عدّة الإنابة في أماكن الإجابة

السيّد عفيف الدين أبي السيادة عبدالله بن إبراهيم بن حسن بن محمّد أمين ميرغني الحسني المتّقي المكّي الطائفي الحنفي [ المحجوب ]

عدّة الإنابة في أماكن الإجابة

المؤلف:

السيّد عفيف الدين أبي السيادة عبدالله بن إبراهيم بن حسن بن محمّد أمين ميرغني الحسني المتّقي المكّي الطائفي الحنفي [ المحجوب ]


المحقق: د. عبدالله نذير أحمد مزّي
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: المكتبة المكيّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٣١٨

من نشر النور والزهر ٣١٨ ـ ٣١٩ ؛ الزركلي : ٤ : ٦٤ ؛ كحالة : معجم المؤلفين ٦ : ١٦ ـ ١٧ ؛ النبهاني : جامع كرامات الأولياء ٢ : ١٢٩ ؛ الهيلة : التاريخ والمؤرخون بمكة ٤٠٦ ـ ٤٠٨.

[٣] تصانيفه رحمه‌الله تعالى :

١. إتحاف الحلفاء ، في مناقب أول الخلفاء : رتّبه على خمسة أبواب وخاتمة (١).

٢. إتحاف السعداء ، بمناقب سيّد الشهداء ، حمزة بن عبد المطلب : جمعها سنة ٦٨١١ ه‍. ورتبها على ثلاثة عقود ، العقد الأول في فضله ، والثاني في إسلامه ، والثالث في ترجمته ، والخاتمة في استشهاده (٢).

٣. الأنفاس القدسية ، في مناقب الحضرة العباسية : في مناقب عبد الله بن عباس ، ألفها سنة ١٦١١ ه‍ وذكر فيها ثلاث فوائد ، الأولى في فضله ، والثانية في فضل أبيه وأهله ، والثالثة في ترجمته ، والخاتمة في حكمه ونثره ونظمه (٣).

٤. الإيضاح المبين بشرح فرائض الدين (في الفقه) (٤).

٥. البدر المنير (شرحه العلامة سيدي محمد الجواهري ، وقرأه درسا) (٥).

__________________

(١) منه نسختان بجامعة الرياض رقم ١٣١١ ورقم ١٦٨٨ ، ونسخة بالمكتبة الوطنية بباريس رقم ١٦٨٩.

(٢) منه نسخة بمكتبة الحرم المكي رقم ١٣٣ تراجم دهلوي ، ونسخة بمكتبة جامعة الرياض رقم ٢٦٥٣ (٢) ، ونسخة بالظاهرية برقم ٣٦٧١ (٧١) عام.

(٣) الزركلي في الأعلام ٤ / ٦٤. الهيلة : التاريخ والمؤرخون ص ٤٠٧.

(٤) هدية العارفين ١ / ٤٨٦ ؛ معجم المطبوعات العربية ٢ / ١٨٢٨ ؛ الزركلي في الإعلام ٤ / ٦٤.

(٥) البغدادي هدية العارفين ١ / ٤٨٦ ؛ مرداد في مختصر نشر النور ص ٣١٨.

٢١

٦. التوسلات الإلهية في الخلوات السمرية والجلوات السحرية (١).

٧. الجواهر اللمعة في فضائل الجمعة (٢).

٨. الجوهرة الشفافية ، في بعض مناقب السيدة الصّدّيقية : في مناقب أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق (٣).

٩. الدرة اليتيمة ، في بعض فضائل السيدة العظيمة ، فاطمة الزهراء : ألّفها سنة ١١٦٤ ه‍ (٤).

١٠. الرسائل الميرغنية (في التصوف) (٥).

١١. رفع الحجاب عن الكوكب الثاقب (شرح للكوكب الثاقب) (٦).

١٢. السر العجيب في مدح الحبيب (من ديوان شعره) (٧).

١٣. السهم الراحض في نحر الروافض (٨).

١٤. سواد العينين ، في شرف النسبين (٩).

__________________

(١) هدية العارفين ١ / ٤٨٦.

(٢) الزركلي في الأعلام ٤ / ٦٤ ، ذكره مرداد في مختصر نشر النور ص ٣١٩.

(٣) منها نسخة بالمكتبة الظاهرية رقم ٤١٣٤ (٤٢) عام. كتبت سنة ١١٧٩ ه‍ ، ونسخة بجامعة برنستن ، مجموعةGarrett رقم ٢٠٥٨ (٥).

ذكرها الهيلة في التاريخ والمؤرخون بمكة ص ٤٠٧.

(٤) ذكرها البغدادي في إيضاح المكنون ١ : ٤٦٢.

(٥) ذكرها الزركلي ٤ / ٦٤.

(٦) شرح الكوكب الثاقب البغدادي : هدية العارفين ١ / ٤٨٦ ، مرداد مختصر نشر النور ص ٣١٨.

(٧) هدية العارفين ١ / ٤٨٦.

(٨) هدية العارفين ١ / ٤٨٦.

(٩) ذكره البغدادي في إيضاح المكنون ٢ / ٣٠ ؛ هدية العارفين ١ / ٤٨٦ ؛ منه نسخة بمكتبة جامعة الرياض برقم ١١٧١.

٢٢

١٥. شرح صيغة القطب ابن مشيش (١).

١٦. عدة الإنابة ، في أماكن الإجابة (وهو الكتاب الذي أقدمه للقراء) (٢).

١٧. عقد الجواهر في نظم الفاجر (ديوان شعره) (٣).

١٨. العقد المنظم على حروف المعجم (ديوان شعره) (٤).

١٩. الفتح المبين (شرح فروض الدين) (٥).

٢٠. فرائض الدين وواجبات الإسلام لعامة المؤمنين.

٢١. الفروع الجوهرية ، في الأئمة الاثني عشرية (٦).

٢٢. كنز الفوائد (٧).

٢٣. كنوز الحقائق في الحديث (٨).

٢٤. الكوكب الثاقب (٩).

٢٥. اللآلئ المفردات في أذكار عرفات.

__________________

(١) هدية العارفين ١ / ٤٨٦.

(٢) الهيلة في التاريخ والمؤرخون بمكة ص ٤٠٨.

وذكره البغدادي باسم (اتحاف الإبانة في مواضع الإجابة) هدية العارفين ١ / ٤٨٧.

(٣) البغدادي ، هدية العارفين ١ / ٤٨٦ ، ومرداد في مختصر نشر النور ، ص ٣١٨.

ترتيب معجم المطبوعات العربية ١٨٢٨ ، الزركلي في الأعلام ٤ / ٦٤.

(٤) البغدادي : هدية العارفين ١ / ٤٨٦ ، ومرداد في مختصر نشر النور ص ٣١٨.

(٥) ذكره مرداد في مختصر نشر النور ص ٣١٨.

(٦) ذكره مرداد في مختصر نشر النور ص ٣١٨.

(٧) ذكره مرداد في مختصر نشر النور ص ٣١٨.

(٨) هدية العارفين ١ / ٤٨٧ ، مختصر نشر النور ص ٣١٨.

(٩) مختصر نشر النور ص ٣١٨.

٢٣

٢٦. مشارق الأنوار في الصلاة والسلام على النبي المختار (١).

٢٧. المعجم الوجيز في أحاديث النبي العزيز صلى‌الله‌عليه‌وسلم (اختصره من الجامع وذيله) (٢).

٢٨. النفحة العنبرية شرح آداب المعية (٣).

٢٩. المقاصد الفحرى ، في بعض مناقب السيدة خديجة الكبرى : جمعها سنة ١١٦٨ ه‍ ، وذكر فيه فضلها ونسبها واسمها ولقبها وموتها وأولادها (٤).

٣٠. مناقب عثمان بن عفان (٥).

٣١. منتهى السّير في الاختصار (٦).

__________________

(١) البغدادي ، هداية العارفين ١ / ٤٨٧ ، مردادي مختصر نشر النور ٣١٨.

(٢) له نسخة في مكتبة عارف حكمت بالمدينة (٦٥ حديث) ، هدية العارفين ١ / ٤٧٨ ، ومرداد في مختصر نشر النور ص ٣١٨ ، وسركيس معجم المطبوعات ١٨٢٨ ، الزركلي في الأعلام ٤ / ٦٤.

(٣) ذكره مرداد في مختصر نشر النور ص ٣١٩.

(٤) الهيلة : التاريخ والمؤرخون بمكة ص ٤٠٨.

(٥) ذكره مرداد في مختصر نشر النور ٣١٨.

(٦) ذكره البغدادي في إيضاح المكنون ٢ / ٥٧٣.

٢٤

هذه

عدة الإنابة في أماكن الإجابة

للعارف بالله تعالى والدال عليه

مولانا السيد عبد الله ابن المرحوم

السيد إبراهيم مرغني (ت ١٢٠٧ ه‍)

رحمهما‌الله تعالى ونفعنا والمسلمين بعلومهما

آمين

٢٥

بسم الله الرّحمن الرّحيم

الحمد لله الذي أسكننا في معدن أماكن الإجابة ، ومنّ علينا بطلب الدعاء ووعدنا بالاستجابة ، وجعلنا خير أمة وأنزل علينا كتابه.

والصلاة والسلام على عبده ونبيه الذي أسكنه طابة ، وعلى إخوانه النبيين والآل والصحابة ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة عبد يرجو منه الإنابة ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله شهادة مقر بالرسالة والإجابة ، صلى الله وسلم عليه وعلى آله عدد ما أحاط به علمه وما أمطرت سحابة.

وبعد : فيقول الفقير إلى مولاه الغني ، المتحلي بالتقصير والخلق الدني ، عبد الله بن إبراهيم بن حسن مير غني ، الحسيني الحنفي ، ـ عامل الله الكل بلطفه الخفي ، وجعلهم ممن سما واصطفى ـ لما طالعت بعض شرح العالم العلامة الشيخ إدريس الشماع الشافعي ، على منظومة الشيخ عبد الملك العصامي ـ رحمهما‌الله تعالى ـ المسمى بالإنابة في أماكن الإجابة ، وكانت تلك المنظومة مقيدة بأوقات معينة ، كما ذكره الشيخ الإمام أبو بكر بن محمد بن الحسن بن النقاش رحمه‌الله تعالى ، وقد ذكرها كثير من علمائنا غير مقيدة ، كما رواه الشيخ الجليل سيد التابعين الحسن البصري رضي‌الله‌عنه ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، كما ذكره الشيخ عبد الملك في آخر نظمه ، وقد كنت رأيت بيتين في ذلك غير مقيدين للشيخ الإمام والعالم الهمام عمر بن إبراهيم بن نجيم ، صاحب النهر الفائق شرح كنز الدقائق ، خطر لي أن أجمع عليهما بعض الفوائد ، وأذكر كل فائدة في محلها اللائق بها ؛ ليسهل به إدراكها وحفظها ، لكني رأيت عدة ما فيها خمسة عشر موضعا ، وقد أنهاها غيره من علمائنا إلى عشرين ، فنظمت الزيادة في بيت ، وألحقته بهما

٢٦

وشرحت الكل ، والبيتان والزيادة هما هذان :

دعاء البرايا يستجاب بكعبة

وملتزم ، والموقفين ، كذا الحجر

طواف ، وسعي ، مروتين ، وزمزم

مقام ، وميزاب جمارك تعتبر

منى ، ويمان ، رؤية البيت ، حجره

لدى سدرة عشرون تمت بها غرر (١)

وسميت ما جمعته بالكتابة : عدة الإنابة في أماكن الإجابة ، لكوني أذكر في سبيل (كل) محل بعض ما يناسبه من مسائل فقهية ، وأدعية مأثورة ومروية ، تتميما للفوائد وتحصيلا للعوائد.

__________________

(١) وألحق ابن عابدين بالبيتين ثالثا ـ على نحو ما فعل المؤلف ـ : وهو قوله :

ورؤية بيت ثمّ حجر وسدرة

وركن يمان مع منى ليلة القمر

حاشية ابن عابدين ٧ / ١٠٠ (النسخة المحققة).

والأصل في رعاية وتحري هذه الأماكن في الدعاء قول الإمام الحسن البصري رحمه‌الله : «وما على وجه الأرض بلدة يستجاب فيها الدعاء في خمسة عشر موضعا إلا مكة : أولها : جوف الكعبة الدعاء فيه مستجاب ، والدعاء عند الركن اليماني مستجاب ، والدعاء عند الحجر مستجاب ، والدعاء خلف المقام مستجاب ، والدعاء في الملتزم مستجاب ، والدعاء عند باب بئر زمزم مستجاب ، والدعاء على الصفا والمروة مستجاب ، والدعاء بين الصفا والمروة مستجاب ، والدعاء بين الركن والمقام مستجاب ، والدعا بمنى مستجاب ، والدعاء بجمع مستجاب ، والدعاء بعرفات مستجاب ، والدعاء في المشعر الحرام مستجاب.

فهذه يا أخي خمسة عشر موضعا ، فاغتنم الدعاء فيها ، فإنها المواضع التي لا يرد فيها الدعاء ، وهي المشاهد العظام التي ترجى فيها المغفرة ، فاجتهد يا أخي في الدعاء عند هذه المشاهد العظام» وسوف يأتي الحديث بالتفصيل عن هذا الحديث في (مستند أماكن إجابة الدعاء عامة).

رسالة الحسن البصري إلى أهل مكة ص ٢٤ ، ٢٥ (ضمن كتاب قرة العينين في فضائل الحرمين) الطبعة الثانية ـ ١٤٢٧ ه‍ ـ مكة المكرمة.

٢٧

مقدمة

[٣٢] [الدعاء وأحكامه] :

اعلم أن المقصود من بيان هذه الأماكن : الدعاء فيها ، فيحتاج إلى بيان :

١ ـ حقيقته. ٢ ـ وفضيلته. ٣ ـ وسببه.

٤ ـ وركنه. ٥ ـ وشرطه. ٦ ـ وسننه.

٧ ـ وآدابه. ٨ ـ ومحرمه. ٩ ـ ومكروهه.

١٠ ـ وحكمه. ١١ ـ والحكمة.

[٣٣] [حقيقة الدعاء] :

أما حقيقته في اللغة : الرغبة إلى الله تعالى ، وفي الاصطلاح : رفع الحاجات إلى رافع الدرجات ، وهو مشروع بالكتاب ، والسنة ، والإجماع.

[٣٤] [فضل الدعاء] :

وأما فضيلته : فقال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : (الدعاء هو العبادة) (١) ثم تلا : (وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) [غافر : ٦٠] ، وقال : (الدعاء مخ العبادة) (٢).

__________________

(١) أخرجه أبو داود (١٤٧٩) ؛ الترمذي (٢٩٦٩) «وقال : حديث حسن صحيح» ، ابن ماجه (٣٨٢٨).

(٢) الدعاء. أخرجه الترمذي (٣٣٧١) وقال : «حديث غريب من هذا الوجه لا نعرفه إلّا من حديث ابن لهيعة».

٢٨

وقال : (الدعاء : مفتاح الرحمة ، والوضوء : مفتاح الصلاة ، والصلاة : مفتاح الجنة) (١).

وقال : (الدعاء سلاح المؤمن ، وعماد الدين ، ونور السموات والأرض) (٢). وقال : (لا يرد القضاء إلا الدعاء ، ولا يزيد في العمر إلا البر) (٣). وقال : (لا يغني حذر من قدر ، والدعاء ينفع مما نزل ، ومما لم ينزل ، وإن البلاء لينزل فيتلقاه الدعاء ، فيعتلجان إلى يوم القيامة) (٤). وقال : (الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل ، فعليكم عباد الله بالدعاء) (٥). وقال : (ليس شيء أكرم على الله تعالى من الدعاء) (٦) ، وقال : (من لم يسأل الله يغضب عليه) (٧). وقال : (من لم يدع الله غضب عليه) (٨). وقال : (لا تعجزوا في الدعاء فإنه لن يهلك مع الدعاء أحد). وقال : (من سره أن يستجيب الله تعالى له عند الشدائد والكرب فليكثر من الدعاء في الرخاء) (٩).

__________________

(١) أخرجه الديلمي في الفردوس ٢ / ٢٢٤ ؛ فيض القدير ٣ / ٥٤٠ «عن ابن عباس بإسناد ضعيف».

(٢) أورده صاحب المجمع عن حديث علي رضي‌الله‌عنه ، وقال : «رواه أبو يعلى وفيه محمد بن الحسن بن أبي يزيد وهو متروك» ١٠ / ١٤٧.

(٣) أخرجه الترمذي (٢١٣٩) وفي : «حديث حسن غريب وحديث سلمان ..».

(٤) أورده الهيثمي في المجمع وقال : «رواه البزار ، وفيه إبراهيم بن خيثم وهو متروك» ٧ / ٢٠٩.

(٥) أخرجه الترمذي (٣٥٤٨) وفي «حديث غريب» ، وأورده الهيثمي.

(٦) أخرجه الترمذي (٣٧٧٠) وقال : «حديث حسن غريب لا نعرفه مرفوعا إلّا من حديث عمران القطان ..» وابن حبان في موارد الظمآن ١ / ٥٩٥ ؛ وابن ماجه (٣٨٢٩).

(٧) أخرجه الترمذي (٣٣٧٣).

(٨) أخرجه ابن حبان في الصحيح ٣ / ١٥٢ ، وفي الأحاديث المختارة ٥ / ١٣٧.

(٩) أخرجه الترمذي (٣٣٨٢) وقال : «حديث غريب».

٢٩

[٣٥] [سبب الدعاء وركنه] :

وأما سببه : فكمال الافتقار إلى الواحد القهار.

وأما ركنه : فتوجه القلب إلى الله تعالى : بالصدق والإخلاص.

[٣٦] [شرط الدعاء وقبوله] :

وأما شرطه : فالنية والتمييز.

وأما شرط قبوله وإجابته : فما نظمه البدر بن جماعة في قوله :

شروط الدعاء المستجاب لنا

عشر بها بشر الداعي بإفلاح

طهارة وصلاح معهما ندم

وقت خشوع وحسن الظن يا صاح

وحلّ قوت ولا يدعى بمعصية

واسم يناسب مقرون بإلحاح

[٣٧] [سنن الدعاء] :

وأما سننه : فرفع اليدين حذاء الصدر ، وبسط الكفين نحو السماء ، يفرج بينهما كما في (الدر المختار) ، وقال الملّا علي في شرح الحصن الحصين : والظاهر أن من الأدب أيضا ضم اليدين وتوجيه أصابعهما مع انضمامها نحو القبلة ، وقد اختلفت الروايات في كيفية الرفع عنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم (١) ، وذلك لاختلاف الحال. وفي البحر : الدعاء أربعة :

١ ـ دعاء رغبة يفعل كما مر.

٢ ـ ودعاء رهبة يجعل كفيه لوجهيه كالمستغيب عن الشيء.

__________________

(١) انظر الأذكار للنووي ، ص ٦٤ وما بعدها ؛ تحفة الذاكرين للشوكاني ، ص ٤٧ وما بعدها.

٣٠

٣ ـ ودعاء تضرع بعقد الخنصر والبنصر ويحلق ويشير بمسبحته.

٤ ـ ودعاء الخفية ما يفعله في نفسه.

وبدأته بالحمد والثناء والصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وختمه بها ، ومسح اليدين على الوجه بعد الفراغ منه.

[٣٨] [آداب الدعاء] :

وأما آدابه فكثيرة ، منها : تحرّي الأوقات الفاضلة ـ كالسجود في النفل ، وعند الأذان والإقامة ، وتقديم الوضوء ، والصلاة ـ واستقبال القبلة ، والجثو على الركب ، وتقديم التوبة والاعتراف بالذنب ، واجتناب الحرام مأكلا ومشربا وملبسا ، والتأدب ، والخشوع ، والتمسكن ، والخضوع ، وأن لا يرفع بصره إلى السماء ، وكشف يديه ، وتجنب السجع وتكلفه ، وأن لا يتغنى به ، وخفض الصوت ، والسؤال بالأسماء الحسنى والأدعية المأثورة ، والتوسل بالأنبياء والصالحين (١) ، وجعل الصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أوله ووسطه وآخره ، والختم بآمين و (سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (١٨٠) وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (١٨١) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) (١٨٢) [الصافات] ، ويتخير الدعاء الجامع ، ولا يخص نفسه بالدعاء ، ويسأل بعزم ورغبة ، ولا

__________________

(١) التوسل بالأنبياء والصالحين بعد موتهم لم يكن مشهورا عند الصحابة والتابعين ، ومذهب أبي حنيفة وأصحابه وغيرهم من العلماء : أنه لا يجوز أن يسأل الله تعالى بمخلوق : لا بحق الأنبياء ولا غير ذلك. «ولهذا قال أبو حنيفة وصاحباه رضي‌الله‌عنهم : يكره أن يقول الداعي : أسألك بحق فلان ، أو بحق أنبيائك ورسلك ، وبحق البيت الحرام ، والمشعر الحرام ، ونحو ذلك ..». ا ه. شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز الحنفي ص ٢٣٣.

«وكذلك علم الصحابة أن التوسل به إنما هو التوسل بالإيمان به وطاعته ومحبته وموالاته ، أو التوسل بدعائه وشفاعته ؛ فلهذا لم يكونوا يتوسلون بذاته مجردة عن هذا وهذا». فتاوى ابن تيمية (١ / ٣٢١) وانظر ١ / ٢٢٢.

٣١

يستبطئ الإجابة ، والإلحاح في الدعاء ، مع رجاء الإجابة وعدم القنوط. قال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : (ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل) (١) وقال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : (إن الله حييّ كريم يستحي من عبده إذا رفع إليه يديه أن يردهما صفراوين) (٢) وفي رواية : (خائبتين).

وقال سفيان بن عيينة : لا يمنعك من الدعاء ما تعلم من نفسك فإن الله أجاب شر الخلق إبليس إذ قال : (رَبِّ فَأَنْظِرْنِي*) [الحجر : ٣٦].

والبداية بنفسه ثم أبويه ، ومشايخه ، والمؤمنين.

[٣٩] [ما لا ينبغي من الدعاء] :

وأما محرمه : فالدعاء بغير العربية في الصلاة ، وسؤال العافية مدى الدهر ، وخير الدارين ، ودفع شرهما ، والمستحيلات العادية كنزول المائدة. قيل : والشرعية ، وألحق حرمة الدعاء بالمغفرة للكافر ، لا لكل المؤمنين كل ذنوبهم ، والدعاء بإثم أو قطيعة رحم ، أو بأمر فرغ منه أو ما في معناه. كما في الدر المختار.

[٤٠] [مكروهات الدعاء] :

وأما مكروهه : فترك سننه ، وفعل ما لا يليق به (٣).

__________________

(١) أخرجه الترمذي (٣٤٧٩) وزاد (لاه) وقال : «حديث غريب لا نعرفه إلّا من هذا الوجه ..» ؛ وأورده الهيثمي في المجمع وقال : «رواه أحمد وإسناده حسن» ١٠ / ١٤٨.

(٢) أخرجه أبو داود (١٤٨٨) ؛ وابن حبان في صحيحه ٣ / ١٦٠.

(٣) انظر بالتفصيل هذه الشروط والآداب : الإحياء للغزالي ، ٣٢٨ ؛ الأذكار للنووي (مع الدليل لكل) ص ٦٤٠ وما بعدها ، (الدعاء لمحمد الحمد ، ص ٢٦ وما بعدها).

٣٢

[٤١] [حكم الدعاء] :

وأما حكمه : فالإجابة إذا وجدت شروطها ، قال في المدارك : ثم إجابة الدعاء وعد صدق من الله لا خلف فيه ، غير أن إجابة الدعوة تخالف قضاء الحاجة ، فإجابة الدعوة أن يقول العبد : يا رب ، فيقول الله : لبيك عبدي ، وهذا موعود لكل موجود مؤمن ، وقضاء الحاجة إعطاء المراد ، وذا قد يكون ناجزا ، وقد يكون بعد مدة ، وقد يكون في الآخرة ، وقد تكون الخيرة له في غيره. أه.

قال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : (ما من مسلم ينصب وجهه لله تعالى في مسألة إلا أعطاها إياه إما أن يعجلها له وإما أن يؤخّرها له) (١) وفي حديث مناجاة السيد موسى عليه‌السلام : (وإن دعوني أستجبت لهم ، فإمّا أن يردها عاجلا ، وإمّا أن أصرف عنهم سوءا ، وإمّا أن أدخره لهم) ، وقد يكون تأخيرها لمحبّته تعالى لصوته ، أو ليداوم على الدعاء.

وذكر مكي : أن المدة بين دعاء زكريا عليه‌السلام بطلب الولد والبشارة أربعون سنة ، ومثله : ابن عطية عن ابن جريح ومحمد بن الضحاك : إن دعوة موسى على فرعون لم تظهر إجابتها إلا بعد أربعين سنة (٢) ، ولذا قال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : (يستجاب لأحدكم ما لم يستعجل يقول : دعوت الله فلم يستجب لي) رواه الستة إلّا النسائي (٣).

__________________

(١) أخرجه الإمام أحمد في المسند (٩٧٨٤) ؛ وقال الهيثمي «رجاله ثقات». المجمع ١٠ / ١٤٨.

(٢) تفسير ابن عطية (المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز) في تفسير آية (٨٩ سورة يونس) ص ٩٢٣. ط دار ابن حزم.

(٣) الحديث أخرجه مسلم في صحيحه (٢٧٣٥) بلفظ آخر ، وغيره.

٣٣

وحكى الغزالي عن بعض العارفين أنه قال : إني أسأل الله تعالى منذ عشرين سنة حاجة وما أجابني وإني لأرجو الإجابة.

[٤٢] [حكم الدعاء] :

وأما حكمه : فكونه شرع سببا يتوصل به إلى السعادة الأبدية ، والنجاة السرمدية.

ونفعه مما نزل ومما لم ينزل ، ورده للقضاء ، وتفريجه للهمّ والكرب ، وما أحسن ما قيل :

ما ضاق حال بعبد فاستعد له

عبادة الله إلّا جاءه الفرج

ولا أناخ بباب الله راحلة

إلا تدحرج عنه الهم والحرج

ولابن الجوزي رحمه‌الله تعالى :

إذا كثرت منك الذنوب فداوها

برفع يد في الليل والليل مظلم

ولا تقنطن من رحمة الله إنما

قنوطك منها من خطاياك أعظم

فرحمته للمذنبين كرامة

وغفرانه للمسرفين تكرم

وهو سلاح المؤمن : يهلك به عدوه ، ويحمي به صديقه.

ومما يعزى للإمام الشافعي رحمه‌الله تعالى :

أتهزأ بالدعاء وتزدريه

وما تدرى بما صنع الدعاء

سهام الليل لا تخطي ولكن

لها أمد وللأمد انقضاء

فيمسكها إذا ما شاء ربي

ويرسلها إذا نزل القضاء

٣٤

[٤٣] [التفضيل بين الدعاء وتركه] :

فائدة : هل الدعاء أفضل ، أم تركه رضا بالقسمة الأزلية؟.

مال كثير من العلماء إلى الأول ، ومال آخرون إلى الثاني ، وفرّق بعضهم ، فقال : إن كان القلب منطلقا بالدعاء ومنشرحا له ومستهرا به ، فالدعاء أفضل ، وإن كان منقبضا عنه ، فالتّرك أفضل ، واختاره المحققون ، ويدلّ عليه قوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : (من فتح له في الدعاء منكم فتحت له أبواب الإجابة). وفي رواية : (أبواب الجنة) ، وفي أخرى (أبواب الرحمة) (١).

[٤٤] [الجهر والسر في الدعاء] :

وهل الأفضل الدعاء بالجهر أم بالسر؟ الصحيح الثاني ، قال تعالى : (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) (٥٥) [الأعراف] ، المجاوزين ما أمروا به في كل شيء من الدعاء وغيره ، وعن ابن جريج : الرافعين أصواتهم بالدعاء ، وعنه : الصياح في الدعاء مكروه وبدعة ، وقيل : هو الإسهاب في الدعاء ، وقال صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ فيمن جهر بالذكر والدعاء ـ : (إنكم لا تدعون أصم ولا غائبا ، إنما تدعون سميعا قريبا ، إنه معكم أينما كنتم) (٢).

وعن الحسن : بين دعوة السر والعلانية سبعون ضعفا.

__________________

(١) أخرجه الحاكم في المستدرك برواية (الجنة) ١ / ٦٧٥ وصححه ؛ والترمذي برواية (الرحمة) (٣٥٤٨) وقال : «حديث غريب».

(٢) أخرجه البخاري (٢٨٣٠) ، ومسلم (٢٧٠٤).

٣٥

[٤٥] [أوقات إجابة الدعاء] :

تتمة : الإجابة لها أوقات ، وأحوال ، وأشخاص ، وأماكن.

فمن أوقاتها : ليلة القدر ، ويوم عرفة ، وشهر رمضان ، ويوم الجمعة ، وعند جلوس الإمام على المنبر إلى أن يتم الصلاة ـ وهو الصحيح ـ ووقت العصر منها وإليه ذهب المشايخ ، (تتارخانية). وقيل : اليوم كله وليلتها كلها ، وقيل : من حين تقام الصلاة إلى السلام ، وقيل : آخر ساعة منه ، وقيل : بعد طلوع الفجر قبل طلوع الشمس ، وقيل : بعد طلوع الشمس ، وذهب أبو ذر رضي‌الله‌عنه إلى أنها : بعد زيغ الشمس بيسير ، وقيل : وقت قراءة الإمام الفاتحة إلى أن يقول : آمين ، وقيل : غير ذلك إلى أزيد من ثلاثين قولا ذكرها القسطلاني في (لوامع الأنوار) (١) ، ونصف الليل الثاني ، وثلثه الأول ، وثلثه الأخير وجوفه ، ووقت السحر ، وساعة الجمعة أرجى ذلك ، كذا قال ابن الجوزي.

وقال الملّا علي : وفيه نظر إذ لا دليل يظهر أنها أرجى من ليلة القدر ، وكذا من يوم عرفة بعرفة.

ومن أحوالها : دبر الصلاة المكتوبة ، وفي السجود ، وينبغي أن يحمل عندنا على النفل (٢) وعقب تلاوة القرآن لا سيما الختم ، أي : من القرآن خصوصا من القارئ ، وعند النداء بالصلاة ، وبين الأذان والإقامة ، وبعد الحيعلتين

__________________

(١) انظر الحديث الذي أخرجه الشيخان عن أبي هريرة رضي‌الله‌عنه أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ذكر يوم الجمعة ، فقال : (فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلّي يسأل الله تعالى شيئا إلّا أعطاه إيّاه وأشار بيده يقللها) البخاري (٩٣٥) ومسلم (٨٥٢) ، انظر بالتفصيل ذلك في فتح الباري.

(٢) أي الحنفية ، فإنهم لا يرون الزيادة في الفريضة على (سبحان ربي الأعلى) انظر مختصر القدوري (مع التصحيح على القدوري) ص ٧٣٠.

٣٦

لمن نزل به كرب أو شدة ، وعند الصف في سبيل الله ، وعند التحام الحرب ، وعند شرب ماء زمزم ، والحضور عند الميت ، وصياح الديكة ، واجتماع المسلمين ، ومجالس الذكر ، وعند قول الإمام : ولا الضآلين ، وعند تغميض الميت ، وإقامة الصلاة ، ونزول الغيث ، ورؤية الكعبة ، وبين الجلالتين في سورة الأنعام (١).

[٤٦] [من يرجى قبول دعائه] :

ومن الأشخاص : المضطر ، والمظلوم ولو كان فاجرا أو كافرا ، والوالد إذا كان محقا ، والولد البار بوالديه ، والمريض ، والمسافر ، والصائم حتى يفطر ، وحين يفطر ، والإمام العادل ، والرجل الصالح ، والمسلم لأخيه بظهر الغيب ، والمسلم ما لم يدع بظلم أو قطيعة رحم ، أو يقول : دعوت فلم أجب ، ولله عزوجل عتقاء في كل يوم وليلة لكل عبد منهم دعوة مستجابة ، ودعوة الحاج لا ترد حتى يصدر أي يرجع.

[٤٧] [الدعاء باسم الله الأعظم] :

ومن قال : «لا إله ألا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين» جاء أنه اسم الله الأعظم ، الذي إذا دعي به أجاب ، وإذا سئل به أعطى.

وجاء هو : (اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت ، الأحد الصمد ، الذي لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفوا

__________________

(١) والمراد بها الآية : (جاءَتْهُمْ آيَةٌ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللهِ اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغارٌ عِنْدَ اللهِ وَعَذابٌ شَدِيدٌ بِما كانُوا يَمْكُرُونَ) (١٢٤) الأنعام.

٣٧

أحد) (١). وجاء أنه : (اللهم إني أسألك بأنك أنت الله الأحد ... إلى آخره (٢)).

وجاء أيضا هو : (اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت ، وحدك لا شريك لك ، الحنان المنان ، بديع السموات والأرض ، يا ذا الجلال والإكرام ، يا حي يا قيوم) (٣).

وجاء : (وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ) (١٦٣) [البقرة] ، و (الم (١) اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) (٢) [آل عمران](٤).

وجاء هو : اسم الله الأعظم في ثلاث : البقرة ، وآل عمران ، وطه. قال القاسم : فالتمستها أنه الحي القيوم (٥).

__________________

(١) أخرجه الترمذي (٣٤٧٥) وقال : «حديث حسن غريب» ؛ وأخرجه النسائي في الكبرى (٧٦٦٦) ؛ وابن حبان في موارد الظمآن ١ / ٥٣٢ ، قال ابن حجر : «إن هذا الحديث أرجح ما ورد من حيث السند» كما نقل الشوكاني في التحفة ص ٥٢.

(٢) كما في رواية الترمذي ، والبيهقي في الدعوات الكبير ١ / ١٤٥ ، انظر بالتفصيل : تحفة الذاكرين للشوكاني ، ص ٥١ وما بعدها.

(٣) أخرجه أبو داود (١٤٩٥) ، والنسائي في الكبرى (١٢٢٣) ، وابن ماجه (٣٨٥٨) ، وأورده الهيثمي في المجمع وقال : «رواه أحمد والطبراني في الصغير ورجال أحمد ثقات إلّا أن ابن إسحاق مدلس وإن كان ثقة» ١٠ / ١٥٦.

(٤) هذا حديث أسماء بنت يزيد مرفوعا (اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين ...) وذكر الآيتين المذكورتين.

كما رواه أبو داود (١٤٩٦) ؛ والترمذي وحسنه (٤٣٧٨) ؛ وابن ماجه (٣٨٥٥).

(٥) ويعني به حديث أبي أمامة الباهلي الذي رواه ابن ماجه ... وذكر الحديث ، ثم قال أبو أمامة فالتمستها فوجدت في البقرة في آية الكرسي : (اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) وفي آل عمران (اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) وفي طه (وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ). ابن ماجه (٣٨٥٦) والحاكم في المستدرك والطبراني في الكبير ، كما ذكر الشوكاني في تحفة الذاكرين ص ٥١.

٣٨

وجاء أنه في قوله تعالى : (قُلِ اللهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ) [آل عمران : ٢٦] الآية.

[٤٨] [الاختلاف في الاسم الأعظم] :

وقد اختلف العلماء في الاسم الأعظم هل هو معين أو لا؟ فقيل : غير معين بل ما دعوته به حال تعظيمك له وانقطاع قلبك إليه ، فما دعوت به في هذه الحالة استجيب لك ، لظاهر قوله تعالى : (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ) [النمل : ٦٢] والمشهور : أنه اسم معين يعلمه الله تعالى ويلهمه من يشاء من خواص عباده ، ثم اختلف القائلون بتعينه بحسب النظر ، والأخذ بالأثر ، وبحسب الكشف والإلهام فقيل : إنه (الله) وهو قول الجمهور ، ونسبه بعضهم لأكثر أهل العلم ، لكن كما قال القطب الرباني السيد عبد القادر الجيلاني : بشرط أن تقول : الله وليس في قلبك سواه. وقيل : إنه الحي القيّوم. وقيل : هو العليّ العظيم الحليم العليم ؛ وقيل : هو لا إله إلا الله ، أو لا إله إلا هو. وقيل : الحق. وقيل : ذو الجلال والإكرام. وقيل : أرحم الراحمين. وقيل ربّنا. وقيل : الوهّاب. وقيل : القريب. وقيل : السميع البصير. وقيل : سميع الدعاء. وقيل : خير الوارثين. وقيل : حسبنا الله ونعم الوكيل ، وقيل غير ذلك والله تعالى أعلم. وأيّا كان فالداعي به ممن يستجاب دعاءه.

[٤٩] [معنى الأعظم] :

هذا وقد اختلف العلماء في معنى الأعظم هل هو بمعنى أفعل التفضيل أو بمعنى العظيم؟

فمال بعضهم إلى الأول ، وفضلوا بعض أسمائه تعالى على بعض ، ومال

٣٩

آخرون إلى الثاني ، وقالوا : لا يجوز التفضيل ؛ لأنه يؤذن باعتقاد نقصان المفضول عن الأفضل ، وأوّلوا ما ورد في ذلك على أن المراد بالأعظم : العظيم ؛ إذ أسماؤه كلها عظيمة.

٤٠