد «عليه السلام» ؛ فقال له : يا ابن رسول الله ، كيف يعاتب الله ، ويوبخ هؤلاء الأخلاف على قبائح أتاها أسلافهم ، وهو يقول : (لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى)؟! (١).

فقال زين العابدين «عليه السلام» : «إن القرآن نزل بلغة العرب ، فهو يخاطب فيه أهل اللسان بلغتهم ؛ يقول الرجل التميمي ، قد أغار قومه على بلد ، وقتلوا من فيه : أغرتم على بلد كذا ، وفعلتم كذا؟!

ويقول العربي : نحن فعلنا ببني فلان ، ونحن سبينا آل فلان ، ونحن خربنا بلد كذا ، لا يريد أنهم باشروا ذلك ، ولكن يريد هؤلاء بالعذل ، وأولئك بالافتخار : أن قومهم فعلوا كذا.

وقول الله عز وجل هذه الآيات إنما هو توبيخ لأسلافهم ، وتوبيخ العذل على هؤلاء الموجودين ؛ لأن ذلك هو اللغة التي نزل بها القرآن ؛ ولأن هؤلاء الأخلاف أيضا راضون بما فعل أسلافهم ، مصوبون لهم ؛ فجاز أن يقال : أنتم فعلتم ؛ إذ رضيتم قبح فعلهم» (٢).

ولا بد أيضا من معرفة خصوصيات الألفاظ وأسرار اختياراتها لمواقعها ، وقد روي : أنه لما نزل قوله تعالى : (إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ

__________________

(١) الآية ١٥ من سورة الإسراء.

(٢) الإحتجاج ج ٢ ص ٤١ والبحار ج ٤٥ ص ٢٩٦.

٣١١

جَهَنَّمَ)(١).

قال ابن الزبعرى : فنحن نعبد الملائكة واليهود تعبد عزيرا ، والنصارى تعبد عيسى «عليه السلام» فأخبر النبي «صلى الله عليه وآله» فقال : يا ويل أمه ، أما علم إن «ما» لما لا يعقل و «من» لمن يعقل إلخ (٢).

هذا ، ولقدرة اللغة العربية على تحمل المعاني الدقيقة والعميقة ، نجد أن الله تعالى قد اختارها لتكون لغة القرآن ، وقد نوه بذلك ، ووجه إليه الأنظار والأفكار ، ودعا إلى استخلاص المعاني الدقيقة من كتابه الكريم فقال : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)(٣) وقال : (كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ)(٤) وقال : (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ ، عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ ، بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ)(٥) إلى غير ذلك من الآيات ، فلننظر بدقة إلى قوله : (لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) وإلى قوله : (لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) وإلى قوله : (مُبِينٍ) فإنه كله يشير إلى ما ذكرنا.

وبالنسبة للمستوى الفكري ، وهو الشرط الثاني نقول :

لو قال شخص عادي لا اطلاع له على شيء من العلوم : «كل شيء يحتاج إلى علة» ، فإننا لا نفكر في مقصوده كثيرا ، بل ينتقل ذهننا مباشرة إلى

__________________

(١) الآية ٩٨ من سورة الأنبياء.

(٢) راجع : الكنى والألقاب ج ١ ص ٢٩٤.

(٣) الآية ٢ من سورة يوسف.

(٤) الآية ٣ من سورة فصلت.

(٥) الآيات ١٩٣ ـ ١٩٥ من سورة الشعراء.

٣١٢

أن مراده هو المؤثر الظاهري في وجود الشيء ؛ فإذا أراد شخص أن يقول :

لعله أراد العلة الغائية أو المادية ، أو الصورية ، أو قصد بالعلة السبب ، أو العلة التامة ونحو ذلك.

فإننا نقول له فورا : لا ، إن كلامه لا يدل على ذلك ولا ينظر إليه ، ولكن لو قال نفس هذه الكلمة ابن سينا مثلا ؛ فإننا لا بد أن نفكر لنعرف : هل أراد بالعلة واحدا مما تقدم أم لا؟.

وهل أراد بالشيء البسيط أم المركب؟!

وهل؟ وهل؟ إلى آخر ما هنالك من احتمالات يمكن لابن سينا أن يقصدها من كلمة كهذه.

وإذا كان القائل طبيبا مثلا فإننا لا بد أن نفتش عن معان تتناسب مع اختصاصه ونوع ثقافته ، وحتى أهدافه ، فإن كل ذلك يؤثر تأثيرا كبيرا في تفهيم المعنى ، ومعرفة نوعه ومستواه ، حيث لا بد أن ينسجم مع تلك الأهداف ، ويتلاءم مع المستوى الثقافي والفكري للمتكلم.

وأما إذا كان القائل يمتاز بسعة الأفق والشمولية ، كأمير المؤمنين «عليه السلام» ؛ فإننا لا بد أن نعد أنفسنا لطرح أي احتمال يتناسب مع شخصية ومستوى وثقافة وأهداف أمير المؤمنين «عليه السلام» ، ولا بد أن نبحث الأعوام والسنين لنتمكن من التقرب ـ ولو بشكل محدود ـ إلى مراميه وأهدافه ؛ لأن فهم جميع الخصوصيات التي يرمي إليها المتكلم لا يمكن إلا من قبل من يداني ذلك المتكلم في سعة الأفق ، والشمولية ، وعمق الفكر ، والغوص في لجج الحقائق ، وأين يمكن أن يوجد من هو مثل علي «عليه السلام» في مستواه العلمي الشامخ ، سوى معلمه وأستاذه ، النبي الأعظم

٣١٣

«صلى الله عليه وآله» ، ثم الأئمة «عليهم السلام» من ولده؟

ولعل إلى هذا يشير ما روي عنه «صلى الله عليه وآله» : يا علي ، ما عرف الله إلا أنا وأنت ، ولا عرفني إلا الله وأنت ، ولا عرفك إلا الله وأنا (١).

وبعد هذا فقد أصبح من الواضح : أن الله سبحانه وتعالى ، وهو محيط بالكائنات ، ومهيمن على كل الموجودات ، وليس لعلمه حد محدود ، ولا لصفته نعت موجود ، إذا اختار اللغة العربية ليحملها بعض مراميه وأهدافه ـ وهي اللغة القادرة على التحمل بشكل مذهل وهائل ، ولا تضارعها في ذلك أية لغة أخرى ـ فإن هذا الإنسان المحدود في ملكاته ، وقدراته ، وطاقاته النفسية ، والفكرية ، وغيرها ، لا يمكنه حتى ولو بقي أبد الدهر ، وحتى لو استعان بكل مخلوق وموجود ، وسخر كل ما لديه من طاقات وإمكانات ـ لا يمكنه ـ أن يكتشف إلا القليل القليل من المعارف القرآنية ، ولن يكون بإمكانه أن يأتي هو وكل من معه بمثل هذا القرآن ، ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا.

إذن ، فلا بد أن نبقى ننتظر ـ باستمرار ـ أن يكتشف الإنسان كل جديد في هذا القرآن ، تبعا لتقدم معارفه ، ونمو قدراته الفكرية والثقافية.

وهذا تاريخ القرآن عبر القرون والأجيال ، خير شاهد ودليل على ما نقول ؛ حيث إننا نلاحظ :

أن كل عصر يمتاز بتقدم علم أو علوم ، ويتألق فيه نجمها ، ويقوى

__________________

(١) مدينة المعاجز ص ١١٦ عن تأويل الآيات الباهرة في الأئمة الطاهرة ومستدرك البحار ج ٧ ص ١٨١ و ١٨٠ والبحار ج ٣٩ ص ٨٤.

٣١٤

سلطانها ، ثم تعود تدريجا لتتراجع أمام زحف علم أو علوم أخرى لتحتل هي بدورها أيضا مكان الصدارة في البحث والعمق والتحقيق وهكذا ، ولكن هذا القرآن العظيم يبقى هو المهيمن في العصور كلها على العلوم والعلماء جميعا ، ويدرك الكل أنه فوق مستواهم ، ولا تبلغه عقولهم ، ولا تناله قدراتهم ، ويجدون فيه ما يوجب خضوعهم لعظمته ، ويدركون أنه لا يزال فيه ما يعجزون عن إدراكه ، والإحاطة به ، فضلا عن مجاراته.

كما أنه مع اختلاف الثقافات ، والاتجاهات ، والمستويات على مر العصور ؛ فإن الكل يجدون هذا القرآن مطابقا لمقتضى الحال دائما ومنسجما معه ، وهذا هو الإعجاز حقا!!

وخلاصة الأمر : هذه المئات من السنين تمر ، والأجيال تأتي وتذهب ، والإنسان لا يزال يكتشف المزيد من معارف القرآن ، وأسراره ، ومراميه ، وكلما توصل إلى شيء ، فإنه يجد أن هذا القرآن ليس فقط قد جاء بمعارف ومرام لا تتناسب مع عقلية وثقافة عصر نزوله ـ الأمر الذي يؤكد على أنه من عند الله تعالى ـ وإنما يتجاوز ذلك كله ، ليثبت لكل أحد : أن أغواره لا تزال تحتضن المزيد من المعاني والأسرار ، التي يرى هذا الإنسان نفسه عاجزا عن الوصول إليها والحصول عليها.

وأكثر من ذلك ، فلقد أصبح معروفا : أن الإنسان كلما أعاد قراءة هذا القرآن ؛ فإنه يجده جديدا عليه في معانيه ومراميه ، وذلك بسبب اختلاف حالات وتوجهات الإنسان ، ونوعية الصور الحاضرة آنيا لديه ، والأجواء والحالات النفسية المهيمنة عليه.

وهذه خصوصية ثابتة في القرآن لا تتغير ولا تتبدل على مر الدهور

٣١٥

والعصور ، وسيأتي أنه كلما ذهب قرن يأتي قرن آخر ؛ فيطلعون على معنى جديد للآيات القرآنية ولا يزال الناس على ذلك إلى يوم القيامة ، على اعتبار أنه كلما ترقت البشرية في مداركها ومعارفها ، كلما كانت أقدر على اكتشاف معارف القرآن ، واستكناه أسراره.

وعن أمير المؤمنين «عليه السلام» حول القرآن : «فيه علم ما مضى ، وعلم ما يأتي إلى يوم القيامة ، وحكم ما بينكم ، وبيان ما أصبحتم فيه تختلفون» (١).

وعنه «عليه السلام» : «لو شئت لأوقرت سبعين بعيرا من تفسير فاتحة الكتاب» (٢).

وعنهم «عليهم السلام» : «ظاهره أنيق ، وباطنه عميق».

وعنهم «عليهم السلام» : «ظاهره حكم ، وباطنه علم» (٣) ، وما يشير إلى هذا المعنى كثير جدا لا مجال لاستقصائه.

ولعل إلى جميع ذلك يشير ما ورد عن الإمام الصادق وعن الإمام الحسين «عليهما السلام» :

«كتاب الله على أربعة أشياء ، على العبارة ، والإشارة ، واللطائف ، والحقائق ؛ فالعبارة للعوام ، والإشارة للخواص ، واللطائف للأولياء ، والحقائق للأنبياء» (٤).

__________________

(١) البحار ج ٩٢ ص ٨٢ عن تفسير القمي ج ١ ص ٤.

(٢) البحار ج ٩٢ ص ١٠٣ عن أسرار الصلاة وص ١٠٤ عن الغزالي : أنه «عليه السلام» لو أذن له الله ورسوله لشرح معاني ألف الفاتحة حتى يبلغ أربعين وقرا أو جملا.

(٣) أصول الكافي ج ٢ ص ٤٣٨.

(٤) البحار ج ٩٢ ص ١٠٣ و ٢٠ وج ٧٨ ص ٢٧٨ عن كتاب الأربعين ، وعن الدرة الباهرة ، وجامع الأخبار ص ٤٨ ـ ٤٩.

٣١٦

ترجمة القرآن وتفسيره :

ومما تقدم نعرف : أن ترجمة القرآن وتفسيره غير ممكنين لهذا الإنسان المحدود بحدود الزمان والمكان ، وغير المحيط بكل العلاقات الكونية ، ولا المطّلع على النواميس الطبيعية ، في مختلف المجالات.

نعم ، يمكن لمن يتصدى لترجمة القرآن أو لتفسيره أن يقول : هذا ما فهمته من القرآن ، بحسب ما توفر لدي من أدوات تساعد على اكتشاف المعاني ، من المفردات والهيئات التركيبية ، وبحسب مستوى ثقافتي ومعارفي وقدراتي المحدودة بالنسبة إلى الله الذي ليس لعلمه حد.

للقرآن ظهر وبطن :

قد تقدم آنفا عن أمير المؤمنين «عليه السلام» : لو أردت أن أوقر على الفاتحة سبعين بعيرا لفعلت أو بما معناه ، ويظهر صدق قوله هذا مما ذكرناه.

ويمكن بعد هذا : أن نفهم معنى قولهم «عليهم السلام» : إن للقرآن ظهرا وبطنا ، أو أكثر ، وقد روي هذا المعنى من طرق غير الشيعة أيضا ، وفسر بما يشير إلى ما ذكرناه.

ففي خطبة منسوبة له «صلى الله عليه وآله» : «له ظهر وبطن ، فظاهره حكم ، وباطنه علم ، لا تحصى عجائبه ، ولا يشبع منه علماؤه» (١).

وعنه «صلى الله عليه وآله» : «ما في كتاب الله آية إلا ولها ظهر وبطن ،

__________________

(١) كنز العمال ج ٢ ص ١٨٦ ، وليراجع ج ١ ص ٣٣٧ ، وحياة الصحابة ج ٣ ص ٤٥٦ عنه وعن العسكري ، وراجع : نور القبس ص ٢٦٨ ـ ٢٦٩.

٣١٧

ولكل حد مطلع» (١).

قال ابن المبارك : «سمعت غير واحد في هذا الحديث :

ما في كتاب الله آية إلا ولها ظهر وبطن ، يقول : لها تفسير ظاهر ، وتفسير خفي ، ولكل حد مطلع ، يقول :

يطلع عليه قوم فيستعملونه على تلك المعاني ، ثم يذهب ذلك القرن ، فيجيء قرن آخر ، فيطلعون منها على معنى آخر ، فيذهب عليه ما كان عليه من كان قبلهم ؛ فلا يزال الناس على ذلك إلى يوم القيامة» (٢).

وعن ابن عباس قال : «إن القرآن ذو شجون ، وفنون ، وبطون ، ومحكم ، ومتشابه ، وظهر وبطن ، فظهره التلاوة ، وبطنه التأويل» (٣).

وعن الحسن البصري : ما أنزل الله عز وجل آية إلا ولها ظهر وبطن ، ولكل حرف حد ، وكل حد مطلع (٤).

وعن ابن مسعود : «إن القرآن نزل على سبعة أحرف ما منها حرف إلا

__________________

(١) الزهد والرقائق ، قسم ما رواه نعيم بن حماد ص ٢٣ وفي الهامش عن المشكاة ص ٢٧ ، وراجع : الإتقان ج ٢ ص ١٨٤ و ١٢٨ ، والموافقات للشاطبي ج ٣ ص ٣٨٢ وفي الهامش عن روح المعاني وعن المصابيح. وراجع غرائب القرآن (مطبوع بهامش جامع البيان) ج ١ ص ٢٣ و ٢١ ولباب التأويل للخازن ج ١ ص ١٠ والفائق ج ٢ ص ٣٨١ وراجع التراتيب الإدارية ج ٢ ص ١٧٦.

(٢) الزهد والرقائق ، قسم ما رواه نعيم بن حماد ص ٢٣.

(٣) الإتقان ج ٢ ص ١٨٥ عن ابن أبي حاتم.

(٤) كنز العمال ج ١ ص ٤٨٨ عن أبي عبيد في فضائله ، وعن أبي نصر السجزي في الإبانة.

٣١٨

وله ظهر وبطن وإن علي بن أبي طالب عنده منه الظاهر والباطن» (١).

وأوضح من ذلك في الدلالة على ما ذكرناه ، ما نقل عن أبي الدرداء : «لا تفقه كل الفقه حتى ترى للقرآن وجوها كثيرة» (٢).

وقال علي «عليه السلام» لابن عباس ، حينما أرسله لحجاج الخوارج : «القرآن حمال ذو وجوه» (٣). وراجع ما يروى عن الإمام أبي جعفر «عليه السلام» حول أن للقرآن ظهرا وبطنا في المصادر المعدة لذلك (٤).

__________________

(١) حلية الأولياء ج ١ ص ٦٥ والإتقان ج ٢ ص ١٨٧ ، وهامش الموافقات ج ٣ ص ٣٨٢ عن كتاب المصابيح ، ومصابيح السنة ج ١ ص ١٧٦ وفي هامشه عن موارد الظمآن ص ٤٤٠ ـ ٤٤١ وعن غيره وجامع البيان ج ١ ص ٩ وكشف الأستار ج ٣ ص ٩٠ ونزل الأبرار ص ٧٣ وأسمى المناقب ص ٨٢ ، ومجمع الزوائد ج ٧ ص ١٥٢ عن البزار ، وأبي يعلى ، والطبراني في الأوسط ولم يذكر الهيثمي قول ابن مسعود في علي «عليه السلام» وراجع : الغدير ج ٧ ص ١٠٨ عن الحلية ومشكل الآثار ج ٤ ص ١٧٢ و ١٨٢ ، وترجمة الإمام علي «عليه السلام» من تاريخ ابن عساكر تحقيق المحمودي ج ٣ ص ٢٥ وفي الهامش عن الحلية وفرائد السمطين ، والغدير ج ٧ ص ١٠٧ ـ ١٠٨ وج ٢ ص ٤٥ عن الحلية وج ٣ ص ٩٩ و ٢٢٤ عن مفتاح السعادة ج ١ ص ٤٠٠.

(٢) المصنف للصنعاني ج ١١ ص ٢٥٥ ، والإتقان ج ٢ ص ١٨٥ عن ابن سبع في شفاء الصدور ، وحلية الأولياء ج ١ ص ٢١١ والطبقات الكبرى ج ٢ قسم ٢ ص ١١٤ والغدير ج ٣ ص ٩٩ وج ٢ ص ٤٥ عن أبي نعيم وعن مفتاح السعادة ج ١ ص ١٠٠.

(٣) نهج البلاغة ج ٢ ص ١٥٠ بشرح عبده قسم الكتب والوصايا رقم ٧٧.

(٤) المحاسن للبرقي ص ٢٧٠ والبحار ج ٩٢ ص ٧٨ ـ ١٠٦ وتفسير العياشي ج ١ ص ١١ وتفسير البرهان ج ١ ص ١٩ ـ ٢١ وتفسير الصافي ج ١ ص ٢٩ و ٣١ ومعاني الأخبار ص ٢٥٩ والغدير ج ٧ ص ١٠٨ عن ابن مسعود ، وميزان الحكمة ج ١ ص ٩٥.

٣١٩

بل قال بعضهم : إن الأخبار تدل على أن «للقرآن بطونا سبعة أو سبعين» (١).

وقد ألفوا كتبا فيما تضمنه القرآن من علم الباطن (٢).

وإذن فلماذا ينسب القول بأن للقرآن بطنا وظهرا إلى الشيعة فقط؟!

ولماذا أيضا يشنعون على الشيعة إذا تفوهوا بهذا الأمر ، أو كتبوه ، إذا كانت الروايات الدالة عليه موجودة عند غيرهم ، كما هي موجودة عندهم؟!

وإذا كان معنى الظهر والبطن : هو أن يكون ذلك المعنى الذي يزاح عنه الستار مما يمكن للفظ أن يتحمله ، وللمتكلم أن يقصده ليكون بالنسبة للبعض بمنزلة البطن لهذا المعنى المكشوف ؛ فأي محذور عقلي أو شرعي يحصل من الالتزام بهذا؟!

وليكن للقرآن بطون سبعة أو سبعون ، أو أكثر ، يكتشفها هذا الإنسان كلما ترقى في مدارج المعرفة ، أو يكشفها له الأئمة الراسخون في العلم ، الذين أشار إليهم القرآن الكريم.

التقوى تعين على فهم القرآن :

وبعد ، فإن من الواضح : أن الطهارة من الذنوب تعين على فهم القرآن ، ففي دعاء ختم القرآن عن زين العابدين «عليه السلام» قال : «واجعل القرآن لنا في ظلم الليالي مؤنسا ، ومن نزغات الشيطان ، وخطرات

__________________

(١) كفاية الأصول آخر مبحث استعمال اللفظ في أكثر من معنى ووسائل الشيعة للكاظمي ص ١٣.

(٢) التراتيب الإدارية ج ٢ ص ١٧٩.

٣٢٠