حدود العالم من المشرق إلى المغرب

مجهول

حدود العالم من المشرق إلى المغرب

المؤلف:

مجهول


المحقق: يوسف الهادي
المترجم: يوسف الهادي
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: الدار الثقافيّة للنشر
الطبعة: ٠
ISBN: 977-5875-19-6
الصفحات: ٢٥٦

١٠ ـ تنس : مدينة كبيرة على ساحل البحر ، عامرة ذات نعم كثيرة السكان والتجارات.

١١ ـ جزيرة بني مزغنّا : مدينة يحيط بها ماء البحر من ثلاثة جوانب ، يحفّ بها طوائف من البربر (١).

١٢ ـ ناكور : مدينة تشبه تنس.

١٣ ـ تاهرت : مدينة عظيمة وهي كورة منفصلة عن أعمال إفريقية ، ذات تجارات وفيرة.

١٤ ـ سجلماسة : مدينة على طرف مفازة السودان بين الرمال التي يوجد فيها معدن الذهب. وهذه الكورة منعزلة عن جميع النواحي ، وهي قليلة النعمة وذات ذهب وفير.

١٥ ـ بصيرة : مدينة على ساحل البحر مقابل جبل طارق ، ذات نعم وفيرة.

١٦ ـ أزيلة : مدينة كبيرة ذات سور حصين جدا وهي أقصى المعابر إلى الأندلس.

١٧ ـ فاس : قصبة طنجة. مدينة عظيمة ، وهي مستقر الملوك ، ذات تجارات وفيرة [٣٦ ب].

١٨ ـ السوس الأقصى : مدينة على ساحل بحر الأوقيانوس المغربي ، وهي آخر مدينة من عمارة العالم في المغرب. مدينة عظيمة بها ذهب وفير ، وأهلها بعيدون عن طباع الناس. ولا يصل إليها إلا القليل من الغرباء ؛ ويكثر في بلاد البربر ، النمور التي يصيدها البربر ويحملون جلودها إلى مدن المسلمين.

__________________

(١) احتمل مينورسكى أن تكون هذه الجزيرة هى مزغنا الواردة لدى الإصطخرى (ص ٣٨). وهو الصواب. وقد كتبت فى المخطوطة بشكل مشوّه هكذا : " جزيرة بنى رعنى". نقرأ لدى الإصطخرى : " جزيرة بنى مزغنا : مدينة عامرة يحف بها طوائف من البربر". وقد جاء تسلسلها لديه قبل مدينة" ناكور".

١٨١

٤١ ـ القول في بلاد الأندلس ومدنها

بلاد شرقيها حدود الروم ؛ وجنوبيها خليج بحر الروم ؛ وغربيها بحر الأوقيانوس المغربي ؛ وشماليها بلاد الروم أيضا.

وهي بلاد عامرة نزهة ، فيها جبال ومياه جارية وتجارات كثيرة. وبها معادن الفضة والذهب والنحاس والرصاص وما شابه ذلك. وجميع أبنيتها من الحجارة. وأهلها بيض البشرة زرق العيون.

١ ـ قرطبة : قصبة الأندلس (١) ؛ عامرة مكتظة بالسكان ذات نعم وتجارات كثيرة. وأقرب الطرق منها إلى البحر مسير ثلاثة أيام. وهي قرب جبل ، ومستقر السلطان ؛ وكان ملكها بيد الأمويين ، وبيوت أهلها من الحجارة.

٢ ـ طليطلة : مدينة على سفح جبل عال ، يحيط بها نهر تاجة.

٣ ـ تطيلة : مدينة قرب جبل ، يوجد فيها السمور بكثرة لا حصر لها بحيث ينقل إلى مناطق أخرى.

٤ ـ لاردة ، سرقص ، شنتبرية ، رية ، إستنجة ، جيان ، مورور ، قرمونة ، لبلة ، غافق(٢) : مدن الأندلس ، وهي ذوات نعم كثيرة ، عامرة يؤمها تجار بلاد الروم والمغرب ومصر. بها تجارات كثيرة ، ذات هواء معتدل.

٥ ـ باجة : مدينة قديمة من مدن الأندلس ذات تجارات.

٦ ـ قورية : مدينة صغيرة قليلة السكان ذات تجارات وفيرة.

٧ ـ ماردة : أكبر المدن في الأندلس ، لها قلعة وسور وخندق منيع.

٨ ـ ترجالة ، وادي الحجارة : مدينتان في الأندلس باردتا الهواء ، وهما أقدم موضع في هذه البلاد.

__________________

(١) فى الأصل : قرطنة بدلا من قرطبة.

(٢) شنتبرية ، وردت فى الأصل شنترية والتصحيح من الإصطخرى (ص ٤٢) وترصيع الأخبار (ص ١٤ ، ١٨ ..). و" مورور" فى الأصل مورود والتصحيح من ترصيع الأخبار (ص ١٩ ، ٢٠ ، ١٤٥). و" ليلة" وردت بلا نقط ، والتصويب من ترصيع الأخبار (ص ١٠٠ ، ١٠٧ ، ١٧٨ ؛ الروض المعطار ، ٥٠٧ ـ ٥٠٨ ، حيث ورد أنها مدينة غرب الأندلس). وقرمونة ، وردت : فرمونة ، والتصحيح من ترصيع الأخبار (ص ١٠١ ، ١٠٢ ، ..).

١٨٢

٩ ـ طرطوشة : مدينة عامرة على ساحل بحر الروم ، متصلة بحدود غلجسكش والإفرنجة وهما من بلاد الروم.

١٠ ـ بلنسية ، مرسية ، بجانة : مدن تقع على على ساحل خليج بحر الروم ، وهي ذوات نعم.

١١ ـ مالقة : مدينة على ساحل بحر الروم ، ترتفع منها جلود التماسيح التي تصنع منها مقابض السيوف الصلبة جدا.

١٢ ـ الجزيرة : مدينة على ساحل ؛ وهي أول بلاد المسلمين ، وتبدأ الأندلس منها.

١٣ ـ شذونة ، إشبيلية ، أخشنبة : مدن على ساحل بحر الأوقيانوس المغربي ، قليلة النعم والسكان (١).

١٤ ـ شنترين : آخر مدينة من حدود الأندلس ، تقع على ساحل بحر الأوقيانوس. يرتفع منها العنبر الأشهب الذي هو في غاية الجودة.

فلم يبق في حدود المغرب أي مكان آخر.

__________________

(١) شذونة : وردت بلا نقط فى المخطوطة. وهى بالسين لدى الإصطخرى (ص ٣٧ ، ٤٧) : سدونة ، وكذلك فى طبعة مينورسكى. وقد كتبناها بالشين لورودها بهذا الشكل فى ترصيع الأخبار (مثلا ص ٩٨ ، ١٠٠ ، ..) ، ولدى الإدريسى (٢ / ٥٣٧ ، ٥٧٢). وهى شدونة فى" البلدان" لليعقوبى (ص ٣٠٤).

١٨٣

٤٢ ـ القول في بلاد الروم وأعمالها

بلاد شرقيها أرمينية والسرير واللان ؛ وجنوبيها بعض حدود الشام وبعض بحر الروم وبعض حدود الأندلس ؛ وغربيها بحر الأوقيانوس المغربي ؛ وشماليها بعض خراب الشمال وبعض حدود [٣٧ أ] الصقالبة وبعض بلاد البرجان وبعض بحر الخزر.

وهي بلاد عظيمة جدا ذات نعم وفيرة لا حدّ لها ، وفي غاية العمارة. وفيها مدن وقرى كثيرة ونواح عظيمة ذات زروع وثمار وفيرة ومياه جارية وتجارات وعساكر. وفيها بحيرات صغيرة وجبال وقلاع منيعة. ترتفع منها الثياب السندس والميساني والطنافس والجوارب والتكك الثمينة بوفرة.

وبلاد الروم أربعة عشر عملا : ثلاثة منها بعد خليج القسطنطينية إلى الغرب منه ؛ وأحد عشر منها إلى الشرق منه (١). أما التي إلى غرب الخليج فأول عمل منها :

١ ـ طابلان : الكورة التي تقع فيها القسطنطينية التي هي مستقر ملوك الروم ، والموضع ذو التجارات الكثيرة.

٢ ـ مقدونية : ناحية كان منها الإسكندر الرومي وهي متصلة ببحر الروم.

٣ ـ تراقية : متصلة ببحر بنطس (٢).

أما الأحد عشر عملا الواقعة إلى شرق الخليج فهي :

٤ ـ ثرقسيس ؛ ٥. أبسيق ؛ ٦. أبطماط ؛ ٧. سلوقية ؛ ٨. ناطليق ؛ ٩. بقلار ؛ ١٠. أفلاخونية ؛ ١١. قبادق ؛ ١٢. خرشنة ؛ ١٣. أرمنياق ؛ ١٤. خالدية : ولكل عمل من هذه الأعمال كورة ذات مدن وقرى وقلاع وأسوار وجبال ومياه جارية ونعم وفيرة. وفي كل واحد من هذه الأعمال قائد للجيش معين من قبل ملك الروم ، ومعه

__________________

(١) يرجع تقسيم بلاد الروم فى المصادر العربية إلى أربعة عشر عملا ، إلى مسلم بن أبى مسلم الجرمى الذي كان أسيرا لدى البيزنطيين وفكّ أساره سنة ٢٣١ ه‍ (انظر عن الجرمى ومؤلفاته فى أخبار الروم وملوكهم وبلادهم وطرقها ومسالكها : التنبيه والإشراف ، ١٦٢) ، وقد نقل عنه ابن خرداذبه أسماء هذه الأعمال (ص ١٠٥ ـ ١٠٨) ، وهى موجودة فى" الخراج" لقدامة الذي دأب على النقل من ابن خرداذبه (ص ١٩١) ، كما يوجد بعضها لدى الإدريسى (٢ / ٨٠٢ ـ ٨٠٤) وكتابة أسمائها يتفق تماما مع إملائها لدى ابن خرداذبه.

(٢) وردت تراقية فى الأصل المخطوط : براقية.

١٨٤

العساكر الكثيرة الذين تتراوح أعدادهم بين ثلاثة آلاف وستة آلاف فارس مسئولين عن المحافظة على ذلك العمل.

أما في داخل بلاد الروم القديمة ، فقد كانت توجد مدن كثيرة ، ولكنها الآن قليلة ، أغلبها رساتيق عامرة ذات نعم وأسوار حصينة جدا بسبب كثرة الغزاة عليهم ، وتوجد في كل واحدة قلعة يلتجئ إليها الناس وقت هروبهم.

وإن هذه الأعمال أو القرى الكبيرة وتلك التي من المدن هي التي صورناها في الصورة وأوضحناها (١).

١٥ ـ كرج : من أعمال بلاد الروم (٢) ، يقع أغلبها في جزائر صغيرة ، وفي بحر بنطس توجد مدينة تدعى الكرج وهي على ساحل هذا البحر. وأخلاق أهلها شبيهة بأخلاق الروم من جميع الوجوه.

١٦ ـ برجان : بلاد لها مدينة تدعى برقية ، نزهة ذات نعم وفيرة وتجارة قليلة. أما ما بقي منها فصحار وزروع وأشجار. وهي عامرة ذات مياه جارية ؛ ومن بلاد الروم وخراجها يعطى لملك الروم.

١٧ ـ الصقالبة المتنصرة : بلاد في أرض الروم ، أهلها صقالبة تنصّروا ويعطون الخراج لملك الروم ، وهم أثرياء. وهي بلد ذو نعمة يسوده الأمان.

١٨ ـ البلغار : اسم قوم يقيمون في جبل البلغار إلى الشمال الغربي من بلاد الروم ؛ وهم كفار وروم أيضا لكن لهم حربا مع الروم دائمة. والبلغار هؤلاء قوم جبليون لديهم زروع وثمار ومواش كثيرة.

وتمتد بلاد الروم باتجاه المغرب حتى تتصل ببحر الأوقيانوس المغربي ؛ وباتجاه الجنوب لتتصل بالأندلس ؛ وتتصل من [٣٧ ب] الشمال بخراب الشمال من العالم. وجزء منها مفازة. ولا توجد مفازة أخرى في أي موضع من بلاد الروم ، إذ إنها عامرة بأسرها.

١٩ ـ إفرنجة : عمل في بلاد الروم متصل ببحر الروم.

٢٠ ـ رومية : مدينة تقع على ساحل هذا البحر من بلاد الفرنجة. وهي مستقر ملوك الروم قديما.

__________________

(١) إشارة أخرى من المؤلف إلى الخارطة التى أرفقها بكتابه.

(٢) هى بلاد الكرج أو جيورجيا الحالية.

١٨٥

٢١ ـ بسكونس ، غلجسكس : عملان بين الإفرنجة والأندلس (١) ، أهلهما نصارى.

٢٢ ـ برطينية : آخر مدينة من الروم على ساحل بحر الأوقيانوس. وهي فرضة بلاد الروم والأندلس.

أما الحد الواقع بين الخليج حتى الأندلس على ساحل بحر الروم فيدعى ساحل أثيناس.

٢٣ ـ يونان : كانت مدينة من أثيناس هذه قديما. وقد نبغ جميع الحكماء والفلاسفة من أثيناس هذه (٢).

__________________

(١) فى البلدان لابن الفقيه (ص ١٣٨): " ويتاخم الشرك أمة يقال لها علجشكش وهى قريبة من البحر". وفى البلدان" لليعقوبى (٣٥٥) ضمن حديثه عن مدينة تطيلة قال" محاذية لأرض الشرك الذين يقال لهم البسكنس. وذات الشمال من هذه المدينة ، مدينة يقال لها وشقة وهى محاة من الإفرنج لجنس يقال لهم الجاسقس". ولدى الإصطخرى (ص ٤٣): " البسكونس .. ويليهم قوم من النصارى يقال لهم علجسكس". ويرى مينورسكى أن البسكونس هم الفاسكون (الباسكيون) ، أما الغلجسكس فهم سكان منطقة جاكا فى جنوبى الممر المهم لجبال البرانس الذين دأب المؤلفون الكلاسيكيون (بطلميوس) على تسميتهم بJaccetani وLacetani (٤٢٥ ـ ٤٢٤.p). (انظر أيضا : أندريه ميكيل ، (٢ (٢) / ١١٣ ـ ١١٦). وما يزال شعب الباسك مقيما فى هذه المنطقة الواقعة بين فرنسا وإسبانيا.

(٢) تصور المؤلف أن أثينا هى البلاد وأن اليونان مدينة منها.

١٨٦

٤٣ ـ القول في بلاد الصقالبة

بلاد شرقيها البلغار الداخلة وبعض من بلاد الروس ؛ وجنوبيها بعض بحر بنطس وبعض من الروم ؛ وغربيها وشماليها بأسره مفازات وخرائب الشمال (١).

وهي بلاد كبيرة وبها أشجار ملتفّة ، وأهلها يقيمون تحت الأشجار ، وليس لديهم زراعة سوى زراعة الدخن والأعناب ، لكن العسل الجيد كثير بها وكذلك النبيذ وما شابه ذلك مما يصنع كل رجل منهم مائة خابية من النبيذ كل عام. ولهم قطعان خنازير وكذلك قطعان نعاج.

أهلها يحرقون موتاهم. وحين يموت لهم ميت فإن زوجته تقتل نفسها إن شاءت. وهم يرتدون القمصان الطويلة التي تغطي الكعب وينتعلون الأحذية. وكلهم عبدة نيران. ويزينون أيديهم بأسورة مما لا يوجد لدى المسلمين. وأسلحتهم الترس والمزراق والرمح.

يسمى ملك الصقالبة باسم بسموت سويت ؛ وطعام ملوكهم الحليب. يقيمون جميعهم خلال الشتاء في المغاور وتحت الأرض. ولهم قلاع وأسوار كثيرة. ملابسهم من الكتّان على الأغلب ؛ ويرون في خدمتهم للملك واجبا يدخل ضمن الدين. ولهم مدينتان :

__________________

(١) " الصقالبة أو السلاق : كان جغرافيو العرب فى القرون الوسطى يطلقون عادة الاسم صقالبة (والمفرد صقلب وصقلابى ، وكذلك يبدأ الاسم بالسين بدلا من الصاد) على تلك الشعوب المنحدرة من أصول شتى كانت تنزل الأراضى المجاورة لبلاد الخزر بين القسطنطينية وأرض البلغار". (ليفى بروفنسال : دائرة المعارف الإسلامية ، الطبعة العربية الأولى ، مادة : الصقالبة). وتتسع هذه التسمية لدى المؤرخين والجغرافيين المسلمين لتشمل رقعة جغرافية أوسع ، يقول أندرية ميكيل (٢ (٢) / ٦١): " يميل الباحثون كثيرا إلى إطلاق اسم صقالبة على جميع أوروبا الشرقية". ويوجد الشرقيون منهم فى روسيا وأوكرانيا ، وبلغاريا ويوغسلافيا. وتشترك المصادر الآتية مع حدود العالم فى معلوماتها عنهم إلى درجة استخدام نفس الكلمات والجمل أحيانا : الأعلاق النفيسة ، ١٤٣ ـ ١٤٤ ؛ زين الأخبار ، ٥٨٩ ـ ٥٩١ ؛ طبائع الحيوان ، ٢٢. والجدول الآتى يوضح ما يمكن أن يفعله النّسّاخ بالكلمات :

الأعلاق النفيسة

حدود العالم

زين الأخبار

مجمل التواريخ

طبائع الحيوان

ملك الصقالبة :

سويت

بسموت سويت

سويت

سويت

شويت

نائب ملكهم :

سوبنج

سونيج

سرنج

شرح

مدينتهم :

جرواب

خرادب

جروات

خزرات

ومعلومات البكرى (المسالك والممالك ، ١ / ٣٣٠) مستقاة من مصدر مستقل هو إبراهيم بن يعقوب لإسرائيلى الطرطوشى. وفى الآثار الباقية (ص ١٠٢) : ملك الصقالبة يلقب ب" قبّار".

١٨٧

١ ـ وابنيت : أول مدينة لهم وتقع في شرق بلاد الصقالبة ، بعض أهلها شبيهون بالروس.

٢ ـ خرداب : مدينة كبيرة ، وهي مستقر الملك.

١٨٨

٤٤ ـ القول في بلاد الروس ومدنها

بلاد شرقيها جبل البجناك ؛ وجنوبيها نهر روتا ؛ وغربيها الصقالبة ؛ وشماليها خراب الشمال (١).

وهي بلاد كبيرة أهلها سيئو الخلق والطباع ، نفورون محتالون متمردون مقاتلون ، وهم يحاربون جميع الكفار المحيطين بهم وينتصرون عليهم. وملكهم يقال له خاقان الروس.

بلاد نعمهم في غاية الوفرة وفيها من كل شىء. وتوجد مروءة لدى فريق منهم. وهم يعظمون الأطباء ، ويعطون العشر من كل غنائمهم وتجاراتهم إلى ملكهم كل سنة. وبينهم فريق من الصقالبة يخدمونهم.

ولهم سراويلات قد اتخذ الواحدة منها من مائة ذراع أو أقل أو أكثر ، إذا لبسها اللابس منهم جمعها على ركبتيه وشدهما عندهما ، ويضعون على رؤوسهم قلانس لها عذبات تتدلى إلى القفا. ويضعون مع الميت كل شيء كان له [٣٨ أ] من ثياب وحليّ داخل القبر مع طعام وشراب.

__________________

(١) المعلومات الموجودة هنا عن الروس تتطابق بشكل عام مع ما فى الأعلاق النفيسة ، ١٤٥ ـ ١٤٧ وزين الأخبار ، ٥٩١ ـ ٥٩٣ والتطابق بين هذين المصدرين حرفى ، وهذه مجموعة. أما المجموعة الأخرى فتتكون من مسالك الممالك للإصطخرى (ص ٢٢٥ ـ ٢٢٦) وصورة الأرض لابن حوقل (٢ / ٣٩٧) ونزهة المشتاق (٢ / ٩١٧ ـ ٩١٨) حيث صرح مؤلفه بأنه نقل عن ابن حوقل ، والأصل فى معلومات ابن حوقل كما هو معلوم الإصطخرى الذي قسّم الروس إلى ثلاثة أصناف : " فصنف هم أقرب إلى بلغار وملكهم يقيم بمدينة تسمى كويابة وهى أكبر من بلغار ؛ وصنف أبعد منهم يسمون الصّلاوية ؛ وصنف يسمون الأرثانية وملكهم مقيم بأرثا ، والناس يبلغون فى التجارة إلى كويابة ، فأما أرثا فإنه لا يذكر أن أحدا دخلها من الغرباء ، لأنهم يقتلون كل من وطئ أرضهم من الغرباء". أما معلومات ابن فضلان (ص ١٤٩ ـ ١٦٦) فهى صادرة عن معايشته لهم. أما المروزى (طبائع الحيوان ، ٢٣) فيقدم لنا معلومات مستقلة لا علاقة لها بأى من المصادر المذكورة آنفا. وهو يقول إن ملكهم يدعى بولادمير (بالتأكيد فإن الكلمة تعنى فلاديمير). ويبدو أن هذا هو اسمه الحقيقى ، وإلا فإن المصادر الأخرى تتفق مع مؤلف حدود العالم فى أن لقب ملكهم هو خاقان الروس. (انظر : الأعلاق النفيسة ، ١٤٥ ؛ زين الأخبار ، ٥٩١ ؛ مجمل التواريخ والقصص ، ٤٢١).

١٨٩

١ ـ كويابه :أقرب مدينة من مدن الروس للمسلمين. وهي مكان ذو نعم ، وبها مستقر الملك ؛ ترتفع منها الأصواف المختلفة والسيوف الثمينة (١).

٢ ـ صلابة : مدينة ذات نعم ، تأتي منها التجارات إلى نواحي البلغار وقت السلم.

٣ ـ أرتاب :مدينة يقتل الغريب حين يدخلها ، ترتفع منها السيوف الثمينة التي يمكن ليها باليد لتصبح منحنية ثم تعود إلى حالتها الأولى بعد رفع اليد.

__________________

(١) عن السيوف الروسية انظر : الجماهر (ص ٤٠٦ ، ٤١١) ، ففيه معلومات دقيقة جدا عنها. أما المدن الثلاث الآتية فهى : كويابه : والمقصود بها كييف الواقعة على نهر الدنيير وهى عاصمة أو كرانيا ؛ صلابه : ونرى أن باءها مقلوبة عن الفاء ، وهى فى الأصل : صلافه ، وهذه الفاء هى عبارة عن حرف الواو الذي ينطقه المتكلمون بالفارسية فاء ، فالأصل إذن : صلاوه ، وأهلها يدعون الصلاوية (كما لدى الإصطخرى ، ٢٢٦) ، يقول عنهم أندريه ميكيل (٢ (٢) / ٩٠): " هم صقالبة بداهة ، لكن ربما وجب التدقيق واعتبارهم سلوفين نوفوغورود الذين نزل عندهم النورمان فى البدء". نضيف إلى أن البكرى (١ / ٤٩٠) كتب الكلمة : الصلاوة ، عند ذكره الروس. أما مدينة أرتاب فهى أرثا التى ترد هكذا فى مصادر الجغرافيا الإسلامية ، واشتهر أهلها بأنهم يقتلون الغرباء الوافدين على أرضهم ويقول أندريه ميكيل (٢ (٢) / ٩٠) عن مكان هذه الأمة الروسية : " الأرجح ـ إذا كان اسمها يحيل حقا إلى أرزأة أحد بطون أمة الموردف ـ أن تستقر فى حوض أوكا".

١٩٠

٤٥ ـ القول في بلاد البلغار الداخلة

بلاد شرقيها بلاد المروات ؛ وجنوبيها بحر بنطس ؛ وغربيها الصقالبة ؛ وشماليها جبل الروس(١).

وهي بلاد لا توجد فيها أية مدينة. أهلها مقاتلون شجعان ذوو وقار ؛ طباعهم شبيهة بطباع الترك القريبين من بلاد الخزر. ولهم حروب مع جميع الروس ؛ ويتاجرون مع جميع الذين من حواليهم ؛ وهم أصحاب مواش وأسلحة وأدوات حرب.

__________________

(١) نقرأ فى دائرة المعارف الإسلامية (الطبعة العربية الثانية ، مادة : بلغار): " البلغار : اسم شعب لا يعرف أصله على وجه التحقيق ، تكونت منه دولتان إحداهما على نهر أتل (الفولغا) والأخرى على نهر الدانوب ... كان يعيش إلى الشمال منهم قبائل فينية أو غرية شتى مثل الويسو (فى المصادر الروسية : وئيس ، وهم الوبس الآن) واليورا (بالروسية : يوغرا). وكانت هاتان القبيلتان خاضعتين فى فترات شتى لسيطرة البلغار ، اسميا على الأقل. وكان الباشجرد (الباشقر) فى الشرق خاضعين للبلغار. وكان بعض قبيلتى البجناك والغز فى الجنوب الشرقى يعيشون حياة متبدية مستقلة تمام الاستقلال عن البلغار. وكان يعيش بين البلغار والخزر فى الغابات : البرطاس أو البرداس ، وكانوا أمعن فى البدائية ، ولعلهم كانوا أجداد الموردوا ، كانوا خاضعين للخزر وعرضة لغارات البلغار المتكررة ، ودخلوا أيضا فى دولة البلغار من بعد ... وإلى الغرب كانت تسكن قبائل صقلبية (روسية) شتى ولكن حدود منازلهم الشرقية غير محققة. أما أن بعض هؤلاء كانوا فى القرن العاشر الميلادى خاضعين للبلغار فواضح من أن حاكم البلغار قد سماه ابن فضلان فى كثير من الأحوال (ملك الصقالبة) ". ويقول المسعودى فى مروج الذهب (١ / ٢٠٤) إن ملك البلغار عند تأليفه كتابه (سنة ٣٣٢ ه‍) كان مسلما وقد أسلم فى أيام المقتدر بالله وذلك بعد سنة ٣١٠ ه‍. أما عن المصادر فيوجد تطابق حرفى تام بين الأعلاق النفيسة (ص ١٤١ ـ ١٤٢) وزين الأخبار (ص ٥٨٤ ـ ٥٨٦ ، توجد إضافة ينفرد بها الكرديزى هنا وهى قوله : إن عدد البلغار يبلغ خمسمائة ألف عائلة). انظر معلومات إضافية عنهم فى المسالك الممالك (ص ١٠ ، ٢٢٥) وصورة الأرض (ص ٣٩٧) وفيه يسمى ابن حوقل" بلغار الخارجة" ب" بلغار الأعظم" فى مقابل" بلغار الداخل" ؛ طبائع الحيوان (ص ٢٣) الذي اكتفى بمعلومة تقول : " وملك البلغار بطلطو (؟) " ؛ أحسن التقاسيم (ص ٢٧٦) ؛ رسالة ابن فضلان (ص ١١٣ ـ ١٤٦) وهذا الفصل مخصص للبلغار الذين يسميهم ابن فضلان صقالبة فى غالب الأحيان (انظر : أندريه ميكيل ، ٢ (٢) / ٢٨). وفى تقويم البلدان (ص ٦٤) خلال حديثه عن نهر أتل : " ويمرّ بالقرب من مدينة بلار ويستدير عليها من شماليها وغربيها ، وهى المدينة التى تسمى بالعربى بلغار الداخلة ...".

١٩١

٤٦ ـ القول في بلاد المروات

بلاد شرقيها بعضه جبال وبعضه بلاد بجناك الخزر ؛ وجنوبيها بعضه بجناك الخزر والآخر بحر بنطس ؛ وغربيها بعضه بحر بنطس والآخر البلغار الداخلة ؛ والآخر جبل ونندر.

أهلها نصارى يتكلمون بلغتين : عربية ورومية ؛ ولباسهم لباس العرب.

ويتعاملون مع الروم والترك ، وهم أصحاب قباب وخيام (١).

__________________

(١) بحسب تصنيف المسعودى (نقل البكرى عنه فى المسالك والممالك ، ١ / ٣٣٨ هذا النص الذي ورد فى مروج الذهب ، ٢ / ٣ ـ ٤ مضطربا) فهم جنس من الصقالبة وسماهم مراوة. يوجد لدى الكرديزى (زين الأخبار ، ٥٨٧ ـ ٥٨٨) ما يشير إلى وجود مصدر مشترك نقل عنه هو ومؤلف حدود العالم ، فالخطوط العريضة هنا عن المروات موجودة لدى الكرديزى بشىء من التفصيل.

١٩٢

٤٧ ـ القول في بلاد بجناك الخزر

(١) شرقيها جبل الخزر ؛ وجنوبيها بلاد اللان ؛ وغربيها بحر بنطس ؛ وشماليها بلاد المروات.

وأهلها قوم كانوا قديما من الأتراك البجناكية جاؤوا إلى هنا واستولوا على هذه البلاد بالقوة وأقاموا فيها. وهم أصحاب خيام وقباب ومواش ، يتنقلون في هذه البلاد بحثا عن الكلأ الموجود في جبال الخزر.

والرقيق الخزري الذي يقع بأيدي المسلمين يأتي من هذه البلاد.

والبلدان الثلاثة (٢) التي ذكرناها قليلة النعمة.

__________________

(١) علينا أن نأخذ بعين الاعتبار كلام الإصطخرى وهو يتحدث عن اندفاع البجناك داخل أراضى الخزر ، فهو يقول : " وقد انقطع طائفة من الأتراك عن بلادهم فصاروا فيما بين الخزر والروم يقال لهم البجناكية ، وليس موضعهم بدار لهم على قديم الأيام ، وإنما انتابوهم فغلبوا عليها" (ص ١٠ ؛ انظر أيضا : ابن حوقل ، ١ / ١٥ ، الذي أضاف إلى هذا الكلام قوله : وهم شوكة الروسية وأحلافهم ، وهم الخارجون قديما إلى الأندلس ثم إلى بزدعة).

(٢) يقصد بالبلدان الثلاثة : البلغار الداخلة والمروات وبجناك الخزر.

١٩٣

٤٨ ـ القول في بلاد اللان ومدنها

شرقيها وجنوبيها بلاد السرير ؛ وغربيها بلاد الروم ؛ وشماليها بحر بنطس وبجناك الخزر(١).

بلاد تقع في الصخور والجبال ، ذات خيرات ؛ وملكهم نصراني. ولها ألف قرية كبيرة ؛ وبين أهلها نصارى ومن يعبد الأصنام ، وهم فريقان فريق يعيش في الجبال وآخر في السهول.

١ ـ كاسك : من مدن اللان ، تقع على ساحل بحر بنطس ، ذات نعمة وفيها تجار.

٢ ـ خيلان : مدينة يقيم بها جيش الملك.

٣ ـ باب اللان : مدينة كالقلعة على قمة جبل ، يحرس برجها كل يوم ألف رجل بالتناوب.

__________________

(١) " اللان : أمة فارسية ، أجداد الأوفستى الحاليين**" (٢ (٢) / ١٦). ترجع المعلومات المبكرة عنهم إلى ابن رسته (ص ١٤٨) التى نجدها بشكل مختصر قليلا لدى الكرديزى (ص ٥٩٥). أما مدينتا كاسك وخيلان فغامضتان. فالإدريسى يذكر مدينتين للانية هما أشكشية وأشكالة (٢ / ٩١٥). ذكر عنهم المسعودى (مروج الذهب ، ١ / ٢١٦ ـ ٢١٧) معلومات وافية مستقلة عن ابن رسته ، وفصل القول فى قلعتها ؛ وعن سعتها وعمرانها وجيشها قال : وصاحب اللان يركب فى ثلاثين ألف فارس .. ومملكته عمائرها متصلة غير منفصلة ، إذا تصايحت الديوك ، تجاوبت فى سائر مملكته لاشتباك العمائر واتصالها".

١٩٤

٤٩ ـ القول في بلاد السرير ومدنها

شرقيها وجنوبيها حدود أرمينية ؛ وغربيها حدود الروم ؛ وشماليها بلاد اللان (١).

بلاد ذات نعمة وفيرة ، فيها جبال وسهول ؛ ويقال إن في جبالها بعوضا كبير الحجم ، كل واحدة منه بحجم طائر الحجل ، يرسل الملك بين الحين والآخر جثث الموتى من الماشية أو المذبوح منها إلى ذلك الموضع ليأكله ذلك البعوض ، ذلك أنه حين يجوع ولا يجد ما يأكله ، يهجم ويأكل كل ما يلقاه في طريقه من البشر أو أي مخلوق آخر [٣٨ ب] يجدونه.

١ ـ قلعة الملك : قلعة في غاية المنعة على قمة جبل ، بها مستقر الملك ، ويقال إن له سريرا فخما مصنوعا من الذهب الأحمر.

٢ ـ خندان : مدينة بها مستقر قادة جيش الملك (٢).

٣ ـ رنجس ، مسقط : مدينتان (٣) ذواتا نعم وفيرة ، يقع منهما إلى بلاد المسلمين رقيق كثير.

__________________

(١) السرير مقاطعة فى القفقاز تشمل جزءا من أراضى داغستان الحالية. تعتمد معلومات مؤلف حدود العالم على مصدر فريد حتما. فهى لا تشبه ما لدى الإصطخرى (ص ٢٢٣) الذي قال إنهم نصارى وإن بينهم وبين المسلمين هدنة. أما معلومات الكرديزى (ص ٥٩٣ ـ ٥٩٥) فمتطابقة حرفيا مع ما لدى ابن رسته (ص ١٤٧ ـ ١٤٨) ، بينما معلومات المسعودى (مروج الذهب ، ١ / ٢١٥ ـ ٢١٦) فمستقلة.

(٢) خندان ، وردت لدى ابن رسته (ص ١٤٧) : خيزان ، ولدى الكرديزى (ص ٥٩٤) : جندان.

(٣) وردت رنجس لدى ابن رسته (ص ١٤٨) : رنحس. نشير أخيرا إلى أن هذه البلاد تدعى فى بعض المصادر ب" بلد صاحب السرير" إشارة إلى السرير الذهب الأسطورى الذي يتربع عليه ملكها (انظر مثلا : القانون المسعودى ، ٢ / ٥٧٥ ؛ نزهة المشتاق ، ٢ / ٨٣٥ ؛ البلدان لابن الفقيه ، ٥٨٣ ، ٥٨٦ ،) ، ويرد لدى ابن الفقيه (ص ٥٩٣): " ملك المسقط وصاحب السرير" ، وبالتأكيد فإنه قد نقل هذه العبارة من ابن خرداذبه (ص ١٢٤) (انظر أيضا : الروض المعطار ، ١٨٧).

١٩٥

٥٠ ـ القول في بلاد الخزر

بلاد شرقيها الحائط الذي بين الجبل والبحر ، ثم البحر ثم جزء من نهر أتل ؛ وجنوبيها بلاد السرير ؛ وغربيها جبل ؛ وشماليها براذاس وونندر (١).

وهي بلاد ذات نعم وفيرة ، عامرة ذات تجارات واسعة ، ترتفع منها الثيران والخراف والرقيق بكثرة.

١ ـ أتل : مدينة يمر نهر أتل من وسطها ، وهي قصبة بلاد الخزر ومستقر الملك الذي يدعى طرخان خاقان (٢) ، وهو من أولاد أنسا ، يقيم في النصف الغربي من المدينة مع جيشه ،

__________________

(١) الخزر : شعب من أصل تركى بسط نفوذه على منطقة شملت بحر قزوين (بحر الخزر) والقرم والسهوب بين نهرى الدون والدنيبر ، قضى أمير كييف الأمير سفياتوسلاف على دولتهم حوالى ٩٦٥ م ودمر عاصمتهم إتل. عن موقعهم الجغرافى المتميز هذا يقول الباحث المرموق كوستلر : " كانت القوتان الشرقيتان العظميان [البيزنطية والإسلامية] تواجه إحداهما الأخرى ، وقد قامت [دولة الخزر] بدورها كعازل يحمى بيزنطة من الغارات الجامحة لقبائل الإستبس الشمالية : البلغار والمجر والبجناك وغيرها ، ثم من الفايكنغ والروس ... ثم إن جيوش الخزر نجحت فى إيقاف الاجتياح العربى فى أكثر مراحله المبكرة تدميرا [على حد تعبير كوستلر] ، وهكذا فقد حالت دون الانتصار الإسلامى على أوروبا الشرقية" (إمبراطورية الخزر وميراثها ، ١٨). المعلومات الموجودة لدى الكرديزى (زين الأخبار ، ٥٨٠ ـ ٥٨٢) مع ما لدى ابن رسته (الأعلاق النفيسة ، ١٣٩ ـ ١٤٠) تتطابق حرفيا فيما بينها سوى أن الكرديزى أضاف فى آخر كلامه عنهم إضافة تتعلق بكيفية إقامتهم معسكرهم خلال السفر من خلال تثبيتهم أوتاد الطرفاء التى يحملونها معهم والتروس فى الأرض ، وهى المعلومة التى نجدها أيضا فى طبائع الحيوان (ص ٢١). تمتاز معلومات ابن فضلان (ص ١٦٩ ـ ١٧٢) بكونها صادرة عن تجربة شخصية عاشها بينهم. وما ذكره الإدريسى عنهم (نزهة المشتاق ، ٢ / ٨٣٤ ـ ٨٣٥) هو تلخيص لما عند الإصطخرى (مسالك الممالك ، ٢٢٠ ـ ٢٢٣). ولدى المسعودى (مروج الذهب ، ١ / ٢٠٠ ـ ٢٠٣) معلومات عامة عنهم. أهم ما كان يؤتى به من بلادهم إلى الحواضر الإسلامية : الرقيق الذي كان ينحدر به تجار الرقيق فى نهر الفرات إلى بغداد ، والأسنّة (ابن الفقيه ، ١٠٨ ، ٣٣٠) ، ويشير الجاحظ فى كتاب" التبصر فى التجارة" إلى فرو السنجاب الخزرى ، وفرو الثعالب السود الخزرية الغليظ الشعر الذي لا يغش بصبغ ثم الأحمر الخزرى ، وفى باب ما يجلب من البلدان قال : ومن الخزر : العبيد والإماء والدروع والبيضات والمغافر (ص ٣٣٥ ، ٣٣٦ ، ٣٤٢) ؛ ولدى الإصطخرى تفاصيل مهمة أخرى عن منتوجات هذه البلاد (انظر : ٢٢٣ ـ ٢٢٤).

(٢) إن ما فى رسالة ابن فضلان (ص ١٦٩ ـ ١٧٠) هو أن ملكهم يقال له خاقان الكبير ، ويقال لخليفته خاقان به ، وهو الذي يقود الجيوش ويسوسها ويدبر أمر المملكة ويقوم بها ، ويخلفه رجل يقال له كندر خاقان ، ويخلف هذا أيضا ـ

١٩٦

ويوجد سور في هذا النصف من المدينة ؛ أما النصف الآخر فيقيم فيه المسلمون وعبّاد الأصنام. وللملك سبعة من الحكام بعدد الأديان السبعة الموجودة في المدينة ، وحين تكون هناك قضية مهمة يطلبون الحكم فيها من الملك ، فإذا حكموا فطبقا لذلك الحكم.

٢ ـ سمندر : مدينة على ساحل البحر ، ذات نعم وأسواق وتجار.

٣ ـ خمليخ ، بلنجر ، البيضاء ، ساوغر ، ختلغ ، لكن ، سور ، مسط : مدن في بلاد الخزر ، جميعها ذوات أسوار حصينة ونعم (١).

وأغلب ما يأتي إلى ملك الخزر ، يأتي من ضرائب البحر (٢).

٤ ـ طولاس ، لوغر : اثنان من أعمال بلاد الخزر ، أهلهما مقاتلون ذوو أسلحة كثيرة.

__________________

ـ رجل يقال له جاوشيغر (فى بعض المصادر : جاويشغر). وبصورة عامة فالمعلومات المتعلقة بمدينة إتل هنا موجودة بشكل مسهب لدى الإصطخرى (ص ٢٢٠ ـ ٢٢٥).

(١) هناك اضطراب فى كتابة أسماء هذه المدن فى المصادر الجغرافية. نقرأ لدى ابن خرداذبه (ص ١٢٤): " ومدن الخزر : خمليج وبلنجر والبيضاء" ، ولدى ابن رسته (ص ١٣٩): " ومدينتهم سارعشن ، وبها مدينة أخرى يقال لها هب نلع أو حسلح" ، ولدى الإدريسى (٢ / ٩١٨): " ولهم بلاد ومدن منها سمندر وهى خارج الباب والأبواب وبلنجر والبيضاء وخمليج". وفى طبائع الحيوان (ص ٢١): " ومدينتهم سارعس ، ولهم مدينة أخرى يقال لها حسلح". وفى أكام المرجان (ص ٣٨): " ومن مدائنها ، مدينة الطان ينو ، وهو عظيمة جليلة على النهر الأعظم الخارج من بحيرة الخزر إلى بحيرة خراسان". وفيما يتعلق بهذه المدينة" الطان ينو" يقترح مينورسكى ما يلى : " كى نجعل المقارنة واضحة ، سنضع هذه الأسماء تحت الشكل الوارد فى آكام المرجان :

الطا

ن

ينو

البيضاء

هب

نلع

وعلى هذا فالبيضاء هو الاسم الذي منح بواسطة ابن خرداذبه للقسم الغربى من العاصمة التى سماها ابن رسته باسمها الوطنى سارغشن" [المدينة؟] الصفراء". ومن ناحية أخرى فإن من الجلى أن" هب لع" أو" حسلع" الواردة لدى ابن رسته هو القسم الشرقى من العاصمة الذي كتبه ابن خرداذبه خمليج أو خمليخ (TheKhazars and the Turks ـ ـ ـ p.١٤١). نشير إلى أن الكرديزى (ص ٥٨٠) أشار إلى مدينتين من مدنهم هما : سارغش والأخرى ختلغ.

(٢) كانت الضريبة التى يأخذها الخزر على ما يمر ببلادهم تصل إلى العشر. يقول ابن الفقيه (ص ٥٤٠ ـ ٥٤١): " وأما تجار الصقالبة فإنهم يحملون جلود الخز والثعالب من أقصى صقلية فيجوزون إلى البحر الرومى فيعشّرهم صاحب الروم ، ثم يجوزون إلى خليج الخزر فيعشرهم صاحب الخزر". أما عن الرقيق الذي عرف بالخزرى فيعتقد الإصطخرى أنه من الوثنيين حيث يقول : " والذي يقع من رقيق الخزر هم أهل الأوثان الذين يستجيزون بيع أولادهم واسترقاق بعضهم بعضا ، فأما اليهود منهم والنصارى فإنها تدين بتحريم استرقاق بعضهم بعضا ، مثل المسلمين".

١٩٧

٥١ ـ القول في بلاد البلغار

بلاد شرقيها وجنوبيها الغوز ؛ وغربيها نهر أتل ؛ وشماليها بلاد البجناك (١). وأهلها مسلمون ولهم لغة خاصة ، ملكهم يدعى مس (٢) ، أصحاب خيام وقباب ، وهم ثلاث فرق: برصولا ، إشكل ، بلكار ؛ يحارب بعضهم الآخر ، لكنهم عند ظهور عدوّ يعين بعضهم بعضا.

__________________

(١) كان المؤلف قد تحدث فيما مضى عن بلغار الداخلة المجاورين لبحر بنطس (البحر الأسود). وها هو يتحدث عن بلغار الخارجة المجاورين لنهر أتل (الفولغا). وقد ذكرهم ابن رسته وذكر أصنافهم الثلاثة (ص ١٤١) ، وكرر الكرديزى نفس المعلومات (ص ٥٨٤ ـ ٥٨٦). وهم الذين تحدث عنهم الإصطخرى (ص ٢٢٥) بدليل قوله إنهم قريبون من سوار ، وهى بلدة سخسين (سقسين) التى قال عنها الكاشغرى (١ / ٣٦٥): " سخسين : بلدة قرب بلغار وهو السّوار". ومعلومات ابن سعيد (الجغرافيا ، ٢٠٤) تجعلهم فى رقعة أوسع وتذكر مدنا أكثر لهم. وعنوان هذا الفصل كتب خطأ فى الأصل : القول فى بلاد البرطاس. وقد صحح مينورسكى ذلك.

(٢) لدى ابن رسته (ص ١٤١): " ألمش" ، وهو" ألمش بن يلطوار" الوارد لدى ابن فضلان (ص ٦٧).

١٩٨

٥٢ ـ القول في بلاد البراذاس

بلاد شرقيها نهر أتل ؛ وجنوبيها بلاد الخزر ؛ وغربيها بلاد ونندر ؛ وشماليها بجناك الترك (١). أهلها على دين الغوزية (٢) ، أصحاب خيام ، يحرقون موتاهم ، وهم في طاعة ملك الخزر ؛ تجارتهم جلود الدّلق (٣) ، ولهم ملكان اثنان لا يتصل أحدهما بالآخر.

__________________

(١) هم المعروفون بالبرطاس أيضا. وملخص ما كتبه بارتولد عنهم (دائرة المعارف الإسلامية ، الطبعة العربية الثانية ، مادة : برطاس): " اسم أمة وثنية فى إقليم الفولغا ... ويقال إن البرطاس هم الفنّيّون الذين سماهم الروس باسم مردواMordwa ، وكانت بلادهم ملاصقة لبلاد الصقالبة على نهر أوكا [أهم روافد الفولغا] وتمتد نحو الشمال إلى مسافة بعيدة". تتفق معلومات الكرديزى عنهم (ص ٥٨٢ ـ ٥٨٣) حرفيا مع ابن رسته (ص ١٤٠ ـ ١٤١) ، وهى موجودة بكاملها تقريبا فى طبائع الحيوان (ص ٢١ ـ ٢٢). أما معلومات الإصطخرى (ص ٢٢٣) فلا تتجاوز السطرين. قال ابن سعيد (ص ٢٠٥ ـ ٢٠٦) إنهم جنس من الأتراك ، ولديه معلومات مهمة عنهم وعن أماكن وجودهم. كما اعتبرهم المسعودى (مروج الذهب ، ١ / ٢٠٣) أتراكا أيضا وقال : " ومن بلادهم تحمل جلود الثعالب السود والحمر التى تعرف بالبرطاسية يبلغ الجلد منها مائة دينار وأكثر من ذلك ..." ، أما الإدريسى (٢ / ٩٢٠) فقد كرر نفس معلومات الإصطخرى. وعن أصلهم يقول أندريه ميكيل (٢ (٢) / ٣٧): " لعلهم فنلنديون تفاوت تتريكهم. ويتكلمون لغة خاصة بهم فى جميع الأحوال".

(٢) لدى ابن رسته (ص ١٤٠) والكرديزى (ص ٥٨٣): " دينهم شبيه بدين الغزية".

(٣) فى برهان قاطع (دله): " ويقال له القاقم أيضا". وفى المنجد : " حيوان من فصيلة السموريات يقرب من السنور فى الحجم ، وهو أصفر اللون ، بطنه وعنقه مائلان إلى البياض".

١٩٩

٥٣ ـ القول في بلاد ونندر

بلاد شرقيها بلاد البراذاس ؛ وجنوبيها بلاد الخزر ؛ وغربيها جبل ؛ وشماليها المجغرية(١).

أهلها قساة القلوب وضعاف وفقراء ، وهي قليلة التجارة.

إن كل ما ذكرناه بلدان يقيم فيها المسلمون والكفار تقع جميعها في الشمال من عمارة العالم.

١ ـ بلغار : مدينة تقع ناحية صغيرة منها على ضفة نهر أتل ، سكانها جميعا مسلمون ، يخرج منها عشرون ألف فارس ، يحاربون بين الفينة والفينة الكفار فيتغلبون عليهم. وهي عامرة جدا ذات نعم وفيرة.

٢ ـ سوار : مدينة قرب بلغار ، يقيم بها غزاة أمثال البلغاريين (٢).

__________________

(١) يجعلهم الكرديزى (ص ٥٨٧) مجاورين للمجغرية والمروات ، ويذكر نهرى أتل (الفولغا) ودوبا (الدانوب) الذين يعيش بينهما المجغرية وعلى ضفة ذلك النهر الذي على شمالهم ـ شمال المجغرية أو الشعب المجرى ـ فى جهة الصقالبة ، توجد أمة أسفل بلاد الروم ، نصرانية بأسرها يقال لها النندرية ، أفرادها أكثر عددا من المجغرية لكنهم أضعف منهم. وفى التنبيه والإشراف (ص ١٥٣) بعد ذكره البنود الرومية الخمسة : طافلا ـ وفيها دار مملكة القسطنطينية ـ وتراقية ومقدونية وسالونيكة وبلبونيسه ، يقول إن مجموعة بدوية من البلغار وأجناس الترك يسمون الولندرية ينسبون إلى مدينة فى أقاصى ثغور الروم مما يلى المشرق تعرف بولندر ، وهم مؤلفون من بجناك ويجنى وباشغرد ونوكبردة ، قاموا بالسيطرة على" أكثر هذه البنود الخمسة وذلك بعد العشرين والثلاثمائة ، وخيّموا هناك ومنعوا الطريق من القسطنطينية إلى رومية وهو مسافة نحو أربعين يوما ، وأخربوا أكثر ما هناك من العمائر ، واتصلت غاراتهم بالقسطنطينية فلا وصول لمن فى القسطنطينية إلى رومية فى هذا الوقت إلا فى البحر". يقول أندريه ميكيل (٢ (٢) / ٦٠ ـ ٦١): " قد تحيل وندر (أو ولندر) إلى أونوغندور وهو اسم الأمة البلغارية فى موطنها الأصلى فى شرق بحر ميوطيس ، لكن يبدو فعلا أن مجمل النصوص الجغرافية تتعلق بتاريخهم اللاحق عندما كانوا مختلطين بالمجغرية ويتبعونهم فى تقدمهم إلى الغرب منذ النصف الثانى من القرن ٣ ه‍ / ٩ م".

(٢) إن ذكر بلغار وسوار هنا خطأ من ناسخ الكتاب. فالمدينتان هما جزء من الفصل ٥١ الذي مرّ آنفا.

٢٠٠