الإمام الكاظم وذراريه

إسماعيل الحاج عبدالرحيم الخفّاف

الإمام الكاظم وذراريه

المؤلف:

إسماعيل الحاج عبدالرحيم الخفّاف


المحقق: الدكتور حميد مجيد هدّو
الموضوع : الشعر والأدب
الناشر: العتبة الكاظميّة المقدّسة
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٤٣
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة
 &

مثل من شنّ علينا الحرب عدواناً وظلماً

ناقص بالقتل والتدمير جهلاً يتبختر

أظلم الوحش إذا شبّهته بالوحش وصفاً

مجرمٌ بالخبث حتّى الوحش منه يتذمّر

فمتى يقضى جنود الله والحقّ عليه

ومتى في مزبل التاريخ باللعنة يقبر

ومتى تسلم منه مدنٌ أضحت رسوماً

ومتى أرض العراق الطهر منه تتحرّر

أين أبناء العراق الصيد بل أين الغياري

أيغضّون وفي غابهم الثعلب يزأر

إنّني أخشى بذا ـ لا سمح الله تعالى ـ

أنه لم يبق من للثأر من صدّام يثأر

إنّني أعجب ممّن لا يرى التاريخ درساً

عظةٌ فيه وذكرى لبصيرٍ يتفكّر

كيف لا يردعه التاريخ والتفكير فيه

كيف لا يعتبر الماضي ولمّا يتذكّر

أين نمرود وفرعون وشدّاد وأين الـ

ـطاغي الفاشي « موسوليني » والنازيّ (هتلر)

أين هارون الزمن كبره عاث فساداً

ناشراً سلطته والكبريا في البحر والبر

أين قصر الخلد بل أين الغواني والأغاني

وليالي سكر عبّاسة في القصر وجعفر

سفهاً ظنّ بأنّ العمر والملك سيبقى

راح بالعمرو الملك شقياً يتعثّر

لا يدوم الظلم والطغيان في الدهر طويلاً

حكمة الله بهذا إنّه إن دام دمّر

سيدي يخسأ من حاول أن يطفىء نور الـ

له فيكم عن طريق القتل والسّمّ ويخسر

أنتم للكون نور ولمن والى حبور

ونعيمٌ وسرور بل وللظمآن كوثر

فهدي الدين هداكم ولوا الحقّ لواكم

ورضا الله رضاكم وبذا جدّك أخبر

خاب هارون ظنوناً إن تحدّاك جنوناً

وامتطى منه فنوناً ويباهيك ويفخر

قائلاً وهو يزور الطهر طه : يا بن عمّي

لم يكن عن اعتقادٍ بل بهذا يتكبر

فتصدّيت له لمّا علمت السوء منه

قائلاً : يا أبه يا خاتم الرسل المؤزّر

لم يرقه القول هذا ولذا أضمر سوءً

صدّر الأمر بإيداعك في السجن وآمر

٤٤١
 &

سرت من طيبة للبصرة محجوراً سجيناً

وإلى بغداد من سجنٍ إلى سجنٍ تسير

قاتل الله دعاة الملك ما أقساهم في

طلب الملك وإن ادى إلى الكفر وأسفر

يقتلون الأب والأبناء والإخوان طرّاً

لا يبالون بذي قربي وذي ودٍّ يعزّز

يقتلون الناس من غير حسابٍ أو كتابٍ

غير أنّ الذنب والجرم لهم بعداً يدبر

وإذا أنّبتهم قالوا لنا الملك عقيم

عقمت أصلابهم راحوا بذنبٍ ليس يغفر

لا إلى الشرق اتّجهنا لا إلى الغرب انحرفنا

قدماً نسري على خطّكم لا نتقهقر

سيدي أنتم أولوا الأمر وأهل البيت أنتم

وأولوا القربى وفي حبّكم المختار يؤجر

أنتم القادة والسادة والذادة عنّا

يوم لا ينفع مالٌ أو بنون تدفع الشر

نحن في الدنيا أذاقونا عذاب الهون مرّاً

لا لذنب غير أنّا بهواكم نتجاهر

فصبرنا وتحمّلنا لكي نبقى على الودّ

على الحبّ على النهج على العهد المقرّر

لازدياد القرب جاورناكم حبّاً وشوقاً

عنكم أبعدنا الأرجاس حقداً يتسعّر

وهو ما شقّ علينا وفقدنا الصبر فيه

سيدي رحماك أنقذ كلّ مظلومٍ مهجّر

سيدي يا باب حاجات الورى نبكيكم حزناً

بدموع من لظى الاكباد حرّي تتفجّر

أتقضيّ العمر في الأغلال من سجن لسجن

بين تعذيبٍ وتقريعٍ وشتمٍ يتكرّر

تلفظ الأنفاس مسموماً سجيناً في قيودٍ

وعلى الجسر ببغداد يرى نعشك من حر

وينادون عليه بنداء فيه خبثٌ

ليتني متّ ولا أسمع ما نادوا وأحضر

سيدي هاك دموعي لوعتي حزني شجوني

راجياً منك حضوراً عندما للحشر أنشر

أنا ذاك المخلص الثابت حبّي وولائي

لم أهادن خصمكم بل وعليه أتهوّر

أنا من كرّس عمراً ينشد الشعر مديحاً

ورثاء فيكم عن اعتقادٍ يتأثّر

كلّ ذاكِ تشفعوا لي يوم نشري يوم حشري

فذنوبي كبرت يا سيدي والله اكبر

٤٤٢
 &

ملحق بعدد من الشعراء الذين اختارهم المُراجع مع نبذة من سيرتهم

الشيخ كاظم آل نوح (١٣٠٢ هـ ـ ١٣٧٩ هـ)

هو الشيخ كاظم ابن الشيخ سلمان بن داود بن سلمان بن نوح من آل غريب الكعبي الكاظمي ، شاعر مشهور ، وخطيب مفوّه جريء ، ولد في الكاظمية ومات فيها ودفن في صحن الإمامين الكاظمين عليهما‌السلام ، ودرس على علمائهم وحصل على أكثر من إجازة منهم ، أشتهر بقوة الحافظة وفصاحة اللسان ، ورقى المنابر الحسينية في الكاظمية وبغداد وخارجهما ونال مكانة مرموقة بين خطباء المنبر الحسيني ، صدرت له ثلاثة دواوين شعرية في شتى فنون الشعر العربي * وله الكثير في مدائح ومراثي أهل البيت عليهم‌السلام ، وقال من قصيدة في مدح الإمامين الكاظمين ١ عليهما‌السلام :

اترع الكأس مُداماً عتيقاً

واسقني بعد صبوح غبوقا

ثم حرك وتر العود وأشدو

واملأن سمعي لحناً رقيقا

واقتطف من روض خدك وردا

وبه حيي المعنى المشوقا

حيني أن نقتطف جلّ ناراً

ولنعمان الخدود شقيقا

وأرق كاس الحميا واترع

لي من ثغرك عن تلك ريقا

إن من يرشف ريقك نهلاً

هو من سكرته لما يفيقا

أنا لا استاف عرفك الا

خلته مسكاً يضوع سحيقا

مور الردفين وارفق بخصر

ناحل واهزز قواماً رشيقا

وأمط عن صبح وجهك ليل

لشعر وابسم كي نراه طليقا

ثم ألثمن خداً صقيلاً

وشفاهاً قد فضحن العقيقا

____________

* هذه القصائد والأشعار هي من إضافات مراجع الكتاب ومن اختياراته.

(١) ديوان كاظم آل نوح : ج ٢ ص ٤٧٤.

٤٤٣
 &

أنا أرضى من وصالك ليلاً

بعد هجر شف جسمي طبيقا

فطريق الوصل في الليل سهل

لم تجد فيه رقيباً طروقا

زر ولا تخش رقيباً طروقاً

علنا للشوق نقضي حقوقا

فأبى الا الجفا والتنائي

وأبى وصل المعنى المشوقا

فهمى دمعي كغيث سفوح

وغدى في البين جسمي مشيقا

أيها الراكب يطوي الفيافي

جسرة هوجاء حرفاً رهوقا

أن نشم في الليل لامع برق

تسبق السهم وجيفاً مروقا

لبراها أجذب وللنسع احكم

ثم يهيه واحثثنها وسبقا

ولطور الكاظم الغيظ موسى

أمَّ أما شمت منه بريقا

ولجودي الجواد المفدى

وأتنشق تربهما لا الخلوقا

ثم تلقى الناس من كل فج

لهما تأتي فريقاً فريقا

لهما نقطع فجاً عميقاً

بالأماني ومكاناً سحيقا *

بهما نلجأ في كل خطب

بهما ندفع عنا العلوقا

بهما روض المكارم أضحى

نظرا للرائين أنيقا

فنن الآمال وهو يبيس

بهما أصبح غضا وريقا

بهما الحق تجلى وضوحاً

فضراً للرائدين أنيقا

بهما نستنزل الغيث اما

أمحل العام دلوحا وسيقا

ولسان الوحي قد راح يتلو

بهما الباطل أضحى زهوقا

ولنوح ولإدريس ظمت

أمحل العام دلوحاً وسيقا

ولسان الوحي قد راح يتلو

واعلموا من غيرمين طليقا

٤٤٤
 &

ولداود زبور وشيت

صحف الذكر كانت طبيقا

ولنوح ولإدريس ظمت

صحف قدما ثناء أنيقا

وكذا التوراة تروي مديحا

مثلما الإنجيل أضحى نطوقا

أنقذاني سيديّ فاني

رحت في بحر ذنوبي غريقا

وقال في رثاء الإمام موسى بن جعفر عليهما‌السلام عام ١٣٦٨ هـ : ١

أيبغم ظبي في فناء المحسّر

لخشف له خوف اقتناص مدبّر

وجؤذره المورد راح ميمماً

على مهل هل لي اقتناص لجؤذر

فيا قانصاً خشفاً غريراً وناصباً

حبالاً لماض للورود ومدبر

ترفق بخشف راح يبغم خائفاً

على نفسه من قانص متنكر

لك الخيرات أسراب الظباء كثيرة

فخذ كل ظبي خائف متعثر

فقال أرى سرب الظباء تمر بي

على عجل نحو الورود مبكر

إذا ورد الماء المعين رأيته

يعود إلى ظل لأشجار سُمّر

إذا جن ليل نام بعض وبعضهم

ليحرس من قد نام من فخ مصحر

فتبغم حراس لتوقظ من غفا

فتهرب من رعب دهى وتطير

أسرب الظبا مني إليك تحية

يخط لها في طرس حبي مزبري

لك الأمن فالقناص عاد بخيبة

ذرى خوف قناص لخشف الظبا ذرى

فيا سرب دعني ويك أن حشاشتي

صلت نار تذكار لموسى أبن جعفرِ

له الله للمهدي يحمل مرغماً

ويدخله ظلماً لسجن ويجتري

بشاهد في الرؤيا علياً يلومه

على حبس موسى كاظم الغيظ والسري

فتوقضه الرؤيا فيحضر سابع

لأئمة كهف الواله المتحير

____________

(١) ديوانه : ج ٢ ص ٣٤١.

٤٤٥
 &

يقول أيا بن العم أطلب منك أن

أتوا بعد موتي يا أبن طه وحيدر

فأعطاه عهداً ثم عاد ليثرب

وفي عصر هارون الخبيث المحقر

وقد زار بعد الحج يثرب واجترى

على أخذ موسى قاسياً غير مخبر

له الله أقضى عن مدينة جده

ويحبس عاماً عند عيسى أبن جعفر

وحول عن عيسى لبغداد راكباً

سفينة ظلام غشوم ومفتري

وأودع عند أبن الربيع بسجنه

وفي يحيى وابنه الفضل والسري

وفي سجنه عند أبن شاهك سمه

فيا ويله من ظالم متجبر

وقد دس سماً في ثلاثين رطبة

لموسى فويل المقدم المتكبر

مضت وهو في سجن من الحقب أربع

وجيء به نحو الشهود لمحضر

قضاة وأعيان دعوا كي يشاهدوا

أبا الحسن المسموم في رطب مري

وقال لهم وهو ابن شاهك انظروا

إليه صحيحاً وهو قول مزور

وقال لهم موسى اشهدوا أن قوله

صنيعة كذاب حقود ومفتري

سيصفر لوني ثم يحمر بعده

يبيض عند الموت لوني لمبصر

ولما قضى نحباً أتاه بن شاهك

بأربع حمالين كي يحملوا السري

وحط على جسر الرصافة نعشه

وجاءت أطباء لفحص مصور

وقد منع الناس العبور لفحصه

وقد سد في راد الضحى كل معبر

وشيع تشييعاً عظيماً لغسله

وانزل من بعد الصلاة بمقبر

ببقعة أرض وهي بين مقابر

لبعض رجال من قريش وحمير

لما قضى موسى علي أبنه الرضا

غدى ملجأ للتائه المتحير

أستر في عصر لهرون حقبة

فديت الرضا من خائف متستر

٤٤٦
 &

وفي زمن المأمون صار لعهده

ولياً وقد خط القرار بأسطر

ووقعه رسماً خليفة خليفة عصره

ألا وهو المأمون خط بمزبر

وزوجه بنتاً له وأعزه

وسك نقوداً باسمه بمقرر

وان بني العباس ضاقت صدورهم

فدست له سماً بعنقودها المري

وفي صفر في طوس قد مات حجة

الإله بسم دسه كف مجتري

وقال مؤرخاً يوم وفاة الإمام موسى بن جعفر عليه‌السلام : ١

موسى بن جعفر والرشيد به

من يثرب في السرّ لا العلن

وبسجن بصرة قد أقام وفي

بغداد قد قاسى من المحن

موكل فيه أبان له

تاريخه (أوحى أبو الحسن

١٨٣ هـ

طالب الحيدري (المتولد ١٣٤٦ هـ)

شاعر كاظمي فحل هو السيد طالب بن السيد هاشم الحيدري الحسني ، سخر شعره في أغراض دينية ووطنية واجتماعية وتربوية وتألق في جميعها إلا أنه في سنواته الأخيرة التزم في شعره مدح أهل البيت عليهم‌السلام وبيان منزلتهم عند الله تعالى وفي قلوب المؤمنين فهو بحق شاعر أهل البيت عليهم‌السلام وقد أصدر في السنوات الأخيرة عدداً من الدواوين أفصح فيها عن ولائه للأئمة الطاهرين عليهم‌السلام.

وأرخ ولادته الشيخ كاظم آل نوح رحمه‌الله في بيتين من الشعر :

يوم تولد طالب

ولذلكم يوم أعز

بسماء حيدر جدكم

أرخ (له بدر ظهر) ٢

١٣٤٦ هـ

____________

(١) ديوانه : ج ٣ ص ٦٨٩.

(٢) أنظر ديوان كاظم آل نوح ج ٢ : ص ٣٣٢.

٤٤٧
 &

وله قصيدة تحت عنوان (في رعاية الكاظمين) ١

كلما زرت روضة الكاظمين

ومسحت القبر بالمقلتين

وتوسلت بالإمامين لبى

ودعوتي الله بارئ الثقلين

من أتى قاصداً زيارة موسى

عاد من رحمة غريق اليدين

ولباب المراد من جاء يسعى

لم يخب وفاز في النشأتين

فيهما من محمد وعلي

كل حسنى والمجتبى والحسين

حبلهم أن تمسكت بعراه

أمة بشرت قريرة عين

بجواري نلت الكرامات حيا

بجواري نلت الكرامات حيا

ها هنا قد ولدت ثم أوارى

ها هنا قد ولدت ثم أوارى

وله في قصيدة أخرى بعنوان (السجن المسموم) ٢

جنازة رميت في جسر بغداد

كانت على قدر دام وميعاد

الكاظم الغيظ موسى مات مضطهدا

مشردا وقضى في سجن جلاد

أسمى وأرفع أهل الأرض منزلة

في عمق طامورة ما بين أصفاد

من عبد شمس أو العباس اغلمةٌ

أعرى من العار في أثواب عباد

صاروا خلائف شؤم مثل أزمنة

مشؤومة مثلهم ملعونة الزاد

من صير الله قوادا لأمتهم

الأمة انحرفت عنهم كقواد

تقحمت في سراها غير عابئة

بالانحراف عن المهدي والهادي

عاشت أسيرة ظلم لا حدود له

وألبست ذلها جلباب أمجاد

دعوا السيادة وانكبوا على قدح

من الشراب انكباب الضاميء الصادي

لذّ التذوق منه حين لوّنه

دم لأكرم رهبان وزهاد

____________

(١) ديوان من وحي آل الوحي ، الجزء الثالث (الباقيات الصالحات).

(٢) المرجع نفسه ص ١٤٣.

٤٤٨
 &

تأريخنا صفحات كلها كذب

الرائح الدس في التسطير والغادي

الطائعون لأمر الله ما أتبعوا

إلا أئمة حقٌ هم سنى الوادي

إلا بني الوحي من كانت سيادتهم

من السماء فكانوا خير أسياد

على الطريق سنمضي في محبتهم

إرث الجدود لأبناءٍ وأحفاد

جنازةٌ رُميتْ في الجسر تحملها

منا ملايين أجفانٍ وأكباد

في كلِّ عامٍ لها ذكرى نُجددها

ونلعن الظلمَ من هارون بغداد

ما كان منصورهم يوماً نصير هُدى

ولا رشيدهم صوتاً لإرشاد

كانوا طغاةً بغاةً في مخالبهم

دماءُ آل عليَّ زهرةِ النادي

لهم بقايا هم الظلُ المديدُ لهم

هجيرهُ يتلظى جمر أحقاد

حتى الدموعُ التي تنصبُ داميةً

حزناً تحرَّكُ عدوانية العادي

تستَّروا بنساء يزرعون دماً

ويفتكون بأطيار وأوراد

اللابسات لقتل الناس أحزمةً

كلٌّ تعيثُ كلصّ أو كصياد

ذووا البراءة لم تسلمْ مسيرتهم

اللؤم صبَ عليهم ضغنَ آباد

كأنما قام مرعوباً معاوية

من ألف حجرِ مراميه بمرصاد

وعاد للفتك أمثال بن قحطبة

وكل أسيافه من غير أغماد

سوح الجهاد ستبقى في دوائرها

تدور ممتدة من غير أبعاد

وسوف نبقى نحامي عن عقيدتنا

بأنفس نفتديها أو بأولاد

تمتد زيتونة التقوى وتشعلها

لكي تضيء دماء الناصر الفادي

لنا بآل علي أسوة وبنا

تجديد أمجد موت خير ميلاد

باب الحوائج شعري لحمة وسدى

نسيج فكر عصي غير معتاد

٤٤٩
 &

يسيل من كل عرق من عروق دمي

هوى وتسمو به صنّاجة الضاد

أبا الرضا من تراب أنت ساكنه

ولادتي ولهذا الأيك الشادي

أنا بن روضتك الزهراء أقصدها

فيرفع الله في الخيرات أعدادي

لاذ الجدود بها قلبي وها أنذا

من الربيع المندى الشدو والشادي

فرشت خدي في ذل ومسكنةٍ

لزائرين (لها حجوا) وقصاد

جبريل يخدم في أبياتكم وأنا

على جناحيه كالمصعوق في الوادي

رأيت والقلب مرآتي وباصرتي

في اللوح خافي اللطف والبادي

أنا ابنكم وأنا المولى الحفي بكم

لكم حياتي وإصداري وإيرادي

وله مقطوعة بعنوان (جنة تحتَ قبَّتين) نظمها في الإمامين موسى بن جعفر الكاظم ومحمد بن علي الجواد عليهما‌السلام عام ١٩٩٤ م ١.

عش ببغداد آمناً وتذَكَّرْ

أنَّ فيها ضريحَ موسى بن جعفرْ

وتمسكْ من الولاء بحبلٍ

لكَ فيهِ النجاةُ يومَ المحشرْ

كلما ضقت بالزمان وضاقت

بك دنياكَ كلما تتعثّرْ

زُرْ ضريحاً على الضراحِ تسامى

في ثراه روحا البتولِ وحيدرْ

ما قصدنا باب الجوادينِ إلا

وبلغنا كلَّ المرادِ وأكثر

للإمامين منْ سلالةِ طه

مفخرٌ ليسَ فوقَ علياهُ مفخرْ

الشهيدينِ في ملاحمِ مجدٍ

خضرة العزِ في النجيعِ الأحمرْ

طُهراً في الكتابِ من كلَّ رجسٍ

بل هما الآيُ والكتابُ المُطهَّرْ

كلما يُذكرانِ قامتْ صلاةٌ

وسلامٌ والخير بالخيرِ يُذكرْ

عفَّرِ الوجهَ بالترابِ المُندَّى

وامسَحِ الرأسَ فهو مسكٌ وعنبرْ

____________

(١) ديوان الشاعر طالب الحيدري (من وحي آل الوحي ج ٣ الباقيات الصالحات ص ٤٢.

٤٥٠
 &

جنةٌ تحتَ قبَّتين وروضٌ

من نعيمٍ وكوثرٌ أيُّ كوثرْ

سادتي كلُّ ما لديَّ شعورٌ

وهوىً صادقٌ وشوقٌ معطَّرْ

في حياءٍ جواهري تتهادى

عرَضٌ هُنَّ في حضيرةِ جوهرْ

صدّقوني : شعري خلاصةُ روحي

وبأعتابكم قرابين يُنحرْ

أنا كلي لكم هتافٌ ونجوى

ويراعٌ وسفرُ مدح ٍ ومنبرْ

وعلى حبكم أموتُ وأحيا

وعلى بغضِ مبغضيكم سأُحشرْ

قد حملتُ اللواءَ والعُمرُ غضٌ

ومعي حينما سأنشر يُنشَرْ

وإلى القبرِ سوفَ أحمِلُ حبي

وألاقي به نكيراً ومُنكرْ

كلٌّ ذنبٍ بحبكم وهواكم

كلُّ ذنبِ مهما تعاظم يُغفرْ

وله مقطوعة بعنوان : (نزلنا في جوارهما) قالها بعد زيارة للإمامين الجوادين عليهما‌السلام عام ١٩٩٧ م ١.

بموسى قد قصدتك والجواد

وحقي أن تُحّققَ لي مرادي

أتيتُك والهوى يحدو ركابي

ولائي شافعي والحبُّ زادي

قستْ دنيايَ لم ترحم يداها

فسددَّت السهامَ إلى فؤادي

وها أنا من بنيها بينَ غدرٍ

وتنكيل وظلم واضطهادِ

يسيئونَ الفعالَ ولا أُبالي

وأصفح عنهمُ وهمُ الأعادي

على نهج الأئمة قد مضينا

سحاباً ننهمي في كل وادِ

وسرنا نزرعُ الأيامَ حُباً

ونشبعُ كل جوعانٍ وصادِ

وعُدنا بالجراحِ وبالضحايا

وقد نادى إلى الزحف المنادي

لنا ولمن سيأتي من بنينا

ومن أحفادنا سوحُ الجهادِ

____________

(١) الديوان نفسه : ص ٤٥.

٤٥١
 &

نزلنا في جوارِ ابني عليٍ

وفاطمةٍ حللنا خيرَ نادِ

فأنزلْ ما تُنير به الدياجي

وفي يدِكَ العطايا والأيادي

علينا أيّها المحبوب أقبِلْ

ولا تُعرضْ بـ (موسى) و (الجوادِ)

أقلْ عثراتنا وأنر دُجانا

وجنّينا الأعادي والعوادي

وله مقطوعة أخرى بعنوان (ولايتهم فرض) قالها بعد زيارة للإمامين موسى بن جعفر ومحمد بن علي الجواد عليهما‌السلام ، نظمها عام ١٩٩٧ م ١

أتيتكما سعياً على الرأسِ قاصداً

إلى الله تحدوني المودةُ في القربى

لأطلبَ من بابِ الحوائج حاجتي

ومنْ طلبَ الحاجات منه فقد لبَّى

وأسائلُ من بابِ المراد وجدهِ

مرادي ومنْ وافاهما وجدَ السحبا

أعيشُ وودي للنبيّ وآلهِ

شعاري وأقضي تحتَ رايته النحبا

ومنْ لم يعشْ حباً لآلِ محمدِ

ـ فقد خاب إنسانا ـ ومنْ لمْ يمتْ حباً

ولايتُهم فرضٌ على كل مؤمنِ

بها شرفُ الدنيا وعافيةُ العقبى

أعودُ وفي نفسي القناعة والرضا

بأني قد أرضيتُ بالطاعة الربَّا

وله مقطوعة أخرى (وعفّرنا الجباه) ٢ نظمها في الإمامين الجوادين عليهما‌السلام عام ١٩٩٧ م.

نزلنا في جواركما ففُزنا

وفي حرميكما تُحمى الذمامُ

إذا الأيام ضامتنا قصدنا

ضريحينِ ارتوى بهما الغمامُ

أجاب الله من بكما دعاهُ

رعته منه عينٌ لا تنامُ

____________

(١) ديوان الشاعر : الباقيات الصالحات : ج ٣ ص ٤٤.

(٢) ديوان الشاعر : ج ٣ ص ٤٦ (الباقيات الصالحات).

٤٥٢
 &

إلى قبريكما حين انتهينا

تغشانا من الله السلامُ

وطُفنا نستجيرُ هنا إمامٌ

يلوذُ به الورى وهنا إمامُ

وعفَّرنا الجباهَ كأنْ مسكاً

من الجناتِ ينفحهُ الرغامُ

قضى اللهُ الحوائجَ كلُ ساعٍ

إليكم لا يُردُ ولا يُضامُ

وأعطانا المرادَ وهل كريمٌ

يُخيَّبُ منْ له شفعَ الكِرامُ

أقرَّ اللهُ أعيننا وأغنى

مغانينا وطابَ لنا المقامُ

وفي هذا الترابِ وقد تزكَّى

بكم نثوي فذا البلدُ الحرامُ

سكرنا والولاءُ دُنياً وأخرىً

وذُبنا واللهيبُ هو الهيامُ

إليكم أمرُنا دنيا وأخرى

يشد العروة الوثقى الغرامُ

الشيخ عبد الحسين أسد الله (١٢٨٣ هـ ـ ١٣٣٦ هـ) :

هو الشيخ عبد الحسين ابن الشيخ محمد تقي ابن الشيخ حسن ابن الشيخ أسد الله الكاظمي ، ولد في النجف الأشرف وعاش فيما بعد فيها وهو ينحدر من أسرة علمية كاظمية ، كان فقيها وشاعراً.

وله في الإمامين الكاظمين عليهما‌السلام مشطراً : ١

(لُذْ إنْ دهتك الرزايا)

بمن توليت تُسعدْ

أترتجي الدهر يوماً

(والدهر عيشك نكَّدْ)

(بكاظم الغيظ موسى)

فإنه خير مقصد

فلذ به مُستجيراً

(وبالجواد محمدْ)

____________

(١) شعراء كاظميون : ج ١ ص ٢٤٨ ـ ٢٥٠.

٤٥٣
 &

وله فيهما أيضاً :

قل لمن ساق للجوادين ركباً

وأتى موئل الحمى بغداد

أن تسلني بمن ترى مستجيراً

فبموسى بن جعفر والجواد

ولهُ مشطرا قصيدة الشيخ محمد السماوي في مدح الإمامين الكاظمين عليهما‌السلام ، وفي الأصل والتشطير التزام ما لا يلزم :

(أطلع الوجهَ وجَلّ الكؤوسا)

وبكأس الراح حيّ الجليسا

آية البدرين جلَّ اقتراناً

(لنرى بدر السما والشموسا)

(وتفوّح بالتنفس عطراً)

حبذا رياك عطراً نفيسا

مس بأعطافك واثن قواماً

(وترنح بالتثني عروسا)

(ثم قل يا شفتي خير صب)

من لمى ثغري ارشفا خندريسا

لا تعضا ورد خدي ولكن

(ألقيا في الخد نعمى وبوسا)

(قد حمى خدك لحظ فممّا)

تختشي الطرف بلحظ خليسا

رد نبوا صارم اللحظ لما

(أفرغ الصدغ عليه لبوسا)

(وعلى متنيك ناست قلوب)

ملك الناس حباها أنيسا

أسود الجعد سباها انسياباً

(فمرُ القرطين أن لا ينوسا)

(عدلت ميزان رد فيك لو لم)

يك في القسطاس جور دسيسا

أترى الخصر شكا الجور لو لم

(تجب للخصر المعنى مكوسا)

(وبهاتيك الثنايا أقامت)

دعد طلاع الثنايا خميسا

نشب الحب حشاها فشبت

(ناشبات الحب حرباً ضروساً)

(زادك العارض فينا انبساطاً)

فتركت الهام تهتز ميسا

ولد كنت شموساً ولكن

(ربما راض لجام شموسا)

٤٥٤
 &

(فتجاسرنا على روض حسن)

لم يكن في أرجل السيد ديسا

كلما جاس خليل خلالاً

(منع الرائد من أن يجوسا)

(وبسسنا النفس باللهو حتى)

خشيت تلقى العذاب البئيسا

وهي لما نبض لمياء جست

(حذرت من أن تكون البسوسا)

(فاستظلت طور موسى وجوديْـ)

ياً نحاه فلك نوح جليسا

طور موسى كاظم الغيظ وجود

(يَّ الجواد بن علي بن موسى)

(الإمامان اللذان المعنى)

بالعنا لم يشعراه مسيسا

الطبيبان هما كل داء

(بهما يبرء والجرح يوسى)

(ملآ أفق المعالي سعوداً)

فقضى السعد له أن يريسا

سمكا للسعد منها سماءً

(وأزالا عن سماها النحوسا)

(وأعادا دهرنا بابتسامٍ)

فانثنى يضحك بشراً سجيسا

باسم الثغر محياه طلق

(ولقد كنا نراه العبوسا)

(أطلقا الأيدي بعقد الأماني)

وبه حلّا فؤاداً حبيسا

ولقلبي استأصلا كل عرق

(حين حلّا بالعراق الحبوسا)

(وأحالاه حضيرة قدس)

بضراح جلَّ عن أن أقيسا

بل هو الفردوس الأعلى مقاماً

(عند ما قد تخذاه رموسا)

(فترى قبريهما للبرايا)

كعبة يزجي لها الركب عيسا

أمها اللاجئون من كل فجٍ

(ملجأ قامت عليه جلوسا)

(طأطأوا الرؤوس لديه ولكن)

رفع الرحمن تلك الرؤوسا

(من علي في محل عليّ)

ما ارتقى سمكاً له الروح عيسى

٤٥٥
 &

فهو كالشمس استمدت شعاعاً

(تنثني عنه اللواحظ شوسا)

فهما وهو شعاع وشمس

(إنا لا أستطيع أرقى الشموسا)

(قد أتى فرقان احمد يتلو)

(هل أتى) و (النجم) مدحاً نفيسا

ولكم قد جاء في الصحف يتلى

(لهما المدح علينا دروسا)

(وجلا إنجيل عيسى ثناءاً)

قد ثنى للدر رأساً نكيسا

تلي الإنجيل بالذكر مدحاً

(لهما من بعد توراة موسى)

(أهرق الكأس نديمي وأمل)

نباءً فيهم رسالا رسيسا

كم حديث في علاهم سقاني

(من معالي سيديَّ الكؤوسا)

(وأدرها ناصعات فاني)

أضرم الحب فؤادي وطيسا

واروِ لي المدح مسوساً فاني

(لا أريد الماء إلا مسوسا)

(مدحاً بيضت فيها طروسي)

مثل ما بيضت وجهاً رغيسا

وبها سودت وجه حسودٍ

(لا كمن سود فيها الطروسا)

(ربما يعرض حب وحبي)

جوهر قام بقلبي رسيما

رب مدح كان شكوى ومدحي

(لهما قد كان خيماً وسوسا)

(لي نفس قد ثناها هواهم)

لا ترى إلا ثناهم أنيسا

أو للنفس شموس فأنّى

(والهوى يثني إليه النفوسا)

٤٥٦
 &

الشيخ عبد الرضا المقري (المتوفى ١١٣٦ هـ)

هو الشيخ عبد الرضا بن أحمد بن خليفة المقرئ الكاظمي ، كان أديباً شاعراً ومن أفذاذ الشعراء في القرن الثاني عشر الهجري ، كثير الشعر في الأئمة الأطهار عليهم‌السلام. وقال يمدح الإمام موسى بن جعفر عليهما‌السلام ١ :

قم إلى الخمر أيُّهذا الساقي

وأدرها صرفا على العشّاق

هي نور لكن بغامض سري

وهي نار لكن بغير احتراق

نارُ خديه أحرقت عنبر الخا

ل وأصلت جوانح العشاقِ

كم قتيل بسيف لحظيه عمدا

وأسير منها بلا إطلاقِ

هو نجم الإسلام بل بدره الوضّا

حُ بل شمسه لدى الإشراقِ

شمس فضل من نوره أشرق الأف

ـقِ فلاح الفلاحُ في الآفاقِ

جده أحمد النبيّ الذي شرّ

فَ بالارتقاء ظهر البراقِ

وأبوه الوصي من أظهر الأيمان

حتى أخفى رسوم النفاقِ

قد تحلّى الإسلام منه بعقد

كتحلي الأعناق بالأطواقِ

يا أجلّ الورى بخلقٍ وخلقٍ

وحبيب المهيمن الخلّاقِ

أنت غوث الزمان أنت يد الرّح

من أنت الوفي بالميثاقِ

قمت في منبر المعالي خطيبا

بمعاني مكارم الأخلاقِ

وتقدمت شافعا للخطايا

يوم تلتف فيه ساق بساقٍ

فبعقدي ولّاك خذ بيدي في البـ

ـعثِ عطفا وحلّ شدّ وثاقي

ومن الحوض فاسقني كأس ريّ

فسِواكم عليه لم يكُ ساقي

و (رضا) أبن (المقرئ أحمد) يرجو

أن تقروا عينيه يوم التلاقي

____________

(١) شعراء الكاظميون : الشيخ محمد حسن آل ياسين : ج ١ ص ٨٩.

٤٥٧
 &

علي الحيدري (المتولد ١٣٥٥ هـ / ١٩٣٦ م) ١

هو الأستاذ المؤرخ والشاعر المبدع السيد علي عبد الأمير الحيدري ، شاعر معاصر جزل الألفاظ غزير النظم ، يخطو خطى الأقدمين في بناء القصيدة تميز بالإلقاء الجيد ، وجمع ديواناً كاملاً في أهل البيت عليهم‌السلام فهو بحق يعدّ شاعر أهل البيت عليهم‌السلام ، كما إنه نشر أربعة دواوين أخرى في أغراض مختلفة وله مؤلفات مهمة في التاريخ منها : موسوعة الغراف التي صدر الجزء الأول منها والباقي منها تسعة أجزاء.

قال في الإمامِ الكاظم عليه‌السلام قصيدة بعنوان يا دارة الفلك الدّوارِ :

سُموُ معناكَ بَذَّ الفِكَر والقلَما

وكُنهُ ذاتك أعيا مَنْ بهِ عَلِما

سِرٌّ منَ الله لا يرقى لِمدحَتِهِ

إلا مُوالٍ رعاهُ الله بَلْ رحَمِا

وكيفَ بَسمو لِذاتِ صاغ جوهرها

مِنْ لُطفهِ مَنْ تعالى لُطفهُ وسما

بورِكتَ مِنْ صوِت حقٍ يستجيرُ بهِ

مَنْ مسّهُ الضَّيمُ أمْ مَنْ حقُهُ هُضما

بإدارة الفَلَك الدّوارِ يا قبساً

مِنْ رَحمةِ الله يجلو الكربّ والغُمما

يا سابعَ الغُرَّيا ابن الطاهرينَ ومنْ

حلَّ الكتابُ وفي أبياتِهمْ خُتِما

بابَ الحوائج بلْ بابَ الفضائِلِ بَلْ

نورّ الإله الذي تجلو بهِ الظُلُما

ما حلَّ روضتَكَ المِعطاءِ مُعتصمٌ

وأرخصَ الدمعَ فيها واشتكى سَقما

إلا ونالَ الذي يبغي بساحتِها

وعادَ يَقطفُ ما في جنيهِ حَلُما

وليسَ ذا ببعيدٍ عَنْ إمام هُدىً

مِنْ دَرِ دارَةِ ساداتِ الورَى فُطما

حطَّ الرِحالَ بها جبريلُ يُرفدُها

مِنْ بارئ الخَلقِ ما يُحييْ به الرَّمما

قالوا تعلقتَ في حُبّ الكَظيم وفي

ولاءِ آبائهِ تستنهِضُ الهِمما

____________

(١) وقد أرخ ولادته الشاعر المرحوم الشيخ صالح قفطان بأبيات آخرها : فلذاك أجاد مؤرخه (الدين عليّ مظهره) ١٣٥٥ هـ.

٤٥٨
 &

أجبتُ حُبُّ بنيْ الزهراءِ تيمَّنيْ

حتى استحالَ ولاهم بالحشا ضرما

رَضعتهُ وأنا بالمَهدِ تُنشِدُهُ

أميْ فصارَ لروحي بَلسماً وحمى

إذا عثرتُ بمشي أو لقيتُ أذىً

بحيدرٍ وبنيه أتقيْ الألما

وإن صدا قلبيّ المضنى قصدتُ لهُمْ

ووالدي ، عُدتُ لا أشكو جَوىً وظما

ما الشَّهدُ ما الشَّعرُ ما الدُنيا وزينتُها

إزاءَ حبّ بنيْ مُختارها العُظما ؟

هُمْ راحتيْ بَلْ هُمُ شِعريْ وقافيتيْ

إذا شَدوتُ بسحرٍ يُسحرُ القلما

قيثارةُ الشّعرِ لا تشدو لغيرهمُ

وإن شَدَتْ ما استسغت الشَّعرَ والنغما

يا والدَ الخمسةِ الأطهارِ مَنْ شَهِدَتْ

لهُ البريّةُ فيما قالَ أو حكَما

رأيتَ هارونَ مغرورا بِمملكةٍ

لا يَعرفُ العَدلَ بلْ لا يحفظُ الذمما

فَرُحتَ تُهديهِ للدربِ القويمِ فَلمْ

يسمعْ نِداءً ولم يرعى لكم رِحَما

فقلتُ يا رَبُّ هيّأ ليْ وخُذْ بيديْ

إلى مكانٍ به يدعوكَ منْ ظُلِما

حتى إذا صارّ سِجنُ الظالمينَ لَكُمْ

مأوىً شكرت عطايا أكرمَ الكرما

فما شَكوتَ لهُ همّاً ولا دَمَعتْ

عيناكَ إلا ليوم هوله عَظُما

تقولُ يا محُسِنُ جاءَ المُسيءُ لكُم

فارحمْ وهلْ مثلُ ربي يرحمُ الأُمما ؟

فكنت مِصباحَ ذاك السّجنُ توهِبُهُ

مِنَ التُقى والنقى ما حيّر الحُكما

ما كنت تطمعُ في مُلك ولا بِيعٍ

بلْ كُنتَ حقاً إماماً يَنشرُ القيما

مرّتْ عليَّ شُجونٌ لا عِدادَ لها

تُنكيْ الجِراحَ وخصمي صار لي حَكما

فجِئتُ قبرك في ذُلًّ أرددها

جدَّ الجوادِ أغثني صبري أنهدما

بِها بَسطتُ على شُباكِكُم كَبِداً

حرّى ودمع عيونٍ من حشايَ هما

واللهُ يعلمُ في ضُريْ ومسكنتيْ

أن ليس ليْ ملجأٌ من بعدِكُمْ وحِمى

٤٥٩
 &

فما مَضتْ ليلتيْ إلا مددت يداً

إليَّ تَطردُ عني الهمَّ والوَهما

تقولُ يا عارِفاً حقي كفى حزناً

أتيتُ أُبعدُ عنك الظلمُ والظُلما

بَلغتَ سؤلكَ رُغم الجاحدينَ لنا

وكُلُّ كربٍ تولى عنك وانهزما

ورحتَ تَمسحُ في كفً مباركَةٍ

دمعاً جرى من عيونٍ حاكتِ الدّيما

فعُدتُ والأَملُ المنشودُ عادَ إلى

بيتيْ بقلب موالٍ يشكرُ النّعما

وما تحدثتُ في الرؤيا إلى أحدٍ

وصُنتُها بفؤادٍ طالما كتما

تِلكُمُ فضائلُ موسى لا يحسُّ بها

غيرُ أمريءٍ في ذُرى عليائهِ اعتصما

(يا صَدر) ١ أُمِتنا الحانيْ على بَلَدٍ

عَدَتْ عليه أيادٍ أَمطرَتْ حِمما

سَلِمتَ للوطنِ المظلومِ تُرشدُهُ

إلى النُهى والتآخي رافعاً عَلَما

وَسِر كما سارَ (إسماعيلُ) ٢ مقتدياً

بالصالحينَ ليرقى شَعبُنا القِمما

تحمي عرينك آسادٌ علتْ هِمَماً

وخابَ مُستأسدٌ لا يَعرفُ الشيما

ووردت في ديوان البحور الزاخرة ٣ :

يا أخت بغداد هل ظل بمغناك

به أعيد الصبا للخافق الشاكي

وهل تعود ليال طالما طربت

لها المسامع واستمرى بها الشاكي

أتاك والوجد يدمي كل جارحة

منه بمدية أفاك وسفاك

صديان والنار تسري في جوانحه

وفي الهوى رغم ما يلقاه ناداك

يا دارة الفضل يا ريا الجنان ومن

صحّيت من ربوع الشوق صحّاك

خذي حياتي خذي سمعي خذي بصري

وهات لي نفحة من طيب ريّاك

مهلاً فلي كبد حرى مقرحةٍ

رفت رفيف جناح الطائر الباكي

____________

(١) هو سماحة المرجع الديني آية الله الفقيه السيد حسين السيد إسماعيل الصدر دام‌ظله.

(٢) هو سماحة المرجع الديني آية الله السيد إسماعيل السيد حيدر الصدر قدس‌سره.

(٣) ديوانه : البحور الزاخرة في مدح العترة الطاهرة ج ٤ ص ٩٠.

٤٦٠