الفقه المنسوب للإمام الرضا عليه السلام

الفقه المنسوب للإمام الرضا عليه السلام

المؤلف:


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: المؤتمر العالمي للامام الرضا عليه السلام
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٤٧
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة



٥٢ ـ باب الصناعات

إعلم ـ يرحمك الله ـ أن كل ما يتعلمه العباد من أصناف الصنائع ، مثل : الكتّاب ، والحساب ، والتجارة ، والنجوم ، والطب ، وسائر الصناعات ، والأبنية ، والهندسة ، والتصاوير ما ليس فيه مثال الروحانيين ، وأبواب صنوف الآلات التي يحتاج إليها مما فيه منافع وقوام المعايش ، وطلب الكسب ، فحلال ، كله تعليمه والعمل به وأخذ الاُجرة عليه ، وإن قد تصرف بها في وجوه المعاصي أيضاً مثل استعمال ما جعل للحلال ثم يصرف إلى أبواب الحرام ، في مثل معاونة الظالم ، وغير ذلك من أسباب المعاصي ، مثل الإناء والأقداح وما أشبه ذلك ، ولعلة ما فيه من المنافع جائز تعليمه وعمله ، وحرم على من يصرفه إلى غير وجوه الحق والصلاح التي أمر الله بها دون غيرها.

اللهم إلا أن يكون صناعة محرمة أو منهياً عنها مثل : الغناء ، وصنعة الامة ، وبناء البيعة والكنائس وبيت النار ، وتصاوير ذوي الأرواح على مثال الحيوان أو الروحاني ، ومثل صنعة الدف والعود وأشباهه ، وعمل الخمر والمسكر والآلات التي لا تصلح في شيء من المحللات ، فحرام عمله وتعليمه ولا يجوز ذلك ، وبالله التوفيق ١.

__________________

١ ـ ورد باختلاف في ألفاظه في تحف العقول : ٢٩٤.

٣٠١



٥٣ ـ باب اللباس وما يكره فيه الصلاة ، والدم والنجاسات ، وما يجوز فيه الصلاة

إعلم ـ يرحمك الله ـ أن كل شيء أنبتته الأرض فلا بأس بلبسه ، والصلاة فيه ١.

وكل شيء حل أكل لحمه ، فلا بأس بلبس جلده الذكي وصوفه وشعره ووبره وريشه وعظامه ، وإن كان الصوف والوبر والشعر والريش من الميتة وغير الميتة ـ بعد ما يكون مما أحل الله أكله ـ فلا بأس به ٢.

وكذلك الجلد ، فإن دباغته طهارته.

وقد يجوز الصلاة فيما لم تنبته الأرض ولم يحل أكله ، مثل : السنجاب ، والفنك ، والسمور ٣ ، والحواصل ، وإذا كان الحرير فيما لايجوز في مثله وحده الصلاة مثل : القلنسوة من الحرير ، والتكة من الابريشم ، والجورب والخفان والران ٤ وجاجيلك ، يجوز الصلاة فيه ولابأس به ٥.

وكل شيء يكون غذاء الإنسان في المطعم والمشرب ، من الثمر والكثر ٦ والسكر فلا يجوز الصلاة عليه ، ولا على ثياب القطن ، والكتان ، والصوف ، والشعر ، والوبر ، ولا على الجلد إلا على شيء لا يصلح للملبس فقط ، فهو مما يجوز وأحسن منه الارض إلا

__________________

١ ـ تحف العقول : ٢٥٢.

٢ ـ تحف العقول : ٢٥٢ باختلاف يسير.

٣ ـ ورد مؤداه في المقنع : ٢٤ ، وكذلك في الفقيه ١ : ١٧٠ عن رسالة أبيه. من « وقد يجوز الصلاة ... ».

٤ ـ الران : حذاء كالخف لاقدم له وهو أطول من الخف « القاموس المحيط ـ رين ـ ٤ : ٢٣٠ ».

٥ ـ ورد مؤداه في التهذيب ٢ : ٣٥٧ / ١٤٧٨ و ١٤٧٩ و ٣٥٨ / ١٤٨٢.

٦ ـ الكثر : جمّار النخل أو طلعه « القاموس المحيط ـ كثر ـ ٢ : ١٢٥ ».

٣٠٢

أن يكون في حال الضرورة ١.

وذكاة الحيوان ذبحه ، وذكاة الجلود الميتة دباغته.

أروي عن العالم عليه السلام : أن قليل الدم وكثيره إذا كان مسفوحاً سواء ، وما كان رشحاً أقل من مقدار درهم جازت الصلاة فيه ، وما كان أكثر من درهم غسل.

وروي في دم دماميل يصيب الثوب والبدن ، أنه قال : يجوز فيه الصلاة ٣.

وأروي ٤ أنه لايجوز.

وروي ٥ أنه لابأس بدم البعوض والبراغيث ٦.

وأروي : دمك ليس مثل دم غيرك ٧.

ونروي : قليل البول والغائط والجنابة وكثيرها سواء ، لابد من غسله إذا علم به ، فإذا لم يعلم به أصابه أم لم يصبه رشّ على موضع الشك الماء.

فإن تيقن أن في ثوبه نجاسة ، ولم يعلم في أي موضع على الثوب ، غسله كله ٨.

ونروي أن بول مالا يجوز أكله في النجاسة ذلك حكمه ، وبول ما يؤكل لحمه فلا بأس به ٩.

وما وقعت الشمس عليه من الأماكن ـ التي اصابها شيء من النجاسة مثل البول وغيره ـ طهرتها ١٠.

__________________

١ ـ ورد مؤداه في الفقيه ١ : ١٧٤ عن رسالة أبيه ، والمقنع : ٢٥ ، تحف العقول : ٢٥٢.

٢ ـ ورد مؤداه في الفقيه ١ : ١٦١ / ٧٥٨ ، والكافي ٣ : ٥٩ / ٣ ، والاستبصار ١ : ١٧٥ / ٦٠٩ ، والتهذيب ١ : ٢٥٤ / ٧٣٦.

٣ ـ ورد مؤداه في التهذيب ١ : ٢٥٨ / ٧٤٧ ، والاستبصار ١ : ١٧٧ / ٦١٦ ، والكافي ٣ : ٥٨ / ١.

٤ ـ في نسخة « ض » : « وأرى ».

٥ ـ في نسخة « ض » : « وأرى ».

٦ ـ ورد مؤداه في الكافي ٣ : ٦٠ / ٨ و ٩ ، والتهذيب ١ : ٢٥٥ / ٧٤٠.

٧ ـ ورد مؤداه في الكافي ٣ : ٥٩ / ٧.

٨ ـ ورد مؤداه في الكافي ٣ : ٥٣ / ١ و ٥٤ / ٣ و ٤.

٩ ـ ورد مؤداه في الكافي ٣ : ٥٧ / ١ و ٢ و ٣.

١٠ ـ ورد مؤداه في الفقيه ١ : ١٥٧ / ٧٣٢ ، والتهذيب ١ : ٢٧٣ / ٨٠٤.

٣٠٣

وأما الثياب فلا تطهر إلا بالغسل ، والله أعلم والحكم ١.

__________________

١ ـ ورد مؤداه في التهذيب ١ : ٢٥٠ / ٧١٧ و ٢٥١ / ٧٢١ و ٧٢٢.

٣٠٤



٥٤ ـ باب العتق والتدبير والمكاتبة

أروي عن العالم عليه السلام أنه قال : لا عتق إلا لمؤمن ، من أعتق رقبة مؤمنة ـ أنثى كانت أو ذكراً ـ أعتق الله بكل عضو من أعضائه عضواً منه من النار ١.

وصفة كتاب العتق : بسم الله الرحمن الرحيم ، ان فلان بن فلان أعتق فلاناً أو فلانة ، غلامه أو جاريته ، لوجه الله لا يريد منه جزاء ولا شكوراً ، على أن يقيم الصلاة ، ويؤتي الزكاة ، ويحج البيت ، ويصوم شهر رمضان ، ويتولى أولياء الله ، ويتبرأ من أعداء الله ٢.

ولا يكون العتق إلا لوجه الله خالصة ، ولا عتق لغير الله ٣.

ولا يمين في استكراه ، ولا على سكر ، ولا على عصبية ، ولا على معصية ٤.

والتدبير أن يقول الرجل لعبده أو لأمته : أنت مدبر في حياتي ، وحر بعد موتي ، على سبيل العتق لا يريد بذلك ٥ إلا ما شرحناه.

والمدبَر مملوك للمدبِر ، فإن كان مؤمناً لم يجز له بيعه ، وإن لم يكن مؤمناً جاز بيعه متى ما أراد المدبّر ، وما دام هو حي لا سبيل لأحد عليه.

ونروي أن المدبّر إذا باع المدبَّر ، أن يشترط على المشتري أن يعتقه عند موته.

والمكاتب حكمه في الرق والمواريث حكم الرق ، إلى أن يؤدي النصف من مكاتبته ، فإذا أدى النصف صارحكمه حكم الأحرار ، لأن الحرية إذا صارت والعبودية ،

__________________

١ ـ الفقيه ٣ : ٦٦ / ٢١٩ ، المقنع : ١٥٥ باختلاف في ألفاظه.

٢ ـ المقنع : ١٥٥ باختلاف يسير.

٣ ـ ورد مؤداه في المقنع : ١٥٧.

٤ ـ ورد مؤداه في الكافي ٧ : ٤٤٠ / ٤ ، والفقيه ٣ : ٢٣٥ / ١١٠٩.

٥ ـ في نسخة « ض » زيادة : « الاضرار ».

٣٠٥

سواء غلبت الحرية على العبودية ، فصار حراً في نفسه ، وأنه إذا أعتق عتقاء جاز ، فإن شرط أنهم أحرار فالشرط أملك ، وعلى ما بقي من المكاتبة أداه حتى يستتم ما وقعت المكاتبة عليه ، وإنما بلغت الحرية في النصف وما بعده إذا لم يمكنه أداء ما يبقى عليه ، فكان ممنوعاً من البيع ، وإن مات اجري مجرى الأحرار ، وبالله التوفيق.

٣٠٦



٥٥ ـ باب الشهادة

ونروي ١ أنه من ولد على الفطرة ولم يعرف منه جرم ، فهو عدل وشهادته جائزة ٢.

فأروي عن العالم عليه السلام أنه قال : من كتم شهادته أو شهد إثماً ، ليهدر دم رجل مسلم أو ليتوي ٣ ماله ، أتى يوم القيامة ولوجهه ظلمة مد البصر ، وفي وجهه كدوح ٤ ، يعرفه الخلائق باسمه ونسبه. ومن شهد شهادة حق ليخرج بها حقاً لامرئ مسلم ، أو ليحقن بها دمه ، أتى يوم القيامة ولوجهه نور مد البصر ، يعرفه الخلائق باسمه ونسبه ٥.

وأروي عن العالم عليه السلام أنه قال : من شهد على مؤمن بما يثلمه أو يثلم ماله أو مرؤته ، سماه الله كاذباً وإن كان صادقاً ، وإن شهد له بما يحيي ما له أو يعينه على عدوه أو يحقن دمه ، سماه الله صادقاً وإن كان كاذباً ٦.

ومعنى ذلك أن يشهد له ويشهد عليه ، فيما بينه وبين مخالف ، فأما بينه وبين موافق فليشهد له وعليه بالحق.

وأروي عن العالم عليه السلام أنه قال : لايجوز شهادة ظنين وحاسد ، ولا باغ ،

__________________

١ ـ في نسخة « ش » : « روي ».

٢ ـ ورد مؤداه في الفقيه ٣ : ٢٨ / ٨٣ ، وأمالي الصدوق : ٩١ / ٣.

٣ ـ التوى : هلاك المال « الصحاح ـ توى ـ ٦ : ٢٢٩٠ ».

٤ ـ الكدوح : جمع كدح ، وهو الخدش والجرح « الصحاح ـ كدح ـ ١ : ٣٩٨ ».

٥ ـ الفقيه ٣ : ٣٥ / ١١٤ ، عقاب الأعمال : ٢٦٨ / ٣ ، الكافي ٧ : ٣٨٠ / ١ ، والتهذيب ٦ : ٢٧٦ / ٧٥٦ باختلاف يسير.

٦ ـ عوالي اللآلي ١ : ٣١٤ / ٣٥ عن كتاب التكليف لابن أبي العزاقر.

٣٠٧

ولا متهم ، ولا خصم ، ولا متهتك ، ولا مشهور ١.

وبلغني عن العالم عليه السلام أنه قال : إذا كان لأخيك المؤمن على رجل ٢ حق ، فدفعه عنه ولم يكن له من البينة إلا واحدة وكان الشاهد ثقة فسألته عن شهادته ، فإذا أقامها عندك شهدت معه عند الحاكم على مثال ما شهد ، لئلا يتوى حق امرئ مسلم ٣.

ولا يجوز شهادة النساء في الطلاق ، ولا رؤية هلال ، ولا حدود ، ويجوز في الديون ، وما لايستطيع الرجل أن ينظر إليه ٤.

أروي عن العالم عليه السلام أنه يجوز في الدم ، والقسامة ، والتدبير.

وروي أنه يجوز شهادة امرأتين في استهلال الصبي.

ونروي أنه يجوز شهادة القابلة وحدها ٥.

ونروي أنه لا يجوز شهادة عرّاف ولا كاهن ٦ ، ويجوز شهادة المسلمين في جميع أهل الملل ، ولايجوز شهادة أهل الذمة على المسلمين ٧.

__________________

١ ـ وردت بعض فقراته في الفقيه ٣ : ٢٥ / ٦٦ ، والهداية : ٧٥ ، والكافي ٧ : ٣٩٥ / ٣ ، من « لايجوز شهادة ... ».

٢ ـ في نسخة « ش » : « أحد ».

٣ ـ عوالي اللآلي ١ : ٣١٥ / ٣٦ عن كتاب التكليف لابن أبي العزاقر باختلاف يسير.

٤ ـ المقنع : ١٣٥ ، المختلف : ١٦٠ عن علي بن بابويه وفيهما اجازة شهادة النساء في الحدود ، وقد مر في ص : ٢٦٢ ما نصه : « ولاتقبل في الطلاق ولا في رؤية الهلال. وتقبل في الحدود ».

٥ ـ ورد مؤداه في الكافي ٧ : ٣٩٠ / ١ و ٢ و ٣٩٢ / ١٢ و ١٣ ، ودعائم الاسلام ٢ : ٥١٤ / ١٨٤٣.

٦ ـ ورد مؤداه في الفقيه ٣ : ٣٠ / ٩١ وفيه حكم العراف فقط.

٧ ـ الهداية : ٧٥ باختلاف يسير.

٣٠٨



٥٦ ـ باب النوادر في الحدود

أروي عن العالم عليه السلام أنه قال : حبس الإمام بعد الحد ظلم ١.

وأروي أنه قال : كل شيء وضع الله فيه حداً ، فليس من الكبائر التي لا يغفر.

وقال العالم ٢ : لا يعفى عن الحدود التي لله عزوجل دون الإمام ، فإنه مخير إن شاء عفا وإن شاء عاقب ، فاما ما كان من حق بين الناس فلا بأس أن يعفى عنه دون الإمام قبل أن يبلغ الإمام ، وما كان من الحدود لله ـ جل وعز ـ دون الناس ، مثل : الزنا ، واللواط ، وشرب الخمر ، فالإمام مخير فيه إن شاء عفا وإن شاء عاقب ، وما عفا الإمام عنه فقد عفا الله عنه ٣ ، وما كان بين الناس فالقصاص أولى.

وكان أميرالمؤمنين عليه السلام يولي الشهود في إقامة الحدود.

وإذا أقر الإنسان بالجرم الذي فيه الرجم ، كان أول من يرجمه الإمام ثم الناس.

وإذا قامت البينة ، كان أول من يرجمه البينة ، ثم الإمام ، ثم الناس ٤.

أصحاب الكبائر كلها إذا اُقيم عليهم الحد مرتين ، قتلوا في الثالثة ٥ ، وشارب الخمر في الرابعة. وإن شرب الخمر في شهر رمضان جلد مائة : ثمانون لحد الخمر ، وعشرون لحرمة شهر رمضان ٦.

من أتى بهيمة عزر ، والتعزير ما بين بضعة عشر سوطاً إلى تسعة وثلاثين ،

__________________

١ ـ التهذيب ٦ : ٣١٤ / ٨٧٠.

٢ ـ ليس في نسخة « ض » ، وكذا في الموردين الآتيين.

٣ ـ ورد مؤداه في الكافي ٧ : ٢٥٢ / ٤ ، من « لا يعفى عن الحدود ... ».

٤ ـ ورد مؤداه في الفقيه ٣ : ٢٦ / ٦٢ ، والكافي ٧ : ١٨٤ / ٣ من « وكان امير المؤمنين عليه السلام ... ».

٥ ـ الفقيه ٤ : ٥١ / ١٨٢ ، الكافي ٧ : ١٩١ / ٢ ، التهذيب ١٠ : ٦٢ / ٢٢٨.

٦ ـ ورد مؤداه في الفقيه ٤ : ٤٠ / ١٣٠ و ١٣١ ، والكافي ٧ : ٢١٦ / ١٥ و ٢١٨ / ٤.

٣٠٩

والتأديب ما بين ثلاثة إلى عشرة.

وإن قامت بينة على قواد جلد خمسة وسبعين ، ونفي عن المصر الذي هو فيه ١ ، وروي أن النفي هو الحبس سنة أو يتوب.

قلت : لا حد على مجنون حتى يفيق ، ولا على صبي حتى يدرك ، ولا على النائم حتى يستيقظ ٢ ، ومن تخطى حريم قوم حل قتله ٣.

قال العالم عليه السلام : اُتي أميرالمؤمنين عليه السلام بصبي قد سرق ، فأمر بحك أصابعه على الحجر حتى خرج الدم ، ثم اُتي به ثانية وقد سرق ، فأمر بأصابعه فشرطت ، ثم اُتي به ثالثة وقد سرق ، فقطع أنامله.

وقال العالم عليه السلام : إذا زنى المملوك جلد نصف الحد ٤ ، وإذا قذف الحر جلد ثمانين ٥.

وإذا سرق فعلى مولاه إما تسليمه للحد ، وإما يغرمه عما قام عليه الحد. فإن أقر العبد على نفسه بالسرقة ، لم يقطع ٦ ولم يغرم مولاه ، لأنه أقر في مال غيره.

فإذا شرب الخمر جلد ثمانين ٧.

وإن لاط حكم فيه بحكم الحد.

من اطلع في دار قوم رجم ، فإن تنحى فلا شيء عليه ، وإن وقف فعليه أن يرجم فإن أعماه أو أصمه فلا دية له ٨.

__________________

١ ـ ورد باختلاف في ألفاظه في الفقيه ٤ : ٣٤ / ١٠٠ ، والكافي ٧ : ٢٦١ / ١٠ ، والتهذيب ١٠ : ٦٤ / ٢٣٥.

٢ ـ الفقيه ٤ : ٣٦ / ١١٥ ، التهذيب ١٠ : ١٥٢ / ٦٠٩ من « قلت : لا حد ... ».

٣ ـ ورد مؤداه في الكافي ٧ : ٢٩٧ / ٥ ، والتهذيب ١٠ : ٢١٠ / ٨٢٩.

٤ ـ ورد مؤداه في المقنع : ١٤٨ ، من « إذا زنى المملوك ... ».

٥ ـ ورد مؤداه في المقنع : ١٤٩.

٦ ـ الفقيه ٤ : ٥٠ / ١٧٤ ، التهذيب ١٠ : ١١٢ / ٤٤٠ ، الاستبصار ٤ : ٢٤٣ / ٩٢٠. من « فإن أقر العبد ... ».

٧ ـ ورد مؤداه في الكافي ٧ : ٢١٥ / ٨ و ٩ ، والتهذيب ١٠ : ٩١ / ٣٥٣ و ٣٥٤. من « فإذا شرب ... ».

٨ ـ ورد مؤداه في الفقيه ٤ : ٧٤ / ٢٢٦ و ٢٢٧ ، والكافي ٧ : ٢٩٠ / ١ ، والتهذيب ١٠ : ٢٠٦ / ٨١٣ و ٢٠٧ / ٨١٨.

٣١٠



٥٧ ـ باب الديات

إعلم ـ يرحمك الله ـ أن الله جل وعز جعل في القصاص حياة طولاً منه و رحمة ، لئلا يتعدى الناس حدود الله.

فجعل في النطفة ـ إذا ضرب الرجل المرأة فألقتها ـ عشرين ديناراً ، فإن ألقت مع النطفة قطرة دم جُعل لتلك القطرة ديناران ، ثم لكل قطرة ديناران إلى تمام أربعين ديناراً وهي العلقة.

فإن ألقت علقة ـ وهي قطعة دم مجتمعة مشتبكة ـ فعليه أربعون ديناراً.

ثم في المضغة ستون ديناراً ، ثم في العظم المكتسي لحماً ثمانون ديناراً.

ثم للصورة ـ وهي الجنين ـ مائة دينار.

فإذا ولد المولود واستهل ـ واستهلاله بكاؤه ـ فديته إذا قتل متعمداً ألف دينار ، أو عشرة آلاف درهم ، والاُنثى خمسة آلاف درهم إذا كان لا فرق بين دية المولود والرجل.

وإذا قتل الرجل المرأة ـ وهي حامل متم ولم تسقط ولدها ، ولم يعلم ذكر هو أو أنثى ـ فديته نصفان : نصف دية الذكر ، ونصف دية الأنثى ١.

وقد جعل للجسد كله ست فرائض : النفس ، والبصر ، والسمع ، والكلام ( ونقص الصوت من الأئن ٢ والبحح ٣ ) ، والشلل من اليدين والرجلين ، وجعل مع كل

__________________

١ ـ ورد باختلاف في ألفاظه في الفقيه ٤ : ٥٤ / ١٩٤.

٢ ـ كذا في نسخة « ش » ، ولعل الصواب : الأفن وهو النقص « لسان العرب ـ أفن ـ ١٣ : ١٩ » وما بين القوسين ليس في « ض ».

٣ ـ البحح : غلظ الصوت وخشونته « لسان العرب ـ بحح ـ ٢ : ٤٠٦ ».

٣١١

واحدة من هذه قسامة على نحو ما قسمت الدية. فجعل للنفس على العمد من القسامة خمسون رجلاً ، وعلى الخطأ خمس وعشرون رجلاً على ما يبلغ دية كاملة ، ومن الجروح ستة نفر فيما بلغت ديته ألف دينار فما كان دون ذلك فبحسابه من الستة نفر ١.

والبينة في جميع الحقوق على المدعي ، فقط ، واليمين على من أنكر ، إلا في الدم فإن البينة أولى على المدعي ـ وهي شاهدا عدل من غير أهله إن ادعى عليه قتله ـ فإن لم يجد شاهدين عدلين فقسامة ـ وهي خمسون رجلاً من خيارهم يشهدون بالقتل ـ فإن لم يكن ذلك طولب المدعى عليه بالبينة أو بالقسامة أنه لم يقتله ، فإن لم يجد حلف المتهم خمسين يميناً أنه ما قتله ولا علم له قاتلاً ، فإن حلف فلا شيء عليه ، ثم يؤدي الدية أهل الحجر ٢ والقبيلة ، فإن أبى أن يحلف اُلزم الدم.

فإن قتل في عسكر أو سوق ، فديته من بيت مال المسلمين ٣.

وكل من ضرب متعمداً ، فتلف المضروب بذلك الضرب فهو عمد ٤.

والخطأ أن يرمي رجلاً فيصيب غيره ، أو يرمي بهيمة أو حيواناً فيصيب رجلاً ٥.

والدية في النفس ألف دينار ، أو عشرة آلاف درهم ، أو مائة من الإبل ، على حسب أهل الدية ، إن كانوا من أهل العين ٦ ألف دينار ، وإن كانوا من أهل الورق ٧ فعشرة آلاف درهم ، وإن كانوا من أهل الإبل فمائة من الإبل ٨.

وكل ما في الإنسان منه واحد ففيه دية كاملة.

وكل ما في الإنسان منه إثنان ففيهما الدية تامة ، وفي إحداهما النصف ٩ ،

__________________

١ ـ الفقيه ٤ : ٥٥ / ١٩٤ ، الكافي ٧ : ٣٦٣ / ٩ ، التهذيب ١٠ : ١٦٩ / ٦٦٨ باختلاف يسير.

٢ ـ أهل الحَجَر : أهل البادية. وان كان المراد جمع حجرة ، أي : أهل الحُجَر فالمراد اهل القرية او المدينة. انظر « لسان العرب ـ حجر ـ ٤ : ١٦٦ و ١٦٨ ».

٣ ـ ورد مؤداه في الفقيه ٤ : ٧٣ / ٢٢٣.

٤ ـ ورد مؤداه في الفقيه ٤ : ٧٧ / ٢٣٩ و ٨٢ / ٢٥٨ ، والهداية : ٧٨.

٥ ـ ورد مؤداه في الفقيه ٤ : ٧٧ / ٢٣٩ ، والهداية : ٧٨.

٦ ـ العين : الذهب والدنانير « القاموس المحيط ـ عين ـ ٤ : ٢٥١ ».

٧ ـ الورق : الدراهم المضروبة « لسان العرب ـ ورق ـ ٣ : ٢٨٨ ».

٨ ـ الفقيه ٤ : ٧٨ / ٢٤٥ ، المقنع : ١٨٢ ، الهداية : ٧٨ ، التهذيب ١٠ : ١٦٠ / ٦٤٠ باختلاف في ألفاظه.

٩ ـ الهداية : ٧٧ باختلاف يسير.

٣١٢

وجعل دية الجراح في الأعضاء على حسب ذلك ، فدية كل عظم يكسر تعلم ما في دية القسم ، فدية كسره خمس ديته ، ودية موضحته ربع دية كسره ١.

__________________

١ ـ ورد مؤداه في الفقيه ٤ : ٥٥.

٣١٣



٥٨ ـ باب العين

فإذا أُصيب الرجل في إحدى عينيه ـ لعلة من الرمي أو غيره ـ فإنها تقاس ببيضة تربط على عينه المصابة ، فينظر ما منتهى بصر عينه الصحيحة ، ثم تغطى عينه الصحيحة فينظر ما منتهى عينه المصابة ، فيعطى ديته بحساب ذلك.

والقسامة على هذه ستة نفر ، فإن كان ما ذهب من بصره السدس حلف. وحده وأُعطي ، وإن كان ثلث بصره حلف وحلف معه رجل ، وإن كان نصف بصره حلف وحلف معه رجلان ، وإن كان ثلثي بصره حلف وحلف معه ثلاثة رجال وإن كان خمسة أسداس بصره حلف وحلف معه أربع رجالة وإن كان بصره كله حلف وحلف معه خمسة رجال ، فإن لم يوجد من يحلف معه وعسر ١ عليه بهذا الحساب لم يعط إلا ما حلف عليه ٢.

__________________

١ ـ في نسخة « ض » : « وعيي ».

٢ ـ الفقيه ٤ : ٥٦ باختلاف يسير.

٣١٤



٥٩ ـ باب الاُذن

وفي الاذن القصاص ، وديتها خمسمائة دينار ١.

وفي شحمة الاذن ثلثا دية الاذن.

فإن أصاب السمع شيء فعلى قياس العين ، يصوت له بشيء مصوت.

ويقاس ذلك ، والقسامة على ما ينقص من السمع ، فعلى ما شرحناه من البصر.

٦٠ ـ باب الصدغ

فإذا اُصيب الصدغ فلم يستطع أن يلتفت حتى ينحرف بكليته فنصف الدية ، وما كان دون ذلك فبحسابه.

٦١ ـ باب أشفار العين

فإذا اُصيب الشفر الأعلى حتى يصير أشتر ٢ ، فديته ثلث دية العين إذا كان من فوق ، وإذا كان من أسفل فديته نصف دية العين.

__________________

١ ـ الفقيه ٤ : ٦٣ باختلاف يسير.

٢ ـ الشتر : انقلاب جفن العين. « الصحاح ـ شتر ـ ٢ : ٦٩٣ ».

٣١٥



٦٢ ـ باب الحاجب

إذا اُصيب الحاجب فذهب شعره كله فديته نصف دية العين ، فإن نقص من شعره شيء حسب على هذا القياس ١.

٦٣ ـ باب الأنف

فإن قطعت أرنبة ٢ الأنف فديتها خمسمائة دينار ، فإن انفذت منه نافذة فثلثا دية الأرنبة ، فإن برئت والتأمت ولم تنخرم فخمس دية الأرنبة ، وإن كانت النافذة في إحدى المنخرين إلى الخيشوم ـ وهو الحاجز بين المنخرين ـ فديتها عشر دية الأنف.

٦٤ ـ باب الشفة

فإذا قطع من الشفة العليا أو السفلى شيء ، فبحساب ديتها تكون القسمة ٣.

__________________

١ ـ في نسخة « ض » : الحساب.

٢ ـ أرنبة الأنف : طرفه. « الصحاح ـ رنب ـ ١ : ١٤٠ ».

٣ ـ ورد باختلاف يسير في الفقيه ٤ : ٥٦ من « فإن أصاب السمع شيء ».

٣١٦



٦٥ ـ باب الخد

إذا كانت فيه نافذة يرى منها جوف الفم فديتها مائة دينار ، وإن برئ والتأم ١ وبه أثرٌ بيّن فدية خمسون ديناراً ، وإن كانت نافذة في الخدين كليهما فديتها مائة دينار.

وإن كانت رمية في العظم حتى ينفذ إلى الحنك فديتها مائة وخمسون ديناراً ، وإن لم ينفذ فديتها مائة دينار.

وإن كانت موضحة في الوجه فديتها خمسون ديناراً ، وإن كان بها شين فديته دية الموضحة.

وإن كان جرحاً لم يوضح ـ ثم برئ ـ وكان في الخدين فديته عشرة دنانير ، فإن كان في الوجه صدع في العظم فديته ثمانون ديناراً ، وإن سقطت منه جلدة من لحم الخد ـ ولم يوضح ـ وكان ما سقط وزن الدرهم ـ فما فوق ذلك ـ فديته ثلاثون ديناراً.

وفي الشجة الموضحة في الرأس ـ وهي التي توضح العظام ـ أربعون ديناراً ٢.

__________________

١ ـ في نسخة « ض » : « أو التأم ».

٢ ـ الفقيه ٤ : ٥٨ باختلاف في بعض ألفاظه.

٣١٧



٦٦ ـ باب اللسان

سألت العالم ـ عليه السلام ـ عن رجل طرف لغلام فقطع بعض لسانه ، فأفصح ببعض الكلام ولم يفصح ببعض ، فقال : يقرأ حروف المعجم ، فما أفصح به طرح من الدية ، وما لم يفصح به ألزم من الدية. فقلت : كيف ذلك ؟ قال : بحساب الجمل ـ وهو حروف ( أبي جاد ) ١ من واحد إلى ألف ـ وعدد حروفه ثمانية وعشرون حرفاً ، فيقسم لكل حرف جزءاً من الدية الكاملة ، ثم يحط من ذلك ما بيّن عنه ويلزم الباقي ٢.

ودية اللسان دية كاملة ٣.

__________________

١ ـ في نسخة « ش » : « أبجد ».

٢ ـ ورد مؤداه في الفقيه ٤ : ٨٣ / ٢٦٦ ، والتهذيب ١٠ : ٢٦٣ / ١٠٣٩ ـ ١٠٤٢.

٣ ـ ورد مؤداه في الفقيه ٤ : ٥٥ ، والمقنع : ١٨٠.

٣١٨



٦٧ ـ باب الأسنان

إعلم أن دية الأسنان سواء ، وهي إثنا عشر سناً : ست من فوق ، وست من أسفل ، منها أربع ثنايا ، وأربعة أنياب ، وأربع رباعيات.

دية كل واحد من هذه الإثني عشر خمسون ديناراً ، فذلك ستمائة دينار.

وان دية أضراس ـ وهي ستة عشر ضرساً ـ ان كانت الدية مقسومة على ثمانية وعشرين سناً ، كان ما يراد من الأربعة المسماة.

وأضراس العقل لا دية فيها ، إنما على من أصابها أرش كأرش الخدش ، بحساب محسوب لكل ضرس خمسة وعشرون ديناراً ، فذلك أربعمائة دينار ١.

فإذا اسودت السن إلى الحول ولم تسقط فديتها دية الساقط ، وإذا انصدعت ولم تسقط فديتها نصف دية الساقط ، وإذا انكسر منها شيء فبحسابه من الخمسين الدينار ، وكذلك ما يزاول الأضراس ـ من سواد وصدع وكسر ـ فبحساب الخمسة وعشرين الدينار ٢.

وما نقص من أضراسه أو أسنانه عن الثمان والعشرين ، حط من أصل الدية مقدار ما نقص منه ٣.

وروي إذا تغيرت السن إلى السواد فيه ستة دنانير ، وإذا تغيرت إلى الحمرة فثلاثة دنانير ، وإذا تغيرت إلى الخضرة فدينار ونصف.

__________________

١ ـ ورد مؤداه في الفقيه ٤ : ١٠٤ / ٣٥١ ، والمقنع : ١٩٠ ، والهداية : ٧٨.

٢ ـ الفقيه ٤ : ٥٨ باختلاف يسير.

٣ ـ ورد مؤداه في الفقيه ٤ : ١٠٣ / ٣٤٧ و ١٠٤ / ٣٥١ ، والمقنع : ١٩٠.

٣١٩



٦٨ ـ باب الرأس

في مواضح الراس ـ واحدتها موضحة ١ ـ خمسون ديناراً.

وإن نقلت منه العظام من موضع إلى موضع ، فديتها مائة وخمسون ديناراً.

فإن كانت ناقبة فتلك تسمى المأمومة ٢ ، وفيها ثلث الدية ثلثمائة وثلاثة وثلاثون ديناراً وثلث ٣.

فإذا صب على الرأس ماء مغلي ، فشحط شعره حتى لا ينبت جميعه ، فديته كاملة ٤ ، وإن نبت بعضه أخذ من الدية بحساب ما نبت.

وجميع شجاج الرأس على حساب ما وصفناه من أمر الخدين ٥.

ومن حلق رأس رجل فلم ينبت ، فعليه مائة دينار.

وإن حلق لحيته ولم ينبت فعليه الدية ٦ وإن نبتت فطالت بعد نباتها فلا شيء.

__________________

١ ـ الموضحة : الشجة التي تبدي العظم « الصحاح ـ وضح ـ ١ : ٤١٦ ».

٢ ـ المأمونة : الشجة التي تبلغ ام الدماغ وهي أشد الشجاج « مجمع البحرين ـ أمم ـ ٦ : ١٤ ».

٣ ـ الفقيه ٤ : ٥٨ ، الكافي ٧ : ٣٣٢ ، التهذيب ١٠ : ٣٠٠ باختلاف يسير.

٤ ـ ورد مؤداه في الفقيه ٤ : ١١٢ / ٣٧٩ و ٣٨٠ ، والمقنع : ١٨٩.

٥ ـ ورد مؤداه في الفقيه ٤ : ١٢٥ / ٤٣٥. من « وجميع شجاج ... ».

٦ ـ المقنع : ١٩٠.

٣٢٠