الكواكب السيّارة في ترتيب الزيارة

شمس الدين أبو عبد الله محمّد بن ناصر الأنصاري [ ابن الزيّات ]

الكواكب السيّارة في ترتيب الزيارة

المؤلف:

شمس الدين أبو عبد الله محمّد بن ناصر الأنصاري [ ابن الزيّات ]


المحقق: أحمد بك تيمور
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار ومكتبة بيبليون
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤١٠

من جوسق خولان وهو الجوسق الذى غربى المصلى وهو بيت الخطابة الان وقيل ان به قبر رجل من بنى خولان وبالمقبرة أيضا قبر موسى بن أيوب الغافقى من كبار التابعين وسعد بن عبد الرحمن الغافقى واياس بن عامر الغافقى ومالك بن مزاحى ولهم مقبرة أخرى عند الخير بن نعيم وبمقبرة الخولانيين مقبرة بنى الحارث وهو الحارث بن يعقوب والد عمر معدود فى العلماء والمحدثين قال ابنه عمر كان أبى يقول لى وأنا ابن عشر سنين اذا سمع المؤذن توضأ فان قلت نعم مسح على رأسى وقال اللهم اجعله هاديا مهديا وان قلت لا زايرنى بعينه حتى أقول إنه جاء يفترسنى ومعه ولده عمر عرف بابن حارث كان اماما عالما جليلا عظيم الشأن مفتى أهل مصر من كبار التابعين معدودا فى طبقة عبد الله بن أبى جعفر قال القرشى ومقبرة بنى الحارث بمقبرة الفقاعى وقال لى من أثق بقوله إنها قبلى الأدفوى وبمقبرة الأدفوى عبد الله بن هبيرة من كبار التابعين الا أنه لا يعرف له قبر وبمقبرة الادفوى قبر الشيخ أبى الحسن على السنهورى ذكر صاحب المصباح أن شرقى السنهورى قبر الشيخ الامام العالم أبى عبد الله محمد بن رفاعة السعدى سمع من الخلعى وقرأ سيرة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وكان يقول رفيقى اذا قرأت العلم على الشيخ أبى الحسن الخلعى رجل من الجان وكان يسبقنى مرة وأسبقه أخرى وله عقب بمصر ومن شرقيه جماعة من ذرية الربيع بن سليمان المرادى وهم من ذرية الشيخ الصالح المحدث شرف الدين المعروف بابن الماشطة وشرقى الادفوى جماعة لا تعرف أسماؤهم وبالحومة قبر الشيخ الفقيه الامام العالم أبى عبد الله محمد بن ليسون القابسى جليل القدر عظيم الشأن ذكره القرشى فى طبقة الفقهاء وقال قبره عند قبر الحوفى بالنقعة وراء تربة الفائقى المحدث وقد دثر هذا القبر وهو لا يعرف الآن وقبلى الادفوى المصلى المعروف بمصلى عنبسة وهو المصلى القديم ذكره القضاعى فى الخطط وهو الآن داثر وهذا ما بين الادفوى ومسجد زهرون ولم يعرف من هذه المقابر قبر من قبر وهذا هو الاصح وبازاء المسجد المذكور قبر الشيخ الامام العالم الزاهد أبى الحسن على بن ابراهيم المعروف بالحوفى ذكره القرشى قال رضى الله عنه من حفظ القرآن وعصى فهو أشقى الأشقياء ومن حفظه وأطاع فهو أتقى الأتقياء والعاصى من حملة القرآن المجاهر بمعاصى الله سكوته أفضل من قراءته اذ كل آية تلعنه اذا قرأها فاذا سكت استراح من اللغة وقال رضى الله عنه حجة الله على عباده القرآن فمن أضاعه أضاع حجة الله وهو مدفون الى جانب والده ابراهيم بن سعيد ويعرف أيضا والده بالحبال وله مصنفات فى علوم التفسير قال الادفوى كل طالب يأخذ من شيخه وأنا آخذ من هذا يعنى على بن ابراهيم وحكى

١٦١

عنه القرشى انه مشى فى مسألة من مصر الى بغداد فلما دخلها وجد الشيخ قد مات فسأل عن قبره فأتاه وقرأ عنده ختمة ثم نام فرآه فى المنام فقال له انى جئت من مصر فى طلب المسألة منك وألقاها اليه فأفاده إياها وزاده خمس مسائل فلما انتبه وأراد الخروج من بغداد واذا بمنادى ينادى من دخل الى هذه المدينة واسمه على بن ابراهيم الحوفى فليكلم أمير المؤمنين قال فراودت نفسى عن الرجوع واذا بامرأة تقول يا فلاح يا فلاح فاستبشرت الخير من ندائها فلما أتيت قصر الخليفة رأيته قد نزل لاجلى ووقف بالباب حافيا فلما وقع بصره علىّ مشى خطوات الىّ وسلم علىّ وقال لى ادخل يا أبا الحسن فدخلت والخليفة يحجبنى فلما جلس قال لى ما الذى قال لك الشيخ فى المنام فأخبرته فبينما هو يخاطبنى اذ وقعت بطاقة بخبر ان الروم نزلوا بموضع كذا فقال لى الخليفة يا سيدى فى الجند ضعف وأخاف على المسلمين فبسطت يدى ودعوت وودعت الخليفة ومضيت فأمر لى بدنانير وغلمان فلم أقبل منها سوى درهمين ثم خرجت متوجها الى مصر فوقعت بطاقة بعد أيام ان أولئك القوم من الروم قد هلكوا عن آخرهم فى يوم كذا وساعة كذا فوجدوها الساعة واليوم الذى دعا فيه الشيخ للخليفة قال الخلعى قال الحوفى ما وضعت فى تفسيرى هذا شيأ الا استخرت الله تعالى بركعتين وقال الخلعى خرجت يوما من منزلى وأهلى يقولون وددنا لو أكلنا سمكا فلقينى رجل يريد الشيخ فمشينا فقال لى الرجل خرجت من منزلى وأهلى يقولون وددنا لو أكلنا لحما فلما دخلنا على الشيخ رحب بنا ثم جلسنا فاذا بالباب يطرق فخرج عبد له ودخل ومعه لحم فوضعه بين يدى الشيخ فرفع الشيخ بصره وقال للشيخ الذى اشتهى أهله اللحم قم فامض به الى أهلك فأخذه ومضى به ثم دخل رجل على الشيخ ومعه سمك فقال يا أبا الحسن خذه فأخذته وأتيت به لاهلى وسئل الحوفى عن الفقير فقال من لا يسأل الناس الحافا ولا غير الحاف وكان كثير الزهد فى الدنيا دائم البكاء قال أبو الحسن الخلعى ما رأيته ضاحكا ولا متبسما قط حتى مات وكان يقول لا أبرح كأنى أعاين البعث والحساب وكان يقول لو عرضت على الدنيا وما فيها بغفلة ساعة عن الله ما رضيت بها وكان يقول موت الولد العاق نعمة متتابعة وكان يقول اياكم والعجلة فرب عجلة يغضب منها الرب وكان قد حفر قبره بيده قبل موته وقرأ فيه الختمات فلما حضرته الوفاة بكى فقال له بعض أصحابه مثلك يبكى عند الموت فقال وكيف لا يبكى مثلى وما رأيت منظرا أفظع من القبر ولا أدرى على ما أنا قابل فلما مات ودفن رآه الخلعى فى المنام وهو متبسم فقال له يا سيدى ما عهدتك متبسما فى الدنيا فقال ذهبت تلك الحسرات ومناقبه

١٦٢

غير محصورة وشهرته تغنى عن الاطناب فى مناقبه وحوله جماعة من الخولانيين وقد دثرت قبورهم ولم يبق منهم غير قبر واحد وهو المشار اليه بالقاضى زهرون ولم يذكر صاحب كتاب زهرة النظار من قضاة مصر من اسمه زهرون والاصح انه زهرون الخولانى ثم تمشى وأنت مشرق خطوات يسيرة تجد قبر شكر الابله ذكره المسكى فى تاريخه وصاحب المصباح وقال الموفق كان من عقلاء المجانين وهذا غلط لان الاولياء لا تنسب الى الجنون وانما كان الغالب عليه الوله والجذب وكان له اشارات وكرامات مشهورة فى تعديته الى الجيزة نوبة حريق مصر حكى انه لما احترقت خرج الناس يريدون التعدية الى الجيزة فخرج مع الناس فركبوا فى مركب وهو معهم فغرقت فى وسط النيل فلما أن نجا منها من نجا وغرق من غرق وجدوا الشيخ قائما على البر وثيابه جافة ولم يلحقه بلل ومقطفه فى يده وهو متبسم والى جانبه قبر ابن ريحان المسلم ولم يبق من أثر تربته غير محراب صغير وهو بين مسجد زهرون والمفضل بن فضالة ثم تمشى وأنت مستقبل القبلة تجد قبر الشيخ الفقيه الامام العالم أبى الربيع سليمان بن أبى الحسن المعروف بالرفا ذكره صاحب المصباح والى جانبه قبر والده أبى الحسن الرفا كان متصدرا بالجامع العتيق والى جانبهما جماعة من العساقلة وهذه المقبرة مشهورة باجابة الدعاء لانها مشهورة عند المصريين مستفاضة والخط معروف الآن ببطن البقرة ومعروف بالنقعة لانهم يذكرون انه حصل فى هذا المكان قتال عظيم بين الصحابة فانتقع المكان من دم المسلمين فسمى بالنقعة وهذا مستفاض بين مشايخ الزيارة والخطة على ضفة البركة أولها قبر الادفوى وآخرها قبر الرفا والى جانب الرفا جماعة من الصالحين منهم الفقيه الامام العالم أبو الفرج احمد المعروف بالفائقى توفى سنة أربع وستين وأربعمائة كان حافظا فاضلا سمع الحديث من أكابر الحفاظ وقال رضى الله عنه كنت أصحب شيخا وأقرأ عليه فقصدته فى بعض الايام فرأيت فى الطريق امرأة فنظرت اليها ثم تذكرت ما علىّ فى ذلك فاستحييت فلما دخلت على الشيخ وقرأت عليه توقفت فقلت ما لى اليوم فنظر الىّ الشيخ وقال هذه من تلك النظرة التى وقعت فى الطريق فاستحييت منه وما مشيت بعدها فى الطريق الا وكانت رأسى فى الارض ومعه فى قبره ولده أبو الحسن على بن أحمد بن محمد بن عبد الله الفائقى صاحب الكتاب فى الحديث كان ثقة عدلا زاد على أبيه فى الرئاسة توفى سنة احدى وعشرين وخمسمائة ذكره الحافظ عبد العظيم المنذرى فى المحدّثين وكان ينشد هذه الابيات

الناس شبه ظروف حشوها صبر

وفوق أوجهها شئ من العسل

١٦٣

تحلو لذائقها حتى اذا انكشفت

له تبين ما تحويه من دغل

ومعهما فى القبر أبو نصر البغدادى المقرى معدود من القراء والرئاسة فى العلم معدود فى طبقة الفائقى قال صاحب المصباح وتاريخ الثلاثة فى رخامة واحدة الا أنها فقدت ولا تعرف البقعة الا بقبر الرفا والى جانبهم من الشرق مقبرة الحلفاويين بها قبر الشيخ قطيط الحلفاوى ثم تمشى مستقبل القبلة تجد قبة لبن داثرة قال صاحب المصباح ان بها قبر رجل من بنى أعين كأنه يشير الى عبد الحكم وبنو عبد الحكم مقبرتهم التى دفن فيها الشافعى ولم يكن بالقرافة من يعرف ببنى أعين الا بنى عبد الحكم ومشايخ الزيارة يشيرون الى ان بهذا الموضع صاحب المنديل وقال بعضهم هو صاحب النور وأشار القضاعى فى هذه الخطة (١) بقية عياش بن لهيعة وعبد الله بن لهيعة وذكر الالواح التى كانت عليها الاشعار والمقبرة غربى قبر الشيخ يعيش الغرابلى والى جانبها قبر الشيخ الامام العالم أبى الحسن على بن الحسين الخلعى كان حسن المناظرة كثير العلم عدّه القرشى فى طبقة الفقهاء وأثنى عليه صاحب المزارات وهو صاحب الخلعيات فى الحديث وروى السيرة النبوية حكى ابن رفاعة ان الجان كانوا يقرؤن عليه القرآن ويأتون الى زاويته ويسمعون منه حديث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال ابن رفاعة رأيت الشيخ أبا الحسن على الخلعى فى النوم فقلت ما فعل الله بك فقال شهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم انى كنت أحبه فقال الله تعالى وأنا أحب من يحبك فأدخلنى الجنة والى جانبه قبر والده والى جانب قبر والده قبر الشيخ الفقيه العالم أبى عبد الله محمد المعروف بالفضى أحد مشايخ القراآت وهو من طبقة أبى الحسن يحيى بن أبى الفرج الخشاب قرأ عليه عدّة من مشايخ القراآت وسمع الحديث على جماعة من الحفاظ وتوفى سنة أربع وعشرين وخمسمائة هكذا حكى الموفق وقال صاحب المصباح وهو معروف بصاحب الدجاجة حكى انه كان له مال وعقار بمصر فمرض فاشتهى دجاجة تساوى دينارين فصنعت له فلما قدمت بين يديه طرق الباب طارق فقال للجارية انظرى من بالباب فقالت امراة أرملة لها أولاد أيتام فقال للجارية اخرجى لها الدجاجة فأخرجتها لها فأخذتها المرأة وذهبت الى بيتها وكانت تسكن فى دار الشيخ فوضعتها بين أولادها ليأكلوها فقالوا هذه لا تصلح لنا فبينما هى تجادثهم واذا بالباب يطرق فخرجت فاذا هى بوكيل الشيخ جاء يطالبها باجرة الدار فقالت والله ما أملك شيئا من الدنيا الا هذه الدجاجة ثم أخرجتها له فأعجبته فأخذها وقال لنفسه هذه ما تصلح الا للشيخ

__________________

(١) هكذا بالاصل

١٦٤

فجاء بها للشيخ فلما رآها قال له من أين لك هذه فقص عليه القصة فقال اذهب فاجعل الدار لها ولاولادها واعمل اليهم فى كل سنة ما يقوم بهم فانصرف الوكيل بعد أن وضع الدجاجة بين يدى الشيخ ومضى الى المرأة وفعل ما أمره به ثم إن الشيخ أراد أن يقطعها ويأكل واذا بالباب يطرق فقال من قال جار لكم فقير فقال يا جارية اخرجيها له فأخرجتها له فأخذها وقال هذه لا تصلح لى فمشى فلقى فى الطريق ولد الشيخ ولم يعلم انه ولده فأخرجها وقال يا سيدى اقبل هذه منى فأعجبته وأخذها ودفع له شيئا من الدنانير ثم قال فى نفسه والله هذه تصلح لوالدى فجاء بها اليه فقال له من أين لك هذه فقال من رجل فقير من جيراننا كنت أعرفه قديما وكان له مال ودنانير وهو الآن فقير فسأله عما أعطاه له فذكر له ذلك فقال اذهب اليه بخمسين دينارا ووضع الدجاجة بين يديه وأراد أن يأكلها واذا بالباب يطرق فقال للجارية انظرى من بالباب إن كان مسكينا فانت حرة لوجه الله فخرجت وعادت وقالت يا سيدى بالباب مسكين فقال اعطيها له وانت حرة لوجه الله فخرجت وأعطتها للمسكين وعتقت رحمة الله عليه حكى هذه الحكاية عنه المسكى وكان من أجلاء العلماء والى جانب قبره قبر الضراب وولده صاحب التاريخ وهناك تربة تعرف بتربة سماسرة الخير الانماطيين ولم يبق منهم غير قبرين حوضين حجر متلاصقين لم يكن بالحومة أكبر منهما قال ابن عثمان جلست امرأة عند رجل منهم وقالت اللهم فرج كربتى فقال لها ما بك أيتها المرأة فقالت لى ابنة يتيمة تدخل بعد ثلاث ليال بيتها وليس معى غير هذه العشرة دراهم فقام وأخرج لها شوارا وقال هذا لابنتك على شرط قالت وما شرطك قال أن تقولى لها اذا فرح قلبها أن تقول اللهم أذهب كربة فلان يوم الفزع الاكبر فذهبت المرأة الى ابنتها وقالت لها كما قال الشيخ فدعت له فلما مات رؤى فى المنام فقيل له ما فعل الله بك قال أوقفنى بين يديه وقال يا عبدى قد أذهبت كربك واستجبت دعاء المرأة وبالحومة قبور كثيرة لا تعرف أسماؤها وبالحومة قبر أبى نصر المعافرى الزاهد توفى سنة أربع وعشرين وثلثمائة قال ابن عثمان وعلى اليسار قبر الشاب التائب ثم تمشى وأنت مستقبل القبلة الى مقبرة أبى القاسم الوزير المعروف بابن المغربى وهى مقبرة مشهورة باجابة الدعاء وهى أول مقابر المعافريين ومقبرة المعافريين مشهورة وهى من حوش أبى القاسم الوزير الى قبر الادفوى أولها قبر ابن بابشاذ النحوى وآخرها قبر الادفوى والمعافريون قبيلة نزلت بمصر منهم صحابة وتابعيون فمنهم صلة بن الحارث المعافرى معدود فى طبقة الصحابة ولهم عنه حديث واحد هكذا حكى القرشى فى تاريخه وقال وبمقبرة المعافريين حمزة بن عمر الاسلمى قال الضراب

١٦٥

دخل الى مصر وقال ابن الربيع دخلها ومات بها وقبره بمقبرة بنى المعافر هو وجرهد الاسلمى وشهد جرهد الفتح وبالمقبرة أيضا عقبة بن مسلم نزل المعافر وكان إماما فى الحديث قال عقبة بن مسلم كتب صاحب الروم الى معاوية يسأله عن أفضل الكلام ما هو وعن أكرم الخلق على الله وعن أكرم الاماء على الله وعن أربعة لم يخلقن فى رحم وعن قبر سار بصاحبه وعن مكان طلعت عليه الشمس مرة واحدة لم تطلع فيه بعد ذلك فلما قرأ معاوية الكتاب قال ما علمى بذلك ثم كتب الى ابن عباس فكتب اليه يقول أفضل الكلام لا اله الا الله والتى تليها سبحان الله والثالثة الحمد لله والرابعة الله أكبر وأكرم الخلق على الله آدم وأكرم الاماء حواء وأما الاربعة اللائى لم يخلقن فى رحم فآدم وحواء والكبش الذى فدى به اسماعيل وعصى موسى وأما القبر الذى سار بصاحبه فالحوت سار بيونس وأما المكان الذى طلعت فيه الشمس مرة واحدة فالمكان الذى انفلق لموسى فلما وقف صاحب الروم على ذلك قال ما أظن هذا كلام معاوية هذا كلام ما أصابه الا رجل من آل بيت النبوّة وبمقبرة المعافريين اسماعيل بن يحيى المعافرى وعبد الرحمن بن أبى شريح المعافرى وفى طبقتهم ابن عمر المعافرى وعمران بن عبد الله المعافرى وأبو عنان المعافرى وأبو عباس المعافرى وخالد بن عبيد المعافرى وعميرة بن عبد الله المعافرى وهؤلاء من التابعين وما منهم رجل الا وله رواية فى الحديث ولم تزل ذريتهم بمصر وخطة بنى المعافر معروفة بمصر ذكرها الكندى والقضاعى ومن ذريتهم سراج المعافرى مات فى سنة أربع عشرة وثلثمائة حكى أن المأمون طلب منهم ما لا فى بعض السنين وكان قد قيل لامير مصر عنهم إنهم لا يعرفون العدد ولا الكيل وانهم بها ليل وان أجدادهم كانوا قد اعتزلوا الناس فبعث الى شيوخهم المأمون حين دخل الى مصر فقال أريد ألف دينار قرضا فلما جاءهم الرسول قالوا لا نقدر على ألف دينار نحن ندفع ما نقدر عليه فجمعوا له ألوفا كثيرة وقالوا للرسول قل له والله ما نقدر الا على هذا وما وصلت القدرة لالف دينار فلما جاءه الرسول ومعه المال وأخبره بقصتهم وما جرى له معهم تعجب المأمون ورد عليهم المال وشكرهم وأثنى عليهم وقال والله ما قصدت الا أن أطلع على بلههم وبالمقبرة جماعة غير المعافريين منهم الشيخ الامام العالم أسد بن موسى يكنى بأبى ابراهيم فقيه مصر وعالمها ذكره الكندى فى مختصره وكتابه الكبير بعد أشهب وابن القاسم وقدّمه على ابن عبد الحكم والمزنى والربيع وكان أسد بن موسى من العلماء الحفاظ قال بعضهم رافقت أسد بن موسى فبينما نحن فى خربة فأشرف علينا القطاع فقال لهم أنا أسد بن موسى فضحكوا فقال اللهم اليك

١٦٦

أشكو ضعف قوتى وقلة حيلتى وهو انى على الناس لا اله الا أنت الى من تكلنى الى عدوّ يتجهمنى أو الى (١) مارد تمله نفسى ان لم يكن بك علىّ غضب فلا أبالى قال فجفت أقدامهم فى أماكنهم ثم قال يا أخى هذا دعاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم ثقيف فاذا نزل بك أمر فقل كما قلت وكان أسد بن موسى يقول الدنيا مزبلة عند العاقل فلا يذل الا لنفيس وروى أسد بن موسى عن جماعة من العلماء قال ابن النحوى فى كتاب المزارات وقبره بمقبرة بنى المعافر وهكذا قال ابن الملقن فى تاريخه وبالمقبرة أيضا قبر الفقيه الامام العالم أوحد العلماء أبى عبد الله محمد بن على بن حفص الفرد وجدّه حفص المعروف بالفرد معدود فيمن دخل الى مصر فى طبقة ابن علية الفقيه قال القرشى وقبره بمقبرة بنى المعافر وبالمقبرة أيضا الشيخ الامام الفقيه العالم المعروف بابن خلف قال الكندى واسمه على بن خلف ابن قديد ذكره الكندى فى علماء مصر وهو من طبقة عبد الرحمن بن ميسر كتب الخليفة لأمير مصر أن يستشيره فيما يفعل فكان الأمير يأتى الى داره ويستشيره فى أموره مات بعد عبد الله بن سعيد بسبعة أيام وقبره بالجبانة قال الكندى وقبره ببنى المعافر وقيل ان بالمقبرة الحبر العالم يحيى بن الوزير أحد علماء مصر ذكره القرشى فى طبقة الفقهاء كان له لسان فصيح دعى الى القضاء فأبى ولقيه بعض أصحابه وهو يحمل طعامه فقال له يا سيدى دعنى أحمله عنك فقال أنا أحق أن أحمل سلعتى وكان لا يزال يحمل حاجته على يده وكان يقول خير الناس أهل القرآن اذا تواضعوا وكان يقول للفقراء إياكم وبيع حظ الآخرة فانه يقال يوم القيامة أين الفقراء المراؤن وكان رضى الله عنه يأبى أن يقبل الهدية ويقول لا بد لصاحبها من المكافأة إما فى الدنيا وإما فى الآخرة وفى قبره اختلاف والأصح أنه لا يعرف وبالمقبرة أيضا قبر القاضى عابس بن مرادى وقد سلف ذكره مع القضاة وبالمقبرة أيضا القاضى ابراهيم بن البكاء قال أبو القاسم الوزير مقبرتنا هذه مقبرة البكاء وبالحومة على بن ابراهيم القارئ حليف بنى زهرة عدّه ابن ميسر فى تاريخه وقال مات بمصر وقبره بالنقعة قلت وهو لا يعرف الآن وبالمقبرة أيضا قبر أبى القاسم الوزير المعروف بابن المغربى والجوسق المعروف بجوسق أبى القاسم الوزير لم يبق منه غير قبة مخروقة بغير سقف ذكره ابن عثمان فى تاريخه وقال صاحب المصباح هو الذى جزأ سيرة النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم التى اختصرها ابن هشام جزأها ثلاثين جزأ وكان لا يركب فى كل يوم حتى يقرأ جزأ منها وقال له بعض الفاطميين ان فلانا يسبك عندى فاقطع جائزته فلما خرج زادها فقال له يسبك

__________________

(١) هكذا بالاصل والوارد فى الحديث أم الى قريب ملكته أمرى

١٦٧

وتزيدها فقال استحييت من الله أن أنتصر لنفسى وقال رضى الله عنه كانت لى كوة فى دارى وكنت أسمعه فى كل ليلة يسبنى أقام على ذلك عشرين سنة فما لمته فى يوم قط ولا زدته الا احسانا ولا بت حتى حاللته مما يقول ولما مات أوصى أن يجعل خاتمه فى أصبعه فنسى أهله ذلك فرفع أصبعه فعجب الغاسل من ذلك وقال هل أوصاكم بوصية قالوا نعم وأخرجوا له الخاتم فجعله فى أصبعه فاستقر وكان مكتوبا على خاتمه

وان طابت الاوطان لى وذكرتها

فان مقيلى فى جنانك أطيب

ومن وراء الحائط القبلى قبر الشيخ الامام العالم أبى الحسن على بن بابشاذ النحوى صاحب المقدمة فى النحو ذكره ابن خلكان فى الاعيان سقط من سطح جامع مصر فمات وكان يسمى بالسقيط وعدّه ابن الجباس فى طبقة الشهداء وحكى عنه صاحب المصباح انه ختم عند كل عامود من أعمدة جامع مصر مائتى ختمة وصلى عنده ألف ركعة وكان فاضلا وانتفع به جماعة من الطلبة قال ابن بابشاذ من استولت عليه الغفلة أتاه الشيطان من حيث شاء وكان يقول يتقرب الرب الى العبد بالنعمة وهو يتقرب اليه بالمعاصى وقال له رجل انى أدعو فلا يستجاب لى فقال هل أكلت الحرام مرة فى عمرك قال نعم قال كذلك قد حجبت عن الاجابة وقيل له ما للناس فسدوا فقال غفلوا عما هم صائرون اليه ففسدت أقوالهم وأفعالهم وهذا القبر أول مقابر التجيبيين

ذكر مقبرة التجيبيين ومن بها من الصحابة والتابعين والعلماء فأجل من بها نعيم بن خباب العامرى وقيل التجيبى قدم على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وبايعه ثم قدم الى مصر ويقول التجيبيون انه فى مقبرتهم فى وسطها وانه القبر الكبير كذا ذكره القرشى فى طبقة الصحابة وبالمقبرة أيضا قبر مسلمة بن خديج التجيبى من أكابر التابعين كان من دعائه يقول اللهم فرغنى لما خلقتنى ولا تشغلنى بما تكفلت لى به ولا تحرمنى وأنا أسألك ولا تعذبنى وأنا أستغفرك قال ابن وهب وهذا أحسن ما سمعت من دعائه وقيل ان الحجاج سجنه فأتاه آت فى النوم وقال له ادع الله قال وكيف أدعو قال قل اللهم يا من لا يعلم كيف هو الا هو فرج عنى فقالها فلما أصبح الحجاج أحضره فى أربعين رجلا فأعاد تسعة وثلاثين الى السجن وأطلقه قال القرشى مات بجبانة مصر وقبره بالقرب من قبر ابن بابشاذ وفى طبقته عبد الرحمن بن عسكر الصنابحى أصله من اليمن وقدم الى المدينة لما توفى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بخمسة أيام وهو منسوب الى صنابح بن فاهر ابن قطن بن نزار ذكره الضراب فى تاريخه وبالمقبرة أيضا القاضى أبو اسحاق بن الفرات

١٦٨

قال القرشى وهو بمقبرة التجيبيين وكان أبو اسحاق رجلا صالحا كثير الاجتهاد والعبادة وقد سلف ذكره مع القضاة وفى قبيلة بنى تجيب الامام العالم صدر الدين عبد الوهاب التجيبى كان يقول كان سفيان الثورى يقول العبادة عشرة أجزاء تسعة منها فى العزلة عدّه القرشى فى التجيبيين ولا أدرى هل هو بالمقبرة أم لا وبالمقبرة أيضا أبو على عمر بن مالك التجيبى روى عن فضالة بن على مات بعد المائتين معدود من أكابر التابعين والمحدثين قال القرشى وقبره بمقبرة بنى تجيب وقد دثرت هذه القبور ولم يعرف منها الا قبر ابن بابشاذ النحوى وبها قبر النجيب المقرى بالمصحف بجامع مصر وقد تقدّم ذكره وقد ذكر القرشى فى هذه الحومة قبر القاضى عبد الله بن محمد الحصينى كان شافعى المذهب وقد سلف ذكره مع القضاة قال القرشى وقبره معروف بجبانة مصر بالتربة التى الى جانب بنى ردّاد وكان فى حائطها لوح رخام مكتوب فيه عبد الله بن محمد الحصينى وقد دثرت هذه التربة ولا تعرف الآن وذكر الفرشى ان فى هذه الحومة قبر القاضى ابراهيم بن محمد الكريدى وعدّه فى طبقة التمار وقد سلف ذكره مع القضاة وحكى أن قبره بالنقعة فى تربة بنى حماد وهى التربة الوسطى ذات البابين والأصح أنها لا تعرف الآن وبتربة بنى حماد الحسن بن عبد الرحمن بن اسحاق الجوهرى وقد سلف ذكره مع القضاة وهى التربة الشرقية من الفتح وبالحومة أيضا الشريف الميمون بن حمزة عدّه القرشى فى طبقة الاشراف وذكره الاسعد النسابة فى كتاب مزارات الاشراف وهم بيت علم ورئاسة من أهل الخير والديانات وسلامة العقائد من الاهواء والمضلات وتربة بنى حمزة بن عبد الله الحسينى بجبانة خولان شرقى قبر مروان الحمار وقبلى مصلى عنبسة وقال ابن الجباس هى التربة الملاصقة لبنى رداد وقال هو الميمون بن حمزة بن الحسين بن محمد بن الحسن بن حمزة بن على بن الحسن بن الحسين ابن على بن أبى طالب رضى الله عنهم وهو جد الشريف حيدرة وذكر لهم ابن النحوى نسبا غير هذا فقال هو الحسين بن محمد بن الحسين بن حمزة بن عبد الله بن الحسن الاصغر ابن الامام على زين العابدين بن الحسين بن على بن أبى طالب رضى الله عنهم كان بمصر يقال له أبو الشقف وهو جد بنى حسان وقبر ولديه جعفر ومحمد بها وبها قبر أبو يعلى حمزة ابن عبد الله وبها قبر أحمد بن حسان بن عبد الله بن الحسين والميمون بن حمزة هو تلميذ أبى جعفر الطحاوى ومقدم شهود مصر وكان يكتب فى شهادته لا اله الا الله الحى الذى لا يموت وعلى اقرار فلان وفلان وكان محدثا تقيا وروى عن جعفر الجمال الموسوى ابن محمد ابن ابراهيم بن محمد بن عبد الله بن موسى الكاظم رضى الله عنهم وروى عن يحيى بن الحسين

١٦٩

ابن جعفر بن عبد الله بن الحسين بن على بن الحسين بن على عليه‌السلام كتابه فى النسب وروينا نحن عن محمد بن ابراهيم الارسوفى الكاتب الأديب وعبد المنعم بن موهوب المقرى كلاهما عن ابن الحسين بن عبد الكريم بن الحسن المقرى البكلى عن أحمد بن قاسم عن الميمون المذكور مختصر المزنى وعقيدة الامام أبى جعفر الطحاوى بالسند المذكور عن الميمون وغير ذلك من كتب الحديث كسنن الامام الشافعى وغيرها من كتب الحديث عن الميمون قال الاسعد النسابة وقبره عن يمنة الداخل الى التربة وهو الوسط من القبور الثلاثة وعند رأسه لوح رخام فيه مكتوب قوله تعالى (وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلاً مُبارَكاً وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ) وولده قاسم كانت وفاته سنة سبعين وثلثمائة وبالتربة قبر ولدى قاسم وهما أبو الحسن محمد النسابة وهو الاكبر وأبو ابراهيم أحمد المحدث وهو الأصغر كانا عدلين وجيهين بمصر مقدمين أما أبو الحسن محمد النسابة فهو تلميذ الشريف أبى الغنائم عبد الله ابن الحسن الحسينى الزيدى النسابة صاحب كتاب نزهة عيون المشتاقين فى أنساب الطالبيين وغيرهم وقد سجن هذا الشريف وسلسل وكان متقنا فيما يكتبه محررا نسب من ينسبه مأمونا فيما يسطره وله عقب متصل باق بمصر وكان مشغوفا بكتب السجلات فى أنساب العلويين وروى عن جدّه الميمون بن حمزة وهو مع أبيه وجدّه فى القبر وأما أبو ابراهيم أحمد أخوه فهو شيخ مفرد فى الحديث أخذ عن جدّه الميمون وعن جماعة وهو شيخ البكلى وابن خطاب السكندرى وأبى الحسن بن الفرا وابن المشرف وغيرهم وله الفوائد فى الحديث وهو الذى صلى على القضاعى ومات بعده بيسير وبالحومة قبر الشيخ الفقيه العالم أبى الطاهر اسماعيل المعروف بالبزاز من أكابر العلماء قال الخلعى لم أر أكثر مناظرة منه فى العلم ولا أوسع منه فى المباحثة الدينية ولقد رأيته يفطر فى رمضان على الخبز والملح فقلت له ما هذا فقال

والنفس راغبة اذا رغبتها

واذا ترد الى قليل تقنع

ولقد دعوته فى شهر رمضان فجاء ومعه كتاب الرسالة للشافعى فجلس ينظر فيه حتى اذا كان وقت الفطر جئنا اليه بطعام فامتنع من الأكل فقلنا له انما هو حلال فقال يا أخى ما شككت أن طعامك من الحلال ولكن لى عادة لا أستطيع أن أدعها فقلت ما عادتك قال رغيفان وشئ من الملح فأرسلت من جاء برغيفين وشئ من الملح فأكل فلما فرغ قال يا أخى أنت طالب ومطلوب يطلبك من لا يفوتك وتطلب ما لا تدركه قال القرشى وقبره فريب من الخلعى عند تربة بنى ردّاد أمناء النيل وذكر الموفق أن الى جانب أبى القاسم

١٧٠

الوزير أبا سعيد المالينى وقبر أبى الفتح بن غالى الصوفى وقبر البسطامى وقبور بنى تاشفين ملوك الغرب وقد سلف ذكرهم فيما بين تربة أبى القاسم الوزير وتربة الجرجانى وقد دثرت هذه القبور وهى لا تعرف الآن وفى قبلتهم قبر الوزير الجرجانى قيل انه أقام وزيرا ستين سنة على ثلاثة خلفاء ذكره الموفق وصاحب المصباح وحكى انه قطعت يده تحت القصر عند الباب وذلك أن رجلا من الولاة ظلم الناس وحاف عليهم فأتوا الخليفة ومعهم المصاحف فقال لداعى الدعاة سلهم عن شأنهم فأخبروه بما صنع معهم والى أرضهم فأخبر الخليفة بذلك وكان الخليفة يكتب عنده أسماء الولاة فتصفح اسمه فيهم فلم يجد هذا الاسم عنده فقال للوزير الجرجانى أنت وليته قال لا فأمر باحضاره فلما حضر سأله الخليفة من ولاه فقال مولانا أمير المؤمنين وأخرج منشور ولايته وخط الخليفة عليه وتحته علامة الوزير فقال له الخليفة ويلك من كتب لك هذا الخط فقال هذا الوزير فغضب الخليفة وأمر بقطع يده وعزله عن الوزارة فأقام بمنزله مدّة ثم تبين للخليفة العاضد أنه مظلوم وأنهم زوّزوا عليه وعليه فأتاه الخليفة بنفسه وأمر له بعشرة آلاف دينار وأعاد له وظيفته وكان يربط له القلم على يده المقطوعة فيكتب ويعلم بها قال أبو زيد الطالبى رأيت الجرجانى ركب من الغد فى ثلاثة آلاف ورأيته وقت الظهر مقطوع اليد محمولا على دابته الى بيته وكان حسن السيرة كثير التودّد وحكى ابن عثمان أنه لما أمر الخليفة بقطع يده أمر من أخرج يده اليسرى من كمه اليمين وقطعها فقال الواسطة ايش انه لم يخرج للقطع الا يده اليسرى فقال المتولى تقطع يده اليمنى فقطعت ونفى وقيل ان ذلك كان فى زمن الحاكم بأمر الله وان الحاكم تذكره بعد ذلك وأمر باحضاره وقال له من دفع اليك التوقيع فقال أستاذك وقال لى هذه علامة الحاكم وما اتهمته فأمر باحضار الاستاذ فحضر فقال له أنت دفعت التوقيع للوزير قال نعم قال فمن دفع لك التوقيع قال كاتب الجهة وسيرنى برسالة الى الوزير فأمر الحاكم بقتل المتولى والاستاذ وكاتب الجهة فقتلوا وأعاد الوزير الى وظيفته وقد دثرت هذه التربة ولم يبق منها غير باقية واسم الوزير الجرجانى أبو البركات الحسين ثم نرجع الى مسجد الفتح حكى الموفق أنه أول مسجد أسس عند فتح مصر والدعاء به مجاب وبه محراب لطيف خشب منفرد فى زاوية المسجد حكى عنه بعض مشايخ الزيارة أنه كان مع الصحابة وكان يحمله عامر المعافرى وينصبونه وقت الصلاة وهذا كله غير صحيح لانه لم يذكر فى تاريخ من تواريخ مصر وحكى صاحب كتاب المزارات المصرية أن أوّل مسجد أسس عند فتح مصر الجامع القديم الذى بالقرافة الكبرى ووافق عليه القضاعى

١٧١

وكان هذا الجامع معبد الشيخ العفيفى العسقلانى وبحومة الفتح جماعة من الاولياء منهم الشيخ العفيفى العسقلانى الصامت وقبره على المصطبة مقابلا لباب المسجد ومن وراء تربته قبور بنى ردّاد أمناء النيل لهم حكايات فى الامانات والصدق وأصلهم من البصرة ذكر القضاعى سبب دخولهم الى مصر ونذكر مناقبهم فى غير هذا الموضع وقبورهم مبنية بالطوب الاحمر وقال غير واحد من أصحاب التاريخ انهم قريبون من قبر الخلعى والأصح انهم بهذا المكان وبالحومة قبر درّاس بن عبد الله العادلى قال بعضهم انه حسان التراس وبالحومة قبر نجيب المقرى وبالجهة الغربية تربة الافضل أمير الجيوش وهى الملاصقة لحائط الفتح وأما الجهة الشرقية من مسجد الفتح ففيها تربة بنى الذهبى وقد سلف ذكرها ثم تمشى وأنت مستقبل القبلة تجد قبر الناطق وعند رأسه قبر الحفار قال ابن عثمان لما أراد هذا الحفار أن ينزل بالشيخ فى قبره سمعه يقول رب أنزلنى منزلا مباركا وأنت خير المنزلين فلما سمع الحفار ذلك لزم العبادة والصلاة والصوم ولم يزل على ذلك منقطعا فى بيته الى أن مات ودفن بهذا المكان والى جانبهما من الجهة القبلية قبر الشيخ المعروف بالمقدسى كان متصدّرا بالجامع العتيق ومسجد الغنم وهو معدود فى طبقة الشهداء وعموده باق الى الآن بازاء الفتح والى جانبه من الجهة القبلية قبر عبور العابد وأخيه على العابد ذكرهما الموفق والى جانبهما من الجهة القبلية مع حائط المسجد قبران أحدهما الى جانب الآخر هما قبرا الفقيه الامام المعروف بابن البرادعى كان زاهدا عابدا والآخر صاحب الكرمة قيل ان رجلا رأى فى المنام كأن تلك البقعة كلها أنهار وأشجار وكروم فوقف متعجبا فاذا هو بصاحب هذا القبر قد قام منه وقال مثل ما عندكم فوق هكذا عندنا أسفل أما سمعت قوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قبر المؤمن روضة من رياض الجنة فلما أصبح كتب على قبره صاحب الكرمة والى جانبه قبر القفصى المغربى المصلى بمسجد الزبير كان من أكابر العلماء ذكره الموفق فى تاريخه والى جانبهم من القبلة قبر أبى بكر الاجرى وهو فى حوش صغير وهو وراء قبة الفتح وأما الجهة القبلية ففيها تربة يزيد بن أبى حبيب عدّه القرشى فى طبقة التابعين من طبقة عبد الله بن أبى جعفر يكنى أبا رجاء بن أبى حبيب واسم أبى حبيب سويد كان نوبيا أعتقته امرأة مولاة لابى جميل بن عامر سمع من عبد الله بن الحارث ومن أبى الطفيل كان مفتيا لأهل مصر فى زمانه وهو أوّل من أظهر العلم بمصر والكلام فى الحرام وفى الحلال وكان الليث بن سعد يقول يزيد بن أبى حبيب سيدنا وعالمنا وروى عن عقبة ابن عامر الجهنى وكان الناس يزدحمون على بابه قال يحيى بن بكير قال الليث ليتنى أدركت

١٧٢

ابن أبى حبيب صغيرا وروى أحمد بن حنبل عن يزيد بن أبى حبيب قال سمعت عبد الله ابن الحارث يقول ما رأيت أحدا أكثر تبسما من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وقال يزيد ابن أبى حبيب قلت لعبد الله بن الحارث فى مجلس فيه بعض قبط مصر إن هذا القبطى جارى فادع له بالاسلام رغبة فيه فقال ان سبقت له سابقة كما سبقت لى آمن لقد كنت على شرك فقدمت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى فداء أسير من بنى المصطلق وغيبت فى بعض الطريق جارية سوداء وبعض ما معى خوفا أن يأخذه منى فجئت اليه وكلمته فى فك الاسير فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ما جئت به فقلت ما جئت بشئ فقال أين الجارية السوداء ثم جعل يحدّثنى ويقول خلفتها فى موضع كذا وكذا قال فقلت أشهد أن لا اله الا الله وأشهد أن محمدا رسول الله والله ما كان معى من أحد ولا سبقنى اليه أحد فقال القبطى من أخبره قال يزيد بن أبى حبيب الله أخبره فقال صدقت وأنا أشهد أن لا اله الا الله وأن محمدا رسول الله قال ابن عبد الحكم فى تاريخه وقد كفى أهل مصر شرفا أن يكون فيهم يزيد بن أبى حبيب ذكره الامام الحافظ فى كتاب الكمال فى أسماء الرجال وتربته من خلف الفتح وهو القبر المبنى بالطوب على هيئة المصطبة وبالتربة المذكورة أخوه خليفة بن أبى حبيب من كبار العلماء وبالتربة أم يزيد بن أبى حبيب عظيمة الشأن جليلة القدر معدودة فى نساء التابعين فى طبقة أم ربيعة بنت شرحبيل بن حسنة قديمة الوفاة والى جانبهما من القبلة قبر الناطفانى معدود فى طبقة أرباب الاسباب وبالحومة جماعة من الصلحاء قد دثرت قبورهم ثم تمشى مغربا خطوات يسيرة الى مقبرة الكلاعيين بها قبر مرثد بن عبد الله الكلاعى مفتى أهل مصر فى زمانه كان كثير الورع والعلم واسع الرواية ترجع الفتوى اليه فى زمانه بمصر كان الناس يزدحمون على بابه كثيرا هذا يسأله فى التفسير وهذا يسأله عن الاحكام وهذا يسأله عن الانساب ولا يسأله أحد فى علم من العلوم الا أجابة عدّه القرشى فى طبقة التابعين قال القضاعى ومقبرة الكلاعيين مشهورة بمصر مقابل قبر الجرجانى وهى تربة متسعة أوّلها تربة الجرجانى وآخرها تربة الشريف الماوردى الحسينى وهذا بقية الشقة الكبرى وتمت بحمد الله وعونه وهذا انتهاء الكتاب الاوّل من الكواكب السيارة فى ترتيب الزيارة ويليه الكتاب الثانى

١٧٣

فصل

نذكر فيه القرافة الكبرى ومساجدها الخطية والصحابية والتابعية

وما بقى منها موجودا الآن ومن دفن بها من الأشراف والعلماء وصحة ما اختلف فيه وكيف سميت القرافة قرافة

فنبدأ بزيارتها من تربة الشريف الماوردى وهى التربة البحرية من الجامع المبنية بالحجر الواسعة البناء قال صاحب المصباح هو السيد الشريف اسمعيل الحسينى الماوردى المعروف بالعاقد بمصر ذكره الحافظ عبد الغنى فى كتاب الكمال فى أسماء الرجال قال الشريف اسمعيل رأيت رجلا من العلماء فى النوم وهو متغير اللون فقلت له ما بك فما عهدتك الا ورعا قال شهدت شهادة فاغلق باب الجنة دونى وقال رضى الله عنه العلم بغير تقوى كالهباء المنثور بلغنى أن العلم يقول يوم القيامة رب سل هذا لم أضاعنى وبالتربة المذكورة قبر السيدة الشريفة أم محمد بنت احمد الحسنية وهى جدته أم أبيه مكتوب على قبرها الصوّامة القوّامة ذكرها القرشى فى طبقة الاشراف ويلاصق تربة الماوردى تربة بنى الذهبى وهم المشار اليهم بالاشراف وهم بيت معروف بمصر وبالحومة جماعة من الاشراف قد دثرت قبورهم ولم يبق بالحومة المذكورة غير قبة

ذكر الجامع المعروف بجامع الاولياء رضى الله عنهم حكى صاحب المزارات المصرية فى الخطط الصحابية أن الجامع المذكور من خطة بنى عبد الله بن مانع يعرف بمسجد القبة قديما وهو جامع القرافة الآن وكان القراء يجتمعون فيه ثم بنى عليه المسجد الجامع المعروف الآن بجامع الاولياء بنته أم العزيز فى سنة ست وثلاثين (١) وثلثمائة والمحراب القديم منه هو المحراب الاخضر وهذا الجامع مبارك لم يزل الناس يفزعون اليه فى أيام الشدائد للتضرع الى الله عزوجل وهو موضع شريف معروف باجابة الدعاء فيه وابتدئ فى بنائه فى شعبان من السنة المذكورة وجعل على بنائه يحيى بن طلحة مولى عامر بن لؤى وكانوا يصلون الجمعة فى قيسارية العسل حتى فرغوا من بنائه فى شهر رمضان قال صاحب المزارات وفيه بيت المال باق الى الآن وهى القبة التى على العمد يودع مال الايتام فيها بناه أسامة ابن زيد متولى خراج مصر سنة سبع وتسعين فى أيام سليمان بن عبد الملك ثم بناه احمد ابن طولون فى سنة ست وخمسين ومائتين وانه باق الى الآن على الزيادة التى فى قبته الى

__________________

(١) هكذا بالاصل

١٧٤

العمد بحضيرة القبلة وهو موضع شريف يجاب فيه الدعاء مازال المصريون أهل الصلاح يتبركون بهذا المكان الى الآن ولهذا شهر بجامع الاولياء

ذكر الجهة القبلية من هذا الجامع فيها تربة الشيخ الفقيه الامام العالم أبى عبد الله محمد ابن النعمان كان من العلماء الاجلاء محافظا على علوم النسب له مصنفات منها كتاب دعائم الاسلام وكتاب اللآلئ والدرر وكان العاضد يأتى الى زيارته ويمشى اليه من قبر حمران قال المؤلف ويزعم مشايخ الزيارة أن قبر حمران فى التربة البحرية من الجامع المجاورة لتربة الماوردى وهى باقية الى الآن ذات القبب ويقول بعضهم انه قبر مروان الحمار وهو غير صحيح والصحيح الاوّل كذا مكتوب فى أعلى القبة مسجد حمران حكاه صاحب المصباح وكان ابن النعمان يسكن القرافة الكبرى بالمكان المعروف بالجنة والنار وقال للعاضد يوما انك ترسل الىّ خادمك يخبرنى بقدومك فأحظ بذلك فكان العاضد بعد ذلك يأتى وحده حتى يطرق الباب ويدخل اليه وحده ثم يجلس دونه وجلس العاضد يوما فحدثه فى مناقب أجداده فقال حدثنى فى مناقب نفسك ثم أنشد يقول

ذهب الرجال المقتدى بفعالهم

والمنكرون لكل أمر منكر

وبالتربة أيضا قبر القاضى أبى الحسن على بن النعمان أخيه وهم جماعة بيت علم ورئاسة قد سلف ذكرهم مع القضاة وتربة بنى النعمان معروفة مشهورة الى الآن وهى التربة العظمى الحسنة البناء شرقىّ تربة تاج الملوك وقبليها قبر المرأة الصالحة بريرة ابنة ملك السودان قد عرف عندها اجابة الدعاء قال القرشى وقبلى الجامع تربة بها جماعة من أولاد عبد الله المحض قال المؤلف والمحض فى اللغة اللبن الخالص من الماء ولعبد الله هذا ترجمة نذكرها فى غير هذا الموضع والى جانبها تربة بها ألواح رخام مكتوب عليها أقارب أمير المؤمنين الفاطميون المعزيون منسوبون الى المعز الذى نسبت اليه القاهرة المعزية لانه بناها له جوهر عبده وكان المعز قد جاء قبل ذلك فى زمن كافور الى مصر فخرج اليه هو وعبد الله طباطبا فقال عبد الله ما نسبك ما حسبك فرجع المعز وهذه هى المرة الاولى فلما دخل الى المغرب بعث جوهرا القائد فملك مصر ثم بعث جوهر يقول قد ملكت مصر فركب من المغرب وأتى الى مصر فخرج اليه أهل الاسكندرية يتلقونه ودخل الى مصر فزينت له فلم يلتفت الى زينتها وقصد القاهرة واستقر فى القصر وعدل فى الناس وكان فاضلا لبيبا قال صاحب كتاب المشرق فمن حسناته قتل القرامطة الذين سرقوا الحجر الاسود قال ابن دحية فى كتاب النبراس وكانوا قتلوا أهل مكة فى يوم الموسم حتى الاطفال فى المهد

١٧٥

وأخذوا الحجر الاسود فلما جاء المعز طلبوا منه ألف كيس فأجابهم لذلك وصنع دنانير من نحاس وطلاها بالذهب وقيل ختمها بدنانير من ذهب وبعث بها اليهم وأخذ منهم الحجر الاسود فهذه من حسناته ومات بعد ذلك ودفن بالقصر وفى القصر جماعة من الخلفاء الفاطميين وبالقرافة الكبرى من ذريته جماعة وقال صاحب المصباح انه بتربة الفاطميين التى بالقاهرة قريبة من دار الضرب وقال ان أوّل الخلفاء يعنى الفاطميين المعز وهو من ذرية المهدى وزعموا أن المهدى من أولاد اسمعيل الاعرج ابن جعفر الصادق ونفى الرازى وابن خدّاع هذا النسب قال الرازى أبو المهدى من أهل سلمية وقال صاحب كتاب المشرق فى تاريخ أهل المشرق وفى نسبهم ما تصم عنه الاسماع وصحح ابن الطوير نسبهم وقال المهدى من أولاد الثلاثة الذين اختفوا والصحيح ما قاله ابن خدّاع وبالتربة أيضا قبر المعز لدين الله كان فاضلا لم يحدث بالديار المصرية أمرا قبيحا وكان يقول السخاء نور القلوب ودخل الى مصر سنة احدى وستين وثلثمائة وبنيت القاهرة سنة ستين وثلثمائة وبهذه التربة ولده تمبم لقب بالعزيز بأمر الله وكنى بابى المنصور عمر احدى وأربعين سنة وكانت ولايته احدى وعشرين سنة وستة أشهر وكان يصل الناس بالجوائز ويتصدق فى كل يوم فى ركوبه بالمال الكثير ووصل عطاؤه الى العراق والعزيز هذا هو أبو الحاكم بأمر الله أوصى له بالخلافة ولم يكن فى الفاطميين أفتك منه وكان اسمه منصورا ويكنى بابى على عاش ستا وثلاثين سنة وكانت خلافته احدى وعشرين سنة والاصح أنه لا يعرف له قبر وقطع جميع الكروم بالديار المصرية ومنع من بيع الزبيب والفقاع ومن عمل اخفاف النساء وجمع الارامل كلهم فى دور ووكل بهم العجائز ووكل بالعجائز الشيوخ ومنع من صلاة التراويح وأمر بها فى آخر ولايته وقيل ان اخته قتلته وقيل انه دخل فى كنز ولم يخرج منه قلت وهذا هو الاصح وقيل انهم وجدوا دابته عند دير شهران (١) ذكر هذا كله أبو الخطاب فى كتاب النبراس وقيل انه تاب عن جميع ما فعله قبل موته والله أعلم وبهذه التربة الظاهر لاعزاز دين الله على بن الحاكم يكنى أبا الحسن عاش ثلاثا وستين سنة وكانت دولته خمس عشرة سنة وثلاثة أشهر وتوفى بمنظرته التى يقال لها الدكة حكى أنه وقع فى نفسه شئ من أبى بكر الصديق فرآه فى النوم ويده فى يد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال يا رسول الله من هذا فقال هذا أبو بكر من أحبه أحبنى ومن أبغضه أبغضنى فانتهى عن بغضه ولم يتظاهر أحد فى زمنه بالرفض وبهذه التربة قبر المستعلى بأمر الله عاش سبعا وعشرين سنة وكانت ولايته سبع سنين وشهرا واحدا وبالتربة أيضا الآمر بأحكام الله

__________________

(١) بالاصل شعران

١٧٦

عاش ثمانيا وثلاثين سنة وسبعة أشهر وكانت دولته عشرين سنة وبهذه التربة المستنصر بالله أبو العباس أحمد عاش ستين سنة وكانت دولته أربعين سنة وفى زمنه وقع الغلاء والخراب بمصر وخرب خط جامع ابن طولون وأكل الناس بعضهم بعضا وبلغ الاردب القمح احدا وسبعين دينارا ولم يكن فى الفاطميين أشنع سيرة منه قال ابن دحية فى النبراس ليس هو بالمستنصر انما هو البطال المستتر وهو القائل لساقيه يوم عيد الاضحى فى شعر يقوله

قم فامزج الراح يوم النحر بالماء

فلا يحل ضحى الا بصهباء

وبهذه التربة الآمر بأمر الله بن المستعلى عاش ثمانيا وثلاثين سنة وتسعة أشهر وكانت دولته عشرين سنة وكان كريما فصيحا قال ابن الطوير خرج الآمر ليلة فمر ببيت فسمع امرأة تقول لبعلها والله ما أضاجعك ولو جاء الآمر ومعه ثلاثون دينارا فلما سمع الآمر كلامها أرسل الخادم الى القصر فجاء بمائة دينار وطرق الباب على الرجل ففتح ودخل الآمر وقال لزوجة الرجل خذى هذه مائة دينار بدل الثلاثين وضاجعى زوجك وأنا الآمر وكان أهل خير وصلاح وبهذه التربة الخليفة الظافر أقام خليفة الى سنة تسع وأربعين وخمسمائة وفى أيامه جىء برأس الحسين الى القاهرة وذلك سنة خمس وأربعين وخمسمائة وبهذه التربة قبر الخليفة الفائز قال المؤلف واسمه عيسى استخلفه أبوه الظافر وله من العمر خمس سنين عاش احدى عشرة سنة وكانت ولايته ست سنين وخمسة أشهر وبها قبر الخليفة العاضد عاش تسعا وأربعين سنة وهو رابع عشرهم وآخر من ركب فى المظلة منهم وفى زمانه اختلفت أمور الفاطميين والى جانبه قبر ولده وهو آخر من بها من الفاطميين ولقبه الحامد وفى قبلى الجامع تربة بها قبر السيدتين الشريفتين أم محمد ومحمدية ابنتى القاسم الحسينى الفاطمى وفى قبلى الجامع تربة كبيرة دثرت ولم يعرف منها الآن الا تربة بنى النعمان وأما الجهة الغربية من الجامع ففيها تربة الوزير طلائع بن رزيك وهى ملاصقة للجامع كان وزيرا للفائز والعاضد وجمع له بين السلطنة والوزارة وكان مجاهدا ويعرف بابى الغارات وبنى جامعه بباب زويلة ليجعل فيه رأس الحسين فلم يقدر على ذلك وبنى الظافر جامع الفكاهين بسبب الرأس أيضا فلم يقدر على ذلك وجعلوها فى قصر الزمرد فى دهليز من دهاليز الخدمة وبنوا عليها المشهد وكانوا كلما دخلوا القصر أعطوه الخدمة ونذكر ترجمته فى غير هذا الموضع ومات شهيدا والى جانب تربته تربة صنعها الملك ذكرها صاحب المصباح قبر الشيخ الامام العالم أبى العباس أحمد بن تاميت اللواتى الفاسى وأما الجهة البحرية من الجامع ففيها قبر الشيخ الامام العالم أبى العباس أحمد بن تاميت اللواتى الفاسى سمع الحديث من أبى الحسن ابن الصائغ وغيره من العلماء وكان الناس

١٧٧

يأتون الى ابن الصائغ يقرؤن عليه فيقول من فاته شئ مما يقرؤه علىّ فليقرأه على ولدى يعنى أبا العباس فانه شاركنى فى سماعى وقال بعض العلماء دخلت عليه فوجدت عنده رجلا نحيفا فلما انصرف رأيته كالريح فى مشيته فقلت له من هذا فقال هذا من أهل الخطوة تزوى له الارض فكيف شاء سلكها وقبره معروف الآن عند باب تربة طلائع ابن رزيك ومن بحريه تربة بنى الجباب بها قبر عبد العزيز بن الجباب يعرف بين أهل الحديث بالحافظ ومعه جماعة من ذريته وفى بحريه السبع قباب التى على صف ذكرها ابن ميسر فى قصة طويلة وهم من الفاطميين وقد ابتدأ صاحب المصباح بزيارة القرافة من هنا وقد فاته شئ كثير مما ذكرناه وهناك قبر ظافر الاطفيحى صاحب القناطر والسبيل وهو صاحب أبى الفضل الجوهرى وقبره لا يعرف الآن وبالحومة قبر خالص خادم الحافظ وقبور خصايا الفاطميين وتجد بالحومة قبرا مكتوبا عليه أبو تميم تراب الحافظى جد بنى تراب بلغ منصب الوزارة فى أيام الحافظ وهو الذى بنى للحافظ مشهد رقية وبالحومة تربة تعرف بتربة محمد بن اسمعيل صاحب المصنع الذى هناك ومنه الى الجوسق المعروف بجوسق الشريف الخطيب كان من أكابر القراء وهو شيخ أبى الجود فى القراءة انتهت اليه الرئاسة فى زمنه وكانوا يأتون اليه من البلاد والامصار وكان خطيبا بجامع مصر ومعه فى التربة زوجته الشريفة المعروفة بأم هيطل كانت عابدة زاهدة قال بعض قراء مصر كنت مع الشريف الخطيب فقال لى لو لا أن الرجل لا يحل له أن يرى امرأته لأحد لأريتك من زوجتى عجبا فقلت بالله ما هو فقال انها تسقى الافاعى فى يدها ويأتى الثعبان فينام عند رأسها وكان يحكى عنها أمورا غريبة عدّها القرشى فى طبقة الاشراف وهذا الجوسق قبل الوصول الى مسجد الريح وهو خطى وقد دثر مسجد الريح وهناك تربة منقذ كان من أمراء الفاطميين وبالقرب منهم قبر السيد الشريف المعصوم دخل الى مصر فى زمن ابن رزيك فلم يختر ابن رزيك أن يدخله على الخليفة الفائز فخرج من مصر فلما خرج منها قال الفائز لابن رزيك بلغنى أن المعصوم دخل الى مصر فقال انه رحل يريد بغداد فقال ردّه فردّه من الشام وكانت له منزلة عند الفاطميين حتى انهم كانوا يأتون الى زيارته صباحا ومساء وكان يقول أعجب من المذنب كيف تستقر قدماه على الارض وهو الذى أوقف عليه ابن رزيك وعلى ذريته أرض بلقس ومعه فى التربة قبر الشريف المنتجب بن على الحسينى ثم تمشى وأنت مستقبل القبلة قاصدا الى الخط المعروف بحارة العواتمة به تربة لطيفة على شرعة الطريق بها قبر السيدة الشريفة الخضراء ومعها قبر الشيخ على الفاتى التكرورى امام

١٧٨
١٧٩

مهجور ويجاوره المسجد المعروف بالنباش والخط بالقرب من تربة تاج الملوك وكان عند هذه التربة مجتمع المصريين فى المواسم والاعياد والتربة معروفة الآن باقية قال ابن النحوى سمى بالنباش لنبشه عن العلم وقال أيضا رأيت بخط بعض العلماء أن النباش جهز ألف بنت ومائتين يتامى وخمسة آلاف ومائتين من الصبيان الايتام وكفن ألف طريح وستمائة وحج اثنتين وثلاثين حجة وكان يحضر حلقة الفقيه ابن النعمان ويجود على طلبة العلم ومن العجب أن قبره غير معتنى به وهو مهجور قال ابن النحوى وسمع به رجل من بغداد فأتاه فوجده قد مات فأتى قبره وبكى عنده فرآه فى المنام فقال له لو جئت الينا ونحن أحياء أعطيناك مما أعطانا الله ولكن اذهب الى المختار وقل له انه يسلم عليك ويسألك فى خمسين دينارا فلما جاء اليه هابه أن يسأله ووقف ينظر اليه فقال له المختار ها هى مصرورة وأنا أنتظرك من الليل فأخذها ومضى وفى طبقته هلال الانصارى ذكره القرشى وقال قبره بالقرافة الكبرى وعلى قبره مكتوب هذا قبر هلال الانصارى درس فى العلم وأدمن العلم خمس عشرة سنة وقبره داثر ويجاور مسجد النباش المسجد المعروف بالزقليط معروف باجابة الدعاء مقصود بالبركة باق الى الآن ويجاورهم جماعة من الاشراف منهم السيدان الشريفان مسلم ومحمد الحسينيان وهما من أعيان الاشراف لهما رئاسة ووجاهة وعفة وصيانة وهما مدفونان بدارهما المذكورة تحت القبة التى الى جانب مسجد الزقليط شرقى دار ابن النعمان وهى تربة شريفة هكذا حكى الأسعد ابن النحوى فى تاريخه وبالحومة تربة عبد الله العلوى كان جليل القدر قتل بمصر وكان يجالس يحيى بن أكثم ببغداد فقال له بعض من حضر فى مجلسه حدثنا من طريق يحيى بن أكثم قال رأيته قد امتحن رجلا سأله أن يوليه القضاء فقال له ما تقول فى رجلين أنكح كل واحد منهما الآخر أمه فولد لكل واحد منهما من زوجته ولد فما قرابة كل واحد من الولدين من الآخر فقال لا أدرى فقال من لا يعرف مثل هذه المسئلة يكون قاضيا على المسلمين هلا قلت ان كلا منهما عم الآخر لامه قال المؤلف وقد امتحن الامام محمد بن الحسن الامام الشافعى رضى الله تعالى عنه بمثل هذه المسئلة فى حضرة الرشيد والى جانبه مسجد القاضى أبى عبد الله محمد بن سعيد ويجاوره من الجهة الشرقية عند باب المسجد قبر الشريف أبى الدلالات نقيب الاشراف كان حافظا لعلوم الانساب حكى عنه أنه حج فى سنة من السنين ثم عاد الى مدينة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فنام فى الحرم فرأى رجلا يبشر كل رجل من النائمين بالحرم بالجنة حتى أتاه فاعرض عنه فقال له لم لم تبشرنى كما بشرت أصحابى

١٨٠