الكواكب السيّارة في ترتيب الزيارة

شمس الدين أبو عبد الله محمّد بن ناصر الأنصاري [ ابن الزيّات ]

الكواكب السيّارة في ترتيب الزيارة

المؤلف:

شمس الدين أبو عبد الله محمّد بن ناصر الأنصاري [ ابن الزيّات ]


المحقق: أحمد بك تيمور
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار ومكتبة بيبليون
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤١٠

من الخلف عن السلف وزيارته من الشقة التحتانية واذا أخذت من المراكع مستقبل القبلة قاصدا الى صاحب السحابة تجد تربة على يمينك فى الزقاق الرقيق بها قبر السيد الشريف موسى بن أبى القاسم الحسينى عده القرشى فى طبقة الاشراف وقريبا من تربته تربة الحكيم الانطاكى ثم تأتى الى صاحب السحابة وبهذه الحومة جماعة من العلماء منهم الشيخ الامام العالم عز الدين المحاملى كان من أكابر الفقهاء وأجلاء العلماء ومعه فى الحومة قبر القاضى أبى عبد الله محمد بن الشيبانى المعروف بقاضى الحرمين ومعه فى الحومة قبر الشيخ عبد الكريم السحابى وقيل انه صاحب الحكاية المشهورة التى ذكرها ابن الجوزى فيما جرى له مع الخليفة ثم تمشى وأنت مستقبل القبلة الى أن تأتى الى تربة الاشراف فاذا زرت الشقة التحتانية وأخذت من قبر ابن لهيعة مستقبل القبلة تجد على يمينك تربة الفقهاء بنى يغمر بها جماعة من العلماء يعرفون ببنى يغمر ومقابلها تربة بنى المنتجب ابن على بن أحمد بن ظاهر العلوى نائب الوزارة وهؤلاء الاشراف يعرفون بالعلويين من نسل محمد بن الحنفية وبهذه التربة قبة فيها ناصر الدين عمارة الشاعر الشهيد صاحب الديوان المعروف الذى من جملة شعره يقول

اذا لم يسالمك الزمان فحارب

وباعد اذا لم تنتفع بالاقارب

ولا تحتقر كيد الضعيف فربما

تموت الافاعى من سموم العقارب

فقد هد قدما عرش بلقيس هدهد

واخرب فار قبله سد مأرب

اذا كان رأس المال عمرك فاحترز

عليه من الانفاق فى غير واجب

فبين اختلاف الليل والصبح معرك

يكر علينا جيشه بالعجائب

وحوله جماعة من الحسنيين من قبلى تربته وأما تربة الاشراف الحسنيين المسلوك اليها من عند صاحب السحابة فهى تربة تصعد اليها بدرج وتعرف أيضا بالزريبة بها قبر السيد الشريف على بن ظاهر بن الحسن الحسنى ومعه فى التربة قبر زوجته كان أهل مصر يتبركون بها ويدعون عندها وما يبعد انها ميمونه بنت شاقولة الواعظة وكان شيخنا يذكر بهذه المقبرة ميمونه بنت شاقولة الواعظة وقد ذكرها ابن الجوزى أيضا ثم تمشى مستقبل القبلة قاصدا الى طرخان الخامى فتجد قبل وصولك اليه قبر الشيخ أبى عبد الله محمد شيخ ابن الطباخ ومعه فى الحومة الفقيه ابن الطباخ وجماعة من الفقهاء وهم فى حوش مرتفع عن الارض ومن قبليهم قبر الشاب التائب المعروف بالفايزى ومن غربى طرخان الخامى قبر الطواشى محسن خادم حجرة المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ومعه فى الحومة

٣٠١

قبر الطواشى جوهر خادم حجرة المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ومعهم فى الحومة قبر الشيخ تمر الاستاذ وقبر الشيخ الفقيه ابن مجادلة الصوفى وقبر الشيخ أبى الوحوش أسد ثم ترجع الى طرخان الخامى كان من كبار الصلحاء يعرف باجابة الدعاء عنده ومن قبليه حوش الفقهاء بنى نهار وهم علماء أجلاء فى مذاهبهم وعند باب تربتهم قبر الشيخ عابد بن عبد الله أحد مشايخ الزيارة قيل انه أول من زار بالنهار فى نهار الاربعاء من باب المشهد النفيسى ثم تأتى الى قبر الفقيه الفاضل المحدث المفسر أبى الحسن على بن مرزوق أبى عبد الله عرف بالردينى كان كثير الانكار على أبى عمر وعثمان بن مرزوق الحوفى وعلى أصحابه وكان مقبول الكلمة عند الملوك وكان يأوى الى مسجد سعد الدولة ثم تحول منه الى مسجد عرف به وهو الموجود بداخل قلعة الجبل رابط بالاسكندرية وفى المسجد قبر يزعمون انه قبره والصحيح انه بالقرافة وانه توفى سنة أربعين وخمسمائة وهو بخط سارية شرقى تربة أم مردود وتربة بنى درباس وقد اشتهر قبره باجابة الدعاء بوفاء الدين وقد ذكره ابن عثمان فى تاريخه وعده ابن الجباس فى طبقة الفقهاء وحكى عنه بعض المؤرخين رضى الله عنه قال حدثنا معن بن زيد بن سليمان انه كان عليه عشرة آلاف درهم وانه قصد الردينى بالزيارة ونام عنده بجوار قبره فرأى الشيخ فى المنام فقال له يا فلان فقال لبيك يا سيدى أشكو اليك من دين لزمنى فقال قل اللهم بما كان بينك وبين عبدك الردينى الا قضيت عنى دينى قال فاستيقظت وأنا أقولها واذا بشيخ أعمى جاء عندى وقال لى أنت الذى توسلت الى الله ببركة الشيخ أبى الحسن الردينى قال نعم فقال خذ هذه العشرة آلاف درهم أوف بها دينك وحكى عنه ان انسانا جاء الى أبى عمرو عثمان بن مرزوق الحوفى رضى الله عنه وقال له ان الردينى كثير الانكار عليك وعلى أتباعك فقال اذا كان الصباح جمعت له جمعا وجئت اليه فلما كان نصف الليل والشيخ عثمان على سطح داره اذ نزل عليه انسان من الجوّ كالطائر فقال له من أنت قال أنا الردينى جئت اليك قبل أن تجئ الىّ فقال له يا أخى أنا ما أجىء الا لمن يمشى على قدميه وأما من يأتى من الجوّ فليس لى معه كلام وقد ذكر هذا القرشى فى تاريخه وهذا آخر الشقة التى أولها زاوية ابن عبود [ذكر ما بقى الشقة الثانية التى أولها المظفر قطز وآخرها تربة ابن سماك] وأما الشقة الثانية التى أولها المظفر قطز وآخرها تربة ابن سماك بن خرشمة فنذكر ما بقى منها ان شاء الله تعالى فمن غربى تربة الردينى قبر الشيخ جبريل الحطاب ومن غربيه قبر السيد الشريف أبى القاسم محمد بن أحمد الحسينى المعروف بأبى الدلالات من ذرية زين العابدين ذكره القرشى فى طبقة الاشراف وقبره معروف الآن عند باب

٣٠٢

تربة ابن سراقة المحدث وبتربة ابن سراقة المحدث تربة لطيفة قريبة من سماك بن خرشمة بها قبر الشيخ محيى الدين بن سراقة المحدث وجماعة من ذريته وبالخط المعروف بالكيزانى تربة ابن الصايغ قيل ان بها أبو ربيعة الانصارى وحمزة الانصارى حامل راية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال القرشى فى تاريخه وليس بصحيح لانه لم يذكر أحد من العلماء ولا أصحاب التواريخ ان أحدا من الصحابة اسمه حمزة مات بمصر وقد يكون من الصالحين وهذه التربة شرقى الكيزانى وفى الخط المعروف بالكيزانى قبر الشيخ اياس المقعد وقبره على سكة الطريق مع الحائط فى حوش صغير ومعه فى الحومة أولاد ابن مولاهم وداود السقطى وسليمان السقطى وزين الدين الفوانيسى وأبو بكر النحاس وهم بالقرب من ابن الفرات

ذكر التربة المعروفة بابن الكيزانى بها جماعة من الفقهآء والعلمآء والصلحآء نذكر كلا منهم فى طبقته ان شآء الله تعالى فاجل من بها الفقيه الامام العالم أبو عبد الله محمد بن أبى الفرج ابن ابراهيم بن ثابت المعروف بابن الكيزانى عده ابن الجباس فى طبقة الفقهآء وذكره القاضى شمس الدين بن خلكان فى الاعيان مات بعد سنى الخمسمائة وكان قد منع فى زمنه القراء من القراءة فى الاسواق ومنع معلمى المكاتب من مسح الالواح الا فى الآنية الجديدة وان يجمع ذلك ويلقى فى البحر وله الديوان المشهور وله الكتاب المعروف بمليك الخطب وله كتاب الرقايق ومن شعره

قف على الباب طالبا

ودع الدمع ساكبا

وتوسل به الي

ه من الذنب تائبا

تلق من حسن فضله

عند ذاك العجائبا

ثم خف منه أن يرا

ك على الذنب راكبا

فهو يجزى على اليسي

ر ويعطى الرغائبا

زينة العبد بالتقى

فاجعل الصدق صاحبا

وقد استحسن أبو الفرج بن الجوزى شعره وكان كثير الايثار وكان له معمل قزازة يأكل من عمل يده ويتصدق بالباقى ويأتيه الطالب يقرأ عليه فيجده جائعا فبطعمه وعريانا فيكسوه ويعطيه العمامة حتى انه اذا وجد فى نعله شيئا مقطوعا يخرزه بيده وجاءه يوما أمير مصر ومعه رسول الخليفة فدخل عليه وهو يدوّر على الدولاب بيده ففرش لهما برشا من خوص فقعدا عليه وسألاه الدعاء فدعا لهما فأخرج له الملك ألف دينار فردها

٣٠٣

فقال له السلطان اذا لم تأخذها تصدق على أصحابك بها فقال وأصحابى لا يحتاجون اليها فانى أعمل على هذا الدولاب فى كل يوم بدرهمين ويفضل لى على هذا الدولاب درهم ونصف فيكون ثلاثة ونصف فآكل من ذلك بنصف واتصدق بثلاثة دراهم على أصحابى وأهلى وجيرانى فخذها وانصرف فقيل انه دار بها على سبعة من مشايخ أهل مصر فلم يأخذها أحد منهم ولما حج رضى الله عنه ورأى الكعبة وعليها السواد أنشد يقول

ما علق الدر على نحرها

الا لما تخشى من العين

تقول والدر على نحرها

من علق الشين على الزين

وكان يقول يعجبنى قول الفقيه منصور

قل للكرام احفظوا حق اللئام لكم

ان اللئام لهم عند الكرام يد

لولا اللئام لما عد الكرام ولا

بانوا بفضل اذا ما ميز العدد

لو انهم جنحوا للنقص ما نقصوا

فزاد غيرهم فضلا بما اعتقدوا

جادوا فسادوا بظن الآخرين فلم

يعدو على والد يربو به ولد

ومشهده مشهور معروف باجابة الدعاء وقيل انه كان مدفونا بمشهد الامام الشافعى فنقل منه عند باب القبة ودفن بهذا المكان وبهذا المشهد قبر الفقيه الامام وثاب بن الميزانى معدود من أكابر العلماء كان كثير الصدقة وعليه كان يقدم أجلاء الحنابلة من البلاد ورأى الامام أحمد بن حنبل فى النوم فأطعمه تفاحة وقال له نزه الله ما استطعت وهو صهر ابن الكيزانى قال أبو الحسن الانصارى مات وثاب ولم يكلم أبا عبد الله بن الكيزانى حين ناظره فى ترك التأويل فلما احتضر وثاب أتاه ابن الكيزانى فقيل له ان الشيخ بالباب فقال قولوا له هل أنت موافقه على التأويل قال لا فرجع ابن الكيزانى ولم يدخل اليه وبهذه التربة قبر الفقيه الامام أبى القاسم عبد الرحمن بن عبد الواحد الخثعمى من بنى خثعم وبهذا المشهد أيضا قبر الفقيه أبى اسحاق ابراهيم بن مزيبيل من أكابر الحنابلة كان أكثر كلامه يقول أكبر الناس عيشا من ترك الدنيا لاهلها وقال لبعض الطلبة اذكر عند قدرتك وعظمتك قدرة الله وعظمته عليك وعند حكمتك حكمة الله فيك وحكى أن أمير الجيوش اجتهد له فى عمارة مسجده بمصر المعروف بمدرسة ابن مزيبيل وكان أمير الجيوش يأتى اليه فيزوره ويسأله الدعاء فجاءه يوما فأبطأ عليه فى نزوله فلما نزل رأى عليه ثوب زوجته فقال ما هذا فقال انى أغسل ثوبى فاستعرت ثوب زوجتى حتى نزلت اليك قال فبكى أمير الجيوش وقال مثل هذا الفقيه يكون على مثل هذه الحالة

٣٠٤

ثم مضى وأخبر الخليفة بأمره فكتب له توقيعا بأربعين دينارا فى كل سنة فأخذ أمير الجيوش التوقيع وأتى به اليه واستأذن عليه فلم يأذن له ولم يخرج اليه وأرسل اليه يقول خذ توقيعك وانصرف ولا تعد الينا فانا لا حاجة لنا بمن يفضحنا عند الخلفاء والى جانبه قبر ولديه عبد الله ومحمد كانا من الفقهاء العلماء الصلحاء الاخيار ومعهم فى التربة قبر الشيخ داود المنوفى والشيخ الامام شرف الدين أبى عبد الله محمد المعروف بابن الجباس صاحب التاريخ وأبى المعالى بن الجباس والشيخ على الكبير والد المصنف والشيخ جمال الدين أبى دية والشيخ شهاب الدين بن جمال الدين بن الكتانى وابراهيم بن المنقوعى وأحمد الزعفرانى وبهذا الحوش جماعة من العلماء ومقابله على الطريق قبر الشيخ جبريل المجرى وهو بالتربة الصغيرة والى جانب تربته ابن ممدود وقبر الشيخ يعقوب الناسخ وقبره داثر فى الحوش الذى على اليمين وأنت قاصد الى سماك بن خرشمة وبتربة سماك بن خرشمة قبران مكتوب عليهما معن بن زائدة وسماك بن خرشمة وفى تاريخ القرشى ان معنا وسماكا ليس بصحيح لانهما لم تدرك لهما وفاة بمصر هكذا حكى القرشى فى تاريخه ثم تمضى من تربتهم تجد على يسارك قبر الشيخ على المقسى أحد مشايخ الزيارة وبالحومة جماعة من خدام المشهد المذكور ثم تمشى فى الطريق المسلوك الى تربة الردينى السالف ذكره وهذه التربة أول زيارة شقة الجبل وآخرها قبر عباس الكردى وحول هذه التربة جماعة من الصالحين منهم الشيخ جبريل الحطاب ومن شرقى تربة الردينى تربة ابن المخزومى بها قبر الشيخ الفقيه ابن خليفة المخزومى الشافعى عرف بالناطق كان من أجلاء الفقهاء وأكابر العلماء ذكره ابن دحية وكان يزوره وقبره معروف بهذه الخطة حكى أن رجلا جلس على قبره فسمع النداء لا تجلس على قبر رجل أحب الله فأحبه وحكى عن الشيخ على بن الجباس شيخ الزيارة انه زار ليلة من الليالى فمرّ عليه ولم يزره فرآه فى المنام فقال له لم لا تزورنى فقال له من أنت فقال له أنا ابن خليفة الفقيه فأصبح فزاره وعرف الناس به والى جانب هذه التربة جماعة من العساقلة وفى الخط المذكور مقبرة ابن شيخ الشيوخ قريبة من سفح الجبل شرقى قبر محمود الخياط وهى مقبرة ليس بها بناء وبالمقبرة قبر الشيخ محمود الخياط ثم تأتى الى قبور الزياتين وهم جماعة علماء فقهاء محدثون وفى مقبرتهم الفقهاء أولاد السدار وفى الخط المذكور أولاد بنى مسكين والفقهاء أولاد القيسرانى وعلى يسارك وأنت قاصد الى عباس المهتدى قبر الشيخ يحيى الدجاجى وقبله قبر الشيخ عباس المهتدى هكذا مكتوب على قبره وقريب منه قبر القاضى يونس الورع ذكره القرشى فى طبقة القضاة وصاحب كتاب زهرة النظار

٣٠٥

وعلى قبره جلالة ونور وهو معروف باجابة الدعاء وهو فى مشهد لطيف بلغ ورعه الى الغاية وكان يقتات فى كل يوم برغيف من بر يفطر عليه وقت المساء واظب على ذلك خمسا وعشرين سنة ثم تقوت برغيف شعير خمسا وعشرين سنة وكان يقول لزوجته فى بعض الاحيان انه لرغيف ناعم وقيل انه كان يأكل من قمح كان يأتيه من الغرب يزرع له فى أرض ورثها من أبيه وكان لا يشرب الا من بئر اشتراها وقد سلف ذكره ومناقبه مع القضاة وفى الخط المذكور قبر الفقيه الامام العالم أبى الحسن المالكى ولا نعرف له قبرا وبالحومة قبر الفقيه الامام أبى محمد قاسم بن بركات بن أبى القاسم العدل عرف بابن القرقرى قال القرشى وقبره على يمين الطريق المسلوك على طريق العين فى الذهاب والرجوع قلت وهو لا يعرف الآن ومن قبلى يونس الورع قبر المرأة الصالحة فاطمة المعروفة بصاحبة الدالية والاصح انها خيزران المكاشفة وهو قبر لطيف والى جانبها مصطبة قديمة وفى وسطها قبر مبنى بالطوب الآجر قال بعضهم انها عروسة الصحراء والاصح انها أم الكرم ابنة خيثمة أمير مصر وقبرها قريب من يونس الورع وقبرها معروف باجابة الدعاء ثم تأتى الى مقبرة الشهداء بها جماعة من العلماء منهم الفقيه الامام الزاهد أبو اسحاق ابراهيم القرشى الهاشمى كان فقيها فاضلا يؤم الناس بمسجد الزير بمصر وكان مجاب الدعوة كثير البركة جاء يوما الى الحاكم يشهد عنده شهادة فأبى الحاكم أن يقبله فلما كان فى الليل رأى الحاكم كأن رجلا قد ارتفعت له الحائط حتى دخل منها فقال له من أنت قال خلق من خلق الله تعالى فقال وكيف دخلت على من غير اذن فقال أمرت بذلك لم لا تقبل شهادة ابراهيم القرشى وهو عدل عند الله فقال له الحاكم انى بليل فقال انه فى غد يأتيك وهو ينطق بالحكمة فلما أصبح أتاه وهو ينطق بالحكمة وكان رضى الله عنه حسن الكلام يتكلم بفنون عديدة وله كتب مشهورة مأثورة مسموعة منها كتاب فيمن احتضر عند الموت وهو أحسن ما جمع قال لاهله يوما اجلسوا فاقرؤا علىّ منه فقرؤا عليه منه بيتا

لعمرك ما يغنى الثراء عن الفتى

اذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر

فبكى حتى خرج الدمع من عينيه وكان يقول لبعض الصالحين وهو يجود بنفسه كيف تجدك وكيف حالك فقال كيف حال من يريد سفرا طويلا بلا زاد ويدخل قبرا موحشا بلا مؤنس وينطلق الى ملك عادل بلا حجة وكان كثيرا ما ينشد

ان تناقش يكن حسابك يا رب

عذابا لا طوق لى بالعذاب

٣٠٦

او تجاوز فأنت رب رحيم

عن ذنوبى فانها كالتراب

وكان يقول لما احتضر معاوية رفع يديه وهو يجود بنفسه وقال دهم الموت لا ملجا من الموت والذى أحاذر بعد الموت أدهى وافظع وبهذه التربة قبر الفقيه الجزرى الكبير والشيخ أبى اسحاق العراقى والفقيه ابن رامح والشيخ محمد بن سليمان والشيخ عبد الله ابن عرفة وفى مقبرتهم الفقيه أقمر امام قلعة صدر والفقهاء أولاد صبح المالكية والشيخ أحمد النحاس والسيدة الصالحة عائشة أم الخير ابنة الشيخ ابراهيم القرشى وغربى هذه المقبرة قبر عليه عمود مكتوب عليه صاحب الكلوتة ذكره ابن عثمان فى تاريخه وأشار الى أنه من الصحابة ولم يذكره القرشى فى طبقة الصحابة ولا ابن الربيع ولا ابن عبد الحكم ولا القضاعى ويحتمل أن يكون من الصالحين وانه يعرف بصاحب الكلوتة ومن غربى هذه المقبرة التربة المعروفة بسارية على اختلاف فيه ومعه فى التربة قبر الفقيه الصالح الزاهد الذى ضرب بعبادته المثل أبى البقاء صالح بن الحسين بن عبد الحميد المبتلى الشافعى حكى عنه انه جلس يوما فى حلقة الجامع فرأى الطلبة يضحكون فقال لا اله الا الله فسد الناس حتى أهل العلم لقد كنا ندخل حلقة العلم فلا يقوم منا الرجل الا خاضعا أو باكيا أو متفكرا ثم يأتى الى الحلقة من الغد ونحن كذلك ثم قام واعتزل الناس وانقطع فى جوسق ابن أصبغ يتعبد فيه وبلغ من زهده انه كان يقتات بالبقل وكان مليح الوجه صحيح البدن وكان النساء اذا مررن بالجوسق نظرن اليه فسأل الله عزوجل أن يبتليه فابتلاه فكانت المرأة اذا مرت عليه ولت بوجهها عنه فيقول هذا قصدى وكان له صاحب يخرج كل يوم الى البركة فيجمع له ما يسقط من البقولات فيدقه بالملح ويقتات به فجاءه يوما وليس معه شئ فقال له ما لك جئت بغير شئ فقال له يا سيدى رأيت السودان يتحاربون فقال له خذ هذه العصا وامض اليهم فانك تأمن منهم فأخذها وانصرف فولوا كلهم ولم يبق منهم واحد وكان صالح المبتلى عظيم الشأن وهو فى التربة التى يقال ان سارية بها وقصته مع عمر مشهورة وقال صاحب كتاب المزارات ويحتمل أن يكون من أولاد سارية وقال أبو الحسين الكاتب قال لى الفاضل عبد الرحيم هل لا تنطلق معى تزور قرافة مصر فخرجت معه حتى جئنا قبرا بسفح المقطم فقال لى أحدثك عجبا لما دخلت مصر مشيت بالليل فى هذه الجبانة وليس عندى ما اقتات به فأتيت هذا القبر وبكيت عنده فأخذتنى سنة من النوم فرأيت صاحبه فقال لى ما بك فقلت فقير فقال لى أنظر فنظرت فاذا صلاح الدين على سرير عال فقال ادخل عليه فكأننى دخلت عليه

٣٠٧

فقام لى وأجلسنى الى جانبه ثم قال لى افتح حجرك ففتحت حجرى فصب فيه دنانير ثم أشار الى أهل دولته وقال هذا هو فجعلوا يقبلون يدى فتعجبت مما رأيت فقال لى صاحب هذا القبر انك نائم وسيكون لك ما رأيت وأنت يقظان فاستيقظت من نومى وبلغ صلاح الدين ما أنا فيه فبعث الىّ فلما دخلت عليه رأيت منه ما رأيت فى النوم ويقال ان صالح المبتلى عاش طويلا حتى توفى بعد الاربعين وخمسمائة وحول تربته جماعة من الاولياء والعلماء منهم الشيخ صبيح الحنبلى والشيخ مجاهد العجمى وبالقرب منهم قبر الفقيه أبى القاسم عبد الرحمن بن أبى الحسن بن يحيى الدمنهورى الشافعى العاقد بمدرسة الصالحية مات سنة ست وأربعين وستمائة وقبره مع القبور الدوارس وبسفح المقطم أيضا قبر الفقيه الامام العدل المحدث المقرى أبى محمد عبد المنعم بن محمد بن يوسف الانصارى اليمنى الاصولى الشافعى كان كثير التواضع مات سنة أربع وأربعين وستمائة وبالحومة قبر الشيخ سالم الموقت والفقيه مياس ومن قبلى مقبرة الشهداء قبر عباس الكردى كان من كبار الصالحين وقبره معروف عليه عمود مكتوب عليه اسمه ووفاته وهو آخر هذه الشقة أعنى من جهة القبلة وقد ذكرنا جهتها الشرقية التى تلى شقة الجبل وقد ذكرنا الجهة الغربية التى تلى سارية ومعاذ بن جبل وأما معاذ بن جبل فلم يثبت انه مدفون بجبانة مصر وقد ذكره الموفق ابن عثمان فى تاريخه بعد يونس الورع وقال قبر مكتوب عليه معاذ بن جبل ويحتمل أن يكون من أولاده وقد نبه على هذا القبر أبو عبد الله القرشى فى تاريخه وقال هو رجل من الصالحين واسمه معاذ وقد أجمع العلماء ان معاذا مات بعمواس فى عام الطاعون وله من العمر ثلاث وثلاثون سنة وقال الامام أبو عمر بن عبد البر فى كتاب الاستيعاب وليس لمعاذ عقب وقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يا معاذ انى أحبك والاصح ان صاحب هذا القبر من التابعين وحول تربته جماعة من الصلحاء منهم أبو محمد الفضى وقبره بباب التربة وقبر الفقيه أحمد الزعفرانى وقبر الطغا (١) والشيخ قتبان العسقلانى وولده محمد وعليهم مجدول كدان وهم مع الجدار فى الحائط الغربى ثم تمشى فى الطريق المسلوك قاصدا الى حوش ابن عثمان تجد على يمينك حوشا لطيفا بازاء تربة حسان به قبر الشيخ أبى السمرا الضرير المقرى كان من أجلاء العلماء والفقهاء وكانت له دعوة مجابة عاش مائة وعشرين سنة وكان اذا نزع ثوبه تفليه له العصافير وكان اذا دخل بيته يأتيه من يصلح له المصباح وكان يلقن مائة سطر فيحفظها وكان يقول سألت الله أن يذهب عينىّ ولا يعيد الىّ نورهما حتى يقال لى هذا ربك فانظر فلما مات رؤى فى المنام فقيل له ما فعل الله بك

__________________

(١) هكذا بالاصل

٣٠٨

فقال أوقفنى بين يديه وقال لى نولتك ما طلبت ففتحت بصرى فرأيت ربى وقال ابن دحية وقف الكامل عند أبى السمرا وقال هاهنا يستجاب الدعاء ولقد دعوت الله هاهنا مرارا فاستجيب لى ومن وراء حائطه الشرقى قبر المرأة الصالحة أم نعيم وعندها قبر الرجل الصالح البكرى المؤذن ومن بحريهم حوش الفقهاء أولاد ابن درباس وقد ذكرنا تربتهم الاولى التى بخط زربهار ثم تمشى وأنت مستقبل القبلة الى حوش بنى عثمان فبهذا الحوش جماعة من العلماء ذكرهم ابن الجباس وعلى هذا الحوش هيبة وجلالة والدعاء به مستجاب حكى ابن الجباس انه توقف النيل فى بعض السنين قال فحملت على قلبى هما عظيما وضاق صدرى مما نزل بالناس فنمت فرأيت انسانا لم أعرفه فقلت له والله ما الناس الا فى شدة من توقف النيل فقال لى عليك بتربة بنى عثمان فادع الله عندهم يفرج الله عن الناس قال الشيخ شرف الدين بن الجباس فلما كانت ليلة الجمعة أخبرت الناس بذلك وخرجنا ومعنا جمع من الرجال والصبيان والنساء فدعونا الله تعالى وتضرعنا اليه عند قبورهم فأصبح النيل وقد زاد زيادة جيدة ولطف الله بالناس فى بقية تلك السنة ويقال انه أبو الحرم وكان يعرف بالشافعى الصغير فقد ذكر ابن الجباس ان بتربتهم الفقيه الامام أبا الحرم مكى والى جانبه قبر ولده عبد الرحمن الملقب بالموفق وله كرامات ومصنفات والى جانبه قبر أخيه الفقيه الامام العالم العلامة أبى القاسم عبد المنعم ويقال أبو البركات وله نسب متصل بسعد ابن عبادة الانصارى ورأيت فى تعاليق شيخنا نسبهم قال هو موفق الدين بن عثمان بن تاج الدين أبى العباس أحمد بن شرف الدين محمد بن جمال الدين عثمان بن أبى الحرم مكى ابن عثمان شافعى زمانه بذلك لقبه سيد المرسلين صلى‌الله‌عليه‌وسلم واستفاض هذا واشتهر وهو ابن عماد الدين اسماعيل بن ابراهيم بن شبيب بن غنائم بن محمد بن عنان ويقال خاقان بن عبد الله بن عبيد الله بن ابراهيم بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سعيد بن سعد بن عبادة بن دليم الانصارى رضى الله عنهم أجمعين وله ذرية باقية الى الآن صلحاء علماء نفعنا الله بهم وحول هذه التربة جماعة من العساقلة وقبر الشيخ صدقة أبى المعروف السارعى وبحريه قبر الفتى عبد المنعم وقبر الشاب التائب وقبر الشيخ رشيد الدين التلا وقبره فى حوش على جانب الطريق المسلوك ومن بحرى العمروشى قبر الشيخ محمد الهورانى وعبد الله المنذرى ويليهم من القبلة قبر العمروشى معدود من طبقة القراء كان يختم عند كل عمود فى الجامع العتيق ختمة وبالحومة جماعة قد درست قبورهم ثم تمشى فى الطريق بخطوات يسيرة تجد امامك تربة الفاضل بها جماعة من العلماء منهم

٣٠٩

الفاضل عبد الرحيم بن الحسن بن أحمد البيسانى رحمه‌الله تعالى وزير مصر والشام وغير ذلك مولده بثغر عسقلان سنة ثمان وعشرين وخمسمائة وتوفى ليلة الاربعاء سابع ربيع الآخر سنة ست وتسعين وخمسمائة وقبره ظاهر يزار ويتبرك به كان رحمه‌الله وزيرا صالحا مجتهدا عالما لم ينطلق قلمه قط الا بايصال رزق أو سبب خير أو تجديد نعمة وأما فضائله وعلومه التى أعجزت من تقدمه وصدقاته فهى أشهر من أن تذكر وكان له فى كل يوم وليلة ختمة غير ماله من الاوراد والاذكار وله أوقاف على الفقراء والمساكين والمدارس لنشر العلوم وعلى فكاك الاسارى من يد الفجار الكفار وجدد عمارة العين التى تجرى من ظاهر المدينة الى أهلها ولهم بها المعونة والنفع التام وما ترك رحمه‌الله بابا من أبواب الخير الا أخذ منه أوفى نصيب وان أخذنا فى شرح فضائله ووصف مقاماته فى الخير والفضل خرجنا عن شرط الكتاب فى الاختصار وبتربته أيضا قبر الفقيه الامام العالم أبى القاسم الشاطبى الرعينى رضى الله عنه كان رجلا صالحا عالما انتهت اليه الرئاسة فى وقته فى قراءة كتاب الله العزيز ومعرفة وجوه قراءته وتقريره وعلوم الحديث والنحو واللغة وغير ذلك مما تفرد به واعترف له به أهل وقته ومن بعدهم وكان متصدرا بالمدرسة التى أنشاها القاضى الفاضل رحمه‌الله وهى قريبة من داره لاقراء الكتاب العزيز وعلومه وانتفع به جماعة من أصحابه وارتقوا الى مناصب دينية وصنف رضى الله عنه فى علوم القراآت ومرسوم المصحف وغير ذلك مما هو موجود ينتفع به ويشتغل بحفظه وكانت وفاته رضى الله عنه فى جمادى الآخرة سنة تسعين وخمسمائة رحمه‌الله تعالى ورضى عنه وعند باب تربته مما يلى الشرق قبر الفقيه أبى المعالى مجلى صاحب كتاب الذخائر يعرف بابن نجا المخزومى ويدعى بابن الارسوفى روى عن أبى الحسن على الخلعى وغيره وتوفى فى ذى القعدة سنة خمس وستين وخمسمائة وقيل سنة خمس وخمسين وله تصانيف مذكورة أخبرنا القاضى كمال الدين أحمد عرف بابن القليوبى قال حدثنى والدى الفقيه ضياء الدين عيسى القليوبى عمن حدثه قال كان مجلى يأتى الى جبانة مصر فيكرر علىّ أقوال العلماء فاذا كان وقت العصر صلى وجعل ظهره الى المقطم ثم يذكر جميع ذلك ولا يعود حتى يعى جميع ذلك وقال الخلعى لاصحابه كلكم تسألونى الدعاء وأنا أسأل هذا ابن مجلى يدعو لى وقد سلف ذكره مع القضاة ولم يبق من آثار تربته الا محراب صغير وبازاء تربة الفاضل قبر الفقيه الدلاصى ومن شرقى قبر أبى المعالى قبر الشيخ عابد بن عبد الله المصلى وهو فى حوش لطيف وقبليه فى الطريق المسلوك مقبرة الفقهاء الشاميين وهم جماعة من

٣١٠

أهل الخير والصلاح منهم القاضى الاجل النجيب الدمشقى وفى مقبرتهم أبو الحسن على ابن بنت العيش البصرى وقبره مبنى بالطوب الاجر على هيئة المصطبة والى جانبه من القبلة حوش العساقلة ومن شرقيهم على سكة الطريق قبر الشيخ أبى عبد الله محمد الطيب الفرا ومعه فى التربة ولده المجد حسن وأخوه سليمان وهذه التربة قريبة من قبر الشيخ رسلان وبالقرب من حوش رسلان تربة أولاد ابن الجلال وهم مشايخ الزيارة فى الليل وبالقرب من حوش الشيخ رسلان قبر سيد الاهل القماح بن يوسف الكماخى ذكر التربة المعروفة بالشيخ رسلان وهى القبلية من جامع أم ممدود فبهذه التربة جماعة من العلماء والصلحاء منهم الفقيه الامام العالم أبو عبد الرحمن المعروف برسلان كان فقيها اماما عالما ذكره القرشى فى طبقة الفقهاء وحكى عنه انه كانت اقامته فى الشارع باليانسية فى المسجد المعروف به الآن وكانت له دعوة مجابة حكى عنه أن رجلا جاء اليه ومعه جرة ابن فقال يا سيدى أنا من الريف وجئت اليك بهذه الهدية فأخذها وأكل منها وأطعم أصحابه فلما أصبح الرجل جاء الى الشيخ وودعه وداع السفر فملأ له الشيخ الجرة ماء وسدّها وقال له لا تفتحها حتى تصل الى أهلك فأخذها وانصرف فلما وصل الى أهله فتحها فوجدها مملوءة عسلا وكانت له مناقب جليلة حكى عنه الفقيه الامام جمال الدين محمد ابن الحسين الانصارى قال مرّ الفقيه رسلان على رجل يبيع القمح بظاهر باب زويلة فقال له الرجل يا سيدى ضع يدك فيه فوضع يده فيه فباع منه بقية يومه ويوما ثانيا فجاء يهودى فوقف عليه ووضع يده فيه فذهبت تلك البركة منه وكان يكتب فى المرآة سطرا ويأمر المرأة الحامل وهى فى المخاض أن تنظر فى المرآة فتنظر فيها فتضع لوقتها مات رضى الله عنه سنة احدى وسبعين وخمسمائة والى جانبه قبر والده الفقيه أبى عبد الله محمد بن رسلان معدود فى طبقة الفقهاء وأرباب الاسباب حكى عنه انه كان يخيط الثوب بدرهم فان أعطاه صاحب الثوب درهما طيبا وجد الثوب مفتوحا وان أعطاه درهما رديئا وجد الثوب مسدودا فيعود اليه فيقول خذ درهمك فانه ليس بجيد فيعطيه غيره فيجد الثوب مفتوحا وبعث اليه ملك مصر خمسين أردبا قمحا فجاؤا اليه بها فقال للتراسين من أين أتيتم بها فقالوا من شونة صاحب مصر قال فكم أخذتم أجرتها قالوا خمسين درهما فأعطاهم خمسين درهما أخرى وقال لهم ردوها الى موضعها مات سنة احدى وتسعين وخمسمائة والى جانبه قبر ولده أبى القاسم عبد الرحمن بن محمد بن رسلان كان فقيها اماما عالما محدثا بنى المسجد المعروف بهم فلما كمل قال لاصحابه بقى يعوز بئرا ولم يبق

٣١١

معنا شئ فلما أصبح وصلى الصبح وجد تحت سجادته صرة فيها خمسة وعشرون دينارا مكتوب عليها برسم عمارة البئر فأخذها ولم يعلم من أين جاءت والحوش عليه جلالة ووقار ومن قبلى تربة الفاضل قبر المرأة الصالحة المعروفة بعطارة الصالحين قبرها على طريق السالك بالقرب من زاوية الشيخ أبى طالب وبالقرب منها قبر الفقيه أبى الحسن الانهاوى وقبره قريب من زاوية أبى طالب وهى التربة التى فى القبور المعقودة المقابلة للمرأة الصالحة المعروفة بالعطارة والى جانبها تربة بها رخامة مكتوب عليها عبد الرحمن بن على بن الحسن ابن عبد الله بن مروان الصدفى وجده عبد الله مكتوب فى كتاب فضائل مصر قال الكندى قال عبد الله بن مروان الصدفى (١) (لما دعى ابن عمى خالد بن زيد وكان قد توفى بالاسكندرية وكان قد لقى عيسى بن على وعبد الله بن لهيعة والليث بن سعد وغيرهم وهذه الرخامة قد نقلت)

ذكر التربة المعروفة بأبى طالب أخى الشيخ أبى السعود وما حولها من العلماء رضى الله عنهم فعند باب هذه التربة قبر الشيخ الامام العالم أبى العباس القراباغى ذكره الشيخ صفىّ الدين بن أبى المنصور فى رسالته وعده من طبقة القرشى كان من كبار الصوفية وله اشتغال بالتصوف وحوله جماعة على طريقته وكانت اقامته بالزاوية التى بباب القنطرة بالقاهرة وهى المعروفة الآن بزاوية القطب أبى السعود حكى عنه انه لما احتضر قال له بعض أصحابه يا سيدى من يكون بعدك على هذه السجادة يأخذ العهد ويربى الفقراء فقال ليس فى الجماعة من يجلس مكانى وانما يجلس مكانى رجل يأتى من العراق من بلاد واسط ومعه جماعة من أصحابه فيدخل هنا ويصلى صلاة الظهر ويجلس بهذا المكان ويأخذ العهد ويربى المريدين فلما مات الشيخ انتظر أصحابه من يأتى اليهم فبعد قليل جاء سيدى أبو السعود ومعه أصحابه فلما وصل الى الزاوية أذن الظهر وكان من عادة الشيخ انه ما يمشى هو وأصحابه الا على وضوء وأى مكان سمعوا فيه الاذان صلوا فيه فقال لاصحابه هنا ندخل نصلى فدخل فصلى هو وأصحابه وجلس وذكروا الوظيفة وكانت السيدة أم عبد الهادى تمشى بسطح الزاوية فقال الشيخ لا اله الا الله صاحب هذه الزاوية توفى وهذه التى تمشى على السطح زوجته وقد قرب انقضاء عدتها وهاهنا يكون مقامنا كما أشار الشيخ فأقام الشيخ وأصحابه بالزاوية وتزوج بأم عبد الهادى قال ابن أبى المنصور والقرا باغيون ثلاثة أكبرهم الشيخ أبو العباس ومن ذريته الفقيه المحدث المدفون بزقاق البركة والى جانب الشيخ أبى العباس القراباغى قبر الشيخ الفقيه المحدث العالم

__________________

(١) هكذا بالاصل

٣١٢

الزاهد الناسك وجيه الدين البرنبالى امام المدرسة الشريفية وكان كبير القدر عظيم الشأن من الفقهاء الاجلاء والصوفية المتزهدين كثير التودد للاخوان كثير الصلاح ومن جملة حكاياته انه لما ولى القضاء تاج الدين قال له قد وليتك الغربية ففارقه ومضى الى بيته بالمدرسة وضم حوائجه وكتبه وجعلها فى قفة وأخذها على رأسه وأراد الخروج من باب المدرسة فزعق له القاضى فلم يكلمه فمشى اليه حافيا حتى رجع معه فقال له يا وجيه الدين مالك أأنت أشدّ منى قال لا ولا أفعل هذا أبدا ولا أتولى القضاء وترك المدرسة وأقام بمكة سنين وجاء من مكة بعد ذلك وانقطع فى القرافة سنين متعدّدة ومات بها وصلى عليه قبالة شباك الامام الشافعى فى عشر السبعين وستمائة وقبره على باب تربة الشيخ أبى طالب أخى سيدى أبى السعود وتربة سيدى أبى طالب قديمة عليها هيبة وجلالة وهذا الشيخ أبو طالب أخو سيدى أبى السعود من أمه وأبيه وكان من كبار المشايخ سلك طريق أخيه فى الزهد والعبادة وشهرته تغنى عن الاطناب فى مناقبه ومن قبليه الفقهاء أولاد قريش وبحومتهم قبر أبى الحسن على بن محمود العسقلانى هكذا مكتوب على عموده واذا أخذت يمينا من هذه الشقة قاصدا الى قبر الشيخ أبى العباس البصير تجد قبل وصولك اليه قبر الشاب التائب الشهير بمسجد يحيى بن بكير قال ابن الجباس فى تاريخه وبهذه الخطة قبر أحمد بن الحسن بن أحمد بن صالح وقبره على يمين السالك الى تربة أم الاشراف قال المؤلف وهذا فى المجر المسلوك الى تربة أبى العباس بالقرب من تربة يحيى بن آدم بن سعيد وذريته يزيدون على مائة نفر ويحيى بن آدم مذكور فى كتاب أبى عمرو الكندى وهو الذى قال جلت البلاد وطفتها فرأيت فيها عجائب فما رأيت فى البلاد التى عرفتها الا ومثله فى المدينة وقرأت بخط كعب الاحبار يقول لو لا رغبتى فى بلاد الشام لسكنت مصر لانها بلدة معافاة من الغير وأهلها أهل عافية وهم بذلك معافون من أرادهم بسوء كبه الله على وجهه وهذه التربة معروفة الآن وهى مقابلة لزاوية أبى العباس البصير وهى واسعة البناء ذات الزقاق الرقيق الذى تسلك منه الى قبر أبى عبد الله محمد الواسطى المعروف بالواعظ وقبره من وراء حائطها القبلى عليه عمود حسن وبالقرب منه تربة قديمة البناء بها لوح رخام مكتوب فيه الفقيه العالم القاضى عبد الوهاب السبتى ثم ترجع الى تربة أبى العباس البصير وهى تربة بها جماعة من العلماء والصلحاء والاولياء فأجل من بها الشيخ الامام العالم العلامة القدوة مربى المريدين بآدابه شيخ الطريقة ومعدن الحقيقة قطب وقته وغوث زمانه ذكره الشيخ صفىّ الدين بن أبى المنصور

٣١٣

فى رسالته وأثنى عليه وهو تلميذ الاستاذ أبى أحمد جعفر بن سيد بونة الاندلسى تلميذ أبى مدين شعيب وهو أبو العباس أحمد الاندلسى الخزرجى المكنى بالبصير ويعرف أيضا بابن الغزالة كان أبوه ملكا كبيرا ببلاد المغرب حكى عنه رضى الله عنه انه نشأ فى العبادة وهو مكفوف من بطن أمه والسبب فى انه يعرف بابن الغزالة فيما حكاه صاحب كتاب الكوكب المنير فى مناقب أبى العباس البصير وغيره من العلماء أى علماء التاريخ انه لما وضعته أمه وجدته أكمه ليس له بصر ينظر به فقالت فى نفسها ان الملك اذا نظر اليه لم يعجبه فيزدريه فأخذته وخرجت الى البرية فألقته فيها ورجعت فأرسل الله له غزالة ترضعه فلما جاء أبوه من السفر قالت له انى وضعت غلاما وقد مات فقال لعل الله تعالى يعوّضنا خيرا منه فخرج من عندها للصيد فضرب حلقة الصيد فنظر الى غزالة فى وسط الحلقة فتبعها وما زال حتى لحقها فنظر اليها وهى ترضع طفلا صغيرا فلما نظر اليه حنّ قلبه اليه بدم الاهلية فقال أنا آخذ هذا عوضا عن ولدى فأخذه وجاء به الى بيته وهو فرحان وقال لزوجته ان الله قد عوضنا هذا الغلام فخذيه وربيه يكون لنا ولدا فلما نظرت اليه بكت بكاء شديدا وقالت هذا والله ولدى وقصت عليه القصة فقال الحمد لله الذى جمعه علينا ونشأ الشيخ من صغره منشأ حسنا وقرأ القرآن وعمره سبع سنين واشتغل بالقراآت السبع والعلم الشريف وكان له كرامات عظيمة منها انقلاب الاعيان فيما اتفق له مع سيدى أبى السعود لانه كان طريقه التجريد والتقشف والمأكل الخشن وكان عنده فقراء يجتمعون بالزاوية أكثر أكلهم القراقيش والليمون المالح وكان أبو السعود يمد فى سماطه الحلوا والاطعمة المفتخرة فوقع فى نفسهم انهم يمضون لابى السعود ويأكلون من طعامه ويتركون الليمون المالح والقراقيش فلما جاؤا الى سيدى أبى السعود قدم لهم ليمونا مالحا وقراقيش فقالوا فى أنفسهم نرجع الى الشيخ ونقنع بما قسم لنا فلما جاؤا الى سيدى أبى العباس نظر اليهم بعين قلبه وقال لاحدهم خذ هذه الطوبة وامض الى الصاغة وجىء بثمنها فأخذها ومضى الى الصاغة فنظر اليها فاذا هى ذهب أحمر فباعها بألف دينار وجاء بالثمن الى الشيخ فقال كم أنتم ههنا فقيرا فقالوا عشرة فقال كل منكم يأخذ مائة دينار ويخرج عن صحبتى لان الفقراء لا يصحبهم من يريد الدنيا وأنتم ملتم اليها والى مأكلها الحسن فقالوا يا سيدى لا حاجة لنا بها وليس لنا رغبة الا فى صحبتك فقال لهم ردّوا هذا الى صاحبه وائتونى باللبنة فجاؤا بها اليه وهى على حالتها الاولى فرمى بها الشيخ الى جانب الزاوية وقال الشيخ صفى الدين بن أبى المنصور رأيت الشيخ الصالح

٣١٤

الولى ابا العباس الضرير من أعيان أصحاب سيدى الاستاذ أبى أحمد جعفر الاندلسى شيخ سيدى الاستاذ الحرار جاء الى مصر وأظهر فيها طريق التجريد ولقد رأيته خرج الى الحج من القاهرة واجتمعت به فى بركة الحبش مبرزا للحج وهو مجرد عن جميع الاسباب متزر بخرقة على كتفيه ليس يتبعه غير ابربق وحكى لى انه لما قدم على الشيخ أبى أحمد سلبه جميع ما كان حصله من العلم والقراءة وكان هذا الشيخ أبو العباس الضرير قد حصل شيأ من العلم والقراءة وكان يقرأ قراءة معتبرة فلما سلبه ما كان حصله ورد عليه فتح شريف وأناله عطية رفيعة فلما استكملها وعاد الى وجوده أعيد له ما كان سلبه منه وأقام بقرافة مصر وانتسب له فى البلاد أصحاب ومريدون ومات بها رضى الله عنه فى سنى الستمائة والى جانبه قبر زوجته كانت من الصالحات وبالتربة أيضا قبر الاستاذ ذى المناقب المشهورة والطاعات التى هى غير منكورة الشيخ يحيى بن على بن يحيى المعروف بالصنافيرى كان مشهورا بالخير والصلاح نشأ فى العبادة من حال صغره وكان فى حال بدايته رجلا صوفيا كثير التلاوة للقرآن ولم يزل كذلك الى أن حصلت له الجذبة الالهية وهبت عليه النسمة المحمدية فوصل بها الى مقام القطبانية وصار منسوبا الى الطريق العباسية وكان رضى الله عنه ذكره منشورا فى البلاد وشهد له علماء الزمان بالولاية والصلاح وسعت له الخلق من أقطار الارض وحمل اليه نذره من أرض اليمن وأقام بالقرافة مدة يسيرة ثم مضى الى صنافير وأقام بها مدّة الى ان اشتهر حاله وزاد أمره وكان أهل صنافير يحدّثون عنه بأمور شاهدوها منه فمنها انه كان يضع المنسف على النار ويطبخ فيه الارز فلا يحترق المنسف ومنها الكلام على الخاطر والنظر فى المستقبل وانقلاب الاعيان له وازالة الضرورة عمن يكون مضرورا وقد حصل به نفع عظيم للخلق فلما تكاثرت عليه الناس فرّ منهم وعاد الى القرافة وأقام بها مدّة طويلة وكان يجتمع على السماع ويأمر أصحابه بالحضور فيه وكان كثير الايثار لا يدخل عليه أحد الا ويمدّ له سماطا مما يشتهيه فى نفسه لا ينظر فى درهم ولا دينار كثير الغيبة قليل الحضور أعنى حاضرا مع الله بقلبه غائبا عن الناس مكفوف النظر عنهم نير القلب لم يتزوّج قط ولم يزل كذلك الى أن توفى ولو استوعبنا مناقبه لضاق الوقت علينا وصلى عليه بمصلى خولان وكان أول مشهده مصلى خولان وآخره تربة أبى العباس وكان يوما عظيما رضى الله عنه توفى يوم السبت سادس عشر شعبان سنة اثنتين وسبعين وستمائة وبالتربة جماعة من الاوليآء منهم الشيخ الصالح الامام العالم عبد الله الغمازى خادم سيدى أبى العباس البصير وجماعة من ذريته وقبره حوض

٣١٥

حجر عند باب التربة على يسارك وانت داخل الى زيارة الشيخ بينهما الحائط القبلى ومن قبلى هذه التربة جماعة من الاولياء وزيارتهم مع سيدى أبى السعود

ذكر تربة سيدى أبى السعود رضى الله عنه ومن بها من المشايخ والاولياء والفقهاء فأجل من بها الشيخ الامام العارف القطب الاوحد أبو السعود بن أبى العشائر بن شعبان ابن الطيب الواسطى الباذبينى بشر به سيدى أحمد بن الرفاعى نشأ فى العبادة من حال صغره وصام فى قماطه كما حكى عنه السادة العلماء وذكره الشيخ صفى الدين بن أبى المنصور فى رسالته والشيخ زكىّ الدين عبد العظيم المنذرى فى معجمه فى أسماء شيوخه والشيخ سراج الدين بن الملقن فى تاريخه قال الشيخ صفىّ الدين بن أبى المنصور سمعت فى حياة سيدى الاستاذ الحرار يذكر سيدى أبا السعود وكان بينه وبين سيدى صحبة وتزاور للشيخ فلما انتقل سيدى الشيخ وانبسطت نفسى للاجتماع بالناس وزرت المشايخ أتيت لزيارة سيدى أبى السعود فدخلت مسجده وكنت وحدى ولم أكن رأيته قبل ذلك فنزل الشيخ الى الصلاة فسلمت عليه فنظر الىّ فقال لعلك الصبى صهر الشيخ أبى العباس قلت نعم فاقبل علىّ وطلع بى الى منزله وألفنى باحسانه وقبوله فتألفت به وآنسنى فصرت أتردد اليه وأبيت عنده ولم يكن بعد ظهر الظهور الذى ظهره بعد ذلك وربما بت عنده تحت اللحاف وكان يفت لى بيده الكنافة وآكلها أنا وهو وحدنا فى رمضان وحدثنى ببداية أمره وقال كنت أزور شيخك أبا العباس وجماعة من صلحاء مصر فلما انقطعت واشتغلت وفتح على لم يكن لى شيخ الا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم واول فتحى فى معنى قول الحق سبحانه وتعالى ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب وحدثنى بتفاصيل فتحه وما أعطيه ورفعته وفتحه وكل ذلك بواسطة النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم واسرائه ومعارجه وايضاح أحوال الملكوت وأسرار الملك وأحوال الآخرة وتفاوت المنازل والدرجات وأوزان الرجال ومراتبهم من آدم عليه‌السلام الى يوم القيامة يذكر له الرجل فى المغرب أو فى مطلع الشمس فيذكر صورته ووزنه وما من شئ طرق الأسماع خبره ولا من الغيوب الا والشيخ أبو السعود يوضح كيف اطلع وانه فى كل صباح يصبح يطلع على أرواح الخلائق وانه له نوبة كاسات تضرب له فى الارض وفى كل سماء وعلى العرش خدمته وانه يصافح النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم عقب كل صلاة واتسعت دائرته واستجاب له الخلق وظهر نفعه وبركته وكان قد لزم ذكر الله تعالى من أول توجهه وخلوته الى ان انتقل وانتشر الذكر عنه الى ان عم البلاد والعباد وكانت شواهد

٣١٦

محبته واستقامته وفنائه فى ذات الله تعالى صحيحة لم يكن فيه شعرة تلتفت عن وجهته للوجود وكل ذلك كان دالا على صحة ما أخبر به عن نفسه ثم تم له الكشف الدائم للاصحاب عن الوقائع وكان غنيا لا يظهر فاقة فقيرا مليا لا يلحظ حاجة مجموعا لا تطرقه تفرقة منذ انقطع لم يخرج الا للجمعة والحج وحج حجا سعيدا وجرت له كرامات عظيمة ولم يمش لبيت أحد قط الا لبيتى بمصر مرّة ومرّة زار فيها الشيخ أبا الفتح الواسطى لما ورد القاهرة بسبب علم له فيه وكان يرى انه أحد السبعة الملوك ولم يجتمع به بعد ذلك وهذه جملة يستغنى بها عن جملة تفاصيل يطول ذكرها واعتقدت به أيام صحبته وكانت يسيرة يا ليتها دامت وحكى عن الشيخ أبى السعود رضى الله عنه انه كان اذا دخل الى مجتمع وخلع نعله يسمع لنعله انين فسئل عن ذلك فقال هى أنفسنا نخلعها عند النعال خيفة من التكبر عند اجتماعنا بالناس قال الشيخ أبو الحسن الدقاق رضى الله عنه دخلت مدينة بغداد على الشيخ عمر البزاز فوجدت رجلا قائما بمجلسه عند الباب يصلح نعال الجالسين ثم دخل رجل أعجمى فلما قعد مع الشيخ عمر قال له ما تعرف هذا الرجل القائم قال له عمر هو الخضر عليه‌السلام وقد كان سيدى أبو السعود يفعل ذلك تشبيها بالخضر ليربى به المريدين وكان سيدى أبو السعود عارفا بالشريعة والحقيقة لان قدمه محمدى ولم يكن له شيخ الا النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم لانه رأى جماعة من المشايخ وأراد أن يأخذ منهم عهدا فقالوا له حتى تستأذن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فنام تلك الليلة فرأى النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال له يا رسول الله أتأذن لى أن آخذ منهم عهدا فقال له عليه‌السلام ما أنت لهم بل أنت لى أمدد يدك فمد يده فأخذ عليه العهد وألبسه الطاقية فافاق غائبا عن وجوده وأقام فيها ثلاثة أيام والطاقية على رأسه ثم حصل له الفتح المحمدى والسر الاحمدى الى أن انتهى الى مقام القطبانية وأقام بها وكانت كرامته ظاهرة فى حياته وبعد وفاته ولو استوعبناها لضاق علينا وقيل ان اسمه محمد وقيل غير ذلك والاصح انه لا يعرف له اسم ولا يعرف الا بكنيته والى جانبه قبر الشيخ جمال الدين عبد الهادى ابن الشيخ أبى العباس القراباغى والى جانبه أمه والى جانبها فاطمة ابنة الشيخ عبد الهادى والسيدة خديجة زوجة الشيخ عبد الهادى وهم مع الشيخ فى حجرته وعند باب الضريح الشيخ مبارك خليفة سيدى أبى السعود والى جانبه الشيخ مفتاح خادم سيدى أبى السعود وعندهم الشيخ شمس الدين خليفة سيدى أبى السعود متأخر الوفاة وبالتربة أيضا قبر الشيخ على المنبجى والشيخ عمر والشيخ على ابن الشيخ عمر وبالتربة أيضا الشيخ مسعود والشيخ أيوب

٣١٧

الخوّاص والشيخ على الحلبى والشيخ شعبان ومن وراء الحائط الشرقى أولاد الشيخ شعبان وهما محمد وعلى والشيخ شرف الدين ابن الامام وبالحومة الشيخ شهاب الدين أحمد ابن المبارك وبالحومة الشيخ سيف الدين وأولاده وذريته وبالحومة أيضا الشيخ الصالح اسحاق خادم سيدى أبى السعود وبالحومة قبر الشيخ شمس الدين الانصارى ناظر حلب والقاضى نور الدين النقاش وبالحومة جماعة من السعودية وفى جهة القبلة عمود مكتوب عليه الشيخ أبو العباس الخزرجى وفى التربة الكبيرة التى فى الشرق من قبل الزاوية قبر الشيخ سلامة المعروف بأبى طرطور كان محبا لسيدى أبى السعود وقيل كان بينهما اخوة ومحبة ومودّة وقيل ان أبا طرطور كان يعمل فى الطوب الآجر بقليوب فجاءه جماعة فقالوا له قد وردنا على شيخك أبى السعود فأطعمنا طعاما فى شقف ولم نجد له آنية مليحة فاغتاظ الشيخ أبو طرطور وقال لو اختار شيخى الدنيا لقال لهذا الطوب كن ذهبا فيكون ذهبا قال فصار الطوب ذهبا فى الوقت والساعة فقال انما ضربت بك مثلا عد الى ما كنت عليه قال فعاد الى ما كان عليه رضى الله عنه وهذه التربة تعرف الآن بتربة ابن أمير جندار ومن قبلى زاوية أبى السعود جماعة لا تعرف قبورهم منهم الشيخ الفقيه العالم أبو اسحاق ابراهيم بن يحيى بن أبى اسحاق السيوطى الشافعى ناب بالقاهرة ذكره ابن الجباس فى طبقة الفقهاء ودفن فى مجر الحصا قبلىّ زاوية أبى السعود قال المؤلف وعلى هذا القول يكون قريبا من ابن عطاء لان مجر الحصا من ابن عطاء الى مقبرة البكرية فهذا المدفن كله يسمى بمجر الحصا والله أعلم وولد سنة سبعين وخمسمائة وفقه فى مذهب الامام الشافعى على غير واحد وتولى الحكم ببعض الاعمال ودرس وأفتى الى أن مات وكان أحد المشايخ المذكورين وكان كثير الايثار مع كثرة الافتقار والافضال مع الاقلال كريم الاخلاق نظيف الشمائل له نثر فائق وشعر رائق كان ينزع ثوبه ويتصدّق به ويجد الرجل بلا عمامة فيقطع عمامته نصفين فيعطيه النصف ويتعمم بالنصف ويسعى فى الشفاعات ويحب الاخوان ويكثر الصدقة مداوما على الفرائض والسنن لو حلف الحالف أنه ما أذنب ولا فجر صدق وكان كثير التضرع الى الله (ومن كراماته) أنه أتاه رجل وقال له وضعت زوجتى وقد جئت اليك ولا أملك شيأ فقال له الشيخ وأنا مثلك لا أملك شيأ الا نفسى وقد ملكتها لك ثم سار معه الى جانب البحر فبينما هو معه اذ رأى ابن اللمطى فى مركب وكان من أكبر محبى الشيخ فقال لصاحبه سر اليه وقل له قد جئتك بمملوك معى فهل تشتريه منى فقال له ومن لى بذلك ائتنى به

٣١٨

فأتاه بالشيخ وهو ماسكه بيده فلما رآه نهض وقبل يده فقال له الشيخ ما هذا موضعه انما أنا مملوك لهذا الرجل فاشترنى منه فأعطاه دراهم وقماشا وقمحا وعسلا من المركب وأعطى الشيخ مثل ذلك فقال الشيخ تنزل عندى فقال والله لا أنزل عندك فى هذه المرة فخرج من يومه فسار الى مصر فلما وصل الى مصر طلع من المركب الذى له فقال له الرجل يا سيدى خذ الذى لك وخل الذى لى فقال يا ولدى الكل لك والله لا آخذ منه شيأ فتركه وجاء الى بيته مثل ما خرج وله حكايات أكثر من ذلك ومناقبه جليلة ماثورة مسموعة ومن قبلى زاوية سيدى أبى السعود التربة الجديدة المقابلة لحوش الظاهر بها قبر الشيخ أبى عبد الله محمد المعروف بوفا الشاذلى ومعه فى التربة الشيخ زين الدين بن المواز وبالتربة جماعة من خدامهم ويلى حوش الظاهر من الجهة البحرية قبر الرجل الصالح المعروف بالبلاسى وهو فى التربة ذات المحراب الكبير المقابل للحوش المذكور وأخبرنى بعض المشايخ ان بحوش الظاهر جماعة من الصلحاء لا تعرف أسماؤهم ومن قبلى حوش الظاهر خانكاه بكتمر بها جماعة من العلماء فمنهم الشيخ صفى الدين شيخ الخانكاه والشيخ زيادة شيخ الخانكاه وجماعة من الصوفية ومن قبليها التربة المعروفة بالشيخ تاج الدين بن عطاء الله وهذه الشقة من سيدى أبى السعود الى هذه التربة تعرف بشقة ابن عطاء الله وهى آخر شقق الزيارة على ما رتبناه فى صدر الكتاب وحول هذه التربة جماعة من العلماء والاولياء والاشراف والوزراء والقراء نذكرهم فى مواضعهم ان شاء الله تعالى فعند باب هذه التربة حوش الشيخ عبد الله بن أبى جمرة فهذا الحوش فيه جماعة من العلماء منهم الشيخ الامام العالم أبو محمد عبد الله بن أسعد بن أحمد المعروف بابن أبى جمرة وقيل ابن أبى جبرة وهو الاصح كان من كبار الناس والعلماء وانتفع به جماعة مثل الشيخ أبى عبد الله محمد بن الحاج وغيره وكانت اقامته بالقاهرة بالخط المعروف بباب البحر وزاويته معروفة الآن وله ذرية باقية الى الان وكان مالكى المذهب أفتى ودرس وصنف المصنفات مات رضى الله عنه فى سنى السبعمائة ومعه فى التربة قبر المرأة الصالحة أم الخير بنت الشيخ عبد الله بن أبى جمرة وبها قبر الشيخ على القروى والشيخ سعد الدين الميمون وصهره الشيخ عماد الدين القفطى والشيخ نور الدين الكتانى المقرى والشيخ ابراهيم الكتانى والشيخ يحيى بن حياك الله بسلام ومعه الشيخ عمر السنباطى وولده القاضى شرف الدين ابن الصاحب وابنه القاضى شمس الدين وأبوه ومعهم القاضى علاء الدين بن برهان الدين البرلسى المالكى المحتسب بالقاهرة وأبوه الى جانبه وقيل بهذا الحوش حوش آخر

٣١٩

به القاضى صلاح الدين ابن القاضى علاء الدين البرلسى المالكى المحتسب بالقاهرة وفى الحوش السادة الاشراف أولاد ابن ثعلب ومعهم القاضى ضياء الدين أحمد بن قطب الدين القسطلانى وقيل البسطامى وعز الدين الاصفهانى بن أبى بكر سبط الشيخ أبى الحسن الشاذلى قيل ان والدته كانت تقرأ كل يوم ختمة وتهديها للشيخ وبحوش ابن أبى جمرة قبر أبى الحسن على عرف بكشتغدى شيخ القراء ومعهم القاضى الفاضل ولده يحيى الادمى والشيخ ابراهيم ابن الشيخ يحيى ومعهم فى التربة الشيخ العابد الزاهد أبو زيد البسطى وهو الامام الفاضل الجليل القدر صاحب المناقب الفاخرة شيخ القراء ذكره ابن القسطلانى فى مناقب أبى الربيع وعنده المرجانى المغربى وبالخط المذكور تربة الشيخ محمد بن اللبان كان رحمه‌الله صوفيا يتكلم فى المحبة وأقام على هذا مدة وكان حسن المجالسة كثير التودد للاخوان وهو تلميذ الشيخ ياقوت العرشى والشيخ ياقوت تلميذ الشيخ أبى العباس المرسى ومن أبى العباس لابى الحسن الشاذلى ومعه فى التربة قبر الشيخ عبد الرحيم المؤذن بالجامع العتيق والجامع الازهر مات شهيدا ومعه فى التربة قبر الطواشى سابق الدين والطواشى سابق الدين كان من فاعلى الخير وكان يصحب الشيخ ويكثر من زيارته فلما مات أوصى أن يدفن تحت رجليه وعند باب تربتهم التربة الجديدة بها قبر الشيخ حسين الشاذلى متأخر الوفاة ولما مات أوصى أن يدفن عند باب تربة شيخه والى جانبهم من الشرق مقبرة المغاربة وهذه الجهة من جهة ابن عطاء الله فيها قبر الشيخ الامام العالم محمد ابن محمد بن محمد بن محمد المالكى المعروف بابن الحاج صاحب كتاب المدخل وهو تلميذ عبد الله بن أبى جمرة وقبره داثر عليه عمود كدان بغير نقش عليه والى جانبه قبر الشيخ أبى القاسم المغربى وقبليه قبر الشيخ أبى عبد الله المعروف بالهاوى قيل ان سيدى أبا السعود كان يكثر من زيارته رضى الله عنه وهو آخر مزارات هذه الشقة وأما حوش الشيخ تاج الدين بن عطاء الله فبه جماعة من العلماء والصلحاء الاشراف والقراء والفقهاء والمحدثين فمن الفقهاء المحدثين القراء الصوفية الشيخ الامام العالم تاج الدين أبو الفضل أحمد بن عطاء الله السكندرى المالكى الشاذلى تلميذ الشيخ أبى العباس المرسى تلميذ الشيخ أبى الحسن الشاذلى تلميذ الشيخ عبد السلام وهو تلميذ الشيخ عبد الرحمن العطار المدينى رضى الله عنهم من كبار العلماء له الكتب والمصنفات وله الديوان المشهور وله ذرية باقية الى الآن ومسجده معروف بالقاهرة بخط الجامع الازهر ومناقبه مشهورة غير منكورة يضيق الوقت عن وصفها ومعه فى الحوش قبر القاضى محيى الدين المغربى صهر الشيخ تاج الدين

٣٢٠