الكواكب السيّارة في ترتيب الزيارة

شمس الدين أبو عبد الله محمّد بن ناصر الأنصاري [ ابن الزيّات ]

الكواكب السيّارة في ترتيب الزيارة

المؤلف:

شمس الدين أبو عبد الله محمّد بن ناصر الأنصاري [ ابن الزيّات ]


المحقق: أحمد بك تيمور
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار ومكتبة بيبليون
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤١٠

قال ابن عثمان هو ابن حذيفة اليمانى وقيل انه ابن حذافة السهمى والاصح أن ابن حذافة السهمى لا يعرف له قبر فى مصر وهذا القبر الذى أشار اليه ابن عثمان وقال انه ابن حذافة السهمى ذكره القرشى فى طبقة التابعين وسماه حذيفة البارقى وعده من أكابر التابعين وقال هو القبر المشار اليه بحذيفة اليمانى وهذا هو الاصح والله اعلم وفى قبلى ذى النون المشهد المعروف بعبد الله بن عبد الرحمن بن عوف الزهرى ذكره القرشى فى طبقة التابعين وذكره الضراب فى تاريخه وحكى القضاعى فى تاريخه أن بمصر مقبرة تعرف بمقبرة بنى زهرة وان الشافعى دفن بوسطها وذكر الضراب فى علماء مصر عبد الله هذا وليس فيه خلاف قال ابن عثمان ومعه فى التربة قبر الشريف واسمه الفريد قيل من وقف بين قبر الشريف وقبر عبد الله ابن عبد الرحمن ودعا استجيب له وحكى عبد السلام بن سعيد قال مرضت مرضة شديدة فأشرفت منها على الهلاك فلما كان فى بعض الليالى رأيت فى النوم قائلا يقول لى امض الى عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف وقف بينه وبين الشريف المدفون معه فى التربة والصق ظهرك الى الحائط وابتهل الى الله تعالى بالدعاء يعافيك الله قال فلما أصبحت ذكرت ذلك لاهلى وقلت لا بد لى أن أمضى الى ذلك الموضع فجئت الى المشهد ودعوت الله تعالى ففرج عنى وعافانى وما وقعت بعد ذلك فى شدة أو تعسرت علىّ حاجة الا أتيت المشهد ودعوت الله تعالى فيستجاب لى وعند باب التربة قبر الشيخ مقبل الحبشى وهو قبر داثر عنده محاريب طوب وغربى هذا المشهد قبر الشيخ أبى على الخياط والفقيه ابن شقطن السعدى وغربى شقران قبر المرأة الصالحة حسنة ابنة النجاشى والى جانبها حوش به جماعة من الاشراف ثم تمشى فى الطريق المسلوك قاصدا الى تربة العيناء تجد على يمينك تربة بها جماعة من المغاربة المراكشيين ثم تأتى الى تربة العيناء وقيل ان معها فى التربة الشاب التائب ذكرها ابن عثمان ولها الحكاية المشهورة والى جانبها من القبلة قبر معلمى المكتب ذكرهما ابن عثمان قيل ان صغيرا كان عندهما فى المكتب قلع عين صغير آخر فطلبوا قوده فقال أحد المعلمين ان الصغير لم تصب عينه بشئ ثم أخذ العين وردها مكانها ودعا الله تعالى فعادت كما كانت باذن الله تعالى وببركته رضى الله عنه ثم تمشى فى الطريق المسلوك قاصدا الى مشهد السيد عقبة تجد قبل وصولك اليه حوشا به قبر الشيخ بدر الدين الزولى ومعه جماعة من الصالحين ومقابله على اليمين حوش به قبور السبع قوابل ومن خلفهم حوش به قبر الشيخ شعبان الخباز

ذكر المشهد المعروف بعقبة هو السيد عقبة بن عامر الجهنى ذكره الكندى والقضاعى

٢٤١

وصاحب المزارات المصرية قال الاسعد النسابة فى تاريخه هو القبر المسنم الكبير عند تربة بنى العوام وعند رأسه بلاطة كدان فيها اسمه وضعها ابن عراك وهو أبو حفص عمر بن محمد بن عراك بن محمد المقرى شيخ مصر تلميذ الامام ابن رشيق العسكرى شيخ مصر والقبر مشهور يتداوله الخلف عن السلف والدعاء عنده مجاب وليس فيه اختلاف ولم يكن بالجبانة قبر أثبت منه وعند باب هذا المشهد المذكور قبر ادريس بن يحيى الخولانى يكنى أبا عمرو توفى سنة احدى عشرة ومائتين قال القضاعى ونسب الى خولان بالسكن فيهم وكان أفضل أهل زمانه لقى كبار التابعين فهو من تابع التابعين وأثبت هذا القول ابن لهيعة وابن سعد وغيرهما وهذا قول صاحب المزارات المصرية وعدّه ابن الجباس فى طبقة التابعين وقال الامام أبو بكر الكندى لم تصح وفاته بمصر وقال بعضهم انه أبو مسلم الخولانى وليس بصحيح وأبو مسلم هذا قدم المدينة بعد وفاة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وكان الاسود العنسى قد ألقاه فى النار فلم تضره شيأ فأخرجه منها وقال تشهد انى رسول الله قال لا فألقاه ثانيا فلم تضره النار فقال له اخرج من أرضى لئلا تفسد علىّ أرضى وأمرى فأخرجوه فجاء المدينة فوجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قد مات فلقى عمر فأتى به الى أبى بكر رضى الله عنه قال ابن الجباس وأبو ادريس ممن دخل الى مصر فى عصر التابعين وأشار بعضهم الى هذا القبر انه قبر عبد الله بن الحسين بن الحارث الزبيدى وقد ذكرناه مع الصحابة وفى هذا القبر اختلاف كثير فيزار بحسن النية والى جانب عقبة المشهد المعروف بابن الحنفية محمد بن على بن أبى طالب كرم الله وجهه وليس هذا بصحيح وقد ذكر الحافظ السلفى وفاة أولاد على وقال لم يمت له ولد بمصر من صلبه ويحتمل أن يكون هذا من ذرية محمد بن الحنفية وقد ذكر القرشى فى تاريخه جماعة من الاشراف المحمديين بالجبانة أعنى من نسل محمد بن الحنفية وأنكر هذا القبر جماعة من علماء التاريخ ومن الاشراف المحمديين السيدة زينب المدفونة بباب النصر وسيأتى ذكرها فى جزء غير هذا وعند باب عقبة قبر الشيخ أبى بكر المبيض وشرقيه قبر الشيخ ركن الدين الواعظ وفى قبلى عقبة قبر الشيخ أبى القاسم عبد الرحمن الشافعى مذهبا القرشى نسبا الاشعرى معتقدا والى جانبه قبر ولده ومعه فى الحومة جماعة من العلماء منهم الفقهاء أولاد ابن صولة المالكيين وفى غربيهم قبر الشيخ شهاب الدين بن أبى حجلة وفى شرقية جماعة دفن بحوشهم الحمويون وعند باب تربتهم الفقهاء أولاد ابن الشماع وفى شرقى عقبة حوش كتب عليه العوام أبو الخطاب بن دحية الكلبى وليس بصحيح ومن قبلى عقبة

٢٤٢

على سكة الطريق قبر به السيدة فاطمة المقعدة ومقابلها قبر ابن هشام صاحب الرواية هكذا قال ابن عثمان فى تاريخه وهذا القبر بازاء مطبخ عقبة والى جانبه من القبلة حوش به حجر مكتوب عليه جمال عائشة أم المؤمنين ذكره الموفق فى تاريخه ثم تمشى وأنت مستقبل القبلة الى صاحب الحلية تجد قبل وصولك اليه قبر ابان بن يزيد الرقاشى قيل انه من تابعى التابعين ولم يذكره القرشى فى طبقة التابعين ولا تابعيهم وفى قبليه قبر صاحب الحلية ذكره ابن عثمان فى تاريخه وعند رأسه عمود فوق رأسه وجه ابيض حكى عنه ابن عثمان انه كان له صديق فلما توفى قال صديقه ليت شعرى كيف وجه صديقى فى قبره فجاءه ثانى يوم فوجد على العمود وجها أبيض والى جانبه من الغرب الجوسق المعروف بجوسق عبد الأعلى السكرى وحوله جماعة من العلماء منهم الفقيه الامام العالم العلامة أبو البقاء صالح بن على القرشى مات سنة أربعين وخمسمائة ولا يعرف له الآن قبر وبالحومة المباركة قبر الشيخ الامام العالم موفق الدين الحموى وبالحومة المباركة قبر الشيخ أبى الطاهر اسماعيل بن عبد الله المعروف بالقيسى مات سنة خمسين وخمسمائة صحب الفقيه ابن النعمان كان من أكابر العلماء قال القرشى وقبره فى التربة المجاورة لتربة عبد الأعلى السكرى ومعه فى التربة ولده الفقيه أبو الحسن على وفى هذه التربة قبر الفقيه النجيب حسين بن عوف مات سنة احدى وأربعين وخمسمائة كان مالكى المذهب وكان كثير الصدقة قال المؤلف وعند باب هذه التربة قبور على مصطبة قيل انهم الازمة بوّابو الامام الشافعى رضى الله عنه ويليهم من القبلة على الطريق المسلوك حوش فيه قبر الشيخ الامام العالم محمد بن أحمد ابن الفقيه أبى محمد الشافعى المعروف بالمقترح كان من أكابر العلماء وكان يدعى بالشيخ أبى محمد الشافعى وكان يقول لزوجته أكرمينى فان الله يكرم أهل السبعين ويستحيى من أبناء الثمانين ولم يعذبهم وقال بعض علماء المصريين لما مات رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى المنام وقد استبشر وقال مرحبا بمن سلك مسلك الانبياء واتبع آثار الاصفياء ومعه فى التربة ولده تقى الدين أبو العز مظفر ابن الشيخ أبى محمد الشافعى له الكتاب المعروف بكتاب المقترح كان من أجلاء العلماء وكان يسهر طول الليل فى قراءة العلم فقالت له أمه يا بنى لو نمت بعض الليل وسهرت بعضه خف عليك فقال لها ان سهر الليل كله ربح فدعينى وكان له جار يتجر فى البز فأهدى اليه طبقا من حلوى فقال لاهل منزله كلوا وأنا المكافئ عنه فأكلوه فلما كان الليل ابتهل ودعا له فلما كان بالغد أتاه جاره وهو يبكى فقال له ما الذى يبكيك فقال يا سيدى رأيت فى النوم من يقول لى ابشر

٢٤٣

فقد غفر الله لك بدعوة جارك الساعة ثم أخرج له نفقة فقال له أما الحلوى فقد قبلناها وأما هذه النفقة فلا أقبلها انى أخاف من الرياء وكان اذا بحث كأنه أسد وتحت رجليه قبر ولده وولد ولده ومعهم فى الحوش جماعة من ذرية الشيخ عبد الرحيم القناوى وعند باب التربة قبر مبنى بالطوب الاحمر قال بعض مشايخ الزيارة هو سالم الخويصى مكتوب على قبره ناصر القرشى وهو الاصح وبحومته قبر الشاب التائب المغربى ومن غربيه تربة بها قبر السيد الشريف أبى العباس أحمد المعروف بغطى يدك وفى شرقيه عمود مكتوب عليه الشيخ محيى الدين القرشى وفى قبليه حوش الفقهاء أولاد ابن عطايا ودفن عندهم الشيخ أحمد المطعم وقيل المطعوم أحد مشايخ الزيارة وهذا الحوش آخر الشقة الثانية واذا أخذت متيامنا الى قبر أبى القاسم الاقطع وجدت قبل وصولك اليه قبر الفتى عبد الأعلى السكرى وهو قبر داثر ويليه من القبلة قبور أولاد سعد وسعيد والى جانبهم من القبلة قبر الشيخ على الغريب وبالحومة قبر ابن أبى البركات العجمى ومحمد بن ادريس العجمى ثم تأتى الى قبر فاطمة السوداء ذكرها ابن عثمان فى تاريخه كانت من الصالحات وكان مسكنها بالقرافة والى جانبها قبر الفقيه المؤذن المعروف بالسايح كان مؤذنا بالجامع الغمرى وساح مع الصالحين مدّة والى جانبه قبر الفقيه الامام الحسن يكنى بأبى زيادة من أعيان القرّاء والمتصدّرين ذكره ابن الجباس فى طبقة الفقهاء وقبر أبيه بالقرب من قبر أبى القاسم الاقطع على جانب الطريق المسلوك والى جانبهم قبر الفقيه الامام أبى القاسم عبد الرحمن بن عبد الله بن الحسين المالكى أحد طلبة ابن ثعلب حكى عنه انه جلس مع الفقهاء فقال لهم انكم غدا تحضرون الصلاة علىّ فهزؤا به فلما كان من الغد فتحوا عليه الباب فوجدوه قد مات فصلوا عليه ودفن ثامن عشر شعبان سنة تسع وعشرين وستمائة وقبره الى جانب قبر أبى زيادة المتصدر والى جانبهم قبر الفقيه محمد بن اسماعيل الحافظ ويليهم من القبلة قبر الشيخ أبى القاسم الاقطع ذكره ابن الجباس فى طبقة الفقهاء والمحدثين والمتصدرين قال ابن عثمان كان من الائمة المشهورين فى زمانه بالعلم والورع والزهد سمع الحديث وأدرك جماعة من العلماء وأخذ عنهم حكى عنه الشيخ عبد الغنى ابن عبد الله الغاسل قال غسلت الشيخ أبا القاسم الاقطع فوقع القطن عن سوأته فرفع يده اليسرى فوضعها على سوأته فقلت يا أبا القاسم والله ما هتكتك ولكنى سترتك وكنت كلما قرأت ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال يتقلب معى يمينا وشمالا على المغتسل ولم يصل الى الارض من ماء غسله شئ انما كان ياخذه الناس من قبل أن يصل الى الارض

٢٤٤

واقتسموه فى المكاحل ونحوها وكان كل من رمد يكتحل منه فيشفى ولما حمل على النعش جاءت الطيور ترفرف على نعشه فلم تزل كذلك حتى دفن والناس ينظرون ذلك وكان مكتوب على عصاه

قد أضحت الدنيا لنا عبرة

والحمد لله على ذلكا

اجتمع الناس على ذمها

ولم أجد منهم لها تاركا

وتوفى سنة ثمان وعشرين وخمسمائة وعند رأسه قبر الشيخ الصالح عبد الغنى بن عبد الله الغاسل ذكره القرشى فى طبقة الفقهاء وفى طبقة أرباب الاسباب قال ابن عثمان ومعه فى الحومة قبر الشيخ منصور الزيات يعد فى طبقة أرباب الاسباب وهى الطبقة العاشرة ومعهم فى الحومة قبر عبد السلام السكرى ذكره ابن الجباس وقد ذكر القرشى فى الحومة عبد السلام بن معلى الشافعى ولا أعلم هل أشار الى هذا أم لا وفى الحومة قبر الملاح وفى الجهة الشرقية جماعة من الملاحين بحرى تربة الورادى

ذكر التربة المعروفة بأبى الطيب خروف هو الشيخ الزاهد الامام العالم أبو الطيب خروف ذكره ابن الجباس فى طبقة الفقهاء قال ابن عثمان فى مرشد الزوار سمى بأبى الطيب لطيب أعماله وان السبب فى ان ليس معه فى التربة أحد ولا يدفن عنده غيره أنه سأل الله تعالى فى ذلك فاستجاب له وقيل ان قوما سمعوا هذا الخبر عنه فقالوا هذا هذيان فدفنوا عنده ميتا فأصبحوا فوجدوه ملقى على وجه الارض فامتنع الناس من الدفن عنده من ذلك اليوم وكراماته مشهورة والحومة حومة مباركة يستجاب فيها الدعاء قيل انه من وقف فى تلك البقعة وجعل أبا الطيب عن يمينه والقاضى أبا زرارة عن يساره ومقبرة بنى اللهيب أمامه وأبا القاسم الاقطع خلف ظهره ودعا الله تعالى قضى الله حاجته وعند باب تربته جماعة من الاولياء رضى الله عنهم أجمعين

ذكر الجهة الشرقية من تربة أبى الطيب خروف فأجل من بها الشيخ الامام العالم أبو القاسم هبة الله بن أحمد بن عطا النحوى المعروف باليحمودى شيخ التصوف ذكره القرشى فى طبقة الفقهاء وعدّه من المحدثين روى عن بعض مشايخه بسنده الى ابن عمر قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يأتى على الناس زمان لو سمعت باسم رجل خير لك من أن تلقاه ولو لقيته خير لك من أن تجربه ولو جربته لا بغضته وبصقت عليه وبسنده عن الحافظ اسماعيل انه قال الصديق فى هذا الوقت اذا حضرت أكرم ومدح واذا غبت عاب وقدح ظاهره موافق وباطنه منافق وكان اليحمودى من كبار مشايخ وقته وقبره

٢٤٥

الآن كوم تراب على شفير الخندق فيما بين الورادى وأبى زرارة معروف ظاهر يتداوله الخلف عن السلف

ذكر تربة الشيخ الامام الفقيه عبد المحسن بن احمد الورادى المعروف بقيم مسجد شطا بالبروج كان حسن التقوى منذ اشتغل بعبادة الله تعالى وقراءة العلم قال أبو منصور وكان يجتمع بالخضر وكان يصلى معه الخمس وكان اذا رآه أهل مركب وقد خافوا من العدوّ أتوه فيدعو بتغيير الهواء فيرجع بها وان كانوا تجارا دخلوا المينة وكانوا يعرفونه بالدين والورع والزهد والمكاشفة وكان يقول وددت لو حججت وهو يقف كل عام بعرفة قال ابن ميسر فى تاريخه وكان معه رجل من أهل دمياط يقال له أبو اليسر فما شعر الا وهو بمكة وقت الظهر فاشتغل بمشاهدة البيت وطلب الشيخ فلم يجده فوقف يبكى فقال له رجل من بنى شيبة ما بك يا اخى فقال كنت الساعة بدمياط فقال له لعلك جئت مع الشيخ قال نعم فقال له اجلس الى وقت العصر فجلس ولم يشتغل بغيره فاذا هو قد جاءه فتبعه فاذا هو بدمياط فقال له يا سيدى ادع لى فقال ليس لك بذلك عادة فأخبره خبره فقال له اكتم عنى فذهب الرجل وأخبر أهله فتسامع الناس وأتوا منزله فطال بهم المكث ولم يخرج الشيخ فقالت لهم امرأة والله انه ذهب الى مصر فخرجوا فى أثره فلما أتوا الى مصر استخبروا عنه فقالوا هذا رجل مات بالامس بجامع مصر ونزل الفايز ومشى فى جنازته مات سنة خمس وسبعين واربعمائة وبالتربة أيضا قبر الرجل الصالح الشيخ غالى المزين وعلى باب هذه التربة قبور المراديين معروفون بالخير والصلاح والمكان مبارك معروف باجابة الدعاء والى جانبهم من الجهة البحرية تربة بها جماعة من التميميين من أهل الخليل منها قبر مكتوب عليه أحمد بن صالح التميمى الخليلى وقبليهم مقبرة بنى الفرات وهى زريبة ذات محاريب قال المولف رأيت بها قبرا مكتوبا عليه هذا قبر القاضى الامين صفى الدين أبى محمد عبد الوهاب ابن أبى الطاهر اسماعيل بن مظفر بن الفرات وفاته مشهورة فى شهر ربيع الآخر سنة ست وثمانين وخمسمائة وتحت جدارهم من الغرب قبر الشاب التائب المقتول ظلما ومن قبلى الورادى قبر الفقيه الامام ضياء الدين عبد الرحمن بن محمد القرشى المدرس بالناصرية بمصر مات سنة ست عشرة وستمائة حكى عنه قال بت ليلة من الليالى بمسجد فى بعض البلاد فجاء الامام فباحثنى فوجدته رافضيا وعلم اننى من أهل السنة فقال لى اياك أن تبيت بهذا المسجد وأراد أن يخرجنى ليفترسنى سبع كان يلتقط الناس من باب المسجد فلما خرجت جاءنى السبع ففررت منه الى خلف جدار المسجد فحسب أنى دخلت المسجد

٢٤٦

فدخل فرأى الامام فافترسه ثم أخذه وخرج ودخلت أنا المسجد واغلقت الباب قال القرشى وقبره قبلى الورادى فى التربة المعروفة بتربة بنى قطيطة كان من الورعين كثير الصمت لا يتكلم الا بالقرآن أو الحديث أو العلم وكان معه صحيفة يحاسب فيها نفسه طول يومه فاذا كان وقت المساء نظر فيها وقال فضلت الحسنات على السيئات ولله الحمد ولما مات الشيخ شرف الدين المعروف بابن قطيطة المدرس دفن الى جانبه فرؤى فى النوم فقيل له ما فعل الله بك قال أقامنى مع عبد الرحمن على موائد الكرم فى دار النعيم وكتب رجل على بابها

قد جئت قبر محمد لأزوره

وله الزيارة من أقل الواجب

من كان يرفد أهله بنواله

أبدا ويفتح بابه للطالب

ومعه فى الحومة قبر أبى الربيع السكندرى ويلى تربة الورادى من جهة الشرق مصطبة ذات محاريب بها الفقهاء بنو موهوب قال القرشى منهم الفقيه موهوب كان من أكابر الفقهاء قال ابن موهوب كان أبى يقول لا تصحب الا من اذا غبت خلفك فاذا حضرت كنفك وان لقى صديقك اشتراه بمودتك وان لقى عدوّك كفه عنك يا بنى ان أحسن الكلام من كلام خالد بن صفوان اصحب من اذا صحبته زانك واذا خدمته صانك واذا أصابتك فاقة أعانك وان رأى حسنة نشرها وان رأى منك سيئة سترها فاصحب من صفت محبته واعمل لدنياك عمل من يعيش واعمل لآخرتك عمل من يموت واصرف قوّتك لطاعة الله وكان يتمثل بهذين البيتين

قطع الدهر بأسباب العلل

وأباد الشهر أيام الاجل

ألف الوحدة حتى اعتادها

واشتهى الراحة واختار الكس

مات سنة احدى وثمانين وأربعمائة ومعه قبر ولده الفقيه ابن موهوب كان من أكابر العلماء الاخيار يعدّ من العلماء والقراء كثير الذكر اذا سمع الفقهاء يتكلمون فى غير العلم تركهم وكان يقول لاصحابه اخلصوا واشتغلوا بحديث الآخرة عن حديثكم فى الدنيا وجلس يوما مع الفقهاء فقال فقيه اشتهى حلوى وقال آخر اشتهى رطبا فقال ابن موهوب اشتهى رضا الله عنى فبينما هم كذلك اذ دخل رجل ومعه حلوى فأطعم ذلك الرجل الفقيه وجاء آخر ومعه رطب فأطعم الآخر فقال ابن موهوب اللهم كما قضيت شهوتهما فاقض شهوتى فلما كان الليل نام فرأى فى المنام رب العزة جل جلاله وهو يقول له قضيت شهوتك ورضيت عنك وقال مالك بن عمر رأيت ابن موهوب يتبسم وهو على المغتسل فعجبت

٢٤٧

منه فلما كان الليل رأيته فى المنام وهو يقول لى أتعجب من تبسمى لقد برزت الىّ الحور العين والولدان فأعرضت فاذا قائل يقول دعنه فانه ما طلب الا الله تعالى وقد ذكر الاسعد النسابة فى مزارات الاشراف ابن موهوب وعدّه من مشايخه وسماه بأبى الطاهر عبد المنعم [قبر القاضى الامام العالم أبى عبد الله محمد بن الليث المعروف بابن أبى زرارة العنتابى] وبهذه التربة جماعة من الصالحين والى جانبهم من الجهة البحرية قبر القاضى الامام العالم أبى عبد الله محمد بن الليث المعروف بابن أبى زرارة العنتابى أحد الوكلاء فى الدولة الطولونية كان من كبراء المصريين ذكره القضاعى فى كتاب الخطط وذكره القرشى فى طبقة الشهداء وابن عثمان فى تاريخه وعلى قبره رخامة مكتوب فيها أبو عبد الله محمد بن ياسين بن عبد الأحد بن أبى زرارة الليث بن عاصم الخولانى العنتابى وهذا هو الاصح [قبر المولى أبى الكرم تاج] والى جانبه من الجهة البحرية قبر المولى أبى الكرم تاج ذكره شيخنا فى تعاليقه ويليه من الجهة القبلية قبر القاضى نصر الله بن وهيب بن حمزة بن زمانين عرف بقاضى البحر وهم جماعة يعرفون ببنى زمانين توفى سنة احدى وثلاثين وستمائة وعند باب تربة أبى الطيب خروف قبر الشيخ أبى اسحاق ابراهيم الثعالبى غير صاحب التفسير كان اماما فقيها عالما محدثا ذكره القرشى فى طبقة الفقهاء والى جانبه قبر الفقيه أبى الطاهر الشافعى وأما الجهة الغربية من تربة أبى الطيب خروف فبها قبر الفقيه الامام العالم العلامة أبى الحسن على العودى عظيم الشأن جليل القدر كان يتجر فى العود وكان اذا قدم الى مصر يفرح الفقراء بقدومه لانه كان يجمعهم ويفرق عليهم زكاة ماله قال النهرجورى ملك العودى مائة ألف وخمسمائة ألف دينار فلما اشتغل بالعلم أنفق ذلك على الفقهاء والفقراء ولما مات لم يجدوا له غير ثوب واحد وازار وحكى الذى غسله أنه سمع من مقالته غض بصرك عن جسدى حتى تصب عليه الجان فغض بصره ويقال انه صحب أبا موسى الجيزى صاحب ذى النون المصرى ومرّ على رجل وقد تعلق برجل له عليه دين وهو يقول له إما أن تعطينى خمسمائة درهم وإما السجن فقال له العودى هى عندى الى غد فظن انه غنى كما كان فأطلق الرجل فلما كان من الغد أتاه فقال أنظرنى الى الظهر فأنظره فأتاه وقت الظهر فقال له أنظرنى الى العصر فصاح الرجل على ماله وقال عالم وكذاب فقال يا أخى لم يبق لى غير هذه الدار خذها بخمسمائة درهم فقال ولا بفلس واحد قال فامض معى حتى أنادى على نفسى قال وأنت لا تساوى فلسا واحدا فبينما هو معه واذا برجل يسأل عن بيت العودى فقال له العودى ما شأنك فقال له أنا الرجل الذى أقرضته بصنعاء ألف دينار وهذه الالف وهذه عشرة آلاف كسبتها فى خمس

٢٤٨

عشرة سنة فقال يا أخى ذهبت تلك النفسانية ادفع لهذا خمسمائة درهم وادفع لى درهما واحدا وتصدّق بالباقى سرا ولا تخبر أحدا بما قلت وكان يقول

أذاب الهوى جسمى وقلبى وقوّتى

ولم يبق الا الروح والجسد النضو

رأيت الهوى جمر الغضا غير انه

على طالبيه عند حاجته حلو

والى جانب العودى قبر شهاب الدين احمد عرف بابن بشارة المتصدر والى جانبه قبر الشيخ عبد الخالق عرف بالنحاس كان من أكابر العلماء قال ولده كان أبى يصنع الطعام ثم يقول لأمى انظرى ماذا يخصنى منه فتخرج له جزأه فيتصدق به ثم يتعشى بالملح فكانت أمى تعرف عادته وتجعل من نصيبها على نصيبه فيتصدق بالجميع قال القرشى والى جانبه قبر الفقيه محمد بن عبد الوهاب بن يوسف بن على بن الحسين الدمشقى الاصولى اللغوى الحنفى المعروف بابن المحسنى وولده الشيخ أبى عبد الله محمد وبالحومة قبر السيد الشريف الخطيب بالقرافة الكبرى وبالحومة قبر الشيخ الامام العالم أبى الحجاج يوسف ابن محمد الدرعى المدرس بالمدرسة المالكية كان اماما فقيها عالما حسن الفتيا وكان بمكانة عند العزيز عثمان بن صلاح الدين يوسف وكان يرسل اليه فى الشفاعة فيقبله وكان الناس يهرعون الى الصلاة خلفه وكان لا يحب الانتظار وكان يقول الائمة كلهم قادة قال ابن ثعلب بلغنا عنه أنه اعتكف فى شهر رمضان وكانوا يأتون اليه بكوز ورغيف فلما خرج من الاعتكاف وجدوا ثلاثين رغيفا ولم يأكل منها شيئا مات رضى الله عنه سنة أربع عشرة وستمائة وعاش خمسا وثمانين سنة قال القرشى وقبره الى الآن وراء حائط تربة أبى الطيب خروف وعليه عمود حسن قال المؤلف وهذا القبر داثر لا يعرف الآن ومن غربيه قبر الفقيه الامام العالم عبد السلام بن معلى الشافعى وقد سلف ذكره وبالحومة المذكورة قبر الشريف الخطيب بالقرافة الكبرى ولم يكن بهذه الحومة قبر يعرف غير قبر العودى والشريف الخطيب ومن الناس من يقول ان قبر العودى عند باب تربة أبى الطيب خروف ويشيرون الى القبر الكبير المبيض المقابل لابى زرارة وهذا غلط ومنهم من يقول انهم اثنان لان القرشى ذكر فى تاريخه اثنين أبى الحسن العودى والعودى الكبير قال ومنهم العودى الكبير وقبره تحت حائط أبى الطيب خروف وهذه اشارة عن أبى الحسن العودى ولم يبلغنا ان بالحومة عوديا غيره وهذا هو الاصح والله أعلم

وفى قبلى العودى قبر الشيخ علم الدين داود الضرير شيخ القراءة بجامع مصر وكان يقرأ برواية أبى عمرو توفى سنة خمس وثمانين وخمسمائة وهو على باب تربة قديمة من الدفن

٢٤٩

الاول بها جماعة قرشيون منهم نصر بن على المقرى والى جانب هذه التربة من الشرق تربة قديمة أيضا بها جماعة قرشيون والى جانبها من الغرب تربة قديمة بها جماعة قرشيون منهم أبو الحسن يحيى بن أحمد بن محمد بن زيد توفى سنة ستين وخمسمائة ومقابل هذه التربة الفقهاء أولاد السطحى القاضى الخطيب أبى الحسن على ابن جمال الدين عبد الرحمن توفى سنة ثلاث عشرة وستمائة والى جانبه قبر ولده أبى عبد الله محمد ومعهم فى المكان قبر الشيخ الوجيه أبى الطاهر اسماعيل ابن أبى القاسم عبد الرحمن بن أبى الطيب توفى سنة أربعين وستمائة وعلى شفير الخندق تربة قديمة بها قبر الشهيد أبى التقى صالح بن مهدى توفى سنة ست وسبعين وخمسمائة وفى قبلى أبى الطيب خروف تحت الحائط قبر الشيخ أبى حفص عمر المعروف بالسقطى توفى سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة ثم تمشى مستقبل القبلة قاصدا الى قبر الشيخ عمران الطويل تجد على يسارك حوش الفقهاء أولاد ابن صورة وهم جماعة منهم القاضى أبو عبد الله محمد بن محمد الانصارى ومعهم فى التربة قبر الشيخ نفيس الدين أبى اسحاق ابراهيم القرشى والى جانب هذه التربة تربة بها قبر أبى البركات ومقابلها على جانب الطريق المسلوك تحت رجلى عمران الطويل قبر الشيخ أبى العباس أحمد المعروف بابن الحداد كان من أكابر العلماء واجلاء الفقهاء انقطع فى مسجده المعروف بالساحل وكان سبب انقطاعه انه كان لا يدع أحدا يستقى له ماء ولا يقضى له حاجة بل هو يستقى لنفسه فخرج يوما يستقى فوجد امرأة تغتسل فقال لها استترى يرحمك الله فقالت الخطاب لك قبلى قال الله تعالى (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ) الاية ولو غضضت بصرك ما رأيتنى انما اغتسلت هنا للفقر والفاقة ولى أولاد أيتام فبكى وعاد الى المسجد فما خرج منه حتى مات والى جانبه قبر الشيخ أبى العباس بن السقطى والى جانبهما من الجهة القبلية قبر الفقيه الامام أبى عبد الله محمد بن الحسين بن ابراهيم الفقيه الجزولى المالكى عليه عمود قصير فوق ذراع والعمود باق الى الآن ويليهم قبر الشيخ عمران بن داود بن على الغافقى من بنى غافق ذكره القرشى فى طبقة الفقهاء وحكى عنه فيما نقله الشيخ ادريس الحفار قال حفرت للفقيه عمران وكان رجلا طويلا وحضر جماعة من العلماء جنازته فشققت له اللحد ثم تلقيته فلما حصل معى فى القبر وجدت اللحد ضيقا فأردت أن أقول ارفعوه حتى أوسع له اللحد فرأيت اللحد قد اتسع ولا أدرى هل أنا فى بيت أم فى قبر فوضعته ورأيت من شق كفنه معى ورأيت أيد معى تساعدنى فى الحاده فصعدت من القبر وقد تغير لونى فأشارت الى امرأة فجئت اليها فقالت ما الذى

٢٥٠

رأيت حتى تغير لونك فقلت لها لا تسألينى فقالت بالله عليك الا خبرتنى فقلت رأيت كيت وكيت فقالت خير خير انه كان يقول اللهم وسع على قبرى واجعلنى ممن تتولاه الملائكة وكان فقيها عالما اماما مكث خمس عشرة سنة لا يمر فى سوق ولا رأى امرأة قط الاغض بصره وأنشد عند موته

وقفت على الاحبة حين صفت

قبورهم كأفراس الرهان

فلما ان بكيت وفاض دمعى

رأت عيناى بينهم مكانى

ولما دخلوا عليه فى اليوم الثالث من مرضه سمعوه يقول

قد أناخت بك روحى

فاجعل العفو قراها

هى ترجوك وتخشا

ك فلا تقطع رجاها

ثم قال اذا أنا مت فاجعلوا خاتمى فى أصبعى فلما مات نسوا ذلك فلما غسلوه وأراد الغاسل أن يدرجه فى الكفن رفع أصبعه فقال الغاسل لاهله مالى أرى الشيخ يرفع اصبعه فقالوا لا ندرى فذكر بعضهم ما قال الشيخ فقال انه أوصى أن يجعل خاتمه فى أصبعه فجعلوه فى أصبعه فاستقرؤه فاذا مكتوب عليه عبد مذنب ورب غفور وكان مكتوبا على قبره سطرين فى أصل العمود بالمداد

ولما أتينا قبره لنزوره

عرفناه لما فاح طيب ترابه

سقى الله من ماء الجنان ترابه

ونجى به من زاره من عقابه

ذكر التربة المعروفة ببنى اللهيب ومن بها من غيرهم من الفقهاء والعلماء والمحدثين ومن حولها من العلماء نذكر كل واحد منهم باسمه ومناقبه وتعيين قبره الباقى الآن وتعيين من دثر بها والدلالة على تبيين تربتهم على الاصح وبالله التوفيق وهو حسبنا ونعم الوكيل حكى عن الشيخ على الجباس والد الشيخ شرف الدين صاحب التاريخ أنه جاء فى ليلة جمعة الى هذه المقبرة يزورها وكان يقرأ فى سورة هود الى أن وقف على قوله تعالى (فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ) فسمع قائلا يقول له يا ابن الجباس تأدب ما فينا شقى بل كلنا سعداء وحكى بعض العلماء قال دخلت الى مقبرة بنى اللهيب فاذا رجل يبكى وهو يقول مات الناس فقلت له مالك يا أخى والناس فقال أحدثك عن صاحب هذا القبر قلت وما تحدثنى عنه قال كنت زياتا ولى مال قد ذهب ولم يبق معى شئ فجئت الى أهلى فودعتهم وخرجت فلم أزل أمشى حتى أتيت الجبانة فززت مقابر الصالحين وجئت الى مقبرتهم الشريفة فقرأت عندها شيأ من القرآن وأتيت الى قبر الامام الشافعى فبكيت عنده ثم خرجت

٢٥١

أريد مصر فاذا رجل قد أدركنى على دابة وقال لى ما بك رأيتك تبكى عند قبر الامام الشافعى فقلت له لا تسألنى عن حالى فقال سألتك بالله الا ما أخبرتنى خبرك فقصصت له القصة فقال هل لك أن تكون الليلة ضيفى فقلت نعم فأتى بى الى منزله وأحسن الى احسانا بليغا فعلمت ان هذا ببركة بنى اللهيب والمكان معروف باجابة الدعاء وعليه هيبة وجلالة فأجل من بهذه التربة الفقيه الامام العالم العلامة أبو الحسن على بن ابراهيم بن مسلم الانصارى عرف بابن بنت أبى سعد وقد استخرت الله تعالى فى تقديمه على بنى اللهيب لاجل نسبه وعظم شأنه ذكره الموفق فى تاريخه وعدّه ابن الجباس فى طبقة الفقهاء وكان حسن الفتوى وكان قد انقطع فى بيته وآلى على نفسه أنه لا يفتى ولا يؤم وكان فى أوّل عمره بزازا وكان سبب انقطاعه انه كان الى جانب حانوته بزاز آخر فجلس هو واياه يتحادثان فى البيع والشراء فسألا الله أن يبغضهما فى البيع والشراء فلما كان تلك الليلة رأى أبو الحسن فى النوم كأنه قد صلى الصبح فى منزله وكان قد فرغ من صلاته وأخذ مفاتيح حانوته ومضى فلما أتى باب القيسارية وجد نصرانيا على باب القيسارية ومعه عود وكل من دخل من باب القيسارية جعل عليه نقطة سوداء فاستيقظ وهو مرعوب فبعث خلف أخيه فقص عليه الرؤيا وقال يا أخى هذه تبعات الناس ثم انقطع فى بيته وقرأ العلم ولم يخرج منه حتى مات وكانت وفاته يوم الثلاثاء النصف من رجب سنة أربع وستين وخمسمائة وكان الثعبان يشرب من يده وكان اذا رقى مريضا عوفى ولما مات ووضع على المغتسل سمع من يقول وهو يغسل هنيئا لك يا من قدم على الله بقلب خاشع وبصر دامع وكانت زوجته تقول لقد كنت أسمعه يقول الهى كل ذنب تعاظم فهو فى جنب عفوك يسير وحكى عنه انه كان بالقرب من داره نصرانى فقيل للشيخ عنه انه كثير الصدقة فلما مرض واحتضر أخبر الشيخ بذلك فكتب الشيخ رقعة فيها لا اله الا الله محمد رسول الله ثم أرسلها اليه مع رجل من أصحابه فلما رآها النصرانى قال لاهله ما هذه قالوا هذه بعثها اليك الفقيه أبو الحسن فقال لهم أخرجونى عنكم فقالوا لماذا فقال لانى أشهد أن لا اله الا الله وأشهد أن محمدا رسول الله فقالوا للرجل ما الذى أوريته عنه قال ان هذه الرقعة ما رآها أحد من أهل بيته الا قال أشهد أن لا اله الا الله وأشهد أن محمدا رسول الله ثم قال الرجل الذى أسلم اجعلوها معى فى الكفن فجعلوها معه فلما دفن رآه بعض أهله تلك الليلة فقال له ما فعل الله بك قال قدمت على ربى فقال لى بم جئتنى قلت بما فى هذه الرقعة فقال هذا خط من أقسم علىّ أن

٢٥٢

لا أعذبك امضوا به الى الجنة فقد غفرت له قال المؤلف وله أقارب بالقرافة فى ثلاثة مواضع وقد ذكرت منها موضعين والثالث سيأتى ان شاء الله تعالى وبالمقبرة قبر الشيخ الامام العالم أبى حفص عمر بن اللهيب معدود من أكابر الفقهاء والعلماء قال بعض العلماء سمعته يقول من استولت عليه الشقاوة سلبت من يده طرق الخيرات ومن كثر رياؤه قل حياؤه وبها أيضا قبر ولده رشيد الدين بن أبى حفص عمر بن اللهيب وبها أيضا قبر الشيخ الفقيه الامام تاج الدين أبى العباس أحمد بن يحيى بن أبى العباس أحمد بن عمر بن جعفر بن اللهيب كان من العلماء الاجلاء الاكابر الأخيار وكان كثير البكاء قال بعض الفقهاء رأيته فى النوم بعد وفاته فقلت له ما نفعك ذلك البكاء فقال أطفأ النار وأرضى الجبار وأدخلنى دار القرار وهو القبر الرابع من أبى العباس وبها قبر أبى العباس الاكبر وأبى العباس الاصغر وأبى جعفر الاكبر وأبى جعفر الاصغر وبها أيضا قبر الفقيه عبد العزيز ابن محمد بن عمر بن جعفر بن اللهيب مات سنة أربعين وخمسمائة وكان من أكابر العلماء وله شعر حسن منه

تفقه فان الفقه خير مصاحب

ولا خير فى فقه يكون بلا عمل

ولا تصحب الجهال واحذر طباعهم

وإياك أن تلهو بأوصاف من جهل

وبالتربة أيضا قبر الشيخ الامام العالم العلامة المحقق أبى محمد عبد الباقى بن اللهيب

ذكر من بها من غير بنى اللهيب فبها قبر الشيخ الامام العالم العلامة عبد الحميد المعروف بالقرافى ذكره الموفق فى تاريخه كان رجلا فاضلا زاهدا مشهورا بذلك وكانوا يتحدثون فى مجلسه ويقولون خلع الخليفة على فلان وأعطى فلانا فيقول يذهب الناس بالزيادة والنقص وعبد الحميد عبد الحميد وكان الخليفة قد خرج الى بركة الحبش فى أيام الربيع وضرب خيمة وأحضر جميع المغانى وأهل الطرب وأمر العساكر أن ينزلوا حوله وأقام مدّة يشرب ويلهو وخرج أهل الغناء من مصر والقاهرة من الرجال والنساء وكثر الفساد فركب بعض حجابه وقصد جهة القرافة الصغرى فاذا عبد الحميد فى تربة ومعه خمسة نفر وهو يقول لهم لا تعجلوا اتركوه ولا تدعوا عليه دعوة يأخذه الله بها أخذ القرى وهى ظالمة فعلم الحاجب أنهم يعنون الخليفة فعاد وأخبره وقص عليه القصة فقال له ارجع اليه وادفع له هذه المائة دينار وقل له الخليفة يسلم عليك وهذه مائة دينار انفقها عليك وهو يسألك الدعاء فجاء بها الحاجب اليه فلما رآه عبد الحميد قال له قبل أن يصل اليه خذها وارجع الى سيدك فقال يا سيدى ادع له فقال تاب الله عليه حتى لا يعصيه فقال يا سيدى انه يسألك

٢٥٣

أن تشرفه بحاجة فقال لا حاجة لى به الا أنه يعود الى القصر فجاء الحاجب الى الخليفة ليعلمه بذلك فوجده قد أمر بكسر آنية الخمر ثم قال انى أريد أن أزور الشيخ عبد الحميد فاستأذنه على الزيارة فعاد الرسول اليه فقال والله لا اجتمعت عليه فى بيت ولا دار أبدا قال فرجع وأعلم الخليفة بذلك فقال لا بد من الاجتماع به دعه يقف فى طاق داره وأنا أنظر اليه فعاد الرسول الى الشيخ وسأله فى ذلك فرضى فعاد الى الخليفة فأخبره برضا الشيخ لذلك فركب وجاء الى داره فسلم عليه بأصبعه ثم نزل من الغرفة وهو يبكى فقيل له يا سيدى ما هذا فقال ما تدرون ما أصابنى كنت أجد نورا عظيما فى قلبى ونشاطا فى طاعة الله والله مذ نظرت اليه عدمت ذلك النور والنشاط فلما حضرته الوفاة قلق قلقا عظيما فقال له بعض من حضر من اخوانه ما هذا القلق يا سيدى لقد كنت ورعا زاهدا والقدوم على كريم فقال والله ما جزعى من الموت ولا على ما فاتنى من الدنيا وانما مذ وقع بصرى على ذلك الظالم ذهب عنى ما كنت أجده وأنا متأسف فأوّاه أوّاه ومعهم فى التربة أيضا قبر الفقيه أبى محمد المعروف بالدرعى معدود فى طبقة عبد الحميد وقبره مما يلى طرف المقبرة من جهة الشرق الى جانب أبى البركات وأبو البركات فى المحراب الطرفانى قريب الطريق المسلوك كان مالكى المذهب فقيها محدثا قليل الكلام مع الناس وكان يأتى من حلقة الدرس فيأخذ خبزه فى الطبق ويؤديه الى الفرن وربما تصدّق به ويعود والطبق فارغ وكانوا اذا ذكروا عنده القرّاء والتعصبات يقول يا قوم أما هذا القرآن كله كلام الله والذى جاء به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فما هذه التعصبات وحكى عن رجل من أهل الخير قال بعت جمالا لاسد الدين شيركوه فى أول أمره فمطلنى شاور صاحب مصر فجئت الى الفقيه الدرعى وقلت له يا سيدى أنا فى شدّة من كذا وكذا فأدار وجهه الى القبلة ودعا ثم قال لى سلطان السماء يكفيك سلطان الارض فعدت فوجدت الامير قد اشتدّ فجئت اليه فقال لى مثل مقالته الاولى فرجعت فكفانى الله أمره وقيل للدرعى ما أحب الاشياء اليك فقال أن يقول لى الحافظان ذهب يومك وما كتبنا عنك فيه سيئة وبهذه التربة قبر الفقيه صبح المالكى كان فقيها عالما عظيما من أكابر الفقهاء وأجلاء العلماء قال الفقيه صبح كان لابى جارية كثيرة الصلاة أقرأتها أمى وكانت أمى تنام وكنت أنا صغيرا فأصلى مع جارية أبى وحببنى الله تعالى فى ذلك فكنت أدع أمى وأبى وامضى اليها فقالت لى يوما يا بنى أدعو لك دعوتين قلت نعم فقالت حببك الله فى العلم وجنبك الجهل وكتب اسمك مع الاولياء فمن بعدها ما نمت فى الليل وبها أيضا قبور السادة الفقهاء

٢٥٤

بنى شاس وبنى خلاص وبنى رصاص وبنى اراش وبنى البكاء والشيخ قمر الدولة والشيخ سالم المعروف بصاحب النوبة وهى الصف القبور القريبة الى المحاريب وأما بنو خلاص فهم قريبون من الجهة الشرقية والمعروف منهم الآن الفقيه أبو اسحاق ابراهيم المعروف بابن خلاص الانصارى كان من أكابر العلماء ذكره القرشى فى طبقة الفقهاء والى جانبه قبر أبيه وولده يحكى ان رجلا سكن الى جانب داره فسرقت داره فجمع أهل حارته وأتوا الى الفقيه ابن خلاص وسألوه أن يدعو لهم فقال اللهم من كان بريئا فلا تسلط عليه الظالمين فأتوا بهم الى صاحب الشرطة فأمر أن يعروا رجلا رجلا فجرّدوا أول رجل منهم وتقدّم اليه رجل ليضربه فمسكت يده ففعل الثانى كذلك حتى لم يبق منهم الا رجل واحد فقال أنا أخذتها فقيل له لم أقررت قبل الضرب فقال سمعت الفقيه ابن خلاص يقول اللهم من كان بريئا فلا تسلط عليه الظالمين وأنا غير برىء فخشيت من الضرب والتسليط وقد تبت الى الله تعالى فأخذت الأمتعة وأطلق وتاب صاحب الشرطة خوف أن يكتب من الظالمين وبالتربة أيضا قبر قريب من الفقهاء بنى شاس مكتوب عليه قبر أبى محمد من أولاد بنت أبى العباس أحمد بن الخليفة المستضىء بأمر الله أمير المؤمنين ابى محمد الحسن بن الخليفة المستجير بالله أمير المؤمنين وعليه بلاطة كدان وهذا النسب صحيح وبالتربة أيضا قبر الفقيه محمد المرابط كان فقيها اماما عالما وكان خياطا لا يأكل لاحد طعاما وكان اذا خاط لاحد ثوبا يقول له على شرط أن لا تعصى الله فيه فيعاهده على ذلك وكان كل من عصى الله وهو لابس ما يخيطه الشيخ يخنقه حتى يشرف على الموت وينوى التوبة وبها أيضا قبر عند رجلى الشيخ أبى الحسن ابن بنت أبى سعد به الفقيه أبو الثريا المقدّم ذكره كان من السادة العلماء وكان يقول لو اشتغلت عن الله ساعة ما هنا لى عيش ساعة من الدنيا وكان كثير الورع وهو مالكى المذهب وكل من بهذه المقبرة من بنى اللهيب وغيرهم مالكية وكان اذا تكلم فى أحوال القوم يصدع القلوب فكان عالما ورعا زاهدا كثير المكاشفة يعرف الناس فلا يخفى عليه من يكون يعرف السنة وكان الناس يأتونه بالصدقة ليفرّقها على مستحقها من الفقراء فكان يقول للفقراء لا يأخذ أحد فوق كفايته وكفاية عائلته هذا اليوم فكل من أخذ أكثر من كفايته لا يستطيع أن يرفعه وان أخذ قوته رفعه وكان الوزراء يأتون اليه ويدفعون له الاموال فيتصدّق بها وبالمقبرة قبور السادة بنى الرصاص فمنهم الفقيه الامام العالم أبو البركات عبد المحسن بن كعب أوحد الفقهاء المدرّس بمدرسة المالكية جدّ هذا البيت العظيم الشان الجليل القدر قال محمد

٢٥٥

ابن زهر المدنى قدمت من الغرب فأتيت ابن كعب بعشرين دينارا ومعى فتوى فكتب ثم أطرقت فقال لى لا تتعب فى اخراج الصرّة فأنا لا أبيع العلم بالدنيا الفانية أبدا وكان يحفظ المدونة وتفريع ابن الجلاب والمعونة والتلقين كما يحفظ الرجل الفاتحة وفيه قيل حين مات

مات الذى حفظ العلوم جميعها

جمعاء وانقادت له السادات

عرف المعارف والعلوم وما بدا

قدما وقد خرقت له العادات

وقبره فى المحراب عند دخولك من الباب الشرقى لتربة بنى اللهيب وفى تربة بنى اللهيب جماعة من الائمة العلماء السادة القادة الأطهار نذكرهم رجلا رجلا لأنهم كلهم علماء فى مذاهبهم فبالمقبرة قبر الفقيه الامام أبى عبد الله محمد المدينى العطار المعروف بالقاضى والى جانبه قبر الشيخ أبى الربيع سليمان وبها أيضا قبر الشيخ عبد الله البدنه وبها قبر الشيخ أبى عبد الله محمد بن حسن المالكى وبها أيضا قبر الشيخ أبى القاسم عبد الرحمن بن عبد الله صاحب العمود الذى فى الجهة الغربية من قبر البكاء توفى سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة والى جانبه تربة ابن الخزرجى وفى حومتهم الفقيه شرف الدين المعروف بالكركى كان من الفقهاء الاجلاء أفتى ودرس وقبره شرقى الطريق المسلوك بالقرب من قبر الشيخ أبى البركات وفى الجهة الشرقية قبر الشيخ الامام العالم أبى حفص عمر الذهبى وهو شرقى الشيخ أبى البركات على الطريق المسلوك كان من طلبة الطوسى وكان اماما عالما ذكره ابن خلكان فى الاعيان وكان متعصبا لمذهب الأشاعرة وكان كثير التبسم (١) حضر اليه يوما بعض اليهود وناظره فى خمسين مسألة فقطعه فلما رأى اليهودى أنه انقطع وذهبت حجته قال له انكم تزعمون ان الله أنزل على نبيكم وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم قال نعم فقال هذه يدى غير مغلولة ثم أخرجها قال فأخرج الفقيه يده وضرب اليهودى وقال له يا يهودى خذ عوضها قال كنت أصلب قال فحينئذ يدك مغلولة فتبسم ومضى اليهودى فلما أصبح اليهودى وجد يده مغلولة وبحريه قبر عليه عمود رخام هو قبر اسماعيل ابن الفضل بن عبد الله الانصارى والى جانبه قبر الفقيه الامام أبى العباس أحمد مات سنة احدى وثمانين وخمسمائة والى جانبه قبر الفقيه أبى الفضل هبة الله بن صالح عرف بالصناديقى مات سنة خمسين وخمسمائة كان من العلماء المشهورين ذكره القرشى فى طبقة الفقهاء والى جانبه قبر الفقيه ابن ثعلب وهذه القبور لا يعرف منها الآن قبر من قبر

__________________

(١) هذه الحكاية كذا بالاصل

٢٥٦

وفى الجهة الشرقية حوش مقابل لحوش بنى الغطيط فيه قبر الفقيه الامام العالم العلامة أبى عبد الله محمد ابن الفقيه أبى الحسن عساكر شيخ أبى الجود معدود من الفقهاء والقرّاء والمتصدّرين ومعه فى التربة قبر الفقيه أبى القاسم البزار معدود من أرباب الاسباب وأما الجهة القبلية من تربة بنى اللهيب فبها تربة بنى الغطيط بها قبر الفقيه الامام أبى الحجاج يوسف المصلى بمسجد العدّاسين ذكره ابن عثمان فى تاريخه صحب الشيخ أبا الحسن الرفا وغيره مات سنة خمس وتسعين وخمسمائة قال الرفا لما مات أبو الحجاج كانت زوجتى حاملا وكنت ما شعرت بموته فنمت تلك الليلة فرأيت كأن الولد الذى فى بطن زوجتى يئن وكأنى أقول له ما بك فقال انى جزع على أبى الحجاج يوسف فاستيقظت فسمعت البكاء عليه وفى هذه التربة قبر الفقيه عماد الدين يحيى بن عبد الكافى متأخر الوفاة كان نائب الامام بجامع مصر يعرف بابن الشماع وكان مع كبر سنه مؤذيا للصلاة فى الجامع المذكور وبهذه التربة أيضا الاسعد بن الغطيط وذريته وعلى باب هذه التربة قبر عليه عمود مكتوب عليه الفقيه أبو حيدرة سيد الكل عبد الله الواعظ الناسخ المعروف بابن عطوش مات سنة خمس وخمسين وستمائة وتحت رجليه مع الحائط قبر الشيخ أبى الربيع الفيومى ومن وراء الحائط القبلى قبر الفقيه رسلان وقد ذكرنا الجهة البحرية التى تلى تربة البكاء

وأما الجهة الشرقية فبها تربة الخزرجى وهو الشيخ الامام العالم شرف الدين الخزرجى وبها قبر الفقيه محمد بن عبد الرحمن امام مسجد الهيتم وبهذه التربة قبر الفقيه الامام العالم عبد العزيز بن محمد بن ابراهيم المالكى كان فقيها ورعا كثير البكاء وكان مقيما بالمدرسة المالكية وكان يخرج ويقضى حاجته من السوق فسمع يوما قارئا يقرأ فوقف وبكى ولم يشتر حاجته وعاد الى المدينة فمات من الغد فى سنة ست وأربعين وستمائة عدّه القرشى فى طبقة الفقهاء والى جانب تربة الخزرجى تربة بنى مسكين وبينهما تربة التكرورى وبهذا الحوش قبر التكرورى كان رجلا صالحا ذكره ابن الجباس فى تاريخه وفى حوش بنى مسكين قبر الشيخ أبى القاسم عبد الرحمن ابن الشيخ أبى الفوارس المالكى مات سنة سبع وخمسمائة والى جانبه قبر الفقيه أبى الفضل جعفر بن محمود المصرى مات سنة عشرين وخمسمائة والى جانبه قبر الفقيه الامام الاوحد فى الزهد والورع شرف الدين أبى المنصور بن الحسين بن مسكين مات سنة خمس وعشرين وخمسمائة والى جانبه قبر القاضى عز الدين بن الحسين بن الحارث بن مسكين واذا خرجت منها قاصدا الى

٢٥٧

مقبرة الفقيه ابن عبد الغنى تجد على يمينك عمودا مكتوب عليه الفقيه الامام مجد الدين عبد المحسن ابن الفقيه أبى عبد الله محمد بن يحيى ابن خال الشافعى المدرس بمدرسة الفاطمية كان من أجلاء العلماء وكان يقول للطلبة قوّموا بواطنكم بقوام ظواهركم وقال بعض الفقهاء كنت اخال القمر فى وجهه اذا جلس للتدريس وكنت لا أراه الا ذاكرا والى جانبه من القبلة قبر الفقيه أبى الحسن على بن محمد بن عبد الغنى المعروف بابن أبى الطيب وكان بعضهم يشير الى أنه أبو الطيب خروف ولم يبلغنا هذا فى تاريخ من تواريخ الزيارة مات سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة كان من أكابر الفقهاء وكان يتصدق بتجارته أربعين سنة فلما تزوّج أخذ ماربحه ودخل على زوجته وهو يبكى فقالت له ما يبكيك فقال كان من عادتى أن ما أتجر به أتصدّق به والآن قد جئت به اليك فقالت له ومن أين كنت تقتات حين تتصدق به قال كنت أتوكل فقالت اخرج وتصدّق به وأنا أتوكل معك فذهب وتصدق به فناما فلما كان نصف الليل واذا بالباب يطرق ففتح الباب وخرج فاذا رجل يقال له أبو صانع فقال له ما اسمك فقال فلان فقال له خذ هذه الألف دينار قال من عند من فقال ان هذا كان عندى لأبيك على سبيل الايداع الشرعى فقال لا آخذ منها شيئا فرجع الرجل فأتاه آت فى النوم وقال له ارجع بها اليه وقل له انها من عند الرحمن الذى توكلت عليه أنت وزوجتك البارحة والى جانبه قبر الفقيه أبى يعقوب يوسف الأصولى المالكى مات سنة ست وسبعين وخمسمائة كان مدرّسا بالمدرسة التى بزقاق القناديل وكان من العلماء الاخيار وكان فاضلا فى علم الاصول وكان يغتسل بالماء البارد فى البرد وقت صلاة الصبح وكان اذا افتتح الصلاة وقرأ كأنه فى الجهاد لكثرة الخشوع ودخل يوما الى الجامع مع بعض الفقهاء ثم خرج ثم عاد فقال له الفقيه ما هذا فقال لا أدرى أى رجل قدمت ولا أى رجل أخرت فخرجت ثم عدت لأصيب السنة وقبره عند المصطبة العالية وبهذه المصطبة العالية قبر الفقيه أبى الطاهر وأبى اسحاق ابراهيم المزنى العسقلانى مات سنة ست وأربعين وخمسمائة ومعه على المصطبة قبر الفقيه أبى الثناء عبد الوارث بن عيسى بن موسى القرشى مات سنة احدى وتسعين وخمسمائة وكانت ابنته لا تنام من قراءة العلم ويجاوره تحت المصطبة قبر الفقيه أبى محمد عبد الله بن ابراهيم مات سنة تسع وتسعين وخمسمائة قال القرشى وعموده تحت المصطبة الى جانب أبى بكر ابن حسين القسطلانى والى جانبهم قبر الفقيه محمد بن أحمد بن على القسطلانى متأخر الوفاة مات سنة ثلاث عشرة وخمسمائة والى جانب أبى يعقوب الأصولى قبر الفقيه عبد الصمد

٢٥٨

المالكى كان زاهدا ورعا عفيفا عما فى أيدى الناس قال بعض الفقهاء المالكية لم أر أكثر عبادة منه والى جانب أبى يعقوب أيضا قبر الفقيه الامام العالم أبى القاسم عبد المنعم ويقال أبو البركات كان فقيها عالما صلى بجامع مصر ثم انصرف وهو يكرر فى قوله تعالى انما يؤمن بآياتنا الذين اذا ذكروا بها خروا سجدا وسبحوا بحمد ربهم وهم لا يستكبرون فسقط فى بيته ولم يتكلم فأتوه بالطبيب فقال الطبيب أجد قلب هذا قد انخلع ثم أغمى عليه فمات وصلى عليه وقت صلاة الظهر بالجامع وقبره خلف قبر أبى يعقوب الاصولى وبحومتهم عمود مكتوب عليه أبو الحسن على المقدسى وغربى المصطبة قبر الشيخ أبى القاسم عبد الرحمن بن عباس القرشى والى جانبه قبر الشيخ أبى الحسن القيسرانى والى جانب المصطبة قبر الشيخ أبى بكر عتيق بن حسن القسطلانى توفى سنة ثمان وخمسين وخمسمائة وأشار ابن الجباس الى انه القسطلانى الكبير والى جانبه قبر الفقيه أبى الحجاج يوسف المصلى بمسجد الهيتم قال القرشى وقبره الى جانب قبر عتيق القسطلانى الكبير حكى عنه ان نصرانيا تستر وصلى خلفه فلما سلم الفقيه قال انى أجد فى المسجد رائحة كريهة ثم التفت الى النصرانى وأشار اليه بعينه ان اخرج والا أعلمت الناس بك فصاح النصرانى وأسلم لوقته وبالحومة قبور جماعة من العلماء ثم تأتى الى تربة الشيخ أبى الربيع المالقى تجد قبل وصولك اليه عمودا مكتوبا عليه الشيخ أبو البقا صالح الفارسى وعند بابها حوش به جماعة من الشهداء منهم ابراهيم الشهيد ومنهم أبو القاسم الشهيد وهذا الحوش على جانب الطريق المسلوك ويليه من الجهة القبلية أولاد الدورى وهم على جانب الطريق المسلوك وبالحومة قبر الفقيه الخطيب أبى العباس احمد بن عبد الظاهر القرشى وبحريه قبر الفقيه أبى بكر بن سليمان الطرطوشى رضى الله عنه

ذكر التربة المعروفه بالشيخ أبى الربيع المالقى المالكى بها جماعة من العلماء منهم الشيخ الامام العالم أبو القاسم الفهرى وجلال الدين الفهرى وهما فى الحوش على يسار الداخل الى التربة تحت حائط سند بن الافضل أمير الجيوش وهى معروفة الآن بتربة أولاد ابن عرب وفيها جماعة من أولاد ابن سالم وبتربة أبى الربيع جماعة من أولاد الجليس وبها قبر مكتوب عليه أبو الفضائل جعفر المعروف بابن الرفعة وبالتربة أيضا قبر الفقيه عبد الواحد بن بركات بن نصر الله القرشى المفتى كان من أكابر الفقهاء وأجلاء العلماء قال لابنه يا بنى اذا أنا مت فلا تخبر الناس بى فاننى أستحيى من كثرة ذنوبى فقال له يا أبت ما عهدت الناس يقولون فيك الا خيرا فلما مات لم يخبر ولده أحدا من الناس فجاءه الناس

٢٥٩

يهرعون من غير أن يعلمهم أحد وقالوا ان هاتفا هتف بالناس ألا فاحضروا وصلوا على ولىّ من أولياء الله فصلوا عليه ودفنوه قال القرشى وقبره بالتربة التى دفن بها أبو الربيع قلت وهو تحت الحائط القبلى والله أعلم والى جانبه من القبلة قبر الشيخ الامام المعروف بعينان القرشى صهر الشيخ أبى الربيع المالقى كان من العلماء الاتقياء يحيى الليل كله وقال له الشيخ أبو الربيع طلبتك من الله فاطلب من الله ما شئت وقال الشيخ أبو الربيع له اذهب الى الجبل المقطم فانك ترى رجلا عليه آثار القلق فأعطه هذه الجبة وقل له ان أبا الربيع يسلم عليك قال فجئت اليه فلما رآنى قال أين الجبة التى جئت بها قلت ها هى يا سيدى ودفعتها له فلبسها وقال سلم على الشيخ فقلت نعم ثم جئت الى الشيخ فقال لقيته قلت نعم فقال ابشر فلن يقع بصرك على معصية أبدا ذلك الغوث فى الأرض وبهذه التربة قبر الشيخ الامام أبى زكريا يحيى بن على بن عبد الغنى امام مسجد القاسم والمتصدر بجامع مصر مات سنة سبع وثمانين وخمسمائة قال القرشى والى جانبه قبر عبد الكريم كان رجلا صالحا كثير الخشوع فى الصلاة وكان يقول أعجب ممن يقف بين يدى الله بغير خشوع وحكى أن بعض الرافضة هزأ به فأصابه الجذام فلم يزل به حتى أتى اليه وقال له انى هزأت بك وأنت تحدث فى فضائل أبى بكر الصديق رضى الله عنه فنزل بى ما ترى فقال له يا بنى ان الله لا يشفيك الا بمحبة أبى بكر فتب الى الله تعالى فتاب فدعا له فعوفى وجاء سارق يسرق بردته وهو فى المسجد فخرج فلم يجد الباب فتركها فى البيت وخرج فوجد الباب مفتوحا ففعل ذلك مرارا وهو يجد الباب على تلك الحالة فقال له الشيخ ما بك فأخبره الخبر فقال دعها وانصرف فان لصاحبها سنة يقوم فيها الليل وحكى عنه انه مرّ على خط بئر الحمراء فرأى امرأة تصيح فقال لها ما بك فقالت له ان ولدى سقط فى هذا البئر قال فوضع الشيخ يده على البئر فرأى الماء يفور حتى رفع الغلام سالما فقال لأمه خذيه واذهبى ونختم التربة بمناقب الشيخ أبى الربيع وهو أعلاهم قدرا وأرفعهم ذكرا قدوة العارفين ومربى السالكين أبو الربيع سليمان بن عمر الكنانى المايرقى المالقى المالكى المذهب وقد أفرد له الشيخ أبو العباس أحمد بن القسطلانى جزأ فى مناقبه نذكر منه بعض محاسنه فى هذا الكتاب قال المؤلف عفا الله عنه شاهدت فى مناقب سيدى أبى الربيع رضى الله عنه مما حكاه محمد بن على بن موسى الانصارى المعروف بالسوسى قال سمعت الفقيه أبا العباس أحمد بن القسطلانى سنة عشر وستمائة يقول سمعت أبا العباس أحمد بن محمد المعروف بابن العريف قال المؤلف وهذا أحد مشايخ الشيخ

٢٦٠