رحلة العبدري

أبو عبدالله العبدري

رحلة العبدري

المؤلف:

أبو عبدالله العبدري


المحقق: د. علي إبراهيم كردي
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار سعد الدين للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٢
الصفحات: ٧٢٨

البكريّ التّميميّ (١) ، وقرأ عليه بعض كتاب «الجامع» للترمذيّ ، وأجازه عبد الغنيّ بن سليمان بن بنين (٢). وشمس الدّين عبد الحميد الخسر نشاهيّ (٣) ودرس عليه علم الأصول. وأبو القاسم عبد الرّحيم ابن أبي جعفر سمع عليه كتاب «ما أظهره اللّفظ للعيان من بحر اللؤلؤ والمرجان من الأحاديث العوالي والأبيات الحسان» من تأليفه. وأبو يعقوب يوسف بن أبي المعالي بن ظافر الأنصاريّ ناوله «شعر ابن المفرّج (٤)» وحدّثه به عنه.

[لقاؤه لأبي الحسن التّجاني]

ولقيت بها الشّيخ الأديب ، الحسيب (٥) ، الكاتب ، البليغ ، ذا الفضائل المذكورة ، والمآثر المآثورة ، شيخ الأدباء ، وأوحد البلغاء ، [١٣٧ / آ] وزين النّاظمين والشّعراء ، أبا الحسن عليّ بن إبراهيم التّجاني (٦) التّونسي ، له بيت

__________________

(١) هو الحسن بن محمد بن محمد بن محمد بن عمرون التميمي : حافظ ، صوفي سمع من الكثيرين ، شرع في مسودة ذيل على تاريخ ابن عساكر وولي مشيخة الشيوخ وحسبة دمشق توفي سنة ٦٥٦ ه‍. ترجمته في شذرات الذهب ٥ / ٢٧٤ ـ حسن المحاضرة ١ / ٣٥٦.

(٢) هو عبد الغني بن سليمان بن بنين المصري ولد سنة ٥٧٥ ه‍ وسمع من طائفة ، وانتهى إليه علو الإسناد بمصر مع صلاح وسكون. توفي سنه ٦٦١ ه‍. انظر حسن المحاضرة ١ / ٣٨٠ وشذرات الذهب ٥ / ٣٠٦.

(٣) في ت وط : عبد المجيد ، وهو تحريف ، وهو عبد الحميد بن عيسى بن عمويّة بن يونس بن خليل ابن عبد الله نسبته إلى خسرونشاه من قرى تبريز. ومولده فيها سنة ٥٨٠ ه‍. وتقدم في علم الأصول والعقليات والفقه وتلخيص الأيات البيّنات ، له ترجمة في طبقات السبكي ٨ / ١٦١ ـ شذرات الذهب ٥ / ٢٥٥. معجم المؤلفين ٥ / ١٠٣.

(٤) في ط : ابن أبي المفرج.

(٥) ليست في ط.

(٦) ولد بتونس سنة ٦٣٥ ه‍ وتوفي بها سنة ٧١٤. انظر برنامج الوادي آشي ٥٩ ـ ٦٠.

٥٢١

عريق في العلم والأدب ، قال لي بمسجد إقرائه : أنا الثّاني عشر مدرسا من آبائي على نسق ، كلّهم قد قعد للإقراء. وبيتهم بالعلم (١) شهير ، وقلّ منهم ومن نسائهم من لا يقول الشّعر ، وأمّا أبو الحسن فهو فيه آية الزّمان إجادة معنى ، وتنقيح لفظ ، وسرعة بديهة ، وكثيرا ما يمليه ارتجالا فيجوّد ويتقن. وله مشاركة حسنة في العلم ، ورواية عن الشّيوخ ، ورحلة إلى المشرق حجّ فيها ؛ بالجملة من خواصّ أهل العلم وآحادهم ؛ جالسته كثيرا ، وسمعت كلامه في الأدب وغيره ، وقرأت عليه «مقامات الحريريّ» وكان (٢) يردّ فيها ردّا حسنا ، وينقدها نقدا محقّقا ؛ وذاكرته فيها بمواضع عديدة كنت أتعقّبها فأثبت قولي فيها واستحسنه ، وحدّثني بها عن الشّيخ الفقيه العالم أبي عمرو عثمان بن سفيان (٣) التّميميّ سماعا عن أبي الحسين بن جبير سماعا عن أبي الطّاهر الخشوعي عن الحريريّ ؛ وقرأت عليه «المقامة الدّوحيّة» (٤) وحدّثني بها عن الخطيب أبي محمّد بن برطله قراءة عن أبي زكرياء يحيى بن حسّان القرطبي عن منشئها أبي بكر بن عياض القرطبيّ (٥) ؛ وقرأت عليه «رياضة المتعلّمين» للإمام الحافظ أبي نعيم ، وحدّثني بها عن [الخطيب](٦) ابن برطله المذكور ، قراءة عن أبي الخطّاب بن واجب وأبي محمّد بن غلبون ، عن أبي عبد الله بن سعادة ، وأبي بكر بن أبي ليلى ، عن القاضي أبي عليّ الصّدفيّ ،

__________________

(١) زاد في ت : شريف شهير.

(٢) في الأصل : «كانت» ، تحريف.

(٣) في ت : سليمان وهو تحريف.

(٤) في ط : الروحيّة وهو تحريف.

(٥) هو محمد بن عياض اللبلي : أديب نحوي ، تصدّر للإقراء في قرطبة أيام عبد المؤمن الموحدّي ، وله المقامة الدوحية. انظر المغرب ١ / ٣٤٤ ، رايات المبرزين ١٣٢.

(٦) زيادة من ت.

٥٢٢

عن أبي الفضل محمد بن أحمد الأصبهاني الحدّاد ، عن الحافظ أبي نعيم ، وقرأت عليه قصيدة الشّيخ الحافظ أبي عبد الله القضاعيّ الّتي امتدح بها الأمير أبا زكريّاء يحيى بن عبد الواحد بن أبي حفص (١) ، وهي مشهورة ، أوّلها : (٢) [البسيط]

أدرك بخيلك خيل الله أندلسا

إنّ السّبيل إلى منجاتها درسا

وحدّثني بها سماعا عنه ، وسمعت (٣) عليه قصيدة الشّيخ الأديب الأوحد ، الفاضل ، أبي الحسن حازم بن محمّد بن حازم الأندلسيّ القرطاجنّيّ ، (٤) [١٣٧ / ب] وهي المقلوبة من قصيدة امرىء القيس في مدح المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أجاد فيها وأبدع ما شاء الله ؛ ورام منها المرام الصّعب فطاوع (٥) الإنشاء ، وهي ممّا ينبغي أن يقيّد ولا يهمل ، فلذلك رأيت إثباتها في هذا الموضع مستخيرا الله سبحانه ، وقد حدّثني بها عن منشئها المذكور وهي (٦) : [لطويل]

__________________

(١) يحيى بن عبد الواحد بن أبي حفص الهنتاني : أوّل من استقلّ بالملك عن الموحدين بمراكش سنة ٦٢٦ ه‍. أنشأ المدارس والمساجد وجعل لها الأوقاف ، كان كاتبا شاعرا ، توفي ببونة سنة ٦٤٧ ه‍. له ترجمة في فوات الوفيات : ٤ / ٢٩٣ ـ ٢٩٥ ، والمؤنس في أخبار إفريقية وتونس ١٣٢.

(٢) القصيدة بتماها في ديوان ابن الأبّار : ٣٩٥.

(٣) في ت وط : وقرأت.

(٤) هو حازم بن محمد بن حسن بن حازم القرطاجني : أديب ، عالم ، شاعر ، من أهل قرطاجنة شرقيّ الأندلس توفي بتونس سنة ٦٤٨ ه‍ ، من كتبه. منهاج البلغاء ، بالإضافة إلى ديوان شعره. له ترجمة في نفح الطيب ٢ / ١٥٨٤ ـ ٥ / ٥١٩ ـ أزهار الرياض ٣ / ١٧٢ ـ بغية الوعاء ١ / ٤٩١.

(٥) في : فضارع.

(٦) سميت هذه القصيدة «حديقة الأزهار وحقيقة الافتخار في مدح النبي المختار سيدنا محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم وعلى آله وصحبه الأبرار» وهي في ديوان حازم القرطاجني ٨٩ / ٩٦. وفي أزهار الرياض ٣ / ١٧٨ ـ ١٨٢ ونفح الطيب ٥ / ٥٢٠ ـ ٥٢٣.

٥٢٣

[قصيدة حديقة الأزهار للقرطاجني]

لعينيك قل : إن زرت أفضل مرسل

قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل

وفي طيبة فانزل ، ولا تغش منزلا

بسقط اللّوى بين الدّخول فحومل

وزر روضة قد طالما طاب نشرها

لما نسجتها من جنوب وشمأل

وأثوابك اخلع محرما ومصدّقا

لدى السّتر إلّا لبسة المتفضّل

٥ ـ لدى كعبة كم فاض دمعي لبعدها

على النّحر حتّى بلّ دمعي محملي (١)

فيا حادي الآمال سر بي ولا تقل

عقرت بعيري ـ يا امرأ القيس ـ فانزل (٢)

فقد حلفت نفسي بذاك وأقسمت

عليّ وآلت حلفة لم تحلّل

فقلت لها : لا شكّ أنّي طائع

وأنّك مهما تأمري القلب يفعل

وكم حملت في أظهر العزم رحلها

فيا عجبا من رحلها المتحمّل (٣)

١٠ ـ وعاتبت العجز الّذي عاق عزمها

فقالت : لك الويلات إنّك مرجلي

نبيّ هدى قد قال للكفر نوره :

ألا أيّها اللّيل الطّويل ألا انجل

تلا سورا ، ما قولها بمعارض

إذا هي نصّته ولا بمعطّل (٤)

لقد نزلت في الأرض منّة هديه

نزول اليماني ذي العياب المخوّل (٥)

__________________

(١) في ت وط : قد فاض.

(٢) في النفح والأزهار : فيا حادي الآبال.

(٣) في ت : وقد حملت وفي الديوان : من كورها.

(٤) نصّ الشيء : رفعه.

(٥) في الديوان والنفح وأزهار الرياض : ملّه هديه ـ ذي العياب المحمّل ، والعياب جمع عيبة. وهي وعاء للمتاع يكون من أدم.

٥٢٤

أتت مغربا من مشرق ، وتعرّضت

تعرّض أثناء الوشاح المفصّل

١٥ ـ ففازت بلاد الشّرق من زينة بها

بشقّ ، وشق عندنا لم يحوّل

فصلّى عليه الله ما لاح بارق

كلمع اليدين في حبيّ مكلّل (١)

نبيّ غزا الأعداء بين تهائم

وبين أكام ، بعد ما متأمّل (٢)

فكم ملك وافاه في زيّ منجد

بمنجرد قيد الأوابد هيكل

وكم من يمان رامح جاءه اكتسى

بضاف فويق الأرض ليس بأعزل (٣)

[١٣٨ / آ] ٢٠ ـ ومن أبطحيّ نيط منه نجاده

بجيد معمّ في العشيرة مخول (٤)

أزلّوا ببدر عن سروجهم العدا

كما زلّت الصّفواء بالمتنزّل (٥)

ونادوا ظباهم : لا يفتك فتى ، ولا

كبير أناس في بجاد مزمّل (٦)

وفضّي جموعا قد غدا جامعا لهم

بنا بطن حقف ذي ركام عقنقل (٧)

وأحموا وطيسا في حنين كأنّه

إذا جاش فيه حميه غلي مرجل

٢٥ ـ ونادوا بنات النّبع : بالنّصر أثمري

ولا تبعدينا من جناك المعلّل (٨)

__________________

(١) الحبيّ من السحاب ما عرض لك وارتفع ، والمكلّل : الذي في جوانب السّماء كالإكليل.

(٢) في الديوان والنفح والأزهار : بين تلائع : والرواية في قصائد ومقّطعات : سرى بجنود الله بين تهائم.

(٣) في النفح والأزهار : يمان واضح.

(٤) في الديوان : يعط عنه.

(٥) في الديوان والنفح والأزهار : أزالوا : وفي النفح والأزهار : على بروجهم.

(٦) في نفح الطيب : وفادوا ظباهم.

(٧) في الديوان : وفضّ في قفاف عقنقل ـ وفي نفح الطيب فدفدا جامعا بها. وفي النفح والأزهار : لنابطن ، وفي أزهار الرياض ذي قفاف.

(٨) في ت : لا تبعديني.

٥٢٥

وممّن له سدّدت سهمين ، فاضربي

بسهميك في أعشار قلب مقتّل

فما أغنت الأبدان درع بها اكتست

ترائبها مصقولة كالسّجنجل

وأضحت لواليها ومالكها العدا

يقولون لا تهلك أسى ، وتجمّل

وقد فرّ منصاع ، كما فرّ خاضب

لدى سمرات الحيّ ناقف حنظل (١)

٣٠ ـ وكم قال : يا ليل الوغى طلت فانبلج

بصبح وما الإصباح فيك بأمثل

فليت جوادي لم يسر بي إلى الوغى

وبات بعيني قائما غير مرسل

وكم مرتق أوطاس منهم بمسرج

متى ما ترقّ العين فيه تسهّل

وقرّطه خرصا ، كمصباح مسرج

أهان السّليط في الذّبال المفتّل (٢)

فيرنو لهاد فوق هاديه طرفه

بناظرة من وحش وجرة مطفل (٣)

٣٥ ـ ويسمع من كافورتين بجانبي

أثيث كقنو النّخلة المتعثكل (٤)

ترفّع أنّ يعزى له شدّ شادن

وإرخاء سرحان ، وتقريب تتفل (٥)

ولكنّه يمضي كما مرّ مزبد

يكبّ على الأذقان دوح الكنهبل (٦)

ويغشى العدا كالسّهم ، أو كالشّهاب ، أو

كجلمود صخر حطّه السّيل من عل

__________________

(١) في الأصل منصاعا وهو تحريف ، والرواية في قصائد ومقطعات وفرّ ابن عوف مثلما فرّ خاضب.

(٢) في ت وط : خرسا ، ورواية عجز البيت في النفح والأزهار ، آمال السليط بالذبال المقتل.

(٣) وجرة : موضع. ومطفل : ذات طفل وهو الغزال.

(٤) الأثيث : الكثير المتواكب ، والقنو : العذق. المتعثكل : الذي قد دخل بعضه في بعض لكثرته أو وهو المتدلي.

(٥) الشادن ولد الظبية. إرخاء سرحان : سرعة ذئب في لين ، وتقريب تتفل : جري الثعلب.

(٦) يكب على الأذقان دوح الكنهبل : يقتلع شجر الكنهبل من أصوله ويلقيه على أم رأسه لشدة هيجه.

٥٢٦

جياد أعادت رسم رستم دارسا

وهل عند رسم دارس من معوّل

٤٠ ـ وريعت بها خيل القياصر ، فاختفت

جواحرها في صرّة لم تزيّل (١)

سبت عربا من نسوة العرب تستبي

إذا ما اسبكرّت بين درع ومجول (٢)

وكم من سبايا الفرس والصّفر أسهرت

نؤوم الضّحى لم تنتطق عن تفضّل (٣)

[١٣٨ / ب] وحزن بدورا من ليالي شعورها

تضلّ المدارى في مثنّى ومرسل (٤)

وأبقت بأرض الشّام هاما كأنّها

بأرجائها القصوى أنابيش عنصل (٥)

٤٥ ـ وما جفّ من حبّ القلوب بغورها

وقيعانها كأنّه حبّ فلفل

وكم جبن من غبراء لم يسق نبتها

دراكا ولم ينضح بماء فيغسل (٦)

لخضراء ما دبّت ولا نبتت بها

أساريع ظبي أو مساويك إسحل (٧)

شدا طيرها في مثمر ذي أرومة

وساق كأنبوب السّقيّ المذلّل (٨)

فشدّت بروض ليس يذبل بعدها

بكلّ مغار الفتل شدّت بيذبل (٩)

٥٠ ـ وكم هجرت في القيظ تحكي دوارعا

عذارى دوار في الملاء المذيّل (١٠)

__________________

(١) في قصائد مقطعات : وريعت به. جواحرها : ما تخلّف منها ، والصرّة : الجماعة. لم تزيل : لم تتفرق.

(٢) المسبكرّة : الشابة المعتدلة القامة.

(٣) الصّفر : لعله أراد بني الأصفر ، وهم الروم ، لم تنتطق : لم تشد نطاقا للعمل ، أي مرفهة منعمة. عن تفضّل : عن ثوب النّوم.

(٤) في النفح : تضل العقاص.

(٥) في ت : بأرجائه القصوى ، أنابيش عنصل : أصول العنصل : وهو البصل البّري.

(٦) في قصائد ومقطعات : لم تسق متنها.

(٧) الأساريع : دود صغير. وظبي : كثيب معروف. الإسحل : شجر تتخذ عروقه مساويك كالأراك.

(٨) أنبوب السقي المذلل : ساق كساق البردي وهو نبات يقوم على سوق في فاقع الماء المذلل : المحروث.

(٩) في ط : بعد ما ، مغار الفتل : الحبل المفتول جيدا ، يذبل : جبل.

(١٠) ـ الدوار : صنم لأهل الجاهلية يدورون حوله. الملاء المذيل : الملاء الفضفاض.

٥٢٧

وكم أدلجت والقرّ يهفو هزيزه

ويلوي بأثواب العنيف المثقّل (١)

وخضن سيولا فضن بالبيد بعد ما

أثرن غبارا بالكديد المركّل (٢)

وكم ركزوا رمحا بدعص كأنّه

من السّيل والغثّاء فلكة مغزل (٣)

فلم تبق حصنا خوف حصنهم العدا

ولا أطما إلّا مشيدا بجندل (٤)

٥٥ ـ فهدّت بقضب شلن بعد إمالة

بأمراس كتّان إلى صمّ جندل (٥)

وجيش بأقصى الأرض ألقى جرانه

وأردف أعجازا ، وناء بكلكل

يدكّ الصّفا دكّا ، ولو مرّ بعضه

وأيسره على السّتار فيذبل (٦)

دعا النّصر والتّأييد رايته اسحبي

على أثرينا ذيل مرط مرجّل (٧)

لواء منير النّصل سام كأنّه

منارة ممسى راهب متبتّل (٨)

٦٠ ـ كأنّ دم الأعداء في عذباته

عصارة حنّاء بشيب مرجّل (٩)

__________________

(١) في النفح : والقتر يهفو. وفي ت : المفتل : والهزيز : صوت الريح ، يلوي : يذهب ويميل. العنيف : غير الرفيق.

(٢) الكديد : ما صلب من الأرض ، المركل : الذي ركلته الخيل بحوافرها.

(٣) الدّعص : الكثيب المجتمع من الرمل. الغثاء : ما يحمله السيل من بقايا الأشياء ، فلكة مغزل : كأن الماء استدار حوله.

(٤) في الديوان والنفح والأزهار : فلم تبن ، والأطم : الحصن. مشيد بجندل مبني بالحجارة.

(٥) في الديوان والأزهار : بعضب شدّ بعد صقاله ، وفي النفح : بعضب شيب بعد صقاله.

(٦) في قصائد ومقطعات والنفح ، عالي الستار ، وفي النفح : ويذبل. وستار ويذبل ، جبلان.

(٧) في الديوان والنفح : راياته وفي ت : على أثرينا أثر. والمرط. كساء من خز أو كتان ، والمرحلّ : الموشّى.

(٨) في الديوان والنفح والأزهار : طاو كأنه. المنارة : يريد به سراج الراهب الذي يستضيء به في وحدته وانقطاعه لعبادة ربه.

(٩) في الديوان : كأن دما ـ وفي أزهار الرياض : ترى دم.

٥٢٨

صحاب فروا هام العداة وكم قروا

صفيف شواء أو قديد معجّل (١)

وكم أكثروا ما طاب من لحم جفنة

وشحم كهدّاب الدّمقس المفتّل (٢)

حكى طيب ذكراهم ، ومرّكفاحهم

مداك عروس ، أو صراية حنظل (٣)

لأمداح خير الخلق قلبي قد صبا

وليس صباي عن هواها بمنسل (٤)

٦٥ ـ ولم يثنني عن وصفها خود انثنت

عليّ هضيم الكشح ريّا المخلخل

فدع من لأيّام صلحن له صبا

ولا سيّما يوم بدارة جلجل (٥)

[١٣٩ / آ] وأصبح عن أمّ الحويرث ماسلا

وجارتها أمّ الرّباب بمأسل

وكن في مديح المصطفى كمدبّج

يقلّب كفّيه بخيط موصّل

وأمّل بها الأخرى ، ودنياك دع فقد

تمتّعت من لهو بها غير معجل

٧٠ ـ وكن كمنيب ، للفؤاد مؤنّب

نصيح على تعذاله غير مؤتل (٦)

ينادي : إلهي إنّ ذنبي قد عدا

عليّ بأنواع الهموم ليبتلي

فكن لي مجيرا من شياطين شهوة

عليّ حراص لو يشّرون مقتلي (٧)

وينشد دنياه إذا ما تدلّلت

أفاطم مهلا بعض هذا التدلّل

__________________

(١) في الديوان والنفح والأزهار : بروا هام ـ وفي الديوان والنفح والأزهار : قدير معجل ، صفيف شواء : شرائح لحم مشوي ، والقديد : اللحم المقدّد.

(٢) في الديوان والنفح والأزهار : لحم جفرة ، والدمقس : الحرير.

(٣) في ت والنفح والأزهار : صلاية ، ومداك العروس : حجر يسحق عليه الطيب للعروس ، الصرّاية : نقيع ماء الحنظل.

(٤) في قصائد ومقطعات والنفح والأزهار : وليس فؤادي.

(٥) في قصائد ومقطعات : لأيام الصبابة قد صبا ، وفي ت : يوما بدارة جلجل.

(٦) في الديوان : وكم لنبيث للفؤاد منابث ، وفي النفح : وكن لنيث للفؤاد منابث ، وفي ت : للفؤاد مؤالف.

(٧) يشرّون : يظهرون قتلي من غيظهم عليّ ، ويروى : «لو يسرّون» أي يكتمون.

٥٢٩

فإن تصلي حبلي بخير وصلته

وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي (١)

٧٥ ـ وأحسن بقطع الحبل منك وبتّه!

فسلّي ثيابي من ثيابك تنسل (٢)

أيا سامعي مدح الرّسول تنشّقوا

نسيم الصّبا جاءت بريّا القرنفل

وروضة حمد للنّبيّ محمّد

غذاها نمير الماء غير المحلّل

ويا من أبى الإصغاء ما أنت مهتد

وما إن أرى عنك العماية تنجلي (٣)

فلو مطفلا أنشدته لفظها ارعوت

فألهيتها عن ذي تمائم مغيل (٤)

٨٠ ـ ولو سمعته عصم طود أمالها

فأنزل منه العصم من كلّ منزل (٥)

وأنشدني (٦) حفظه الله لنفسه : [الطويل]

قفوا سلّموا هذا ضريح محمّد .... (البيتين)

وقد مضى ذكرهما (٧) وأنشدني أيضا لنفسه [السريع]

حدّثني أبخر أضحى بما

أهدى إلى الآذان آذاني

كأنّما في فمه جيفة

أو شعرة من لحية الدّاني

__________________

(١) في ط : لجبر وصلته.

(٢) في ت : تسلل.

(٣) في قصائد ومعلقات ، ما أنت منته وفي النفح والأزهار : عنك الغواية تنجلي. والعماية : الغواية واللّجاج.

(٤) في الديوان وت والنفح والأزهار : ذي تمائم محول ، والغيل : اللبن ترضعه المرأة ولدها وهي تؤتى.

(٥) الأعصم : الوعل ، والطّود : الجبل العظيم.

(٦) في ت : وأنشدني أيضا.

(٧) سلف البيتان في الصفحة ٤٢٦.

٥٣٠

وأنشدني أيضا لنفسه : [السريع]

يا من إذا أودع سرّا فلا

دين له عن نشره يردعه

كالبوق إن أودع فيه فم

ألطف ريح ذاع مستودعه

وأنشدني في الدّينار ولم يسمّ قائله ، وذلك عند [١٣٩ / ب] قراءتي عليه قول أبي محمّد الحريريّ : (١) [الرجز]

أصفر ذي وجهين كالمنافق

يهيم النّاس بالدّينار حبّا

وما فيهم سوى من يصطفيه (٢)

فذو الوجهين عندهم وجيه

وذاك نقيض ما قد صحّ فيه

يعني قوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم «ذو الوجهين لا يكون عند الله وجيها»

(٣). وأنشدني في ضدّه (٤) : [الوافر]

صديق المرء كالدّينار طبعا

وكيف يخالف المرء الطّباعا

تراه ما أقام يقيم جاها

وإن فارقته أجدى انتفاعا

قلت : وهذا أثبت في وصف الدّينار من قول بعضهم ـ أنشده الحاتميّ (٥) في أبيات المعاني (٦) : [الوافر]

__________________

(١) البيت في مقامات الحريري ٣٢ وألف باء للبلوي ١ / ١١١.

(٢) البيتان من الوافر.

(٣) أخرجه القاضي عياض في الشفا ١ / ١٠٣ وهو في الكامل لابن عدي ٥ / ١٩٦٢ بخلاف في اللفظ.

(٤) البيتان لابن رشيق القيرواني في ديوانه ١٠٤.

(٥) هو أحمد بن حاتم الباهلي : لغوي ، نحوي ، صحب الأصمعي وروى عنه كتبه. من مؤلفاته الشجر والنبات ، والإبل ، أبيات المعاني توفّي سنة ٢٣١ ه‍ له ترجمة في معجم الأدباء ٢ / ٢٢٣ ـ وتاريخ بغداد ٤ / ١١١ وإنباه الرواة ١ / ٣٦ ، وإيضاح المكنون ١٣.

(٦) البيتان منسوبان للأخطل في شرح المقامات للشريشي ١ / ٤١ ولم أجدهما في ديوانه.

٥٣١

ومعشوق يرقّص كلّ يوم

ترى في وجهه أبدا كلاما

إذا فارقته أجداك نفعا

ولا يجدي عليك إذا أقاما

ومن هذا أخذ الحريريّ قوله (١) : [الرجز]

وشرّ ما فيه من الخلائق

أن ليس يغني عنك في المضائق

إلّا إذا فرّ فرار الآبق

وأنشدني للإمام أبي الطّاهر السّلفي رضي‌الله‌عنه : [السريع]

ربّ كتاب لي قابلته

وقلت في نفسي صحّحته

حتّى إذا عاودته مرّة

وجدت تحريفا فأصلحته

وأنشدني لامرأة من أهل بيته ـ ولم يسمّها ـ ملغزة في اسم تميم : (٢) [الطويل]

يقولون لي : هذا حبيبك ما اسمه

فما اسطعت إفشاء وما اسطعت أكتم

فقلت : اسمه ميم وحرف مقدّم

فهذا اسم من أهوى فديتكم افهموا

__________________

(١) مقامات الحريري ٣٠ ـ ٣٣.

(٢) هي زينب بنت إبراهيم التجاني كما ورد في مقدمة رحلة التجاني التي كتبها الأستاذ حسن حسني عبد الوهاب / يط / وقد ورد البيتان في الصفحة ك ، وانظر شهيرات التونسيات ١١١ ، ونسبهما ابن رشيد في ملء العيبه ٥ / ٣٩٦ لستّ الأهل.

٥٣٢

وأنشدني لها أيضا في صفة شعر (١) : [١٤٠ / آ] [الطويل]

إذا انسدلت منه عليها ذؤابة

كغصن أراك عانق الغصن أرقم (٢)

أثيث طويل فهو يستر جسمها

إذا نزعت عنه الملابس أسحم (٣)

كأنّ الصّباح ارتاع من خوف طالب

بثأر فأضحى بالدّجا يتكتّم (٤)

وأنشدني أيضا ، وأظنّه لنفسه (٥) : [الوافر]

رغيف أبي عليّ حلّ خوفا

من الأضياف منزلة السّماك

إذا كسروا رغيف أبي عليّ

بكى ، يبكي ، بكاء فهو باك

وأنشدني أخوه الفقيه أبو حفص عمر بن إبراهيم التّجانيّ (٦) لنفسه : [السريع]

سرّك إن أعلمته ثانيا

فاعلم بأن قد آن أن تفشيه

لأنّ ما أضمر في حالة ال

إفراد تستخرجه التّثنيه

__________________

(١) الأبيات الثلاثة نسبها الأستاذ حسن حسني عبد الوهاب لزينب بنت إبراهيم التجاني أيضا في مقدمة رحلة التجاني أيضا في صفحة ك. وشهيرات التونسيات ١١١.

(٢) في شهيرات التونسيات : عانقته أراقم

(٣) في ط : يستر جسمها.

(٤) في شهيرات التونسيات : فألوى بالدّجا.

(٥) ورد البيتان في الحماسة المغربية ١٢٩٥ ، وثمّة بيتان قريبان منهما وردا في الحماسة البصرية ٢ / ٢٦١.

(٦) عمر بن إبراهيم التجاني : أديب ، عالم ، كاتب ، له شعر لقيه العبدري في تونس عند الصدور. انظر مقدمة رحلة التجاني لحسن حسني عبد الوهاب صفحة كا.

٥٣٣

قلت : وهذا استدلال (١) بالتّمثيل نحوي مليح ، مناسب جدّا ، يدلّ على طبع فاضل ، ومقول فاصل ؛ وأنشدني للفقيه أبي المطرّف (٢) ابن عميرة ـ رحمه‌الله ـ (٣) : [الخفيف]

بايعونا موّدة هي عندي

كالمصرّاة بيعها بالخداع

فسأقضي بردّها ثمّ أقضي

معها من ندامتي ألف صاع

وأنشدني له أيضا : (٤) [الطويل]

شرطت عليهم عند تسليم مهجتي

وعند انعقاد البيع قربا يواصل

فلمّا أردت الأخذ بالشّرط أعرضوا

وقالوا : يصحّ البيع والشّرط باطل (٥)

[لقاؤه للقسّي]

ولقيت بها الفقيه الأفضل (٦) أبا عبد الله محمّد بن أبي القاسم الأزديّ ويعرف بالقسّيّ (٧) بضمّ القاف. وهو رجل ، فاضل ، وقور ، ذو سمت [١٤٠ / ب] وهيئة ، من عدول البلد ؛ رحل إلى المشرق ، فلقي النّاس ، وأخذ عنهم ؛

__________________

(١) في ت : وهذا الاستدلال بالتمثيل النحوي.

(٢) في ت ، أبو المظفر ، وهو تحريف. سلفت ترجمته في الصفحة ٦٤.

(٣) الأبيات في الذيل والتكملة ١ / ١ ـ ١٥٣ وملء العيبة ٢ / ٢٠٦.

(٤) الأبيات في الذيل والتكملة ١ / ١ ـ ١٥٣ وملء العيبة ٢ / ٢٠٦.

(٥) جاء بعد هذين البيتين في طبعة الرباط : إن هذا من قوله :

وقالوا بعت نفسك لا بشيء

ويفسخ بيع مغبون بجهل

فقلت : أنا أديب لا فقيه

ونقض العهد عندي شر فعل

(٦) في ط : الفاضل.

(٧) ولد سنة ٦٣٩ ه‍ توفي سنة ٧٠٨ ه‍ بتونس. انظر برنامج الوادي آشي ٥٨.

٥٣٤

قرأت عليه جزءا في «فضيلة من اسمه محمّد وأحمد» تخريج الشّيخ الحافظ أبي عبد الله الحسين بن أحمد بن عبد الله بن بكير النّجار ، وحدّثني به (١) عن وجيه الدّين منصور بن سليم الإسكندارانيّ عرف بابن العماديّة ، سماعا عليه بالإسكندريّة ، عن أبي القاسم عبد الرّحمن بن عبد المجيد (٢) الصّفراويّ ، سماعا وقراءة عن أبي الفداء إسماعيل بن عليّ الموصليّ ، عن أبي عبد الله محمّد بن بركة الصّلحي ، عن أبي الحسن عليّ بن أحمد الدّهان ، عن الشّريف أبي الحسن محمّد بن أحمد بن المهتدي ، عن ابن بكير (٣) مصنّفه ، وهذا الجزء جزء (٤) لطيف ، رأيت أن أذكر هنا أحاديثه مختصرة الأسانيد ليخفّ حفظها ، وعلى أنّها مضعّفة فقد قال الحافظ أبو عمر بن البرّ : إنّهم كانوا يتساهلون في أحاديث الفضائل فيروونها عن كل قويّ وضعيف.

وأوّل الأحاديث عن أنس ابن مالك قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم «يوقف عبدان بين يديّ الله عزوجل فيأمر بهما إلى الجنّة ، فيقولان : ربّنا وبم استأهلنا الجنّة ولم نعمل عملا نجازى به الجنّة؟ فيقول الله لهما : عبديّ ادخلا الجنّة ، فإنّي اليت على نفسي ألّا يدخل النّار من اسمه أحمد ولا محمّد» (٥).

وعن أبي أمامة الباهليّ قال الرّسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من ولد له مولود فسمّاه محمّدا حبّا لي وتبرّكا باسمي كان هو ومولوده في الجنّة» (٦).

__________________

(١) ليست في ط.

(٢) في ت عبد الجليل وهو تحريف.

(٣) في ت : بكر.

(٤) ليست في ت وط.

(٥) لم أقف له على تخريج فيما رجعت إليه من كتب الحديث.

(٦) أخرجه شيرويه الديلمي في فردوس الأخبار ٤ / ٨٩ وعلاء الدين الهندي في كنز العمال ١٦ / ٢٢٣ وورد في ميزان الاعتدال ١ / ٤٤٧.

٥٣٥

وعن ابن عبّاس وواثلة بن الأسقع (١) : «من ولد له ثلاثة أولاد ولم يسمّ أحدهم محمّدا فقد جهل (٢)» وفي رواية «فقد جفاني».

وعن عليّ بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه ، قال عليه الصّلاة والسّلام : «ما اجتمع قوم في مشورة معهم رجل اسمه محمّد ، فلم يدخلوه في مشورتهم إلّا لم يبارك لهم» (٣).

وفي رواية عنه : «ما من قوم كانت لهم مشورة ، فحضر معهم من اسمه أحمد أو محمّد فأدخلوه في مشورتهم إلّا خير لهم (٤)».

وعن أنس بن مالك قال : «تسمّونهم [١٤١ / آ] محمّدا ثمّ تسبّونهم؟» (٥).

وعن عليّ عنه عليه‌السلام : «ما من مائدة وضعت ، وحضر عليها من اسمه أحمد أو محمّد إلا قدّس الله ذلك المنزل في كلّ يوم مرّتين» (٦).

__________________

(١) واثلة بن الأسقع بن عبد العزى الليثي الكناني : صحابي خدم النبي ثلاث سنين ، شهد فتح دمشق. روى ٧٦ حديثا. توفي سنة ٨٣ ه‍ بالقدس أو بدمشق. له ترجمة في الإصابة ٣ / ٥٨٩ وفي صفة الصّفوة ١ / ٦٧٤.

(٢) أخرجه ابن عدي في الكامل ٦ / ٢١٠٧ ـ والطبراني الكبير ٦ / ٢٣٧ ـ ومجمع الزوائد ٨ / ٤٩ والديلمي في فردوس الأخبار ٤ / ٢٨٨ بخلاف ليسير في اللّفظ ، والجامع الصغير ٢ / ١٨٣ ، وكنز العمال ١٦ / ٤١٩.

(٣) أخرجه ابن عدي في الكامل ١ / ١٧٣ وشيرويه الديلمي في فردوس الأخبار ٤ / ٣٥٢ وعلاء الدين الهندي في كنز العمال ٦ / ٤٢٢.

(٤) لم أقف له على تخريج فيما رجعت إليه من كتب الحديث.

(٥) أخرجه الحاكم في المستدرك ٤ / ٤٩٣ بلفظ تسمون أولادكم محمدا ثم تسبّونهم ، والشفا لعياض ٢ / ٩٣٠ وفي معجم الزوائد ٨ / ٤٨ بلفظ ثم تلعنونهم ، وكنز العمال ١٦ / ٤١٨ ـ ٤٢٨ و ١٦ / ٤٢٢ وميزان الاعتدال ١ / ٥٥٧.

(٦) أخرجه شيرويه الديلمي في فردوس الأخبار ٤ / ٣٤٠ وابن عدي في الكامل ١ / ١٧٢ بخلاف في اللفظ من طريق جابر.

٥٣٦

وعن جعفر بن محمّد عن أبيه عن جدّه مرسلا قال : «إذا سمّيتم محمّدا فعظّموه ، ووقّروه وبجّلوه ، ولا تذلّوه ، ولا تحقّروه ، ولا تجبهوه (١) تعظيما لمحمّد صلى‌الله‌عليه‌وسلم» (٢).

وعن الحسن البصري (٣) موقوفا قال : «إنّ الله عزوجل ليوقف عبدا (٤) بين يديه يوم القيامة اسمه أحمد أو محمّد ، قال : فيقول الله تعالى : محمّد عبدي أما استحييت منّي تعصيني واسمك باسم حبيبي محمّد ، فينكّس العبد رأسه ثمّ يقول : اللهم إنّي فعلت ، فيقول الله : يا جبريل ، خذ بيد عبدي فأدخله الجنّة ، فإنّي استحيي أن أعذّب بالنّار من اسمه على اسم حبيبي محمّد.» (٥)

وعن عليّ رضي‌الله‌عنه عن النّبيّ عليه‌السلام : «إذا سمّيتم الولد محمّدا فأكرموه وأوسعوا له في المجلس ، ولا تقبّحوا له وجها» (٦).

وعن ابن عبّاس عنه : «ما من أهل بيت منهم من اسمه محمّد إلا لم يزالوا في البركة في كلّ يوم وليلة» (٧)

وعن أبي هريرة عنه قال : «لا يدخل الفقر بيتا فيه اسمي (٨)».

__________________

(١) في ت وط : تجفوه : وجبهه : ضرب جبهته ، أولقيه بما يكره.

(٢) هو في فردوس الأخبار ١ / ٤١١ بخلاف في اللفظ ، وكنز العمال ١٦ / ٤٢١ بخلاف في اللفظ وكشف الخفاء ١ / ٩٤.

(٣) هو الحسن بن يسار البصري تابعيّ ، ولد بالمدينة ولقي بعض الصحابة وسمع من بعضهم له كتاب في التفسير ، وله نزول القرآن ، توفي سنة ١١٠ ه‍ ، له ترجمة في تذكرة الحفاظ ١ / ٧١ وطبقات الحفاظ للسيوطي ٣٥.

(٤) في ت : رجلا.

(٥) لم أقف له على تخريج فيما رجعت إليه من كتب الحديث.

(٦) الحديث في الجامع الصغير ١ / ٢٩ ـ وفيض القدير ١ / ٣٨٥ ، وكنز العمال ١٦ / ٤١٨.

(٧) لم أقف له على تخريج فيما رجعت إليه من كتب الحديث.

(٨) ورد هذا الحديث في الكامل في ضعفاء الرجال لابن عدي ٦ / ٢١٦٩.

٥٣٧

وعن عليّ رضي‌الله‌عنه عن النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ما من أهل بيت فيهم اسم نبيّ ، إلّا بعث الله إليهم ملكا يقدّسهم بالغداة والعشيّ» (١).

وعن عائشه رضي‌الله‌عنها عن النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ما أكل طعام قطّ من حلال ، عليه رجل اسمه اسمي إلّا يضاعف الله في طعامهم» (٢).

وعن أبي سعيد عنه عليه‌السلام :«من ولد له مولود فليحسن اسمه وأدبه ، فإذا بلغ فليزوّجه ، فإن بلغ ولم يزوّجه فأصاب إثما باء بإثمه» (٣).

انتهت أحاديث الجزء المذكور ، وفي معناها ما أخبرني به الشّيخ المسند المعمّر ، أبو محمّد بن هارون ، عن أبي القاسم بن الطّيلسان عن أبي جعفر بن عبد المجيد ، عن أبي القاسم بن بشكوال عن أبي عمران بن أبي تليد ، عن أبي عمر بن عبد البرّ ، عن عبد الوارث بن سفيان ، عن قاسم بن أصبغ ، عن عبد الله بن أبي مسرّة ، عن مطرّف [١٤١ / ب] بن عبد الله عن ابن أبي مليكة عن ابن جريج يرفعه ، قال : «من كان له ذو بطن فأجمع أن يسمّيه محمّدا ، رزقه الله غلاما ، وما كان اسم محمّد في بيت إلا جعل الله في ذلك البيت البركة» (٤).

وبه إلى ابن أبي مسرّة قال : حدّثني ابن أبي قدامة العمريّ عن أبيه ، يرفع الحديث إلى النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قال : «ما ضرّ أحدكم أن يكون في بيته محمّد ومحمّدان وثلاثة» (٥).

__________________

(١) أخرجه شيرويه الديلمي في فردوس الأخبار ٤ / ٣٥١.

(٢) لم أقف له على تخريج فيما رجعت إليه من كتب الحديث.

(٣) ليست في ط.

(٤) هو في الأسرار المرفوعة ٤٣٥ بخلاف في اللفظ.

(٥) أخرجه القاضي عياض في الشفا ١ / ٢٣٠ و ٢ / ٩٣١ ـ والسيوطي في الجامع الصغير ٢ / ١٤٦ وقال عنه ضعيف ، وكنز العمال ١٦ / ٤١٩ وفيض القدير للمناوي ٥ / ٤٥٣.

٥٣٨

[لقاؤه لجابر الوادي آشي]

ولقيت بها الشّيخ ، الفقيه ، الحاجّ ، المبارك ، الأفضل ، معين الدّين أبا محمّد جابر بن محمّد بن القاسم بن حسّان الوادي آشي (١) ، وكان من التّجّار في القيساريّة. (٢) رحل إلى المشرق قديما فلقي به الإمام علم الدّين السّخاويّ ، وسمع منه وأجازه ، وقرأ عليه قصيدتي الشّيخ الإمام أبي القاسم الشّاطبي في القراءات ، وفي المرسوم ، وحدّثه بهما عنه وقد قرأت عليه بعض الأولى ، وجميع الثّانية ، وأصله يمسك عليه ، وحدّثني بهما معا عن السّخاويّ عن ناظمهما (٣) المذكور ، وأجازني إجازة عامّة ، وكتب لي بذلك خطّ يده ، وقرأت عليه أرجوزة السّخاوي في المتشابه من ألفاظ القرآن ، وحدثني بها عنه قراءة ، وهي في أوراق بديعة محكمة ، وأرى أن أثبت منها ها هنا دررا ، وأوّلها : [الرجز]

قال السّخاويّ عليّ ناظما

كان له الله الرّحيم راحما

الحمد لله الحميد الصّمد

منزل الذّكر على محمّد

فيه هدى للمهتدي ونور

وحكمة تشفى بها الصّدور (٤)

ثمّ مرّ في مقدمة الأرجوزة إلى أن قال :

__________________

(١) ولد سنة ٦١٠ ه‍ وتوفي سنة ٦٩٤ ه‍. انظر برنامج الوادي آشي ٥٤ ـ ٥٥.

(٢) القيسارية : بلدة على ساحل بحر الشام تعد في فلسطين بينها وبين طبرية ثلاثة أيّام. انظر مراصد الاطلاع ١١٣٩.

(٣) في ط : ناظمها.

(٤) في ط : هدى للمتقين.

٥٣٩

وقد نظمت في اشتباه الكلم

أرجوزة كاللّؤلؤ المنتظم

لقّبتها هداية المرتاب

وغاية الحفّاظ والطّلّاب

أودعتها مواضعا تخفى على

تالي الكتاب وتريح من تلا

رتّبتها على حروف المعجم

فأفصحت عن كلّ أمر مبهم

[١٤٢ / آ] فإن أردت علم لفظ مشكل

فانظر إلى الحرف الّذي في الأوّل

فإنّه باب من الأبواب

وفيه ما رمت بلا آرتياب (١)

ولا تعدّ أوّلا مزيدا

إلّا إذا كان هو المقصودا

ثمّ أتمّ المقدّمة وابتدأ حرف الهمزة فقال :

واقرأ (فَأَنْزَلْنا) ـ باي البقره

(عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا) محبّره (٢)

لكن (فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ) (٣) جاء في

سورة الآعراف يقينا فآعرف

وآخر الآية (يَفْسُقُونَ)

فيها ، وفي الأعراف (يَظْلِمُونَ) (٤)

وجاء (إِبْلِيسَ أَبى وَاسْتَكْبَرَ)(٥)

فيها ، وفي (صاد) أبى ما ذكرا (٦)

__________________

(١) في ط : ففيه ما رمت.

(٢) من قوله تعالى في سورة البقرة ، الآية ٥٩(فَأَنْزَلْنا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ).

(٣) يشير إلى قوله تعالى في سورة الأعراف ، من الآية ١٦٢(فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَظْلِمُونَ).

(٤) سبق تخريج الآيتين في الحاشيتين السابقتين.

(٥) إشارة إلى قوله تعالى في سورة البقرة ، من الآية ٣٤(إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى وَاسْتَكْبَرَ وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ).

(٦) في ت وط : أيا ما ذكرا ، وهو تحريف.

٥٤٠