الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٢

السيد جعفر مرتضى العاملي

الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٢

المؤلف:

السيد جعفر مرتضى العاملي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 964-493-173-4
ISBN الدورة:
964-493-171-8

الصفحات: ٣٥١

د ـ ٣٥ سنة (١).

ه ـ ٤٠ سنة (٢).

و ـ ٤٤ سنة (٣).

ز ـ ٤٥ سنة (٤).

ح ـ ٤٦ سنة (٥).

وقد تقدم : أن الكثيرين قد رجحوا القول الثاني ، كما ذكره ابن العماد ، أما البيهقي فقد صحح القول الأول ، حيث قال : «بلغت خديجة خمسا

__________________

(١) البداية والنهاية ج ٢ ص ٢٩٥ والسيرة النبوية لابن كثير ج ١ ص ٢٦٥ وراجع : السيرة الحلبية ج ١ ص ١٤٠.

(٢) أنساب الأشراف (قسم حياة النبي «صلى الله عليه وآله») ص ٩٨ وسيرة مغلطاي ص ١٢ والمحبر ص ٤٩ والمواهب اللدنية ج ١ ص ٣٨ و ٢٠٢ وشذرات الذهب ج ١ ص ١٤ وتاريخ الخميس ج ١ ص ٢٦٤ وأسد الغابة (دار الشعب) ج ٧ ص ٨٠ والسيرة الحلبية ج ١ ص ١٤٠ والسيرة النبوية لدحلان ج ١ ص ٥٥ ط دار المعرفة وراجع : تاريخ الإسلام للذهبي ج ٢ ص ١٥٢ ومختصر تاريخ دمشق ج ٢ ص ٢٧٥ وتهذيب الأسماء ج ٢ ص ٣٤٢ والطبقات الكبرى لابن سعد ط صادر ـ ج ١ ص ١٣٢ ، والبحار ج ١٦ ص ١٩ و ١٢ وتهذيب تاريخ دمشق ج ١ ص ٣٠٣ ، عن حكيم بن حزام.

(٣) تهذيب تاريخ دمشق ج ١ ص ٣٠٣ عن الواقدي.

(٤) تهذيب الأسماء ج ٢ ص ٣٤٢ ومختصر تاريخ دمشق ج ٢ ص ٢٧٥ عن الواقدي والسيرة الحلبية ج ١ ص ١٤٠ وراجع : سيرة مغلطاي ص ١٢ وتاريخ الخميس ج ١ ص ٣٠١.

(٥) راجع : أنساب الأشراف (قسم حياة النبي «صلى الله عليه وآله») ص ٩٨.

٢٠١

وستين سنة ، ويقال : خمسين سنة ، وهو أصح» (١).

فإذا كانت «رحمها الله» قد تزوجت برسول الله قبل البعثة بخمس عشرة سنة كما جزم به البيهقي نفسه (٢).

فإن ذلك معناه : أن عمرها حين زواجها كان خمسا وعشرين سنة ، ورجح هذا القول غير البيهقي أيضا (٣).

أما الحاكم ، الذي روى لنا القول الثاني المتقدم عن ابن إسحاق ، فإنه لم يوضح لنا حقيقة ما يذهب إليه ، غير أنه حين روى عن هشام بن عروة قوله : إن خديجة قد توفيت وعمرها خمس وستون سنة ، قال : «هذا قول شاذ ، فإن الذي عندي : أنها لم تبلغ ستين سنة» (٤).

فكلامه هذا يدل على أنه يعتبر القول بأنها قد تزوجت بالنبي وعمرها أربعون سنة ، شاذ.

ويرى : أن عمرها كان أقل من خمس وثلاثين حينئذ ، ولكنه لم يبين القول الذي يذهب إليه ، هل هو ثلاثون؟.

أو ثمان وعشرون؟.

أو خمس وعشرون؟.

__________________

(١) دلائل النبوة ج ٢ ص ٧١.

(٢) دلائل النبوة ج ٢ ص ٧٢ ط دار الكتب العلمية والبداية والنهاية ج ٢ ص ٢٩٥ ، وغير ذلك كثير.

(٣) محمد رسول الله : سيرته ، وأثره في الحضارة ص ٤٥.

(٤) مستدرك الحاكم ج ٣ ص ١٨٢.

٢٠٢

يتيم قريش ، أكذوبة مفضوحة :

وعن ابن إسحاق : أن خديجة قالت له «صلى الله عليه وآله» : يا محمد ، ألا تتزوج؟

قال : ومن؟

قالت : أنا.

قال : ومن لي بك؟ أنت أيّم قريش ، وأنا يتيم قريش؟.

قالت : إخطب إلخ .. (١).

بل يذكر البعض : أن أبا طالب قال للنبي «صلى الله عليه وآله» : أخاف ألا يفعلوا ، أيّم قريش ، وأنت يتيم قريش ، ثم إن أبا طالب أرسل بدلا عنه حمزة ؛ لأنه خاف إن ذهب بنفسه أن يردوه فتكون الفضيحة (٢).

وفي نص آخر : أن خديجة حين طلبت من أبي طالب أن يخطبها لمحمد من عمها ، قال أبو طالب لها : «يا خديجة ، لا تستهزئي» (٣).

ونحن لا نشك في كذب كل ذلك ؛ إذ كيف يمكن أن يصدر ذلك من رجل يزيد عمره على الخمس وعشرين عاما : أن يصف نفسه بأنه : يتيم ، هذا مع العلم بأنه قد نشأ وتربى في أعرق بيت في العرب ؛ فكيف لم يكن يعرف أن اليتيم لا يطلق في لغة العرب إلا على غير البالغ؟!.

وأيضا ؛ فإن صدور ذلك من رجل هو في عقل وإدراك ، وشخصية

__________________

(١) السيرة الحلبية ج ١ ص ١٣٨.

(٢) الأوائل لأبي هلال العسكري ج ١ ص ١٦٠ ـ ١٦١.

(٣) السيرة الحلبية ج ١ ص ١٣٨.

٢٠٣

النبي «صلى الله عليه وآله» ، والذي هو من أعرق عائلة عربية ، وأشرفها ، والذي كان في إبائه وسمو نفسه يفوق كل وصف ، ويتجاوز كل حد ـ إن صدور ذلك منه ـ يكاد يلحق بالمستحيلات والممتنعات.

ثم إنه لماذا اتصف محمد «صلى الله عليه وآله» فقط باليتم؟ مع أن عبد المطلب قد مات وابناه العباس وحمزة صغيران لم يبلغا الحلم؟! (١).

والظاهر هو : أن هذا من مجعولات أعداء الدين ، أو من أهل الكتاب ، أو من أذناب بني أمية ، الذين كانوا يحاولون الحط من شأن رسول الله «صلى الله عليه وآله» كما قدمناه في الجزء الأول من هذا الكتاب.

وهكذا يقال تماما بالنسبة لما ينسب لأبي طالب «عليه السلام» ، لا سيما وأنه هو نفسه يقرّض النبي بذلك التقريض العظيم المتقدم.

ولعل الأصح هو : أن القائل لذلك هو نساء قريش ، كما سيأتي حين الحديث عن عدم صحة ما يقال من زواجها من رجلين قبله «صلى الله عليه وآله».

وهكذا يقال تماما بالنسبة لما يقال : من أن عمها كان يأنف من أن يزوجها من محمد ، يتيم أبي طالب (٢) ؛ فاحتالت هي عليه حتى سقته الخمر ، فزوجها في حال سكره ؛ فلما أفاق ، ووجد نفسه أمام الأمر الواقع لم يجد بدا من القبول.

__________________

(١) هذا ما ذكره المحقق البحاثة السيد مهدي الروحاني حفظه الله.

(٢) السيرة الحلبية ج ١ ص ١٣٨ وتاريخ الإسلام (السيرة النبوية) ص ٦٥ ط دار الكتاب العربي ، ومسند أحمد ج ١ ص ٣١٢ ومجمع الزوائد ج ٩ ص ٢٢٠.

٢٠٤

وكذا قولهم : إنه «صلى الله عليه وآله» قد دخل على خديجة قبل التزويج ، فأخذت بيده فضمتها إلى صدرها (١) ، إلى غير ذلك من كلام عجيب وغريب ، يتناقض تماما مع كل أخلاق وسجايا النبي «صلى الله عليه وآله» وسيرته ، فإن كل ذلك كذب ، ليس الهدف منه إلا الحط من كرامة النبي «صلى الله عليه وآله» وتنقصه من قبل أعداء الإسلام ، ومصائد الشيطان ، نعوذ بالله من الخذلان.

هل تزوج صلّى الله عليه وآله خديجة طمعا في مالها؟!

هذا ، وقد جاء في كلمات بعض المتهمين على الإسلام كلام باطل ، تكذبه كل الشواهد التاريخية ، وهو أنه «صلى الله عليه وآله» إنما تزوج خديجة طمعا في مالها (٢).

ولسنا نريد الإسهاب في الإجابة على هذا الهذيان ، فإن حياة النبي «صلى الله عليه وآله» من بدايتها إلى نهايتها لخير شاهد على أنه «صلى الله عليه وآله» ما كان يقيم للمال وزنا.

وقد أنفقت خديجة سلام الله عليها كل أموالها طائعة راغبة ، ليس على النبي «صلى الله عليه وآله» وملذاته ، وإنما على الدعوة إلى الإسلام ، وفي سبيل هذا الدين.

وأيضا ، فإن خديجة هي التي عرضت نفسها على النبي «صلى الله عليه

__________________

(١) السيرة الحلبية ج ١ ص ١٤٠.

(٢) النبوة ، للشيخ محمد حسن آل ياسين ص ٦٣.

٢٠٥

وآله» (١) ولم يتقدم هو «صلى الله عليه وآله» بطلب يدها ، ليقال : إنه إنما فعل ذلك طمعا في مالها.

ويرى الشيخ محمد حسن آل ياسين أن حبه «صلى الله عليه وآله» وتقديره لها في أيام حياتها بل وبعد مماتها ، حتى لقد كان ذلك منه يثير بعض زوجاته اللواتي ما رأين ولا عشن مع خديجة ، دليل واضح على بطلان هذا الزعم (٢).

خديجة مثل أعلى :

وبالنسبة لعرض خديجة نفسها عليه «صلى الله عليه وآله» نقول : هكذا تفعل الحرة العاقلة اللبيبة ، فلا تغرها زبارج الدنيا وبهارجها ، ولا تبحث عن اللذة لأجل اللذة ، ولا عن المال والشهرة ، وإنما تبحث عما يخدم هدفها الأسمى في الحياة ، فتفعل كما فعلت خديجة : ترد زعماء قريش ، أصحاب المال والجاه ، والقدرة ، والسلطان ، وتبحث عن رجل فقير لا مال له ، تبادر هي لعرض نفسها عليه ؛ لأن كل ذلك لا يملأ عينها ، لأنه كله ربما يكون سببا في تدمير الحياة والإنسان ، وحتى الإنسانية جمعاء ، وإنما هي تنظر فقط إلى الأخلاق الفاضلة ، والسجايا الكريمة ، وإلى الواقعية في التعامل ، والسمو في الهدف.

لأن كل ذلك هو الذي يسخر المال ، والجاه ، والقوة ، وكل شيء لخدمة الإنسان والإنسانية ، وتكاملها في الدرجات العلى.

__________________

(١) البداية والنهاية ج ٢ ص ٢٩٤ والسيرة الحلبية ج ١ ص ١٣٧ والسيرة النبوية لابن هشام ج ١ ص ٢٠٠ ـ ٢٠١ وتاريخ الخميس ج ١ ص ٢٦٤.

(٢) كتاب النبوة ص ٦٣.

٢٠٦

خديجة بين نساء قريش :

وتجدر الإشارة هنا إلى أن عامة المؤرخين على اختلاف أذواقهم ، ومشاربهم ، ونحلهم ، يقولون : إن خديجة كانت أجمل نساء قريش ، كما أنه لا ريب في أنها أفضل نسائه صلوات الله وسلامه عليها.

ولعل ذلك يفسر لنا السبب في غيرة بعض نساء النبي «صلى الله عليه وآله» منها ، حتى بعد وفاتها ؛ بحيث كن يحاولن تنقصها ، والإزراء عليها باستمرار ، مع أنهن لم يدركنها في بيت الزوجية أصلا.

هذا ، ولعل أم سلمة تأتي في المرتبة الثانية بين أزواجه «صلى الله عليه وآله» بعد خديجة ، فضلا واخلاصا ، وولاء ، وحتى جمالا ، كما يظهر من كلام للإمام الباقر «عليه السلام».

وعلى كل حال : فقد كانت ذوات الجمال والإخلاص من أزواجه «صلى الله عليه وآله» يواجهن الغيرة القاتلة ، والتآمر المستمر من قبل البعض الآخر من نسائه «صلى الله عليه وآله» ، ممن لم يكن لهن نصيب من جمال ، ولا من التزام تام بالأدب النبوي الكريم ، بل كن يؤذينه «صلى الله عليه وآله» بمواقفهن وتصرفاتهن (١).

هل تزوجت خديجة بأحد قبل النبي صلّى الله عليه وآله؟!

ثم إنه قد قيل : أنه «صلى الله عليه وآله» لم يتزوج بكرا غير عائشة ، وأما خديجة ، فيقولون : إنها قد تزوجت قبله «صلى الله عليه وآله» برجلين ، ولها منهما بعض الأولاد ، وهما : عتيق بن عائذ بن عبد الله المخزومي ، وأبو هالة التميمي.

__________________

(١) سيأتي لذلك مزيد توضيح في فصل : حتى بيعة العقبة ، من هذا الكتاب.

٢٠٧

أما نحن فنقول : إننا نشك في دعواهم تلك ، ونحتمل جدا أن يكون كثير مما يقال في هذا الموضوع قد صنعته يد السياسة ، ولا نريد أن نسهب في الكلام عن اختلافهم في اسم أبي هالة ، هل هو النباش بن زرارة أو عكسه ، أو هند ، أو مالك ، وهل هو صحابي أو لا ، وهل تزوجته قبل عتيق ، أو تزوجت عتيقا قبله (١)؟

ولا في كون هند الذي ولدته خديجة هو ابن هذا الزوج أو ذاك ، فإن كان ابن عتيق ، فهو أنثى (٢) وإلا فهو ذكر ، وأنه هل قتل مع علي في حرب الجمل ، أو مات بالطاعون بالبصرة (٣).

لا ، لا نريد أن نطيل بذلك ، وإنما نكتفي بتسجيل الملاحظات التالية :

أولا : قال ابن شهر آشوب : «وروى أحمد البلاذري ، وأبو القاسم الكوفي في كتابيهما ، والمرتضى في الشافي ، وأبو جعفر في التلخيص : أن النبي «صلى الله عليه وآله» تزوج بها ، وكانت عذراء.

يؤكد ذلك ما ذكر في كتابي الأنوار والبدع : «أن رقية وزينب كانتا ابنتي

__________________

(١) راجع الأوائل ج ١ هامش ص ١٥٩.

(٢) راجع : الأوائل ج ١ ص ١٥٩ وقال : إن هندا هذه قد تزوجت من صيفي بن عائذ فولدت محمد بن صيفي.

(٣) للاطلاع على هذه الاختلافات وغيرها راجع المصادر التالية ، وقارن بينها : الإصابة ج ٣ ص ٦١١ ـ ٦١٢ ، ونسب قريش لمصعب الزبيري ص ٢٢ ، والسيرة الحلبية ج ١ ص ١٤٠ ، وقاموس الرجال ج ١٠ ص ٤٣١ ، ونقل عن البلاذري وأسد الغابة ج ٥ ص ١٢ ـ ١٣ و ٧١ ، وغير ذلك.

٢٠٨

هالة أخت خديجة» (١).

ثانيا : قال أبو القاسم الكوفي : «إن الإجماع من الخاص والعام ، من أهل الأنال [الآثار ظ] ونقلة الأخبار ، على أنه لم يبق من أشراف قريش ، ومن ساداتهم وذوي النجدة منهم ، إلا من خطب خديجة ، ورام تزويجها ، فامتنعت على جميعهم من ذلك ؛ فلما تزوجها رسول الله «صلى الله عليه وآله» غضب عليها نساء قريش وهجرنها ، وقلن لها :

خطبك أشراف قريش وأمراؤهم فلم تتزوجي أحدا منهم ، وتزوجت محمدا يتيم أبي طالب ، فقيرا ، لا مال له؟!

فكيف يجوز في نظر أهل الفهم : أن تكون خديجة ، يتزوجها أعرابي من تميم ، وتمتنع من سادات قريش ، وأشرافها على ما وصفناه؟!

ألا يعلم ذوو التمييز والنظر : أنه من أبين المحال ، وأفظع المقال»؟! (٢).

وأما الرد على ذلك بأنه لا يمكن أن تبقى امرأة شريفة وجميلة هذه المدة الطويلة بلا زواج.

فليس على ما يرام : لأن ذلك لا يبرر رفضها لعظماء قريش وقبولها بأعرابي من بني تميم.

وأما كيف يتركها أبوها أو وليها بلا تزويج؟!

فقد قلنا : إن أباها قد قتل في حرب الفجار ، وأما وليها ، فلم يكن له

__________________

(١) مناقب آل أبي طالب ج ١ ص ١٥٩ ، والبحار ، ورجال المامقاني ، وقاموس الرجال كلهم عن المناقب.

(٢) الإستغاثة ج ١ ص ٧٠.

٢٠٩

سلطة الأب ليجبرها على الزواج ممن أراد.

وبقاء المرأة الشريفة والجميلة مدة بلا زواج ليس بعزيز ، إذا كانت تصبر إلى أن تجد الرجل الفاضل الكامل ، الذي كان يعز وجوده في تلك الفترة.

نعم ، قد يكون من المستغرب أن لا يتقدم لخطبتها أحد ، خصوصا من هي مثل خديجة ، في موقعها ، وفي ميزاتها .. ولكن الأمر بالنسبة لخديجة ليس كذلك ، فقد خطبها عظماء قريش كما هو معلوم.

ثالثا : كيف لم يعيّرها زعماء قريش الذين خطبوها فردتهم ، بزواجها من أعرابي بوّال على عقبيه كعتيق أو غيره؟!

رابعا : قد ذكروا : أن أول شهيد في الإسلام ابن لخديجة «رحمها الله» ، اسمه الحارث بن أبي هالة ، استشهد حينما جهر رسول الله «صلى الله عليه وآله» بالدعوة (١).

ونقول :

إن ذلك لا يمكن قبوله ، حيث قد روي بسند صحيح عندهم ، عن قتادة : أن أول شهيد في الإسلام هو سمية والدة عمار (٢) ، وكذا روي عن مجاهد (٣).

__________________

(١) الأوائل لأبي هلال العسكري ج ١ ص ٣١١ ـ ٣١٢ والإصابة ج ١ ص ٢٩٣ عنه وعن ابن الكلبي وابن حزم ومحاضرة الأوائل ص ٤٦.

(٢) الإصابة ج ٤ ص ٣٣٥ وطبقات ابن سعد ج ٨ ص ١٩٣ ط ليدن.

(٣) الاستيعاب هامش الإصابة ج ٤ ص ٣٣١.

٢١٠

وعن ابن عباس : «قتل أبو عمار وأم عمار ، وهما أول قتيلين قتلا من المسلمين» (١).

إلا أن يدّعى : أن سمية كانت أول من استشهد من النساء ، والحارث كان أول من استشهد من الرجال.

ولكنه احتمال بعيد ، ومخالف لظاهر كلماتهم ، لا سيما وأن كلمة شهيد تطلق على الذكر والأنثى بلفظ واحد ، مثل قتيل وجريح.

فإن معنى كلمة «شهيد» : شخص ، أو ذات ثبتت لها صفة الشهادة ، لأن المشتقات تدل على ذات ثبت لها وصف ما ؛ فكلمة تقي معناها : شخص له التقوى ، وقائم أيضا كذلك.

وكلمة شخص أو ذات أو نحوها تصدق على الرجل على حدة ، وعلى المرأة كذلك ، وعلى كليهما معا.

وعلى هذا الأساس نفسر كلمة : «طلب العلم فريضة على كل مسلم» ، بحيث يشمل الرجل والمرأة معا.

أما إذا كان المشتق فيه «أل» الموصولية ، مثل القائم والمتقي ، فإن الأمر يصبح أوضح وأجلى ، وذلك لأن «أل» بمنزلة «الذي» فالقائم معناه الشخص الذي له القيام ، فيصح أن يراد بها الرجل ، والمرأة ، وهما معا أيضا.

وعلى هذا الأساس جرت التعابير القرآنية ، مثل : المتقين ، المؤمنين الشاكرين إلخ .. فإنها تشمل الرجل والمرأة على حد سواء.

ولكن قد يحتاج إلى التنصيص على كلا الجنسين ، فيصرح بما يدل على

__________________

(١) صفين للمنقري ص ٣٢٥.

٢١١

مراده ، فيقول :

(قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ)(١) و (وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَ)(٢) ونحو ذلك ، وذلك واضح لا يخفى.

فتلخص مما تقدم : أن هذا النص لا يدل على وجود ابن لخديجة ، ما دام أنه قد ثبت حصول الكذب في جزء منه.

ولعل هذا الكذب قد جاء لأجل الإيحاء بطريق غير مباشر بأن لخديجة ولدا من النبي «صلى الله عليه وآله» ، وأن ذلك غير قابل للنقاش ، ولكن قد قيل : لا حافظة لكذوب.

خامسا : لقد روي أنه كانت لخديجة أخت اسمها هالة (٣) ، تزوجها رجل مخزومي ، فولدت له بنتا اسمها هالة ، ثم خلف عليها ـ أي على هالة الأولى ـ رجل تميمي يقال له : أبو هند ؛ فأولدها ولدا اسمه هند.

وكان لهذا التميمي امرأة أخرى قد ولدت له زينب ورقية ، فماتت ، ومات التميمي ، فلحق ولده هند بقومه ، وبقيت هالة أخت خديجة ، والطفلتان اللتان من التميمي وزوجته الأخرى ؛ فضمتهم خديجة إليها ، وبعد أن تزوجت بالرسول «صلى الله عليه وآله» ماتت هالة ، فبقيت الطفلتان في حجر خديجة والرسول «صلى الله عليه وآله».

__________________

(١) الآية ٣٠ من سورة النور.

(٢) الآية ٣١ من سورة النور.

(٣) لها ذكر في كتب الأنساب ، فراجع على سبيل المثال : نسب قريش لمصعب الزبيري.

٢١٢

وكان العرب يزعمون : أن الربيبة بنت ، ولأجل ذلك نسبتا إليه «صلى الله عليه وآله» ، مع أنهما ابنتا أبي هند زوج أختها وكذلك كان الحال بالنسبة لهند نفسه (١).

ولربما يمكن تأييد هذه الروايات بما ورد من الاختلاف في اسم والد هند ، فلتراجع المصادر التي ذكرناها ثمة.

زوجتا عثمان ، هل هما ابنتا النبي صلّى الله عليه وآله؟!

إننا بالإضافة إلى ما قدمناه آنفا عن الاستغاثة نذكر :

أولا : أن مما يدل على عدم كون زوجتي عثمان ابنتين له «صلى الله عليه وآله» ـ عدا عن كون بعض الأقوال تنافي ذلك ـ ما ذكره المقدسي ، عن سعيد بن أبي عروة ، عن قتادة ، قال :

ولدت خديجة لرسول الله «صلى الله عليه وآله» : عبد مناف في الجاهلية ، وولدت له في الإسلام غلامين ، وأربع بنات : القاسم ، وبه كان يكنى : أبا القاسم ؛ فعاش حتى مشى ، ثم مات ، وعبد الله ، مات صغيرا ، وأم كلثوم ، وزينب ، ورقية ، وفاطمة (٢).

وقال القسطلاني بعد كلام له : «وقيل : ولد له ولد قبل المبعث ، يقال له : عبد مناف ، فيكونون على هذا اثني عشر ، وكلهم سوى هذا ولد في الإسلام

__________________

(١) راجع : الاستغاثة ج ١ ص ٦٨ ـ ٦٩ ، ورسالة حول بنات النبي «صلى الله عليه وآله» ، مطبوعة ط حجرية في آخر مكارم الأخلاق ص ٦.

(٢) البدء والتاريخ ج ٥ ص ١٦ وج ٤ ص ١٣٩.

٢١٣

بعد المبعث» (١).

كما أن بعضهم ينص على أنه قد صح عنده : أن رقية كانت أصغر من الكل حتى من فاطمة «عليها السلام» (٢).

وبعد هذا ، فكيف نصدق قول من يقول : إنهما تزوجتا في الجاهلية من ابني أبي لهب ، ثم جاء الإسلام ففارقاهما؟

يقول المقدسي : «فزوج رسول الله رقية عثمان بن عفان ، وهاجرت معه في الهجرتين إلى الحبشة ، وأسقطت في الهجرة الأولى علقة في السفينة» (٣).

نعم ، كيف نصدق هذا ، ونحن نعلم : أن الهجرة الأولى إلى الحبشة كانت بعد البعثة بخمس سنين ، فكيف تكون رقية قد تزوجت قبل البعثة بابن أبي لهب ، ثم فارقها ليتزوجها عثمان ، ثم تحمل منه قبل الهجرة إلى الحبشة ، وهي إنما ولدت بعد البعثة؟!

إن ذلك لعجيب!! وعجيب حقا!!.

ثانيا : لقد ذكرت بعض الروايات : «أن أبا لهب قد أمر ولديه بطلاق

__________________

(١) المواهب اللدنية ج ١ ص ١٩٦.

(٢) راجع : الإصابة ج ٤ ص ٣٠٤ عن الجرجاني ، والاستيعاب بهامش الإصابة ج ٤ ص ٢٩٩ ، ٢٨٢. وفي ص ٢٨١ عن الزبير بن بكار : أن عبد الله ، ثم أم كلثوم ، ثم فاطمة ، ثم رقية كلهم ولدوا بعد الإسلام ، وكذا في البداية والنهاية ج ٢ ص ٢٩٤. ونسب قريش صفحة ٢١.

(٣) البدء والتاريخ ج ٥ ص ١٧ وتهذيب تاريخ دمشق ج ١ ص ٢٩٨.

٢١٤

رقية وأم كلثوم بعد نزول سورة : (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ)(١)» (٢).

مع أنهم يقولون : إن هذه السورة قد نزلت حينما كان النبي والمسلمون محصورين في الشعب (٣) ، وقد كان ذلك بعد الهجرة الأولى إلى الحبشة.

ثالثا : لقد روي : «أن خديجة ولدت للنبي «صلى الله عليه وآله» عبد الله ، ثم أبطأ عليها الولد ، فبينما رسول الله «صلى الله عليه وآله» يكلم رجلا ، والعاص بن وائل ينظر إليه ، إذ مر رجل فسأل العاص عن النبي «صلى الله عليه وآله» وقال : من هذا؟

قال : هذا الأبتر.

فأنزل الله : (إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ)(٤)» (٥).

فظاهر الرواية : أنها حين ولدت عبد الله لم تكن قد ولدت غيره ، أو أن من ولدتهم ماتوا جميعا حتى لم يعد للنبي «صلى الله عليه وآله» أولاد أصلا ، مع أن رقية كانت عند عثمان قبل ولادة فاطمة «عليها السلام» ، فلا يصح وصف العاص للنبي «صلى الله عليه وآله» بالأبتر فتنزل الآية.

إلا أن يقال : إن العرب لم تكن تهتم بالبنات ، بل الميزان عندهم هو

__________________

(١) الآية ١ من سورة المسد.

(٢) نسب قريش لمصعب الزبيري ص ٢٢ وتهذيب تاريخ دمشق ج ١ ص ٢٩٣ و ٢٩٨ وأسد الغابة ج ٥ ص ٤٥٦ والاستيعاب (مطبوع بهامش الإصابة) ج ٤ ص ٢٩٩ والدر المنثور ج ٦ ص ٤٠٩ عن الطبراني.

(٣) الدر المنثور ج ٦ ص ٤٠٨ عن أبي نعيم في الدلائل.

(٤) الآية ٣ من سورة الكوثر.

(٥) راجع تهذيب تاريخ دمشق ج ١ ص ٢٩٤ والدر المنثور ج ٢ ص ٤٠٤.

٢١٥

خصوص الذكور ، ولأجل ذلك وصفه العاص بالأبتر.

رابعا : قد تقدم أن هناك من يقول : إن خديجة إنما تزوجت رسول الله «صلى الله عليه وآله» قبل البعثة بعشر أو بثلاث ، أو بخمس سنوات ، فكيف تكون رقية وزينب قد ولدتا من خديجة ، وتزوجتا قبل البعثة؟!.

وخامسا : أن الدولابي يقول : إن عثمان كان قد تزوج رقية في الجاهلية (١).

وذلك كله يؤكد ويؤيد : أن رقية التي تزوجها عثمان هي غير رقية التي يدعى أنها بنت الرسول «صلى الله عليه وآله» ، والتي يقال : إنها ولدت بعد البعثة ، وأن التي تزوجها عثمان هي ربيبة النبي «صلى الله عليه وآله» ، لا ابنته.

وقد كانت العرب تطلق على ربيبة الرجل أنها ابنته كما قلنا.

وكذلك يقال بالنسبة لأم كلثوم ، لأن الفرض أنها قد ولدت بعد البعثة أيضا.

هل زينب بنت الرسول صلّى الله عليه وآله أم ربيبته؟ :

وأما عن زينب فلا نستطيع أن نطمئن إلى أنها كانت بنت رسول الله «صلى الله عليه وآله» أيضا ، لأننا بالإضافة إلى أن ما قدمناه آنفا حول زوجتي عثمان كله بعينه جار هنا ـ إذا كان أبو العاص بن الربيع قد تزوجها قبل البعثة ـ نشير إلى ما يلي :

١ ـ قال مغلطاي عن خديجة : «ثم خلف عليها أبو هالة النباش بن زرارة فولدت له هندا ، والحرث ، وزينب ، وكانت تكنى أم هند ، وتدعى الطاهرة» (٢).

__________________

(١) راجع : المواهب اللدنية ج ١ ص ١٩٧.

(٢) سيرة مغلطاي ص ١٢.

٢١٦

٢ ـ وعن عمرو بن دينار : أن حسن بن محمد بن علي أخبره : أن أبا العاص بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس بن عبد مناف ، وكان زوجا لبنت خديجة فجيء به للنبي «صلى الله عليه وآله» في قدّ ، فحلّته زينب بنت النبي «صلى الله عليه وآله» الخ .. (١).

فالتعبير أولا ببنت خديجة يشير أنها لم تكن ابنته «صلى الله عليه وآله» وإن كان عاد فذكر أنها بنت النبي «صلى الله عليه وآله» ؛ فلا يبعد أنه يريد بنوتها له بالتربية ، وإلا فلماذا خصها أولا بأنها بنت خديجة؟!

فنسبتها إلى خديجة أولا تكون قرينة على إرادة بنوتها للنبي «صلى الله عليه وآله» بالتربية.

٣ ـ ويذكر الشيخ محمد حسن آل ياسين عن زينب : أن بعض المصادر تقول : إنها ولدت وعمره «صلى الله عليه وآله» ثلاثون سنة (٢) ، وتزوجها أبو العاص بن الربيع قبل البعثة ، وولدت له عليا مات صغيرا ، وأمامة ، أسلمت حين أسلمت أمها أول البعثة النبوية (٣).

وذلك غير معقول ، فإنه لا يمكن لبنت في العاشرة أن تتزوج ، ويولد لها بنت ، وتكبر تلك البنت حتى تسلم مع أمها في أول البعثة ؛ وهذا حيث

__________________

(١) المصنف للحافظ عبد الرزاق ج ٥ ص ٢٢٤.

(٢) أسد الغابة ج ٥ ص ٤٦٧ ، ونهاية الإرب ج ١٨ ص ٢١١ ، والاستيعاب هامش الإصابة ج ٤ ص ٣١١.

(٣) راجع : كتاب النبوة هامش ص ٦٥.

٢١٧

لا تزال أمها في العاشرة من عمرها (١).

ولكن كلام هذا الباحث غير متين ، لأن المقصود بالتي أسلمت هي وأمها هو : زينب وخديجة ، وليس المقصود هو أمامة وزينب وذلك ظاهر لا يخفى.

وبالنسبة لأم كلثوم فإن الروايات تذكر : أن عليا حين هاجر اصطحب معه خصوص الفواطم ، وأم أيمن ، وجماعة من ضعفاء المؤمنين (٢) ، وليست أم كلثوم بينهم ؛ فهل هاجرت قبل ذلك ، أو بعده وحدها؟ وكيف لم يصطحبها علي «عليه السلام» معه ليحميها من كيد قريش؟ ولماذا؟ ولماذا؟!.

وبعدما تقدم نستطيع أن نقول : إننا لا يمكن أن نطمئن بشكل نهائي إلى ما يقال : من أن عثمان قد تزوج ابنتي رسول الله «صلى الله عليه وآله» للاحتمال القوي بأن تكونا ربيبتيه ، وكذا بالنسبة لزينب زوجة أبي العاص.

وعلى هذا فيصح أن يقال لمن تزوج ربيبة لشخص : أن ذلك الشخص قد صاهره ، ونال درجة من القرب منه ، وعلى هذا فلا منافاة بين ما ذكرنا ، وبين قول أمير المؤمنين «عليه السلام» لعثمان : «وقد نلت من صهره ما لم ينالا» (٣).

__________________

(١) راجع هامش كتاب النبوة للشيخ محمد حسن آل ياسين ص ٦٥.

(٢) سيرة المصطفى ص ٢٥٩ ، والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٥٣.

(٣) نهج البلاغة ج ٢ ص ٨٥ وأنساب الأشراف ج ٥ ص ٦٠ والعقد الفريد ج ٣ ص ٣٧٦ والجمل ص ١٠٠ عن المدائني والغدير ج ٩ ص ٧٤ عن بعض من تقدم وعن تاريخ الأمم والملوك ج ٥ ص ٩٦ وعن الكامل في التاريخ ج ٣ ص ٦٣ وعن البداية والنهاية ج ٧ ص ١٦٨.

٢١٨

لكن يبقى : أن ذلك الصهر هل قام بواجباته تجاه ذلك الذي أكرمه بتزويج ربيبتيه له؟! فهذا بحث آخر ، وله مجال آخر ، وستأتي بعض الإشارات لما كان من عثمان في حق زوجتيه ربيبتي النبي الأكرم «صلى الله عليه وآله».

ومهما يكن من أمر : فقد صدر لنا كتاب باسم «بنات النبي أم ربائبه» ، وكتاب «القول الصائب في إثبات الربائب» فليرجع إليهما من أراد التفصيل.

منافسون لعلي عليه السّلام :

ولعل إصرار الآخرين على بنوتهن له «صلى الله عليه وآله» ، وإرسالهم له إرسال المسلمات ، يهدف إلى إيجاد منافسين لعلي في فضائله الخارجية ، ولذلك أطلقوا على عثمان لقب «ذي النورين»!! هذا ، مع العلم بأن سيرته لم تكن مع هاتين البنتين على ما يرام ، كما سوف نشير إليه حين الحديث عن وفاتهما في الجزء الرابع من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى.

ويلاحظ أيضا : روايتهم الموضوعة حول زواج علي ببنت أبي جهل ، والتي مدح فيها رسول الله «صلى الله عليه وآله» مصاهرة أبي العاص له «صلى الله عليه وآله» ؛ تعريضا بعلي «عليه السلام» حيث كان في مقام تحذيره ، والإزراء عليه.

وسيأتي أيضا في الجزء السادس ، صفحة ٢٦٩ من هذا الكتاب بعض الكلام عن هذا الموضوع إن شاء الله تعالى.

خؤولة هند بن أبي هالة للإمام الحسن عليه السّلام :

وقبل أن نترك الحديث حول هذا الموضوع إلى غيره ، نسجل هنا تحفظا على ما يقال من أن الإمام الحسن «عليه السلام» قال :

٢١٩

«سألت خالي هندا بن أبي هالة عن حلية رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، وكان وصافا ، وأنا أرجو أن يصف لي منها شيئا أتعلق به ، قال :

كان رسول الله «صلى الله عليه وآله» فخما مفخما إلخ ..».

قال الحسن فكتمها [فكتمتها. صح] الحسين بن علي زمانا ، ثم حدثته ، فوجدته قد سبقني إليه ، فسأل أباه عن مدخل رسول الله «صلى الله عليه وآله» ومخرجه ، ومجلسه ، وشكله ، فلم يدع منه شيئا ، قال الحسين سألت أبي إلخ .. (١).

أقول :

أولا : سند هذا الحديث هو جميع العجلي ، عن رجل من بني تميم ، من ولد أبي هالة ، زوج خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها ، يكنى أبا عبد الله ، عن ابن لأبي هالة ، عن الحسن بن علي الخ (٢).

ونحن في غنى عن التكلم حول هذا السند ، فإن الأمر فيه بيّن.

ثانيا : قد تقدم الاختلاف في كون هند المتولد من خديجة ، هل هو ذكر أم أنثى ، وأشرنا إلى اختلافهم في أبيه من هو فيما تقدم!.

ثالثا : إن الإمام الحسن «عليه السلام» نفسه قد رأى النبي «صلى الله عليه وآله» بنفسه ، وعاش معه عدة سنوات ، وقد بايعه وشهد له على بعض عهوده ، وخرج معه إلى مباهلة النجرانيين و.. و.. إلخ ..

فلماذا يشتهي أن يصف هند من رسول الله شيئا يتعلق به ، فهل هو قد

__________________

(١) راجع التراتيب الإدارية ج ٢ ص ٤٤٨ و ٤٤٩ فما بعدها ودلائل النبوة ج ٢ ص ٢٨٦ ط دار الكتب العلمية.

(٢) المصدر السابق ص ٤٤٧.

٢٢٠