الإمام الكاظم وذراريه

إسماعيل الحاج عبدالرحيم الخفّاف

الإمام الكاظم وذراريه

المؤلف:

إسماعيل الحاج عبدالرحيم الخفّاف


المحقق: الدكتور حميد مجيد هدّو
الموضوع : الشعر والأدب
الناشر: العتبة الكاظميّة المقدّسة
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٤٣
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة
 &

من فضة صيغ ودَّت ان تذهبه

شمس النهار فيحمي قبرها المنحا

أتوا به يحمل الإيمان جانبه

والمؤمنون وأملاك السماء ضحى

باُجر مُهديه وسع الكون ضاق كما

من دهر ضاق ما قد كان منفسحا

لله من باب فضل في ميامنه

فضل المهيمن عنا قط ما برحا

بمنتهى الرشد نادِ يا مؤرخه

« باب لبابَيّ إله العرش قد فتحا »

١٢٨٤ هـ

وله قصيدة في مدح الإمامين الكاظمين عليهما‌السلام وقد فتح لحضرتهما باب جديد ١ :

لقد فتح الإقبال بابا الى الهدى

به قد هدى الله المضلّ وأرشدا

لحضرة قدس شرف الله تربها

فعاد تراها للملائك معبدا

ملائكة الرحمان إذ وكّلوا بها

لزوّارها قالوا : ادخلوا الباب سجدا

حوت فلكي مجدٍ وقطبي مآثر

يَدي قدرٍ سَيفي قضا ساعديْ ردى

سمائي علاً شمسي

ضحى قمري دجى

وبحري ندى بحر

الندى منهما اجتدى

إمامين من فخريهما كل مفخرٍ

تولَد ما بين الورى إذ تولدا

جوادين قد عم الوجود نداهما

فأضحى به جيد الزمان مقلدا

بنى بابها باب المعالي ولم يزل

لباب المعالي فاتحاً ومشيّدا

سعت فأقامتها مساعٍ حميدة

لقد شكر الربّ الجليل لها يدا

وله أيضاً من قصيدة بمناسبة بدء تنفيذ هذه الأعمال : (ديوان جابر الكاظمي ص ٢٨)

____________

(١) ديوان جابر الكاظمي / ص ١٧٨.

٣٠١
 &

أضحت بساحتها الاملاك قائمة

تدعو لمبتهل لله بكّاء

وكم من الملأ العالين من فرقٍ

تؤمها كل إصباح وإمساء

بها اصاب الأماني كل ذي أمل

منّا وعنا ازالت كل غماء

وجاوزت قببَ الافلاك في قمم

قبابُهم حين جارت شأو جوزاء

قل للمنيبين رشداً من مؤرخه

« نادوا المهيمن هذا طور سيناء »

١٢٨١ هـ

وكان من ملحقات أعمال هذه العمارة هدم البركة التي كانت قائمة في وسط الصحن الشرقي وإيجاد بديل عنها خارج الصحن من جهته الشرقية إبعاداً للمياه والأوحال عن الصحن وتم ذلك سنة ١٣٠٣ هـ وقال تاريخها ١ :

أن هذا سلسبيل للسبيل

سائلٌ من كوثر كل مسيل

سلسبيل عن نداهم سال من

سلسل الدُجلة لا من ماءِ نيل

بل من الكوثر قد ارخته

(سلسبيل سال ذا وقف السبيل)

١٣٠٣ هـ

السيد جعفر الحلّي (١٢٧٧ هـ ـ ١٣١٥ هـ)

السيد أبو يحيى جعفر بن حمد بن محمد حسن الحسيني الحلّي النجفي الشاعر المعروف ولد في قرية من قرى العذراء تعرف بقرية السادة وتوفى فجأة في النجف ودفن فيها كان فاضلاً مشاركا في العلوم الدينية أدبياً محاضراً حسن المعاشرة رقيق العشرة صافي السريرة وحسن السيرة له مشطراً البيتين (لسري باشا) في مدح

____________

(١) ديوان جابر الكاظمي ص ٢٩٧.

٣٠٢
 &

سيدنا الإمام موسى بن جعفر ١ عليه‌السلام :

لك يا ابن جعفر تشخص الاماق

ويردها من خوفك الإطراقُ

أدعو وملء جوانحي أشواق

(يا من بغرة وجهه الإشراقُ)

زهرت بنور جمالك الآفاق

لابد من عاداك يقرع سنّه

ندماً ويبصر كذب ما قد ظنّه

قسماً بحبّك والذي قد سنّه

لم اخش من نار الجحيم لأنه

من نار حبك في الحشا إحراق

يا من زكى أصلاً وطاب بُناته

وحكت هبات المعصرات هباته

هذا مقامك قد سحت هضياته

(فاق الأماكن كلّها عتباته)

فلثمنها الأفواه والأحداق

بشرى العراق فقد زهت وتباشرت

أقطارها ولها الأباعد هاجرت

موسى بن جعفر في العراق أما درت

فإذا أقاليم البلاد تفاخرت

(فلك الفخار على البلاد عراق)

له مخمساً قصيدة السيد حسين القزويني ٢ في مدح الكاظمين عليهما‌السلام : ٣

سر على الرشد آمناً كل ميل

بفلاً لم تخب بعيس وخيل

خذ على الجدي ناكباً عن سهيل

أيها الراكب المجد بليل

فوق وجناء من بنات الغيد

حسرة شفّها من الوجد ما شف

فاستطاعت مثل الظليم إذا زف

____________

(١) سحر بابل وسجع البلابل (ديوان السيد جعفر الحلي) ص / ٣٤٩ ، صيدا ، لبنان سنة ١٣٣١ هـ.

(٢) هو الشاعر السيد حسين بن السيد راضي القزويني (١٢٨١ هـ ـ ١٣٣٠ هـ)

(٣) سحر بابل (ديوان السيد جعفر) ص ١٦١ ـ ١٦٦.

٣٠٣
 &

أنعلت بالقتاد وهي بلا خف

قدَّ اخفافها السرى طول هاتف

لي باخفافها نواصي البيد

من رآها بالدو ردّد فكراً

افبرق سرى ام الطيف مرّا

ترتمي تارة وتعصف أخرى

فهي كالسهم أمكنته يد الرا

مي أو الريح هبّ بعد ركود

قد دعاها من الصبابة داع

فمشت عن زرود لا عن وداع

وهي مذ ازمعت لخير بقاع

لم يعقها جذب البرى عن زماع

لا ولا الشيح من ثنايا زرود

همّها قصدها فلم تك تعلم

اتجلى صبحٌ أمْ الليل اظلم

أي كوماء من كرائم شدقم

تترامى ما بين اكثبه الرم

ل ترامي الصلال بين النجود

يممت للعراق في عصفات

كم أحالت منها جميل صفات

لا تراها سوى عظام رفات

ترتمي كالقسي منعطفات

أو كشطن من الطوي البعيد

وإذا فيك جانب الكرخ جاءت

نلت ما شئت من مناك وشاءت

خذ بها حيث لمعة القدس ضاءت

لا تقم صدرها إذا ما تراءت

نار موسى من فوق طور الوجود

تلك أنوار رحمة حسبتها

نفس موسى ناراً وما اقتبستها

أي نار يد الهادي شعشعتها

تلك نار الكليم قد آنستها

نفسه حين بالنبوّة نودي

٣٠٤
 &

أبصر الناس ليس كالنار نعتا

بهت القلب بالتشعشع بهتا

أحدقت فيه من جوانب شتى

وتجلّت له فأبهت حتى

صعقا خرّ فوق وجه الصعيد

ان يشارف سراك واديه فاحبس

ويطهر الولاء قلبك فاغمس

واخلع النعل فهو وادٍ مقدس

وترجل فذاك مزدحم الرس

ل وهُم بين ركع وسجود

ذاك بيت جبريل من طائفيه

وكرام الأملاك من عاكفيه

ويحق العكوف من عارفيه

كيف لا تعكف الملائك فيه

وبه كنز علة الموجود

لا تزال الإسلام تلجأ فيه

ان باب الحاجات من قاطنيه

صاحب اسم سام وجاه وجيه

وهي لولاه لم ترد وأبيه

صفو عذب من سلسل التوحيد

هو نور الجلال من غير لبس

سيد الخافقين جنّ وانس

حدّ معني الهدى بطرد وعكس

ملك قائم على كل نفس

بهدى المهتدي وكفر العنيد

لا تخصص به مكاناً ووقتاً

هو ملء الجهات انّى التفتا

يمنة يسرة وفوقاً وتحتا

آية تملأ العوالم حتى

جاوزت بالصعود قوس الصعود

جعفر عنده عهود نبوه

قل لموسى خذ الكتاب بقوّة

٣٠٥
 &

فحباه السر الخفي المموه

لم يحطه وهم وهل يرتقي الوره

م لأدنى أطرافه الممدود

هو عن ربه معبر صدق

ذو عروج بلا التئام وخرق

لا ترم حده بممكن نطق

من تعرى عمن سواه بسبق

كنه معناه جلّ عن تحديد

كاظم الغيظ منبع الفيض أمسى

لطفه يملأ العوالم قدسا

قف على رمسه ويا طالب رمسا

حي من مطلع الإمامة شمسا

هي عين القذى لعين الحسود

تربة ما السما ولا نيّراها

بالغات لدون ادنى ذراها

شرف الكاظمين لما كساها

بهج الكائنات لمع سناها

ولقلب الجحود ذات الوقود

أيها المشتكي من الدهر ضرّا

ومن الذنب قد تحمل وزرا

زر لموسى وللجواد مقرا

وانتشق من ثرى النبوة عطرا

نشره ضاع في جنان الخلود

ان تقبل ثراه حال سجود

خلت اطيابه مجامر عود

نل بباب المراد أعلى سعود

والتثم للجواد كعبة جود

تعتصم عنده بركن شديد

ربعه كعبة ويا طالب ربعا

موقف فيه للحجيج ومسعى

هو ليث الجلا أن يلق جمعا

هو غيث البلاد ان قطّب العا

م وغوث للخائف المطرود

٣٠٦
 &

كان نوراً في العرش زاه يلوح

حيث ليست بجسم آدم روح

وبه أنعش الرفات المسيح

هو سر الإله لولاه نوح

فُلكه ما استقر فوق الجودي

آية لم يصل لها الفكر كنهاً

مثل روح الانسان لم يكنها

جنة خاب من لوى الجيد عنها

جُنَّة أتقن المهيمن منها

محكم السرد لايدا داود

من توقى الآثام فيها كُفيها

فهو لم يخش زلّة يتقيها

درع أمن يقي الذي يرتديها

لا تبالي إذا تحرزت فيها

برقيب من زلة أو عتيد

أنا والله مهتدي بهداكم

سنتي حبكم ورفض عداكم

ليس لي مسكة بغير ولاكم

يا أميري لا أرى لي سواكم

آمراً ماسكاً بحبل وريدي

فيكم آية التباهل نص

ولكم آية السؤال تخص

لي على حبكم بني الوحي حرص

انتم عصمتي إذا نفخ الصـ

ور وأمني من هول يوم الوعيد

حبكم مضغتي تشير إليه

إن سرّ الفتى على أبويه

لست أخشى غداً ضلالة تيه

قد تغذيت حبكم وعليه

شد عظمي وابيضّ بالرأس فودي

مالك النار لم يجد لي طريقاً

حيث أعددت حبكم لي رفيقاً

٣٠٧
 &

قد شربت الولاء كأساً رحيقاً

كيف أخشى من الجحيم حريقا

وبماء الولاء أورق عودي

إبراهيم حسين الطباطبائي (١٢٤٨ هـ ـ ١٣١٩ هـ)

هو السيد إبراهيم بن السيد حسين بن السيد رضا بن السيد محمد مهدي الطباطبائي الحسني الشهير ببحر العلوم كان شاعراً مجيداً تلوح عليه آثار السيادة وشرف النسب ابيّ النفس عالي الهمة حسن لمعاشرة كريم الأخلاق لم يتكسب بشعره كان من أحسن الناس عشرة له في مدح الإمامين موسى الكاظم ومحمد الجواد عليهما‌السلام ١ :

أهل وقفة للركب في رمل عالج

تروّح لي قلباً كثير اللواعج

تشوق يستهدي بذي الضال نفحة

تفوح بريا ألبان من سفح ضارج

أهيج إليها كلما ذرّ شارق

هياج المصاعيب الهجان التوافج

وكم قائل لي والخطوب كأنها

خوابط عشوا في الربا والمناهج

فمن لي والحاجات ارنج بابها

فقلت أدع موسى فهو باب الحوائج

إذا كنت بالآمال آخر داخل

به اُبت بالإنجاح أوّل خارج

إذا فاح لي ريان طيب ضريحه

تشفت ولاءً طيب تلك الأريج خارج

وحسبي أني مذ ترعرعت ناشئاً

درجت على نهجيهما في المدراج

إمامان كل منهما قام عن أب

نتيجة آباء كرام النتائج

همامان إن غشى دجى الخطب

أفرجا ضبابته بالكاشفات الفوارج

وله أيضاً حين زار الكاظمين عليهما‌السلام :

____________

(١) معجم شعراء الحسين عليه‌السلام ج ٢ / ٨٨.

٣٠٨
 &

لموسى والجواد زججت عيني

اجدّ السير وخداً بعد وخد

قصدت بجدها جدين نفسي

لنفسهما الغداء لأنال قصدي

رحلت إليهما بجميع أهلي

وولدي يا فديتهما بولدي

شكوت إليهما شكوى وشكوى

وشكوى ثم شكوى بعد عندي

ولست ببارح عن باب مغنى

علائهما وان اُجبه برد

يجد كما أرفقا عفواً بعبد

كذا المولى يرق لحال عبد

الشيخ محمد الملّا

(١٢٣٨ هـ ـ ١٣٢٢ هـ)

من مشاهير أدباء الفيحاء ومن شيوخ صناعة الأدب سريع البديهة. نظم الشعر في صباه وأبدع فيه ، له في رثاء الإمام الكاظم ١ عليه‌السلام :

من ربع عزّة قد نشقت شميما

فأعادني حيّاً وكنت رميما

وعلى فؤادي صبّ أيّ صبابة

هي صيّرتني في الزّمان عليما

ومرابع كانت مراتع للمها

راقت ورقّت في العيون أديما

أعلمن يوم رحيلهنّ عن اللّوا

إنّ الهوى بالقلب بات مقيما

أسهرن طرفي بالجوى من بعد ما

أرقدنه في وصلهنّ قديما

كم ليلة حتّى الصّباح قضيتها

معهنّ لا لغواّ ولا تأثيما

فكأنني من وصلهنّ بجنّة

فيها مقامي كان ثمّ كريما

ماذا لقيت من الغرام وإنّما

فيه ارتكبت من الذّنوب عظيما

خسرت لعمرك صفقة الدّهر الّذي

فيه السّفيه غدا يعدّ حليما

____________

(١) البابليات ج ٣ / ٧٠ (القسم الأول)

٣٠٩
 &

أتروم برد نسيمة وأبى على الـ

أحرار إلّا أن يهبّ سموما

قد سلّ صارمه بأوجه هاشم

فانصاع فيه أنفها مهشوما

لم تجر ذكرى يومهم في مسمع

إلّا وغادرت السّلوّ هشيما

فمن الذي يهدي المضلّ إلى الهدى

من بعدهم أو ينصف المظلوما

وبلطفه يغني قتلاً وذاك مغيّباً

خوف الطّغاة وذا قضى مسموماً

من مبلغ الإسلام أنّ زعيمه

قد مات في سجن الرّشيد سميماً

فالغيّ بات بموته طرب الحشا

وغدا لمأتمه الرّشاد مقيما

ملقىً على جسر الرّصافة نعشه

فيه الملائك أحدقوا تعظيما

فعليه روح الله أزهق روحه

وحشا كليم الله بات كليما

منح القلوب مصابه سقماً كما

منع النّواظر في الدّجى التّهويما

السيد أحمد القزويني (١٢٨٧ هـ ـ ١٣٢٤ هـ)

هو ثالث أنجال السيد ميرزا صالح ولد في الحلة وقيل في النجف الأشرف حيث كان أبوه مقيماً فيها للدراسة والتحصيل وكان كما وصفه الشيخ محمد السماوي في (الطليعة) خفيف الروح رقيق الطبع ظاهر الأريحية ظريفاً عفيفاً حسن المعاشرة مع كرم أخلاق مجدّاً في تحصيل علم الفقه والأصول شاعراً ناثراً في كل الأصناف من الشعر له تشطير لقصيدة عمه في الترامواي الذي ينقل الناس بين بغداد والكاظمية ثم تخلّص بها إلى مدح الإمامين الجواد والكاظم ١ عليهما‌السلام :

____________

(١) البابليات ج ٣ / ٨٠.

٣١٠
 &

(وزاخرة تسمنا ذراها)

فراحت وهي ترفل في ازدهاءِ

ولم أك قبلها شاهدت فلكاً

(جرت فوق الصعيد بغير ماءِ)

(على سكك الحديد لها رنين)

كصبّ أنّ من طول التنائي

لها في جريها زجل ورعد

(على سمعي ألذّ من الغناء)

(تجاذبها السرى فرسا رهان)

بها وصلا البدوّ الى انتهاء

تسابق لمحة الأبصار عدواً

(فكل حمى عليها غير ناء)

(يظلّلنا بها منها شراع)

يسد بظلّه سعة الفضاء

وعزم كاد لولا من أقلّت

(يطير بها الى اُفق السماءِ)

(تواصل أختها حتى إذا ما)

تعانقتا معانقة الاخاء

دعا داعي الفراق بها فلما

(رأتها ودّعت عند اللقاء)

(ترى مقصورة في الجو تسري)

بنا مسرى البساط على الرخاء

تروقك منظراً مهما تبدت

(مزخرفة مشيّدة البناء)

(تصدّ الشمس أنّى واجهتها)

وتمنع ما تريش يد الثناء

وكم ركيت بها ربّات خدر

(فتحجبها وتأذن للهواءِ)

(وكم حملت من الفتيان شتى)

بها يضعون أوزار العناءِ

فمن كل بها زوجين تلقى

(وهم فيها كإخوان الصفاء)

(ينادم بعضهم بعضاً سروراً)

وودّ بأن يمتّع بالبقاء

فتحسبهم بها إخوان صدق

(وما انتسبوا الى بلد سواء)

(إذا ما قبة العلمين لاحت)

مطنّبة بأبراج السماءِ

تطوف بها الأملاك كل يوم

(لديها وهي لامعة السناء)

٣١١
 &

(بنا أرست على جوديّ موسى)

جواد بالجزيل من العطاء

فما خابت وقد ألقت عصاها

(على باب الحوائج والرجاء)

(حمى عكفت به الأملاك حتى)

تنال به العظيم من الحباء

(مقام علا توّد الشهب لو أن)

أقامت فيه دائمة الثواء

تطيل به الوقوف على خضوع

ملوك الارض من دانٍ ونائي

هو البيت الحرام فليس بدعاً

إذا ازدحمت جموع الأنبياء

وبات الوحي ينزل في حماه

بما رسمته أقلام القضاء

محل تكشف الكربات فيه

ويصعد منه معراج الدعاء

أنخت به مع العافين ركبي

بمستنّ القرى رحب الفناء

نشرت إليه مطويّ الأماني

فبلغني به أقصى منائي

وقال السيد احمد القزويني وردني تلغراف من ابن أخي حين سألته عن صحته في بغداد وكان مريضاً فأجاب :

بأعتاب موسى والجواد تتابعت

عليّ هوادي العفو في كل موضع

فألبست بعد السقم أثواب صحة

فلا أتمنى غير أنكم معي

فكتبَ الشاعر جواباً لابن أخيه :

أحمد مَنْ من منه

برحمة قد وسعك

لذت بآل المصطفى

يا ليتني كنت معك

ثم كتبت إليه اسأله عن صحته فأجابني :

قد شفى الله بالجوادين سقمي

وتجلى بالعسكريين همي

لم أزل رافعاً اكف أبتها لي

يا سميع الدعا اطل عمر عمي

٣١٢
 &

الشيخ علي عوض (١٢٥٣ هـ ـ ١٣٢٥ هـ)

هو أبو الأيمن علي بن الحسين بن عليّ العوضي نسبه إلى آل عوض من أقدم الأسر الحلية وقد ذكر الأستاذ محمود شكري الآلوسي في كتابه (المسك الاذفر) انه من الأدباء المعروفين بين الإمامية في الحلة امتاز شعره بالرقة والعذوبة ، له قصائد كثيرة في مدح الإمام الكاظم ١ عليه‌السلام :

قصدتك للجلّى فهل أنت منجدي

ومن يك باباً للحوائج يقصد

فمن مبلغ عني ببابل أُسرتي

وفتيان قومي من دبيس بن مزيد

بان ابن خير الرسل أكرم جانبي

وأطلق من أسر الحوادث مقودي

الشّيخ يعقوب بن الحاج جعفر (١٢٧٠ هـ ـ ١٣٢٩ هـ)

هو الشّيخ يعقوب بن الحاج جعفر بن الشّيخ حسين بن الحاج إبراهيم النّجفّي الأصل والمولد والمنشأة. ولد في النّجف الاشرف ، وقال السّماويّ في (طليعته) كان أديباً حافظاً ذاكراً واعظاً ، خرج من النّجف فسكن الحلّة ثمّ السّماوة ، ثمّ عاد للحلّة ، وقد وافاه الأجل سنة ١٣٣٩ هـ ، ودفن في وادي السّلام. وانتماؤه إلى قبيلة الأوس وأحفاده اليوم تلقبوا بـ الأوسي وما قيل غير ذلك فهو باطل وقد جمع شعره ولده الخطيب المشهور الشيخ محمد علي اليعقوبي ، وصدر في ديوان مستقل مطبوع في النجف الأشرف سنة ١٣٨٢ هـ / ١٩٦٢ م (المراجِع) وله متوسّلاً بالإمامين الجوادين عن لسان ولده محمّد الحسين وقد ذهب إلى بغداد لمعالجة عينيه سنة ١٣٢٧ هـ ، منقول من كتاب « البابليات » ج ٣ / ١٥٥ ، (القسم الأول).

____________

(١) البابليات ج ٣ / ١٠٩ (القسم الأول).

٣١٣
 &

ببابكما باب الحوائج قد غدت

جميع البرايا ركّعاً وسجودا

لقد طلتما كلّ الورى بعلاكما

وصيّرتما صيد الملوك عبيدا

وما زلتما للنّاس كهفاً ومعقلاً

منيعاً وحصناً في الخطوب شديدا

فكم بتّ أرعى النّجم فهو مشابه

مزاياكما والنّجم بات شهيدا

فمن قاس فيكم غيركم قاس ضلّة

بدرٍّ حصى أو بابن عابد سيدا *

قصدتكم أرجو شفاء نواظري

فجودا به منا عليّ وجودا

إلا أسعداني والسعادة منكما

وان لم أنلها لن أكون سعيدا

أجلكما عن طرد من جاء لائذاً

ببابكما عنها يعود مذودا

وحاشا كما أن تحوجاني فأرتجي

نصارى لتقضي حاجتي ويهودا

الشيخ كاظم الهر الحائري ١ (١٢٥٧ هـ ـ ١٣٣٣ هـ)

هو الشيخ كاظم ابن الشيخ صادق ابن الشيخ احمد الحائري المعروف بالهرّ كان فقيهاً عالماً وشاعراً له ديوان شعر لم يطبع جلّه في مدح أهل البيت عليهم‌السلام. وقد أرخ احد الشعراء وفاته (للحور زفّوا كاظما) له في الإمام الكاظم ٢ عليه‌السلام :

ما لي أبيت بحسرة وحنين

وأطيل في بالي الطلول انيني

ولقد حكى الصدّيق يوسف اذ أوى

للسجن محبوساً ببضع سنين

لكنما شتان بينهما فذا

قد عاش أزماناً عقيب سجون

____________

* السيد بالكسر : الذئب (لسان العرب مادة سَيَد).

(١) وفي الطليعة للسماوي ج ٢ ص ١٣٦ أن وفاته ١٣٣٠ هـ ولكن الصواب ما ذكرناه والدليل أن تاريخ وفاته (للحور زفّوا كاظماً) (المراجع)

(٢) اعيان الشيعة ج ٩ / ١١. وفي الطبعة القديمة ٤٣ : ٩٩.

٣١٤
 &

وغريب بغداد ثوى في سجنه

نائي الديار يحل دار الهون

يلقى الذي لاقاه مما ساءه

من كلّ همّاز هناك مهين

تبّت يدا السندي فيما جاءه

ولسوف يصلى في لظى سجّين

ولأي وجه يُلطم الوجه الذي

فاق البدور بغرة وجبين

السيد عدنان بن السيد شبّر الغريفي (١٢٨٥ هـ ـ ١٣٤٠ هـ) ١

هو السيد عدنان بن السيد شبّر بن السيد علي مشعل بن محمد بن علي بن احمد بن هاشم بن علوي عتيق الحسين بن حسين الغريفي البحراني البصري عالم جهبذ وفذ شهير وشاعر مطبوع ولد بالمحمرة ونشأ يتيما وتوفي في الكاظمية له شعر في الإمامين الجوادين عليهما‌السلام ٢ :

يا سيدي ومن لولا وجودكما

لم تخلق امرأة كلّا ولا رجلُ

إن ابن مريم أبرى العمي من كمهٍ

فكيف يعُييكما في عيني السّبلُ

عبد المجيد العطار البغدادي الحلّي (١٢٨٢ هـ ـ ١٣٤٢ هـ)

هو الحاج عبد المجيد بن الملا محمد بن أمين البغدادي الحلّي شاعر مبدع في نظم التاريخ له مدح في الإمامين الكاظمين عليهما‌السلام ٣ :

لي بالجوادين أقصى ما أُؤمله

من الرجاء ومَنْ مثل الجوادين

محا محلها عني الجوى كرماً

فليمح جودهما مثل الجوى ديني

____________

(١) في نقباء البشر (للشيخ أغا بزرك) ذكر ولادته ١٢٨٣ هـ (ج ١ : ١٢٦٢)

(٢) شعراء الغري ج ٦ / ٢١٣.

(٣) اعيان الشيعة ج ٨ / ٩٣ ، من الطبعة الجديدة ويراجع البابليات ٣ : ٧٦ ـ ٧٨ (القسم الثاني)

٣١٥
 &

وله أيضاً :

سل عن الحي ربعه المأنوسا

هل عليه ابقى الزمان أنيسا

واختبر منه بالطلول مناخاً

علّلت باسمه الحداة العيسا

عند بان كأن مائسة الخط

لديه علمته ان يميسا

وكأن الضبا عروش أظلّت

من حماه ربعاً يفلّ الخميسا

تهزم الضيم بالإباء فلا تسمع

للضيم بالطلول حسيسا

تبرد النازلين في السلم قلباً

وغداة الهياج تحمي الوطيسا

آل بيت الوحي الذين بهم قد

أسس الدين شرعه تأسيسا

عصفت فيهم الحوادث حتى

عاد ربع الرشاد منهم دريسا

وشجى غادر الهدى فارغ القلـ

ـب وازدراؤه ملأن الطروسا

حجرات التقديس تهدمها عصـ

ـيبة إفك لا تعرف التقديسا

ونفوس خبيثة قد أسالت

بضباها للطيبين نفوسا

تبعت غيّها إفتراءاً على الله

واقصت هارون من بعد موسى

حيث اغرت بالطاهرين علوجاً

دنستهم آثامهم تدنيسا

اصدروهم عن نقل احمد ظلماً

ومن الحتف اوردوهم كؤوسا

فزعيم للدين كادت له القوم

كما كادت اليهود لعيسى

يوم نالوا منه التراث وصدّوه

عناداً عن التراث يؤوسا

قد دعاهم ضلالهم ان يسوموا

علم الدين والرشاد طموسا

كذب القائلون فيه سمعنا

واطعنا وابطنوا التدليسا

ويرون الصواب في دينهم أن يحكم

العجز في الرؤوس رئيسا

تركوا اللات مكرهين جهاراً

وأسرّوا ان يعبدوا ابليسا

٣١٦
 &

ليس يرضى اليهود كلاً ولا

يرضى النصارى ما بدلوا والمجوسا

واحباء الاسلام يضحك منه الكـ

ـفر اذ راح فاقد الناموسا

اي عهد للمصطفى قد اضاعوا

ودم كانوا في الوجود نفيسا

من قتيل في الطف في خير صحب

خلعوها دون الرشاد نفوسا

أسد حرب تزداد بشراً بيوم

هوله كان للكماة عبوسا

لا تعدّ الرّدى ردئ لاشتباك السـ

ـمرّ عند اللقا ولا الشوس شوسا

قطرتهم بيض الصوارم اقماراً

فعادوا من الدماء شموسا

وغدوا قسمة للسيوف فللأر

ض جسوماً وللرماح رؤوسا

فتجلى للحرب شبل علي

بشبا عضبه يرد الخميسا

بأبي واقفاً على الدين نفساً

بسوى بذلها ابى ان يسوسا

فطرته الظبا ونبت القنا الخطـ

ـيّ اضحى بجسمه مغروسا

ميزوا منه بالحسام محيّا

دونه البدر في الدجى لو قيسا

وعواد ما اخطأت صدر طه

مذ رأت صدر سبطه ان تدوسا

فغدا جسمه كليما على الار

ض وبالرمح راسه ادريسا

وامضى الخطوب ان يقطع الادنـ

ـون أو يقتفوا الدني الخسيسا

خلفت عصبة الشقاق بنـ

ـو العم فنالوا من ابن جعفر موسى

بلغوا من ابي الرضا ان سقـ

ـوه السم عند اغترابه مدسوسا

بأبي ثاوياً ببغداد قاسى

كربات حتى قضى محبوسا

شيعت نعشه النفوس ولكن

رزؤه شيّع الاسى والنفوسا

كيف نامت على الهون حمولاً

من على الضيم لا تطيق الجلوسا

٣١٧
 &

اتناست باب الحوائج فهر

وهو في قيده يعاني الحبوسا

افك القوم بالنداء عليه

فانجلى ما تقوّلوا معكوسا

حيث كان الرشيد في الظـ

ـلم فرعون وموسى فيما تحمّل موسى

فتولى منه سليمان امراً

كان من دونه الرشيد يؤوسا

الشيخ كاظم سبتي (١٢٥٨ هـ ـ ١٣٤٢ هـ)

هو الشيخ كاظم بن حسن بن علي سبتي البغدادي النجفي المعروف بكاظم سبتي عالم فاضل اديب شاعر خطيب ماهر ، له في الامام الكاظم ١ عليه‌السلام :

بباب الحوائج قف وقفة

تنال بها الفوز بالنّشأتين

هناك يرى كلّ ذي حاجة

قضاء حوائجه رأي عين

حمىً قد أضاء بنور الهدى

ففاق سنا نوره النّيّرين

ومثوى يُسَرُّ به النّاظرون

ورؤيته قوّة النّاظرين

به جنّتان ولكنّما

رضا الله ثَمَّ جنى الجنّتين

وفيه ضريحان يعلو الصراح

لشأوهما ضمُّنا حُجّتين

رواقهما راق فالدّهر منه

غدا مغريا أفقه مشرقين

إذا جار يوماً عليك الزّمان

فلذ بحمى ذينك السّيّدين

وعدّ سوى الفرد ما لم يعد

وأرّخ « زها حرم الكاظمين »

١٣٢٢ ـ ١ = ١٣٢١ هـ

____________

(١) شعراء الغري ج ٧ ص ١٥٠ ـ ١٦٤ وأعيان الشيعة في الطبعة القديمة ج ٤٣ ص ٨٩ ـ ٩١ وفيه أن مولده سنة ١٢٥٥ هـ.

٣١٨
 &

واتّفق في أثناء تعمير هذه الطّارمة أنّ أحد النّجّارين بينما كان مرتقباً أحد الأعواد المرتفعة الّتي كانوا يقفون عليها لغرض تشييد السقف ، إذ هوت به إحدى رجليه فانحدر ، لولا أن قدّر الله تعالى له أن يتشبّث أو يشكّل ثوبه بمسمار صغير ناتي بين الأعواد ، فتعلق به ونجا من الموت المحتّم سنة ١٣٢٠ هـ ، وقال فيه الشّيخ كاظم سبتي ١ :

إلهي ، بحب الكاظمين حبوتني

فقوّيت نفسي وهي واهية القوى

بجودك فاحلل من لساني عقدة

لأنشر من مدح الإمامين ما انطوى

نويت وإن لم أشف من شانيهُما

شجوني منهم أن للمرءِ ما نوى

لمرقد موسى والجواد برغمهم

أجلّ من الوادي المقدّس ذي طوى

هوى أذ اضاء النور من طوره امرؤ

كما ان موسى من ذرى الطور قد هوى

ولكن هوى موسى فخرّ الى الثرى

ولما هوى هذا تعلق في الهوى

تعنوا لبغداد ملوك الورى

وهي لرأس الملك لا الملك تاج

فان فيها حرماً نيّراً

ان جن ليل الدهر فهو السراج

رجوت من حلا به ملجاء

ما خاب فيه قط لاج وراج

والكاظمين الغيظ قلبي صبا

اليهما ولاعج لشوق هاج

هما الجوادان ومغناهما

بحر ندى وطمسى سماحاً وماج

بحر لورّاد الندى سائغ

عذب إذ الأبحر ملحٌ اجاج

لكل من آوى لمثواهما

من جور دهر ضاق فيه انفراج

تقضى به حاجات كلّ الورى

فلا يرى في بابه ذو احتياج

ولا ترى في غيره شافياً

سقيم دهر ما له من علاج

____________

(١) الطليعة للسماوي ج ٢ ص ١٣١ ، وديوان كاظم سبتي ص ١٨٢ وتأريخ المشهد الكاظمي ص ١٤٩ وقد كتبت هذه الأبيات على المصراع الأيسر للباب الغربي للروضة الكاظمية التي تم صنعه عام ١٣٣٩ هـ.

٣١٩
 &

زيّن فيه الارض من زيّن السـ

ـماء أبهى زينة وابتهاج

رواقه راق فذا نوره

يجلو ظلام اللّيل واللّيل داج

رفعت ضع ستّاً وتأريخه

« راق بضوء الحقّ لا بالزّجاج »

١٣٢٧ ـ ٦ = ١٣٢١ هـ

الشيخ مهدي المراياتي (١٢٨٧ هـ ـ ١٣٤٣ هـ)

هو الشيخ مهدي بن صالح المراياتي الكاظمي قال عنه محمد السماوي في (الطليعة) ١ فاضل مشارك بالعلوم حسن المنثور والمنظوم جيد الفكرة ودقيق النظرة شاعر اديب له في تاريخ المشهد الكاظمي ، والامام الكاظم ٢ عليه‌السلام :

في سنة ١٣١٤ هـ نصب الباب الفضّيّ الخامس ، وهو الباب الواقع بين روضة الجواد عليه‌السلام في الرّواق الشّرقيّ ، وقد تبرّع بفضّته الحاج محمّد جواد بن الحاج محمّد تقي الشّوشتريّ ، وفي سنة ١٣٢٠ هـ زيّن الأمير تومان ـ أحد رجال الحكومة الإيرانية ـ الرّواق الجنوبيّ بالزّجاج الجميل المركّب على الخشب المقطّع بأشكالٍ هندسيّة دقيقة الصّنعٍ « خرده كاري ». وقد نظم الشّيخ مهدي المراياتي مقطوعة وتاريخاً لهذه المناسبة ٣ :

هذا نعيم الخلد من يأو له

يلق النّعيم به ولم يرَ بوسا

حرمٌ منيع لم يلُذ فيه امرؤ

يوماً فآب بخيبة مأيوسا

هو جنّة الفردوس لكن لا ترى

فيه سوى شجر الهدى مغروسا

____________

(١) الطليعة للسماوي ٢ : ٣٥٩.

(٢) اعيان الشيعة ج ١٠ / ١٥٢. وفي الطبعة القديمة للأعيان ج ٤٧ : ص ١٤٨ ـ ١٤٩.

(٣) تاريخ المشهد الكاظمي ص ١٣٦.

٣٢٠