عدّة الإنابة في أماكن الإجابة

السيّد عفيف الدين أبي السيادة عبدالله بن إبراهيم بن حسن بن محمّد أمين ميرغني الحسني المتّقي المكّي الطائفي الحنفي [ المحجوب ]

عدّة الإنابة في أماكن الإجابة

المؤلف:

السيّد عفيف الدين أبي السيادة عبدالله بن إبراهيم بن حسن بن محمّد أمين ميرغني الحسني المتّقي المكّي الطائفي الحنفي [ المحجوب ]


المحقق: د. عبدالله نذير أحمد مزّي
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: المكتبة المكيّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٣١٨

كلها الحسنة بمائة ألف (١)) ، فعلى هذا يكون المراد بالمسجد الحرام في الاستثناء الحرم كله؟.

قلنا : نقول بموجب حديث ابن عباس : أن حسنة الحرم مطلقا بمائة ، لكن الصلاة في مسجد الجماعة تزيد على ذلك ، ولذا قال : بمائة صلاة في مسجدي ، ولم يقل : حسنة ، (وصلاة في مسجدي بألف) صلاة ، وكل صلاة بعشر حسنات ، فتكون الصلاة في مسجده صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعشرة آلاف حسنة ، وتكون في المسجد الحرام بألف ألف حسنة ، وعلى هذا تكون حسنة الحرم بمائة ألف حسنة ، والمسجد الحرام بألف ألف ، ويلحق بعض الحسنات ببعض ، أو يكون ذلك مختصا بالصلاة لخاصية فيها ، والله أعلم. كذا في الجامع اللطيف نقلا عن المحب الطبري (٢).

[٢٣٧] [المضاعفة في الصلاة] :

وهل تختص المضاعفة بالمكتوبات أو تعم [النوافل]؟ فذهب مشايخنا ـ إلّا الطحاوي ـ إلى أنها تختص بالفرائض ؛ لأن النوافل في البيت أفضل ، وبه قال المالكية ، وبعض الشافعية ومذهبهم التعميم ، قال الحافظ ابن حجر : ويمكن إبقاء حديث (أفضل صلاة المرء (٣)) على عمومه ، فتكون النافلة في بيت بالمدينة أو مكة تضاعف على صلاتها في البيت بغيرها. وكذا في المسجدين ، وإن كانت في البيوت أفضل مطلقا.

__________________

(١) المقدسي في الأحاديث المختارة ١٠ / ٥١ ؛ وابن خزيمة في الصحيح ٤ / ٢٤٤ ؛ والبيهقي في الكبرى ٤ / ٣٣١ ؛ والهيثمي في مجمع الزوائد ، ٣ / ٢٠٩.

(٢) انظر : القرى لقاصد أم القرى ص ٦٥٥ وما بعدها.

(٣) تكملة الحديث (... في بيته إلا الصلاة المكتوبة) أخرجه البخاري (٦٨٦٠).

٢٠١

[٢٣٨] [المضاعفة بين المسجد والحرم] :

وقال الفخر بن ظهيرة : لا يلزم من المضاعفة في المسجد أن يكون أفضل من البيت ؛ إذ فضيلة المسجد المذكور من حيث التضعيف. أه.

ثم قيل : إنها مختصة بالرجال دون النساء ؛ لأن صلاتهن في البيت أفضل ، ثم التضعيف المذكور يرجع إلى الثواب لا إلى الإجزاء عما في الذمة من الفوائت إجماعا ، لاكما يوهمه قول النقاش : حسبت الصلاة في المسجد الحرام ، فبلغت صلاة واحدة عمر خمسة وخمسين سنة وستة أشهر وعشرين ليلة (١).

وحسب الشيخ بدر الدين ابن الصاحب الإرشاري رحمه‌الله تعالى : ثواب صلاة الجماعة في المسجد الحرام ، ثم قال : فتلخص أن صلاة واحدة في المسجد الحرام جماعة بفضل ثوابها على ثواب من صلّى في بلده فرادى ، حتى بلغ عمر نوح عليه‌السلام بنحو الضعف (٢).

وهذا كله بالنظر إلى الروايات المشهورة ، وأما على الروايات الأخر فكذلك يبلغ آلاف كرات من السنين على ما جمعه بعضهم.

[٢٣٩] [المضاعفة عامة] :

قال في المنسك الكبير : ثم اعلم أن هذا التضعيف لا يختص بالصلاة بل يعم جميع الأعمال ؛ لما صرّح به بعض العلماء الكبار ، وقال الحسن البصري في رسالته : ما أعلم اليوم من بلد على وجه الأرض بلدة يرفع فيها من الحسنات وأنواع البرّ كل واحدة منها بمائة ألف ، ما يرفع بمكة ، ثم ما

__________________

(١) الأزرقي ١ / ٣٥٠ ، والشافعي في المسند ١ / ٢٦.

(٢) الجامع اللطيف ، ص ١٧٦.

٢٠٢

أعلم من بلدة على وجه الأرض كتب لمن صلى فيها ركعة واحدة بمائة ألف ركعة غير مكة ، ثم ما أعلم من بلدة على وجه الأرض يتصدق فيها بدرهم واحد فيكتب بمائة ألف درهم إلا بمكة انتهى (١).

فتفطن يا أخي في هذه الفضيلة العظيمة ، وابذل جهدك لنيلها ، فيا لها من نعمة ما أشرفها ، وفضيلة ما أكبرها (٢).

__________________

(١) انظر : رسالة الحسن البصري (فضائل مكة والسكن فيها) ص ٢١ وما بعدها.

(٢) وذكر محب الدين في فضل الصوم في الحرم :

«عن ابن عباس رضي‌الله‌عنهما ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : من أدرك رمضان بمكة فصامه ، وقام منه ما تيسر له ، كتب له مئة ألف شهر رمضان فيما سواه ، وكتب الله له يوم وليلة عتق رقبة ، وبكل يوم حملان فرس في سبيل الله ، وفي كل يوم حسنة ، وفي كل ليلة حسنة. أخرجه ابن ماجه ، وأخرج نحوه الحافظ أبو حفص عمر بن عبد المجيد الميّانشى في المجالس المكية ، ولفظه : من أدرك شهر رمضان بمكة من أوله إلى آخره فصامه وقامه ، كتب له مئة ألف شهر رمضان في غيره ، وكان له بكل يوم مغفرة وشفاعه ، وبكل يوم حملان فرس في سبيل الله عزوجل ، وله بكل يوم دعوة مستجابة.

وعن الحسن البصري قال : صوم يوم بمكة بمئة ألف ، وصدقة درهم بمئة ألف ، وكل حسنة بمئة ألف. أخرجه صاحب مثير الغرام».

وأورد أيضا في تضعيف حسنات الحرم :

«عن زاذان قال : مرض ابن عباس ـ رضي‌الله‌عنهما ـ مرضا شديدا ، فدعا ولده ، فجمعهم ، فقال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : من خرج من مكة ماشيا حتى يرجع إلى مكة ـ يعني في الحج ـ كتب الله له بكل خطوة سبع مئة حسنة ، كل حسنة مثل حسنات الحرم. قيل : وما حسنات الحرم؟ قال : بكل حسنة مئة ألف حسنة. أخرجه أبو ذرّ وأبو الوليد الأزرقي».

ثم قال المحب الطبري :

«وفيما تقدم من أحاديث مضاعفة الصلاة والصوم ، دليل على اطراد التضعيف في جميع الحسنات ، إلحاقا بهما ، ويؤيد ذلك قول الحسن المتقدم في الفصل قبله ، ولم يقلد إلا وله مستند في ذلك. وهذا الحديث يدل على أن المراد بالمسجد الحرام في

٢٠٣

[٢٤٠] [هل تتضاعف السيئات بمكة] :

فإن قيل : إن كانت الحسنات كذلك فهل السيئات تتضاعف؟

والصحيح الذي عند جمهور العلماء : عدمها ، لكن هي في الحرم أعظم منها في غيره بلا ريب ، ثم قيل على الأول : مضاعفتها كمضاعفة حسنات غيره ، وردّ بعض العلماء الخلاف الأول إلى اللفظ ، ويظهر أنه بعيد. والله).

[٢٤١] [ما حوى البيت الشريف من أماكن الإجابة] :

ومن فضائل المسجد : ما حواه من البيت الشريف ، وما فيه من أماكن الإجابة ، وقد تقدم فضل ذلك.

ومنها : ما حواه من الأماكن التي فيها صلّى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : وهي خلف المقام ، وهو معروف ، أو جهة البيت إلى انتهاء فرش الرخام ؛ لما قيل : إنه كان ملصقا بالبيت على عهد النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وتلقاء الحجر الأسود على حاشية المطاف ، وقرب الركن الشامي مما يلي الباب ، وقيل : مما يلي الحجر ، وتسمية هذا الركن بالشامي قول بعض ، والمشهور تسميته بالعراقي.

__________________

فصل تضعيفه ، الصلاة في الحرم جميعه ، لأنه عمم التضعيف في جميع الحرم ؛ وكذلك حديث تضعيف الصوم عممه في جميع مكة ، وحكم الحرم ومكة في ذلك سواء باتفاق ، إلا أن يخصّ المسجد بتضعيف زائد على ذلك ، فيقدر كل صلاة بمئة ألف صلاة فيما سواه ، والصلاة فيما سواه بعشر حسنات ، فتكون الصلاة فيه بألف ألف حسنة ، والصلاة في مسجد النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بمئة ألف حسنة. ويشهد لذلك ظاهر اللفظ ، والله أعلم.

وعلى هذا تكون حسنة الحرم بمئة ألف ، وحسنة مسجده : إما مسجد الجماعة ، وإما الكعبة على اختلاف القولين ، بألف ألف ؛ ويقاس بعض الحسنات على بعض ، أو يكون ذلك خصّيصى للصلاة ، والله أعلم» القرى لقاصد أم القرى ، ص ٦٥٨ ، ٦٥٩.

٢٠٤

وعند باب الكعبة قال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : (أمّني جبريل عند باب الكعبة مرتين (١)) ، وهو يحتمل وجاه الباب أو الحفرة بهذا الملتزم ، والأقرب الأول ، كذا قال الفاسي وسيأتي.

والحفرة التي تسمى : معجنة إبراهيم ومقام جبريل ؛ حيث أمّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، صلى فيه خمس صلوات أوائل أوقاتها ، وهذا هو المشهور عند أهل مكة ، ويكاد أن يعد عندهم متواترا ، على ما قاله في العمدة ، وإليه ذهب المحب الطبري ، ويقال : إنه مصلّى آدم عليه الصلاة والسلام.

وتلقاء الركن الذي يلي الحجر من جهة المغرب ، وقيل : هو خلف المقام ؛ لأنه جاء مصرحا به في رواية ، قال المحب الطبري : والظاهر أن هذا الموضع تلقاء المقام في فناء الكعبة ، بحيث يكون المقام خلف ظهر المصلي فيه (٢) ، ثم قال : ويحتمل على بعد أن يكون الموضع الرابع يعني : باب الكعبة.

وورد تفضيل وجه الكعبة على غيره ، قال ابن عمر رضي‌الله‌عنه : البيت كله قبلة ، وقبلته وجهه ، فإن فاتك ذلك فعليك بقبلة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : تحت الميزاب (٣).

وداخل البيت : وهو قبل الباب المسدود ، بحيث يكون بينه وبين الجدار

__________________

(١) انظر : الجامع اللطيف ، ص ١٧٧. وأورد المحب الطبري آثارا على قول من قال تضاعف السيئة بمكة : «عن مجاهد قال : تضاعف السيئات بمكة كما تضاعف الحسنات.

وسئل أحمد بن حنبل : تكتب السيئة أكثر من واحدة؟ فقال : لا ، إلا بمكة ، لتعظيم البلد.

وعن ابن مسعود : لو أن رجلا همّ بقتل رجل عند البيت وهو بعدن أبين ، أذاقه الله عزوجل في الدنيا من عذاب أليم. أخرجه صاحب مثير الغرام». القرى ص ٦٥٩.

(٢) أخرجه أبو داود (٣٩٣) ؛ والترمذي (١٤٩) وغيرهم من أصحاب السنة.

(٣) انظر : القرى لقاصد أم القرى ص ٣٥٠.

٢٠٥

ثلاثة أذرع أو ذراعان.

وبين الركنين اليمانين ، قيل : هو موضع الرخامة في وسط هذا الجانب المكتوب فيها عمارة المنصورة ، وقيل : في جانب الركن اليماني.

وقال الملّا علي : والأظهر أنه في المستجار ، وقيل : إنه قريب الحفرة وقيل غير ذلك والله أعلم بما هنالك (١).

فينبغي لمن قصد هذه الآثار أن يعم الأماكن التي وردت بها الأخبار ، رجاء أن يظفر بمصلّى سيّد الأخيار صلى الله عليه الواحد القهار آناء الليل وأطراف النهار.

ونظمها المحب الطبري في أبيات فقال :

مواضع بها الرسول صلّى

بحول بيت كالعروس تجلّى

خلف المقام وباب كعبة

والمستجاب ، الحجر ، والمعجنة

وبحذاء الحجر الموقوف

بأنه الأسود للتشريف

يفصل بينه وبين الحجر

الطائفون من خيار البشر

وبين حفرة وركن شامي

وحذو غربي ركنه يا سامي

من صلّى به يسامت

بابا لعمرة لهذا أثبوا

وعند قرب ركنه اليماني

مما يلي الأسود ذا المعاني

والمستجار بين باب سدا

وبين شامى الركن حزت الرشدا

بين اليماني وركن الحجر

عن ابن إسحاق أتى في خبر

كذا بوجه قبلت ولم يبن

تعيينه كما يرومه الفطن

__________________

(١) أخرجه سعيد ، كما أورده المحب الطبري في القرى ص ٣٥١.

٢٠٦

وجوف كعبة بها الرسول

صلّى وكان الفتح والقبول

فهذه البقاع صلّى فيها

نبينا فزادها تنويها

بشرى لمن بهذه قد صلّى

قد مس تربا فعلاه حلا

طوبى لمن بوجهه قد مس ما

مسته أقدام نبي عظّما

فالحمد لله وصلى الله

على نبيه ومصطفاه

وآله وصحبه والعلماء

والتابعين هديه المعظما

[٢٤٢] [آثار مكة] :

ومنها المآثر العظام : وهي أنواع خمسة : مواليد ، ودور ، ومساجد ، وجبال ، ومقابر.

[٢٤٣] [مولد النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم] :

فأما المواليد : فأعظمها مولد النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو المعروف المشهور بسوق الليل ، وقد استولى عليه عقيل بن أبي طالب ـ رضي‌الله‌عنه ـ زمن الهجرة ، وإليه وإلى غيره أشار صلى‌الله‌عليه‌وسلم بقوله ـ في حجة الوداع ـ : (هل ترك لنا عقيل من ظل أو منزل؟ (١)) واستمر بيده ويد ولده حتى باعه بعضهم من أخي الحجّاج ، فأدخله في داره ، ولبث كذلك حتى حجت الخيزران ـ أم الخليفتين موسي الهادي وهارون الرشيد ـ وأخرجته وجعلته مسجدا (٢).

__________________

(١) أخرجه النسائي في الكبرى (٤٢٥٥) ، وأبو داود في السنن (٢٠١٠).

(٢) وهي معروفة ومشهورة بمولد النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وهي في فم شعب أبي طالب وهو الشعب الذي كان يسكنه بنو هاشم ، في الجهة الشرقية من الساحة الشرقية للمسجد الحرام ، وتحولت الدار أخيرا إلى مكتبة عامة وبناها الشيخ عباس قطان سنة ١٣٧٠ ه‍ من

٢٠٧

وقيل : ولد بالدار التي عند الصفا التي كانت لمحمد بن يوسف أخي الحجاج ، ثم جعلته زبيدة مسجدا ، وهو غريب.

ويقال : بالردم ، وقيل : بعسفان. وهما أغرب ، والمراد بالردم : ردم بني جمح لا المعروف بالمدعى : لأنه أحدث في زمن عمر ـ رضي‌الله‌عنه ـ ونسب لبني جمح ؛ لأنهم قتلوا وردم عليهم فيه ، قال ابن ظهيرة : «ولم أقف على تعيين محله» (١) ، والحق الذي عليه الجمهور : هو الأول.

[٢٤٤] [مولد السيدة فاطمة رضي‌الله‌عنها] :

ومنها : مولد السيدة فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ورضي عنها : وهو في زقاق الحجر في دار أمها خديجة التي هي أفضل مواضع مكة

__________________

ماله الخاص ، ولا زالت قائمة يؤمها رواد العلم وطلابه.

(١) وقال ابن ظهيرة : «.. ولا اختلاف فيه عند أهل مكة». ص ٢٨٥ ، ٢٨٦.

٢٠٨

بعد المسجد الحرام ، على ما قاله المحب الطبري وغيره من الأعلام (١).

قال الأزرقي : وهذه الدار كان يسكنها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مع خديجة ، وفيها ابتنى بها ، ولدت فيها جميع أولادها وتوفيت بها ، ولم يزل النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ساكنا بها حتى هاجر إلى المدينة ، فاستولى عليها عقيل بن أبي طالب ، ثم اشتراها منه معاوية وهو خليفة فجعلها مسجدا ، وفتح فيه بابا من دار أبيه أبي سفيان التي قال فيها صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم الفتح : (من دخل دار أبي سفيان فهو آمن (٢)) وتسمى هذه الدار جميعها بمولد فاطمة ، وموضع مسقط رأسها معروف ، وقال الفاسي : لا ريب في كون فاطمة ولدت في هذه الدار انتهى.

__________________

(١) وسماها الطبري : دار خزيمة ، القرى ص ٦٦٤ ، وتحولت الدار في سنة ١٣٧٠ ه‍ إلى مدرسة لتحفيظ القرآن الكريم ، قد أصبحت الآن ضمن الساحة الشرقية للمسجد الحرام ضمن التوسعة العظيمة لساحات المسجد الحرام.

(٢) أورده الهيثمي في المجمع وقال : «رواه أبو داود باختصار ، ورواه البزار ، وفيه حسين بن عبد الله الهاشمي ، وهو متروك ، ووثقه ابن معين في رواية» ٦ / ١٧٥.

٢٠٩

وغالب هذه الدار الآن على صفة المسجد ، وبها قبة يقال لها : قبة الوحي ، وإلى جنبها موضع يزوره الناس ، يسمى المختبأ زعموا أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان يختبئ فيه من الحجارة التي يرميه بها المشركون ، ولا أصل لذلك كذا قال ابن ظهيرة كما قاله الأزرقي وغيره (١).

[٢٤٥] [مولد علىّ رضي‌الله‌عنه] :

ومنها مولد سيدنا علي بن أبي طالب ـ رضي‌الله‌عنه ـ وهو مشهور معروف عند أهل مكة لا اختلاف فيه بأعلى الشعب المنسوب إليه ، وفيه تربى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وفيه محل كالتنور يقال إنه مسقط رأسه.

ونقل الفخر بن ظهيرة عن سعد الدين الاسفراييني : أن في جدار هذا المحل بالزاوية حجرا ، يقال إنه كان يكلّم النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وقيل ولد في جوف الكعبة. وضعّفه النووي رحمه‌الله تعالى (٢).

[٢٤٦] [مولد سيدنا حمزة رضي‌الله‌عنه] :

ومنها مولد سيدنا حمزة بن عبد المطلب ـ رضي‌الله‌عنه ـ بأسفل مكة على طريق الذاهب إلى بركة ماجن (٣) ـ قال الفاسي : ولم أر شيئا يدل بصحة ذلك ، بل في صحته نظر ؛ لأن هذا الموضع ليس محلا لبني هاشم (٤).

__________________

(١) الجامع اللطيف ص ٢٨٧.

(٢) «وهو بالمحل المعروف بشعب علي وهو مقابل لمولد النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم من أعلاه مما يلي الجبل ، مشهور عند أهل مكة لا اختلاف فيه ..» الجامع اللطيف ص ٢٨٧ ولا أثر لها الآن ، (فأصبحت الآن «مواقف سيارات» التي على يسار المولد للمتجه إلى الحرم الشريف).

(٣) بركة ماجن (بالنون) كما قال ابن ظهيرة ، وقال أيضا «وأهل مكة يقولون (بالدال) وهو خطأ». الجامع اللطيف ص ٢٨٧.

(٤) الجامع اللطيف ص ٢٨٧ ، إلا أنه كان في طريق الذاهب إلى بركة الماجن مسجد يسمى

٢١٠

[٢٤٧] [مولد سيدنا عمر رضي‌الله‌عنه] :

ومنها مولد سيدنا عمر بن الخطاب ـ رضي‌الله‌عنه ـ معروف عند أهل مكة بأعلى جبل النوبة ـ قال الفاسي : ولا أعلم في ذلك شيئا يستأنس به ، وذكر أن جده من أمه كان يزوره في جمع من أصحابه غالبا ليلة أربع عشر من ربيع الأول ـ والله أعلم (١).

ومنها موضع يعرف بدار أبي سعيد ، وبدار الدقوقي ـ بقافين ـ ، يعرف بقرب باب العجلة ، يقال له : مولد جعفر الصادق. كذا قال الفاسي. والله أعلم بحقيقته.

[٢٤٨] [دار السيدة خديجة رضي‌الله‌عنها] :

وأما الدور فأشرفها دار خديجة ـ رضي‌الله‌عنها ـ وقد تقدمت لشهرتها بمولد فاطمة رضي‌الله‌عنها.

[٢٤٩] [دار أبي بكر رضي‌الله‌عنه] :

ومنها دار أبي بكر الصديق رضي‌الله‌عنه في زقاق الحجر ، يقال : إنه كان له دكان يبيع فيه الخز ، وتسمى دار الهجرة ؛ لأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأبا بكر هاجرا منها ، وكان النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يأتي إليها كل يوم صباحا ومساء (٢) ، كذا ذكر الشيخ إدريس ، وأسلم فيها جمع من الصحابة

__________________

بمسجد سيدنا حمزة رضي‌الله‌عنه على مسافة نصف كيل من المسجد الحرام تقريبا.

(١) الجامع اللطيف ص ٢٨٨ ، ويعرف هذا الجبل باسم : جبل عمر ، يشرف سطح الجبل من جهة علي مشروع (شركة مكة للإنشاء والتعمير).

(٢) ذكر المؤلف في دار أبي بكر الصديق رضي‌الله‌عنه : بأنه الدكان كما قيل ، وحددها بزقاق الحجر ، أيضا أنه من داره التي هاجر منها ، ولم يذكر الأزرقي هذه الدار ، وهو المعول عليه ، ثم لا مانع بأن يكون للصديق رضي‌الله‌عنه منزلان : منزله الأصلي ، ومنزلا آخر

٢١١

منهم : علي ، وعثمان ، وطلحة ، والزبير رضي‌الله‌عنهم ، وفي جدارها أثر مرفق النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ولذا يسمى زقاق المرفق كذا في الجامع اللطيف ، ويقابل هذه الدار جدار فيها حجر ، يقال : إنه كان يسلّم على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم كلما اجتاز. ولعله إن صح هو المعني بقوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : (إني لأعرف حجرا بمكة كان يسلّم عليّ ليالي بعثت (١)) كذا قال الفاسي ، وفي الشفا : إنه الحجر الأسود ، واستبعده المحب الطبري (٢).

[٢٥٠] [دار الأرقم بن أبي الأرقم] :

ومنها : دار الأرقم بن أبي الأرقم المخزومي ، المعروفة بدار الخيزران ؛ لبنائها لها ، وهو محل شريف ؛ لأنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم استتر فيه في مبدأ الإسلام ، وأسلم به جمع من الصحابة السادة الكرام ، منهم : حمزة ، وعمر رضي‌الله‌عنهم أجمعين ، وأكمل الله به الأربعين ، وأعزّ به الدين ، وحقّق بإسلامه دعوة سيد المرسلين ، وأظهر الله به الدين ونزل فيه : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (٦٤) [الأنفال](٣).

__________________

الذي هو (دكانه) ؛ ليكون قريبا من المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، علما بأن العامة من المكيين يطلقون على موقع دار ـ بأسفل مكة ـ (دار أبي بكر الصديق) وفيه مسجد يسمى (بمسجد أبي بكر) ، وحدد صاحب الجامع اللطيف هذه الدار ـ بقرب من بركة ماجن ، ومنها هاجر إلى المدينة المنورة من غار ثور ، كما يأتي في ذكر مسجد أبي بكر ، وهذا يقوي ما ذكرت بأنه كان له رضي‌الله‌عنه منزلان ، وبه يجمع بين القولين والله أعلم ، انظر بالتفصيل البحر العميق ، ٥ / ٢٦٣٩ ، الجامع اللطيف ، ص ٢٨٨.

(١) أخرجه مسلم (٢٢٧٧) ؛ والترمذي (٣٦٢٤).

(٢) الجامع اللطيف ص ٢٨٨.

(٣) الجامع اللطيف ص ٢٨٩ ، وموقعها الآن بالصفا عند مبدأ السعي على يسار الصاعد إليه من جهة الشرق ، وهي الآن في التوسعة ولا تكاد تعرف ويحتمل أن يكون موقعها هو سلم دار الأرقم الكهربائي خلف الصفا.

٢١٢

[٢٥١] [دار العباس رضي‌الله‌عنه] :

ومنها : دار العباس رضي‌الله‌عنه ، وهو معروف برباط العباس الذي فيه أحد الميلين الأخضرين.

[٢٥٢] [رباط المغاربة] :

ومنها : رباط (١) الموقف ، ويعرف برباط المغاربة نقل عن الشيخ خليل المالكي : أن الدعاء يستجاب فيه أو عند بابه ، ويروى عن الشيخ مطرف الولي المشهور أنه قال : «ما وضعت يدي في حلقة هذا الباب ، إلا وخطر في نفسي كم ولي لله وضع يده في هذه الحلقة (٢) ، وفيها ماء مأثور يغسل به المرضى فيشفون بقدرة الله تعالى».

ومنها : متعبد الجنيد ، المعروف بطرف جبل جزل ، ونقل الفخر بن ظهيرة : أنه متعبد إبراهيم بن أدهم على ما قيل (٣).

ومنها : رباط ربيع اليمني بأجياد ، مشهور يستجاب فيه الدعاء ، يقال إن الشيخ النووي والشيخ اليافعي سكنا فيه ، وعند بابه داخل مقصد الدعاء.

وأما المساجد فكثيرة ، منها ما يعرف ، ومنها ما لا يعرف.

[٢٥٣] [مسجد الراية] :

ومنها : مسجد الراية بأعلى مكة ، المسمى بالمدّعى ، قال ابن ظهيرة : ويعرف بذلك إلى وقتنا ، وبجانبه الآن منارة يقال لها منارة أبي شامة ، يقال :

__________________

(١) الرباط : «ملجأ الفقراء من الصوفية» منزل يبنى لإيواء الزهاد والمنقطعين للعبادة من كبار السن بخاصة ، وهو قريب بما يعرف بدار المسنّين في هذا الزمن.

(٢) الجامع اللطيف ص ٢٨٩.

(٣) الجامع اللطيف ص ٢٨٩.

٢١٣

إن النبي صلى اله عليه وسلم صلىّ فيه كما نقله الأزرقي (١).

[٢٥٤] [مسجد المجزرة] :

ومنها : مسجد بقرب المجزرة في المدّعى على يسار الصاعد من مكة ، يقال : إن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم صلّى فيه المغرب ، كما هو مكتوب في حجرين هناك (٢).

__________________

(١) الجامع اللطيف ص ٢٩٠ ، موقعه كما ذكر المؤلف (بأعلى مكة عند المدعى) وأنه يبعد من المروة بنحو ٥٠٠ م ، وكان يعرف بمسجد الجودرية ، وجدد بناؤه في عهد الملك عبد العزيز ثم وسع وأعيد بناؤه في عهد خادم الحرمين الشريفين (الملك فهد رحمه‌الله) ويعرف الآن (بجامع الملك فهد) بالغزة.

(٢) انظر : البحر العميق ، ٥ / ٢٦٢٣.

٢١٤

[٢٥٥] [مسجد الغنم] :

ومنها : مسجد الغنم بالمدّعى عند سوقها ، روي أنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم بايع الناس عنده يوم الفتح ، كذا قال الشيخ ، والذي ذكره ابن ظهيرة عن الأزرقي من محل مبايعته يوم فتح : هو بين شعب عامر وحرف دار زائفة بمكة. قال : وهو الآن لا يعرف (١).

[٢٥٦] [مسجد المختبأ] :

ومنها : مسجد قريب من مولد النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، يقال له المختبأ ، يزوره الناس الآن. قال الفاسي : «ولم أر من ذكره ، ولا عرفت شيئا من خبره». وذكر العلامة عمر بن فهد : أن هذا المحل معبد عثمان بن عفان ـ رضي‌الله‌عنه ـ وأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان يختبئ فيه من الكفار. وعزاه إلى الكوكب المنير لنصر الله الكسائي.

[٢٥٧] [مسجد المتكأ] :

ومنها : مسجد بأجياد ـ بفتح الهمزة ـ أرض بمكة أو جبل بها ؛ لكونه موضع خيل تبّع ، والآن محله يسمى : جياد بكسر الجيم ، وهو مناسب لقوله تعالى : (إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِناتُ الْجِيادُ) [ص : ٣١] ويقال لهذا المسجد (٢) المتكأ ، يقال : إن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم اتكأ في موضع منه. قال الأزرقي : إن أهل العلم ينكرون ذلك ، وإنما يثبتون أنه صلّى بأجياد الصغير ، ولا يوقف على مصلاه أيضا تحقيقا : بل حدسا بغير أصل.

__________________

(١) والمسجدان صغيران كانا يقعان بالمدعى على مقربة من المروة ، حيث كانت المنطقة سوقا للأغنام ومجزرة ، ولعل موقعها الآن بنهاية ساحة التوسعة.

(٢) القرى ص ٦٦٥ ؛ أخبار مكة للأزرقي ، ٢ / ٢٠٣ ؛ البحر العميق ، ٥ / ٢٦٣١.

٢١٥

وبالقرب من باب العمرة موضع يقال له : المتكأ ، يروى أنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم صلىّ فيه واتكأ ، وهو ملاصق لرباط النساء ، وبطريق التنعيم موضع آخر يقال له المتكأ ، عند العقبة ، عليه علم ومبنى بنورة ، والناس يقفون عنده يلصقون به ظهورهم. كذا ذكر الشيخ إدريس ، والله أعلم بحقيقة ذلك.

أقول : ولعل الذي عند باب العمرة هو الذي قال فيه الشيخ ابن ظهيرة : وأما ما لم يذكر من المساجد ذكره. والله اعلم (١).

[٢٥٨] [مسجد جبل أبي قبيس] :

فمسجد على جبل أبي قبيس يقال له : مسجد إبراهيم ، وهو إبراهيم القيسي ، كان يسأل عنده لإبراهيم الخليل عليه‌السلام (٢).

[٢٥٩] [مسجد أبي بكر الصديق رضي‌الله‌عنه] :

ومسجد بأسفل مكة ، ينسب لأبي بكر الصديق ـ رضي‌الله‌عنه ـ يقال : إنه من داره التي هاجر منها إلى المدينة ، ويعرف الآن بدار الهجرة ، قال الشيخ أحمد الأسدي : وبها الآن قبة كبيرة فيها تابوت ، يزعم الناس أنه مسقط رأس الصديق ، ولم أر من ذكره ـ على أنه تقدم أن دار الصديق بزقاق الحجر ـ انتهى (٣).

__________________

(١) قول ابن ظهيرة : «وأما ما لم يذكر من المساجد فمسجد واحد بمكة أمام الصاعد من باب العمرة على يسار الذاهب إلى جهة سوق باب إبراهيم فيه محراب لطيف جدا يقال : إن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم صلّى فيه ، هذا ما وقفت عليه والله أعلم». الجامع اللطيف ص ٢٩٧.

(٢) انظر : الأزرقي ٢ / ٢٠٢ ، الجامع اللطيف ص ٢٩١ ويأتي بالتفصيل في التعريف (بجبل أبي قيس).

(٣) راجع ما ذكر في (دار أبي بكر الصديق رضي‌الله‌عنه) آنفا ، جمعا بين الروايتين.

٢١٦

وهذه المساجد بمكة.

[٢٦٠] [مسجد الجن] :

وأما ما في خارجها فمنها : مسجد الجن ، ويقال له : مسجد البيعة ، ويسمى مسجد الحرس ، وهو معروف مشهور ، وهو موضع اجتماعه صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ومبايعته لهم ، واستماعهم القرآن ، أو موضع ترك ابن مسعود [رضي‌الله‌عنه] وخط حوله ، وقال : (لا تخرج منه حتى أرجع (١)). والله أعلم (٢) ،

__________________

(١) الحديث أورده السيوطي في الجامع الكبير (مخطوط) ٥ / ٥٣٣.

(٢) الأزرقي ٢ / ٢٠١ ؛ الجامع اللطيف ص ٢٩١. وموقعه : خلف مقبرة المعلا ، قبل شارع الحجون على يمين الذاهب إلى الحرم وعلى يسار الصاعد إلى المعلا ـ بل بمحاذاة المعلا ويفصل بينهما الطريق ، قريب من شعب الحجون ، وهو معروف ومشهور.

٢١٧

ويسمى بمسجد الحرس ؛ لأن صاحب الحرس كان يطوف مكة ليلا وينتظر جماعته يأتون إليه من شعب ابن عامر وثنية المدنيين. قاله الأزرقي (١).

[٢٦١] [مسجد الشجرة] :

ومسجد الشجرة : مقابل مسجد الجن قيل : إن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان بمسجد الحرس فدعا شجرة كانت إليه فأقبلت إليه ، فسألها عن شيء ثم أمرها بالرجوع ، فرجعت إلى موضعها ، وهو غير معروف الآن (٢). قال الشيخ إدريس : ولعله الذي يقال له مسجد الراية ، ويسمى مسجد الحرس.

[٢٦٢] [مسجد المصلّى] :

ومسجد المصلّى : يصلي فيه العوام المغرب ليلة أربع في شهر الحجة من الرجال والنساء ، ثم ينفرون بعد صلاة المغرب ، ويقولون إن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم صلّى فيه المغرب ، وهذا الذي يفعلونه ما له أصل في السنة ، بل هو من البدع.

ومعنى قوله : «الذي يقال له مسجد الراية» أي في العرف لا المتقدم ذكره.

[٢٦٣] [مسجد ذي طوى] :

ومسجد بذي طوى ـ مثلثة الطاء ـ يصرف ويمنع : موضع قريب الجوخي (٣)

__________________

(١) الأزرقي ١ / ١٦١ ، انظر : البحر العميق ٥ / ٢٦٢٦.

(٢) انظر : القرى ص ٦٦٤ ، وموقعه : غير معروف حيث دخل في توسعة الشارع ، وبسؤال كبار السن من المنطقة ظهر بأن المسجد كان على مسافة ٣٠٠ متر تقريبا من مسجد الجن في الطرف الثاني من الشارع ـ يمين الذاهب إلى المعابدة ـ ولعل موقعه الآن مركز الدفاع المدني تحت جسر الحجون ـ والله أعلم ـ. وما نقله المؤلف عن الشيخ إدريس ، هما مسجدان منفصلان قريبان من مسجد الشجرة وسبق ذكرهما وموقعهما.

(٣) هكذا في المخطوطة ولعل المراد ما يعرف الآن ب (جرول).

٢١٨

معروف ، نزل به صلى‌الله‌عليه‌وسلم حين حجّ ، نزل تحت شجرة ثمّ ، وروى عبد الله بن الزبير رضي‌الله‌عنه أنه قال : حج ألفا نبي من بني إسرائيل عقلوا رواحلهم بذي طوى واغتسلوا منه. وأفاد الأزرقي : أن زبيدة بنته (١) ، وعدّه بن ظهيرة من الغير المعروفة ، وهو بعيد جدا.

[٢٦٤] [مسجد الإجابة] :

ومسجد الإجابة في شعب بقرب ثنية إذخر ، كذا ذكره الفاسي ، وهو مشهور بذلك إلى وقتنا هذا ، يقال : إنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم صلّى فيه. والله أعلم (٢). كذا ذكره ابن ظهيرة.

وأما مآثر منى فتقدمت.

[٢٦٥] [مسجد إبراهيم عليه‌السلام] :

ومسجد عرفة المذكور ، ويسمى بمسجد إبراهيم عليه‌السلام ، وجزم به الرافعي والنووي.

وقال ابن جماعة : ليس لذلك أصل ، وتبعه الأسنوي. قال الفاسي : وفيه نظر ؛ لمخالفتها ما يقتضي كلام الأزرقي ، وهو عمدة في هذا الشأن ، وهذا المسجد عده في المساجد التي يستحب زيارتها ، قال : وهو أولى بذلك ؛ لأن العلة في ذلك إنما هي التبرك ، وهذا المسجد من البقاع العظيمة التي لا شك فيها ، وكم صلّى فيه من حجّاج الصحابة والتابعين والعلماء والسادات ؛ لأن

__________________

(١) الأزرقي ٢ / ٢٠٤ ، القرى ص ٦٦٥ ، المسجد اندثر إلا أن الموقع معروف ببئر طوى ، وموقعه بجرول أمام مستشفى الولادة ، خلف عمائر الجفري.

(٢) الجامع اللطيف ص ٢٩١ ، وموقعه كما ذكر المؤلف في مدخل ريع ذاخر (بالمعابدة) وقد جدد بنائه.

٢١٩

كون هذا المحل مصلّى الإمام مما يأثره الخلف عن السلف (١).

ومسجد عن يمين الواقف بعرفات يقال له مسجد إبراهيم ، وهو غير الذي تقدم ، وهو المذكور في المساجد المستحبة الزيارة ، ولم يعرف إبراهيم الذي ينسب إليه.

[٢٦٦] [مسجد عائشة رضي‌الله‌عنها] :

ومسجد عائشة ـ رضي‌الله‌عنها ـ بالتنعيم : وهو الذي بقرب الحرم ، وقيل : الذي على الأكمة ، وقيل : بينه وبين أنصاب الحرم غلوة سهم ، قال ابن ظهيرة : والخلاف قديم ، ورجح الطبري بأنه الذي بقرب البئر ، وهو الموضع الذي يقتضي كلام الخزاعي وغيره. وفي القاموس : والتنعيم موضع على ثلاثة أميال أو أربعة من مكة ، أقرب أطراف الحل إلى البيت ، سمي به ؛ لأن على يمينه جبل نعيم ، وعلى يساره جبل ناعم ، والوادي اسمه نعمان انتهى (٢).

فائدة : نعمان واد آخر فوق وادي عرفة بقليل ، معروف مشهور ، وله فضل مسطور ، قال البغوي وغيره من المفسرين : إنه واد مقدس وفيه أخذ الله العهد ، كذا ذكر ابن ظهيرة وهذا الموضع أفضل مواقيت العمرة.

__________________

(١) الأزرقي ٢ / ٢٠٢ ، الجامع اللطيف ص ٢٩٤ ، والمسجد بحسب ما ذكر المؤلف أصبح داخل مسجد نمرة من المقدمة حيث محراب المسجد. والله أعلم.

(٢) الجامع اللطيف ص ٢٩٤ ، ويقع المسجد في التنعيم (ويسمى بمسجد التنعيم) و (مسجد عائشة) و (مسجد العمرة) أيضا ؛ حيث اعتمرت منه السيدة عائشة رضي‌الله‌عنها بعد حجها عام حجة الوداع ، وموقعه : حي التنعيم ، بعد حي الزاهر والشهداء ، بعد نهاية حد الحرم من جهة المدينة المنورة ، ويبعد عن المسجد الحرام بنحو ستة كيلو مترات ، وقد تمّ تجديده وتوسعته في عهد خادم الحرمين الشريفين (الملك فهد رحمه‌الله تعالى) وأضيفت إليه مرافق كثيرة ؛ تسهيلا للمعتمرين ، حيث يعمتر أكثر المعتمرين من داخل مكة المكرمة منه لقربه من المسجد الحرام.

٢٢٠