الإمام الكاظم وذراريه

إسماعيل الحاج عبدالرحيم الخفّاف

الإمام الكاظم وذراريه

المؤلف:

إسماعيل الحاج عبدالرحيم الخفّاف


المحقق: الدكتور حميد مجيد هدّو
الموضوع : الشعر والأدب
الناشر: العتبة الكاظميّة المقدّسة
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٤٣
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة
 &

وكم عطفوا يوماً علي بفضلهم

ولم يبرح المولى الى العبد يعطف

ولو جهلوا امري هتفت بسرّي

ولكنهم مني بذلك اعرف

فان اعرضوا عني وحاشا علاهم

فقد عاقبوني بالجفاء وانصفوا

وان اومض البرق اليماني منهم

تيقنت ان الري لا يتخلف

ولي فيهم الغرّ الحسان التي لها

من الدر والياقوت عقد منصف

نحدث عما في الفؤاد من الهوى

وبالعرف ما يخفي من المسك يعرف

السيد جواد العاملي (١١٦٤ هـ ـ ١٢٢٦ هـ)

هو السيد جواد بن محمد بن محمد بن حيدر بن ابراهيم بن احمد بن قاسم بن علي بن علاء الدين بن علي الاعرج العاملي النجفي ١ (صاحب مفتاح الكرامة) فقيه شهير واديب معروف ولد في قرية شقراء من جبل عامل ونشأ مجداً للتحصيل واكتساب العلوم والمعارف حتى استفرغ وسعه في الاحكام الشرعية.

ذكره جمع من الاعلام بلفظ واحد كان عالماً فقيهاً اصولياً محققاً مدققاً ثقة جليلاً حافظاً متبحراً قارئاً مجوداً زاهداً عابداً متواضعاً تقياً ورعاً. له هذه المقطوعة ٢ :

عليك سلام الله موسى بن جعفر

سلام محبّ يرتجي اُحسن الردّ

ويرجوك محتاجاً لأعظم حاجة

هي النعمة الكبرى على الحرّ والعبد

فهذا امام العصر بعد امامه

امام الورى طرّاً سليلكم المهدي

اتاكم على بُعد الديار يزوركم

يجوب فيا في البيد وخداً على وخد

____________

(١) شعراء الغري : ٢ / ١٣٦

(٢) شعراء الغري ج ٢ / ١٤٢ ـ ١٤٣ ، اعيان الشيعة ج ٦ / ٤١٢.

٢٦١
 &

لقد جاءكم في حالة أيّ حالة

ولو غيره ما سار يوماً مع الوفد

مريضاً فلا يقوى على الكور مركباً

ولا السرج يغني لا ولا محمل يجدي

فنصف بريد سيره في نهاره

وذلك منه غاية الجد والجهد

فيالك جسماً صح في الله قلبه

فعاد مريضاً واهن العظم والجلد

ففي القلب اشواق تقود اليكم

وفي الجسم ادواء تصد عن القصد

وقد قاده الشوق الملح اليكم

فمنوا عليه بالشفاء وبالرفد

وما الرفد كل الرفد إلّا لمثله

وللرفد أسباب تضيق عن العد

وقد جمعت فيه جميعاً بفضلكم

فكان بحمد الله واسطة العقد

وزواركم لا يحرمون مناهم

فذوا الغي يحظى بالنوال وذو الرشد

وليسوا كحجاج الى البيت يمّموا

فبعض على رفد وبعض على رد

وزواركم والحمد لله جمة

كما الرسل والاملاك جلّت عن الحد

وسيد خلق الله طه محمد

كذا سيد الزوار سيدنا المهدي

فكل له أمر بمقدار فضله

وعندكم التفضيل يا غاية القصد

فمنوا على جسم تمرض فيكم

بعافية وفراء فضفاضة البرد

وذلك فضل يشمل الناس كلهم

لأن كان باب الله في حرم الجدّ

عليكم سلام الله ما انبجس الحيا

وسيقت غوادي المزن بالبرق والرعد

السيد محمد الفلفل (المتوفى سنة ١٢٦١ هـ)

هو السيد الشريف محمد ابن السيد مال الله ابن السيد محمد المعروف بالفلفل من اهالي التوبى في القطيف. وله في الامام الكاظم ١ عليه‌السلام :

____________

(١) شعراء القطيف : ص / ٩٦.

٢٦٢
 &

خلها تدمي من السير يداها

لا تعفها فلقد شق مداها

هدّها الشوق فابواها الغنا

فانبرت تخمد بالشوق ضناها

رضيت حرّ الهوى ماءً كما

رضيت متلفة السير غذاها

عميت من كل ما يشغلها

عن هداها وهداها في عماها

عكرت رحب القضا مما اشارت

فالتفت رجاها بضحاها

قصدها الكاظم موسى والذي

غمر الناس يسراً بعض نداها

قف فدتك النفس واغنم اجرها

حيث تحييها سلاماً حق فناها

مبلغاً جل سلامي لهما

طالباً للنفس ما فيه هداها

قل لمن كلم موسى باسمه

ولمن من جوده نال عصاها

اشهيدي جانب الزوراء اهل

زورة تطفىء من النفس لظاها

ام لعيني نظرة ممن رأى

جدثي قدسكما تجلو جلاها

لم ير الله اناساً غيركم

مثلما تلثم فانتم غرباها

جدكم اعظم قدر وأذى

فحسوتم بعده كأساً حساها

وسقاكم ثدي اخلاق بها

عطر القرآن من عطر شذاها

يا ذوات اكملت علة ايجاد

ذي العرش الورى والبدء طاها

ما رجا راج بكم إلّا نجا

كيف والرّاجي الميامين فتاها

ثمّ عج يا مرشد النّفس إلى

أرض سامراء تنشق من ثراها

واعطها مقودها حتّى ترى

قبّة فيها مناها ورجاها

فعلا نوري حلس وعثاء السّری

وقل البشرى فقد زاد عناها

واطلب الحاجات تحض بالإجا

بة في حال بقاها وفناها

٢٦٣
 &

ثمّ أنهضني فلا قوّة لي

من هموم أبهضتني من عداها

نحو سرداب حوى خوف العدى

عصمة العالم والمعطي رجاها

وامش بي رسلاً فما تدري عسى الـ

ـلّه لبّى دعوة في مشتكاها

وادخلن بي خاضعاً مستشفعاً

لي بأن أسعد يوماً بلقاها

نقرأ التّسليم منّا عدّ ما

خلق الله إلى يوم جزاها

يا ولي الله والمعطي مدى

أمد الأيّام أقليد عطاها

قم على اسم الله واثبت ما بقي

من رسوم فالعدى راموا انمحاها

طهّر الأرض بأجناد أبت

أن يرى مبدؤها من منتهاها

وابسط العدل بعيسى الرّوح والـ

خضر محفوفاً بأملاك سماها

إنّ دوحات الرّجا قد آذنت

بانحسارٍ فمتى خضراً نراها

والأمانيّ حبالى هل ترى

منك يوماً بوليد بشراها

جرّد السّيف لثارات بني

اُمّك الزّهرا وأجهد في رضاها

جلب القوم عليهم جحفلاً

كالدّجى لكن دراريه ظباها

فانثنوا كالاُسد للدّفع بدت

لهمُ في منتهى الخمص ظباها

تلتقي جيش العدى ضاحكة

والمواضي من دم طال بكاها

أبلغوا في الدّفع عن حامية الـ

ـدّين بايصال الكلّ كلّاً بحماها

لم يزالوا في الوغى حتّى جرى

من يد الأقدار ما حمّ قضاها

الشيخ عباس بن الملا علي (١٢٤٤ هـ ـ ١٢٧٦ هـ)

الشيخ عباس بن الملا علي بن ملا ياسين النجفي البغدادي

٢٦٤
 &

عالم فذ وشاعر فحل واديب مطبوع حسن الصوت كنيته ابو أيمن ولد ببغداد وتوفي في النجف دفن في الصحن الحيدري له في مدح الامامين الجوادين عليهما‌السلام ١ :

لذ إنْ دهتك الرزايا

والدهر عيشك نكّدْ

بكاظم الغيظ موسى

وبالجواد محمد

وشطر هذين البيتين الشيخ موسى شريف آل محي الدين فقال :

(لذ أن دهتك الرزايا)

وحياً ولا تتردد

فالهم أولاك خطباً

(والدهر عيشك نكدّ)

(بكاظم الغيظ موسى)

فهو الملاذ الموطد

مستشفعاً بعلي

(وبالجواد محمد)

كما أن الشاعر عبد الباقي العمري قد جاراهما وفيها من البديع (الأطراد)

لذ واستجر متوسلاً

إن ضاق أمرك أو تعسّر

بـ أبي الرضا جدّ الجواد

محمد موسى بن جعفر

(انظر ديوان الشيخ عباس الملا علي ص ٤٦ (المراجع)

الشيخ درويش بن علي الكاظمي (١٢٢٠ هـ ـ ١٢٧٧ هـ)

هو الشيخ درويش بن شمس الدين بن علي بن حسين بن علي بن محمد البغدادي الحائري كان عالماً فقيهاً اديباً شاعراً وقوراً كاملاً ماهراً متكلماً ولد ببغداد ٢ ، له في الامامين الكاظم والجواد عليهما‌السلام :

____________

(١) شعراء الغري ج ٥ / ٢٩ واعيان الشيعة ٧ / ٤٢١ والطليعة من شعراء الشيعة ج ١ ص ٤٦٧ لمحمد السماوي.

(٢) اعيان الشيعة ٠١ / ٢٠٩ وادب الطف ٧ / ٩٣ ووصي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ص / ٢٩٣ ، أعيان الشيعة ٣١ / ٢٣ الطبعة القديمة.

٢٦٥
 &

عج بالركاب على غربي بغداد

فثم نور سليل المصطفى بادي

واخلع اذا جزته النعلين متضعاً

كفعل موسى كليم الله في الوادي

وادخل الى حرم فيه الخليل كذا

موسى وعيسى وفيه المصطفى الهادي

وفيه جبريل مَعْ ميكال والملأ

الاعلى جميعاً وفيه المخفر العادي

فيه ابن جعفر موسى والجواد اُولي

جود وفضل نمَوا من نسل أجواد

اكفهم في العطا كالغيث هاطلة

وعزمهُم في سطا حرب كآساد

والارض ان تخل من قطب ومن وتد

فهم لها خير اقطاب وأوتاد

اقسمت بالمصطفى الهادي النبي

وابناء له خير ابناءٍ واولاد

لولا بني الوحي ما سارت مهجنة

للبيت كلاً ولا يحدو بها حادي

ولا انابت الی التوحيد افئدة

ولا صفا ودّ سلمان ومقداد

ولا تقبّل من داع دعاه ولا

صحّت عبادة عبّاد وزهّاد

أئمة حبهم فرض وبغضهم

كفر وقربهم منجىً لقصّاد

يا سادتي يا بني الهادي النبي ومن

بحبهم قد زكا اصلي وميلادي

اليكم يا بني الزهراء قافية

غرّاء ترفل في وشي وابراد

بكراً اتتكم وفرط الشوق يحفزها

سعياً على رغم اعدائي وحسادي

زففتها نحوكم ارجو القبول لها

فانها خير ما قدّمت من زاد

فهاكموها من العبد الفقير الى

نوالكم فارفدوه خير ارفاد

وافى بها اليوم درويش العليّ

الى ابواب اكرم سادات وامجاد

الكاظمي ابن شمس الدين عبدكم

نفسي فداكم وآبائي واجدادي

صلى عليكم اله العرش ما سجعت

ورق على غصن في الدوح ميّاد

٢٦٦
 &

عبد الباقي العمري (١٢٠٤ هـ ـ ١٢٧٩ هـ) ١

هو عبد الباقي بن سليمان بن احمد العمري الفاروقي الموصلي ينتهي نسبه الى عمر بن الخطاب ولذا لقب بالعمري الفاروقي ولادته في الموصل ووفاته في بغداد وكان من افاضل ادباء بغداد في عصره وقد ارخ عام وفاته بنفسه ٢ :

بلسان يوحّد الله أرخ

ذاق كأس المنون عبد الباقي

قال مهنئاً الامام موسى بن جعفر عليه‌السلام تحت عنوان :

يا جميل الستر سترك ٣

وافتك يا موسى بن جعفر تحفة

منها يلوحُ لنا الطراز الاول

رُقمت على العنوان من ديباجها

ديباجة الشرف الذي لا يُجهل

كم جاورت قبراً لجدك فاكتست

مجداً له انحط السماك الاعزل

وتقدست اذ جللت جدثا ثوى

في لحده المدّثر المزَّمل

فاشتاق ستر العرش لو بمحلها

يوماً على تلك الحظيرة يُسبل

نشرت ففاح من النبوة نشرها

ما المسك ما نفحاته ما الصندل

اعطيت ما لم يحظ يعقوب به

اذ جاءه بشذى القميص الشمأل

طوبى لكم من وراثين فقد غدت

آثار جدكُم اليكم تنقل

شملتكُم معه العبا بحياته

ومماته استاره لك تشمل

هذا رواق مدينة العلم التي

من بابها قد ضل من لا يدخل

____________

(١) وفي ديوانه وفاته ١٢٧٨ هـ ، (الترياق الفاروقي وهو ديوانه الشامل)

(٢) الاعلام هامش ص / ٢٧٢ ديوان الباقيات الصالحات للعمري.

(٣) الترياق الفاروقي ص ١١٣ : ١١٤ ، ط النجف الأشرف ١٣٨٤ هـ / ١٩٦٤ م ، وتاريخ المشهد الكاظمي / للشيخ محمد حسن آل ياسين قدس‌سره ص ٩٦.

٢٦٧
 &

هذا كتاب من غدا بيمينه

يعطى الذي يرجو غداً ويؤمل

هذا الزبور وذلك التوراة والـ

إنجيل بل هذا القران المنزل

هذا هو التابوت فيه سكينة

وافى على ايدي الملاتك يحمل

هذا الغشاء به تغشت سدرة

للمنتهى وغداً عليها يُسدل

هذا هو الستر الذي كشف الغطا

عن اعين بالغيّ كانت تكحل

هذا الازار يحطّ عن زواره

وزر به رضوى ينوء (ويذبل)

لمّا به ساروا واعلام لهم

خفقت بأثواب الجلالة ترفل

باهى الإله بهم ملائكة السما

فبدت على الزورا ضحى تتنزل

من تحت أخمص زائريه كم لها

من اجنح نشرت وطتها الارجل

واتوا لبابك يحملون وسيلة

المرسلون غدا بها تتوسل

نزلوا على الجرعاء من وادى طوى

وتفرسوا بقبولهم فترجلوا

وتقدسوا بحظيرة القدس التي

رِجْل ابن عمران بها لا تنعل

شاموا السنا من قبتيك وعنده

وجدوا منار هدىً يشب ويشعل

فتهافتوا مثل الفراش واحدقوا

فغشاهم النور القديم الأول

قد سبّحوا لمّا اتوك وكبّروا

اذ شاهدوا منك الضريح وهلّلوا

جاؤوك في آثار رحمة ربهم

قد توجوا فيها الرؤوس وكللوا

فاقبل هدية امة الهادي التي

منك الاغاثة في الشدائد تسأل

بضجيج حضرتك الجواد محمد

وحفيدها هذا الامام الافضل

يا كعبة الاسلام حول ضريحكم

نسعى ونحفد بل نطوف ونرمل

وحياتكم من كنتم سؤلاً له

بمماته في قبره لا يُسأل

٢٦٨
 &

فترحموا يآل بيت المصطفى

وتكرموا وتفضلوا وتقبلوا

صلى الإله عليكم ما رنحت

ريح الصبا غصنا وهّبت شمأل

وله مرتجلاً عند حضرة الامام موسى بن جعفر ١ عليه‌السلام :

ومستنشقا عبير ترابه

يقبل ذا الجدار وذا الطروسا

خلعنا نفوساً قبل خلع نعالنا

غداة حللنا مرقداً منك مأنوسا

وليس علنا من جناح بخلعها

لأنك بالواد المقدس يا موسى

وله عندما بلغ مجمع البحرين الامام موسى الكاظم وحفيده الجواد ٢ عليهما‌السلام :

زر حضرة مجمع البحرين ساحتها

أبان عن قبتيها سرّه القدر

ترى ابن جعفر موسى في حظيرته

موسى ولكن له من نفسه خضر

وله مخاطباً الامام الكاظم ولائذاً ببابه عليه‌السلام :

نحن اذا ما عمّ خطب او دجى

كرب وخفنا نكبة من حاسد

لذنا بموسى الكاظم بن جعفر

الصادق بن الباقر بن الساجد

ابن الحسين بن علي بن ابي

طالب ابن شيبة المحامد

وله واصفاً حضرة الامامين الكاظمين عليهما‌السلام وما احتوت عليه من محاسن المعلقات والقناديل ٣ :

حضرة الكاظمين منها المرايا

قد حكت قلب صب اهل الطفوف

صبغتها يد التجلي بكف

كبرت عن تشبيهها بالكفوف

____________

(١) الترياق الفاروقي ص ١٢٩ والبيت الأول ساقط من طبعة النجف هذه.

(٢) الديوان نفسه ص ١٢٩.

(٣) الترياق الفاروقي (ديوان عبد الباقي العمري) ص ١١٦ ـ ١١٨.

٢٦٩
 &

وروت عن غدير خم صفاءً

فتراءت لطرفي المطروف

صورة الكائنات فوجاً بفوج

سابحات في وجهها المكفوف

من قناديل عسجد زينوها

بصفوف تلوح إثر صفوف

رسم تعليقها الانيق تبدّى

كسطور منضودة من حروف

روضة للصدور فيها ورود

بأكف الألحاظ ذات قطوف

قد أظلت شمساً بغير كسوف

واقلت بدراً بغير خسوف

وطوت كاظماً ولفت جواداً

فازدهت بالمطويّ والملفوف

شرَّفت فيهما وما كل ظرف

حاز تشريفه من المظروف

وغدت للقلبين مثل شغاف

رقّ لطفاً كقلبي المشغوف

وهي لمّا على السماء انافت

بهما قلت يا سما المجد نوفي

كلما زرتها اقول لعيني

هذه كعبة الجلال فطوفي

بحماها كم من اُلوف من الز

وار فازت من المنى بصنوف

أفأخشى صروف دهري واني

بحماها يخشى الزمان صروفي

حرم آمن فمن كان فيه

قاطناً كان آمنا من مخوف

ومطاف به استدارت فطافت

زمرٌ كاستدارة الخذروف

كم لرشد من حائري هدته

وبرفد كم قد كفت من كوفي

شنفتها العلياء لما أصاخت

لصرير الاقلام ابهى شنوف

شمخت عزّة بأنف أشم

مرغم بالتراب شمَّ الانوف

ارعفت ما رنّ الصباح فاجرت

دمه من يروقها بسيوف

الفت نفسي الثناء عليها

وهي لا تنثني عن المألوف

٢٧٠
 &

لا تلمني على وقوفي بباب

تتمنى الاملاك فيه وقوفي

هو باب مجرب ذو خواص

كان منها اغاثة الملهوف

ملجأ العاجزين كهف اليتامى

مروة المرملين مأوى الضيوف

من روم الفتوح مما سواه

طرقت بابه اكف الحتوف

هم بنو المرتضى وعترة طه

سحب الفضل أبحر المعروف

فليلمني من شاء اني موال

رافل من ولائهم بشغوف

فعليهم مني الثناء ما اليهم

قطع المدلجون كل سنوف

وله هذان البيتان مع تشطيرهما :

مقام الكاظمين سماء مجد

حوت شمسي عُلاً بدري كمال ١

ممنطقة بمنطقة افتخار

مسردقة بديباج الجلال

امام الفرقدين بها الثريا

تضيء ضحىً وتشرق في الليالي

محلقة بسلسلة عُراها

معلقة بعرنين الهلال

وهذا التشطير لعبد الغني افندي آل جميل زادة

(مقام الكاظمين سماء مجد)

مكللة باكليل المعالي

بروج شامخات في ذراها

(حوت شمسي (هدى) بدري كمال)

(ممنطقة بمنطقة افتخار)

مرصعة الدوائر بـ اللآلي

مسجاة بثوب سُندسي

(مسردقة بديباج الجلال)

(امام الفرقدين بها الثريا)

يرفرف خلفها نسر الخيال

ذبالتها بقنديل التجلي

(تضيء ضحىً وتشرق في الليالي)

____________

(١) ورد البيت الاول والثاني بشكل آخر في تأريخ المشهد الكاظمي ص ٩٨

٢٧١
 &

(محلقة بسلسله عُراها)

من الجوزا أنيطت في قذال

حكت شعلاء من نور براها

(معلقة بعرنين الهلال)

وهذا التخميس على الاصل والتشطير لجناب الاديب الحاج محمد عيسى كلبي الشهير بشالجي موسى :

بدا للكاظمين منار سعد

عن القمرين بالاشراق مجد

فقال اخو العلى المهدي لرشد

مقام الكاظمين سماء مجد

مكللة باكليل المعالي

لقد حُسد الاثير على ثراها

وودّ المشتري لو ان اشتراها

وفيها تستبين لمن يراها

بروح شامخات في ذراها

حوت شمسي هدىً يدري كمال

مزورة بزهر من درار

مسوّرة بسورين وقار

مطوقة بطوق من نضار

ممنطقة بمنطقة افتخار

مرصعة الدوائر باللآلي

مفوفة كسهم عن قسي

ذوبالتها لمرمى اقعسي

مخبأة بغيب اقدسي

مسجاة بثوب سندسي

مسردقة بديباج الجلال

حكت حسناء تسفر عن محيا

قد اتخذت لها الجوزا حُليّا

ورت زنداً بطير الشهب وديّا

امام الفرقدين بها الثريا

يرفرف خلفها نسر الخيال

٢٧٢
 &

تشعشع نورها لهدى المضل

توفر تبرها لغنى المقل

وفي مصباح مشكاة التملي

ذبالتها بقنديل التجلي

تضيء ضحىً وتشرق في الليالي

تروم بنات نعش في سراها

مداومة السجود على ثراها

فها هي رهن فك لا عراها

محلقة بسلسله عُراها

من الجوزا انيطت في قذال

فيها لسماء مجد نيّراها

لاقطار البسيطة نوراها

ثرياها بقدرة من يراها

حكت شعلاء من نور براها

معلقة بعرنين الهلال

وله في زيارة رجب سنه ١٢٦٩ هـ حيث كان يزور الامامين الكاظمين عليهما‌السلام وهو حاضر في مدينة الكاظمية ١ :

زيارة الكاظمين في رجب

تنقذ يوم اللقا من اللهب

تعدل حجاً ووقفة بمنى

وعَمْرة كلها بلا نَصَب

اي وابي لا يخاف هول غد

من حازها في الزمان اي واُبي

انخ مطايا الرجّا ببابهما

وخط كور العنا عن النُجب

من شاهد الفرقدين قبلهما

في سفطي قبتين من ذهب

حاز معاليهما وقد عجزت

عن حصر بعض سرادق الحجب

ليس عجيباً ان نال رفدهما

عبدٌ وحرمانه من العجب

بحرا ندى من تصعيد جودهما

فاض على الناس واكف السحب

بدراً كمال الوجود من مضر

شمسا فخار السعود في العرب

____________

(١) الترياق الفاروقي ص ١٣٦.

٢٧٣
 &

حاز المرجى المنى بظلهما

ومنهما نال غاية الطلب

مجدهما بيض الزمان سنا

وسوّد الفضل جملة الكتب

وكم حشى بالاسى قد استعرت

فاطفاها بالكوثر العذب

كاظم غيظ له الرضا ولدٌ

يقتل بالحلم حية الغضب

أئمة للرشاد ما قطعت

مدى ثناهم أئمة الادب

فهم رؤوس وغيرهم ذنب

واين مقدار الرأس للذنب

عَصّبهم بالفخار جدّهم

فاصبحوا فيه اكرم العصب

هم سبب للوجود اجمعه

وهل موجود يرى بلا سبب

حزب لهم في الفخار مرتبة

دون علاها مراكز الشهب

هل يقبل الله من فتى عملاً

بغير حُبّ الائمة النجب

بُعداً لمن لا يرى محبتهم

وقربهم قربة من القُرَب

بنورهم اشرق الزمان كما

قد اشرقت فيه اوجه الحقب

حسبي بيوم الجزاء حبهمُ

به ادل على ذوي حسبي

ان بطش الدهر صدق عزمهمُ

صال على بطشه بذي شطب

اوجد دهر بالسوء عزمهم

يهزم بالجد فيلق اللعب

ما القطب الا لبيتهم وتدٌ

والشمس بعض معاقد الطنب

نوحك هام العيّوق تربتهم

سماؤه ما شكت من الجرب

انّ ولائي منذ الست كما

ارخى زمامي اُلقي لهم لببي

يغني اذا ما الزمان حاربني

لهم ولائي عن عسكر لجب

ذكرهم في ثغورنا شنب

وأيّ ثغر يحلو بلا شنب

٢٧٤
 &

لو قطعتني ظبا العنا اربا

ما كان غير وصالهم أربي

عين الوجود ابوهم وهمُ

من حول هاتيك العين كالهرب

ما لبس الفخر غير ما سلب

الايجاب في حبهم من السلب

قوائم العرش معْ تطاولها

لجدهم قد جثت على الرُكَب

ونال هام السماك مرتبة

من نعله فوق اجمع الرتب

وساقها قد سعى بلا قدم

له يحث المسير في خبب

نبيّ حق سما لمنزلة

فاز بها كل مرسل ونبي

قد احرز السبق دونهم قصباً

اما سمعتم للسبق من قصب

واحُربي للقتيل مضطهداً

مضطهداً للقتيل واحربي

فأيّ قلب كالصخر ان ذكرت

مصيبة للحسين لم يذب

قطب لدى الحرب كم ادار رحى

وكم اُديرت رحى على القطب

من دم اعداه كم سقى وروى

في الحرب غرثى الرماح والقضب

حزني عليه لا زال في صُعُد

ومدمعي لا يزال في صبب

وله حينما قصد راشد افندي احد مشاهير رجالات الدولة العثمانية ضريح الامام الكاظم موسى بن جعفر ١ عليه‌السلام :

وافى من الروم يبغي (راشد) رشدا

الى طريق هدىً سعياً على الرأس

ويرتجي العفو من مولاه ملتجئاً

بالكاظم الغيظ والعافي عن الناس

وفي سنة ١٢٦٩ هـ شيد الفريق سليم باشا بنية عرفت باسم ولد الكاظم وقد ارخ الشاعر عبد الباقي العمري هذه البنية :

____________

(١) موسوعة العتبات المقدسة / جعفر الخليلي / قسم الكاظمين ج ٣ ص ٥٤.

٢٧٥
 &

فريق جند النصر سمح اليدين

اعني سليم القلب من كل وين

أثاره أنوارها قد بدت

باهرة تزهر بالقبتين

اذ شاد ما كان بها دائراً

فاشرقت في حضرة النيرين

شبلي جناب الكاظم المرتجى

سلالة السبط الامام الحسين

عترة طه المصطفى احمد

اشرف من صلى الى القبلتين

لمّا رأى تعميرها واجباً

بل ان ما شاهده فرض عين

بنى بطوع لهما مرقداً

ببذله التبر ونقد اللجين

فأخلص النية يرجو بها

من ربه القُربة من غير مين

جزاه ربي عنهما خير ما

جزى به مستوجب الحسنين

بعون اصحاب العبا ارخوا

(شاد سليم مرقد الفرقدين)

١٢٦٩ هـ

وله في باب الحوائج عليه‌السلام ـ (الديوان ص ١٣٠)

لذْ واستجرْ متوسلاً

إن ضاق أمرك أو تعسّر

بـ أبي الرضا جدّ الجوا

د محمد موسى بن جعفر

الشيخ موسى بن الحسن الفلاحي (١٢٣٩ هـ ـ ١٢٨٩ هـ)

هو المحقق والعالم المدقق أبو الحسين جمال الدين الشيخ موسى بن الحسن بن احمد بن محمد بن المحسن الربعي ١ كان فقيهاً عالماً ورعاً تقياً اديباً شاعراً له ديوان شعر ، ولد في الدروق ، قال في الامام الكاظم عليه‌السلام :

____________

(١) أعيان الشيعة ج ١٥ ص ٦٤ رقم الترجمة ١٠٤٩٧.

٢٧٦
 &

نور تفاقم حيث فيـ

ـه العرش قدماً قد زهر

يا حبّذا نور ابن جعـ

ـفر إذْ تجلّى وانتشر

لبّاه لبّى في المحبّة

يوم كان الخلق ذر

جعل الإله له الرّضا

لم يبق فيه ولم يذر

لا شكّ من عاداه أو

ناواه يحشر في سقر

ولمن تشيّع في ولا

ـه غداً محلّ مفتخر

باب الرّجا باب الهدى

باب الحوائج والظّفر

لهفي عليه وقد أنا

لوه المهانة والكدر

أمّوه في حرم النّبيّ

ولم تكن تخشى الحذر

قطعوا عليه صلاته

فارتاع من عظم الخطر

ساموه من هون الجفا

ما أدركوا فيه الوطر

فانصاع حلفاً للسّجو

ـن وللشّجون وللغير

فكأنّما الدّنيا له

سجن وما عنه مفر

في سجنه متهجّد

لله منصرف الفكر

ما بين راقد في السّجـ

ـود وقائم حتّى السّحر

كالثّوب يبصره على

وجه البسيطة من نظر

حتّى قضى والقيد أوجـ

ـد في معاصمه أثر

يا ويحهم لم يعلموا

حملوا إماماً للبشر

حملوا النّبوّة والكتا

ـب وكل آيات السّور

لو كان ما حملوه فو

ق يلملم أهوى وخر

٢٧٧
 &

حملوا سرادق عرشه

حملوا المشيئة والقدر

وضعوه فوق الجسر مجـ

ـهول المقام لمن عَبر

وله ايضاً في مدح الامامين الكاظمين عليهما‌السلام :

موسى بن جعفر يا جواد اليكما

وجهت وجهي فالصلاة عليكما

مولاكم عنكم اليكم سادتي

مسكت إذنٌ كفّي بخط منكما

ولكم سموت بسرّ صرافي دجى

فازال سرّ قطيفة عني العما

بأبي وامي فبالهادي اهتدت

نفسي وبالحسن الرضا نالت سما

ولكم لصاحب امرنا من نعمة

ادنى مزاياها الحياة منعما

اترون يا عُظَماً وحاشا ان تروا

دهري يضيم ومنكم انا في حما

وقف الانام بباكم من صالح

او طالح والكل حاز المغنما

ااكون أخيب وافدٍ انا منكم

كلا فكم مثلي اجزتم محرما

ها قد نشرت مطالبي فلتفلحن

وفادكم بالنجح فيها الميسما

لم أحظ شكر جزيل انعام لكم

فغمي يضيق لعدّ ذرات السما

صلى وسلم ذو الجلال عليكم

ما عنكم ذا الكون جاء منظما

الشيخ صالح الكوّاز (١٢٣٣ هـ ـ ١٢٩٠ هـ)

هو الشيخ صالح بن المهدي بن الحاج حمزة الكواز الحلّي له قصيدة في رثاء باب الحوائج الامام موسى بن جعفر الكاظم عليه‌السلام ١ :

وما غرّة الدنيا بشأن أماجد

رأوا زخرف الدنيا قبيحاً من المكر

____________

(١) رياض المدح والرثاء ص / ١٤٢ ، (لم اعثر على هذه القصيدة في ديوان الشاعر الذي حققه المرحوم الشيخ محمد علي اليعقوبي ولا في البابليات.

٢٧٨
 &

فلو عزت الدنيا الغرور واهلها

لعزّ ذوي العزّ المؤبد ذي الفخر

قد استعذبوا التعذيب موسى بن جعفر

ابو الحسن المسموم مستودع السرّ

فكم آنست منه السجون بمعبد

بأنواره تُمسي كما هاله البدر

تنوح له طوراً وطوراً تهزها

به نشوة الاذكار لا نشوة الخمر

وكم بكت الاكوار من حمله بها

فترخى عزاليها بوكافة القطر

وما زال منها في السجون رهينة

يعالج فيها لا عج البؤس والضرّ

تقاذفه ايدي الطغاة عداوة

بسجن الى سجن ومصر الى مصر

يجّلأ عن طيب الجواد بطيبه

لآبائه الأطياب بالهون والقسر

فطوراً ببغداد وطوراً ببصرة

بقيد ثقيل موهن قوة العمر

كما قيد السجاد حتى تورمت

من القيد اعضاه بجامعة الاسر

وكم قطبت شوه الوجوه بوجهه

متى انبسطت منه وجوه اُولي الامر

ويلقى الى الاسباع كيما تبيره

فتعنوا له بالذل باذلة العذر

على غير جرم غير أن مناره

سما كل ذي شأن وان جلّ في الفكر

وان حاول المقنون حصر كماله

وعزّ مزاياه تناهت عن الحصر

وان قيس في شأو المكارم شأفه

ومقداره العالي فكالطور والذكر

وما برحت كف الضلال مثيرة

عليه قتام الظلم والمكر والغدر

كأن لم يكن نور النبوة كاشفاً

لهم منه ديجور الضلالة والكفر

ويزهق في الحق اليقين لباطل

تزخرفه اهل الضلالة بالسحر

فما كان من موسى الكليم فانما

بدا منه فيه مثل ما كان في

أبى نقصهم ذاتا قبول كماله

كما جُعل يابى شذى طيّب العطر

٢٧٩
 &

ومن شأن اهل النقص حسدٌ لكامل

وخفض لذي رفع وكسر لذي

وجد باطفاء نور من عمَّ نوره

اذا ظهرت منه يد النهي والامر

فمن اجل ذا هارون اطفئ نوره بسود

الدواهي منه في السر والجهر

فاغرى به الكلب العقور ابن شاهك

عريق البغايا في الفجور وفي الغدر

فهاجت به هوجاً ضلالة سعيه

لمهوى بعيد القعر مضطرم السعر

ولم يكفه السجن المثير عنا الضنا

بجثمان طهر قد تجسم من طهر

فقطع افلاد الفؤاد عداوة

بسم نقيع شاب مستعذب النمر

سرى في فؤاد الدين دين محمد

وبدّل صفو الحق بالباطل الكدر

فوا عجباً والدين لا زل معجبا

لفادحة هدت قوى قلل الصبر

ايحسن من يسقى سويقاً وسكراً

من الرمل يذكي السم فيه لظى الحجر

ومن كان يحيي علمه ودعاؤه

فنائله يؤذی بسم به يسري

الى ان قضى نحباً به الحق مذ قضى

بنحب على مرّ الاحايين والكر

قضى وهو عقل للعقول فحق ان

عليه عقول العشر تلطم بالعشر

قضى وهو فلك للنجاه تلاطمت

عليه بحار الجور في قاصف الضر

قضى وهو شمس بالكسوف تجللت

فما البدر بدراً لا ولا الفجر بالفجر

قضى وهو مسموم فأيّ موحد

ترى بمحيّاه الورى سمة البشر

قضى من جویً غر المفاخر فانشنت

مآثره الغرّا تنوح علی الاثر

قضى فقضى من بعده العلم والتقى

وحق الشجا بالحق والحجج الزهر

ومدّت على الارض البسيط مكارف

بدمع مديد بحره غير ذي جزر

وقامت على من كان فيها قيامه

تذكر اهوال القيامة في الحشر

٢٨٠