مختصر عجائب الدنيا

الشيخ إبراهيم بن وصيف شاه

مختصر عجائب الدنيا

المؤلف:

الشيخ إبراهيم بن وصيف شاه


المحقق: سيّد كسروي حسن
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٤١٦

نصيحة

تجنب الناس واحذر أن تخالطهم

وكن لهجرانهم ما عشت مؤتلف

فلست تلقى خليلا ليس ذا خلل

ولا صديق بصافي الود مصفى

فعش فريدا ولا تركن إلى أحد

فقد نصحتك فيما قلته وكفى

وقال بعضهم

إذا مت كان الناس أقسام عدة

فباك وفرحان وآخر ساكت

فأما الذي فضلي لديه فباكي

وأما الذي فرحان شاف وصامت

وأما الذي تلقاه في الناس ساكت

فليس لنا فضل عليه فصامت

فعادت دنيانا مدى الدهر هكذا

وأبناؤها بالعهود موف وناكث

سؤال مجون (١)

 ............

 ............

قال بعض أهل الفضل

ما بالحزم / من بأس

ونعم الحزم سوء الظن بالناس

ولواصفهم إذ ناله ذهاب ماله ، فقال :

يا نعمة الله حلي في منازلنا

وأدركينا فأنتي غاية الطلب

فقد بلينا بقوم لا خلاق لهم

لا خير فيهم ولا أصل ولا حسب

إن بالناس سوء بأس نالهم فرح

كعاشق نال من محبوبه الإرب

وإن أتانا سرورنا لهم حزن

ويظهروا فرحا لكنهم كذبوا

وإن يكن عارض المقدور عارضنا

سروا ولكنا بالله نحتسب

على العداة بحبل الله عصمتنا

إن المصاب لعود الرزق يرتقب

كم قد مضى ذهب مع قيل مع ورق

وكم أتى بعدهم من ورق وكم ذهب

والله يحرسنا من حاسد خمل

القلب منه بنار القلب يلتهب

ويخلف الله ما لا مال إن له

لطف يزيل به الأوصاب والكرب

__________________

(١) لا أقول أكثر المؤلف رحمنا الله وإياه في هذا اللون بل قد أسرف فيه إسرافا شديدا وقد حذفت هنا أكثر من نصف صفحة ، وسأستمر على ذلك ما كان في الحديث خناعة وقد لا أشير إلى ذلك وقد أشير والله يرحمنا ويرحمه برحمته آمين.

٣٨١

وفي معناه وقد هرب له شخص بمال له قدر نفيس

قد ضاع مني مالا كنت أملكه

فها أنا في التفكير ما زلت حائر

وجرعت نفسي الصبر صبرا

وما زال مر الصبر حلو الأواخر

عسى فرح يأتي به الله إنني

على سابق المقدور راض وصابر

ففي لطفه سر خفي عن الورى

يرد الذي قد ضاع فالله قادر

وله أيضا والذي أخذ المال يدعى بابن العريان

ابن العريان جن عراني

أصبحت في دمياطي شاعر

لما أخذ مالي سرعة

بقيت بالتقية دائر

أبوه أنا حافي عريان

وابني بمال قد يسافر

قد عقني ذي الابن الشوم

وصار في حقي فاجر

وصرت في دمياط مفلس

وقد بقي هو تاجر

في الصحبة مع الناس

/ إذا ما رمت أن تصحب صديقا

فمن أبويه تعتبر الوليد

فإن طهر الوعاء فذا صديق

وهذا في الأنام يرى فريد

وإن كان الوعاء وعاء سوء

فلا خل يحيك ولا نبيذ

ذكر أسماء قوم من السلف رزقوا السعادة في أشياء لم ينلها أحد بعدهم :

نذكرهم ها هنا وهم :

ـ أبو بكر الصديق : في النسب.

ـ عمر بن الخطاب : في الحزم.

ـ علي بن أبي طالب : في القضاء.

ـ أبو عبيدة : في الأمانة.

ـ أبو الدرداء : في صدق اللهجة.

ـ أبي بن كعب : في القرآن.

ـ زيد بن ثابت : في الفرائض.

ـ ابن عباس : في تفسير القرآن.

ـ الحسن البصري : في الذّكر.

٣٨٢

ـ وهب بن منبه : في القصص.

ـ ابن سيرين : في التعبير.

ـ نافع : في القراءة.

ـ أبو حنيفة : في الفقه قياسا

ـ مقاتل : في التأويل.

ـ الكلبي : في القصص القرآني.

ـ ابن الكلبي الصغير : في النسب.

ـ أبو الحسن المدائني : في الأخبار.

ـ أبو عبيدة : في الشعر تيه.

ـ محمد بن جرير الطبري : في علوم الأثر.

ـ الخليل : في العروض.

ـ فضيل بن عياض : في العبادة.

ـ مالك : في العلم.

ـ الشافعي : في فقه الحديث.

ـ أبو عبيدة : في الغريب.

ـ علي بن المديني : في علم الحديث.

ـ يحيى بن معين : في الرجال.

ـ أحمد بن حنبل : في السنّة.

ـ البخاري : في نقل الصحيح.

ـ الجنيد : في التصوف.

ـ محمد بن نصر المروزي : في الاختلاف.

ـ البخاري : في الاعتزال.

ـ الأشعري : في الكلام.

ـ أبو القاسم الطبراني : في العوال.

ـ عبد الرزاق : ارتحال الناس إليه.

ـ ابن مندة : في سعة الرحلة.

٣٨٣

ـ أبو بكر الخطيب : في سرعة القراءة.

ـ سيبويه : في النحو.

ـ أبو الحسن البكري : في الكذب.

ـ إياس : في التفرس.

ـ أبو مسلم الخراساني ؛ في علو الهمة والحزم.

ـ الموصلي النديم : في الغناء.

ـ / أبو الفرج الأصفهاني صاحب الأغاني : في المحاضرة.

ـ أبو معشر : في النجوم.

ـ الرازي : في الطب.

ـ عمارة بن حمزة : في التيه.

ـ الفضل بن يحيى : في الجود.

ـ جعفر بن يحيى : في التوقيع.

ـ ابن زيدون : في سعة العبادة.

ـ ابن الغزية : في البلاغة.

ـ الجاحظ : في الأدب والبيان.

ـ الحريري : في المقامات.

ـ البديع الهمداني (١) : في الحفظ.

ـ أبو النواس (٢) : في المجون والخلاعة.

ـ المتنبي : في الحكم والأمثال.

ـ الزمخشري : في تعاطي العربية.

ـ النسفي : في الجدل.

ـ جرير : في الهجاء الخبيث.

ـ حماد : الرواية في شعر العرب.

ـ معاوية : في الحلم.

__________________

(١) في المخطوط : البدمع ، وهو تحريف ومعد بديع الزمان الحمداني.

(٢) وقد تاب أبو نواس رحمنا الله وإياه.

٣٨٤

ـ المأمون : في حب العفو.

ـ عمرو بن العاص (١) : في الدهاء.

ـ الوليد : في شرب الخمر.

ـ أبو موسى الأشعري : في سلامة الباطن.

ـ عطاء السلمي : في الخوف من الله تعالى.

ـ ابن البواب : في الكتابة.

ـ القاضي الفاضل : في الترسل.

ـ عماد الكاتب : في الجناس.

ـ ابن الجوزي : في الوعظ.

ـ أشعب : في الطمع.

ـ أبو نصر الفارابي : في نقل كلام القدماء ، ومعرفته وتفسيره.

ـ حسين بن إسحاق : في ترجمة اليوناني إلى العربي.

ـ ثابت بن فهوة الصابي : في تهذيب ما نقل من الرياضي إلى العربي.

ـ ابن سينا : في الفلسفة وعلوم الأوائل.

ـ الإمام فخر الدين : في الاطلاع على العلوم.

ـ السيف الآمدي : في التحقيق.

ـ النصير الطوسي : في المجسط.

ـ ابن الهيثم : في الرياض.

ـ نجم الدين الكاهي : في المنطق.

ـ أبو العلاء المعري : في الاطلاع على اللغة.

ـ أبو العيناء : في الأجوبة المسكتة.

ـ يزيد : في البخل.

ـ القاضي أحمد بن داود : في المروءة وحسن التقاضي.

ـ ابن المعتز : في التشبيه.

ـ ابن الرومي : في النظر.

__________________

(١) في المخطوط : عمر بن العاص ، وهو تحريف.

٣٨٥

ـ حجة الإسلام الغزالي : في الجمع بين المعقول والمنقول.

ـ الصولي : في الشطرنج.

ـ أبو الوليد بن الرشيد : في تلخيص كتب / الأقدمين الفلسفة والطب.

ـ محيي الدين بن عربي : في التصوف. تم ذلك.

قال بعضهم

ولا بد من شكوى إلى ذي مروءة

يواسيك أو يسليك أو يتوجع

وإن كان من وصف المروءة خاليا

فيسمع ما تشكو كمن ليس يسمع

ومما قيل في المروءة :

من المروءة أن الإنسان إذا طرقه ضيف (١) بغير عزيمة فقدم له ما حضر ولو جبنة وكسرة ، وإذا عزمت عليه فلا تدع مما لك قدرة فهذه المروءة الكاملة.

ابتداء وصية أبو بكر عن أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أجمعين عند الموت :

هذا ما أوصى به أبو بكر عند آخر عهده بالدنيا خارجا منها ، وأول عهده بالآخرة داخلا فيها فقابل أولى بأخرى والدنيا بالآخرة وخارجا بداخل ومنها نفيسها : فانظر في ضيق هذا المقام ، وما صدر من حسن بيان هذا الكلام ، فرضي الله عن الصديق ما أفصحه وأصدقه.

عبرة

قد جهد الملوك في منثور كلامه بنذة كالياسمين لا من حيث أنه زهر ترتاح النفوس إليه ولكن من حيث أنه لا يساوي جمعه كما ينادى عليه.

الأدب الذكي

هو الذي يكتب أحسن ما يسمع ويحفظ أحسن ما يكتب ويورد أحسن ما يحفظ.

شيء من كتاب

وينهى لابن يشكوا حاله

الذي حال حتى انتحل

والأم التي كلمه بمضاه

فلا يطق جلده قطع ذلك الجدل

__________________

(١) في المخطوط : ظيف ، وهو تحريف.

٣٨٦

وحماة تلذع المملوك

بزبان عقربها فهو منها على وجل

وترميه بقوس هزتها

فليت جلده حمل واتصل

رشح عرق كالطوفان فلا يقال معه

سآوي في الصبر الجميل إلى الجبل

إذا فارغتني غسلتني بمائها كأنا عاكفين على حرام

والمملوك يعجز أن / يصف ما حصل

لرأسه من الصداع ولجبهته من الصدوع

ولا ماله المعلقة من القطع ولحظه من القطوع

ولابن نباته

إذا جاء لي هاجري بوعد

كالشهد في الطيب والطلاوة

فلا تكذب حديثا فيه

فإنه صادق الحلاوة

عبرة

أيها المهدي لزيد زبدة

بعد صد وجفاء ليس يخفي

قد تكلفت عظيما سيدي

فحقيقا نصف هذا كان يكفي

في معرفة الشهور القبطية وساعاتها توت :

فصل الخريف نهاره وليله سواء اثنتا عشرة ساعة. رابع عشرة تنتقل الشمس إلى الميزان ، وتقيم ثلاثين يوما استواء الليل والنهار فيه في سائر الأقاليم. رابعه أول أيلول.

بابه :

نهاره أحد عشر ساعة ، ليله ثلاثة عشر ساعة ، سابع عشرة تنقل للعقرب وتقيم ثلاثين يوما ، رابعه أول تشرين الأول.

هاتور :

نهاره عشر ساعات ، ليله أربعة عشر ساعة ، سابع عشرة تنقل للشمس ويقيم ثلاثين يوما خامسه أول تشرين الثاني فصل الشتاء.

٣٨٧

كيهك :

نهاره تسع ساعات ، وليله خمسة عشر ساعة ، سابع عشرة تنقل الشمس الجدي وتقيم ، سادسه أول كانون الثاني.

أمثير :

نهاره أحد عشر ساعة ، وليله ثلاثة عشر ساعة ، سابع عشر تنقل الشمس إلى الحوت ، وتقيم فيه ثلاثين يوما ، سابعه أول شباط فصل الربيع.

برمهات :

نهاره وليله سواء ، سابع عشرة تنتقل الشمس إلى الحمل وتقيم ثلاثين يوما خامسه آذار.

برمودة :

نهاره ثلاثة عشر ساعة ، سابع عشرة تنقل الشمس للثور تقيم فيه إحدى وثلاثين يوما ، سادسه أول نيسان.

بشنس :

نهاره أربعة عشر ساعة ليله / عشر ساعات ، ثامن عشرة تنقل الشمس للجوزاء وتقيم فيه واحدا وثلاثين يوما ، سادسه أول أيار فصل الصيف.

بؤنة :

نهاره خمسة عشر ساعة ، وليله تسع ساعات ، سابع عشرة تنقل الشمس للسرطان ، وتقيم فيه واحدا وثلاثين يوما سابعه أول حزيران.

أبيب :

نهاره أربعة عشر ساعة ، وليله عشر ساعات ، العشرين منه تنقل الشمس للأسد وتقيم فيه واحدا وثلاثين يوما ، سابعه أول تموز.

مسرى :

نهاره ثلاث عشرة ساعة وليله إحدى عشر ساعة ، ثاني عشرين منه تنقل الشمس للسنبلة ، تقيم فيه واحدا وثلاثين يوما ، سادسه آب سعد بلع ثاني عشرين.

طوبة :

سعد الذابح : خامس أمشير.

٣٨٨

سعد السعود : ثامن عشر أمشير.

سعد الأخبية : ثاني برمهات

رأت

رأت مشيبي وفقري فانثنت هربا

وكيف يرضي قليل المال شائبه

فقلت مهلا سامحوا عيب ذاك وذا

أما مشيبي فإني اليوم خاضبه

وما اشتكيت من فقري سأذهبه

بما سيأتي من المولى ويوهبه

عبرة

النعمة مجهولة ، فإن فقدت عرفت ، وهل يعلم المرء المسلم عمره من البؤس والضر.

عبرة

لا تخش من هم كغيم عارض

فلسوف يسفر عن إضاه بلذه

إن تمس عن عابس حالك راويا

وكأنني زاويا عن بشره

ولقد تمر الحادثات على الغنا

وتزول حتى ما تمر بفكره

هون عليك قرب أمر هائل

دفعت قواه بدافع لم أدره

ولرب ليل بالهموم كدمل

صابرته حتى ظفرت بفجره

عبرة

إن قلت ذرني قال لا

بحاجب ما أظلمه

فما أرى جوابه

/ إلا بنون العظمة

عبرة

أشكوا إلى الله ما أقاسي

من ذلة الفقر والهواني

أصبحت من قلة وعري

ما في راق سوى لساني

وقال :

إن قيل لم كان المصلي نافضا

سجاده قام ينهض

فقل الذنوب من الصلاة تناثرت

فلذلك تنفض

من اتكل على حسن اختيار الله له لم يمن حاله غير ما هو فيها بجلب الرزق :

وذلك أن تقول : الرحمن الرحيم ، الملك الحق المبين ، هو نعم المولى ونعم

٣٨٩

النصير ، واقرأ الواقعة ، ويس واسأل الله من فضله ترى عجبا.

عبرة تكتب للقوبة :

زهدت تفتت تخافت ذهبت ، ويكتب حوله (فَأَصابَها إِعْصارٌ فِيهِ نارٌ فَاحْتَرَقَتْ) [البقرة : ٢٦٦].

فائدة :

من كان في هم أو له حاجة فليقل بعد المغرب مائة مرة : (إني مغلوب فانتصر) ، ثم ليقل : اللهم دخلت بك عليك في كذا وكذا.

في الهدية :

رأيت كثيرا ما يهدى قليلا لقدرك ، فاقتصرت على الدعاء.

وقال بعضهم :

تزوج الكسل بالتواني فأولد منهما الفاقة.

وقال بعضهم :

كسب الدراهم الحلال أشد من لقاء الزحف.

وقال بعضهم :

ما أتى علينا زمان إلا بكينا منه ، ولا مضى عنا إلا بكينا عليه.

وقال :

إذا ما رمت أن تصحب صديقا

فمن أبويه يعتبر الوليد

فإن طهر الوعاء فذا صديق

وهذا في الأنام يرى فريد

وإن كان الوعاء وعاء سوء

فلا خل تراه ولا نبيذ (١)

ثلاث لا تدرك ثلاث :

الغنى بالمنى ، والشباب بالخضاب ، والصحة بالدواء.

وله عفى الله عنه :

وقد ذهب له رجل بمال فسر بذلك أناس وعسر على آخرين [فقال](٢) :

__________________

(١) سبق هذا الشعر قبل قليل.

(٢) ما بين المعقوفين يتطلبه السياق.

٣٩٠

إذا نالني أمر به الله قد قضى

ترى واحد باك لنازل محنتي

وآخر مسرور من الفرح ضاحكا

يقل يا إلهي / دم بضراه فرحتي

وليس لنا فضل على ذاك أولا

ولا الباغي المسرور ناله مضرتي

ولكنه قد كان حاسد نعمة

فسرّ بها لما مضت وتولت

وإني لأرجو عود ما قد مضى لنا

ولا أك ذا يأس لعود مسرتي

فكم شدة زالت وعوفي سقيمها

وكم محنة من بعدها ألف محنة

وله أيضا عفى الله عنه :

احذر تحمل نفس هم حادثه

بما قضى وبما لا تبتغيه رضى

هل ثم حذر يميل من قدر

فاصبر وكن جلدا فيما عليك قضى

سلّم تعش سالما ما دمت في دعة

كم شدة بدلت فرحا لها عوض

إن الإله له في خلقه حكم

كم من فتى قبل فرح كان منقبض

أنساه مولاه ما قد كان أحزنه

وصار ضيق ظلام الهم منه فضى

لا تبتغي دفع مقدور بدهقنة

ولا تكن لقضاء الله معترض

وله أيضا عفى الله عنه :

يلومني الأصحاب فيما فعلته

لمن سار فيه مهمها وقفور

وأصبحت محتاجا لسد مجاعة

وسترة حال لازم وأمور

فقلت : اقرأوا إن شئتم قول ربنا

ترو القدر الجاري على العبد مقدور

قضى الله محتوم فليس بحيلة

يرد فكن للحادثات صبور

ما قيل في منع زيارة المتوعك أيام حكام زماننا :

من زار يوما ضعيفا في زمانك ذا

لقصد أجر تراه غرار ما زور

زمان به الحكام على الناس قد بغوا

ويقترفوا فيه لمن زاره زور

يقولوا لمن قد زار أخفيت ماله

وتلحظه أماق أحداقهم زور

فمن كان ذا عقل ويلقى موعكا

وقيل له زره يقول لهم زور

قوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله» إلى آخره :

هو في اللغة التصديق / وفي الشرع كما قال ابن أبي زيد : إن الإيمان قول باللسان ، وإخلاص بالقلب ، وعمل بالجوارح ، يزيد بزيادة الأعمال ، وينقص الأعمال ، فيكون فيها النقص ويكون فيها الزيادة ، ولا يكون قول الإيمان إلا بالعمل ، ولا قول وعمل إلا بنية ،

٣٩١

ولا قول وعمل ونية إلا بموافقة السنة (١).

في طبيب يهودي

عجبت من مسلم ضعيف

يطلب في طبه يهودي

يرجو الشفا بطبه وفيه

عداوة الدين وطبع موذي

في أسلمي تراوس حين أسلم

أغضب الدين ونادى ربه

يا إلهي إن سعدي انعكس

أسلمي باقي في كفره

يتكي بي وفي الصدر جلس

وثنى لي اليد منه سرعة

وكرام الناس على الباب جرس

يا لقومي غربتي عن رفقتي

ما بقي في جسدي إلا النفس

مثله

طلع الدين للإله ونادى

ربي إن العباد قد ظلموني

يتكنون بي وحقك

أني لست أعرفهم ولا يعرفوني

عبرة

يقابلونا بوجه فيه بشر

ويقفونا بألفاظ قبيحة

وينفوا إن رأونا كل خير

ويبدوا في مقالهم النصيحة

بطونهم مقطعة بعيش

وإبزار النقاء لهن ريحة

فهذا هو النفاق بغير شك

فأعينهم بما أخفوا قبيحة

عليهم لعنة المولى دواما

ضحا والعشاء مع الصبيحة

ومما نقل عن أمير المؤمنين المعتصم بالله :

أنه غضب على وزيره الحسن بن سهل ، فأخرج عنه جميع ما يملكه من أملاك وأقطاع ورزق وأعطى جميع ذلك لرجل من خدمه بأشناس ، فكتب له الحسن بن سهل : إنه قد بلغني ما أنعم به عليك الأمير أطال الله بقاءه / مما كان في يدي له على سبيل العارية مما وصل إليك من فيض فضله ، كما كان في يدي جزيل صدقاته وفيض أنعامه ، وقد أحببت أن لا تتعرض ذريتي لذريتك بعد وفاتي ووفاتك ، وقد جهزت لك مناشير الإقطاعات ومكاتيب الأملاك ، وإشهاد على نفسي بالإعذار

في ذلك وعدم

__________________

(١) بعد هذا جاء بياض بالمخطوط قدره سطر تام.

٣٩٢

الاستحقاق ، والله يبارك لك في كل ما وصل إليك ، ويزيدك من بره وخيره.

فلما وصل القاصد لأشناس بما في يده ، حمل أشناس ذلك وعرضه على أمير المؤمنين ، فوقع من ساعته للحسن بن سهل : من رجل ضيم فصبر ، وسلب فشكر ، وأخذ ماله ومتاعه فاعتذر ، فليقابل بالإحسان على عذره ، وبالشكر على صبره ، وقد زدنا له جهاته إنعاما وزدناه على أدبه إكراما ، ورفعنا مكانه فوق العادة ، وله مني الحسنى وزيادة ، ولا عطاء لأشناس عن ذلك عوضا جزيلا ونعمة كثيرة والحمد لله وحده.

هجوة في قاضي

قاضي أتا يخبرنا حكمه

بأنه في النار ذات السعير

قد جعل البرطيل حلاله

لم يرتضي منه بقدر يسير

من مائة يأخذ ثلثينها

وثلثها يبكي عليه كثير

ولم يزل ملتفتا نحوه

بمكره حتى إليه يصير

ومما ورد أن أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز :

كتب لعامله عدي بن أرطأة : أن إجمع بين إياس بن معاوية وبين القاسم بن زمعة ، فولي القضاء أفقههما وأعلمهما.

فجمع بينهما ، وأعلمهما أمر أمير المؤمنين ، فقال كل واحد إن صاحبه أفقه وأعلم.

فقال إياس : سل عني وعن القاسم من فقهاء البصرة.

/ وكان القاسم يجمع بهم ، فعلم القاسم أنه إن سأل أشاروا به.

فقال القاسم : والله الذي لا إله إلا هو ، إن إياس أيها الأمير أفقه مني وأعلم.

فقال إياس : أيها الأمير ، إن القاسم علم أنك إن وليته فإنك توقفه على شفير جهنم فخلص نفسه منها بيمين كاذبة يستغفر الله منها ، وينجو من مصيبة القضاء.

في لوطي

حببتك إذ حسبتك من أناس

كرام في الصعود وفي الهبوط

وجدتك حين خبرتك عن يقين

لئيم من بقايا قوم لوط

مثله

صحبتك مذ جهلتك لست أدري

بما قد حزت من داء وداء

وجدتك من بقايا قوم لوط

فلم تفلح إذا ما دمت حيّا

٣٩٣

في التطفل

إن الدناءة في التطفيل قد جمعت

فما الطفيلي إلا أبذل البشر

قد شابه الكلب حين يأتي لمائدة

يسعى بوجه كجلمود من الحجر

عبرة

لا تظهرن لعاذل أو غادر

حاليك في السراء والضراء

فلرحمة المتوجعين حرارة

في القلب مثل شماتة الأعداء

عبرة

كم صورة بشعث للمال قد جمعت

غطاء البشاعة ذاك المال متحدا

وصورة حسنت بالفقر قد طبعت

غشاها الفقر ذاك الحسن منتبذا

ليس الجمال سوى مال بيد فتى

يعيش فيه بعز عيشة السعداء

إن الحقير فقير مواطنه

لو أن بدر الدجى من وجنتيه بدا

ولبعضهم وقد أركن بشخص فأحل جميع ما كان يملكه على سبيل التجارة فخسر به فقال :

لا توكفن لامرء أن تلقه

على الماء يمشي فهو ذئب مجتري

واحذر مطأطىء الرأس واحذر كيده

فالعقل فيه للأذى يشتري

الماء في الأنهار / يبقى مجمدا

متسلسلا صاف رحيق كوثري

والبحر من عمق تراه هادئا

وأذاه أخفاه عن المتبصري

تأتي إليه بفرحة في متجر

تبغ الغنا بربح ذاك المتجري

يبدي القبيح عن الجميل بطبعه

كسرا وأسرا من عدو مفتري

فاحذر من يطأطىء رأسه

شبا وشيخا أو غني مكبري

ما لي أجده وأحدد وصفه

عقلا ونقلا بل غصين مثمري

ألفاه أثمر حنظلا في مره

سم وعن قتلي به لم يفتري

ومضى به لم أدر أين أمضي به

وبقيت في ذيل الخمول يفتري

لم يبق لي شيء يباع فيقتنى

فكأنني عار ببرّ مقفري

إلا بقية ماء وجه صنته

عن بيعه والآن عند المشتري

٣٩٤

ومما قيل في بخيل وثقيل

وبخيل ما رأينا في البرايا

منه أبخل وبه ثقل عظيم

من جبال الشم أثقل

ربنا خذه سريعا يا إلهي وتفضل

وأرحنا أن نراه وبه لا تتمهل

قد حوى ثقلا وبخلا

وفضولا يتكمل ، ما به قط جمالا

من بهذا يتحمل

في مصر وأهلها

رأيت مصر وأهلها وكثرتهم كالغيث يهمي بعزم وهو منهمر ، أو موج بحر له ريح محركة ، أو كالجراد إذا ما كان منتشر. فالأرض سبع أقاليم مفرقة في مصر ستة على التحرير منحصر ، وباقي الأرض إقليم ولا عجب ، كذلك سلطانها بالملك مفتخر.

في مصر وأهلها [أيضا]

أرى مصر في الدنيا كبحر وأهلها

كموج إذا ما الموج حركه القذف

فمن يحصر الأمواج عدا لكثرة

كذا أهل مصر ليس يحصيهم من وصف

تقيم بها قرنا / وقرنا مثله

إذا عشت ما قلنا حياة ولا حتف

فلم تحص أهلها ولا بعض بعضهم

ولا تحص إحكارا ولا كم بها وقف

[في المال](١)

من كان يملك نقدا كان قيمته

ما كان يملك من ورق ومن ذهب

ومن تراه فقيرا كان قيمته

كفا من التراب أو عودا من الحطب

إن يملك الكلب مالا صار مرتفعا

بين الكلاب ويمشي رافع الذنب

[مثله](١)

العز والجمال حيث كان المال

والذل والخبال حيث لا مال

في البخيل

وبخيل ما رأينا دوره فيهن فار

لا ولا عرس قط ولا نمل صغار

لا ولا الذباب يوما قط على الصفرة طار

إن خرى يوما فيبكي دامعا سحب غزار

ويقل آكله يا ذا ليس فيما قلت عار

لعنة الله عليه ما غشى ليلا نهار

__________________

(١) العنوان من عمل المحقق غفر الله له آمين.

٣٩٥

ومثله

وبخيل ما رأينا مثله في الناس طرّاه

إن خرى يبكي عليه مرة من بعد أخرى

ويروم الأكل منه

ندما حين قام يخري

في طبيب نصراني

طبيب لقين تعمم أزرق

يدين بدين الكفر وهو طبيب

فلو طب بالإسلام نفسا له غدت

مريضة كفر كان مصيب

فكيف نرى نصح الذي غش نفسه

عدو لنا في الدين منه غريب

أنسلم أرواحنا علينا عزيزة

لأعدى عدانا إن ذا لعجيب

عبرة

لما رأيت القضا يمضي

من غير قصدي ولا مرادي

وخيله الغاديات تجري

بالحكم في سائر العباد

والمقادير صائبات

تقتنص الأسد في البوادي

ما رأيت شيئا أريد إلا

أقامه الحرب في اقتصادي

وكل ما قضاه مأتمر

فما احتيالي وما اجتهادي

سلّم وصابر وكن صبورا

واقطع بعزم حبل العنادي

تعش بخير في ظل أمن

وإن تعاند فمن تعادي

عبرة

/ تلقب الدين قوما ليس يعرفهم

ولا له خلطة فيهم ولا نسب

وقد بخسوه وآذوه بنسبتهم

وهم على الدين في دعواهمو كذبوا

في طبيب يهودي

لنحو الدار قد جاء طبيب

يهودي أعشى العينين عره

تعمم بالخزي من فوق رأس

فأضحى بالتعمم منه شهره

فلو كان لعينه اللعين غدا طبيب

لداوى نفسه وأزال ضره

وأبرى عمشة العينين منه

وداوى الرأس من صفراء وصفرة

فمن ذا يرتضي تسليم روح

عدوا ضرنا أبدا يسره

٣٩٦

عبرة

يا ظبية البان عودي المبتلى وعدي

فكم بنبيل المنى يا منيتي تغدي

ويا زمان الرضى هيهات ثانية

ويا ليالي المنى بالله لا تردي

أنا الذي ضعت مني يوم بينهم

وها أنا ناشد إياي لم أجد

لي ظبية من بنات الترك مايسة

تلين عطفا وتسطو سطوة الأسد

لو أنها خيرت في خلق صورتها

جاءت كما هي لا تنقص ولم تزد

فقال خلفته لو مات من ظمأ

وقلت قف عند ورود الماء لم ترد

قالت صدقت الوفاء والصدق عادته

يا برد ذاك الذي قالت على كبد

وأمطرت لؤلؤا من نرجس

وسقت وردا وعضت على العنّاب بالبرد

ثم انثنت تبكي وهي قائلة :

قوموا انظروا كيف فعل الظبي بالأسد

لا تعجبوا الغزال إن صاده الأسد

بل اعجبوا بغزالة صادت الأسد

في طبيب يهودي

قالوا : اليهودي طبيب

قد حاز في الطب ذكرا

فقلت : هذا محال

فاصغي لنظمي واقرا

وانظر لعينه عمشى

وسحنة الوجه صفرا

لو كان هذا طبيب

بصنعة الطب أدرا

داوى لعينيه قدما

من القماش / وأدرى

ولا تعمم يوما

من بعض ما هو يخرا

وقال :

احذر علاج يهودي

في الطب إن كنت تسلم

كذا المسيحي أيضا

ذوا الجراح مرهم

أعداؤنا عن حقيق

قد نصه الله فاعلم

من ذا يسلم عدوا

روح له ذاك أبلم

واليوم كم من يهودي

عند الملوك مقدم

وانظر فكم من مسيحي

لمالها قد تسلّم

فذا زمان خبيث

بيت الصلاح تهدم

٣٩٧

ولجامعه عفا الله عنه من نفسه :

سبعين عاما قد مضت من عمري

بعدهم سبع أتوني بعجيب

لم يكن فيما أتوه عجب

كل سقيم فيه للشيخ نصيب

قوتي قلّت وأما بصري

يبصر الشيء إذا الشيء قريب

وكذا الباه توفي قبله

في تطبيبي قد حار الطبيب

ونذير الموت نحوي أتى

بعلامات كثيرة ومشيب

فتوفاني إلهي مسلما

واختم العمر بخير واستجيب

وارحم الله شيبي في الثرا

إنني في مصر أمسيت غريب

ليس لي من زائر في غربتي

حيث سهم الموت للروح مصيب

أنت لي كفوا كريما كافيا

من قصد باب كريم لم يخيب

وقال بعضهم :

تأمل قضاء الله في الخلق يا فتى

ترى فيه سرّ لم تحطه السرائر

ترى عالما حبرا حوى الفضل كله

على قوته تلقاه ما زال دائر

وآخر قد حاز الجهالة كلها

له الرزق يسعى وهو ناه وآمر

وكم من فتى ما زال في العز ناشئا

تدور عليه بعد ذاك الدوائر

وآخر في ذل نشأ ثم فاقة

فأثرى بمال قد حوى وذخائر

وكم ملك قد بيع في السوق أولا

فأعطى ملكا لم تنله الأكاسر

ودقت له كؤسات عز لنصره

وصار له مع ما حواه عساكر

ومالكه قد زال عن تخت ملكه

وأورثه إماءه / والحرائر

فجل فكرك في ذا وهذا ولا تكن

تعارض مقدارا من الله صائر

وانظر لما قد قسم الله خلقه

ترى مؤمنا حقا وآخر كافر

وإياك والتعليل فالأمر مبهم

ففي سابق المقدور تجري المقادر

وروينا في مسند الدارمي :

عن حميد الأعرج أنه قال : من قرأ القرآن ثم دعا أمّن على دعائه أربعة آلاف ملك.

ما قيل في العزلة عن الناس :

الناس في العزلة رجلان ، رجل لا حاجة فيه للناس كمثل علم وبيان وحكم ، فالعزلة له أولى فلا يخالط الناس إلا في جمعة أو جماعات أو حج أو مجلس علم أو

٣٩٨

كسب معيشة لا بد منه ، وإلا فيواري شخصه ويلزم بيته ولا يتعرف بأحد.

وإن كان قدور في العلم بحيث يحتاج الناس إليه في أمر دينهم لبيان حقهم أو رد على مبتدع فلا تحل له العزلة ولا يجوز له ذلك.

ومما قيل في الظن بالله تعالى :

ما ورد : أن الله سبحانه وتعالى يقول : «أنا عند ظن عبدي بي فليظن ما يشاء».

اعلم أن حسن الظن بالله تعالى ولزوم طاعته ، واجتناب معصيته ، أصل عظيم يغلظ فيه كثير من الناس ، وهو أن هناك فرق بين الرجاء والأمنية. فالرجاء يكون عن أصل ، والتمني لا أصل له ، ومثاله : رجل زرع وسقى واجتهد وقام قياما حسنا على زرعه ، فهو يقول : أرجو أن يحصل لي مائة قفير برّ. فذلك منه رجاء له أصل. وآخر لم يزرع شيئا ويقول : أرجو أن يحصل لي مائة قفير من البرّ فهذا رجاء وظن لا أصل له.

فكذلك العبد إذا اجتهد في طاعة الله سبحانه وترك المعصية ، وقال : أرجو من الله الجنة بما فعلته من يسير الطاعة ، وأرجو من الله الجنة / بحسن ظني بعظيم كرم الله تعالى فذلك ظن له أصل. وأما من ترك الطاعة ولزم المعصية ، وكان رجاؤه الجنة فظنه فاسد.

ومما نقل عن عمر بن عبد العزيز :

أنه قال : إن الله سبحانه وتعالى خلق إبليس للمعصية وخلقها له ، وقدر الله سر عظيم فلا تسألوا عن سره.

وقدر كل شيء قبل أن يخلقه ، وخلق الخير والشر ، وخلق الجنة والنار ، وقسم الخلق فريق للجنة وفريق للسعير.

فمن ذلك الوقت انفرد أهل الجنة بأسمائهم وأسماء آبائهم.

وعلم أعمالهم الصالحة وذنوبهم فأعد لهم على ذنوبهم المغفرة برحمته.

وكتب أهل النار بأسمائهم وأسماء آبائهم وأعمالهم الطالحة (١) الخبيثة وأعذر إليهم بالبيان على ألسنة أنبيائهم فلم ينتفعوا بأعمالهم الصالحة لأنهم معدودون من أهل النار.

فإرادة الله سابقة في خلقه بمراده ، فلا يسأل سبحانه عما يفعل والخلق مسؤولون ، فقد قال سبحانه : (ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها) [الحديد : ٢٢].

__________________

(١) في المخطوط : الصالحة ، وهو تحريف.

٣٩٩

ومما قيل في الغضب :

اعلم أن الغضب هو غليان في دم القلب ، والغضب مخلوق من النار ، معجون في طينة الآدمي فمتى حصل له ما يغضبه اشتعلت نار غضبه اشتعالا يغلي منه دم القلب فينتشر في العروق فيغطي دخانه على العقل فيقع من صاحبه ما يحصل عليه من الندم عند سكون غضبه وخمود دخان ناره مما لا يستدرك فارطه. والناس في ذلك على طبقات بقدر قوة نار غضبهم وضعفها كنار حطب أو فحم أو رماد.

وقال بعضهم :

إذا وجدت من بني آدم من يكون لئيم الطبع قبيح اللفظ ، فزده في عدد الكلاب / وانقصه من عدد الآدميين وأعده كلبا نابحا وأرح نفسك من عتابه وقلبك من التفكر فيه ، وأعرض عنه كما تعرض عن الكلب إذا نبح عليك (١).

واعلم :

أن لكل إنسان قوى ثلاث : ناطقية ، وغضبية وشهوانية.

فالناطقية :

هي التي شرفه الله بها على سائر الحيوانات ، فشارك بها الملائكة.

والغضبية :

إذا أفرط فيها ألحقت صاحبها بأخلاق الوحوش الضارية فيغضب كالأسد أو يحقد كالخنزير ، أو يثب كالنمر ، أو يرعد كالقرد.

والشهوانية :

إذا أفرط فيها أخرجت صاحبها من العالم الإنساني وألحقته بعالم مماثله من البهائم ، فإن البهائم لا شهوة لها إلا الأكل والنكاح. فاجتهد أن تلحق قوتك بالناطقية لتحلق بعالم الملائكة (٢).

وقال : نزل العز والراحة من السماء فحالا بين الهواء والفضاء ، فلم يجدا منزلا ينزلان فيه فوجدا القناعة فنزلا بها.

ما وجدت القناعة عند أحد إلا وجد عنده العز والراحة.

ما قيل في التوكل على الله سبحانه وما معناه : اعلم أن التوكل على الله سبحانه كمثل تاجر أقام لإصلاح ماله وكسبه وكيلا بصيرا

__________________

(١) سبق ذكر هذه الفقرة والتي قبلها في صفحة [١٧٤ / م ، ب] من المخطوط ، والفقرة التي بعدها في الورقة [١٧٥ / م] مع تغير بسيط في بعض الألفاظ وزيادة ونقص.

(٢) سبق أن نبهت على تكرار هذه الفقرة.

٤٠٠