الإمام الكاظم وذراريه

إسماعيل الحاج عبدالرحيم الخفّاف

الإمام الكاظم وذراريه

المؤلف:

إسماعيل الحاج عبدالرحيم الخفّاف


المحقق: الدكتور حميد مجيد هدّو
الموضوع : الشعر والأدب
الناشر: العتبة الكاظميّة المقدّسة
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٤٣
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة
 &

رعاه لو كان في عرنينه شمم

لكنه خاسئ عن اجدع عطسا

في الطور انوار موسى حين آنسها

سمّيه ظن نادراً أوقدت قبسا

لما اتاها وعى صوت الجليل بها

ومن سناها كليم الله قد اُنسا

ما كان يجنى اليه المال مدعياً

له الخلافة ملك أولها التمسا

وان به هي خصت قبل مولده

والله من نوره نوراً لها اقتبسا

ألم يكن مستحقاً في سيادته

بالنص يأخذ من اموالها الخمسا

أليس طه له جد وجدته

الزهراء خير رجال في الورى ونسا

وحيدر حجة الرحمان والده

لولاه اصبح رسم الدين مندرسا

اهل الكسا خمسة كانوا وسادسهم

جبريل من كان روحاً للهدى قبسا

وكاظم الغيظ فرع عن اصولهم

غطاه ذلك الكسا في فضله وكسا

بأي ذنب الى بغداد اشخصه

وشخصه غيلة من بيته اختلسا

اقام يضع سنين في الحبوس ولا

عن جوده الركب يوماً خائباً يبسا

بالسجن دق نحولاً جسمه وضنى

مثل الهلال محاقاً بالسنا نكسا

ما زال ينقله والسجن مسكنه

وجدّ في قتله والجد قد تعسا

حتى تولت يد السندي مقتله

صبراً على الخطب للسم النقيع حسا

وبالعزيز على المختار موضعه

في الجسر وهو لبرد الذل قد لبسا

عليه قام المنادي قائلاً فقرا

لسان حال العلى عن شرحها خرسا

هذا امام اناس للهدى رفضت

بقولها انه من اشرف الرؤسا

بحر على الجسر القوه وغامره

يطهر الرجس مهما فاض والدنسا

رق الهدى رحمة بين الانام له

لكن قلب الشقى بغضاً عليه قسا

٣٦١
 &

فثل عرش المعالي بعد فرقته

وقد غدا علم الايمان منطمسا

ودت تغسله العلياء راغبة

بفيض دمع بمجرى عينها انبجسا

ان يقض في السجن نحباً فالرشاد له

أطال فرط نحيب لوعة وأسى

لا عاد من بعده غيث الربيع ولا

روض المنى اخضر عوداً بعدما يبسا

والمجد أنحله فر الشجون وكم

بثامن السقم في احشائه هجسا

وافى سليمان اشفاقاً فغسله

وقبله في مياه الكوثر انغمسا

قد كان طاهر جسم في أنامله

بحر من الارض تحيى كلما لمسا

بكاظم الغيظ دهر في تصرفه

أوهى القلوب أسىً لما عليه أسا

تبت يد من زمان للهدى صرمت

حبلاً وتبت قديما للولا مرسا

جاءت لياليه والاحقاد مركبها

مبادرات لركض تسبق الغرسا

وقال متحمساً ثم خرج الى مدح الامامين الهمامين الكاظم والجواد عليهما‌السلام ١ :

أيرمي سواد الليل عيني بالغمض

وعين السهو يقظى من السهد لا تغضي

وكف الثريا لازمت كبد السما

ومن ضعفها بالسقم فاترة النبض

أخال السحاب الجون اعراق سابحي

وبرق الحيا إفرند عضبي بالومض

لئن صفرت بيضاء كفي من الثرى

فالبيض من نطقي ادافع عن عرضي

ولي عزمه كالطود باذخة الذرى

رست فانثنى عن حملها منكب الارض

اذا ما عراني الخطب اسندت جانبي

الى العزّ واستعصمت بالشرف المحض

يضيق جنان الدهر مني فأرتقي

معارج مجد واسع الطول والعرض

اجود اذا ما عاقني البؤس واهباً

بنفسي وهل يعيي الجواد من الركض

____________

(١) ديوان الحويزي ج ٢ ص ١٣٧.

٣٦٢
 &

واهوى على هام العدو فراسة

بعزمة باز من ذري الجو منقض

بذلت حياتي للخليط ولم أزل

اُعدّ الوفا للخلّ من واجب الفرض

وألقى صروف الدهر مهما تجهمت

بواضح وجه بالبشاشة مبيض

واُبرم عهد الدهر والدهر ناقض

عهودي هل الابرام يقرن بالنقض

فما ألفت نفسي من اللؤم خصلة

ولم تقضها حتى بصرف القضا تقضي

فيا نفس لا تذني من الضيم خطّة

ويا عين عن فعل الخنا بالحيا غضّي

تصاممت عن داعي الهوان وشيمتي

لداعي الابا شوقاً على عجل نمض

فكم قومت يمناي للمجد صعدة

وكم مرهف من نجدتي في اللقا انضي

تكلّ الظبا عن ساعدي وانما

اُساجل كل القوم بالبعض من بعض

وابسط كفاً تقبض العهد عادة

وقد جبلت قدماً على البسط والقبض

فلو ارسلت سود الخطوب أساوداً

نواجذها تدمي فؤادي بالعضّ

لما كنت الّا للجوادين اشتكي

اذاها وبالمعروف في حاجتي اُفضي

امامان نهج الخلد والنار واضح

بشأنهما للناس بالحب والبغض

ضريحاهما حلّا باشرف روضة

من القدس اذكى من نسيم الصبا الغضّ

هما اسدا اجام عريسة الهدى

اخافا قلوب الشرك بالوثب والربض

شكوت من الدنيا بباب علاهما

وبينت شرح الحال مني بالعرض

لعلمي اني فيهما اُدرك المنى

فما نبذت مني الذرائع بالرفض

فمن كان في الدنيا يواليهما معاً

فعند اله العرش يوم الجزا مرضي

فلو نفضا يوم العطا ترب الثرى

لصار الثرى اغلا من التبر بالنفض

مواليهما روض النعيم محلّه

وكل عدو عنه ينهر بالدحض

٣٦٣
 &

بنظم ثنائي اقرض الله فيهما

فيربح فيه العمر في ساعة القرض

بذكر جميل قد بدأت ختامه

سرى المسك من اغلافه غير منفض

وله أيضاً في رثاء الإمام الكاظم عليه‌السلام ١ :

لهف نفسي في ثرى الزورا وحيد

قد قضى مضطهداً في حبس هارون الرشيد

حجّة الله على الخلق إمام الثقلين

علم الإسلام في الناس كريم الحسبين

كاظم الغيظ هداه ساطع في المشرقين

مثل شمس الأفق قد تنزل في برج سعيد

علة الإيجاد قامت باسمه السبع الشداد

ولابناء الهدى أضحى مناراً للرشاد

وبه يوم الجزا ينجو من النار العباد

سيد كل الورى طوع يديه كالعبيد

هو سرّ الله محجوب بأستار العيوب

وبه تكشف غايات الليالي والخطوب

طاهر برأه الرحمن من مسّ العيوب

ومزايا قدره آيات فرقان مجيد

هو موسى مذهب الحق أبو جعفر

ينتمي في مصدر العلم إليه المنبر

ومعاليه كعين الشمس أنّى تنكر

هي بالسبع المثاني ولها الله شهيد

لم يزل ممتحناً في عصره ذاك الإمام

خفضت أيدي العدى من مجده أعلى مقام

وله قد حجبوا شخصاً سما البدر التمام

وسجايا أخجلت في نظمها العقد الفريد

مرشد سرّه لشرع الدين منهاج الطريق

وغدا يسقي الذي والاه كاسات الرحيق

ماجد في جدَّه شرّف البيت العتيق

ذكره السامي على مرّ الجديدين جديد

عجباً يجحد منه ذلك العلم اليقين

____________

(١) ديوان الحويزي ج ٢ ص ١٣١.

٣٦٤
 &

وبه لم يرع عهد المصطفى الطهر الأمين

شابه الصديق في السجن غدا سبع سنين

ماكثا لكنما بينهما الفرق بعيد

ذاك بعد السجن أضحى ملكاً في مصره

تلتجي الناس إليه خضّعاً في عصره

عاق تاج فخار زاهر في درّه

شامخ الراس وذا في رجله قيد الحديد

لم يزل ينقل من حبس إلى حبس غريب

لا يرى في وحشه السجن أنيساً وحبيب

قد تشكا علّة يعيا بها فكر الطبيب

كلما سار بها رشح من السم تزيد

وله السندي عمداً دس سماً منقعا

ذائباً قلب الهدى والدين منه قطعا

قد بكاه العدل والتوحيد بالحزن معا

وله قد بذل الدمع وقد عزّ الفقيد

قتل السندي منْ طاعته مفترضة

ومناديه دعا هذا إمام الرافضة

والنصارى حققت بالطب منه موضعه

إنه بالسمّ قد أصبح مقتولاً شهيد

وعلى الجسر ببغداد به طاف الورى

نظرته ميتاً كالنور يحكى القمرا

وسليمان تولى دفنه حين درى

إنه للدين والدنيا عماد وعميد

بعد ما نادى عليه بنداء حسن

قائلا ذا عصمة الدين إمام الزمن

كعبة الفخر حمى الإسلام محيي السنن

للمعالي مبدء في الناس طوراً ومعيد

ومشت ميلا به الناس وهم للهام ميل

أشبهت خلف علاه مشية العبد الذليل

جل قدراً وبه قد اصبح الرزء جليل

مارت الشم وقد كادت به الأرض تميد

وامتلت بغداد حزناً وعويلاً وشجى

وصباح الرشد فيها قد حكى جنح الدجى

٣٦٥
 &

غار بحر الفضل عنها وبها خاب الرجا

من بها يحمي حمى الجار ومن يأوي الطريد

الشيخ محمّد علي اليعقوبي (١٣١٣ هـ ـ ١٣٨٥ هـ)

هو الشيخ محمّد علي بن يعقوب بن جعفر بن حسين النجفي اليعقوبي خطيب شهير واديب معروف وشاعر رقيق ولد بقرية تدعى جناجة عند آل مرزوق وقد برع اسمه في الحيرة حيث كان يستقبل الزائرين من رجال الدوله عندما يفدون الى العشائر فهو يحسن لغة التخاطب فكان مرح الروح لطيف المعشر رقيق الحديث ، انتخب عميداً للرابطة العلمية والاديبة في النجف الأشرف.

وظل يشغلها حتى وفاته رحمه‌الله وله في الامام الكاظم عليه‌السلام ١ :

للكرخ سارت بنا عيس الرجا تخد

وفي الضلوع لظى الاشواق تتقد

تؤم في وخدها باب الحوائج واليه

الذي من هلاك الورى وردوا

يا ابن الاُلى بلغوا من كل مكرمة

شأواً بعيد المرامي لم تنله يد

فلذت فيك وآمالي بك انعقدت

وهل سواك به الامال تنعقد

لم اعتقد ابداً الّا مودتهم

والمرءُ يسأل عما كان يعتقد

ما انصفتك بنو الاعمام اذ قطعت

اواصراً برسول الله تتحد

ابكيك رهن السجون المظلمات وقد

ضاق الفضا وتوالى حولك الرصد

لبثت فيهن أعواماً ثمانية

ما بارحتك القيود الدهم والصفد

تمسي وتغدوا بنو العباس في فرح

وانت في محبس السندي مضطهد

دسوا اليك نجيع السم في عنب

فاخضر لونك مذ ذابت به الكبد

حتّى قضيت غريباً فيه منفرداً

لله ناءٍ غريب الدّار منفرد

____________

(١) قلائد الإنشاد ص / ٧٧٢.

٣٦٦
 &

أبكي لنعشك والأبصار ترمقه

ملقىً على الجسر لا يدنو له أحد

نادوا عليه نداءً تقشعرّ له الـ

سّبع الطّباق فهلّا زُلزل البلد

أبكيك ما بين حمّالين أربعة

تشال جهراً وكلّ النّاس قد شهدوا

تصرّم العمر مني وانقضى أملي

وما وفت لي أيامي بما تعد

ولو تعي الهضب ما في القلب من ألم

دكّت ولم تتحمل بعض ما اجد

لم تجتمع هاشم البطحا لديه ولا

الأشراف من مضر الحمراء تحتشد

ومن اذا الدهر قد هبت زعازعه

عليهم الناس بعد الله تعتمد

كأنها ما درت ان العميد مضى

ومن رواق علاها قد هوى العمد

وله أيضاً في الإِمام الكاظم موسى بن جعفر عليهما‌السلام :

قصدت بحاجاتي لموسى بن جعفر

فيمّمت باباً عنده الصّعب يسهلُ

حمىً عكفت فيه ملائكة السّما

فتعرج أفواج واخرى تنزّل

نحا قبره العافون من كلّ وجهة

إلى الله في أعتابه نتوسّل

فما حاجة إلّا بمغناه تنقضي

ولا غلّة إلّا بجدّاه تنهل

بنفسي الّذي لاقی من القوم صابراً

إذاً لو يلاقي يذبلاً ساخ يذبل

بعيداً عن الأوطان والأهل لم يزل

ببغداد من سجن لآخر ينقل

يعاني وحيداً لوعة السّجن مرهقاً

ويرسف في الأصفاد وهو مكبّل

ودسّ له السّمّ ابن شاهك غيلة

فأدرك منه الرّجس ما كان يأمل

ومات سميماً حيث لا متعطّف

لديه ولا حانٍ عليه يعلّل

قضى فغدا ملقىً على الجسر نعشه

له النّاس لا تدنوا ولا تتوصّل

ونادوا على جسر الرّصافة حوله

نداءاً تكاد الأرض منه تزلزل

٣٦٧
 &

فقل لبني العبّاس فيم اعتذارها

عن الآل لو أنّ المعاذير تقبل

وله أيضاً تحت عنوان (كرامات موسى الكاظم عليه‌السلام) :

نعم هكذا تبدو الكرامات منهم

كشهب الدراري ليس تخفى وتكتم

بنو الوحي سر الكائنات باسرها

بهم بدئت قدماً وفيهم ستختم

فلم يرو الا عنهم خبر الذي

ولم يسند المعروف الا اليهُم

اقول لمرتاد النجاح تقلّه

من العيس كوماء تخب وترسم

اذا جئت من بغداد جانب كرخها

ونار الجوى ما بين جنبك تضرم

ولاحت لعينيك القباب زواهراً

تشق الدجى انوارها وهو مظلم

فيمم بها مثوى لموسى بن جعفر

فما الخير الا حيث انت ميمم

وعرج على ذاك الضريح الذي غدت

بساحته غرّ الملائك تخدم

فان يك حول البيت في العام موسم

ففي كل آنٍ فيه للناس موسم

يحوم عليه المعنقون كأنهم

على الورد اسراب من الطير حوم

هناك ترى قلب العدو من الاذى

يذوب وآناف الحواسد ترغم

مزايا توالت كل يوم وليلة

بها قد أقر الجاحدون وسلموا

تناقلها الراوون شرقاً ومغرباً

فذا منجد فيها وذلك مُتْهم

اينكرها قوم عناداً وانها

شموس بآفاق المعالي وأنجم

فقل للنصارى اين ضلت عقولكم

خذو ما رأيتم واتركوا ما سمعتم

لئن عظمت آيات عيسى بعصرها

فآيات موسى في الحقيقة اعظم

فهاتيك تحصى ان تعد وهذه

على مدد الايام لم يحصها فم

فكم أكمه في فضله عاد مبصراً

واخرس اضحى ناطقاً يتكلم

٣٦٨
 &

ومن داخل جارت صروف زمانه

عليه فوافى شاكياً يتظلم

ومن خارج تضفي عليه سوابغاً

صنايع من جد (الجواد) وانعم

فبلغهم (باب المراد) مرادهم

وكف الاذى (باب الحوائج) عنهم

اليس عجيباً ان يصدق ملحدٌ

وبجنح للتكذيب فيهن مسلم

فقل للاعادي كم تسيئون احمداً

ألم يكفكم مَنْ آله ما عرفتم

الى م وكم تطوون كل كرامة

فينشر منها الله ما قد طويتم

اجل قد علمتم موقنين بصدقها

ولكن تجاهلتم بما قد علمتم

هم الحبل حبل الله فاعتصموا به

وعروته الوثقى التي ليس تفصم

فيا جاحدي آياتهم ان فضلهم

بدا واضحاً صلّوا عليهم وسلمو

السيّد محمّد علي الغريفيّ البحرانيّ (١٣٢٨ هـ ـ ١٣٨٨ هـ)

ولد في مدينة المحمّرة ، ونقل جثمانه إلى النّجف الأشرف ودفن في مقبرة الاُسرة في وادي السّلام ، نشأ يتيم الاُمّ ثمّ توفّي والده وهو في الثانية عشر من عمره ... كان وكيلاً مطلقاً للمرجع الديني السيد أبي الحسن الموسويّ الأصفهانيّ في المحمرة. له في الإِمامين موسى بن جعفر وحفيده الجواد عليهما‌السلام ، قصيدة منقولة من « مستدرك أعيان الشّيعة ج ٣ / ٢٣٩ ».

أنت مهما دهاك لدهرك بالشرّ

لذ بخير الأنام موسى بن جعفرْ

وتمسّك به ولا تخش ضيراً

فهو منجي الوجود طرّاً من الضّرْ

وهو ظلّ الرّحمن يأوي إليه

كلّ من خاف ذنبه يوم يحشر

٣٦٩
 &

قف على بابه وقوف ذليل

خاشع الطّرف واسأل الأجر تؤجر

فهو باب الإِله باب رسوله اللّـ

ـه باب الطّهر البتول وحيدر

قف وقبّل أعتابه وتأمّل

رحمة الله عنده كيف تنشر

فهناك الجلال فيه مقيم

وبه النور خالق الكون أزهر

نور (موسى بن جعفر) شعّ فيه

وجمال (الجواد) كالصّبح أسفر

ليت شعري ماذا يقال بموسى

وهو أعلى من المديح وأكبر

وبفضل الجواد أنّى يحيط الو

صف هيهات تاه من فيه فكّر

فهما في سما المعارف بدرا

ن وما خاب فيهما من تبصّر

بهما تهتدي العوالم طرّاً

وهما للهدى وللعلم مصدر

وعلى الكون قد أطّلا بوجهٍ

منه هذا الكون العظيم تنوّر

أو تدري نما هما أيّ جدٍّ

من غدت باسمه الوجودات تفخر

خاتم الرّسل صفوة الله في العا

لم طرّاً من قبل أن يخلق الذّر

وعليّ أبوهما وهو مولى

وأمير له المهيمن أمّر

من أقام الدّين الحنيف بما ضيـ

ـه وللشّرك بالمهنّد دمّر

هاك منّي يا كاظم الغيظ مدحاً

فيك لا في سواك يا ابن المطّهر

بابنك الطّاهر الجواد تشفّعـ

ـت وشأن الجواد أن لا يقصّر

أنتما منيتي وسؤلي في الدّنيـ

ـا وحرزي من المكاره والشّر

٣٧٠
 &

السيّد محمّد جمال الهاشمي (١٣٣٢ هـ ـ ١٣٩٧ هـ)

هو الحجة السيّد محمّد جمال الهاشمي رحمه‌الله رجل العلم والادب ولد في النجف الاشرف ومات ودفن فيه. وله في الامام الكاظم عليه‌السلام ١ :

ذكراك نور للحياة ونارُ

تبكي وتهتف باسمها الأحرار

يا سابع الأنوار في الاُفق الّذي

لمحمّد تنمى له الأنوار

ومكافح الطّغيان لم تلفح له

نارٌ ولم يشهر له بتّار

كالنّور يخترق المدى بشعاعه

فتنار في أمواجه الأغوار

أو كالكتاب ينير في آياته

دنيا بها تتلاحم الأفكار

أو كالمسيح يغيّر الأجواء في

سير به تتغيّر الأحبار

أو كالنّبيّ محمّد في مكّة

يدعو الزّمان فتخشع الأقدار

أو كالرّبيع يبثّ في نسماته

روحاً به تتنفّس الأشجار

قد كنت ترسلها لجيلك دعوة

تجري على توجيهها الأبرار

فتهزّ أصنام الطّغاة فتنثني

منها وكلّ وجودها إنكار

لم يكفهم حكم البلاد وما بها

من قوّة فيها الحياة تدار

كلّ المشارف ملكهم فلهم على

كلّ المشارف شارة وشعار

دنيا الرّشيد وإنّها اُسطورة

بفصولها تتندّر الأسمار

لم تعرض الأجيال مثل حياتها

أبداً ولم تحفظ لنا الآثار

وقبعتَ في كِنّ يُرى في جانبٍ

منه حصير قد علاه غُبار

تقضي الحياة به لترعى اُسرة

نبويّة هي للحياة منار

هي صفوة الله الّتي بولائها

فُزنا وعنّا زالت الأخطار

عاشت بإقتار ولو رامت غنىً

لغدا تراب الأرض وهو نُضار

____________

(١) مع النبي والآل ص / ٢٨٩.

٣٧١
 &

لكنّ أهل البيت قد زهدوا بها

هامت به الأغيار والأغرار

أأبا الرّضا والشّعر يقصر فنّه

عن أن تنال بمدحه الأقمار

لكنّ حبّي شافع لي حينما

يشدو بحمدك شعري الهدّار

هذي مواقفك الّتي أعجازها

كالفجر تهدم عرشها الأغيار

ورأتك سدّاً دون ما تبغي وما

تبغي فناء للهدى ودمار

فمشى ليجلبك الرّشيد لسجنه

فكأنّ سجنك عزّة وفخار

أخفاك مثل الشّمس تحجب وهي في

طاقاتها تتزوّد الأقطار

والسجن يصبح فيك مدرسة بها

تتوجه اللقطاء والأغمار

ونقلت للسندي اخبث فاتك

من كيده تتبرأ الأشرار

قاسيت منه نوائباً في وصفها

يبكي البيان وتندب الاشعار

كان الرشيد يوجه الجزار في

ها يرتأي فيطبّق الجزار

هل كان يحمل للنبي وآله

ترة وفيك ستدرك الاوتار

لم يسترح حتى صرعت بسحّه

يرعاك سجن موحش وإسار

وسرت بنعشك مثقلاً بقيوده

وكأنما هو كوكب سيّار

وضعته فوق الجسر تقصد هتكه

فئة يلطخ صفحتيها العار

صاحت عليه لكي تحط مقامه

فسماء خلق مجده الطيار

رامت لتطفىء نوره فاذا به

فجر به تتمزق الاستار

٣٧٢
 &

السيّد محمّد الشيرازي (١٣٤٧ هـ ـ ١٤٢٤ هـ)

هو المرجع الديني الفقيه السيّد محمّد بن السيّد مهدي الحسيني الحائري الشيرازي ، ولد في النجف الأشرف وعاش في كربلاء المقدسة ثم انتقل إلى الكويت وقم المقدسة التي قضى نحبه فيها له مؤلفات عديدة ومدائح ومراثٍ للائمة الاطهار. وله في الامام الكاظم عليه‌السلام :

أهدي مديحي للامام العالم

اعني زعيم الحق موسى الكاظم

ذا الحلم والفضل المؤثل والنهى

والعلم والشرف الرفيع القائم

آباؤه الاعلام اطواد التقى

وبنوه اصحاب العلى ومراحم

لوذ لمن فيه تمسك من عناً

والمستجار لمستجير واجم

يقضي الحوائج قبل حل رحالها

فترى الحوائج عنده بتزاحم

في فضله مثل النبي محمّد

وشبيه حيدر في جماع مكارم

وليشع من انواره نحو السما

نور كموج الأبحر المتلاطم

طول التعبد ناهك منه القوى

يبكي شجى من خوفه المتعاظم

في علمه الزخار كالماء لا

يدري مداه او كسيل عارم

حسن الشمائل طيب الأعراق في

اخلاقه يحكم لطيف نسائم

قد كان للاسلام خير مدافع

ولصرع زيف الكفر اكبر هادم

لولاه لم يعرف نفاق رشيدهم

ونفاق من لصقوا به بتلاحم

وله في رثاء الامام موسى بن جعفر عليه‌السلام :

قد مات موسى الكاظم وا اسفا

من جور هارون نحيفاً دنفا

طال به السجن لدى جلوازه

السندي بالضرب له قلباً شفا

٣٧٣
 &

وكان قد كبله بسلسل

في مظلم السجن أثيماً مجحفا

فلا يرى الامام في ردء ضحى

نوراً ولا برد الليالي اذ غفا

يمشي الهوينا من ثقيل قيده

يشكر ربه ويتلو المصحفا

طعامه لم يك طيباً ولا

شرابه من الزلال قد صفا

ويلطم الرجس له تكبرا

وقسوة في قلبه وصلفا

حتى سقاه السم بأمر من

الكافر هارون به قد هتفا

يشرب موسى السم وهو زاهد

ويشرب الرجس الاثيم قرقفا

يقضي الامام نحبه بزنزن

والرجس في القصر خطا يقترفا

يحمل جثة الامام اربع

مهانة في ذلة لن توصفا

يبقى ثلاثا غير مدفون على

الجسر ببغداد ولا من يعطفا

الشيخ عباس الاعسم (١٢٤٨ هـ ـ ١٣١٣ هـ) ١

هو الشيخ عباس بن عبد السادة بن مرتضى الاعسم النجفي الحيري. وله في الامام موسى بن جعفر عليهما‌السلام ٢ :

وليس لمابي غير موسى بن جعفر

فذاك الذي لا يستضام مجاوره

كفاه فصيح الذكر عن كل مدحه

فأوله يثنى عليه وآخره

السيّد جواد القزويني (١٢٩٦ هـ ـ ١٣٥٨ هـ)

هو السيّد جواد بن السيّد هادي بن ميرزا صالح بن السيّد مهدي القزويني الكبير ، عالم كبير واديب بارع ، وشاعر مطبوع. ولد في الهندية (طويريج) اكمل دراسته الابتدائية فيها ثم ارسله والده الى

____________

(١) له ترجمة وافية في شعراء الغري ج ٤ ص ٤٦٣ وبعضهم ذكر سنة مولده ١٢٥٣ هـ.

(٢) اعيان الشيعه ج ٧ / ٤١٦.

٣٧٤
 &

النجف الاشرف مهد العلم ومنتدى الادب لاكمال دراستها الحوزوية والاضطلاع بجملة من العلوم والوصول الى التخصص في الفقه الاسلامي فكان موضع ثقة العلماء كانت له مساجلات ادبية مع جماعة من ادباء النجف ١ :

بالجوادين قد انخت ركابي

طالباً منهما شفاءاً لعمّي

أنجحا قصدي المؤمل فيهم

وأزالا عن ساحة القلب همي

فأجابه المهدي أخوه نيابة عن والده :

كل عام للكاظميين نُعمى

يتجلي بها عن القلب غمّي

حيث شئنا ظنا شقيق فؤادي

وأزالا قدماً غمامة سقمي

وارسل الجواد الى والده :

بشراكم في حسن

عن جسمه زال الضنا

(فالحمد لله الذي

اذهب عنا الحزنا)

فاجابه اخوه المهدي :

من فضل اهل البيت في

عمّك عمّنا الهنا

فالحمد لله الذي

بفضله قد خصنا

السيّد أسعد الموسوي (ولد ١٣٢١ هـ)

هو السيّد الحسيب النسيب السيّد اسعد بن علي الدعلوج الموسوي القطيفي التاروني ولد حدود ١٣٢١ هـ وتعلم الخط والقران في صغره وتلقى بعض دروس العربية والفقه في عنفوان شبابه على بعض

____________

(١) شعراء الحلة للخاقاني ج ١ / ٢٩٤. ط النجف الاشرف ، وفي البابليات اليعقوبي ج ٣ ص ١٣٠ أن ولادته ١٢٧٩ هـ.

٣٧٥
 &

علماء وطنه وكان من الخطباء الذاكرين في مآتم سيّد الشهداء عليه‌السلام. وله يرثي الامام الكاظم موسى بن جعفر عليهما‌السلام ١ :

لا تلمني في البكا يا عاذلي

فمصابي بامامي ذاهلي

كم وكم كابد من اعدائه

غصصاً تذهل لبّ العاقل

سيما اشقى الورى شيطانها

المسمى بالرشيد الجاهل

من جوار المصطفى اخرجه

يا بنفسي للامام الفاضل

والى البصرة قد اشخصه

ولبغداد بذل قاتل

قد رماه في سجون اربعاً

ثم عشراً لم يخف من عادل

وبحبس الفاجر السندي قد

زجه لم يخش عذل العاذل

وبقى في سجنه مضطهداً

يعبد الله بقلب واجل

ذاكراً لله مطويّ الحشا

في عناء وظلام حائل

ما له في السجن من يؤنسه

غير علج وكفور خامل

ما اكتفى هارون حتى سمّه

في حشا الدين بسم قاتل

فغدا يرمي حشاه قطعاً

وقضى نفسي الفدا للراحل

فبكى الاملاك والرسل له

والسماوات بقان هاطل

وبكى القران والدين معاً

والورى من محتف او ناعل

وبكى الكرسي والعرش دماً

وكذا الجن بدمع هامل

وعلى الجسر رمي لهفي له

ثم نودي بالنداء القاتل

وغدت شيعته تندبه

بعويل وبقلب ذاهل

____________

(١) شعراء القطيف ص / ٣٤.

٣٧٦
 &

الشيخ مجيد خميس ١ (١٣٠٤ هـ ـ ١٣٨٤ هـ)

هو العالم الشيخ مجيد (عبد المجيد) بن حمادي بن حسين بن خمّيس الحلّي السلامي من شعراء الحلّة وعلمائها ، كان يجمع الى جانب مواهبه العلمية حسن السيرة ولطف المعاشرة ورقة الشعور ووداعة الطبع. توفي في الحلة ودفن في النجف الأشرف. وله في الامام الكاظم عليه‌السلام ٢ :

يوم به المعروف عاد منكراً

والحق قد اجهد في إخفائه

ان لم يشيع نعشه فلم تكن

منقصة عليه في عليائه

وخلفه الاملاك قد تزاحمت

والروح ادمى الافق من بكائه

منادياً عن شجن وإنه

قطّع قلب الدين في ندائه

يا قمر الاسلام قد امسى الهدى

دجنة مذ غبت عن سمائه

وقد غدا الإيمان ينعى نفسه

فطبق الاكوان في نعمائه

هذا امام الحق عاش في العدى

مضطهداً ومات في غمائه

لقد ثوى بلحده وما ثوى

الّا الهدى والدين في ثوائه

السيّد مهدي الاعرجي ٣ (١٣٢٢ هـ ـ ١٣٥٨ هـ)

هو السيّد مهدي (عبد المهدي) ابن السيّد راضي بن السيّد حسين ابن السيد محمد بن السيّد جعفر الاعرجي ، ولد في النجف الأشرف وكان شاعراً سريع البديهة ، كثير النظم مات غريقاً في نهر الحلة ونقل جثمانه

____________

(١) ترجمته في شعراء الحلة للخاقاني ج ٥ ص ٤٦٨.

(٢) ادب الطف ج ١٠ / ١٨٧.

(٣) له ترجمة وافيه في شعراء الغري ج ٢ ص ٢٤٣ (المراجع).

٣٧٧
 &

ليدفن في النجف الأشرف ، له في الإمام الكاظم عليه‌السلام :

رحلوا وما رحلوا اُهيل ودادي

إلّا بحسن تصبّري وفؤادي

ساروا ولكن خلّفوني بعدهم

حزناً أصوب الدّمع صوب عماد

وسرت بقلبي المستهام ركابهم

تعلوا به جبلاً وتهبط وادي

وخلت منازلهم فها هي بعدهم

قفرا وما فيها سوى الأوتاد

تأوي الوحوش بها فسرب رائحٌ

بفناء ساحتها وسرب غادي

ولقد وقفت بها وقوف مولّهٍ

وبمهجتي للوجد قدح زناد

أبكي بها طوراً لفرط صبابتي

وأصيح فيها تارة واُنادي

يا دار قد ذكّرتني عراصك الـ

ـقفرا عراص بني النبيّ الهادي

لمّا سرى عنها ابن بنت محمّدٍ

بالأهل والأصحاب والأولاد

مذ كاتبوه بنو الشّقا اقدم فليـ

ـس سواك تعرف من إمام هادي

لكنّه مذ جاءهم غدروا به

واستقبلوه في ظباً وصعاد

تبّاً لهم من اُمّةٍ لم يحفظوا

عهد النّبيّ بآله الأمجاد

قد شتّتوهم بين مقهور ومأ

سور ومنحور بسيف عناد

هذا بسامرّا وذاك بكربلا

وبطوس ذاك وذاك في بغداد

لهفي وهل يجدي أسىً لهفي على

موسى بن جعفر علّة الإِيجاد

ما زال ينقل في السّجون معانياً

عضّ القيود ومثقل الأصفاد

قطع الرّشيد عليه فرض صلاته

قسراً وأظهر كامن الأحقاد

حتّى إليه دسّ سمّاً قاتلاً

فأصاب أقصى منية ومراد

وضعوا على جسر الرّصافة نعشه

وعليه نادى بالهوان منادي

عج بالمحصّب فالّلوى فزرود

وانشد فؤاد المغرم المعمود

٣٧٨
 &

قف بي على تلك الديّار فلي بها

قلب اُضيع وليس بالمنشود

كم لي بذاك الرّبع من اُمنيّة

لم تقضها نفسي ومن مقصود

ربع يودّ النّازلون بأرضه

للحشر أن يقضى لهم بخلود

حيث الثّرى حاكت لها كهف الحيا

بالسّوسن المخضّر خير برود

كم ليلة قضيّتها متسامراً

مَعْ كل ظبي كالهلال وخود

يا جنة الفردوس ما بال الحشا

قد بات يصلى منك ذات وقود

ذهبت بزهرتك الليالي السّود

يا تباً لهاتيك الليالي السّود

لم تحتفل لك في عهود مثل ما

لأبي الرضا لم تحتفل بعهود

جلبوه قسراً من مدينة جده

نحو المدائن موثقاً بقيود

حبسوه في طامورة لم ينفجر

ليل الشقا عن صبحها بعمود

تبت يد الرجس الرشيد بفعله

اذ ليس فيما قد جنى برشيد

اوحى الى سنديه ليسمّه

سَمّا تذوب به صخور البيد

فقضى سميماً في السجون مشرداً

في منزل عمن يحبّ بعيد

وضعوا على جسر الرصافة نعشه

وعليه جهراً بالاهانة نودي

فرأى سليمان جنازته ولم

تشفع بتهليل ولا تمجيد

فانصاع يسأل من يلي قائلاً

اي امرىء هذا وايّ فقيد ؟

فتصارخوا جزعاً وقالوا انه

موسى بن جعفر حجة المعبود

نادى عليّ به واجرى دمعه

متواصلاً كاللؤلؤ المنضود

حتى تولى منه امراً لم يكن

عند الرشيد هناك بالمعهود

لم يبق ثاو بالعراء كجده

دامٍ تغسله دماء وريد

٣٧٩
 &

قد بدّدت يا للهدى أوصاله

بشبا الصّوارم أيّما تبديد

وله قصيدة اُخرى في الإِمامين الجوادين عليهما‌السلام :

أتيتك يا موسى بن جعفر قاصداً

لأطلب حاجاتي وأشكو لواعجي

ولا تطلب الحاجات إلّا ببابها

وها أنت يا مولاي باب الحوائج

وله أيضاً في الإِمامين الكاظمين عليهما‌السلام :

يا أيّها الحادي ألاغرّب بنا

ودع النّزول فهذه بغداد

واقصد بنا نحو الجواد وجدّه

من لا تخيب لديهما القصّاد

وأنخ ببابهما القلوص فطالما

فيها أناخت قبلك الوفّاد

واطلب مرادك منهما فلديهما

أبداً لا ولا ينال مراد

وله أيضاً :

يا ابني رسول الله جئت إليكما

أطوي المهامه فدفداً في فدفد

وبحق اُمّكما البتولة فاطمة

وبحقّ جدّكما النّبيّ محمّد

جودا بنجح مطالبي وقضائها

يا سيّديّ ومن الشّفاعة في غد

وله أيضاً في الامامين الهمامين الجوادين عليهما‌السلام :

موسى بن جعفر أيّها المولى الّذي

عقدت عليه يد الإِمامة تاجها

بغداد كانت قبل مظلمة الفنا

فحللت جانبها فكنت سراجها

أدعوك والحاجات اُرتج بابها

وسواك لم يسطع يفكّ رتاجها

باب الحوائج ما دعته مروعة

في حاجة إلّا ويقضي حاجها

وله أيضاً :

٣٨٠