مختصر عجائب الدنيا

الشيخ إبراهيم بن وصيف شاه

مختصر عجائب الدنيا

المؤلف:

الشيخ إبراهيم بن وصيف شاه


المحقق: سيّد كسروي حسن
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٤١٦

الأبنية واتخذ لها فيه أواني الجوهر.

فأقامت فيه مدة إلى أن وصل خبرها بملك سبأ ، فركب يوما وسار حتى وقف على باب القصر ، فلما نظره تعجب من بنائه. فرجع وأرسل عجوزا من عنده إلى بلقيس ، فدخلت عليها ورأت قصرها وما فيه من التحف التي لا تصل إليها الملوك ، وما عندها من جواري الإنس والجن ، وما خصها (١) الله تعالى به من الحسن والجمال ، وعادت إلى الملك / وأخبرته بذلك. فأخبر وزير أبيها ، وأنكر عليه (٢) وقال : كيف بنيت مثل هذا القصر ولك مثل هذه البنت وأنت وزيري ولم تعلمني بشيء من ذلك؟

فقال : إن البنت من زوجتي عميرة بنت ملك الجن وقد رغبت في بلاد الإنس فحملتها إلى هذا المكان.

قال : فزوجنيها ولا بد من ذلك.

فقال له : لا بد من إذنها.

فقال : افعل. فجاء إليها وقال : يا بنتي (٣) قد وقعت في الذي كنت أخافه ، وذكر لها صورة الحال.

فقالت : زوجني منه ولا تخف فإنه لا يصل إليّ. فزوجها منه بحضور أكابر المملكة ، ولما تم ذلك أرسل لها الملك يستعجل حضورها.

فأرسلت له الجواب : إن قصري بناه الجن وفيه عجائب كثيرة وليس لك مثله ، فإن رأيت أن تتحول أنت إلى عندي ، فافعل. فركب لوقته في جنوده ، فلما وصل قالت لأبيها : امض إليه وقل له إن بنتي من بنات الجن ولم تر قط (٤) مثل هذه الجنود ، ففرق هؤلاء وادخل إليها وحدك. ففعل ، ثم دخل القصر وله سبعة أبواب ، وكانت بلقيس قد جعلت عند كل باب جارية من بنات الجن في أحسن الصور ، وفي أيديهن أطباق الذهب فيها الند والمسك ، وأمرتهن أن ينثرن ذلك عليه. فلما دخل توهم أن كل واحدة منهن بلقيس ، ويهم بالنزول عليها ، فتقول : أنا جاريتها وهي أمامك.

ثم صعد العريش ونظر إلى القصر وما حواه فذهل ورأى ما لم يخطر له على بال ، فعجب لذلك.

ثم أقبلت بلقيس بين جواريها ، وعلى رأسها تاج ، كاد يذهل عقله حسنها وحسن

__________________

(١) في المخطوط : خصه ، وهو تحريف.

(٢) في المخطوط : عليها ، وهو تحريف.

(٣) في المخطوط : يا ولدي ، وهو سهو.

(٤) في المخطوط : قت ، وهو تحريف.

١٦١

التاج وما عليها. ثم أنها أخذت تلاعبه ، ثم أنها أمرت بالطعام فحضر ، فامتنع من الأكل ، وقال : ما أريد أن أغفل عن رؤية وجهك. فأمرت بالشراب ، فأتي به في أواني الجوهر النفيس ، وأخذ في الشراب حتى سكر ووقع على قفاه ، فذبحته بلقيس. ثم دعت بأبيها (١) وأعلمته بذلك ففرح ، ثم كتبت إلى خزان الملك / على لسان الملك : أني أحببت الإقامة هنا فاحملوا خزائن أموالي وذخائري ، وآتوني بها ، ففعلوا.

ثم أرسلت خلف سادات ملوك اليمن على لسانه ، وأرسلت لهم الطعام والشراب فأكلوا وشربوا ، ثم أشرفت عليهم بلقيس ، وقالت : إن الملك يأمركم أن توجهوا إليه بنسائكم وبناتكم ، فغضبوا ، وقالوا : ما يكفيه أنه فضح بنات العرب حتى طمع فينا؟

فقالت لهم : أمسكوا عليكم حتى أراجعه ، ثم عادت إليهم وقالت : قد أخبرته بغضبكم ، ومقالتكم ، فقال : لا بد من ذلك. فازداد القوم غضبا وصاحوا.

فقالت : على رسلكم حتى أراجعه ، فغابت ثم عادت وقالت : قد رأيته نام فما رأيكم في أمر أفعله وأريحكم منه على أن تملكوني على أنفسكم؟

فقالوا : نعم ، رضينا بذلك. فحلّفتهم وأخذت عليهم العهود والمواثيق ، وغابت ساعة وعادت ومعها رأس الملك ، فألقته إليهم ، ففرحوا بذلك وملّكوها عليهم بضع عشرة سنة حتى بعث الله سليمان عليه‌السلام نبيا (٢).

ذكر زواج سليمان [عليه‌السلام] ببلقيس :

قال : وكان سبب اتصال خبر بلقيس بسليمان عليه‌السلام أنه بينما هو سائر على بساطه ، وكان الهدهد دليله على الماء لأنه يراه من عدة فراسخ ، فارتفع في الهواء لطلب الماء فنظر إلى هدهد أقبل من ناحية اليمن ، فقال له هدهد سليمان [عليه‌السلام] : من أين أنت؟

قال : من اليمن.

وسأله الآخر ، قال : من الشام من طيور الملك سليمان [عليه‌السلام].

قال : سليمان؟

قال : نبي الله ملك الإنس والجن والطير ، وجميع المخلوقات.

قال : إن هذا لملك عظيم ، ولكن ليس ملك بلقيس دونه ، تحت يدها عشرة آلاف قائد تحت يد كل قائد من الجند ما لا يعلمه إلا الله.

__________________

(١) في المخطوط : أبيه ، وهو تحريف.

(٢) في المخطوط : سليمان نبيا عليه‌السلام ، وفي العبارة تقديم وتأخير ، فذكرتها على الصواب.

١٦٢

والذي رواه الثعالبي : أن لها اثني عشر ألف قائد تحت كل قائد مائة ألف مقاتل ، فهل أنت منطلق معي حتى تراها؟

قال : نعم ، وانطلق معه حتى أتيا بلاد اليمن / ونظر إلى ملكها وقصرها وإليها ، وحضر وقت الصلاة ، فلم يجد سليمان [عليه‌السلام] الهدهد ، فقال ما أخبر الله عنه في كتابه العزيز.

ثم دعا بالعقاب عريف الطير ، وقال : ائتني به ، فطار في الشرق والغرب ، وإذا به قد أقبل من جهة اليمن ، فأتى به إلى سليمان نبي الله.

فقال له : أين كنت؟

فقال : (أَحَطْتُ ...) [النمل : ٢٢] الآية ، وذكر صفة عرضها وما فيه من الجواهر وغيره ، ثم قال : وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وخرّ (١) ساجدا لله ، ثم رفع رأسه وقال : (أَلَّا يَسْجُدُوا (٢) لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) [النمل : ٢٥].

قال سليمان عليه‌السلام : (سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكاذِبِينَ) [النمل : ٢٧].

ثم سأله عن الماء ، فقال : إنه تحت قائمة كرسيك ، فأمر سليمان [عليه‌السلام] بتحويل البساط ، ونقر الهدهد بمنقاره مكان الماء فأخرجوا الماء وشربوا ، وتوضؤوا ، ثم قال للهدهد : (اذْهَبْ بِكِتابِي هذا) [النمل : ٢٨] الآية.

وأقبل سليمان [عليه‌السلام] آصف بن براخيا وقال : اكتب إلى هذه المرأة كتابا لطيفا. فدعا بصحيفة من فضة وكتب : (إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ ، وَإِنَّهُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ، أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ) [النمل : ٣٠ ، ٣١] وختم الكتاب وبعثه مع الهدهد في زمرة من الطير.

فأقبلوا نحو اليمن وانقضوا على قصرها ، ودخل الهدهد إلى قبتها من كوة القصر وهي نائمة ، فوضع الكتاب على نحرها وطار. فلما استيقظت أخذت الكتاب وجمعت قومها ، ثم قالت : (إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ) [النمل : ٢٩] وكتبته وقرأته.

وقالت : إنه من قبل رجل عظيم ، وجمعت أكابر قومها وقالت : (إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ ، يا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي ما كُنْتُ قاطِعَةً أَمْراً حَتَّى تَشْهَدُونِ ، قالُوا : نَحْنُ أُولُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي ما ذا تَأْمُرِينَ) [النمل : ٣٠]. فعملت أنهم أخطأوا الرأي كونهم عزموا على الحرب.

__________________

(١) في المخطوط : أخر ، وهو تحريف.

(٢) في المخطوط : إلا كثير يسجدوا. وكلمة كثير زائدة على السياق فحذفتها.

١٦٣

فقالت : (إِنَّ الْمُلُوكَ) [النمل : ٣٤] الآية ، ثم أنها أرادت أن تختبر سليمان [عليه‌السلام] / فقالت : إن طلب الدنيا أرضيناه وإن كان نبيا فلا طاقة لنا به ، وندخل تحت طاعته.

ثم أمرت باتخاذ الهدايا ، وعاد الهدهد إلى سليمان [عليه‌السلام] وأخبره بما كان من أمرها مع قومها. فأمر سليمان [عليه‌السلام] أن يفرش ميدانه بلبن الذهب والفضة ، وأن يبنى حول الميدان حائطا من الفضة شرافاته من الذهب على كل شرافة تاج من الذهب مرصع بالجواهر ، وأمر الجن أن يأتوا بأولادهم وأن يحضروا كل فرس عجيب الخلق.

فأتوا بدواب منمرة مختلفة ألوانها في غاية الحسن لها أجنحة وأعراف ونواصي فشدوها عن يمين الميدان ويساره. وأمر سليمان [عليه‌السلام] الشياطين أن يظهروا من التأويلات ما لم يظهروه قبل ذلك اليوم.

قال الكسائي : وأعدت بلقيس مائة لبنة من الذهب ومائة لبنة من الفضة ، ومائة غلام أمرد لهن ضفائر كضفائر (١) النساء ، ومائة وصيفة مضمومات الشعر.

قال الثعالبي : واختلف في عددهم (٢).

قال الثعالبي : عشرة وعشرة.

وقال مقاتل : مائة ومائة.

وقال مجاهد : مائة غلام ومائة جارية.

وقال وهب : خمسمائة وخمسمائة.

وألبست الغلمان ثياب الوصائف ، وألبست الوصيفات ثياب الغلمان وسورت الغلمان وجعلت في أعناقهم أطواق الذهب ، وفي آذانهم أقراطا ، وشنوفا مرصعات بالجواهر.

وحملت الجواري على خمسمائة رمكة ، والغلمان على خمسمائة فرس ، عليهم غواشي من الديباج الملون ، ولجم من ذهب مرصعين بالجواهر. وخمسمائة لبنة من ذهب ومثلها (٣) فضة وتاج من ذهب مرصع بالجوهر ومائة فرس من جياد خيل اليمن عليها أجلة الديباج وحقة من ذهب فيها درة غير مثقوبة ، وجزع يماني معوج الثقب.

__________________

(١) في المخطوط : ظفاير كظفاير ، وهو تحريف.

(٢) جاءت في المخطوط على هذا الرسم : فيعددهم.

(٣) في المخطوط : اثملها ، وهو تحريف.

١٦٤

وبعثت ذلك كله مع وزيرها وكتبت جوابا إلى سليمان [عليه‌السلام] : أني قد بعثت لك وصائف وغلمان يتميز (١) ذكورهم / من إناثهم من غير كشف عوراتهم ودرة غير منقوبة تأمر من يتبعها من غير أن يستعين بأحد من الإنس ولا من الجن. وجزع منقوب تدخل فيه خيطا وقارورة تملأها ماء ما نزل من السماء ولا نبع من الأرض.

فلما جاء الرسول ونظر إلى الميدان وحيطانه وشرافاته وما عليها من التيجان والخيول حول الميدان تروث على لبن الذهب والفضة ، هاله ذلك ، ودخل على سليمان [عليه‌السلام] بما معه ، ولم يظهر الذهب والفضة والخيل لأنه استحقرهم بالنسبة لما رآه.

وفي بعض الروايات : أن سليمان [عليه‌السلام] أمر بفرش لبن الذهب والفضة ، وأن يتركوا على طريقهم موضعا خاليا بقدر ما معهم ، فلما مروا عليه ، ورأوا تلك الأرض جميعها مفروشة بلبن الذهب والفضة ، وتلك الأماكن ناقصة ، فطرحوا ما معهم خوفا أن يتهموا.

ثم مروا على كراديس الشياطين ، فلما رأوهم فزعوا منهم ، فقيل لهم : جوزوا فلا بأس عليكم. فجازوا على كراديس الجن والإنس والوحوش والطيور والسباع وغيرهم إلى أن وقفوا بين يدي نبي الله سليمان [عليه‌السلام].

قال الكسائي : قدم الرسول الكتاب لسليمان عليه‌السلام ، فأخبر سليمان [عليه‌السلام] الرسول بما في الكتاب قبل فتحه وميز الوصيفات من الغلمان ، وأمر دودة فنقبت الدرة (٢) وأدخلت الخيط في الجزع ، وأمر أن تساق الخيل حتى تعرف وتملأ القارورة من عرفها ، ورد الهدية.

وقال للرسول : (أَتُمِدُّونَنِ بِمالٍ فَما آتانِيَ اللهُ خَيْرٌ مِمَّا آتاكُمْ) [النمل : ٣٦] الآية ..

فرجع الوزير إليها بما كان معه من الهدايا (٣) وأخبرها بما كان وما رأى.

فقالت (٤) : علمتم الآن أن رأيي كان صوابا في ترك المحاربة؟

ثم جمعت أموالها وكنوزها واستصحبتها (٥) معها إلا عرشها فإنها تركته بقصرها وأغلقت عليه سبعة أبواب ، وسارت إلى سليمان عليه‌السلام في ملوك / اليمن وساداتها في اثني عشر ألفا.

__________________

(١) في المخطوط : يمتزني ، وهو تحريف.

(٢) في المخطوط : الدودة ، وهو تحريف.

(٣) في المخطوط : الهدية ، وهو تحريف.

(٤) في المخطوط : فقال ، وهو تحريف.

(٥) في المخطوط : واستصحبت ، وهو تحريف.

١٦٥

قيل : من ملوك اليمن تحت يد كل واحد منهم مائة ألف.

قال ابن عباس رضي‌الله‌عنه : كان سليمان [عليه‌السلام] رجل مهاب ، فخرج يوما وجلس على سرير مملكته فرأى رهجا قريبا منه ، فقال : ما هذا؟

فقيل : بلقيس ، وقد نزلت بالقرب منك بين الكوفة إلى الحيرة (١).

فقال سليمان عليه‌السلام : (أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِها) [النمل : ٣٨] الآية؟

(قالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِ) [النمل : ٣٩] الآية.

قال : أريد أسرع من ذلك.

(قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ) [النمل : ٤٠] وهو آصف بن برخيا : (أَنَا آتِيكَ بِهِ) [النمل : ٤٠] الآية ، وكان عنده اسم الله الأعظم.

(فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قالَ : هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي) [النمل : ٤٠] الآية.

قال سليمان [عليه‌السلام] : (نَكِّرُوا لَها عَرْشَها) [النمل : ٤١] الآية.

ثم جاء عفريت من الجن وقال : يا نبي الله ، إن رجليها كحافر حمار.

فقال له سليمان [عليه‌السلام] : إن كذبت عاقبتك.

ثم قال : أريد [أن](٢) أتخذ لك صرحا من قوارير مجوّفا وأجري فيه الماء وأنزل فيه الحيّات والسمك فلا يشك من رآه أنه ماء جاري ، فاتخذه كذلك [فلما](٢) فرغ منه شكره سليمان [عليه‌السلام](٢).

فقال : يا نبي الله ، اعف عني ، فإني كذبت على بلقيس.

وجعلت تنظر إلى الجن ، والشياطين ، والإنس ، والوحش ، والطير وغيرهم وهم قيام لا يبصر بعضهم بعضا. فلما قاربت الصرح الممرد إذا هي بعرشها ، فعجبت ، فقيل : (أَهكَذا عَرْشُكِ ، قالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ) [النمل : ٤٢]. وعلمت أن هذا من قدرة الأنبياء وعلو شأنهم ، فلما أقبلت على الصرح (حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ ساقَيْها) [النمل : ٤٤].

فناداها سليمان [عليه‌السلام] : (إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوارِيرَ) [النمل : ٤٤] فأرسلت ثوبها على ساقيها حياء من سليمان ، ثم (قالَتْ : رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) [النمل : ٤٤].

قال الثعلبي : ولما همّ سليمان بزواجها كره ما رأى من شعر ساقيها وسأل الإنس

__________________

(١) في المخطوط : بالقرب منك قال ابن عباس بالقرب منك كما منزلها بين الكوفة إلى الحيرة. وفي العبارة ارتباك وزيادات فحذفت الزيادة وضبطت الارتباك ، والله الموفق والهادي للصواب.

(٢) ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السياق.

(٢) ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السياق.

(٢) ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السياق.

١٦٦

عن إزالته ، فقالوا (١) : بالموسى ، ثم سأل الجن فقالوا : لا ندري ، فسأل الشياطين / فمكروا عليه ، فألح عليهم ، فاتخذوا لها النورة ، وتزوجها.

ثم أن سليمان [عليه‌السلام] سألها : أتحبين أن ترجعي إلى بلادك وملكك؟

قالت : لا بل أكون معك من بعض نسائك.

وفيه زيادات نقلها أبو إسحاق الثعالبي ، منها :

صفة عرشها :

فكان أمرا مهولا من عظمته ، وأما نذكر بعضه كان مقدمه من ذهب مفضض بالياقوت الأحمر والزمرد الأخضر ، ومؤخره من فضة ، مكلل بأنواع الجواهر ، وله أربع قوائم : قائمة من ياقوت أحمر ، وقائمة من ياقوت أصفر ، وصفائح السرير من ذهب.

وكان طوله ثمانين ذراعا في مثل (٢) ذلك قوله (٣) : (وَلَها)(٤)(عَرْشٌ عَظِيمٌ) [النمل : ٢٣].

قال الكسائي : بينما سليمان [عليه‌السلام] مع بلقيس ذات يوم إذ قال لها : أكل أهل اليمن كانوا تحت طاعتك؟

قالت : نعم ، إلا واد عن يمين سبأ فيه أشجار وأنهار ، وهو واد طويل عريض ، وهم قرود في كثرة وأنهم على سنن اليهود في السبت. فبعث سليمان العقاب ، فأتاه بالخبر وأخبره بكثرتهم.

فركب سليمان [عليه‌السلام] البساط وجلس في قبة الفوادر (٥) ، وسار في نفر من بني إسرائيل حتى نزل على شفير الوادي ، فعلم القرود أنه سليمان [عليه‌السلام] فبادروا إلى طاعته وآلوه ، وقالوا : يا نبي الله ، إنّا من نسل اليهود الذين اعتدوا في السبت (٦) ، ونحن على دين موسى ، نعمل بأحكام التوراة.

وسألوه أن يقرهم في ذلك الوادي ، فأقرهم وكتب لهم سجلا على لوح من نحاس وجعله في عنق كبيرهم ، يتوارثونه (٧) ، ثم انصرف عنهم. هكذا نقل.

والصحيح : أن الذين اعتدوا في السبت وغيرهم ممن مسخ لم يعقبوا ، وفي

__________________

(١) في المخطوط : فقال ، وهو تحريف.

(٢) في المخطوط : مثلها ، وهو تحريف.

(٣) في المخطوط : قولها ، وهو تحريف.

(٤) وله ، وهو تحريف.

(٥) في متن المخطوط : الجوادر ، وفي الهامش ما أثبته ، والله أعلم.

(٦) معلوم أن من مسخهم الله من بني إسرائيل قد أهلكهم عن آخرهم بعد ثلاثة أيام فلا نسل لهم.

(٧) في المخطوط : يتوازتنونه ، وهو تحريف.

١٦٧

الحديث الصحيح : أن الله لم يجعل للمسخ نسلا.

وقد روي عن عمر بن الخطاب ما يؤيد ذلك ، وهو ما حكاه ابن مسعر التميمي حين أخبره بوادي القرود وما فيه من الخيرات ، فوجه (١) عمر بن الخطاب بجيش من أصحابه إليهم ، قال : فلما أشرفنا على الوادي ضعّفنا عسكرنا ، فصافونا (٢) ، ثم خرج إلينا / من بينهم قرد كبير في عنقه لوح من نحاس منقور محفور ، فأومأ بيده إلينا يطلب بعضنا ، فخرج له واحد فلما صار بإزائه نكس رأسه ووضع اللوح من عنقه وانصرف.

فلم يفهم ما فيه ، فبعثنا به إلى عمر بن الخطاب فعجزوا عن قراءته ، ثم بعد جهد أتى (٣) من قرأه فإذا فيه :

بسم الله الرّحمن الرّحيم

هذا كتاب ابن داود سليمان عليهما‌السلام ، ملك الجن والإنس ، كتبه لقردة وادي كذا من أرض سبأ أني قد أمنتكم على أنفسكم فلا يتعرض لكم أحد إلا بخير.

فقال عمر : أنا أول من يمضي ما أمضاه نبي الله سليمان [عليه‌السلام].

وكتب لأمير جيشه يأمره بتسليم اللوح إليهم والانصراف عنهم ، فأعطوهم اللوح ، وانصرفوا. فلما سرنا إذا بواحد منهم في سفح جبل ذلك الوادي نائم ورأسه في حجر زوجته ، وإذا بقرد قد أقبل ووقف قريبا منها ، ثم أشار إليها فوضعت رأس زوجها على الأرض برفق كي لا يهب من نومه ، وقامت إلى ذلك القرد ، فجامعها ، ثم رجعت ، فانتبه زوجها ، فلم يراها فاتبع أثرها ، فلما دنا منها فشمها (٤) ، فصاح ، فأتت إليه القردة (٥) ، وكلمهم وجرى بينهم كلام كثير (٦) ، ثم حفروا لها حفيرة ونحن ننظر ، ودفنوها فيها ورجموها ، وأول من رجمها شيخهم الذي في عنقه اللوح ، ثم الزوج والآخرون إلى أن ماتت ، فلما جئنا إلى عمر أخبرناه بذلك فقال : على هذا أقرهم نبي الله [عليه‌السلام].

مدة إقامة بلقيس مع نبي الله (٧) :

قال الكسائي : أقامت بلقيس عند سليمان [عليه‌السلام] سبع سنين ، وسبعة أشهر ،

__________________

(١) في المخطوط : فوجد ، وهو تحريف.

(٢) في المخطوط : فصافقونا ، وهو تحريف.

(٣) في المخطوط : أنا ، وهو تحريف.

(٤) في المخطوط : فتمها ، وهو تحريف.

(٥) في المخطوط : القرودة ، وهو تحريف.

(٦) في المخطوط : كبير ، وهو تحريف.

(٧) العنوان غير ظاهر جيدا بالمخطوط ، وهذا أقرب معنى له وقد اقتبست بعضه من موضوع العنوان.

١٦٨

ثم توفيت فدفنها بمدينة تدمر من أرض الشام تحت حائط ، ولم يعلم أحدا مكان قبرها إلى أيام الوليد بن عبد الملك بن مروان.

قال موسى بن نصير : بعثت في أيام الوليد إلى مدينة تدمر ، ومعي العباس بن الوليد بن عبد الملك ، فجاء مطر عظيم ، فانهار بعض حائط المدينة ، فانكشف / عن تابوت طوله ستون ذراعا من حجر كالزعفران مكتوب عليه : هذا قبر بلقيس الصالحة رضي‌الله‌عنها ، أسلمت لثلاث عشر سنة خلت من ملك سليمان عليه‌السلام ، وتزوج بها يوم عاشوراء سنة أربع عشرة خلت من ملكه ، وتوفيت يوم الاثنين من ربيع الأول سنة إحدى وعشرين من ملكه ، ودفنت ليلا بمدينة تدمر تحت حائط بها لم يطلع على دفنها إنس ولا جن ولا شيطان.

قال : فرفعنا غطاء التابوت ، فإذا هي غضّة كأنها دفنت ليلتها ، فكتبنا بذلك للوليد ، فأمر بتركه في مكانه ، وأن يبنى عليه بالصخر العظيم الهائل ففعلنا ذلك والحمد لله وحده.

مدينة يقال لها يطراس

قال المسعودي في كتابه المسمى ب «مروج الذهب» : إن يطراس وأعمالها نهارهم في غاية الطول ، وليلهم مقدار ساعتين دائما إذا طبخوا قدرهم عند غروب الشمس لا تكاد تستوي أو يطلع النهار.

وجاء رجل منهم قديما إلى مصر في متجر ، ثم اشتغلنا (١) في صلاة التراويح ، فقلنا : إن صلينا التراويح اشتغلنا عن السحور ، وإن جلسنا للسحور فاتتنا التراويح بظهور النهار. فأفتاه علماء مصر بترك التراويح وأخذ السحور لأجل عونه على صومهم وطول نهارهم.

من العجائب أيضا :

ما حكاه المسعودي في «مروج الذهب» : عن (٢) هارون الرشيد أنه خرج ذات يوم للصيد ببلاد الموصل وعلى يده باز أبيض فاضطرب على يده ، فأرسله فلم يزل يحلق في الجو حتى غاب في الهواء ، ثم عاد بعد اليأس منه قابض على شبه الحية أو السمكة ، ولها ريش كأجنحة (٣) السمك ، فأمر الرشيد فوضعت في طشت وغطاه فلما عاد من قنصه أحضر العلماء فسألهم : هل تعلمون في الهواء سكانا؟ فقال مقاتل بن سليمان : / روينا

__________________

(١) في المخطوط : استغثا ، وهو تحريف.

(٢) في المخطوط : ان ، وهو تحريف.

(٣) في المخطوط : لا جنحة ، وهو تحريف.

١٦٩

عن جدك عبد الله بن عباس : أن الهواء معمور بأمم مختلفة الخلقة ، أقربها منا ذات بيض تبيض في الهواء وتفرخ في الهواء ، يحملها الهواء الغليظ فيرميها حتى تنشأ فيهم كهيئة الحيات أو السمك ، ليست بذات ريش لا تصيدها إلا بذات بيض بأرمينية ، فأخرج (١) الطشت إليهم وأراهم إياها ، وأجاز مقاتل بجائزة حسنة.

مدينة عظيمة تسمى بالسبع بلدان

وهم (٢) أمة عظيمة بين قوم تعرف بلادهم بكشك وهذه (٣) الأمة عظيمة الخلق ، تأتيهم في كل سنة سمكة عظيمة ، تقف لهم حتى يجردوا ما على شقها من اللحم ، فيأخذوه فيأكلوا منه ويدّخروا فإذا انتهوا من أخذ لحم شقها ذهبت من حيث أتت. ثم في العام الآتي تعود وقد نبت لها لحما عوض ما أخذوه ، فتلقيهم الشق الآخر الذي ذهبت به في العام الماضي ، ثم تذهب بالجلد الذي تربى ، وهكذا في كل عام. وذلك ما رواه المسعودي في «مروج الذهب».

ويلي هذه الأرض جبال أربعة :

كل جبل منها في غاية المنعة والارتفاع في الهواء وصعب مسلكه.

وبين هذه الجبال الأربعة من المساحة قدر مائة ميل ، والجبال الأربعة مستديرة على تلك الأرض كالخلقة قائمة من الداخل كالحائط الأملس ، كأنما هو مقطوع منحوت ارتفاعها في الهواء نحو من خمسمائة ميلا ، لا سبيل لأهله للخروج من الأرض ، ولا سبيل لأحد في الوصول إليهم. فإذا كان الليل يروا تلك الأرض تفور من أماكن منها نارا عظيمة ، فإذا طلع النهار لا يرون النار بل يروا قرى عامرة ودواب ، ويروا الناس أهلها في غاية الصّغر والقصر واللطافة لبعد قعر الأرض التي هم فيها ، ولا سبيل للوصول إليهم بوجه من الوجوه.

ومن وراء هذا الجبل ، وادي قريب القعر فيه نوع من القرود منتصبة القامات كبني آدم ، بوجوه كوجوه بني آدم ، والأغلب عليهم صور الناس إلا أنهم ذو شعر ، / ولا ألسنة لهم في غاية الفهم بالإشارة إذا صيد منهم شيء أوقفوهم على رؤوسهم بالعذاب.

ولهم سرّ معرفة السموم بالرائحة ، فإذا حضرت المائدة بين يدي الملك قربوا القرود منها ، فإن أكلوا منها أكل ، وإن تركوا علم (٤) أنه مسموم ، وأعظمها كثرة ببلاد

__________________

(١) في المخطوط : فاخر ، بدون الجيم في آخرها.

(٢) في المخطوط : ويلهم ، وهو تحريف.

(٣) في المخطوط : ولهذه ، وهو تحريف.

(٤) العبارة في المخطوط على هذا النحو : وإن ترك ولا وعلم. فأصابهم تحريف وزيادة فضبط التحريف وحذفت الزيادة.

١٧٠

اليمن. والقرود تولد عشرة أو اثني عشرة كالخنزيرة ، وإذا ساروا إلى جهة تحمل الأنثى البعض ويحمل الذكر ما بقي.

ويجلسوا كالآدميين مراتب ، دون مراتب الرؤساء منهم مرتفعين ، وما دونهم دونهم وتجلس الإناث مع الإناث بمعزل متشبهين بالآدميين. وذلك مما أورده المسعودي في «مروج الذهب».

وذكر المسعودي أيضا أن بالهند نهر عظيم :

حوله أناس متعبدين ، وعندهم أعمدة من حديد محددة الرؤوس كأسنان الرماح يرغبون من يأتيهم في عطاء الأجر وسكنى الجنان إذا قتل نفسه.

فيقدم إليهم الزاهدون في الدنيا فيطلع إلى ذروة الجبل المطل على هذه الأسنة والنهر ، ويلقي روحه ، فينزل على تلك الأسنة فيتقطع قطعا ويصير إلى ذلك النهر أجزاء متفرقة.

ويعتقدون أن من فعل بنفسه هكذا يصير إلى أعظم نعيم الجنة. ومنهم من يضرب إلى باب الملك ، فيستأذن في إحراقه نفسه ، فيأذن له. فيدور في المدينة بالأسواق والحارات وقد أججت له نار عظيمة ، فيدور قدامه الطبول وأرباب الملاهي تهنئة له إلى ما هو صائر إليه ، وأهله معه فرحين له بذلك. ويكون قد سلخ جلد رأسه ، ووضع عليها إكليل من الريحان ، وعلى دماغه نار وكبريت تغلي منها دماغه ، وهو صابر لذلك لنيل الثواب ، والناس يهنئوه بما هو صائر إليه. فإذا وصل لتلك النار ، دار حولها ثم طرح نفسه.

وقد قدمنا ذكر :

كركند :

لكن نذكر ما نقله المسعودي / وهو موجود في أرض الهند والصين ، وليس في أنواع الحيوان ، والله أعلم ، أشد منه وأكثر عظامه سمّ لا يدرك (١) ولا ينام إلا قائما يستند إلى شجرة (٢) جبل قائم.

وأكثره في مملكة رهمى ، وقرنه في غاية الصفاء إذا شق في ظهره. في وسطه صورة سوداء في بياض ، قرنه إما صورة إنسان أو صورة طاووس بتخطيطه ومحاسنه أو صورة طائر كأنه هو أو صورة نفسه أو نوع من الحيوان مما هو موجود في هذا العالم.

__________________

(١) هو في الهامش لا يترك.

(٢) تكررت عبارة : إلى شجرة ، فحذفت التكرار.

١٧١

فينشر قرنه ، وتتخذ منه ملوك تلك الأرض المناطق (١) ، فيلبسه ملوك الصين ، ويتنافسون في ثمنه. وليس في قرن الكركندات في تلك الأرض هذه الصور إلا بالهند والصين ، وأما غيرها فليس فيهم صور ألبتة.

نذكر شيئا من المسك وغزلانه مما نقلناه من «مروج الذهب» للمسعودي :

ظباء المسك بأرض الترك والتبت والصين :

أفخره التبتي ، وذلك أن ظباء التبت ترعى سنبل الطيب ، وأنواع الأفاويه وغيرها يرعى (٢) الحشيش. وأهل التبت لا يتعرضون لإخراج المسك من نوافحه وغيرهم يخرجوه ويلحقوه بالدنيا وغيرها. وأجود المسك ما أخذ من الظباء بعد بلوغه واستوائه.

ولا فرق بين غزلان أرضنا وغيرها في اللون والشعر والقرون ، وإنما غزلان المسك لها نابان خارجان من الفك قائمان أبيضان نحو الشبر أو أقل أو أكثر. والمسك متولد من دم الظبية ، فإذا تكوّن ونضج (٣) واشتد آلمها حمله فتحتك في حجر أو خشبة حتى ترميها ، فإذا سقطت وجدت لسقوطها لذة وراحة ، فيخرج الناس يدوروا في تلك الأراضي والغابات فيجمعوه. وهكذا دأبها في كل عام.

ولبلاد التبت خواص عجيبة في أرضه ومائه وهوائه وسهله وجبله ، فإن الإنسان لا يزال بها / مسرورا ضاحكا فرحا ، لا تعرض له الأحزان ولا الهموم ولا الأفكار الرديئة.

وقلّ أن ترى فيهم شيخا أو عجوزا ، عليهم آثار هرم أو كبر بل الطرب في شبابهم وشيوخهم.

وفي أهله رقة طبع. لهم ميل عظيم إلى سماع الملاهي حتى أن الميت إذا مات لا يكون داخل أهله كثيرا من الحزن لموته.

وبلاد التبت مثل بلاد الصين ، وفيهم من وصف أهل التبت من الفرح والسرور قريبا منه لمقاربة الأرض والماء والهواء ببلادهم (٤). فلهذا صاروا قريبا من التشبه بهم ، وليس معه بلاد الصين بلاد توصف ، ولا ممالك تعرف إلا بلاد السيل وجزائرها ، ولا يصلها أحد من السّفار إلا أحب الإقامة بالتبت والصين لما قدمنا وصفه.

ذكر إيوان كسرى وبناه وافتخر على سائر ملوك الأرض لارتفاعه في الجو :

وتشييد بناءه وما صرفه من الأموال في عمارته وعند إتمامه صنع له بساط ليس

__________________

(١) في المخطوط قبل هذه الكلمة كلمة : «منه» وهي زائدة على السياق.

(٢) في المخطوط : يرعها ، وهو تحريف.

(٣) في المخطوط : بالظاء بدل الضاد وهو لحن أو تحريف.

(٤) في المخطوط : ببلاهم ، وهو تحريف.

١٧٢

المراد به الجلوس عليه لكنه يفرش في الشتاء فيقوم مقام رياض الحدائق المونقة بالزهور والرياحين ، منسوج بألوان الحرير وشريط الذهب والفضة ، معمول فيه من المعادن النفيسة واليواقيت الثمينة على صفات ما هو موجود في الأرض من محاسن الزهور والرياحين ، لا يعلم له قيمة وقدرة لملوك الدنيا على عمل مثله.

لما فتح المسلمون مدائن كسرى وجاء خمس مغنمها (١) للمدينة الشريفة لعمر بن الخطاب كان من جملة ذلك سيفه ومنطقته ورايته وقطعة من البساط. هال المسلمون ما رأوه مما عليها من المعادن ولا قدر أحد يقوّم أثمانها بل فرقوها على المسلمين قطعا فناب علي بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه من السبي القطعة التي وصلت من الخمس فباعها بعشرين ألف دينار.

فلما أفضت الخلافة للرشيد سار لمدائن كسرى ليرى إيوانه ، فلما وصله رأى ما هاله / من تشييد البناء وعظيم ارتفاعه فعزم على هدمه ، وهدم منه شيئا يسيرا ، فكان الإنفاق عليه مال كثير ، فأمسك ثم أرسل إلى يحيى بن خالد البرمكي وكان في سجنه ـ يعني قتل جعفر والبرامكة ـ يأخذوا رأيه في هدمه ، فأرسل إليه أن لا تفعل. فقال الرشيد لمن حضر مجلسه في المدائن الكسروية : إن يحيى إلى الآن في نفسه المجوسية والحنق عليها والمنع لإزالة آثار المجوس.

فهدم ثم عجز ، فترك الهدم ، ثم أرسل ليحيى أيضا يعلمه أن الإنفاق على هذا يتطلب أموالا لا حصر لها. فأجابه : لا يرجع عن هدمه لو أنفق أمواله واستعان بغيرها ولا يرجع عن ذلك.

فعجب الرشيد من تناقض كلامه ، فبعث إليه يسأله عن ذلك.

فأجابه : نعم ، أما ما أشرت به أولا من عدم الهدم ، فإني أردت بقاء الذكر لملة الإسلام وإظهار قوتهم وعظيم هممهم حتى أنه من أهل الأعصار الآتية والقرون المتناسلة يروا مثل هذا البنيان العظيم فيعرفوا مقدار الملك الذي بناه وعظيم همتهم وكثرة جنوده فيقال : إن أمة (٢) قهروا صاحب هذا البناء وأزالوا سلطانه واحتووا على ملكه لأمة عظيمة (٣) القدر شديدة الخطر منيعة البأس.

فلما بدىء في الهدم ثم أرسل لعبده يأخذ رأيه ، فأشرت بالهدم ، وذلك بعد العجز عنه لما أمر بترك الهدم ، فأردت نفي العجز عن ملة الإسلام لئلا يقول من يأتي بالاستقبال

__________________

(١) في هامش المخطوط : غنائمها.

(٢) في المخطوط : أما ، وهو تحريف.

(٣) في المخطوط : عظيم ، وهو تحريف.

١٧٣

بئس ملوك المسلمين أن عجزوا عن هدم ما بنته الفرس ، فيكون نقصا فيهم. فلما ورد الجواب قال الرشيد : قاتله الله ، والله إنه لصادق غير أن العجز ينهانا عن ذلك.

وكان لكسرى مائدة من الزمرد قوائمها من الذهب مكتوب على حافتها باللؤلؤ الرطب حفرا وتنزيلا أهلني للطعام ما أكلته من حلّة وصرفت لذوي الحاجات من فضله وأما [ما](١) أكلته وأنت / تشتهيه فقد أكلته وأنت لا تشتهيه فقد أكلك.

خواتيمه :

كان له أربع خواتيم [خاتم](٢) للخراج : فصّه ياقوت أحمر يتقد كالنار ، مكتوب عليه : العدل عمارة الممالك.

وخاتم للضياع مكتوب عليه : عمارة الأرض كنوز الأموال ، فصه فيروزج.

وخاتم للمعونة : فصه ياقوت كحلي مكتوب عليه : ملازمة البنيان عمارة البلدان.

وخاتم للبريد : فصه ياقوت أحمر ، مكتوب عليه : أسرع السلوك في حوائج الملوك.

فكان يختم بكل واحد فيما هو متعلق [به](٣) من أمور المملكة كما تقدم.

خبر ناووس كسرى

لما أن أفضت الخلافة لعبد الله المأمون توجه بعد مدة لمدائن كسرى ليرى آثار ملوك الفرس ، فرأى قبة عظيمة البناء ، أحجارها من فاخر الرخام الساموري الذي يفاخر البلور حسنا ، وفي وسط القبة ناووس من مرمر فسأل عن ذلك فقيل : هو قبر كسرى ، فأمر بفتحه فإذا هو فيه مدهون بالأطلية المانعة لبلاء الأجساد كأنما نائم ، وعليه من الحلل المنسوجة بالذهب ما لا يعرف له قيمة ، وعلى صدره سيف قبضته من الزمرد وجفيره مرصع بمعادن لا تعرف لها قيمة ، وفي إصبعه خاتم من ياقوت أحمر لا تعرف له قيمة مكتوب عليه بالفارسي : ... (٤) معناه بالعربية : ليس الأكبر أجود إنما الأجود أكبر. فأمر المأمون أن يغطى عليه بملاءة مذهبة وغلق ناووسه وأحكم لزاقه ، ولم يأخذ مما عليه شيء.

فلما عاد لبغداد ، بلغه أن من خدمه من سرق الخاتم من أصبعه حين غطاه

__________________

(١) ما بين المعقوفين يتطلبه السياق.

(٢) ما بين المعقوفين يتطلبه السياق.

(٣) ما بين المعقوفين يتطلبه السياق.

(٤) موضع النقط كلام بالفارسية غير واضح لأنه كتب بالحمرة فلم أتبينه.

١٧٤

بالملاءة ، فقتل الخادم وأعاد الخاتم لأصبع كسرى وقال : كاد [و](١) الله أن يفضحني هذا الخادم بين الملوك حتى يقولوا : ما أغناه ما أعطاه الله من الملك حتى صار يفتح قبور الملوك (٢) ويأخذ ما عليهم.

مملكة المهراج

وتسمى بلاد / كرانج وهو ملك عظيم معظم :

لأن ملوك القماريين وهم الذين من أرضهم يجلب العود القماري كلما أصبحت قامت على أقدامها وحولت وجوهها نحو بلاده وسجدوا لله ، وكبرت للمهراج تعظيما له.

قال المسعودي : تحت قصر هذا الملك غدير يسمى غدير الذهب ، متصل بالخليج الأكبر المتصل من بحر الرانج وبحر يغلب هذا البحر بالمد والجزر (٣) ، فإذا كان صبيحة كل يوم دخل قهرمان الملك ومعه لبنة من ذهب قدّ سبكها عدة أمنان (٤) لم نقف على وزنها ، فيطرحها قدام الملك في ذلك الغدير ، ولا يمس أحد منه شيئا منذ حياة الملك ، فإذا مات الملك أخرجه من تولى الملك بعده ، فلم يدع منهم شيئا ، ويحصوا (٥) قدرها قدرا وعددا ووزنا وتكتب في الديوان ، ثم تفرق على أهل الملك رجالهم ونسائهم وخدمهم على حسب منازلهم ، ومهما فضل فللفقراء والمساكين ولملوك تلك الأرض أفخرهم من طالت مدة ملكه وكثرت لبناته ، وهذا دأب ملوكها وعادتهم.

وأعظم من المهراج في ملكه :

الملك البلهري صاحب مملكة المانكير :

وأكثر ملوك الهند توجه إليه صلاتها وسجودها حتى أنه إذا ورد عليهم أحد قصى أو من خدمه (٦) سجدوا له ، وكل (٧) ملوك الصين تسجد له إعظاما (٨). قاله المسعودي في «مروج الذهب».

__________________

(١) ما بين المعقوفين يتطلبه السياق.

(٢) في المخطوط : الملك ، وهو تحريف.

(٣) في المخطوط : الزجر ، وهو تحريف.

(٤) تكررت الكلمة في المخطوط.

(٥) في المخطوط : ويحطوا ، وهو تحريف.

(٦) في المخطوط : خدمت ، وهو تحريف.

(٧) في المخطوط : وكم ، وهو تحريف.

(٨) في المخطوط : أعظم ، وهو تحريف.

١٧٥

أبرويز ملك الفرس من الأكاسرة :

قاله المسعودي في مروج الذهب : كان ملكا عظيما ، كان في مرابضه (١) خمسون ألف دابة خاصة نفسه ، سروجها ذهب مرصعات بالدر والجواهر. وعلى مربطه ألف فيل بيض وشهب ، وهذين (٢) اللونين عزيزين في وجودهما (٣) ، الأبيض كلون الثلج. منها ما ارتفاعه من الأرض اثنا عشر ذراعا وأكثر.

خرج (٤) أبرويز في بعض أعيادهم وقد اصطفت له جيوشه في عدد لا يحصيه إلا الله سبحانه شاكين في السلاح ، وقدامهم في الصفوف / ألف فيل يحدقون بهم خمسون ألف نفس من الرجالة ، فلما أبصرته (٥) الأفيال سجدت له فلم تقم حتى جذبتها سياسها بكلابها ، فلما رأى ذلك أبرويز ، وما هي عليه من حسن الأدب وقبول التعليم تأسف إذ كانت (٦) الفيلة هندية ولم تكن فارسية ، وكان هذا أبرويز من أحسن الأكاسرة وصفا وأكثرهم عدلا.

جزيرة الطاووس وبحرها :

قال صاحب تحفة الغرائب : يخرج من بحر هذه الجزيرة الطاووس لا تكاد العين تقع على حسن ألوانه ، ليس كطواويس البر ، بل أجمل منه وأحسن وأكثر زينته في ريشه ، إذا رآه أحد من الناس إن كبّر كبّر معه ، وإن سبّح سبّح معه ، وإن هلّل هلّل معه ، وينجلي على وجه الماء. وفي هذه الجزيرة من أصناف الطير ما لا يحصيه إلا الله تعالى.

جزيرة الرخ :

قال صاحب تحفة الغرائب : هي جزيرة عظيمة صعدها أناس سكن ريحهم فساروا فيها كالمتفرجين ، فإذا في وسطها قبة عظيمة ، شاهقة في الهواء ، فقصدوها ، فإذا ليس لها (٧) باب.

فقال واحد منهم : إنها بيضة الرخ ، فتعاونوا على كسرها ، فكسروا جانبها ، وإذا فرخ الرخ داخلها ، فسحبوا من ريشه واحدة فإذا هي في الطول تزيد عن مائة ذراع.

__________________

(١) في المخطوط : مرابطه ، وهو تحريف.

(٢) في المخطوط : هذه ، وهو تحريف.

(٣) في المخطوط : وجودهم ، وهو تحريف.

(٤) في المخطوط : خرجا ، وهو تحريف.

(٥) في المخطوط : أبصرت ، وهو تحريف.

(٦) في المخطوط : كان ، وهو تحريف.

(٧) في المخطوط : له ، وهو تحريف.

١٧٦

فعادوا إلى مركبهم وطاب الريح ، فلما أقلعوا جاء الرّخ يرى بيضته [فرآها](١) مكسورة ، ورأى ذلك المركب ، فعلم أن (٢) ذلك منهم ، فحمل برجليه صخرة عظيمة كقطعة جبل ، ثم طار [إلى](٣) أن علا في الهواء فوق ذلك المركب وألقى عليهم تلك (٤) الصخرة فسبقها المركب لطيب الريح ، وقدّر الله بسلامتهم ، فنزلت (٥) في البحر ولها هدّة عظيمة.

ومن عادة الرّخ إذا زقّ فرخه وكمل زقه وطار ، إن كان الفرخ أنثى عمدت أمه إلى أحطاب (٦) فجمعتها وتضرب (٧) بمنقارها في الصخر فيقدح نارا ، فإذا أضرمت واشتعلت ألقت نفسها فيها فتحترق ، ويتزوجها / أبوها وكذلك الذكر يفعل بنفسه إن كان الفرخ ذكرا.

والرّخ لا يزق أفراخه إلا الأفيال فإنه يحمل في رجليه فيلين وفي منقاره واحدا ، وإذا طار كان كالسحابة العظيمة وأجنحته تحجب الشمس.

جزيرة بأرض الشجر :

لأهلها ليّات كليّات الغنم وهم (٨) سود كالليلة الظلماء (٩) ، من وقع لهم من بني آدم أكلوه ، يأكلون الرجال دون النساء ، وحصباء هذه الجزيرة كله ياقوت ، وفي بحرها اللؤلؤ والمرجان.

ذكر عجائب الأعين

مما نقلناه من مرآة الزمان وعجائب المخلوقات مما أورده صاحب تحفة الغرائب وغيره ، فمن ذلك :

عين أذربيجان :

قال صاحب تحفة الغرائب : هذه العين ينبع ماؤها ويسير عنها يسيرا فينعقد حجرا ،

__________________

(١) ما بين المعقوفين يتطلبه السياق.

(٢) في المخطوط : انه ، وهو تحريف.

(٣) ما بين المعقوفين يتطلبه السياق.

(٤) في المخطوط : ذلك ، وهو تحريف.

(٥) في المخطوط : فنزله ، وهو تحريف.

(٦) في المخطوط : أخطاب ، وهو تحريف.

(٧) في المخطوط : تظرب ، وهو تحريف.

(٨) في المخطوط : وهو ، وهو تحريف.

(٩) في المخطوط : الظلمة ، وهو تحريف.

١٧٧

والناس يتخذوا له قوالب على أي صفة أرادوا ، ويصبوا فيها الماء ، فيجمد على الصفة التي أرادوا.

عين البلابستان :

قال صاحب تحفة الغرائب : بها عين ماؤها غزير جدا ، فربما انقلب فيخرج أهل البلد وأولادهم ونساؤهم في أحسن زينة (١) كيوم عيد بآلات الملاهي والطبول والزمور إلى غير ذلك ويرقصوا عند (٢) العين ويغنوا فعند ذلك يخرج الماء عليهم كأحسن مما كان قبل. وهذا دأبهم معها كلما انقطعت وهي تسقي أراضيهم وزروعهم وبساتينهم.

عين بلد خاني :

قال صاحب تحفة الغرائب : بها عين إذا يبس زرع أهلها وأرادوا أن يذروه حتى يستخرجوا الحب منه يرموا في العين خرقة حيض فيثور الريح من ساعته ، ومن شرب من مائها انتفخ بطنه ومن حمل من مائها حال خروجه من تلك الأرض يصير الماء حجرا صلدا.

عين جاج :

قال صاحب تحفة العجائب والغرائب : إذا كانت السماء صاحية فلا يرى فيها قطرة ماء ، وإذا غيمت السماء فاضت بالماء وجرت جريا عظيما.

عيون جبال ثوران :

قال صاحب تحفة الغرائب : / بها عين لا تقبل شيئا من النجاسات من ألقى فيها شيئا من ذلك هاج الماء عليه فإن لم يكن له همة للهرب وإلا فاض الماء عليه فغرّقه.

وبالقرب منها :

عين يجري منها ماء عذب شديد البياض من شرب منه عند منبعه لا يضره شيئا ، وإن بعد عن منبعه وشرب منه أحد صار في بطنه حجرا وقتله.

عين داراب :

فيها نبات من غاص فيه التف (٣) ذلك النبات عليه فإن عالج خلاص نفسه منه زاد التفافه عليه واشتد فلا يفلته حتى يموت ، ومن تركه ولم يعالج خلاصة نفسه (٤) منه انحل عنه فلا يضره أبدا.

__________________

(١) في المخطوط : زينت ، وهو تحريف.

(٢) في المخطوط : عين ، وهو تحريف.

(٣) في المخطوط : التفت ، وهو تحريف.

(٤) في المخطوط : بنفسه ، وهو تحريف.

١٧٨

جزيرة دوراق :

بها عيون كثيرة كلها حارة (١) ، وحرارة الماء عظيمة ويصعد منها دخان عظيم ، وربما قوي فيلتهب نارا ، فترى أشعة (٢) مرة بيضاء ومرة حمراء ومرة صفراء ومرة زرقاء [ومرة](٣) خضراء كل لون كأحسن الألوان ، والماء يجتمع في حوضين عظيمين أحدهم للرجال والآخر للنساء يقصدها الناس للتداوي وهما شفاء من الأسقام من نزل برفق (٤) انتفع ، ومن طفر في نزوله احترق لوقته.

عين سساتنك :

قال صاحب تحفة الغرائب : بجرجان عين على تل ماؤها أيضا للتداوي والشفاء ، وفي طريق العين دود في الأرض من حمل من دود الماء شيئا ثم مرّ على ذلك الدود فداس (٥) ولو دودة واحدة صار ذلك الماء مرا ولا ينتفع به فيحتاج (٦) بريقه ويرجع يملأ غيره.

عين شهرم :

وهي التي ماؤها ماء السمرمر عدوّ الجراد. قال صاحب تحفة الغرائب : هي بين أصفهان وشيراز ، وذلك أن الجراد إذا نزل بأرض وحمل من ذلك الماء إليها نبع الماء طيور سود في عدد لا يحصى فتأكل جراد تلك الأرض في أيسر وقت ، لكن سر وطئها لم يكن ، فالسر يبطل إذا عبأ الإنسان وعاء كالقربة / أو ما شاكلها وحملها فإن حطها عن ظهره أو عن دابته على الأرض بطل سر الماء ومنفعته ، وإن وضعها على مرتفع عن الأرض دام سرّها. والمراد بالأرض إنما هي أرض العين ، فإذا خرج من أرض العين لا يضره شيء إذا وضع الماء على الأرض.

عين العقاب :

قال صاحب تحفة الغرائب : بأرض الهند عين على رأس جبل إذا كبر العقاب وهرم يأتي إلى تلك العين إلهاما من الله فينغمس فيها ، فيسقط عنه ريشه وينبت ريش جديد ، ويزول عنه الضعف وتعود له قوة شبابه. ومن قدّر عليه بالموت قبل ذلك فلا يصلها.

__________________

(١) في المخطوط : مارين ، وهو تحريف.

(٢) في المخطوط : شعات ، وهو تحريف.

(٣) ما بين المعقوفين يتطلبه السياق.

(٤) في المخطوط : برق ، وهو تحريف.

(٥) بعدها كلمة (من) زائدة على السياق فحذفتها.

(٦) في المخطوط : فيحاج ، وهو تحريف.

١٧٩

عين غزنة :

أمرها عجيب من شأنها إذا ألقي فيها شيء من القاذورات هبت الرياح وتراكم السحاب ونزل المطر كأفواه القرب وعظم (١) البرد جدا ، ولا يزال الحال هكذا حتى تنظف من تلك النجاسات والقاذورات.

لما توجه السلطان محمود لفتح غزنة فصار أهلها كلما (٢) اشتد عليهم (٣) الحرب يلقوا في تلك العين شيئا من القاذورات فتهيج الرياح ويعظم المطر ، ويشتد البرد فيرجع السلطان محمود إلى مخيمه ، ويقاسي (٤) عسكره من ذلك بلاءا شديدا حتى بلغه (٥) خبرها ، فأرسل من جيشه من حرس العين ، وسار إليها فافتتحها.

عين القير :

[تبعد](٦) عن بلد الموصل مرحلة واحدة ينبع منها القير يحمل لتلك البلاد ، وله في نبعه عزم عظيم شديد القوة والجريان.

عين منكور :

ببلاد كيمال. قال أبو الريحان الخوارزمي في كتاب الآبار : إن الكيمال جبل يسمى : منكور فيه عين قدر الترس ، والماء مستو على حافاتها فلا تفيض قطرة واحدة منه ولو شرب منه جيش عظيم كفى لشربهم ودوابهم وملأوا قربهم ولا ينقص منها قطرة واحدة.

عين تسمى / نباشي :

جمر بين أخلاط وأرزن يفور منها ماء شديد الفوران عظيم العزم ، يسمع صوت فورانه من بعيد ، من دنا منه من وحش أو طير ليشرب منه حال وصوله وقبل شربه منه يموت لساعته وحوله من الوحوش والطيور موتى ما لا يحصيهم إلا الله.

وملك تلك الأرض موكل بها أناس خوفا على من يمر عليها ولا يعلم حالها فيقصد الشرب منها فيهلك.

__________________

(١) في المخطوط : عظيم ، وهو تحريف.

(٢) في المخطوط : كما ، وهو تحريف.

(٣) في المخطوط : عليه ، وهو تحريف.

(٤) في المخطوط : يقاسوا ، وهو تحريف.

(٥) في المخطوط : بلغها ، وهو تحريف.

(٦) ما بين المعقوفين يتطلبه السياق.

١٨٠