الفوز بالمراد في تاريخ بغداد

سليمان الدخيل

الفوز بالمراد في تاريخ بغداد

المؤلف:

سليمان الدخيل


المحقق: الدكتور محمّد زينهم محمّد عزب
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الآفاق العربيّة
الطبعة: ١
ISBN: 977-344-046-X
الصفحات: ٣٥٣

الفصل العاشر

انتصار ارغون على أخيه تكودار اغول وأخذه

بغداد وذكراهم ما جرى فى عهده

لما حارب أرغون أخاه أحمد وانتصر عليه سلم عنان دار الخلفاء إلى أخيه بايدو أغول سنة ٦٨٣ ه‍ (١٢٨٤ م) فاستوزر هذا الأمير بوقا الذى نسب إلى شمس الدين محمد بسم باقا ولهذا أمر بقتله وقتل أولاده الثلاثة.

ولقد ظهر تملك أرغون على بغداد والعراق بما بذل من السعى المحمود فى حفر نهر جديد يخرج من الفرات وبدفع ماءه فى سهل كربلآء.

وبعد قتل شمس الدين بقليل أمر القائد أروق أخو بوقا الذى كان وزيرا لأرغون وكان بيده إمرة الجيوش فى العراق العربى فى عهد الأمير بايدو بأن يقتل ابن آخر لشمس الدين واسمه خواجا هارون وكيل الولاية لأنه كان يظنه أنه متفق مع مجد الدين أثير الذى كان قد نسب إلى أروق العبث بأموال الدولة. ثم أن أروق قبض عليه وقتل حالا بعد قتل أخيه بوقا.

وممن اشتهر فى ذلك إلا وأن الطبيب اليهودى سعد الدولة فأنه خلف جلال الدين السمنانى فى الوزارة المالية وكان طبيبا خاصا لأرغون لكنه كان يقيم اعتياديا فى بغداد.

فعلمه طول الإقامة الإطلاع على حالة المال فى الولاية ولما كان واقفا اتم الوقوف على بخل القان المغولى كان يكلمه دائما عما اختلسه وكلاء أروق وحالة واردات الأموال الأميرية وكل ذلك طمعا فى تحويل فكره عن الأشغال المبهمة وانتهى به الأمر أن بين له أنه أغلب أموال الدولة ذهب إلى خزائن أروق ومنها إلى خزائن أخيه بوقا الوزير. ومن جملة الشواهد التى أتى بها دعاما لرأيه ما ذكر

٢٢١

له من هدم عدة مدارس وخانات بل هدم جامع وأخذ موادها لبناء ما قد أمر به أروق المذكور وفى الأخر نجح اليهودى فى دسائسه فعين له رجلان من زعماء الدولة وهما أردو قيان وبيان سكورجى وعهد إلى ثلاثهم أن يفصحوا دواوين الحساب ويقبضوا الواردات. فجمع سعد الدولة من ذلك مبلغا طائلا وسلمه بيد أرغون فلما رأى هذا ما فى هذا الطبيب من الكفاءة والجدارة إقامه مراقبا على دخل المملكة وخزانتها.

فلما بلغ اليهودى هذا المبلغ من علو المرتبة أقام أخاه فخر الدولة ناظرا عاما على مزارع العراق وسائر أقاربه فى وظائف أخرى من وظائف الدولة فى أقطارها المختلفة القريبة من بغداد.

ولما مات أرغون أثر مرض لم يمهله زمنا طويلا جمع سعد الدولة حسنات كثيرة ودفع إلى أهل الجباية فى بغداد ثلاثين ألف دينار من البقايا إلا أن قتل هذا الوزير قلب ظهر المجن لليهود وذلك أن بعض كبار الدولة تأمروا على الفتك بحياته فنجحوا فى مؤامرتهم وكان قتله قبل وفاة أرغون التى وقعت فى ٧ ربيع الأول سنة ٦٩٠ ه‍ (ـ ١٠ آذار سنة ١٢٩١ م) ومنذ ذاك الحين ضيق على اليهود تضييقا عظيما حتى عد ذلك الضيق من أعظم المصائب التى نزلت بهم. وقام المسلمون فى بغداد قومة واحدة وبأيديهم الأسلحة هجموا على اليهود فى محلتهم هجوم الأسد الضرغام إلا أن اليهود كانوا قد استعدوا لهذه الموقعة فدافعوا عن أنفسهم دفاع الأبطال وردوا مهاجميهم على أعقابهم وكان القتل فى الجانبين عظيما جدا (إلى هنا نقلا عن ابن العبرى وذو صون ورصاف وغيرهم).

٢٢٢

الفصل الحادى عشر

سلطنة كيخاتو

خلف أرغون كيخاتو على عرش السلطنة إلا أن أمرآء المغول ما عتموا أن كرهوه لكثرة مفاسده وخلعه عذار الحياء فعقدوا النية على تمليك بايدو وقبل أن يستوى هذا على العرش دفع بعض الناس إلى قتل محمد السكوريجى الذى كانت بغداد بيده وما قتل إلا ورفع البغداديون علم العصيان والتمرد ولما رقى بايدو تخت المملكة عين حاكما على بغداد تودواجو أحد أخصائه فصادر سكان المدينة واستنزف أموالهم واعتصرهم إعتصارا لم يسمع بمثله.

٢٢٣

الفصل الثانى عشر

تملك غازان أو قازان

قبض غازان على عنان الملك بعد كيخاتو وفى غرة ملكه ضيق الإسلاميون على الذميين تضييقات لايقى وصفها القلم وكان أشد هذه المحن وقع فى نصارى بغداد حتى لم يجسر واحد من الرجال أن يظهر فى الطرق تحث نساؤهم بالذهاب إلى السوق لمشترى الأطعمة لأنهن كن يتزين بزى المسلمات كما أنهن كن يبعن ما يلزم بيعه طلبا للرزق والربح إلا أن المرأة كانت إذا عرفت أنها نصرانية أهنيت أشد الأهانه وضربت ضربا ربما اودى بحياتها.

وممن امتحن بهذه المحنة سائر الذميين من يهود ومجوس وإن لم تكن محنتهم بالدرجة التى وصلت إليهم محنة النصارى.

وفى ذلك العهد أيضا انتشل المسلمون من أيدى النصارى الكنيسة التى كان قد بناها الجاثليق مكيكا فى قصر الدويدار الذى أعطاه أباه هولاكو. وزد على ذلك أنهم نبشوا قبره واستخرجوا رفاته ورفات خلفه دنحا والقوها على الأرص فأسرع النساطرة وتلقفوها ودفنوها فى بيع أخرى من بيعهم (إلى هنا نقلا عن ابن العبرى وذو الصون وشابو وغيرهم).

وأما الخراج الذى كان يؤدي الذميون ولا سيما النصارى عن الأرضين التى ابقيت لهم فكان غازان قد ميز بغداد عن سائر بلاد مملكته فى الأمر لذى اصدره فى شهر رجب من سنة ٧٠٣ ه‍ (ـ شياط سنة ١٣٠٤ م) إذ أوجب فيه على أهل سائر المدن أن يدفعوا الخراج مرة واحدة فى السنة من نوروز الربيع إلى اليوم العشرين منه وأما فى دار الخلفاء فكان يجيى فى أيام الحصاد إلى مدة عشرين يوما.

٢٢٤

وكان غازان بشتى فى بغداد ويقضى أيامه فى الصيد فى السهول التى تكتنف المدينة وفى ١٨ ذى القعده من سنه ٦٩٥ ه‍ (ـ ٢٩ ايلول ١٢٩٦ م) غادر جوار مراغة واخذ معه أكابر دولته وذهب بهم على شواطئ دجلة فوصلها بعد ثلاثة أشهر فى شهر كانون الأول وقضى أيام الشتاء وأخذ يتصيد فى العراق وبرحه طالبا همذان فى ١٤ جمادى الأولى سنة ٦٩٦ ه‍ (ـ آذار سنة ١٢٩٧ م) وأمر بأن يقام فى دار الخلفاء كما فى سائر مدن المملكة دور ضيافة سماها (دور السيادة) لانزال السادة أبناء ذرية على بن أبى طالب فى رحابها ومقاصيرها وحبس عليها الأموال الطائلة لنفقتها ونقفة من ينزلها من العلويين.

وفى حين زحفته الثالثة على ديار الشام عبر غازان الفرات إلى الحلة فى ١٠ جمادى الثانية من سنة ٨٠٢ ه‍ (ـ ٣٠ كانون الثانى سنه ١٤٠٣ م) وفى اليوم السادس من عبوره الفرات ذهب لزيارية قتيل كربلاء وعين للسادة لتقيمين بجوار التربة ثلاثة آلاف من الخبز فى اليوم الواحد من ربع الأرضين التى يسقيها النهر الأعلى الذى حفره غازان وكان شقة من الفرات إلى مشهد الحسين ناقلا ماء زلالا إلى بلدة مدفن الحسين وقال ذو الصون فى كتابه تاريخ المغول.

أمر غازان فحفر فى أرض الحلة نهرا يأخذ ماءه من الفرات ويدفعه إلى مرقد الحسين ويروى سهل كربلاء اليابس الفقر. وما جرى الماء إلا وفرش عليها بسلطا أخضر كله محاسن ولبست الأرضون ثيابا سندسية سداها مختلف النبات ولحمنها ألوان الأشجار وكانت غلتها تزيد فى السنة على مائة ألف طغار من الحبوب تفوق حبوب بغداد حسنا وجوهرا ، وأمر غازان أن يوزع كل سنة مقدار وافر من الحنطة على السادة الفقرآء الذين كانوا يأوون إلى المرقد وعددهم كان هناك عديدا.

وتسمى ذلك النهر «نهر غازان الأعلى» «أو النهر الأعلى الغازانى» تمييز له عن النهر الأخر الذى كراه هو أيضا ويأخذ ماءه من الفرات وينزل به إلى مرقد السيد أبى الوفاء وكان الباعث على شق هذا النهر أنه ذهب يوما يتصيد فاقضى به الصيد إلى السهل الفقر الذى فيه مرقد هذا السيد. واراد حينئذ أن يورد دوابه وخيله فلم يجد ثم ماء فالى على نفسه أن يجلب الماء إلى ذلك الوطن ويسقى أراضيه ففعل وسمى هذا النهر «نهر غازان الأسفل» أو «النهر الأسفل الغازانى»

٢٢٥

وكأنه لم يكتفى بهذين النهرين فحفر نهرا ثالثا فى الطرف الشرقى من بادية كربلاء واشتهر باسم «نهر غازان» واوقف غلات تلك الأنهر وريعها لمرقد أبى الوفاء ولاوقاف شيئا توفى غازان فى الرى سنة ٧٠٣ ه‍ (ـ ١٣٠٠ م).

٢٢٦

الفصل الثالث عشر

تملك الجايتق أو خربندة بن أرغون

وبعد أن توفى غازان تسلم سرير الملك «الجايتق» وكان يشتى فى بغداد ويصيف فى «السلطانية» وهى مدينة من بنائه ومن شتواته شتوة سنة ٧١١ ه‍ ، ٧١٢ ه‍ (ـ ١٢١١ م ـ ١٣١٢ م) فسافر من بغداد فى ربيع هذه السنة الثانية المذكورة وكان وزيره تابع الدين على شاه وكان فى السابق جواهريا وبزازا وكان سعد الدين الساوجى الوزير الذى سبقه قد أودع إلى عهدته رئاسة معامل بغداد الملكية تخلصا منه وابعادا أياه من حوالى الملك ولم يشتهر هذا السلطان بأمر يذكر راجع إلى بغداد غير ما ذكرناه ويسمى العرب هذا الملك خربندة بن أرغون ملك على العراق كله وخراسان فضلا عن بغداد وكانت مدة حياته ثلاثين سنة.

وقد ذكر بعض المؤرخين من الفرس كلمة خربندة مصحفة بصورة خدابندة.

والأصح الرواية الأولى وأن تابعهم فى غلطهم هذا البستانى فى دائرة المعارف فى مادة بغداد (فى ٥ / ٥١٥) وإنما صحفوها بصورة خدابندة تعصبا لا طلبا للحقيقة لأن معنى خربندة عبد الحمار أو خادم الحمار وأما خدابندة فمعناه عبد الله أو خادم الله راجع تاج العروس فى مستدرك مادة خرد. تره يقول : وخربنده ملك العراق فارسية أى عبد الحمار» أه وأزيد على ذلك أن كلمة خربندة معروفة إلى يومنا هذا فى بغداد. ومنها بستان خربندة.

٢٢٧

الفصل الرابع عشر

سلطنة أبى سعيد بهادر بن

خربندة بن أرغون بن اباقا أو ابغا بن هولاكو

لما أمتطى أبو سعيد بهادر بن خربندة صهوة المملكة لم يكن عمره يتجاوز السنة الثالثة عشرة وكان ذلك سنة ٧١٦ ه‍ (ـ ١٣١٦ م) واستوزو له الأمير جوبان وأودع أولاده سائر الولايات وأقامهم حكاما عليها فوقعت بغداد فى حصة أحدهم ولما استحكمت عرى الصداقة بين الخان ووزيره هام السلطان «ببغداد خاون» ابنة جوبان وزوجة الشيخ حسن الإيليخانى فلما رأى ذلك الوزير وما يترتب على هذا الأمر من العواقب الوخيمة وما يدور عليه من الدوائر الطاحنة أرسل صهره مع أبنته إلى قره باغ وحسن للخان قضاء الشتاء فى جوار بغداد فنجح فى مسعاه مع ما بذل الوزير «ملك ناصر الدين» فى سبيل أحباطه لاجل توفق جوبان إلى أن ينفى الوزير المذكور إلى خراسان وإلى قنلى وقتله فى أثناء الطريق.

وذهب أبو سعيد من بغداد إلى السلطانية فقتل فيها «دمشقى خواجا» ابن جوبان على وشاية لا غير فاوعز هذا العمل صدر الأمير جوبان ودفعه إلى العصيان والخروج على السلطان سنة (٧١٩ ه‍ ـ ١٣٢٠ م) إلا أن رؤساء الجيوش خانوه فولى مدبرا خراسان ومنها إلى هراة طالبا الخلاص مستغيثا بالملك غياث الدين ، فلم يتوفق إلى النجاة فقتل بأمر أبى سعيد وبلغ عدد قتلى الفتنة ثلاثين ألف نسمة. وفى سنة ٧٢١ ه‍ ـ ١٣٣٢ م أرسل بهادر هدية للسلطان الناصر راقت فى عينية ثم بعث بهادر المذكور إلى بغداد فيجا يخبر أهلها باراقة الخمور وإبطال

٢٢٨

الفواحش فنادى المنادى بذلك فى الأسواق والشوارع ومما ذكر أنه وجد فى بيت رجل ذمى خابية خمر خذت الخابية واهريق ما فيها وكسرت ووضعت العلائم على الذميين من نصارى ويهود تمييزا لهم من الإسلاميين عند وقوع الفتن بسبب الخمر والعهر فأسلم كثير من الذميين والتتار ، ومات بهادر سنة ٧٣٦ ه‍ ـ ١٣٣٦ م وكانت مدة ملكة عشرين سنة.

٢٢٩

الفصل الخامس عشر

سلطنة أريا غاوون أو اريا خان

وموسى خان وحسن الإيلخانى وحسن الجوبانى

«على باشا» أو على رواية بعضهم «عليشاه» وأصح الروايات (على بادشاه) كان حاكما على بغداد لما خلف أريا غاوون على سرير السلطنة سلفه ابا سعيد وكان على المذكور شيخ فخذ من قبيلة الأويرات (المعروفة عند الأجانب باسم الويثة) قد أقام فى نواحى بغداد مع قومه وهو أخ (الحاجة خاتون) أم السلطان (أبى سعيد) فالتجأت إليه زوجة أبى سعيد الثانية واسمها (دلشاد خاتون) أبنة «دمشق خواجا» وكانت يومئذ حبلى خائفة على حياتها وقد فزعت هذه الخاتون إلى على بادشاه حلا بعد مبايعة أريا غاوون وليس بعد وجود (بغداد خاتون) أول زوجة السلطان مخنوقة فى حمام على ما رواه نظمى زاده فان خنق (بغداد خاتون) كان بعد ذلك بقليل.

أما على بادشاه فاستنفر للحال الأويرات ونادى بموسى خان سلطانا على المغول وهو ابن حفيد هولاكو فنفره قومه وابلو بلاء حسنا وهزموا أريا غاوون وأعوانه فولوا الأدبار إلا إنهم تأثروه وقبضوا عليه وقتلوه بعد أن ملك ستة أشهر.

فقام فى تلك الأثناء الشيخ حسن صاحب عساكر بلاد الروم أسية الصغري وقائدها وتحزب لرجل آخر من سلالة هولاكو وهو محمد خان فانجده على موسى خان وعلى بادشاه وغلبهما وكسرهما وخذلهما فى وقعة آلاطاغ فى ١٤ ذى الحجة سنة ٧٣٦ ه‍ (ـ ٢٤ تموز ١٣٣٦) وقتل فى المعركة على بادشاه ، أما

٢٣٠

موسى فأنه ولى منهرما إلى بغداد وكان الأويرات قد تملكوها.

وفى شهر ذى الحجة من سنة ٧٣٧ ه‍ (تموز سنة ١٣٣٧) قتل موسى بأمر الشيخ حسن وكان موسى هذا قد أسر بعد أن فر هاربا من معركة دارت رحاها عليه فى جوار مراغة وكان قد حارب فيها دفاعا عن طوغاى تيمور الذى اقامه خوارج خراسان رئيسا عليهم.

وأما محمد خان فأنه قتل فى السنة التالية فى عنفوان الشباب وغضاضة الأهاب بعد معركة نخجبوان التى دارت دائرتها عليه فى ٢٠ ذى الحجة سنة ٧٣٨ ه‍ (١٠ تموز ١٣٣٨) وكان قاتله أحد خصوم الشيخ حسن الأيليخانى واسمه كاسمه فسمى حسن الجربانى تمييزا له من سميه.

فلما اضمحل أثر الخصمين وقع أمر ازال ما فى المعضلة من الأشكال وهو أن حسن الأيليخانى أخذ العراق وحسن الجوبانى اختص لنفسه اذربيجان ثم أختار الأول ملكا وسلطانا شاه جهان تيمور من صلب كيخاتو بن اباقا وذلك بعد أن رأى نفسه مكرها على أن يترك طوغاى تيمور لكثرة مادس حسن الجوبانى من الدسائس والحيل ، وأما هذا فسمى نفسه سليمان خان بن محمد من سلالة هولاكو فطرت شرارة الحرب مرة أخرى ودارت رحاها على حسن الأيليخانى وفر هاربا فازعا إلى بغداد وتحصن فيها وأعلن بسيادته عليها وعلى هذه الصورة انتهى ملك المغول فى دار السلام وحقر الإسلام وذلك فى سنة ٧٤٠ ه‍ (ـ ١٣٣٩ م ـ ١٣٤٠ م) انتهى ملخصا عن ابن العبرى وذو صون ونظمى زاده وكتاب منتجع المرتاد فى تاريخ بغداد وهو كتاب خط لمؤلفه جبرائيل حنوش أصفر.

٢٣١
٢٣٢

الباب الثانى

بغداد بيد الإيلخانيين

٢٣٣

الفصل الأول

دولة الأيلخانيين أو الجلائريين

آفبقا أو آق بغابن إيلك خان أو أيلخان أو أيلكان بن جلائر ـ كان أمير الأمراء فى عهد كيخاتو خان وقتل فى الفتن التى حدثت عند جلوس بايدو على سرير المملكة وتزوج ابنه الأمين حسين من أبنة أرغون وأصبح فى عهد أبى سعيد شيخا للرحل المبثوثين فى خراسان ورزق ولدا هو هذا الشيخ حسن الأيليخانى الذى تملك على حكومة بلاد «الروم آسية الصغرى» فى عهد أبى سعيد وقد رأيت ما وقع له من الحوادث قبل أن يستقل بملك. بغداد فى سنة ٧٤٠ ه‍ (ـ ١٣٣٩ م ـ ١٣٤٠ م) وكان قد تزوج بدلشاد خاتون) أبنه دمشق خواجا زوجة أبى سعيد الثانية التى كانت قد رزقت منه سلطان أويس الذى خلفه بعده.

وقد سبقنا فقلنا أن الأمير الشيخ حسن الأيليخانى غلب فى المعركة التى نشبت بينه وبين حسن الجوبانى فلما رأى ما صار إليه من الحال عاد ادراجه إلى بغداد وكان فيها ابنه السلطان أويس بمنزلة حاكم ونادى فيها بالاستقلال وملك سبع عشرة سنة وشيد مبانى فخيمة فى النجف وتوفى فى بغداد فى سنة ٧٥٧ ه‍ (١٣٥٦ م) ودفن فى النجف بجوار مدفن على بن أبى طالب ، وقال بعض المؤرخين بل أن حسن الكبير الأيليخانى ملك عشرين سنة فلا شك أنهم حسبوا فى هذه المدة السنوات التى غاب فيها عن بغداد قبل أن يجهر بالاستقلال.

وملك بغداد بعد حسن الكبير أبنه السلطان أويس وذلك فى شهر رجب سنة ٧٥٧ ه‍ (أى تموز سنة ١٣٥٦ م) وفى شهر نيسان من السنة التالية من سلطنة السلطان أويس حدث طغيان دجلة فغرق وافنى شيئا كثيرا من مال ورجال وقد نظم خندمير بيتين فى هذا المعنى وهما.

٢٣٤

يسال هفصد وپنجاه وهفت كشت خراب

باب شهر معظم كه خاك بر سر آب

دريغ روضة بغداد آن بهشت آباد

كه كرده است خرابش سهر خانه خراب

أى فى سنة ٧٥٧ ه‍ (ـ ١٣٥٧ م) أخرب الماء البلدة المعظمة (بغداد) محق الله ذلك الماء. وآأسفاه على بغداد تلك الروضة الغناء التى كانت تشبه الجنة فقد اخربتها السماء سماء عساها تكون بدون سماك ـ (ترجمة بتصرف).

وفى ربيع سنة ٧٥٩ ه‍ (ـ ١٣٥٨) زحف أويس بجيش جرار على اخيجوق بجوار تبريز وكان اخيجوق قد تملك على آذربيجان غير أن السلطان أويس لم ينجح إلا بعض النجاح فى زحفته لأن أحد قواده خانه حبا ببلهنية العيش فالتزم أن يعود إلى بغداد وقد تّرك آذربيجان لصاحبها الجديد ، وفى ذلك الحين خرج عليه فى بغداد مولاه الخواجا مرجان وكان سيده أويس قد أبقاه فيها بمنزلة حاكم عند زحفه على العدو ، وإذا بمرجان قصد الإستقلال بحكومة بغداد وتملكها ، ولا سيما لأن بغداد كانت محاطة بالمياه من كل جانب ، فأصبحت كالجزيرة المنيعة التى لا ترام بيد أن السلطان أويس دخل إليها ، وكان معه أربعمائة سفينة مشحونة بالمقاتلة والذخائر ، وما ابطا أن نصره الله على مولاه الخائن وقهره وفرق شمله ومزق حزبه ثم عفا عنه عفو الكرام ، إجابة لطلب أهل بغداد والحاحهم عليه إلا أنة نزع منه الحكم على المدينة ولم تعد إليه إلا عند وفاة سلطان شاه الخازن التى وقعت فى سنة ٧٦٩ ه‍ (الموافقة لسنة ١٣٦٧ م ـ ١٣٦٨ م).

واراد الخواجا مرجان التكفير عن خيانته والتقرب من عزته تعالى بالمبرات والحسنات فأنشأ الأوقاف الطائله الجديرة بالملوك وأقسام المدرسة المعروفة باسمه وفى وسط تلك المدرسة بنى مسجدا غير أنه لم يبق من تلك الأبنية فى يومنا هذا إلا المسجد بل بعضه وحسبك دليلا على ما كان عليه من حسن البناء مدخله فإن عواميده الملتفه والنقوش المختلفة والنقوش التى تزينه بنبئك عما كان فى سابق الزمن وعلى أى طرز من كمال البناء وضع.

٢٣٥

استطراد فى جامع مرجان وأوقافه المحبوسة على مدرسته

قال السيد الأستاذ والسند الملاذ الشيخ محمود شكرى أفندى الألوسى من له فى كل علم من علوم العرب امتن القسى ما هذا نصه بل فصه.

هذا مسجد رصين البناء راسخ القواعد مشيد الأرجاء مبنى بالحجارة المهندسة ذو طبقتين سفلى وعليا فيه مصلى واسع وحجر فى الطبقة السفلى والعليا وقد جعله بانيه مدرسة حاكى بها المدرسة النظامية وجعل الحجر مساكن لطلبة العلم ومحال لإقامتهم فيها وأجرى عليهم الجرايات الوافرة ورتب لهم المدرسين من كل مذهب وأوقف الأوقاف الكثيره وما أوقفه من العقارات مذكور على جدران هذه المدرسة وداخل المصلى وهذا نص ما كتب على جدر المصلى والمحراب فى ايوان.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذى وفق المطيعين لعمارة ابنية بيوت العبادات والهم المخلصين اشادة أعمدة دور الطاعات ورفع ذكر الولاة بتأسيس قواعد معالم المكرمات ودل أرباب السعادات على سلوك سبل الخيرات ومنح المحسنين بتشريف أن الحسنات يذهبن السيئات وحباهم بمآل «أن المتصدقين والمتصدقات» والصلاة والسلام على نبى الرحمه محمد المصطفى خير الأنام وأصحابه مصابيح الدجى وبدور الظلام.

أما بعد فيقول المفتقر إلى عفو الملك المنان مرجان بن عبد الله بن عبد الرحمن بدل الله سيئاته حسنات أنى هاجرت مدة فى الأرض وجاهدت سنين فى الطول والعرض ذا شمال ويمين متورطا فى مخاوف البر والبحر متواردا فى متالف البرد والحر حتى ادانى الجد الصاعد وادنانى التوفيق المساعد فعلمت أن الدنيا دار الفرار والأخرة هى دار القرار وايقنت أن أولى ما انفقت فيه الأموال وأحرى ما توجهت إليه همم الرجال ما كان وسيلة إلى أبواب رحمته محط الرحال وذخيرة ليوم المحاسبة والسؤال وقد قال النبى عليه الصلوة والسلام «إذا مات ابن أدم أنقطع عمله إلا عن ثلاث. صدقة جارية وعلم ينتفع به وولد صالح يدعوا له» (١)

__________________

(١) متفق عليه.

٢٣٦

والصدقة الجارية هى الوقف فشمرت عن نية صادقة صافية وسريرة للخير وافية. وشرعت فى عمارة هذه المدرسة المسماة بالمرجانية وتوابعها المتصل بعضها ببعض فى زمن المخدوم الأعظم الدارج إلى جوار الله ورحماته المستريح على أعلى غرفات جناته حسين ثوبان أنار الله برهانه وتممت فى دولة نور حدقته ونور حديقته. المخدوم الأعظم الأعدل رافع رايات السلطنة على الأفلاك ناصر غايات المملكة إلى السماك صاحب ذيل الرحمة على الإعراب والأتراك. محيى مراسم الملة المصطفوية مزين شعار الدولة الجنكيزية حاجيج شاه أويس خلد الله ملكه ووقف على الفقهاء وطلاب العلم والتفسير والحديث والفقه على مذهبى الإمام الأعظم محمد بن إدريس الشافعى المطلبى والإمام الأقدم أبى حنيفة نعمان بن ثابت الكوفى رضى الله عنهما.

ووقف على مصالحها كما شرح فى الوقفية الموقعة بتوقيع قضاة الإسلام الموشحة بشهادة الأمراء والوزراء العظام بالريحانيين أربعة وأربعين دكانا وأثنتى عشرة عصارة هى السوق الجديد المجاور للمدرسة والصاغة وتسعة عشر دكانا أخرى وثلاثة خانات ونصف خان أحدها إنشاء الواقف ومواضع بالبدرية وبالأمشاطيين ثلاثة دكاكين وبالمشرعة أربعة عشر دكانا وخانا جديدا من إنشاء الواقف تقبل الله منه صالح الأعمال وبالحلبة ثلاثة عشر دكانا وعصارة وخانا فيه أثنتان وخمسون حجرة وفى الجانب الغربى من محلة القصر دارا ومدارا وخانا يعرف بالجوارى وفى الخليلات خان الزاوية ومدارا هى الأن من حقوق الخان المذكور وبالحريم دكان الكاغذ. وبنهر عيسى ناحية عقرقوف ونصف القائمية وتل دحيم وبساتين بالمخربية وبساتين بقرية البرك والجوبة ومراح الجاموس بالصراط مزرعة وبالقاطول ناحية زادمان وبجلولى من خاناباد النصف ومن بساتين ببعقوبا وببوهرز النصف وبخانقين دورى ونصف دورى وارحية الماء وفى غمايا ودولتاباد وبساتين فى البندتيجين وبستانا جديدة ببهرز إنشاء الواقف ونهر خرناباد وسائر أراضيها ومزارعها المدعوة هرارثة وذلك بين جبل حمرين وخانقين.

وقفا صحيحا شرعيا مؤيدا مخلدا محرما بجميع ما حرم الله مكة والبيت

٢٣٧

الحرام والركن والمقام لا زال ذلك كذلك إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين لا يندرس بكرور الأعصار ولا ينطمس بمرور الأدوار لا يؤجر من متغلب ومتعزز وجندى ومن يخاف غائيته بل يؤجر من رجل مسلم معامل بتمكين الوالى على هذا الوقف من مرافعته بين يدى الحكام وقضاة الإسلام ما يتوجه عليه من ضمان الوقف ومن فعل ذلك فتلك الإجازة باطلة وتصرفه حرام ووصيتى نسخت إلى حكام كل زمان وعصر وأوان وإلى قاضى القضاة ببغداد أن يساعد الوالى على هذا الوقف واستخلاص الحقوق الواجبة لوقف هذه المدرسة وأن ينظروا إليهم بنظر الرحمة والرافة فإن الحاكم العادل فى رعيته كالوالد الشفيق على ولده الأوان ، كل من سن سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ، ومن سن سنة سيئة فعليه ورزها ووزر من يعمل بها إلى يوم القيامة ، وأن لا يتعرضوا بمتولى هذا الوقف ومستوفيه ومشرقه من استرقاع حساب أو نصب أو ترتيب ولا يداخلوهم فى ذلك بشبهة من الشبه ولا يعقد بهذه المدرسة ديوانا لفصل القضايا الشرعية أو ينازعوا فيه فإن هذا الموطن موطن العلماء ومنزل الصلحاء طوبى ثم طوبى لم استجلب ترحما لنفسه وويل ثم ويل لمن صاحبته اللعنة فى رمة فبمثل ما تعاملون فى حياتكم تعاملون فى مخلفتكم بعد مماتكم فإن المكافأة من الطبيعة واجبة كما تدين تدان وكما تزرع تحصد فإن الدنيا غدرة وأن طالت مدنها فما طالت وأن نال صاحبها فما نال.

ومن غير شروط هذه الأوقاف أو تصرف فيها خلاف ما شرطت فى الوقفية فهو ظالم عند الله إلا لعنة الله على الظالمين وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ومآواه جهنم وبئس المصير والحق بالاخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم فى الحيوة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا وما ذلك على الله بعزيز.

وشرط الواقف تقبل الله منه الحسنات ولا وأخذه بما كسبت يداه من السيئات أن لا يسلم من الأراضى الموقوفة من النواحى والبساتين والبسوط بالقرار الشمسى شيئا أصلا ولا من المسقفات من الدكاكين والخانات والطواحين بالعرضة أبدا ومن فعل ذلك فحكمه باطل وشرطه مفسوخ وتصرف من تصرف فيها بهذه

٢٣٨

الشبهة حرام سحت وفاعلة ماثوم ملوم الخالق والخلق فمن بدله بعدما سمعه فإنما أئمة على الذين يبدلون أن الله سميع عليم وكتب فى شهور سنة ثمان وخمسين وسبعمائة والحمد لله وحده والصلوة والسلام على نبى الرحمة وشفيع الأمة وكاشف الغمة النبى الأمى العربى الهاشمى المكى المدنى سيد المرسلين ورسول رب العالمين وخاتم النبيين وعلى آله وصحبه الطاهرين الكرام المنتخبين البررة وسلم تسليما كثيرا.

ما كتب فى الحجر على ظاهر جدار المصلى فى هذه المدرسة

بسم الله الرحمن الرحيم. فى بيوت أذن الله إن ترفع ويذكر فيها أسمه يسبح له بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله انشأه المفتقر لمغفرة الملك المنان مرجان بن عبد الله بن عبد الرحمن السلطانى الأولجاتيى تقبل الله منه فى الدارين طاعته وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه الطيبين الطاهرين وسلم.

ما كتب فى الحجر أيضا قرب البئر فى الجهة الجنوبية من المدرسة

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله حق حمده والصلوة والسلام على نبى الهدى محمد وآله وصحبه من بعده ـ يقول الواقف مرجان بن عبد الله بن عبد الرحمن السلطانى الأولجاتيى من غير شروط أوقافى أو تصرف فيها خلاف ما شرطت لعن فى الدنيا والأخرة والحق بالاخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم فى الحيوة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا أولئك الذين كفروا بأيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيمة وزنا وشرط أن لا يؤجر ما هو وقف من متعزز وجندى ومن يخاف عائلته وأن لا يؤجر أكثر من سنة واحدة ولا يعقد عقد أجارة قبل انقضاء العقد الأول ولا يوفر من الموقوفات شىء بوجه المرسومات بعض المرتزقة بها مما ذكر فهو ظالم عند الله وصلى الله على سيدنا محمد النبى الأمى وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه وسلم وذلك فى شهور سنة ثمان وسبعين وخمسمائة كتبه أضعف عباد الله تعالى أحمد شاه النقاش التبريزى أحسن الله إليه فى الدنيا والآخرة.

٢٣٩

ما كتب على باب المدرسة من خارج (أعنى على باب الجامع على ما هو اليوم مشهور

بسم الله الرحمن الرحيم. (إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ)(١). هذه مدرسة رصينة البناء مشيده الأرجاء انشآها المفتقر إلى عفو الملك المنان. مرجان بن عبد الله بن عبد الرحمن ابتدأ بها فى أيام دولة المخدوم المكرم والنوبان الأعظم السلطان حسين خان أنار الله برهانه وكملت فى أيام ايالة ولده النوبان الأعظم سر العدالة فى العالم سلطان السلاطين. غاية الدنيا والدين ومغيث الإسلام والمسلمين الشيخ أويس لا زال هذا الملك الأعظم ملجاء وملاذا للامم ـ على أن يدرس فيها مذهب الأمامين الهمامين والمجّتهدين الأعظمين الإمام أبى حنيفة النعمان والإمام محمد بن إدريس الشافعى عليهما الرحمة والرضوان وذلك فى سنة ثمان وخمسين وسبعمائة والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين بقلم المفتقر إليه تعالى أحمد شاه النقاش التبريزى عفا الله عنه تقصيره.

ومن الكتابات الحجرية ما كتب على باب الخان المعروف

بخان الأورتمه (أى المغطى بالسقف الحجرى)

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد النبى وآله وصحبه أجمعين. هذه الخان من إنشاء ذى العمل المبرور والسعى المشكور مرجان بن عبد الله بن عبد الرحمن السلطانى الأولجاتيى وقفها على المدرسة المرجانية ودار الشفاء بباب الغربة والنصف للقائمة وتل دحيم ومزرعة بالصراة وبساتين بالمخربية وبساتين بقرية البزل والرادماز وخدم اباد ورباط جلولى المعروف بقزل رباط ورزين حوى ونصف دورى وبساتين ببعقوبا وبوهرز وبانبندتيجين وخان ودكاكين بالحلبة وأربع خانات ودكاكين بالجوهريين وخان فى الجانب الغربى ودكان بالحريم كما هو محدود ومشروح فى الوقفية وقفا صحيحا شرعيا تقبل الله منه الطاعات فى الدارين وكان الفراغ منه سنة ستين وسبعمائة

__________________

(١) سورة فاطر الأية ٢٨.

٢٤٠