الكواكب السيّارة في ترتيب الزيارة

شمس الدين أبو عبد الله محمّد بن ناصر الأنصاري [ ابن الزيّات ]

الكواكب السيّارة في ترتيب الزيارة

المؤلف:

شمس الدين أبو عبد الله محمّد بن ناصر الأنصاري [ ابن الزيّات ]


المحقق: أحمد بك تيمور
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار ومكتبة بيبليون
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤١٠

أبى الربيع وأكبرهم وله من المشايخ أيضا أبو عبد الله محمد المعروف بابن كبش وله من المشايخ أيضا الشيخ الجليل المقدار المعروف بأبى الحكم وروى أيضا عن أبى النجا سالم وعن القرطبى وشيخه ابن العريف تلميذ عبد الله بن سكره وروى عنه القرشى والقسطلانى وجماعة من العلماء قال ابن العريف أصبحت يوما مهموما فقلت للشيخ أبى القاسم بن روبيل حدثنى حكاية عسى الله أن يفرّج ما بى قال نعم وصف لى رجل من بعض السواح يعرف بأبى الحبال فقصدته فوجدته على جانب البحر فسلمت عليه ثم جلست فلم يتكلم ولم أكلمه حتى كان وقت الصلاة فأقبل نفر من بعض الأودية متفرّقين فاجتمعوا اليه وتقدّمهم واحد يصلى بهم ثم افترقوا ولم يتكلم أحد منهم وجلس الشيخ مكانه وجلست عنده حتى اذا كان وقت الصلاة أقبلوا وصلوا ثم انصرفوا ثم جاء وقت العصر فاجتمعوا وصلوا ثم جلسوا يتذاكرون كرامات الأولياء الى وقت الاصفرار ثم صلوا المغرب ثم تفرقوا فجلست عندهم ثلاثة أيام وهم على ذلك ثم وقع فى نفسى أن أسأله عن مسألة أستفيدها فتقدّمت اليه وقلت له أيها الشيخ مسألة أسألك عنها فقال قل فنظر الجماعة المذكورون الىّ كالمنكرين ففزعت وقلت أيها الشيخ متى يعلم المريد أنه مريد قال فأعرض عنى ولم يجبنى فخفت أن أكون اعترضته فقمت عنه فلما كان اليوم الثانى قلت لا بدّ أن أسأله فتقدّمت اليه فقلت أيها الشيخ متى يعلم المريد أنه مريد فأعرض عنى كالأوّل فقمت وعدت فى اليوم الثالث وسألته عن مسألتى بعينها فانجمع وقال لا تقل هكذا أظنك تريد أن تسألنى عن أوّل قدم يضعه المريد فى الارادة قلت نعم فقال لى اذا اجتمع فيه أربع خصال أحدها أن تطوى له الارض وتكون له كقدم واحد وأن يمشى على الماء وأن يأكل من الكون ما أراد وأن لا تردّ له دعوة فذلك أوّل قدمه فى الارادة ومتى علم المريد عندنا أنه مريد سقط من حدّ الارادة قال الشيخ أبو العباس بن العريف فصحت صيحة كادت تذهب روحى معها وتعجبت من علوم هذا الشيخ سمعت الشيخ أبا العباس القسطلانى يقول سمعت الشيخ أبا الربيع يقول كنت فى المدّة التى كنت فيها عند الشيخ أبى العباس بن العريف جالسا تحت أحكامه سنين فى المسجد لا أخرج لغيره الا من الجمعة الى الجمعة وكنت ألقط ورق الكرنب وغيره من الخضرة فأتقوّت به وكنت لا أبتغى بذلك بدلا سمعت الشيخ أبا العباس بن القسطلانى يقول كان الشيخ أبو العباس مؤدبا وأبو الحكم عالما سمعت الشيخ أبا العباس بن القسطلانى يقول سمعت الشيخ أبا الربيع يقول كان ابن الكبش رضى الله عنه يجتمع بالخضر عليه‌السلام

٢٦١

فى غالب الاوقات وكان له صاحب من أهل الخير وكان له معروف كثير فقال له يوما يا أخى مالى نصيب منك قال فيماذا قال أن تجمع بينى وبين السيد الخضر وتسأله أن يظهر لى حتى أراه فقال أنا أقول له فلما اجتمع بالسيد الخضر عليه‌السلام قال له فلان قصد زيارتك فقال صاحبك يريد أن يرانى فقال سبحان الله هكذا قال لى فقال له قل لصاحبك إنى يوم الجمعة أقصد زيارته فبادر الرجل الى مطمورة برّ وفرّق منها الى وقت الجمعة شكرا لله تعالى لاجل قدوم الخضر عليه‌السلام ثم أغلق الباب وتوضأ وجلس يذكر الله تعالى وينتظر قدوم الخضر عليه‌السلام واذا برجل يدق الباب فقال للجارية انظرى من بالباب فخرجت فوجدت رجلا عليه أطمار فقال لها قولى لسيدك رجل يريد الاجتماع بك فأخبرته أن عليه أطمارا رثة فقال مسكين يريد أن يطلب من القمح فقولى له يأتى بعد الصلاة فلما كان بعد الصلاة اجتمع بابن الكبش وقال جلست اليوم فى انتظار السيد الخضر فما اجتمعت عليه فقال يا قليل التوفيق هو الرجل الذى خرجت له الجارية وقالت له ارجع ثم قال له تريد أن ترى الخضر وعلى بابك الحجاب فقال كل جارية لى حرة لوجه الله تعالى وصار اذا دق أحد الباب خرج اليه بنفسه وقال الشيخ أبو عبد الله القرشى سمعت الشيخ أبا الربيع يقول وقد سئل عن السماع فقال هو حاد يحد وبكل أحد الى موطنه وقال أحمد بن القسطلانى سمعت أبا الربيع يقول سمعت أبا العباس يقول انما علم أهل هذه الطائفة من ثمرات أعمالهم لا من مطالعة الكتب لان العلم اذا كان ثمرة العمل دخل مع صاحبه القبر وقال أحمد بن القسطلانى سمعت الشيخ أبا الربيع يقول سمعت بامرأة من الصالحات فى بعض القرى قد اشتهر أمرها وكان من عادتنا أن لا نجتمع على امرأة فدعت الحاجة الى زيارتها للاطلاع على كرامتها وكانت تدعى بفضه فقصدناها حتى نزلنا القرية التى هى بها فذكر لنا ان عندها شاة تحلب لبنا وعسلا فاشترينا قدحا جديدا ومضينا اليها وسلمنا عليها ثم قلنا لها نريد أن نرى هذه البركة التى عندك فأخذت الشاة وحلبتها فى القدح فشربنا لبنا وعسلا فلما رأينا ذلك سألناها عن قصة الشاة فقالت نعم كانت لنا شويهة ونحن قوم فقراء ولم يكن لنا شئ فحضر العيد فقال لى زوجى وكان رجلا صالحا تذبحى هذه الشاة فقلت لا تفعل فانه قد رخص لنا فى الترك والله يعلم حاجتنا اليها فاتفق انه استضاف بنا فى ذلك اليوم ضيف ولم يكن عندنا قرى فقلت له هذا ضيف وقد أمرنا با كرامه فخذ تلك الشاة فاذبحها قال فخاف أن تبكى عليها الاولاد فقلت له اخرجها من البيت الى ظاهر الجدار فاذبحها فأخذها وذبحها فلما أراق

٢٦٢

دمها قفزت شاة على الجدار ونزلت الى البيت فخشيت أن تكون قد انفلتت منه فخرجت لانظره واذا هو يسلخها فقلت يا رجل انى رأيت عجبا وذكرت له القصة فقال لعل الله أن يكون قد أبدلنا خيرا منها فكانت تلك تحلب لبنا وهذه تحلب لبنا وعسلا ببركة اكرامنا للضيف ثم قالت يا أولادى ان شويهتنا هذه ترعى فى قلوب المريدين فاذا طابت قلوبهم طاب لبنها فطيبوا قلوبكم وروى أحمد بن القسطلانى قال سمعت الشيخ أبا الربيع يقول قد كنت فقدت من بعض أحوالى شيئا فاشتغل سرى بذلك فرأيت ذات ليلة هدهدا قد نزل وجلس قدامى وتكلم بكلام لم أفهمه ثم طار وجلس على كتفى الايمن فوضع فمه فى فمى وجعل يزقنى فانتفخت ثم سمعت خشخشة فى صدرى فحسست بذلك وعلمت أنه أمر يراد منى ثم ظهر لى شخصان فتقدم أحدهما وشق صدرى واخرج قلبى ووضعه فى طست وسمعت أحدهما يقول للآخر احفظ شجرة العلم ثم وضعه فى الجانب الايمن ثم التحم الشق فلم أر من ذلك الوقت شيئا خارجا عنى وأخذت عن نفسى فسمعت نداء يا سليمان سل فقلت اسأل رضاك اسأل رضاك فسمعت قد رضيت قد رضيت فمن ذلك اليوم فتح علىّ فى فهم القرآن برؤية القلب فأنا اليوم أرى بقلبى وأسمع القرآن يتلى علىّ من الجانب الايمن ولو استوعبنا مناقبه لضاق الوقت علينا رضى الله عنه وبالتربة قبر الفقيه أبى القاسم هبة الله بن على البوصيرى جمع بين العلم والحديث وهو من طبقة جليلة طبقة أبى عبد الله بن حامد وعدّه فيها القرشى وكان يقول صبرك على الفاقة جهاد ومن ترك معصية فتح الله له سبعين بابا من الطاعة وقال ما صحبت عالما قط الا وقال لى اياك ومعاشرة الأحداث وقال القرشى وقبره وراء قبر أبى الربيع قلت وهو لا يعرف الآن وفى طبقته الفقيه المعروف بمجلى وابنه وتربتهم لا تعرف الآن وأما ما حولها من العلماء والاولياء فمن وراء حائطها القبلى حوش الفقهاء بنى رشيق وفى الجهة الشرقية عند باب التربة قبر الفقيه أبى اسحاق ابراهيم المعروف بالدوكالى والد أبى موسى عيسى الدوكالى قال القرشى وقبره ظاهر بتربة أبى الربيع وهو تحت حائط سند بن الافضل أمير الجيوش ذكره ابن عطايا قال وكان من الائمة المشهورين وحكى عنه ولده انه كان يحيى الليل وعاش ولده مائة سنة وخمس عشرة سنة ومات والده ابراهيم قبل الخمسمائة وقبره ظاهر يزار معروف باق الى الآن والى جانب قبره قبر الفقيه الامام محمد بن محمد المالكى البهنسى نزل على الشيخ أبى موسى بخط مسجد عفان فمات ولم يشعر به الشيخ وهو فى المحراب وبالحومة جماعة من البهانسة ومن الاهناسيين

٢٦٣

ذكر الحوش المعروف ببنى رشيق به جماعة من العلماء منهم الفقيه الامام المعروف بابن كهمس مات سنة خمس وثمانين وخمسمائة وهو معهم فى تربتهم وبها قبر الشيخ عتيق بن حسن بن عتيق الربعى مات سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة كان أوحد أهل عصره فى الدين والعلم ويكفى أن هذا البيت أعنى بنى رشيق نشأ منهم سادات وعلماء وأكابر الفقهاء كان ابن رشيق من أكابر العلماء فى زمنه وكتب رجل فتوى وقال من أسأل فى فتواى هذه فنام فرأى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال له أتسأل الناس وفيهم ابن رشيق وكان يقول ما عرفت غير العلم قط وكان يقول زينوا العلم بالدين وزينوا الدين بالعمل وممن زين دينه بالفقه الحسن بن رشيق وقبره بهذه التربة كان من أكابر العلماء وأجلاء الفقهاء مات سنة اثنتين وثمانين وستمائة وبالتربة قبر الفقيه عز الدين أبى البركات عبد المجيد بن رشيق مات سنة اثنتين وثلاثين وستمائة وبهذه التربة قبر الشيخ نجم الدين أبى المعالى محمد بن رشيق مات سنة ثمان وخمسين وستمائة وبها أيضا قبر الفقيه أبى المنصور بن مظفر بن حسن بن رشيق وبها أيضا قبر الفقيه الامام علم الدين ابن رشيق فهؤلاء بتربة بنى رشيق وهى تربة متسعة عليها جلالة ونور وبينها وبين تربة أبى الربيع الحائط القبلى وأما مايلى تربة أبى الربيع من الجهة الغربية التى تلى قراقوش فبها مقبرة بنى سمعون وهم جماعة منهم وجيه الدين أبو العباس أحمد المعروف بابن سمعون هكذا مكتوب على قبره وعلى قبر آخر الشيخ زين الدين بن سمعون وبها عمود مكتوب عليه القاضى الحلوانى بن سمعون وبها قبر الفقيه أبى الحسن على المقرى وبالحومة جماعة من العلماء وقد اشترطنا فى كتابنا أن نذكر الجهة الثانية الوسطى من باب القرافة الى أبى الربيع لاجل شهرته بالحومة وقد ذكرنا من هذه الشقة شقتين وبقيت الشقة اليسرى وهى من أبى الحسن الطويل الى المجد الاخميمى ثم نذكر ما بين أبى الربيع وأبى الحسن الطويل فمن وراء أبى الربيع تربة التميميين المقابلة لتربة ابن عبد المعطى وهى معروفة مشهورة بها قبر مكتوب عليه نفيسة التميمية وبها قبر الشيخ يحيى التميمى من كبار العلماء قال عبد الله بن يحيى كان يتصدق فى السرّ ولا يشعر من يكون الى جانبه فكنت أقول له يا أبت لم لا تتصدق فى الجهر فيقول أخاف من الرياء وقال المفضل رأيت فى النوم أبى فقال يا بنى غرّتك الدنيا وصحبت أهلها لولا دعوات دعوتها لك لهلكت ومات سنة تسع وتسعين وخمسمائة وفى هذه التربة قبر الفقيه المفضل أبى القاسم عبد الله بن يحيى التميمى كان فقيها شافعيا حسن الخط وكان كثير صلة الرحم وقيل له لم تطلب المناصب

٢٦٤

العالية فى الدنيا فأنشد يقول

لولا شماتة أعدائى وذى حسبى

أو اغتنام صديق كان يرجونى

لما طلبت من الدنيا مناصبها

ولا بذلت لهم عرضى ولا دينى

وقال عند موته الهى رغبت الصالحين فى الآخرة ورغبتنا فى الدنيا الهى لا جاه للمطرود الا جاهك ومعه فى التربة قبر ولده رشيد الدين وهم بيت علم وخير وقد ذكرنا تربة ابن عبد المعطى قال القرشى ويجاور تربة التميمية تربة الفقيه أبى القاسم عبد الكريم ابن الشيخ الفاضل سديد الدين أبى محمد عبد الله بن مسلم الانصارى المعروف بابن بنت أبى سعد وقد سلف ذكره وقد ذكر القرشى بالحومة تربة الشيخ أبى المنصور وأشار الى أنها بالقرب من تربة بنى نصر الى جانب ابن عرفة وعدّه فى طبقة الفقهاء كان من كبار الاخيار وصحب الحافظ السلفى وكان ولده صفىّ الدين يحدث عنه بمناقب كثيرة يضيق الوقت عن وصفها وكان وزير الملك الكامل وكان كثير البكاء عند ذكر الله عزوجل وفى طبقته الفقيه أبو عبد الله بن عصرون كان من كبار العلماء لا يعرف له قبر بالحومة ثم تأتى الى تربة أبى الحسن الطويل بها قبر الشيخ أبى الحسن الطويل كان من أجل العلماء كثير الامامة بجامع مصر قيل ان من قرأ عنده قل هو الله أحد مائة مرة وأهدى ثوابها له وفعل ذلك على نية الحج يسره الله له فى سنته ومعه فى التربة قبر الشيخ الامام العالم بدر الدين حسن أخى الشيخ أبى العباس الحرار ذكره صفىّ الدين بن أبى المنصور فى رسالته وفى حومتهم قبر الرجل الصالح المعروف بالدوكالى والى جانب هذه التربة من جهة القبلة مقبرة أولاد الشيخ أبى الحجاج الاقصرى وهم جماعة من أهل الخير والعلم ومن غربيهم قبر الشيخ يعقوب الحجاجى ثم تمشى مبحرا الى قبر الشيخ نجم الدين بن الرفعة كان من أجلاء العلماء وأكابر الفقهاء له الكتب المصنفات جمع بين العلم والعمل ومكتوب على قبره بيت مفرد وهو

يا قاهرا بالمنايا كل جبار

بنور وجهك أعتقنى من النار

وبالتربة جماعة من العلماء ويليها من الجهة البحرية تربة بها قبر الشيخ العالم عماد الدين عبد المجيد بن الخطيب تقىّ الدين عبد الكريم كان من أكابر الفقهاء وأجلاء العلماء مات رضى الله عنه سنة خمس وستين وستمائة ذكره القرشى فى طبقة الفقهاء وقال هو فى التربة التى الى جانب تربة بنى نصر وهذه الثلاث ترب الى جانب بعضها حكى أن بعض الصالحين دخل الى هذه التربة وهو يقرأ ألا ان أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون

٢٦٥

فسمع قائلا يقول الخير فى الناس كثير والشرّ فيهم أكثر وكان كثير الزهد قال مررت على بقال فذقت من بقله عودا فتذكرت ذلك بعد عام فجئت وأعطيته درهما وقلت له حاللنى فقال من أى شئ فقلت من عود بقل أخذته من هاهنا فقال يا بنى ان البقل الذى تراه صدقة وأنا أزرعه للفقراء فخذ درهمك واذهب فقلت لا آخذه فقال وأنا لا آخذه فتصدّقنا به والى جانبهم تربة الفقهاء بنى نصر وهى أشهر من هذه التربة بها الشيخ الامام العالم الأوحد طاهر بن هلال الانصارى جدّ بنى نصر كان بعض مشايخ الزيارة يقول انه بالقرافة الكبرى والاصح أنه بهذه التربة قال القرشى فى تاريخه وقبره بتربتهم ويعرف عند المصريين بالفقيه نصر وبالتربة جماعة من ذريته ويلى هذه التربة من جهة الشرق حوش كبير مستجد البناء به الشيخ الامام عبد الغفار بن نوح ومعه فى الحوش الشريف عبد العزيز المنوفى ثم تأتى الى تربة بنى السكرى تجد قبل وصولك اليها حوشا قصير البناء والمحاريب عالية به الفقهاء أولاد ابن رجاء الله منهم الشيخ الامام العالم العلامة جلال الدين همام الشافعى امام جامع الصالح مات رابع عشر ربيع الاول سنة ثلاث وستمائة أفتى فى زمنه وأمّ بالجامع المذكور وسمع الحديث وله المصنفات وكان من العلماء الأجلاء المشهورين بالدين والعلم والصلاح والى جانبه قبر ولده الفقيه الامام العالم الورع الزاهد العدل المحدّث نور الدين على الشافعى امام الجامع المذكور بعد أبيه كان كثير التودّد للاخوان والمشى لطاعة الله مات سنة تسع وسبعين وستمائة ذكره القرشى فى طبقة الفقهاء قال المؤلف وهذا الحوش قبلى تربة بنى السكرى بينهما قدر ثلاثين خطوة

ذكر التربة المعروفة ببنى السكرى ومن بها من الفقهاء والعلماء ومن حولها من الصالحين والاولياء فبهذه التربة قبر الفقيه الامام عماد الدين أبى القاسم عبد الرحمن ابن الشيخ عفيف الدين أبى محمد عبد الغنى بن على الشافعى المعروف بابن السكرى وقد سلف ذكره ومناقبه مع القضاة ومعه فى التربة الشيخ شرف الدين محمد ولده مات سنة تسع وثلاثين وستمائة كان من الفقهاء الأعيان جميل الوجه حسن الصحبة والمناظرة فى مذهب الامام الشافعى قال بعض الفقهاء ذاكرته فيما يزيد على عشرين علما فرأيته كأنه حسام وقال لى يوما جالس العلماء بالادب وجالس الزهاد بالصبر واصحب المتقين بالورع وقد دعا له القرشى فى يوم عشرين دعوة وآخر ما دعا له انه قال له اللهم اجعل ذريتك علماء بررة واجعل على وجوههم نور العلم وقال أبو الحسن المحدّث حدّثنى محمد بن عبد الرحمن قال تسمع حديث الرجل الذى جاء الى عمر وزوجته فأنشدت المرأة تقول

٢٦٦

الهى خليلى عن فراشى مسجده

نهاره وليله لا يرقده

فلما وصل الى آخر الحديث بكى حتى رأيناه قد بل لحيته ثم قال ليت شعرى بمن يلحق القوم وكان رضى الله عنه من الفقهاء الأخيار وبالتربة الفقيه الامام نجم الدين عبد العظيم ابن محمد مات سنة أربعين وستمائة وكان من الأخيار له صدقات ومعروف وصلة وبهذه التربة الفقيه الامام فخر الدين الخطيب معدود من الخطباء ومن وراء حائطها القبلى قبر الفقيه أبى العباس أحمد المعروف بالاهناسى المتعبد بمنازل العز والعاقد بمصر ولا عاقد بها يومئذ غيره وكان من أكابر الفقهاء صحب ابن السكرى وكان يحبه وانتفع عليه جماعة من الفقهاء الاعيان وكان سريع الدمعة يحفظ الفقه والعربية قال يوما لعماد الدين ابن السكرى انى أودّ لو أراك ولقد أغض ناظرى عنك انا أبصرتك فأنا كما قيل

انى لأحسد ناظرىّ عليكا

حتى أغض اذا نظرت اليكا

وأراك تخطر فى شمائلك التى

هى قتلتى فأغار منك عليكا

والى جانبه قبر الفقيه ابن ريان المشهور بالعلم والفقه كثير العلوم قرأ عليه أعيان الناس وكان يكتب فى فتواه الله المنان كتبه ابن ريان وقال بعض الفقهاء سألته عن ذلك فقال كنت بعد حلمى كثير النسيان فدخلت الى حلقة بعض الفقهاء فجعلونى فى طرف الحلقة لنسيانى وعدم فهمى فحصل لى من ذلك همّ عظيم وقلت اللهم لا تحرمنى العلم فاستجاب منى مات رضى الله عنه وولده ولهما قبران ظاهران يعلوهما البناء وبالحومة قبر الفقيه أبى الطاهر محمد بن طاهر العقيلى قبره تحت حائط تربة بنى السكرى مات سنة ثلاث وعشرين وستمائة كان من الاخيار قيل انه كان يتكلم فى الاصلين قيل له لم لا تفتى فقال أخاف أن أضل فأدخل النار والى جانبه قبر الفقيه أبى عبد الله محمد بن الفضل العقيلى مات سنة تسع وعشرين وستمائة وأقام ثلاثين سنة لا تفوته صلاة الفجر فى جامع مصر وقال المؤلف وهذان القبران تحت حائط بنى السكرى وتحت حائط بنى السكرى قبر الشيخ عثمان الكحال وفى الجهة الشرقية قبر الشيخ الامام أبى اسحاق ابراهيم المعروف بالقرافى الخطيب صاحب الكلام البديع فى الخطب وكان جهورى الصوت وفاق على أهل عصره بما ألفه من الخطب وقيل ان الجان كانت تحضر خطبته قال محمد بن محمد القرشى خرجت من قليوب فى السحر أريد مصر فاذا أنا بقوم يصلون فى الطريق فسمعت قراءة حسنة فقلت أصلى معهم فلما فرغوا من صلاتهم تحدّثوا معى فرأيتهم كالريح فشعرت انهم من أهل الخطوة فقلت لهم هل لكم أن أنطلق بكم الى منزلى فقالوا لا سبيل الى ذلك

٢٦٧

فقلت من انتم فقالوا نحن من الجان المؤمنين نأتى فى كل جمعة فنصلى بجامع مصر لاجل سماع خطبة أبى اسحاق القرافى وقبره شرقى تربة بنى السكرى وحوله جماعة من المؤذنين ومن غربيه قبر الفقيه الامام عبد الحميد المعروف بذى البلاغتين مؤلف الخطب كان يعرف برأس ديوان الانشا قال القرشى وهو فى التربة المقببة الباب وهى لا تعرف الآن وعند باب هذه التربة قبر الفقيه الامام العالم المحدث عبد الجليل الطحاوى مات سنة تسع وأربعين وستمائة وقبره على باب التربة وقريب منه فى المحراب قبر الشيخ الامام العالم أبى العباس أحمد البونى صاحب اللمعة النورانية وبالقرب منهم قبر الفقيه عبد الله بن يوسف بن على بن عبد الرحمن كان من أكابر المحدثين صحب الطوسى مكتوب على قبره هذا قبر من جمع الله له بين العلم والعمل وكفاه الخطأ والخطل فقدم على الله قدوم من وحده بعد أن سلك طريق من عبده واقتفى سبيل من مجده تربى على التقوى والدين من الصغر الى غاية وزهد الى ان صار من الورع فى نهايه مات وهو يشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله وعند باب هذه التربة جماعة من ذرية الشيخ أبى بكر القمنى ثم تمشى مبحرا قاصدا الى أبى بكر الخزرجى فتجد فى الجهة الغربية منه حوش الفقهاء البهانسة وحوش الفقهاء أولاد ابن أبى الرداد وهو فيما بين التزمنتى والورادى وبه عمود مكتوب عليه الشيخ اسماعيل بن يحيى بن محمد بن أبى الرداد ومعه فى التربة قبر الشيخ أمين الدين جبريل أوحد الفقهاء وأجل العلماء والى جانبه قبر الشيخ أبى اسحاق ابراهيم الحلبى ومعه الشيخ الصالح محمد بن محمد بن أحمد البكرى والشيخ جمال الدين البهنسى وعند باب الحوش السيدة ست العبيد بنت الخطيب تاج الدين البهنسى وعند باب الحوش قبر القاضى شرف الدين شعيب وابنته شرفيه ومعهم القاضى الامام العالم شمس الدين أبى النجا بن رشيد الدين البهنسى الشاذلى صاحب كتاب السراج الوهاج فى الجمع ما بين المحرر والمنهاج على مذهب الامام الشافعى ومعه فى الحومة الفقيه اسماعيل معدود فى طبقة أرباب الاسباب والفقيه بهاء الدين بن تقى الدين البهنسى والشيخ الامام نجم الدين بن عثمان المؤذن وبالحومة جماعة من أصحاب الشيخ أبى بكر الخزرجى ثم تأتى الى التربة المعروفة بالشيخ أبى بكر الخزرجى بها جماعة من العلماء والفقهاء فأجل من بها الشيخ الامام العالم أبو بكر محمد المعروف بالخزرجى كان أوحد أهل عصره فى الفقه على مذهب الامام مالك ابن أنس وكان عارفا باللغة وكان يأكل من عمل يده ورعا وزهدا منه وكان مقيما بمدرسة ابن عياش بالساحل وموضع مصلاه معروف وكان كثير القيام فى الليل وقال

٢٦٨

بعض الفقهاء جئت الى الشيخ أبى بكر الخزرجى بخمسة دنانير فلما رآها ارتعد وقال أو ما أخبرتك أن عندى قوت يوم ثم تحمل الىّ متاعك ثم أعرض عنى وأغلق الباب وكان الناس يتحايلون عليه أن يقبل منهم شيئا فلا يقدرون على أن يقبل منهم شيئا وقال الشيخ ابن شاس قال لى يوما انى أمرّ بسويقتكم هذه فيدعو لى رجل ويقول هذا الزاهد هذا العابد وأنا لا أحب ذلك فقلت له كلما قال لك ذلك اطلب منه شيئا فاذا أقصر عن ذلك فاردد عليه الذى أخذته فقال نعم وفعل مع الرجل ذلك وصار الرجل يدفع له ما وجد معه مدة ثم قصر وترك الدعاء له فناوله ما كان أخذه منه ولم ينقص منه درهم واحد وترك كلامه له بعد ذلك وجاءه وزير الفايز ومعه دنانير فرمى بها فى وجهه وغلق الباب دونه ثم أتاه مرّة أخرى فوجده قد انتقل من البيت لأجله وجاءه رجل من العراق وضرب عليه الباب فقال له صافحنى يا سيدى فقال له ولم ذلك فقال أنا رجل من أهل العراق رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال لى صافح أبا بكر الخزرجى يغفر لك فبكى وقال له بالله شرفنا الليلة فى منزلنا وكان يوم وفاته يوما مشهودا ومعه فى التربة قبر الشيخ أحمد بن محمد بن ابراهيم القناوى والشيخ أبى العباس أحمد الشاذلى وبحوشه جماعة وعند باب تربته البحرى قبر الشيخ الامام العالم رشيد الدين أبى الخير سعيد بن يحيى ابن جعفر بن يحيى المعروف بالتزمنتى كان من أكابر العلماء ولى العقود بمصر مات سنة سبع وستين وستمائة والى جانبه قبر الفقيه الامام ظهير الدين بن جعفر التزمنتى كان من العلماء وكان قد آلى على نفسه ألا يفتى فتوى ولا يشهد شهادة فمات على ذلك سنة اثنتين وثمانين وستمائة وعند باب التربة قبر الفقيه الامام العالم شرف الدين أبى عبد الله محمد ابن الفقيه جمال الدين أبى عبد الله محمد بن أبى الفضائل الربعى الصقلى المحدّث بمصر كان جدّه محتسبا بمصر ذكره القرشى فى طبقة الفقهاء وقبره الآن لا يعرف وعند الباب الشرقى رخامة مكتوب عليها الشيخ أحمد العجان المقيم بالجامع العتيق والفقيه نفيس الدين ابن الشيخ رشيد الدين المحدّث عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ومن بحرى هذه التربة بخطوات يسيرة قبر الشيخ الامام العالم أبى العباس أحمد ابن الشيخ الامام العالم أبى العباس أحمد الموشى ذكره الشيخ صفىّ الدين بن أبى المنصور فى رسالته وهذا القبر الآن فى حوش قبلى المجد الاخميمى وبحرى الخزرجى وبينه خطوات يسيرة الى حوش البكرية ويعرف قديما بتربة أولاد عين الدولة ذكر القرشى فى تاريخه أن به قبر الفقيه الامام العالم أبى القاسم المعروف بابن بنت أبى سعيد الانصارى قال وقبره غربى تربة

٢٦٩

ابن عين الدولة وهو لا يعرف وكانت له دعوة مجابة قال رضى الله عنه العالم من لا يتعلق بأسباب الدنيا والورع الذى لا يرغب الا فى الآخرة وكان يقول حدّثنى بعض الاشياخ انه كان راكبا فى البحر الملح فمروا بامرأة سوداء فى بعض الجزائر لا تحسن الصلاة بل تقوم تتكلم بكلام الآدميين وتركع وتسجد فقال لها أهل السفينة ليس الصلاة هكذا فقالت علمونى فعلموها الفاتحة والركوع والسجود وذهبت السفينة فجاءت الجارية تجرى على وجه الماء وهى تقول علمونى فقد نسيت فقالوا لها ارجعى فافعلى ما كنت تصنعينه وقال أبو بكر بن عتبة كنا فى السحر بجامع مصر فاذا رجل قد دخل فسمعت رجلا يقول لرجل يا يحيى أين كنت نصف الليل قال كنت فى الحرم قال فأين كنت أول الليل فقال بالمدينة قال فما الذى جاء بك قال جئت لزيارة ابن القسطلانى قال وأين هو قال ها هو قد دخل من باب الجامع فمرّ بنا وسلمنا عليه وقال بعض الصالحين كنت أرى عند قبر ابن القسطلانى الابدال وبالتربة أيضا قبر الشيخ الامام جمال الدين أحمد المعروف بابن القسطلانى توفى سنة خمس وستين وستمائة وبالتربة أيضا قبر الفقيه الامام تاج الدين أبى الحسن على كان من العلماء الأجلاء وهم بيت طاهر كلهم أولياء علماء ولم يكن الا ان أحدهم صحب الامام العالم العامل العابد الزاهد الورع القدوة أبا عبد الله القرشى ودعا له الدعوات الصالحات المستجابات وقال له القرشى سألت الله فيك أن يجعلك من أهل طاعته ولقد كنت أسمع من العلماء الثناء عليه وكان أحمد يروى عن القرشى أشياء رآها منه قال رأيته وقد ابتلى وكنت أراه فى الصلاة يذهب ما هو فيه من البلاء ولقد كنت معه فى الطريق فيجىء الى البحر ولم يكن به سفينة فيأخذ بيدى ويقول اعرف قدر ما ترى وكان يقول اياك ان تقول كرامة الرجل مشيه على الماء وطيرانه فى الهواء بل كرامة الرجل الصالح ألا يؤبه له وقال القرشى لاصحابه تجهزوا واخرجوا من مصر فانه ينزل الوباء بها فبلغ العراقى الخطيب فقال ذلك أوحى اليك ألا تخرج لا أخرج فبلغ ذلك القرشى فقال انه لا يصعد الى المنبر بعد فما صعد الى المنبر حتى مات وقال سمعت القرشى يقول صحبت ستمائة شيخ فاقتديت منهم بأربعة أبى العباس الخزرجى وأبى الحسن بن ظريف وأبى زيد القرطبى وأبى الربيع المالكى وقال رضى الله عنه سمعت القرشى يقول أنا أعلم من لا ينام حتى يعتق لاجله آلاف من الخلائق من النار ما أظن يعنى الا نفسه وقال لما قيل للقرشى تزوج بامرأة فأبى وقال مالنا فى الزواج نية فلما كان الليل قال رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أخبرنى بامرأة أتزوّج

٢٧٠

بها فأرانى صورتها وجمالها فأفقت من نومى فلما جئت الى أبيها أخبرته أنها رأت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فاخبرها كما أخبرنى فأخبرتها بما حدّثنى به وأخبرت الشيخ فأجاب فلما عقد له عليها دعا الله أن تعود عليه صحة جسمه وكان لا يحب ذلك فعادت اليه صحة جسمه فلما دخل بها سترت وجهها منه فقال لها ما بك فقالت ان الذى زوّجنى به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مبتلى وأنت معافى فقال الشيخ اللهم أعد على البلاء فعاد اليه البلاء لوقته وبالتربة أيضا قبر الشيخ ابراهيم المالكى الدوكالى كان عظيم الشان جليل القدر كان بالمسجد المجاور للمسجد الذى يعرف بالمخلص الموقع ما دخل عليه أحد قط الا وجده يصلى وقال بعضهم رأيته فى النوم بعد موته فقلت له ما فعل الله بك قال غفر ورحم قلت فما كان منك فى مسألة القبر فقال تلك حالة نجانا الله منها وقالت زوجته لما مات أتيت قبره فى السحر فاذا شيخ يقول عند قبره

لكل من طال دهره أمد

لا والد يبقى بها ولا ولد

يا نائما تسرّه أحلامه

رقدت والحمام عنك ما رقد

لا تلدنّ فالحياة عارية

وانها عارية وتستردّ

فقلت لا تقل هذا عند قبر الشيخ فذهب الرجل ثم أتانى بعد ليلتين وقال والله لقد رأيته فى المنام فقال لى اذا جئت الى قبرى فاتل القرآن ودع الشعر قلت وهل تسمع قال نعم لقد سمعت حتى قول المرأة ومعه فى التربة قبر الفقيه الامام العالم عبد المؤمن الدهر وطى البكرى كان عظيم الشان جليل المقدار والى جانبه قبر الفقيه عبد الوارث البكرى ومعهم فى التربة أبو عبد الله البكرى وجماعة من أولاد أبى بكر الصديق رضى الله عنهم ومعهم فى التربة قبر الشيخ عز الدين التلتى والى جانبه قبر الشيخ عز الدين الاسنوى وهما قريبان من الباب الغربى عند المحراب الصغير وبالتربة قبر القاضى الامام العالم جلال الدين الفهرى ومعهم فى التربة الفقيه الامام التقى المعروف بابن الصائغ أحد مشايخ القراءة ومعهم فى التربة قبر الشيخ أبى العباس أحمد المعروف بالبروة وبها أيضا قبر الشيخ سليمان الديروطى البكرى وعبد الملك البكرى وعمر البكرى ورضىّ الدّين البكرى وقطب الدّين القسطلانى وزين الدّين الكنانى وعلى الحوش هيبة وجلالة وقبر القاضى الامام العالم العلامة تقى الدّين يجاورهم فى الجهة البحرية تربة أولاد ابن دقيق العيد بها قبر القاضى الامام العالم العلامة تقى الدّين أبى عبد الله محمد بن الشيخ مجد الدّين أبى الحسن على بن مطيع بن أبى الطاعة القشيرى المعروف بابن دقيق العيد ومعه فى التربة جماعة من ذريته ومعهم فى التربة الشيخ

٢٧١

ولىّ الدين أبو محمد طلحة والقاضى نجم الدين وبها عمود مكتوب عليه الشريف أبو عبد الله محمد المورستينى وهو واسع البناء والى جانبه تربة الفقهاء أولاد المطيع والى جانبهم تربة أولاد ابن الاثير والى جانبهم تربة الشيخ الامام العالم جلال الدين أبى بكر الدلاصى امام الجامع الازهر ومعه الشيخ عز الدين امام الجامع الازهر والى جانبهم تربة الشيخ عز الدين بن عبد السلام وهى التربة العظمى الحسنة البناء بهذه التربة الشيخ الامام العالم العلامة عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام السلمى الشافعى من أكابر العلماء كانت الفتوى تأتى اليه من المغرب ومن المشرق وكان شديدا فى الدين وزكاه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى فتواه قال محمد بن عبد الرحمن الاصولى استفتيته فى مسألة وكأنى لم أرغب فيما قال فنمت تلك الليلة فرأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال ما أفتاك عبد العزيز فكأنى أخرجت له الفتوى فقرأها فقال أفتاك وما أخطأ قالها ثلاثا وسمع جماعة من العلماء وحضر حلقته أبو الحسين أحمد بن حمزة بن المرادى وأبو الطاهر بركات بن ابراهيم الخشوعى وسمع من الحافظ أبى محمد قاسم بن على الدمشقى وأبى الحسن عبد اللطيف بن اسماعيل بن أبى سعيد وأبى حفص عمر بن محمد وأبى على حسين وأبى القاسم عبد الصمد الخراسانى وحدث الحديث الكثير ودرس وأفتى بجامع مصر وصنف المصنفات وتولى الحكم بمصر فكان عارفا بالاصول والفروع والعربية مولده فى سنة سبع وتسعين وخمسمائة وقيل سنة ثمان وتوفى فى العاشر من جمادى الاولى سنة ستين وستمائة ومعه فى التربة ولده محب الدين وعز الدين وبها جماعة من الاولياء ذكره القرشى فى طبقة الفقيه الامام العالم الاوحد العلامة أوحد العلماء وأجل الفقهاء أبى القاسم أحمد بن أبى الفضل هبة الله بن أبى القاسم محمد بن أبى الفضل هبة الله بن أحمد بن يحيى بن زهير بن هارون ابن موسى بن عيسى بن عبد الله بن محمد بن عامر بن عقيل العقيلى الفقيه الحنفى المعروف بابن العديم قال القرشى وقبره بسفح المقطم وأشار بعضهم أنه بالقرب من عز الدين بن عبد السلام قال ورأيت فى نسخة ابن الملقن أنه صوب سارية أعنى بالقرب منه والاصح أنه لا يعرف ومقابل هذه التربة مقبرة الشهداء قتلوا فى فتوح مصر ذكرهم القرشى فى طبقة الشهداء قال الواقدى وهذا المكان يسمى مجر الحصا وقال أيضا بينه وبين الجبل نصف ميل وقال ابن الجباس وهو مقابل عز الدين بن عبد السلام وهم أربعمائة وثلاثون رجلا قتلوا فى شهر رمضان المبارك يوم الجمعة مع عمرو بن العاص قتلوا وهم ساجدون ذكرهم الشيخ سراج الدين البلقينى فهؤلاء أعطاهم الله الجنة

٢٧٢

فى وقت القربة قال الله تعالى (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ) الآية وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فنذكر الاعيان منهم حمزة ابن سالم اليشكرى وربيعة بن طاهر اليشكرى والمسيب بن خويلد اليشكرى ومازن ابن عوف اليشكرى والمهند بن غالب اليشكرى وحامد بن قارح اليشكرى ومرثد ابن سعيد اليشكرى والمسيب بن غالب اليشكرى فهم ثمانية من بنى يشكر ومنهم سابق ابن مرثد العجلى ومروان بن عمرو العجلى وسراقة بن منذر العجلى ويس بن ماجد العجلى وعبد الله بن رواحة المخزومى وطلحة بن ثابت المخزومى وميسرة بن مقدام المخزومى وواجد مولى عياض بن عاصم قال الواقدى كان من أفرس الشجعان حضر المواقع وأقام خمسة أيام يشم المسك من جراحته بعد دفنه ومضر بن عبد منده التيمى ابن عم أبى بكر الصديق وكامل بن سعيد بن دارم ومعن بن مرشد الحضرمى ورفاعة بن شريق العجلى وجعفر بن دانية قال الواقدى ودانية أمه وهو أحد بنى عامر بن صعصعة قتل سبعة قبل ان يقتل وابن ناجى الحميرى وضمضم بن زرارة الثقفى ونافع بن كنانة العلوى وقيل رابح ووجيه بن مكلل العامرى ورافع بن سهل العامرى ومالك بن لقيط العامرى ومكرم بن غالب العامرى وعبد بن ماهر الكلابى ومعمر بن خليفة الدارمى وأوس بن فياض المرادى ومندب بن حارث المرادى ولبابة بن ظاعن العبسى وماجد الخزرجى ونهمان العجلى وطارق بن الاشعث السلمى وقاين بن حريز السلمى وهياج بن عمرو التميمى وعطا بن بدر التميمى وهاشم بن فرج التميمى والاخوص التميمى ويانس ابن مفرج بن عبادة بن فقد وعلقم بن حازم والقداح بن مازن وهلال بن حويد الغطفانى وكان قد قتل فى الروم قتلا عظيما فرأى فى النوم أن رأسه حلق فلما أصبح قال لهم انى رأيت كان رأسى حلق وانى أستشهد اليوم ولا أرى انى أقتل الاذابا فلما كان ذلك اليوم قتل وقطع رأسه وطوق بن مضر الكلبى قال الواقدى وهم ستون رجلا من الاعيان منهم المذكورة أسماؤهم وقبورهم فى مكان واحد وتعرف بمقبرة الشهداء وهى مقبرة ظاهرة مقابلة لتربة الشيخ عز الدين بن عبد السلام والخطة معروفة بمجر الحصا قال ابن عطايا كان يرى على قبورهم نور ولا شك أن الدعاء مجاب فى تلك البقعة ومن بحريه تربة الصاحب فخر الدين معدود فى طبقة الوزراء كان من أهل الخير والصلاح ومعه فى التربة جماعة من التميمية وهذه التربة قريبة من رباط الامير سعود ثم ترجع وأنت مبحر الى تربة المجد الاخميمى

٢٧٣

ذكر تربة المجد الاخميمى ومن بها من العلماء والاولياء فأجل من بها الشيخ الامام العالم مجد الدين أبى المجد على بن أبى الثناء الاخميمى ولد باخميم ومات بمصر سنة ثلاث وخمسين وستمائة ذكره الشيخ ابن أبى المنصور فى رسالته صحب الفقيه أبا الطاهر محمد بن حسين الانصارى واستنابه فى الجامع العتيق فى الامامة وغيرها وعده القرشى فى طبقة الفقهاء وكان رضى الله عنه ورعا زاهدا عابدا كثير الزهد يمشى فى قضاء حوائج الناس لا يدعوه أحد الى قضاء حاجة الا ويمشى معه وحكى أنه دخل على الوزير الفائزى فى يوم مرارا يستقضيه حوائج الناس فقال له آخر ما دخل عليه كم تتردد الينا فقال له ان لى اجرا فى الخطوات التى أمشيها اليك وأنا لا أدع ذلك لاجل منعك حوائج الناس فقال له لا تنقطع وكل حاجة جئت فيها تقضى لك وبالحومة أيضا قبر الفقيه الامام العالم العلامة الورع الزاهد علم الدين المعروف بالقمنى كان يحفظ ما يسمعه من مرة واحدة وحكى ان ابن الدميرى حفظ من الكمال خطبة جديدة وقالها بعد قراءة المصحف وعلم الدين يسمعها من سطح الجامع فلما فرغ ابن الدميرى وصعد السطح قال له علم الدين القمنى هذه الخطبة أنا أحفظها فقال له يا سيدى هذه خطبة جديدة لم يذكرها أحد غيرى فقال اسمعها منى فذكرها لا يزيد فيها حرفا ولا ينقص حرفا فصعب علىّ من الكمال فقال له لا يصعب عليك انما حفظتها وانت تذكرها وكان رضى الله عنه رجلا ضريرا مفتوحا عليه بالحفظ وله ذرية باقية الى الآن ويذكرون انهم من ذرية أبى بكر القمنى الذى بالنقعة قال القرشى وقبره بالقرافة على الطريق الاوسط من تربة السنهورى فكل ما كان يلى هذه الشقة من الجهة البحرية يكون مقاربا لتربة الشيخ أبى الحسن السنهورى لان الخطة قديما تعرف به وتعرف بالمجد الاخميمى وكل ما كان يليها من جهة القبلة يكون مقاربا لابى الربيع وقبره الآن بالتربة الملاصقة لتربة الخازندار وهى على الطريق المسلوك قريبة من المجد الاخميمى وبها جماعة من ذريته وهذا هو الاصح وفى طبقتهم الفقيه وجيه الدين كان اماما فاضلا عالما ونائب الحكم العزيز بالقاهرة وكان مدرسا بالشريفية لا يعرف له قبر وفى هذه الطبقة الشيخ العالم أبو العباس أحمد بن عبيد كان من أجلاء العلماء روى عنه الحليمى الكاتب وخرج عنه الحديث احمد بن عمر قال حدثنى عبد الرحمن بن احمد قال حدثنى على بن عمر قال حدثنى أبو عبد الله محمد بن أحمد بن ابراهيم الكاتب الحليمى قال حدثنى أحمد بن عبيد بن ناصح قال حدثنى محمد بن زيد بن زياد الزيادى قال حدثنى (١) قطامة عن صالح عن ابن عباس رضى الله عنهما قال قدم وفد بكر بن عبد وليد على

__________________

(١) فى نسخة ابن قطامى

٢٧٤

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال هل فيكم أحد من بنى اياد قالوا لا يا رسول الله قال فهل لكم علم من قس بن ساعدة الايادى فقالوا هل لك يا رسول الله به فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كأنى أنظر اليه قائما بسوق عكاظ يخطب الناس على جمل أحمر يقول أيها الناس اجتمعوا واسمعوا وعوا من عاش مات ومن مات فات وكل ما هو آت أما بعد فانّ فى السماء لخبرا وان فى الارض لعبرا نجوم تمور وبحور تفور فلا تغور سقف مرفوع ونهار موضوع أقسم قسما لا كذب فيه ولا اثم لئن كان الامر رضاء ليكوننّ سخطا ان لله دينا هو أرضى من دين نحن عليه ما بال الناس يذهبون ولا يرجعون أرضوا بالمقام فأقاموا أم تركوا فناموا فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وسمعته ينشد شعرا فأيكم يحفظه فقال رجل أنا يا رسول الله فهل تأذن لى أن أنشده فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم انشده فأنشد

فى الذاهبين الأوّلي

ن من القرون لنا بصائر

لما رأيت مواردا

للموت ليس لها مصادر

ورأيت قومى نحوها

تمضى الاكابر والاصاغر

لا يرجع الماضى ولا

يبقى من الباقين غابر

أيقنت انى لا محا

لة حيث صار القوم صائر

وكان رضى الله عنه كثير الحديث كثير الفضل قال القرشى دفن بالقرافة ولا يعرف له قبر وبهذه الشقة جماعة لا تعرف قبورهم وقد نبهنا عن بعضهم فى هذا التاريخ وبعض مناقبهم تذكرة للطالبين وترغيبا للزائرين لان حكايات الصالحين ترقق القلوب سئل أبو القاسم الجنيد عن حكايات الصالحين فقال هى جند من جنود الحق وسئل يحيى بن عمر عن كرامات الصالحين فقال ما ينكرها الا من لم ير خيرا من الله قط وسئل القرشى عن كرامات الصالحين فقال لا ينكرها الاكل محجوب وقال رضى الله عنه من لم يدخل فى الامور بالأدب لم يدرك مطلوبه منها وقال رضى الله عنه من لم ينظر الى المشايخ بعين العظمة حجب عن نورهم وقال رضى الله عنه اذا أعطى العبد معرفة العلم بالاخذ والعطاء والردّ والقبول فقد استغنى وقال رضى الله عنه لكل مقام علم ولكل حال أدب وقال رضى الله عنه لا يصلح الكلام فى هذا الشأن الا لاهل الاستغراق وقال رضى الله عنه أوّل ما يؤمر به المريد بعد التوبة هجر قرناء السوء والبعد عن المواطن التى تدعوه الى المخالفة وقال رضى الله عنه من كان الخير عادته فهو ملطوف به وقال رضى الله عنه

٢٧٥

المريد الصادق يأخذ علمه من كل شئ ويجد مطلوبه عند كل شئ وقال رضى الله عنه علامة الصادق أن يفتقر بايمانه الى كل إيمان وبعقيدته الى كل عقل وبعلمه الى كل عمل وقال الولىّ فى بدايته هو الحريص على أخبار الأولياء وأحوالهم يسمع الحق فلا يكرهه ولا يعترض عليه ولا يشتاق الى الاحوال ويحرص على تخليصها ويتمنى المقامات ووصولها والولىّ فى نهايته هو الذى يفيد ويستفيد ويجدّ فى أحواله وعلومه وأعماله وتركه وهذا طرف من كلام أبى عبد الله القرشى تلميذ الشيخ أبى الربيع المالقى نفعنا الله به وبعلومه فى الدنيا والآخرة آمين آمين تمت هذه الجهة الوسطى بحمد الله وعونه وحسن توفيقه ونسأل الله أن يعيننا على بقيته انه على كل ما يشاء قدير

فصل فى ذكر جامع ابن طولون والخطة معروفة قديما بجبل يشكر قال القضاعى ويقال انه أوّل محراب اختط فى الاسلام وهو المسجد المبنى على الجبل وكان يشكر رجلا صالحا يقال انها قطعة من الجبل المقدس وكان الشيخ أبو الحسن ابن بنت أبى سعيد يصلى على القطعة البارزة منه الخالية من البناء التى فى الحد القبلى مما يلى الطريق فلما سئل عن ذلك قال جميع من كان يصلى بالجامع القديم فى القرافة من التابعين والصالحين كانوا يصلون على هذا الجبل وكان احمد بن طولون لما رغب فى انشاء الجامع المذكور أشار عليه جماعة من الصالحين أن يبنى الجامع على هذا الجبل وذكروا له فضائل كثيرة فقبل ذلك منهم وبنى الجامع على الجبل وأدخل بيت يشكر فيه فلما كمل بناؤه أمر بعمل منطقة من العنبر ليفوح ريحها على المصلين وأمر الناس بالصلاة فيه فامتنعوا ولم يجتمع فيه أحد من الناس واعتقدوا انه بناه من مال لا يعرفون أصله فعز ذلك على أحمد بن طولون وصعد المنبر فى يوم جمعة وخطب خطبة عظيمة وقال فى أثناء خطبته وأقسم أنه ما بناه من مال حرام وانما بناه من كنز وجده فى الجبل المقطم وبين طريق وجوده وان العشارى الذى نصبه على المنارة وجده فى الكنز وان جميع ما بناه فى القرافة من المصانع التى برسم الماء مما وجده فى الكنز المذكور فلما سمع الناس ذلك اجتمعوا فى الجامع وصلوا الجمعة فيه واستمر الحال على ذلك وكان قوم من المصلين قد كتبوا لاحمد ورقة يسألونه أن يوسع قبلته بحكم أنها صغيرة فأمر باحضارهم فلما حضروا أعلمهم انه عند ما شرع فى بناء الجامع اختلف المهندسون فى تحرير قبلته وانه رأى فى منامه النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو يقول له يا أحمد ابن قبلة هذا الجامع على هذا الوضع وخط له فى الارض صورة ما يعمل وانه لما انفجر الفجر مضى الى الموضع الذى أمره رسول الله صلى الله عليه

٢٧٦

وسلم بوضع القبلة فيه فوجد صورة القبلة فى الارض مصوّرة وانه بنى المحراب على ذلك وانه ما يسعه أن يوسع فى المحراب لاجل ذلك فمضوا من عنده فأشاعوا ما ذكر لهم أحمد ابن طولون فعظم شأن الجامع وضاق على المصلين وسألوه أن يزيد فى الجامع زيادة فزاد فيه والقبلة باقية على صورتها الى يومنا هذا والموضع خطى قديم مبارك يعرف باجابة الدعاء وقد سكن فيه جماعة من العلماء والاولياء نذكرهم فى مواضعهم وحول هذا الجامع جماعة من الصالحين ومشاهد أشراف علويين وغيرهم من الجعافرة والمحمديين نذكرهم فى جزء غير هذا ان شاء الله وانما عرضنا بذكر هذا الفصل فى هذا المكان لانا لم نذكره فى أوّل الكتاب فأردنا التنبيه عليه فى اختتام هذه الجهة الوسطى كما نبهنا على ذكر الجامع العتيق فى أوّل الكتاب ونقصد فى ذلك بركة من صلى فيه من الاولياء والعلماء واتباع آثارهم والملاحظة من أسرارهم على ضعفى وتقصيرى بلطف من عند الله وعونه وحسبنا الله ونعم الوكيل

بسم الله الرحمن الرحيم

ذكر الجزء الثالث

ذكر الجهة الثالثة وهى الصغرى وهى تشتمل على عشر شقق كما تقدّم الكلام فى صدر الكتاب وقد أخذنا منها خمس شقق فى الجهة الوسطى لاجل الترتيب وزيارتها كحكم زيارة الاولى والثانية وقد ذكرنا فضائل الجبل فى أوّل الكتاب ونذكر قبوره ومن دفن به من العلماء والاولياء والاشراف وقد مدحهم الشيخ موفق الدين بن عثمان فى أثناء خطبته ثم قال وجعل فى سفحه غراس الجنة فهو بهم مكرم نورهم لا يخفى ومسكه لا يتكتم فهو كبستان أزهاره لتبسم ونسيمه يحيى القلوب حين يتنسم بل كان سفحه سماء وقبوره نجوم بينها بدور لا لتغيم تزيد نورا بقراءة القرآن عندها ويرحم من ترحم أو كأنها أصداف فيها جواهر زواهر غلت أن تقوّم وكل قبر كزجاجة فيها مصباح اذا رآه العاصى بكى على ظلمة قبره بين القبور وتندّم أو كأنها عسكر تحت كل جبل قد خيم فقبور الصالحين خيم كخواص السلطان اليها يشتكى ويتظلم فترى أرباب الحوائج يطوفون فى معسكر القبور على من له جاه ومن بحرمته يتحرم فلو أوسعنا فى مدح الأولياء لضاق الوقت علينا ولكن اختصرنا على ذكر مناقبهم ومعرفة قبورهم وأخذت فيه على الاصح مما نقلته من كتب الزيارة ومن صدور المشايخ خلفا عن سلف وبدأت بالزيارة من تربة أحمد ابن طولون بعد زيارة المشهد النفيسى وقد ذكر قوم ان بالحصن الشريف قبر سارية

٢٧٧
٢٧٨
٢٧٩

ما رأيتك فما السبب فى انقطاعك فقال لى كان لى بهذه البلدة رئاسة وكان له علينا فضل فكنت ألازم القراءة عند قبره فرأيته فى النوم وهو يقول أحب أن لا تقرأ عند قبرى فقلت ولم ذلك فقال ما تمرّ بى آية الا قرعت بها ويقال لى أما سمعت هذه توفى سنة سبعين ومائتين معدود من طبقة الامراء وهذه التربة هى أول زيارة هذه الجهة كما بدأنا بصاحب الخاتم فى أول الجهة اليمنى وكذلك تربة الشيخ درويش بدأنا بها فى أول الجهة الوسطى واذا أخذت من هذه التربة قواما زرت جهة واحدة الى أبى السعود وهى الشقة الرابعة لكنى أذكر خط محمود قبل هذه الشقة [الشقة الاولى من الجبل] فأول زيارتك من شقة الجبل التربة القوصونية بها جماعة من الصوفية من أهل العلم والصلاح ثم تزور بعد هذه التربة الشيخ ولى الدين الملوى بها جماعة من العلماء منهم الشيخ الامام العالم العلامة ولى الدين الملوى معدود من أكابر الفقهاء والمحدّثين له الكتب والمصنفات درّس وأفتى وهو متأخر الوفاة ومعه فى التربة الشيخ الصالح أبو عبد الله المعروف بالكلائى الفرضى وبالتربة أيضا الشيخ الامام أبو الحسن الصقلى ومنهم الشيخ الامام ابراهيم العجمى وقبلى هذه التربة على سكة الطريق قبر الشيخ نجم الدين أبى عبد الله محمد المؤذن الطولونى ومن قبليه تربة بها قبر الشيخ عبد الوهاب السكندرى كان من كبار الصلحاء له كرامات خارقة كان له كلام كثير على الخاطر وله ذرية عند سماسرة الخير نذكرهم ان شاء الله تعالى وفى قبلى تربته تربة بها قبر الشيخ ابراهيم الحكرى وهم يزارون مع شقة أبى السعود ومع شقة الجبل ثم تزور بعد هؤلاء تربة الشريف أبى الحيات وهو الشيخ السيد الشريف أبو بكر المعروف بابن أبى الحيات ويقول العوام أبو الحيات والاصح ابن أبى الحيات وأصله من الكرك ثم دخل الى مصر وأقام بالقرافة وصار له علم منشور وله مريدون وخدام وكان يأخذ العهد ويجلس على السجادة سالكا طريق الرفاعية ومناقبه مشهورة غير منكورة ومعه فى التربة السيد الشريف الحسن الانور وبالتربة جماعة من الاشراف ثم تخرج من هذه التربة وأنت مغرب قاصدا الى الجبل تجد حوشا لطيفا على جانب الطريق به قبر المظفر قطز الذى كسر التتار على عين جالوت وله قصة طويلة ذكرها صاحب كتاب تاريخ الخلفاء ونذكر ترجمته فى فصل ذكر الملوك فى آخر الكتاب ومن بحريه قبر الشيخ بهادر ومن شرقيه قبر الشيخ أبى عبد الله محمد الزبيدى وقبره فى التربة العظمى الحسنة البناء ذات المنار وفى علو الجبل مغارة الأشراف بها قبر الشيخ عبد الرحمن الرومى والشيخ أبو قبع ومن قبلى المظفر قبر الشيخ أبى بكر المحلى المحدث عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم والواعظ بالجامع الازهر كان له مجلس

٢٨٠