الإمام الكاظم وذراريه

إسماعيل الحاج عبدالرحيم الخفّاف

الإمام الكاظم وذراريه

المؤلف:

إسماعيل الحاج عبدالرحيم الخفّاف


المحقق: الدكتور حميد مجيد هدّو
الموضوع : الشعر والأدب
الناشر: العتبة الكاظميّة المقدّسة
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٤٣
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة
 &

وأتته بدرهم شفعته

بعد جهد من غزلها برواءِ

حين وافت شطيطة وهي تدعو

ليس في دين ربّنا من حياءِ

ثمّ أوصوه .. من أجاب عليها

دون كسر الأختام في الابتداءِ

فهو بعد الإِمام جعفر هادٍ

وإمام من صفوة الأزكياءِ

فاختبره وافتح ثلاثة كتب

تجد الحقّ ظاهراً بجلاءِ

وأتى طيبة فأصبر عبد الـ

ـلّه خلواً من حلية العلماءِ

فغدا حائراً بمسجد طه

وإذا بالرّسول عند الفِناءِ

باب موسى باب الحوائج فادخل

فيه واسلك بمنهج الاهتداءِ

وإذا بالامام أوحى إليه

قد أجبناك قبل وقت اللّقاءِ

ففي متنها صحيفة فرآها

أيّ حكم لسارق في القضاءِ

قطع الرّأس من جنازة ميت

بعد أخذ الأكفان بالاعتداءِ

يقطع السّارق اللّئيم وتعطى

دية الرّأس عند وقت العطاءِ

مئة كالجنين من دون روح

بعد إسقاطه من الأحشاء

وباُخرى عن نذر عتق القدامى

من مماليكه وعتق الإِمام

قال .. من كان ملكه لشهور

ستّة معتق بغير مراءِ

حيث إنّ العرجون يمسي قديماً

بعدها عند صحّة الإِحصاءِ

وباُخری عن التّصدّق حلفاً

بكثير الأموال للفقراءِ

قال .. يعطى الفقير منها رباعاً

وثمانين عند وقت الوفاءِ

حيث كانت مواطن النّصر غرّاً

مثل هذا لخاتم الأنبياءِ

وأبان المقدار ممّا لديه

من نقود البيضاء والصّفراءِ

٤٢١
 &

وأعاد الأموال بعد ارتداد

من ذويها لطغمة الأشقياءِ

قال قد ارسلت شطيطة فيها

درهماً من نتاج كف العفاءِ

حيث لا يستحي الإِله من الحقّ

وأبقاه عنده باصطفاءِ

وحباها بصرّة كان فيها

أربعون من فيض خير حباءِ

قال بلّغ أسنى سلامي إليها

بعد إعلامها بأمر القضاءِ

يا أبا جعفرٍ وسوف تراني

عند تجهيزها بغير خفاءِ

قال .. يوماً عليّ في الحج كنّا

فأصاب الحجيج شرّ بلاءِ

فيه أفنى الحمام خلقاً كثيراً

من بلايا صواعق للفناءِ

فأتيت الإِمام موسى فاوحى

قبل فتح الحديث في الابتداءِ

إنّ دفن المصعوق بعد ثلاث

سنّة في الشّريعة الغّراءِ

قلت تعني قد مات في القبر قوم

عند تعجيل دفنهم في العفاءِ

قال .. أعني هذا فخلق كثير

فيه ماتوا وهم من الأحياءِ

قال .. عيسى .. أتيت أسأل عمّا

كان عندي من صادق الاُمناءِ

قال .. فاذهب لكاظم الغيظ واسأل

منه عمّا تريد من أشياءِ

فأتيت الإِمام موسى فأوحى

لي قبل السّؤال عند اللّقاءِ

الزم الأنبياء عهداً فقاموا

فيه بعد التزامهم بالوفاءِ

وأعاد الأيمان قوماً فعادوا

بعد سلب الأيمان كالجهلاءِ

ومن الكافرين هذا أبو الخـ

ـطّاب بعد الأيمان والاهتداءِ

قلت ذرّية يشابه بعض

بعضها من سلالة الأنبياءِ

كرامات ومعجزات الإِمام الكاظم موسى بن جعفر عليهما‌السلام :

٤٢٢
 &

قد تجلّى من نور موسى علينا

في كتاب الأنوار خير ضياء

قال أهدى الرّشيد يوماً إليه

أمة ذات طلعة حسناء

تتحرّى أخباره من قريب

فهي عين كسائر الرّقباء

قال .. لا أتبقي وصيفاً فأنتم

بهداياكم افرحوا بهناء

قال .. هارون حين وافى إليه

إنّ موسى قد ردّها بجفاء

ما حبسناه أو خدمناه طوعاً

فهي تبقى كرهاً بلا إرضاءِ

فتجافى عَنها فنادته هل لي

منك في خدمة بأشجى نداءِ

قال .. إني بليت في السّجن بلوى

بك من دون سائر السّجناءِ

كلّ آن وأنت تخرج منه

من وراء الأبواب والرّقباءِ

لو توخّيت بالخروج هروباً

لاسترضا من كلّ هذا العناءِ

قال .. إنّي أمضي وإنّي منكم

سوف ألقى كرامة الشّهداءِ

وأعاد الإِمام للسّجن قسراً

رازحاً بالقيود كالاُسراءِ

وحديث السّبع الّذي قد تدانى

منه عند الصّحراء وقت الغناءِ

قد أتاه مهمهماً مستغيثاً

وتولّى مزوّداً بالدّعاءِ

قال .. هذا ذو لبوة قد اُغيثت

بعد عسر الجنين في الأحشاءِ

حينما قد سألت ربّي ففازت

بعد يأس أصابها بالرّجاءِ

ودعا لي أن لا يسلّط منهم

أسد كاسر على الأولياءِ

حين بشّرته بأن قد حباها

ذكراً منه كامل الاستواءِ

وشقيق البلخي أنبأ عنه

بحديث من أشهر الأنباءِ

قال .. أبصرت في الطّريق بقيد

رجلا من أعاظم الصّلحاءِ

٤٢٣
 &

يضع الرّمل في الإِناء ويحسو

بعد ملء الإِناء ما في الإِناء

فتبقّيت معجباً وسقاني

منه حين استقيته بالرّواءِ

فإِذا فيه سُكّر وسويق

وهو أحلى ريّاً وأشهى غذاءِ

وعيون الأخبار عنه حبانا

بحديث قد كان خير حباءِ

قال .. أوحي إلى المسيّب أنّي

ذاهب للمدينة الغرّاءِ

للإِمام الرّضا لأعهد عهدي

وهو بعدي من خيرة الأوصياءِ

قلت .. تمضي وأنت في السّجن ملقىً

من وراءِ الأقفال والرّقباءِ

قال .. ضعف اليقين حاشاك منه

في بني المصطفى وربّ السّماءِ

وتوارى عنّي وعاد إليه

وأنا قائم بظلّ الفناءِ

فشكرت الباري على ما حباني

من ولاءِ لصفوة الأولياءِ

قال .. إنّي أموت بعد ثلاث

وعليّ مولاك من أبنائي

قال .. إنّي أبصرت قوماً أحاطوا

حول قصري من سائر الأنحاء

أمسكوا بالأكفّ منهم حراباً

غرّزوها على أساس البناءِ

وهُم يهتفون إن موسى

منه سوء في ساعة الالتقاءِ

نخسف القصر بالحراب ونودي

كلّ من فيه في مهاوي الفناءِ

فتراجعت مثلما قد تراني

مكرهاً عنه خيفة الابتلاءِ

وفاة الإِمام الكاظم موسى بن جعفر عليهما‌السلام :

لكليم الأحشاء موسى بكائي

وهو روح من خاتم الأنبياءِ

قد تداعى من الهدى فيه ركن

فتداعى للدّين أسمى بناءِ

وتوارى نجم الإِمامة خسفاً

فتوارى للحقّ أسنى ضياءِ

٤٢٤
 &

يوم طالت يسرى التّباب فلفّت

من يمين الكتاب خير لواءِ

وتمادى هارون في ظلم موسى

وتعدّى بالبغي والاعتداءِ

فأسرّ النّجوى ضلالاً ليحيى

وهو ينوي كيداً بظلّ الخفاءِ

قال .. جئني من نسل آل عليّ

بفتىً مملق من الضّعفاءِ

يتحرّى أخبار موسى ويفضي

لي فيها كسائر الرّقباءِ

قال .. هذا محمّد بعد زيغ

كان فيه عن منهج الاستواءِ

وهو ما تبتغيه فاكتب إليه

سوف يرمي بالغدر قلب الوفاءِ

قأتى عمّه وقد كان ينوي

سفراً عاجلاً بغير ارعواءِ

قال .. يا عمّ أوصني قال جبني

واتق الله خشية من دمائي

فسعى للرّشيد وهو خؤون

حين وافى بسيّد الاُمناءِ

قال .. هذا موسى له المال يُجبى

من جميع الآفاق والأنحاءِ

وهو يدعو لنفسه دون هار

ون محاطاً بالشّيعة الأولياءِ

ما علمنا خليفة غير موسى

قبل مرأى خليفة الزّوراء

حينما مات دبحة في خلاءِ

اُسقطت منه سائر الأمعاء

ومضى في الحديث عمّا تسامت

من مزايا علاه للانتهاءِ

كرم الإمام وجوده عليه‌السلام :

وأتى سائل إليه فاوحى

من تراه الجواد دون خفاءِ

قال .. انّ الجواد في الخلق حقّاً

من يؤدّي الفروض خير أداءِ

والبخيل الّذي تأخّر جهلاً

عن أداءِ الفرائض الغرّاء

وهو في خالق الخلائق وصف

مستقرّ في المنع أو في العطاءِ

٤٢٥
 &

حيث ما ليس للخلائق يعطي

حين يعطيهُم بخير سخاءِ

مثلما ليس للخلائق عنهم

ساعة المنع ينزوي بغطاءِ

صرار الإِمام موسى بن جعفر عليهما‌السلام :

صرار الإِمام موسى وكانت

بسخاء تجري على الفقراءِ

ومن النّاس كان يضرب فيها

مثل في السّخاء للأسخياءِ

وإذا ما أتاه عن أيّ شخص

مفرط في العدا من الجهلاءِ

كلّما يكره الإِمام حباه

صرّة في الخفا بخير حباءِ

وهي كانت صغرى ووسطى وكبرى

من دنانير جوده الصّفراءِ

مائة واثنين في الابتداءِ

ثمّ يأتي ثلاثة بانتهاء

ولقد قيل كيف للفقر يشكو

من أتته صراره بالخفاءِ

مجالسته الفقراءِ عليه‌السلام :

ودنا طرفه لشخصٍ ذميم

من سواد الورى من الضّعفاءِ

فأتى نحوه وأضحى جليساً

وأنيساً له بخير لقاءِ

قائلاً إن تكن لنفسك تبدو

حاجة فائتني بها للقضاءِ

ولقد قال بعض من قد رآه

معه جالساً بغير ارعواءِ

إنّ هذا أولى بما جئت فيه

وهو يرنو له بعين ازدراءِ

قال ماذا يضرّني وهو مثلي

من عبيد الباري بحدّ سواءِ

وأخ في كتابه وهو جار

لي في أرضه بذي الغبراءِ

ولقد ضمّنا بخير اجتماع

آدم وهو أكرم الآباءِ

وأجلّ الأديان في الأرض طرّاً

وهو دين الإِسلام والحنفاءِ

٤٢٦
 &

وعسى دهره يعود عليه

ثمّ نحتاجه بغير غناءِ

فيرانا من بعد زهوٍ عليه

عنده خاشعين دون اعتلاءِ

نصل النّاس كلّهم نحن خوفاً

أن نبقّي يوماً بلا أصدقاءِ

وحبانا المفيد في خير نصّ

مستفيض فيه بخير حباءِ

قال في خوفه من الله تقوىً

وانقطاعاً منه لربّ القضاءِ

كان يبكي خوفاً فتخضلّ منه

لحية الفضل في دموع البكاءِ

وهو يبكي من بعد حزن عليه

يتجلّى من خيفة واختشاءِ

حين يتلو القرآن وهو يبكي

سامعيه من رحمة ورثاءِ

حديث عيسى القرضي

قال عيسى .. زرعت قرعاً وبطّـ

ـيخاً بأرضي وأحسن القثّاء

وهو من بعد نضجه حلّ فيه

من وباءِ الجراد شرّ فناءِ

فتبقّت يداي صفراً خليّاً

من زروع وعدّت دون غناءِ

وإذا بالإِمام موسى تجلّى

مشرق الوجه في أتمّ بهاءِ

قال لي كيف أنت بعد سلام

وتحايا منه بخير لقاءِ

قلت .. أصبحت كالغريم وأضحى

كلّ زرع زرعته كالغثاءِ

بعد أكل الجراد زرعي فأضحى

أملي خائباً وأكدى رجائي

قال ... كم ذا غرمت من نفقات الـ

ـزّرع فيها بساعة الابتداءِ

قلت بعد العشرين دينار فيها

مائة قد دفعت للانتهاء

قد روى لي أبي حديثاً شريفاً

مستفيضاً عن خاتم الأنبياء

إنّ من باع ضيعة خاب ولكن

مشتريها يحظى بخير رخاءِ

٤٢٧
 &

وأياها هديّة من يديه

بعد إصراره أشدّ الإِباءِ

واشتراها بألف دينار منه

هي والعبد ساعة الالتقاءِ

وحباها للعبد من بعد عتق

جاء فيه له بخير حباءِ

صدقاته عليه‌السلام :

ويداه تفيض منها وتجري

صدقات كثر على الفقراءِ

فهو عند الدّجى يطوف حنافاً

في بيوت المدينة الغرّاءِ

يحمل العين واللّجين إليهم

وسوى هذه بظلّ الخفاءِ

دون أن يعلموا بمن قد حباهم

عند جنح الدّجى بهذا العطاءِ

هل يصحّ قولنا « الحمد لله منتهى علمه » ؟

قال عبد الله بن يحيى كتبنا

أصحيح منّا بوقت الدّعاءِ

حين ندعوا والحمد لله حتّى

منتهى علمه بدون انقضاءِ

قال لا منتهى إلى علم ربّي

لا تقل هكذا طوال البقاءِ

ولتقل منتهى الرّضا فرضاه

جلّ قدراً ذو منتهى ابتداءِ

السيّد سلمان هادي الطعمة (المتولد ١٣٥٤ هـ)

ولد في كربلاء المقدسة ، شاعر وباحث في التراث الكربلائي له في سليل الكرامات الامام الكاظم موسى بن جعفر عليهما‌السلام مقتبس من كراس « وفاة الامام الكاظم عليه‌السلام ص / ٢٣ » :

نعاك المجد والاسلام جيلا

وحبك في فؤادي لن يزولا

امام قد بكاه الناس شجواً

فكان مصابه خطباً جليلا

٤٢٨
 &

ايُمسي في ثرى بغداد حيناً

سجينا يكظم الغيظ الوبيلا

ثوى رهن السجون بلا نصير

وغرّة مجده أبت الاُفولا

فوا لهفي عليه يسام خسفا

يجرّ وراءه القيد الثقيلا

أبيّ الضيم جلّ الخطب فينا

يحزّ فؤادنا عضباً صقيلا

وايام ظلمت بها فاضحت

تلوح بطرفنا جيلا فجيلا

وتطفح بالكآبة والرزايا

لتسقى أرضنا دمعا همولا

وكنت السيف يحصد كل باغ

تلوح بدربه أسدا صؤولا

وانت ابن الاكارم من لؤي

كليث الغاب تحتضن الشبولا

فكم لك في العلى شرف وعز

وفخر يصنع المجد الأثيلا

سليل المكرمات ونجل طه

لقد ابكيتنا زمناً طويلا

وكم سقيت محافلنا دموع

عليك وضجت الدنيا عويلا

مصابك عزّ في الاسلام دوماً

سيبقى يومك الدامي جليلا

وقبرك بات منجىً لا يدانى

فمد على الورى ظلاً ظليلا

الشيخ سليمان ظاهر (١٢٩٠ هـ ـ ١٣٨٠ هـ)

هو الشيخ سليمان بن محمد بن علي النباطي العاملي الشهير بـ ظاهر من احفاد الشهيد الثاني. ولد في النبطية ونشأ بها انتخب عضواً في المجمع العلمي العربي بدمشق (مجمع اللغة العربية حاليا) بالنظر لما تحويه هذه القصيدة من الصور الصادقة المعبرة عن خواطر واحد من كبار رجال العلم والادب وولائه وايمانه وهي قطرة من بحر واسع من الشعر الذي خص به الامام بصفة الكاظم عليه‌السلام وخصت به المدينة بوصفها مدفن الامامين الكاظمين موسى بن جعفر وحفيده

٤٢٩
 &

محمّد الجواد عليهما‌السلام ١ :

كم في مغانٍ باللوى ومعالمٍ

أقوت حشى صبٍ ومهجة هائم

ونواظراً تومي محاجرها وقد

اضحى عليها السكب ضربة لازم

لله موقفنا نسائل مفحماً

من دارس عن عهدها المتقادم

كانت مهباً للنسيم فاصبحت

من بعد قاطنها مهبّ سمائم

وغدت مطاف هواجر من بعد ما

كانت مطاف نواعم وغمائم

كانت بها تقضى المغارم فاغتدت

وكأنها للدهر بعض مغارم

ومواسم اللذات كانت فاغتدت

وكأنها للبين بعض مواسم

كان الزمان مسالماً لحسابها

فارتد وهو لهن غير مسالم

غرس المشوق بها الهوى لكنه

لم يجنه إلا مرير علاقم

لم يبق منها غير نؤىٍ مثل

منعطف الحنية او سوار معاصم

وثلاث اعزبة اقمن مؤثلاً

يمثلن في صبر المشوق الهائم

ولكم تطير بغير اجنحة

جواثم في قلوب لم تكن بجواثم

واذا بدت للصب سحم وجوهها

لم يلقها الّا بوجه ساهم

وكأنما احجارها السود اغتدت

لفؤاده الملتاع سود اراقم

يا ناشداً احبابه من طامس

طلل ورسم بالثوية طاسم

ما ان ترى لك من مجيب غير

قلب واجم او جفن طرف ساجم

وتجاوب الاصداء في دويّة

فكأنها لليوم بعض مآتم

يا قلب اقصر عن هواك فما الهدى

الّا الهوان لكل ندب حازم

من جنّ فيه فما لداء جنونه

راق وما يجديه رقش تمائم

____________

(١) موسوعة العتبات المقدسه ج ١٠ / ٥٥ ، ٥٨.

٤٣٠
 &

حتام يسلس من مقادتك الهوى

فتقاد مجنوناً بغير شكائم

هل فيك ابقى للحسان وحبهن

بقية حب الامام الكاظم

هو سابع لأئمة واب لخمسة

قادة هم خير هذا العالم

هم آل بيت ان نماهم آدم

فبهم اقال الله عثرة آدم

هل كان للاعراف غيرهم رجا

لا يعرفون برغم انف الكاتم

من كان معتصماً ففي الدارين

لن يُلفى له من عاصم

نفسي الفدى لمضيّع في قومه

وبه يجعجع وهو اهدى قائم

واذا نماهم هاشم كانت له

من دونهم في المجد ذروة هاشم

من كان يعزى للنبي محمّد

خير الورى ولحيدر ولفاطم

لم تشأه من همة ولو أنها

شمخت على نسر السماء الجاثم

ضل الذي قد قاسه فيمن غدا

في جنبه حلماً يجفني حالم

ومن السفاهة ان تقارن عالماً

في جاهل او بانياً في هادم

هل كان (هارون) يجاري في تقىً

(موسى) وفي شأوي علاً ومكارم

بهرت فضائله العقول فما يحيط

بها الورى من ناثر او ناظم

هو عيلم العلم الخضم ولم يكن

في الناس لولا علمه من عالم

كم راح مستجدي نوال بنانه

في المَحْلِ مجتدياً لعشر غمائم

لولاه ما كان ابن سالم اهتدى

كلا ولم يك من عماه يسالم

وعند ابن يقطين فكم من فتكة

قد ردها من قبل سَلّ الصارم

أفديه من متنقّل في سجنه

من عارم يهدى لآخر عارم

والسجن لم يكن منقصا قدراً له

أن يرتقى ابداً بوهم الواهم

٤٣١
 &

ماذا به (السندي) يلقى ربه

وهو الخصيم أمام اُعدل حاكم

ايريع حزب الله منه ولا يعض

بحشره سبابةً من نادم

ويذيقه السم النقيع بسجنه

ظلماً ولا يلقى جزاء الظالم

افديه من متبتل لألهه

متسربل سربال ليل فاحم

وتراه افضل صائم بنهاره

وبليله الغربيب افضل قائم

وترى الضراغم كالظباء إذا دنا

منها وتلقاه بقلب واجم

قل للذي اغراه فيه حلمه

ومشى به يسعى لأعظم ظالم

لم يرعَ فيه أواصر القربى ولم

تحجزه عنه رقّة من راحم

كم بدرة نفحتك فيها كفه

إن فيه قد اغرتك بيض دراهم

فقطعت موصولاً وكم بسعاية

فيه انغمست بموبقات مآثم

ان عنك نامت عينه فاعلم

بأن الله عن مسعاك ليس بنائم

فجزاك ربك عن صنيعك ميتة

ما اعقبت لك غير خزي الآثم

اظننت جهلاً ان ربك تارك

احزابه او غافل عن غاشم

يا حجة الله الذي اضحت

ولاية حزبه في الناس ضربة لازم

ما زلت للحاجات باباً من

يلجه فاز منه في عظيم مغانم

ما كنت متخذاً ولاية غيركم

لي شافعاً في مثقلات جرائمي

هل كان يلقى خاشعاً او جازعاً

من كان جُنّته الولاء الفاطمي

جار الزمان عليكم في حكمه

وعليكم ما انفك اجور حاكم

ان الذي قلدتموهم صارماً

تحذوكم هدفاً لذاك الصارم

وتقمصوا بكم قميصاً لم يكن

إلا لكم في غابر او قادم

٤٣٢
 &

ونسيجه من حكمة وسداه من

حلم ولحمته سنيّ مكارم

ألحى بني العباس لو اصغوا

مسامعهم الى لاحيهم واللائم

واذا امية شهرت سيوف

عداوة مطرورة سخائم

فلكم تتّبعكم بنو العباس في

ظلم وقتل واندراس معالم

لم يشف ضغن صدورهم احياؤكم

فتتبعوا لكم عظيم رمائم

صلى إلاله عليكم ما ارضعت

للنبت طفلاً مثقلات غمائم

السيّد محمّد الحائري النجفي (المتوفی ١١٨٣ هـ)

هو السيّد محمّد بن الحسين بن محمّد ابن الأمير محسن بن عبد الجبار بن اسماعيل بن عبد المطلب بن عليّ بن اسعد بن احمد بن عليّ بن النقيب بن الامير احمد يرجع نسبه للامام زين العابدين عليه‌السلام كان فاضلاً اديباً شاعراً بليغاً درس مدة في كربلاء ثم سكن النجف وتوفي فيه. وله في الامام الكاظم عليه‌السلام ١ :

أيّ وقت فيه يخضّر

عود وصل عاد مصفرْ

بحبيب إذ جفاني

بعيوني الكون أظلم

فأرى ثغر زماني

لي بالوجه تبسّم

وعلى غصن الأماني

طير اُنسي قد ترنم

ويعود الله بالخيـ

ـير وفضل الله أكبر

من رأى رمّان نهد

فليسلّم لي عليه

أو رأى تفّاح خدّ

فليقدّ مني إليه

____________

(١) شعراء الغري ج ١٠ / ٢٣٣.

٤٣٣
 &

أو رأى بانة قدٍّ

فليشر لي بيديه

إنّ من ينتهز الفر

صة لا يغبط قيصر

وإذا النوروز وافى

وعلا صدح البلابل

فاسقني فيه سلافاً

إنّها تقصي البلابل

مع من حاز عفاناً

وببرد المزح رافل

حول حوض حفّ فيه

ورد روض حف جعفر

إن تعدّ الله وذنباً

فأنا ألهى الأنام

في هوى من كنت صبّاً

فيه حتّى شاب هامي

لكن القلب مربّى

في هوى (موسى) الهمام

كلّ ذنب كان مني

بهواه سيكفّر ١

الحاج محمّد عليّ كمونه ٢ (المتوفى ١٢٨٢ هـ)

ذكره العلّامة الشيخ عليّ ابن الشيخ محمّد رضا آل كاشف الغطاء في الجزء الخامس من كتابه (الحصون المنيعة) إنه الحاج محمّد عليّ ابن الحاج محمد بن الحاج عيسى آل كمونه الأسدي من كبار شعراء كربلاء في عصره كان شاعراً لبيباً فصيحاً بليغا له تخميس لقصيدة السيد صالح ابن السيد مهدي بن السيد راضي الحسيني البغدادي القزويني

____________

(١) منقولة ايضا عن مجموع سماه الشاعر (الآيات الباهرات) في مدح النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمة الأطهار عليهم‌السلام وقد فرغ منه سنة ١١٨٣ هـ وهي السنة التي رحل فيها الى بارئه تعالى (المراجع) المصدر : الحصون المنيعة للشيخ علي كاشف الغطاء (مخطوط في مكتبة كاشف الغطاء في النجف الاشرف المجلد الخامس ص ٥٤٨).

(٢) ديوان ابن كمونه / تحقيق محمد كاظم الطريحي رحمه‌الله النجف الاشرف ١٣٧٦ هـ / ١٩٤٨ م.

٤٣٤
 &

المتوفى ١٣٠٧ هـ ١ في الامام الكاظم عليه‌السلام ٢ :

ألفت السّرى والقلب بالوجد مضرم

فاُنجد طوراً بالرّكاب واُتهم

وما زلت والأجفان بالدّمع تسجم

أقول لركب حيث بانوا ويمّموا

سراعاً إلى الزّوراء عوجوا وألمموا

هو الطّور لا برق الأماني خلّب

لديه ولا ركب الرّجاء مخيّب

أحبّاي مالي في سوى الطّور مطلب

إذا جئتُم من جانب الكرخ غرّبوا

إلى الطّور حيث النّور يبدو ويكتم

هنالك طود المكرمات وطورها

واُفق المعالي المشرقات بدورها

فأنتم إذا الزّوراء لاحت قصورها

قفوا حيث نار الطّور أشرق نورها

ولاح سناها والظّلام مخيّم

به كلّ غمّ للمرجّين يفرج

إذا ضاق للأرزاق في الدّهر منهج

فيا جيرتي بالرّكب للكرخ عرّجوا

وحيث تراءى نور موسى فأدلجوا

إليه مع السّارين واللّيل مظلم

ولا تعدلوا عن طور سيناء عندما

تراءى وسحّوا أدمع العين عندما

سألتكم يا اهل ودّي تكرما

قفوا بي اذا ما جئتم ذروة الحمى

على قبر موسى والجواد وسلموا

ولوذوا بهاتيك المعالم كلما

لاحشائكم سيف النوائب كلما ٣

____________

(١) شاعر مغمور عاش في اخريات حياته ببغداد ومات فيها ودفن في النجف الاشرف. ترك ديوانا شعر أحدهما خاص باهل البيت عليهم‌السلام سماه (الدرر الغروية في مدائح العترة النبوة) في ثلاثة آلاف بيت (المراج)

(٢) ديوان ابن كمونه ص ٩٠ / ٩٣.

(٣) كلما : جرح.

٤٣٥
 &

وطوفوا احتراماً ثم اخفوا التكلما

على مرقد فيه ملائكة السّما

تكون وجبريل الامين المكرم

كسته يد النور القديم غلالة

فامسى لأقمار الهداية هالة

فكم ضم من خير البرايا سلالة

ضريح له يعنو الضراح جلالة ١

وينحط عنه العرش وهو المعظم

به محكم الذكر العظيم قد انطوى

فأربى على الوادي المقدس فيطوى

وطاول عرش الله فخراً بمن حوى

بلى انه عرش على جنبه استوى

اناس لعرش الله ركن مَقوّم

فهم أمن من يخشى عواقب جرمه

وهم سرّ إبداء الوجود وختمه

وهم حجج الرّحمن مظهر حلمه

مهابط وحي الله خزّان علمه

إليهم وفيهم كلّ فضل وعنهم

كرام أتى في الذّكر تعظيم ذكرهم

وعمّ جميع الخلق فاضل برّهم

وإنّهم حقّاً وشامخ ٢ ذكرهم

تراجمة للوحي تجري بأمرهم

مقادير أمر الله بدءاً وتختم

أيرجع صفر الكفّ آمل نيلهم

وقد لاذ حيّاً ميّتاً تحت ظلّهم

وهم خصب أبناء الرّجا عام محلهم

بها ليل لا الرّاجي ندى فيض فضلهم

يخيب ولا اللاجي يخاف ويهضم

بأنوارهم للحقّ قد كشف الغطا

وفي هديهم بان الصّواب من الخطا

____________

(١) الضراح : بيت في السماء الرابعة تطوف به الملائكة.

(٢) الواو للقسم.

٤٣٦
 &

سرت عيس آمالي لهم تسرع الخطى

وإنّهمُ باب الرّجا لجج العطا

مناخ ذوي الآمال فيهم ومنهم

كرام كرام الرّسل لم تحذ حذوهم

فخاراً ولم تلحق لدى السّبق شأوهم

ولمّا رأيت الفوز يتبع تلوهم

قصدت ويمّمت الرّكائب نحوهم

وحاشا وكلّا أن يخيب الميمّم

تخفّف أثقال الورى عن ظهورهم

إذا ما استظلّوا تحت ظلّ قبورهم

بهم قد زكا حجري لطيب حجورهم

وهم أسرتي يعزى إلى فضل نورهم

وجودي وإنّي منهُم وهمُ همُ

حثثت لهم عيسي وأمّلت رفدهم

وللنّجح في الدّارين أعددت ودّهم

ولمّا رأيت الدّهر في الطّوع عبدهم

أنخت بهم رحلي وألقيت عندهم

عصاي وحاشا أنّ مثلي يحرم

نزلت بهم ضيفاً وأعددتهم حمى

وللضّيف حقّ أن يعزّ ويكرما

وعرّضت للشّكوى لهم متظلّماً

عسى إنّني أحظى بهم ولعلّما

وسوف أنال القصد منهم وأغنم

مناظرة أدبيّة في مدح الجوادين عليهما‌السلام

ذكر السيّد محسن الأمين العامليّ في كتابه « أعيان الشّيعة » المجلّد السّادس صفحة ٤٤٣ ، عن السيّد حيدر الحلّي هو أنّه اجتمع مجموعة من الشّعراء ، في بغداد في مجلس الحاج عيسى والحاج أحمدٍ ولدي الحاج أمين ، وكان في المجلس السيّد راضي القزويني البغدادي ، فجّر الحديث والمناظرة بدأ في الامامين الجوادين عليهما‌السلام

٤٣٧
 &

فأنشأ السيّد راضي ابن السيد صالح البغدادي القزويني :

موسى بن جعفر والجواد

ومن هما سرّ الوجود

هذا غياث الخائفين

وذاك غيث للوفود

ملكا الوجود فطوّقا

بالوجود عاطل كلّ جيد

قال الشيخ حسن بن نصّار :

موسى بن جعفر والجواد ومن هما

سرّ الوجود وعلّة الايجاد

هذا غياث الخائفين وذاك غيـ

ـث للوفود وروضة المرتاد

ملكا الوجود فطوّقا بالجود عا

طل كلّ جيد للأنام وهادي

ثمّ قال محمّد بن إسماعيل الخلفة :

موسى بن جعفر والجواد ومن هما

للخلق كالأرواح في الأجساد

بهما الوجود قد استقام لأن هما

سرّ الوجود وعلّة الإِيجاد

هذا غياث الخائفين وذاك غيـ

ـظ الحاسدين وحاصد الأجناد

بل ذا مغيث الصّارخين وذاك غـيـ

ـث للوفود وروضة المرتاد

ملكا الوجود فطوّقا بالجود عا

في ذا الورى وقماقم الأمجاد

حتّى برفد نداها قد زين عا

طل كلّ جيد للأنام وهادي

ثمّ قال الشيخ مسلم بن عقيل الجصّانيّ : لقد أفسدتموا أبياتي صلى‌الله‌عليه‌وآله وقال :

موسى بن جعفر والجواد ومن هما

سرّ الوجود وجعفرا للجود

هذا غياث الخائفين وذاك غيـ

ـث للوفود به شفا المفؤود

ملكا الوجود فطوّقا بالجود عا

طل كلّ جيد من أجلّ مجيد

ثم قال السيّد صادق الفحام : على ادب الشيخ مسلم السلام

٤٣٨
 &

وقال :

موسى بن جعفر والجواد هما

سرّ الوجود وعيبة العلم

فهما غياث الخائفين هما

غيث الوفود ومنتهى الحلم

ملكا الوجود فطوّقا كرما

ما في الوجود بنائل جسم

تم تمثل بهذه الابيات وختمت المناظرة الأديبة :

يا صاح قد ألحنت في قولي وما

كان بقلبي فيه أمسى مودعاً

واللحن في المقال لا يعرفه

الّا امرؤ برمزه قد برعا

فإن تجدني قد ذكرت المنحني

فاعلم يأني قد قصدت لعلعا

او قلت حزوى فمرادي رامة

او الغضا فقد اردت الأجرعا

عباس الترجمان (١٣٤٤ هـ ـ ١٤٢٩ هـ)

هو ابو علي الدكتور عباس الترجمان بن علي بن محمّد الحسين بن الشيخ علي اكبر بن آية الله الشيخ ملك بن الشيخ عبد الله بن الشيخ مهدي المجتهد الميبدي ولد في كربلاء المقدسة ٩ / ج ٢ / ١٣٤٤ هـ ثم انتقل مع ابيه الى النجف الاشرف ونشأ وتعلم فيها وتخرج في كلية الفقه وحاز شهادة الدكتوراه في النحو والصرف والعروض من جامعة القاهرة ينظم الشعر باللغتين العربية والفارسية هو شاعر واستاذ واديب ومترجم وكان يحسن الخط ويجيده ، كما إنه كان رادوداً للمواكب الحسينية في النجف الاشرف وله نظم في الشعر العامي.

وله في مدح ورثاء العبد الصالح الإمام الهمام كاظم الغيظ موسى بن جعفر عليهما‌السلام ١ :

____________

(١) وصي النبي في الشعر العربي / ٤٥٥.

٤٣٩
 &

يا سليل المصطفى والمرتضى الكرّار حيدر

وابن أمّ الغرر الزهراء يا موسى بن جعفر

أنت سرّ الله فيك الله قد أودع نوراً

منه آفاق علوم الكون طراً تتنوّر

سجد الأملاك للرحمن لمّا أن رأوه

لاح فيه وجه أبينا صفوة الله وأسفر

وبه نار خليل الله برداً وسلاماً

أصبحت لمّا تغشاها مروجاً تتعطّر

وبه أخرج موسى يده بيضاء حتّى

بعصا موسى اثنتا عشرة عيناً تتفجّر

وبه الله لداود ألان الصلب لطفاً

نسج الأدرع للحرب تقي البأساء والشر

وبه نال سليمان عظيم الملك حتّى

سخّر الجنّ وللطير وللأرواح سخّر

وبه كلّم عيسى الناس في المهد صبياً

وبه ينفخ في الميت فيحييه وينشر

وبه سار رسول الله في الآفاق ليلاً

تنطوي الأرض وفي حرّ السماوات يُسير

فيك هذا النور قد أودعه الله تعالى

وهو سرٌّ غامضٌ منه العقول العشر تبهر

ترى إبليس ومن يتبعه في الغيّ حقدا

وعلى طول المدى أن يطفئوا الضوء المنوّر

منذ ذاك اليوم حتّى اليوم حتّى بعد هذا

وإلى اليوم الذي فيه عباد الله تحشر

قتلوا ظلماً وزوراً سجنوا جاروا أبادوا

نهبوا سمّوا أباحوا خفراتٍ تتخدّر

صادروا الأموال والأولاد والأنفس قسرا

واسترقّوا الأنفس الأحرار والعبد المحرّر

أعدموا صلباً وشنقاً غيلةً قتلاً وخنقاً

أحرقوا رمياً وصلياً نسفوا كلّ معمّر

هدّدوا بل شرّدوا بل بدّدوا شرقاً وغرباً

قصفوا واستنزفوا كلّ دم زاكٍ مطهّر

حاولوا إمكانهم أن يطفئوا لله نوراً

وأبى الرحمن إلّا أن يتمّ النور يزهر

كلّ طاغٍ كلّ باغٍ معتدٍ كلّ أثيم

عندما يطغى على إخوانه أو يتجبر

سرّه النقص الذي يشعر فيه بازدياد

جاهداً أن يتلافاه كما قد يتصوّر

ظنّ أن يكمله بالقتل والإرهاب والعنـ

ـف وبالقسوة حتّى لتراه يتهستر

٤٤٠