مختصر عجائب الدنيا

الشيخ إبراهيم بن وصيف شاه

مختصر عجائب الدنيا

المؤلف:

الشيخ إبراهيم بن وصيف شاه


المحقق: سيّد كسروي حسن
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٤١٦

الذهب ، الأبواب كلها والبعض بالفضة إلى أيام أبي جعفر المنصور ، سقط الحائط الغربي والشرقي من المسجد في زمن الرجفة ، سنة ثلاثين ومائة.

فقالوا له : لو أمرت ببنائه!

فقال : ما في بيت المال شيء.

فأمر بقلع صفائح الذهب والفضة التي كانت على الأبواب ، وأمر بضربها دنانير ودراهم وأن تصرف في العمارة.

ثم كانت الرجفة الثانية فوقع البناء الذي بناه أبو جعفر المنصور في أيام خلافة المهدي ، فأعلموه بذلك.

فقال : انقصوا (١) من طوله وزيدوا في عرضه. ففعلوا ذلك.

قال : وفي سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة سقط تنور القبة على الصخرة (٢) وفيه خمسمائة قنديل فتطير (٣) الناس لذلك.

قال الحافظ ابن عساكر : إن طول المسجد الأقصى سبعمائة ذراع وخمسة وخمسون ذراعا بالذراع المكي ، وعرضه أربعمائة ذراع وخمسة وستون ذراعا ، وكذا قاله أبو المعالي في تاريخه.

وقد ذرع في وقتنا هذا بعد خراب وعمارة / فجاء طوله من الجهة الشرقية ستمائة ذراع ، وثلاثة وثمانون ذراعا. ومن الغرب ستمائة وخمسون ذراعا ، وعرضه أربعمائة وثمانية وثلاثين ذراعا ، خارجا عن عرض السور. قال :

ذكر العجائب التي كانت ببيت (٤) المقدس قديما في الزمن الأول

ذكر عجائب كانت فيه :

روى أبو (٥) نعيم الأصفهاني وغيره : أن الضحاك بن قيس صنع بها عجائب. قال : صنع نارا عظيمة اللهب ، فمن لم يطع الله في تلك الليلة احترق حال يقع نظره عليه (٦) ، وقال : من رمى لنحو بيت المقدس نشابة رجعت إليه فتقتله.

__________________

(١) في المخطوط : انقضوا ، وهو تحريف.

(٢) في المخطوط : صخوه ، وهو تحريف.

(٣) في المخطوط : فنظير ، وهو تحريف.

(٤) في المخطوط : كانت به بيت ، وهو تحريف.

(٥) في المخطوط : ابن ، وهو تحريف ، وهو صاحب كتابي «حلية الأولياء» وكتاب «تاريخ أصبهان» وقد وفقني الله لتحقيق الثاني منذ زمن بعيد.

(٦) أي على بيت المقدس.

٢٢١

قال : ووضع كلبا مصنوعا من الخشب على باب بيت المقدس فمن كان عنده شيء من السحر إذا مرّ على ذلك الكلب فينبح عليه فينسى ما عنده من السحر ولا يعرف منه كلمة واحدة.

قال : ووضع بابا من دخل منه إن كان ظالما أمسكه وعصره فلا يفلته (١) حتى يقر بظلمه.

قال : ووضع عصا في محراب بيت المقدس فلا يقدر أحد يمس تلك العصا (٢) إلا من كان من أولاد الأنبياء من مسها غيرهم أحرقت يده.

قال : وكانوا (٣) يحبسون أولاد الملوك عند محراب بيت المقدس فمن كان من أهل المملكة إذا أصبح أصابوا يده مطلية بالذهب ، فيعلموا أنه من أولاد الملوك ، وإن لم يروها مطلية بالذهب فلا يملكوه (٤) مكان أبيه.

قال أيضا : وكان في زمن سليمان عليه‌السلام سلسلة معلقة من السماء إلى الأرض شرقي الصخرة مكان قبة السلسلة للآن ، وفيها يقول الشاعر هذه الأبيات :

مضى مع الوحي زمان العلا

وارتفع الجود مع السلسلة

وارتفاعها معلوم سبه فلا فائدة في إثباتها هنا ، وذلك ما رواه كعب ، ووهب ابن منبه.

ومن عجائبه :

جعل سليمان [عليه‌السلام] في / الأرض مجلسا في بركة مملوءة ماء ، وعلى وجه الماء بساط ، ويجلس عليه قاض أو رجل جليل القدر فيتحاكم (٥) إليه الناس ، فمن كان على الحق مشى على الماء حتى يصل إلى عند الجالس على البساط ، ومن كان على الباطل غرق ، روى ذلك كعب ، ووهب بن منبه.

وروى عيسى بن عبد الله بن عبد الرزاق بسنده إلى سعيد بن عبد العزيز قال : كان في زمن بني إسرائيل في بيت المقدس عين عند عين سلوان (٦) إذا قذفت المرأة بالزنا أتوا بها إلى تلك العين لتشرب منها ، فإذا شربت إن كانت بريئة لم يضرها ، وإن كانت غير بريئة تموت لساعتها.

__________________

(١) في المخطوط : بصلته ، كذا رسمت وهو تحريف.

(٢) في المخطوط : الصا ، وهو تحريف.

(٣) في المخطوط : كان ، وهو تحريف.

(٤) في المخطوط : مملوكوه ، وهو تحريف.

(٥) في المخطوط : فيتحاكما ، وهو تحريف.

(٦) بعد تلك الكلمة حرف : إن ، وهو زائد على السياق فحذفته.

٢٢٢

فلما حملت مريم بعيسى عليه‌السلام أتوا بها إليها فشربت منها فلم يضرها شيئا ولم تر إلا خيرا ، فدعت الله عزوجل أن لا يفضح امرأة مؤمنة ، فغارت العين.

قال : وكان في بيت المقدس حيات عظيمة وكان في قرب كنيسة القمامة معبد فيه اسطوانتان كبيرتان من حجارة على رأسها حيات مصورات مطلسمات فمتى لسعت إنسانا حية في بيت المقدس لم تضره شيئا ، وشرطه أن يقيم الملسوع بالقدس مدة سنة كاملة ، فإن خرج من القدس قبل مضي سنة ولو بيوم واحد مات بالسم لساعته ، وإن استكمل سنة وخرج لم يضره شيء أبدا.

قال : وروى مكحول عن كعب : أن ببيت المقدس من قبور الأنبياء ألف قبر.

وعن عاصم بن سفيان الثقفي : أنهم غزوا غزوة ففاتهم الغرق ، فرابطوا ، ثم رجعوا إلى معاوية ، وعنده أبو أيوب وعقبة بن عامر.

فقال عاصم : يا أبا أيوب ، فاتنا الغرق في هذا العام وقد بلغنا أنه [قال](١) : من صلى في المساجد الأربعة غفر الله عزوجل له ذنبه».

قال : يا ابن أخي ، أدلك على أيسر؟ إني سمعت رسول الله يقول : / «من توضأ كما أمر ، وصلى كما أمر ، غفر له ما تقدم».

رواه الإمام أحمد ، وابن ماجة تفسير قوله تعالى : (فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ) [الحديد : ١٣].

وروى الحاكم في مستدركه عن سعيد بن عبد العزيز عن عطية بن قيس عن أبي العوام قال : سمعت عبد الله بن عمر يقول : السور (٢) الذي ذكره الله في القرآن هو الشرقي الذي في باطنه المسجد ، وظاهره وادي جهنم.

وقال : صحيح.

وقد تقدم فيما رواه الإمام أحمد [و](٣) ابن ماجة عن ميمونة : بيت المقدس مقدس في السماوات بمقداره في (٤) الأرض.

وروى أبو سعيد بن زياد الأعرابي قال : حدثنا الحسن بن علي بن عفان بن نمير حدثنا الأعمش عن أبي قال سمعت عبد الله بن عمرو يقول : إن الحرم لمحرم في

__________________

(١) ما بين المعقوفين يتطلبه السياق.

(٢) في المخطوط : سور ، وهو تحريف.

(٣) في المخطوط : أحمد بن ماجة ، وهو تحريف فاحش لسقوط حرف الواو بينهما فجعلتها بين معقوفين.

(٤) في المخطوط : والأرض ، وهو تحريف.

٢٢٣

السماوات السبع بمقداره في الأرض ، وإن بيت المقدس لمقدس في السماوات السبع بمقداره في الأرض. عن ابن مسعود عن النبي قال : «ثلاث أملاك موكلين بثلاث (١) مساجد : ملك موكل بالكعبة ينادي في كل يوم : من ترك فرائض الله خرج من أمان الله ، والملك الموكل بمسجدي هذا ينادي في كل يوم : من ترك سنة رسول الله لا يرد ولا تدركه شفاعة محمد ، والملك الموكل بالمسجد الأقصى فينادي في كل يوم : من كانت طعمته حرام كأن عمله مضى وبابه وجهه». حديث صحيح.

وغير ذلك مما نقله الشيخ إبراهيم ابن القباقبي بالقدس الشريف :

في المدرسة الجوهرية أنه قال : مكتوب في التوراة (٢) : القدس حق ذهب مملوء عقارب. وغير ذلك.

ذكر ما ينصب في بيت المقدس من الرايات ، وما جاء في ذكر الملاحم فيه والآيات :

روى أبو كريب قال : حدثنا رشد بن سعد عن عقيل / ويونس عن ابن شهاب عن قبيصة بن ذؤيب عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «تخرج رايات سود من قبل المشرق». وفي رواية : «من قبل خراسان فلا يراها شيء حتى ينصبوا بإيلياء».

ورواه أيضا الترمذي عن عقبة عن يونس عن ابن شهاب قال : ابن لهيعة عن قيس بن الحجاج يقول : سمعت حيثما يقول سألت تبيعا عن فتح رومية فقال : إذا رأيت جزيرة مضر (٣) فيها سفن خشبها من لبنان وحبالها (٤) من نيسابور ، ومساميرها من مريس فهم يفتحون رومية ، فيأخذون تابوت السكينة فتختصم فيه أهل مضر (٥) والشام فيستهمون فيه ، ويردونها إلى إيليا (٦).

وعن عبد الكريم بن أبي أمية عن محمد بن الحنفية (٧) قال : إن المسلمين ليفتحون رومية ويجيئون بخزانتها وبمائدة سليمان ، وبحلى بيت المقدس ثم تكون غزوة الهند.

قال الوليد : حدثني صفوان بن عمر عن جدته ، أن رسول الله قال : «سيغزوا من أمتي جيش يأتوا بملوك الهند مغلولين في السلاسل تغفر لهم ذنوبهم».

__________________

(١) في المخطوط : باثلاث ، وهو تحريف.

(٢) في المخطوط : التورية ، وهو تحريف.

(٣) كذا في المخطوط ، بالصاد المهملة.

(٤) في المخطوط : وجالها ، وهو تحريف.

(٥) كذا في المخطوط : بالضاد المعجمة.

(٦) جاء بعدها في المخطوط : عن إيلياء وأحسبه زيادة وتكرار ، فحذفت هذه العبارة ليستقيم السياق.

(٧) في صلب المخطوط : الحنيفة ، والتصويب من هامشه وبخط الناسخ.

٢٢٤

وقال بعض العلماء : ليس شيء من البلاد إلا ويخرب في آخر الزمان بأنواع من العدو أو بالجوع أو بغير ذلك إلا بلاد الشام ، فإنها تبقى في بهجتها وعمارتها ومساكنها وسكانها ونضرتها ونعيمها ودور بركتها في نباتها وثمارها وظهور عمارتها وآثارها حتى تقوم الساعة وهي كذلك وسائر البلاد بضد ذلك.

ونحو هذا القول قول نوف النكالي وقال : تخرب البلاد أربعين عاما وإلى الشام محدثة الجمع الأكبر وإلى أرضها المحشر والمنشر. وقال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «يخرب الكعبة ذو السويقتين (١) من الحبشة». صحيح وفيه : كأني به / أفحج (٢) يقلعها حجرا حجرا».

وهذا (٣) والله أعلم يكون بعد خروج الدجال. وجاء عن عبد الله بن الصامت ، وجاء عن قتادة أيضا أنه سمعه قال : أسرع الأرض خرابا البصرة ثم مصر ، وجاء في الخبر : أنه يأتي أهل الشام من اليمن سبعون ألفا فيأتون مع أهل الشام إلى قسطنطينية ورومية فلا يكبروا على كل سور من أسواره إلا أربع تكبيرات ، ويقتلون في كل واحدة منها أربعمائة ألف من أهلها ، ويستخرجون جميع كنوزهم وخباياهم وذخائرهم من الذهب والفضة والجواهر والياقوت ويقيمون فيها سنة يبنون المساجد ، ويأخذون منه التابوت الذي كان لبني إسرائيل والمائدة ويقتسمون المال والسبايا (٤) ، ويسهل الله لهم خليج قسطنطينية حتى تخوضه الخيل ، ويرجعون إلى الشام ويجهزون المراكب ويركبونها من مدينة عكا ويسيرون إلى بلاد الروم الإفرنج فيفتحونها ويقيمونها ، ويرجعون بالسلامة.

ونعود إلى تاريخ بيت المقدس : كما ذكرنا أن الإفرنج ملكوه من المسلمين إلى أن قدم الملك السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب خير الله في فتحه ، فافتتحه بعد جهد ومشقة ، وذلك في سنة ثلاث وثمانين في شهر رجب.

الفرنج من التاريخ المعين ، وذلك مما نقلته من كتاب مثير (٥) الغرام إلى زيارة القدس والشام وذلك مما ألفه الشيخ الإمام العالم العلامة حافظ العمر وإمام المحدثين جمال الدين أحمد بن محمد بن إبراهيم بن هلال بن تميم رحمه‌الله ونفعنا بعلمه وفرغت منه في العشر الثاني من جمادي الآخر سنة اثنين وتسعمائة بالقدس الشريف بالمدرسة الجوهرية.

والحمد لله ربّ العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم ورضي عن أصحاب رسول الله أجمعين.

__________________

(١) في المخطوط : السوقتين ، وهو تحريف.

(٢) في المخطوط : الحج ، وهو تحريف.

(٣) في المخطوط : وبهذا ، وهو تحريف.

(٤) في المخطوط : البسنايا ، وهو تحريف.

(٥) في المخطوط : المثير ، وهو تحريف. والكتاب مشهور ومطبوع.

٢٢٥

نبذة نذكر فيها خبر بخت نصّر

وبدوء أمره / وهدمه لبيت المقدس على ما رواه أهل الأثر من تفسير القرآن العظيم مثل : أبو إسحاق الثعالبي والكسائي وغيرهما (١)

قال أبو إسحاق الثعالبي : كان الملك من بني إسرائيل إذا ملك أرسل الله معه نبيا يرشده ويسدده ، ويكون فيما بينه وبين الناس وبين الله تعالى ، ولا ينزل عليه كتاب وإنما كان يأمر بأحكام التوراة (٢).

وكان ممن ملك منهم صديقه فلما ملك بعث الله سنجاريب ملك بابل ومعه تسعمائة ألف راية فأقبل حتى نزل حول بيت المقدس والملك مريض بقرحة في ساقه.

فجاء شعيب النبي [عليه‌السلام] إلى ملك بني إسرائيل فقال : إن (٣) سنجاريب ملك بابل قد نزل بك في ستمائة ألف راية وقد هابه الناس. فكبر ذلك على الملك وقال : يا نبي الله ، هل نزل عليك وحي فيما حدث؟

قال : لا ، فبينما هم كذلك ، أوحى الله إلى شعيب أن مر ملك بني إسرائيل أن يوصي ويستخلف على ملكه من يشاء من أهل بيته فإنه ميت. فأخبره شعيبا بذلك ، فأخر صديقه الملك على الصلاة والدعاء ، فاستجاب الله دعاءه وكان عبدا (٤) صالحا ، فأوحى الله إلى شعيب أن أخبر صديقه أن الله استجاب دعاءه. ففرح وخرّ لله ساجدا ، فلما رفع رأسه أوحى الله إلى شعيبا : أن قل لصديقه يأمر عبدا من عبيده يأتيه بلين التين ، فيجعله في قرحة (٥) ساقه ، ففعل فبرىء.

ثم قال الملك لشعيبا : سل ربك أن يجعل لنا علما بما هو صانع بعدونا؟

فأوحى الله إليه أنهم يصبحون موتى إلا سنجاريب وخمسة نفر من كتابه.

__________________

(١) في المخطوط : غيرهم ، وهو تحريف.

(٢) في المخطوط : التورية ، وهو تحريف.

(٣) في المخطوط : النبي إلى ، فقال الملك بني إسرائيل إن وفيه اضطراب في تركيب العبارة فأصلحته على المراد والله أعلم.

(٤) في المخطوط : عندا ، وهو تحريف.

(٥) في المخطوط في المتن : حرقه ، والتصويب من هامش المخطوط.

٢٢٦

فلما أصبحوا جاء الخبر لملك بني إسرائيل / أن الله تعالى قهر (١) عدوك وقد هلك سنجاريب ومن معه.

فخرج الملك فالتمس (٢) سنجاريب ، فلم يوجد في الموتى ، فبعث الملك في طلبه فمسكوه والخمسة (٣) من كتابه ، فجعلوهم في الجوامع (٤) ، ثم أتوا بهم ملك بني إسرائيل ، فلما رآهم خر لله (٥) ساجدا من طلوع الشمس إلى العصر.

ثم قال لسنجاريب : كيف ترى فعل ربنا؟ ألم يقتلك بحوله وقوته؟

قال : علمت ذلك لكن غلبت الشقاوة على السعادة ثم أمر أن تقذف في رقابهم (٦) الجوامع ، وأن يطاف بهم سبعين يوما حول بيت المقدس. وكان قوتهم في اليوم خبزتين (٧) من شعير. فطلب سنجاريب القتل ليستريح من العذاب (٨) فأمر الملك (٩) به إلى سجن القتل. فأوحى الله إلى شعيب (١٠) : أن قل لملك بني إسرائيل يرسل سنجاريب ومن معه إلى قومهم لينذروهم ، ففعل.

وخرج سنجاريب ومن معه حتى قدموا بابل وأخبروا الناس بأمرهم ، ولبث سنجاريب بعد ذلك سبع سنين ومات.

واستخلف بخت نصر ابن ابنه على ما كان عليه جده فعمل بعمله (١١) ، وقضى بقضائه ، فلبث خمسة عشر سنة ومات صديقه ملك بني إسرائيل وتنافسوا الدنيا والملك وقتل بعضهم بعضا ولا يسمعوا كلام شعيب ولا يقبلوا قوله ، فأوحى الله إليه : أن قم فيهم أوحي على لسانك.

فقام ، فأوحى الله على لسانه موعظة وأمثالا ، وذكرهم نعمة الله عليهم ، وحذرهم سطوته. فعدوا عليه ليقتلوه ، فهرب منهم ، فانفلقت له شجرة فدخل فيها. فأخذ الشيطان بهدبة من ثوبه ، فأراهم إياه فنشروها وقطعوه في وسطها.

__________________

(١) في المخطوط : أمر ، وهو تحريف.

(٢) في المخطوط : فالشمس ، وهو تحريف.

(٣) في المخطوط : فمسكوا والحمه ، وهو تحريف.

(٤) الجوامع : وهو قيد يجمع به أقدام وعنق الأسير.

(٥) في المخطوط : فر الله ، وهو تحريف.

(٦) في المخطوط : رقامهم ، وهو تحريف.

(٧) في المخطوط : خبيرتي ، وهو تحريف.

(٨) في المخطوط : عذاب ، وهو تحريف.

(٩) في المخطوط : فأمر الله ، وهو تحريف.

(١٠) في المخطوط : شعيا ، وهو تحريف.

(١١) في المخطوط : بعلمه ، وهو تحريف.

٢٢٧

قال أبو إسحاق : ثم استخلف الله على بني إسرائيل بعد قتلهم شعيبا رجلا منهم يقال له :

ناشية بن أموص وبعث لهم نبيا اسمه الخضر واسمه أرميا / وكان من ولد هارون :

فبعث الله تعالى إلى بني إسرائيل وكانت قد فشت (١) فيهم المعاصي ، واستحلوا المحارم. فقام فيهم أرميا ولم يدر ما يقول ، فألهمه الله خطبة طويلة ، وفي آخرها : إن الله يقول : وعزتي وجلالي ، لأقيضن لهم فتنة ولأسلطن عليهم جبارا قلبه قاسيا ألبسه الهيبة ، وأنزع من قلبه الرحمة ، ويتبعه عدد مثل سواد الليل المظلم.

ثم أوحى الله إلى أرميا : أني مهلك بني إسرائيل بيافث ، ويافث أهل بابل.

فلما سمع أرميا عليه‌السلام ذلك صاح وبكى وشق ثيابه وحثى التراب على رأسه (٢). فلما سمع الله تضرعه ، أوحى إليه : أشق ذلك [عليك](٣)؟

قال : يا رب أهلكني قبلهم.

فأوحى الله إليه : أني لا أهلك بني إسرائيل حتى تكون أنت السائل في ذلك.

ففرح وطابت نفسه ، وقال : لا والذي بعث موسى بالحق لا أرضى بهلاك بني إسرائيل. ثم أتى الملك وأخبره بذلك.

وكان الملك صالحا ، ثم أنهم لبثوا بعد الوحي ثلاث سنين لم يزدادوا إلا معصية ، وذلك حين قرب هلاكهم.

ودعاهم الملك إلى الطاعة ، فأبوا ، فسلط الله عليهم :

بخت نصّر :

فخرج في ستمائة ألف راية يريد بيت المقدس ، فلما سار وصل الخبر إلى ملك بني إسرائيل ، فقال لأرميا : أين ما وعدك ربك؟

قال : إن ربي لا يخلف الميعاد.

فلما قرب الأجل بعث الله إلى أرميا ملكا في صورة رجل من بني إسرائيل ، فقال : يا نبي الله ، إني مستفتيك في أهل رحمي وصلتهم بكل خير ونعمة ولا يقابلوا في إلا سخطا فافتني (٤) فيهم.

__________________

(١) في المخطوط : فشا ، وهو تحريف.

(٢) هذه أفعال لا يمكن أن تصدر من نبي من أنبياء الله تعالى ولا تكون أمرا تعبديا يتقرب به إلى الله تعالى عن ذلك علوا كبيرا وتنزه أنبياؤه عن مثل هذه الأفعال وتطهروا تطهيرا.

(٣) ما بين المعقوفين يتطلبه السياق وإن لم أوافق على الخبر.

(٤) في المخطوط : فانني ، وهو تحريف.

٢٢٨

فقال : أحسن ما بينك وبين الله وصلهم وأبشر بخير.

فانصرف ، ثم مكث قليلا ، ثم أتاه في صورته التي جاءه فيها وأعاد عليه القول ، فقال له مثل قوله الأول ، فانصرف.

ثم / غاب قليلا وجاءه وقد نزل بخت نصر حول بيت المقدس وأرميا على حائط من جدار بيت المقدس مستبشرا بنصر ربه ، فقعد بين يديه ، وقال : يا نبي الله ، شيء يصيبني منهم قبل اليوم كنت أصبر عليه ، واليوم رأيتهم في عمل لا يرضي الله تعالى فغضبت لله ولك ، وأنا أسألك بالله الذي بعثك بالحق إلا ما دعوت الله عليهم ليهلكهم.

فقال أرميا : أللهم إن كانوا على حق وصواب فأبقهم ، وإن كانوا على ما لا يرضيك فأهلكهم.

فما خرجت الكلمة حتى أرسل الله صاعقة من السماء في بيت المقدس فالتهب مكان القربان وخسف بسبعة أبواب من أبوابها. فلما رأى أرميا ذلك ، ناح وشق ثيابه ونبذ الرماد على رأسه ، وقال : أين وعدك؟ فنودي : إنهم لم يصبهم ما أصابهم إلا بفتياك ودعائك ، فعلم عند (١) ذلك أن السائل كان ملكا من قبل الله مرسلا ، فسار أرميا حتى خالط الوحش.

ودخل بخت نصر وجنوده بيت المقدس ووطىء الشام ، وقتل بني إسرائيل حتى أفناهم ، وخرب بيت المقدس. ثم أمر جنوده أن يملأ كل رجل منهم ترسه ترابا ثم يقذفه في بيت المقدس. فقذفوا فيه التراب حتى امتلأ. ثم أمرهم أن يجمعوا كل من في بلدان بيت المقدس ، فجمعوهم. فاجتمع عنده كل صغير وكبير ، فاختار منهم مائة ألف ألف صبي وقتل ستين ألف صبي.

فلما خرجت غنائم جنده ليقسم قالت له الملوك الذين كانوا معه : لك غنائمنا كلها ، فاقسم بيننا هذه (٢) الصبيان الذين اخترتهم من بني إسرائيل ، ففعل.

فأصاب كل رجل منهم أربعة غلمان ، وكان فيهم دانيال وحناينا وعزاريا ومنشائل وسبعة آلاف من أهل بيت داود عليهن السلام ، وأحد عشر ألف من سبط يوسف بن

__________________

(١) في المخطوط : عن ، وهو تحريف ، وحاش الله أن يكون من الماكرين المخادعين الذين يخدعون الأنبياء وأن يخلف وعده الذي وعدهم وحاشا لنبي من أنبيائه أن يهيم بين الوحش ويترك رسالته التي أرسله بها ويتخلى عن أمانته التي أمنه الله إياه خوفا أو جزعا أو جبنا أو حتى لضيق صدر من قومه أو من إرهاب عدوهم ، أو اعتراضا على قضاء الله تعالى وقدره. فكيف يقبل هذا الوصف في من وصف بأنه نبي من أنبيائه سبحانه وتعالى.

(٢) في المخطوط : هذا ، وهو تحريف.

٢٢٩

يعقوب ، وأخيه / بنيامين ، وثمانية آلاف من سبط أشرس بن يعقوب ، وأربعة عشر ألف من سبط ريالون ولد يعقوب ، ولاوي بن يعقوب ، والباقي من بني إسرائيل.

وجعل بخت نصر من بقي [من](١) بني إسرائيل ثلاث فرق : فثلثا أقر بالشام ، وثلثا سبي ، وثلثا قتل.

وذهب بأبنية بيت المقدس وحليه حتى أقدم ذلك ببابل. فكان بجملة مائة وسبعين ألف عجلة كلها بحلى وجواهر وذهب إلى غير ذلك ، فذلك قوله تعالى : (وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ وَكانَ وَعْداً مَفْعُولاً) [الإسراء : ٤ ، ٥].

فهذه الوقعة الأولى التي أنزلها الله تعالى ببني إسرائيل لما اختلفوا وظلموا وبغوا.

وأختلف في اسمه فقيل : بخت نصّر بتشديد الصاد وتسكينها.

وقيل : بخت ناصر.

وقد اختلف في أمره فقال قوم : إنه ملك الدنيا.

وقال قوم (٢) آخرون : إنه ملك بابل وما تحته (٣).

وقيل : من زبانا للفراسف الفارس.

وقيل : كان من أبناء الملوك.

وقيل : بل كان من الفقراء.

فمن ذلك ما رواه أبو إسحاق بسند يرفعه إلى سعيد بن جبير رحمة الله تعالى عليه قال : كان (٤) رجل من بني إسرائيل يقرأ في التوراة حتى إذا بلغ إلى قوله تعالى : (بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا) [الإسراء : ٥] الآية ... فبكى ثم قال : أي ربّ ، أرني هذا الرجل الذي جعلت هلاك بني إسرائيل على يده ، فرأى في المنام مسكينا ببابل يقال له : بخت نصّر.

فانطلق بمال وعبيد له ، وكان ذا مال ، فسار حتى أتى بابل فنزل (٥) وجعل يدعو المساكين ويعطيهم ويسأل [عن](٦) أسمائهم حتى قال يوما : هل ثمّ مسكينا غيركم؟

__________________

(١) ما بين المعقوفين يتطلبه السياق.

(٢) في المخطوط : قرونه ، وهو تحريف.

(٣) في المخطوط : وما فتخه ، وهو تحريف.

(٤) في المخطوط : لكان ، وهو تحريف.

(٥) بعدها في المخطوط لفظ : ورا. وهو زائد على السياق.

(٦) ما بين المعقوفين يتطلبه السياق.

٢٣٠

قالوا : نعم. نفج آل فلان / مريض يقال له : بخت نصّر.

فقال لغلمته (١) : انطلقوا بنا.

فانطلقوا حتى أتاه ، فأحسن إليه كثيرا أياما ثم عزم الإسرائيلي على السفر ، فبكى بخت نصر.

فقال له : ما يبكيك؟

قال : على قلة (٢) مكافأتك لفقري.

قال : إن كنت تريد أن تكافئني فأنا أسألك يسيرا.

قال : وما هو؟

قال : إن أنت صرت ملكا أطعتني.

فقال : مميز ربي من أين لي الملك ، فكتب له كتابة. وضرب الدهر ضروبه.

فقال صيحون ـ وهو ملك بابل ـ : أننا بعثنا طليعة (٣) إلى الشام فبعث رجلا وأعطاه مائة ألف فارس ، وخرج بخت نصر في المطبخ ، فلما قدم الشام رأى صاحب الطليعة فرسانا كثيرة وخيلا ورجالا فهاب ذلك فرجع.

أما بخت نصر فإنه صار يجلس مع الشاميين ويقول لهم : ما يمنعكم أن تغزوا بابل ، فإن ما دون بيت لها مانع؟

فقالوا : إنا لا نحسن الحرب.

فلا زال حتى قدم ، ثم رجع صاحب الجيش فأخبر الملك بما رأى.

فجعل بخت نصر يقول : لو أوصلني أحد إلى الملك لأخبرته بخلاف ذلك. فلا زال حتى وصل خبره للملك فدعاه.

فقال : أيها الملك ، إن صاحب جيشك لا قلب له ولا قوة على القتال ، وإني اختبرتهم فإذا هم لا يحسنون القتال.

ثم ضرب الدهر ضروبه.

فقال الملك : لو بعتنا جريدة خيل إلى الشام فإن وجدوا مغاثا أغاثوا أو لا سلبوا ما قدروا عليه؟

__________________

(١) في متن المخطوط : علمته ، والتصويب من هامش المخطوط.

(٢) في المخطوط : قلت ، وهو تحريف.

(٣) في المخطوط : الطليفة ، وهو تحريف.

٢٣١

فقالوا : ما ضرك لو فعلت؟

قال : فمن ترون؟

قالوا : فلانا.

قال : لا ، ولكن ذلك المسكين الذي أخبرني بما أخبرني. فدعا ببخت نصر ، وأرسل معه أربعة آلاف فارس. فانطلقوا فجاسوا خلال الديار فسبوا ما شاء الله ، ثم لم يخربوا.

ومات صيحون الملك ، فقالوا : استخلفوا رجلا منكم.

فقالوا : حتى يأتي فرساننا من السفر. فأمهلوا حتى جاء بخت نصر بالسبي / وما معه فقسمه بينهم.

فقالوا : ما رأينا أحدا أحق بالملك من هذا ، فملكوه وكان من أمره ما قدمنا واختصرنا ، وإنما ذكرنا ذلك للمناسبة (١).

وقال السدي بإسناده : أن رجلا من بني إسرائيل رأى في المنام أن خراب بيت المقدس وهلاك بني إسرائيل على يد غلام يتيم ابن أرملة (٢) من أهل بابل يدعى بخت نصر. فذهب الرجل يسأل عنه حتى نزل بأمه وهو يتحطب ، فلما جاء وعلى رأسه الحطب ألقاه ثم قعد ليستريح.

فكلمه الرجل ، ثم أعطاه ثلاثة دراهم وقال له : اشتري بواحد طعاما ، وبدرهم خبزا ، وبدرهم خمرا. ففعل ، فأكلوا وشربوا.

ثم فعل في اليوم الثاني والثالث كذلك. ثم قال : إني أحب أن تكتب لي أمانا إن أنت ملكت يوما من الدهر.

قال : أتسخر مني؟

قال : لا ، ولكن ما عليك إن اتخذتها عندي يدا بيضاء؟

فكلمته أمه في ذلك ، وقالت : ما ضرك من ذلك شيئا. فكتب له أمانا.

ثم قال له : أرأيت إن جئت والناس حولك قد حالوا بيني وبينك فاجعل آية تعرفني بها.

قال : ترفع صحيفتك على (٣) قصب فأعرفك بها. فكساه وأعطاه.

__________________

(١) بعدها كلمة : فملكوه. وهي زائدة فحذفتها.

(٢) في المخطوط : أرمنه بالنون ، وهو تحريف.

(٣) في المخطوط : عن ، وهو تحريف.

٢٣٢

ثم أن ملك بني إسرائيل كان يكرم يحيى بن زكريا وأنه هوى أن يتزوج بنت أخيه فسأله عن ذلك فنهاه. فبلغ ذلك أنها حقدت على يحيى ، ثم عمدت إلى الجارية فألبستها ثيابا رقاقا حمراء وطيبتها وألبستها من الحلي الفاخرة ومن فوق ذلك كساء أسود ، وأرسلتها إلى الملك في مجلسه وأمرتها أن تسقيه وتعرض نفسها له ، فإذا أرادها تمنعت عليه حتى يأتيها برأس يحيى في طشت.

ففعلت ، فلما أخذ منه الشراب راودها عن نفسها فقالت : لا أفعل حتى تعطيني ما أسألك.

قال : وما هو؟

قالت : تأتيني برأس يحيى / في طشت.

فقال : ويحك سلي غير هذا.

قالت : لا أسأل غيره. فلما أبت عليه أتى برأسه وهو يتكلم

فوضع بين يديه ، والرأس تقول بلسنها : لا يحل لك ذلك.

فلما أصبح إذا دمه يفور ويغلي. فأمر أن يلقى عليه ترابا. فرقي الدم فوق التراب يغلي ، فلم يزل يلقى عليه من التراب حتى بلغ سور المدينة وهو يغلي.

فبلغ صيحانين ملك بابل ، فنادى في الناس ، فأتاه بخت نصر على ... (١) فسار حتى وصل تحصنوا فلم يطقهم وجاع قومه وهمّ بالانصراف ، فخرجت له عجوز من بني إسرائيل ، فقالت : أين (٢) أمير الجند؟ فدللت عليه ، فقالت : أرأيت إن فتحت لك المدينة تعطيني ما أسألك؟ فتقتل (٣) من آمرك بقتله ، وتكف عمن آمرك؟

فقال لها : نعم.

فقالت : اقسم جيشك أربع فرق ، ثم اجعل في كل زاوية ربعا ، ثم ارفعوا أيديكم إلى السماء وقولوا : اللهم إنا نستفتحك بدم يحيى بن زكريا ، فإنها سوف تتساقط لكم.

ففعلوا فتساقطت المدينة ، فدخلوا من جوانبها.

فقالت : كف يدك واقتل على الدم حتى يسكن. وانطلقت به إلى دم يحيى بن زكريا فقتل عليه حتى سكن ، وكان عدتهم سبعين ألفا.

فلما سكن الدم قالت له : كف يدك فإن الله تعالى إذا قتل له نبي لم يرض حتى

__________________

(١) موضع النقط كلمة هذا رسمها : فللايعه.

(٢) في المخطوط : أن ، وهو تحريف.

(٣) في متن المخطوط : فقتل. والتصويب من هامشه وهو بخط الناسخ.

٢٣٣

يقتل من قتله ومن رضي قتله.

وأتاه صاحب الصحيفة فكف عنه وعن أهل بيته.

وخرب بيت المقدس ، وأمر بطرح الجيف فيه ، وقال : من طرح فيه جيفة فله خراجة تلك السنة.

وذهب بوجوه بني إسرائيل وسراتهم ، وبدانيال وقوم من أولاد الأنبياء. وذهب معه برأس جالوت الملك. فلما قدم وجد ملك بابل قد مات ، فملك مكانه.

قال : ولما جلس على كرسي ملكه كان أكرم الناس عليه دانيال هو وأصحابه ، فحسدوهم المجوس ، فوشوا بهم إليه / فقالوا : إنهم لا يعبدون إلهك ولا يأكلون ذبيحتك.

فقالوا : أجل (١) إن لنا ربّا نعبده ولسنا نأكل ذبيحتكم.

فأمر أن يخد لهم (٢) أخدود ويلقوا فيه. ففعلوا بهم وألقوهم فيه ومعهم سبع ضار ليأكلهم ، ثم مضوا. وجاءوا في اليوم الثاني فوجدوهم جالسين والسبع بينهم كواحد منهم ، وكانوا ستة نفر ، فوجدوهم سبعة (٣) نفر.

فقالوا : ما بال هذا السابع؟

فخرج السابع إلى بخت نصّر ، وكان ملكا من الملوك فلطمه (٤) لطمة صار من الوحش سبع سنين.

هذا ما حكاه السدي.

ثم رده الله إلى ملكه وصورته. وكان عزم إلى السماء فقال لقومه : أخبروني ما الذي يصعدني إلى السماء العليا لعلي أطلع عليه وأقتل من فيها ، وأتخذها ملكا فإني قد فرغت من الأرض ونحن فيها؟

فقالوا : لا نقدر على ذلك.

قال : لئن لم تدلوني على ذلك لأقتلنكم لآخركم. فتضرعوا إلى الله تعالى ، فبعث له بعوضة (٥) ليريه ضعف قوته وقلة (٦) حيلته ، فدخلت في منخره حتى عضت بأم رأسه ،

__________________

(١) في المخطوط : رجل ، وهو تحريف.

(٢) في المخطوط : مهم ، وهو تحريف. والخد الشق في الأرض.

(٣) في المخطوط : سبع ، وهو تحريف.

(٤) في المخطوط : فالطمه ، وهو تحريف.

(٥) في المخطوط : بغوطه ، وهو تحريف.

(٦) في المخطوط : قلت ، وهو تحريف.

٢٣٤

فلا زالت حتى أهلكته. وكان عمر بخت نصر بأيام مسخه نيفا وخمسين سنة ، والله أعلم.

ورجع بنو إسرائيل إلى الشام وإلى بيت المقدس ، فبنوا وكنزوا حتى كانوا كما أحسن (١) مما كانوا.

وقيل : إن الله أحيا (٢) لهم الموتى الذين قتلوا ، وكانت أحرقت التوراة (٣) ، وليس معهم عهد من الله ، فردها الله لهم على لسان عزيز.

وكان بخت نصر قتل مع من قتل أربعين ألفا ممن قرأ التوراة ، وقتل منهم أبا عزير وجده. وكان عزير غلاما قد قرأ التوراة ، وراض العلوم وهو من ولد هادز ، وكان مع بخت نصر ببابل ، فلما نجا عزير من بابل ارتحل على (٤) حمار حتى نزل بدير هرقل / على أرضها ، فلم يجد في القرية أحد ، وعامة شجرها حامل فأكل الفاكهة ، واعتصر العنب ، وجعل الفاكهة في سلة وفضلة العصير في نزق ، ونظر إلى خراب القرية ، وموت أهلها وقال : (أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِها) [البقرة : ٢٥٩] الآية.

فقال قوم في قوله : (فَانْظُرْ إِلى طَعامِكَ وَشَرابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلى حِمارِكَ) [البقرة : ٢٥٩].

فنظر إلى حماره قائما يرعى وكان أول ما أحيا الله عيناه لينظر إلى العظام وهي متفرقة. فقال : (وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ) [البقرة : ٢٥٩] أي دلالة على البعث بعد الموت فعاد إلى أهله وأولاده وأولاد أولاده شيوخا وعجائز ، وهو أسود الرأس واللحية ، فأنكروه وكان له امرأة تعرفه وقد عميت وزمنت وأتى عليها مائة وعشرون سنة ، فقالت : إن عزير كان مجاب الدعوة ، فإن كنت عزيرا فادع الله أن كان كما تقول إنك مت مائة سنة وأن الله أحياك حتى يردّ عليّ بصري وقوتي ، فإذا رأيتك عرفتك. فدعا ربه ، فاستجاب له فقامت صحيحة تنظر إليه ، فقالت : أشهد أنك عزير ، فذهبت وأعلمت بني إسرائيل ، وأن الله أماته مائة عام ثم أحياه.

وروى عطية العوفي (٥) عن ابن عباس قال : كان عزير من أهل الكتاب ، وكانت التوراة (٦) عندهم فعملوا بها ما شاء الله أن يعملوا ، ثم أضاعوها وغيروا وبدلوا. وكان

__________________

(١) في المخطوط : حسن ، وهو تحريف.

(٢) في المخطوط : أوحى ، وهو تحريف.

(٣) في المخطوط : التورية ، وهو تحريف.

(٤) في المخطوط : عن ، وهو تحريف.

(٥) في المخطوط : عطيه العموفي ، وهو تحريف وعطية العوفي محدث ضعيف معروف.

(٦) في المخطوط : التورية ، وهو تحريف.

٢٣٥

التابوت فيهم ، فلما عصوا رفع الله التابوت وأنساهم التوراة ، ونسخها من صدورهم ، وكان عزير دعا الله أن يرد الذي نسخه (١) من صدورهم.

فبينما هو ذات يوم يصلي ويبتهل إلى الله إذ نزل نور من السماء ، فدخل في جوفه فعاد إليه الذي نسخ من التوراة (٢) ، فقال : يا قوم ، قد أتاني الله التوراة (٢). وطفق يعلمهم. فمكث ما شاء الله يعلمهم ، ثم أن التابوت نزل عليه فعرضوا / ما كان فيه على ما كان يعلمهم عزير ، فوجدوه مثله.

فقالوا : ما أوتي عزير هذا إلا وهو ابن الله ، تعالى الله عن ذلك.

مملكة الهند والسند وأحوالهم فصيفهم عندنا شتاء وشتاءهم عندنا صيف :

فكانون ، وكانون ، وشباط هي معظم جو سنتهم وصيفها وعندنا هؤلاء شتاء.

مغاص اللؤلؤ وكيفية استخراجه :

إنما يكون بدوء استخراجه من أول شهر نيسان إلى آخر أيلول (٣) وباقي شهور السنة لا غوص فيه ، واللؤلؤ يتربى في صدفة ، والصدف حيوان بحري له روح في جسده ، وداخل الصدفة لحم حيوانها ، وهو لحم أبيض ، والدّر واللؤلؤ مغروز فيه ، وحيوانه يخاف من الغواصين كخوف الوالدة على ولدها ، وأصله من مطر نيسان ، تخرج تلك الصدفة إلى وجه الماء وتنفتح ، فكل قطرة تنزل فيها إن كانت تتربى في ذلك درة نفيسة ، وإن صغرت كانت لؤلؤة ، والغواصون عند قرب نيسان يتركوا جميع المأكل إلا التمر ، والتمر للغواصين يشفوا أصول آذانهم للتنفس منها ، ولهم وجوه مصنوعة من الدبل كالمشاقيص ، ولهم دهن يصنعوه يجعلوا في أنوفهم قطنا مغرقا من ذلك الدهن ومعه منه محمولا إذا وصل إلى قعر الماء يعصر منه فيضيء منه قاع البحر فيرى الأصداف ، فإن الصدفة تدفن نفسها في أرض البحر رملا كان أو طينا. ويدهنون أبدانهم بالسواد عند الغوص ، خوفا من بلع دواب البحر إياهم ، وعند الغوص يصيحوا كمثل الكلاب صياحا قويا من داخل الوجوه التي هم لابسيها لنفور حيوانات البحر من حولهم.

وأما العود فهو موجود في بحر الصيف ومن بعده بحر الصين ، وهو آخر البحار المعروفة للناس.

وهذا ما أورده المسعودي في مروج الذهب.

__________________

(١) في المخطوط : نسخهم ، وهو تحريف.

(٢) في المخطوط : التورية ، وهو تحريف.

(٢) في المخطوط : التورية ، وهو تحريف.

(٣) في المخطوط : أيلون ، وهو تحريف.

٢٣٦

وأيضا في بحر الصين سمكة تسمى أبوان (١) :

طول السمكة منها نحو من أربعمائة / ذراع إلى الخمسمائة ، وأكثر ذلك بالذراع الغمري ليس هو بذراعنا ، وهو ذراع أهل تلك الأرض.

إذا أخرجت رأسها من الماء وتنفخ الماء فيصعد في الهواء أعلى من صعود السهم.

ولا يزال البحريون دأبهم ليلا ونهارا ضرب (٢) الطبول ونفير (٣) البوقات خوفا منه.

فإذا كبرت هذه السمكة وكثر أذاها سلط الله عليها سمكة نحو من ذراع فتلصق بأذنها ، وتسمى البشك ، فلا يكون لها منها خلاص ، فتطلب قعر البحر ، ولا تزال تضرب (٢) نفسها حتى تموت ، فإذا طفت على وجه الماء تكون كالجبل العظيم.

وكذلك الزبرت مع قوته وعظيم سطوته يهرب من الكركند.

والفيل يهرب من القط إذا رآه قاصدا نحوه.

وفي بحر الزنج أسماك على أنواع شتى لا يسع العقل سماع وصفها لأن النفوس تنفر من سماع ما لا تراه عيانا ، وقد قال تعالى : (وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ) [النحل : ٨].

(........) (٤) الأفضل ومما يوجد مما هو مخلف عنه

لما توفي الحاكم بأمر الله كان عمره سبعة وثلاثين سنة ، ومدة ولايته خمسة وعشرين سنة. ثم تولى مكانه علي الظاهر لإعزاز دين الله ، ومدة ولايته خمس عشرة سنة وتسعة أشهر ، ذكر ابن خلكان أنه (٥) توفي ببستان المعشر ، وكان له مصر والشام والغرب إلى أفريقية وما معهم من الممالك.

ثم تولى بعده ولده المستنصر بالله أبو تميم ، استمرت مدة خلافته سبعا وستين سنة ، ولم يمكث قبله أحد من الخلفاء هذه المدة.

ثم بعده ولده أبو القاسم أحمد (٦) المستعلي ، كان دينا كريما سلك في الرعية ما لم يسلكه أحد من آبائه ، وكان جاهنشاه الأفضل وزير المستعلي ووزير (٧) أبيه ، وكان وزير

__________________

(١) اسم تلك السمكة غير واضح في المخطوط وما كتبته أقرب ما يكون لما هو ظاهر منها والله أعلم.

(٢) في المخطوط : ظريب ، وهو تحريف.

(٣) في المخطوط : تطرب ، وهو تحريف.

(٢) في المخطوط : ظريب ، وهو تحريف.

(٤) موضع النقط أول العنوان ولم يظهر نظرا لأنه كتب بالحمرة فقد انمحى ثم أن التصوير ساعد على اختفاء الحروف أكثر فلم أتبينه.

(٥) في المخطوط : ان ، وهو تحريف.

(٦) في المخطوط : أحمده ، وهو تحريف.

(٧) في المخطوط : وزيره ، وهو تحريف.

٢٣٧

السيف والقلم وقاضي القضاة مع عدة وظائف غيرها ، قتل في سلخ شهر رمضان سنة خمسة / عشر وخمسمائة.

خلف من الأموال ما لم يسمع أحد بمثله فيمن مضى قبله من الوزراء.

قال صاحب الدولة المنقطة في تاريخه مما نقله عنه ابن خلكان : إنه خلف ستمائة ألف ألف دينار ، ومائتين وخمسين أردب فضة نقد أطلس ديباج ، وثلاثين راحلة أحقاف ذهب عمل العراق لا يوجد لها نظير ، ودواة ذهب مرصعة بمعادن قيمتها اثني عشر ألف دينار ، ومائة مسمار ذهب زنة كل مسمار مائة مثقال مضروبة في عشر مجالس على كل مسمار عمامة ومنديل أيما أعجبه لبسه ذلك اليوم ، وخمسمائة صندوق برسم قماش بدنه ، وخلف من الخيل والبغال والجمال والبقر والغنم إلى غير ذلك ما لا يعلمه إلا الله.

وخلف سنة قتله بعد موته ثلاثين ألف دينار وكان يسكن بمصر في دار الملك التي هي اليوم دار الوكالة على شاطىء النيل.

تركة هارون الرشيد :

قال الفضل بن الربيع : لما توفي هارون الرشيد وأفضت الخلافة لولده الأمين أمر بضبط ما خلفه والده ، فكان قيمة الجوهر المخلف عنه أربعة آلاف ألف دينار ، وخمسمائة ألف دينار ذهب مضروب نقد أربعمائة صندوق موقورين بالذهب لا يعلم قدر عدد ما فيها ، وفضة مضروبة مائة وثمانين قنطار ، قماش بدنة أربعة آلاف جبّة صنعة اليمن ومصر والشام وغيرها ، أربعة آلاف عمامة خز حرير ، ألف طيلسان ، ألف رداء ، ثمانية آلاف منديل ، ستمائة جبّة حرير خز خاص ، مائة ألف مثاقيل مسك ، مائتي ألف مثقال عنبر خام ، ألف سفط عود هندي ، ثمانية آلاف قارورة غالية ، ثلاثة آلاف ظرف زناد ، ألف بساط أرمني ، أربعة آلاف ستر أرمني مذهب ، خمسة آلاف نمط أرمني مذهب ، أربعة آلاف خاتم ياقوت ، وغيره خمسة آلاف مخدة أرمني / ألف وخمسمائة ألف بساط حرير منسوج نقشه بشريط الذهب ، ألف وخمسمائة طنفسة حرير مخمل بجامات الذهب والفضة ، ثلاثمائة وخمسين بساط نيساني ، ألف وسادة حرير أبيض برقمات فضة ، ألف طشت ذهب ، ألف إبريق ذهب ، ثلاثمائة كانون فضة ، ألف شمعدان فضة ، خمسمائة شمعدان ذهب ، شمع عنبر ثلاثين قنطار ، ألف قطعة نحاس مكفت ، ألف منطقة ذهب ، عشرة آلاف سيف جفائرها ذهب مرصع ، عشرين ألف سيف مسقطهم فضة ، مائة وخمسين ألف قناط خطى بأسنة فولاذ ، ثلاثمائة ألف قوس حلقة ، عشرة آلاف درع خاص ، سبعة وأربعين درع من أصناف مختلفة ، خمسين ألف خوذة منها عشرين ألف من خشب الميس إذا وقع عليه ضرب السيف يقبض (١) الخشب على السيف فلا يستطيع

__________________

(١) في المخطوط : يقبط ، وهو تحريف.

٢٣٨

صاحبه انتزاعه منها ، ألف قوس رجل ، ألف سرج ذهب ، عشرة آلاف سرج فولاذ ، مائة وخمسين سرج بلور وعقيق وما أشبه ذلك مرصعة بالمعادن ، أربعة آلاف لجام بأسقاط الذهب ، ستة آلاف لجام بأسقاط فضة ، أربعة آلاف خف مبطن بسمور للبس الشتاء ، ألفين سروال ، أربعة آلاف جوز جوارب في كل جورب سكين مقمع بالذهب ، ملاءة إذا اتسخت تلقى في النار فيزول وسخها ولا تحترق ، والنار لها بمنزلة الصابون ، أربعة آلاف قبة بمضاربها أعمدتها ملبسة فضة محلاة بكفت الذهب ، مائة وخمسين خيمة بمطابخها وقبابها كل خيمة عبارة عن مدينة بسورها ، وينصب في صدرها هيئة القصر برسم الخليفة ، وذلك القصر منسوج فيه الذهب والفضة والحرير.

وأما ما عدا ذلك / من خيل وماشية فشيء لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى. وغالب ما ذكرنا مما وصل لبني العباس من خزائن بني أمية. وجميع هذا وغيره مما فعلته من الأموال والتحف وما وصلهم من أقطار من عمالهم ومن تحف الملوك الهدايا أخذوه التتر (١) حين نكبت بغداد في آخر مدتهم بها والله المتصرف في بلاده وعباده لا يسأل عما يفعل.

تركة السيدة راشدة بنت الملك المعز :

توفيت سنة اثنان وأربعين وأربعمائة. تركت من الأموال ما لا حصر له ، وأما قماش بدنها فقوم ثمنه بألف ألف دينار ومائة ألف. وأما الصامت والناطق فلا ينحصر ولا قدروا على ضبطه.

تركة أختها عابدة بنت الملك المعز :

مما خلفت ألف وثلاثمائة قمطرة فضة مخرّمة بالذهب ، وزن كل قمطرة عشرة آلاف درهم ، وثلاثين ألف شقة حرير أطلس أصفر ، وأما ملونات فشيء لا حصر له ، وجوهر بلخش وياقوت ومعادن نفيسة أردب وثلث ، ووجد في خزائنها طشت وإبريق بلور مجللا بذهب مرصع بمعادن ، ومدهن ياقوت أحمر وزنه سبعة وعشرون مثقالا لم يعرف له قيمة.

وأن سيد الوزراء محمد الناروزي استحسن الطست والإبريق ، فوهبهم له الأمير.

وسرق المدهن سرا ، ثم لما قبض عليه الأمير المستنصر بالله وجده عنده ، فأخذه مع ما أخذ في مصادرته.

وأقامت السيدة عابدة إلى أن ماتت ما تأكل إلا من غزل يديها تعففا وتدينا.

__________________

(١) في المخطوط : الططر ، وهو تحريف.

٢٣٩

تركة ستّ مصر بنت الحاكم بأمر الله :

لما توفيت وجد عندها ثمانية آلاف جارية منهم ألف وخمسمائة ثيبات والباقي أبكار ، وثلاثين زير صيني مملوئين مسك ، وأما المال والتحف والقماش فلا حصر له.

تركة أمير المؤمنين أحمد بن طولون :

/ ذكر القاضي الرشيد في كتابه المسمى بالعجائب والظرف : أنه لما مات سنة تسع وخمسين ومائتين ، خلف سبعة عشر ولدا ذكرا وست عشرة أنثى.

ووجد في خزائنه ذهب عين أربعة آلاف ألف وسبعمائة ألف ألف دينار ، وفضة نقد مائة وعشرين قنطارا.

وذلك خارجا عن ما وجد له ذخائر وودائع وصلوا لأمير المعتمد على الله بعد موته.

وكانت جريدة عسكره سبعة آلاف جر وأربعة وعشرين ألف مملوك مشترى وخمسة وعشرين ألف عبد أسود محاربة.

ومن الخيل الميدانية سبعة آلاف طوالة ، ومن الخيل الخاص ثلاثة آلاف طوالة ، ومن البغال ألف وستمائة قصار ، ومن الجمال ألفين ومائة قطار ، وبلغ خراج ما يدخل خزائنه من جهات نفسه من مصر لا غير في كل عام أربعة آلاف ألف دينار ، وذلك خارجا عما هو للأمراء وغيرهم ، والجوامك وغيرها ، وأنفق على عمارة جامعه مائة وعشرين ألف دينار ، وعلى المارستان ستين ألف دينار ، ولم يكن بمصر مارستان غيره ، وأنفق على المصنع ببركة الجيش مائة وأربعة وأربعين ألف دينار ، وأنفق على سور الجيزة ثمانين ألف دينار ولم يتم بناءه ، وعلى الميدان اثنين وخمسين ألف دينار ، وكان مرتب صدقاته في كل شهر ثلاثة آلاف دينار ، ومصرف مطبخه في كل يوم مائة وعشرين دينارا. وأما قماش وتحف إلى غير ذلك فلا يحصر.

ووجد في خزائن بني أمية (لمروان):

مائدة من جزع يماني قوائمها من ذهب مصنوعة على طالع المشتري بالرصد من وضع عليها طعاما وأكل منه لا يشبع أبدا لو داوم الأكل عليها مدة حياته.

وكان للمتوكل :

خاتم ياقوت زنته ستة قراريط اشتراه بستة آلاف دينار / وله سبحة مائة حبة جوهر مشتراها مائة ألف دينار ، والدرة اليتيمة اشتراها الرشيد بسبعين ألف دينار.

ومما نقلناه من جزيرة العجائب أنه :

٢٤٠