الكواكب السيّارة في ترتيب الزيارة

شمس الدين أبو عبد الله محمّد بن ناصر الأنصاري [ ابن الزيّات ]

الكواكب السيّارة في ترتيب الزيارة

المؤلف:

شمس الدين أبو عبد الله محمّد بن ناصر الأنصاري [ ابن الزيّات ]


المحقق: أحمد بك تيمور
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار ومكتبة بيبليون
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤١٠

شهد فتحها ولأهلها عنه نحو عشرين حديثا. وممن دخلها رجا بن عبيد الله الانصارى رضى الله عنه دخلها بعد الفتح وقدم على عقبة بن عامر الجهنى ويقال انه قدم على مسلمة ابن مخلد الانصارى رضى الله عنهم. وممن دخلها سهل بن سعد الساعدى وكنيته أبو العباس قال صاحب كتاب المشرق لما قدم سهل بن سعد الى مصر اغترف من نيلها بيديه وقال هذا يخرج من تحت سدرة المنتهى وقيل كان عقبة بن عامر ومسلمة بن مخلد يجلسان بين يديه ويقولان له كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يحبك ويجلسك مات رضى الله عنه بالمدينة وهو آخر من مات بها من الصحابة رضى الله عنهم ولأهل مصر عنه حكايات ومناقب لأنه كان كثير الحياء ملازما لقراءة القرآن ولم يذكر له بمصر خطة. وممن دخلها السائب بن خلاد شهد فتحها ثم خرج منها ثم قدم على عقبة رضى الله عنه ولأهل مصر عنه حديث واحد. وممن دخلها أبو ذر الغفارى رضى الله عنه الصحيح أن اسمه جندب بن جنادة دخل مصر واختط بها وخطته معروفة ولقد مدحه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم اذ قال له ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء أصدق لهجة من أبى ذر أسلم بمكة وأقام بها أياما ليس له قوت الا ماء زمزم ثم عاد الى أهله ورجع الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالمدينة فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنت أبو نملة قال انما أنا أبو ذر خرج من مصر حين رأى رجلين يختصمان على موضع لبنة وقال سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يخبر بذلك. وممن دخلها مسلمة بن الحارث الغفارى شهد فتحها ولأهلها عنه حديث واحد. وممن دخلها السائب الغفارى قيل شهد فتحها ولم يذكر فيمن حضرها عند الفتح ولأهلها عنه حديث واحد. وممن دخلها هبيب بن معقل الغفارى شهد فتحها واختط بها ولأهلها عنه حديث واحد وهو من أعيان الصحابة. وممن دخلها بشر بن ارطاة العامرى شهد فتح مصر وله بها خطط معروفة قال القضاعى وكان كثير الصدقة وخطته مما يلى أصحاب الراية. وممن دخلها المستورد بن شدّاد الفهرى وهو من أعيان الصحابة رضى الله عنه شهد فتح مصر وله بها خطة ولأهل مصر عنه أحاديث وذكر الحفاظ من العلماء أنه لم يرو عن المستورد الا أهل مصر وأهل الكوفة. وممن دخلها أبو موسى الغافقى واسمه مالك بن عبادة رضى الله عنه وقيل عبد الله بن مالك وهو من حلفاء بنى عبد الدار شهد فتح مصر واختط بها وكان رجلا جميلا كثير البكاء عند ذكر النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ويقول فاز من رآه وعمل بعمله ولأهل مصر عنه ثلاثة أحاديث وقيل انه مات بمصر وقبره بمقبرة بنى غافق كذا قال ابن النحوى. وممن دخلها أبو الأعور

٢١

السلمى واسمه عمرو بن سفيان حليف بنى أمية بن عبد شمس دخل مصر ولم يشهد فتحها قال القضاعى لما دخلها مع مروان قال حين رأى سفح المقطم هذا واد فيه عين أهل الجنة. وممن دخلها يزيد بن أنيس الفهرى يكنى أبا عبد الرحمن قال الكندى انه دخل مصر وشهد فتحها وله بها خطة وهى التى فى دار السلسلة بالخشابين روى عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم حديثا واحدا وكان عمرو بن العاص يحبه وأراد أن يوليه على الخراج فأبى قال الربيع بن سليمان هو فيمن مات من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالشام. وممن دخلها عبادة بن الصامت أحد الفتيان شهد بدرا مع النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم وقاتل قتالا شديدا وشهد أيضا فتوح الشام وفتوح مصر وهو من أعيان الصحابة وأكابرهم وكان صاحب مشورة عمرو بن العاص لما كثرت القبط عليهم فقال والله لو كانوا عدد الرمل ونحن دون الألف نصرنا عليهم لأن أحياءنا سعداء وأمواتنا شهداء ولأهل مصر عنه نحو عشرة أحاديث خرج من مصر وليس له بها خطة. وممن دخلها أبو أيوب خالد بن زيد الانصارى شهد بدرا مع النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ونزل صلى‌الله‌عليه‌وسلم حين هاجر فى منزله حين ازدحم الناس وصار كل أحد يسأل النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم على أن ينزل فى منزله فجاءه جبريل عليه‌السلام وقال يا محمد ان الله يأمرك أن ترسل مطيتك فأيما باب وقفت عليه فانزل فيه فوقفت على باب أبى أيوب الانصارى رضى الله عنه وكان أبو ايوب جليلا فى أصحابه حكى ابن اسحاق وغيره أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لما نزل فى دار أبى أيوب نزل فى سفل الدار وكان أبو أيوب وأهله فى علو الدار فاندفق السقاء فى الليل وكانت ليلة شاتية فقام أبو أيوب وزوجته وجعلا ينشفان الماء بأثوابهما فلما أصبح أبو أيوب أتى الى النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ليرى هل سقط عليه شئ من الماء فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ان الله شكر صنيعكما البارحة يا أبا أيوب مات أبو أيوب ببلاد الروم وخبره مشهور ولأهل مصر عنه نحو عشرين حديثا ولم يخرج من مصر حتى غزا فى البحر ويقال انه أول من غزا فى البحر من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. وممن دخلها الزبير بن العوام وهو ابن عمة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ولقد قال عليه‌السلام لكل نبىّ حوارى وحوارى الزبير بن العوام وهو من العشرة المقطوع لهم بالجنة حضر فتح مصر واختط بها ثم خرج منها فقتل فى وقعة الجمل فقال على كرم الله وجهه للذى قتله سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول بشر قاتل ابن صفية بالنار وكان قد شهد فتح الشام هو وزوجته أسماء بنت أبى بكر الصديق ودخل مصر ولده عبد الله

٢٢

ابن الزبير بن العوام وهو الذى صلبه الحجاج على البيت فى قصة طويلة وعبد الله هذا أحد العبادلة الذين يدور عليهم العلم دخل الى مصر فى خلافة عثمان بن عفان وشهد فتح افريقية وليس هو فى القبر الذى بالنقعة الذى يقول العوام انه قبر ابن الزبير بن العوام فانه قتل بمكة ودفن بها وسيأتى الكلام على القبر الذى بالنقعة فى تعيين الشقق كما تقدّم الكلام عليه وبالله المستعان. وممن دخلها سعد بن أبى وقاص دخلها بعد الفتح رسولا من قبل عثمان بن عفان وأعطى بعض أهل مصر ثوبا وقال هذا الثوب الذى غزوت به مع النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم وكان سعد راميا جمع له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بين أبويه وقال ارم فداك أبى وأمى وهو الذى قام على باب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حين بنى بصفية فخرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال ما أوقفك هاهنا فقال يا رسول الله خفت أن تكون قد دبرت حيلة مع أهلها فقلت ان كان كذلك دنوت منها فقتلتها فجاءه جبريل عليه‌السلام وقال له يا محمد ان الله يقول لك سلم على سعد وقل له ان الله شكر صنعك البارحة قال صاحب التاريخ خرج سعد بن أبى وقاص من مصر بعد أن وقف على المحراب. وممن دخلها أبو رافع مولى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم واختلف فى اسمه فقيل أسلم وقيل ابراهيم شهد فتحها واختط بها ولأهلها عنه حديث واحد رضى الله عنه. وممن دخلها ثوبان مولى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم واختط بها ولأهلها عنه حديث واحد. وممن دخلها عبد الله بن عباس بن عبد المطلب فى خلافة عثمان بن عفان رضى الله عنه وشهد فتح المغرب وكان يقول أودّ لو رأيت مصر لأنها خزائن الارض وهو أحد العبادلة الذين يدور عليهم العلم حنكه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بريقه ورأى جبريل عليه‌السلام. وممن دخلها أبو فاطمة الأوسى الازدى حكى أبو عقيل انه ممن دخلها ولم يختلفوا أن له بها خطة ولهم عنه حديث واحد. وممن دخلها أبو ريحانة الازدى رضى الله عنه واسمه ياقوت شهدها ولاهلها عنه حديث واحد ولا يعرف له بها خطة. وممن دخلها جنادة بن أمية الازدى شهد فتحها ولأهل مصر عنه حديث واحد وكان رجلا مشهورا بالكرم وله حكايات حسنة. وممن دخلها عمرو بن الحمق الخزاعى قدم اليها فى أيام عثمان ابن عفان ولأهلها عنه حديث واحد. وممن دخلها أبو هريرة رضى الله عنه اختلف فى اسمه فقيل عبد شمس وقيل عبد العزى والصحيح عبد الرحمن بن صخر الدوسى كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يحبه ولا يحجبه عنه وكان يقول يا أبا هر فيقول انما أنا أبو هريرة فيقول الذكر خير من الانثى ودعا له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ودعا لأمه وجعل له

٢٣

فى صاعه حبات من بر فأوسق منها أوسق وحدثه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فجعل يلقى بيديه فى ردائه فحدث حديثا كثيرا وأثنى عليه أبو بكر وعمر وعثمان وكانت عائشة تجله وقال صحبت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم على ملء بطنى وهو أحد فقراء الصفة ولم يحضر الحرب بين معاوية وعلىّ وكان يأكل على سماط معاوية ويصلى خلف علىّ فاذا كان وقت الحرب صعد على ذروة فقيل له فى ذلك فقال طعام معاوية أدسم والصلاة خلف علىّ أحكم والقعود على هذه الذروة أسلم وهو من أعيان الصحابة وشهرته تغنى عن ذكر مناقبه ولاهل مصر عنه ثلاثة وثلاثون حديثا. وممن دخلها مالك بن عتاهية التجيبى شهد فتحها ولأهلها عنه حديث واحد. وممن دخلها عدىّ بن عميرة الكندى شهد فتحها ولأهل مصر عنه حديثان من غير رواية ذكرهما ابن عبد الحكم وغيره وكان يقول أحب الجهاد وأشتاق اليه كما يشتاق الظمآن الى الماء. وممن دخلها مسعود بن الاسود البلوى شهد فتحها ولأهلها عنه حديث واحد. وممن دخلها علقمة بن أمية البلوى ذكر الربيع ابن سليمان انه ممن شهد فتح مصر وليس له بها خطة ولأهلها عنه حديث واحد. وممن دخلها أبو مالك الأشعرى واسمه تميم وعدّه ابن عبد الحكم من اللخميين وكان يقول منذ أسلمت ما داخلتنى ذرة من النفاق ولو عصيت الله معصية واحدة ما أقمت بين الخلق مخافة من الله أن يفضحنى ويأخذنى بها ولأهل مصر عنه حديث واحد. وممن دخلها أبو هند وأظنه الدارى عدّه الضراب ولأهل مصر عنه حديث واحد. وممن دخلها سلامة بن نصر الحضرمى عدّه الربيع بن سليمان فيمن دخلها من الصحابة وذكر انه شهد فتحها ولأهلها عنه حديث واحد. وممن دخلها أبو ثور الفهمى وهو أحد الفرسان قتل ابن عمه فى واقعة الجمعة قال الربيع بن سليمان شهد فتحها ولأهلها عنه حديث واحد. وممن دخلها عقبة بن المنذر السلمى شهد فتحها ولأهلها عنه حديث واحد. وممن دخلها سفيان بن وهب الخولانى شهد فتحها وليس له بها خطة وكان يقول لابنه يا بنى أنا أول من دخل بيعة مصر حين فتحناها وكانت تعرف عندهم بالبيعة المعظمة قال رضى الله عنه دخلتها وأنا أقرأ قوله تعالى (وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً) فرأيت الصور تساقط ولقد نظرت الى سبعة صلبان أخرجت يزيد كل صليب منها على أربعين رطلا من ذهب ولقد دخلتها وهى بيعة فما خرجت منها الا وهى مسجد ولأهلها عنه حديث واحد. وممن دخلها صلة بن الحارث المعافرى رضى الله عنه معدود من المعافريين ولاهلها عنه حديث واحد. وممن دخلها زياد بن الحارث الصدائى ولاهلها عنه حديث طويل ذكره ابن عبد الحكم

٢٤

وقال كان معه حيان الصدائى وذكر أن لهم عنه حديثا واحدا. وممن دخلها عدىّ بن كعب التنوخى من أهل الحيرة معدود من العباد كان يصلى أمام الجيش وقت المضاف والسهام ترمى فتقع بين يديه ولم يصبه منها شئ قال بعضهم رأيت بين يديه أربعين سهما وهو يصلى فلم يلتفت الى سهم منها شهد الفتح ولأهلها عنه حديث واحد. وممن دخلها جاحل الصدفى ذكره ابن عبد البر وهو معروف فيمن سكنها ولا يعرف له حضور يوم الفتح وحكى القرشى أن قبره فى مقبرة بنى الصدف وفى مقبرة الصدفيين رخامة مكتوب فيها عبد الله ابن الحسن بن عبد الله بن جاحل الصدفى ولأهلها عنه حديث واحد ولهم عنه حكاية طويلة وقيل انه هو القارئ كتاب عمر بن الخطاب على النيل حين توقف فجرى باذن الله تعالى. وممن دخلها عوف بن مالك الاشجعى صحابى مشهور قدمها مع معاوية بن أبى سفيان ولأهلها عنه حديث واحد. وممن دخلها معاذ بن مالك من أكابر الصحابة شهد فتحها ثم أقام بها مدة طويلة وكان رجلا عفيفا حسن القراءة ثم رحل ولأهلها عنه أربعون حديثا. وممن دخلها أبو عبد الرحمن الجهنى دخلها بعد الفتح ولأهل مصر عنه حديثان وممن دخلها عمر بن مرة الجهنى شهد فتحها وليس له بها خطة وهو من أعيانهم وكان يقول انى أصبح وأمسى والنار ممثلة بين يدى. وممن دخلها المنذر وسكن افريقية عده صاحب التاريخ فيمن سكن افريقية من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وكانت له دعوة مجابة. وممن دخلها عبد الرحمن بن غنم الاشعرى رضى الله عنه دخلها مع مروان بن الحكم ولأهلها عنه حديث يرويه عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه واختلف العلماء فى صحبته فقال الامام الليث بن سعد رضى الله عنه وابن لهيعة له صحبة برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. وممن دخلها أبو مليكة البلوى رضى الله عنه وقيل الحميرى وليس له بها خطة ولأهلها عنه حديث واحد. وممن دخلها حيى الليثى رضى الله عنه ولأهلها عنه حديث واحد. وممن دخلها حذيفة بن الحارث ولأهلها عنه حديث واحد. وممن دخلها أبو عميرة المزنى رضى الله عنه وهو سعيد بن مالك ولأهلها عنه حديث واحد. وممن دخلها مالك ابن زاهر رضى الله عنه ولأهلها عنه حديث واحد. وممن دخلها رجل يقال له كثير روى أهل مصر عنه حديثا واحدا وقيل فى اسناده ضعف

وقال الضراب وممن دخل مصر من أصحاب رسول الله ممن لا رواية لهم عنه جماعة منهم محمد بن مسلمة الانصارى وهو من أهل بدر من أكابر الصحابة وأعيانهم ذكره ابن عبد البر فى الاستيعاب. ودخل مصر أيضا محمد بن حبيب المصرى هو وركب المصرى وسرّق كل

٢٥

واحد منهم له صحبة بالنبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم. ودخل مصر أيضا أبو محمد مسعود بن أوس بن زيد البدرى رضى الله عنه من أعيان الصحابة دخلها ثم خرج منها ذكره الضراب مع من شهد بدرا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. ودخل مصر أيضا أبو جبر البدرى ودعا لأهلها بدعوات. ودخل مصر أيضا زيد بن أنيس الفهرى وكنيته أبو عبد الرحمن وهو جدّ أبى الحارث له خطة بمصر معروفة وله عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم حديث واحد من غير رواية مصر. ودخل مصر أيضا معيقيب بن أبى فاطمة الدوسى ذكره الكندى والواقدى فيمن شهد الفتح. وممن دخل مصر أيضا بلال بن الحارث المزنى معدود من الصحابة معروف فيمن شهد الفتح. وممن دخلها أبو ضبيس البلوى ولم يعلم انه شهد الفتح. ودخل أيضا أبو سروعة واسمه عقبة بن الحارث بن عامر بن نوفل وقضيته فى شرب الخمر مشهورة شهد الفتح وهو الذى حضر هو وأبو شحمة بن عمر فدخل عليهما عمرو بن العاص فى دار بمصر فوجدهما يشربان الخمر فحدّهما بكمه فبلغ ذلك عمر بن الخطاب رضى الله عنه فغضب وكتب يلومه فى ذلك ثم قال له ابعث الىّ بابنى فبعث به اليه فحدّه بيده ثمانين وزاد سياطا فقال أوّاه يا أبت قتلتنى فقال اذا لقيت ربك فأخبره أن أباك يقيم الحدود ثم مات بعد ذلك شهيدا أبو شحمة. ودخلها أيضا عائذ بن ثعلبة البلوى وهو من الذين بايعوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم تحت الشجرة وخطته تحت البناء بمصر عند المناخ ذكرها القضاعى واستشهد عائذ مع أبى رقية اللخمى بالأندلس (١) وورد انه مولى عمر بن الخطاب رضى الله عنه. ودخلها أيضا نبيه بن صواب المهرى وهو ممن أسس بناء الجامع وكان يضع اللبن بيديه. ودخلها أيضا نعيم بن الحباب العامرى وقيل التجيبى قدم على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى وقد بحيب وبايعه ثم قدم الى مصر وذكر قوم أن قبره بمقبرة بنى بحيب وسيأتى الكلام على هذه المقبرة فى تعيين الشقق ان شاء الله تعالى. ودخلها أيضا محمد بن ياسر الانصارى كان يدعى فقيه الانصار ذكره الضراب فيمن دخلها ولا يعرف له بها خطة. ودخلها ايضا حمزة بن عمرو الاسلمى قال الضراب دخلها وقال الربيع بن سليمان دخلها ومات بها هو وجرهد الاسلمى وسيأتى الكلام على مقبرة بنى المعافر وبالله المستعان. ودخلها أيضا صخار بن صخر شهد فتحها هو والأبيض بن حماد وقيل شهد الأبيض ولم يشهد صخار. ودخلها أيضا مطعم بن عبيد البلوى. ودخلها دحية بن خليفة الكلبى قال الربيع بن سليمان شهد فتحها وكان جميلا أدوبا وكان جبريل عليه‌السلام

__________________

(١) فى أسد الغابة وحسن المحاضرة بالبرلس

٢٦

ينزل على النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى صورته فلما هاجر النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم الى المدينة نزل عليه جبريل عليه‌السلام فى صورة دحية الكلبى فدخل عليه ابن عباس رضى الله عنه يوما وهو مع جبريل فلم يسلم ثم انصرف فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لم لا سلمت فقال يا رسول الله رأيتك تتحدث مع دحية فخفت أن أقطع حديثك فقال انما ذاك جبريل وانه سيعاب بصرك يا ابن عباس فلم يمت ابن عباس حتى عمى بصره وفى عقب دحية خلاف قيل انه شهد فتحها وولد له بها ولد ولا صحة لذلك. ودخلها أيضا حنظلة وأبو الهيثم وبشر الحنفى دخلوا مصر. ودخل أيضا جماعة المغرب بصحبتهم فالأعيان منهم سلمة بن الاكوع والمسور بن مخرمة والمطلب بن أبى وداعة وسلطان بن مالك وربيعة بن عباد

ودخلها ممن اختلف فيه جماعة. فمنهم عبد الله بن عديس أخو عبد الرحمن بن عديس مختلف فيه هل شهد الفتح أم لا. وكذلك الاحب بن مالك وهو ممن بايع النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم تحت الشجرة. وكذلك العيص بن ثعلبة بن هلال قيل انه دخلها هو وابنه خالد صخرة بن الحصين بن ثعلبة وحزام بن عون وعيينة بن عديس ويقال عنبسة بن عدى وهو صاحب القبر المعروف بعنبسة وسيأتى الكلام عليه فى ذكر الشقق وكل هؤلاء ممن بايعهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم تحت الشجرة. وكذلك جنادة بن زرارة سماه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم جنادة وذلك أنه قدم على النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال له ما اسمك قال جناد فسماه جنادة وقيل ان هؤلاء شهدوا فتح مصر وفى ذلك خلاف. وكذلك عبد العزى بن سنجر (١) بن أمية بن سعد بن عبد الله بن مالك بن جذام قدم على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ما اسمك فقال عبد العزى فسماه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عبد العزيز. وممن دخلها شرحبيل بن حسنة كاتب وحى النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم له مناقب مشهورة منها دعاؤه يوم فتح الاسكندرية دعا الله سبحانه وتعالى فوقع السور قال القضاعى وخطته بمصر مشهورة. وممن دخلها ثوبان مولى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو الذى كلمه السبع. وممن دخلها أبو رهم ديلم الحسامى شهد فتحها ولأهلها عنه حديث واحد

وأما من دخلها قبل الاسلام فعمر بن الخطاب رضى الله عنه ورأى بها الخيم تنصب ودخلها عثمان بن عفان رضى الله عنه تاجرا ثم ذهب الى الاسكندرية فوجد بها عمرو

__________________

(١) فى أسد الغابة ابن سخبر بن جبير بن منبه

٢٧

ابن العاص وكان بها عيد يلعبون فيه الأكرة فمن سقطت فى حجره يكون ملكا بمصر فلما حضرها عمرو بن العاص سقطت فى حجره فقالوا له من أين أنت قال من الحجاز فقالوا لا بد أن تملك مصر فلما فتح الله تعالى على يديه أرض مصر ومن جملتها الاسكندرية تذكر ذلك وعجب من صنع الله تعالى. قال بعض العلماء دخل الى مصر ممن بايع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم تحت الشجرة مائة رجل (١) صحبهم عمر بن الخطاب وقال الضراب دخلها سبعون رجلا وقال الربيع بن سليمان دخلها ذو قربات وأبو سعاد والمسيب بن جزء وأبو سعيد ومالك بن فضالة وهو من أهل مصر نسبه ابن كلثوم وقف على بعض بناء الجامع واختط مع قومه تجيب وكان خادما لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. وكذلك مابور الخصى أهدى لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من مصر وكان خادما له وكان يدخل على مارية القبطية وفى حديث أن رجلا جاء الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال له يا رسول الله ان عند مارية رجلا فقال لعلىّ اذهب فاقتله فقال يا رسول الله أكون عليه كاللبنة المحماة أم الشاهد يرى ما لا يراه الغائب (٢) فجاءه فوجده يغتسل من مركن واذا هو مجبوب. وكذلك مارية القبطية فانها من مصر ثم حملت الى النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى هدية المقوقس كما تقدّم الكلام وهى أم ولده سيدى ابراهيم عليه‌السلام

وممن دخلها عقبة بن نافع بن قيس بن لقيط بن عامر بن أمية بن صرد بن الحارث ابن فهر بن مالك وعقبة هذا أخو عمرو بن العاص لأمه ولاه افريقية ذكره ابن عبد البر وهو من أعيان الصحابة رضى الله عنهم دخل مصر واختط بها ثم خرج منها غازيا فقتله البربر سنة ثلاث وستين من الهجرة ومما روى فى الصحيح أن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم رأى كأنه فى دار عقبة فجىء اليه برطب يسمى طاب وهو نوع معروف بالمدينة قال فأولتها الرفعة وان ديننا قد طاب لنا وحكى صاحب كتاب تاريخ افريقية أن عقبة بن نافع لما دخل الى افريقية وهو مقدّم على الجيش قيل له ان الوادى مملوء بالسباع والحيات فصلى ثم دعا فرأينا الحيات تخرج من تحت الاشجار والسباع تحمل أشبالها وكان عقبة بن نافع مجاب الدعوة وحكى انه كان ينزل الى الوادى وما فيه ماء فيدعو الله سبحانه وتعالى فيسقيهم الله ببركة دعاء عقبة وفى بعض الاخبار أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم دعا له فقال اللهم أجب دعوته فكان لا يدعو الله تعالى إلا استجاب له وكان الناس يسألونه الدعاء لما يرونه من بركة دعائه ولأهل مصر عنه أحاديث كثيرة. وممن دخلها عبد الله

__________________

(١) كذا بالاصل

(٢) كذا بالاصل

٢٨

ابن عمر رضى الله عنهما وكان عبد الله يدعى بحمامة المسجد ولقد مدحه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم اذ قال نعم الشاب الصالح أو نعم الرجل عبد الله بن عمر وقال فى حقه أيضا كل مسجد يشهد للمبادر فيه بالصلاة ومسجدى هذا يشهد لعبد الله بن عمر وكان يقوم فى المسجد حتى لتعب قدماه فاذا تعبت قال يا قدماى قد تعبتما فخذ أنت يا لسانى فى التلاوة فلا يزال بين صلاة وتلاوة الى الصباح قتله الحجاج وهو يطوف بالبيت قتله عبد له أرسله الحجاج وهو آخر من مات بمكة من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. وممن دخلها عبد الله بن سعد بن أبى سرح العامرى شهد فتحها واختط بها ولأهلها عنه حديث واحد وعبد الله هذا اخو عثمان بن عفان من الرضاعة وبه استجار يوم فتح مكة فأجاره رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. وممن دخلها عبد الله بن هشام التيمى شهد فتحها ولأهلها عنه حديث واحد وهو من أعيان الصحابة وأكابرهم له مناقب مشهورة منها أنه كان يمشى منكس الرأس فقيل له فى ذلك فقال أخاف أن يقع بصرى على محرم وقد رأيت به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وكان يقول ما رأيت أجمل من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وممن دخلها عبد الرحمن بن أبى بكر الصديق رضى الله عنهما حين بلغه قتل أخيه فلما دخلها سأل عن المكان الذى أحرق فيه فجىء به اليه فبكى بكاء شديدا وقال رحمك الله ما كان أخوفك من الله ليس من آل الصديق إلا مبتلى. وممن دخلها عبد الله بن أنيس الجهنى ويقال عبد الله بن أمية دخلها ولا يعرف له بها خطة وكان رضى الله عنه فصيحا مداوما لتلاوة القرآن. وممن دخلها المقداد بن الاسود الكندى حليف بنى زهرة وهو من أهل بدر وشهد فتحها ولهم عنه حديثان متفق عليهما فى الصحيحين وهو من أجلاء الصحابة وأعيانهم شهد المشاهد كلها مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو بطل مشهور وعده رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وعمر بن الخطاب بألف فارس خرج من مصر بعد الفتح وكان يقول لأهلها لم أزل أرى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ممثلا بين عينى. وممن دخلها اياس بن البكير حليف بنى عدى بن كعب من أكابر الصحابة وأعيانهم شهد الفتح وكان كثير التعبد ولأهل مصر عنه حديث واحد. وممن دخلها عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدى من أعيان الصحابة وأكابرهم وهو آخر من دخلها من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وآخر من مات بها وعمر عمرا طويلا قال الامام أبو حنيفة رضى الله عنه حججت مع أبى سنة من السنين فرأى الناس يزدحمون فى الحرم فسأل عن ذلك فقيل له هذا من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأخذنى أبى بيدى ثم أجلسنى أمامه

٢٩

وقال يا بنى اسأله أن يمرّ بيده على رأسك فسألته فمرّ بها وأقام عبد الله بمصر حتى مات وقيل انه فى القبر الذى على باب تربة عقبة بن عامر الجهنى وهو القبر المشار اليه بادريس الخولانى وسيأتى الكلام عليه وبالله التوفيق

فصل

(فى ابتداء الزيارة وترتيبها وتعيين الشقق وتحديدها)

قد تقدّم الكلام على هذا فى صدر هذا الكتاب وذلك لما أحببت من زيارة يوم الاربعاء لانه يوم مبارك وقد صح عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم انه قال ان الله تعالى خلق النور فى يوم الاربعاء. وروى جابر بن عبد الله رضى الله عنه ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم دعا فى يوم الاربعاء بين الظهر والعصر قال جابر رضى الله عنه فعرفنا السرور فى وجهه فما نزل بى أمر قط الا توخيت تلك الساعة من ذلك اليوم فدعوت الله تعالى فعرفت الاجابة وقد نظرت الى ما ألفه الشيخ مجد الدين بن عين الفضلاء الناسخ صاحب مصباح الدياجى فرأيته ابتدأ الزيارة من مشهد الامام الحسين بن على بن أبى طالب رضى الله عنه ولم أر أحدا من أرباب علم التاريخ تكلم على الزيارة من هذا المشهد غيره فان السادة العلماء رضى الله عنهم اختلفوا فيه وانما هو مكان مبارك يتبرك به وسيأتى الكلام عليه فى جزء غير هذا يتضمن تعيين خطط القاهرة ومشاهدها ومدافن الصحراء ومشاهدها ومدافن مصر ومشاهدها ومدافن الجيزة ومن قبر بها وتصحيح ما اختلف فيه والتنبيه على البعض منهم فى هذا الكتاب وبالله المستعان وهو حسبنا ونعم الوكيل

أما ابتداؤنا بالزيارة فمن المشهد النفيسى على ما تقدم الكلام عليه فى صدر هذا الكتاب لما روى عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم انه قال النجوم أمان لأهل السماء وأهل بيتى أمان لأهل الارض وأردت بذلك أصح المشاهد كما رواه السادة العلماء رضى الله عنهم ولم أر أحدا من أرباب التاريخ صحح مشهدا بغير القرافة من مشاهد أولاد على بن أبى طالب رضى الله عنه الا المشهد النفيسى لأنها أقامت به فى أيام حياتها وحفرت قبرها بيدها رضى الله عنها. قال ابن زولاق ان أول من دخل مصر من ولد على كرم الله وجهه سكينة بنت الحسين بن على رضى الله عنهم وذلك انها حملت الى الاصبغ بن عبد العزيز بن مروان ليدخل بها فوجدته قد بغى فرجعت الى المدينة وقيل غير ذلك وبهذا المشهد السيد الشريف ابن بللوه النسابة واسمه ابراهيم بن يحيى المعروف بابن بللوه وبهذا المشهد أيضا

٣٠

شريف يقال له حيدرة وبه جماعة من الأشراف وهو الآن مشهور على يسار السالك لى المحجر فى طريق مصر مكتوب عليه هذا مشهد السيدة سكينة. ثم دخلها محمد بن على بن عبد الله بن الحسين بن على بن أبى طالب كرم الله وجهه قيل انه توفى بريفها وقيل ذهب الى الديلم. ثم دخلها الحسن بن زيد بن الحسن بن على بن أبى طالب رضى الله عنهم وهو أبو السيدة نفيسة كان اماما عالما من كبار الاشراف معدودا فى طبقة التابعين ولى المدينة من قبل المنصور وكانت له دعوة مجابة وسمى فى زمنه بسخىّ الاسخياء ومدح بقصائد كثيرة واليه انتهت الرياسة فى زمنه من بنى الحسن ولما ولى المدينة كان بها رجل فقير يقال له ابن أبى ذؤيب فقرّ به الحسن وأحسن اليه فلما كثر ماله وشى به الى المنصور وتكلم فى الحسن بما ليس فيه حتى قال انه يروم الخلافة فأحضره المنصور وسلب نعمته وعن قليل تبين للمنصور كذب ابن أبى ذؤيب فرد مال الحسن اليه وأنعم عليه انعاما بليغا وأرسله الى المدينة فلما قدم إليها أهدى لابن أبى ذؤيب هدية حسنة وأمدة بمال ولم يقل له أنت فعلت ولا صنعت وحكى عنه انه كان يصلى بالأبطح فمرت به امرأة على يدها ولد فجاءت العقاب فاختطفت الولد فتعلقت المرأة بالحسن فدعا لها فأعاد الله لها ولدها بدعائه وكان رضى الله عنه جميلا سخيا قال الطبرى لما مات والد الحسن الأنور أعنى زيدا ترك عليه خمسة آلاف دينار دينا للناس فخلف الحسن انه لا يستظل بسقف حتى يقضى دين أبيه فكان كذلك رضى الله عنه

ذكر مشهد ابنته نفيسة رضى الله عنها وهى السيدة الطاهرة العالية القدر الرئيسة ابنة الامام الحسن الأنور ابن زيد الابلج ابن الامام الحسن السبط ابن الامام على بن أبى طالب رضى الله عنهم قال الزبير بن بكار ولدت نفيسة بمكة ونشأت بالمدينة ولها صحبة بكثير من النساء الصحابيات (١) وكانت تحب العبادة من صغرها وكانت لا تفارق حرم النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم حجت رضى الله عنها ثلاثين حجة أكثرها ماشية وكانت تبكى بكاء شديدا وتتعلق بأستار الكعبة وتقول الهى وسيدى ومولاى متعنى وفرحنى برضاك عنى فلا تسبب لى سببا به عنك تحجبنى وقالت زينب بنت يحيى المتوّج وهو أخو السيدة نفيسة خدمت عمتى نفيسة أربعين سنة فما رأيتها نامت الليل ولا أفطرت بنهار فقلت لها أما ترفقين بنفسك فقالت كيف أرفق بنفسى وقدّامى عقبات لا يقطعها الا الفائزون وقالت أيضا كانت عمتى نفيسة تحفظ القرآن وتفسيره وكانت تقرأ القرآن وتبكى وتقول الهى وسيدى

__________________

(١) هذا خطأ فانها ولدت سنة ١٤٥ للهجرة

٣١

يسر لى زيارة قبر خليلك ابراهيم عليه‌السلام فحجت هى وزوجها اسحاق المؤتمن بن جعفر الصادق ابن محمد الباقر بن على بن الامام الحسين بن على بن أبى طالب رضى الله عنهم أجمعين ثم زارت قبر خليل الرحمن صلى‌الله‌عليه‌وسلم ثم رحلا الى مصر ونزلا بالمصوصة فى دار أم هانئ وكان بجوارهم رجل يهودى له ابنة مقعدة لا تستطيع القيام فقالت أمها لها يوما انى ذاهبة الى الحمام ولا أدرى ما أصنع بك فهل لك أن نحملك معنا قالت يا أماه لا أستطيع ذلك قالت فهل تقيمين فى البيت وحدك حتى نعود قالت لا يا أماه ولكن اجعلينى عند هذه الشريفة التى بجوارنا حتى تعودى فدخلت أمها الى السيدة نفيسة وسألتها فى ذلك فأذنت لها فجاءت بابنتها اليها فوضعتها فى جانب من البيت ومضت فجاء وقت صلاة الظهر فأحضرت السيدة نفيسة ماء تتوضأ به فتوضأت فجرى من ماء وضوئها شئ الى جانب الصبية المقعدة فجعلت تمرّ به على أعضائها فتمتدّ باذن الله تعالى فلما جاء أهلها خرجت اليهم تمشى فسألوها عن شأنها فأخبرتهم فأسلموا وعن قليل رحلت السيدة نفيسة الى درب الكوريين وكان الناس يهرعون اليها فى كل مقصد ويسألونها الدعاء

ومن مناقبها رضى الله عنها أن النيل توقف فى زمانها الى حين الوفاء فجاء الناس اليها وسألوها فى ذلك فأعطتهم قناعا لها فطرحوه فى النيل فما رجعوا الا وقد أوفى النيل. ومنها ان الناس كانوا اذا نزل بهم أمر جاؤا اليها وسألوها الدعاء فتدعو لهم فيكشف الله تعالى ببركة دعائها ما نزل بهم فكان الناس يزدحمون عندها فقال زوجها اسحاق المؤتمن يوما لها ارحلى بنا الى الحجاز فقالت لا أستطيع ذلك لأنى رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى المنام وقال لى لا ترحلى من مصر فان الله تبارك وتعالى متوفيك بها قال القضاعى قيل لزينب بنت أخى السيدة نفيسة رضى الله عنهم ما كان قوت السيدة نفيسة قالت كانت تأكل فى كل ثلاثة أيام أكلة وكانت لها سلة معلقة أمام مصلاها فكانت كلما اشتهت شيأ وجدته فى السلة وكانت لا تأكل لغير زوجها شيأ

ومن غريب مناقبها أن امرأة عجوزا كان لها أربعة أولاد بنات يتقوّتن من غزلهن يغزلن من الجمعة الى الجمعة وفى آخر كل جمعة تأخذ العجوز غزل أولادها وتمضى به الى السوق فتبيعه وتشترى بنصف ثمنه كتانا وبنصف ثمنه ما يقتاتون به من الجمعة الى الجمعة فأخذته العجوز يوما ولفته فى خرقة حمراء ومضت به الى السوق فبينما هى مارة فى الطريق والغزل على رأسها واذا بطائر قد انقض على الرزمة واختطفها وارتفع فوقعت المرأة مغشيا عليها فلما أفاقت قالت كيف أصنع بأيتام قد أهلكهم الجوع وبكت فاجتمع الناس

٣٢

وسألوها عن شأنها فأخبرتهم بالقصة فدلوها على السيدة نفيسة وقالوا لها امضى اليها واسأليها الدعاء فان الله يزيل ما بك وييسر لك الخير قال فمضت المرأة الى السيدة نفيسة وأخبرتها بحالها وما جرى لها وسألتها الدعاء فرحمتها السيدة رضى الله عنها وقالت يا من علا فاقتدر وملك فقهر أجبر من أمتك هذه ما انكسر فانهنّ خلقك وعيالك ثم قالت لها اقعدى فان الله على كل شئ قدير قال فقعدت المرأة عند الباب وفى قلبها من جوع أولادها التهاب فما كان إلا ساعة واذا بجماعة أقبلوا واستأذنوا فى الدخول عليها فأذنت لهم فدخلوا وسلموا وسألتهم عن أمرهم فقالوا ان لنا لأمرا عجيبا نحن قوم تجار ولنا مدّة ونحن مسافرون فى البحر ونحن بحمد الله سالمون فلما وصلنا الى قرب بلدكم انفتحت المركب التى نحن فيها ودخلها الماء وأشرفنا على الغرق وجعلنا نسد المكان الذى انفتح بجهدنا فلم ينسدّ فالتجأنا الى الله وتوسلنا بك اليه واذا بطائر ألقى الينا خرقة حمراء فيها غزل فوضعناها فى المكان المفتوح فانسدّ باذن الله تعالى وببركتك وقد جئناك بخمسمائة درهم فضة شكرا لله على السلامة قال فعند ذلك بكت السيدة نفيسة رضى الله عنها وقالت الهى ما أرأفك وألطفك بعبادك ثم نادت العجوز فجاءت فقالت لها السيدة نفيسة بكم تبيعين غزلك فى كل مرة قالت بعشرين درهما قالت أبشرى فان الله عوضك عن كل درهم خمسا وعشرين درهما ثم قصت القصة عليها ودفعت لها الخمسمائة درهم فأخذتها وأتت الى أولادها وأخبرتهم بما جرى وكيف ردّ الله لهفتها ببركة السيدة نفيسة رضى الله تعالى عنها

ذكر وفاتها رضى الله عنها قال القضاعى رحمه‌الله أقامت السيدة نفيسة بمصر سبع سنين وتألمت أول يوم من رجب وكتبت الى زوجها اسحاق المؤتمن كتابا وحفرت قبرها بيدها فى بيتها وكانت تنزل فيه وتصلى كثيرا وقرأت فيه مائة وتسعين ختمة وكانت اذا عجزت عن القيام لضعفها تصلى قاعدة وتسبح وتقرأ كثيرا وتبكى بكاء كثيرا قالت زينب فلما كانت أول جمعة من رمضان قرأت سورة الانعام وكان الليل قد هدأ فلما وصلت الى قوله تعالى (لَهُمْ دارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) غشى عليها فضممتها لصدرى فشهدت شهادة الحق وقبضت رحمة الله عليها ووصل زوجها فى ذلك اليوم فقال انى أحملها الى المدينة وأدفنها بالبقيع فاجتمع أهل مصر الى أمير البلد واستجاروا به عند اسحاق ليرده عما أراد فأبى فجمعوا له مالا جزيلا حتى وسق بعيره الذى أتى عليه وسألوه أن يدفنها عندهم فأبى فباتوا منه فى ألم عظيم فلما أصبحوا اجتمعوا اليه فوجدوا منه غير ما عهدوه بالأمس فقالوا له ان لك لشأنا عظيما قال نعم رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم

٣٣

وهو يقول لى ردّ عليهم أموالهم وادفنها عندهم وذلك فى سنة ثمان ومائتين بعد موت الامام الشافعى بأربع سنين ودفنت بدارها بدرب السباع وكان يوم دفنها يوما عظيما مشهودا وأتوها من البلاد والضواحى فصلوا عليها بعد دفنها قال أبو موسى دخلت الى ضريحها فوضعت يدى على الضريح فسمعت قائلا يقول أهكذا تدخل على أهل بيت النبوّة

وقال ابن النحوى كان ذو النون المصرى وأبو على الروذبارى يزورانها رضى الله عنهم وكان لها صحبة بالامام الشافعى رحمة الله عليه وقيل انه سمع منها الحديث وانها صلت عليه مأموته ولقد رأيت فى مناقبها كتابا يسمى (الدرّة النفيسة فى ترجمة السيدة نفيسة) وانما أردت الاختصار فينبغى لمن زار هذا المكان أن يقول عند دخوله من باب الضريح رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت انه حميد مجيد اللهم انك قد ندبتنى الى أمر قد فهمته واعتقدته وجعلته أجرا لنبيك محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم الذى هديتنا به اليك ودللتنا به عليك فكان كما قلت وكان بالمؤمنين رحيما حبيبا اليه ما هديتنا عزيزا عليه ما عنتنا وتلك الفريضة التى سألتها له وهى المودة فى القربى اللهم انى مؤديها مريد النفع بها فى دينى ودنياى متوسل اليك بها يوم انقطاع الأسباب اللهم زده شرفا وتعظيما وهب لنا بزيارتهم مغفرة وأجرا عظيما السلام عليكم يا بنى المصطفى يا بنى فاطمة الزهراء اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وعلى أصحاب محمد وعلى أزواج محمد وعلى ذرية محمد اللهم بلغنى ما أملت وما رجوت وأعد علىّ وعلى المسلمين من بركاتهم يا رب العالمين

وقال الموفق بن عثمان كان بعض السلف يزور نفيسة فيقول عند ضريحها السلام والتحية والاكرام والرضا من العلىّ الأعلى على السيدة نفيسة سلالة نبى الرحمة وشفيع الأمة من أبوها علم العشرة وهو الامام حيدرة السلام عليك يا ابنة الامام الحسن المسموم أخى الامام الحسين المظلوم السلام عليك يا ابنة فاطمة الزهراء وسلالة خديجة الكبرى رضى الله عنك وعن أبيك وعمك وجدك وحشرنا الله فى زمرتهم أجمعين اللهم بحق ما كان بينك وبين جدها محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ليلة المعراج اجعل لنا من أمرنا الذى نزل بنا باب انفراج قال القضاعى خرج اسحاق المؤتمن من مصر بعد موت السيدة نفيسة ومعه ولداه منها القاسم وأم كلثوم وماتوا ودفنوا بالبقيع وليس فى قبر السيدة نفيسة خلاف فانه زاره الخلف عن السلف وهو مكان جليل معروف باجابة الدعاء

قال السيد الشريف أبو اسحاق ابراهيم بن بللوه النسابة والسيد الشريف محمد بن أسعد بن على الحسينى النسابة رضى الله عنهما ليس فى قبر نفيسة خلاف ولقد زار قبرها

٣٤

ذو النون المصرى رضى الله عنه وأبو على الروذبارى وأبو بكر أحمد بن نصر الزقاق وبنان ابن محمد الحمال والاستاذ شقران بن عبد الله المغربى وادريس بن يحيى الخولانى والفضل ابن المفضل بن فضالة والقاضى بكار بن قتيبة واسماعيل المزنى وعبد الله بن عبد الحكم وولداه محمد وعبد الرحمن والامام عبد الرحمن البويطى والربيع بن سليمان المرادى والربيع الجيزى وحرملة بن يحيى أصحاب الامام الشافعى ويونس بن عبد الأعلى الصدفى صاحب الليث وأبو جعفر الطحاوى والحسين بن بشر بن سعد الجوهرى وأبو جعفر النحاس النحوى وأبو بكر الادفوى وأبو نصر الزاهد المعافرى وأبو بكر الحداد والامام الرقى والامام عمر بن الوردى والامام ابن مرزوق والامام فخر الدين الشافعى والامام عثمان ورش المقرى وأبو الحسن على القضاعى وابن هشام المقرى والامام سحنون المالكى وأبو القاسم حمزة الكتانى وكان ملازما لزيارتها والامام عبد الرحمن بن عمر التجيبى والامام أبو الحجاج الاشبيلى وأبو عبد الله محمد بن الوشا وأبو الحسن علىّ بن ابراهيم الحوفى والامام يوسف بن يعقوب اللغوى ومحمد أبو الحسن الكعكى وأبو سهل الهروى وابن بابشاذ النحوى وابن نظيف شيخ الحديث والحافظ عبد الغنى بن سعيد الازدى وأبو عبد الله محمد بن سلامة القضاعى وأبو زكريا البخارى وعبد الباقى بن فارس وأبو اسحاق ابراهيم بن سعيد الخباز وأبو الحسن ابن الخلعى وأبو الحسن الشيرازى وأبو الحسين الخشاب وأبو محمد بن داود الفاسى وأبو الحسين ابن الحسن الفرا وأبو صادق الزبيدى المالكى وأبو الحسن النكتى وأبو القاسم البخورى وجماعة من الصالحين والعلماء لا يحصيهم الا الله تعالى وجماعة من الأمراء والملوك لا يحصيهم الا الله تبارك وتعالى. قال السيد الشريف محمد بن أسعد بن على الحسينى النسابة رضى الله عنه عن شيخه ابن ميهوب عن شيوخه انهم كانوا يزورون قبر نفيسة ويسألون الله عند قبرها كالامام أبى القاسم بن الحباب وابن أبى الطيب وابن بنت أبى سعد الانصارى وأبى المعالى على وأبى محمد عبد الله بن رفاعة وأبى الفضائل يونس بن محمد المقدسى وأبى الطاهر بن ميهوب والفقيه ابن المبلط المقدسى امام الجامع وأبى عبد الله الحموى النحوى وأبى الحسن على الحضرمى. قال ابن ميهوب زار قبر نفيسة الامام أبو الطاهر السلفى الحافظ وأبو الحسين الشيرازى وعلى ابن الحسين الموصلى وأبو العباس بن الحظية اللخمى المالكى وأبو الفوارس الحميرى الذى كان يختم القرآن فى ركعتى الفجر. قال المؤلف وجماعة يطول شرحهم وذكرهم رضى الله عنهم أجمعين وهو مكان عرف باجابة الدعاء وسيأتى ذكره والتنبيه على من جدّد فيه بناء من السادة الخلفاء ومن قبر به منهم فى كتاب غير هذا سميته الخطط وبالله المستعان

٣٥

وأما من به فعند الخروج من الباب الشرقى بين البابين مكان وقوف الزوّار للدعاء عند الانصراف الى زيارة القرافة قبة فيها قبر السيد الشريف محمد بن الحسن بن الحسين قال المؤلف ولا أدرى هل هو الحسن بن طاهر أم لا وعلى قبره جلالة ونور قال الحميدى كان علىّ سبعون درهما فضيق علىّ فيها فجئت الى المشهد النفيسى فدخلت من بابه الذى يلى الرباط ودنوت من القبة التى فيها قبر الشريف فقرأت شيأ وبكيت واذا بامرأة استمعت ودفعت لى قلادة وقالت خذ هذه أوف بها ما عليك لأجل هذا الرجل الذى أنت عند قبره فأخذتها وانصرفت فلم أمش إلا خطوات يسيرة واذا بصاحب الدين قد أقبل علىّ متبسما وقال لى ردّ على المرأة الذى أخذت منها فأنا أولى فسألته عن ذلك فقال رأيت رجلا عاهدنى على قصر فى الجنة ان صفحت عنك ثم وضع لى فضة فى يدى مثل ماله على وأكثر منه وقد جرّب هذا المكان باجابة الدعاء وبه جماعة من الفاطميين يدخل اليهم من الباب المذكور مما يلى الحائط وقد كان عليهم ألواح رخام تشهد بأسمائهم وبه أيضا جماعة من الخلفاء العباسيين وعند الذهاب من الباب المذكور من جهة القبلة قاصدا الى الرباط على يمين السالك تربة بنى المصلى يدخل اليها من تربة الخلفاء وهى من المدفن القديم وسموا بنى المصلى لكثرة عبادة أبيهم قال أبو همام ما دخلت عليه قط إلا وجدته يصلى وبه جماعة من الاشراف لا تعرف أسماؤهم ثم تخرج من هذه التربة قاصدا الى باب الصحراء تجد على يسارك تربة السيدة جوهرة خادمة السيدة نفيسة رضى الله عنها ثم تمشى من باب الصحراء على يسارك قليلا تجد مشهدا يقولون عنه مشهد القاسم بن الحسين ولم يذكر فى أولاد الحسين من اسمه القاسم وانما هم أشراف لا تعرف لهم أسماء وعند خروجك من هذا المشهد تجد مشهدا يعرف بالسيد الشريف أبى محمد يحيى الحسينى مذكور فى التواريخ ثم تأتى الى القبة القديمة التى يذكر أن بها قبر علىّ والمحسن وأما ما بالمراغة من مشاهد الاشراف فسيأتى ذكرهم فى كتاب الخطط ثم تمشى مستقبل القبلة ما بين القبور تجد قبر الشيخ فتح المرخم قبليه بخطوات جيدة قبر الشيخ اسماعيل المفلوج المعروف بالصائم وبالصحراء جماعة سيأتى ذكرهم ثم تأتى الى تربة الشيخ خالد الخولى من فاعلى الخير ثم تأتى الى باب القرافة تجد ثلاث جهات كل جهة أصل وكل أصل يشتمل على عشرة فروع

فأما الجهة الاولى وهى اليمنى فهى الآن تشتمل على عشر شقق كما تقدم الكلام عليه من ذلك البقعة الصغرى ثلاث شقق والمشاهد وهى ثلاث شقق والبقعة الكبرى وهى ثلاث شقق ثم القرافة الكبرى وجعلتها شقة واحدة لتتمة العشرة

٣٦

والجهة الثانية تشتمل على عشر شقق من ذلك جهة الامام ورش جعلتها ثلاث شقق وجهة المصينى وهى ثلاث شقق وجهة العثمانية وهى ثلاث شقق وقد جعلت العاشرة شقة سنا وثناء

والجهة الثالثة تشتمل على عشر شقق جهة الجبل وهى ثلاث شقق وجهة أبى السعود ورزبهان وتربة ابن دقيق العيد وهى ثلاث شقق وجهة أبى الربيع وهى ثلاث شقق وقد جعلت العاشرة جهة ابن عطاء الله السكندرى لتتمة ثلاثين شقة وختمته بفصل سميته اللمعة فى زيارة السبعة وبالله المستعان

ذكر ابتداء أول الشقق على ما رتب فى صدر الكتاب فابتداؤها من مشهد الاشراف وهو المشهد المقابل للسور بعد خروجك من باب القرافة مما يلى المجرى الكائنة بالسور قال الشيخ شرف الدين بن الجباس هو مشهد استجد ولكن دفنه قديم وقال صاحب مصباح الدياجى انه مشهد رؤيا وذلك أن رجلا من فقراء مصر يقال له ابن اللبان رأى فى منامه كأن قائلا يقول له ان بهذا المكان على بن الحسين بن على بن أبى طالب كرم الله وجهه فجدد هذا المشهد وليس بصحيح والأصح أن به أشرافا لا تعرف أسماؤهم وبهذا المشهد قبر الشيخ سيار المشرقى وبه أيضا قبر الشيخ أبى بكر صديق القرشى ثم تمشى بخطوات يسيرة تجد على يسار السالك تربة بها قبر كتب العوامّ عليه قبر الشيخ أحمد بن ابراهيم بن جابر بن عبد الله الانصارى وليس بصحيح قال ابن الجباس وليس فى عقب جابر من اسمه ابراهيم ويحتمل أن يكون اسمه شابه هذا الاسم فانى رأيت فى رخامة قديمة مكتوب عليها بالكوفى ابن جابر الفقيه وهو قبر مشهور يزار بحسن الاعتقاد وقد ذكر ابن الجباس فى طبقاته عبد الله الهذلى ذكره صاحب بهجة المجالس ولا يعرف له قبر ثم تمشى مغربا بخطوات يسيرة تجد قبورا فى وسط الساحة فيها قبر عليه أربع قطع مكتوب عليه هذا قبر الشيخ بيرم ويليه من جهة القبلة قبر الشيخ عيسى الرواس والله أعلم بالصواب

ذكر تربة الشيخ الامام الفقيه المحدث أشهب بن عبد العزيز بن داود بن ابراهيم القيسى صاحب الامام مالك بن أنس رضى الله عنه كان فقيها عالما كثير الزهد والورع أثنى عليه الشافعى وشيخه مالك بن أنس وروى عن ابن عيينة والوليد وقال ابن عبد البر كان من أكثر الناس علما وجلالة وقال ابن وهب كان أشهب فقيها فى علوم شتى ما سئل عن شئ إلا أجاب وكان رضى الله عنه مقبولا عند الامراء شفاعته مقبولة وقال الشافعى ما رأيت أفقه من أشهب قال سحنون كان أشهب كالأسد الضارى اذا ناظر فى الفقه وكان ابن

٣٧

القاسم قد حلف أن لا يكلمه فكان اذا عبر على بابه غمض عينيه وكان السبب فى ذلك انه تكلم فى النظر فلم يزل ابن القاسم على ذلك حتى عزل أشهب قال ابن مسكين كان فيمن يحضر حلقة أشهب فقيه حسن المناظرة وكان له جارية اشتراها بمال ورثه من أبيه ولم يكن عنده الا ما اشترى به الجارية فلما جاءت معه الى المنزل وجدته لا يصلح وليس فيه شئ من متاع الدنيا فقالت له إما أن تعيدنى الى السوق أو أقتل نفسى فرجع بها إلى السوق فاشتراها ابن محمود صاحب الجامع الذى بسفح المقطم وسيأتى ذكره فى موضعه فلما قبض الثمن رجع الى منزله فتذكرها فتألم لفراقها فمرض وانقطع عن طلب العلم وحضور مجلس الامام أشهب وتفقده الامام أشهب فلم يعط خبره فقال لأصحابه قوموا بنا اليه فجاؤا الى منزله فوجدوه مغلقا من داخل فاحتالوا عليه وفتحوه ودخلوا فوجدوه راقدا لا يتكلم فقال له الامام أشهب ما بك وما الذى أصابك أفنأتيك بطبيب قال لا فلم يزل به حتى أخبره بقصته فقال له قم معنا حتى نذهب الى الرجل فقام معهم وجاؤا الى محمود فوجدوه فى داره وخدمه بين يديه فلما رأى محمود أشهب قام اليه من مكانه وقبل يده وسأله عن سبب قدومه فأخبره بقصة الفقيه وقال له انظر فى حاله فقال والله جميع ما ترى من المصاغ والقماش هو لها وفى هذه الليلة يدخل بها ولدى فسكت أشهب وهمّ بالانصراف واذا بولد محمود قد جاء فنظر الى الامام أشهب وقبل يده وقال لوالده هذا أشهب المجاب الدعوة ما الذى جاء به قال يا ولدى جاء فى طلب الجارية فلانة وأخبره بالقصة فقال يا سيدى أشهدك علىّ أن الجارية وجميع ما صنعته الصناع ملك يمين الفقيه لأجل الامام أشهب وأعطى الفقيه الجارية والدار وجميع ما فيها كل ذلك ببركة الامام أشهب

قال ابن النحوى كان الامام أشهب فقيها عالما ورعا زاهدا محدثا خطيبا يعدّ من الفقهاء ومن المحدثين ومن المتصدرين ومن الخطباء وقال كان الامام أشهب اذا خطب تصدع خطبته قلوب المستمعين لفصاحته وبلاغته وقال محمد بن عاصم المعافرى رأيت ليلة من الليالى كأن قائلا يقول يا محمد فأجبته فقال

ذهب الذين يقال عند فراقهم

ليت البلاد بأهلها لتصدّع

وكان أشهب مريضا فقلت ما أخوفنى أن يموت فمات من مرضه ذلك وذلك فى شعبان سنة أربع ومائتين وكان مولده سنة أربعين ومائة. وفى طبقته سحنون بن سعيد وهو من أكابر أصحاب مالك رضى الله عنه دخل الى مصر وأقام بها وهو من أكابر الفقهاء كان يقول العلم حجة الله على عباده والعلماء مع الانبياء وخير الناس علماؤهم وقال عبيد

٣٨

ركبت مع سحنون البحر فوقع بى خوف شديد فنمت والسفينة محيطة بها الامواج فرأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال لى أتخاف أهل السفينة وفيهم سحنون قال فاستيقظت واذا البحر قد سكن فنظرت فاذا سحنون يصلى فجئت اليه بعد صلاته فنظر الىّ وقال اسكت لئلا يعلم أهل السفينة وقال بعض العلماء ان لم يكن بالمغرب نبى فان الله قد جعل فيها قبر سحنون. ومن طبقته يحيى بن بكير وسيأتى ذكره عند بيان قبره

وبتربة الامام أشهب قبر الامام العالم أبى القاسم عبد الرحمن بن القاسم العتقى والعتقيون جماعة أعتقهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم الفتح فكل من كان من ذريتهم نسب اليهم وكذلك الطلقاء وانتهى الزهد فى زمن ابن القاسم اليه وكان مجاب الدعوة قال الشيخ عبد الوهاب البغدادى كان ابن القاسم كثير الصيام حتى رؤى بياض عظمه من شدّة انتحاله وقال ابن الجوهرى الواعظ كانت ترى خضرة البقل فى ثلاثة من العلماء اذا أكلوه ابن القاسم ووهب بن الورد وعتبة الزاهد قال القاضى عياض رضى الله عنه فى الطبقات مات والد عبد الرحمن بن القاسم وخلف عشرة آلاف دينار فتورّع عنها عبد الرحمن ولم يأخذ منها شيئا وقال كان أبى لا يحسن الصرف على مذهب مالك وروى الحارث بن مسكين عن ابن القاسم انه قال رأيت فيما يرى النائم كأنّ قائلا يقول لى ان الله يصلى عليك وعلى سعيد بن زكريا وروى عن ابن القاسم انه قال كنت بالاسكندرية فنمت ليلة من الليالى فرأيت كأنى اصطدت طيرا بازيا فقصصته فاذا هو مملوء جوهرا فجئت به الى زيد بن شعيب فسألته عن ذلك قال عسى أن تكون حدثت نفسك بطلب العلم فقال كذلك وقال ابن القاسم رجلان أقتدى بهما فى دينى مالك بن أنس فى العلم وسليمان فى الورع وكان من دعائه رضى الله عنه اللهم امنعنى من الدنيا وامنعها منى قال وكان ابن القاسم يختم فى كل يوم وليلة ختمتين وقال بعض أصحابه صليت معه صلاة عيد الاضحى ثم دخل المسجد فاستقبل القبلة وسجد سجدة طويلة حتى خشيت أن يفوتنى الغداء مع أهلى فدنوت منه فسمعته يقول الهى انقلب عبيدك الى ما أعدّوه لهم فى يومهم هذا وانقلب عبد الرحمن اليك يرجو مغفرتك قال فرجعت الى أهلى وحضرت معهم الغداء ونمت هنيهة ثم جئت الى المسجد فوجدت ابن القاسم على حالته

وقال يحيى بن عمر خرج ابن القاسم من مصر الى بعض الصحارى فأخذه العطش وكان قد خرج الى تلك الارض بعض أمراء مصر فبينما هو سائر وجماعته اذ وقفت دوابهم ولم تتحرك فجعلوا يضربونها ويسوقونها وهى لا تنهض فقال الأمير لانسان ممن هو معه

٣٩

انظر لنا فى هذا الأمر فو الله ما حبسنا إلا الله فنظر فاذا هو بشخص يلوح من بعد وكان الشخص هو ابن القاسم فجاء اليه الرجل وقص عليه قصتهم فقال انى عطشان فأتى اليه بماء فشرب فانطلقوا باذن الله تعالى ويروى أن الامام عبد الرحمن بن القاسم حلف بالمشى الى مكة انه لا يكلم أشهب وكان أشهب يطلب رضا ابن القاسم قال ابن وهب فلم أزل بابن القاسم حتى قال أمشى الى مكة وأكلمه فخرج ابن القاسم ماشيا وخرج أشهب ماشيا وخرج معهما عبد الله بن وهب قال سحنون وخرجت معهم فكان أشهب يمدّ نطعا فى الطريق اذا نزل ويطعم الناس وكان ابن وهب يمد دونه فقالا لى هل لك أن تحضر ابن القاسم طعامنا قلت ولعل ذلك فلم أزل بابن القاسم حتى أتى الى أشهب وجلس فلما قدّم الطعام نظر ابن القاسم الى الملح وجعل يأخذ بأصبعه ثلاث مرات ثم انصرف فلما خلوت به قلت له قد اقتصرت على الملح قال انى لا أعلم فيه شبهة

وكان ابن القاسم فى الزهد والورع على جانب عظيم ومناقبه غير محصورة ويطول شرحها وفى قبره خلاف والأصح انه بتربة أشهب وتوفى رضى الله عنه فى سنة احدى وتسعين ومائة ويليه من جهة الحائط قبر الشريف العريان الشهيد رضى الله عنه ومن وراء تربة الامام أشهب من الجهة الشرقية قبر الفقيه يحيى التلا والى جانبه قبر أبى بكر المصفر المعروف بالرباطى حكى عنه أنه أوصى أن يدفن فى هذا المكان وأن يؤخذ كفنه اذا لحد وتوفى بعد ثمانين وستمائة ويليه من جهة القبلة قبر الشيخ أبى الحسن على التمار المعروف بزيارة الحسين ثم تأتى الى الجهة الغربية من وراء حائط الامام أشهب تجد فى جدار الحائط حوشا لطيفا مبنيا بالحجر به قبر ثمان قطع مكتوب عليه هذا قبر أبى عبد الله محمد بن ابراهيم ابن على الواسطى ثم تجد أمامك عند الخروج من هذا الحوش المذكور قبر ميمونة العابدة تعرف بالسوداء يروى أنها زوجة ذى النون المصرى رأى ليلة من الليالى كأن قائلا يقول له يا ذا النون ان عديلك فى الجنة ميمونة السوداء قال ذو النون فاستيقظت من منامى وقد عزمت على زيارتها فكنت مارّا فى بعض الطرقات فلقينى انسان واستخبرنى عن حالى فأخبرته انى ذاهب الى ميمونة فقال لى ومثلك يذهب الى امرأة مجنونة فأردت أن أرجع فقلت وما على أن أراها فلما جئت اليها قالت يا ذا النون أنت الذى تقف مع الخيالات يا ذا النون والله ما أنا مجنونة بل أنا بحبه مفتونة وأنشدت تقول

مالا منى فيك أحبابى وعذالى

الا لغفلتهم عن عظم بلبالى

يا ذا النون اجعل التقوى زادك والزهد شعارك والورع دثارك لا يبعد عنك مطلوب

٤٠