الإمام الكاظم وذراريه

إسماعيل الحاج عبدالرحيم الخفّاف

الإمام الكاظم وذراريه

المؤلف:

إسماعيل الحاج عبدالرحيم الخفّاف


المحقق: الدكتور حميد مجيد هدّو
الموضوع : الشعر والأدب
الناشر: العتبة الكاظميّة المقدّسة
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٤٣
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة
 &

تطوي الجوى بين أضلعي وتنشره

عند السرى زفرات فوق أرجاكِ

ولي مدامع شوق في رباك جرت

حتى شكا التل مجراها لأبناك

كحلت جفني من عينيك في عجل

كما تكحل في الأسحار عيناك

ورحت ألثم أعتابا مقدسة

جنات عدن بدت في روض مغناك

حييت كم روضة قدسية وعلا

أضافها لرباك الخضر مولاك

ضمت مدارس آيات مطهرة

عبّاقة بشميم العنبر الذاكي

مضت عليها قرون وهي ماثلة

تميس ما بين قيصوم وآراك

إذا دجا الليل فالأقمار تغبطها

ويستجير بها اللهفان والشاكي

وأن بدا الصبح حاكت في شمائلها

شمس النهار سنى كالفجر ضحاك

فجئت أزجي لها شعري كروعتها

مضمخاً بأريج المندل الزاكي

يا روضة الجود جودي بالوصال لمن

حياك من قبل أن يحيا وبياك

هواك كل صدي القلب يطمعه

لماك رشفة كأس من حمياك

وينثني راجيا عفوا ومغفرة

من بارئ كل خير منه أولاك

كم رابض فيك أغنى الفكر أسحره

بما بنى وشدا شعرا فأصباك

وفيك كم عيلم باهت بطلعته

أم العلا ساكن الدنيا وسكناك

وكم هوى فيك من بدر ومن علم

بالحب والأدب الخلاق ناجاك

٤٦١
 &

عامر عزيز الأنباري (المتولد ١٣٨٣ هـ / ١٩٦٣ م)

من الشعراء الشباب الناشطين المرموقين المعاصرين ، ولد في مدينة الكاظمية المقدسة ، وأنشد الشعر مبكراً بداية شبابه معظمه في أهل البيت عليهم‌السلام ، وله ديوان مستقلٌ في ذلك ، أمتاز شعره بالسلاسة والصدق في العاطفة وهو يُحسن إلقاءه الشعر فيهز السامع إلقاؤه ، وهو اليوم يشغل منصب رئيس قسم الثقافة والإعلام في العتبة الكاظمية المقدسة ، ويشرف على إصدار نشرة (منبر الجوادين) وغيرها من المطبوعات الثقافية والدينية والتراثية ، يقول في رثاء إمامنا موسى الكاظم عليه‌السلام من قصيدةٍ عنوانها : (طامورة السندي) :

قلبٌ يئَنُّ وصرخةٌ وإمامُ

وسلاسل محمولةُ وحِمامُ

وغبارُ أزمنةِ كأنَ غبارها

تركته ينشر حزنَها الأعوامُ

ويدً مكبلةٌ تضيء كأنها

قمرٌ منيرٌ وحوله الأجرامُ

فيها مآذنُ للصلاةِ وقبِلةٌ

وبها قعودٌ للهُدى وقِيامُ

ينسابُ نورُ الفجرِ فوق بنائها

ويدبُ فيها العدلُ والأحكامُ

كفّ يضوعُ المِسك منها والنّدى

يجري بها والطيب والأنسامُ

كفٌّ يباركها الإله فملؤها

خيرٌ يطلُ على الدُنا وسلامُ

كفٌّ يدُ الرحمن تغمرُها فوا

عجباً يدُ الرحمن كيف تُضامُ

كفٌّ لموسى لو يشاءُ لزُلزِلت

منها الجبالُ وأهلِكت أقوامُ

* * * *

* * * *

قلبٌ يئنُّ وفي الصّدور قضيةٌ

تغلي وجرحُ نازفٌ وضرامُ

وجوانحٌ مكلومةٌ وَهنت فما

سفت وليس بضَعفِها استسلامُ

٤٦٢
 &

فالليل يقضى في الصلاة ومثله

حال النهار تعبّدٌ وصيامُ

والذّكر والتَّسبيح وهو مكبلٌّ

والناس غرقى في الهَوى ونيامُ

والله يُبصرُ كيف يُغتالُ الهُدى

ظلما وكيف تُقطع الأرحامُ

طامورةُ السندي تنطقُ مثلما

نَطَقَت على صدرِ الحُسينِ سِهامُ

وعدالةُ التاريخ تفضحُ كلَّ من

في وجهِهِ بَعَد النبيّ لثامُ

وتقول في الطّاغي يزيدَ بأنّهُ

ربُّ القرودِ ودينُهُ الأصنامُ

وتقول في هارونَ أنّ رشادَهُ

جهلٌ وأنَّ حَصادَهُ الإجرامُ

طامورةُ السنديَ ليسَ كمِثلِها

ظلمٌ يكونُ ولا يكونُ ظلامُ

طامورةُ السنديّ فيها أُزهِقَت

روحُ النبيَّ وزُلزلَ الإسلام

جابر آل عبد الغفار (١٢٥٠ هـ ـ ١٣١٩ هـ)

هو جابر بن الشيخ مهدي بن عبد الغفار الكاظمي ولد في الكاظمية وتعلم فيها ، وختم حياته في مدينة بلد ، واعظاً وخطيباً ومرشداً دينياً فيها حتى أصبح مرجعاً في الفتاوى الشرعية هناك وتوفي فيها ودفن في النجف الأشرف. وله شعر كثير أغلبه بين طيات المجاميع الشعرية.

وقال رحمه‌الله بمناسبة الانتهاء من عمارة سور المشهد الكاظمي عام ١٣٠١ هـ ١ :

أنخ المطيَّ بساحة المجدِ

وأعقل فهذا منتهى القصدِ

وأرح قلوصك أن تجشمه

هضبات رضوى أو ربي نجد

فلقد هديت ورب ذي شطط

بعد الضلال هُدي إلى رشد

فإلى م أنت إلى اللوى شغفاً

تلوي عنان القود بالوخد

____________

(١) شعراء كاظميون : ج ١ ص ٢١٨.

٤٦٣
 &

نشز المهامة لم تزل أبداً

تطوي بأيدي الضمرَّ الجرد

أو ما ترى نوراً سناه بدا

من طور موسى للهدى يهدي

فالجأ ولُذْ بالكاظمين تفزْ

بندى سوى جدواه لا يجدي

من أمَّ موسى والجواد يجد

أمنَيْن من ضر ومن جهد

باب الإله أتى ورحمته

من قد أتى موسى إلى رفد

أفهل سواه لقصد مكرمة

يرجى فيأمله أخو قصد ؟

لتزجَّ عينك نحو نائلةٍ

هيهات رمت أذن صفا صلد

فأنزل به يا سعد أنَّ به

دار النعيم ومنزل السعد

دار تعالى شأن ساكنها

عن أن يحيط بمدحه حمدي

دار على أوج السماء سمت

وعلت عن الأوهام بالبعد

فأعقد هنالك إن حللت بها

إحرام ذي وَلَهٍ وذي وجد

واسع وطف طوعاً بحضرتها

لتنال منها منتهى القصد

هي حضرة القدس التي ضمنت

سرَّ الإله وجهر ما يبدي

هي كعبة الآمال روض هدى

هي بيت أهل البيت والمجد

آل النبي وهل كجدهمُ

بين البرية جاء من جد

وجاء في آخرها :

فرهاد شيد روضة فزهت

بالنور لا بالنَّوْر والورد

مذ زال أقصى الكره أرخها

(للناس أبدى جنة الخلد)

١٣٠١ هـ

٤٦٤
 &

الشيخ حسن الأسدي (١٣٣٠ هـ ـ ١٤١٨ هـ)

هو الشيخ حسن ابن الشيخ مرتضى أسد الله (الأسدي) الكاظمي عاش في الكاظمية ودفن في النجف الأشرف شاعر مكثر في مدح آل البيت الأطهار عليهم‌السلام له ديوان مطبوع : المدامع الحمراء على مصارع الشهداء ، صدر بعد وفاته رحمه‌الله وسعى إلى إصداره ولده الأستاذ هاشم وبنفقة أبن عمه محمد هادي.

وله من قصيدة طولية في مدح الأئمة عليهم‌السلام ويعرّج فيها على الإمام موسى بن جعفر عليه‌السلام بقوله :

ومنهم رهين السجن موسى بن جعفر

قضى فيه مسموماً فجلّ به الأمر

ترامت به الأمصار بين خصومةٍ

فلم يؤوه مصر ولم يحمه مصر

فألقي في سجن أبن شاهك كاظماً

لما غاظه لمّا أمضّ به الضرّ

سُقي من ذعاف السُم حتى قضى به

وألوانه تُحمرّ طوراً وتصفرّ

غريب ولا من أهله عنه سائل

ويا عجباً في أهله وهم فهر

فمات وما ناحت عليه نوائح

ولم يبكه عبد ولم يبكه حر

أذا حمل الحمالون بالذل نعشه

فقد حف بالنعش الملائكة الغر

ويا ميّتاً ودت ملائكة السما

بأن تتولى غسله وهو الفخر

يكون له من كوثر الخلد ماؤه

ويُمسي له من سدرة المنتهى السدر

ونجعل مثواه السما وتود له

يكون بها مثواه أنجمه الزهر

ويا ميتا ما كان في الترب قبره

إلى أن غدا في كل قلب له قبر

فضائله كثر وما من فضيلة

تذاع له إلا وأثارها كثر

هو المثل الأعلى وآيات فضله

هي المثلُ العليا وتلك له أثر

٤٦٥
 &

فصابر من أعدائه محنا وما

يصابرها إلا الذي شأنه الصبر

وما هو إلا شافع لمحبه

فيشفع في يوم يكون به النشر

قضى عمره في النسك والبر والهدى

ولا عجب منه به ينقضي العمر

وأن له قبر بأرض زكت به

يود بها لو ينبت الورود والزهر

تنافسها الأنواء في بركاتها

ومنها علها ينزل الغيث والقطر

تضاحكها الأيام في حسنها كما

يعانقها في ليلها القمر البدر

عليه بناء عبقريّ مُشيدٌ

تضل عليه نظرة العين والفكر

له منظر عالٍ على كل ناظر

وهيهات أن يبلى بها المنظر النضر

ووجه جميل ساحر بجماله

إلى كل عين منه ينبعث السحر

وما قبره إلا مقام مقدسٍ

كما قُدس البيت المحرّم والحجر

وتزدحم الأملاك والناس عنده

فمنهم دعاء صاعد فيه أو ذكر

فماذا رأى منه الرشيد فساءه

وهاجت له فيه المكايد والمكر

فأن له حق الخلافة دونه

فحلّ به من أجلها الخوف والذعر

فجاهده في بغضه وعدائه

إلى ان بدت منه الخيانةُ والغدر

فأن بني حرب عليهم تأمروا

بإشعال حربٍ يستطيل بها الدهر

فهم وبنو العباس أجمع رأيهم

على حربهم أن لا يكون لهم أمر

فشبت حروب منهم وملاحم

فأودت بهم سمر القنا والظبا البتر

ويدفع بعض بعضهم لقتالهم

لدى كل عصر ما خلا منهم عصر

ولم ينجُ منهم واحد غير غائب

إليه يعود الأمر والثار والوتر

أما آن يا من يفرج الهم ذكره

نهوضك حيث الهم ضاق به الصدر

٤٦٦
 &

لقد طالت الآمال فيك على النوى

فلا جلد للآملين ولا صبر

فهم يأملون النصر منك على العدا

أما آن أن يجري على يدك النصر

فعمّ على الأرض الفساد فما خلا

من الأرض برّ من فسادٌ ولا بحر

عبد المحسن الخالصي (١٣١٣ هـ ـ ١٣٧٠) ١

هو العلامة الشاعر الشيخ عبد المحسن ابن الشيخ عباس بن الشيخ محمد بن علي بن عزيز بن الملا عبد الله الخالصي الأسدي المولود في الكاظمية.

يقول في قصيدة يمدح بها الإمام الكاظم عليه‌السلام :

أيا مدركي في كل خطب ينوبني

أبا حسن موسى لقد نابني الدهر

وقد عضني في نابه أي عضة

بها طار مني القلب واندهش الفكر

علي يد الأيام ها قد تعاقبت

شدائدها حتى كأني لها جسر

فها أنا بين الشدائد واقف

أفكر في أمري فيعلوني الذعر

على حالة لا أرتضيها لواتري

فها أنا في حال يذوب لها الصخر

وما لي إذا ما مسني الضر ملجأ

سواك إذا استصرخته انكشف الضر

فنفّس بما أوتيته من كرامة

كروبي فقد أودى بمهجتي الأمر

وأقلقني حتى كان تجلدي

هشيم له نفح الرياح غدا يذرُ

ولولا رجائي منك نظرة رحمة

تكف الأذى عني لفارقني الصبر

فبادر بلطف يا ملاذي إنني

على حالة لا يرتضيها فتى حر

وشرد جيوش الدهر عني فإنني

وجدتك ذخرا حيثما التمس الذخر

____________

(١) شعراء كاظميون / ج ٢ ص ٢٣٥ ، وذكرى استشهاد الإمام موسى الكاظم عليه‌السلام ص ١١.

٤٦٧
 &

ولست أرى لي منقذاً غير حبكم

يثقل ميزاني إذا حشر الحشر

وله أيضاً ١ :

ترجل بوادي الكرخ واخلع به النعلا

وحط إذا ما جئت كعبته الرحلا

وطف واسع واسجد والثمن ترب أرضه

تكن مثل من أدى الفرائض والنفلا

به قدس الوادي المقدس ربه

به قد حل موسى قد استعلى

به حل من فيه الحوائج تنقضي

ويدرك فيه الأمل القصد والسؤلا

فان شمت قبراً هيبة الله فوقه

وفي طيه علم النبيين قد حلا

تعلق بأستار الضريح وناده

تجد مخرجاً مما تضيق له سهلاً

ومن عجب ملجا الأنام وغوثها

يضامُ وفيه يكشف الكرب والجلا

ويقطع أعوان الرشيد صلاته

ولم يرقبوا فيه إلهً له صلى

ويؤخذ من قبر النبي مكتفاً

فيشكو إليه ما به منهم حلا

ويبعدهُ عن أهله وديارهِ

ويأمر حساناً يسيرُ به ليلا

فينقل من حبس شديد لآخر

أشدَّ يقاسي فيهما القيد والغلا

ببصرة طوراً عند عيسى وتارة

ببغداد عند الفضل كي يعدم الفضلا

وخلَّي تفاصيل المقام فلم يحط

بإحصاء بعضٍ من أراد له نقلا

وخذ جملا يوهي القوي ذكر بعضها

ويضعف رضوى أن يقوم به حملا

أفي الرطب المسموم يقضي أبن جعفر

ولا هاشمي دونه مرهفا سلا

غريباً ببغداد بسجن أبن شاهك

وليس له أهل فيستصرخ الأهلا

وجاءت قضاة الزور تشهد أنه

قضى مرضاً لم يقض سماً ولا قتلا

وقد أخبر الأقوام قبل وفاته

بما قد جرى لكنهم ركبوا الجهلا

____________

(١) ذكرى استشهاد الامام الكاظم عليه‌السلام ص ٦ ـ ٨.

٤٦٨
 &

وأفضع أمر يقرح القلب ذكره

على قلب دين الله حادثه استولى

على الجسر من بغداد يوضع نعشه

ينادى عليه بالذي يبعث الويلا

ومذ سمع الضوضا سليمان قد علت

على الجسر نادى ولده ابتدروا عجلا

خذوا النعش من أيديهم واعبروا به

فشيعة مبدي الشجا حافيا رجلا

فهلا بيوم الطف كان لجده

سليمان لما فوقه أجروا الخيلا

وضل برمضاء الطفوف مجردا

وكان له فيض الدماء بها غسلا

سيمحو البلا جسمي وثوب كآبتي

جديد إلى يوم القيامة لا يبلى

محمد بن فلاح الكاظمي ١ (المتوفى ١٢٢٠ هـ)

هو أبو الحسين محمد بن فلاح الملقب بالشريف الحسيني ، ولد في مدينة الكاظمية. قال مادحاً باب الحوائج عليه‌السلام بقصيدة زاخرة بالصور الشعرية البديعة :

ببغداد جاد القطر بغداد

بقاع ـ لعمري ـ ضمّت خير أجساد

حوت من بني الزهراء أكرم فتية

نمتهم إلى العلياء أشرف أجدادِ

أجلّ بني حوّاء فخرا وسؤددا

وأفضل من يعُزى لأطيب ميلادِ

لهم أحمدٌ جدّ وحيدر والدٌ

وفاطمة أمّ وهم خير أولاد

مطالب طلاب رغائبُ راغبٍ

مقاصد قصّادٍ فوائدُ وفّاد

ينابيع علم الله موضع سره

أولي الأمر بعد المصطفى أحمد الهادي

وأوتاد هذي الأرض مركز قطبها

وأعظم أبدال عليها وأوتادِ

____________

(١) شعراء كاظميون / ج ٢ ص ٤٨ ـ ٨٨.

٤٦٩
 &

لقد قادتني صدق الولاء إليهم

فلست إلى قوم سواهم منقاد

كرام مساميحٌ متى زرت بابهم

تخلصت من همي وفزت بأنجادي

إذا طال ذو زهد وفاخر عابد

فهم خير زهاد وأكرم عباد

إذا نشر الراوي أحاديث فضلهم

أتاك بأخبار صحيحات وإسناد

فضائل قد ـ والله ـ طبقت السما

وفي الأرض جلت أن تناهى بأعداد

بيوتهم ذو العرش قد شاء رفعها

ليذكر فيها كل يوم بترداد

فيا قاصد الزوراء يبغي زيارة الـ

إمامين موسى والجواد أبي الهادي

تهنّ بهذا القصد واسعد به

فقد سلكت ـ بلا شك ـ محجة إرشاد

لك الخير قد يممت أشرف بقعة

يحث إليها في السرى عيسه الحادي

تود الثريا لو غدت فوق بابها الـ

مبارك شباكا يضيء به النادي

وأن لو غدا المريخ ليلاً سراجها

وبدر الدجى لو كان أفقها بادي

تحف بها من جانبيها نخيلها

كما حفت الآجام يوماً بآسادِ

حكت سدرة المنتهى وسدرتها

حكت بها وصفاً لم تنه تعداد

غدا حاسدا نهر المجرة نهرها

ولا زال سامي الفضل يُرمى بحساد

ألا رعاك الله إن جزت بقعة

مباركة المغنى مقدسة الوادي

وبالجانب الغربي من كرخها بدا

لعينيك نورٌ يستزاد بمزداد

ولاحت بطور القبتين أشعة

بها يهتدي الساري ويحظى بإمداد

وأبصرت فيها الناس من قاطن بها

أقام من وفد نحاها وقصاد

وقبّلت ذاك الترب شوقا لماجد

جواد كريم بالمكارم عواد

٤٧٠
 &

عهود العكيلي

الدكتورة عهود عبد الواحد عبد الصاحب العكيلي ، أستاذة جامعية ورئيسة قسم اللغة العربية في كلية التربية ابن رشد / جامعة بغداد ، أديبة فاضلة وباحثة جليلة لها شعر جميل فصيح جاء في قصيدتها المعنونة (لك الضمائر عطشى) بمناسبة ذكرى استشهاد العبد الصالح عليه‌السلام :

يا راهب الآل لا معنى لدنيانا

بغير حبكم سرا وإعلانا

فالدين لولاكم ما صح منهجه

ولا علت راية الإسلام أركانا

فداك نفسي من مولى لهيبته

خط الزمان لكظم الغيظ عنوانا

قتلت شانأك الأدهى بنور هدى

لا السيف في حده ساوى ولا دانى

وسجدة واصلت صبحا بليلته

لتقهر الظلم طاغوتا وسجانا

وتخجل القيد والطامور فانبهتا

ذاك أبن جعفر ـ يا ويلي ـ تحدانا

أما القيام فقد أظناهم كمدا

وزادهم في ظلام الروح إمعانا

فكلما حاق ظلم زادكم أملا

بخالق الكون توحيدا وإيمانا

وها لهم ما رأوا من طول صبركم

وقولكم حسبنا لله ما كانا

فللشهادة كأن الآل قد خلقوا

كرامة لهم من عند مولانا

لكم ضمائر عطشى يا أبن فاطمة

تتوق للسقي من فيكم حنايانا

فالطهر منبتكم والحلم منهجكم

والعدل ترجون لا مالاً وسلطانا

أتتكم سيدي أفواجنا زمرا

تلقي التحايا وتفدي الروح قربانا

لا نبتغي الدمع بل نرجو تمثلكم

في سيرنا بطريق فيه منجانا

فلنلثم الترب ما أزكى نسائمه

مسك النبوة يسري فيه مزدانا

لك انحنت هامة الدنيا محيية

ذاك الشموخ الذي بالفهم أعيانا

٤٧١
 &

مسلم الحلي (١٣٣٤ هـ ـ ١٤٠١ هـ)

هو الفقيه والعالم والشاعر السيد مسلم بن حمود بن ناصر آل غانم الحسيني الحلي ، ولد في مدينة الحلة وانتقل إلى النجف الأشرف للتحصيل العلمي ، كان يتردد بين النجف والكاظمية أستاذاً لكثير من طلاب العلوم الدينية ، أنتدب للتدريس في مدينة الكاظمية المقدسة وأجيز بالاجتهاد من لدن أستاذه المرجع الديني الشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء ، ترك آثارا ومؤلفات مختلفة ، ووافاه الأجل عام ١٩٨١ م رحمه‌الله ، ودفن في النجف الأشرف.

جاء في قصيدته (باب المراد) :

خذ في سنا السادات خير العباد

لكاظم الغيظ وباب المراد

وزود النفس بحب لهم

فحبهم يوم الجزا خير زاد

هم المغيثون بهذي الدنا

نعم الشفيعون يوم المعاد

سواهم قد زاغ عن نهجه

ونهجهم قد كان نهج الرشاد

عمدة هذا الخلق بين الورى

وهم لهذي الأرض كانوا العماد

قد سدد الله خطى من بهم

أمسك إذ نال طريق السداد

سادوا جميع الخلق في فضلهم

من حاضر كان لدينا وباد

وقد أصابتهم برغم الهدى

مصائب تصدع حتى الجماد

بسجن موسى بين تلك العدى

مصيبة تذيب صم الصلاد

وللرزايا السود في وقعها

قد لبس الإسلام ثوب السواد

لولا قضاء الله في حكمه

ما عاد للطاغين سلس القياد

مصير من ناواهم ضلة

جهنما يلقى وبئس المهاد

٤٧٢
 &

ومن بكت عين لهم رزأهم

قرة عين ما لها من نفاد

جودوا على من جاد في مدحكم

سامعة يقول حقا أجاد

قد محض الود لكم صفوة

أخلص لله الولا والوداد

مسك ختامي كان في مدحكم

بما بدأناه يكون المعادِ

وله أيضاً من قصيدة بعنوان (رهين السجون) : ١

أميّة لا حيّت ربوعك قطرة

إذا ساقت أخت الحيا كل مشهد

فكم في سبيل الغيّ سدّدت أسهماً

رميت بها دين النبي محمد

مشيتِ على طرْق الضلالة والهوى

فعن سُبُل المعروف دونكِ فاقعدي

تحملتِ أعباء الخلافة ضلّة

وما هي إلّا تاج أبناء أحمد

تلاقفتموها بينكم عن ضلالة

فما لقفتها منكم كفّ أرشد

أعَنْ نسب زاكٍ حوتها رجالكم

أعَنْ شرف سامٍ ، أعن طيب محتد

وقل لبني الزهراء أبديت غيلةً

فلا أنت للعليا ولا أنت لليد

وأن أنسَ أبن جعفر إذ غدا

عن الأهل ناءٍ كالغريب المشرّد

عن البيت غمداً أخرجوه مبرءاً

فحلّت عليهم نقمة المتعمد

فتعساً لهم لم يرقبوا فيه ذمة

لدى البيت حيث الله منهم بمرصد

فأصبح رهناً للسجون وللأذى

فمن سجن ذي شرك إلى سجن ملحد

فسل عنه سجن (الشاهكي) فكم رأى

عليه وسام الخاشع المتعبد

وكم قد لقى فيه من الوجد لم تزل

بقلبي منه زفرة المتوجّد

____________

(١) ديوانه ص ٥٢.

٤٧٣
 &

الشيخ عبد الرحيم الغراوي (المتولد ١٣٨ هـ)

هو الشاعر الشيخ عبد الرحيم الشيخ محمد قريش الغراوي ، درس في النجف الأشرف وانتقل إلى سامراء عام ١٩٣٧ م ، وعين وكيلا للإمام السيد الخوئي والسيد السبزواري ومديراً للمدرسة الجعفرية فيها ، نشر موسوعة كبيرة في خمسين مجلد بعنوان : شعراء الشيعة وله ديوان شعر مطبوع.

قال في ذكرى ولادة الإمام موسى بن جعفر الكاظم عليه‌السلام : ١

ولدت فكنت للدنيا ضياءا

ولحت بأفقك العالي سماءا

ولدت فكنت للأبوين بشرى

وأفراحا وأخلاقا وضاءا

وللتأريخ قد أعددت خلقا

وإيمانا ... ولله انتماءا

أبوك الصادق العلوي أضحى

فخورا في إجابتك النداءا

ولا عجباً فأنت الشبل تحمي

بناء الدين والدنيا سواءا

وتحفظ دين جدك من أناس

به عاثوا وتعليه بناءا

وترفع في يديك الذكر حتى

نراه بأيه يهب العطاءا

فإنك في معالمك ستهدي

من انحرفوا ابتداءا وانتهاءا

فهديه كالسحابة حين تهدي

ترى الفقراء قد كسبت بهاءا

فيا موسى بن جعفر يا إماما

سما بالعز واحتضن الإباءا

فأنت سليل أحمد المرجى

غدا وبحبه ازددنا ولاءا

وأنتم آله وبنوه حقا

ورثتم ما به الإسلام جاءا

فأيدتم شريعته وذدتم

بحد سيوفكم عنها العِداءا

____________

(١) ديوان الغراوي طبعة بيروت ٢٠٠١ ص ١٧١.

٤٧٤
 &

كجدك سيد الشهداء لما

مضى من أجل نصرته فداءا

وقد ضحت ليبقى الدين حيا

يرف على بني الدنيا ولاءا

وأنت أمرت بالمعروف حتى

هديت إلى الشريعة من أساءا

وقومت الذين رأوا سرابا

فظنوا فيه للعطشان ماءا

وقد وجهتهم للحق لما

إلى روض الهداية قد أفاءا

فيا رجل العقيدة فيك طابت

رياض العلم وازدادت نماءا

أتوا من يثرب بك حين خافوا

مصيرهم وما كسبوا غناءا

وسوف بيوتهم تمسي خرابا

وما ظنوا بها تمسي خلاءا

فصرت إلى السجون وكل سجن

يحملك المشقة والعناءا

ولو أن الذي لاقيت ظلماً

وعدوانا على جبل لناءا

فلم تر نور الشمس يوما

ولا القمر المنير ولا الضياءا

وفي قعر السجون لكم تناجي

ولا تهوى الحياة ولا البقاءا

فديتك عابدا بلغ الثريا

بنفس مثل معدنها نقاءا

وغيرك من أراد الضر فيكم

غدا من بعد مصرعه هباءا

وأنت أبو الرضا ما زلت فيكم

نرى الليل البهيم بكم مضاءا

وأن هنالك في الأخرى جنانا

لما أسلفت من عمل جزاءا

وعفوا إن تقاصر فيك مدحي

وأن أنا قد نظمت لك الثناءا

ولكن همتي أني سأحظى

بيوم الحشر من يديكم عطاءا

٤٧٥
 &

جابر الكاظمي (المعاصر) (المتولد ١٣٧٧ هـ / ١٩٥٧ م)

ولد في الكاظمية وعاش في المهجر طويلاً خارج وطنه ، شاعر أشتهر بقدرته على نظم الشعر الفصيح والشعبي أكثره في آل البيت عليهم‌السلام ، وله هذه القصيدة التي اتخذت نشيداً للعتبة الكاظمية المقدسة يقول فيها :

هذهِ الجنّةُ لا جَنَّةُ عَادْ

هذهِ جنَّةُ مُوسى والجوادْ

أزْلِفَتْ للمؤمنينَ المتقينْ

(فادخُلوها بِسَلامٍ آمنينْ)

هيَ حِصْنٌ ومَلاذٌ للعبادْ

هذهِ جنَّةُ مُوسى والجوادْ

* * * * *

روضةٌ تحرُسُها عينُ السّماءْ

هَبطَتْ فيها قلوبُ الأنبياءْ

وإذا ما المرءُ أفَضىُ للدُعاءْ

سوفَ يأتيهِ مِنَ اللهِ نِداءْ

(وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكْ)

(الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكْ)

أنتَ في الفِردَوْسِ لا ذاتِ العِمادْ

هذهِ جنَّةُ مُوسى والجوادْ

* * * * *

رَوضةٌ زَيّنَها رَبٌ رؤوفْ

دانياتٌ للملا فيها القُطوفْ

أنبياءُ اللهِ تأتيها صُفوفْ

وبها الأملاكُ تَسعى وتَطوفْ

صُنْتَ يا زائرُ قدْرَكْ

(وَرفعْنا لكَ ذِكَركْ)

زُرتَ روضاً زُيّنتْ فيها البِلادْ

هذهِ جنَّةُ مُوسى والجوادْ

* * * * *

إنما الحِجُّ لدى البيتِ الحرامْ

حِجةٌ واحدةٌ في كلِ عامْ

ها هنا كعبةُ موسى والمقامْ

كلَّ يومٍ فيهِ حِجٌّ للأَنامْ

يَمِّموا ربّاً بصيراً

واذكروا الله كثيراً

خِدمَةُ الزائرِ بابٌ للمُرادْ

هذهِ جنَّةُ مُوسى والجوادْ

٤٧٦
 &

الإمام الكاظم وذراريه في التراث الشعري والتأريخي والفقهي

٤٧٧
 &

الإمام الكاظم وذراريه في التراث الشعري والتأريخي والفقهي

٤٧٨
 &

الإمام الكاظم وذراريه في التراث الشعري والتأريخي والفقهي

٤٧٩
 &

الإمام الكاظم وذراريه في التراث الشعري والتأريخي والفقهي

٤٨٠