حدود العالم من المشرق إلى المغرب

مجهول

حدود العالم من المشرق إلى المغرب

المؤلف:

مجهول


المحقق: يوسف الهادي
المترجم: يوسف الهادي
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: الدار الثقافيّة للنشر
الطبعة: ٠
ISBN: 977-5875-19-6
الصفحات: ٢٥٦

٤٣ ـ نهر إتل (١) : يخرج من نفس الجبل شمالى أرتش ، وهو نهر عظيم واسع يسير وسط الكيماكيين حتى يصل قرية جوبين ، وهناك يسير فى الحد بين الغور والكيماك متجها نحو المغرب حتى يمر على البلغار ، عندها ينعطف نحو الجنوب ، فيمر بين بجناك الترك والبرطاس. ثم يسير مدينة إتل من حد الخزر ، ثم يصب فى بحر الخزر

٤٤ ـ نهر الروس (٢) : يخرج من أرض الصقالبة ويتجه إلى المشرق حتى يصل حدود الروس ، وهناك يمر بحدود أرتاب وصلاب وكويافه التى هى من مدن الروس ، فيمر على حدود الخفجاخ ، ثم ينعرج فيتجه إلى الجنوب حيث حدود البجناك ، فيصب فى نهر أتل.

٤٥ ـ نهر روتا (٣) : يخرج من جبل فى الحد بين البجناك والمجغرية والروس ، ثم يصل إلى حد الروس ويذهب إلى أرض الصقالبة. ثم يصل إلى مدينة خرداب من أرض الصقالبة ، فينتفعون منه فى زراعتهم ورعى حيواناتهم.

٤٦ ـ نهر دجلة : يخرج من جبال إيمذ فيمر على بلد (٤) والموصل وتكريت وسامراء ، ثم يقطع وسط بغداد ووسط واسط ، حتى يصل إلى المذار والأبلة وحدود البصرة ، وهناك يصب فى البحر الأعظم.

__________________

(١) هو نهر الفولغا. والنص هنا شبيه جدا بما هو لدى الإصطخرى (ص ٢٢٢).

(٢) موقع هذا النهر غامض ، لكنا سنستعين لمعرفته بالمدن التى يمر بها ، وسنصحح قراءة المدن الثلاث بالشكل التالى : أرثا وصلاف وكويابه فى ضوء ما يلى : ذكر الإدريسى فى نزهة المشتاق (٢ / ٩١٧): " ومن مدينة صلاو إلى مدينة كويابه من أرض بلغار ٨ مراحل. وكويابه مدينة الترك المسلمين روسا. والروس ثلاثة أصناف أحدها قبيل يسمى براوس وملكهم يسكن مدينة كويابه ؛ وقبيل آخر منهم يسمى الصلاوية ويسكن ملكهم مدينة صلاوة وهى مدينة فى رأس جبل ؛ وقبيل ثالث يسمى الأرثانية وملكهم منهم مقيم بمدينة أرثا". ونص الإدريسى هذا هو توسيع لنص ورد لدى الإصطخرى (٢٢٥ ٢٢٦). ويقدم أندريه ميكيل (٢ (٢) / ٩٠) تفسيرا فيرى أن" الصنف الأول أقرب إلى البلغار ... وكويابه (كييف) ، ولا يهمنا إلا قليلا أن نعلم إذا كان المقصود بلغار الدنابي أو أتل ، لأن مملكة كويابة تمت في هذين الاتجاهين. والصلاوية هم صقالبة بداهة" ، لكن ربما وجب التدقيق واعتبارهم سلوفين نوفوغورود الذين نزل عندهم النورمان في البدء. وصنف منهم يسمون الأرثانية ... لكن أين تنزل هذه الأمة الروسية؟ الأرجح ـ إذا كان اسمها يحيل حقا إلى أرزأة أحد بطون أمة الموردف ـ أن تستقر في حوض أوكا".

(٣) يتحدث الكرديزي في الفصل المخصص لقبيلة المجغرية عن نهرين هناك أحدهما أتل والآخر دوبا (ص ٥٨٧). ونحتمل أن يكون الثانى هو روتا ، مع احتمال وجود تصحيف في الكلمة في حدود العالم أو لدى الكرديزي.

(٤) في صورة الأرض للخوارزمي (ص ١٢٩): " ثم يمر إلى آمد ، ثم إلى بلد فيما بين بلد وشهر زور ، يمر فيما ـ

٦١

ويخرج من دجلة قرب فتح نهر يدعى نهر معقل ويذهب إلى البصرة.

ونهر آخر يخرج من دجلة إلى بر الأبلة يدعى نهر الأبلة ، يسير بشكل مستقيم نحو المغرب حتى يصب فى نهر معقل عند حدود البصرة. وعندها يغادر البصرة ، فيدعى هناك نهر دبيس ، حتى يعود إلى دجلة مرة أخرى قرب عبادان.

كما يخرج من دجلة بين واسط والمذار نهر تتكون منه بطيحتان تدعيان [١١ أ] بطائح البصرة.

٤٧ ـ الزابان : (١) نهران يخرجان من جبل أرمينية يدعى أحدهما الزاب الأصغر ، والآخر الزاب الأكبر ، يسيران بين المغرب والجنوب ويصبان فى دجلة بين مدينة حديثة ومدينة السن.

٤٨ ـ ونهران آخران :

نهر الساس : يخرج من نفس الجبل وينتفع بمائة للزراعة ، وحين يصل مدينة النهروان لا يبقى منه شىء.

نهر النهروان : يخرج من نفس الجبل وينتفع بمائه للزراعة ، وحين يصل مدينة النهروان لا يبقى منه شيء.

٤٩ ـ نهر الفرات : يخرج من جبل عليق ، ويقطع ما بين بلاد الروم وجبل اللكام ويأتى إلى حدود ملطية ، ثم يستمر متجها نحو الجنوب فيمر بشميشاط وسنجه وبالس ، ثم ينعطف منحدرا بين المغرب والشمال حتى يمر ببرقة وقرقيسيا والرحبة وعانة وهيت والأنبار ، ثم ينعطف مرة أخرى فيمر وسط الجنوب ويصل إلى بطيحة الكوفة.

وعندما يمر بالأنبار يخرج منه نهر يدعى نهر عيسى ، حتى يصل بغداد ويصب فى دجلة. ويعبر الناس بواسطة هذا النهر بالسفينة من الفرات إلى دجلة.

ويخرج أسفل نهر عيسى نهر آخر هذا النهر أكبر من نهر عيسى يدعى نهر صرصر ، ينتفع بمائه فى الزراعة بمدينة صرصر.

__________________

ـ بين الموصل والجبل أيضا ، ويمر بتكريت ، ويمر بسر من رأى ويدخل بغداد". وفصل فيه القول بشكل أكبر سهراب (ص ١١٨ ـ ١١٩) تحت عنوان : معرفة نهر دجلة من أوله إلى آخره.

(١). (١٠٧) في الأصل : الزابير.

٦٢

ويخرج أسفل هذا النهر أيضا نهر من نهر صرصر يدعى نهر الملك ، ينتفع بمائه فى الزراعة بمدينة نهر الملك.

ويخرج أسفل هذا النهر نهر أكبر فى حدود كربلاء يدعى نهر سورا ، يسير حتى يصب فى بطيحة واسط. وتقع مدينة الجامعين بين هذين النهرين : عمود الفرات ونهر سورا.

٥٠ ـ نهر هرند : فى حدود خراسان ، يخرج من جبل طوس ، فيسير إلى آستو وجرمكان فيقطع وسط جرجان ويذهب إلى مدينة آبسكون ثم يصب فى بحر الخزر.

٥١ ـ نهر تيجن (١) : فى حدود طبرستان ، يخرج من جبل قارن فيمر قريبا من بريم ، ثم بسارى ، ويصب فى بحر الخزر.

٥٢ ـ نهر باول : يخرج من جبل قارن فيمر بمامطير ويصب فى بحر الخزر.

٥٣ ـ نهر هرهز : يخرج من جبال الرى ولارجان من حد طبرستان ، ويمضى حتى يقترب من آمل ، فينتفع من أغلب مياهه فى الزراعة. ويصب الباقى منه فى بحر الخزر.

٥٤ ـ سبيد رود (٢) : يخرج من جبل حويرث من بلاد أرمينية متجها نحو المغرب ، فيقطع وسط جيلان ويصب فى بحر الخزر.

٥٥ ـ نهر أرس : يخرج من مشرق جبل أرمينية من المكان المتصل ببلاد الروم متجها إلى المشرق ، فيمضى حتى يمر بورثان ، وبالحد الفاصل بين آذربايجان وأرمينية وبين الران.

٥٦ ـ نهر الكر : يخرج من ناحية الران من الجبل الواقع بين الران والسرير ، فيتجه نحو المغرب ويمضى حتى حدود شكي وقبلة ، ثم فى برديج [١١ ب] وعندها يتحد بنهر أرس فيمران معا وسط موقان وباكو ويصبان فى بحر الخزر.

__________________

(١) قال مينورسكي : إن نهر مازندران يدعى الآن تجن وبابل وهرازيي (هر ـ هز ـ بي)(Hudud ,p. ٨١٢).

(٢) علق مينورسكى هنا بقوله : " إنها لفكرة خاطئة أن يقال إن سفيد رود ينبع من جبل أرارات الصغير (حويرث). إذ إنه ينبع من كردستان الإيرانية. وإن ما ذكره ابن خرداذبه (ص ١٧٥) وابن رسته (ص ٨٩) من أنه ينبع من باب سيسر هو الصحيح" (٢١٨.p).

٦٣

٥٧ ـ نهر ميجان : فى بلاد العرب (١) ، يخرج من جبال تهامة من الجانب القريب من المشرق ، ثم يمر بمدينة وادى ميجان وبشبوة (٢). ومدن حضرموت ، يمر بعد ذلك برمل الأحقاف ثم يصب بالبحر الأعظم.

أما بلاد الشام فليس فيها نهر كبير.

٥٨ ـ نهر الكروم : يخرج من عمل بقلار من وسط بلاد الروم ، ثم يصب فى بحر بنطس.

٥٩ ـ ونهر آخر يخرج من عمل أفلاخونية من بلاد الروم ويمر على مدينة طنابري ثم يصب فى بحر بنطس.

٦٠ ـ ونهر آخر يخرج من عمل أبسيق من بلاد الروم ويمر على مدينة بنداقلس والبدندون ، ثم يصب فى بحر نيقية أسفل الروم.

٦١ ـ ونهر آخر يخرج من أيدر ثم يمر وسط حد عمل باطليق وعمل بقلار ، وهناك يتجه ناحية الجنوب بين خاك ونيقية حتى يصب فى بحيرة نيقية (٣).

٦٢ ـ نهر نيل مصر : يخرج من جبل القمر من الجنوب ، حيث تخرج عشرة أنهار كبار تكون كل خمسة منها بطيحة ، ثم يخرج من كل بطيحة ثلاثة أنهار ، ثم تتكون من الأنهار الستة بطيحة واحدة فى الجنوب خارج حدود النوبة. وهناك يخرج نهر النيل من هذه البطيحة ويأتى إلى وسط النوبة ، ويتجه نحو الشمال فيكون بأسره ببلاد النوبة. وهناك ينعطف نحو المغرب ليمر بمدينة سكره ، ثم ينعطف ليعود إلى المشرق ليمر

__________________

(١) فى الأصل : فى بلاد أران. وقد قرأها مينورسكى : أراب ، وتعنى بلاد العرب. وهو الصواب. ذلك أن جزيرة العرب تكتب فى مؤلفات اليونانيين : أرابا أو أرابيا. أما وادى ميجان ، فنرجح أنه وادى بيجان الوارد فى صفة جزيرة العرب (ص ١٩٣): " وأما بيحان فإن لها طريقين : الصدارة : واد يهريق فى بيحان ، منه شربهم". والدليل على ذلك قول الهمدانى (نفس المصدر ، ص ١٧١): " وفيما بين بيحان وحضرموت ، شبوة مدينة لحمير". فوجود شبوة هو الذي يجعلنا نرجح هذا الاحتمال.

(٢) فى الأصل سيوة. والصواب ما أثبتناه. ففى معجم البلدان (٣ / ٢٥٧): " شبوة بلد من اليمن على الجادة من حضرموت إلى مكة".

(٣) فى جميع الموارد أعلاه وردت نيقية فى أصل المخطوطة بشكل تنقية. والصواب ما ذكر ، ونيقية مدينة عريقة فى آسيا الصغرى. وهى اليوم مدينة إزنيق فى تركيا (المنجد فى الأعلام).

٦٤

بمحاذاة جبل الواحات ومدينة أسوان ويتجه بشكل مستقيم نحو الشمال. ويقطع جميع بلاد مصر ويمر بأخميم والفيوم والفسطاط ، ثم يقع فى بحيرة تنيس (١).

__________________

(١) هذا النص عن نهر النيل منقول بأسره ـ وإن كان بشكل مختصر ـ عن جغرافيا لبطلميوس. وقد نقله بحذافيره حافظ أبرو (ص ١٣٨ ـ ١٤٠) وأضاف عليه. والنص يضطرب أحيانا بفعل الترجمة غير الدقيقة أو بفعل الإضافات ، لكنه بصورة عامة موجود لدى الخوارزمى (صورة الأرض ، ١٠٦ ـ ١٠٩). وهو أكثر وضوحا لدى سهراب (عجائب الأقاليم ، ١٣٨ ـ ١٤٣) وهو يبدأ ـ كما هو الأمر هنا ـ بالشكل التالى : " إن أول نيل مصر من جبل القمر يخرج منه عشرة أنهار وتصب إلى بطيحتين مدورتين". ويقول المؤرخ أورسيوس الذي نشر كتابه سنة ٤١٧ ـ ٤١٨ م الذي أسهب فى وصف النيل : " وإقبال النيل من أرض الحبشة ليس يختلف فيه أحد" وكان قد قال : " نهر النيل وهو الذي باون : مخرجه خفى ، ولكنه ظاهر إقباله من أرض الحبشة" (ص ٧٩ ، ٨١). وقوله" مخرجه خفى" دال على أنه لا يتابع بطلميوس تماما بهذا الشأن. ذلك أن نظرية خروجه من جبل القمر نظرية بطلميوسية ظل صداها يتردد قرونا فى كتب الجغرافيا الإسلامية. وقال ابن الفقيه (البلدان ، ١٢٠) : " وقال بعضهم : النيل يخرج من خلف خط الاستواء من بحيرتين يقال لهما بحيرتا النيل ، وهو يطيف أرض الحبشة". ومع ذلك فقد عزا هيرودوتس إلى من دعاه بمترجم الكتابة الهير وغليفية بهيكل مينرفا بمدينة صامن البلاد المصرية معرفة منبع النيل معرفة أكيدة حيث قال : " إنه ما بين أسوان من الصعيد واليفنتين كان جبلان شامخا القنن الواحد اسمه كروفى والثانى موفى. فينابيع النيل التى هى لجج عميقة تخرج من وسط هذين الجبلين. ونصف مياهها تجرى فى مصر إلى جهة الشمال ، والنصف الآخر بأرض الحبشة إلى جهة الجنوب" (تاريخ هيرودوتس ، ١ / ١٩٩). وننقل هنا التلخيص الدقيق الذي عرضه العالم العراقى الراحل الدكتور أحمد سوسة عن منابع النيل كما هى لدى الشريف الإدريسى فقال : " رسم الإدريسى على خارطاته جبل القمر الذي يقابل ما يعرف اليوم ب (جبل كليمنجارو). وكان رأيه أن النيل ينبع من هذا الجبل ، فذكر عنده كلمتى (نبع النيل) ، كما أنه رسم ثلاث بحيرات متصلة عند المنبع كالتى اكتشفها أهل التمدن الحديث. الغربية منها سماها البطيحة الصغرى ، والوسطى البطيحة الكبرى. وقد أطلق على البحيرة الشرقية اسم البطيحة الصغرى كالأولى. ويقابل البطيحة الكبرى ما يعرف اليوم ببحيرة فكتوريا. كما يقابل البطيحة الصغيرة الغربية ما يسمى اليوم ببحيرة ألبرت. ويقابل البطيحة الصغرى الشرقية ما يسمى اليوم ببحيرة كيوجا. وهذه قريبة جدا من وصف الخوارزمى كما ورد فى خارطته". ثم نقل بعد ذلك كلام جرجى زيدان بهذا الشأن وهو" يؤخذ من خارطة محفوظة فى متحف سان مارتين بفرنسا أن الإدريسى كان على بينة من حقيقة منابع النيل فصورها بحيرات عند خط الاستواء كالتى اكتشفها أهل هذا التمدن فى القرن الماضى ، نعنى : فكتوريا نيانزا ، وألبرت نيانزا. رسمها الإدريسى قبلهم بمئات السنين". كما نقل رأى الأستاذ عباس محمود العقاد وهو : " ولا يعرف أن أحدا سبق الإدريسى إلى بيان الحقيقة عن منابع النيل العليا كما حفظت فى الخرائط التى بقيت فى بعض المتاحف الأوروبية ومنها خريطة محفوظة بمتحف سان مارتين الفرنسى ترسم النيل آتيا من بحيرات إلى جنوب خط ـ

٦٥

٦٣ ـ نهر رمل المعدن (١) : يخرج من الرمال التى بين بلاد مصر وبحر القلزم ، وهو نهر عظيم ، ثم يتجه إلى المغرب ويقطع وسط النوبة فيكون فى مفازة ، ثم يصل مدينة كابيل من بلاد النوبة ، وهى قصبتهم ، ثم يصب بعدها فى نهر النيل.

٦٤ ـ ويخرج من نهر النيل نهر كبير قرب الفسطاط ، فينتفع منه فى الزراعة ، ثم يسير إلى الإسكندرية ويظل هناك ثم يصب فى بحيرة تنيس.

٦٥ ـ أما فى مدن إفريقيا وطنجة وحتى بلاد السوس الأقصى ، فلا يوجد نهر عظيم ، وليس هناك سوى الأنهار الصغيرة التى ينتفع منها فى الزراعة. وليس لدينا علم بوجود نهر فى بلاد السودان مما فى الكتب والأخبار.

٦٦ ـ نهر البلغار : يخرج من مغرب بلاد الروم فيمر بجبل البلغار متجها إلى الشرق ، ثم يمضى ليصل إلى موضع الصقالبة المقيمين فى بلاد الروم ، ويجتاز بعد ذلك على برجان ، ويمر على عمل تراقية (٢) ، فيسير فى مدينة القسطنطينية ، وما يبقى منه يصب فى الخليج.

__________________

ـ الاستواء بعد أن تخبط الجغرافيون فى وصف منابعه وتحليل فيضانه" (الشريف الإدريسى فى الجغرافيا العربية ، ٢ / ٤٠٦ ـ ٤٠٨).

(١) يتحدث الإدريسى عن مدينة بلاق من مدن النوبة فيقول : " وأرضها تسقى بالنيل وماء النهر الذي يأتى من بلاد الحبشة ، وهو واد كبير جدا يمدّ النيل ، وموقعه بمقربة من مدينة بلاق" (نزهة المشتاق ، ١ / ٣٨). فالنهر القريب من بلاق هو نهر رمل المعدن هنا ، ويرجح أن يكون هو النيل الأزرق. أما كابيل فهو لقب ملك النوبة وبه سميت البلاد. ويبدو أن" كاسل" الواردة فى نزهة المشتاق تصحيف لهذا الاسم ، حيث قال : " وملك النوبة يسمى كاسل ، وهو اسم يتوارثونه ملوك النوبة" (١ / ٣٧). وسيعود مؤلفنا المجهول ليذكر اسم ملك النوبة كابيل فى الفصل ٥٩ من كتابنا هذا. وهو كذلك : كابيل لدى ابن خرداذبه (المسالك والممالك ، ١٧).

(٢) فى الأصل براقية. وهى كذلك فى طبعة ستودة ، إلا أن مينورسكى صححها فكتبها تراقية ، وهو الصواب. قال ابن خرداذبه (ص ٢٥٧): " عمل تراقية : وحدّه من الجنوب عمل مقدونية ، ومن الغرب بلاد البرجان". وفى ص ١٠٩ منه : " تراقية وهى خلف قسطنطينية مما يلى برجان". ويزداد أمر هذا النهر وضوحا عندما نقرأ فى الأعلاق النفسية (ص ١٢٦): " ولقسطنطينية قناة ماء يدخل إليها من بلد يقال له بلغر يجرى إليها هذا النهر من مسيرة عشرين يوما وأهل بلغر يحاربون الروم والروم تحاربهم". ويرى مينورسكى أن هذا النهر هو نهر ماريتسا فى بلغاريا الحالية (٢٢١.p).

٦٦

٦٧ ـ نهر تاجه (١) : يخرج من جبل الأندلس فيمر قريبا من مدينة طليطلة ، ويخرج من حوالي طليطلة متجها إلى المغرب : ثم ينعطف عند المشرق ويعود بعدها إلى المغرب فيسير حتى حدود هاردة وحدود شنترين. وحين يصل شنترين يصب فى بحر المحيط المغربى[١٢ أ].

فلم يبق فى كل العالم نهر كبير يمكن للسفن أن تمخره إلا ذكرناه.

أما فى بلاد الجنوب فليس هناك نهر كبير يستحق الذكر إلا :

٦٨ ـ نهر البجة (٢) : نهر يخرج من جبل ويسير فى الجنوب فى أرض البجة ، ويصب فى البحر قرب الحبشة. والله أعلم. ولا قوة إلا بالله.

__________________

(١) ذكر فى تاريخ العالم لأورسيوس (ص ٧٧) بالشكل التالى : " نهر تاجه (Tagus) : مخرجه من جبال بشرقى الأندلس ، ومصبه فى البحر المحيط الغربى وعدة أمياله ٣١٠". وقال عنه الزهرى (كتاب الجعرافية ، ١٤٠) : " نهر تاجه الهابط على طليطلة". وفى الروض المعطار (ص ١٢٧): " نهر عظيم يشق طليطلة قصبة الأندلس فى الزمان الأقدم ، يخرج من بلاد الجلالقة ويصب فى البحر الرومى". ولما كانت شنترين من مدن الأندلس أيضا وذات نهر" يفيض على بطحائها كفيض نيل مصر" (الروض المعطار ، ٣٤٦) ، فينبغى أن تكون" هاردة" من أرض الأندلس أيضا وإن كنا لم نهتد إلى موقعها.

(٢) لما كانت البجة مجموعة من القبائل الحامية التى تعيش بين النيل والبحر الأحمر ، فمن الممكن أن يكون نهرهم هذا هو أحد فروع النيل الأزرق.

٦٧

٧. القول فى المفازات والرمال

كل أرض فيها رمال أو ملح وليس فيها جبل ولا ماء جار ولا زرع ولا نبات ، تدعى مفازة(١). والمفازات مختلفة : بعضها صغير وبعضها كبير. كما أن الرمال فى هذه المفازات بعضها واسع وبعضها صغير المساحة. وسنورد فى هذا الباب كل مفازة كبيرة أو كل رملة كبيرة فى القسم العامر من العالم إن شاء الله.

١ ـ مفازة فى جنوب بلاد الصين ، بين الجبل الطاعن فى البحر وبين خمدان (٢). يوجد جزء منها داخل البحر كالجزيرة. وفى الناحية الشرقية من هذه المفازة ، بحر الأوقيانوس المغربى. بينما يوجد البحر الأعظم فى ناحية الجنوب منها. وفى الناحية الغربية ، الجبل الطاعن فى البحر. وفى ناحية الشمال نهر خمدان. ويوجد فى هذه المفازة ذهب كثير.

٢ ـ ومفازة أخرى فى شمال الصين (٣) وشرقها بحر الأوقيانوس المشرقى ، وجنوبها بلاد الصين ، وإلى مغربها نهر كجا ، وشمالها التغزغز والخرخيز.

٣ ـ ورملة فى بلاد الصين ، سعتها ثلاث مراحل ، وهى بين مدينتين من مدن الصين : إحداهما ختم والأخرى وسارنيك. ويمتد طولها من حد البطيحة التى يكونها نهر كجا(٤) حتى المفازة التى فى الشمال التى ذكرناها.

__________________

(١) فى لسان العرب (فوز): " المفازة : البرية القفر وتجمع المفاوز ، والمهلكة. قال ابن الأعرابى : سميت الصحراء مفازة لأن من خرج منها وقطعها فاز". ومن الممكن أن" يكون فيها الماء والمرعى ومحط رحال القبائل وخيامهم. وتوضع فى طرقها ـ كما فى مفازتى فارس وخراسان ـ المنازل والرباطات الموقوفة على سابلة الطريق ليستجار بها فى شدة البرد من الثلوج وفى شدة القيظ من الحر ، وليس فيما عدا أطرافها كثير عمارة ولا سكان" (ملخصا عن صورة الأرض لابن حوقل ، ٤٠١).

(٢) يرى مينورسكى (٢٢١.p) أن هذه المفازة تمتد على المساحة الواقعة بين هوانغ هو (النهر الأصفر) ويانغ تسي كيانغ (النهر الأزرق) (عن وجود الذهب فيها بكميات تجارية حتى عصرنا هذا ، انظر : الهامش (١) من ص ٣٣٨ من كتاب الجماهر).

(٣) " ينبغى أن تكون هذه المفازة صحراء منغوليا الكبرى ونهر كجا هو نهر هوانغ هو" (MinorskyHudud. ٢٢١.p).

(٤) يقول مينورسكى إن البحيرة التى يكونها نهر كجا هى بحيرة لوب ـ نور (٢٢١.p).

٦٨

٤ ـ ومفازة أخرى ، تحدها من الشرق حدود التبت ، ومن الجنوب بلاد الهند ، ومن الغرب حدود ما وراء النهر ، ومن الشمال حدود الخلخ (١). وهى وعثاء لا ماء فيها ولا كلأ(٢).

٥ ـ ومفازة أخرى فى الهند على ساحل البحر الأعظم (٣) ، يمتد طولها من حد سرنديب حتى أول مملكة دهم. لكنها مفازة غير متصلة ، تتكون من عدة قطع.

وبين السند والهند مفازات صغيرة وكبيرة.

٦ ـ ومفازة أخرى صغيرة ومحدودة (٤) ، يحدها من الشرق مدن السند ، ومن الجنوب البحر الأعظم ، ومن الغرب جبل القفص ، ومن الشمال قسم من السند وقسم من كرمان.

٧ ـ ومفازة أخرى (٥) تحدها من الشرق حدود السند حتى ضفاف نهر مهران ، ويحاذى جنوبها حدود السند وكرمان وفارس ، وغربيها حدود الرى وقم وقاشان ، وشمالها خراسان وحدود الرى وسجستان. وتدعى هذه المفازة أيضا مفازة كركس ، وذلك لوجود جبل صغير إلى الغرب منها يدعى جبل كركس سميت هذه المفازة باسمه. وفى هذه المفازة جبال متناثرة فى كل مكان منها. كما تدعى كل ناحية منها باسم المكان القريب. وفيها بادية تبدأ من حوالى سجستان [١٢ ب] تدعى رملة سجستان.

__________________

(١) الحدود المذكورة لهذه المفازة مغلوطة وقد صححها مينورسكى (٢٢٢.p) على الشكل التالى :

حدود العالم

الاتجاه الصحيح

التبت

من الشرق

من الجنوب

بلاد الهند

من الجنوب

من الجنوب الغربى

ما وراء النهر

من الغرب

من الشمال الغربى

الخلخ

من الشمال

من الشمال

كما يرى مينورسكى أن المقصود بهذه المفازة هى الأراضى المنخفضة من تاريم.

(٢) فى مقدمة الأدب (١ / ٤٢): " الوعثاء : الرملة التى يصعب عبورها".

(٣) المقصود الأراضى المنخفضة فى كارنتك كما يقول مينورسكى (٢٢٢.p).

(٤) هى مفازة كرمان. قال عنها ياقوت (معجم البلدان ، ٤ / ٢٦٤): " مفازة ما بين مكران والبحر من وراء البلوص".

(٥) قال عنها البيرونى فى تحديد نهايات الأماكن (ص ٢٤): " المفازة المعروفة بكركس كوه بين فارس وسجستان وخراسان ، ملأى من أطلال العمارات المندرسة ، ويسميها بطلميوس قرمانيا الخربة أى كرمان الخربة".

٦٩

٨ ـ مفازة خوارزم والغور : يحاذى شرقيها حدود مرو حتى يصل جيحون ، وجنوبيها حدود باورد ونسا وفراه ودهستان ، ثم تمتد إلى بحر الخزر حتى حدود أتل. وشماليها يحاذى نهر جيحون وبحر خوارزم وحدود الغوز حتى حد البلغار. وفى هذه المفازد رملة تبدأ من حدود بلخ فتمتد حتى جنوب جيحون وحتى بحر خوارزم ، وتبلغ سعتها مرحلة واحدة فى مكان ، وسبع مراحل فى مكان آخر.

٩ ـ ورملة أخرى بين الكيماك وحدود جند وجواره طولها ممتد كثيرا وسعتها قليلة.

١٠ ـ مفازة البادية : يبدأ حدها الشرقى من حدود هجر حتى حدود البحرين والبصرة ، ويمر بحدود القادسية والجبل ، ويسير حتى حدود نهر الفرات. وفى جنوبيها بحر العرب وحدود خليج الأبلة (١) ونواحى حضر موت واليمن. وفى غربها جدة والجار ومدين وإيلة. شماليها معان (٢) وسليمة وتدمر وخناصرة حتى نهر الفرات.

وحيثما اتصلت هذه البادية بمدينة أو حى من أحياء العرب ، دعيت باسم ذلك المكان.

وتوجد فيها رملة تبدأ من ساحل البحر فى حدود البحرين ، سعتها مرحلتان فى مكان ، وفى آخر أربع مراحل ، وطولها عشرون مرحلة تدعى الهبير ، رملها أحمر ، ينتفع به الصاغة ، وجميع الحجاج الذين يذهبون من طريق العراق ، يقطعون هذه الرملة.

١١ ـ رمل الأحقاف (٣) : رمل فى جنوب هذه المفازة ، يبدأ من حول مدن حضرموت على ساحل البحر.

__________________

(١) فى الأصل : خليج إيلة. ورجح مينورسكى وكذلك ستوده أن تقرأ : الخليج البربرى. ونحتمل أن تكون : خليج الأبلة. والأبلة هى" البلدة الواقعة على شاطئ دجلة البصرة العظمى فى زاوية الخليج الذي يدخل إلى مدينة البصرة ، وهى أقدم من البصرة" (معجم البلدان ، ١ / ٩٧).

(٢) فى الأصل : مغان. وصححها مينورسكى إلى معان. وهو الصواب.

(٣) في صفة جزيرة العرب (ص ١٧٠): " قبر هود النبي (ع). وقبره في الكثيب الأحمر ، ثم منه في كهف مشرف في أسفل وادي الأحقاف وهو واد يأخذ من بلد حضرموت إلى بلد مهرة مسيرة أيام ، وأهل حضرموت يزورونه هم وأهل مهرة في كل وقت". وفي جغرافياي حافظ أبرو (١ / ٢٢٦): " وتوجد شرقي عدن قرب البحر تلال من الرمال كثيرة تدعى الأحقاف".

٧٠

١٢ ـ رمل المعدن (١) : يقع إلى الشرق منه خليج البربر وخليج إيلة. وإلى جنوبه مفازة البجة ، وإلى غربه حدود النوبة ومصر. وإلى شماله خليج القلزم. وفيه الذهب. ويدعى رمل المعدن لأن الناس يجدون فيه الذهب الكثير.

١٣ ـ ومفازة أخرى تحدها من المشرق بلاد الحبشة ، ومن الجنوب بلاد البجة ، ومن المغرب بلاد النوبة. ومن الشمال الرمل الذي وصفناه.

١٤ ـ رمل جفار (٢) : فى مصر. مشرقه عسقلان حتى البحيرة الميتة ، وجنوبه وغربه الفسطاط. وشماليه من بحيرة تنيس حتى عسقلان.

١٥ ـ وآخر ببلاد المغرب من حدود مصر ، من جبل الواحات وبرقة وطرابلس حتى حدود السوس الأقصى. فأغلب كل ذلك مفازات.

١٦ ـ رمل المعدن (٣) : فى هذه الناحية من المغرب ، وهو رملة شاسعة بحدود سجلماسة وفيه ذهب كثير.

١٧ ـ وجنوبى خط الاستواء جميعه مفازات ، والعمارة هناك بأسرها فيها إلا القليل منها فإنه فى الجبل.

١٨ ـ كذلك فى القسم الشمالى من عمارة العالم الذي هو فى الربع الشمالى من حد الصين حتى حدود [١٣ أ] الخزر فجميعه مفازات ، وإن أغلب أماكن الأتراك فى المفازات إلا القليل منها فإنه فى الجبال. وفيها مياه جارية وأشجار ومزارع.

هذه هى المفازات والرمال الكبيرة والمعروفة فى بلاد المسلمين. كما ذكرنا تلك التى فى بلاد الكفر ـ باستثناء ما هو ببلاد الأتراك ـ والله أعلم وبالله التوفيق.

__________________

(١) في مسالك الممالك للإصطخري (ص ٣٥): " وينتهي حدّ البجة إلى ما بين الحبشة وأرض النوبة وأرض مصر وينتهي إلى معادن الذهب".

(٢) في معجم البلدان (٢ / ٩٠): " الجفار أرض من مسيرة سبعة أيام بين فلسطين ومصر ، أولها رفح من جهة الشام".

(٣) في مسالك الممالك للإصطخري (ص ٣٩) عن سجلماسة : " وهي قريبة من معدن الذهب بينها وبين أرض السودان وأرض زويلة. ويقال إنه لا يعرف معدن للذهب أوسع ذهبا ولا أصفى منه إلا أن المسلك إليه صعب والاستعداد شاق جدا". وقد نقل حافظ أبرو في جغرافيته (١ / ٢٦١) نص كلام الإصطخري آنفا (انظر عن ذهب سجلماسة : الروض المعطار ، ٣٠٦).

٧١

٨ ـ القول فى البلدان

١ ـ يتميز كل بلد عن الآخر بأربعة وجوه :

الأول : اختلاف الماء والهواء والتراب والحرارة والبرودة.

الثانى : الاختلاف فى الأديان والشرائع والمذاهب.

الثالث : الاختلاف فى اللغات والألسن.

الرابع : اختلاف الملوك.

وينفصل حد كل بلاد عن الأخرى بثلاثة أمور :

الأول : بجبل صغير أو كبير يكون بين البلدين.

الثانى : بنهر صغير أو كبير يقطع ما بين البلدين.

الثالث : مفازة صغيرة أو كبيرة تكون بين البلدين.

٢ ـ ويقول الروم : إن جميع العمارة فى العالم على ثلاثة أقسام :

الأول : القسم الذي يحده من الشرق بحر الأوقيانوس (١) المشرقى وبلاد التغزغز والخرخيز. ومن الجنوب البحر الأعظم حتى حدّ القلزم. ومن الغرب بلاد الشام وبلاد الروم حتى خليج القسطنطينية وأرض الصقالبة وآخر حدود عمارة العالم. ويدعى هذا القسم آسيا الكبرى. ويشكل ثلثى جميع القسم العامر فى الشمال.

٣ ـ الثانى : القسم الذي يحده من الشرق أول حدود مصر من خط الاستواء حتى بحر الروم. ومن الجنوب المفازة التى بين بلاد المغرب وبلاد السودان. ومن الغرب بحر الأوقيانوس المغربى. ومن الشمال بحر الروم. ويدعى هذا القسم ، لوبية. ويشكل نسبة ١٢ / ١ من مجموع عمارة العالم فى الشمال.

٤ ـ الثالث : يحده من الشرق خليج القسطنطينية. ومن الجنوب بحر الروم. ومن الغرب بحر الأوقيانوس المغربى. ومن الشمال آخر عمارة العالم فى الشمال. ويدعى هذا القسم أروفى. ويشكل هذا القسم ربع القسم العامر من العالم.

٥ ـ وأما العامر الذي فى الجنوب ، فيسميه الروم عمارة الجنوب.

__________________

(١) مرّ التعريف بهذا الأوقيانوس (أو المحيط) والمحيطات التي تلي ، وذلك في الفصل المخصص للبحار والخلجان.

٧٢

٦ ـ والعامر من العالم واحد وخمسون بلدا :

خمسة بلدان منه إلى الجنوب من خط الاستواء وهى : الزابج والزنج والحبشة والبجة والنوبة.

وبلد فى ناحية المغرب ، قسم منه فى الشمال وآخر فى الجنوب ، ويمر خط الاستواء من وسطه ، وهو بلاد السودان.

وخمسة وأربعون بلدا فى الشمال فى ربع العالم المعمور وهى : بلاد الصين ، والتبت ، والهند ، والسند ، وخراسان وأطرافها ، وما وراء النهر وأطرافها ، وكرمان ، وفارس ، ومفازة جبل كركس ، والديلم ، وخوزستان ، وبلاد الجبال ، والعراق ، وديار العرب ، والجزيرة ، وآذربايجان ، والشام ، ومصر ، والأندلس ، والروم والسرير ، واللان ، والخزر ، والصقالبة ، وبجناك الخزر ، ومروات ، والبلغار الداخلة ، والروس ، والمجغرية ، ونندر ، والبجناك الترك ، والبرداس ، والبرطاس ، والقفجاق ، والغوز ، والكيماك ، والجكل ، والتخس ، والخلخ ، ويغما ، والتغزغز ، والخرخيز.

وكل ناحية من هذه النواحى مقسمة إلى أعمال ، وكل عمل منها فيه مدن كثيرة. وسنذكر فى كل فصل مساحة كل بلد أو مدينة وخصائصها وهواءها أو كل شىء مستطرف فيها. والعجائب الموجودة فى كل منها ، وملك كل بلد ومدنه ورسومه وأخلاق الناس فيه وأديانهم بالقدر الذي وجدناه فى كتب المتقدمين وسمعناه من الأخبار ، ذلك أنه لا يستطيع الإحاطة بجميع أحوال العالم إلا الله عزوجل. ولا قوة إلا بالله.

٧٣

٩. القول فى خصائص بلاد الصين

بلاد الصين بلاد إلى الشرق منها بحر الأوقيانوس المشرقى ، وإلى جنوبها حدود الواق واق وجبل سرنديب والبحر الأعظم ، وإلى غربها الهند والتبت ، وشمالها حدود التبت والتغزغز والخرخيز.

وهى بلاد كثيرة الخيرات وفيها مياه جارية ، وفيها معادن الذهب بوفرة.

وفى هذه البلاد الجبل والمفازة والبحر والرمل.

وملكها يدعى فغفور الصين ، ويقال إنه من أبناء فريدون.

ويقال إن ملك الصين فيه ثلاثمائة وستون بلدا ، يجبى إلى الخزانة مال بلد واحد كل يوم.

وأهل هذه البلاد أهل صناعة وأعمال بديعة. يذهب إليها الناس للتجارة بواسطة السفن التى تمخر نهر غيان (١) لتصل التبت.

غالب أهلها على دين مانى (٢) ، وملكهم شمنىّ (٣).

وفى هذه البلاد يوجد الذهب الكثير والحرير والفرند والخاوخير الصيني والديباج والغضائر والدار صينى والختو الذي تصنع منه مقابض السكاكين (٤) والأعمال البديعة من كل شىء. وفيها الفيلة والذئاب.

__________________

(١) في الأصل عنان. وكتبها مينورسكي وستوده : غيان.

(٢) ماني (٢١٥ ٢٧٦ م) مؤسس الديانة المانوية القائلة بإلهين ، إله النور وإله الظلمة. يقول جفري بارندر أستاذ مقارنة الأديان بجامعة لندن : إن ديانة ماني" انتشرت في كل مكان من الإمبراطورية الرومانية وفي بلاد العرب ، والهند والصين" (المعتقدات الدينية لدى الشعوب ، ١٣٠). ويفسر المسعودي سبب اعتناق الصينيين للمانوية اتصال بلادهم ببلاد أمة التغزغز (مروج الذهب ، ١ / ١٥٤).

(٣) الشمنية (shamanism) : " عبادة وثنية قديمة العهد منتشرة في سيبريا وحدود الصين ، واسمها مأخوذ من شامان أو شمان ، وهو لقب خدمة الدين الذين يقومون عند أصحابها مقام كهنة ورقاة وأطباء ... ولهم آلهة لقوى الطبيعة كالغيوم والأمطار والزوابع وقوس قزح وهلم جرا. ويعتقدون بوجود أرواح خبيثة تعيش تحت الأرض وفي الماء وتتسلط على الأشرار وتنتقم منهم ، ولكنها لا تقوى على أذى البررة الصالحين. ويعتقدون أيضا بحياة أخرى كهذه الحياة يتقربون فيها بعد الموت إلى الآلهة ويصيرون وسطاء بينهم وبين الناس" (دائرة معارف البستاني ، ١٠ / ٥٧٩). وفي الروض المعطار (ص ٣٧١): " وملّة الصين تدعى السمنية". وفي طبائع الحيوان (ص ٦): " الصين كلهم على دين واحد وهو ماني".

(٤) الفرند : نسيج من الحرير (برهان قاطع : برند) ، والخاوخير نوع من الثياب الصينية. أما الختو فهو قرن الحيوان المسمى بالكركدن. ويرى أندريه ميكيل أنه قرن الكركدن الشمالي أو الماموث (جغرافية دار الإسلام البشرية ، ٢ (٢) / ٢٨٩) ، خصص له البيروني فصلا في الجماهر (٣٣٨ ـ ٢٤١)

٧٤

١ ـ الواق واق (١) : بلد من الصين ، وأرضها معدن الذهب ، وأهلها يصنعون للكلب طوق ذهب. ويعلق عظماؤهم فى رقابهم أطواقا من قرن الكركدن غالية جدا.

__________________

(١) يوجد نص لدى ابن خرداذبه (ص ٦٩) يشبه النص الموجود هنا ، وهو : " وفى مشارق الصين بلاد الواقواق وهى كثيرة الذهب حتى إنّ أهلها يتخذون سلاسل كلابهم وأطواق قرودهم من ذهب ، ويأتون بالقمص المنسوجة بالذهب للبيع. وبالواقواق الأبنوس الجيد". إذن هى فى مشارق الصين. غير أن الإدريسى (١ / ٩٢) جعل هذا الوصف بعينه (كثرة الذهب واتخاذ السلاسل منه للقرود والكلاب) إلى مدينة الكيوه من جزائر السيلا. ونجد لدى الإصطخرى أيضا (ص ١٢٢) هذه العلاقة بين الصين والواقواق حيث يقول : " من البحر المحيط فى حد الصين وبلد الواقواق". وقال ابن سعيد فى الجغرافيا (ص ٨٩) عند ذكره اختلاط البحر الهندى بالبحر المحيط (الجزء الجنوبى من المحيط الأطلسى): " والبحر فى هذا المكان كأنه منفرد عن البحر الهندى والبحر المحيط ويقال له بحر الواقواق ، ويفصل بين بحرها وبين البحر المحيط الجبل الكبير الرأس ، وهى كبيرة". ثم نقل بعد ذلك عن المسعودى أسطورة" أن فيها شجرا يخرج منه نبات كالإبرنج (؟) [يبدو أن الصواب الأترنج] ويولد منه جوار يتعلقن بشعورهن وتصيح الواحدة منهن : واق واق. فإن قطعن شعورهن وفصلن من الشجرة متن. ويقال إن الذهب فى هذه الجزيرة كثير". وننبه هنا إلى أن هذا النص المنقول عن المسعودى غير موجود فى كتبه الموجودة بين أيدينا ، رغم أنه قد أكّد بواسطة الإدريسى الذي نسبه للمسعودى ثم انتقده عند ذكره لبلاد الواقواق قائلا : " حكى المسعودى عنها أمورا لا تقبلها العقول من جهة الإخبار عنها" (١ / ٩١). ونشير إلى أن المسعودى قد ذكر هذه البلاد بما يشير إلى مجاورتها لبلاد السفالة (موزمبيق الحالية) عندما قال : " بلاد سفالة والواق واق من أقاصى أرض الزنج" (مروج الذهب ، ١ / ١٢٣ ، ٤٢٤ : أقاصى بحر الزنج : هو بلاد سفالة وأقاصيه بلاد الواق الواق ـ فى بعض النسخ : وبلاد سفالة وأقاصى بلاد واق واق ـ وهى أرض كثيرة الذهب كثيرة العجائب ، ٤٢٥ : ومساكن الزنج من حد الخليج المتشعب من أعلى النيل إلى بلاد سفالة والواق واق). ويؤكد كونهم قريبين من هذه المناطق ما ذكره الربان بزرك فى عجائب الهند (ص ١٧٤ ـ ١٧٥) من هجوم أهل الواقوق سنة ٣٣٤ ه‍ فى نحو ألف قارب على جزيرة قنبله (او قنبلو التى يرجح أنها زنجبار) فحاربوا أهلها حربا شديدة لكنهم لم يتمكنوا من السيطرة على قنبلة التى كان يحيط بها حصن وثيق حوله خور فيه ماء البحر ... وظفروا بعدة قرى ومدن من سفالة الزنج (موزمبيق) ما عرف خبره سوى ما لم يعرف. ثم علق الربان بزرك على قول الراوى الذي ذكر أنهم قدموا إلى هذه البلاد من مسيرة سنة قائلا : " فإن كان قول هؤلاء وحكايتهم صحيحة أنهم جاؤوا من مسيرة سنة ، فهذا يدل على صحة ما ذكره ابن لاكيس ـ راوى الخبر ـ من أمر جزائر الواقواق وأنها قبالة الصين". إلا أن بزرك نفسه نقل عن الربان الحسن السيرافى أنه جهز مركبا للذهاب إلى بلاد الزابج (جزيرة جاوة إحدى جزر إندونيسيا) فوقعوا إلى قرية من جزائر الواقواق ، لأن الريح دفعتهم إليها (عجائب الهند ، ٨). ولا تنفعنا المصادر الأكثر تأخرا بما يضيف شيئا جديدا. فالحميرى ينقل أسطورة النساء اللواتى يطلعن فى الأشجار وينادين : واق واق (الروض المعطار ، ٦٠٢ ، والزهرى يذكر نفس الكلام (الجغرافيا ، ١١ ـ ١٢). وفى جهان نامه (ص ٩٢) نجد الربط بين أقصى الصين والواقواق حيث الذهب الكثير ، وفى ص ٩١ يذكر أيضا أسطورة النبات الذي على شكل الإنسان الذي يموت عندما يقطع من شجرته. أما آراء العلماء المحدثين بشأن هذه البلاد فهى : " لقد تعرف العلامة دى خويه إلى واقواق الشرق الأقصى ، فى اليابان. على أن هابيشت Habicht كان أول من أعلن هذا الرأى فى ترجمته لألف ليلة وليلة (ص ٢٩٩) التى أخرجها سنة ١٨٢٥ م. ومن بين ما استرشد به فى هذا التعرف أن اسم اليابان باللغة القانطونية هو : ووك ـ ووك wok ـ wok ، ومن ذلك اشتق العرب واقواق ويرفض جبريل فران هذا الرأى ، ويتعرف هو بدوره إلى الواقواق فى جزيرة سومطرة. وكذلك أعلن فران مكانا فى جزيرة مدغشقر يدعى واقواق. وأما العلامة هول M.Hall الاختصاصى ـ

٧٥

__________________

ـ فى تاريخ جنوب إفريقيا القديم الذي عنى بدراسة كلمة واقواق مدة خمس عشرة سنة ، فيرى أن الواقواق هو الاسم الذي كانت تطلقه قبائل البنطوس Bantous على جيرانها البوشمان Bushman الذين يقطنون الشواطئ الجنوبية الشرقية في إفريقيا ... أما فيما يتصل بالشجرة التى يذكرها عدد كبير من الكتاب العرب ، فإن جهود دى خويه أثناء مراسلاته مع العلماء اليابانيين لم تسفر عن وجود أى أثر لها ، لا فى النباتات اليابانية ولا فى الفولكلور اليابانى" (تعليقات الأستاذ إسماعيل العربى على كتاب الجغرافيا لابن سعيد ، ٢٢٥ ـ ٢٢٦). وننقل نصا يثير المزيد من الاضطراب فى هذا الموضوع ، يقول ابن الفقيه (البلدان ، ٦٣): " البحر الكبير الذي ليس فى العالم بحر أكبر منه ، وهو آخذ من المغرب إلى القلزم حتى يبلغ واق واق الصين. وواق واق الصين هو بخلاف واق واق اليمن ، لأن واق واق اليمن يخرج منه ذهب سوء". والحقيقة فإن هذه هى المرة الأولى والأخيرة فيما نعلم التى يشار فيها إلى وجود" واقواق اليمن". وللبيرونى معلوماته التى ينبغى تجميع صورة منها عن هذه الجزيرة. يقول خلال حديثه عن المحيط الهندى : " فأما الجزائر الشرقية فى هذا البحر ـ وهى إلى حد الصين أقرب ـ فإنها جزائر الزابج ويسميها الهند سورن ديب أى جزائر الذهب ؛ والغربية جزائر الزنج ؛ والمتوسط الرم والديبجات ومن جملتها قمير ... وجزيرة الواقواق من جملة قمير ، وهو اسم لا كما تظنه العوام من شجرة حملها كرؤوس الناس تصيح ، ولكن قمير قوم ألوانهم إلى البياض ، قصار القدود على صور الأتراك ودين الهنود مخرّمى (كذا) الآذان. وأهل جزيرة الواقواق منهم سود الألوان والناس فيهم أرغب" (تحقيق ما للهند ، ١٦٩). وقوله إنهم على صور الأتراك يعنى أتراك آسيا الوسطى الذين وجوه أغلبهم تشبه الوجوه الصينية والكمبودية (تشترك فى انتفاخ العيون وبروز الوجنات). ولما كانت قمير (أو خمير) هى بلاد كمبوديا الحالية ، ترى هل سيجعلنا البيرونى نقتنع أن الواقواق هى جزء من كمبوديا التى تنتشر على سواحلها جزر عديدة؟ توجد لدينا نصوص من البيرونى تشعرنا أنه لا يبتعد كثيرا عن خط ملاحى فى المحيط الهندى يمكن أن يبدأ رحلته من مدغشقر متجها نحو الشمال الشرقى إلى الديبجات (جزر المالديف وتبعد ٤٠٠ ميل جنوب غربى سيلان أو سر نديب) ومن هناك إلى سرنديب ثم ينحدر باتجاه الجنوب الشرقى إلى سواحل سومطرة ومنها إلى الزابج (جزيرة جاوة الإندونيسية) ، ولذا فهو يتحدث عن هذه المناطق حديث الذي يراها فى مكان واحد لا تبتعد كثيرا عن بعضها. يقول فى تحديد نهايات الأماكن (ص ١٠٨): " إن خط الاستواء يأخذ من جهة المغرب فى البحر ... ثم على سفالة الزنج وراء النوبة ، ثم على جزائر الديبجات والواقواق وجزائر الزابج فى ناحية المشرق". ويقول فى القانون المسعودى (٢ / ٥٣٧ ـ ٥٣٨) وهو يتحدث عن البحر الأعظم الواقع فى جنوب الربع المسكون الآخذ" من أرض الصين إلى الهند إلى الزنج"." وكثرت الجزائر فى تلك المواضع كالزابج والديبجات وقمير والواقواق والزنج". ويقول فى الصيدنة (ص ٧): " كقامرون والإقمير الذين الديبجات جزائرهم". ويعلق ما يرهوف على هذا الكلام بقوله : " إن البيرونى قد أخطأ حين اعتبر الديبجات (جزائر المالديف) جزءا من بلاد القمير" (انظر : تعليقات الدكتور زرياب على الصيدنة ، ٩). نذكر بأن القامرون أو القامروب منطقة تقع فى مقاطعة آسام الهندية. ونرى أنه يمكن فى جميع الحالات أن يتصرف أحد النساخ فيحذف ألف الزابج" لتصبح" الزبج" ويكتبها" الزنج" أو أن يضيف ألفا إلى" الزنج" لتصبح" الزابج" بعد تغيير موقع نقطة النون. ومع ذلك يمكن لنا أن نفترض بحذر شديد أن الواق واق يمكن أن تكون هى جزيرة كوكوس ـ كيلنغ"Cocos ـ Keeling " الواقعة فى المحيط الهندى إلى الجنوب من جاوة (الزابج) ، وهى تابعة لدولة أستراليا. ويمكن تعزيز هذا الرأى الحذر بما يرويه الربان بزرك فى عجائب الهند (ص ٨) عن الربان الحسن السيرافى أنه جهّز مركبا للذهاب إلى بلاد الزابج فوقعوا إلى قرية من جزائر الواقواق لأن الريح دفعتهم إليها. وكنموذج للتصحيف يكفى أن نشير إلى التصحيف الذي ورد فى العبارة التى نقلناها آنفا عن القانون المسعودى (٢ / ٥٣٨) إذا كانت كما هى فى المطبوعة" كالزايج والزيجات وقمير والواقواق والزيج" ، فصححناها أعلاه.

٧٦

وأهلها سود وعراة. وهى حارة قليلة الخيرات. ودار ملك هذه البلاد مقيس ، وهى صغيرة ومحل للتجار من شتى البلدان.

٢ ـ وللصين عدا ذلك تسعة بلدان عظيمة على ساحل بحر الأوقيانوس ؛ وأسماء هذه التسعة هى (١) : إيرش ، خورش ، فراجكلي ، ثاي ، خساني ، تنكوي ، بونوغني ، قوري ، أنفس.

ولكل واحدة من هذه البلدان نواح مختلفة ، وكل منها تختلف مع الأخرى من حيث الدين وأشكال أهلها وأخلاقهم ، وفيهن مدن كثيرة. وإن مقاليد أمور جميع هذه البلدان هو بيد فغفور الصين (٢).

٣ ـ خمدان (٣) : حاضرة الصين ، وهى مدينة عظيمة ، ومستقر فغفور الصين فيها أشجار كثيرة. وهى عامرة ذات خيرات ، تقع على ساحل البحر الذي يخرج منه اللؤلؤ. أهلها مدورو الوجوه ذوو أنوف عريضة. لباسهم الديباج والحرير ، ثيابهم ذات أكمام واسعة وأذيال طويلة.

٤ ـ بغشور (٤) : من بلاد الصين. مدينة كبيرة ، وفيها تجار كثيرون من بلدان مختلفة. وهى مكان كثير الخيرات.

__________________

(١) ذكر المروزى (طبائع الحيوان ، ١٤) أسماء هذه المدن التسع بشكل زادها غموضا (بحسب المخطوطة التى طبعها مينورسكى) ، إلا أنه حدد موقعها بقوله : " وعن يسار مطلع الشمس الصيفى خلق كثير فيما بين الصين والخرخيز وهم أجناس لهم أسامى مثل ..".

(٢) فغفور : لقب ملك الصين ، ويكتب أيضا بغبور (انظر : ابن خرداذبه ، ١٦ ؛ الآثار الباقية ، ١٠١ ؛ زين الأخبار ، ٥٧٤ : وفى الصين ملوك كثر ، إلا أن أعظمهم فغفور).

(٣) هى ميناء خانفو أو كانتون الحديثة أو سينانفو (كراتشكوفسكى ١٦٠) ؛ ويروى ابن النديم (ص ٤١٣) عن أبى دلف قوله فيما يتعلق ببلاد الصين : " اسم مدينة الملك الأعظم يسمى حمدان ، ومدينة التجار والأموال خانقوا". الصواب : خمدان ، خانفو ؛ ولدى أبى زيد السيرافى : " خانفو : المدينة التى يقصدها تجار العرب وبينها وبين البحر مسيرة أيام يسيرة وهى على واد عظيم. ـ خمدان التى بها الملك" (ص ٦٠ ، ٦٩). ولدى ابن سعيد (كتاب الجغرافيا ص ١٢٢ ، بسط الأرض ٥٥): " مدينة لوقين ـ وفى شرقيها نهر خمدان الأعظم وعليه مدينة خانقو (خانقوا) " ؛ ويرد وصف خمدان أيضا لدى المسعودى فى مروج الذهب مما حدثه عنها" أبو يزيد السيرافى" وهو نفسه المذكور آنفا باسم أبى زيد عن سعتها وكثرة أهلها وأنها مقسومة على قسمين (١ / ١٦٤ ـ ١٦٥) ، وردت فى الكتاب : " حمدان" بالحاء ، كما أن" خانفو" وردت" خانقوا" فى رواية أوردها قبل ذلك. يقول بارتولد : " والنطق خانفو هو النطق المحقق الآن ـ بالصينية : هوانج (جو) فو ـ وإن كان حرف القاف يستبدل كثيرا بحرف الفاء فى المخطوطات" (دائرة المعارف الإسلامية : خانفو).

(٤) هى غير بغشور القريبة من بلخ (انظر عنها : نزهة المشتاق ، ١ / ٤٧٥) ، وقد ذكرها الكرديزى فقال : " من بغ شور إلى خمدان ـ التى هى مدينة الصين العظمى ـ مسافة شهر" (زين الأخبار ، ٥٧٣).

٧٧

٥ ـ كجان : مدينة صغيرة ، فيها تجار التبت والصين.

٦ ـ خالبك : مدينة كبيرة وعامرة وذات خيرات وفيرة ، وملكها من الصين.

٧ ـ خامجو : نصف سكانها صينيون ونصفهم تبتيون ، والحرب قائمة بينهم دائما. وهم عبدة أصنام ، وسلطانهم يعينه خاقان التبت [١٤ أ].

٨ ـ سوكجو : على حدود التبت. سلطانهم تابع لملك الصين. وفى جبلها غزال المسك والغز وغاو (١).

٩ ـ سخجو : هي مثل سوكجو لكن الضباب يغطيها. وملكها مقيم في سوكجو.

١٠ ـ كجا : مدينة حدودية وهي من الصين. يغزوهم على الدوام التغزغز وينهبونهم(٢).

١١ ـ كوغمر : فيها بيوت كثيرة للأصنام. وهي وفيرة الخيرات ، قريبة من جبل فيه ميت. وأهل تلك المدينة يعبدون ذلك الميت.

١٢ ـ برج سنكين : قرية كبيرة من الصين ، عامرة ذات خيرات وفيرة.

١٣ ـ خاجو : مدينة كبيرة يؤمها التجار ، ملكها يتبع الصين. أهلها على دين ماني.

١٤ ـ سنكلاخ : قرية كبيرة من أعمال ساجو. أهلها يعبدون الأصنام.

١٥ ـ ساجو : من الصين ، بين الجبل والمفازة. عامرة وفيرة الخيرات ومياه جارية. أهلها مسالمون ، وهم على دين ماني.

١٦ ـ كسان : في أقصى البلاد. مكان قليل الخيرات. حاكمها تابع للتبت.

١٧ ـ كاذاخ : في حدود الصين إلا أن حاكمها يعين من التبت.

__________________

(١) هو ثور بلاد التبت المسمى ياك Yak. وفى برهان قاطع مادة (غزغا): " ثور يعيش بين جبال الخطا [أى الصين] والهند ، وهو الذي يقال له بالرومية القطاس". وقد ذكر مارسدن فى تعليقاته على رحلات ماركوبولو (ص ١١٧) عن السفير ترنر قوله : " إن الياك مال وثروة ثمينة جدا للقبائل التترية المترحلة المسماة دوكبا ، وهى تعيش فى خيام وترعى أسراب الياك من مكان إلى مكان ، ثم هى تتيح فى الحين نفسه لرعاتها وسيلة انتقال سهلة وأغطية جيدة وطعاما صحيا".

(٢) كتب هذا الكلام سنة ٣٧٢ ه‍ ، إلا أنه بعد ٧٠ عاما عندما كتب الكرديزى كتابه (سنة ٤٤٢ أو ٤٤٣ ه‍) سنجد التغزغز فى المدينة نفسها حيث قال : " مدينة كجا مدينة كبيرة على حدود الصين إلا أن فيها التغزغز" (ص ٥٧٧).

٧٨

١٨ ـ الختن : تقع بين نهرين (١) ، وفيها متوحشون يأكلون الناس ، وأكثر ما يبتغون الخز. ولملك الختن هيئة عظيمة ، ويدعو نفسه عظيم الترك والتبت. وهي على الحدّ بين الصين والتبت. ولملك الختن هذا خصيان موكلون بجميع أعماله. ويخرج من هذه المدينة سبعون ألف رجل للقتال. ومن أنهار الختن يستخرج حجر اليشم.

١٩ ـ خزه : قرية من الختن تحيط بها الرمال.

٢٠ ـ حتم : وهي خربة ليس فيها مكان عامر سوى بيت للأصنام.

٢١ ـ ساونيك : قرية تحيط بها الرمال (٢).

٢٢ ـ بورخيمو ونويجكث : مدينتان في الصين على ساحل البحر ، عامرتان وكبيرتان ذواتا خيرات كثيرة ، وأهلها ناس مقاتلون.

٢٣ ـ سرنديب : في جنوب الصين وعلى الحد بين الهند والصين ، على ساحل البحر ، ذات نواح كثيرة (٣). وفيها مياه جارية. وفي أنهارها يوجد الألماس. ويؤتى من هذا البلد باليواقيت المختلفة. وملكها من أهلها.

٢٤ ـ عزر (٤) : مدينة صغيرة قرب سرنديب يقيم فيها ملك سرنديب.

__________________

(١) فصل الكاشغرى فى ديوان لغات الترك (٣ / ١١٣) القول فى هذين النهرين بعد أن عرف بالحجر المستخرج منهما عندما قال" اليشم : حجارة بيضاء تتخذ منها الخواتيم" (نفس المصدر ، ١ / ٢٧٧) ، وذلك فى مادة" قاش أكوز" : " واديان يسيلان من جانبى بلدة ختن : أحدهما يسمى أرنك قاش أكوز ، وفيه توجد هذه الحجارة الصافية البيضاء ، فسمى الوادى بها ، والآخر يسمى قراقاش أكوز ، وفيه توجد الحجارة الصافية السوداء. ولا توجد هذه الحجارة فى جميع الدنيا إلا فيهما". ثم تحدث عن أثر هذا الحجر فى دفع أضرار الصواعق والبروق لمن يحمله معه ـ حسب اعتقادهم ـ فقال" يشن : حجر. يقال فى حكمة الترك : من كان معه قاش ـ وهى حجارة بيضاء يتختم بها ـ لا يضره البرق ، لأن طبعها كذلك. فإنها إذا لفت بكرباس فى النار ، لا تحترق الكرباس. هذا مجرّب. وإذا عطش الرجل فأخذها فى فمه تكسر صبارة العطش" (نفس المصدر ، ٣ / ١٦). الكرباس : ثوب غليظ من القطن. وقد خصص البيرونى فى الجماهر فصلا لهذا الحجر وذكر خلاله هذين الواديين من ناحية الختن (٣١٦ ـ ٣١٩) واستعمالاته الطبية أيضا. وقد مرّ بها أحد البطاركة السريان خلال رحلته للصين فى السبعينات من القرن ١٣ م فوجدها هى وكاشغر أطلالا مهجورة (تركستان ، ٧٠٨).

(٢) ذكرهما المؤلف فيما مضى (الفصل ٧ ، الفقرة ٣) باسم : " ختم" و" وسارنيك".

(٣) هى سيلان ويقال لها : لانكا ؛ سيلانديب ؛ طبربانى أيضا.

(٤) هكذا وردت فى الأصل. وقد تساءل مينورسكى عما إذا كانت غزر (٨٦.p). والحقيقة فإن تصحيفا شنيعا قد حدث لهذه الكلمة التى نحتمل أن تكون هى مدينة أغنا التى وردت فى نزهة المشتاق (١ / ٧٣): " وملك هذه الجزيرة ـ سرنديب ـ يسكن من هذه المدن مدينة أغنا ، وهى مدينة القصر وبها دار ملكة". كما ذكرها ابن سعيد (ص ٨٦) بهذا الاسم وكذلك الحميرى (ص ٤٦). أما عن سرنديب وكونها موضعا للأحجار الكريمة فقد ذكرها البيرونى بكثرة فى الجماهر (انظر فهرست الكتاب).

٧٩

١٠ ـ القول فى بلاد الهند ومدنها

إلى الشرق منها بلاد الصين والتبت ، وإلى جنوبها البحر الأعظم ، وغربها نهر مهران ، وشمالها بلاد شكنان وخان وقسم من التبت. وهى بلاد وفيرة الخيرات عامرة ، ذات ممالك كثيرة ، وفيها مدن كثيرة وجبال ومفازات وبحار ورمال. يؤتى منها بأنواع الطيب والمسك والعود والعنبر والكافور ، والجواهر المتنوعة واللؤلؤ والياقوت والألماس والمرجان والدرّ. ويؤتى منها بما لا يحصى من العقاقير والثياب العجيبة المختلفة. وفي صحاريها ومفازاتها حيوانات مختلفة كالفيل والذئب والطاووس والكركي (١) والببغاء والهدهد وما شاكل ذلك. وهي أكبر بلاد في العامر من الشمال. والنبيذ محرم في كل أرجاء الهند إلا أن الزنا مباح. وأهلها يعبدون الأصنام.

١ ـ القامرون (٢) : بلد إلى الشرق من الهند. يدعى ملوكها ملوك القامرون. وفيها يكثر الكركدن ، ومعادن الذهب بوفرة. ويؤتى منه بالسنباذج والعود الرطب الجيد.

٢ ـ الصنف (٣) : مدينة كبيرة يحكمها ملك القامرون. يؤتى منها بالعود الصنفي.

٣ ـ مندل (٤) : مدينة صغيرة من بلد القامرون. يؤتى منها بالعود المندلي. وهاتان المدينتان على ساحل البحر.

__________________

(١) فى الأصل كركرى. فرجحنا أنها : الكركى لمشاكلتها الطيور.

(٢) القامرون أو الكامروب Kamarupa هى آسام (Chaub ,p. ٥٨٣) أما السنباذج فهو" حجر تسنّ به السكاكين والسيوف وأمثالها وتجلى به فصوص الخواتيم ويستخدم فى الأدوية. يقال إنه يوجد فى جزائر بحر الصين" (برهان قاطع ، مادة : سنباده ؛ الصيدنة ، ٣٥٤).

(٣) أعطى البيرونى لعيدان البخور درجات فقال إن أجودها الهندى المعروف بالسمندورى ثم القاقلى ثم الصنفى ثم القمارى ثم البنغالى (الصيدنة ، ٤٤٤). والصنف هى جمبا وهى أنّام Annam منطقة فى فيتنام على بحر الصين الجنوبى. يقول ابن سعيد فى الجغرافيا (ص ١٠٩ ـ ١١٠) مدينة الصنف وفى غربيها جزيرة قمار التى ينسب إليها العود القمارى". وقمار أو قمير أو خمير هى كمبوديا الحالية.

(٤) " مندل بلد بالهند منه يجلب العود الفائق الذي يقال له المندلى" (معجم البلدان ، ٤ / ٦٦٠).

٨٠