الكواكب السيّارة في ترتيب الزيارة

شمس الدين أبو عبد الله محمّد بن ناصر الأنصاري [ ابن الزيّات ]

الكواكب السيّارة في ترتيب الزيارة

المؤلف:

شمس الدين أبو عبد الله محمّد بن ناصر الأنصاري [ ابن الزيّات ]


المحقق: أحمد بك تيمور
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار ومكتبة بيبليون
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤١٠

تربة الزقاق قبور أبناء الزريقة مشايخ الزيارة وهم الشيخ أبو بكر والشيخ ناصر وهما مع جدار الحائط وبجوارهما تربة الشيخ صابر الفقاعى مشهور بالصلاح ولم يكن بالقرافة من اسمه الفقاعى غير هذا وأبى الحسن الذى بالنقعة الكبرى وعند تربته قبر الماوردى كان شيخنا الادمى يزوره ومقابل هذه التربة على سكة الطريق تربة بنى وردان وقد تقدم ذكرها ثم تمشى مستقبل القبلة الى ذيل الكوم تجد قبر القاضى أبى الذكر محمد بن يحيى بن مهدى المعروف بالتمار أخذ القضاء عن القاضى أبى عبد الله بن ابراهيم بن مكرم ولى القضاء بمصر ولم يزل على القضاء حتى ولى التمار وقال قوم انه أخذ القضاء عن القاضى بكار قال المؤلف وهذا غير صحيح وانما أخذ القضاء عن ابن مكرم هكذا حكى ابن الجباس فى طبقة القضاة وكان أبو الذكر عالما فقيها زاهدا وروى أن عبد الله بن ابراهيم لما مات اجتمع أكابر مصر فوق المسجد عند دار غيلان وكان منهم السختيانى فقال السختيانى أنا رجل غريب لا أعرف بلدكم وما كان لى أن أتكلم فيما لا أعلم فلما كان عشية يوم السبت أتى مروان الى على بن أحمد فقال له تولى القضا فامتنع فبعثوا الى محمد بن يحيى التمار فقال لا فسألوا ما يزيد على ستين رجلا من علمائهم يومئذ فكل أبى وغلق بابه فأتوا الى ابن عبد الوهاب فأخبروه فقال اذهبوا الى محمد بن يحيى التمار فان أبى فاغلظوا عليه فذهبوا اليه فجاء معهم فخرج اليه ابن عبد الوهاب بكتاب الوزير ابن الفرات فأمره أن يلى القضاء فولى يوم الاحد والاثنين والثلاثاء فلما كان يوم الاربعاء أخذت منه السكك وكانت السكك يومئذ عند القاضى فدفعت الى على بن أحمد بن سليمان والى موسى بن عبد الملك وكانت السكك ثلاثة ألواح من الذهب وثلاثين لوحا مطلية وسكة الورق وخرج على بن الحسين من مصر وأقام محمد بن يحيى التمار على القضاء وكان جميل الفضائل وكان يحكم بين الناس بالنهار ويبيع التمر بالليل فقيل له ان بلغ ذلك الخليفة عزلك فقال أنا أفعل ذلك ليبلغه وحكى الجرجانى الوزير ان الخليفة لما بلغه بيع التمر بعث بعض غلمانه من بغداد مستخفيا فاشترى منه التمر ورجع الى بغداد فكان الخليفة يطعم منه من أصابته الحمى فيبرأ واستحضره الى بغداد فقال له الخليفة يا أبا الذكر تمنى على فقال أتمنى عليك أن لا أكون قاضيا فعزله وعاد الى مصر فمات بها وهو فى القبر الكبير كان عليه رخامة مكتوب فيها هذا قبر القاضى أبى الذكر محمد بن يحيى بن مهدى المعروف بالتمار وقبره الآن معروف مشهور بالقرب من قبة الصدفى ثم ولى بعده القضاء القاضى ابراهيم بن محمد بن عبد الله الكريدى قدم بالقضاء من بغداد يوم الخميس لسبع عشرة ليلة خلت من صفر سنة اثنتى عشرة وثلثمائة وخرج

٨١

اليه الناس من باب مصر ثم بدأ بالدخول الى جامعها وكان من عادة القضاة أن يبدؤا بدار الامير قبل الجامع فبدأ بالجامع وصلى فيه ثم أتى الى دار الامير فسلم عليه ثم دخل الجامع فقام أحمد بن على بن الحسين بن شعيب فقرأ عهده ثم نزل فى دار كهمش بن نعيم فى زقاق ابن شادن الرقى ودار كهمش معروفة بمصر الى الآن وهى الدار التى على يسارك وأنت ذاهب الى مسجد أبى دلامة ذكرها القضاعى ولم يزل قاضيا بها حتى قدم ابن ابى بكر من انطاكية وتسلم منه جميع أحباس مصر وذلك ان ابن الفرات غضب لعزل القاضى فأرسل على بن أبى بكر على الاحباس منفردا عن القضاء ثم ولى القضاء بعده هارون بن ابراهيم بن حماد بن اسحاق بن اسماعيل بن حماد بن زيد وكان رضى الله عنه عالما زاهدا كثير الصدقة فاستناب هارون بن ابراهيم الحسن بن عبد الرحمن بن اسحاق بن محمد بن معمر الجوهرى كان رضى الله عنه جميل السيرة ملازما لصلاة الفجر بجامع مصر حكى عنه المسبحى ان رجلا قدم عليه من بغداد بهدية فردها ولم يقبلها فقال له الرجل ما أهديتها لك لطلب المكافأة فقال وأنا ما رددتها عليك الا خوفا أن يقع بصرى عليك فى حكومة فاستحى منك ومات رضى الله عنه حاكما بها ودفن بتربة القاضى هارون المقدم ذكرها بتربة بنى حماد بالنقعة الكبرى وسيأتى الكلام على تعيين تربة بنى حماد عند ذكر النقعة ان شاء الله تعالى وانما عرضت بهم لا يصال الكلام فانهم من طبقة واحدة والى جانب قبر التمار قبر الشيخ الصالح ابراهيم بن بشار وقيل ابن بشرى خادم سيدى ابراهيم بن أدهم رضى الله عنه له به صحبة وخدمة عظيمة وحكى عنه حكايات كثيرة منها انه قال دخلت يوما على سيدى ابراهيم بن أدهم فوجدته يبكى وينشد

فتشت قلبى فلم يخطر به بشر

علمت أن فؤادى من سواك خلا

فو الذى مكن الاسقام من جسدى

ما زلت من حبه بالبشر مشتملا

ولا شكوت الى خلق ضنى جسدى

ولو تقطعت من وجدى قلا وبلا

فها أنا وقفه ما شاء يفعل بى

فلست أول عبد فى الهوى قتلا

وحكى عنه أيضا انه كان بمكة وكان لما انفصل عن ملكه وفارق أهله كانت زوجته حاملا فلما وضعت وضعت ولدا ذكرا فاختلفوا فى تسميته ثم أجمعوا على أن يسموه أدهم على اسم جده فلما انتشا الولد قال لامه يا أماه أرى كل طفل وأباه وليس لى أب فقالت يا بنى كان لك أب فقال والى أين ذهب أبى قالت ذهب فى طلب ربه فقال يا أماه وأنا أطلب ما طلب أبى فقالت يا بنى أتريد أن تحرقنى بنار فراقك كما فعل أبوك فلم يكن الا أياما

٨٢

قلائل وماتت أمه فخرج الشاب فارا على وجهه حتى دخل مكة فكان فى الطواف واذا بسيدى ابراهيم بن أدهم يطوف بالبيت فجعل يطيل النظر الى الشاب ثم فاضت عيناه ثم قال لخادمه اذهب الى هذا الشاب واسأله فذهب اليه وسأله من أنت ومن أبوك فقال من بلخ وأبى لا أعرفه ثم تناثرت دموع الشاب قال ابن بشار فلم أملك نفسى حين رأيت ذلك الشاب ثم رجعت الى سيدى ابراهيم فوجدته مغشيا عليه فلما أفاق قلت له يا سيدى انه ولدك فنظر الى وقال يا بنى شئ تركته لوجه الله لا أعود فيه أبدا فقلت يا سيدى صله وارجع فقام اليه فنظر اليه الشاب وقال له من أنت يرحمك الله قال أبوك ثم ضمه الى صدره وبكى وقال الهى أنت تعلم محله منى ثم أنشد

ان كنت لى لا أبالى من فقدت اذا

ولو تناثر من سمر القنا جسدى

أهل الهوى كلهم للحب قد وردوا

لكنه ليس ورد الظبى كالاسد

كم قد مددت يدى طوع الغرام لكم

وقد عجزت فيا مولاى خذ بيدى

ثم تركه ومضى فبعد أيام قلائل مات الشاب فغسله ابراهيم بن أدهم أبوه وكفنه فى ردائه ثم واراه التراب رحمة الله عليهم أجمعين. ثم تأتى الى قبة الصدفى وهى أول مقابر بنى الصدف بها قبر أحمد بن يونس بن عبد الاعلى الصدفى من كبار المحدثين حدث عن الليث بن سعد رضى الله عنه وكان وكيله وحدث عن غيره وأخذ الحديث عن جماعة من العلماء وروايته مشهورة بالبخارى ومسلم وسيأتى الكلام عليه عند بيان قبره ومقابل قبة الصدفى من الجهة الشرقية قبر تقول عليه الزوار شرحبيل بن حسنة وليس بصحيح ويحتمل أن يكون من ذريته وهذا انتهاء الفرع الثالث وسيأتى الكلام على ما بعده وهى شقة المشاهد قال المؤلف عفا الله عنه وقد جعلتها ثلاث شقق الشقة الاولى من عند قبة الصدفى قاصدا حارة الكنانيين تتضمن تربة عقيل وانتهاؤها تربة عمرو بن العاص والشقة الثانية من تربة عمرو بن العاص الى تربة القاسم الطيب والشقة الثالثة من مشهد القاسم الطيب الى مسجد الامن تتضمن مقابر الصدفيين وتربة الصاحب ومقام الفخر الفارسى

ذكر الشقة الاولى من المشاهد اذا أخذت مشرقا من قبة الصدفى قاصدا لمقبرة الهنود وجدت بينهما قبرا مبنيا بالحجر الكدان مسنما عند رأسه لوح من الرخام وكذلك عند رجليه وكان بعض الزوار يقف عنده ويقول انه من مشايخ الهنود وليس بصحيح ومقبرة الهنود قبلى هذا القبر عند الخروج من الزقاق المجاور لتربة سيدى عبد الله الرومى المقابلة لتربة العساقلة قال المؤلف والخط معروف بزقاق الهنود ورأيت على قبر منها عمر الهندى وعلى

٨٣

آخر الشيخ محمد الهندى وهم جماعة فى الحوش لكن تجدد عليهم الدفن وأما القبر المقدم ذكره فانى رأيت مكتوبا فى رخامة بالقلم الكوفى هذا مشهد عمر بن حفص ثم تمشى مغربا بخطوات يسيرة تجد تربة بها قبر الشيخ الفقيه الامام زكى الدين عبد المنعم بن عبد الملك المتصدر بالجامع الازهر وقبليها تربة بها الشيخ الفقيه الامام بهاء الدين ابن عقيل أوحد العلماء وأجل الفقهاء روى عن جماعة من العلماء وروى عنه جماعة من العلماء له الكتب والمصنفات وتولى القضاء بالديار المصرية واسمه عبد الله بن عبد الرحمن بن عقيل توفى سنة تسع وستين وسبعمائة وقد مضى له من العمر أحد وسبعون سنة وشهران وأربعة عشر يوما وشهرته تغنى عن الاطناب فى مناقبه وتحت حائط هذه التربة قبر تحت عقد به الشيخ أبو القاسم العسقلانى والى جانبه تربة الشيخ أبى جعفر البلقينى ثم تمشى وأنت مستقبل القبلة بالخط المعروف بحارة الكنانيين تجد قبر الشيخ عبد الرحمن العسقلانى وقبره فى تربة لطيفة وعند رأسه عمود يشهد باسمه ووفاته ثم تمشى فى الطريق المسلوك طالبا للجهة الغربية تجد تحت جدار الحائط الغربية قبرا مبيضا تقول الزوار قبر الفران قال شيخنا الادمى رحمه‌الله هو قبر الشيخ أبى عبد الله الدرعى ثم تأتى الى القبة المشار اليها بجوار ابن شريح وليس بصحيح والصحيح ما قاله شيخنا الادمى رحمه‌الله وهو أن بها رجلا من بنى قضاعة يقال له محمد بن يحيى بن زكريا القضاعى ثم تأتى الى قبر الغاسولى وهو فى التربة المقابلة للمكان المقدم ذكره يفصل بينهما الطريق المسلوك ومن وراء هذه التربة من الجهة البحرية قبر الشيخ نعيم من كبار الصالحين مذكور فى التواريخ وقبره من وراء حائط شرحبيل بن حسنة المقدم ذكره ثم تأتى الى تربة السهروردية بها رجل يقال له السهروردى قال المولف ولا أدرى هل هو السهروردى صاحب التصانيف أو غيره وهى تربة مشهورة ومن وراء حائطها تربة قديمة بها قبر السيدة الشريفة صاحبة الدجاجة قال المؤلف ولم يذكرها أحد من المؤلفين بل كانت مشايخنا يقفون عليها وبالتربة المذكورة جماعة من الاشراف لا تعرف لهم أسماء قال المؤلف ورأيت بالتربة المذكورة رخامة فى الحائط مكتوب فيها بالقلم الكوفى موسى بن عيسى بن منصور ثم ترجع الى تربة النجدى وهى أول المشاهد وانما بدأت بما تقدّم ذكره خوفا من السهو فانه داخلنى فى أماكن عديدة وسيأتى الكلام عليها ان شاء الله تعالى فى حواشى هذا الكتاب فأما من بها من الاشراف فالشريف القسطنطينى وبها الشيخ أبو العباس احمد النجدى وجماعة من الصلحاء وعند باب هذه التربة تربة الفقيه الزبير وعند باب تربته عند جدار الحائط قبر الشيخ أبى العباس أحمد الاسكندرى وبحرى هذه

٨٤

التربة قبر الشيخ أبى عبد الله المقدسى وهو قبر عند رأسه قطعة من الكدان مكتوب فيها اسمه ووفاته ثم تخرج من الدرب المستجد البناء تجد تربة محمد بن نافع الهاشمى مذكور فى التواريخ معروف قبره باجابة الدعاء ثم تأتى الى تربة عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم ابن سعيد بن سهم السهمى رضى الله عنه واختلف فى قبره وحكى القضاعى عن حرملة ان عمرو بن العاص وعقبة بن عامر الجهنى فى قبر واحد وحكى ابن الجباس فى تاريخه انه على طريق الحاج وكان طريق الحاج من الفتح وقال صاحب كتاب المزارات المصرية انه هو القبر الكبير غربى قبر الامام الشافعى والموضع الذى هو به يسمى مقابر قريش وهو الآن مجاور لقبر محمد بن نافع الهاشمى المقدّم ذكره وكذا قال ابن عثمان هو غربى الخندق وشرقى المشهد قال السيد أسعد النسابة والمشهد المذكور وهو مشهد السيدة آمنة ابنة موسى الكاظم وفى بعض الأقوال هو القبر الكبير المشار اليه بقبر القاضى قيس والمستحب لمن زار هذا المكان أن يحضر قلبه ويخلص نيته فانه مكان مبارك قيل ان انسانا أتى الى زيارة هذا المكان فوجد رجلا بالمكان لا يعرف أهو الخادم أم غيره فسأله عن قبر عمرو بن العاص فأشار اليه برجله فما خرج حتى أصيب فيها وحكى عن عمرو بن العاص رضى الله عنه انه كان تاجرا فى الجاهلية يختلف بتجارته الى مصر والاسكندرية والحبشة وحكى راشد مولى حبيب بن أوس قال حدثنى عمرو بن العاص من فيه قال لما انصرفنا من الأحزاب غزوة الخندق وكانوا يرون رأيى ويمتثلون أمرى فقلت لهم أما تعلمون ان أمر محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم يعلو الامور كلها علوا ما عليه من مزيد وانى والله أرى مالا ترون قالوا وما ترى قال رأيت بأن نلحق بالنجاشى فان ظهر محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم على قومنا فنكون تحت يد النجاشى أحب الينا أن نكون تحت يد محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم وان ظهر قومنا كنا منهم قالوا ان هذا لرأى رشيد قال فقلت اجمعوا أدما كثيرا فجمعوه ثم خرجنا الى النجاشى فلما قدمنا عليه وصرنا عنده جاءه عمرو بن أمية الضمرى وكان قد بعثه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم رسولا الى النجاشى فى شان جعفر بن أبى طالب والصحابة الذين كانوا معه فدخل عليه ثم خرج فقلت لأصحابى هذا عمرو بن أمية لو سألت النجاشى فيه لأعطانى إياه فأضرب عنقه فانى إن فعلت ذلك رأت قريش انى قد أجزأت عنها اذ قتلت رسول رسول الله ثم دخلت عليه فسجدت له كما كنت أصنع فقال مرحبا بصديقى أهديت لى شيأ من بلادك قال قلت نعم أيها الملك أهديت لك أدما كثيرا قال فقربته اليه فأعجبه ثم قلت له أيها الملك انى رأيت رجلا خرج من عندك وهو رسول رجل عدوّ لنا فأعطنيه

٨٥

لا قتله فغضب ثم مدّ يده وضرب بها أنفسه ضربة ظننت انه قد كسره فلو انشقت لى الارض لدخلت فيها فزعا منه فقلت أيها الملك والله لو ظننت انك تكره هذا ما سألتك قال أتسألنى أن أعطيك رسول رجل يأتيه الناموس الا كبر الذى كان يأتى موسى قال فقلت أيها الملك أكذلك هو قال ويحك يا عمرو أطعنى واتبعه فانه والله لعلى الحق وانه ليظهر على كل من خالفه كما ظهر موسى على فرعون وجنوده قال فقلت أتبايعنى على الاسلام قال نعم فبسط يديه فبايعته على الاسلام ثم خرجت لأصحابى وقد مال رأيى عما كنت عليه وكتمت اسلامى وخرجت عامدا الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وكان قبل الفتح فلقيت خالد بن الوليد مقبلا من مكة فقلت الى أين يا أبا سليمان قال والله لقد استقام المستقيم وان الرجل لنبى حق اذهب والله فأسلم فحتى متى قال قلت ما جئت الا لأسلم ثم قدمنا على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فمدّ الىّ يده فأسلمت وبايعنى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال فبايعته ثم انصرفت وروى عن عمرو بن العاص رضى الله عنه قال بعث الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال خذ عليك ثيابك وسلاحك قال فأخذت على ثيابى وسلاحى ثم أقبلت الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فوجدته يتوضأ فصوب النظر ثم طاطاه ثم قال يا عمرو انى أريد أن أبعثك على جيش يغنمك الله ويسلمك قال قلت يا رسول الله انى ما أسلمت للمال ولكنى أسلمت رغبة فى الاسلام وأن أكون معك فقال يا عمرو نعم المال الصالح مع الرجل الصالح فوجهه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم الى السلاسل من بنى قضاعة فى ثلثمائة فارس فكتب الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يستمده فأمدّه بمائتى فارس من أهل الشرف فيهم أبو بكر وعمر وروى عن عمرو بن العاص رضى الله عنه انه كان يقول أيها الناس ما أبعد هديكم من هدى نبيكم كان نبيكم صلى‌الله‌عليه‌وسلم أزهد الناس فى الدنيا وأنتم ترغبون فيها ومن كلامه رضى الله عنه من عاتب رجلا بأكثر من عقله فقد ظلمه ومما روى عقبة بن عامر الجهنى رضى الله عنه عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم انه قال أسلم الناس وآمن عمرو بن العاص وكان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه اذا رأى رجلا يتلجلج فى كلامه يقول خالق هذا وخالق عمرو بن العاص واحد وكان من صفته رضى الله عنه انه كان أسمر اللون وهو أول أمير أمر على مصر وهو الذى افتتحها كما تقدم الكلام ثم ولى لعثمان بعد عمر وولى لمعاوية بن أبى سفيان وتوفى وهو أمير على مصر ليلة عيد الفطر سنة ثلاث واربعين من الهجرة قال يونس فى تاريخه ودفن بسفح المقطم وكان طريق الناس يومئذ الى الحجاز فاحب أن يدعو له كل من يمر بقبره وترك

٨٦

عمرو بن العاص رضى الله عنه بعد موته لولده عبد الله مائة أردب ذهب وسبع قناطير فضة فتورع عنها عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما ولم يلتمس منها شيئا وكان عبد الله ابن عمرو بن العاص رضى الله عنه اماما عالما ورعا زاهدا وهو أحد العبادلة الذين يدور عليهم العلم ومناقبه غير محصورة وقد تقدم الكلام عليه ثم تمشى منها وهذا انتهاء الفرع الاول من شقة المشاهد. وأما الشقة الثانية وهى من التربة المقدم ذكرها وانتهاؤها مشهد القاسم الطيب فاذا خرجت من هذه التربة مستقبلا للقبلة أخذت يسارا بخطوات يسيرة وجدت حوشا لطيفا به قبر الشيخ موسى بن رعانة وهو دفن قديم وهو مولى عمرو بن العاص ثم تمشى مستقبل القبلة قاصدا لمشهد السيدة زينب تجد عامودا فى حوش تحت قبة الشافعى مكتوب عليه هذا قبر الشيخ أبى العباس البصير المقرى ووفاته معروفة على قبره قال المؤلف عفا الله عنه ولم يكن فى القرافة من اسمه أبو العباس البصير غير اثنين أبو العباس هذا وشيخنا الذى فى شقة الجبل

ذكر المشهد المعروف بالسيدة زينب ابنة يحيى المتوج بن الحسن الانور بن زيد الابلج ابن الحسن السبط بن على بن أبى طالب رضى الله عنهم ذكرها ابن الجباس فى طبقة الاشراف وهى من الحسنيين والاشراف على أنواع عديدة فمنهم حسنيون وحسينيون فالحسنيون يتصل نسبهم بالحسن بن على بن أبى طالب والحسينيون يتصل نسبهم بالحسين ابن على وهو الشرف الاكبر والشرف أيضا متصل بجعفر الطيار بن أبى طالب وله عقب بالقرافة وزينب هذه ابنة يحيى المتوج أخو السيدة نفيسة قالت السيدة زينب خدمت عمتى نفيسة أربعين سنة ما رأيتها نامت ليلا ولا أفطرت نهارا وكنت أجد عندها ما يخطر بخاطرى ولا أعلم من يأتى به فتعجبت من ذلك فقالت لى يا زينب من استقام مع الله كان الكون بيده وفى طاعته وكراماتها كثيرة ذكرها ابن الضراب وفى قبتها الشريف سعد الدين سعد الله بن فارس الشام حرب بن محمود والمختار انهم بيت كبير بمصر وهم يعرفون ببيت نائب الباب من ذرية أبى العباس أحمد بن المخلع وبجانبه السيد أحمد المكفوف ابن الافطس من أرباب الاحوال وبالتربة على بن محمد بن الحسين بن على الاصغر بن على زين العابدين بن الحسين بن على بن أبى طالب وهذه التربة مشهورة معروفة عند الزوار ومن ورائها خلف القبلة المشهد الكبير المعروف بمشهد أم كلثوم بنت محمد بن جعفر الصادق كان أهل مصر يأتون الى زيارة زينب هذه وكان الظافر الفاطمى يأتى الى زيارتها ماشيا ووفاتها فى الرخامة التى عند رأسها قال السيد أسعد النسابة هو المشهد المجاور لقبر عمرو بن العاص

٨٧

وليس فيه خلاف وفيه جماعة وحكى أيضا أن اهل مصر جاؤا الى هذا المشهد يستسقون وكان النيل قد توقف فجرى النيل بإذن الله تعالى وتوفيت سنة أربعين ومائتين. وأما من بهذا المشهد من الاشراف فالسيدة الطاهرة فاطمة ابنة القاسم الطيب بن محمد المأمون بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن على زين العابدين ابن الامام الحسين بن على ابن أبى طالب رضى الله عنهم أجمعين تعرف بالعيناء سميت بذلك لحسن عينيها والدعاء فى محرابها مجاب ومصحفها الذى كانت تقرأ فيه عند رأسها حكى خادمها انه كان يقرأ سورة الكهف فغلط فى موضع فردت عليه من داخل القبر وكان المصريون يعظمون هذا المشهد لما رأوا من عظيم بركته وتعرف أيضا بالعربية وقيل انه كان بعينيها شبه من عين فاطمة الزهراء وكانت عينا السيدة فاطمة تشبه عين الحور العين ولما ان بنى مشهد الامام الشافعى رضى الله عنه حملوا من حوله جماعة من الاموات ودفنوهم بهذا المشهد وهى القبور الصف التى مع الحائط الى جانب بعضها قال المؤلف وهم يعرفون ببنى زهرة وبه أيضا قبر السيد الشريف محمد بن اسماعيل بن عبد الله الحسينى وبه أيضا قبر الشريف زيد ابن أحمد بن يحيى بن محمد بن على بن اسماعيل ابن عبد الله المحض ابن الحسن المثنى ابن الحسن السبط ابن على بن أبى طالب رضى الله عنهم وبه أيضا قبر السيد الشريف يوسف ابن اسماعيل بن ابراهيم الحسينى وبه أيضا قبر السيد الشريف زيد بن محمد بن يحيى بن محمد بن على بن اسماعيل بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن على زين العابدين ابن الامام الحسين بن على بن أبى طالب رضى الله عنهم وبه أيضا قبر السيد الشريف أبى القاسم ابن محمد بن على بن الحسن بن على بن ابراهيم بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن على ابن أبى طالب كرم الله وجهه وبه أيضا قبر السيد أبى طالب الحسن بن جعفر وبه قبر السيد محمد بن حمزة بن محمد قال السيد أسعد النسابة كلهم بمشهد السيدة أم كلثوم وبالمشهد أيضا تربة لطيفة بها قبر الشيخ أبى العباس أحمد السردوسى خادم سيدى أبى العباس أحمد البدوى وبالمشهد أيضا جماعة من ذرية السيدة أم كلثوم ولهم عقب يعرفون بالكلثميين قال رحمه‌الله والكلثمة لغة ثخن الخدود ويعرفون أيضا بالطيارة ثم تخرج من المشهد المذكور ماشيا فى الطريق المسلوك قاصدا جهة الغرب تجد تحت حائط المشهد قبر الشيخ داود خادم العيناء ثم تمشى فى الطريق المسلوك تجد قبرا بين الجدر هو قبر السيدة هند ابنة عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف الزهرى ذكرها ابن عثمان فى تاريخه والخط كله يعرف بمدافن بنى زهرة ثم تأتى الى الطريق المسلوك تجد مع الحائط قبرا داثرا قيل انه قبر

٨٨

البالسى ويسمونه غير ذلك وبالحومة المذكورة تربة بها قبر ابن الحمراء وهو متأخر الوفاة حضر شهاب الدين القرشى فى ميعاد فلما سمع الوعظ استمع ومات وبالقرافة من استمع ومات غيره وسيأتى الكلام عليه عند بيان قبره ثم تمشى فى الطريق المسلوك مستقبل القبلة تجد على يمينك قبور الفقهاء بنى زهرة وعندهم جماعة يقال لهم الجيزيون وقيل إن هناك قبر السيد والد الشريف أسعد ابن النحوى النسابة له كتب عديدة من جملتها كتاب الرد على اولى الرفض والمكر فيمن كنى بأبى بكر وله كتاب يسمى مزارات الاشراف وله كتب موضوعة فى علم النسب قال الشيخ رشيد الدين العطار ما رأيت أبين من تصانيفه رضى الله عنه وله ذرية بمصر مات بعد الستمائة وفى طبقته السيد أبو عبد الله محمد بن الحسين من ذرية زيادة ثم تمشى خطوات يسيرة تجد قبر على بن محمود الحافظ وهو قبر حوض حجر عليه مجدول كدان مكتوب عليه اسمه ووفاته وهو بازاء المشهد اللطيف الذى مع حائط مشهد أم كلثوم الذى به السيد الشريف أبو الحسن على المنتخب وبالتربة المذكورة جماعة من بنى المنتخب وتحت حائطها القبلى قبر الشيخ مجد الدين العسقلانى خادم المشاهد والى جانبه من القبلة قبر أبى أحمد محمد بن عبد الله بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن على ابن أبى طالب كرم الله وجهه وهو مشهد لطيف مجاب فيه الدعاء قال المولف وبينهما وبينه تربة بنى المنتخب وكان بعض الزوار يقول إنه أخو الشريف سعد الله الذى مشهده بالقاهرة بالحطابة وسيأتى الكلام على هذا المشهد ومن حوله من الاشراف والعلماء فى جزء غير هذا ويحتمل أن يكون من أقاربهم وأن يكونا فى قبر واحد ثم تأتى الى قبر القاضى قيس بن أبى العاص السهمى وهو أول من ولى القضاء على مصر وذلك فى خلافة عمر بن الخطاب رضى الله عنه فلما مات قيس بن أبى العاص كتب عمرو بن العاص يخبر أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه بوفاته ويستشيره فيمن يولى فكتب اليه أن ول كعب بن يسار فلما حضر كتاب أمير المؤمنين أرسل عمرو الى كعب يخبره فقال والله لا يكون ذلك لقد كنت حكما فى الجاهلية فلا أكون حكما فى الاسلام فكتب بذلك عمرو ابن العاص الى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب فقال عمر صدق والله كعب فاستخلف عثمان ابن قيس وقبراهما بالمشاهد معروفان

ذكر المشهد المعروف بالسيد الشريف هاشم الهاشمى وهى التربة المجاورة للقاضى قيس المقدم ذكره بها قبر السيد الشريف هاشم بن الحسين بن محمد بن الحسين بن على بن محمد ابن على بن اسماعيل الاعرج ابن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن على زين العابدين

٨٩

ابن الامام الحسين بن على بن أبى طالب رضى الله عنهم المعروف بالهاشمى ذكره أبو عبد الله القرشى فى طبقات الاشراف وهو امام جليل القدر وسيرته تغنى عن الاطناب فى مناقبه وبالتربة قبر ولده محمد الهاشمى والله أعلم

ذكر مشهد زينب ابنة السيد الشريف هاشم المقدم ذكره وهو بحرى مشهد أبيها فى الزقاق الضيق وقبرها معروف ونسبها مكتوب عليه والى جانب قبرها جماعة من ذرية أبى بكر الصديق ويجاور قبرها تربة لطيفة بها قبر عليه عمود رخام مكتوب فيه هذا قبر أبى الحسن على بن أبى بكر بن هانئ الخزرجى ووفاته معروفة على قبره وتوفيت زينب الهاشمية المقدّم ذكرها سنة خمسين واربعمائة ومقابل تربتها تربة بها قبر الشيخ موسى المقرى بقبة الامام الشافعى وعلى الباب قبر السيد الشريف أبى عبد الله محمد بن على بن عبد الله ابن محمد الاصغر بن ادريس بن عبد الله المحض بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن على ابن أبى طالب رضى الله عنهم وله ذرية عند باب السيد الشريف على واماما وراء مشهد الشريف هاشم من الجهة القبلية فقبر السيد الشريف أحمد بن محمد بن عبد الله بن الحسن ابن الحسن بن على بن أبى طالب رضى الله عنهم الا أنى قابلته على شجرة أبى جعفر الرازى فلم يصح وأظن أن الكاتب ترك شيئا من النسب قلت انه تحت قبلة هاشم ثم تمشى مستقبل القبلة قاصدا مشهد السيد على تجد قبر رجل من أولاد اسماعيل بن جعفر الصادق ذكره القرشى فى طبقاته ثم تأتى الى تربة السيد الشريف على بن عبد الله بن القاسم بن محمد ابن جعفر الصادق كان من أهل الصلاح والدين وهو مشهد جليل بناه الظافر الفاطمى وكان يحمل اليه النذور وكان الفاطميون يأتون الى هذه المشاهد ويتصدقون عندها بالاموال قال أبو عمر الكندى وكانوا يجعلون عليها الستور ومات علىّ هذا سنة خمس وعشرين وثلثمائة وهو الذى شفع لعفان بن سليمان عند سلطان مصر قال ابن موهوب وذلك أن عفانا كان يتصدق فى المواسم والاعياد بالاموال الكثيرة فبعث اليه تكين صاحب مصر يطلب منه مالا فرده عنه علىّ وقال له مالك ولرجل جعل ماله وقفا لله تعالى فلما بلغ ذلك عفان بعث اليه فى الليل مائة دينار فردها وقال للذى جاء بها اليه قل له ان الله يقول من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها فكيف أبيع نصيبى بمائة دينار قال ابن الانبارى ثلاثة استحضرهم تكين فى يوم واحد بنان الحمال وأبو الحسن بن الصائغ وعلى ابن عبد الله بن القاسم فأما بنان فانه ألقاه الى السبع فلم يضره وأما ابن الصائغ فانه خرج من مصر وأما على بن عبد الله فانه نظر اليه فحم لوقته وكان لعبد الله بن القاسم عقب بمصر

٩٠

يقال لهم بنو طيارة انقرضوا ولم يبق لهم عقب وكل من ادعى ذلك فقد كذب هكذا حكى الاسعد النسابة فى مزارات الاشراف قلت ومشهده معروف خلف مشهد هاشم بحرى الحسن والمحسن

ذكر ما حول هذا المشهد من الاشراف فعلى باب هذا المشهد تربة لطيفة ملاصقة للمشهد بها قبر السيدة زينب ابنة محمد بن على بن عبد الله بن محمد بن يحيى بن ادريس بن عبد الله المحض بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن على بن أبى طالب رضى الله عنهم وقد تقدم ذكر والدها عند الشريف هاشم وهذا القبر هو الذى أشار اليه القرشى فى طبقة الاشراف وعلى باب التربة قبر مبنى مع جدار الحائط هو قبر السيد الشريف حيدرة ومقابل هذه التربة تربة بها جماعة من الاشراف يعرفون بأولاد ابن زيد وبالحومة قبر السيدة أم القاسم بن عبد الله بن على بن القاسم الحسنية وهى صاحبة القبر الرخام الذى فى التربة التى بالقرب من مشهد السيد على وهو لا يعرف الآن وفى هذه الطبقة السيدة الطاهرة مريم ابنة عبد الله بن على بن عبد الله الحسنية قال القرشى فى المزارات هو القبر الرخام الذى برأس مشهد اسماعيل قال المؤلف عفا الله عنه ومشهد اسماعيل لا يعرف بين المشاهد ولم يذكر هذا أحد من علماء التاريخ والذى أراه أن القرشى أشار الى مشهد على ابن القاسم وأظن أن الكاتب غلط بقوله مشهد اسماعيل ولم يكن بالمشاهد مشهد على بابه مشهد امرأة شريفة الا هذا المشهد قلت والقبر المشار اليه به قبر امرأة شريفة من ذرية ادريس الاصغر ابن ادريس الاكبر ابن عبد الله المحض بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن على بن أبى طالب رضى الله عنهم والى جانبها تربة السيد الشريف ابراهيم ابن محمد من ذرية أبى العباس المخلع كان إماما فى علم اللغة وكان كثيرا ما يتمثل بهذه الابيات

ولقد سألت الدار عن أخبارهم

فتبسمت عجبا ولم تبد

حتى مررت على الكنيف فقال لى

أموالهم ونوالهم عندى

والتربة معروفة بين المشهدين وبها أيضا قبر السيد الشريف أبى العباس المخلع وفى طبقتهم السيد الشريف الزاهد العابد المحدث والد الشريف عز الدين نقيب الاشراف كان معتكفا فى بيته حتى مات ولا أدرى هل هو الشريف نقيب الاشراف عز الدين الذى عند ابن عطاء أم لا قلت وهذا لا يعرف له قبر بالمشاهد والى جانب مشهد السيد على المقدم ذكره مقبرة القرشيين بها عمود على طريق السالك مكتوب فيه هذا قبر الفقيه الامام المحدث بهاء الدين أبى عبد الله محمد بن عبد الحميد بن عبد الرحمن القرشى كان رضى الله عنه مدرسا

٩١

بالناصرية وتوفى سنة احدى وسبعين وسبعمائة وهذا المشهد معروف باجابة الدعاء وقال القرشى فى تاريخه إن على بن عبد الله مات شهيدا قال عند موته تمنيت على الله الشهادة فرأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى النوم فقال لى أنت من الشهداء فأصابه علة البطن فمات بها ذكر المشهد المعروف بالسيدة آمنة ابنة موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر ذكرها الاسعد النسابة وعدها القرشى فى طبقة الاشراف وذكرها ابن عثمان فى تاريخه حكى ابو سفيان قال حججت فى سنة من السنين فلما أتيت عند الكثيب الاحمر رأيت رجلا يأخذ الرمل ويجعله فى اناء ويصب عليه الماء ويأكل ويشرب فقلت له اسقنى فسقانى فوجدته سويقا وسكرا فسألت عنه فبلغنى انه موسى الكاظم رضى الله عنه وحكى عن خادمها انه كان يسمع عندها قراءة القرآن فى الليل ويحكى ان رجلا جاءها بعشرين رطلا من الزيت وعاهد الخادم أنه يقيد ذلك فى ليلة واحدة فجعله الخادم فى القناديل فلم يقد منه شئ فتعجب الخادم من ذلك فرآها فى المنام وهى تقول له يا فقيه رد عليه زيته فانا لا نقبل الا الطيب وسله من أين اكتسبه فلما أصبح جاء الى الرجل الذى جاء بالزيت فقال له خذ زيتك قال لم قال انه لم يقد شيئا وقد رأيتها فى المنام وهى تقول إنا لا نقبل الا الطيب فقال له صدقت انى رجل مكاس ثم أخذ الزيت ومضى

ذكر ما حولها من الصالحين قال ابن عثمان فى تاريخه وعند باب هذه التربة قبر الرجل الصالح المعروف بالقماح كان من أهل الخير والصلاح والدين معدود من طبقة أرباب الاسباب وهو القبر المقابل لباب المشهد تحت جدار الحائط وعند باب هذا المشهد من الجهة الغربية حوش لطيف به قبران من الدفن القديم يقال لهما مشعرة وست الناس مولاتا عمر بن الخطاب رضى الله عنه وقد ذكر القرشى فى طبقة الاشراف السيدة زينب الكلثمية قلت ومعنى قوله الكلثمية أى من ذرية القاسم الطيب وذريته يعرفون بالكلثميين ويعرفون أيضا بالطيارة هكذا قال الاسعد النسابة قال القرشى وقبرها على جانب الطريق عند مشهد آمنة وأقول والله أعلم انه المكان المشار اليه بمشعرة وست الناس وبالحومة قبر الفقيه الامام العالم عبد الله بن رفيع ذكره القرشى فى طبقاته وهو القبر الكبير المعروف بالمشاهد الملاصق لمشهد السيدة آمنة قال القرشى كان عليه قبة قلت وهو الان كوم تراب ملاصق لقبة المشهد كان مكتوبا عليه هذه الأبيات

يا من ترفع بالدنيا وزينتها

ليس الترفع رفع الطين بالطين

اذا أردت شريف الناس كلهم

فانظر الى ملك فى زى مسكين

٩٢

ذاك الذى شرفت بالله همته

وذاك يصلح للدنيا وللدين

وقبره معروف باجابة الدعاء وعندها قبر فى قبة ليس لها سقف يعرف بمصرفة قاضى الصحابة هكذا نقل عنه مشايخ الزيارة قال المؤلف وهذا غير صحيح لانا ذكرنا فى كتابنا هذا القضاة الذين ولوا مصر وغيرها من زمن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه الى زماننا هذا فلم أر فيهم من اسمه مصرفة قاضى الصحابة ويحتمل أن يكون رجلا من الصالحين واسمه مصرفة قلت هذا الأصح وحول هذا المشهد جماعة من الأشراف ولم يكن بالمشاهد من اسمه آمنة غير هذه وذكر القرشى آمنة ابنة عبد الله بن الحسن بن عبد الله من أولاد القاسم الرسى والذى أراه انها فى حوش طباطبا ومنهم من قال انها بالمشاهد وليس بصحيح ثم تمشى مشرقا بخطوات يسيرة الى مشهد الحسن والمحسن ذكرهما ابن عثمان فى تاريخه وهما ابنا القاسم الطيب ابن محمد بن جعفر الصادق وهو مشهد جليل القدر معروف باجابة الدعاء وبه جماعة من الأشراف ثم تخرج من هذا المشهد فتمشى مستقبل القبلة تجد على يمينك مشهدا لطيفا به قبر مبنى على هيئة مصطبة هو قبر السيد الشريف أبى عبد الله محمد بن على بن عبد الله بن القاسم بن محمد بن جعفر الصادق رضى الله عنهم ثم تأتى الى مشهد السيدة أسماء ابنة عبد العزيز بن مروان المعروفة بصاحبة المصحف بالجامع العتيق كذا قاله القرشى وقال ابن عثمان هى أسماء ابنة أبى بكر الصديق رضى الله عنه وهذا غلط قال بعض مشايخ الزيارة إن اسمها هند وليس بصحيح والصحيح ما قاله القرشى وعدها فى طبقة التابعين قال الامام أبو عمر الكندى رضى الله عنه هى التى أوقفت المصحف الذى يقرأ فيه بعد صلاة الصبح الذى جعلوه مكان مصحف عثمان بن عفان حين سرق وهو مصحف قديم كتبته أسماء وجعلته فى الجامع العتيق وقالت من أخرج فيه غلطة كان له فرس ومائة دينار فتصفحه الناس فلم يقدر أحد أن يخرج فيه غلطة فجاء رجل من الحمرا وهى قبيلة تعرف بالحمرا فأخرج فيه غلطة عند قوله تعالى ان هذا أخى له تسع وتسعون نعجة فغلط الكاتب وكتب نجعة وكان أهل مصر اذا نزل بهم أمر فتحوه وكان فى مكانه مصحف عثمان بن عفان حين بعث بالمصاحف الى الامصار فى قصة طويلة ذكرها ابن عبد البر وماتت أسماء هذه سنة ستين ومائة وذكر الكندى خبرها فى قصة الامراء عند ذكر عبد العزيز بن مروان وكان يرى أهل مصر الموضع الذى ولد فيه عمر ابن عبد العزيز عند قيسارية بنى مرة وذلك مذكور فى الخطط ومن نساء التابعين فى طبقتها رقية ابنة عقبة بن نافع المجاب الدعوة قبرهما مما يلى المصلى الى جانب سكينة ابنة زين

٩٣

العابدين بن الامام الحسين وسيأتى الكلام عليها عند ذكر بيان قبرها عند ذكر شقتها ان شاء الله وانما عرضت بذكرها هنا لانها فى طبقة أسماء وفى طبقتها أيضا أم يزيد بن أبى حبيب وسيأتى ذكرها فى مقبرة بنى يزيد ومقبرة بنى يزيد فى النقعة الكبرى خلف مسجد الفتح وفى طبقتها أم عبد الله القرشية توفيت سنة ست وعشرين ومائة قال القرشى وقبرها الى جانب السالك قلت وهو لا يعرف الآن وفى طبقتها أم ربيعة بنت شرحبيل بن حسنة قديمة الوفاة بمصر وهى لا يعرف لها قبر ثم الى جانب المشهد المقدّم ذكره تربة قديمة البناء بها قبر الشيخ أبى الخير سلامة بن اسماعيل بن جماعة المقدسى الشافعى المعروف بالضرير كان فقيها عالما محدثا وله مصنفات فى الفقه وسمع أكثر الحديث وروى عن عبد العزيز ابن محمد النصيبينى الانصارى وعن أبى الفتح سلطان بن ابراهيم المقدسى وجماعة من الثقات وروى عنه جماعة من العلماء المحدثين فهو معدود فى طبقة الفقهاء والمحدثين والقراء ذكره الشيخ موفق الدين بن عثمان فى تاريخه وبالتربة جماعة من المقادسة ومقابلها تربة متسعة بها قبر السيد الشريف أبى الحسين أخو السيد الشريف طباطبا وبها أيضا قبر السيد الشريف ابراهيم الجو وبها جماعة طباطبيون ويلاصقها من الجهة القبلية تربة بنى الرضى بها قبر السيد الشريف أمين الدين رضى المصلى وبها أيضا قبر السيدة نفيسة ابنة أمين الدين رضى المصلى وبالتربة بنت نفيسة بنت رضى المصلى ولهم تربة برباط أم العادل المجاور لمشهد السيدة نفيسة وقد تقدّم الكلام عليهم ثم تخرج من التربة مستقبل القبلة تجد على يمينك حوشا به جماعة من الأشراف ثم تأتى الى الدرب المستجد المحيط بمشهد السيد يحيى الشبيه فعند باب هذا المشهد حوش لطيف ملاصق للحوض به جماعة من الأشراف وقيل ان به الشريف التاجورى والصحيح ان الشريف التاجورى والرضى الخشاب بشقة أبى الربيع بالقرب من أبى محمد المقترح قال القرشى فى تاريخه كان اماما عالما وذكر فى طبقته عبد القوى المعروف بالتاجورى وقال هو فى التربة الملاصقة لتربة الرضى الخشاب المتصدر ولا أدرى هل هو أشار الى رضى الدين المصلى المقدم ذكره أم لا لان التربة ملاصقة للتربة وقيل إن بالتربة جماعة من الاشراف الحسنيين وبالتربة جماعة من الانصار هكذا أخبرنى رجل من ذريتهم أنهم من ذرية اسامة بن زيد وأن لهم معلوما يتناولونه الى الآن وتوفى التاجورى سنة اثنين وخمسين وخمسمائة ثم تمشى مغربا خطوات يسيرة تجد مع الحائط قبرين الى جانب بعضهما يعرفان بالطراز الغاسل والذهب الغاسل ولا أدرى هل هما شريفان أم لا وقبليهما حوش الفقهاء بنى كامل ثم تدخل

٩٤

من الدرب المستجد الى مشهد السيد الشريف يحيى بن القاسم الطيب بن محمد المأمون ابن جعفر الصادق رضى الله عنهم ذكره الاسعد ابن النحوى النسابة والرازى وابن بللوه النسابة قال القرشى فى تاريخه كان شبيها برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال ابن النحوى كان بين كتفيه شامة بها شبه بخاتم النبوّة وكان اذا دخل الحمام فنظر الناس الشامة التى بين كتفيه يكثرون من الصلاة على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ولما سمع أهل مصر بقدومه خرجوا الى ظاهر مصر يتلقونه وكان ابن طولون أقدمه من الحجاز وكان يوم قدومه يوما مشهودا وبالمشهد قبر عبد الله أخيه وقبره فى وسط القبة وعند رأسه لوح رخام فيه نسبه وتوفى عبد الله هذا يوم الاثنين لاثنتى عشرة ليلة خلت من شهر رمضان سنة احدى وستين ومائتين وكان تلو أخيه فى العبادة والطهارة والعفة والصلاح وهم بيت عظيم معروفون باجابة الدعاء وبالقبة أيضا قبر السيدة أم الذرية زوجة القاسم الطيب الى جانب قبر ولدها كانت من الزاهدات العابدات قال المؤلف وهى شريفة ذكرها القرشى فى طبقة الاشراف وبالتربة أيضا قبر السيد يحيى بن الحسن الانور أخى السيدة نفيسة الطاهرة قال القرشى وليس بمصر من إخوتها أحد سواه ولا عقب له وحكى انه كان يرى على قبره نور قال أبو الذكر دخلت الى قبر يحيى فلم أحسن الادب فسمعت من قبر ورائى يقول قل انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا قلت والواجب على الزائر اذا دخل الى مكان فيه أشراف أن يقرأ هذه الآية وهذا المشهد معروف باجابة الدعاء فيه وعند الخروج من قبر السيد يحيى تجد حوشا على اليسار مقابل الصهريح به جماعة من الاشراف وقيل إن به البنات الابكار وغيرهم ولو استوعبنا أسماءهم لضاق الوقت علينا لكن القصد انجاز الكتاب قبل الاجل ثم تخرج من المشهد قاصدا مشهد القاسم الطيب تجد عند حائط الدرب القبلى قبر ابن خلكان غير صاحب التاريخ ثم تخرج من الدرب تجد على اليسار حوشا به جعفر الجمال ومقابل الحوش قبر مع الحائط يعرف بالمعرف بنفسه يأتى الكلام عليه بعد مناقب السيد جعفر وبهذا الحوش قبر السيد الشريف جعفر الموسوى المعروف بالجمال من ولد موسى الكاظم ابن جعفر الصادق ذكره الاسعد النسابة ومن أهل التاريخ من قال انه مدفون بتربة القاسم الطيب ومنهم من قال انه بهذا الحوش قال الاسعد النسابة انه غربى مشهد القاسم قال المؤلف وهذا دليل على انه ليس بتربة القاسم الطيب ولو كان بمشهد القاسم لاشار اليه وانه بهذا الحوش والحوش ملاصق للمشهد حكى الاسعد النسابة انه حج ثمانين حجة وكانت له جمال كثيرة تكرى وتحمل الى الحجاز وكان نقيب مكة وله عقب باماكن

٩٥

شتى منهم بقية بمصر يسيرة وجعفر الجمال هو شيخ الميمون بن حمزة الحسينى وفى قبره جماعة من ولده وولد ولده وهم الكل يزارون ويقصدون وعلى قبره مشاهد وأثر قال المؤلف والموضع الآن حوش داثر وعند باب هذا المشهد قبر يعلو مصطبة هو قبر الشيخ عمر بن الزريقة أحد مشايخ الزيارة فى الليل والنهار ووفاته معروفة على قبره وصلاحه وخيره معروف وشهرته تغنى عن الاطناب فى ذكر مناقبه

ذكر المشهد المعروف بالقاسم الطيب بهذا المشهد السيد الشريف الامام العالم القاسم الطيب ابن محمد المأمون يلقب بالديباج بن جعفر الصادق رضى الله عنه ذكره القرشى فى طبقة الاشراف قال ابن النحوى كان القاسم الطيب من أحفظ الناس لحديث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ولقد كتب عنه أربعمائة محبرة وكان من الاشراف الاجواد قال الرازى كان أولاده يعرفون بالطيارة وقال الاسعد النسابة ويعرفون أيضا بالكلثميين وقد تقدمت هذه العبارة قال أبو عمر رأيت القاسم بمكة يدعو الله وقد اقشعر جسده فقلت له ما هذا يا ابن بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال انى لاستحيى من الله أن أدعوه بلسان ما أديت به حق شكره ومناقبه غير محصورة ووفاته معروفة وهذا آخر الشقة الثانية ذكر الشقة الثالثة ابتداؤها من مشهد السيدة كلثم وانتهاؤها حوش الشيخ مسلم كما تقدم الكلام

ذكر مشهد السيدة كلثم وما حوله من الصالحين رضى الله عنهم فيه السيدة كلثم ابنة القاسم الطيب رضى الله عنها ذكرها ابن عثمان فى تاريخه ومشهدها معروف باجابة الدعاء قيل انها تزوجت وحصل لها أولاد وقد انقرضت ذريتها وقيل ان معها فى قبرها جماعة من أولادها وقيل لم يكن بالمشهد غيرها وذكرها الاسعد النسابة وشهرتها تغنى عن الاطناب فى مناقبها وبجوارها مشهد السيد الشريف ابراهيم الغمر بن عبد الله المحض بن الحسن المثنى بن الحسن السبط هكذا نقله مشايخ الزيارة وقيل انه من ولد ابراهيم الغمر لان ابراهيم الغمر لم يمت بمصر والله أعلم وبالتربة جماعة من الاشراف ومقابل مشهد السيدة كلثم مع الحائط على الطريق المسلوك قبر الشيخ على الخامى خادم المشهد وقد انتقل من هذا المشهد مشايخ وخدام ونقباء نذكر كل واحد منهم عند قبره ان شاء الله تعالى ثم تأنى من المشهد الى قبر الشيخ محمد الشرايحى أحد مشايخ الزيارة تلميذ الشيخ عمر بن الزريقة متأخر الوفاة والى جانبه تربة الاشراف أولاد جميل وعند بابها حوش به جماعة أشراف وبه قبر الشريف شكر والسيد الشريف مطر ثم تمشى وأنت مستقبل القبلة تجد قبر حوض

٩٦

حجر بمجدولة كدان وقد خفيت كتابته اسمه أمين الدين الحنفى الضرير ومقابله تربة بها جماعة من العساقلة وبالحومة حوش متسع به جماعة من الاشراف العباسيين وبه الشريف ابن عمر الغزال ثم ترجع الى ظهر مشهد السيدة كلثم وهى الجهة القبلية تجد ملاصقا لهذا المشهد قبرا حجرا كدانا كبيرا عليه عمود رخام مكتوب عليه الشريف جعفر المعترف بذنبه له حكاية مشهورة والى جانبه من الجهة القبلية تربة ببابين على جانب الخندق بها قبر السيد الشريف أبى عبد الله محمد بن محمد بن أبى القاسم عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن المفضل بن العباس العباسى الهاشمى توفى الى رحمة الله تعالى سنة خمس وتسعين وستمائة وبالتربة جماعة من أقاربهم كلهم أشراف وبالقرافة جماعة من العباسيين ذكرهم أبو عبد الله القرشى فى تاريخه قال القرشى منهم محمد بن اسماعيل القرشى العباسى المحدث توفى سنة أربع وستين وأربعمائة وله رواية وهو معدود من المحدثين ثم تخرج من التربة تجد حوشا به عمود مكتوب عليه هذا قبر السيد الشريف فتح الدين حسن بن تاج الدين على بن أبى عبد الله بن على ابن تاج الملك أبى الحسن على بن هبة الله بن الحسن بن محمد بن على بن محمد بن عمر بن حسن بن على الاصغر بن على زين العابدين ابن الامام الحسين بن على بن أبى طالب رضى الله عنهم أجمعين توفى سنة خمس وتسعين وستمائة وبالتربة جماعة أشراف كلهم يرجعون الى هذا النسب وعند باب هذه التربة المذكورة قبر الشيخ على صيدح توفى سنة أربع وأربعين وسبعمائة وبالحومة جماعة أشراف لا تعرف أسماؤهم وبالحومة قبر السيدة زينب بنت المهذب وهو قبر حوض حجر بالقرب من صيدح هكذا أخبرنا الشيخ محمد الطيار ثم تمشى مستقبل القبلة تجد مع الحائط قبر الشيخ حسان بن على القطان وعليه مجدولة مكتوب فيها اسمه ووفاته والقبر على هيئة مصطبة مبنى فى جدار الحائط والى جانبه تربة بها جماعة أشراف وهى على جانب الخندق ثم تأتى مغربا الى حوش الفاسى خادم الآثار النبوية بهذا الحوش عمود مكتوب عليه تاج الدين البليناى (١) خادم الآثار النبوية توفى سابع شعبان سنة ثلاث وستمائة وعلى باب التربة قبر الرجل الصالح سليمان الحجاجى والى جانب التربة من الجهة الشرقية قبر القاضى كمال الدين عبد القادر الحاكم بمدينة قوص توفى فى شهر صفر سنة أربع وخمسين وستمائة كذا مكتوب على عموده وكان قد سرق هذا العمود ثم جىء به الى مكانه ثم تمشى مبحرا الى حوش أولاد ابن سنا الملك فتجد قبل الوصول الى هذا المشهد قبرا فى الطريق المسلوك مبنيا على هيئة المصطبة يعلوه البياض يسمونه المعرف بنفسه وقال بعض الزوار إنه من الدرعية قال المؤلف والاصح أنه لا يعرف

__________________

(١) نسخة البكينانى

٩٧

له اسم والى جانبه مع الحائط قبر الشيخ عثمان المراوحى وهو قبر حجر وهو فى المحراب ثم تدخل الى تربة ابن سنا الملك به جماعة من أولاد سنا الملك ومقابل هذه التربة تربة بها قبر الشيخ فخر الدين بن زرزور والشيخ أبى القاسم بن زرزور الفارسى ثم تمشى فى الطريق المسلوك تجد تربة القاضى أفضل الدين الخونجى والى جانبه جماعة من ذريته والتربة قبلى ابن سنا الملك ثم تأتى الى مشهد عمرو بن مطيع الكندى قال أبو عمر الكندى كان خراج مصر فى زمن مسلمة بن مخلد الانصارى يحمل اليه وكانت له صدقات يتصدق بها طول العام من جنة له والجنة فى اللغة بمعنى البستان فغار ماء البئر حتى أشرفت أشجارها على الموت حكى الضراب فى تاريخه قال خرج يوما الى جنته فرأى الاشجار مصفرة فبكى حزنا على مافاته من أجرها ثم بسط يده ودعا ونام فاذا قائل يقول لا تسق جنتك بعد اليوم نحن نسقيها لك فاستيقظ فوجد الاشجار مخضرة وقد أنبتت وأينعت الثمار فيها فكان لا يسقيها بعد ذلك اليوم وكانت اذا عطشت الاشجار يأتيها المطر باذن الله تعالى فتروى منه توفى عمرو سنة خمسين ومائة ذكره أبو عبد الله القرشى المعروف بابن الجباس فى طبقة التابعين وعده فى طبقة يزيد بن أبى حبيب وفى طبقة ابن أبى عشاقة روى عن عقبة بن عامر الجهنى من أعيان المصريين كان يقول لابنه أحسن وضوءك وصل ركعتين وسل الله ما شئت أضمن لك الاجابة وفى طبقته جماعة من التابعين وبظاهر المشهد قبر فى زاوية الحائط تحت الدار العالية عليه رخامة بخط كوفى والحوش لطيف بباب صغير هو قبر الفقيه ابن سماك بن عبد الله بن الحسين بن عبد الرحمن كان من أكابر العلماء ذكره القرشى فى طبقة الفقهاء وفى ظهر هذه التربة قبر مع الحائط على جانب الطريق المسلوك معروف عند مشايخ الزيارة بواعظ المقبرة ومقابله تربة لطيفة بها الريس يوسف بن جناح والريس حسن بن جناح وهم جماعة معروفون بالرياسة والجهاد فى سبيل الله ثم تمشى فى الطريق المسلوك مستقبل القبلة تجد قبرا مبنيا بالطوب الآجر وعليه محراب هو قبر أبى عبد الله المعروف بتعبير الرؤيا ثم تأتى الى تربة السيد الليث بن سعد

ذكر مشهده ومن به ومن حوله من العلماء والصالحين والأشراف والصدفيين بهذا المشهد قبر الامام الكبير القدر المعظم الشأن فى الدين والعلم والكرم الليث بن سعد بن عبد الرحمن فقيه مصر وعالمها أثنى عليه مالك بن أنس قال الحافظ عبد الغنى فى كتاب الكمال فى أسماء الرجال قال الشافعى وابن بكير انه أفقه من مالك وقال يونس بن عبد الاعلى كان دخل الليث فى كل سنة مائة ألف دينار وما وجبت عليه زكاة قط قال محمد بن

٩٨

عبد الحكم أيضا انه كان يدخل لليث فى كل سنة أكثر من ثمانين ألف دينار وما وجبت عليه زكاة قط لان الحول كان لا ينقضى عنه حتى ينفقها ويتصدّق بها قال ابن يونس وكان له قرية بمصر يقال لها الفرما يحمل اليه من خراجها فيجعل ذلك صررا ويجلس على باب داره ويعطى صرة لهذا وصرة لهذا حتى لا يدع الا اليسير من ذلك وحمل من مصر الى بغداد حتى أفتى الرشيد ورد عليه زبيدة وأمر له بخمسة آلاف دينار فردها وقال ادفعها لمن هو أحوج اليها منى قال يحيى بن بكير رأيت الفقراء يزدحمون على باب الليث بن سعد وهو يتصدق عليهم حتى لم يبق أحد منهم حتى مشى وأنا معه على سبعين بيتا من الارامل ثم انصرف فمشيت معه فبعث غلامه بدرهم فاشترى زيتا وخبزا ثم جئت الى بابه فرأيت أربعين ضيفا جاء اليهم باللحم والحلوى فلما أصبح قلت لغلامه بالله عليك لمن الخبز والزيت فقال يطعم ضيفانه اللحم والحلوى وما رأيته يأكل الا خبزا وزيتا وحكى ابن النحوى من مناقبه قال بلغنى عن يونس بن عبد الأعلى الصدفى انه قال صودر رجل من أهل مصر فى زمن الليث بن سعد ونودى على داره فبلغت أربعة آلاف درهم فاشتراها الامام الليث ابن سعد وبعثنى آخذ المفاتيح فوجدت فيها أيتاما وعائلة فقالوا بالله عليك اتركنا الى الليل حتى ننظر خربة نذهب اليها قال فتركتهم وجئت اليه وأخبرته بالقصة فبكى وقال عد اليهم وقل لهم الدار لكم ولكم ما يقوم بكم فى كل يوم وقال يحيى بن بكير سمعت أبى يقول ما رأيت أكمل من الليث بن سعد كان فقيه النفس عربى اللسان يحسن القرآن والفقه والنحو والطب والشعر حسن المذاكرة به وما زال يذكر خصالا جميلة ويعقد بيده حتى عقد عشرا وقال الحسن بن سعيد خرجنا مع الليث بن سعد الى الاسكندرية ومعه ثلاث سفائن سفينة فيها مطبخه وسفينة فيها عياله وسفينة فيها أضيافه فقلنا يا سيدى انا نسمع منك أحاديث ليست فى كتبك فقال أو كلما فى صدرى فى كتبى لو وضعت ما فى صدرى فى كتبى ما وسعته هذه السفينة وروى الفتح بن محمود قال حدثنى أبى قال بنى الامام الليث دارا فهدمها ابن رفاعة فى الليل عنادا له ثم بناها ثانيا فهدمها أيضا فلما كان فى الثالثة أتاه آت فى منامه وقال اسمع يا أبا الحارث ونريد أن نمن على الذين استضعفوا فى الارض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم فى الارض فلما أصبح اذا ابن رفاعة قد لحقه الفالج ومات بعد ذلك وقال محمد بن وهب سمعت الامام الليث بن سعد يقول إنى أعرف رجلا لم يأت بمحرم قط قال فعلمنا أنه يشير بذلك الى نفسه لان هذا لا يعلمه أحد من أحد وروى أيضا قال جالست الليث وشاهدت جنازته مع أبى فما رأيت جنازة

٩٩

أعظم منها ولا أكثر منها ورأيت الناس كلهم عليهم الحزن والكآبة ويعزى بعضهم بعضا فقلت لابى أرى كلا من الناس كأنه صاحب الجنازة فأى رجل كان الليث فقال يا بنى كان عالما كريما حسن العقل كثير الافضال لا يرى مثله أبدا ولما أتى الشافعى مصر أتى قبر الليث وزاره وقال ما فاتنى شئ كان أشد على من ابن أبى ذئب والليث بن سعد ويروى أن الامام الشافعى وقف على قبر الامام الليث وقال لله درك يا امام لقد حزت أربع خصال لم يكملهنّ عالم العلم والعمل والزهد والكرم وقال يحيى بن بكير عن ابن وهب دخلت على مالك فسألنى عن الليث فقال كيف هو فقلت بخير قال كيف صدقه قلت يا أبا عبد الله إنه لصدوق قال اما إنه ان فعل متعه الله بسمعه وبصره وقال يحيى بن بكير سمعت الليث كثيرا ما يقول أنا أكبر من ابن لهيعة فالحمد لله الذى متعنا بعقلنا وقال ابن بكير حج الامام الليث بن سعد سنة ثلاث عشرة ومائة فسمع من ابن شهاب الزهرى ومن ابن مليكة وعطاء بن أبى رباح وأبى الزبير ونافع وعقيل وعمران بن أبى أنس وهشام وجماعة من المشايخ فى هذه السنة وقال عبد الله بن صالح عن الليث بن سعد قال حججت أنا وابن لهيعة فلما ضرت بمكة رأيت نافعا فجلست معه فى دكان رجل علاف فمر بنا ابن لهيعة فقال من هذا قلت مولى فلما قدمنا مصر قلت حدثنى نافع قال ابن لهيعة يا سبحان الله قلت ألم تر الأسود معى فى دكان العلاف بمكة قال نعم قلت ذلك والله هو نافع فحج قابلا فوجده قد مات ثم قدم الأعرج الى مصر يريد الاسكندرية فرآه ابن لهيعة فأخذه الى منزله فما زال عنده يحدثه حتى اكترى له سفينة وأحدره فيها الى الاسكندرية ثم جلس للحديث فقال حدثنا الأعرج عن أبى هريرة قلت متى رأيت الأعرج قال ان أردته فهو بالاسكندرية فخرج الليث للاسكندرية فوجده قد مات فذكر أنه صلى عليه وقال شرحبيل ابن جميل بن فريد مولى شرحبيل بن حسنة أدركت الناس فى زمان هشام بن عبد الملك والناس متوافرون وكان بمصر يزيد بن أبى حبيب وعبد الله بن أبى جعفر وجعفر بن ربيعة وأبو هبيرة والحارث بن يزيد وغيرهم من أهل مصر ومن أهل المدينة ومن أهل الشام والليث يومئذ شاب حدث السن فرأيتهم يتعارفون فضله وورعه ويقدّمونه ويشيرون اليه وكفاه فخرا أنه شيخ مشايخ البخارى ومسلم وروى البخارى عن يونس بن عبد الأعلى عن الامام الليث بن سعد وروى البخارى عن قتيبة بن سعيد عن الليث وروى عن الليث يحيى بن بكير وعبد الله بن وهب ومحمد بن المثنى الصدفى وأحاديثه فى الصحاح الستة وهو ثقة عدل ذكره القضاعى وأثنى عليه ولو استوعبنا مناقبه لضاق الوقت علينا وذكره ابن الجباس فى طبقة

١٠٠