الكواكب السيّارة في ترتيب الزيارة

شمس الدين أبو عبد الله محمّد بن ناصر الأنصاري [ ابن الزيّات ]

الكواكب السيّارة في ترتيب الزيارة

المؤلف:

شمس الدين أبو عبد الله محمّد بن ناصر الأنصاري [ ابن الزيّات ]


المحقق: أحمد بك تيمور
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار ومكتبة بيبليون
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤١٠

سبع قبور على صف قال ابن عثمان فى تاريخه انهم وزراء كافور ثم تأتى الى التربة المعروفة بسناوثنا ذات البابين وهى حوش لطيف بغير سقف (١) ذكرهم ابن الجباس فى طبقة الاشراف وعدهم من أولاد جعفر الصادق بن محمد الباقر بن على زين العابدين بن الحسين ابن على بن أبى طالب رضى الله عنهم قيل ان كل واحدة منهنّ كانت تقرأ فى كل ليلة ختمة فلما ماتت الواحدة فبقيت الواحدة تقرأ عن أختها وتدعو لها ومعهم فى الحوش قبر السيد الشريف عبد الله والى جانبه قبر الفقيه ابن الخشاب ومن الناس من يأتى الى قبريهما ويتمرغ ويقصد بذلك الشفاء وهذا فعل مكروه التمرغ بين القبور والتبرك بتراب القبور والادب فى الزيارة ان الانسان اذا أتى الى مقبرة أشراف يقرأ انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ورده صاحب كتاب مزارات الاشراف وعند باب الحوش قبر داثر تحت رجلى الطرائفى هو قبر الشيخ مصطفى الانصارى والى جانبه قبر الشيخ أبى الحسن الطرائفى المعروف باقراء الضيف ذكرهما الشيخ موفق الدين بن عثمان فى تاريخه حكى عنه انه كان يحب الفقراء ويكرمهم غاية الاكرام فبينما هو ذات يوم جالس فى حانوته اذ مر عليه عشرة من الفقراء فسلموا عليه فأكرمهم غاية الاكرام وأضافهم الى داره وصار يشهيهم فى المأكل وغيره فاشتهى كل منهم عليه شهوة فقضاها لهم وكان فيهم فقير لم يأكل له شيأ فقال له يا سيدى لم لا تشتهى فقال أشتهى منك أن تزوجنى ابنتك وكان له ابنة جميلة فقال له حتى أشاورها فمضى اليها وقال لها قد طلبك منى رجل من الفقراء يتزوج بك فقالت يا أبت تكون هذه عين السعادة فكتب كتابه عليها وأتى اليه بأثواب وألبسه اياها ودخل عليها فى ليلته فبينما الطرائفى نائم فى تلك الليلة اذ رأى ان القيامة قد قامت والخلق مجتمعون فى المحشر والحق سبحانه وتعالى يفصل بين عباده واذا بمناد ينادى أين الطرائفى فجىء به فى الموقف وخوطب بأحسن خطاب وقيل له انظر الى هذا القصر فنظر اليه فاذا هو قصر عظيم فقيل هذا عوض عن اكرامك للفقراء ثم أفرغ عليه ثياب من السندس الاخضر وقيل له هذا عوض عن الثياب التى ألبستها للفقير ثم قدم بين يديه موائد عليها أوان من الذهب والفضة فيها من المأكل مالا يعبر عنه وقيل له هذا بأطعامك للفقير ثم جىء اليه بحوراء لو برزت لاهل الدنيا لماتوا شوقا اليها وقيل له هذه عوض عن ابنتك التى زوجتها للفقير ثم قيل له أرضيت عنى كما رضيت عنك ها وجهى فتملى بالمشاهدة فاستيقظ من منامه وتلك الاثواب عليه وطعم الاكل فى فيه مسك وعنبر وروائح تلك الحورية وقد سكر من لذة الخطاب فقام فرحا مسرورا مما رأى فقال أروح الى الفقير

__________________

(١) كذا بالاصل

٢٠١

وأستأنس منه فأتى اليه وسلم عليه وقال له كيف حالك فى ليلتك مع زوجتك فقال له الفقير وكيف كانت ليلتك أنت الآخر فى قصرك وعناقك للحورية واكرام الرب لك وما أعطاك من الخيرات فبكى ودعا الله سبحانه وتعالى أن يقبضه فى ليلته فمات رحمه‌الله ومناقبه غير محصورة ومن بحريه قبر الشيخ سديد الدين البصال وعند باب الحوش الشرقى قبر الشيخ أبى الحسن النعمان وعند رجليه قبر عبد الله بن مسعود الشهير بالكليوانى نقيب الزوار كان من أهل الخير والصلاح ومن وراء الحائط الشرقى قبر الشيخ الحرومكى الزهرى ووفاته على قبره معروفة وبالقرب منه تربة بها قبر الشيخ منصور الاسكندرانى ومن قبلى سناوثنا تربة أبى الفضل جعفر المعروف بابن الفرات كان وزيرا لكافور الاخشيدى وكان أبوه وزيرا للمقتدر وله ذرية بالقرافة فى أماكن شتى والتربة قديمة ذات أبنية والى جانبها من جهة الغرب حوش الفقهاء بنى ميدوم به قبر الشيخ الامام شرف الدين أبى عبد الله محمد بن ابراهيم الميدومى والشيخ شرف الدين محمد بن صدر الدين الميدومى وبرهان الدين الميدومى والشيخ تقى الدين أبى العباس أحمد بن قاسم الميدومى وعبد الله بن ابراهيم الميدومى وهم جماعة بيت علم وصلاح والى جانب هذا الحوش حوش به أولاد ابن دار البراغيث وهم الشيخ زين الدين عبد القادر بن دار البراغيث والشيخ ناصر الدين بن عمر بن زكى الدين بن دار البراغيث وجماعة من ذريتهم وهناك قبر الشيخ خليل الخوانكى من غربى حوش الشيخ جمال الدين عبد الله وهناك قبور الفقهاء بنى الخلال وفى غربيهم قبر المعروف التفانى وأيضا قبر الفقيه الامام عبد الكريم بن عبد الرحمن المعروف بابن الدباغ وفى الحوش أيضا قبر عليه عمود مكتوب عليه أبو محمد الطحان والى جانبه من الجهة الغربية حوش فيه أعمدة كثيرة مكتوب عليها الفقها بنى ماضى والى جانبهم حوش الفقهاء أولاد القطروانى ومن قبلى حوش بنى الدباغ تربة قديمة بها قبر السيد الشريف أبى عبد الله محمد بن أحمد بن أبى القاسم الجعفرى وهذا المجر يسلك منه الى دكاكين بنى بدر والخط معروف الآن بجامع الحرانى ودفن عند جامع الحرانى الشيخ عبد الله الحيرى ومعه جماعة من أولاد الشيخ عبد القادر الكيلانى وفى الخط المذكور قبة مبنية بالطوب الاحمر بها قبر الشيخ يوسف المعروف بالكعكى صاحب المسجد المعلق بالشارع ذات المنار باق الى الآن وعند بابها قبر الشيخ الصالح عبد الله الدرعى وجد بدرع نوى هذا يوسف المقرى الذى قرأ على الدهان وكان له معرفة فى علم الفلك وفى القبلى قبر القماح ابن يوسف الاكماجى ومن وراء تربته قبر الشيخ جبريل بن عدلان المعروف بالكتانى

٢٠٢

ثم ترجع من دكاكين بنى بدر قاصدا الى ثربة الشهيد فى محرابه تجد على قارعة الطريق حوش الفقهاء بنى ناشرة عليهم أعمدة مكتوب عليها بالقلم الكوفى أسماؤهم والى جانبهم حوش الفقهاء أولاد العجمية هكذا مكتوب على أعمدتهم ومكتوب على عمود منها الشيخ خليل بن العجمية ثم تمشى فى الطريق المسلوك الى التربة المعروفة بتربة ابن حمدان واسمه تقى الدين ابراهيم الواعظ وتعرف الآن بتربة صدقة الشرابيشى ومن غربيه قبر عدى ابن الحسن الكعكى ومن شرقيه قبر الشيخ منصور الزعيم وقبر الفقيه أبى اسحاق المعروف بابن ناشرة الدخاخينى ومنهم أبو عبد الله محمد بن ناشرة المتصدر بجامع مصر انتهت اليه الرئاسة فى زمنه وهو جد بنى ناشرة وبها قبر الشيخ الفقيه الامام أبى المنيع واسمه رافع بن دغمش الانصارى سمع الحديث وحدث عن أبى القاسم مكى وعن عبد السلام الرملى وكان اذا صلى الصبح جلس فى مكانه فى محرابه حتى تطلع الشمس فدخلوا عليه يوما فوجدوه مذبوحا فى محرابه ولم يعلموا قاتله فاجتمع أهل مصر يبكون عليه ومشى الامراء والسلطان فى جنازته وكان يوما مشهودا فلما كان اليوم السابع من قتله ذبح يهودى بجانب مسجده فدفن ولم يعلم قاتله فرأى اليهودى بعض جيرانه فى المنام فقال له من قتلك قال الذى قتل الفقيه رافع وهو فلان فلما أصبح أعلم بذلك شرطى البلد فوصى عليه فأحضره ومعه غلامه فقال الغلام على أى شئ تمسكونى والله هذا الذى قتله وهذه المدية التى ذبحه بها وكانت البارحة تئن كما يئن المريض فاعترف وصلب بالحمراء فجاء الكلب وولغ فى دمه فقال الامام عبد الغنى أشهد أن الكلب لا يلغ فى دم مسلم وروى القاضى عياض هذا اللفظ عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى أمر الرجل الذى قتل حين رأى المطرود فى الطريق فقال اطلبوه فان الكلب لا يلغ فى دم مسلم وتوفى رافع فى سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة ووافق عليه ابن عثمان فى تاريخه وذكر ابن الجباس فى طبقة الشهداء محمد بن الحسن بن عبد الله الكتانى الشهيد بجامع مصر وقال قبره تحت حائط دار ابن حمدون الواعظ هل هو أشار بهذا الاسم الى رافع أو الى غيره ولم نر المشايخ يذكرون بهذا المكان غير الشهيد فى محرابه وحكى عنه القرشى انه قتله بعض الرافضة وهو ساجد بالليل ثم دخل الذى قتله فى بيته ليأخذ ما فيه فلم يجد فيه شيأ من أمتعة الدنيا غير ختمة فأخذها وخرج من باب المنزل فلقيه صاحب الشرطة فقال له ما الذى معك قال مصحف فقال له وتعرف تقرأ قال نعم قال افتحه واقرأ ففتحه ووجد فى أول سطر ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها فقال لا شك انك قتلت هذا ولم يزل حتى قرره فأقر فصلب

٢٠٣

ذكر ما حول تربته من الجهة القبلية حوش قصير الباب به قبر الشيخ أبى القاسم عبد الرحمن بن العجمية ومعه قبر الزكى عبد الغنى بن العجمية ومقابل هذه التربة قبر الشيخ سلطان بن يزيد المغربى أحد القراء السبعة والمحدثين وعموده من وراء الحائط وقبره مسنم ومن بحرى هذه التربة الفقهاء أولاد جميل اللبان وكان جميل اللبان له صدقة ومعرفة ولما مات رآه ابنه فى النوم فقال يا أبت ما فعل الله بك قال يا بنى (١) أوقفنى على نقطة ما سقطت من يدى والى جانبه قبر محمد بن يحيى المعروف بالصلاة على النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم وبجانبه قبر أبى فروة وذريته منهم من سمع الحديث ومنهم من لم يسمع ومعهم فى الحومة قبر الفقيه الريالوسى المغربى وذكر بعض مشايخ المصريين ان بالحومة قبر أبيهم الشيخ جميل اللبان وبالحومة قبر الشيخ أبى الحسن الخباز وذكر ابن الخباز ان الى جانب الشهيد فى محرابه أربعة من العلماء المحدثين وعليهم أربعة أعمدة وقد دثروا ولا يعرفون الان وذكر ان بالحومة أيضا الفقهاء أصحاب الوليد الطرطوشى وهم خمسة منهم الفقيه أحمد والفقيه محمد والفقيه ابراهيم والفقية على والفقيه يوسف وهم لا يعرفون الآن وذكرنا منهم على الطريق تحت الدار العالية قبر الفقيه العالم أبى القاسم البويطى قال القرشى وعلى قبره جلالة ومهابة وأخبرنى من أثق بقوله ان الدار العالية التى أشار اليها القرشى التى بالقرب من تربة الشهيد فى محرابه وقريب منها قبر سعدون المغربى ومقابله تربة فيها قبر الشيخ رضوان الانصارى العلى المعروف بالصلاة على النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ومعه فى التربة قبر الشيخ الصالح محمد السلاوى المعروف بصاحب المسبحة وذكر القرشى ان بهذه التربة قبر الفقيه محمد بن محمد الاسيوطى قال القرشى وقبره على الطريق المسلوك بخط العثمانية فان أوّل شقة العثمانية من تربة الشهيد فى محرابه ثم تمشى فى الطريق المسلوك الى التربة المعروفة بالشيخ ثابت الطيان وهى تربة ابن عباس التاجر ذكره القرشى فى طبقة الفقهاء وعدّه فى طبقة القاضى مجلى وكان فقيها عالما مالكى المذهب وكان يكثر من زيارة الصالحين وكان يعمل فى الطين بأجرته ويقتات وربما يتصدّق بأجرة عمل يده ويبيت طاويا وهذا الذى يشير اليه العوام بمبشر الزوار بالجنة قال المؤلف قيل انه رؤى فى المنام وعلى رأسه تاج من ذهب فقيل له ما فعل الله بك فقال له بشر زوار الصالحين بالجنة ومن غربى هذه التربة مقبرة الفقهاء الشاميين بها قبر الشيخ الامام العالم محمود بن أبى البقاء المعروف بصاحب القيراط على قبره جلالة ومهابة وعنده الشيخ خليل بن غلبون أحد مشايخ القراءة ثم تمشى مبحرا الى أن تأتى الى قبر القاضى مجلى الكبير يكنى أبا سلامة وهو

__________________

(١) كذا بالاصل

٢٠٤

جدّ شبيل الواعظ صاحب عبد الرحمن الخواص قال القرشى وقبر أبيه بالخط المعروف بالعثمانية بحرى قبر صاحب القيراط ومعهم الحسن بن شبل والحومة مشهورة وعلى قبورهم هيبة وجلالة توفى أبو مجلى فى سنة ثلاثين وخمسمائة وهناك أعمدة مكتوب عليها أسماء جماعة من المحدثين ثم تمشى مبحرا الى أن تأتى الى التربة الجديدة اللطيفة التى بها قبر الشيخ أبى الغنائم كليب بن شريف الشامى وذكر ابن عثمان فى تاريخه ابن أشرف والاول أصح عدّه القرشى فى طبقة الفقهاء وفى طبقة الصوفية حكى بعضهم قال حججت فى سنة من بعض السنين وكان معنا الفقيه أبو الغنايم فاتفق لنا أن جماعة من العربان خرجوا الى القافلة فصاح الفقيه مجلى يا أبا الغنائم فناداه لا تخف فأنا امام القافلة فكان العربان كلما أتوا القافلة وجدوا من يحول بينهم وبينها فرجعوا ولم يتعرضوا لأحد منها وقال أيضا فلما كان فى بعض الايام لحق الركب عطش شديد فقلت له أما تنظر الذى حل بنا وبالقوم من العطش فقال الساعة ينرلون بالماء فما كان غير خطوات حتى أشرفوا على الماء فنزلوا وملؤا أسقيتهم ثم طلبوا العين فلم يجدوها وكان الشيخ كليب الشامى مجاب الدعوة وكان صوفيا وذكر القرشى الى جانبه خمسة أعمدة ولم يذكر من أسمائهم غير الفقيه أحمد والفقيه محمد والفقيه اسماعيل وهذه الاعمدة لا تعرف الآن وبالحومة قبر السيد الشريف عبد الله الجعفرى الزينبى ذكره القرشى فى طبقة الاشراف وكان على قبره عمود فسرق والقبر باق الى الآن مبنى بالطوب الاحمر وبالحومة جماعة من الاشراف وهم بالقرب من قبر العقيلى وقد سلف ذكرهم ثم تمشى بخطوات يسيرة الى قبر الفقيه أبى القاسم بن الدهمة قريبا من قبر الشيخ احمد المنير أحد مشايخ الزيارة ثم تمشى فى الطريق المسلوك مستقبل القبلة الى قبر أبى عبد الله المغربى الحافظ صاحب الدعوة المجابة وعلى قبره عمود مكتوب عليه اسمه ووفاته والخط معروف بخط اليمنى وقد ذكرنا الخطة المعروفة الآن بزاوية اللبان وهم أهل خير وصلاح معروفين بزيارة الصالحين وقبلى زاوية اللبان قبر الغاسولى واسمه أبو القاسم عبد الرحمن ومعه جماعة وهم مونس والشيخ يعيش ومعهم قبر الشريفة ابنة مغيث وبالحومة عمود مكتوب عليه أبو الحسن على النابلسى وبالحومة جماعة من العلماء وأسماؤهم على قبورهم واذا أخذت من قبر الشيخ أبى عبد الله المغربى مستقبل القبلة فى الطريق المسلوك قاصدا الى التربة المعروفة الآن بالشيخ أبى الحسن على بن لاحق الخصوصى كان من أجل الفقهاء وأكابر المشايخ حكى عنه أنه زار معينة المكاشفة وكان معه جماعة من الفقراء فلما دخل عليها حصل لها السرور بقدوم الشيخ

٢٠٥

فأمرت الخادمة أن تهيئ لهم شيئا للاكل وكان طعامهم ملوخية فقالت لولدها ساعد الخادمة فى الطعام فقام الولد مع الخادمة الى أن تهيأ الطعام فقالت له الخادمة دق لى شوية فلفل وكان عندهم حب أيارج فحسبه الصغير انه الفلفل فدقه ورشه فى الطعام فلما ان غرفوه جاءت السيدة معينة لتذوق ملح الطعام فوجدته مرا فقالت اللهم لا تفضحنى بين يدى الشيخ فحملته ووضعته بين يدى الشيخ وقالت لا تؤاخذنى قال كله بركة فأكلوه فلم يجدوا طعم مرارة فيه فقال لها الشيخ أين ذهبت تلك المرارة قالت أذهبتها حلاوتك فلما فرغ الشيخ من أكله قال لها أريد أن تغسلى لى ثوبى قالت يا سيدى ما فى الزير ماء فقال الشيخ ان الزير ملآن ووضع يده فيه فاذا هو ملآن بالماء فجاءت وملأت منه وغسلت ثوب الشيخ فلما نشف ألبسته وأخذت النار فى يدها وأطلقت فيها البخور وبخرت بها ثياب الشيخ وقالت له أنت أوريتنا فى الماء أوريناك فى النار وهذه التربة مقابلة لتربة مكارم الدرعى ومعه فى التربة قبر يحيى بن مكارم الدرعى وبحرى هذه التربة حوش فيه قبر الشيخ عماد الخياط خادم الشيخ أبى زكريا يحيى السبتى حكى الشيخ عماد قال كنت أخدم الشيخ فبينما أنا واقف فى خدمته واذا بالباب يطرق فقال الشيخ انظر من بالباب فخرجت فاذا هو سبع عظيم فلما ان نظرت اليه حصل لى منه رعب عظيم فرجعت الى الشيخ وأنا متغير اللون فقال ويحك يا مسكين تخاف من السبع ثم مد يده على قلبى وقال اخرج أبصر له حاجته فلما ان خرجت اليه اذا به قد مدّ يده الىّ فنظرت اليها فاذا فيها دمل كبير قد ملىء بالقيح ففجرته له فخرج منه مادة كثيرة فلما ان حصل له الشفاء باس العتبة ثم تمرغ على رجلى ومضى الى حال سبيله والشيخ أبو زكريا له مناقب كثيرة ذكرها ابن أبى منصور فى رسالته نذكرها عند بيان قبره ان شاء الله تعالى ومقابل تربة الخصوصى من الجهة الشرقية قبر معينة المكاسفة والى جانبها قبر أم جهيم المكاشفة وبليهم من الجهة القبلية قبر الشيخ رزين القماح ويلى معينة المكاشفة من الجهة البحرية عمود مكتوب عليه أبو حسن على الانصارى ويلى معينة المكاشفة من الجهة الغربية قبر الشيخ طرخان الاعرج ومقابله قبر داثر تحت حائط ابن لاحق الخصوصى هو قبر الشيخ ناجى الانصارى له مناقب عظيمة وهو الذى ذكره ابن لاحق الخصوصى باخباره بالمغيبات وانفاقه من الغيب قال والى جانبه قبر ولده رضوان بن طرخان قال حججنا معه سنة من بعض السنين فجئنا الى بعض المنازل فقالت الفقراء يا سيدى قد فرغ منا الزاد ولم يكن معنا شئ من الدنيا نشترى به زادا فنظر الى خادمه وقال يا علىّ قال لبيك

٢٠٦

يا سيدى قال بشر اخوانك وادفع لهم ما بقى معك من الدنيا فقال يا سيدى لم أدخر منها شيئا فقال ادن منى فدنوت منه فضربنى على رأسى فتساقط الذهب من عمامتى فقال كيف تخبىء من اخوانك فأخذه وربطه فى شجرة أم غيلان وقال من هنا لا تتبعنا فلما ان قضينا مناسك الحج وعدنا الى مصر واستقر الشيخ فى زاويته خرج بعض الفقراء فرأى الخادم على الباب مكتفا فأخبر الشيخ بحاله فقال أنتم راغبون فيه قالوا نعم قال فائذنوا له فى الدخول فدخل وقبل يد الشيخ وقام على عادته فى الخدمة فلما استحضر الشيخ للوفاة سأله الفقراء من يكون مكانه فأشار الى خادمه فلما توفى الشيخ أجلسوه مكانه فلما كان أوان الحج جمع الفقراء وقال لهم أنتم تعرفون عادة الشيخ فى كل سنة ثم وضع لهم سجادة وقال كل من كان معه شئ ومن لامعه شئ يحط يده تحت السجادة ثم هيأ لهم الزاد وساروا الى أن أتوا الى ذلك المكان الذى ضرب فيه الشيخ الخادم فقال للفقراء اقرؤا للشيخ الفاتحة فقرؤها وأهدوها الى الشيخ ثم بكى الخادم بكاء شديدا ثم ضحك فقال له الجماعة ما هذا البكاء والضحك فقال أما بكائى فعلى فراق الشيخ وأما ضحكى فعلى نفسى والله لما ضربنى الشيخ على رأسى ما كان معى لا أحمر ولا أصفر وانما الشيخ كان ينفق من الغيب فاشتهى ستر نفسه ولما ربطنى فى أم غيلان ومضيتم الى حال سبيلكم كنت معكم فى طول الطريق أتولى خدمة الشيخ ولم يرنى منكم أحد وكان الشيخ يغيبنى عنكم ثم تمشى من هذا القبر قدر عشرين خطوة تجد حوشا لطيفا به قبر الشيخ أبى الحسن على المعروف بالسكران من خشية الله وقيل ان به قبر ناجية الانصارية وكتبوا على باب الحوش قبر الشيخ محمد الآدمى ثم تمشى وأنت مبحر قاصدا الى قبر الشيخ عبد الله الاسمر تجد قبل وصولك على يدك اليمنى حوشا كبيرا بغير سور فيه قبر الشيخ ناصر الدين أبى عبد الله محمد المصمودى السعودى جدّ المؤلف عفا الله عنه كان يحب الفقراء ويجود عليهم بما عنده من المال ويصل الارامل ويكثر من زيارة الاخوان ومعه فى التربة جماعة من ذريته ومن وراء هذا الحوش قبر داثر عليه مجدول كدان مكتوب عليه الشيخ أبو الليث المعروف بالقطان ثم تأتى الى قبر الشيخ عبد الله الاسمر معروف مشهور بالخير والصلاح كان مؤدبا حكى عنه الغاسل لما غسله انه لم ينزل منه شئ من ماء غسله على الارض الا أخذه أهل مصر واقتسموه فى مكاحلهم ورأيت نورا عظيما قد أضاء على بدنه وقد ذهبت تلك السمرة من جسده وصار أبيض من اللبن وله حكايات مع ابن صولة المالكى نذكرها عند قبره ثم تأتى الى قبر صاحب الاسد وهو الشيخ أبو القاسم

٢٠٧

ابن نعمة المعروف براكب الاسد حكى عنه انه كان فى سياحته يركب الاسد فأراد الرجوع واذا بالاسد قد دخل من باب المغار فرجع الشيخ وجلس فى المغار يتلو القرآن فجعل الاسد ظهره فى ظهر الشيخ ونام الشيخ فرأى الاسد فى المنام وهو يقول له ما منعنى عنك الا آية من كتاب الله قال وما هى قال قوله تعالى ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون قال فاستيقظ الشيخ من منامه فاذا بالاسد قد بصبص بذنبه وأشار للشيخ أن يركب ظهره فخرج الشيخ من المغار وهو راكب على ظهره الى باب منزله رحمة الله عليه وعموده باق الى الآن فى حوش وهذا أول الشقة الثانية من العثمانية ثم تمشى وأنت قاصد الى قبر اسماعيل الزغمورى تجد على يمينك تربة الشيخ المعروف بقراءة سورة الاخلاص ويعرف أيضا بصاحب الخلعة قيل انه عبد الله الكحال رؤى فى المنام وعليه خلعة بطراز واحد قيل له ما هذا قال كنت أقرأ الفاتحة ولا أبسمل فقيل له لو بسملت أتممناها لك ثم تأتى الى الحومة المعروفة بالزغمورى فأجل من بها قبر جعفر بن عمرو بن أمية الضمرى ذكره القرشى فى طبقة التابعين قال القرشى فى كتاب مهذب الطالبين وبخط العثمانية قبر مكتوب عليه جعفر بن عمرو ابن أمية الضمرى ولم يثبت ان جعفرا هذا مات بمصر والاصح انه من أولاد الاصبغ ذكره الكندى فى كتابه وأما جعفر بن أمية الضمرى فانه يروى عن أبيه حديثا فى مسلم قال قال رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حز من كتف شاة فأكل منها فدعى الى الصلاة فقام وطرح السكين وصلى ولم يتوضأ وهذا القبر معروف الآن بهذا الخط وحوله جماعة منهم قبر اسماعيل الزغمورى على قبره مجدول طويل كان اماما عالما يتكلم على الخاطر معتقدا مجاب الدعوة رحمه‌الله وعند باب حوشه قبر أبى عبد الله محمد النشار المجاهدى فى سبيل الله والى جانبه قبر عبد الخالق بن نعمة أخى راكب الاسد وقريب منه قبر الشيخ أبى القاسم النقاش وبالحومة حوش جماعة من الانصاريين هكذا مكتوب على أعمدتهم ثم تمشى بخطوات يسيرة الى أن تأتى الى صاحب الهجين وهو الشيخ أبو القاسم عبد الغنى المعروف بصاحب الهجين حكى عنه قال حججت سنة من السنين الى بيت الله الحرام فبينما أنا فى بعض المنازل اذ وقفت راحلتى وأشرفت على الهلاك فقلت الهى وسيدى ومولاى لا الى بيتك أوصلتنى ولا عند أهلى خليتنى واذا برجل قد جاءنى وقال يا شيخ اردفنى على راحلتك فقلت يا أخى ان راحلتى قد وقفت وأشرفت على الهلاك وأنا متحير فى نفسى فقال لا تبالى ثم ركب خلفى فلم أشعر الا والهجين تعدو تحتنا كالسيل الجارى فلم أشعر الا ونحن بمكة فقال امض بنا نقضى

٢٠٨

مناسك الحج ونمضى الى حال سبيلنا فقلت له افعل ما بدالك فمضى بى الى عرفات وكانت ليلة الوقفة فوقفنا بالجبل وقضينا مناسك الحج فقال ارجع بنا فلم أشعر بنفسى عند الصباح الا وأنا على باب الامام الشافعى وراحلتى ميتة قال فبقيت متحيرا فى نفسى قال فقصصت قصتى على بعض اخوانى فقال لى أما تعرفه قلت لا ولكنه لما كان راكبا خلفى كان يقول يا رب ذى النون كن لذى النون فقال والله هو ذو النون المصرى رحمة الله عليه وقال بعض العوام ان الهجين مدفون الى جانب قبر صاحب النجيب وليس بصحيح وهذا آخر الشقة العثمانية ومقابل تربته تربة بها جماعات من الارصوفيين ومن شرقيه جماعة من القلابية منهم قبر عليه مجدول مكتوب عليه الشيخ جبريل القليوبى وفى تربته على سكة الطريق جماعة مكتوب على أعمدتهم الفقهاء الجبليين ثم تمشى فى الطريق المسلوك وأنت مغرب من صاحب الهجين قاصدا الى تربة المجاهدين المعروفين بريسة البحر المالح وقد سلف ذكرهم ثم تمشى مغربا قاصدا الى قبر الشيخ أبى الحرم مكى البصرى تجد على يمينك حوشا به قبر الشيخ صالح أبى عبد الله محمد المعروف بتاج العارفين ومعه فى الحوش قبر الشيخ الصالح عبد الله المعروف بابن الرفعة ومن غربيه عمود أبى الحرم مكى ثم ترجع وأنت مشرق الى التربة المعروفة بالعثمانية وقد عرف هذا الخط كله بهذه التربة لان بها امرأة من نسل عثمان بن عفان وبالتربة جماعة من الاشراف العباسيين من نسل الفضل بن العباس وقد ذكر القرشى فى كتاب مهذب الطالبين جماعة من العباسيين بالقرافة نذكرهم فى مواضعهم ان شاء الله تعالى ودفن بهذه التربة الشيخ يوسف التمار قريب الوفاة وقد جدد بناءها محب الصالحين الشيخ محمد ابن الفقيه وبهذه الحومة جماعة من الصالحين ذكرهم القرشى فى تاريخه ولا تعرف قبورهم ثم تمشى مغربا قاصدا الى مشهد الامام الشافعى وقد انتهت شقة العثمانية ونذكر بعدها شقة المصينى تبتدى من مشهد الامام الشافعى كما تقدم الكلام فى صدر الكتاب وبالله التوفيق

ذكر مشهد الامام الشافعى يعرف قديما بمقبرة بنى زهرة ويعرف أيضا بمقبرة أولاد ابن عبد الحكم والخطة من المشاهد وقد نقل من هذا المشهد جماعة عند بناء القبة ودفنوا فى مقبرة العيناء وقد سلف ذكرهم فى صدر الكتاب فنذكر ما فى هذا المشهد من العلماء والصالحين ونذكر ما حوله من الاشراف والعلماء بعد ذكر الامام الشافعى فأجل من بهذه المقبرة الامام العالم العلامة القدوة المحقق أبو عبد الله محمد بن ادريس بن العباس بن عثمان ابن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف القرشى

٢٠٩

المطلبى الشافعى نسبة الى جده شافع ذكره القضاعى فى تاريخه وأثنى عليه وذكره القرشى فى أول طبقة الفقهاء وقدمه على الليث بن سعد لاجل قرابته من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ذكر مولده رضى الله عنه قال القرشى فى كتابه مهذب الطالبين ولد بغزة فى سنة مائة وخمسين وهى السنة التى مات فيها الامام أبو حنيفة رضى الله عنه وتوفى فى يوم الجمعة سلخ رجب سنة أربع ومائتين كما أفاد صاحب كتاب المزارات المصرية ثم نشأ بمكة وأقام بها وكان من أحفظ الناس للشعر كان يخرج الى جبال العرب فيكتب الشعر ثم يعود الى مكة قال ابن غانم فى كتاب الواضح النفيس قال انى لأحفظ شعر أربعمائة مجنون ثم أنشد

ولو لا الشعر بالعلماء يزرى

لكنت اليوم أشعر من لبيد

ولم يزل بمكة حتى خرج الى مالك بن انس بالمدينة فدخلها ومالك يحدث الناس فسمعه يقول لاناس حدثنى نافع عن عبد الله بن عمر عن صاحب هذا القبر ومرة يقول حدثنى نافع عن انس عن صاحب هذا القبر ومرة يقول حدثنى ابن شهاب الزهرى عن عروة بن الزبير عن صاحب هذا القبر حتى روى سبعين حديثا كلها مسندة فكان الشافعى يكتب الحديث بريقه على يده فما يجف الريق حتى يحفظه فلما فرغ أشار اليه الامام مالك فقال له يا غلام أتهزأ بحديث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأنت فى حجرته فقال لا ولكنى أكتب الحديث فلا يجف حتى أحفظه وقد حفظت جميع ما أمليته ثم جعل يروى للامام جميع ما رواه من الاحاديث حتى رواها جميعها فأحبه الامام مالك وأتى به الى منزله بالعقيق وأحسن قراه وتفرس فيه العلم فأقام عنده بالمدينة حتى أفتى وكان أول فتواه بحضرة الامام مالك رضى الله عنه قال صاحب الواضح النفيس فى مناقب الامام محمد بن ادريس جاء رجل الى الامام مالك بن أنس فقال له يا امام انى بعت رجلا قمريا فجاءنى فى وقت المساء فقال لى ان القمرى الذى بعته لى لا يصيح شيئا فتشاجرت أنا واياه فحلفت بالطلاق أن القمرى لا يهدأ من صياحه فقال له الامام مالك طلقت زوجتك وكان الامام الشافعى فى الحلقة فلما خرج رآه يبكى فقال له ما بك فقال أو ما سمعت ما قال لى الامام فقال له الامام الشافعى ايما أكثر صياحه أم سكوته فقال صياحه أكثر فقال انك لم تحنث فعاد الرجل الى الامام مالك وقال له يا امام انظر فى مسألتى هل تجد لى فرجا ويكون لك الاجر فقال لا أعلم الا الذى أخبرتك به فقال ان فى حلقتك من أفتانى ان لا شئ على فقال ومن المفتى قال هذا الشاب فقال الامام مالك

٢١٠

للامام الشافعى من أين لك هذا فقال انك حدثتنا عن نافع عن عبد الله بن عمر أن فاطمة بنت قيس أتت الى النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقالت له يا رسول الله ان معاوية وأبا جهم خطبانى فأيهما أتزوّج فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أما معاوية فصعلوك وأما أبو الجهم فانه لا يضع عصاه عن عاتقه والعرب تجعل أغلب الفعلين كمدا ومته فلم يرد عليه الامام مالك وحفظ الموطأ فكتب له محمد بن الحسن أبوابه فكتب تحت كل باب حديثه فلم يزد حرفا ولم ينقص حرفا وحكى أيضا ان الامام رحل الى اليمن مرتين فرأى فيها من العجائب شيئا كثيرا منها انه قال سمعت بامرأة لها وجهان يتحركان فخطبتها من وليها فكنت اذا قبلت أحد الوجهين يغتاظ الآخر حتى أقبله ودخل الى العراق ومشى فى ركابه الامام أحمد بن حنبل وأثنى عليه وسماه شمس الهدى ناصر حديث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وامتحنه الامام محمد بن الحسن بمسائل فى حضرة الرشيد فأجاب عنها لوقته وكان أصبر الناس على الفاقة وأسرعهم جوابا اذا سئل وكتب اليه رجل فى مجلس الرشيد رقعة الغز فيها.

ما ذا تقول هداك الله فى رجل

أضحى يحب عجوزا بنت تسعين

وكان الرجل يريد بذلك الخمر فكتب تحت ذلك يقول

خفض عليك فقد حق البكاء له

حب العجائز (١) دون السين والعين

قال الامام رضى الله عنه رأيت قبل البلوغ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وقد تفل فى فمى ورأيت على بن أبى طالب وقد أخرج من كمه ميزانا فأعطاه لى فعبرت ذلك فقيل لى انك تكون فى الناس كالميزان يعرف بكلامك الحق من الباطل ولما أراد الدخول الى مصر قال وهو سائر اليها

أرى النفس منى قد تتوق الى مصر

ومن دونها أرض المهامه والقفر

فو الله ما أدرى الى العلم والغنى

أساق اليها أم أساق الى قبر

ودخل الى مكة ومعه خمسمائة دينار وقيل خمسمائة ألف فما نام حتى تصدّق بها وتصدّق فى مصر فى يوم واحد بتسعة آلاف درهم وأصلح له رجل نعله وهو ذاهب الى الصلاة فأعطاه عشرة دنانير واعتذر له وكان يقول

والهف قلبى على مال أجود به

على المقلين من أهل الضرورات

انى أحيى عدوّى حين أنظره

لأصرف الهم عنى بالتحيات

ومرض بمصر بعلة البطن ثم مات بدرب النخل وغسله المزنى قال القضاعى ودفن

__________________

(١) هكذا بالاصل

٢١١

بمقبرة بنى زهرة وقال المزنى رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى النوم فقلت له يا رسول الله ما أغنيت عن الشافعى قال سألت الله أن لا يحاسبه وقال الربيع بن سليمان رأيت الامام الشافعى فى النوم فقلت له ما فعل الله بك قال نصب لى منبرا تحت ساق العرش وقال لى تكلم بين ملائكتى وكان أسمر رقيق السمرة فى عارضه خفة كثير الحياء مدحه الحافظ السلفى بقصيدة يقول فيها

فعليك يا من رام دين محمد

بالشافعى وما تلاه وقالا

أعنى محمدا ابن ادريس الذى

فاق البرية رتبة وكمالا

ونذر رجل من أهل العراق أن يقرأ عند قبره ألف ختمة فقدم وقرأها فلما فرغ منها أنشد

قد وفينا بنذرنا يا ابن ادري

س وجئناك من بلاد العراق

وتلونا عليك ما قد نذرنا

من كلام المهيمن الخلاق

وفى قبته قيل

ألاحيها من قبة ذات أنوار

تضيء فيهدى ضوءها فى الدجا السارى

يشير الى الناس (١) العشارى بأننى

علوت على بحر من العلم زخار

وقال المؤلف عفا الله عنه أنشدنى بعض أصحابى الفضلاء

حكوا قبة للشافعى وما حكوا

بحار علوم تحتها تتدفق

به كان للاسلام نور وبهجة

وللدين والدنيا جمال ورونق

تأمل ترى ذاك الضريح مجللا

وأنواره تعلو عليه وتسلق

عليه من الرحمن ألف تحية

تزيد وتزكو فى الزمان وتشرق

والذى أنشأ هذه القبة على ضريح هذا الامام العظيم الملك الكامل بن العادل لسبع خلون من جمادى الاولى سنة ٦٥٨

وهذا ما انتهى الينا مختصرا وقال ابن عثمان هو محمد بن ادريس وساق نسبه ثم قال وفضائله ومناقبه أشهر من أن تذكر ولا بد من ايراد لمعة من ذلك روى المزنى رحمه‌الله تعالى قال سمعت الشافعى رضى الله عنه يقول رأيت على بن أبى طالب فى النوم فسلم علىّ وصافحنى وخلع خاتمه من أصبعه وجعله فى أصبعى وكان لى عم ففسرها لى فقال أما مصافحتك لعلى فأمان من العذاب وأما نزع خاتمه من أصبعه وادخاله فى أصبعك فسيبلغ اسمك ما بلغ اسم على فى المشرق والمغرب وعن الربيع بن سليمان قال رأيت الشافعى

__________________

(١) هكذا بالاصل

٢١٢

رضى الله عنه فى المنام بعد وفاته فقلت له ما فعل الله بك فقال أجلسنى على سرير من ذهب وتثر علىّ اللؤلؤ الرطب وقال الشافعى عرض علىّ مالك كتبه أربع مرات وأنا حاضر ولو شئت أن أكتبها املاء لفعلت وعن حميد قال سمعت أحمد بن حنبل رضى الله عنه يقول روى عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم انه قال ان الله يمن على أهل دينه فى رأس كل قرن برجل من أهل بيتى يبين لهم أمر دينهم وانى نظرت فى سنة مائة فاذا هو عمر بن عبد العزيز رضى الله عنه ونظرت الى المائة الثانية فاذا هو محمد بن ادريس الشافعى رضى الله عنه وعن احمد بن حنبل انه قال ما رأيت أتبع للاثر من الشافعى وقال الشافعى أشد الاعمال ثلاثة الجود من قلة والورع فى خلوة وكلمة حق عند من يرجى ويخاف وعن أبى بكر الحميدى قال قدم الشافعى من صنعاء اليمن ومعه عشرة الآف دينار فنزل قريبا من مكة فاتاه أصحابه يسلمون عليه فما برح من مكانه ومعه منها شئ وقال عبد الله بن أحمد يا أبت أى رجل كان الشافعى فانى سمعتك كثير الدعاء له فقال يا بنى كان الشافعى كالشمس فى الدنيا وكالعافية للجسد وعن الربيع بن سليمان انه قال كان الشافعى يحيى الليل كله وكان يختم فى كل شهر ثلاثين ختمة سوى ما يقرأ فى الصلاة وعاش أربعا وخمسين سنة والدعاء عند قبره مستجاب باجماع علماء التاريخ ولو استوعبنا مناقبه لضاق الوقت علينا وقال القضاعى هو القبر البحرى من قبر ابن عبد الحكم والى جانبه قبر أبى محمد عبد الله بن عبد الحكم صحب الشافعى وصحب مالكا أيضا وابن وهب وكان عالما سخيا لا ينام حتى يطوف على بيوت جيرانه ويسأل عن أحوالهم ويصنع الطعام بيده فلا يأكل منه شيئا بل يحمله للضيفان والجيران وهو ابن أعين بن ليث ولاجل ذلك يعرف بالاعين وكان جده أعين قدم الى مصر وسكن الاسكندرية وولد له بها عبد الحكم أبو عبد الله هذا وعدّه القرشى فى طبقة الفقهاء وأثنى عليه القضاعى وكانت له منزلة عند السلاطين ولما احتضر الشافعى أوصى أن يغسله وكان غائبا فلما حضر قيل له ان الامام أوصى لك أن تغسله قال انما أراد أن أقضى دينه ائتونى بدفتره فجىء اليه بالدفتر فوفى عنه عشرة آلاف درهم وقيل دينار وقال صاحب المزارات المصرية هو الذى تولى أمر الامام الشافعى منذ قدم الى مصر الى حين مات فلما مات تولى غسله هو والمزنى وكان يقول من عرف قدر نعمة الله عليه جاد بما فى يده قال محمد بن عبد الله بن عبد الحكم كان المساكين يأكلون اللحم والحلوى فى منزل أبى وكان عشاؤه الخبز الخشن والبقل وكان يقول خير الطعام ما أذهب الجوع وأطيبه ما طيبته العافية ولما مات ابن عبد الحكم سمع البكاء فى دور مصر

٢١٣

وكانت عندهم مصيبة عظيمة قال محمد بن عبد الله بن عبد الحكم بعثنى أبى الى ابن وهب بمائة دينار فطرحها وقال علم ومال لا يجتمعان سلم على أبيك وقل له جزاك الله خيرا والله لا أعلم فى ماله شبهة لكننى أخاف أن أبيت غنيا ويكون فى هذه البلدة فقير وكان الناس يزدحمون على بابه ليأخذوا الصدقة فيرى كأنه الأب الشفيق على الفقراء ولد سنة أربع وخمسين ومائة وتوفى سنة أربع عشرة ومائتين وهو الى جانب الشافعى كما تقدّم قال ابن النحوى اختلف الناس عند وفاة الامام الشافعى فقال أهل المعافر ندفنه فى مقبرتنا وقال الصدفيون ندفنه فى مقبرتنا وقال التجيبيون ندفنه فى مقبرتنا وقال بنو عبد الحكم نحن أحق به وكانت مقبرتهم تعرف بمقبرة بنى عوف والى جانبه قبر ولده أبى عبد الله محمد بن عبد الله بن عبد الحكم صحب الامام الشافعى صغيرا وكان من أكابر العلماء له التاريخ المشهور كانت له همة فى العلم والادب وكان اذا قرأ لا يسمعه أحد الا بكى وخرج عن ماله وحدّث عن الامام الشافعى وغيره وهو معدود فى طبقة الفقهاء والمحدثين والقراء واستقبل الشافعى عند قدومه ومعه ألف دينار فقال من أنت قال ابن عبد الحكم فدعا له فحفظ العلم والحديث وكان يطالع الصفحة فيحفظها من مرة وهو من أكابر هذه الطبقة وقال رضى الله عنه رحت ليلة الى شاطئ النيل فاذا امرأة تبكى فقلت ما يبكيك فقالت نزلت لأملأ هذا السقاء فسقط ولدى عن كتفى فى البحر فأنا أبكى عليه قال فبكيت شفقة عليها ثم نظرت الى البحر فاذا الامواج تحمله فصحت لأمه هذا ولدك فرأته متربعا لم يصبه شئ وقال ابن عبد الحكم هذا لو قيل لى ما تتمنى لقلت أن أرى كتاب أعمالى فى الدنيا توفى رضى الله عنه سنة ثمان وستين ومائتين وتحت رجلى الامام الشافعى شباك خلفه قبر الشيخ نجم الدين المعروف بالخبوشانى وحيد وقته وفريد عصره منع أهل البدع ورد عليهم واستتابهم عما عملوه من العقائد الفاسدة وأظهر عقيدة الاشعرية بالديار المصرية وكان له دعوة مجابة وكان صلاح الدين يوسف بن أيوب يأتى الى زيارته ويقف عليه ويسأله الدعاء حكى صاحب سيرة صلاح الدين انه أعطى النصر بدعاء الخبوشانى وكان اذا خرج الى الغزو يسأله الدعاء فيدعو له فينتصر ومدحه ابن خصيب بأبيات فأراد أن يجيزه فقال له اجعل جائزتى دعوة فدعا له وكان من عادة العجم أن المدرس يجلس فى الدرس وعلى رأسه طرطور فخرج يوما الى الدرس وقد جعل الطرطور على رأسه ظانا أنه فى بلاده فلما دخل حلقة الدرس تبسم كل من كان به فنظر اليهم وصلى ركعتين ثم جلس فما بقى أحد منهم الا بكى وخرج فى بعض الليالى يطوف على

٢١٤

بيوت الطلبة بالمدرسة فسمعهم يقرؤن القرآن حتى أتى الى خلوة فنظر من خلال الباب فرأى صاحب الخلوة قد وضع الكتاب من يده وأنشد يقول

تطاول هذا الليل والعين تدمع

وأورثنى حزنا بقلبى يوجع

فبت أقاسى الليل أرعى نجومه

وبات فؤادى خائفا يتفزع

اذا غاب عنى كوكب فى مغيبه

تغيب عقلى آخر حين يطلع

اذا ما تذكرت الذى كان بيننا

وجدت فؤادى بالهوى يتقطع

وكل محب ذاكر لحبيبه

يرجى لقاه كل يوم ويطمع

فذا العرش فرّج ما ترى من صبابتى

فأنت الذى ترعى امورى وتسمع

فلما أصبح الخبوشانى قال للفقيه ما الذى كنت تقول الليلة فقال كنت أقرأ العلم فقال حدثنى حديثك فقد سمعت انشادك فقال يا سيدى كانت لى ابنة عم بانت عنى بالطلاق فوجدت عليها وجدا عظيما وسألت أباها أن يردّها لى فأبى وحلف أن لا يردّها لى حتى يأتيه الخبوشانى ماشيا وأنا أستحى أن أذكر ذلك لك يا سيدى قال فضحك الخبوشانى فبينما هما كذلك اذ أقبل صلاح الدين ودخل على الشيخ نجم الدين فرآه ضاحكا فسأله فأخبره بقضية الرجل فأمر له بثلثمائة دينار ثم ذهب الشيخ معه ماشيا الى منزل أبيها فخرج وقبل يده وقال له يا سيدى انه فقير فأخرج له المال فقال له ردّها له وأو لم قال فردّها له وأو لم وكان الخبوشانى عابدا زاهدا عدّه القرشى فى طبقة الطوسى ومع الامام الشافعى فى القبة قبر الملك العزيز والملكة شمسة أم الملك العزيز وعند الخروج من هذا المشهد بين البابين بالمدرسة الصابونية قبر القاضى ابن القاضى لسبعة أجداد معدود فى طبقة القضاة والقراء والصوفية وأما الجهة البحرية من مشهد الامام الشافعى عند الدرب الجديد تدخل منه الى المقبرة الملاصقة لشباك الامام الشافعى فيها جماعة من القراء والصلحاء أجلهم الشيخ وحشى كان من كبار الصلحاء وهى تربة لطيفة بهذا الحوش وقال بعضهم ان بهذه المقبرة قبر الشيخ أبى اسحاق ابراهيم بن المروزى ذكره القضاعى فى تاريخه وقال هو مع الشافعى فى حجرته قلت وهو الآن لا يعرف الا مع صاحب الرمانة

ذكر تربة السنجارى هى التربة العظمى الحسنة البناء المقابلة للجامع بها جماعة من العلماء والقضاة وآخر ما ذكره القرشى منهم القاضى أبو المحاسن السنجارى وقد سلف ذكرهم مع القضاة والى جانبهم تربة بها قبر المواز وذكر القرشى فى الخطة قبر الفقيه ابن الحسين كان من أجلاء العلماء وأكابر السادة والأصح انه لا يعرف له قبر الآن وفى طبقته الفقيه

٢١٥

ابن الحسن الحضرمى من أصحاب الدينورى ولا يعرف له قبر وفى الخطة الفقيه ابن غزال ويعرف بأبى حفص الحضرمى ومعه فى التربة يحيى بن عمر صاحب ابن قاسم وتربتهم لا تعرف الآن ثم تأتى الى باب الشافعى البحرى تجد الى جانبه تربة لطيفة بها قبر الشيخ أبى المحاسن يوسف السندى المعروف بصاحب الرمانة والى جانبه تربة صغيرة بها قبر الشيخ حمزة التقدوسى الخياط ثم تمشى من الطريق المسلوك الى التربة المعروفة بالصرفندى قال ابن الجباس هو خلف بن عبد الله الصرفندى كان من العلماء الاخيار وكانوا ينقلون انه من جملة من أرادوا نقله عند بناء حائط الامام الشافعى فسمعوا من جانب قبره قائلا يقول أتخرجون رجلا أن يقول ربى الله وكان قد عمر عمرا طويلا ومعه فى التربة جماعة من العلماء وبها جماعة من الاراسفة منهم الشيخ أبو الحسن على الارسوفى وهو شيخ الصرفندى حكى ابن عثمان قال رؤى الصرفندى فى النوم وهو يقول زوروا شيخى قبلى فانما أنا شئ الا به والدعاء عنده مجاب ومنه الى تربة الشيخ أبى الحسن على الدلكى وهى تربة لطيفة بغير سقف وتعرف الآن بهذا الشيخ كان من كبار الصالحين وفى بعض تعاليق شيخنا ان الدلكى هذا كان من شيوخ الكيزانى ومعه فى التربة الشيخ كرجى والشيخ مفرج القرشى والى جانبهم تربة بها قبر الشيخ أبى عبد الله محمد المزنى والى جانب هذه التربة على الطريق المسلوك قبر الشيخ عبد الرحمن بن أحمد الدارانى وعموده مع الحائط فى حوش لطيف والى جانبه من الجهة القبلية التربة المعظمة المعروفة بابن شيخ الشيوخ بها جماعة ذكرهم القرشى منهم الشيخ فخر الدين أبو الفضل يوسف ابن شيخ الشيوخ والشيخ أبو الحسن محمد ابن شيخ الشيوخ وأبو الفتح عمر ابن أبى الحسن على بن أبى عبد الله بن حمويه الشافعى مات قتيلا من يد الفرنج وهو معدود فى طبقة القراء والشهداء والصوفية وحمل من المنصورة الى قرافة مصر ودفن بها ثامن شهر ذى القعدة سنة ست وأربعين وستمائة وكان مولده بدمشق سنة اثنين وثمانين وخمسمائة وسمع الحديث من أبى الفضل منصور العمرى وحمل معه الشيخ الجليل أبو الحسن محمد ابن القاضى أبى الطاهر اسماعيل وكان قد قتل معه قال المؤلف ولهم تربة أيضا بشقة الجبل بها الشيخ أبو الحسن على ابن شيخ الشيوخ نذكره عند شقة الجبل والى جانب هذه التربة الجديدة قبر الشيخ أبى عبد الله محمد المقدسى ومقابل هذه التربة تربة مرتفعة عن الارض يصعد اليها بدرج بها قبر الشيخ مروان الرفاعى وولده حسن والى جانب هذه التربة من الجهة القبلية تربة الملك الفائز واذا اخذت فى الطريق المسلوك قاصدا الى مشهد السيدة كلثم

٢١٦

تجد على يمينك تربة بها السادة الاشراف أولاد ابن ثعلب والى جانبها تربة الشيخ شهاب الدين العطار أحد مشايخ الزيارة والى جانبها من الجهة القبلية تربة القاضى بدر الدين ابن جماعة وقد سلف ذكره مع القضاة ومقابله تربة بها بهاء الدين زهير وهذه الجهة القبلية من مشهد الامام الشافعى وقد ذكرنا الجهة الغربية التى تلى المشاهد وأما الجهة الشرقية وهى شقة المصينى فبها جماعة من العلماء منهم الفقيه أبو الليث الشامى كان من أجلاء الفقهاء معدود فى طبقة الصرفندى قال القرشى وقبره خلف الدار التى بجوار المصينى تدخل اليه من الزقاق الذى بجوار تربة ابن شيخ الشيوخ غربيا منه قلت وهو الآن مجاور لقبر الخواص مقابل لمشهد المصينى ثم تمشى فى الطريق المسلوك قاصدا الى مشهد المصينى تجد على يمينك قبر الشيخ أبى العز القرقرى أحد مشايخ الزيارة وهو فى حوش لطيف وقبره معروف باجابة الدعاء ويليه الى الجهة القبلية عند باب مشهد المصينى قبر الشيخ أبى الحسن الابهرى المصينى الضرير شيخ القراآت السبع قرأ على أبى الحسن الاهوازى وقرأ الاهوازى على أبى العباس أحمد بن محمد العجلى وقرأ العجلى على أبى العباس الرازى وهو قرأ على ابن شاذان وهو قرأ على أبى الحسين أحمد بن زيد الحلوانى وهو قرأ على هشام بن عامر السلمى بسنده الى النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم وله روايات فى مذهب السبعة يطول شرحها وأخذ عنه الخشاب والشريف الخطيب وابن الخطية رضى الله عنهم وهو شيخ المصينى معدود فى طبقة القراء ذكره القرشى وسماه بالمصينى الكبير وتحت رجليه قبر الشيخ على الاسمر

ذكر المشهد المعروف بالمصينى ذكره الموفق ابن عثمان فى تاريخه وعده القرشى فى طبقة الفقيه ثابت الطيان كان اماما عالما فريد عصره ووحيد دهره هو أبو عبد الله عبد الرحمن وقيل أبو عبد الرحمن والصحيح أبو عبد الله قال القرشى وقبره معروف بالدرياق سمع الاحاديث الكثيرة وحدث عن جماعة وكان قد انقطع فى بيته فكان الناس يزدحمون على بابه لسماع الحديث حكى ولده عبد الله قال كان بجوارنا رجل قصاب اشترى كبشا فمرض من ليلته فلما أيقن بموته قال اللهم انى أشهدك ان عاش هذا الكبش كان جلده ورأسه للشيخ عبد الرحمن المصينى فأصبح وقد عوفى فذبحه وباعه وأتى بالجلد الى الشيخ فقال له الشيخ وأين الرأس فقال آتيك بها الساعة يا سيدى ثم مضى وأتاه بها فقال الشيخ اكتم عنى وكانت له دعوة مجابة وقد اشتهر عنه من قول الناس ان من زاره لم يزل فى امن الله تعالى الى مثل ذلك اليوم الذى زاره فيه وكان كثير الاجتهاد قرأ فى الغرب

٢١٧

على شيخه ثم جاء الى مصر فوجد فى مقلمته قلما معه من أقلام الشيخ فعاد الى الغرب ورده اليه وعاد الى مصر قال أبو عبد الله صحبت المصينى وقد أردت الحج فقلت له يا سيدى انى قصدت الحج فادع لى فقال اذا اصابتك مصيبة فادعنى قال فخرجت فركبنا البحر فهاج الريح وأشرفنا على الغرق فناديت يا أبا عبد الله فلقد سمعت تلبيته فى أذنى لبيك لبيك ثم رأيت البحر سكن من وقته فلما عدت الى الشيخ قال كيف كان طريقكم فقلت ما أصابنا شدّة بدعائك قال ولا فى اليوم الذى ناديتنى فيه وأنت فى البحر وقال عبيد ما رأيت أزهد من المصينى لقد كنا نأتيه بالاموال فيردّها حكى عنه أن رجلا كان يعمل على دابته فوقعت منه فى الطريق فقال ان قامت هذه الدابة فأجرتها للشيخ فقامت فلم يذهب اليه بشئ فلما كان فى اليوم الثانى وقعت فقال ان قامت فأجرتها للشيخ فقامت ولم يذهب اليه بشئ فلما كان فى اليوم الثالث وقعت فقال ان قامت هذه الدابة فاجرتها اليوم للشيخ فقامت فلما كان آخر النهار جاء بأجرتها الى الشيخ فضرب عليه الباب فقال لم لم تأت فى اليوم الاول خذ ما جئت به وأذهب بارك الله لك فيما جئت به مات رضى الله عنه سنة ثمان وخمسين وخمسمائة والى جانب مقبرته تربة لطيفة بها قبر الشيخ مشعلة الانصارى وفى تربة المصينى جماعة منهم ولد الشيخ أبى عبد الله محمد بن المصينى كان أوحد العلماء فى وقته قال المصينى كل ولد يأخذ من والده وأنا أخذت من ولدى هذا وبالتربة أيضا قبر الشيخ الزكى الجزار المقدم ذكره فيما جرى له مع الشيخ والى جانبه قبر الرجل الصالح الزكى المعروف بالحمار واذا أخذت من قبر المصينى مغربا على اليمين زرت قبر الشيخ أبى الفوارس القيروانى ذكره القرشى فى طبقة الفقهاء وسماه بالقزوينى وقال وقبره على الطريق وأنت قاصد الى المصينى قلت وقبره الى الآن بازاء تربة ابن شيخ الشيوخ تحت المنارة يدخل اليه من الباب الذى تجاه باب الامام الشافعى القبلى بالتربة التى بازاء تربة ابن شيخ الشيوخ وفى قبليه تربة كبيرة قديمة البناء بها القاضى الحموى وفى قبلى المصينى مقبرة الخطباء الجيزيين وقد ذكر القرشى الفقيه الحموى خطيب جيزة مصر وعدّه فى طبقة الشهداء ولا أدرى هل قبره بهذه المقبرة أم لا ولم يكن بالقرافة خطباء جيزيون غير هذه المقبرة ويحتمل أن يكون معهم وفى قبليهم قبر الشيخ شبل الدرعى وتربته معروفة على سكة الطريق ومعه فى التربة قبر الفقيه ابن خميس المقرى معدود فى طبقة القراء وهذه الخطة من الشقة الوسطى وفى غربيه قبر الشيخ شهاب الدين بن ثنا بازاء تربة الحموى على الطريق المسلوك وفى قبليه تربة على سكة الطريق بها قبر الشيخ

٢١٨

الواعظ الواسطى وفى شرقيه قبر الشيخ شهاب الدين بن قصبه وأخويه فخر الدين بن قصبه وأحمد وبها جماعة من بنى قصبه وخطتهم معروفة بهم الآن ثم تمشى فى الطريق المسلوك من تربة الواعظ الواسطى الى أن تأتى الى قبة صاحب النور قد اشتهر عند المصريين بصاحب النور لما كانوا يرون على قبره من النور فى ليالى الجمع وعلى عموده مكتوب هذا رجل من بنى المعافر وفى شرقيه جماعة من المجاهدين من ذرية الضراب وفى غربيه الملك الفائز وفى قبليهم حوش به عمود على قبر مكتوب عليه الشيخ أبو الحسن على بن سنقر العسقلانى وفى قبلى قبة صاحب النور مقبرة الفقهاء بنى ضرغام المالكية ووفاتهم على أعمدتهم ومنهم تخرج فى الطريق المسلوك تجد تربة الشيخ مسعود المريسى ومعه فى التربة قبر الوزير فخر الدين عثمان انتهت الشقة اليمنى وفى قبلى مقبرة الفقيه ابن خميس المقرى مقبرة السادة معبرى الرؤيا وقبليهم قبر الشيخ شرف الهدار انتهت واذا أخذت من مشهد المصينى مشرقا الى قبر السيدة فاطمة الخصوصية تجد قبر الشيخ أبى العز النيدى قبره داثر فى خربة وعلى باب تربته حوش به عمود مكتوب عليه الشيخ أبو القاسم عبد الرحمن الخامى ومعه فى التربة قبر الشيخ الزكى بن معنى الخامى ثم تأتى الى قبر الخصوصية وهى مشهورة باجابة الدعاء كانت من الصالحات العابدات وهى من طبقة ميمونة العابدة وقبرها مسنم مع الحائط والى جانبها من الغرب تربة بغير سقف بها قبر الشيخ مسعود النوبى ثم ترجع فى الطريق قاصدا الى الخط المعروف بالسنهورى قاصدا قبة العيد فتجد قبل وصولك اليها عمودا مكتوبا عليه الشيخ وتاب الوردى وفى بحريه قبر الشيخ أبى القاسم المتصدر بالجامع العتيق واسمه أبو الكرم ومعه فى الحومة قبر الشيخ أبى القاسم هبة الله عرف بالعطار هكذا مكتوب على قبره وبازاء قبة العيد قبر الشيخ الفقيه الامام العالم المعروف بابن عساكر واسمه أبو الكرم بن عبد الغنى بن عساكر وفى غربيه قبر السيدة فاطمة ابنة شرف القطان ومعها فى الحوش قبر والدها الشيخ شرف الدين وعند باب الحوش قبر الرجل الصالح المعروف بالطحان وبقية العيد جماعة من الاشراف والى جانبها من الجهة الشرقية قبر الفقيه المغربى المعروف بخادم الشبلى ومقابله على سكة الطريق تربة القاضى أبى الحسن على المعروف بالسنهورى وبها جماعة من ذريته وهى الى الآن تربة داثرة بغير سقف ولا باب ويليها من جهة القبلة تربة بها قبر الشيخ الصالح أبى بكر عتيق الحنبلى ويليها من جهة الشرق تربة الشيخ أبى الطاهر مغسل الصالحين وهو الذى غسل سيدى أبا السعود ومعه فى التربة جماعة من ذريته

٢١٩

ومقابل تربته قبر الشيخ شهاب الدين المعروف بالآدمى أحد مشايخ الزيارة وهو مسلكنا فى هذه الطريقة وكان من أهل الخير والامانة والصدق أخذ عن شيوخه بسنده المذكور وروى أن أول من زار بالزوار نهارا فى يوم الاربعاء الشيخ عابد وقبره بشقة الجبل وأول من زار بالطائفة الشيخ على الغمرى وقد ذكرنا قبره وفى حومة الآدمى الفقهاء أولاد الارتاجى والى جانبهم قبر الشيخ أبى البقا صالح المعروف بصاحب الصنجق ومنه الى تربة الفقهاء أولاد ابن حمويه وهم جماعة معروفون بخدمة الامام الحسين بن على ابن أبى طالب ومقابل تربتهم تربة لطيفة بها قبر الشيخ شرف الدين بن ليسون والخط معروف الآن بمأذنة الزير والى جانب التربة حوش به قبر الشيخ محمد القصديرى والى جانبه حوش المخزوميين ومنهم على سكة الطريق قبر أربع قطع حجارة مكتوب عليه الشيخ أحمد الآدمى أحد مشايخ الزيارة قديم الوفاة والى جانبه على سكة الطريق مقبرة بنى الاشعث وهذه احدى الثلاث مقابر اللاتى ذكرها ابن الجباس ولم يبق من هذه المقبرة شئ ظاهر غير قبر واحد فى وسط الطريق وفى الحومة أولاد ابن بكير وفى الحومة عمود مكتوب عليه شكر بن المطوع وفى الحومة قبر الفقيه ابن الصواف وفى الحومة قبر الشيخ أبى الحسن على النابلسى ثم تأتى الى تربة السنهورى وقد ذكرنا الجهة الشرقية منها وأما جهتها القبلية فاذا أخذت من تربة السنهورى مقبلا قاصدا الى قبر ابن برى النحوى وجدت عند المحاريب قبرا مكتوبا عليه ظافر بن قاسم الباقلانى وقريب من هذه التربة تربة لطيفة بها رجل من نسل أبى بكر الصديق رضى الله عنه وبالحومة قبر الشيخ أبى الفضل البطونى ويليه من جهة القبلة عمود مكتوب عليه قبر الشيخ أبى القاسم الحجار

ذكر التربة المعروفة بأبى قاسم الفلافلى كان من أكابر الصالحين معروف فى طبقة أرباب الاسباب قيل انه كان يبيع الفلافل وكان يربح ربحا عظيما فسئل عن ذلك فقال لما أن أخرج من بيتى أقول كما يقول الطير فقيل له وما ذا يقول الطير فقال يقول اللهم يا من اليه خطانا اغفر لنا خطانا خرجنا اليك خماصا سألناك أن نعود بطانا قال فاذا قلت ذلك يرزقنى الله الربح الذى ترونه ويليه من الجهة القبلية عمود مكتوب عليه موسى ابن ماضى المعروف بابن عساكر ومعه فى الحومة قبر الشيخ أبى الحجاج يوسف بن رواج الانصارى وحوله جماعة من ذريته ويليه من جهة الشرق عمود مكتوب عليه أبو الربيع سليمان الطحان ذكره الشيخ زكى الدين عبد العظيم المنذرى وفى قبلى تربة الفلافلى

٢٢٠