الكواكب السيّارة في ترتيب الزيارة

شمس الدين أبو عبد الله محمّد بن ناصر الأنصاري [ ابن الزيّات ]

الكواكب السيّارة في ترتيب الزيارة

المؤلف:

شمس الدين أبو عبد الله محمّد بن ناصر الأنصاري [ ابن الزيّات ]


المحقق: أحمد بك تيمور
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار ومكتبة بيبليون
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤١٠

العلماء والمحدثين وكان مولده رضى الله عنه فى سنة أربع وتسعين ومات سنة خمس وسبعين ومائة ودفن فى مقابر الصدف قال القرشى فى تاريخه وكان قبره كالمصطبة ثم بنى عليه هذا المشهد بعد مضى الأربعين وستمائة قال ابن الجباس فى تاريخه لقد رأيته كذلك وبناه ابن التاجر وهو مكان مبارك معروف باجابة الدعاء وزاره جماعة من العلماء رضى الله عنهم أجمعين وبالمشهد أيضا قبر الفقيه الامام المحدث شعيب بن الليث بن سعد كان من أجلاء العلماء معدود من المحدثين قال ابن أبى الدنيا حج شعيب بن الليث سنة من السنين فتصدّق بمال عظيم فمر عليه رجل من العلماء فسأل عنه فقيل له هذا العالم ابن العالم الكريم ابن الكريم ولما فقد مال أبيه بعد موته رحل الى الشام ودخل الى دمشق فجاءه رجل وقال أنا عبد أبيك ومعى لأبيك تجارة بألفى دينار وأنا الآن فى الرق فخذ مال أبيك وأعتقنى ان شئت والا فبعنى فقال أنت حر والمال الذى بيدك هبة منى اليك قال الخطابى فلا أدرى أيهما أفضل العبد فى اقراره بالمال أم السيد حين أعتقه وأعطاه المال وحكى عنه أيضا انه جاءه انسان فقال له يا سيدى كان والدك يعطينى فى كل سنة أو قال فى كل شهر مائة دينار فأعطاه مائة دينار الا دينارا فقال يا سيدى أعجزت عن دينار فقال لا ولكن فعلت ذلك تأدبا مع والدى وكان والده رضى الله عنهما قد أوصاه بحفظ العلم ودرس الحديث ومات بعد أبيه وهو بالمشهد المذكور وقبره الآن امام قبر أبيه فى المكان الذى يلى المصطبة المقابلة لباب المشهد وعلى مكانه باب يغلق وليس فى المكان قبر سواه ومعه فى القبر محمد ابن هارون الصدفى وهو أخوه لامه قيل إنه صحب الشافعى وقد عد الحافظ السلفى أصحاب الامام الشافعى فى قصيدة نظمها ولم يذكره فيها وهى هذه القصيدة

فعليك يا من رام دين محمد

بالشافعى وما تلاه وقالا

أعنى محمدا بن ادريس الذى

فاق البرية رتبة وكمالا

وعلا على النظراء طرا واغتدى

شمس الهدى والغير كان هلالا

واجب كذا عن صحبه وأحبهم

وأجلهم لله جل جلالا

متجملا بهم وكن من حزبهم

فهم الجمال اذا أردت جمالا

وهم الأئمة إن أردت أئمة

وهم الرجال اذا أردت رجالا

فاجلهم شيخ الأئمة أحمد

فيما رواه من الحديث وقالا

والا عينى ويونس الصدفى وال

مزنى آخر من اليه مالا

وكذاك حرملة بن يحيى وال

بويطى الذى قد أعجز الاشكالا

١٠١

واذكر أبا ثور فقيه عراقه

وفريدها والحارث البقالا

ثم الربيعان اللذان تفننا

فى فقهه وتحملا الاثقالا

والزعفرانى الصدوق ورهطه

فى كل قطر واعرف الابطالا

فالشافعى امامهم عن مالك

وذويه لا عن رأيه وتغالا

وهم عن الاتباع والاتباع عن

صحب الرسول رواية وسؤالا

وبالمشهد أيضا قبر الشيخ جمال وهو القبر الخشب الذى على باب المشهد معروف الآن كان مشهورا بالصلاح وكان أهل مصر يتبركون به ويرون منه أحوالا شتى وكان الغالب عليه الجذب وبالتربة أيضا جماعة من القراء والخدام وعند خروجك من الباب الشرقى تجد قبر حجر حوض مع الحائط تحت عقد السلم الذى يصعد عليه الى السطح قيل إنه سعد ابن عبد الرحمن والد الامام الليث عده القرشى من التابعين من طبقة بشر بن أبى بكرة جد القاضى بكار قال المؤلف والاصح أنه لا يعرف له قبر قلت وهذا هو الاصح والى جانب المشهد المذكور من الجهة الشرقية قبة بها قبر الشيخ أبى بكر البهائى وعز الدين البلقائى والى جانبهما حوش به قبر الشريف الطوسى والى جانبه قبر الشيخ عز الدين عاقد الانكحة وهما تحت جدار الحائط قد دثرا والى جانبهم تربة بها قبر الشيخ محمد المصرى المعروف بالحليق وعده جماعة من الصالحين وعند شباك الليث قبر عليه عمود مكتوب فيه هذا قبر شبل الدولة العسقلانى توفى سنة تسع وعشرين وستمائة وقريب منه عمود مكتوب فيه هذا قبر الشيخ على بن عمر المؤذن بمسجد شمس الدين العلائى وبالحومة أيضا قبر الفقيه ابن طاب الزمان وهو مشهور معروف وبالحومة أيضا جماعة لا تعرف أسماؤهم وبالمقبرة أيضا جماعة من خدام الليث وزواره

ذكر مقبرة الصدفيين ومن بها منهم ومن غيرهم فأول المقبرة وآخرها كما تقدم فى صدر الكتاب فأولها قبة أحمد بن يونس بن عبد الاعلى وآخرها قبر يونس بن عبد الأعلى قال شيخنا الشيخ أحمد الادمى آخرها مسجد الامن وهذا القول قريب من الاول لان يونس ابن عبد الأعلى قريب من المسجد وهى مقبرة متسعة قال الاسعد النسابة فى كتاب مزارات الاشراف إن المشاهد من مقابر الصدفيين قال المؤلف وسموا بالصدفيين لان رجلا منهم كان يسمى الصدفى وقيل هو لقب على رجل منهم كان يسمى بالصدفى فانه صدف عنهم حين دخلوا من جهة سد مارب وقيل إنهم كانوا اذا قدموا على غزاة يلقى عنهم العدوّ بنفسه واليه ينتسب الصدفيون ولهم خطة بمصر ذكرها القضاعى فى كتاب الخطط وكلهم

١٠٢

تابعيون وفى قبلتهم صحابى هو أكبرهم وأجلهم ذكره القرشى فى طبقة الصحابة فأول ما نبدأ به من هذه المقبرة باسمه وهو جاحل الصدفى معدود فيمن سكن مصر ذكره ابن عبد البر وله خطة بمصر حكى القرشى أن قبره فى مقبرة الصدفيين قال المؤلف وكل ما روينا فى كتابنا هذا عن القرشى فهو ابن الجباس لان القرشى اثنان ابن الجباس هذا والآخر صاحب كتاب المزارات وفى مقبرة الصدفيين رخامة مكتوب عليها عبد الله بن الحسن بن عبد الله بن جاحل الصدفى قال المؤلف وهذه الرخامة لا توجد الآن ولاهل مصر عنه حديث واحد ولهم عنه حكايات وقيل انه الذى قرأ كتاب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب على النيل فجرى باذن الله تعالى والحكاية قد تقدم ذكرها قال المؤلف وبمصر قبر يسمونه ساعى البحر أعنى الذى جاء بكتاب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وهذا غير صحيح لان أكثر قبور أهل مصر فيها الاختلاف ولم يكن بمصر أصح من مسلمة بن مخلد ومشهد محمد بن أبى بكر الصديق ومشهد زيد بن زين العابدين ومشهد عفان والبقية فيها الاختلاف ولا بد أن نذكرها فى مزارات القاهرة ان شاء الله تعالى وبالمقبرة أيضا أبو محمد الصدفى من أجلاء التابعين لا يعرف له قبر وبالمقبرة أيضا قبر عباس بن عباس بن هلال الصدفى مشهور بالعلم والصلاح من أكابر التابعين روى عن عمرو بن العاص وغيره قال ابن لهيعة لم أر أسرع جوابا منه اذا سئل وكان الناس يسألونه فيجيب من غير ترو وكان يتصدق بقوته وكان يقول الجواد لا يعرف الا فى البلوى والورع لا يعرف الا فى الخلوة وكلمة الحق لا تعرف الا عند الخوف ويقال إن هذا الكلام له مات رضى الله عنه بمصر وقبره فى القبور الدواثر قلت وهو لا يعرف وبالمقبرة أيضا قبر عيسى بن هلال الصدفى من كبار علماء مصر معدود فى التابعين ولا يعرف له قبر وبالمقبرة أيضا قبر محمد بن هدية الصدفى من أكابر التابعين من أئمة مصر وعلمائهم روى عنه أنه كان يقول اصحب من يذكر حقوقك عليه ولا ينساك اذا غبت عنه وكان يقول اذا أحب الله عبدا شغله بعيوب نفسه وقيل إنه صاحب هذا البيت

لعمرك ما مال الفتى بذخيرة

ولكن الاخوان الثقات الذخائر

وبالمقبرة أيضا كثير وهو معدود فى العلماء والمحدثين والقراء من أكابر التابعين وبالمقبرة أيضا قبر قيس بن جابر الصدفى روى عن أبيه جابر وكان من علماء مصر وبالمقبرة أيضا أبو مرحوم عبد الرحمن بن ميمون الصدفى من أكابر علمائهم وائمتهم كان يقول فى مجالسة الثقيل عذاب أليم واذا رأى ثقيلا يقول ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون وكذا كان يقول حماد

١٠٣

ابن سلمة وبالمقبرة أيضا سعيد بن هلال الصدفى وبالمقبرة أيضا أبو عبد الله محمد الصدفى معدود فى القضاة وبالمقبرة أيضا عبد الرحمن بن وهب الصدفى معدود فى المحدثين وبالمقبرة أيضا أبو عبد الرحمن الصدفى قال المؤلف عفا الله عنه ولم يكن بالقرافة من الصدفيين الا هذه المقبرة الا أنى رأيت فى كتاب الشيخ عبد الله القرشى المعروف بابن الجباس ذكر رجل منهم فى شقة الجبل اسمه عبد الرحمن بن على بن الحسن بن عبد الله بن مروان وجده عبد الله بن مروان مذكور فى كتاب فضائل مصر للكندى قال الكندى قال عبد الله ابن مروان الصدفى لما دعى ابن عمى خالد بن يزيد وكان قد توفى بالاسكندرية مرابطا لقى عيسى وعبد الله بن لهيعة والليث بن سعد فقالوا هو حى عند الله يرزق وتجرى عليه أجور المجاهدين الى يوم القيامة وهذا القبر بشقة الجبل فى التربة المقابلة للمرأة الصالحة المعروفة بعطارة الصالحين وسيأتى الكلام عليها عند ذكر شقة الجبل ان شاء الله تعالى وانما عرضت به هنا لانه من الصدفيين ولم يكن بالقرافة صدفى خارج عن مقبرة الصدفيين غير هذا والله أعلم

ذكر من يعرف قبره من الصدفيين قال المؤلف وقد ظهر بجوار الليث رخامتان مكتوب فى إحداهما هذا مشهد أبى عسكر قرة بن عبد الله الصدفى توفى فى شهر رمضان المعظم سنة خمس ومائة وفى الاخرى هذا مشهد به ابراهيم بن أبى مسكين الصدفى ثم اذا خرجت من باب هذا المشهد الشرقى الى جهة الشرق بخطوات يسيرة وجدت تربة بها رخامة فى بناء القبة مكتوب فيها محمد بن المثنى الصدفى شيخ الامام مسلم وهو عظيم الشان جليل القدر من أكابر العلماء والمحدثين ذكره القرشى فى طبقة العلماء والمحدثين كان محمد بن المثنى حافظا للحديث متذكرا له قال عبد الله بن سعيد ما رأيت أحفظ منه لحديث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ولا أكثر زهدا منه ولقد كانت الاموال تحمل اليه فيعرض عنها كأنها ميتة وهو شيخ مسلم والبخارى وبالقرب منه قتيبة بن سعيد الصدفى شيخ مسلم روى عن الليث ابن سعد ولا يعرف له وفاة وبحرى الليث رخامة مكتوب فيها سليمان بن داود بن سعيد الصدفى توفى سنة أربع وتسعين ومائة وبالمقبرة بقية قبب من قبيبات الصدفيين لا تعرف أسماؤهم وآخرهم يونس بن عبد الاعلى الصدفى وهو الشيخ الامام العالم الفقيه الزاهد المشهور بالعلم والصلاح أبو موسى يونس بن عبد الاعلى الصدفى صحب الشافعى والليث بن سعد ومالك بن أنس وابن وهب أيضا وهو من أقران قتيبة بن سعيد قال أبو الطيب كان الشافعى فى الحلقة بالجامع فدخل من باب مصر يونس بن عبد الاعلى فقال الشافعى ما أعلم

١٠٤

اليوم أحدا دخل من باب مصر أعلم من هذا ولا أعبد ويكفيه أن يكون الامام مسلم ابن الحجاج القشيرى النيسابورى من بعض طلبته والامام محمد بن اسماعيل البخارى فله بذلك الفخر العظيم وكان يونس هذا وكيل الليث بن سعد يتصدق على الفقراء ويجلس فى حلقة الليث اذا غاب قال شعيب بن الليث قال أبى وددت لو قاسمنى يونس بن عبد الاعلى شطر مالى ولكن يمنعه ورعه قال أبو الطيب كفى أهل مصر فخرا أن يكون فيهم يونس ابن عبد الاعلى وذكره الحافظ عبد الغنى فى كتاب الكمال من أسماء الرجال قال ابن الجباس وقبره القبر الكبير الذى يعرف الآن مقابلا لتربة هبة الله بن صاعد الفائزى وعليه رخامة مكتوب عليها اسمه ووفاته وكانت وفاته سنة نيف وستين ومائتين والى جانبه موسى ولده وزينب ابنته قال المؤلف عفا الله عنه والرخامة قد سرقت والقبر قد دثر ولا يعرف الآن الا القبة التى بجانبه وهى آخر مقابر الصدفيين وقيل انها كانت اربعمائة قبة والليث وسطهم والله أعلم قال المؤلف عفا الله عنه وبالمقبرة رخامة مكتوب عليها محمد بن الفرات البكرى والقبر مبنى على هيئة مصطبة قبلى الليث ومن ذريتهم جماعة بشقة الجبل وبالمقبرة أيضا سكينة بنت زين العابدين ابن الامام الحسين بن على بن أبى طالب كرم الله وجهه وقد تقدم الكلام على سكينة المذكورة وقد غلط من قال إن السيدة سكينة المقدم ذكرها صاحبة المشهد الذى بظاهر جامع ابن طولون انها بنت زين العابدين هكذا حكى القرشى فى كتابه والى جانبها قبر رقية بنت عقبة المستجاب الدعوة وقبر اختها عند المزنى ذكرها القرشى فى نساء التابعين الا أن قبرها لا يعرف بالحومة وقبر سكينة هذه ظاهر قال القرشى مما يلى المصلى وهو بحرى المفضل بن فضالة على يسار السالك وعندها قبر أربع قطع حجر فى محراب صغير مكتوب عليه هذا قبر الشيخ سليمان استمع ومات وذكر القرشى فى هذه الطبقة أخا رقية بن عقبة بن نافع المستجاب الدعوة حكى عنه أنه رأى فى يد امرأته سوارا من ذهب فبكى ثم قال قال معاذ بن جبل أخوف ما أخاف عليكم النساء اذا استورن ولبسن عطف اليمن ورباط الشمال وكلفن الفقير مالا يجد فقالت لا اتخذه بعد اليوم ثم بكت وتصدقت به قال المؤلف الا انه لا يعرف له قبر وبمقبرة الصدفيين قريبا من قبر يونس بن عبد الاعلى قبر الشيخ الفقيه الامام جمال الدين أبى العباس أحمد بن زين الدين حسن بن أبى البقا صالح ابن نباتة توفى سنة أربع وسبعين وستمائة وقبره الآن حجر والى جانبه قبر الشيخ الفقيه الامام تقى الدين أبى عبد الله محمد بن أبى محمد عبد الوهاب بن عبد الكريم قبره تحت محراب الامام الليث وفى الحومة تربة بها قبر أبى البقا صالح كاتب الليث بن سعد والتربة على

١٠٥

الطريق المسلوك ثم تمشى مستقبل القبلة تجد تربة بنى الرداد وجدهم بالنقعة الكبرى وقبليها حوش الشيخ عوض البوشى وبها قبر الشيخ الفقيه الامام العالم عوض البوشى ذكره الشيخ صفى الدين بن أبى المنصور فى رسالته وأثنى عليه وبالتربة أيضا قبر الشيخ عبد الوهاب ابن الشيخ عوض البوشى وبالتربة أيضا قبر المرأة الصالحة المعروفة بزوجة المرجانى وعند بابها البحرى قبر حوض حجر عليه عمود مكتوب عليه هذا قبر الشيخ منصور النجار توفى سنة ثلاث وأربعين وستمائة وبحريه قبر الفقيه ابن شرارة المقرى واسمه أبو عبد الله محمد فى حوش لطيف كان يزوره شيخنا الادمى ثم تمشى وأنت مستقبل القبلة قاصدا تربة الشيخ مسلم السلمى تجد على يمينك قبرا حوضا حجرا فى حوش صغير هو قبر الشيخ أبى العز عز القضاة الحجار المعروف بشيخ الزوار والى جانبه من القبلة قبر عليه عمود مكتوب عليه هذا قبر الشيخ جمال الدين عبد المعطى ابن القاضى المخلص ووفاته معروفة على قبره والى جانبه قبر ولده شرف الدين أبى عبد الله محمد توفى سنة أربع وأربعين وستمائة وشرقيهم قبر الشيخ الفقيه الصوفى المحقق أبى محمد عبد القوى القرقوبى من أصحاب الشيخ شهاب الدين السهروردى ثم تمشى فى الطريق المسلوك تجد أمامك محرابا به قبور داثرة وفيها قبر حجر قيل انه قبر الشيخ العفيف العطار وقيل انه قبر زينب بنت شعيب بن الليث وهو الاصح ذكر تربة الصاحب بهاء الدين محمد بن على المعروف بابن حنا وهى تعرف الآن بتربة الشيخ مسلم حكى ان الصاحب المرحوم كان يحب الفقراء وأهل العلم وأهل الخير وأنشا هذه التربة رغبة فى الفقراء وكان فى زمنه كل من توفى الى رحمة الله تعالى من الفقراء يتولى تجهيزه ودفنه بالمكان المذكور حتى جمع فيها مائة ولى فلما ان مات رؤى فى المنام فقيل له ما فعل الله بك قال أوقفنى بين يديه وحاسبنى فوجبت لى النار واذا برجل بدوى قد أقبل وقال إلهى وسيدى ومولاى رحمتك وسعت كل شئ وشفع فىّ فشفع وتوفى الصاحب المذكور الى رحمة الله تعالى فى شهر شعبان المكرم سنة ثمان وستين وستمائة ودفن الى جانب سيدى أبى داود مسلم السلمى كان سيدى أبو داود مسلم السلمى قوى الابتداء وله مناقب مشهورة منها انه كان فى زمنه رجل يقال له خضر السلطانى وكان يتردد الى الملك الظاهر وكان الملك الظاهر له به عناية وله فيه اعتقاد وكان الصاحب المرحوم له فى سيدى الشيخ مسلم تعشق عظيم فاتفق انه حضر يوما عند الملك الظاهر وكان عنده الشيخ خضر السلطانى فقال للملك لو رأيت صاحبى زهدت هذا فقال بل هذا أميز من صاحبك قال يا سيدى أحضر أنت صاحبك وأحضر أنا صاحبى وكان قد جعل

١٠٦

وليمة وجعل فيها طعاما من مال حرام وطعاما من مال حلال وقد جعل ذلك لامتحانهما فلما حضر السماط قام الخادم على عادته يمد السماط فنهض سيدى مسلم السلمى على قدميه وقال للخادم اجلس فما هذا يومك أنا اليوم أتولى خدمة الفقراء ثم جعل يلم أصحابه الى جانب ويقدّم لهم الحلال ثم جعل الشيخ خضر على جانب وجعل الحرام لهم ثم قال كلوا الطيبات للطيبين والطيبون للطيبات والخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات فمنها لم يعد السلطان يقرب الشيخ خضر وعرف بركة الشيخ مسلم ومناقبه كثيرة توفى الى رحمة الله تعالى سنة ستين وستمائة وله عقب باق الى الآن ومن أولاده من دفن بغير هذا المكان وسيأتى الكلام عليهم ان شاء الله تعالى والى جانبه قبر الشيخ أبى عبد الله محمد بن يوسف الشاطبى وليس هو صاحب الشاطبية توفى سنة اثنتين وستين وستمائة وعلى باب المقصورة قبر خشب هو قبر السيد الشريف على المعروف بالعريضى ينتسب الى على العريضى بن جعفر الصادق وعريضة قرية من قرى المدينة وكان هذا الشريف زاهدا عابدا قال القرشى وقبره بتربة الصاحب قال المؤلف ورأيت مكتوبا على القبر فى الطراز الخشب غير ذلك الاسم فرأيت مكتوبا هذا قبر السيد الشريف يوسف بن ابراهيم بن عبد الله الحسينى توفى سنة تسع وخمسين وستمائة ويحتمل أن يكونا فى قبر واحد قال ابن الجباس والى جانب قبره قبر الشريف أبى عبد الله محمد الكاتب الخياط كان رجلا جمع بين الشرف والصلاح قال ابن شاس رحمة الله عليه قلت للشريف أبى عبد الله لا تخف فانك محروس بنبيك فقال أين أنت اذا قيل اليوم أضع الأنساب وأرفع ان أكرمكم عند الله اتقاكم وبالتربة أيضا قبر السيد الشريف الحبر العالم المحدث الصادق المعروف بقاضى العسكر روى عنه جماعة من المحدثين ذكرهم القرشى ابن الجباس فى طبقة الاشراف والى جانبه أحمد السلاوى والى جانبه عز الدين القاياتى والى جانبه قبر الفقيه ابن رشيق وعلى يمين الداخل من باب التربة مع الحائط رخامة مكتوب فيها عبد الواحد بن موسى الصنهاجى وغربيه مع الحائط قبر الشيخ أبى العباس المصدر بالجامع العتيق توفى سنة أربع وستين وستمائة والى جانبه قبر الشيخ علاء الدين بن ظاهر والى جانبه قبر الشيخ عمر اليمنى توفى سنة أربع وستين وستمائة والى جانبه قبر المرأة الصالحة أم جميل العسقلانية وقريب منها قبر الشيخ ظاهر بن عبد المجيد توفى سنة سبع وستين وسبعمائة وقريب منه قبر الشيخ داود بن عبد الودود وبالتربة قبر الشيخ يوسف المناوى وأبو يوسف المناوى وفيها أيضا قبر الشيخ ملهام الصوفى وبها قبر الشيخ أبى زكريا يحيى المغربى وبها قبر الشيخ أبى العباس الطويل وبها قبر الشيخ أبى العباس

١٠٧

المدهش وبها قبر أبى العباس السملوطى وبالتربة أيضا قبر المرأة الصالحة أم عبد الكريم وبالتربة أيضا قبر الشيخ الفقيه الامام أبى محمد عبد الله بن على بن موسى بن يوسف المصدر بالجامع العتيق المعروف بالدهان وبالتربة أيضا قبر الشيخ لؤلؤ العجمى وبالتربة أيضا قبر الشيخ ريحان خادم أبى العباس الحرار وبالتربة أيضا قبر الشيخ أبى بكر خادم الشيخ أبى بكر الادفوى وبالتربة أيضا قبر القاضى أبى اسحاق ابراهيم بن محمد بن على المالكى الحاكم بمدينة الاسكندرية توفى سنة خمس وتسعين وستمائة وبالتربة أيضا قبر الشيخ أبى عبد الله محمد بن على والد أبى اسحاق المذكور وبالتربة أيضا قبر الفقيه محمد بن على بن عيسى الشافعى المدرس توفى سنة اثنتين وسبعين وستمائة وبالتربة أيضا قبر محمد بن عبد الحميد توفى سنة ستين وسبعمائة وبالتربة أيضا قبر القاضى العدل الامين الصاحب على بن محمد والد الصاحب المقدّم ذكره توفى سنة سبع وسبعين وستمائة هكذا مكتوب على قبره وبالتربة أيضا قبر القاضى أبى عبد الله محمد بن سليمان بن هبة الله والى جانبه قبر القاضى العدل الامين أبى القاسم هبة الله والى جانبه قبر أحمد بن على بن محمد توفى سنة اثنتين وسبعين وستمائة وهو أخو الصاحب المقدّم ذكره وبها أيضا قبر القاضى جمال الدين أبى عبد الله محمد بن صفى الدين مظفر والى جانبه قبر والده القاضى صفى الدين وبالتربة أيضا قبر الشيخ مسلم وبها جماعة من الخدام قال المؤلف وقد دثر أكثر قبور التربة ولم يبق لها شواهد وهذا ما بقى فى الذهن وقد تجدد فيها الدفن وكذلك تغيرت معالم المكان وقد دفن بها الشيخ الفقيه العالم الامام الصوفى المحقق الشيخ بدر الدين بن الصاحب وقبره الى جانب قبر جده ومن وراء حائطها الغربى قبر الشيخ فخر الدين السقعينى والى جانبه قبر الشيخ فخر الدين التوريزى والى جانبه قبر الشيخ عبد الله الكرمانى والى جانبه قبر الشيخ فخر الدين الهكارى وهم تحت جدار حائط وقبورهم دواثر والطريق يسلك منها الى تربة ابن زنبور وانت خارج من تحت المصنع ثم ترجع الى تربة فخر الدين الفارسى تجد قبل وصولك اليها تربة بغير باب عليها بها قبر الفقيه الامام العالم أبى حنيفة الاصفهانى ومعه فى التربة قبر الشيخ الفقيه الامام العالم أبى بكر الاصفهانى قال المؤلف والقبر مبنى بالطوب الآجر ثم تصعد من الدرج الى زربية فخر الدين الفارسى

ذكر تربة الشيخ الامام العالم المحدث الصوفى المحقق فخر الدين الفارسى قال المؤلف نذكرها قبل الزربية لان بها معبد ذى النون المصرى ذكره ابن عثمان فى تاريخه قال الشيخ موفق الدين رضى الله عنه كان السبب فى بناء المسجد ما حكاه الشيخ فخر الدين

١٠٨

الفارسى وذلك انه رأى فى المنام كأنه واقف على قبر الشيخ أبى الخير التنياتى رحمه‌الله وهو ينظر الى الصحراء واذا هى مملوءة رجالا وعليهم ثياب بيض وفيهم النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقبل يده فقال له لم لا تبنى هذا المسجد فقال يا رسول الله ما بيدى شئ فقال قل للمسلمين يبنونه ثم مشى الى أن أتى الى قبر ذى النون فوقف على شفير القبر فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم السلام عليك يا ذا النون فكأنّ القبر شق وقام منه رجل فقال وعليك السلام يا رسول الله ورحمته وبركاته ثم عدنا الى قبر الشيخ أبى الخير التنياتى فقال يا فخر ابن هذا مسجدا فانه من توضأ ثم صلى فيه ركعتين يقرأ فى الاولى فاتحة الكتاب وسورة تبارك وفى الثانية فاتحة الكتاب وهل أتى على الانسان ويخرج من المسجد ووجهه الى القبلة الى أن ياتى الى قبر أبى الخير لم يسأل الله تعالى حاجة الا أعطاه اياها قال فانتبهت فذكرت هذا المنام فسمعه رجل وكان يملك دارا فباعها وبنى هذا المسجد والتربة مباركة معروفة باجابة الدعاء وبهذه التربة قبر الشيخ الفقيه الامام المحدث فخر الدين أبى عبد الله محمد بن ابراهيم بن أحمد بن ظاهر بن محمد بن ظاهر بن أبى الفوارس الخدرى الفارسى رضى الله عنه يعد من طبقات ثلاث من المحدثين والصوفية والعباد وله مناقب مشهورة وروى أحاديث كثيرة وصحب جماعة من القوم منهم نور بهار العجمى الكازرونى الفارسى فمما رواه باسناده الى النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم انه قال من تكلم وكذب ليضحك الناس ويل له ويل له ويل له ذكره ابن أبى المنصور فى رسالته وحكى عنه قال كنت عنده يوما فدخل عليه قوم يدعونه ليحضر عندهم فى زاوية تعرف بزاوية مسعود الغرابلى وكان السبب فى ذلك أن رجلا من الصالحين مات وكان مقيما بالقرافة فاجتمع أصحابه وعملوا له وقتا واستدعوا له قوالا يقال له الفصيح وكان قد انفرد بالغناء فى زمانه فلما اجتمعوا واجتمع الناس وقلوبهم مجتمعة على سماع الفصيح حضر الشيخ وكان رضى الله عنه له حرمة عظيمة وأصحابه بين يديه وفى خدمته وكان الفصيح شابا حسن الصورة فأحدق الناس بالشيخ فخر الدين الفارسى يتأملون ما يصدر منه فأشار بابطال الفصيح وأنكر صورة الاجتماع من أجله فسمع الفصيح ذلك فهرب خوفا من الشيخ فكادت تزهق أنفس الناس لفوات الامر الذى اجتمعوا له فعلم الشيخ منهم ذلك فتكلم كلاما كثيرا ثم قال لفقير مزمزم يقال له على بن زرزور قم فطيب القوم فقام وجلس وسط القوم وكانوا جمعا كثيرا ثم أنشد يقول دو بيت

ما زلت أقيم مذهب العشق زمان

حتى ظهرت أدلة الحق وبان

١٠٩

ما زلت أوحد الذى أعبده

حتى رحل الشرك عن القلب وبان

قال فقام الشيخ فخر الدين ووضع عمامته على الارض وحلج بهيبته وحرمته واستغرق فى وجده فلم يبق فى المجلس أحد من الناس الا وكشف رأسه وصاروا صارخين وطابوا وحصل لهم أحوال عجيبة لم يعهدوها قبل ذلك ثم صحا الشيخ وغطى رأسه فصحوا وغطوا رؤسهم وصاروا متعجبين من صنع الله لهم وكيف عوضهم الله أفضل مما فاتهم من الفصيح وسماعه وله مناقب مشهورة وقصته مع الملك الكامل وما اتفق له من أجل الراهب مشهورة وذكره الشيخ زكى الدين عبد العظيم المنذرى وعدّه من مشايخه وكانت وفاته رضى الله عنه سنة اثنتين وستين وستمائة والى جانبه قبر ولديه أبى أحمد محمد وشهاب الدين يوسف وعز الدين على بن يوسف وبظاهر المقصورة قبر الشيخ عنبر خليفة الفخر الفارسى

ذكر زربية فخر الدين الفارسى بها قبر الشيخ حسن دروشان خادم الشيخ فخر الدين توفى سنة خمس وستين وستمائة هكذا مكتوب على قبره وعليه مجدول كدان فى جدار الحائط وقريب منه تحت الشباك قبر الطواشى محسن الصالحى كان من أهل الخير والمعروف ووفاته معروفة على عموده والى جانبه من الجهة البحرية قبر الشيخ نجم الدين الخوارزمى وبالمقبرة أيضا قبر السيد الشريف زين الدين والى جانبه مع الحائط مجدول كدان مكتوب فيه هذا قبر الشيخ بلال عتيق الفخر الفارسى توفى سنة احدى وثلاثين وستمائة والى جانبه قبر الشيخ حسن العسقلانى والى جانبه مع الحائط قبر الشيخ محمد بن دروشان وبالمقبرة أيضا قبر الشيخ كريم الدين عبد الكريم العجمى شيخ خانكة سعيد السعداء هكذا مكتوب على عموده والى جانبه من الجهة البحرية عمود عليه مكتوب هذا قبر الشيخ ضياء الدين محمد المعتمدى وبالزربية جماعة من أصحاب الشيخ فخر الدين الفارسى وعلى طرف المقبرة قبر على مصطبة هو قبر الشيخ زامل خادم الفخر متأخر الوفاة

ذكر تربة الشيخ أبى الخير التنياتى وهى التربة المقابلة لتربة الشيخ فخر الدين الفارسى بها قبر الشيخ الصالح الورع الزاهد الولى العابد أبى الخير الاقطع التنياتى المباحى ذكره القرشى فى رسالته وأثنى عليه أصله من المغرب سكن التنيات وله كرامات مشهورة حكى ابن عثمان فى تاريخه أن الهوام والسباع كانت تأنس به فسئل عن ذلك فقال الكلاب يؤنس بعضها بعضا وروى عنه قال دخلت مدينة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وكنت ذا فاقة فأقمت خمسة أيام لم أذق طعاما فتقدمت الى الضريح المكرم وقلت يا سيدى يا رسول الله

١١٠

أنا ضيفك ثم تنحيت ونمت خلف المنبر فرأيت النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأبا بكر عن يمينه وعمر عن يساره وعليا كرم الله وجهه بين يديه فتقدم على فوكزنى برجله فقال قم فقد جاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال فقمت وقبلت الارض بين يديه فدفع لى رغيفا فأكلت نصفه فى النوم واستيقظت وفى يدى النصف الآخر وقال أبو بكر الدارانى أنشدنى الشيخ أبو الخير

أنحل القلب حبه والحنين

وهو أخفى من أن تراه العيون

(١) لا تدركه الظنون الا ظنونا

وحاشا أن تداركه الظنون

وكان يقول حرام على قلب مشوب بحب الدنيا أن يسبح فى روح الغيوب وقال الحسين زرت أبا الخير التنياتى فلما ودعته خرج معى الى باب المسجد وقال أنا أعلم أنك لا تحمل معك معلوما ولكن خذ هذين التفاحتين فأخذتهما ووضعتهما فى جيبى وسرت ثلاثة أيام فلم يفتح لى بشئ فوضعت يدى فى جيبى وأخرجت تفاحة فأكلتها ثم أردت أن أخرج الثانية فوجدتهما اثنتين فلم أزل آكل واحدة وأضع يدى فأجدهما اثنتين الى أن دخلت أبواب الموصل فقلت هاتان يفسدان على حالى فأخرجتهما من جيبى ونظرت اليهما واذا بفقير ملفوف فى عباءة وهو يقول اشتهى تفاحة فناولته اياهما فلما بعدت عنه وقع لى انما بعثهما الشيخ له فطلبت الفقير فلم أجده وقال حمزة بن عبد الله العلوى دخلت على أبى الخير لا سلم عليه وكنت قد ألزمت نفسى أن لا آكل عنده شيأ فلما خرجت من داره اذا به خلفى يحمل طبقا عليه طعام وقال يا فقيه كل فقد خرجت الآن من عقدك وقال ابراهيم الرقى زرت أبا الخير التنياتى مرة وكان يصحبنى فقيه فحضرت الصلاة فتقدم وصلى المغرب فلم يحسن الفاتحة فقال الفقيه ضاعت والله سفرتنا ثم نمت أنا ورفيقى تلك الليلة فاحتملنا فلما أصبح الصباح قال لى رفيقى قد أصابتنى جنابة فقلت والله وأنا كذلك فخرجنا الى مكان نغتسل فيه فلم نجد الا بركة وكان فى أيام الشتاء فقلعنا أثوابنا واغتسلنا فما نشعر الا وقد جاء السبع وجلس على أثوابنا فحصل لنا من ذلك مشقة عظيمة فبينما نحن على تلك الحالة اذ أقبل الشيخ أبو الخير وصاح على الاسد فهرب وهو يبصبص بذنبه ثم قال ألم أقل لك لا تتعرض لا ضيافى وعرك اذنه فانطلقنا من الماء ولبسنا أثوابنا واستغفرنا الله تعالى مما وقع منا فقال الشيخ رضى الله عنه أنتم يا فقهاء اشتغلتم بتقويم الظاهر فخفتم واشتغلنا بتقويم الباطن فخافنا الاسد وقال بكر لم يكن لى علم بما كان سبب قطع يده الى

__________________

(١) هكذا فى الاصل

١١١

أن هجمت عليه وسألته عن ذلك فقال يد جنت قطعت فظننت أنه كانت له صبوة فى بدايته كقطع طريق أو غيره ثم اجتمعت عليه بعد ذلك يسير مع جماعة من الشيوخ فتذاكروا مواهب الله تعالى لاوليائه وأكثروا من كرامات الله لهم الى أن ذكروا طى المسافات وغيره من كرامات الاولياء فقال الشيخ عند ذلك كم تقولون أنا أعرف عبد الله حبشيا كان جالسا فى جامع طرابلس ورأسه فى جيب مرقعته فخطر له طيبة الحرم فأخرج رأسه من مرقعته فاذا هو بطيبة ثم أمسك عن الكلام فتغامز الجماعة وأجمعوا على أنه ذلك الرجل وقام واحد فقال يا سيدى ما كان سبب قطع يدك فقال يد جنت قطعت فقالوا قد سمعنا هذا منك مرارا كثيرة أخبرنا كيف كان السبب قال أنتم تعلمون أنى رجل من أهل المغرب فوقفت فى مطالبة السفر فسرت حتى بلغت الاسكندرية فأقمت بها ثنتى عشرة سنة وكان فى الناس خير ثم سرت منها الى أن سرت بين الشطا ودمياط حيث لا زرع ولا ضرع فأقمت ثنتى عشرة سنة وكان فى الناس خير وكان يخرج من مصر خلق كثير يرابطون بدمياط وكنت قد بنيت كوخا على شاطئ البحر وكنت أجىء من الليل من تحت السور اذا أفطر المرابطون ورموا باقى سفرهم أزاحم الكلاب على اللباب فآخذ كفايتى وكان هذا قوتى فى الصيف قالوا ففى الشتاء قال كان ينبت حول كوخى من البردى آكل أسفله وأعمل فى الكوخ أعلاه فكان هذا قوتى الى أن نوديت فى سرى يا أبا الخير تزعم أنك لا تشارك الخلق فى أقواتهم وتشير الى التوكل وأنت فى وسط المعلوم جالس فقلت إلهى وسيدى ومولاى وعزتك لا مددت يدى الى شئ نبذته الارض حتى تكون أنت الموصل الىّ رزقى من حيث لا أكون أنا أتولاه فأقمت اثنى عشر يوما أصلى الفرض والسنة ثم عجزت فأقمت اثنى عشر يوما أصلى الفرض خاصة ثم عجزت عن القيام فأقمت أصلى الفرض اثنى عشر يوما جالسا ثم عجزت عن الجلوس فرأيت إن طرحت نفسى ذهب فرضى فنظرت الى سرى وقلت إلهى وسيدى افترضت على فرضا تسألنى عنه وضمنت لى رزقا قسمته لى فتفضل على برزقى ولا تؤاخذنى بما عقدته معك واذا بين يدى قرصان وبينهما شئ ولم يذكر لنا ما كان ذلك الشئ ولم يسأله أحد من الجماعة عنه قال وكنت أجد ذلك وقت حاجتى اليه من الليل الى الليل ثم طولبت بالسفر الى الثغر فسافرت حتى دخلت قرية وكان يوم جمعة فدخلت المسجد فوجدت فى صحنه قاصا يقص على الناس وحوله جماعة فوقفت بينهم أسمع ما يقول فذكر قصة زكريا عليه‌السلام والمنشار وما كان من خطاب الله تعالى له حين هرب منهم ونادته الشجرة الىّ الىّ يا زكريا

١١٢

فانفرجت ودخلها فانطبقت ولحقه العدوّ فناداهم ابليس الىّ فهذا زكريا داخل الشجرة ثم أخرج لهم هيئة المنشار فنشرت الشجرة حتى بلغ المنشار رأس زكريا فأنّ أنّه فأوحى الله اليه يا زكريا ان أنيت ثانية محوتك من ديوان النبوّة فصبر زكريا حتى نشر نصفين فقلت إلهى وسيدى لئن ابتليتنى لأصبرن وسرت حتى دخلت انطاكية فرآنى بعض اخوانى وعلم انى أردت السفر لاجل الرباط فدفع لى سيفا وترسا وحربة للسبيل وكنت يومئذ أحتشم مع الله أن آوى الى وراء سور فجعلت مقامى فى غار أكون فيه نهارا فاذا جن الليل خرجت الى شاطئ البحر وغرزت الحربة وأسندت الترس اليها محرابا وتقلدت بسيفى وأصلى الى الغداة فاذا صليت الفجر عدت الى الغار فكنت فيه نهارى فنظرت فى بعض الليالى الى شجرة بطم قد بلغ بعضه وقد وقع على بعضه الندى وهو يبرق فاستحسنته وأنسيت عهدى مع الله تعالى وقسمى أن لا أمدّ يدى الى شئ تنبته الارض فمددت يدى الى الشجرة فقطعت منها عنقودا وجعلت بعضه فى فمى ثم تذكرت العهد فرميت ما كان فى يدى ولفظت ما كان فى فمى ولكن بعد ان جاءت المحنة فرميت الحربة والترس وجلست فى موضعى ويدى على رأسى فما استقر بى الجلوس حتى دار بى فارسان ورجال كثيرون وقالوا لى قم وساقونى الى الساحل فاذا أمير وحوله عسكر وجماعة بين يديه من السودان كانوا يقطعون الطريق فى ذلك المكان وقد أمسكهم فلما مرت الخيل بالموضع الذى كنت فيه وجدونى أسود ومعى ترس وسيف وحربة فظنونى من السودان وقالوا لى من أنت فقلت عبد من عبيد الله تعالى فقالوا للسودان تعرفون هذا فقالوا لا فقال الأمير وكان تركيا بل هو رأسكم وأنتم تفدونه بأنفسكم فقدموهم وجعلوا يقطعون أيديهم وأرجلهم حتى لم يبق الا أنا فقدمونى ثم قالوا مد يدك فمددتها فقطعت ثم أرادوا أن يقطعوا رجلى فرفعت رأسى الى السماء وقلت إلهى يدى جنت فقطعت ورجلى ما بالها واذا بفارس وقف على الحلقة ونظر الىّ وألقى نفسه علىّ وصاح فقيل له فى ذلك فقال هذا أبو الخير المباحى فصاح الأمير ومن حوله ورمى الأمير بنفسه على رجلى يقبلها ويبكى ويقول بالله اجعلنى فى حل فقلت له أنت فى حل قبل أن تقطع يدى ومناقبه غير محصورة وكانت وفاته سنة نيف وأربعين وثلثمائة وبالتربة أيضا قبر الشيخ عبد الجليل الزيات وبالتربة أيضا قبر الشيخ عفيف الدين المعروف بالعطار وقيل إنه عند قبر زينب ابنة شعيب بن الليث بن سعد والأصح أنه بهذا المكان وهذا ما بالجهة الشرقية من تربة الشيخ مسلم وأما الجهة الغربية الملاصقة لتربة الشيخ مسلم فبها حوش الزعفرانى وبهذا الحوش قبر السيد الشريف

١١٣

شرف الدين أبى العباس أحمد بن جعفر بن حيدرة بن اسماعيل بن حمزة بن على بن عمر ابن يحيى بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن على الأصغر بن على زين العابدين ابن الامام الحسين بن على بن أبى طالب رضى الله عنهم وقبره حجر كدان مكتوب عليه اسمه ووفاته والى جانبه قبر ابنته السيدة فاطمة ابنة السيد الشريف شرف الدين الخطيب ومعهم فى التربة قبر الشيخ الفقيه الامام العالم أبى عبد الله محمد المعروف بالزعفرانى والى جانبه قبر ابنته فاطمة وكانت وفاته سنة ست وخمسين وستمائة وكانت وفاة ابنته سنة خمس وتسعين وستمائة ومعهم فى الحوش جماعة من أصحاب الشيخ فخر الدين الفارسى ثم تمشى مغربا بخطوات يسيرة الى قبر يونس بن عبد الأعلى الصدفى وقد تقدّم ذكره ثم تمشى مستقبل القبلة خطوات يسيرة الى مسجد الامن تجد تحته من الجهة البحرية حوشا لطيفا وعنده لوح رخام فى بناء الحوش مكتوب فيه بالقلم الكوفى هذا قبر يوسف بن محمد بن حسان ووفاته قديمة والمسجد المعروف بمسجد الامن مسجد مبارك معروف باجابة الدعاء وبناؤه مسجد فوق مسجد ذكره صاحب الخطط ونذكر قصته فى آخر الكتاب إن شاء الله تعالى وتم الكلام على شقق المشاهد كما تقدم الكلام عليها ثم ابتداء الزيارة من مسجد الامن وذلك كما تقدم الكلام عليه فانى جعلت النقعة ثلاث شقق وسيأتى الكلام على تحديدها ثم تمشى مستقبل القبلة تجد قبرا أربع قطع حجر فى حوش بين الاحواش مكتوب عليه الشيخ المعروف بابن وجيه المحدث عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم توفى فى المحرم سنة أربع وأربعين واربعمائة ثم تمشى مستقبل القبلة تجد قبرا داثرا فى علو الارض يسميه الزوار أبا القاسم المريقى المعروف بصاحب الركوة والى جانبه من جهة الشرق حوش مع جدار حائطه به جماعة من أولاد الشنبكى كان عليهم أعمدة فيها أسماؤهم وكان مكتوبا على عمود منها

يا أيها الناس كان لى أمل

قصر بى عن بلوغه الاجل

فليتق الله ربه رجل

امكنه فى حياته العمل

ما انا وحدى نقلت حيث ترى

كل الى مثله سينتقل

قال المؤلف ولم يبق على قبورهم أعمدة ولقد رأيت التربة مملوءة بالاعمدة ورأيت أسماءهم مكتوبة فيها ومن جملتها الشعر المقدم ذكره ثم تمشى مستقبل القبلة بخطوات يسيرة الى النقعة الكبرى تأتى الى مقبرة القضاعيين قال المؤلف عفا الله عنه فاما النقعة الكبرى فقد جعلتها ثلاث شقق الاولى من مسجد الامن الى تربة ابن عبد المعطى لتكون

١١٤

الشقق منتظمة على بعضها الثانية وهى الوسطى من تربة المفضل بن فضالة الى تربة أبى العباس الحرار الثالثة من تربة الادفوى الى مسجد الفتح وقد جعلت القرافة الكبرى شقة واحدة لتتمة عشر شقق وهى تكملة الجهة الكبرى

ذكر الشقة الأولى من النقعة الكبرى وقد ذكرنا ما بين مسجد الامن ومقبرة القضاعيين وهى معدودة من الاولى بها قبر الشيخ الامام العالم أبى عبد الله محمد بن سلامة بن جعفر القضاعى قاضى مصر وشهرته تغنى عن الاطناب فى وصفه كان إماما عالما زاهدا ورعا رحل الى البلاد ووصل فى رحلته الى القسطنطينية وسمع الحديث بمكة وألف الكتب ومات سنة أربع وخمسين وأربعمائة وكان الفاطميون يعظمونه وكان يبعث أولاده فى الليل الى بيوت الارامل فيطوفون عليهم وكان اذا صنع طعاما وأعجبه يتصدق به وقد تقدم ذكره مع القضاة وبالمقبرة أيضا قبر أبى سلامة على بن عبد الله القضاعى صاحب الخطط كان يعد من علماء المصريين قال أبو عبد الله محمد بن سلامة كان جدى يكتب العلم عن المزنى وكان يكتب فى كل يوم مائة سطر فلا يبيت حتى يحفظها ولما أعيت أحمد ابن طولون الرؤيا التى رآها فى النوم أحضر العلماء من أهل دولته قالوا وما هى قال رأيت فى أول الليل رؤيا وفى آخر الليل رؤيا فاما التى رأيت فى أول الليل فهى نور سطع حتى ملأ ما حول هذا الجامع وأما الجامع فانه مظلم ورأيت آخر الليل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقلت له متى أموت وأين ادفن فاشار بيده هكذا يعنى أشار باصابعه الخمسة فاول كل واحد ما عنده فقال أحمد ليس فيكم من يؤوّل هذه الرؤيا أبقى بمصر عالم قالوا رجل من قضاعة فى مسجد من مساجدهم بمصر فقال على به فجاؤا اليه فوجدوه شيخا كبيرا فاخبروه بالمنامين وبما قال كل منهم فقال عندى تأويل غير هذا أيها الملك قال وما هو وما عندك فيه قال عندى فى ذلك ان جميع ما حول هذا الجامع يخرب حتى لا يبقى سواه قال فما دليلك على ذلك قال قوله تعالى (فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا)وأما اشارة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال لك هذه خمس لا يعلمهن الا الله (إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) فاعجب أحمد بن طولون ذلك وأمر له بمائة دينار فأبى وقال فقه وغنى لا يجتمعان وهو جد جماعة القضاعيين بمصر ولما مات ابنه سلامة أمر أن يدفن تحت رجليه وأنا أذكر عقبه هاهنا وله من الاولاد أبو محمد سلامة بن على القضاعى صاحب رئاسة وعلم بمصر قال القضاعى قلت لابى أوصنى قال عليك بحسن

١١٥

الخلق فانه يزيد فى الخلق والحفظ وأتيته يوما وقد حلقت رأسى فغضب وقال ما هذه المثلة فقلت أمثلة هذا قال نعم قال عمر بن عبد العزيز اياكم والمثلة فى الصورة فقيل له وما المثلة قال حلق الرأس واللحية ومات سنة تسع وتسعين وثلثمائة ومن عقبه بالتربة الامام الفقيه العالم المحدث أبو عبد الله محمد بن سلامة القضاعى قاضى مصر له مصنفات كثيرة فى العلم والحديث والتفسير فمن مصنفاته الفاحم فى تفسير القرآن العظيم قريب من عشرين مجلدا وكتاب الشهاب فى المواعظ والامثال وكتاب منثور الحكم من كلام على كرّم الله وجهه وكتاب الاعداد وكتاب أنباء الانبياء وتواريخ الخلفاء وكتاب المعجم فى أسماء شيوخه الذين قرأ عليهم ووصل فى رحلته الى الشام والحجاز والقسطنطينية وقد تقدمت مناقبهم مع القضاة ذكرهم ابن عثمان فى تاريخه وبالتربة أيضا قبر زوجته ذكرها صاحب المصباح فى تاريخه وسموا بالقضاعيين لان قبيلتهم تسمى بنى قضاعة ولم يبق بتربتهم غير قبر واحد مبنى مسنم يعلوه البياض والى جانب تربتهم تربة شهاب الدين العمرى وهى التربة المطلة على الخندق وهو الشهاب عبد الله بن عبد الوهاب بن محمود المعروف بالعمرى قال المؤلف والعمريون من نسل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه توفى سنة تسع وعشرين وستمائة وكانت له دعوة مجابة وفى تربته أيضا قبر الفقيه الامام العالم ابن عبد السلام المالكى وعليه عمود مشقوق نصفين مكتوب فيه بالكوفى اسمه ووفاته وهو القبر البحرى من قبر العمرى وليس على قبر العمرى تاريخ وانما هو كالمصطبة يليه من جهة القبلة وقيل إن تربته هذه خطها له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى النوم وكان لا يقصده أحد فى شئ الا أعطاه وهو معدود فى طبقة الفقهاء هكذا حكى عنه القرشى فى تاريخه والى جانبه قبر الشيخ الفقيه العالم الامام رشيد الدين أبى الخير سعيد بن يحيى ابن جعفر بن يحيى الارمنى العاقد بمصر كان من أجلاء العلماء مات رضى الله عنه سنة سبع وستين وستمائة وهو الآن لا يعرف له قبر ثم تمشى مغربا خطوات يسيرة تجد قبر ذى النون العدل ابن نجا الاخميمى عابد مصر وليس هو بذى النون المصرى قال ابن الضراب فى تاريخه كان ذو النون الاخميمى من الزهاد العباد يقتات بدرهم فى الشهر وكان قد نحل من العبادة وكان يقول رض نفسك بالجوع تظهر لك مقامات الكشف وقال رضى الله عنه رأيت راهبا فى بعض الصوامع وقد صار كالشن البالى من كثرة عبادته فقلت لنفسى أهّل لهذه العبادة والخدمة وهو مشرك قال فرفع رأسه الى وقال استغفر الله مما قلت وعزته ما عبدته حتى عرفنى به قلت فما هذه الاثواب قال أثواب أتستر بها عن

١١٦

الناس قال قلت فما تقول فى الاسلام فقال أو غير الاسلام دين (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ) فعلمت أنه مسلم فقلت أدع لى قال أرشدك الله الى الطريق اليه قال فتركته وذهبت قال ذو النون الاخميمى لقيت أربعين ولياكل منهم يقول انما وصلت الى درجة الولاية بالعزلة هكذا قال صاحب المصباح قال ابن عثمان فى تاريخه كان ذو النون العدل من التالين لكتاب الله تعالى وسمع الحديث وحدث عن الشيخ أبى القاسم ابراهيم بن سعيد الحبال وجماعة وروى عن أبى الحسن على بن يحيى المقرى بسنده الى ابراهيم بن أدهم أنه قال حدث عن بعض العباد أنه قام ذات ليلة يصلى على شاطئ البحر اذ سمع صوتا عاليا بالتسبيح ولم ير أحدا فقال من أنت يرحمك الله أسمع صوتك ولا أرى شخصك فقال أنا ملك من عند الله تعالى موكل بهذا البحر أسبح الله تعالى بهذا التسبيح منذ خلقت قال فقلت ما اسمك فقال مهلاييل فقلت ما لمن قال هذا التسبيح من الثواب فقال من قاله مائة مرة لم يمت حتى يرى مقعده فى الجنة أو يرى له وهو هذا التسبيح (سبحان الله العلى الديان سبحان الله الشديد الاركان سبحان من يأتى بالليل ويذهب بالنهار سبحان من لا يشغله شان عن شان سبحان الحنان المنان سبحان الله فى كل مكان) والى جانبه من الحائط القبلى قبر الشيخ أبى الحسن المعروف بالصائغ كتب عليه العوام صائغ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال المؤلف وهذا غير صحيح وفى الصحيح أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم اتخذ خاتما وأمر أن يكتب عليه لا اله الا الله ولم تذكر العلماء من صاغه ولم تذكر له وفاة بمصر لانه لم يدخل مع الصحابة فى فتحها من اسمه الصائغ وقال صاحب المصباح إن هذا القبر قبر عبد الله بن عبد العزيز بن مروان صاحب المسجد بمصر قال المؤلف ابن عثمان وهذه الاشياء تؤخذ بحسن النية فان كان الرجل ما هو فى هذا القبر فالزيارة تصل اليه أين ما كان وما زار الناس هذا القبر سدى والدعاء عنده مستجاب والى جانب ذى النون العدل قبران من حجر الى جانب بعضهما وهما المعروفان بسماسرة الخير وهما أولاد القاسم قال صاحب المصباح انهما من ذرية القاسم الشيخ قال المؤلف ولم يكن بالقرافة من اسمه القاسم الشيخ غير القاسم الطيب ابن محمد المأمون وعلى هذا فهما شريفان وبحريهما حوش لطيف به قبر رخام هو قبر الشيخ أبى عبد الله محمد القيسى الا أنه لا يذكر له وفاة ثم تمشى مستقبل القبلة بخطوات يسيرة تجد قبر زهرة البان البكاية بكت حتى ذهبت عيناها من كثرة بكائها وكان الصاحب المرحوم على بن محمد يكثر من زيارتها هكذا حكى صاحب مصباح الدياجى والى جانب قبرها قبر محمد بن محمد البكرى الواعظ

١١٧

والى جانب قبره قبر الفقيه عبد الله بن أحمد بن الحسن بن اسماعيل الفقيه الشافعى وقد ذكر قبره القرشى عند قبر العمرى والاصح أنه بهذا المكان وقد ذكر صاحب المصباح تربة بنى المفضل وذكر أنها بين القضاعى واللخمى وقد ذكر الاسعد ابن النحوى النسابة بنى المفضل فى كتابه وقال هو المفضل بن المشرف من ولد جعفر الصادق يقال له ابن حركات وكان ناسكا ورعا زاهدا عابدا وأهل مصر يزورونه ويتبركون به ثم تأتى الى قبر البلخى الواعظ ذكره ابن عثمان قال كان رحمه‌الله واعظا ورعا كثير الصلاة على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قيل إن رجلا رأى النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو يزور قبره وذكر سيف الحق فى كتابه أنه كان فقيها فاضلا والى جانبه قبر عليه عمود مكتوب عليه محمد بن الحسين الواعظ الواسطى مات سنة احدى وخمسمائة والى جانبه قبر الشيخ أبى الحسن البغدادى والى جانبهم المشهد المعروف بصلة قال ابن عثمان فى تاريخه هو صلة بن أشيم العدوى أحد زهاد الدنيا وهو رجل عتق من النار وتكفل لمن زاره أن يعتق من النار ان شاء الله تعالى قال فى كتابه وأهل مصر يقولون إنه صلة بن أشيم قال المؤلف وهذا ليس بصحيح ولم يثبت هذا عند أحد من المصريين وذكر الحافظ أبو نعيم فى الحلية والامام أبو الفرج فى كتاب صفوة الصفوة وغيرهما من أرباب التاريخ أن صلة بن أشيم قتل فى العراق هو وولده وقال لولده تقدم حتى احتسبك عند الله تعالى فتقدم فقاتل حتى قتل ثم تقدم صلة فقاتل حتى قتل فاجتمع النساء عند زوجته معادة العدوية رضى الله عنها فقالت إن كنتن جئتن تبشرننى فمرحبا بكنّ وان كنتن جئتن لغير ذلك فانصرفن عنى فما رؤى أصبر منها وكان صلة ابن أشيم تضرب بعبادته فى زمنه الامثال ولما تزوّج دخلوا عليه من الغد فوجدوه يبكى فقالوا لزوجته ما شأنه قالت هو هكذا من أول الليل الى آخره فقالوا له ما يبكيك فقال إنكم أدخلتمونى بالامس بيتا ذكرت به جهنم وهو الحمام ثم أدخلتمونى وقت المساء هذا البيت وزينتموه فذكرت به قصور الجنة ثم جئتمونى بامرأة ذكرت بها الحور العين فأقام سنة يبكى ولا يضاجع زوجته وهى تصوم معه وتصلى ومات رضى الله عنه غازيا كما ذكرنا وهذا قبر صلة بن المؤمل أحد رجال الحديث ذكره جماعة من الحفاظ وكان زاهدا ورعا رضى الله عنه وقيل إنه صلة بن مؤمل البغدادى وهو الاصح ولا أدرى كيف وقع للشيخ موفق الدين هذا الغلط فى مرشده فى أماكن كثيرة ولا بد من تعيينها فى هذا الكتاب ان شاء الله تعالى روى صلة باسناده عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال يكون فى أمتى رجل يقال له صلة بن أشيم يدخل الجنة بشفاعته كذا وكذا وروى جعفر بن يزيد العدوى

١١٨

عن أمامة أنه قال خرجنا فى غزو الى كابل وبالجيش صلة بن أشيم فنزل الناس عند العقبة فقلت لارمقن عمله وأنظر ما يذكر الناس من عبادته وصلاته فصلى العتمة ثم اضطجع والتمس غفلة الناس حتى اذا هدأت العيون وثب فدخل غيضة قريبة منه فدخلت فى أثره فتوضأ ثم قام يصلى فجاء أسد فدنا منه وصعدت أنا الى شجرة فما التفت ولا ارتعد من الاسد فلما صلى سجد قلت الآن يفترسه الاسد ثم جلس وسلم ثم قال أيها السبع أطلب الرزق من مكان آخر فولى وان له لزئيرا يكاد أن ينصدع منه الجبل فما زال كذلك يصلى الى الصبح فجلس فحمد الله تعالى ثم قال اللهم انى أسألك أن تجيرنى من النار فما مثلى يجترئ أن يسألك الجنة ثم أصبح كأنه بات على الساباط وأصبحت وبى من الفترة ما الله عالم به فلما دنونا من أرض العدوّ قال الامير لا يشدن أحد من العسكر فوقف يصلى فذهبت بغلته بثقلها فقام فصلى ركعتين ثم قال اللهم انى أقسمت عليك الا رددت بغلتى على وثقلها قال فلم يشعر الا بالبغلة جاءت فوقفت بين يديه فحمل هو وهشام وابن عامر فلم يزالا يضربان ويقاتلان ويقتلان فى العدوّ فانكسر العدوّ فقال إن رجلين من العرب قاتلا قتالا شديدا يعنون هشاما وصلة بن أشيم فسمعنا قائلا (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ) وبهذا المشهد قبر الشيخ أبى الحسن على المعروف بابن قادوس وبه أيضا قبر الشيخ سيف الدين كريش وبه أيضا قبر الشيخ أبى الفتح يحيى ابن عمر بن محمد امام الجامع العتيق ومعه فى قبره ولده أبو الذكر محمد وعليهما رخامة وتحت محراب صلة قبر الجلال ابن برهان رئيس المؤذنين بجامع مصر وعند باب المشهد قبر الشيخ اسماعيل الموله وكان رجلا صالحا ذكره صاحب المصباح وبالمشهد جماعة لا تعرف أسماؤهم وعند الخروج من باب هذا المشهد قاصدا الى سالم العفيف تجد قبر الشيخ أبى الحسن على بن صالح الأندلسى المعروف بالكحال ذكره الموفق فى تاريخه وحكى عنه ان من كراماته ان من أصابه رمد وجاء الى قبره وقرأ شيأ من القرآن ثم قال بسم الله الرحمن الرحيم ويحسن ظنه ويمسح على عينيه بتراب القبر فانه نافع مجرب كما ذكر جماعة انهم جربوه فوجدوا عليه الشفاء قال ابن أخى عطايا كان لا يضع ميلا فى عين حتى يقرأ عليه سورة الاخلاص ثلاث مرات وأتاه رجل ذمى وقد عمى فقال له لو أسلمت لعاد اليك نظرك قال والاسلام يرد نور الأبصار قال نعم فقال الذمى والله لا كذبتك أشهد أن لا اله الا الله وأن محمدا رسول الله فذهب وهو ينظر وعلى قبره مجدول كدان قال صاحب المصباح والى جانب قبره قبر رخام مكتوب عليه خزيمة بن عمار بن يزيد مات

١١٩

سنة خمسين ومائتين قال المؤلف رحمه‌الله ولا أعلم بالحومة قبرا رخاما الا الذى يليه من جهة الغرب وكان شيخنا يقول ان بهذا القبر جماعة أشرافا والى جانبه من الجهة البحرية قبر الامشاطى المؤذن بجامع مصر كان عالما بعلم الأوقات ذكره صاحب المصباح مع سالم العفيف فى التربة قلت ويفرق بينهما البناء وهو الآن بظاهر التربة

ذكر تربة سالم العفيف بهذه التربة قبر الشيخ سالم العفيف كان مشهورا بالخير والصلاح مجاب الدعوة حكى عنه الموفق فى تاريخه ان رجلا رآه فى المنام فقال أنا أعجب ممن يزورنى ولا يدعو ويسأل الله حاجة وحكى أن رجلا جاءه فى حياته وهو قلق فقال له ما بك فقال ضاع لى دفتر حساب وأنا عند رجل ظالم وقد دلونى عليك أن تدعو لى يا سيدى عسى أجده فقال له الشيخ اذهب الى سوق الحلوانيين واشترى لنا رطلا من الحلوى حتى أدعو لك فمضى الرجل الى حانوت الحلاوى واشترى منه رطلا حلوى فوزن الحلاوى الرطل وأخرج ورقة يلفه فيها فنظر الرجل الى الورقة واذا هى من دفتره فقال للحلاوى من أين لك هذه الورقة فقال من دفتر اشتريته الساعة فقال ائتنى به فأخرجه اليه فاذا هو دفتره لم ينقص شيأ فدفع له ما اشتراه به وأخذه وأخذ الحلوى وأتى الى الشيخ وقال يا سيدى لقيت الدفتر وهذه الحلوى فقال الشيخ خذ حلاوتك ما لى بها حاجة وانما قصدت قضاء حاجتك وبالتربة أيضا قبر أبى الحسن على بن فضائل الطحان هكذا مكتوب على عموده ثم تخرج من التربة قاصدا الى القمنى تجد قبرا عليه عمود مكتوب عليه هذا قبر الشيخ أبى عبد الله محمد بن محمد الدمشقى. (ذكر تربة أبى بكر القمنى) بهذه التربة قبر الشيخ الفقيه الامام العالم أحد قضاة مصر أبى بكر محمد المعروف بالقمنى ذكره القضاعى فى تاريخه وقال اسمه عبد الملك قال ابن ميسر فى تاريخه وجدت فى نسخة من خط ابن خيره ان رجلا من أكابر حفاظ مصر أخبره انه لم يزل يرى العلماء يقفون عند قبر القمنى ويجعلون صلة امامهم وسالما العفيف عن يمينهم وأبا الحسن الصائغ عن شمالهم ويدعون فيستجاب لهم وذكر العبيدلى النسابة فى كتابه المسمى بالرد على أولى الرفض والمكر فيمن كنى بأبى بكر قال كان الامام أبو بكر القمنى زاهدا فى عصره محدثا تأتى الناس اليه قال رجل لقيت الخضر عليه‌السلام زمن فتنة المستنصر الفاطمى فقلت له ادع لاهل مصر فقال لا تخاف أهل مصر وفى جبانتهم أبو بكر القمنى وكان رضى الله عنه قد شهد مشاهد الطالبين ويقال انه من السبعة الأبدال وكان قد لزم بيته فلم يخرج منه عشرين سنة وكان قد ولى القضاء فمر فى بعض الطرق فوجد قوما قد عملوا فرحا وهم يضحكون ومر بقوم آخرين قد مات

١٢٠