الفقه المنسوب للإمام الرضا عليه السلام

الفقه المنسوب للإمام الرضا عليه السلام

المؤلف:


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: المؤتمر العالمي للامام الرضا عليه السلام
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٤٧
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

الظن بك ١.

وروي أن آخر عبد يؤمر به إلى النار ، يلتفت فيقول : يا رب لم يكن هذا ظني بك ، فيقول ، ما كان ظنك بي ؟ قال : كان ظني بك أن تغفر لي خطيئتي ، وتسكنني جنتك. فيقول الله جل وعز : يا ملائكتي ، وعزتي وجلالي ، وجودي وكرمي ، وارتفاعي في علوي ، ما ظن بي عبدي خيراً ساعة قط ، ولو ظن بي ساعة خيراً ما روعته بالنار ، أجيزوا له كذبه وأدخلوا الجنة ٢.

ثم قال العالم عليه السلام : قال الله عزوجل : ألا لا يتكل العاملون على أعمالهم التي يعملونها لثوابي ، فإنهم لو اجتهدوا وأتعبوا انفسهم واعمارَهم في عبادتي ، كانوا مقصرين غير بالغين في عبادتهم كنه عبادتي ، فيما يطنونه عندي من كرامتي ، ولكن برحمتي فليثقوا ، ومن فضلي فليرجوا ، وإلى حسن الظن بي فليطمئنوا ، وإن رحمتي عند ذلك تدركهم ، ومنتي تبلغهم ، ورضواني ومغفرتي تلبسهم ، فإني أنا الله الرحمن الرحيم ، وبذلك تسميت ٣.

وأروي عن العالم عليه السلام أنه قال : إن الله عزوجل أوحى إلى موسى بن عمران عليه السلام : إن في الحبس رجلين من بني اسرائيل ، أمر بإطلاقهما ، قال : فنظر إلى أحدهما فإذا هو مثل الهدبة ٤ ، فقال له : ما الذي بلغ بك ما أرى منك ؟ قال : الخوف من الله ، ونظر إلى الآخر ، لم يتشعب منه شيء ، فقال له : أنت وصاحبك كنتما في أمر واحد ، وقد رأيت ما بلغ الأمر بصاحبك ، وأنت لم تتغير ، فقال له الرجل : إنه كان ظني بالله جميلاً حسناً ، فقال : يا رب قد سمعت مقالة عبديك ، فأيهما أفضل ؟ قال تعالى : صاحب الظن الحسن أفضل ٥.

وأروي عن العالم عليه السلام : إن الله أوحى إلى موسى بن عمران عليه السلام : يا موسى قل لبني اسرائيل : أنا عند ظن عبدي بي ، فليظن بي ما شاء يجدني عنده.

__________________

١ ـ مشكاة الأنوار : ٣٦.

٢ ـ تفسير القمي ٢ : ٢٦٤ باختلاف يسير.

٣ ـ الكافي ٢ : ٥٠ / ٤ و ٥٨ / ١ ، أمالي الطوسي ١ : ٢١٥.

٤ ـ الهدبة : ما على أطراف الثوب من الخيوط السائبة. انظر « الصحاح ـ هدب ـ ١ : ٢٣٧ ».

٥ ـ مشكاة الأنوار : ٣٦ باختلاف في ألفاظه.

٣٦١



٩٧ ـ باب السخاء

أروي عن العالم عليه السلام أنه قال : السخاء شجرة في الجنّة ، أغصانها في الدنيا ، فمن تعلق بغصن منها أدته إلى الجنة ، والبخل شجرة في النار أغصانها في الدنيا ، فمن تعلق بغصن من أغصانها أدته إلى النار ، أعادنا الله وإياكم من النار ١.

ونروي أن رسول الله صلّى الله عليه وآله قال لعدي بن حاتم : « رفع عن أبيك العذاب الشديد بسخاوة نفسه » ٢.

وروي أن جماعة من الاسارى جاؤا بهم إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله ، فأمر أمير المؤمنين عليه السلام بضرب أعناقهم ، ثم أمر بإفراد واحد لا يقتله ، فقال الرجل : لم أفردتني من أصحابي ، والجنابة واحدة ؟ فقال له : « إن الله ـ تبارك وتعالى ـ أوحى إليّ أنك سخي قومك ولا أقتلك » ، فقال الرجل : إني أشهد أن لا اله إلا الله وأنك محمد رسول الله ، قال : فقاده سخاؤه إلى الجنة ٣.

وروي : الشاب السخي المقترف للذنوب ، أحب الى الله من الشيخ العابد البخيل ٤.

وروي : ما شيء يتقرب به إلى الله ـ جل وعز ـ أحب إليه من إطعام الطعام ، وإراقة الدماء.

وروي : أطيلوا الجلوس عند الموائد ، فإنها أوقات لا تحسب من أعماركم.

__________________

١ ـ الإختصاص : ٢٥٢ ، وورد باختلاف في ألفاظه في أمالي الطوسي ٢ : ٨٩.

٢ ـ الاختصاص : ٢٥٣ باختلاف يسير.

٣ ـ الإختصاص : ٢٥٣ باختلاف يسير.

٤ ـ الإختصاص : ٢٥٣ ، وورد باختلاف في ألفاظه في مشكاة الأنوار : ٢٣٠.

٣٦٢

وروي : لو عملت طعاماً بمائة ألف درهم ، وأكل منه مؤمن واحد ، لم يعد سرفاً.

وأروي عن العالم عليه السلام أنه قال : أطعموا الطعام ، وأفشوا السلام ، وصلوا والناس نيام ، وأدخلوا الجنة بسلام.

وأروي : إياك والسخي ، فإن الله ـ جل وعز ـ يأخذ بيده.

وروي : ان الله ـ تبارك وتعالى ـ يأخذ بناصية السخي إذا اعترّ ١ ، ٢.

( وبالله التوفيق ، وعليه التكلان ، والله أعلم بالصواب ، وأستعين الله في كل الاُمور ، وصلّى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين ) ٣.

__________________

١ ـ اعتر : افتقر « الصحاح ـ عرر ـ ٢ : ٧٤٤ ».

٢ ـ الإختصاص : ٢٥٣.

٣ ـ ما بين القوسين ليس في نسخة « ض ».

٣٦٣



٩٨ ـ باب القناعة

أروي عن العالم عليه السلام أنه قال : من اراد أن يكون أغنى الناس ، فليكن واثقا بما عند الله جل وعز ١.

وروي : فليكن بما في يدي الله أوثق منه مما في يديه ٢.

وأروي عن العالم عليه السلام أنه قال الله سبحانه : ارضَ بما آتيتك تكن أغنى الناس ٣.

وأروي : من قنع شبع ، ومن لم يقنع لم يشبع ٤.

وأروي : ان جبرئيل عليه السلام اهبط إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله فقال : يا رسول الله ، إن الله ـ عزوجل ـ يقرأ عليك السلام ، ويقول لك : إقرأ ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ ) ٥ الآية ، فأمر النبي صلّى الله عليه وآله منادياً ينادي : « من لم يتأدب بأدب الله ، تقطعت نفسه على الدنيا حسرات ».

ونروي : من رضي من الدنيا بما يجزيه ، كان أيسر ما فيها يكفيه ، ومن لم يرض من الدنيا بما يجزيه ، لم يكن شيء منها يكفيه ٦.

( ونروي : ما هلك من عرف قدره ، وما ينكر الناس عن القوت إنما ينكر عن

__________________

١ ـ ورد باختلاف في ألفاظه في الكافي ٢ : ١١٢ / ٨ مشكاة الأنوار : ١٣٠.

٢ ـ الفقيه ٤ : ٢٨٥ / ٨٥٤.

٣ ـ مشكاة الأنوار : ١٣٠.

٤ ـ مشكاة الأنوار : ١٣٠.

٥ ـ الحجر ١٥ : ٨٨.

٦ ـ الكافي ٢ : ١١٣ / ١١ ، مشكاة الأنوار ١٣١.

٣٦٤

العقول ، ثم قال : وكم عسى يكفي الإنسان ) ١ ؟!

ونروي : من رضي من الله باليسير من الرزق ، رضي الله منه بالقليل من العمل ٢.

ونروي : عن النبي صلى الله عليه وآله ، أنه قال : « من سألنا أعطيناه ، ومن استغنى أغناه الله » ٣.

ونروي : إن دخل نفسك شيء من القناعة ، فاذكر معاش رسول الله صلّى الله عليه وآله فإنما كان قوته الشعير ، وحلاوته التمر ، ووقوده السعف إذا وجد ٤.

ونروي : أن رجلاً أتى النبي صلّى الله عليه وآله ليسأله ، فسمعه وهو يقول : « من سألنا أعطيناه ، ومن استغنى أغناه الله » فانصرف ولم يسأله ، ثم عاد إليه فسمع مثل مقالته فلم يسأله ، حتى فعل ذلك ثلاثاً ، فلما كان في اليوم الثالث مضى واستعار فأساً وصعد الجبل فاحتطب ، وحمله إلى السوق فباعه بنصف صاع من شعير ، فأكله هو و عياله ، ثم دام على ذلك حتى جمع ما اشترى به فأساً ، ثم اشترى بكرين وغلاماً وأيسر ، فأتى النبي صلى الله عليه وآله فأخبره فقال : « أليس قد قلنا : من سألنا أعطيناه ، ومن استغنى أغناه الله » ٥.

__________________

١ ـ مابين القوسين ليس في نسخة « ش ».

٢ ـ الكافي ٢ : ١١١ / ٣ باختلاف يسير.

٣ ـ الكافي ٢ : ١١١ / ٢ ، مشكاة الأنوار : ١٣١.

٤ ـ الكافي ٢ : ١١١ / ١ ، مشكاة الأنوار : ١٣٠ باختلاف يسير.

٥ ـ ورد باختلاف في ألفاظه في الكافي ٢ : ١١٢ / ٧.

٣٦٥



٩٩ ـ باب الكفاف

أروي عن العالم عليه السلام أنه قال : يقول الله جل جلاله : إن أغبط عبادي ـ يوم القيامة ـ عبد رزق حظه من صلاحه ، قتّرت في رزقه فصبر ، حتى إذا حضرت وفاته قل تراثه ، وقل بواكيه ١.

ونروي : أن رسول الله صلّى الله عليه وآله قال : « اللهم ارزق محمداً وآل محمد ومن أحبهم ، العفاف والكفاف ، وارزق من أبغض محمداً وآل محمد المال والولد » ٢.

وروي : أن قيماً كان لأبي ذر الغفاري في غنمه ، فقال : قد كثر الغنم وولدت ، فقال : تبشرني بكثرتها ، ما قل وكفي منها أحب إليّ مما كثرو ألهى ٣.

وروي : طوبى لمن آمن وكان عيشه كفافاً ٤.

__________________

١ ـ ورد باختلاف في ألفاظه في الكافي ٢ : ١١٣ / ١.

٢ ـ الكافي ٢ : ١١٣ / ٣ ، نوادر الراوندي : ١٦ ، مشكاة الأنوار : ١٢٥.

٣ ـ مشكاة الأنوار : ١٢٥ باختلاف في ألفاظه.

٤ ـ الكافي ٢ : ١١٣ / ٢ ، وفيه « لمن اسلم » ، نوادر الراوندي : ٤.

٣٦٦



١٠٠ ـ باب اليأس مما في أيدي الناس

أروي عن العالم عليه السلام ، انه قال : اليأس مما في أيدي الناس عز المؤمن في دينه ، ومروته في نفسه ، وشرفه في ديناه ، وعظمته في أعين الناس ، وجلالته في عشيرته ، ومهابته عند عياله ، وهو أغنى الناس عند نفسه وعند جميع الناس.

وأروي : شرف المؤمن قيام الليل ، وعزه استغناؤه عن الناس ١.

وأروي : أن أصل الإنسان لبه ، ودينه نسبه ، ومروته حيث يجعل نفسه ، والناس إلى آدم شرع سواء ، وآدم من تراب.

وأروي : اليأس غنى ، والطمع فقر حاضر.

وروي : من أبدى ضره إلى الناس ، فضح نفسه عندهم.

وأروي عن العالم عليه السلام أنه قال : وقوا دينكم بالإستغناء بالله عن طلب الحوائج ، واعلموا أنه من خضع لصاحب سلطان جائر أو لمخالف ، طلباً لما في يديه من دنياه ، أهمله الله ومقت عليه ووكله إليه ، فإن هو غلب على شيء من ديناه ، نزع الله منه البركة ، ولم ينفعه بشيء في حجته ، ولا غيره من أفعال البر.

وأروي : إذا أراد أحدكم أن لا يسأل ربه شيئاً إلا وأعطاه ، فلييأس من الناس كلهم ، فلا يكون له رجاء إلا عند الله جل وعز ٢.

ونروي : سخاء النفس عما في أيدي الناس ، أكثر من سخاء البدل.

واعلم أن بعض العلماء سمع رجلاً يدعو الله أن يغنيه عن الناس ، فقال : إن الناس لا يستغنون عن الناس ، ولكن أغناك الله عن دناء الناس.

__________________

١ ـ الكافي ٢ : ١١٩ / ١ ، مشكاة الأنوار : ١٢٦.

٢ ـ الكافي ٢ : ١١٩ / ٢ ، أمالي الطوسي ١ : ٣٤.

٣٦٧



١٠١ ـ باب الصبر والكتمان والنصيحة

أروي : أن الصبر على البلاء حسن جميل ، وأفضل منه عن المحارم ١.

وروي : إذا كان يوم القيامة نادى مناد : أين الصابرون ؟ فيقوم عنق من الناس ، فيقال لهم : اذهبوا إلى الجنة بغير حساب ، قال : فتلقاهم الملائكة فيقولون : أي شيء كانت أعمالكم ؟ فيقولون : كنا نصبر على طاعة الله ، ونصبر عن معصية الله ، فيقولون : نعم أجر العالمين ٢.

ونروي : أن في وصايا الأنبياء صلوات الله عليهم : إصبروا على الحق وإن كان مراً ٣.

وأروي : أن اليقين فوق الإيمان بدرجة واحدة ، والصبر فوق اليقين.

ونروي : أنه من صبر للحق ، عوّضه الله خيراً مما صبر عليه.

ونروي : أن الله تبارك وتعالى أوحى إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله. اني آخذك بمداراة الناس ، كما آخذك بالفرائض ٤.

ونروي : أن المؤمن أخذ عن الله جل وعز الكتمان ، وعن نبيه صلّى الله عليه وآله مداراة الناس ، وعن العالم عليه السلام الصبر في البأساء والضراء.

وروي في قول الله عزوجل ( اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) ٥ قال : ( اصْبِرُوا ) على طاعة الله وامتحانه ( وَصَابِرُوا ) قال : الزموا طاعة

__________________

١ ـ مشكاة الأنوار : ٢٢ باختلاف في ألفاظه.

٢ ـ أمالي الطوسي ١ : ١٠٠ باختلاف في ألفاظه.

٣ ـ مشكاة الأنوار : ٢٢ ، باختلاف يسير.

٤ ـ الكافي ٢ : ٩٦ / ٤ باختلاف في ألفاظه.

٥ ـ آل عمران ٣ : ٢٠٠.

٣٦٨

الرسول ومن يقوم مقامه ، ( وَرَابِطُوا ) قال : لا تفارقوا ذلك ـ يعني الأمرين ـ والكل لعل في كتاب الله موجبه ، ومعناها انكم تفلحون.

وأروي عن العالم عليه السلام : الصبر على العافية أعظم من الصبر على البلاء. يريد بذلك أن يصبر على محارم الله ، مع بسك الله عليه في الرزق وتخويله النعم ، وأن يعمل بما أمره الله به فيها.

أروي عن العالم عليه السلام ـ في كلام طويل ـ : ثلاثة لا يغل عليها قلب امرئ مسلم : إخلاص العمل لله عز وجل ، والنصيحة لأئمة المسلمين ، واللزوم لجماعتهم.

وقال : حق المؤمن على المؤمن ، أن يمحضه النصيحة ـ في المشهد والمغيب ـ كنصيحته لنفسه.

ونروي : من مشى في حاجة أخيه فلم يناصحه ، كان كمن حارب الله ورسوله ١.

وأروي : من أصبح لايهتم بأمر المسلمين فليس منهم ٢.

وأروي : لا يقبل الله عمل عبد ، وهو يضمر في قلبه على مؤمن سوءاً.

ونروي : ليس منا من غش مؤمناً أو ضره أو ما كره ٣.

ونروي : الخلق عيال الله ، فأحب الخلق إلى الله ، من أدخل على أهل بيت مؤمن سروراً ٤ ، ومشى مع أخيه في حاجته.

__________________

١ ـ الكافي ٢ : ٢٦٩ / ٢ و ٢٧٠ / ٤ و ٦ باختلاف يسير.

٢ ـ الكافي ٢ : ١٣١ / ١ و ٥.

٣ ـ عيون أخبار الرضا عليه السلام ٢ : ٦٩ / ٢٦.

٤ ـ الكافي ٢ : ١٣١ / ٦ باختلاف يسير.

٣٦٩



١٠٢ ـ باب التواضع والزهد

أروي عن العالم عليه السلام أنه قال : إن الدنيا قد ترحلت مدبرة ، وإن الآخرة قد ترحلت مقبلة ، ولكل واحدة منهما فكونوا من أبناء الاخرة ، ولا تكونوا من أبناء الدنيا ، وكونوا من الزاهدين في الدنيا ، الراغبين في الآخرة ، لأن الزاهدين اتخذوا الأرض بساطاً ، والتراب فراشاً ، والماء ، طيباً ، وقرضوا الدنيا تقريضاً.

ألا ، من اشتاق إلى الجنة سلا عن الشهوات ، ومن أشفق من النار رجع عن المحرمات ، ومن زهد في الدنيا هانت عليه المصيبات.

ألا ، إن الله تعالى عباداً ، شرورهم مأمونة مخزونة ، أنفسهم عفيفة ، وحوائجهم خفيفة ، صبروا أياماً فصارت لهم العقبى راحة طويلة ، [ أمّا ] ١ آناء الليل فصافون على أقدامهم ، وآناء النهار فخلصوا محلصا وهم عابرون يسعون في فكاك رقابهم ، بررة أتقياء ، كأنهم القداح ٢ ، ينظر إليهم الناظر فيقول : مرضى ٣.

وروي عن المسيح عليه السلام ، أنه قال للحواريين : أكلي ما تنبته الأرض للبهائم ، وشربي ماء الفرات بكفي ، وسراجي القمر ، وفراشي التراب ، ووسادتي المدر ، ولبسي الشعر ، ليس لي ولد يموت ، ولا امرأة تحزن ، ولا بيت يخرب ، ولا مال يتلف ، فأنا أغنى ولد آدم ٤.

وأروي عن العالم عليه السلام ، أنه سئل عن قول الله تبارك وتعالى : ( وَكَانَ

__________________

١ ـ أثبتناه من البحار ٧٠ : ٣١٤ / ١٩.

٢ ـ القِداح : جمع قدح وهو السهم ، وهذا كناية عن نحافة اجسامهم وضعفها ، انظر « الصحاح ـ قدح ـ ١ : ٣٩٤ ».

٣ ـ الكافي ٢ : ١٠٧ / ١٥ باختلاف يسير.

٤ ـ مشكاة الأنوار : ١٢٧ باختلاف يسير.

٣٧٠

تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا ) ١ فقال : والله ، ما كان ذهباً ولا فضة ، ولكنه كان لوحاً مكتوباً عليه أربعة أحرف : أنا الله لا إله إلا أنا ، من أيقن بالموت لم يضحك سنه ، ومن أيقن بالحساب لم يفرح قلبه ، ومن أيقن بالقدر علم أنه لا يصيبه إلا ما قدر عليه ٢.

وأروي عن العالم عليه السلام : من طاب نفسه إذا رغب ، وإذا رهب ، وإذا اشتهى ، وإذا غضب ، حرم الله جسده على النار ٣.

ونروي : لا يصلح المؤمن إلا بثلاث خصال : الفقه في الدين ، والتقدير في المعيشة ، والصبر على النائبة ٤.

وروي : أن الوحي احتبس على موسى بن عمران عليه السلام ثلاثين صباحاً ، فصعد على جبل بالشام ، فأقبل يتضور ٥ عليه ، ثم قال : يا رب ، لم حسبت عليّ وحيك وكلامك ، بذنب أذنبته ، فها أنا بين يديك ، فاقبض لنفسك رضاها ، وإن كنت حبست عني وحيك بذنوب بني إسرائيل ، فغفرانك القديم.

فأوحى إليه جل وعز : يا موسى أتدري لم خصصتك بوحيي وبكلامي ؟ قال : لا علم لي يا رب ، قال : يا موسى ، اني اطلعت إلى خلقي اطلاعة ، فلم أر فيهم أشد تواضعاً منك ، وكان موسى عليه السلام إذا صلى لا ينفتل حتى يلصق خده الأيمن والأيسر بالارض ٦.

وسألت العالم عليه السلام عن أزهد الناس ؟ فقال : الذي لا يطلب المعدوم حتى ينفد الموجود.

في حكمة آل داود عليه السلام : ينبغي أن لا ترى طاعة إلا في ثلاث : مرمة لمعاش ٧ ، أو لذة في غير محرم ، أو تزود لمعاد.

__________________

١ ـ الكهف ١٨ : ٨٢.

٢ ـ تفسير العياشي ٢ : ٣٣٨ / ٦٦ ، مشكاة الأنوار : ١٢ باختلاف يسير.

٣ ـ مشكاة الأنوار : ٣٠٧ باختلاف يسير.

٤ ـ الفقيه ٣ : ١٠٢ / ٤٠٥ ، الخصال ١٢٤ / ١٢٠ ، الكافي ٥ : ٨٧ / ٤ باختلاف يسير.

٥ ـ في نسخة « ش » و « ض » : « يتصور » والظاهر أنه تصحيف « يتضور » والتضور : الصياح والتلوي « الصحاح ـ ضور ـ ٢ : ٧٢٣ ».

٦ ـ علل الشرائع : ٥٦ / ٢ ، الزهد : ٥٨ / ١٥٣ باختلاف في بعض ألفاظه.

٧ ـ مرمة المعاش : إصلاحه « الصحاح ـ رمم ـ ٥ : ١٩٣٦ ».

٣٧١

وروي : الكبر رداء الله ، من نازع الله رداءه قصمه ١.

وروي : ان ملكين موكلان بالعباد ، فمن تواضع رفعاه ، ومن تكبر وضعاه ٢.

وأروي عن العالم عليه السلام ، أنه قال : عجباً للمتكبر الفخور ، الذي كان بالأمس نطفة ، وهو غداً جيفة ٣! والعجب كل العجب ، لمن شك في الله وهو يرى الخلق ! والعجب لمن أنكر الموت ، وهو يرى من يموت كل يوم وليلة ! ولمن لم يذكر الآخرة هو يرى النشأة الاولى ! لمن عمل لدار الفناء وهو يرى دار البقاء !

وروي : ان الله أوحى إلى بعض عبّاد بني إسرائيل ، وقد دخل قلبه شيء : أما عبادتك لي فقد تعززت بي ، وأما زهدك في الدنيا فقد تعجلت الراحة ، فهل واليت لي ولياً ؟ أو عاديت لي عدواً ؟ ثم أمر به إلى النار ، نعوذ بالله منها.

ونروي : أن أيوب عليه السلام ، لما جهده البلاء قال : لأقعدن مقعد الخصم ، فأوحى الله إليه : تكلم ، فجثى على الرماد وقال : يا رب إنك تعلم أنه ما عرض لي أمران قط ـ كلاهما لك فيه رضى ـ الا اخترت أشدهما على بدني ، فنودي من غمامة بيضاء بستة آلاف لغة : فلمن المن ؟ فوضع الرماد على رأسه وخرسا جداً ينادي : لك المن سيدي مولاي ، فكشف الله ضره.

__________________

١ ـ الكافي ٢ : ٢٣٤ / ٥ ، الزهد : ٦٢ / ١٦٤ ، مشكاة الأنوار : ٢٢٧ باختلاف يسير.

٢ ـ الكافي ٢ : ٩٩ / ٢ ، الزهد ٦٢ / ١٦٣ ، مشكاة الأنوار : ٢٢٧.

٣ ـ الكافي ٢ : ٢٤٧ / ١ ، مشكاة الأنوار : ٢٢٧ باختلاف يسير.

٣٧٢



١٠٣ ـ باب المعروف

أروي عن العالم عليه السلام أنه قال : أهل المعروف في الدنيا أهل المعروف في الآخرة ١ ، لأن الله جل وعز يقول لهم : قد غفرت لكم ذنوبكم تفضلاً عليكم ، لأنكم كنتم أهل المعروف في الدنيا ، وبقيت حسناتكم فهبوها لمن تشاؤن ، فتكونوا بها أهل المعروف في الآخرة.

وقال : إن الله عباداً يفزع العباد إليهم في حوائجهم ، أولئك الآمنون ، كل معروف صدقة ، فقلت له : يا ابن رسول الله صلى الله عليه وآله ، وإن كان غنياً ؟ فقال : وإن كان غنياً.

وأروي : المعروف كاسمه ، وليس شيء أفضل منه إلا ثوابه ، وهو هدية من الله إلى عبده المؤمن ، وليس كل من يحب أن يصنع المعروف إلى الناس يصنعه ، ولا كل من رغب فيه يقدر عليه ، ولا كل من يقدر عليه يؤذن له فيه ، فإذا منّ الله على العبد المؤمن ، جمع الله له الرغبة والقدرة والإذن ، فهناك تجب السعادة ٢.

ونروي عن النبي صلى الله عليه وآله : « من أدخل على مؤمن فرحاً ، فقد أدخل عليّ فرحاً ، ومن أدخل عليّ فرحاً ، فقد اتخذ عند الله عهداً ، ومن اتخذ عند الله عهداً ، جاء من الآمنين يوم القيامة ».

وروي : اصطنع المعروف إلى أهله وإلى غير أهله ، فأن لم يكن من أهله فكن

__________________

١ ـ الفقيه ٢ : ٣٠ / ١٠٨ ، أمالي الصدوق : ٢١٠ / ٥ ، ثواب الأعمال : ٢١٧ ، الكافي ٤ : ٢٩ / ٢ و ٣ و ٤ ، الزهد : ٣٠ / ٧٧ ، امالي الطوسي ٢ : ٢١٦ ، كشف الغمة ٢ : ٤٢٠.

٢ ـ ورد باختلاف في ألفاظه في الفقيه ٢ : ٣٠ / ١١٣ ، والكافي ٤ : ٢٦ / ٣.

٣٧٣

أنت من أهله ١.

وروي : لا يتم المعروف إلا بثلاث خصال : تعجيله ، وتصغيره ، وستره ، فإذا عجلته هنأته ، وإذا صغرته عظمته ، وإذا سترته أتممته ٢.

وروي : إذا سألك أخوك حاجة ، فبادر بقضائها قبل استغنائه عنها.

ونروي عن الصادق عليه السلام أنه قال : « من سر مؤمناً فقد سرني ، ومن سرني فقد سر رسول الله صلى الله عليه وآله ، ومن سر رسول الله صلى الله عليه وآله فقد سر الله ، ومن سر الله أدخله الجنة » ٣.

__________________

١ ـ عيون أخبار الرضا عليه السلام ٢ : ٣٥ / ٧٦ و ٩٦ / ٣١٧ ، الكافي ٤ : ٢٧ / ٦ ، الزهد ٣٢ / ٨٣ باختلاف يسير.

٢ ـ الفقيه ٢ : ٣١ / ١١٨ ، الخصال : ١٣٣ / ١٤٣ ، الكافي ٤ : ١٣٠ / ١ باختلاف في ألفاظه.

٣ ـ اعلام الدين : ٧٩.

٣٧٤



١٠٤ ـ باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

أروي عن العالم عليه السلام أنه قال : إنما هلك من كان قبلكم بما عملوا من المعاصي ، ولم ينههم الربانيون والأحبار عن ذلك ١.

إن الله جل وعلا بعث ملكين إلى مدينة ليقلباها على أهلها ، فلما انتهيا إليها وجدا رجلاً يدعو الله ويتضرع اليه ، فقال أحدهما لصاحبه : أما ترى هذا الرجل الداعي ؟ فقال له : رأيته ، ولكن أمضي الى ما أمرني به ربي ، فقال الآخر : ولكني لا أحدث شيئاً حتى أرجع ، فعاد إلى ربه فقال : يا رب إني انتهيت إلى المدينة فوجدت عبدك فلاناً يدعو ويتضرع إليك ، فقال عزوجل : إمض لما أمرتك ، فإن ذلك رجل لم يتغير وجهه غضباً لي قط ٢.

وأروي : أن رجلاً سأل العالم عليه السلام عن قول الله عزوجل : ( قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا ) ٣ قال : يأمرهم بما أمرهم الله ، وينهاهم عما نهاهم ، فإن اطاعوا كان قد وقاهم ، وإن عصوه كان قد قضى ما عليه ٤.

وروي : أن أمير المؤمنين عليه السلام كان يخطب ، فعارضه رجل فقال : يا أميرالمؤمنين حدثنا عن ميت الأحياء فقطع الخطبة ثم قال : « منكر للمنكر بقلبه ولسانه ويديه ، فخلال الخير حصلها كلها ، ومنكر للمنكر بقلبه ( ولسانه تارك له بيده ، فخصلتان من خصال الخير حاز ، ومنكر للمنكر بقلبه ) ٥ وتارك بلسانه ويده ، فخلة من

__________________

١ ـ الكافي ٥ : ٥٧ / ٦ ، الزهد : ١٠٥ / ٢٨٨.

٢ ـ الزهد : ٦٤ / ١٧١ ، الكافي ٥ : ٥٨ / ٨ ، أمالي الطوسي ٢ : ٢٨٢.

٣ ـ التحريم ٦٦ : ٦.

٤ ـ الكافي ٥ : ٦٢ / ٢ ، تفسير القمي ٢ : ٣٧٧ باختلاف في ألفاظه.

٥ ـ ما بين القوسين ليس في نسخة « ض ».

٣٧٥

خلال الخير حاز ، وتارك للمنكر بقلبه ولسانه ويده ، فذلك ميت الأحياء » ثم عاد إلى خطبته عليه السلام.

ونروي : أن رجلاً جاء إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله فقال : أخبرني ما أفضل الأعمال ؟ فقال : « الإيمان بالله » قال : ثم ماذا ؟ قال : « صلة الرحم » قال : ثم ماذا ؟ قال : « الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر » ( قال الرجل : وأي الاعمال أبغض منها ؟ قال : « الشرك بالله » قال : ثم ماذا ؟ قال : « قطيعة الرحم » قال : ثم ماذا ؟ قال : « الأمر بالمنكر والنهي عن العروف » ) ١.

ونروي أن صبيين توثبا على ديك ، فنتفاه فلم يدعا عليه ريشه ، وشيخ قائم يصلي ـ لا يأمرهم ولا ينهاهم ـ فأمر الله الأرض فابتلعته ٢.

وأروي عن العالم عليه السلام أنه قال : إنما يؤمر بالمعروف ويُنهى عن المنكر : مؤمن فيستيقظ ٣ ، أو جاهل فيتعلم ، أما صاحب سيف وسوط فلا ٤.

نروي : حسب المؤمن عيباً إذا رأى منكراً أن لا يعلم من قلبه أنه له كاره.

وأروي عن العالم عليه السلام : أن الله عزوجل قال : ويل للذين يجتلبون الدنيا بالدين ، وويل للذين يقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس ، وويل للذين إذا المؤمن فيهم يسير بالعدل يعتدون وعليه يجترؤن ، ولا يهتدون ، لأتيحنّ لهم فتنة تترك ٥ الحكيم فيهم حيراناً.

ونروي من أعظم الناس حسرة يوم القيامة ، من وصف عدلاً فخالفه إلى غيره ٦.

ونروي في قول الله تعالى : ( فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ ) ٧ قال : هم قوم وصفوا

__________________

١ ـ الكافي ٥ : ٥٨ / ٩ ، وما بين القوسين ليس في نسخة « ض ».

٢ ـ ورد باختلاف في ألفاظه ومفصلا في امالي الطوسي٢ : ٢٨٢.

٣ ـ في نسخة « ض » : « فيتعظ ».

٤ ـ الكافي ٥ : ٦٠ / ٢ ، الخصال : ٣٥ / ٩.

٥ ـ في نسخة « ض » : ولا يهتدون ولا يتحالهم فتنة وينزل ، وفي « ش » : ولا يهتدون وينزل ، وما أثبتناه من البحار ١٠٠ : ٨٢ / ٨٣.

٦ ـ الكافي ٢ : ٢٧ / ٣ و ٥.

٧ ـ الشعراء ٢٦ : ٩٤.

٣٧٦

بألسنتهم ثم خالفوه إلى غيره ١ ، فسئل عن معنى ذلك ، فقال : إذا وصف الإنسان عدلاً خالفه إلى غيره ، فرأى يوم القيامة الثواب الذي هو واصفه لغيره ، عظمت حسرته.

__________________

١ ـ الكافي ٢ : ٢٧ / ٤ ، الزهد : ٦٨ / ١٨١.

٣٧٧



١٠٥ ـ باب النيات وأن نية المؤمن خير من عمله لأنه ينوي خيراً من علمه

أروي عن العالم عليه السلام أنه قال : نية المؤمن خير من عمله لأنه ينوي خير من عمله ، ونية الفاجر شر من عمله ، وكل يعمل على نيته ١.

ونروي : نية المؤمن خير من عمله ، لأنه ينوي من الخير مالا يطيقه ٢ ولا يقدر عليه ٣.

وروي : من حسنت نيته ، زاد الله في رزقه ٤.

وسألت العالم عليه السلام عن قول الله : ( خُذُوا مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ ) ٥ قوة الأبدان أم قوة القلب ؟ فقال : جميعاً ٦ وقال : لا قول إلا بعمل ، ولا عمل إلا بالنية ، ولانية إلا بإصابة السنة ٧.

ونروي : حسن الخلق سجية ونية ، وصاحب النية أفضل.

ونروي : ما ضعفت نية عن نية.

وأروي عنه : نية المؤمن خير من عمله ، فسألته عن معنى ذلك ، فقال : العمل

__________________

١ ـ الكافي ٢ : ٦٩ / ٢ ، المحاسن : ٢٦٠ / ٣١٥ باختلاف في ألفاظه.

٢ ـ في نسخة « ش » : « يستطيعه ».

٣ ـ علل الشرائع : ٥٢٤ / ٢ باختلاف يسير.

٤ ـ الخصال : ٨٨ / ٢١ ، المحاسن : ٢٦١ / ٣١٨ ، أمالي الطوسي ١ : ٢٥٠.

٥ ـ البقرة ٢ : ٦٣ و ٩٣ والاعراف ٧ : ١٧١.

٦ ـ المحاسن : ٢٦١ / ٣١٩.

٧ ـ المحاسن : ٢٢٢ / ١٣٤ ، الكافي ١ : ٥٦ / ٩.

٣٧٨

يدخله الرياء ، والنية لا يدخلها الرياء ١.

وسألت العالم عليه السلام عن تفسير : نية المؤمن خير من عمله ، قال : انه ربما انتهت بالإنسان حالة من مرض أو خوف ، يفارقه العمل ومعه نيته ، فلذلك الوقت نية المؤمن خير من عمله.

وفي وجه آخر : أنها لا تفارق عقله أو نفسه ، والأعمال قد تفارقه قبل مفارقة العقل والنفس.

__________________

١ ـ علل الشرائع : ٥٢٤ / ١ باختلاف في الفاظه.

٣٧٩



١٠٦ ـ باب التفكر والإعتبار والهم في الدين والإخلاص واليقين والبصيرة والتقوى والخوف والرجاء والطاعة لله عزوجل

أروي عن العالم عليه السلام أنه قال : طوبى لمن كان صمته فكراً ، ونظره عبراً ، ووسعه بيتة ، وبكى على خطيئة ، سلم الناس من لسانه ويده ١.

وأروي : فكر ساعة خير من عبادة سنة ، فسألت العالم عليه السلام عن ذلك ، فقال : تمر بالخربة وبالديار القفار فتقول أين بانوك ؟ أين سكانك ، مالك لا تتكلمين ؟ ٢ ليست العبادة كثرة الصلاة والصيام ، العبادة التفكر في أمر الله جل وعلا ٣.

وأروي : التفكر مرآتك ، تريك سيئاتك وحسناتك.

ونروي أن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رأى بعض أصحابه منصرفاً من بعث كان بعثه فيه ، وقد انصرف بشعثه وغبار سفره وسلاحه عليه يريد منزله ، فقال صلى الله عليه وآله وسلم : « انصرف من الجهاد الاصغر إلى الجهاد الأكبر » فقيل له : أو جهاد فوق الجهاد بالسيف ؟ قال : « نعم ، جهاد المرء نفسه » ٤.

ونروي في قول الله تبارك وتعالى : ( فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ ) ٥ قبل أن يُعتبر بكم.

__________________

١ ـ الاختصاص : ٢٣٢ ، مشكاة الانوار : ٣٧.

٢ ـ الكافي ٢ : ٤٥ / ٢ ، المحاسن : ٢٦ / ٥ ، مشكاة الانوار ، وفيها « ليلة » بدل « سنة ».

٣ ـ تحف العقول : ٣٦٧.

٤ ـ ورد باختصار في معاني الأخبار : ١٦٠ / ١ ، وأمالي الصدوق : ٣٧٧ / ٨ ، والكافي ٥ : ١٢ / ٣ ، والاختصاص : ٢٤٠.

٥ ـ الحشر ٥٩ : ٢.

٣٨٠