مختصر عجائب الدنيا

الشيخ إبراهيم بن وصيف شاه

مختصر عجائب الدنيا

المؤلف:

الشيخ إبراهيم بن وصيف شاه


المحقق: سيّد كسروي حسن
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٤١٦

وقوّر جبلا عظيما ، وأحكم عمله ، ثم ألبسه سبعين حلة منسوجة بالذهب والمعادن ، وأجلسه على سرير من الذهب ، قوائمه من الزمرد ، ووضع بإزاء وجهه عمود من ذهب مكتوب عليه :

هذه الأبيات :

أنا شداد بن عاد

صاحب القصر المشيد

وأخو القوة والبأس

والجيش العديد

قد ملك الأرض طرّا

من قريب وبعيد

وقهرت الخلق جميعا

من مسن ووليد

لم تكن تغني جيوشي

ورجالي وعبيد

حين قضاء الله أتانا

من سماء بالوعيد

كلنا صرنا جميعا

جندلا فوق الصعيد

فاعتبر يا من رآنا

واتبع الرأي السديد

كسرة تكفيك يوما

ثم كوخ من جريد

واقتنع تعيش حرا

ثم لا تبغي المزيد

صفة رومة المدائن وبنائها

وذلك مما أورده الشيخ العلامة أبو المظفر يوسف سبط ابن الجوزي في «مرآة الزمان» ، أنه نقله من كتاب «المسالك والمهالك» (١) وذلك أن رومة المدائن من عجائب الدنيا ، مساحة طولها من الباب الشرقي إلى الباب الغربي ثمانية وعشرون ميلا ، ولها سوران بينهما مقدار ستون ذراعا ، وسمك السور الأول اثنان وسبعون ذراعا ، والثاني اثنان وأربعون ذراعا ، وبين السورين (٢) نهر مغطى ببلاط من نحاس ، طول البلاطة سبع وأربعون ذراعا وفيها مكان يدخله ماء البحر صفاء الخليج ، تدخله المراكب بقلوعها ، وعلى شواطئه حوانيت تجار ومتسببين يبيعوا على من يدخل من المراكب وغيره. وبها كنيسة مبنية على قناطر من نحاس ، وأركانها وحيطانها وسقوفها آنية من نحاس ، وهي إحدى عجائب الدنيا.

ولرومة ألف باب من النحاس الأصفر سوى أبواب مصنوعة من عود وصندل وأبنوس عليها من النقوش ما لا يصفه واصف ، وبها ألف ومائتي كنيسة ، وأربعون ألف

__________________

(١) المعروف كتاب «المسالك والممالك» ، فربما أنه تحرّف.

(٢) في المخطوط : السور ، وهو تحريف.

١٤١

حمام وبها طلسمات كثيرة منها : طلسم الحيات فلا تدنى ، وطلسم العقارب ، وطلسم يمر الغريب فلا يدخلها إلا إن دخل أحد من أهلها قابضا بيده ، وإن دخلها وحده / سقط ميتا.

وبها كنيسة بنوها على تمثال بيت المقدس طولها ميل ، وفيها مذبح من زمرد أخضر طوله ستة أذرع لم يكن له نظير ، وعرضه ثلاثة أذرع ، محمول على اثني عشر تمثال (١) من ذهب ، طول كل تمثال ذراعين ونصف ، عيون التماثيل من ياقوت أحمر.

وفي وسط المدينة كنيسة بنيت على اسم بطرس مساحتها ثلاثمائة ذراع ، وفي ارتفاع خمسمائة ذراع يحاذيها دير يعرف بدير الزرازير ، في أعلاه قبة عظيمة على رأس القبة عمود عليه صفة زرزور من نحاس إذا كان أيام حمل الزيتون حمل كل زرزور على وجه الأرض ثلاث زيتونات في رجليه ثنتان ، وفي منقاره واحدة ويطير إلى أن يلقيها على ذلك الزرزور النحاس ، فيجمعوا خدام الكنيسة أي الدير ، ويعصروا ، ويستخرجوا دهنه فيكفيهم لوفيدهم ومؤنتهم ونفقاتهم ومصالح الدير لذلك العام ، وما فضل من الثمن يضعوه في صندوق الدير.

ومن عجائب الدنيا فرس من نحاس عليها فارس من نحاس ... (٢)

يديها كأنه يقول : ليس ورائي مسلك فلا يتخطاها أحد إلا غاص في الأرض وابتلعته فلا يعلموا له خير.

ومنار من نحاس عليها تمثال من نحاس إذا هلت الأشهر الحرم يطلع من ذلك التمثال ماء غزير شديد التجري فيملأوا صهاريجهم ، ويسقوا أرضهم ، فإذا انقضت الأشهر الحرم انقطع ، ولا يعلموا من أين يأتي ولا أين يذهب ، وذلك شغل حكماء اليونان بالأرصاد ، وذلك ما رواه عبد الله بن عمرو بن العاص.

وأيضا بطبرستان بقرية أهلها مجوس ذكر المولى علي بن الحسين الطبري :

إن في هذه القرية تبيت نار للمجوس تلك الناحية في كل عام للحج في يوم معلوم وفي المكان بئر عمقها / ثمانية عشر ذراعا. فكل زائر يأتي يلقي في ذلك البئر درهم فضة ويضمر عليه حياته أو موته في ذلك العام ، فإن نزل الدرهم (٣) لقعر البئر سريعا مات

__________________

(١) هذه الكلمة تكررت بالمخطوط فحذفت التكرار.

(٢) موضع النقط ثلاث كلمات غير مقروءة.

(٣) في المخطوط : الدهم ، وهو تحريف.

١٤٢

الرجل في تلك السنة ، وإن كان له حياة وقف على وجه الماء ساعة ثم يرسب ، فإذا زاحوا الزوار غاض الماء يومه. ويكون قد حبسوا كلفهم وما يحتاجه الدير لمصالحه وقيام أودهم فيجمع من تلك الدراهم بقدر الكفاية ويترك ما بقي.

فإذا طلع من البئر عاد الماء صبيحة يومه ، وإن أخذ ولو درهم زائد عن ما (١) حسبوه طلع الماء لوقته غرّق ذلك الراهب ولا يقدروا على أخذ درهم واحد وينفقوا ذلك العام على الدير وعلى أنفسهم من عندهم ، ويموت الرجل في غريق الماء ولا يطفو ولا يعلم له خبر ولا أين ذهب ، وهكذا في كل عام (٢).

جزيرة الواق والوقواق

إنما سميت بهذا الاسم لأن بها أشجار كبار عاليات أوراقها تشبه ورق التين إلا أنها أكبر منها (٣) ، ثمرة هذا الشجر في شهر آذار له عراجين مثل عراجين النخل ، فإذا بلغ حدّ الاستواء ، ينشق العرجون عن قدمي جارية فتبرز منه أقدامها. ثم كل يوم تبرز قليلا قليلا حتى يكمل استوائها وسقوطها في شهر نيسان ، فيبان لها وجها يفاخر القمر نورا وحسنا ليس في الدنيا من يشابهها في الحسن والطرف فيتعلق بشعرها في عرجونها ثم يبدأوا بالسقط أولا بأول ، وكلما سقطت واحدة إلى الأرض تصيح ثلاثة أصوات : واق ، واق ، واق ، ثم تموت لساعتها. وهن لحم لا عظام لهن ، ثم تنشق الأرض لها فتدفن فيها ، ولا يجسر أحد أن يقربها. ومن كان غشيما عن (٤) حالهم فحين يلمسها تخرج له نار من الأرض تحرقه لوقته. ولا ينال الناس منها إلا الفرجة على محاسنهن وهن معلقات بشعورهن (٥).

وهذه الجزيرة من عجائب جزائر الصين ... (٦) وفي وسط آخر العمران مما يلي البحر المحيط :

به جبل يقال له كورة رستم :

/ به غار في أعلاه ثقب لا يصل إليه أحد لعلوه ومنعته ، والثقب قدر فم الكوز

__________________

(١) في المخطوط : عنها ، وهو تحريف.

(٢) وهكذا في كل عام جاءت هذه العبارة في المخطوط بعد العنوان الذي بعدها وحقها التقديم فقدمتها.

(٣) في المخطوط : منهم ، وهو تحريف.

(٤) في المخطوط : من ، وهو تحريف.

(٥) جاءت العبارة في المخطوط على النحو التالي : إلا الغربة على محاسنهم وهم معلقان بشعورهم ، وقد أصابها تحريف في عدة مواضع فقومتها ، والله الموفق والهادي للصواب.

(٦) موضع النقط ثلاث كلمات تقريبا غير واضحة بالمخطوط.

١٤٣

اللطيف إذا دخل إنسان الغار يجد تحت ذلك الثقب حزمة من قضبان عددها خمسة عشر قضيبا لا يعرف أحد من الخلق جنس خشبهم ، والحزمة مشدودة بحبل لا يعرف أحد من أي شيء هو من الحبال ، معقود عقدا كثيرة لا يعرف أحد كيف يحلها ، ولا يعقد (١) مثلها ، فإذا أخذ أحدهم تلك الحزمة وخرج بها سقط من ذلك الثقب مثلها ، وما لم يخرج لم يسقط شيء ، وليس لأحد علم ما هو المراد من ذلك ، ولو أخرج من الحزم في يومه ألوفا ألقى له نظير ذلك.

عجائب الصور ، وعجائب الحجارة وذلك مما أورده صاحب العجائب والغرائب في كتابه :

ذكر : أن بأرض كرمان جبل من أخذ منه حجرا أو كسره يرى في وسطه صورة إنسان قائما أو قاعدا أو مضطجعا ، فإذا دققت الحجر وسحقته ناعما وألقيته في الماء تراه إذا أرسب في الماء كهيئة ما كان أولا على الصورة التي كانت في الحجر والصورة لون غير لون الحجر.

وذكر صاحب كتاب عجائب المخلوقات : أن في أعلى هذا الجبل شبه مسرجة من حجر عليها سراج يضيء ضوء قويا كالمشعل ، ولا يقدر أحد أن يصعد إليه فلا يدنو منه لشدة هبوب الرياح العواصف ، فإن الصاعد إليه ترميه الريح من نصف الجبل فتقتله.

ويرى فوق ذلك السراج شبه الطاووس ليس لحسنه نظير في الدنيا أحسن من الطواويس المعروفة للناس ، فيه من سائر الألوان عجيبه وهو ينجلي دائما في نور ذلك السراج ، ولا يقدر أحد أن يدنو منه أبدا.

ومما أورده صاحب تحفة الغرائب : أن بأرض تركستان ليس لهم زرع ، ولهم جبل فيه حجارة من خالص الذهب أكبرها / قدر رأس الشاة إلى ما دونها. فمن أخذ من القطع الصغار انتفع بها ، ومن أخذ من الكبار يموت هو وجميع أولاده وأهل بيته ما لم يردها إلى مكانها ، وليس يعلم أحد ما المراد من ذلك.

دير الخنافس ذكره سبط ابن الجوزي

قال : إن بأقصى أرض الموصل جبل عليه دير يقال له : دير الخنافس ، فيه عيد للنصارى في كل عام فإذا كان ليلة العيد يجتمع في ذلك الدير كل خنفسة على وجه الأرض والناس يمشون عليها ويدوسونها لكثرتها فيموت منها تحت أرجل الناس ما لا يحصيه إلا الله ، فإذا طلع الفجر لم ير أحد خنفسة واحدة لا حية ولا ميتة (٢). وبأقصى

__________________

(١) في المخطوط : يقعد ، وهو تحريف.

(٢) في المخطوط : لا حيا ولا ميتا ، وهو تحريف.

١٤٤

الغرب دير مثله والله أعلم ما سبب ذلك.

وذكر صاحب عجائب المخلوقات :

أن بأرض غرناطة جبل بأسفله كنيسة عندها عين ماء ، وشجرة زيتون يخرج الناس إليها في يوم معلوم من السنة ، فإذا طلعت الشمس ذلك اليوم فاض ماء العين ويظهر من ساعته على تلك الشجرة زهر الزيتون ويعقد لساعته ويسود ويكمل استواؤه ، فيأخذ الناس منه يتداوون به من الرمد ، ومن جميع أوجاع العين. ومن اكتحل منه لا تصيبه في عينه بعده علة أبدا ، وهو للشفاء من سائر الأسقام شربا وغسلا فيبرأ سائر الجسد وباطنه بإذن الله تعالى.

بساحل الهند أرض ... (١) ملك سوران والمهراج :

ذكر صاحب العجائب : أن به جبل يخرج منه نفط أبيض ليس في الدنيا مثله وفي أعلى الجبل منافس كثيرة يخرج منها نار عظيمة ترى من مسيرة مائة فرسخ لا تخمد أبدا صيفا ولا شتاء ترمي بجمر كالجبال.

وبين أرض الهند والصين عمود من نحاس عليه بطة من نحاس في أرض يقال لها : كتّار :

قال عبد الله بن عمرو بن العاص : إذا كان يوم عاشوراء مدت عنقها إلى نهر تحتها فتشرب منه ثم تعود جالسة وتفتح منقارها فيفيض منه من الماء ما يكفي أهل تلك البلاد جميعهم لزرعهم ومواشيهم وما يحتاجوا / في عامهم إلى عاشوراء القابل.

وبين أرض هجر ... (٢) من أعمال اليمن :

بها شخص من نحاس قد مد يده إلى ورائه كأنه يخاطب الناس يأمرهم بالرجوع فإن من ورائه أرض مرجرجة لا تستقر عليها الأقدام من دخلها هلك.

لما وصل ذو القرنين الإسكندر خرج عليه منها نمل كهيئة الجمال البخت ، فكانت النملة تصرع الفارس فتقتله. فرجع من هناك ، وذلك ما أورده أيضا عبد الله بن عمرو بن العاص.

قشمير الهند :

ذكر صاحب تحفة الغرائب والعجائب أن في أقصى الهند جبل عظيم شاهق عليه

__________________

(١) موضع النقط كلمة غير ظاهرة بالمخطوط لأنها ضمن ما كتب بالحمرة.

(٢) موضع النقط كلمة غير ظاهرة بالمخطوط.

١٤٥

قبة عالية (١) البناء مرفوعة على ثمانية أعمدة تحتها بركة من الماء ليس لها مكان يدخل منه الماء ولا مكان يخرج منه. وماؤها لا ينقص ولا يزيد ، ولو أن أهل الأرض يملؤون منها.

بين كل عمودين معلق قنديل لا يصل إليه أحد ، وفي وسط القبة قنديل إذا كان يوم أول شهر يرى في البركة سمكة واحدة. وفي القناديل زيت يسير ، وتأتي يوم تصير السمكة ثنتان والزيت بقدر ما كان مرتين ، ولا تزال الزيادة في الزيت والسمك إلى نصف الشهر ، فأول يوم من النصف الثاني ينقص الزيت ويفقد من السمك واحدة ، ولا يزال هكذا إلى آخر يوم في الشهر فلا زيت ولا سمك وليس للبركة مكان يدخل منه السمك ولا مكان يذهب منه. والقناديل حال غروب الشمس توقد وليس لها أحد يوقدها ولا يصل إليها ، وهكذا دائما ، وليس يعلم المراد بذلك والله أعلم.

جبل باكوه :

هو من عمل شرفان يظهر فيه نار زرقاء كهيئة نار الكبريت لها لهب ولا حرارة لها إذا نزل عليها المطر زاد اشتعالها. وفي النهار ليس لها وجود ولا ترى وإنما يرى ذلك ليلا ، وأهل تلك (٢) الأرض يصطادون من وحوشها وغزلانها ، فيسلخون الجلد باللحم في التراب ، وليس له حرارة فيغلي / ويخرج زفرة من تلك الأنبوبة فإذا ذهب زفره علموا قرب استوائه ، فيخرجون اللحم من داخل الجلد مستويا صحيحا ولا يحترق الجلد بل هو صحيحا طريا كما كان. فنار تلك الأرض مثل نار المعدة تنضج وليس لها حرارة ظاهرة.

جبل الطائر :

قال صاحب تحفة الغرائب : إن على هذا الجبل كنيسة فيها حوض ماء إن وضع يده فيه جنب أو حائض وقف ماؤه ، وبطل جريانه ، فلا يجري حتى يراق ما فيه من الماء ، ويغسل ويطهر ، فإذا طهروه عاد الماء كعادته.

جبل طبرستان :

قال صاحب تحفة الغرائب : ينبت فيه حشيش يسمى جور ماتل من قطعه ضاحكا غلب عليه الضحك يومه ، ومن قطعه باكيا غلب عليه البكاء يومه ، وكذلك راقصا ، وما أشبهه من الحالات.

جبل فرعانة :

قال صاحب تحفة الغرائب : به نبات يخرج على صفة الآدميين ذكورا وإناثا وغير

__________________

(١) في المخطوط : العالية ، وهو تحريف.

(٢) في المخطوط : ذلك ، وهو تحريف.

١٤٦

ناطقين ، ولا أرواح ، من رآهم يحسبهم آدميين قيام على أقدامهم.

أرض طبرستان :

جبل فيه غار عظيم فيه نقرة فيها ماء لا يكفي إلا واحد من غير زيادة ، وليس للنقرة ماء به يصب إليها. وإن دخله واحد كفاه واثنان كفاهم ، ومائة كفى ، وألوف كفاهم وهو دائم.

جبل مورخان :

قال صاحب تحفة الغرائب : ينزل من أعلاه ماء غزير كثير عظيم القوة في نزوله ، فإذا وقف بإزائه إنسان وزعق عليه ، وقال : قف ، فإنه ينقطع لساعته ، فإن زعق عليه مرة أخرى وقال : إجر ، فإنه يجري لساعته.

جبل الهند :

على أعلاه صورة أسدين يخرج من فيهيهما (١) ماء غزير فيسير ماء كل أسد إلى قرية يسقي أراضيهم وزروعهم وقد حصل مرة أن انكسر فم أحدهم ، فانقطع ماؤه ، وخربت القرية التي كان يجري ماؤه إليها.

عجيبة ظهرت في أرض بلغار :

خرج قوم منها إلى نهر اتل وهو في زيادة ذلك النهر وعظيم طغيانه (٢) / فرأوا في ذلك النهر رجل عظيم الخلق كالنخلة السحوق ، ولا يغطي أعمق ما في الماء ساقيه ، ورأسه كالقبة ، وعيناه عظيمتان ، ويداه كالصواري. فأقبلوا يكلموه وهو لا يكلمهم ولا يزيد على النظر إليهم كالمتعجب في صورة وحقارة قدودهم ، فمشوا قدامه فخرج من النهر ، وتبعهم ، فدخلوا على ملك بلغار ، وهو (٣) معهم ، فعجب منه وهاله منظره.

فكلموه ، فلم يرد جوابا ، وهو باهت فيهم.

فقال الملك : إن كان بالقرب منا ملّة مثل هذا ، فليس لنا مقدار في أرضنا بل يأخذوها منا.

فأقاموا ببلغار من غير ضرر لأحد من أهلها ، ثم أرسل الملك إلى ملك ولبينوا يخبره بحال الرجل ، ويسأله : هل تعرفوا أرضا فيها أمة مثل هذا؟

__________________

(١) في المخطوط : فمهم ، وهو تحريف.

(٢) في المخطوط : طغيانا ، وهو تحريف.

(٣) في المخطوط : وهم ، وهو تحريف.

١٤٧

فعاد الجواب : إنه ثمّ أمة بيننا وبينهم مسيرة ثلاثة أشهر الجاد والتشمير ، هم أعظم خلقة ممن (١) عندكم ، ولعل هذا طفل خرج من أهله فضلّ الطريق ، ولا يعرف طريق أهله. وليس لهذه الأمة مؤونة لأحد من حولهم ، وأقام ذلك ببلغار مدة ، فأصابته علة في نحره مات منها.

جبل الفرنج (٢) :

من أعظم جبال الدنيا ، ذكر صاحب مرآة الزمان : أن بهذا الجبل اثنان وسبعون أمة لكل أمة ملك ولسان لا يشبه غيرهم. وبإحدى شعابه مدينة باب الأبواب ، وإلى جانبها قصر عظيم بناه كسرى (٣) وجعله حدا فاصلا بين الحوز ومملكته ، وجعل للقصر سور (٤) محيط به حده من البحر إلى أعلى الجبل أربعون فرسخا ، ومنتهاه إلى طبرستان ، وجعل على كل ثلاث أميال بابا من الحديد ، وأقام لها الحفظة ، وأسكن به أمم مختلفة. ومن عجائب هذا الجبل : أن به قرودا كبار ليس كالذي في أرضنا ، أودع فيهم سبحانه سرا إذا شموا رائحة سم يصيحوا صياحا منكرا فترميهم ملوك تلك الأرض وتوقفهم / على رؤوسهم حال الأكل فإذا كان (٥) في الطعام أو الشراب سم صاحوا أن في سماطه شيء من السم فيمتنع عن الأكل.

مغارة ... (٦) :

عظيم في أعلاه صفة حيتان ... (٧) منقوش حولهما كتابة ، من ناله سم حية أو غيرها يمضي لتلك المغارة ، [وعند](٨) تلك الحيتين عين ماء تنبع يأخذ من ذلك الماء ، ويرش به تلك الحيتين ، والكتابة فيسيل الماء على الجدران فيلحسه (٩) المسموم فيبرأ لوقته ، وإن عجز المسموم عن التوجه إليها ، وكّل شخصا غيره فحال لحسن الوكيل الماء يبرأ الملسوع لوقته وساعته.

__________________

(١) في المخطوط : من ، وهو تحريف.

(٢) وربما هو الزنج فالكلام غير واضح.

(٣) في المخطوط : لكسرى ، وهو تحريف.

(٤) في المخطوط : صور بالصاد ، وهو تحريف.

(٥) في المخطوط : كا ، بدون النون ، وهو سهو.

(٦) العنوان غير ظاهر في المخطوط ، وما كتب من الموضوع بالتقريب ، والله أعلم.

(٧) موضع النقط غير ظاهر بالمخطوط.

(٨) ما بين المعقوفين يتطلبه السياق.

(٩) في المخطوط : فيلمحسه ، وهو تحريف.

١٤٨

وفي حمص قبة العقاب والنمل والطحال والعلق :

باقيين ليومنا هذا ، وأيضا :

بأطراف وادي الزنج. طيور تضيء بالزبرق :

أصغر (١) من الفهد ، ولونه أحمر ، مرعب وعيناه برّاقتان ومثبتة من الأرض عمق ذراع وأكبر وإن رأى فيلا أو آدميا أو وحشا فإنه يبول لوقته ، ويحمل من التراب الذي أصابه بوله على رأس ذنبه ، ويرمي به الحيوان أو الآدمي فيحرقه بوله لساعته كأنه سقط في نار عظيمة. وإن هرب منه آدمي وصعد شجرة عالية يزيد علوها عن وصول بوله يضع رأسه في الأرض من شدة (٢) حنقه ، ويصيح صيحة عظيمة مزعجة ، فيخرج من فمه قطعة دم فيموت وإن كان علو الشجرة مقدار خمسين ذراعا إلى الستين والسبعين قفز قفزة إلى عنده.

وأيضا قال صاحب كتاب تحفة الغرائب :

أن بأقصى بلاد الهند بستان طير يسمى : قوقف عند التزاوج يجمع هو والأنثى في عشهم حطب كثير ، ولا يزالان يحكان مناقير بعضهما في بعض حتى ينقدح من بين منقاريهما نارا ، فإذا أضرمت واشتعلت النار أحرقا أنفسهما فيها فيبقوا رمادا ، فإذا وقع المطر على ذلك الرماد تولدت منه دود ، ثم يكبر فيصير طيرا كأمه وأبيه ، وله ريش عجيب ، ومنظر حسن ليس لحسنه نظير ، فإذا تكاملت خلقتهم وتساقوا (٣) فعلوا بأنفسهم / كما فعل آباؤهم.

ومن العجائب بأرض الهند :

[أن](٤) بها صنم لم يعمل أحد قبله مثله مصنوع من ذهب مائة ألف مثقال. تزعم أهل الهند أنه نزل من السماء يقصدونه من آفاق الأرض يحجون إليه. والصنم في قبة عظيمة شاهقة في الهواء مرتفعة على سبعة أعمدة ، وفي رأس القبة جوهرة بمقدار النارنجة لا يعرف لها قيمة يضيء منها جميع أقطار ذلك المكان. وجماعة من الملوك بتلك الأرض قصدوا أخذها فلم يقدروا على ذلك.

وكان كل (٥) من دنا منها خرّ ميتا لساعته. وكذلك جميع ما في هذا الهيكل كل من قصده بأذى هلك لساعته. فلهذا صار عندهم معظما ، بنو على سير الكواكب وشرفها

__________________

(١) في المخطوط : أصفر ، وهو تحريف.

(٢) في المخطوط : متده ، وهو تحريف.

(٣) في المخطوط : تسفافاوا ، وهو تحريف.

(٤) ما بين المعقوفين يتطلبه السياق.

(٥) في المخطوط : كل ذلك من دني ، وحذفت كلمة : ذلك ، لزيادتها على السياق.

١٤٩

مطلسما بالطلسمات المانعة. وفي الهيكل بئر عليه طوق من الحديد الطيني مكتوب عليه بالقلم المسنّن (١) : هذه البئر فيها علوم السماوات والأرض ، وما هو آت ، وفيها خزائن لا يصل إليها أحد من العالم إلا من أذن علمه علمنا وفهمه فهمنا وحكمته حكمتنا. وكل من نظر في هذا البئر يقع على أم رأسه لساعته فيموت ، ومن نظرها من بعيد ارتعد ولحقه خوف عظيم ووجل زائد.

والصنم في القبة ، والقبة في الهواء لا علاقة تحمله ولا دعامة ترفعه ، بل بأرصاد كاهنية. ولهذا الصنم أوقاف كثيرة منها : مدينة بكاملها ، وبلاد ، وضياع. وحول هيكل الصنم ألف مقصورة فيها جوار حسان برسم الزوار يتمتعون بها. انتهى.

وبالقرب من سدّ الإسكندر :

أمة قصار القدود ، عراض الوجوه ، سود الجلود ، وفي جلودهم نقط بيض وصفر أطول ما فيه خمسة أشبار.

وأيضا : أمة بالقرب منهم صورهم كصور الآدميين لا يفهم كلامهم ، لهم أجنحة يطيرون بها ، وهم بيض ، وسود ، وخضر.

وأيضا : أمة بجزيرة الرامن طول الطويل / منهم أربعة أشبار ، كلامهم كصفة الطير.

وأيضا : أمة وجوههم كوجوه الكلاب ، وأبدانهم مثل أبدان بني آدم.

وبالقرب منهم : أمة لا شبيه لحسنهم على صور الآدميين ، ليس لأرجلهم عظام ، بل من حد مقاعدهم إلى أقدامهم كهيئة الجبل الطويل ، والقدم معلق في آخره يزحفون زحفا. من وقع لهم من بني آدم احتالوا عليه ، فإذا قرب منهم تعلقوا به وركبوه ، ولفوا حبل أرجلهم على رقبته ، ويدوروا عليه في جزيرتهم ، يأكلون من فواكه أشجارهم ، فلم ينزلوا عنه إلى أن يموت ، فإنهم لا يقدرون على الأكل إلا مما يسقط من الثمار عند تناهي استوائه. وذلك مما نقلناه من عجائب المخلوقات.

ومما هو منقول من عجائب المخلوقات :

أمة في بعض جزائر الصين لهم أجنحة وخراطيم دقاق يمشون على أربعة أرجل مثل البهائم ، وعلى صفة الآدميين إلا أن أفواههم دقاق طوال.

وأيضا :

أمة طوال القدود ، زرق العيون ، لهم أجنحة يطيرون بها ، وجوههم ورؤوسهم

__________________

(١) في المخطوط : المسند ، وهو تحريف.

١٥٠

كوجوه الخيل ورؤوسهم كذلك وأبدانهم كأبدان بني آدم.

وأيضا : أمة لواحدهم رأسان وثمانية أرجل ، أربع لفوق ، وبينهم رأس ، وأربع لأسفل وبينهم رأس ، إذا عيا من المشي من الأرجل التي كان ماشيا عليها ، قلب أعلاه أسفله ومشى على (١) تلك الأرجل المستريحة ، وإذا عدى يمر كالبرق ، وصفاتهم كمثل بني آدم.

وأيضا : أمة وجوههم كوجود بني آدم ، وأبدانهم كأبدان الحيات.

وأيضا : أمة بأرض الصين لا رؤوس لأبدانهم وعيونهم وأفواههم في صدورهم ، جاء منهم واحد لملك التتر (٢) بكتاب ملكهم.

وأيضا : أمة أبدانهم كأبدان الزلاحف ووجوههم كوجوه الآدميين ، ولهم قرون طوال.

وأيضا : أمة يقال لهم النسناس لأحدهم نصف رأس ، ونصف وجه ، ويد واحدة ، ورجل واحدة ، كأنما قدّ نصفين طولا ، يقفز قفزا شديدا وكلامهم كالآدميين / مقرهم بأطراف أرض اليمن.

جزيرة سرنديب :

مساحتها بقدر الأندلس ، فيها مدن كثيرة ثمانون فرسخا ، مربعة المساحة ، وبها جبل عظيم شاهق يسمى : جبل الدهوم ، وعليه أهبط آدم عليه‌السلام ، وفيه أثر قدمه نحو من سبعين ذراعا ، وفيه الياقوت ، وشجر الكافور ، وبأوديته حجر الماس ودواب المسك ، وعلى الجبل نور عظيم لا يفارقه وفيه سائر أشجار الطيب ، وفيه مغائص الجوهر النفيس ، وفيه نارنجيل ، والسنباذج ، وفي أنهاره البلور الخالص.

وأكثر أهل سرانديب مجوس يعبدون النار فإذا مات أحدهم جروه على الأرض ويلقوه في بيت النار فيحرق.

وإذا مات الملك والوزراء ومات كلهم من الرؤساء أحرقوه وخواصه تحرق أرواحهم لأجله ، لأنهم يقولون : نموت لموته ونحيا لحياته.

ومنهم المتعبد الشديد الاعتقاد في عبادة النار ، يأتي لبيت النار قصدا فيقف عندها وهي مضرمة فيخرج خنجرا وسكينا ، ويكشف جنبه ويقده بتلك السكين ، ثم يتناول

__________________

(١) في المخطوط : عليه ، وهو تحريف.

(٢) في المخطوط : الططر ، وهو تحريف.

١٥١

أمعاؤه بيده ويلقيها في النار ، ثم يقذف بنفسه (١) فيها ، فيحرق ، فيكون اجتهد في عبادتها بذلك جدّ (٢) الاجتهاد.

وفيها أيضا : شجر الفلفل حمله عناقيد على كل عنقود منه ورقة تغطيه من المطر حال نزوله ، فإذا ذهب المطر ارتفعت عنه الورقة ، وإذا عاد المطر عادت فغطته. والتفت عليه.

وعن يسار هذه الجزيرة :

جزيرة بالوس :

على مسيرة يومين منها ، وأهلها يأكلون الناس ، ومن مات منهم أكلوه.

وبها الكافور الجيد ، وشجرة في غاية العظم ينقروا ساقها فيسيل منها الكافور فيجمعوه منها.

وبها النارنجيل وقصب السكر والسنبل والصندل ، وأرز كثير ليس يعرفوا برا ولا شعيرا ولا شيء من الحبوبات غير الأرز. وأكثر ملوك الهند يستبيحون الزنا ويفترقون على اثنين وأربعين أمة منهم من يثبت / الخالق سبحانه والزمان ومنهم النافي لهذا.

ومنهم من يتزوج أخته وابنته ومحارمه يستحلون ذلك.

وأما بلاد الصين :

فهي في أقصى مشرق الأرض ، ومنهم إلى بحر الظلمة.

وبالصين جبل الياقوت المحيط بجزيرة الجوهر فيه حيات عظام لا يجسر أحد أن يدخله منهم. ومن السير إلى بلاد يأجوج ومأجوج وبلاد الصين ثلاثمائة وستون مدينة ولها في العام شتائين وصيفين. وهي مجاورة للبحر الأسود المحيط ، فيه أنواع من السمك الكبار يشحنها ما هو أكبر منها فتهرب المشحونة لفم البحر وتدخل فيما شاء الله من تلك البحار الخارجة منه ، فتأتي السمكة الشاحنة لفم البحر فلا يسعها لحاقها لضيق فم البحر عليها ، ووسعه ثلاث فراسخ.

وصغار الأسماك فيه كالجبل وفيه سمك يسمى : المنارة فيخرج الماء منه ما شاء الله الملك الجبار ، فإذا لم تجد ما تأكله ورأت مركبا ألقت نفسها عليه فتحطمه وتأكل ما فيه من آدميين وغيرهم.

وفيه نوع من السمك يسمى الكوسج طوله عشرة أذرع وأكثر وأقل في حكمة فكه

__________________

(١) في المخطوط : بنفسها ، وهو تحريف.

(٢) في المخطوط : حد ، وهو تحريف.

١٥٢

الأسفل سبع صفوف أسنان ، أحدّ من الفولاذ وفكه الأسفل أقصر من الأعلى ، وفيه من الأسنان صنعة واحدة ما انطبق على شيء إلّا أتلفه.

وفي هذا البحر سمك يسمى : البلب ، كالذراع إذا صيد يمكث ما شاء الله لم يمت بل يتحرك ، فيقطع وهو يضطرب ، ويثب من القدر بعد تقطيعه إلى وجه من حوله ، فمن لحق وجهه عابه ، وإن شوي لا يثبت على الجمر أبدا ، ولربما قلب القدر (١) الذي هو فيه ، فإذا أرادوا طبخه ثقلوا قدره بصخرة ثقيلة حتى ينضج فإذا نضج زالت حركته.

وبهذا البحر حية تسمى : الملكة ، صفراء منقطة (٢) بسواد ، طولها مقدار باع ورأسها قدر رأس الأرنب ، وتحت الرأس خمسة أبدان ، وتطول حتى يبلغ طولها عشرون ذراعا وأكثر ، وتتجمع حتى تعود لطولها الأول لا يقطع فيها الحديد ، فإذا صيدت / تشق من فمها ويسلخ جلدها فتراه أرق من قشر البصل فتتخذ منه ملوك تلك الأرض دروعا فلا تعمل فيه السيوف القواطع ولا الرماح الخوارق.

وفي هذا البحر : سمك يشبه شبكة الصياد ، مفتولة الخيوط ، مربعة العيون ، ظاهرة العقد تقوم على وجه الماء من رآها يحسبها شبكة قائمة ، فإذا قصدها أحد مرت على وجه الماء كالبرق الخاطف ثم تغوص في الماء.

وفي هذا البحر : سمك له أجنحة يطير بها على وجه البحر ما شاء الله ، ثم يغوض في الماء. وفيه سمك يسمى : اليهودي له رجلين كرجلي الضفدع يثب على الأرض ، يخرج من البحر ليلة السبت إذا غابت الشمس ، ويلقي روحه على الأرض ولا يتحرك ولو مات ، فإذا غابت الشمس ليلة الأحد عاد إلى البحر ، ويمر فيه كالبرق. يعمل من جلد نعل إذا لبسه صاحب الفقوص برىء حال لبسه.

وفي هذا البحر : أسماك طول السمكة مائة باع وأكثر ، وأقل ، لها أنياب بارزة من أفواهها كأنياب الفيلة بل هي أحسن منها وأقوى ، إذا شق الناب ظهر فيه نقوش عجيبة لا يرى مثلها يسموه الناب المجوهر ، تتخذ منه أهل تلك البلاد نصبا للسكاكين (٣) ومقبضا للسيوف. ويدبغ جلده فتراه أبيض من القطن ، وأنعم من الحرير ، وأثقل من الرصاص.

وفي هذا البحر سمك يسمى : البغل السمكة منه قدر الجبل العظيم من رأسها إلى ذيلها بارزة عظيمة مثل المنشار كل عظم منها أطول من ذراعين يعارض السفينة فيقسمها ، وتتعرض السمكة العظيمة فتمر من فوقها السفينة فتنقسم فتأكلها.

__________________

(١) في المخطوط : القدير ، وهو تحريف.

(٢) في المخطوط : منقطعة ، وهو تحريف.

(٣) في المخطوط : للساكين ، وهو تحريف.

١٥٣

وعجائبه أكثر من أن تحصى ، وفيه التنين وفيه سمك عظيم الخلقة إذا مكث يحسبوه أصحاب المراكب جزيرة ، إذا أخرجت جناحها من الماء كان كالشراع العظيم. وبه سمك قدر الشبر مكتوب / على أذنها اليمين : لا إله إلا الله ، وعلى اليسار : محمد رسول الله.

جزيرة موسى ويوشع :

ذكر أبو حامد أن في هذا البحر سمك نصفه شوك لا لحم فيه ، ونصفه عليه لحم أطول من ذراع وعرضها شبر ، ولها عين واحدة. وسمك وجهه كوجه الإنسان ، وله لحية بيضاء كلحية الإنسان ، وبدنه كبدن الضفدع ، وشعره كشعر البقر.

وفيه نوع من السمك يصاد ويجفف ويدق فيتخذ منه ثياب فاخرة تسمى سمكين ، وبه سمك على خلقة البقر يلد ويرضع.

جزيرة برطاثل :

بها أناس وجوههم كالمجان المطرقة ، وشعورهم كأذناب البراذين ، يسمع عندهم طبول وزبور ، والإناث مطربة لا يكاد يمسع السامع مثل أصواتهم ، ولا يراهم أحد إلا واحد أو اثنين ، ولا يجسر أحد [أن](١) يدخلها.

وأيضا بالقرب من جزيرة برطاثل ثلاث جزائر :

قال صاحب الغرائب : هذه الثلاث جزائر يقابل بعضها بعضا ، منها واحدة : البرق عليها ليلا ونهارا صيفا وشتاء.

والثانية : يلازمها ريح شديد ليلا ونهارا صيفا وشتاء.

والثالثة : ملازمها المطر ليلا ونهارا ، صيفا وشتاء.

جزيرة المهراج :

قال صاحب تحفة الغرائب : هي جزيرة عامرة ، وهي في حدود الصين ، بها ملك يقال له المهراج ، يتحصل خراجه من بلاده في كل يوم ألف منّ من الذهب يتخذه لبنا ويطرحه في الماء ، والبحر خزانة ماله.

جزيرة الدّرر :

قال صاحب تحفة الغرائب : هي جزيرة عظيمة سكانها شبه الآدميين وأخلاقهم أخلاق الوحوش ، ليس لهم كلام يفهم ، يطيرون من شجرة إلى شجرة بغير أجنحة ، ولا لهم قوة في الطيران أن يعلوا كالطيور.

__________________

(١) ما بين المعقوفين يتطلبه السياق.

١٥٤

وبهذه الجزيرة حيات عظام ، منها (١) ما يبلغ الفيل.

وبها قرود بيض في غاية البياض كل واحد بقدر الجاموس الكبير.

وبها درّ بيض وحمر / وصفر يتكلمون بكل لغة تكون ، كلما كلمهم أحد بلسان ردوا له الجواب به.

وبالقرب منها جزيرة بها خلق كالآدميين بيض ، وسود ، وخضر ، لهم أجنحة يطيرون بها (٢) ، وليس لهم كلام يفهم.

جزيرة الورد :

قال ابن بحر السيرافي : إن في هذه الجزيرة ورد كثير أبيض وأحمر ، وأزرق. قال : جمعت منه (٣) في منديل وحملته معي ، فلما خرجت به من موضعه ، فإذا نار قد اشتعلت في المنديل أحرقت الورد ولم تحرق المنديل.

فسألت عنه ، فقيل : لا يخرج من مكانه ، ومتى خرج احترق.

وفي البصرة أيضا : ورد ، الوردة تعد فيها ألف ورقة ، مقسومة نصفين من غير شق بل نصفها أحمر في غاية الحمرة ، ونصفها أبيض في غاية البياض ، وللورد الأول منافع كثيرة للتداوي ، يتخذوه نيئا ثم يخرجوا ما به مصنوعا ، وحول ذلك الورد شجر الكافور.

جزيرة النساء :

قال صاحب تحفة الغرائب : هي جزيرة لا يسكلها قاصدها إلا ليلا على ضوء النجوم. تملكها امرأة واحدة ، وجندها كلهم نساء ، قيل أنها تحبل من الريح ، فمن ولدت أنثى أبقتها ، ومن ولدت ذكرا قتلته.

وقيل : بل عندهن بركة ماء عظيمة ، إذا أرادت المرأة الحمل نزلت إليها فلا تخرج إلا حامل.

وذلك ما رواه الشيخ الفاضل موسى بن المبارك قال : دخلت عليها وهي جالسة على سريرها عريانة ، وعلى رأسها تاج عظيم من الذهب مرصع ، وحولها أربعة آلاف بكر عذراء كأنهن (٤) الأقمار كلهن (٥) عرايا وجزيرتهن (٦) كثيرة الذهب جدا ، وفيها شجر

__________________

(١) في المخطوط : منهم ، وهو تحريف.

(٢) في المخطوط : بهم ، وهو تحريف.

(٣) في المخطوط : منهم ، وهو تحريف.

(٤) في المخطوط : كأنهم ، وهو تحريف.

(٥) في المخطوط : كلهم ، وهو تحريف.

(٦) في المخطوط : جزيرتهم ، وهو تحريف.

١٥٥

الأبنوس والخيزران.

وبإزاء جزيرة النساء جزيرة :

بها أشجار عليها (١) طيور يكاد نورها (٢) وحسن أرياشها (٣) يخطف الأبصار ، فإذا قصدها أحد غاصت في الماء.

جزيرة الأشخاص :

وذلك أن البحر إذا هاج ظهر من قاعه أشخاص سود / شبه الآدميين طول الواحد منهم أربعة أشبار ، يصعد للمراكب المسافرة ، ولا يحصل منهم ضرر لأحد ، ثم يقفزون للبحر عائدين ، وليس لهم كلام يفهم.

وفي هذا البحر سمك يسمى الأطيم ، وجهه كوجه الخنزير وبوزه ، وله فرج كفرج النساء ، وهو طبق لحم ، وطبق شحم ، وفيه مغائص اللؤلؤ الفاخر.

جزيرة تسمى جزيرة البنات :

لكثرة ما فيها من بنات البحر إذا صيدت تراها تشبه بني آدم لكن ليس لحسنهن نظير من سرتها إلى ركبتها شبه مئزر من جلد رقيق كأحسن ما يكون يستر عورتها يخرجن بالليل إلى الجزيرة ، فيأكلن من فواكهها ونباتها ، ويعدن قبل الفجر ، فيصطادوها بالكلاب.

وليس لأهل الجزيرة قوت إلا منها ومن السمك مما ينبت في جزيرتهم ، وفيهم الذكور كما فيهم إناث ، ولهم كلام بني آدم ، فإذا صيدوا فلا يتكلم منهم أحد.

جزيرة النسانيس :

قال صاحب تحفة الغرائب : هن عجيبين الخلقة لكل منهم يد واحدة ورجل واحدة يجمر جمرا ، كلامهم لا يفهم (٤) ، فصيح كبني آدم ، ولربما ينشدوا الشعر.

قال من رأى ذلك : دخلت هذه الجزيرة ، فسألت من نزلت عنده الفرجة على صيدهم ، فأرسلني مع أناس صيادين فدخلنا غابة تلك الجزيرة ، وإذا بها عامرة بالخيرات والفواكه ، وإذا واحد يجمر جمرا ، فأطلقوا عليه الكلاب فسمعته يقول وهو يعدو هذه الأبيات :

__________________

(١) في المخطوط : عليهم ، وهو تحريف.

(٢) في المخطوط : نورهم ، وهو تحريف.

(٣) في المخطوط : أرياشهم ، وهو تحريف.

(٤) في المخطوط : كلامهم لا يفهم ، وما بعده يفيد زيادة لا النافية ، فحذفتها.

١٥٦

قفا قليلا أيها الكلباني

ألقيتموني ملتقى الهوان

لو كنت شابا ما ملكتماني

لكن قضاء الله الملك الديان

يذلّ في الحرب عظيم الشاني

قال : فأخذه الكلاب فذبحوه.

فقال واحد من الصيادين : ما أحمر دمه؟! فإذا واحد في شجرة يقول : كان يأكل السماق كثيرا. فقالوا : هذا آخر ، فصادوه ، وإذا آخر يقول : لو سكت / سلم. فقالوا :

وهذا آخر فمسكوه ، وإذا أحد يقول :

احفظ لسانك أيها النسناسي

لا يرمينك عند شر الناس

تبقى قليلا في التراب معفرا

وينال لحمك كل قلب قاسي

فمسكوه. وأهل تلك الجزيرة ليس لهم قوت إلّا سمك البحر ونسانيس البر. وهن في قدر رأس (١) الغنم ليسوا كالنسانيس التي نعرفها (٢) ، وهو كالآدمي (٣) لو أشعره.

جزيرة النار :

قال صاحب تحفة الغرائب : هي جزيرة عظيمة بها جبل عظيم ، مطل على البحر له منافس في أعلاه يخرج منها نار عظيمة ، ترى من مسيرة عشرة فراسخ ، ترمي بشرر كأعدال القطن فيقع بعضه في البحر وبعضه في البر ، فما وقع في البحر صار حجرا خفافا تحك به الأرجل ، وما وقع في البر أحرق ما وقع عليه من حجر وبشر (٤) وحيوان ، ولا يحرق الخشب ولا الشجر ولا النبات.

الكركند :

هو حيوان أكبر من الجاموس له قرن واحد في جبهته ، أي وحش لحقه أو حيوان أو فيل يطعنه به فيقتله ، ويأكله.

ويبقى ولد الكركند في بطن أمه أربع سنوات ، ثم إذا حملته (٥) سنة أخرج رأسه من فرج أمه ورعى إلى أن يكمل له الأربع يخرج منها.

__________________

(١) في المخطوط : الرأس ، وهو تحريف.

(٢) في المخطوط : نعرفهم ، وهو تحريف.

(٣) في المخطوط : كالامي ، وهو تحريف.

(٤) في المخطوط : رسل ، وهو تحريف.

(٥) في المخطوط : حملها ، وهو تحريف.

١٥٧

ذكر نبذة من قصة (١) سليمان عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام وذلك مما أورده الكسائي :

قال الكسائي رحمه‌الله : كان نبي الله سليمان عليه‌السلام إذا ركب البساط ، دعا الرياح الثمانية فيسقط بعضها فوق بعض ، ثم يبسط بساطه على الرياح الثمانية ، وكان من السندس الأخضر ، أخضر البطن ، أحمر الظهر ، أرسله (٢) الله له من الجنة. وكان طوله ثلاثمائة وستون فرسخا في عرض عشرة آلاف ذراع. وكان إذا ركبه جعل اللون الأخضر مما يلي الأرض ، فإذا رفع الناس إليه رؤوسهم يرونه على لون السماء (٣).

وكان يجلس على كرسيه وعن يمينه ويساره العلماء والأحبار من بني (٤) / إسرائيل على كراسي معدة ، وهو جالس في وسط البساط ، وزمام الريح بيده ، ويتغدى على مسيرة شهر ، ويتعشى على مسيرة شهر كما قال الله تعالى : (غُدُوُّها شَهْرٌ وَرَواحُها شَهْرٌ) [سبأ : ١٢] وكان إذا جلس على البساط بأعلى كرسيه يرى كل شيء (٥) عليه من الأنس ، والجن ، والشياطين ، والهوام وغيرهم. والطير تظله ولا يقف على مدينة إلا فتحها.

صفة الكرسي :

وكان مما عمله صخر الجني ، كان مفضضا باليواقيت واللؤلؤ والزبرجد ، وأنواع الجواهر ، وحفه بأربع نخلات من ذهب شماريخها من الياقوت الأحمر والزبرجد الأخضر ، وعلى رأس النخلتين الأخيرتين ... (٦) من ذهب بعضهما (٧) مقابل لبعض.

وجعل مقابل جنبي الكرسي أسدين من ذهب على رأس كل أسد منهما عمود من الزمرد الأخضر ، وعقد على النخلات أشجار كرم من الذهب عناقيدها من الياقوت الأحمر.

وكان سليمان عليه‌السلام إذا أراد أن يصعد فوقه وضع قدميه على الوجه السفلي فيدور الكرسي كله كدوران الدب المسرعة وتنشر تلك النسور والطواويس أجنحتها ، ويبسط الأسدان أيديهما ويضربان الأرض بأذنابهما ، وكذلك يفعل الكرسي كلما صعد عليه سلمة يدور.

__________________

(١) في المخطوط : قصيدة ، وهو تحريف.

(٢) في المخطوط : أرسل ، وهو تحريف.

(٣) في المخطوط : اللون ، وهو تحريف.

(٤) تكررت هذه الكلمة في المخطوط فحذفت التكرار.

(٥) في المخطوط : كل على شيء ، ولفظ : على زائد فحذفته ليستقيم السياق.

(٦) كلمة لم أتبين قراءتها هذا رسمها : (لنران). ويحتمل أنها (نسران) حسب سياق النص بعد ذلك.

(٧) في المخطوط : عضهما ، وهو تحريف.

١٥٨

فإذا جلس أخذ النسران اللذان على النخلتين تاج سليمان فوضعاه على رأسه ، والطاووسان والأسدان مائلان برؤوسهما إلى سليمان فينضحن عليه من أفواههم المسك والعنبر.

ثم تناوله حمامة من الذهب خاتمه. وعلى عمود من الجوهر من أعمدة الكرسي التوراة (١) ، يفتحها سليمان ويقرأها على الناس ، وإذا وقف أحد بين يديه للقضاء ، وتقدمت الشهود لإقامة البينة ، دار الكرسي بما فيه فتهابه الشهود فلا يشهدوا إلا بالحق.

وذلك ما رواه أبو إسحاق الثعلبي ، ووهب بن منبه.

فلما توفي سليمان ، وجاء بخت نصّر إلى بيت المقدس أخذ الكرسي / وحمله إلى أنطاكية وأراد أن يصعد عليه ، فلما وضع قدمه على الدرجة السفلى رفع الأسد يده اليمنى وضربه ضربة شديدة دقه ، ورماه ، فحمل ولا زال منها أعرج إلى أن مات.

وبقي الكرسي بأنطاكية حتى غزاهم ملك من ملوك الشام يقال له : كراس بن سداس فهزم خليفة بخت نصّر ، ورد الكرسي إلى بيت المقدس ، ولم يستطع أحد من الملوك الصعود فوقه ، فوضع تحت الصخرة ، فغاب ولم يعرف له خبر ، ولا يدرى أين هو والله أعلم.

ذكر خبر بلقيس وبدء أمرها :

قال الكسائي : قال كعب : هي بلقيس بنت ذي أشرح ، وهي متولدة من بين الإنس والجن (٢) ، وأمها عميرة بنت ملك الجن. وسبب ذلك ، قال الكسائي : لما أهلك الله مساكن سلموا مخيل الكرم وفوضوا أمرهم (٣) إلى رجل جبار يقال له أشرح الحميري ، وكان جعل له على قومه فرضا في كل أسبوع يأتوه بجارية من بناتهم فيفضها ، ثم يردها إلى أهلها. وكان داء أشرح وزيره ، وهو من أبناء ملوك حمير من ولد سبأ. وكان لدى أشرح ألف قصر ، وألف فرس عتيق ، وألف سيف يمان. وكان يرجع إلى حسن وجمال ،

__________________

(١) في المخطوط : التورية ، وهو تحريف.

(٢) هذا خبر تلوح عليه علامات الوضع لكل من لديه ذرة من عقل. وأنا لم أعلق على أي خبر من أول الكتاب إلى هنا ، لكن هذا الخبر من أخبار كعب الأحبار ومعلوم من هو وما هي درجة توثيقه ، فكيف وقد تكلم بما لا يقوله من لديه مسكة من عقل ، وهذا الأمر يقول به بعض من يدعي علاج الجن وهو من أظهر البواطيل حيث أن الفقهاء قالوا : إن هذا أمر لا يمكن حدوثه ومن وجدناها حاملا وليس لها زوج أقمنا عليها الحد ، ثم أن الطب الحديث بين لنا وعرّفنا عدم حدوث مثل هذا الأمر لاختلاف التركيبة البشرية عن التركيبة الجنيّة. فالله أسأل العصمة من الزلل وأن يرزقنا حسن الاعتقاد وحسن الختام بالموت على دين الإسلام.

(٣) في المخطوط : وانقرضوا إلى أمرهم ، وهو تحريف وزيادة ، فضبط العبارة.

١٥٩

وعقل ، وكان مولعا بالصيد ، وكانت الجن تتصور له في صور الظباء ، فإذا صادهم ، وهمّ بذبحهم كلموه ، وقالوا له : لا تعجل (١) ، فإنما جئنا للنظر إلى محاسن وجهك.

وكان اسم ملك الجن عمير ، فمر ذي أشرح يوما بواد من بلاد اليمن كثير الأشجار فنزل به حتى إذا جنّ الليل ، وكان في جمع قليل من أصحابه هممته الجن ، فقام ونادى :

يا معشر الجن ، قد نزلت بكم الليلة على أن تضيفوني ، وإني جار لكم ، فأسمعوني (٢) من أشعاركم (٣).

قال : فأنشدتهم الجن من أشعارهم وجاءته حميرة بنت عمير ملك الجن على أحسن صورة ، فلما نظر إليها ذهل عقله من حسنها / وغابت عن عينيه وشغف بها [فقال](٤) : يا معشر الجن ، إن أنتم زوجتموها مني وإلا كنت لكم حربا ما عشت أبدا.

فنادوه : يا ذي أشرح ، إنك آدمي ، فكيف تقاتل الجن ، ومسكنهم الهواء ، وظلمات الأرض بميلا؟ لا تعرض نفسك للهلاك إلى ما لا تقدر عليه.

فلما سمع ذلك آيس من زواجهم ، ثم أنه أخذ في موالغة الجن كلما خرجوا له لينظروا إليه وصار يهاديهم ، فصادقه حمير ملك الجن ، وآخاه وألفه حتى صار عنده كالأخ فلما رأى ذلك ذي أشرح قال له : هل (٥) لك أن تزوجني ابنتك عميرة ليكون لي بذلك الشرف إلى الممات؟ فرغب فيه لحسنه وجماله وشرفه وحسبه وماله ، فزوجه ابنته بحضرة سادات الجن. وانصرف ذي أشرح إلى مدينة المسك سبأ وأهدى هدايا كثيرة إلى ملك الجن وساداتهم ، ثم زفت إليه فوطئها فحملت منه ببلقيس.

ذكر خبر بلاد بلقيس رضي‌الله‌عنها :

قال : وولدت عميرة بنت ملك الجن بلقيس بنت ذي أشرح على أحسن ما يكون من الصور ، ثم ماتت أمها بعد ذلك بقليل فربتها الجن ، فلما بلغت مبلغ النساء قالت لأبيها : إني كرهت المقام عند الجن ، فاحملني إلى بلاد الإنس.

فقال لها : إن للإنس ملك جبار وسنة كذا في بنات قومه ، وأنه يفتض الأبكار ويردهن إلى أهلهن بالعار.

فقالت : لا تخش عليّ. فبنى لها قصرا خارج مدينة سبأ من أعظم ما يكون من

__________________

(١) في متن المخطوط : تجعل ، والتصويب من هامشه بخط الناسخ.

(٢) في المخطوط : فاستمعوني ، وهو تحريف.

(٣) في المخطوط : أشعارهم ، وهو تحريف.

(٤) ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السياق.

(٥) قبل تلك الكلمة لفظة : بها ، وهي زائدة على السياق فحذفتها.

١٦٠