الإمام الكاظم وذراريه

إسماعيل الحاج عبدالرحيم الخفّاف

الإمام الكاظم وذراريه

المؤلف:

إسماعيل الحاج عبدالرحيم الخفّاف


المحقق: الدكتور حميد مجيد هدّو
الموضوع : الشعر والأدب
الناشر: العتبة الكاظميّة المقدّسة
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٤٣
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة
 &

وليس للكفر يمشي نحونا ولنا

أيد طوال تزين الجيد والنحرا

يا شعب وعياً اما يشجيك ما صنعت

ايدي الاعادي وما يكفيك ما مرّا

مالت عن الدين آلاف مؤلفة

اذ هزّها الغرب كي يستكشف الامرا

فكيف لا ونفوس الناس اكثرها

مغشوشة وخبيث الاصل لن يبرا

فكم بكف العدى رمياً تجرعه

كأس المنون وكم في حبلها جرّا

فلا تضيق اذا ما الله أمّلهم

فكل شيء له مهما يكن قدرا

الشيخ حسين الفتوني (المتوفى ١٢٧٨ هـ)

هو العالم الكامل النحرير الفاضل المحقق الكبير الشيخ حسين بن عليّ ابن محمّد بن عليّ بن محمّد تقي نجل العلّامة الشيخ محمّد بهاء الدين الفتوني الهَمْداني العاملي اصلاً والحائري مسكناً وموطناً ومولداً ، نظم ارجوزة في احوال الائمة المعصومين سماها (الدوحة المهدية). وله منها في الامام الكاظم عليه‌السلام ١ :

لما توفي جعفر ذو الفضل

الصادق القول عديم المثل

قام اماماً في البرايا العالم

سليله الامام موسى الكاظم

باب الحوائج الكريم لقبا

والعالم الكاظم من آل العبا

يقال في الابواء قد تولدا

في سابع من صفر بحر الندى

ابو عليّ كني او ابو الحسن

بل وابو محمّد مولى الزمن

بل بابي اسماعيل قد يكنى

او بابي ابراهيم ذاك المضنى

حميدة ام الامام موسى

كفى به من سيد رئيسا

____________

(١) مفاتيح الدرر في احوال الانوار الرابعة عشر ص / ٤٦.

٤٠١
 &

وكان في الايام يوم الاحد

او الثلاثا بل وذا لم يبعد

من سنة الثمان والعشرينا

ومائة للهجرة روينا

وقيل في التسعة والثمانية

وما له مستمسك علانية

رغّم في ميلاده ابليسا

فقلت في التاريخ طاب موسى

في ازواجه عليه‌السلام :

نساؤه الكل من السّراري

ومنهم ام الرضا المغوار

اختلفت في اسمها النقّال

واضطربت في ذكرها الاقوال

فقيل تكتم وقيل أروى

وقيل نجمة وهذا أقوى

وقيل خيزران بل وكلثم

بل سكت وطرقها لا تعلم

بل قيل كان اسمها سمانا

ولم اجد مستمسكا بيانا

وكنيت اُمُّ البنين العذرا

ولقبت طاهرة وشعرا

في ابنائه عليه‌السلام :

وفي بنيه اختلفت اخبار

ولم يبن من خلفها انحصار

اولاده أصحّ ما فيهم ورد

عشر وعشرون وسبعة عدد

افضلهم عليّ الامام

ذاك الرضا والسيّد الهمامُ

وبعد ابراهيم والعباس

وقاسم بالفضل لا يقاس

لكل فرد منهم اُمّ ولد

فأربع لأربع على العدد

وقيل من ام الرضاء القاسم

كذالك الكبرى تسمى فاطم

٤٠٢
 &

وبعد اسماعيل ثمّ جعفر

يتلوه هارون الهزبر القسور

وبعد هذا الحسن الحبر الاسد

وامهم واحدة ام ولد

واحمد محمّد ذو الفضل

وحمزة يتلوهما في النقل

والكل منهم اُمّهم ام ولد

واحدة ذات الوقار والأمد

واعطف بعبد الله بل اسحاق

كذا عبيد الله في السباق

وبعد زيد ثمّ ذو التقى الحسن

يتلوهما الفضل الوفي المؤتمن

كذاك زيد بعده الحسين

يتلوهما الفضل الوفي الدين

ثمّ سليمان النقي المعتمد

والكل منهم اُمه اُم ولد

فاطمة الكبراء والصغراء

حكيمة رقية العذراء

وام أسما بعدها رقيّة

كلثوم ام جعفر التقيّة

لبانة وزينب خديجة

عايشة آمنة البهيجة

وحسنة بربرة عليّة

ام سلمة ميمونة الرضية

وام كلثوم هي الصفراء

والكل منها اُمها اماءُ

هذا الذي اثبته الدليل

وزيد فيهم غير ذا عقيل

وقيل ارباب القضايا والسير

يروون اربعين انثى وذكر

عشرون كانوا منهم الذكور

ثمّ الاناث مثلهم مسطور

وقالت النسّاب بالستينا

وقد اضافوا فوق ذا عشرينا

ففي الاناث قد اضاعوا عشرة

واربع تتبعها مقرره

وفي الذكور ستة قد زادوا

ولم يكن في الطرق اعتماد

اما الذكور عابد الرحمان

كذاك يحيى صاحب الاحسان

٤٠٣
 &

وبعد ابراهيم ثمّ جعفر

يتلوه داود وبعد عمر

اما الاناث زينب الصغراء

اسماءها الصغراء والكبراء

وام عبد الله امّ قاسم

صفيّة واتبع لها بفاطم

محموده امامة بريهة

ام ابيها الحرّة النبيهة

كذاك ام فروة وكلثوم

وغير هذا لم يكن مرسوم

في ذكر الامام موسى بن جعفر عليهما‌السلام :

وصحبة الغرّ الكرام البررة

قد حملوا الاسرار اهل المشورة

ومنهم الاخيار والأبرارُ

اسحاق نجل الصادق المغوار

كذا عليّ ذو التقى بن جعفر

اخو الامام الكاظم المطهر

كذا فضال بعده اُسامه

ويونس ذو الفضل والكرامه

وبعد حمّاد كذا داوُد

وابن حكيم المخلص الودودُ

كذاك ابراهيم ثمّ الحسن

ثمّ ابن قاموس التقي المؤمن

كذا عليّ وابنه البر الحسن

سليل يقطين الزكي المؤتمن

وهو من الطاق الفتى محمّد

وهند ذاك السيّد الموحّد

في بيان مدة عمره وحياته وايام امامته وحين وفاته عليه‌السلام :

وكان سن الكاظم الامام

خمساً وخمسين من الأعوام

وقيل بالاربع والخمسينا

ولم يفد طريقه اليقينا

وقيل بالخمسة والستينا

ولا له مستمسك مبينا

كان ولياً مرجعا إماما

ثلاثين وخمسة اعواما

٤٠٤
 &

وقيل بالسبعة والعشرينا

ولم يكن مقاله متينا

سعى به على النحس الجري

سليل اسماعيل نجل جعفر

ولم يف لعمّه الذماما

ولا رعى الرحم ولا الارحاما

فشأنه عند الرشيد الفاسق

فكان ما كان من المنافق

فسمه السندي نجل الكفره

بأمر هارون رئيس الفجره

ومات بالسجن بحبس السندي

فنالنا بذاك كل وجد

في جمعة وفاة سيد العرب

لستة خلون من شهر رجب

وقيل في الخامس منه قد قضى

ولم يكن دليله بالمرتضى

وقيل في الخمسة والعشرينا

من رجب ولم يفد يقينا

وقيل في الرابع والعشرينا

ولم يكن هذا له معينا

وقيل في خامس عشر من رجب

في ارض بغداد قضى ربّ الكرب

عام ثلاث وثمانين سنه

ومائة لهجرة معيّنه

وقيل في الثمان والستينا

فمائة ولم يغد يقينا

وقبره الشريف في بغداد

مع التقي سبطه الجواد

لما فقدنا الكاظم المسددا

ارخته (همّي موسى جددا)

١٨٣ هـ

عبد الله ابن أبي طالب الفتى (من اهل القرن الخامس الهجري)

٤٠٥
 &

ذكر السيّد جواد شبر رحمه‌الله في ادب الطف نقلاً عن الباخرزي في دمية القصر ١ ، انشدني ابنه (سليمان) ٢ الفتى على لسان حسام الدولة فارس بن (عنان) وكان ينقش في فصّ خاتمه : اعدَّ للبعث ابو طالب حبَّ عليّ بن ابي طالب.

والقصيدة فيها ذكر الإمام موسى بن جعفر عليهما‌السلام :

بمحمّد وبحب آل محمّد

علقت وسائل فارس بن محمّد

يا آل احمد يا مصابيح الدجى

ومنار منهاج السبيل الأقصد

لكم الحطيم وزمزم ولكم منى

وبكم إلى سبل الهداية نهتدي

اني بكم متوسل وبحبكم

متمسك لا تنثني عنه يدي

وعليكم نزل الكتاب مفضلاً

من ذي المعارج بالمنير المرشد

ان ابن عنان ٣ بكم كبت العدى

وعلا بحبكم رقاب الحُسّد

ولئن تأخر جسمه لضرورة

فالقلب منه مخيّم بالمشهد

يا زائراً ارض الغري مسدداً

سلّم سَلِمْتَ على الامام السيّد

بلغ أمير المؤمنين تحيتي

واذكر له حبي وصدق توددي

وزر الحسين بكربلاء وقل له

يا بن الوصي ويا سلالة احمد

ضاموك وانتهكوا حريمك عنوة

ورموك بالامر الفضيع الأنكد

مني السلام عليك يا ابن المصطفى

ابداً يروح مع الزمان ويغتدي

وعلى ابيك وجدك المختار

والثاوين منهم في بقيع الغرقد

____________

(١) دمية القصر وعصرة اهل العصر / لأبي الحسن الباخرزي المتوفى ٤٦٧ هـ (١ : ٣٤٩) القصيدة من نظم أبي عبد الله ابن ابي طالب الفتى وهي منشورة في دمية القصر للباخرزي بينما أثبتها المؤلف (الخفاف) منقولة عن كتاب (أدب الطف ج ٣ ص ٢٧٥) منسوبة إلى سليمان بن عبد الله الفتى وهذا وَهم من المؤلف والناقل للقصيدة ، والصواب ما ذكرناه في كتاب (المراجع) انظر (دمية القصر ١ : ٣٤٨. ٣٥٠).

(٢) في الدمية المحققة (سليمان).

(٣) ابن عناد (في الباخرزي) د. سامي مكي العاني.

٤٠٦
 &

وبأرض بغداد على موسى وفي

طوس على ذاك (الرضا) المتفرد

وبسرّ من را فالسلام على الهدى

وعلى التقى وعلى الندى والسؤدد

(بالعسكريين) اعتصامي في لظىً

(وبقائم) بالحق يصدع في غد

يجلو الظلام بنوره ويعيدها

علويّة فينا بأمر مرصد

اني سعدت بحبكم ابداً ومن

يحببكم يا آل احمد يسعد

مستبصراً والله عون بصيرتي

ما ذاك الّا من طهارة مولدي

الشيخ عبد المنعم الفرطوسي (١٣٣٥ هـ ـ ١٤٠٤ هـ)

هو الشيخ عبد المنعم بن الشيخ حسين بن الشيخ حسن بن الشيخ عيسى بن الشيخ حسن الفرطوسي النجفي ، من كبار شعراء النجف الأشرف ، ومن الفقهاء والعلماء ، سريع البديهة ، كثير الحفظ ، قوي السبك ، حسن الأسلوب ، ولد في النجف ومات فيه ، قال في الإمام الكاظم عليه‌السلام :

هانت بما لاقى بها من هون

موسى بن جعفر من يدي هارون

دنيا بنو الطلقاء فيها أمروا

وبنو الأسير على بني ياسين

أيها العباس إن وفاءكم

غدر يثير بحقده المدفون

ما نام طرف محمد من وأسيركم

ما بين أغلال له وأنين

فعلى مَ أجهزتم على أبنائه

ما بين مسموم إلى مسجون

هذا هو المنصور أردى جعفرا

فأصاب بالخسران قلب الدين

هذا الرشيد وغدره بابي الرضا

موسى أساس خيانة المأمون

قد ضاع عهد الله نقضا منكم

ما بين مأمون لكم وأمين

٤٠٧
 &

آباؤكم جاروا على آبائهم

وبنوكم نصبوا العدا لبنين

ما بالكم قطعتم الرحم التي

أوصى النبي بوصلها المسنون

وقبرتم موسى بن جعفر أحقبا

بيد الخيانة وهو خير أمين

وحجبتموه عن العيون فكحلت

بالحزن خير محاجر وعيون

باب الحوائج وهو خير رسالة

نبوية للتين والزيتون

والبضعة الطهر الشفيعة أمه

وابوه ساقي الحوض يوم الدين

ماذا جنى فيطاف من حبس إلى

حبس يغيّب فيه كالمرهون

ويوكل السندي آخر مرة

فيه بأمر أميره هارون

ويضيق الدنيا عليه مكبلا

بالقيد في أعماق شر سجون

ويدس سم الحقد في عنب له

بيد مجوسي خبيث الطين

وا حسرتاه على ابن جعفر قد قضى

بالسم بين ضغائن وشجون

وضعوه فوق الجسر وهو مكبل

بحديده ملقى بلا تكفين

إن يقض مسموم الحشا فلقد قضى

لمصابه ألما حشا ياسين

ورداؤه الحمد الذي يطوى به

كرما وينشر وهو خير قرين

وله أيضاً في الامام الكاظم موسى بن جعفر عليهما‌السلام ١ :

ولد الكاظم المطهر موسى

والامامين الهادي من الاُمناءِ

هو تلك النفس الزكية قدساً

من حجور الاُئمة الأزكياءِ

عالم زاهد امين وفّي

زاهر الخلق صابر في العلاءِ

وامام اُفق الامامة أوفى

يوم ميلاده بأسنى ضياءِ

وتهادى للصدق والحق رشداً

وهدىً في يديه اسمى لواءِ

____________

(١) ملحمة الفرطوسي ج ٨ / ٧ ـ ٧٠.

٤٠٨
 &

وتبنى التوحيد خير لسان

فيه ارسى للعدل خير بناءِ

علم للرشاد عال ونجم

للهدى ساطع بأعلى سماءِ

مستفيض من اصغريه عطاءً

خير بحر للعلم والعلماءِ

هو باب به الحوائج تقضى

ولشتى العلوم باب القضاءِ

انجب الصادق المطهر فيه

فهو فرع ينمى لأزكى نماءِ

نبعة من سلالة الطهر طه

وعليّ والبضعة الزهراءِ

قد تزكى بالطهر فهو المصفّى

حين غذته زمزم بالصفاءِ

وتغنّت بطحاء مكة فيه

وجميع الحجيج في البطحاءِ

وتسامى حجر الذبيح جلالاً

ومقام الخليل بالعلياءِ

واستفاض البيت العتيق سروراً

يوم الميلاد نجمه الضاءِ

بوركت فيه مكة فاستطالت

بوليد المدينة الغراءِ

بعض مزاياه عليه‌السلام :

كان بالفضل سابقاً لا يبارى

حين يجري في حلبة الفضلاءِ

عالم صالح حليم كريم

وفقيه من افقه الفقهاءِ

أعبد الناس اكرم الناس نفساً

اوصل المحسنين للأقرباءِ

كان يبكي خوفاً فتخضل منه

شيبة الحمد من دموع البكاءِ

يقطع الليل بالعبادة حتى

مطلع الفجر لاهجاً بالدعاءِ

ويعيد الوضوء حين يؤدي

لصلاة الغداة خير أداءِ

وهو يبقى معقباً مستذيباً

بخشوع الى طلوع ذُكاءِ

ثمّ يهوي الى السجود الى أن

تتدانى لنقطة الاستواءِ

٤٠٩
 &

وكثيراً ما كان للهِ يدعو

وهو لله دائب بالثناءِ

لك حمدي فقد سألت فراغاً

منك ربي فجدت لي بالعطاء

ورآه الرشيد في السجن يوماً

حينما كان مشرفاً للفناء

قال للفضل اي شيء أراه

وهو ملقىً على الثرى كالرداء

قال هذا موسى بن جعفر

هذا سيد الاولياء والصلحاء

قال هذا من خير رهبان فهر

وبني هاشم هدى الاتقياء

الامام الكاظم عليه‌السلام باب الحوائج

هو باب به الحوائج تقضى

مستفيض الندى كثير السخاء

كان يسعى على المدينة بيتا

بعد بيت في غيب الظلماء

وهم يجهلون من قد حباهم

حين يحبو الصرار للفقراء

واستفاضت صرار موسى فاضحت

مثلاً سائراً لنيل الثراء

وهي تخشى من الدنانير صفراً

بمئات من كفه البيضاء

كان للخلق في البرايا مثالاً

وهو فرع من خاتم الانبياء

واستفاض الحديث عن عمري

يظهر النصيب معلنا بالعراءِ

كان ممن ينال منه جهاراً

بعد شتم لسيد الأوصياء

فاراد الأصحاب ان يقتلوه

فنهاهم فاذعنوا بانتهاء

واتى ضيعة له كان فيها

واطئا زرعه بغير إرتضاء

قال كم ذا ترجو وتأمل منها

قال مقدار ما غرمت رجائي

فحباه بما يزيد على ما

كان يرجو بها من النعماء

قال خذها وانت باق على ما

كنت فيها مؤملاً من نماءِ

٤١٠
 &

قال ربي ادرى بمن هو اهدى

حين يؤتى رسالة الامناءِ

بعد تقبيل رأسه واعتذار

منه عما قد كان من اخطاء

فكفاه الإله ما كان منه

بعد اصلاحه بخير اكتفاء

علم الامام الكاظم عليه‌السلام :

جاء موسى لبيت هارون

فاحتفى بالامام خير احتفاء

وجثى عنده على ركبتيه

مسرعاً بالعناق عند اللقاء

وبوقت الخروج ودّع موسى

بعناق وحشمة واعتناءِ

واُجاب المأمون ساعة نادى

أبتاه من ذا بخير نداء

ان هذا موسى بن جعفر هذا

حجة الله من بني حواءِ

ان اردت العلم الصحيح فهذا

معدن العلم وارث الأولياء

وتجلى لنا حديث شريف

في كتاب الكافي عظيم الغذاء

سألوه عن عذرة قد ازيلت

فاستموت عشراً بغير تقاء

قال فيها ابو حنيفة هذا

شكل لا يحلّ في الإفتاء

فهي تأتي الصلاة بعد وضوء

لظهور البياض بعد الدماء

واجاب الامام يفصح عنها

بعد ادخال قطنة بيضاء

فاذا طوقت فعذرة بكر

واذا استنقعت فحيض نساء

قال يوماً هشام وافى اليه

راهب من اكابر العلماء

قال هل انت في كتابك حقاً

عالم عارف بكل خفاء

قال اني لعالم بكتابي

وبتأويله بكل جلاء

فانبرى قارئاً بإنجيل عيسى

وهو موسى مرتلاً بشيماء

٤١١
 &

قال هذي قراءة كان فيها

خص عيسى بن مريم العذراء

انني لا ازال خمسين عاماً

أتحرى آثاره باقتفاء

وانحنى خشية واسلم حتى

عاد من خير صفوة الأولياء

عطش الناس عند فتق العباد

حينما جف منهم كل مساء

يوم سار المهدي للحج فيهم

فارتأى حفر منبع للرواءِ

فاستمروا بحفرة فاستثارت

منه ريح أهوت بكل الدلاء

وأريع العمال منها فصدوا

بعد خوف عن حفره بجفاء

وافادوا انا رأينا اثاثاً

ورجالاً موتى بجنب نساء

واستفاض المكنون من علم موسى

حين قال المهدي من هولاء

قال اهل الاحقاف حين اصيبوا

مع اموالهم بخسف البلاء

مرّ يوماً ابو حنيفة فيه

وهو عند المحراب وقت الاداء

فرآه والناس بين يديه

باقتراب تمرّ دون ثناء

فأتى الصادق الأمين بهذا

قال فاسأل من كاظم الاُمناء

قال اني لله كنت اُصلي

وهو ادنى اليه عند اللقاء

فانحنى فرقه وقال بلطف

بأبي انت افضل العلماء

جاء يوماً لقرية في ضواح

من قرى الشام لائذ بالخفاء

فرأى راهباً له كل عام

خطبة في منابر الخطباء

فجثى بين صحبه فعلته

هيبة من جبينه الوضاء

ورنا نحوه فقال غريب

قال اني من جملة الغرباء

قال منا فقال كلا فاني

بعض اتباع خاتم الانبياء

٤١٢
 &

قال هل انت عالم ام جهول

قال لسنا من زمرة الجهلاء

قال في دار احمد اصل طوبى

او بدار المسيح يوم الجزاء

كيف منها الاغصان في كل بيت

تتدلى في جنة السعداء

قال ان الشمس المضيئة تكسو

كل شيء واصلها في السماء

قال في جنة الخلود ظلال

هي ممدودة بغير ذكاء

قال ما بين مطلع الشمس والفجر

ظلال ممدودة في الفضاء

قال ان السراج يوقد منه

وهو باق من دون نقص الضياء

قال في جنة الخلود عبيد

دون أمر يأتون بالأشياء

قال يؤتى الانسان ما يبتغيه

دون أمر من سائر الاعضاء

قال اهل الجنان ليس لديهم

فضلات من كل زاد وماءِ

قال من فضة مفاتيح رضوى

ام تراها من ذهبة حمراء

قال ان التهليل من كل عبد

هو مفتاح جنة الأولياء

فاعتدى خاشعاً واسلم حتى

عادا هدياً من خيرة الحنفاء

قال هارون حين حج لموسى

وهو ثاوٍ في الكعبة الغراء

ما هو الفرق فاستفاض عليه

من ينابيع علمه بالصفاء

واحد بين خمس وعشر

بعد سبع في ساعة الاحصاء

وثلاثون بعد اربع قتلوا

بعد تسعين اربع باقتفاء

وثلاث من بعد خمسين تقضو

مائة في مناهج الاقتداء

وهي كانت على سباع وعشر

حينما قسمت بكل جلاء

ومن اثنين بعد عشر تليها

واحد ليس فيه ايّ خفاء

٤١٣
 &

ومن الاربعين فرد وخمس

هي من مائتين عند الاداء

ومن الدهر واحد واحاد

باحاد في ساعة الاعتداء

قال اني بدأت بالفرض سؤلي

وعددت الحساب في الانتهاء

قال دين الله الحساب والّا

ما اقام الحساب يوم البقاء

حبّة الخردل الصغيرة تحصى

وكفى حاسباً بربّ السماء

قال ان لم توضع قتلتك عمداً

وغمرت الصفا بفيض الدماء

قال لله حاجب السر هبه

ولهذا المقام خير فداء

فغدا ضاحكاً فقال لماذا

قال من جهل اعظم الجهلاء

انت مستعجل بغير حضور

اجلاً حاضراً بوقت الفناء

قال قرّما قلته قال خذه

مستبيناً من بعد كشف الغطاء

فهو الدين والصلاة تليها

ركعات بسجدة ودعاءِ

والتكابير والتسابيح والصوم

زكاة الصفراء والبيضاء

حج بيت الإله والنفس بالنفس

قصاص محكم عدل القضاء

فحباه في بدرة قال خذها

وتصدق بها على الفقراء

ان تجبني عما سألت والّا

فاضفها في بدرة للعطاء

قال سلني فقال يرضع رضعا

ام يزق الجنين للحنفاء

قال اني خليفة وسؤال

مثل هذا السؤال دون علاء

قال علماً تفوق ما للرعايا

من عقول مدارك الخلفاء

قال بين لنا الجواب فاوحى

خلقت هذه من الغبراء

فهي تقتات دون رضع وزق

كسواها من تربة الحصباء

٤١٤
 &

قال غصن مبارك هو فرع

مستطيل من دوحة الأنبياءِ

وأبو يوسف دعاه لأمرٍ

أمر هارون وهو قاضي القضاءِ

قال .. هذا باب الحوائج سله

بسؤال يرميه بالاعياءِ

قال .. إنّ لتّضليل أهو مباح

أم حرام لمحرمٍ بالغناءِ

قال .. هذا من الحرام فأوحى

كيف جاز الدّخول تحت الخباءِ

قال .. إنّ الصّلاة في الحيض تقضى

بعد ترك من طامث للقاءِ

قال .. والفرق بين هذا وهذا

حين جاءا في الشّرعة الغرّاءِ

ورآه أبو حنيفة يوماً

حين وافى لصادق الاُمناءِ

عند باب الدّهليز قال أجبني

أين تقضى حوائج الغرباءِ

قال .. يحفى عن أعين الجار فيها

من وراءِ الجدار من دون راء

يتوقّي الشّطوط بعد مكان

لسقوط الثّمار عند اجتناءِ

ليس يدنو إلى المساجد فيها

وهو عن نافذ الشّوارع ناء

ليس مستبرءاً القبلة فيها

أد إليها مستقبلاً في الغلاءِ

وليضع حيث شاءَ بعض احتراز

يتوقّى به فناء البناءِ

فتسامى بعينه وهو طفل

حين ألفاه أفضل الفقهاءِ

قال .. إنّ الذّنوب ممّن تراها

حين يؤتى بسائر الفحشاءِ

هي إمّا للرّبّ والعبد تمنى

أو إلى العبد أو لربّ السماءِ

وقبيح عليه فرداً وجمعاً

هو أقوى من سائر الشّركاءِ

فهي لا بدّ أن تكون من العبـ

ـد وإنّ العبيد أهل الجزاءِ

قال .. ذرّيّة إلى الحقّ تهدي

أنجبتها أرومة العلياء

٤١٥
 &

وعليّ بن جعفر قال .. يوماً

لأخيه سلالة الأزكياءِ

أي شيء يحلّ وهو حرام

حين يضطرّ محرمُ للغذاءِ

هو يغذو من صيده أم تراه

يستغذي من ميتة الأحياءِ

قال .. من صيده فقال .. حرام

وهي نصّ تباح عند التجاءِ

قال هذا من ماله يتغذى

حين يأتي كفارة بالغداء

قال رمي الجمار أي الدواعي

تقتضيه أم علّة واقتضاء

قال ابليس هاهنا قد تراءى

لخليل الباري بهزي المرائي

فرماه بهتا فاصبح هذا

سنة في شريعة الحنفاء

قال يوماً الى الامام هشام

اي سرّ اوحى بوقت الاداء

للمصلي بان يكبر سبعاً

بافتتاح الصلاة للابتداء

ولماذا الركوع سبح فيه

بلسان الاعلى عظيم الثناء

قال اني النبي حين تدانى

قاب قوسين ليلة الإسراء

رفعت للجلال بين يديه

حجب سبعة بكشف الغطاء

وهو يدعو الله اكبر مجداً

عند رفع الغشاء بعد العشاء

واقرّ التكبير من اجل هذا

عند بدء الصلاة للاقتداء

وهو لما استقر لاحظ ذكراً

عظم الله ساعة الانحناء

قال عند الركوع سبحان ربي

اعظم الخالقين بالكبرياء

ورأى في السجود اعظم مما

قد رآه من عزّه وعلاءِ

فدعاه سبحان من هو اعلى

رفعة من بدائع الاشياء

استجابة دعواته عليه‌السلام :

٤١٦
 &

مرّ يوماً بمرأة وهي تبكي

بين صبيانها باشجى بكاء

قال ماذا يبكيك حين رآها

تتلظى من حسرة وشجاء

فاجابت كانت لدينا حلوب

من خيار الابقار ذات نماء

هي قوت الايتام بعد ابيهم

فاصيبت من بيتنا بالفناء

فتبقى الاطفال من غير قوت

مع انا من معشر الفقراء

فدعا ربه وقد كان صلّى

بالفلا ركعتين قبل الدعاء

قال قومي باذن ربي فقامت

بعد نخس لها من الاحياء

واختفى حين أقسمت إنّ هذا

هو عيسى بن مريم العذراءِ

وتجلّى عن الروّاة حديث

عن مليك من زمرة الخلفاءِ

قد أصابته مغصة ضجّ منها

ألماً مغنياً بأوجع داءِ

فأتاه من النّصارى طبيب

عنه أعيى من بعد وصف الدّواءِ

قال .. هذا طبّي وتحتاج حقّاً

من مقام عالٍ مجاب الدّعاءِ

فحباه الإِمام حين دعاه

بدعاءِ معجّل للشّفاءِ

قال .. أي النّجوى بحرمة طه

قلتها في دعاء ربّ السّماءِ

قال .. ناجيته بوقت الشّفاء

أره عزّ طاعتي ورجائي

مثل ما قد رأيته من قديم

زلّ عصيانه بوقت البلاءِ

قال .. لابن المهديّ موسى عليّ

وابن يقطين خيرة الأولياءِ

حين جاؤا برأس صاحب فخّ

وهو قد كان أفضل الشّهداءِ

قد تلظّى للطّالبيّين حقداً

ولموسى بن جعفرٍ بالعداءِ

موعداً أنّه سيقتل موسى

معلناً للإِمام بالبغضاءِ

٤١٧
 &

فأتته الأخبار وهو بجمع

حاشد في المدينة الغرّاءِ

قال .. ماذا ترون قالوا .. توارى

وابتعد عنه لائذاً بالخفاءِ

فدعى ربّه عليه وأوحى

لهُم قد اُصيب سهم الغناءِ

فأتاهم مع البريد سريعاً

نعي موسى في أوّل الأنباءِ

وحبانا محمّد بن عليّ

بحديث من أوثق العلماءِ

قال .. قد جدّد الوضوء وصلّى

أربعاً لاهجاً بخير دعاءِ

ربّ يا من خلّصت من بين طين

وثرىً كلّ أيكة خضراءِ

ربّ يا من خلّصت من بين فرث

ودم للجنين خير غذاءِ

أنت من ظلمة المشيمة والأرحـ

ـام خلّصتنا من الأحشاءِ

أنت خلّصت هذه الرّوح من بيـ

ـن مطاوى الأحشاءِ والأمعاءِ

ربّ خلّص من حبس هارون موسى

واكفني شرّه أشد اكتفاءِ

فتجلى لعين هارون عبد

شاهراً سيفه بكل جلاء

قال اطلق موسى سريعاً والّا

نلت مني الردى بلا ابطاء

فدعى الفضل قائلاً وافِ موسى

وهو في سجنه لدى الظلماء

انت بين الرحيل خيره عني

بعد اطلاقه وبين البقاء

وحباه جوائزاً فأباها

وسرى للمدينة الغراءِ

اخبار الامام الكاظم عليه‌السلام بالمغيبات :

جاء يوماً من الامام كتاب

لابن يقطين خيرة الاولياء

٤١٨
 &

قال فيه غير وضوءك عما

كنت فيه من سابق الآناء

حين قالوا بأنه رافضي

عند هارون مؤمن بالولاء

فهوى راصداً له فرآه

خالف الحق تحت ظل الخفاء

فتجلى له الرشيد وأوحى

كذب المغرضون بالافتراء

واذا بالكتاب وافى اليه

من جديد عن كاظم الامناء

عُد لما كتب من وضوء صحيح

زال ما كنت اخشى من بلاء

واتاه ابن نافع وابوه

مع اهليه في اتم الهناء

فرآه فقال عظمت اجراً

وثواباً فيه بأوفى عزاء

قال خلفته صحيحاً فاوحى

انه الآن قد ربى بالغناء

فأتى اهله فالفاه ميتاً

وهم في استغاثة وبكاء

قال يعقوب قد دخلت عليه

واذا في بصادق الاصفياء

قائماً عنده يناجيه سرّاً

وهو في المهد راقد الاعضاء

وقال سلّم عليه قلت سلام

قال ردّاً بمنطق الفصحاء

وعليك السلام فاستبدل اسماً

باسم بنت ينم عن بغضاء

كنت سميتها فلانه فاستبدلت

عنه باحسن الاسماء

قال هارون مستشيراً ليحمى

وهو في سجنه رهين البلاء

أي شيء تراه في أمر موسى

قال .. ترعى قرابة الأقرباءِ

قال أطلقه حين يسأل عفوي

هو بعد الإِقرار بالأخطاءِ

فأتاه مبلّغاً قال إنّي

بعد اُسبوع سوف ألقى فنائي

فتكتّم به وأبلغه عني

بعد حين تأتي له أنبائي

٤١٩
 &

وسيدري المسيء منّا إذا ما

أنا جاثيته بيوم الجزاءِ

واتّقوه فسوف ينزل فيكم

شرّ بطش من شدّة الكبرياءِ

وأبو خالد روى فيه نصّاً

فاض بالعذب من معين الرّواءِ

بعد جلب المهدي كرهاً وظلماً

لإِمام الهدى إلى الزّوراءِ

قال لا تخشى في مسيري هذا

منه بأساً عليّ طول البقاءِ

ليس هذا بصاحبي سوف أدنو

لكُم عائداً عقيب التّنائي

فانتظرني هنا وعيّن وقتاً

ومكاناً وقد وفى باللّقاءِ

قال .. والأخوص المبغض رجس

منه ما نال في فم الفحشاءِ

فاستشاط الخلال أحمد غيضاً

مضمراً قتله بظلّ الخفاءِ

وإذا رقعة لأحمد واتت

من إمام الهدى بلا إبطاءِ

جاء فيها عليك أقسمت حقّاً

بولائي فبّر في إيلائي

دعه إني وثقت بالله ربّي

وهو حسبي من كيد كلّ عدائي

قال إسحاق قال يوماً لشخص

بعد شهر يأتيك مرّ الغناءِ

فتساءلت في قرارة نفسي

أهو يدري آجال أهل الولاءِ

فانبرى لي وقال .. تعجب مني

حين أخبرته بأمر القضاءِ

ورُشَيد الهجريّ وهو عليم

بالمنايا من زمرة الأولياءِ

بعد عامين سوف تفنى وتمنى

بفراق الأموال والأقرباءِ

فتجلّى جميع مافاه فيه

بعد حين محقّق الإِمضاءِ

وابن يقطين حين أهدى إليه

ضمن مال نفائس الإِهداءِ

كان فيها دراعة أثقلوها

ذهباً من حريرة سوداءِ

٤٢٠