الكواكب السيّارة في ترتيب الزيارة

شمس الدين أبو عبد الله محمّد بن ناصر الأنصاري [ ابن الزيّات ]

الكواكب السيّارة في ترتيب الزيارة

المؤلف:

شمس الدين أبو عبد الله محمّد بن ناصر الأنصاري [ ابن الزيّات ]


المحقق: أحمد بك تيمور
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار ومكتبة بيبليون
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤١٠

فقال له أنت تحضر مكان الرفض فقال أنا تائب فقال له فأنت اذ من أهل الجنة فاستيقظ من منامه فقال له صاحبه رأيت مناما وأريد أن أقصه عليك فأخبره بمنام مثل منامه فكان أبو الدلالات لا يحضر بعدها مكان الرفض قال المؤلف وقبره معروف الآن عند المسجد المذكور على يسرة الداخل لابن النعمان وبالحومة قبر أبى عبد الله محمد بن عبد الله ابن يحيى القرشى المؤدب كان رجلا صالحا ذكره ابن عطايا فى تاريخه وهو لا يعرف الآن ثم تأتى الى زاوية الشيخ الصالح أبى الحسن على المعروف بابن قفل كان زاهدا له دعوة مجابة قال عبد المحسن بن سليمان المهدوى رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى النوم فقلت له يا رسول الله دلنى على رجل أزوره هو خير أمتك الآن قال عليك بابى الحسن ابن قفل فلما أصبحت أتيته وزرته فرأيت على وجهه نور الولاية قال رضى الله عنه ساعة من الليل تذهب أربعين كربة من كرب الآخرة وكان يقول الاصل فى الولاية الرياضة ومن ادّعى الولاية من غير رياضة فقد افترى ولا يزال الرجل يطيع حتى يكون من الله أقرب من قاب قوسين ولا يزال يعصى حتى يكون بينه وبين الله تعالى ما يزيد عن سبعين حجابا وقال أبو عبد الله بن النعمان كان أبو الحسن اذا تكلم أخذ بمجامع القلوب وكانت له فراسة صادقة ومكاشفات وحكى عنه أصحابه حكايات كثيرة وظهر له من الكرامات كثير وأفاد جماعة وبظاهر زاويته تربة بها قبر ولدى ولده هما جمال الدين وشهاب الدين أحمد وكان أحمد هذا كثير البشر حسن الخلق كثير الحياء وهو بالمشهد الذى يقابل باب الزاوية رضى الله عنه وهناك قبر الشيخ الصالح الجليل القدر العظيم الشأن الزاهد الناسك أبى القاسم المراغى صحب ابن الصباغ وكان يحدّث عنه بكرامات كثيرة قال الشيخ أبو القاسم قال لى الشيخ يوما يا أبا القاسم العين تحجبك فقلت يا سيدى ما معنى هذا الكلام فقال له اذا لحظتك أعين الناس بالتعظيم سقطت من عين الله تعالى وكان الشيخ أبو القاسم يتكلم فى علم الحقيقة بأشياء حسنة ويقال انه بلغ درجة القطبية وكان الشيخ أبو القاسم كثير التودّد عظيم البشر مات بقرافة مصر الكبرى ودفن بها وخلف ذرية صالحة وله كلام حسن فى التصوّف وعلى قبره جلالة ونور وهناك تربة الشيخ أبى عبد الله محمد بن موسى صاحب التصانيف الحسنة المعروف بابن النعمان له تصانيف عديدة وسمع الحديث الكثير عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ورأى جماعة من صلحاء عباد الله واستجيبت دعوة شيخه له وبنى مساجد كثيرة فى الاسلام تقام فيها الصلوات الخمس وكانت له عقيدة حسنة وأوصى أن تكتب عقيدته عند قبره وكان محبا للخير مبغضا للشر وله أخبار حسنة قال

١٨١

رضى الله عنه انه حصلت له معرفة الاسم الاعظم وكان يردّ على أهل البدع بما يغيظهم به قال محمد بن سعيد ما رأيت أبا عبد الله بن النعمان الا هبته لما كان فيه من السرّ وله مناقب مشهورة وله مصنفات منها سفينة النجا لمن التجا فى مناقب الشيخ أبى النجا وحدّث عنه بأشياء يضيق الوقت عن تبيينها وقال بعض المصريين ان الدعاء بين هذه الزوايا مستجاب ويليه من جهة القبلة زاوية الشيخ الصالح صفى الدين بن أبى المنصور وهو الشيخ الصالح العارف المحقق أبو عبد الله حسين ابن الامام العلامة الصاحب جمال الدين أبى الحسن على ابن الامام العلامة كمال الدين أبى المنصور ظافر بن حسين الازدى الانصارى الخزرجى الصوفى المحقق تلميذ الشيخ أبى العباس الحرار تلميذ الشيخ أبى جعفر أحمد الاندلسى تلميذ الشيخ أبى مدين شعيب رضى الله عنهم أجمعين له الكتب والمصنفات من جملتها كتاب العطايا الوهبيه فى المراتب القطبيه وتلبيس ابليس وله الرسالة بمن رآه واجتمع عليه من المشايخ بالديار المصرية وبلاد المغرب وبلاد الشام والعراق والاراضى الشريفة المقدسة وصنف الرسالة وسنه أربع وثمانون سنة وقال فيها وضعت ما بقى فى الذهن وصحب الشيخ أبا العباس وهو ابن أربع عشرة سنة وذكر عنه أشياء يضيق الوقت عن ايرادها وترك نعمة أبيه ولزم خدمة الشيخ أبى العباس الحرار الى أن مات ثم مات الصفىّ بعده وشهرته تغنى عن الاطناب فى مناقبه ويلى تربته من الجهة القبلية المسجد المعروف بمسجد النارنجة وهو من خطة بنى المعافر ولهم غيره بالحومة أيضا وبالقرب منه بئر بنى المعافر وهى خطة ذكرها القضاعى فى الخطط

ذكر المسجد المعروف بمسجد الاقدام ذكره القضاعى والكندى حكى الكندى قال سمى بالاقدام لان مروان بن الحكم لما دخل الى مصر وصالح أهلها وبايعوه امتنع من بيعته ثمانون رجلا من بنى المعافر سوى غيرهم وقالوا لا ننكث بيعة ابن الزبير فأمر أن تقطع أيديهم وأرجلهم وقتلهم على قبر المعافر فى الموضع المعروف بمسجد الاقدام فسمى المسجد المذكور بهم لانه بنى على أقدامهم ويقال جئت على قدم فلان أى على أثره وقيل انه أمرهم بالبراءة من علىّ عليه‌السلام فلم يتبرؤا منه فقتلهم هناك وقال بعضهم سمى بالاقدام لان به قدم موسى عليه‌السلام وهذا غير صحيح وهو معروف باجابة الدعاء وهو واسع البناء يصعد اليه بدرج من الحجر والخط معروف به وعند باب هذا المسجد من الجهة القبلية قبر السيدة الشريفة المعروفة بالخضراء قال شيخنا انها بهذا المكان وقال بعضهم انها فى المكان السالف ذكره والأصح ما قاله شيخنا ويلى هذا المسجد

١٨٢

من الجهة البحرية قبر القاضى أبى عبد الرحمن ذكره القرشى فى طبقة الفقهاء والقضاة وقد سلف ذكره مع القضاة وهو فى القبة التى فى أعلى الكوم وبالحومة المسجد المعروف بالنقاطة الملاصق لتربة أبى القاسم المراغى وبالحومة مساجد كثيرة وقد دثرت ومنها مسجد بنى سريع بن مانع الاشعرى وهو معروف الآن بالجامع القديم له منارة مربعة فى وسطه بنى سنة احدى وخمسين من الهجرة وهو مكان شريف مقصود بالبركة وهو غربى جوسق عبد الله بن عبد الحكم بينهما الطريق وكان الشافعى رضى الله عنه يأتى الى عبد الله بن عبد الحكم ويبيت عنده فى علو الجوسق لما يعهد من بركته وقد دثرت هذه الخطة ثم تمشى مغرّبا من مسجد الاقدام قاصدا الى جامع الفيلة وهو من خطة الحاكم وسمى بالفيلة لانه كان يعلوه حجارة كبار فاذا رآها المسافرون من طرا ظنوا انها فيلة وهو الآن بلا خطة ويجاوره الرباط المعروف برباط الافرم وخطته باقية الى الآن ومن بعده مسجد اللازورد هو من خطة الحاكم وسمى باللازورد لانهم لما حفروه وجدوا تربة عملوا منها اللازورد* المسجد المعروف بالرصد هو من خطة الحاكم وقيل ان الحاكم كان يرصد فى هذا المكان عطارد وزحل وقد تقدّم ذلك فى صدر الكتاب* جامع راشدة هو من خطة مصر وقال بعض المصريين سمى بجامع راشدة لان راشدة حظية الحاكم بنته وهذا غير صحيح والصحيح انه كان بهذه الخطة عرب نازلة يقال لهم بنو راشدة اختطوا بهذا المكان فبناه الحاكم على أثرهم فسمى بجامع راشدة وهو من خطة الحاكم وكان مقيما به الشيخ راشد ثم انتقل منه الى الجامع الازهر ثم مات ودفن بالصحراء وبالحومة مساجد كثيرة من خطط الحاكم وغيره نذكرهم فى جزء غير هذا لان هذه الخطة من خطط مصر وآخر خطة القرافة الكبرى الرصد وقال بعض المشايخ انه كان بالقرافة الكبرى اثنا عشر ألف مسجد ستة آلاف برزق وستة آلاف بمسقعات وقد دثرت ولم يبق منها الا ما ذكرناه فى هذا الكتاب وقد ذكر صاحب المزارات مسجد بنى عوف وقال بعضهم انه من خطة القرافة وهو مسجد بنى عوف بن غنم بن حرام بن عكابة من بنى عبد الاشهل مما يلى القبلة وهو أعظم مساجد مصر قدما وأعلاها ذكرا لانه صلى به ممن بايع تحت الشجرة مائة رجل الا رجلا وقد ذكر ذلك القضاعى عن الكندى وعرف بمسجد الزير لانه كان به زير من آثار الصحابة رضى الله عنهم وكان فى الدروة التى كانت على يسار الداخل من باب المسجد فيقال انه اذا سكب فيه ماء بدرهم حرام أصبح فارغا واذا كان من حلال أصبح كما كان فذهب الزير فى الشدة التى كانت بمصر سنة ستين وستمائة

١٨٣

وهذا المسجد لا شك فى اجابة الدعاء عنده وذوو الحاجات يقصدونه ويدعون الله عنده فيعرفون الاجابة ومن المساجد المعروفة المقصودة بالبركة مسجد سكن بن مرة الرعينى وفى هذا المسجد بئر يستشفى بمائها من الحمى باذن الله تعالى وقد استفاض هذا وهو مجرب عند المصريين وان من أصابته الحمى واغتسل من مائها يشفى وتذهب عنه باذن الله تعالى وحكى عن بعض ملوك مصر انه أصابته الحمى فذكر له ذلك فقصد البئر وأتى اليها واغتسل من مائها وصلى ركعتين ودعا الله تعالى فأذهبها الله تعالى عنه فأمر ببنائه وتجديده وعمل بأعلاه منظرة بقيت الى وقت الشدّة الكائنة فى سنة سبع وتسعين وخمسمائة فخربها المفسدون وهى الآن متهدمة دارسة وهذا الموضع معروف عند المصريين ببئر سكن وهو فى ذيل الكوم شرقىّ الشرف على يسرة السالك من القرافة الكبرى الى درب الكوم الاحمر وهو أوّل مسجد مبارك مقصود مشهور من الخطة الصحابية وبالخطة أيضا قبر السيدة الشريفة مريم ابنة عبد الله بن محمد بن أحمد بن اسماعيل بن القاسم الرسى ابن طباطبا عرف بمشهد النور كان القبر مدفونا فى الكوم بالموضع المذكور بجوار دار ابن محفوف المنجم بطريق القرافة الكبرى بحارة اليهود غربىّ المسجد المعروف بمسجد الشرفة جهة شاكر الافضلية عند مصلى الجنائز وكان أكثر الناس من أهل الجيزة يرون أكثر الليالى على موضع قبرها نورا مثل العمود من موضع قبرها الى السماء فانتهى ذلك الى جهة الحافظ فأمر بالنبش فى الموضع فظهر القبر وعليه بلاطة مكتوب فيها النسب المقدّم ذكره فأمر الحافظ ببناء المشهد المذكور وجعل عليه قبة وجعل البلاطة عند رأس القبر وقد عرف المصريون اجابة الدعاء عند هذا الموضع والحافظ هذا هو الذى بنى مشهد رقية وهو مشهد رؤيا وبنى مشاهد كثيرة ومساجد كثيرة وقد ذكر هذه الشريفة مريم الاسعد النسابة فى تاريخه وعدّها القرشى فى طبقة الاشراف وبالقرافة ومصر والقاهرة مشاهد كثيرة معدودة من مشاهد الرؤيا ومشاهد تعرف بمشاهد الرؤس منها مشهد السيد الامام الحسين بن على بن ابى طالب ومشهد التبن به رأس ابراهيم الغمر من أعيان الاشراف عدّه القرشى فى طبقة الاشراف والتبن اسم الذى بنى المسجد وهذا المسجد باق الى الآن معروف بظاهر القاهرة ومشهد زيد بن زين العابدين وقد ذكر الكندى دخول رأس زيد هذا الى مصر قبل دخول رأس الحسين ونذكر قصة رأس زيد فى غير هذا الموضع مشهد رأس محمد ابن أبى بكر الصديق أمه اسماء ابنة عميس الخثعمية وقصته طويلة وقد اشترطنا فى كتابنا أن لا نذكر الا الأحسن والامساك عما شجر بينهم أتقن بناء هذا المشهد الزمام ولم يكن بالمشهد

١٨٤

غير الرأس المقدّم ذكره وبمصر مشاهد رؤيا ومشاهد رؤس وقد ذكر بعضها فى صدر الكتاب ولا بد من تعيين بعضها فى ذكر الشقق ان شاء الله تعالى وبكيمان مصر مساجد كثيرة صحابية وتابعية وسلفية قد دثرت ولا يعرف منها الآن شئ وبالخط المذكور مدافن وقباب وجواسق ذكرها الكندى والقضاعى فى تاريخه وهى الآن كيمان تراب وقد ابتدأ الشيخ موفق الدين بن عثمان بالزيارة فى تاريخه من هذه الكيمان لما فيها من المساجد والمدافن المعروفة باجابة الدعاء ثم دخل بالزيارة من الباب الجديد الى مصلى بنى مسكين القديم المعروف الآن بكوم المنامة وذكر فى زيارته رجلا من الدفن الاوّل قلت وهو غنبسة وابتدأ على أثره صاحب هادى الراغبين وكل منهم له ابتداء فى الزيارة يضيق الوقت فى شرحه وقد ابتدأنا فى الزيارة من المشهد النفيسى وأخذنا يمين جهة واحدة الى القرافة الكبرى كما تقدّم الكلام عليه وانتهينا الى هذا ولله الحمد والمنة تمت الجهة الكبرى الاولى

ذكر الجهة الثانية وهى الوسطى

قال المؤلف عفا الله عنه وهى أصل يشتمل على زيارة ورش والعثمانية والمصينى وسنا وثنا وأبى الربيع وحكم زيارتها كالجهة الاولى كل شقة منها تشتمل على ثلاث شقق كما تقدّم الكلام فى صدر الكتاب وقد أخذناها جهة واحدة الى أبى الربيع قبرا بقبر على التوالى حتى لو أخذ أحد هذا الكتاب فى يده وزارهم دله على زيارتهم واحدا بعد واحد لانى أوضحته غاية الايضاح وفقت به على المصباح وبدأت بزيارة هذه الجهة من قبر الشيخ عبد الله الدرويش بعد زيارة المشهد النفيسى والصخرة وما بباب القرافة من المشاهد وقد ذكر بعضهم أن بباب القرافة قبر شمعون الصفا أحد الحواريين وانه مدفون الى جانب السيدة عائشة فى المكان المعروف الآن بالمخرس وهذا غير صحيح لانه لم يذكر أحد من المؤرخين انه دفن بمصر أحد من الحواريين وقال بعضهم هو سمنون وهو غير صحيح وقال بعض مشايخ الزيارة ان مقابل مشهد السيدة عائشة قبر يزيد بن معاوية وذكروا أنهم وجدوا رخامة فى الطريق مدفونة فجعلوها فى التربة على قبر وقالوا هذا قبر يزيد بن معاوية وذلك غير صحيح وقال بعضهم هو قبر عبد الله بن يزيد بن معاوية وذلك غير صحيح لان يزيد وعبد الله لا تعرف لهما وفاة بمصر وأصح ما بالحومة مشهد السيدة عائشة لها نسب متصل بالامام الحسين بن على بن أبى طالب وبالحومة قبور عديدة لا صحة لاسمائها ثم تدخل من باب القرافة قاصدا الى زيارة ورش فتبتدئ بالشيخ عبد الله الدرويش وهو فى التربة

١٨٥

المعروفة الان بتربة ابن السائس كان هذا الشيخ من أجلاء الصلحاء له أحوال وكرامات اشتهرت وكانت نشأته بزاوية الشيخ يوسف العجمى وقد رباه ودخل به الخلوة فأقام بها أياما ثم خرج منها ففتح عليه بجذبة ربانية ثم اشتهر بحاله لما أن أقام بباب القرافة وصار الناس يهرعون اليه من البلاد والقرى وشهد له علماء الزمان بالولاية والصلاح قال سيدى الشيخ يحيى الصنافيرى ليس فى جندى مثل درويش وعرف بفضله الشيخ مسعود المريسى وكان معاصرا له وعاصر أيضا الشيخ شهاب الدين والشيخ صالح والشيخ أحمد الجزورى وجماعة من أولياء وقته قال المؤلف حكى عنه الشيخ حسن المؤدب قال كنت أزور الشيخ عبد الله الدرويش وكان يكرمنى وحصل لى معه أشياء كثيرة من كرامات الاولياء منها انى كنت أدخل عليه فأراه بعينيه ومرة أراه بعين واحدة وكان يتطوّر فى سائر الصفات وصلب الخنزير بباب القرافة وضربت له الخليلية عنده وكان ذلك مجاهدة فى الفرنج وظهرت له كرامات عديدة يعجز الوصف عنها وتوفى فى شهر رجب سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة ومن وراء تربته تربة بغير سقف فيها قبر الشيخ عبد الله الدرعى واذا أخذت فى الطريق المسلوك مستقبل القبلة قاصدا الى تربة الشيخ يوسف العجمى تجد قبل وصولك اليها تربة لطيفة بها قبران أحدهما الشيخ خضر السعودى أخو الشيخ داود الاعزب والآخر الشيخ أحمد البطائحى الرفاعى ثم تأتى الى تربة الشيخ يوسف العجمى العدوى من أصحاب الشيخ عدى بن مسافر الاعزب كان هذا الشيخ يحكى عن نفسه أنه جاع ليلة فرأى الشيخ عديا فى النوم فقدّم له طبقا فيه عنب فأكل منه فى النوم فاستيقظ فوجد حلاوة العنب فى فيه هكذا حكى عنه صاحب المصباح ومعه فى التربة قبر الشيخ أحمد خوش خادم الشيخ عدى ويجاورها التربة المعروفة بالزين زين الدين بن مسافر وهى التربة المعظمة الحسنة البناء ذات القبة كان هذا الشيخ من كبار السالكين المجتهدين له عبادات وسياحات حكى عنه انه بينما هو مسافر ذات يوم فى بعض الطرقات وقد لحقه عطش شديد اذ رأى كوزا مملوأ ماء معلقا فى طاق والهواء يضربه فتاقت نفسه للشرب منه فجلس تحت الطاق لعل أحدا من أهل المنزل يخرج فيطلب منه الكوز فبينما هو جالس اذ أخذته سنة من النوم فرأى حورية عظيمة فقال لها يا سيدتى أنت لمن قالت لمن يخالف نفسه ويترك شهوة الماء المبرد فى الكوز فقال لها ما بقى لى حاجة فى ذلك فضربت الكوز بكمها فانكسر فاستيقظ على حس وقعه على الارض فحمد الله الذى عوّضه عن تلك الشربة بتلك الحوراء ولهذا عرف بصاحب الحورية وهو

١٨٦

من ذرية صخر بن مسافر أخى عدى بن مسافر وكان الشيخ عدى أعزب وقيل انه سأل الله تعالى أن يجعل ذريته فى أخيه صخر فاستجاب الله دعاءه وجعل ذريته فى أخيه ولهذا السيد نسب متصل بالسيد صخر ونذكر نسبه ونسب الشيخ عدى فى مناقبه وأما الشيخ عدى بن مسافر فله كرامات عظيمة اشتهرت فى البلاد وله مريدون وخدام لبس الخرقة من الشيخ عقيل والشيخ عقيل لبس من مسلمة والشيخ مسلمة لبس من الشيخ أبى سعيد الخراز والشيخ أبو سعيد الخراز لبس من الشيخ محمد القلانسى والشيخ محمد القلانسى لبس من والده عليان الرملى والشيخ عليان الرملى لبس من الشيخ عمار السعيدى والشيخ عمار السعيدى لبس من الشيخ يوسف القانى والشيخ يوسف القانى لبس من الشيخ يعقوب والده والشيخ يعقوب لبس من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وأمير المؤمنين عمر بن الخطاب لبس من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فهذه خرقة الشيخ عدى لبسها من مسلمة ونشأ بها من حال الصغر والسبب فى ذلك ما حكى عن الشيخ مسافر رضى الله عنه انه كان صاحب سياحة وتجريد فأقام مدة ثلاثين سنة فى سياحته فبينما هو نائم اذ رأى قائلا يقول له يا شيخ مسافر امض فى هذه الليلة الى أهلك وواقع زوجتك فانها تحمل منك بولد صالح وكل من باشر زوجته فى هذه الليلة فانها تحمل منه بولد فمضى سيدى مسافر الى أن أتى داره فى الليل فطرق الباب فقالت زوجة الشيخ من بالباب قال زوجك مسافر فقد أذن لى أن آتى اليك وأواقعك فى هذه الليلة فتحملين بولد صالح وكل من واقع زوجته من أهل البلد فى هذه الليلة فانها تحمل منه بغلام وفى رواية بولد صالح فقالت له ان أردت أن تجتمع بى هذه الليلة اطلع على هذا الكوم وناد يا أهل البلدة أنا مسافر قد أتيت الى أهلى وأذن لى فى هذه الليلة أن آتى الى أهلى وأجامع زوجتى تشتمل منى على حمل فيكون من حملها ولد صالح وكل من باشر زوجته فى هذه الليلة تحمل بولد صالح قال لها ولم أفعل ذلك قالت له لانك تجتمع بى هذه الليلة وتمضى الى حال سبيلك فأشتمل منك على حمل فيقول أهل البلدة زوجك له ثلاثون سنة غائبا وما جاء فمن أين لك الحمل ففعل ما أمرته به ونادى فى أهل البلدة وجاء الى زوجته وواقعها فاشتملت منه على حمل فحملت بسيدى عدى فلما ان كمل لها من الحمل سبعة أشهر اذ مر عليها مسلمة وعقيل وهى تملا على السقاء فقال الشيخ مسلمة لعقيل سلم بنىّ على ولى الله فقال وأين ولىّ الله فقال مسلمة أما تنظر هذه المرأة التى على السقاء ولهذا النور الذى هو ممتد من جوفها فهو نور الشيخ عدى فسلم عليه ومضيا الى حال سبيلهما

١٨٧

فلما ان تكامل حملها ووضعت سيدى الشيخ عدى وكمل له من العمر سبع سنين وقيل أكثر من ذلك فبينما هو يلعب بالكرة مع الصبيان اذ مر به مسلمة وعقيل فقال مسلمة لعقيل أتعرف هذا الشاب فقال له من هو هذا قال هو عدى بن مسافر فسلم بنا عليه فسلما عليه فرد عليهما‌السلام مرتين فقال له مسلمة سلمنا عليك مرة رددت علينا مرتين لم هذا قال المرة الزائدة عوض عن السلام الذى سلمتم علىّ فى بطن أمى ولولا حرمة الشرع لرددت عليكما السلام وأنا فى بطن أمى فاقتدى بهما وصار له نسبة بهما ثم انه شرب الفتوّة لحميد الاندلسى وحميد الاندلسى شرب لجعفر البالسى وجعفر البالسى شرب لابى الفتح الحمصى وأبو الفتح الحمصى شرب لاسد الغبى وأسد الغبى شرب لجعفر الكوفى وجعفر الكوفى شرب للقاضى شريح بالبصرة والقاضى شريح بالبصرة شرب لامير المؤمنين علىّ بن أبى طالب وأمير المؤمنين على بن أبى طالب شرب من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وحكى عن الشيخ عبد القادر الكيلانى رضى الله عنه انه كان ذات يوم يعظ الناس على المنبر فكان يتكلم فى التصوّف ثم ترك التصوّف وتكلم فى المحبة وقال كلامى لهذه الشجرة ثم تكلم وقال كلامى لهذا الطائر الذى على الشجرة وصار يردّد الكلام الى أن فرغ ثم نزل عن المنبر وجلس بين أصحابه فلما استقر فى الجلوس راح الطير الى حال سبيله فقال بعض أصحاب الشيخ يا سيدى أراك فى هذا اليوم مخاطبا للطير ولم تشر الى أحد من الجماعة بالكلام فقال ما تدرون من الطائر الذى على هذه الشجرة قالوا الله أعلم فقال الشيخ هذا عدى بن مسافر جاء من بلاده فى صفة هذا الطير وحط على الشجرة ثم قال يا عبد القادر تكلم فى المحبة فتكلمت من أجله فى المحبة وكان هذا الشيخ أبو المحاسن يوسف من أكابر المشايخ وبالمقام جماعة من خلفاء سيدى عدى ابن مسافر ثم تخرج من التربة فتأخذ مشرقا قاصدا الى تربة الشيخ محمد القدسى وهى على شرعة الطريق مشهورة لان هذا الشيخ محمد القدسى من كبار الصالحين وقيل انه يرجع الى الشيخ محمد القدسى الكبير الذى دفن ببيت المقدس وبحرى تربته حوش فيه قبر المرأة الصالحة لبابة بنت القاضى بكار هكذا نقل عنها مشايخ الزيارة وهذا غير صحيح لانه لم يذكر أحد من علماء التاريخ ان لبكار بمصر بنتا يقال لها لبابة ويحتمل أن تكون هذه من الصالحات تزار بحسن النية ومعها فى الحوش الشيخ عبد الله العراقى ومجاهد وفى حوشها قبر الشيخ أبى بكر النحوى والى جانبه قبر العراقى ومن قبلى تربة القدسى تربة فيها قبر الشيخ أبى القاسم اسماعيل الدميرى المعروف بالبزاز فى التربة المقابلة لتربة سيف

١٨٨

المقدم ثم ترجع الى الطريق المسلوك قاصدا الى تربة الطباخ فتجد قبل وصولك اليها زاوية الشيخ خليل المسلسل ومعه فى التربة قبر الشيخ احمد أبى العباس المعروف بالمسلسل وهو من مشايخ الاعجام المعروفين بالخير والصلاح ومن بحرى تربتهم قبر صاحب الشمعة حكى عنه خادم المسلسل انه كان يرى على قبره شمعة توقد فى الليالى المظلمة فاشتهر هذا السيد بهذه الكرامة ولا يعرف له اسم وانه من قبور الرؤيا والى جانبه من الجهة البحرية حوش الشيخ علاء الدين المعروف بالباجى خادم الامام الحسين بن على بن أبى طالب كان من كبار العلماء له المصنفات الكثيرة وشهرته تغنى عن الاطناب فى مناقبه ومعه فى التربة جماعة من ذريته وبالتربة أيضا قبر السيد الشريف المعروف بابى الدلائل وهذا الحوش هو أوّل شقة زيارة ورش الوسطى وتربة القدسى فى أوّل زيارة شقة ورش اليسرى وتربة الشيخ أبى المحاسن يوسف العدوى أوّل زيارة شقة ورش اليمنى فاذا أخذت من تربة المسلسل مقبلا الى تربة الطباخ وجدت قبر الشيخ الامام العالم أبى عبد الله محمد ابن الشيخ أبى الحجاج الاقصرى المعروف بتاج العارفين والى جانبه من القبلة تربة بها قبر الشيخ أبى عمر عفان المعروف بالمصافح قيل ان له مصافحة متصلة بالنبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم والحومة معروفة بتربة المعز وهى التربة العظيمة الحسنة البناء بها قبر السلطان المجاهد المرابط وليس هو بالمعز الفاطمى وانما هو المعز التركمانى ذكره صاحب تاريخ الخلفاء وولايته معروفة وبنى المعزية بمصر وله تربة أخرى عند السيدة كلثم ثم تمشى مستقبل القبلة تجد على يسارك حوشا به قبر الشيخ الامام العالم العلامة أبى عبد الله محمد بن أحمد بن الحسن المعروف بالصولى ذكره القرشى فى كتاب مهذب الطالبين وقال قبره من وراء تربة المعز وآخر هذه الشقة تربة أولاد الصيرفى ومن بحرى تربة المعز قبر الشيخ الامام العالم أبى القاسم عبد الرحمن المعروف بالفارسى وقبره على هيئة المصطبة وعند رأسه مجدول رخام مكتوب بالقلم الكوفى أبو على الحسين ابن القاسم بن عبد الرحمن الفارسى ذكره القرشى فى طبقة الفقهاء قال ادريس الحفار حفرت قبرا الى جانبه فسمعت الشيخ من قبره يقرأ القرآن والى جانب قبر الفارسى قبر الشيخ أبى الحسن على المعروف بقراءة بسم الله هكذا مكتوب على قبره قلت وهو الذى أشار اليه ادريس الحفار ثم تمشى قاصدا الى تربة ابن كثير تجد تربة أولاد ابن رزين خطباء الجامع الازهر وقضاة الديار المصرية وقد سلف ذكرهم مع القضاة

ذكر تربة ابن كثير قال بعض مشايخ الزيارة انه عبد الله بن كثير صاحب الرواية

١٨٩

وليس بصحيح لان الامام الشاطبى ذكر فى الشاطبية انه مدفون بمكة قال الشاطبى رضى الله عنه

ومكة عبد الله فيها مقامه

هو ابن كثير كاثر القوم معتلا

وهذا القبر يقال له قبر العلاء بن كثير وهم جماعة ذكرهم القرشى فى طبقة الفقهاء والى جانبهم من القبلة قبور المغافرية المراكشيين وقال بعضهم هم الفقهاء السطحيون والاصح ما قاله القرشى فى كتاب مهذب الطالبين وهم الآن فى التربة الجديدة المجاورة للعلاء ابن كثير ومن بحريه عند الدرب قبر الرجل الصالح المعروف بالصائغ وهو مجاور لتربة الشيخ عمر التكرورى وكان الشيخ عمر التكرورى من كبار الصالحين وهو من طبقة الشيخ خليفة والشيخ على وكان معاصرهم وأوصى أن يدفن بهذا المكان على شرعة الطريق ليرحم عليه من يمر بقبره وتربته قبلى تربة ابراهيم السطار وهذا فى مجرّ الامام الشافعى ومن قبلى تربة ابن كثير فى مجرّ ورش وعلى يمين السالك قبر الشيخ أبى القاسم اسمعيل التاجر هكذا مكتوب على عاموده وعلى يسار السالك مقبرة أولاد الشيخ مرزوق السبكى وهم جماعة معروفون بالخير والصلاح ومن قبليهم فى المحراب قبر الشيخ أبى القاسم المخزومى ومعه فى الحوش قبر الشيخ الصالح المعروف بالطبرى وقال بعض مشايخ الزيارة اسمه عبد الله ويعرف بملك طبر وفى الحومة قبر الشيخ الفقيه العالم الامام أبو محمد الطبرى صاحب التصانيف والتاريخ المشهور وكان من اجلاء العلماء وشهرته تغنى عن الاطناب فى مناقبه وهذا القبر ما بين المخزومى والازمة يعنى بحرى ورش وقد ذكر القرشى فى كتاب مهذب الطالبين بالحومة قبر أبى عبد الله محمد بن محمد بن طباطبا عطاء الشافعى وكان مكتوبا على قبره انه كان من أصحاب المزنى وعليه تفقه وقبره بحرى ورش ولا أدرى هل هو أشار الى هذا القبر أم لا ثم ذكر الى جانبه قبر الفقيه محمد بن قاسم بن عاصم وهو الذى مدح كافورا بالابيات التى من جملتها

ما زلزلت مصر من سوء يراد بها

لكنها رقصت من عدله فرحا

والسبب فى ذلك أنه لما ولى كافور مصر أقامت الزلزلة عمالة ستة أشهر وكانت أيام عدل ورخاء فتعجب الناس من ذلك فمدحه الشيخ بهذه الابيات ثم ذكر الى جانبه قبر الشيخ الفقيه الامام أبى محمد الحسن بن ابراهيم أدرك كافور الاخشيدى وهو صاحب الحكاية المشهورة قال أرسل عبد الرحمن صاحب الاندلس مالا الى مصر وأمر أن يفرّق على الفقهاء المالكيين وكان بمصر الفقيه أبو بكر الحدّاد فقال لكافور أرضيت بملكك وعدلك أن ترسل

١٩٠

الاموال للمالكيين والشافعيون معك فقال كافور كم أرسل للمالكيين قالوا عشرة آلاف قال هذه عشرون ألفا للشافعيين قال جزاك الله خيرا وبحرى ورش قبور الازمة وهما قبران مسنمان بالطوب والآجر مشهوران بالخير والصلاح نذكرهم بالدوام على المشايخ ولا يعرف لهم وفاة والى جانبهم من القبلة قبر الشيخ الامام العالم عثمان بن سعيد المعروف بورش المدنى صاحب الرواية معدود فى طبقة القراء وأصل ورش جنس من اللبن لقب به لانه كان شديد البياض وكان كاتب القاضى أبى الطاهر عبد الحكم بن محمد الانصارى توفى سنة سبع وتسعين ومائة حكى عنه ابن عثمان فى تاريخه أن لصا جاء الى بيته ليأخذ ما فيه فوجد على الباب غلقة حديد فما قدر على فتحه فقال فى نفسه هذا البيت فيه قماش كثير وما كان معه غير درهم كبير فدفعه للنجار وقال له افتح لى هذا الباب ففتح له الباب ثم دخل الى الدار ليأخذ ما فيها فلم يجد فيها غير ابريق وجرة مكسورة فقال فى نفسه جئت اسرق سرقونى ئم دخل ورش فقال له من أدخلك ههنا فقال أنت نصبت على الناس فظننت أن فى بيتك شيأ آخذه وحكى له القصة فدفع له درهما وقال هل لك فى مصاحبتى قال نعم ثم جاءت تلامذة الشيخ فقص عليهم قصته فدفعوا له شيأ كثيرا وبقى مع ورش حتى مات ودفن تحت رجليه وحكى بعضهم انه لما ان دخل ورش وقص عليه اللص القصة قال له استغفر الله فجلس واستغفر الله مائة مرة فقال للشيخ يا سيدى قد استغفرت الله مائة مرة فبينما هو يتكلم مع الشيخ واذا بالباب يطرق فقال انظر من بالباب واذا بالباب غلام الخليفة ومعه صرة فيها مائة دينار وقال للشيخ ان أمير المؤمنين يسلم عليك وأرسل لك هذه الصرة اعطها لمستحقها فقال له سلم عليه وقل له قد سبقها مستحقها فاعطى الصرة للرجل واذا المطر يمطر فقال له ابشر ان زوجتك تنجب ولدا ذكرا فراح الرجل الى بيته فوجد زوجته وضعت ذكرا فاشترى لها ما يقوم بحالها ثم عاد الى الشيخ وقال يا سيدى ما تعجبت من المالية كيف حصلت وانما عجبت من قولك فى الولد قال ما هو من عندى استدللت بقول الله تعالى (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً) فلما ان حصل الاستغفار والمالية والمطر استدللت بهذه الآية على الولد فتاب ولزم خدمة الشيخ الى أن مات ودفن تحت رجليه ثم تأتى الى قبر الشيخ داود السقطى المعروف بالامام قال بعض العوام انه امام جامع الاقمر وقال بعضهم انه امام الجامع الازهر والصحيح انه امام مسجد بخط الازهر وكان مقيما به منقطعا عن

١٩١

الناس مشتغلا بالعلم والعبادة والى جانبه من الجهة القبلية قبر الشيخ شاور الحبشى المعروف بالخياط كان من أكابر الصلحاء معدود فى طبقة أرباب الاسباب وكان يخيط القميص بفتلة واحدة الى أن يفتح جيبه وكان يتصدق بأكثر أجرته ويليه من الجهة القبلية تربة الشيخ شيبان الراعى قال ابن عثمان فى تاريخه هو محمد شيبان بن عبد الله المعروف بالراعى أحد زهاد الدنيا سمع قارئا يقرأ (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) فذهب على وجهه فارا فلم يره الناس بعد سنة فلما كان بعد السنة قيل له لم هربت فقال من ذلك الحساب الدقيق وروى زيد بن لحيان قال خرجت حاجا أنا وشيبان الراعى وسفيان فلما وصلنا بعض الطرق اذا نحن بأسد قد عارضنا فقلت لشيبان أما ترى هذا الكلب قد عرض لنا فقال لا تخف فما هو الا أن سمع كلام شيبان فبصبص وضرب بذنبه مثل الكلب فالتفت اليه شيبان وعرك اذنه فقال له سفيان ما هذه الشهرة فقال وأى شهرة يا ثورى لو لا كراهة الشهرة ما حملت زادى الى مكة الا على ظهره وقيل انه مرت به رابعة العدوية فقالت له أريد الحج الى بيت الله الحرام فأخرج لها من جيبه ذهبا حتى تنفقه فمدت يدها الى الهواء وقالت أنت تأخذ من الجيب وأنا آخذ من الغيب واذا كفها مملوء ذهبا فمضى معها على التوكل ومر الامام الشافعى هو والامام أحمد بن حنبل رضى الله عنهما على شيبان رضى الله عنه فأراد الامام الشافعى أن يقصد اليه فقال الامام أحمد بن حنبل ان الله لا يتخذ وليا جاهلا فقال له سله فتقدم أحمد الى شيبان فقال له كم يلزمك زكاة على غنمك فقال له على مذهبكم على أربعين رأسا رأس فقال له وهل مذهبكم غير ذلك قال نعم الكل زكاة قال له ما الدليل قال ما قال أبو بكر رضى الله عنه حين قال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ما خلفت لعيالك قال الله ورسوله فقال ما يلزمك اذا سهوت فى الصلاة قال ان كان على مذهبكم فسجدتان وان كان على مذهبنا نعيد الصلاة فقال له ما الدليل فقال قوله تعالى (لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ) فاعيدها عقوبة لما (١) ادعت ويجب علىّ حد وهو أن أضرب بالحديد ويقال لى هذا جزاء قلب غفل عن ذكر الله تعالى فقال له ما حقيقة المعرفة فقال نور فى القلب وغاب فلم يره فقال أحمد أتيت الى من يفتى فى الشرع وفى مذهب الحقيقة ولما مات المزنى رحمة الله عليه قال ادفنونى قريبا منه فانه كان عارفا بالله وروى عنه انه أتى الى برية قليلة الماء فأخذته سنة من النوم فنام فجنب فبقى متحيرا فى الغسل فهمهم فاتت سحابة فمطرت عليه فاغتسل وقد عرف هذا المكان

__________________

(١) هكذا بالاصل

١٩٢

باجابة الدعاء ولم نزل نرى المشايخ يذكرون شيبان بهذا المكان وقال بعضهم هو بأرض الشام فببركته يستجاب الدعاء بهذا المكان حيث كان والاصل فى الزيارة اخلاص النية قال ابن (١) بينه وبين المزنى قبر الخياط كان من الصالحين معدودا فى طبقة أرباب الاسباب وهذا القبر ظاهر الى الآن والى جانبه قبر السيدة فاطمة خادمة الشيخ أبى الحجاج الاقصرى

ذكر التربة المعروفة بالمزنى ـ هو الشيخ الامام العالم اسماعيل بن يحيى المزنى صاحب الامام الشافعى ذكره القضاعى وأفرده فى السبعة المختارة وهو الذى تولى غسل الامام الشافعى توفى سنة أربع وستين ومائتين قال صاحب المزارات المصرية هو القبر الملس حكى ابن عثمان فى تاريخه انه خرج من جامع مصر ونعله معلقة بيده وقد أقبل عبد الله ابن عبد الحكم فى موكبه فعجب مما رأى من حسن حاله فسمع قارئا يقرأ وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون وكان ربك بصيرا فقال والله أصبر وأرضى عدّه ابن الجباس فى طبقة الفقهاء قال المزنى لم أكن حضرت العلم فلما دخل الامام الشافعى مصر رأيت الناس يزدحمون عليه فقلت ما بال الناس يزدحمون على هذا الشاب الحجازى قالوا لعلمه قلت ومالى لا أقرأ العلم فقرأت العلم وكنت أحفظ فى اليوم والليلة مائة سطر وقرأت كتاب الرسالة على الامام الشافعى غير مرة واستفدت منه فوائد كثيرة قال الامام الشافعى عليك بالعزلة تفقه وكان يقول لم تقدر على حفظ العلم الا بالتقوى وقال بعض العلماء لم ترعينى وتسمع أذنى أحسن نظما من كتاب الله ثم أنشدنى

من أراد العيش والرا

حة فى دهر طويل

فليكن فردا من النا

س ويرضى بالخمول

ويداوى مرض الوح

دة بالصبر الجميل

وكذا من عرف النا

س على كل سبيل

بين ذى امر بغيض

ومداراة جهول

ولعين السر مؤذ

والتملى من ملول

وتمام الامر لا تع

رف سمحا من بخيل

فاذا ما بنت عنهم

عشت فى ظل ظليل

قال المزنى قال الامام الشافعى اياك والهوى فانه يهوى بك الى جهنم وقال سمعت أشهب يقول

__________________

(١) بياض بالاصل

١٩٣

ذهب الذين يقال عند فراقهم

ليت البلاد بأهلها تتصدّع

قال القرشى كان المزنى فى صباه حدادا فمرّت به امرأة فقيرة فقالت له ان لى بناتا وسافر أبوهم ولهن ثلاثة أيام لم يجدن شيئا يتقوّتن به فترك الدكان ومضى فاشترى طعاما كثيرا وذهب معها فخرج ثلاث بنات فقالت واحدة منهنّ وقاك الله نار الدنيا والآخرة فكان فى الدنيا يدخل يده فى النار فلا تضره شيئا وقال ابن بنته ما رأيت جدى ضاحكا قط إما أن يصلى وإما أن يقرأ العلم وإما أن يوجه مسألة فى دين الله تعالى وكان كثير البكاء اذا رأى ميتا محمولا على الاعناق ويشيع الاموات الى القبور فلما مات المزنى وحمل من داره الى القبر رأى الناس الطير على نعشه حتى أنشد من حضر الجنازة أبياتا

ورأيت أعجب ما رأيت ولم أكن

من قبل ذاك رأيته لمشيع

طيرا ترفرف حوله وتحفه

حتى توارى فى تراب المضجع

اطهار رسل الله قد نزلت له

والله أعلم فوق ذاك المرجع

ومناقبه مشهورة غير محصورة وروى عن الشافعى فوائد كثيرة من جملتها من ترك صلاة ولم يعرف عينها ومسائل ذكرها أبو اسحاق. ذكر من حوله من التابعين والعلماء والصالحين والى جانب تربته من القبلة حوش لطيف بين الجدر به قبر الابيض بن عقبة ابن نافع يكنى أبا الاسود وانما سمى بالابيض لصباحة وجهه قال القرشى فى طبقة التابعين هو وابنه الاسود فى قبر واحد والى جانبهم قبر السيدة هند بنت نافع بن الاسود ابن الابيض بن عقبة بن نافع الهاشمى وقد ذكرنا اختها عند تربة سكينة والى جانب قبر المزنى قبر ابن ابنته ذكره القرشى فى طبقة الفقهاء أخذ عن جده المزنى كان من الابدال الورعين الزهاد وقبره وراء حائط قبر جدّه قلت وهى الحائط الشرقى وهو القبر الصغير فى جدار الحائط ليس يفرق بينه وبين رجلى جده الا الحائط وقد ذكر القرشى بالحومة قبر الفقيه الامام ابراهيم بن محمد الصوفى اشتغل على المزنى قال القرشى وقبره قبلى قبر المزنى وهذا لا يعرف الآن ثم ذكر بالحومة قبر على بن الربيع بن سليمان وهذا لا يعرف الآن وبالحومة تربة الشيخ آدم المراواتى وهى التربة الملاصقة لتربة السيدة هند بينهما تربة محمد بن سعيد المعروف بالنقاش حكى عنه انه كان جالسا بالشارع الاعظم بالدرب المعروف به الى الآن فمر عليه رجل فى يوم الجمعة يريد الثقالة عليه فقال له اصلح لى وكان من عادته لا يعمل يوم الجمعة شغلا فقال له الشيخ رح الى حال سبيلك أدى انت مصلوح فقال الرجل اصلاح الاكاديش قال اصلاح الاكاديش ان شاء الله

١٩٤

فراح الرجل الى حال سبيله فوقع فى واقع فدخلوا به الى الشرطى فضربه وشق أنفه ومروا به من الشارع والجماعة ينظرون اليه ويقولون هذه دعوة الشيخ وبالحومة قبر الشيخ أبى القاسم العسقلانى قريب من قبر ابن ابنة المزنى وقال بعضهم ان أبا جعفر الطحاوى بالحومة وليس بصحيح وعند باب المزنى قبر الشيخ زين الدين أبى بكر المصرى المعروف بالشرابى اشتهرت له كرامات وكلام على الخاطر وكان الغالب عليه حالات الجذب يأوى المكان الخراب ويأكل اذا أطعم ويجود بما عنده قليل السؤال يضيق الوقت عن ايضاح مناقبه والى جانبه من الجهة الشرقية قبر الشيخ ابراهيم الراعى وبالحومة قبر الخياط والمواز وهما فى حوش لطيف واذا سلكت فى الطريق المسلوك الى زاوية الرومى زرت قبر الشيخ أبى القاسم العسقلانى المعروف بالمعاز هكذا مكتوب على عاموده وبالقرب منه قبر الفقيه ابن درغام المالكى امام مسجد درب البقالين وفى تربة الشيخ عبد الله الرومى الشيخ أبو الحسن على الشطنوفى معدود فى طبقة القراء ومقابل تربته تربة العساقلة بها قبر الشيخ أحمد العباسى والشيخ موسى الصامت وجماعة من العساقلة واذا زرت من المزنى مبحرا وجدت عامودا مكتوبا عليه الشيخ أبو الحسن على الحافظ وهو عند باب تربة الحصنى وهى التربة الكبيرة ذات البابين المقابلة لتربة الخياط واذا زرت من المزنى مقبلا قاصدا الى الخط المعروف بتربة الطيارين وجدت قبرا داثرا عليه بقية عامود هو قبر الشيخ عبد الله المعروف بالشاطبى وهو قبلى شيبان ثم تأتى الى حوش الجيلين المجاهدين المعروفين بريسة البحر المالح ولهم حوش آخر عند صاحب الهجين ومقابل تربتهم تربة الشيخ الصالح أبى السعود بن ياسين لا تعرف له وفاة نزوره بالتلقى من المشايخ وبالحومة قبر الشيخ الامام العالم أبى عبد الله محمد المعروف بالمهذب هكذا مكتوب على عاموده كان من كبار الحفاظ له كتب ومصنفات وبالخط المذكور مما يلى تربة الطولونى قبران فى حوش لطيف فى المجرى المعروف بالمعز قال بعض مشايخ الزيارة ان اسمهما عبد الله البجلى وعبد الله البهنسى وقال شيخنا هم يعرفون بالمغاربة وهما فى الحوش القبلى من حوش الصوفى وقبلى هذا الحوش حوش لطيف على شرعة الطريق قريب من تربة الطولونى قبر الشيخ عبد الله الخامى صاحب الحكاية المشهورة حكى عنه انه كان مقيما بالقرافة وكان يصنع بها الحياكة فبينما هو ذات يوم جالسا اذ جاءه قاصد الوزير ومعه حمير عليها احمال نطرون قالوا له يا شيخ ان الوزير طرح على الناس النطرون وأرسل هذا نصيبك فقال لهم لا حاجة لى بشئ يأتى من عند الظلمة ارجعوا به

١٩٥

فقالوا لا نقدر على ذلك قال الشيخ وأنا ما آخذ شيئا فدخلوا الدار وطرحوا النطرون على الارض وجاؤا يخرجون فلم يجدوا للمكان بابا وقالوا للشيخ اطلقنا يا سيدى لوجه الله قال ان أردتم تخرجوا من هذا المكان خذوا ما جئتم به فأعادوه الى أوعيته واذا الباب قد فتح لهم فحملوه وجاؤا به الى الوزير فقال لهم ما بالكم رجعتم بهذا النطرون قالوا كلهم أخذوا الا ما كان من الشيخ ما أخذ شيئا وقصوا عليه القصة فقال لهم تكذبون أنتم أخذتم منه البرطيل أنا أمضى معكم اليه حتى أنظر كيف جرى لكم فركب الوزير وسار الى أن أتى عند الشيخ فسلم عليه وقال له يا شيخ لم رددت هذا النظرون وهو لا يخسر شيئا فى الثمن فقال الشيخ ما لنا عادة يطرح أحد علينا شيئا تجيبوا الى حجارة وتطلبوا بها ثمنا ثم انه اغتاظ من الشيخ وأشار الى من معه أن يطرحوا ما معهم فطرحوه فاذا هو حجارة لا ينتفع بها فلما أن نظر الوزير الى ذلك استغفر الله تعالى مما جرى منه فى حق الشيخ ووقع له توقيعا أن لا يرمى أحد عليه ولا على أهل القرافة وهم للآن لم يطرح عليهم نطرون ببركته رضى الله عنه ومعه فى الحوش قبر الشيخ الصالح أبى عبد الله محمد الصوفى العاقد وبالحومة مقبرة الغمريين بها مجدول كدان مكتوب عليه الشيخ الصالح ابن نفيس التكرورى والى جانبه عامود مكتوب عليه الشيخ الصالح أبو عبد الله محمد المعروف بالعسقلانى وقريب منه فى الحومة قبر الشيخ الصالح نصير المعروف بالعجان معدود فى طبقة أرباب الاسباب وهى الطبقة العاشرة من كتاب مهذب الطالبين قال بعضهم هو القبر الحوض الحجر الكبير لم يكن فى الحومة أكبر منه وهذا غير صحيح وقد أوقفنا شيخنا على قبر غيره عليه رخامة مكتوب عليها اسمه ووفاته وهو الاصح ثم تمشى مستقبل القبلة الى تربة أولاد الصيرفى وقد ذكر ابن الجباس فى تاريخه ابن الصيرفى هذا وعدّه فى طبقة القضاة وذكره ابن ميسر أيضا وعدّه من قضاة مصر وقد سلف ذكره ومناقبه مع القضاة قال القرشى فى كتاب المزارات وقبر ابن الصيرفى فى سفح المقطم ولم يكن فى السفح المذكور من اسمه ابن الصيرفى غير هذا وحكى عن الشيخ على بن الجباس انه كان يزور القرافة ولا يعرف هذا القبر فرأى فى المنام قائلا يقول له يا شيخ على تزور القرافة ولا تزورنا قال من أنتم قالوا نحن أولاد الصيرفى فأصبح وجاء الى المكان وزارهم ولهم نسبة طويلة منقوشة على الشباك والى جانب تربتهم من الجهة القبلية قبر داثر هو قبر الشيخ عبد القادر بن مالك الزيات واذا أردت أن تزور شقة سنا وثنا فى المجر المذكور تجد حوشا على يمين السالك قريب من تربة أولاد الصيرفى به عامود مكتوب

١٩٦

عليه هذا قبر الشيخ الفقيه الامام العالم العلامة مفتى المسلمين شيخ المحققين أبى محمد عبد الله الشافعى الانصارى ذكره القرشى فى طبقة الفقهاء وأثنى عليه وعند رأسه قبر ولده المعروف بالعفيف ومعه فى حوشه جماعة من البكريين ذكرهم القرشى فى كتاب مهذب الطالبين ثم تمشى فى الطريق المسلوك تجد على يسارك تربة بها قبر الشيخ الامام العالم محيى الدين المعروف بالزواوى وعلى اليمين حوش فيه قبر بعمود معروف عند مشايخ الزيارة بالعقيلى قال بعضهم ان تراب قبره ينفع لحل العقد وقال بعضهم ما سمى بالعقيلى الا لكونه من نسل عقيل وحوله جماعة من الصالحين وهذه العطفة تسلك منها الى قبر الشيخ كليب الشامى وفى شرعة الطريق قبر الشيخ على المعروف بالعمرى شيخ الزيارة قيل هو أوّل من زار بالليل بالطايفة ومقابله حوش لطيف فيه عمود مكتوب عليه هذا قبر الشيخ الصالح الورع الزاهد أبى حفص عمر ومنه الى تربة الشيخ أبى عمرو الحوفى وعند باب تربة الحوفى قبر الشيخ الصالح أمين الدين المعروف بالضرير وعلى قبره مجدول كدان والى جانبه من جهة القبلة مقبرة أولاد الزرادعى ولم يكن فى الجبانة أحسن من أعمدتهم ولهم نسب طويل مكتوب على أعمدتهم والى جانبهم عمود مكتوب عليه الشيخ صالح العفيف ابن أبى الوفا ومن وراء حائط أولاد الزرادعى محاريب فيها قبر عليه مجدول كدان قديم قيل انه قبر الشيخ أبى عبد الله محمد الشرايحى

ذكر التربة المعروفة بالشيخ أبى عمرو ولم يكن بالحومة أشهر منها هو الشيخ الامام العالم أبو عمرو عثمان بن مرزوق المعروف بالحوفى صاحب الشيخ الامام العالم العارف عبد القادر الكيلانى وروى عنه أشياء له مناقب مشهورة وفاته سنة أربع وستين وخمسمائة وقد جاوز السبعين وخرقته باقية الى الآن انتفع به الجم الغفير وله المصنفات والشعر الرائق وهو أبو عمرو عثمان بن مرزوق بن حميد بن سلامة الحنبلى القرشى وبالتربة جماعة من ذريته وعند باب التربة قبر الشيخ أبى القاسم المعروف بالكنانى وعلى قبره مجدول كدان مقابل للتربة المذكورة والى جانب التربة المذكورة حوش الفقهاء أولاد الجزار الشيخ أبى اسحاق ابراهيم بن محيى الدين عبد الغنى ابن الجزار مشهورين بالعلم والصلاح ومعهم فى الحوش قبور أولاد الخشاب وهم الشيخ الرشيد بن الطاهر اسماعيل بن أبى اسحاق بن الخشاب بن سلع الخشاب عز القضاة يوسف بن الخشاب مشهورون بالخير والصلاح وهم فى حوش الفقهاء أولاد الخشاب والى جانبهم التربة المعروفة بمسرور الخادم كان من فعلاء الخير له الحال المعروف به بالقاهرة المحروسة مودع بيت مال الايتام وبالحومة

١٩٧

قبر الشيخ الامام أبى القاسم عبد الرحمن بن عيسى بن فراش بن عبدون العدل الضرير المنعوت مالكا مات سنة أربع وخمسين وثلثمائة بالقاهرة ودفن بباب تربتهم المعروفة بهم الى جانب أبيه سمع من الحافظ أبى محمد ومن أبى القاسم ودرس بالمدرسة السيوفية (١) بالقاهرة وكان من أجلاء العلماء وأكابر الفقهاء قال بعض أصحابه رأيته فى المنام بعد موته فقلت ما فعل الله بك قال تجاوز عنى بحفظ العلم وما فتحت عيناى فرأيت الا الجنة ذكره القرشى فى طبقة الفقهاء ولا تعرف تربتهم الآن وذكر فى طبقته أيضا الفقيه الامام العلامة المحدث أبا بكر بن أبى الحسن على بن مكارم ولا يعرف له قبر وذكر فى هذه الطبقة أيضا الفقيه الامام أبا عبد الله محمد ابن الشيخ أبى محمد عبد الوهاب بن يوسف بن على ابن الحسن الدمشقى الاصولى المصرى كان فقيها على مذهب أبى حنيفة كان يلقب شمس الدين يعرف بابن المحسن مات فى حكم العزيز بالقاهرة المحروسة ودرس بالمدرسة السيوفية وسمع الحديث الكثير ولا يعرف له الآن قبر

ذكر التربة المعروفة بتربة مسافر قديما وهى معروفة الآن بحوش المقادسة ذكرها القرشى فى كتاب مهذب الطالبين بها جماعة من العلماء والصلحاء فأجل من بها الشيخ الامام العالم الحافظ أبو محمد تقى الدين عبد الغنى بن عبد الواحد بن سرور بن على المقدسى صاحب عمدة الاحكام وله الكتب والمصنفات والى جانبه قبر ولده ومعه فى الحومة قبر أخيه الفقيه المحدث ووفاته معروفة على قبره والى جانبه قبر الشيخ مسافر التخمى صاحب التربة وبالتربة أيضا الفقهاء أولاد المناخلى وبالتربة أيضا الفقهاء الحرانيون وبالتربة أيضا قبر المرأة الصالحة أم علاء الدين المحدث عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وبالتربة أيضا قبر الفقيه الامام أبى الفتح أحمد بن يوسف بن عبد الواحد الانصارى الدمشقى الحنفى امام الحنفية كان زاهدا ورعا ذكره القرشى فى طبقة الفقهاء وقال فى كتابه وقبره بتربة مسافر وبالتربة أيضا قبر الشيخ الفقيه الامام المعيد بن حيازة الشافعى كان عظيم الشأن جليل القدر عدّه القرشى فى طبقة الفقهاء وقبره الآن الى جانب قبر الشيخ مسافر وفى طبقته أيضا الفقيه الامام أبو العباس احمد الحرانى كان فقيها عالما إماما ورعا من أجلاء العلماء وأكابر الفقهاء كان يقول اذا أردت أن أمشى بقدمى الى معصية خلت الارض تأخذ قدمى ان مشيت بقدمى وكان يقول اجعل الله أمامك تأمن من الذنوب والمعاصى ذكره القرشى فى كتاب مهذب الطالبين وبالتربة أيضا الشيخ محمد الانصارى

__________________

(١) كذا بالاصل

١٩٨

والشيخ داود الحرانى وشرف الدين التألى ونور الدين الناسخ والشيخ شرف الدين التانى والشيخ عبد الله المبلط وناصر الضرير المبيض والشيخ محمد اليمنى والشيخ محمد العراق والافتخار اليمنى وتاج الدين الخطيب الموصلى وبالتربة أيضا الشيخ أبو ربيعة نزار الشافعى وبالتربة أيضا الشيخ فراس سعد الدين الحارثى وقد ذكرهم القرشى فى تاريخه هو فراس وأبوه عبد المحسن بن مرتفع الشافعى وعبد الرحمن بن القاسم الانصارى وبالتربة أيضا جمال الدين بن ظافر الحمصى وعبد الرحمن بن عبشم الانصارى وشمس الدين امام الحنابلة وأبو اسحاق ابراهيم المناخلى وشمس الدين القلانسى وأحمد الحرانى وعبد الله الحرانى وعائشة بنت ابراهيم المناخلى وحسن بن منصور الماكى ابن عرسة وقد ذكرناه بهذه المقبرة ودفن بالتربة الشيخ نور الدين بن الناظر أحد مشايخ الزيارة وبالتربة جماعة من الصلحاء يضيق الوقت عن وصفهم

ذكر ما حول تربته من العلماء والصالحين فمن وراء هذه التربة من الجهة البحرية قبر الفقيه الامام أبى عبد الله محمد يعرف بابن عرسة قال القرشى قبره وراء تربة مسافر وأشار بعض المشايخ الى أنه القبر الكبير الذى فى المحراب والاصح انه لا يعرف الان كان من الاخيار قال ولده كان أبى يأخذ طعامه وينطلق به الى الجيران ثم يدخل وهو يمسح فمه ويقول ما أطيب هذا الطعام فقالت له أمى لم لا تأكل مع أولادك وهذا مندوب اليه فقال لى فى ذلك شأن فلما مات فقد الجيران ما كان يفعله معهم وفى حائط هذه التربة الغربى ألواح رخام مكتوب فيها الفقهاء الحرانيون وفى الجهة الغربية عمود مكتوب عليه الشيخ الصالح عبد الرحمن الرومى عتيق وجيه الدين بن باقة ووفاته معروفة على قبره وأما الجهة القبلية فبها جماعة من الاشراف أجلهم وأعظمهم الشيخ الامام العالم أبو المجد عيسى ولد الشيخ الاستاذ عبد القادر الكيلانى ذو النسبين الصحيحين على قبره عمود مكتوب عليه نسبه ووفاته ودفن عنده الشيخ العالم علاء الدين ولد الشيخ عبد القادر الكيلانى وهذا القبر معروف عند حوش المقادسة ومن قبليه التربة المعروفة بكافور الاخشيدى هو أبو المسك مولى الاخشيد أبى بكر محمد جلبة مات فى سنة اثنتى عشرة وثلثمائة ذكره الموفق ابن عثمان فى تاريخه وهو معدود من الامراء قال أبو بكر محمد ابن على الماردانى وكان وزيرا لكافور ولتكين وللدولة الطولونية قلت لكافور وهو يعد نعمة الله عليه كيف كنت فى بلاد السودان وكيف جلبكم وكم كان سنك قال أربع عشرة سنة قال اسحاق بن ابراهيم كان لكافور أفاضل فى كل سنة لحاج البرد ينفذ معهم مالا

١٩٩

كثيرا وطعاما ويبعث معهم صندوقين من كسوة يأذنهم بتفرقتها لاولاد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وكان له من الغلمان الترك ألف وسبعون تركيا يغلق عليهم باب داره وتمام ألفى غلام روم مقيمين معه سوى المولدين والسودان يكون الجميع أربعة آلاف غلام وكان له راتب فى مطبخه فى كل يوم ألف وسبعمائة رطل لحم سوى الدجاج والخراف المشوية والحلوى سوى النفقة على ذلك وكانت له خزانة شراب يجرى منها فى كل يوم سبعون قربة من سائر الاشربة فتفرق على سائر الحاشية ويهدى اليه قاضى أسيوط فى كل سنة خمسين ألف سفرجلة تعمل شراب سفرجل وقال الحسن بن ابراهيم أرسل عبد الرحمن صاحب الاندلس مالا يفرقه على المالكيين وهى الحكاية المشهورة تقدمت فى صدر الكتاب فلما مات كافور وجدوا فى خزانته عينا وجواهر وثيابا وسلاحا وغير ذلك مبلغه ألف ألف دينار وكان متواضعا حكى أن كافورا لحقه جرب كثير حتى كان لا يظهر ولا يقابل فطرده سيده فكان يمشى فى السوق المنسوب لبنى حباسة وفيه طباخ يبيع الطعام فعبر كافور وطلب منه فضربه بالمغرفة على يده وهى حارة فوقع مغشيا عليه فأخذه رجل من المصريين ورش عليه الماء وداواه حتى وجد العافية فأتى به لسيده وقال للذى داواه خذ أجرة ما فعلت معه فقال الاجر على الله وكان كافور كلما عزت عليه نفسه يذكر ضربة الطباخ بالمغرفة وربما يركب ويأتى ذلك الزقاق وينزل ويسجد شكرا لله تعالى ويقول لنفسه اذكرى ضربة الطباخ بالمغرفة وحديثه مع ابن جابار مشهور ومن غريب مناقبه حكى أبو جعفر المنطقى قال دعانى كافور يوما وقال لى تعرف منجما كان يجلس عند دار فلان قلت نعم قال ما فعل قلت مات من مدة سنين كثيرة فقال اعلم أنى كنت مررت يوما فدعانى وقال لى أنظر لك قلت افعل فنظر ثم قال ستملك هذه المدينة فتأمر فيها وكان معى درهمان فدفعتهما اليه فقال أى شئ هذا قلت ما معى غيرهما فقال وأزيدك ستملك هذه المدينة وغيرها وتبلغ مبلغا عظيما فاذكرنى وانصرف فلما نمت البارحة رأيته فى المنام وهو يقول لى ما على هذا فارقتك فأريد أن تمضى وتسأل عن حاله فمضيت الى داره فسألت عنه فقيل لى له بنتان واحدة بكر والاخرى متزوجة فعدت اليه وأخبرته فأرسل اليهما بأربعمائة دينار واشترى لهما دارا بأربعة آلاف درهم وتوفى كافور سنة خمس وأربعين وثلثمائة وتحت رجليه قبة لطيفة قال ابن عثمان ان تحتها السيدة (١) ومكتوب على عموده جبريل الخياش ثم تخرج من التربة قاصدا الى سناوتنا تجد

__________________

(١) بياض بالاصل

٢٠٠