حدود العالم من المشرق إلى المغرب

مجهول

حدود العالم من المشرق إلى المغرب

المؤلف:

مجهول


المحقق: يوسف الهادي
المترجم: يوسف الهادي
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: الدار الثقافيّة للنشر
الطبعة: ٠
ISBN: 977-5875-19-6
الصفحات: ٢٥٦

١ ـ فاتحة الكتاب

[١ ب] باليمن والسعادة. الحمد لله القادر الأزلي ، خالق العالم وميسر الأمور ، وهادي عباده إلى مختلف العلوم ، والتحيات الكثيرة على محمد وجميع الأنبياء.

ببركة وظفر وحسن طالع الأمير السيد الملك العادل أبي الحارث محمد بن أحمد مولى أمير المؤمنين أطال الله بقاه وسعادة دنياه ، بدأنا هذا الكتاب في صفة الأرض في سنة ثلاثمائة واثنتين وسبعين لهجرة النبي صلوات الله عليه. فبيّنا فيه صفه الأرض وهيئتها ومساحة عامرها وغامرها. وذكرنا جميع نواحيهما وملوكها مما هو معروف مع أحوال كل قوم مقيمين في تلك النواحي المختلفة ، وسنن ملوكهم ، كما هو عليه الحال في زماننا [٢ أ] مع ذكر كل ما يرتفع من تلك الناحية.

وبيّنا جميع مدن العالم التي وجدنا خبرها في كتب المتقدمين وذكرها الحكماء مع أحوال تلك المدن من سعة وصغر ، وقلة النعمة أو كثرتها وما يرتفع منها ، وأحوال أهلها وعامرها وغامرها ، ومعرفة هيئة كل مدينة من جبال وأنهار وبحار ومفازات مع كل ما يرتفع منها.

وبيّنا مواضع جميع بحار العالم من كبير وصغير ، وكذلك الخلجان ، مع كل ما يستخرج منها.

وبينا جميع الجزر الكبيرة من عامرها وغامرها وأحوال ناسها وكل ما ينتج فيها.

وبينا جميع الجبال الرئيسة في العالم والمعادن المختلفة الموجودة فيها ، والحيوانات التي تأوي إليها.

وبينا جميع الأنهار الكبيرة التي في العالم ، من الأماكن التي تنبع منها حتى تصب في البحر أو يستفاد منها في الزراعة والفلاحة ، خاصة تلك التي يمكن للسفن العبور منها ، لأن الأنهار الصغيرة لا تعدّ ولا تحصى.

وبيّنا جميع الصحارى والمفازات المعروفة في العالم ومساحاتها طولا وعرضا.

٢١

٢ ـ ذكر هيئة الأرض عامرها وغامرها

١ ـ الأرض مدورة كالكرة ، والفلك محيط بها ، تدور على قطبين ، أحدهما يدعى القطب الشمالي ، والآخر القطب الجنوبي.

٢ ـ وكل كرة إذا رسمت عليها دائرتين كبيرتين تقطعان بعضهما في زاوية قائمة ، قسمت تلكما الدائرتان الكرة إلى أربعة أقسام. كذلك الأرض مقسمة إلى أربعة أقسام بدائرتين : تدعى إحداهما دائرة الآفاق والأخرى خط الاستواء. أما دائرة الآفاق فإنها تبدأ من المشرق وتتجه إلى نهاية العمارة فتمر في القطب الجنوبي ، فتقطع ناحية المغرب لتعود إلى المشرق مرة أخرى. وهذه الدائرة هي التي تفصل النصف الظاهر العامر من الأرض عن النصف الآخر المحجوب الذي تحتنا.

وخط الاستواء هو الدائرة التي تخرج من حدود المشرق وتمر من وسط الأرض على أبعد مكان من القطبين حتى تصل إلى المغرب وتستمر حتى تعود إلى المشرق مرة أخرى.

٣ ـ وتقع العمارة في الربع الشمالي من النصف المتصل بخط الاستواء. كما يوجد بعضها في الربع الجنوبي من هذا النصف متصل بخط الاستواء. ومساحة هذه العمارة الواقعة في الشمال هي بعرض ٦٣ درجة وبطول ١٨٠ درجة.

ولما كانت أكبر دائرة تحيط بالأرض هي ٣٦٠ درجة ، ومساحة العمارة في الناحية الجنوبية تزيد بقليل على ١٧ درجة في ١٨٠ درجة ، ومقدار مساحة الاثنتين تساوى ٩ / ١ مساحة الأرض ، فإن جميع مدن العالم والممالك المختلفة والبحار والجبال والأنهار وكل مكان تأوي إليه الأحياء يشكل ٩ / ١ الأرض التي ذكرناها.

٤ ـ أما ناحية المشرق فآخر مدينة فيها هي قصبه الصين التي تدعى خمدان ، وتقع على ساحل البحر الأخضر الذي يسميه الروم الأوقيانوس المشرقي ويسميه العرب البحر الأخضر. وكما يقول أرسطاطاليس في كتاب الآثار العلوية ، فإن هذا البحر يحيط بالأرض مثل دائرة الآفاق ولا تمخر عبابه سفينة [٢ ب] ولم يقطعه أحد ولا تعلم نهايته ، وحيثما كانت العمارة تمكن الجميع من رؤيته ، لكن لا يمكن شقه إلا بالمقدار القريب جدا من العمارة. كما أن آخر مدنه قي ناحية المغرب تدعى السوس الأقصى ، وتقع على

٢٢

ساحل البحر الذي يدعى الأوقيانوس المغربي ؛ وماء هذا البحر يشبه ماء الأوقيانوس المشرقي في لونه وطعمه ورائحته ، وكل ما كان من العمارة في المغرب من شمال هذا البحر وجنوبه ، متصل به. ولا يمكن عبوره بالسفينة إلا في المناطق القريبة من العمارة.

ثم إنهم تفحصوا فوجدوا أن كلا البحرين هما بحر واحد يدور حول الأرض من المشرق إلى المغرب ويمر بالقطبين. وبسبب هذا البحر لا يعلم أحد خبر ما في النصف الآخر.

٥ ـ أما خط الاستواء في هذا النصف ، فأغلبه يمر بالبحر الأعظم ، وتقع العمارة من خط الاستواء باتجاه الشمال في ٦٣ درجة ، وأما ما يلي ذلك فلا يستطيع كائن أن يعيش فيه لشدة البرد حتى القطب الشمالي.

بينما الناحية الجنوبية من خط الاستواء ، ففي بعضها بحر ، وفي الآخر حر شديد ، وأهلها بعيدون عن طباع الناس ، وهم زنوج وأحباش وأمثال ذلك. أما ما يلي تلك الناحية وحتى القطب الجنوبي فلا يمكن أن يعيش فيه أحد لشده حرة. وبالله التوفيق.

٢٣

٣. القول في البحار والخلجان (١)

١ ـ البحر الأخضر : هو الذي سميناه المحيط المشرقي (٢) ، وحدّه المعلوم يبتدئ من آخر العمارة في الجنوب فيمر بخط الاستواء وجزيرة الواق واق ومدن الواق واق وناحية الصين وأطراف مدن التغزغز والخرخيز ، ولا يعرف أي خليج في هذا البحر.

__________________

(١) عدد البحار لدى بطلميوس خمسة بحار (مروج الذهب ١ / ١٠٣) ، وهو المشهور لدى الجغرافيين الأوائل من المسلمين الذين التزموا بنظريته مثل الخوارزمى (صورة الأرض ، ٦٦ ـ ٨٣) وسهراب (عجائب الأقاليم السبعة إلى نهاية العمارة ، ٥١ ـ ٦٨) وابن خرداذبه الذي حدثت خروم فى المطبوع من كتابه (المسالك والممالك ، ٢٣٠ ـ ٢٣١) وقدامة الذي نقل عن ابن خرداذبه بكل تأكيد (الخراج ، ١٤٥ ـ ١٤٨) ، إلا أن ابن الفقيه قال إنها أربعة (البلدان ، ٦٣ ـ ٦٤) ؛ ويلخص المسعودى الآراء فى هذا المجال بقوله" فهذه جمل البحار ، وعند أكثر الناس أنها أربعة فى المعمور من الأرض ، ومنهم من يعدها خمسة ، ومنهم من يجعلها ستة ، ومنهم من يرى أنها سبعة منفصلة غير متصلة. وعلى أنها ستة : فأولها البحر الحبشى ، ثم الرومى ، ثم نيطش ، ثم مانطش ، ثم الخزرى ، ثم أوقيانوس الذي لا يعلم أكثر نهاياته ، وهو الأخضر المظلم المحيط". (مروج الذهب الذي كتب نسخته الثانية سنة ٣٤٥ ه‍ ، ١ / ١٤١ ـ ١٤٢). إلا أنه عدها خمسة وفصّل القول فيها فى التنبيه والإشراف الذي كتبه فى آخر سنة من حياته (٣٤٦ ه‍) (٤٦ ـ ٦٠) ؛ كما أنها لدى ابن رستة خمسة أيضا (ص ٨٣). أما ما يذكره أورسيوس (ص ٧٣) استنادا إلى ما وجد فى دواوين يوليوس قيصر من أنها ٢٩ بحرا ، فيبدو أنه عدّها مع خلجانها التى سيرد الحديث عنها لدى مؤلفنا المجهول فى الفقرة ٣.

(٢) هو البحر المحيط ويدعى بحر الظلمات أو البحر المظلم ، ويسميه اليونانيون بحر الأوقيانوس ، والمقصود به المحيط الأطلسى أو الأطلنطى ، وكثيرا ما يلتبس أمره تبعا للبدء به : من الجنوب أو من الشمال. والمقصود بالمحيط المشرقى هنا هو آخر الجزء الجنوبى من الأطلسى المتصل بالمحيط الهندى عبر رأس الرجاء الصالح ، وهو يتصل ببحر الصين الجنوبى من خلال الالتفاف على سومطره (واسمها القديم : الزابج). ويرى مجيك أن البحر الأخضر هو المحيط الهندى والمحيط المتصل به (كراتشكوفسكى ص ١١٩). وننقل هنا ما ذكره المسعودى عنه فى التنبيه والإشراف (ص ٥٩) وهو مهم جدا لما سيلى من البحار : " فأما البحر المحيط الذي هو عند أكثر الناس معظم البحار وعنصرها ، وأنها منه تتشعب ، ويسميه كثير منهم الأخضر ، ويسمى باليونانية أوقيانس ، وأكثر نهاياته مجهولة عند بطلميوس وغيره ، فإنه يبتدئ من نهاية العمارة فى الشمال إلى أن يصير إلى المغرب ، وينتهى إلى نهاية العمارة فى الجنوب. وليس فى غريبه ولا شماليه نهاية محدودة. ويتصل ببحر الصين مما يلى الزابج وجزائر المهراج وشلاهط هرلج. وفى هذا البحر مما يلى مغربه الجزائر المسماة الخالدات لجزر الكنارى الحالية]. ومما يلى شماله الجزائر المسماة برطانية وهى اثنتا عشرة جزيرة. وعليه من بعض جهاته كثير من مدن الأندلس والإفرنجة". وغالبا ما يبدأ به الجغرافيون المتقدمون من أقصى الجنوب. فالخوارزمى يقول عنه : " البحر المظلم ، حده من بحر الصين" (صورة الأرض ، ٨٢). ويقول عنه سهراب : " البحر المظلم ، بحر مفرد وهو ـ

٢٤

٢ ـ البحر الآخر هو المحيط المغربى (١) : وحده المعلوم يبتدئ من آخر مدن السودان ومدن المغرب والسوس الأقصى ، فيمر على الخليج الرومي وآخر مدن الروم والصقالبة ، ثم يمر على جزيرة تولي (٢). وفي هذا البحر خليج واحد وهو الخليج الذي يربط هذا البحر بالبحر الرومي.

٣ ـ والآخر بحر كبير يدعى البحر الأعظم (٣) : حده المشرقي متصل ببحر المحيط المشرقي. ويمر عليه ما يعادل ثلث خط الاستواء. ويبدأ الحد الشمالي لهذا البحر من الصين فيمر على مدن الهند ومدن السند ، ومن ثم يمر بحدود كرمان وفارس ، وكذلك على حدود خوزستان وحدود البصرة. أما حده الجنوبي فيبدأ من الجبل الطاعن ، ويمر ببلاد الزابج ، ثم يصل إلى بلاد الزنوج والأحباش. والحد المغربي لهذا البحر خليج يحيط بجميع بلاد العرب.

ولهذا البحر خمسة خلجان :

__________________

ـ خلف خط الاستواء ـ وهو بحر السند والهند والصين" (عجائب الأقاليم ، ٦٥ ، ٧٤). وهو لدى حافظ أبرو أكثر وضوحا : " البحر الأخضر وهو بحر الهند ، شرقيه بلاد الصين ، وشماليه الهند ، وغربيه اليمن ، وجنوبيه إلى حيث لا توجد اليابسة" (جغرافياى حافظ أبرو ، ١٠٣).

(١) هذا هو الجزء الشمالى من المحيط الأطلسى. نقرأ لدى البتانى فى الزيج الصابى" جزيرة تولى التى فى برطانية" (ص ٢٥) ، وهى كذلك لدى المسعودى (مروج الذهب ١ / ١٠١) ، وكلاهما نقل عن بطلميوس ، مما يساعدنا على معرفة ما أراده المؤلف المجهول ، وهو الخروج من مضيق جبل طارق والإبحار داخل مياه الأطلسى باتجاه الشمال. وقد ذكره ابن رستة بقوله : " بحر أوقيانوس : هو بحر لمغرب البحر الأخضر" (الأعلاق النفيسة ، ٨٥) ، وهو لدى الخوارزمى (ص ٦٦) " البحر المغربى الخارج والشمالى الخارج". ويزيد سهراب الأمر وضوحا فيقول : " البحر المغربى الخارج من الشمال. وإنما سمى الخارج لأنه خارج عن العمارة ماد فى الشمال" (عجائب الأقاليم ، ٥١).

(٢) تكتب فى مؤلفات التراث الجغرافى : ثولى ، تولى ، توليه.

(٣) هو البحر المدعو بالكبير أيضا ، وهو مجموعة بحار وخلجان متصلة ببعضها ، يضعه الخوارزمى تحت هذا العنوان : " بحر القلزم والبحر الأخضر وبحر الصين وبحر البصرة ، بعضها متصل ببعض ، وهو البحر الكبير" (صورة الأرض ، ٧٤) ، ويسميه سهراب : " بحر القلزم والسند والهند وفارس والصين ، وهو البحر الجنوبى الكبير" (عجائب الأقاليم ، ٥٩). وسماه المسعودى بالبحر الحبشى أيضا (مروج الذهب ١ / ١٠٣ ، وفى ١ / ١٢٢ : بحر الهند وهو الحبشى ، انظر أيضا التنبيه والإشراف ، ٤٦).

٢٥

الأول : الخليج الذي يبدأ من حدود الحبشة ويمتد نحو المغرب حتى يصل أمام السودان ويقال له الخليج البربري (١).

الثاني : خليج يتصل بهذا الخليج متجه نحو الشمال حتى يصل حدود مصر ، حيث يضيق بعد ذلك ليصبح عرضه هناك ميلا واحدا ، ويدعى الخليج العربي وخليج إيلة أيضا ، ويدعى خليج القلزم كذلك (٢).

الثالث : يبدأ من حد فارس ، ويتوسط متجها نحو المغرب والشمال حتى لا يبقى بينه وبين خليج إيلة سوى ستة عشر منزلا على الجمّازة (٣) ، ويدعى هذا الخليج خليج العراق ، وإن جميع بلاد العرب تقع بين هذين الخليجين : خليج إيلة وخليج العراق.

الرابع : يدعى خليج فارس ، ويبدأ من حد فارس (٤) مع اتساع قليل ، حتى يبلغ حدود السند.

الخامس : [٣ أ] خليج يبدأ من حدود بلاد الهند ، ويصبح خليجا ، ويصب في ناحية الشمال ويدعى الخليج الهندوي (٥).

وكل مكان من هذا البحر الأعظم يدعى باسم المدينة أو البلاد التي تحاذيه ، كبحر فارس وبحر البصرة وبحر عمان وبحر الزنج وبحر الهند ، وما شابه ذلك.

وفي هذا البحر توجد معادن جميع الجواهر التي تستخرج من البحر. وطوله ثمانية آلاف ميل ، وعرضه يختلف حسب المكان. وفيه يحدث المدّ والجزر مرتين في اليوم والليلة من حدود القلزم حتى الصين. والمدّ هو أن يزداد الماء ويرتفع ، والجزر هو أن يقلّ الماء وينخفض. وفي أي بحر آخر لا يكون المدّ والجزر إلا بزيادة أو انخفاض الماء في البحار.

٤ ـ بحر الروم (٦) : في بلاد المغرب. وصورة ذلك البحر كصورة الصنوبر. الحدّ المغربي منه متصل ببحر الأوقيانوس المغربي ، والحد الشمالي لهذا البحر ، مدن الأندلس

__________________

(١) هو خليج عدن ، يوجد عليه من الجانب الصومالى مرفأ بربرا.

(٢) هذا الخليج هو البحر الأحمر بكامله.

(٣) الجمازة : الناقة السريعة السير ، من الجمز : السرعة فى السير.

(٤) فارس : إقليم فى ايران قاعدته مدينة شيراز.

(٥) هو خليج البنغال.

(٦) هو البحر الأبيض المتوسط. ويدعى أيضا بحر طنجة وبحر إفريقية وبحر برقة وبحر مصر والشام وبحر الروم ، ـ

٢٦

والإفرنجة والروم. والحد المشرقي لهذا البحر مدن أرمينية وبعض الروم والحد الجنوبي له ، مدن الشام ومصر وإفريقية وطنجة. وفي هذا البحر خليجان : الأول متصل ببحر الأوقيانوس (١) ؛ والآخر كالنهر يقطع وسط الروم ثم يمر بمحاذاة القسطنطينية ليصب في بحر بنطس (٢).

ولا يوجد أى بحر جميع أطرافه المحيطة به أكثر عمارة من هذا البحر.

وطول هذا البحر أربعة آلاف ميل ، أما عرضه فمختلف ، وأكثر أقسامه عرضا هو خليج القسطنطينية الذي يبلغ أربعة أميال. وأشدها ضيقا موضع من الخليج المغربي حيث يبلغ عشرة فراسخ. ولا يمكن رؤية الساحل الآخر عند الوقوف على أحد ساحليه.

٥ ـ بحر الخزر (٣) : ناحية المشرق منه مفازة متصلة بالغوز وخوارزم. وناحية الشمال منه متصلة بالغوز وجزء من بلاد الخزر. وناحية المغرب منه متصلة بمدن الخزر وآذربايجان. وناحية الجنوب منه متصلة بمدن الجيل والديلم وطبرستان وجرجان. وليس لهذا البحر خليج.

وطول هذا البحر أربعمائة فرسخ في عرض أربعمائة فرسخ ، وليس فيه أي شيء سوى الأسماك.

__________________

ـ ويقول الخوارزمى (ص ٦٩) إن بدايته من" بحر طنجة من عند الأصنام النحاس" ، والمقصود مضيق جبل طارق (انظر أيضا : عجائب الأقاليم ، ٥٤ ، حيث أضاف مؤلفه : " وهو الآخذ من البحر المغربى الخارج" ، أى من المحيط الأطلسى.

(١) أى بالمحيط الأطلسى.

(٢) هو البحر الأسود.

(٣) ويدعى بحر قزوين أيضا. وفى عبارة شاملة للمسعودى يذكر فيها أن لهذا البحر عدة أسماء مشتقة من البلدان أو الأقوام المحيطة به وهي : " هو بحر الخزر والباب والأبواب وأرمينية وآذربايجان وموقان والجيل والديلم وآبسكون ، وهى ساحل جرجان وطبرستان وخوارزم وغير ذلك من دور الأعاجم ومساكنهم المطيفة به" (التنبيه والإشراف ، ٥٣).

٢٧

٦ ـ بحر الجرزيان الذي يدعى بحر بنطس (١) : حدّه المشرقي حدود اللّان ، وحده الشمالي مساكن البجناك والخزر والمروات وبلغار الداخل والصقالبة. وحده المغربي ناحية برجان ، وحد الجنوب منه ناحية الروم.

وطول هذا البحر ألف وثلاثمائة ميل في عرض ثلاثمائة وخمسين ميلا.

٧ ـ بحر خوارزم (٢) : يقع على بعد أربعين فرسخا بين المغرب والشمال ، وتحيط به مساكن الغوز من كل جانب. ومحيط هذا البحر ثلاثمائة فرسخ.

فهذه سبعة أبحر. وغير هذه يوجد كثير من البحيرات الصغيرة ، بعضها عذب المياه وبعضها مرّ ، لكن البحيرات الصغيرة ذات المياه المالحة إحدى عشرة بحيرة :

الأولى : بحيرة ماوطس (٣) : في آخر حدّ الصقالبة من جهة الشمال. وطول هذه البحيرة مائة فرسخ في عرض ثلاثين ، ومن بحر بنطس يتصل بها خليج. كما يتصل بهذه البحيرة خليج بالأوقيانوس المغربي. وتحيط بها مناطق غير عامرة.

__________________

(١) هو البحر الأسود. قال عنه المسعودى فى التنبيه والإشراف (ص ٥٨): " هو بحر البرغر والروس وغيرهم من الأمم" ، والبرغر هم البلغار ، وهو أيضا يدعى بأسماء البلدان أو الأقوام المطلة عليه ، يقول حافظ أبرو الذي انتهى من تأليف كتابه سنة ٨٢٣ ه‍ : " يدعى هذا البحر فى زماننا بحر أراق بسبب وقوع أراق على ساحله ، ويقال له بحر القرم أيضا بسبب وقوع القرم فى طرف من أطرافه ، وخليج القسطنطينية بسبب أن مياهه جارية وهى تذهب إلى بحر الروم من خلال مرورها بالقسطنطينية. وأراق هى فرضة البحار التى ترسو بها السفن" (جغرافياى حافظ أبرو ، ١ / ١١٨) ، والمضيق الواصل بين هذا البحر وبحر مرمرة هو مضيق البوسفور. ويقول البيرونى فى التفهيم (ص ١٢٢ ـ ١٢٣): " ثم فى وسط المعمور بأرض الصقالبة والروس ، بحر يعرف ببنطس عند اليونانيين ، ويعرف عندنا طرابزنده لأنها فرضة عليه ، ويخرج منه خليج يمر على سور قسطنطينية ولا يزال يتضايق حتى يقع إلى بحر الشام" ، وبحر الشام هو بحر الروم أو الأبيض المتوسط. وكان المؤرخ هيرودوتس (٤٨٤؟ ـ ٤٢٥؟ ق. م) وصفه فى تاريخه (١ / ٢٩٣) مع البحار المتصلة به كما يلى (سنضع بين معقوفتين الأسماء الحالية للأماكن ، وسنحذف الأرقام المشيرة إلى المساحت : " بحر بنطس وهو من بين كل البحور البحر الذي يستحق ثناءنا أكثر من غيره. ومدخل هذا البحر يدعى البوسفور وهناك كانوا قد وضعوا الجسر. ويمتد البوسفور إلى البروبنطيس [بحر مرمرة] ويفيض فى هلسبنطس [مضيق الدردنيل] ويتصل ببحر فسيح يسمى بحر إيجيوس [إيجه] ".

(٢) هو البحيرة المالحة المسماة آرال فى شمال تركستان.

(٣) هو بحر آزوف.

٢٨

الثانية : بحيرة كبوذان (١) : في أرمينية. وطولها [٣ ب] خمسون فرسخا في عرض ثلاثين. وفي هذه البحيرة قرية يقال لها كبوذان ، وتسمى هذه البحيرة باسم تلك القرية. وحولها عمارة ، ولا توجد فيها أحياء لشدة ملحها إلا الديدان.

الثالثة : البحيرة الميتة (٢) : في الشام وليس فيها كائن حي ، لمرارة مائها. طولها مسير ثلاثة أيام ، في عرض يومين.

الرابعة : بحيرة نويطة (٣) : في بلاد الروم. طولها مسير ثلاثة أيام في عرض يومين. وما حولها عامر. وفيها سمك كثير.

الخامسة : بحيرة السماطي (٤) :في بلاد الروم أيضا. طولها مسير ثلاثة أيام في عرض مسير يوم. وما حولها عامر. وفيها سمك كثير. ويقال إن فيها فرس النهر.

السادسة : بحيرة يون (٥) : في فارس ، قرب كازرون. طولها عشرة فراسخ في عرض ثمانية. وما حولها عامر. وفي هذه البحيرة خيرات كثيرة.

__________________

(١) هى بحيرة أرمية فى آذربايجان وتعرف ببحيرة تلا أو الشراة وأيضا بحيرة الشاها نسبة إلى إحدى أشباه الجزر (ميكيل ، ٣ (١) / ٣٠٩).

(٢) قال المسعودى فى التنبيه والإشراف (ص ٦٤): " وهذه البحيرة التى ذكرها أرسطاطاليس وغيره هى البحيرة المنتنة بحيرة أريحا وزغر. وقد شاهدناها. وإليها يصب نهر الأردن الخارج من بحيرة طبرية". وهى البحر الميت أو بحر لوط. ونص كلام أرسطو فى الآثار العلوية هو : " وقد ذكروا أن بحيرة فى فلسطين شديدة المرارة والملوحة ، وأنه لو أخذ إنسان أو دابة فشدّ وثاقه ثم ألقى فيها ، وجد طافيا لخفّته وثقل الماء المالح. وليس يكون فيها حوت. وإن غمس فيها ثوب وسخ استنقى من وسخه من ساعته من شدة المرارة والملوحة التى فيها" (ص ٦٢). وهي المنتنة أيضا لدى ابن الفقيه (البلدان ، ١٦٧). وفى الصيدنة (ص ١٢٥) أن بحيرة زغر هى بحر الزفت. (٣) كذا فى الأصل ، ويحتمل مينورسكى (Hudud ,p. ٣٨١) أن تكون فارطة المذكورة لدى ابن خرداذبه ، ١١٣) الواقعة على الطريق المتجه إلى عمورية.

(٤) يفترض مينورسكى (hudud ,p. ٣٨١) قراءة" السماطى" ب" كناص" التى لدى ابن خرداذبه وتأتى بعد" فارطة" الكلمة لدى ابن خرداذبه غير منقوطة ويمكن أن تقرأ كماص. ويرى أن ما يدعم هذا الرأى وأنها بحيرة قول ابن خرداذبه" عبرة كناص" أو" كماص".

(٥) يرى مينورسكى أنها هى نفسها بحيرة مور الواردة لدى ابن البلخى (فارس نامه ١٥٤)(hudud ,p. ٣٨١) لكن تلك صغيرة إذ يقول ابن البلخى إن مساحتها فرسخان ، بينما هذه أكبر. ولذا نحتمل أن تكون هى نفسها بحيرة جور أرزن الواردة فى جهان نامه (ص ٣٦) حيث قال بكران إنها قرب كازرون وطولها عشرة فراسخ.

٢٩

السابعة : بحيرة باسفهري (١) : في فارس قرب شيراز ، طولها ثمانية فراسخ في عرض سبعة ، وما حولها عامر ، وهي قليلة الخيرات.

الثامنة : بحيرة جنكان : في فارس ، طولها اثنا عشر فرسخا في عرض عشرة فراسخ. وهذه البحيرة كثيرة الخيرات ، وما حولها عامر.

التاسعة : بحيرة بجكان : في فارس. طولها عشرون فرسخا في عرض خمسة عشر. وفيها تتجمع الأملاح. وحولها تكثر الوحوش. وتخرج من هذه البحيرة عين ماء قرب داراجرد ، ويستمر جريانها حتى تصب في البحر.

العاشرة : بحيرة توزكول (٢) : في الخلخ. طولها عشرة فراسخ في عرض ثمانية. تتجمع فيها الأملاح. تجلب سبع قبائل من الخلخ ، الملح من هناك.

الحادية عشرة : بحيرة إيس كول (٣) : بين الجكل والتغزغز. طولها ثلاثون فرسخا في عرض عشرين. ومدينة برسخان تقع على ساحل هذه البحيرة أما البحيرات ذات الماء العذب فعددها غير معروف. يقال لها بحيرة مرة وبطيحة مرة أخرى. إلا أن المعروف منها سبع بحيرات :

الأولى : بحيرة مصر : التي تدعى بحيرة تنيس ، وهي متصلة ببحر الروم ، ويصب فيها نهر النيل. وهذه البحيرة عذبة المياه في الصيف. ويغدو ماؤها في الشتاء ملحا حين يقل منسوب الماء في نهر النيل. ويوجد وسط هذه البحيرة مدينتان هما دمياط وتنيس.

__________________

(١) فى جهان نامه (ص ٣٧) أنها محاطة بالآجام وبالقصب الذي يحمل إلى شيراز ، وأن ماءها ملح.

(٢) في الأصل توزكوك. والصواب ما أثبتناه لأن" كول" بالتركية تعنى الغدير والحوض وكذلك البحر نفسه (ديوان لغات الترك ، ٣ / ٩٨ ـ ٩٩). أما اسم البحيرة فالمحتمل أنها" ترنك كول". ففى ديوان لغات الترك (٣ / ٩٩) " ترنك كول : اسم بحيرة فى ثغر إكى أكوز" ، وفى ١ / ٥٨ منه اكتفى الكاشغرى بالقول إن إيكى أوكوز هى" بلدة بالثغر" ، ولم يحدد موقعها.

(٣) فى الأصل إيسكوك بالكاف والصواب ما أثبتناه (انظر الهامش السابق. ففى ديوان لغات الترك (٣ / ٩٩) : " إسك كول : اسم بحيرة برسغان ، طولها ثلاثون فرسخا فى عشرة فراسخ". واسمها يعنى البحيرة الدافئة أو الحارة ، فقد ذكر البيرونى فى الجماهر (ص ٤٢٥): " ببرسخان التى على شط إيسي كول ، البحيرة الحارة". وفى دائرة المعارف الإسلامية (الطبعة العربية الثانية ، ٥ / ٢٩٤) حديث واف عن هذه البحيرة وفيه أن معنى اسمها هو البحيرة الدافئة باللغة التركية وأنها أهم بحيرة جبلية فى إقليم تركستان ، ومن أكبر بحيرات الدنيا.

٣٠

وكل الثياب الثمينة التي يؤتى بها من مصر ، تجلب من هاتين المدينتين. طول هذه البحيرة خمسة عشر فرسخا في عرض أحد عشر فرسخا.

الثانية : بحيرة طبرية : في الشام ، طولها اثنا عشر فرسخا في عرض سبعة فراسخ.

الثالثة : بحيرة تنتيه (١) : في بلاد الروم. وما حولها عامر. طولها ثمانية فراسخ في عرض خمسة.

الرابعة : بحيرة ريس (٢) : في بلاد الروم. وما حولها عامر. طولها خمسة فراسخ في عرض خمسة.

الخامسة : بحيرة أرزن (٣) : في فارس قرب شيراز ، وسمك شيراز من هذه البحيرة. طولها عشرة فراسخ في عرض ثمانية.

السادسة : بحيرة زره (٤) : في سجستان. ما حولها عامر وقرى ، إلا في الناحية التي تطل فيها على المفازة. طولها ثلاثون فرسخا في عرض سبعة. ويحدث أحيانا أن يزيد ماء هذه البحيرة إلى الحد الذي يخرج معه نهر منها يمر على كرمان ويصب في البحر الأعظم[٤ أ].

السابعة : البحيرة الواقعة على حد أسروشنه التي تتكون من التقاء أربعة أنهر تنبع من بتمان بين الجبال. ومنها يخرج نهر يسقي سمرقند وبخارى وبلاد السغد. طولها أربعة فراسخ في عرض أربعة. وهي من تلك البحيرات التي ذكرت في كتب الأخبار.

__________________

(١) كذا فى الأصل ، ويحتمل أن تكون نيقية ، وهى بلدة من بلاد الروم من أعمال إستانبول (معجم البلدان ٤ / ٨٦١) ، خاصة وأن ابن خرداذبه يذكر" بحيرة نيقية" (ص ١٠٦ ، ١١٣).

(٢) لم نهتد لتحديد مكانها.

(٣) يسميها حمد الله المستوفى بحيرة دشت أرزن (ص ٢٤٠) وهى كذلك فى جهان نامه (ص ٣٦) ، وهى كذلك فى جغرافياى حافظ أبرو (ص ١٣٤ ـ ١٣٥) وأسهب فى وصفها.

(٤) ذكر مؤلف تاريخ سيستان (سجستان) " أسماء ستة أنهار إضافة إلى المياه المنحدرة من الجبال المحيطة بسجستان ومن ألف فرسخ ، تصب جميعها فى هذه البحيرة ولا يعلم إلا الله أين تذهب كل تلك المياه. وإن هذا من العجائب" (ص ١٦).

٣١

وما سوى هذه ، توجد بحيرات صغيرة كثيرة :

أحدها في جبال الجوزجان ، في مانشان قرب بستراب. طولها فرسخ واحد في عرض نصف فرسخ.

وأخرى في جبال طوس وجبال طبرستان ، لكنها غير معروفة وليست قديمة. ويحدث أحيانا أن تجفّ فلا تبقى فيها مياه. ولذا لم نذكرها.

أما المياه التي تدعى البطائح فكثيرة ، لكن المعروف منها تسع :

ثلاث منها في المناطق غير العامرة من الجنوب على الجانب الآخر من النوبة قرب جبل القمر ، حيث تتفرع منها عشرة أنهار ، تتكون من كل خمسة منها بطيحة واحدة ، يخرج من كل بطيحة ثلاثة أنهر تتجمع في مكان واحد ، فيتكون من كل ستة منها بطيحة واحدة ، ومن تلك البطيحة ينبع نهر النيل ، ويمر من النوبة وبلاد مصر حتى يصب في بحيرة تنيس (١).

واثنتان أخريان هما بطيحتا البصرة ، تحيط بهما العمارة وكثير من القرى والمدن الصغيرة.

بطيحة الكوفة ، وما حولها عامر ، وخيراتها كثيرة.

السابعة ، بطيحة بخارى وتدعى آوازه بيكند ، وتقع في مفازة (٢).

الثامنة في أعالي الصين على حدود مدينة خمدان.

التاسعة في شمال الصين.

وجميع هذه البحيرات والبطائح ، ماؤها عذب وتكثر فيها الأسماك ويعمل فيها الصيادون.

وتوجد بطائح سواها يجف ماؤها أحيانا ، لذا لم نذكرها.

__________________

(١) سيتحدث المؤلف فيما بعد بالتفصيل عن منابع النيل (الفصل ٦ ، الفقرة ٦٢).

(٢) هى بحيرة قراكول (انظر : تركستان ، ٤٨٤ ، ٦٣٧).

٣٢

٤ ـ القول في الجزائر

كل أرض كانت وسط البحر مرتفعة عن الماء ، أو كل جبل كان وسط البحر يدعى الجزيرة.

أ ـ أما في بحر الأوقيانوس المشرقي :

١ ـ جزيرة معروفة تدعى جزيرة الفضة (١) ، وفيها أشجار الساج والآبنوس بكثرة ، وفيها معدن الذهب. وبها سبعة أنهار كبار تنبع من هذه الجزيرة أيضا من سبعة أماكن مختلفة لتصب في هذا البحر. ويوجد في هذه الجزيرة مدينة كبيرة ومعروفة ، وهي في عداد مدن الصين وتدعى مدينة جزيرة الفضة ، عامرة وفيها خلق كثير.

ب ـ وأما الجزر التي في البحر الأعظم فهي ثلاث عشرة جزيرة معروفة.

٢ ـ جبلان عامران ، أحدهما يبدأ من الناحية الجنوبية وينحدر باتجاه هذا البحر. والآخر يبدأ من ناحية الشمال منحدرا إلى هذا البحر في مواجهة ذلك الجبل ، وهذان الجبلان مذكوران في كتب بطلميوس. وكل واحد منهما يقع بعضه على اليابسة وبعضه في الماء.

٣ ـ جزيرة الذهب (٢) : وهي الجزيرة الأولى في هذا البحر الأعظم ، محيطها ثلاثمائة فرسخ ، وفيها معادن الذهب ، وعمارة كثيرة ، ويدعى أهلها زنوج الواق واق ، وهم

__________________

(١) ذكر الخوارزمى جزيرة الفضة عند ذكره البحر المظلم (ص ٨٣) ، ومعلوم أن البحر المظلم يبدأ حده من الصين لديه (ص ٨٢) ، ويؤكد قوله" جزيرة الفضة فى بحر الصين" (ص ١٠٩). ويضعها سهراب أيضا فى البحر المظلم ويضيف قائلا : " جزيرة الفضة وهناك مصب نهر سيواس" (ص ٦٦). وفى جهان نامه أنها فى بحر الصين بحدود المشرق قرب خط الاستواء ، ويعثر فى ممرات مياهها على قطع فضة تتراوح أوزانها بين الدرهم والعشرة مثاقيل. ويقال إنها بين عشرة مثاقيل ونصف من (ص ٣٩). الغريب أن ابن خرداذبه (ص ١١٢) ذكر من بين جزائر الروم جزيرة الفضة وجزيرة الذهب التى قال عنها : " وبها كان يخصى الخدم".

(٢) يسترشد مينورسكى (Hudud ,p. ٦٨١ ـ ٧٨١) بابن خرداذبه (ص ٦٩) ليشير إلى أن جزيرة الذهب هى سومطره معتمدا على قول مؤلف حدود العالم إن أهلها زنوج الواق واق. ونص كلام ابن خرداذبه هو : " وفى مشارف الصين بلاد الواق واق وهي كثيرة الذهب حتى أن أهلها يتخذون سلاسل كلابهم وأطواق قرودهم من ذهب ويأتون بالقمص المنسوجة بالذهب للبيع".

٣٣

جميعا عراة يأكلون الناس. يذهب تجار الصين إليها كثيرا ، ليشتروا منهم الحديد ويبيعوهم الطعام والحبوب ، ويتعاملون معهم بالإشارة دون أن يكلم أحدهم الآخر [٤ ب].

٤ ـ جزيرة طبرنا (١) : جزيرة أخرى في هذا البحر ، محيطها ألف فرسخ ، وتحيط بها تسع وخمسون جزيرة من الجزر الكبار العامرة والغامرة ، وفيها مدن وقرى كثيرة ، وجبال وأنهار كثيرة ، ومعادن الياقوت من جميع الألوان ؛ وتقع هذه الجزيرة أمام الحدّ الفاصل بين الصين والهند. وفيها مدينة كبيرة تدعى موس على الساحل المواجه للهند. وكل ما ينتج في هذه الجزيرة يؤتى به إلى هذه المدينة ومنها إلى أرجاء العالم.

٥ ـ جزيرة الرامي (٢) : وتقع قرب حدود سرنديب ، إلى القسم الجنوبي منها ، وفيها ناس سود متوحشون وعراة ، يمارسون الغوص. وفي هذا المكان يوجد اللؤلؤ. ويوجد في هذه الجزيرة العنبر والبقم والكركدن ، وهم يبيعون كل ذلك ويشترون الحديد بدلا منه. وإن البقم الذي يؤتى به من هذه الجزيرة هو ترياق من جميع السموم.

٦ ـ جزيرة صريح (٣) : تقع إلى الغرب من سرنديب ، وفيها أشجار الكافور ، وأهلها متوحشون ، وبها أفاع كثيرة.

__________________

(١) ذكرت فى نزهة المشتاق : طبرنة (٢ / ٧٧٣) ضمن المدن المطلة على بحر الأدرياتيك. وفى الزيج الصابى (ص ٢٦): " وفى هذا البحر ، أعنى بحر الهند والصين من الجزائر : جزيرة فى أقصاه عند بلد الصين تسمى طبربانى وهي سرنديب".

(٢) فى مروج الذهب (١ / ١٧٢) " ويلى جزيرة سرنديب جزائر أخر نحو من ألف جزيرة تعرف بالرامين معمورة ، وفيها ملوك وفيها معادن من ذهب كثيرة". وقد أسهب الإدريسى في وصفها (نزهة المشتاق ١ / ٧٦ ـ ٧٧) وقال إن بينها وبين سرنديب ثلاثة أيام. وتوجد في جهان نامه (ص ٤١) معلومات إضافية عنها ويبدو أنها هي لامري الواردة في الصيدنة (١٢٢) عند الحديث عن نبات البقّم حيث قال البيروني : " معدنه جزيرة لامري ، ومنه مع الخيزران يجلب". وفى غياث اللغات : " البقم : خشب يستخرج منه صباغ أحمر". نضيف إلى ذلك أن المعلومات الواردة في نزهة المشتاق وجهان نامه عن هذه الجزيرة هى لدى ابن خرداذبه (ص ٦٥).

(٣) يسترشد مينورسكى بكونها إلى الغرب من سرنديب وأن فيها الكافور والأفاعى ليقول إنها بلاد الزابج (Hudud ,p. ٧٨١). والزابج هى جاوه (عن أفاعيها وكافورها ، انظر : ابن خرداذبه ص ٦٥). لكننا نعتقد أنها سريرة الشرق ، ففى الجماهر (ص ٤١٦): " كله بين جزيرتى سرنديب وسريرة الشرق ، وسريرة عنها بقريب من خمسة وعشرين يوما فى الماء ، وتغرب عنها سرنديب مثل ذلك". وقد وردت هكذا فى مخطوطتى كتاب الجغرافيا لابن سعيد ، إلا أن محقق الكتاب كتبها : سربزة ونقل عن السائح الصينى شو ـ جوا ـ كوا أن Cri Bhoja هو الاسم الذي كان العرب يطلقونه على جزيرة سومطره وأضاف : أن Van der lith اعترف ـ

٣٤

٧ ـ جزيرة تدعى جابه وسلاهط (١) : يؤتى منها بالعنبر والكباب والصندل والسنبل والقرنفل.

٨ ـ بالوس (٢) : وتقع إلى المغرب من جابه ، وبينهما فرسخان. وأهلها سود يأكلون الناس ، ويؤتى منها بالكافور الجيد والجوز الهندي والموز وقصب السكر.

٩ ـ كله (٣) : وهي إلى الجنوب من بالوس. ملك جابه هندوسي. وبين بالوس وكله يومان في الطريق ، وينمو فيها الخيزران الكثير ، وفيها معدن الرصاص.

١٠ ـ بنكالوس (٤) : إلى الغرب من كله ، وبينهما ستة أيام في الطريق ، أهلها عراة يجالسون التجار وأموالهم الحديد. طعامهم الموز والسمك والجوز الهندي. وبين هذه الجزيرة وبين مدينة ملي عشرون يوما في الطريق.

١١ ـ هرنج (٥) : وهي قرب سندان ، يرتفع منها الكافور بكثرة.

١٢ ـ لافت (٦) : وفيها مدينة جميلة ، ومراو تدعى لافت ، وفيها مزارع وحقول

__________________

(١) لدى ابن خراداذبه : " بالوس ومنها إلى جزيرة جابه وشلاهط وهرلج فرسخان" (ص ٦٦). وفى نزهة المشتاق : " جزيرة كله ويلى هذه الجزيرة جزيرة جابه وجزيرة سلاهط وجزيرة هزلج ، وبين كل واحدة منها وأختها فرسخان وأكثر أو أقل ، وهذه الجزائر كلها لملك واحد اسمه جابه" (١ / ٨١) وجابه هى جزيرة جاوة كما أسلفنا. وفى جهان نامه : جابه : عرّبت فى الكتب فيكتبونها : زابج (ص ٤٠).

(٢) يضعها ابن خرداذبه (ص ٦٦) على يسار جزيرة كله.

(٣) قال البيرونى فى التفهيم (ص ١٢٢): " كله : منها يجلب الرصاص القلعى". ويرى مينورسكى بحق أن" قلعى" مشتقة من" كله" (١٨٧.Hudud ,p.) وفى الجماهر (ص ٤١٦) أن الأفاوية [التوابل] تجهّز منها إلا أنها اشتهرت بالرصاص الذي يجلب منها. وهى نفسها كلاه بار أو كلبار. يقول سليمان التاجر (ص ٣٧) " كلاه بار : المملكة والساحل يقال له بار ، وهى مملكة الزابج".

(٤) هى لنكبالوس ، أو النكبالوس على حد تعبير ابن خرداذبه (ص ٦٦) ، وتتفق ألفاظ مؤلفنا المجهول تماما مع ما لدى ابن خرداذبه.

(٥) لم نهتد إليها.

(٦) " جزيرة فى بحر عمان بينه وبين هجر ، وهى جزيرة بنى كاوان أيضا" (معجم البلدان ٤ / ٣٤٢) ويضيف ياقوت قائلا : " وكانت هذه الجزيرة من أعمر جزائر البحر ، بها قرى وعيون وعمائر ، فأما فى زماننا هذا فإنى سافرت ذلك البحر وركبته عدة نوب فلم أسمع لها ذكرا".

٣٥

وخيرات ومياه عذبة ، يأتيها التجار من جميع أرجاء العالم ، وتقع هذه الجزيرة أمام فارس.

١٣ ـ ناره (١) : تقع على خط الاستواء وسط عمارة العالم ، طولها من المشرق حتى المغرب تسعون درجة. وضعت فيها الزيجات ومراصد الكواكب السيارة والثابتات طبق الزيجات القديمة. وتدعى هذه الجزيرة جزيرة استواء الليل والنهار.

١٤ ـ وال (٢) : تقع أمام فارس ، فيها قرى كثيرة ذات خيرات ، وهي مرفأ للسفن.

١٥ ـ خارك (٣) : تقع أسفل جنوبى البصرة. وبين البصرة وخارك خمسون فرسخا. وفيها مدينة كبيرة جميلة تدعى مراور خارك. يوجد قربها اللؤلؤ المرتفع الثمين.

١٦ ـ جزيرتان صغيرتان متصلتان ببعضهما تدعى إحداهما سقيطرا (٤) : تقع قرب بلاد عمان ، قليلة الخيرات وأهلها كثيرو العدد.

وتوجد في هذا البحر جزائر كثيرة لكنها غير عامرة ولا معروفة ، وهي أصغر من أن نذكرها.

١٧ ـ وفي هذا البحر ، أمام بادية الشام ، جبال تدعى فاران وجبيلان ، يكون البحر [٥ أ] هناك دائم الموج هائجا

ج ـ وأما جزائر الأوقيانوس المغربى

فهى خمس وعشرون جزيرة معروفة ، أسماؤها فى كتاب بطلميوس. ست جزائر منها مقابل بلاد السودان وتدعى الجزائر الخالية (٥) ، فيها معدن الذهب ، يأتى الناس إليها مرة فى العام من ناحية السودان ومدن السوس الأقصى ، ليجمعوا من هناك معادن الذهب. ولا يستطيع أحد أن يقيم فيها لشدة حرّها.

__________________

(١) يرجح مينورسكى أن تقرأ هذه الكلمة بارة (Hudud ,p. ٨٨١) ويميل الى كتاب القانون المسعودى للبيرونى.

(٢) فى معجم البلدان (١ / ٣٩٥): " أوال ، ويروى بالفتح ، جزيرة يحيط بها البحر بناحية البحرين".

(٣) وردت إشارة لموقعها أيضا فى تاريخ الإسلام للذهبى ١٨٩ (١٩١ ـ ٢٠٠ ه‍).

(٤) هى سقوطرا ، ويقال سقطرى كما فى تاريخ المستبصر لابن المجاور الذي زارها سنة ٦١٨ ه‍ وقال : وفى الجزيرة أربع مدن كبار" (ص ٢٦٦). ويتحدث المهرى عن ثلاث جزر كبار غربى سقطرى (العمدة المهرية ٢٣). تحدث عنها وعن عادات أهلها ماركو بولو فى رحلته وقال إن أهلها يشتغلون بالشعوذة والسحر (ص ٣٢٧).

(٥) هى الجزر الخالدات (جزر الكنارى حاليا) فى المحيط الأطلسى شمال غربى الصحراء الغربية. وتدعى جزائر السعادة أيضا. وفى هامش مخطوطة كتاب الخراج لقدامة بن جعفر ، كتب بخط مغاير لخط الأصل شرح لمعنى الخالدات : " سبع جزر رحلت إليها الحكماء فى السفن. يقال إنهم كانوا يسمعون منها صريف الأفلاك ، وبها على ما قيل تنبت الفواكه والحبوب كالرز والشعير وسائر أصنافه والزهور بغير زراعة بل من عند الله ، فلذلك سميت الخالدات".

٣٦

معدن الذهب ، يأتى الناس إليها مرة فى العام من ناحية السودان ومدن السوس الأقصى ، ليجمعوا من هناك معادن الذهب. ولا يستطيع أحد أن يقيم فيها لشدة حرّها.

والسابعة ، جزيرة غديرة الواقعة عند التقاء بحر الروم بهذا البحر ، وتخرج منها عين ماء كبيرة تكون فوهة خليج بحر الروم.

والثامنة والتاسعة ، جزيرتان قريبتان من بعضهما ، تدعى إحداهما روذس ، والأخرى أرواذ ، مقابل بلاد الروم. وكانت مراصد اليونانيين للكواكب فى هاتين الجزيرتين.

العاشرة والحادية عشرة ، جزيرتان يفصل بينهما نصف فرسخ مقابل آخر حد الروم من ناحية الشمال ، وتسميان جزيرة الرجال وجزيرة النساء (١). وجميع من فى جزيرة

__________________

(١) إن قوله" آخر حد الروم من ناحية الشمال" ، يجعل الأمر يتعلق بالأمازونيات النساء المقاتلات اللواتى كن يقمن على شواطئ البحر الأسود. وعلينا الرجوع إلى هيرودوتس الذي ذكر فى تاريخه حرب هؤلاء النسوة الأشداء للأغارقة وكيف أنهن كن بلا رجال ، ثم إن الجيش السكيثى استطاع أن يتقرب منهن بالتدريج ويختار كل فرد من أفراده واحدة من الأمازونيات زوجة له (١ / ٣٠١ ـ ٣٠٤). نجد جزيرتى النساء والرجال هاتين لدى الخوارزمى : " جزيرة أمراتوس التى فيها الرجال" و" جزيرة أمرانوس التى فيها النساء" (ص ٨٩) ولدى سهراب : " جزيرة أمرانوس التى فيها عين الرجال" و" جزيرة أمرانوس التى فيها عين النساء" (ص ٧٠ ـ ٧١) وقد ذكراهما ضمن جزائر المحيط الأطلسى. ونرجح أن تقرأ : أمزانوس ، فهى نسبة إلى الأمازونيات (Amazones) ويبدو أن" أمزانوس الرجال" قد اختلقت فيما بعد لتفسير بقاء نسل أولئك النساء. ويحدد مؤلف جهان نامه مكان هاتين الجزيرتين بأنه واقع فى أقصى الشمال من القسم الشرقى من جزيرة تولى ثم فصل القول فيهما (ص ٣٩). ومع ذلك علينا أن لا ننسى أن ماركو بولو ذكر جزيرتين مماثلتين فى المحيط الهندى تبعدان عن بعضهما مسافة ٣٠ ميلا ويزور الرجال جزيرة الإناث ويمكثون هناك ٣ أشهر متعاقبة. وفى تعليق مارسدن على النص المذكور قال : " رغم الاعتراضات التى تنهض بصدد المسافات ، فإن من المعقول الاعتقاد أن المقصود بهما هما الجزيرتان اللتان تقعان قرب جزيرة سقطرى وتسميان عبد آل كوريا والشقيقتين ببعض الخرائط أو الشقيقتين فى خرائط أخرى". نذكر أيضا ما ذكره البيرونى وهو يتحدث عن خشب الأبنوس وأنه" يحمل من مملكة النساء التى فى داخل الصين" (الصيدنة ، ٢٢). ونشير إلى أن القزوينى قد ذكر" جزيرة النساء" وقال إنها" فى بحر الصين فيها نساء لا رجل معهن أصلا ، وأنهن يلقحن من الريح ويلدن النساء مثلهن. وقيل إنهن يلقحن من ثمرة شجرة عندهن يأكلن منها" (آثار البلاد ، ٣٣) ، ثم ذكر بعد ذلك" مدينة النساء" وقال إنها" واسعة الرقعة فى بحر المغرب" أى المحيط الأطلسى ، ونقل عن إبراهيم بن يعقوب الطرطوشى أن أهلها نساء لا حكم للرجال عليهن ، يركبن الخيول ويباشرن الحرب بأنفسهن" (ص ٦٠٧). وهو هنا يتحدث بكل تأكيد عن الأمازونيات. ولوليم ـ

٣٧

الرجال ، رجال ؛ وجميع من فى الأخرى ، نساء. وفى كل عام يجتمع من فى الجزيرتين مع بعضهم من أجل النسل لمدة أربع ليال. وحين يصبح المولود الذكر فى سن الثالثة ، يبعث به إلى جزيرة الرجال.

وفى جزيرة الرجال ستة وثلاثون نهرا كبيرا تخرج من هناك وتصب فى البحر وفى جزيرة النساء ثلاثة أنهار.

وتأتى بعد ذلك فى ناحية الشمال من هذا البحر اثنتا عشرة جزيرة تدعى جزائر برطانية بعضها عامرة والأخرى غير عامرة. وفيها جبال وأنهار وقرى كثيرة ومعادن مختلفة.

والرابعة والعشرون تدعى جزيرة طوس (١) ، وتقع على شمال جزائر برطانية هذه. طولها مائة فرسخ ، يخرج منها ماء كثير يصب فى اليابسة ويتجه إلى بحر ماوطس الواقع إلى شمال الصقالبة ليصب فيه ، كما كنا قد ذكرنا ذلك.

__________________

ـ مارسدن فى كتابه The History of Somatra رأى نقله الأستاذ إسماعيل العربى فى تعليقه على كتاب الجغرافيا لابن سعيد قال فيه : " كان شعب لمبون Lampoon (وهم سكان جزيرة سمانكاSamanka الواقعة فى مضيق الصندSunda) حتى وقت متأخر يعتقد أن جميع سكان إنجانس Engans كلهم من الإناث وأن هؤلاء يحملن بواسطة الريح" كما أشار العربى أيضا إلى رأى الكاتب الصينى شو ـ جو ـ كوا وقال إن عباراته مماثلة لعبارات مارسدن (انظر : الجغرافيا لابن سعيد ، التعليقات ص ٢٦٠). وأخيرا فسر مارسدن ذلك بقوله" إن المرجح فى رأيه هو أن سكان الجزيرة يعيشون على صيد السمك ، ومن ثم يهاجر الرجال إلى جزيرتهم لممارسة نشاطهم خلال الشهور الملائمة من السنة كما كان يفعل صائدو السمك الإنجليز الذين يقيمون فى نيوفاوند لاند" (تعليقات العربى على الجغرافيا لابن سعيد ص ، ٢٦١). وفى طبائع الحيوان (ص ٢٥ ـ ٢٦) نسب المروزى كلاما لجالينوس وأبقراط هو أن جالينوس قال إن هؤلاء النساء" يحاربن مثل الرجال وإنهن يقطعن أحد الثديين لترجع القوة كلها إلى الذراع وكى تخف أبدانهن ويثبن على صهوات الخيل. وقد ذكر أبقراط هؤلاء النساء فى بعض كتبه وسماهن أمازونس ومعناه ذوات ثدى واحد لقطعهن الآخر. ولا يمنعهن عن قطع الآخر إلا حاجتهن إلى رضاع أولادهن واستبقاء النسل. وإنما يقطعن الواحد لئلا يحبسهن عن رمى النشاب على ظهور الخيل".

(١) إن قوله إنها تقع إلى شمال جزائر بريطانيا يناقض قوله إن ماءها يتجه إلى بحر ماوطس وهو بحر آزوف ، وبين الاثنين بون شاسع جدا. ومع ذلك يوجد لدى ابن خرداذبه النص التالى : " فأما البحر الذي خلف الصقالبة وعليه مدينة تولية ، فليس يجرى فيه مركب ولا قارب .." (ص ٩٣). ولذا نحتمل أن يكون اسم هذه الجزيرة ـ

٣٨

والخامسة والعشرون جزيرة تدعى ثولى (١) تمتد بعض المدن الشمالية على طولها. وهى الجزيرة التى تمر بها الدائرة الموازية لخط الاستواء وتمر بآخر حدود عمارة العالم من ناحية الشمال.

قد ذكرنا جميع الجزر المعروفة فى بحر الأوقيانوس المغربى.

وأما ما فى بحر الروم ، فست جزر عامرة وجبلان اثنان يدعى أحدهما جبل طارق الذي يقع أحد طرفيه فى بلاد الأندلس والآخر فى الخليج الذي يتصل بالأوقيانوس بواسطة بحر الروم. وفيها معدن الفضة. وتنبت فيها الأعشاب الطبية وتسقط على الأرض مثل الجنطيانا (٢) وما شابهها.

ويدعى الجبل الثانى جبل القلال. وهو قريب من مدينة رومية فى المغرب. وهو جبل يقال إنه لم يستطع أحد الوصول إلى قمته لشدة ارتفاعه. وفيه الصيد والخشب والحطب.

والجزر الست هى :

__________________

ـ هو" طولس" وأولها" طو" كتب صحيحا أما النصف الثانى فكانت اللام فيه صغيرة فأدمجها الناسخ فى السين (انظر الهامش الآتى أيضا إذ هى نفسها جزيرة ثولس).

(١) فى كتاب التفهيم (النص الفارسى وليس العربى الذي يبدو أنه سقطت منه بعض الكلمات مثل : ثولى) نقرأ ما يلى : " أما العمارة فقد زعم بطلميوس أنه يوجد أقصاها فى جزيرة ثولس التى هى من الجانب الآخر من أرض الصقالبة على بحر ورنك ، وعرضها يقارب تمام الميل الأعظم ، وهو بالتقريب ست وستون درجة. ولكن الأمم الذين فيما بين آخر الإقليم السابع إلى جزيرة ثولى (فى النص العربى : إلى تلك النهاية) بالوحش أشبه منهم بالإنس ، فى عيش يجاوز كل ضنك" (ص ١٩١). وعلى هذا يكون لدينا جزيرتان : " ثولس" (طولس التى كتبت فى حدود العالم : طوس الواقعة فى أقصى أرض الصقالبة (الشعوب السلافية) على ساحل بحر ورنك (بحر البلطيق) ؛ والأخرى هى" ثولى" الواقعة إلى أقصى الشمال من الجزر البريطانية. واعتمادا على البحار والسائح الشهير بوثياس المرسيلى الذي كان حيا قبل زمن الإسكندر الأكبر (٣٥٦ ـ ٣٢٣ ق. م) بيسير وسافر فى الأصقاع الشمالية حتى وصل البلاد الإسكندنافية وربما وصل بحر البلطيق ، قدم ملتبرون فى جغرافيته (١ / ٤٣) الرأى التالى : " وفى استدامة سفر بوثياس فى الشمال الشرقى أو فى الشمال فقط ـ كما يظن ـ وجد على ستة أيام بالسير البحرى خلف جزيرة البيون جزءا من ساحل يتلند المسمى الآن ثى ويقال أيضا ثيلند. وكانت تسمى فى لسان الإسكندنافيين القديم فيولند. فغير بوثياس هذا الاسم إلى ثوله أو ثيله".

(٢) الجنطيانا نبات طبى كان يجلب من بلاد الروم وهو أفضل أنواعه (انظر عنه : الصيدنة ، ١٨٨ ـ ١٨٩ ؛ عن استعمالاته الطبية انظر : الأبنية عن حقائق الأدوية ، ١٠٩ حيث سماه مؤلفه : الحنظل الرومى).

٣٩

الأولى : قبرس ، ومحيطها ثلاثمائة وخمسون ميلا. وفيها معادن الفضة والنحاس والدهنج. وتقع مقابل قيسارية وعكا وصور.

الثانية : قريس : تقع إلى الشمال من الجزيرة الأولى. ومحيطها ثلاثمائة وخمسون ميلا.

الثالثة : بالس ، محيطها ثلاثمائة ميل.

الرابعة : صقلية ، قرب رومية. ويخرج من هذه الجزيرة جبل كبير [٥ ب] وكانت خزانة الروم فى هذه الجزيرة ، قائمة منذ القديم فيها. وطولها سبعة منازل فى عرض خمسة.

الخامسة : سردانية ، إلى الجنوب من رومية. محيطها ثلاثمائة ميل.

السادس : إقريطس ، إلى الشمال من أطرابلس ومقابلها. محيطها ثلاثمائة ميل.

وجميع هذه الجزر الست عامرة وفيها خيرات كثيرة ومدن وقرى وناس كثيرون ، وتجار وجند وثروة كبيرة.

وجزائر بحر الروم هذه هى الأكثر عمارة من جميع جزائر العالم.

وفى بحر أرمينية توجد جزيرة واحدة عليها قرية واحدة ، وتدعى كبودان. وهى مكان كثير النعم والناس.

وأما التى فى بحر الخزر فجزيرتان إحداهما مقابل دربند الخزر وتدعى جزيرة الباب ، ترتفع منها فوّة الصبّاغين (١) التى تؤخذ إلى جميع أرجاء العالم ويستخدمه الصبّاغون.

والجزيرة الأخرى هى الجبل الأسود وقد أقام فيها مجموعة من الأتراك الغز ، يمارسون اللصوصية فى البحر والبر.

وتوجد جزيرة أخرى فى هذا البحر ، إلا أن جزءا منها متصل باليابسة مقابل دهستان وتدعى دهستانان سرخ ، وفيها ناس قليلون يصيدون البزاة والحواصل (٢) والأسماك.

__________________

(١) فى غياث اللغات" عروق دقاق تميل إلى الحمرة تصبغ بها الثياب" ؛ وفى الصيدنة (ص ٤٧١) حديث مسهب عن هذا النبات قال فيه البيرونى : " أجودها البردعى انسبة إلى برذعة بلد فى أقصى آذربايجان] بأرمينية يحمل إلى جرجان وسجستان ومكران ، ويحمل إلى الهند والزنج".

(٢) مفردها حوصلة وهو طائر البجع. فى حياة الحيوان (١ / ٣٨٨): " الحوصل طائر كبير له حوصلة عظيمة يتخذ ـ

٤٠