الفقه المنسوب للإمام الرضا عليه السلام

الفقه المنسوب للإمام الرضا عليه السلام

المؤلف:


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: المؤتمر العالمي للامام الرضا عليه السلام
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٤٧
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة



٣٤ ـ باب طلاق السنة والعدة والحامل

إعلم يرحمك الله أن الطلاق على وجوه ، ولا يقع إلا على طهر من غير جماع ، بشاهدين عدلين ، مريداً للطلاق. فلا يجوز للشاهدين أن يشهدا على رجل طلق امرأته ، إلا على إقرار منه ومنها أنها طاهرة من غير جماع ، ويكون مريداً للطلاق.

ولا يقع الطلاق بإجبار ، ولا إكراه ، ولا على سكر ١.

فمنه : طلاق السنة ، وطلاق العدة ، وطلاق الغلام ، وطلاق المعتوه ، وطلاق الغائب ، وطلاق الحامل ، والتي لم يدخل بها ، والتي يئست من الحيض ، والأخرس.

ومنه : التخيير ، والمباراة ، والنشوز والشقاق ٢ ، والخلع ، والإيلاء ٣ ، وكل ذلك لا يجوز إلا أن يتبع بطلاق.

أما طلاق السنة : إذا أراد الرجل أن يطلق امرأته ، يتربص بها حتى تحيض و تطهر ، ثم يطلقها تطليقة واحدة في قبل عدتها ، بشاهدين عدلين ، في مجلس واحد.

فإن أشهد على الطلاق رجلاً واحداً ، ثم اشهد بعد ذلك برجل آخر ، لم يجز ذلك الطلاق ، إلا أن يشهدهما جميعاً في مجلس واحد بلفظ واحد.

فإذا طلقها ـ على هذا تركها ـ حتى تستوفي قروءها ـ وهي ثلاثة أطهار ، أو ثلاثة أشهر إن كانت ممن لا تحيض ومثلها تحيض ـ فإذا رأت أول قطرة من دم الثالث فقد بانت منه ، ولا تتزوج حتى تطهر ، فإذا طهرت حلت للأزواج ، والزوج خاطب من الخطاب ، والأمر إليها إن شاءت زوجت نفسها منه ، وإن شاءت لم تزوجه.

فإن تزوجها ثانية بمهر جديد ، فإن أراد طلاقها ثانية من قبل أن يدخل بها ،

__________________

١ ـ ورد باختلاف في ألفاظه في المقنع : ١١٤ ، ومختلف الشيعة : ٥٨٤ عن علي بن بابويه.

٢ ـ ليس في نسخة « ش ».

٣ ـ الفقيه ٣ : ٣١٩.

٢٤١

طلقها بشاهدين عدلين ، ولا عدة عليها منه ١ ـ وكل من طلق امرأته من قبل أن يدخل بها فلا عدة عليها منه ـ فإن كان سمى لها صداقاً فلها نصف الصداق ، فإن لم يكن سمى لها صداقاً فلا صداق لها ، ولكن يمتعها بشيء ـ قل أم كثر ـ على قدر يساره ٢.

فالموسع يمتع بخادم أو دابة ، والوسط بثوب ، والفقير بدرهم أو خاتم ٣ ، كما قال الله تبارك وتعالى : ( وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى المُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى المُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالمَعْرُوفِ ) ٤.

فإذا أراد المطلق للسنة أن يطلقها ثانية ـ بعد ما دخل بها ـ طلقها مثل تطليقته الاُولى ، على طهر من غير جماع ، بشاهدين عدلين ، يتربص بها حتى تستوفي قروءها.

فإن زوجته نفسها بمهر جديد وأراد أن يطلقها الثالثة طلقها ، وقد بانت منه ساعة طلقها ، ولا تحل للأزواج حتى تستوفي قروءها ، ولا يحل لها حتى تنكح زوجاً غيره ٥.

وروي أنها لاتحل له أبداً ، إذا طلقها طلاق السنة على ما وصفناه.

وسمي طلاق السنة الهدم ، لأنه متى استوفت قروءها وتزوجها الثانية ، هدم طلاق الأول ٦.

وروي أن طلاق الهدم لايكون إلا بزوج ثان.

وأما طلاق العدة : فهو أن يطلق الرجل امرأته على طهر من غير جماع ، بشاهدين عدلين ، ثم يراجعها من يومه أو من غد أو متى ما يريد ـ من قبل أن تستوفي قروءها ـ و هو أملك بها.

وأدنى المراجعة أن يقبلها ، أو ينكر الطلاق فيكون إنكاره للطلاق مراجعة.

فإذا أراد أن يطلقها ثانية ، لم يجز ذلك إلا بعد الدخول بها ، فإن دخل بها وأراد طلاقها تربص بها حتى تحيض وتطهر ، ثم يطلقها في قبل عدتها بشاهدين عدلين ، فإن أراد مراجعتها راجعها.

__________________

١ ـ الفقيه ٣ : ٣٢٠ / ١٥٥٦ ، المقنع : ١١٥ باختلاف في ألفاظه.

٢ ـ ورد مؤداه في الفقيه ٣ : ٣٢٦ / ١٥٧٩.

٣ ـ الفقيه ٣ : ٣٢٧ / ١٥٨٢ ، المقنع : ١١٦ باختلاف في ألفاظه.

٤ ـ البقرة ٢ : ٢٣٦.

٥ ـ ورد مؤداه في المقنع : ١١٥.

٦ ـ الفقيه ٣ : ٣٢٠ / ١٥٥٦ باختلاف يسير ، من « وسمي طلاق السنة ... ».

٢٤٢

وتجوز المراجعة بغير شهود كما يجوز التزويج ، وإنما تكره المراجعة بغير شهود من جهة الحدود والمواريث والسلطان.

فإن طلقها الثلاثة فقد بانت منه ساعة طلقها الثالثة ، فلا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره ، فإذا انقضت عدتها منه ، وتزوجها رجل آخر وطلقها ـ أو مات عنها ـ و أراد الأول أن يتزوجها فعل.

فإن طلقها ثلاث تطليقات ـ على ما وصفته ـ واحدة بعد واحدة ، فقد بانت منه ، ولا تحل له بعد تسع تطليقات أبداً.

واعلم أن كل من طلق تسع تطليقات ـ على ما وصفت ـ لم تحل له أبداً ١.

والمحرم إذا تزوج في إحرامه ، فرق بينهما ، ولاتحل له أبداً ٢.

ومن تزوج امرأة لها زوج ـ دخل بها أو لم يدخل بها ـ أو زنى بها ، لم تحل له أبداً ٣.

ومن خطب امرأة في عدة للزوج عليها [ رجعة ] ٤ أو تزوجها ٥ ـ وكان عالماً ـ لم تحل له أبداً ٦.

فإن كان جاهلاً ، وعلم من قبل أن يدخل بها ، تركها حتى تستوفي عدتها من زوجها ، ثم يتزوجها ٧.

فإن كان دخل بها لم تحل له أبداً ـ عالماً كان أو جاهلاً ـ فإن ادعت المرأة أنها لم تعلم أن عليها عدة ، لم تصدق على ذلك ٨.

والغلام إذا طلق للسنة فطلاقه جائز ٩.

ومن ولع بالصبي لاتحل اخته أبداً.

__________________

١ ـ ورد باختلاف يسير في الفاظه في الفقيه ٣ : ٣٢٢ ، والمقنع : ١١٥.

٢ ـ الفقيه ٢ : ٢٣١ / ١٠٩٨ ، المقنع : ١٠٩ باختلاف يسير.

٣ ـ ورد مؤداه في الكافي ٥ : ٤٢٩ / ١١ ، والتهذيب ٧ : ٣٠٥ / ١٢٧٠ و ١٢٧١.

٤ ـ اثبتناه من البحار ١٠٤ : ٢ / ٧ عن فقه الرضا عليه السلام.

٥ ـ في نسخة « ش » و « ض » : « زوجها » وما أثبتناه من البحار.

٦ ـ ورد مؤداه في الكافي ٥ : ٤٢٦ / ١ و ٢ ، والتهذيب ٧ : ٣٠٥ / ١٢٧٢ ، والاستبصار ٣ : ١٨٧ / ٦٧٧.

٧ ـ ورد مؤداه في الكافي ٥ : ٤٢٧ / ٣ ، والتهذيب ٧ : ٣٠٦ / ١٢٧٤ و ١٢٧٥ ، والاستبصار ٣ : ١٨٦ / ٦٧٦.

٨ ـ الكافي ٥ : ٤٢٦ / ٢ ، والتهذيب ٧ : ٣٠٧ / ١٢٧٦ ، الاستبصار ٣ : ١٨٧ / ٦٧٩.

٩ ـ ورد مؤداه في الفقيه ٣ : ٣٢٥ / ١٥٧٥ ، والكافي ٦ : ١٢٤ / ١ و ٤ ، والتهذيب ٨ : ٧٦ / ٢٥٥.

٢٤٣

واعلم أن خمساً يطلقن على كل حال ، ولا يحتاج الزوج ينظر طهرها : الحامل ، والغائب عنها زوجها ، والتي لم يدخل بها ، والتي لم تبلغ الحيض ، والتي قد يئست من الحيض.

فأما التي لم تحض ، أو قد يئست من الحيض ، فعلى وجهين. وإن كان مثلها لاتحيض فلا عدة عليها ، وإن كان مثلها تحيض فعليها العدة ثلاثة أشهر.

وطلاق الحامل فهو واحد ، وأجلها أن تضع ما في بطنها ، وهو أقرب الأجلين ، فإذا وضعت ، أو أسقطت ـ يوم طلقها ـ أو بعد متى كان ، فقد بانت منه ، وحلت للأزواج. فإن مضى بها ثلاثة أشهر من قبل ١ أن تضع ، فقد بانت منه ، ولا تحل للأزواج حتى تضع. فإن راجعها من قبل أن تضع ما في بطنها [ أو تمضي لها ثلاثة أشهر ثم أراد طلاقها فليس له ذلك حتى تضع ما في بطنها ] ٢ وتطهر ثم يطلقها ٣.

وأما المخير : فأصل ذلك أن الله تعالى أنف لنبيه صلى الله عليه وآله من مقالة قالها بعض نسائه : أيرى محمد أنه لو طلقنا لم يجد أكفاء من قريش يتزوجونا !؟ فأمر الله نبيه صلى الله عليه وآله محمد أن يعتزل نساءه تسعة وعشرين يوماً ، فاعتزلهن في مشربة اُم إبراهيم عليه السلام ، ثم نزلت هذه الاية ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا ـ إلى قوله تعالى ـ وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ ) ٤ إلى آخر الآية ، فاخترن الله ورسوله ، فلم يقع طلاق ٥.

وأما الخلع : فلايكون إلا من قبل المرأة ، وهو أن تقول لزوجها : لا أبر لك قسماً ، ولا أطيع لك أمراً ، ولأوطئن فراشك ما تكرهه ، فإذا قالت هذه المقالة فقد حل لزوجها ما يأخذ منها ـ وإن كان أكثر مما أعطاها من الصداق ـ وقد بانت منه ، وحلت للأزواج بعد إنقضاء عدتها منه ، فحل له أن يتزوج أختها من ساعة ٦.

وأما المباراة : فهو أن تقول لزوجها : طلقني ولك ما عليك. فيقول لها : على

__________________

١ ـ في نسخة « ش » : « غير ».

٢ ـ أثبتناه من مختلف الشيعة : ٥٨٨ عن رسالة علي بن بابويه.

٣ ـ المقنع : ١١٦ باختلاف يسير. من « واعلم أن خمساً ... ».

٤ ـ الأحزاب ٣٣ : ٢٨ ـ ٢٩.

٥ ـ الفقيه ٣ : ٣٣٤ عن رسالة أبيه ، المقنع : ١١٦ باختلاف يسير.

٦ ـ المقنع : ١١٧.

٢٤٤

أنك إن رجعت في شيء ـ مما وهبته لي ـ فأنا أملك ببعضك ، فيطلقها على هذا. وله أن يأخذ منها دون الصداق الذي أعطاها ، وليس له أن ياخذ الكل ١.

وأما النشوز : فقد يكون من الرجل ، ويكون من المرأة.

فإما الذي من الرجل : فهو يريد طلاقها ، فتقول له : أمسكني ولك ما عليك ، وقد وهبت ليلتي لك. ويصطلحان على هذا.

فإذا نشزت المرأة كنشوز الرجل ، فهو الخلع إذا كان من المرأة وحدها ، فهو أن لا تطيعه ، وهو من قال الله تعالى : ( وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي المَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ) ٢ فالهجران أن يحول إليها ظهره في المضجع ، والضرب بالسواك وشبهه ضرباً رفيقاً ٣.

وأما الشقاق فيكون من الزوج والمرأة جميعاً ، كما قال الله تعالى : ( وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا ) ٤ يختار الرجل رجلاً ، والمرأة تختار رجلاً ، فيجتمعان على فرقة أو على صلح.

فإن أرادا إصلاحاً فمن غير أن يستأمرا ، وإن أرادا التفريق بينهما فليس لهما إلا بعد أن يستأمرا الزوج والزوجة ٥.

شرح آخر في طلاق السنة والعدة

طلاق السنة : إذا أراد الرجل أن يطلق امرأته ، تركها حتى تحيض وتطهر ، ثم يشهد شاهدين عدلين على طلاقها ، ثم هو بالخيار في المراجعة ـ من ذلك الوقت إلى أن تحيض ـ بما قد جعله الله له في المهلة ، وهو ثلاثة أقراء ـ والقرء : البياض بين الحيضتين ، وهو إجتماع الدم في الرحم ـ فإذا بلغ تمام حد القرء دفعته ، فكان الدفق الأول الحيض.

فإن تركها ولم يراجعها حتى تخرج الثلاثة الاقراء فقد بانت منه في أول قطرة

__________________

١ ـ الفقيه ٣ : ٣٣٦ / ١٦٢٣ و ١٦٢٤ ، المقنع : ١١٧ باختلاف في ألفاظه.

٢ ـ النساء ٤ : ٣٤.

٣ ـ الفقيه ٣ : ٣٣٦ ، المقنع : ١١٧ باختلاف يسير.

٤ ـ النساء ٤ : ٣٥.

٥ ـ الفقيه ٣ : ٣٣٧ ، المقنع : ١١٨ باختلاف يسير.

٢٤٥

من دم الحيضة الثالثة ، وهو أحق برجعتها إلى أن تطهر ، فإن طهرت فهو خاطب من الخطاب ، إن شاءت زوجته نفسها تزويجاً جديداً وإلا فلا ، فإن تزوجها بعد الخروج من العدة تزويجاً جديداً فهي عنده على اثنتين.

وقد أروي عن العالم عليه السلام انه قال : الفقيه لا يطلق إلا طلاق السنة.

قال : وإذا أراد الرجل أن يطلقها طلاق العدة ، تركها حتى تحيض ثم تطهر ، ثم يشهد شاهدين عدلين على طلاقها ، ثم يراجعها ويواقعها ، ثم ينتظر بها الحيض والطهر ، ثم يطلقها بشاهدين التطليقة الثانية ، ثم يواقعها متى شاء ـ من أول الطهر إلى اخره ـ فإذا راجعها فحاضت ثم طهرت ، وطلقها الثالثة بشاهدين ، فقد بانت منه ، ولا تحل له حتى تنكح زوجا غيره ، وعليها استقبال العدة منه وقت التطليقة الثالثة.

وعلى المتوفى عنها زوجها عدة أربعة أشهر وعشرة أيام ١.

وعلى الأمة المطلقة عدة خمسة وأربعين يوماً ٢.

وعلى المتعة مثل ذلك من العدة ٣.

وعلى الأمة المتوفى عنها زوجها عدة شهرين وخمسة أيام ٤.

وعلى المتعة مثل ذلك ٥.

وإن نكحت زوجاً غيره ، ثم طلقها ـ أو مات عنها ـ فراجعها الأول ثم طلقها طلاق العدة ، ثم نكحت زوجا غيره ، ثم راجعها الأول وطلقها طلاق العدة الثالثة ، لم تحل له أبداً.

وخمس يطلقن على كل حال ـ متى طلقن ـ : الحبلى التي قد استبان حملها ، و التي لم تدرك مدرك النساء ، والتي قد يئست من الحيض ، والتي لم يدخل بها زوجها ، والغائب إذا غاب أشهراً ، فليطلقهن ازواجهن ـ متى شاءوا بشهادة شاهدين ٦.

وثلاث لاعدة عليهن : التي لم يدخل بها زوجها ، والتي لم تبلغ مبلغ النساء ، و

__________________

١ ـ ورد مؤداه في الفقيه ٣ : ٣٢٨ / ١٥٨٩ ، والمقنع : ١٢٠ ، والهداية : ٧٢. من « وعلى المتوفى عنها ... ».

٢ ـ ورد مؤداه في التهذيب ٨ : ١٥٤ / ٥٣٣ ، والاستبصار ٣ : ٣٤٦ / ١٢٣٦.

٣ ـ ورد مؤداه في الفقيه ٣ : ٢٩٦ / ١٤٠٦ ، والمقنع : ١١٤ ، والهداية : ٦٩.

٤ ـ ورد مؤداه في التهذيب ٨ : ١٥٤ / ٥٣٣ ـ ٥٣٧ ، والاستبصار ٣ : ٣٤٦ / ١٢٣٦ ـ ١٢٤٠.

٥ ـ ورد مؤداه في التهذيب ٨ : ١٥٨ / ٥٤٧ ، والاستبصار ٣ : ٣٥١ / ١٢٥٤.

٦ ـ الفقيه ٣ : ٣٣٤ / ١٦١٥ و ١٦١٦ ، المقنع : ١١٦ باختلاف يسير.

٢٤٦

التي قد يئست من الحيض. وبالله التوفيق ١.

__________________

١ ـ ورد مؤداه في الكافي ٦ : ٨٥ / ٤ ، والتهذيب ٨ : ٦٧ / ٢٢٢ ، والاستبصار ٣ : ٣٣٧ / ١٢٠٢.

٢٤٧



٣٥ ـ باب الايلاء واللعان

واعلم ـ يرحمك الله ـ أن الايلاء أن يحلف الرجل أن لا يجامع امرأته ، فله إلى أن يذهب أربعة أشهر ، فإن فاء بعد ذلك ـ وهو أن يرجع إلى الجماع ـ فهي امرأته و عليه كفارة اليمين ، وإن أبى أن يجامع بعد أربعة أشهر ، قيل له : طلق ، فإن فعل وإلا حبس في حظيرة من قصب ، وشدد عليه في المأكل والمشرب حتى يطلق.

وقد روي أنه إذا امتنع من الطلاق ضربت عنقه ، لامتناعه على إمام المسلمين ١.

والأخرس ٢ إذا أراد الطلاق ، القى على امرأته قناعاً يري أنها قد حرمت عليه ، فإذا أراد مراجعتها رفع القناع عنها يري أنها قد حلت له ٣.

وأما اللعان : فهو أن يرمي الرجل امرأته بالفجور وينكر ولدها ، فإن أقام عليها أربعة شهود عدول رجمت ، وإن لم يقم عليها بينة لاعنها ، فإن امتنع من لعانها ضرب حد المفتري ـ ثمانين جلدة ـ وإن لاعنها دريء عنه الحد.

واللعان : أن يقوم الرجل مستقبل القبلة ، فيحلف أربع مرات بالله أنه لمن الصادقين فيما رماها به ، ثم يقول له الإمام : اتق الله فإن لعنة الله شديدة. ثم يقول الرجل : لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين فيما رماها به.

ثم تقوم المرأة مستقبلة القبلة ، فتحلف أربع مرات بالله أنه لمن الكاذبين فيما رماها به ، ثم يقول الإمام : اتقي الله فإن الله شديد. ثم تقول المرأة : ان غضب الله

__________________

١ ـ المقنع : ١١٨ باختلاف في الفاظه.

٢ ـ في نسخة « ض » : والمعتوه.

٣ ـ الفقيه ٣ : ٣٣٣ عن رسالة أبيه ، المقنع : ١١٩ باختلاف يسير.

٢٤٨

عليها إن كان من الصادقين فيما رماها به. ثم يفرق بينهما ١. فلا تحل له أبداً ، ولايتوارثان : لايرث الزوج المرأة ، ولا ترث المرأة الزوج ، ولا الأب الإبن ولا الإبن الأب.

فإن دعا احدٌ ولدها ولد الزانية جلد الحد ، وإن ادعى الرجل بعد الملاعنة أنه ولده لحق به ونسب اليه ٢.

وروي في خبر آخر أنه لا ولا كرامة له ولا عز ، انه لايرد إليه ٣. فإن مات الأب ورثة الإبن ، وإن مات الإبن لم يرثه أبوه ٤.

__________________

١ ـ المقنع : ١٢٠.

٢ ـ الفقيه ٣ : ٣٤٧ / ١٦٦٥ ، المقنع : ١٢٠ ، الهداية : ٧٢ باختلاف يسير. من « فإن دعا أحد ... ».

٣ ـ ورد مؤداه في التهذيب ٨ : ١٩٤ / ٦٨٠ ، والاستبصار ٣ : ٣٧٦ / ١٣٤٣.

٤ ـ الفقيه ٣ : ٣٤٧ / ١٦٦٥ ، المقنع : ١٢٠ ، الهداية : ٧٢.

٢٤٩



٣٦ ـ باب التجارات والبيوع والمكاسب

اعلم ـ يرحمك الله ـ أن كل مأمور به مما هو صلاح للعباد ، وقوام لهم في أُمورهم ، من وجوه الصلاح الذي لايقيمهم غيره ـ مما يأكلون ويشربون ويلبسون و ينكحون ويملكون ويستعملون ـ فهذا كله حلال بيعه وشراؤه وهبته وعاريته.

وكل أمر يكون فيه الفساد ـ مما قد نهي عنه من جهة أكله وشربه ولبسه و نكاحه وامساكه ، لوجه الفساد ، مما قد نهي عنه ، مثل : الميتة ، والدم ، ولحم الخنزير ، و الربا ، وجميع الفواحش ، ولحوم السباع ، والخمر ، وما أشبه ذلك ـ فحرام ضار للجسم ، وفاسد للنفس ١.

وروي أن من اتجر ـ بغير علم ولا فقه ـ ارتطم في الربا ارتطاما ٢.

وروي إذا صفق الرجل على البيع فقد وجب ، وإن لم يفترقا ٣.

وروي أن الشرط في الحيوان ثلاثة أيام ، اشترط أم لم يشترط ٤.

وروي أن من باع أو اشترى فليحفظ خمس خصال ، وإلا فلا يبيع ٥ ولايشتري : الربا ، والحلف ، وكتمان العيب ، والمدح إذا باع ، والذم إذا اشترى ٦.

وروي في الرجل يشتري المتاع فيجد به عيباً يوجب الرد ، فإن كان المتاع قائماً بعينه رد على صاحبه ، وإن كان قد قطع أو خيط أو حدثت فيه حادثة ، رجع فيه

__________________

١ ـ تحف العقول : ٢٤٧ باختلاف في ألفاظه.

٢ ـ الفقيه ٣ : ١٢٠ / ٥١٣ ، الكافي ٥ : ١٥٤ / ٢٣ ، المقنعة : ٩١ ، نهج البلاغة ٣ : ٢٥٩ / ٤٤٧ باختلاف يسير.

٣ ـ التهذيب ٧ : ٢٠ / ٨٧ ، الاستبصار ٣ : ٧٣ / ٢٤٢.

٤ ـ الكافي ٥ : ١٦٩ / ٢.

٥ ـ في نسخة « ش » و « ض » : « بيع » ، وما أثبتناه من البحار ١٠٣ : ١٠٠ / ٣٩.

٦ ـ الفقيه ٣ : ١٢٠ / ٥١٥.

٢٥٠

بنقصان العيب على سبيل الأرش ١.

وروي : ربح المؤمن على أخيه ربا ، إلا أن يشتري منه شيئاً بأكثر من مائة درهم فيربح فيه قوت يومه ، أو يشتري متاعاً للتجارة فيربح عليه ربحاً خفيفاً ٢.

وروي أن كل زائدة في البدن مما هو في أصل الخلق أو ناقص منه ، يوجب الرد في البيع ٣.

وروي في الجارية الصغيرة تشتري ويفرق بينها وبين اُمها ، فقال : إن كانت قد استغنت عنها فلا بأس ٤.

واتق في طلب الرزق ، وأجمل في الطلب ، واخفض في المكتسب ٥.

واعلم أن الرزق رزقان : فرزق تطلبه ، ورزق يطلبك ، فأما الذي تطلبه فاطلبه من حلال ، فإن أكله حلال إن طلبته من وجهه ، وإلا أكلته حراماً ، وهو رزقك لابد لك من أكله ٦.

وإذا كنت في تجارتك وحضرت الصلاة ، فلا يشغلك عنها متجرك ، فإن الله وصف قوماً ومدحهم فقال : ( رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللهِ ) ٧ وكان هؤلاء القوم يتجرون ، فإذا حضرت الصلاة تركوا تجارتهم وقاموا إلى صلاتهم ، وكانوا أعظم اجراً ممن لا يتجر ويصلي ٨.

ومن اتجر فليجتنب الكذب ، ولو أن رجلاً خاط قلانس وحشاها قطناً عتيقاً لما جاز له حتى يبين عيبه ٩ المكتوم ١٠.

وإذا سألك رجل شراء ثوب ، فلا تعطه من عندك ، فإنها خيانة ولو كان

__________________

١ ـ ورد باختلاف في ألفاظه في الفقيه ٣ : ١٣٦ / ٥٩٢ ، والكافي ٥ : ٢٠٧ / ٢ ، والتهذيب ٧ : ٦٠ / ٢٥٨.

٢ ـ ورد باختلاف يسير في الكافي ٥ : ١٥٤ / ٢٢ ، والتهذيب ٧ : ٧ / ٢٣ ، والاستبصار ٣ : ٦٩ / ٢٣٢.

٣ ـ ورد مؤداه في الكافي ٥ : ٢١٥ / ١٢.

٤ ـ ورد باختلاف في ألفاظه في الكافي ٥ : ٢١٩ / ٤.

٥ ـ في نسخة « ش » : « المكسب ». وورد باختلاف يسير في المقنع : ١٢١ عن وصية والده.

٦ ـ المقنع : ١٢١ عن وصية والده ، الهداية : ٨٠ ، أمالي الصدوق : ٢٤٢ باختلاف يسير.

٧ ـ النور : ٢٤ : ٣٧.

٨ ـ ورد باختلاف في ألفاظه في الفقيه ٣ : ١١٩ / ٥٠٨ ، والكافي ٥ : ١٥٤ / ٢١.

٩ ـ في نسخة « ض » : « عينه » وفي « ش » : « عليه » : وما أثبتناه من البحار ١٠٣ : ١٠٠ / ٤٠.

١٠ ـ ورد مؤداه في الفقيه ٣ : ١٠٥ / ٤٣٨.

٢٥١

الذي عندك أجود مما عند غيرك ١.

وكسب المغنية حرام ، ولا بأس بكسب النائحة إذا قالت صدقاً ولا بأس بكسب الماشطة إذا لم تشارط وقبلت ما تعطى ، ولا تصل شعر المرأة بغير شعرها ، وأما شعر المعز فلا بأس بأن يوصل ٢ ، ٣.

وقد لعن النبي صلّى الله عليه وآله سبعة : الواصل شعره بشعر غيره ، والمشتبه من النساء بالرجال والرجال بالنساء ، والمفلج بأسنانه ، والموشم ببدنه ، والدعي إلى غير مولاه ، والمتغافل عن زوجته ـ وهو الديوث ـ وقال رسول الله صلّى الله عليه وآله : « اقتلوا الديوث ».

واستعمل في تجارتك مكارم الأخلاق ، والأفعال الجميلة للدين والدنيا.

ولو أن رجلاً أعطته امرأته مالاً وقالت له : اصنع به ما شئت. فإن أراد الرجل يشتري به جارية يطؤها لما جاز له ، لأنها أرادت مسرته ليس له ما ساءها ٤.

وإذا أعطيت رجلاً مالاً فجحدك وحلف عليه ، ثم أتاك بالمال بعد مدة ـ وبما ربح فيه ـ وندم على ما كان منه ، فخذ منه رأس مالك ونصف الربح ، ورد عليه نصف الربح ، هذا رجل تائب.

فإن جحدك رجل حقك وحلف عليه ، ووقع له عندك مال فلا تأخذ منه إلا بمقدار حقك ، وقل : اللهم إني أخذته مكان حقي ، ولا تأخذ أكثر مما حبسه عليك ، و إن استحلفك أنك ما أخذت ، فجائز لك أن تحلف إذا قلت هذه الكلمة ٥ فإن حلفت ٦ أنت على حقك وحلف هو ، فليس لك أن تأخذ منه شيئاً.

فقد قال النبي صلى الله عليه وآله : « من حلف بالله فليصدق ، ومن حلف له فليرض ، ومن لم يرض فليس من الله جل وعز » ٧.

__________________

١ ـ المقنع : ١٢٢ عن وصية والده.

٢ ـ في نسخة « ش » و « ض » : « يرسل » وما أثبتناه من البحار ١٠٣ : ٥١ / ١٣.

٣ ـ المقنع : ١٢٢ ، الهداية : ٨٠ بتقديم وتأخير.

٤ ـ المقنع : ١٢٢ عن وصية والده ، من « واستعمل في تجارتك ».

٥ ـ المقنع : ١٢٤ باختلاف يسير.

٦ ـ في نسخة « ض » : « حلفته ».

٧ ـ الفقيه ٣ : ١١٤ / ٤٨٨ ، المقنع : ١٢٤ ، الكافي ٧ : ٤٣٨ / ١ ، التهذيب ٨ : ٢٨٤ / ١٠٤٠ من « فقد قال النبي ... ».

٢٥٢

فإن أتاك الرجل بحقك من بعد ما حلّفته من غير أن تطالبه ، فإن كنت موسراً أخذته فتصدقت به ، وإن كنت محتاجاً إليه أخذت لنفسك.

وإن كان لك على رجل حق فوجدته بمكة أو في الحرم ، فلا تطالبه به ولا تسلم عليه فتفزعه ، إلا أن تكون أعطيته حقك في الحرم فلا بأس أن تطالبه في الحرم ١.

واعلم أن أجرة الزانية وثمن الكلب سحت ، إلا كلب الصيد.

وأما الرشى في الحكم فهو الكفر بالله العظيم ٢.

واعلم أن البائعين بالخيار ما لم يفترقا ، فإذا افترقا فلا خيار لواحد منهما ٣.

واعلم أن أجرة المعلم حرام إذا شارط في تعليم القرآن ، أو معلم لايعلمه إلا قراناً فقط فحرام أجرته إن شارط أو لم يشارط ٤.

وروي عن ابن عباس في قوله تعالى ( أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ ) ٥ قال : أجرة المعلمين الذين يشارطون في تعليم القرآن.

وروي أن عبد الله بن مسعود جاء إلى النبي صلّى الله عليه وآله فقال : يا رسول الله ، أعطاني فلان الأعرابي ناقة بولدها ، أني كنت علمته أربع سور من كتاب الله ، فقال : « رد عليه ـ يا بن مسعود ـ ٦ فإن الأجرة على القرآن حرام ».

فإن خرج في السلعة عيب وعلم المشتري ، فالخيار إليه : إن شاء رد وإن شاء أخذه ورد عليه بالقيمة أرش العيب ، وإن كان العيب في بعض ما اشترى وأراد أن يرده على البائع ، رد تمامه أورد عليه بالقيمة أرش العيب. والقيمة أن تقوم السلعة صحيحة وتقوم معيبة فيعطى المشتري ما بين القيمتين.

__________________

١ ـ المقنع : ١٢٤ باختلاف يسير ، ومختلف الشيعة : ٤١٠ عن علي بن بابويه.

٢ ـ الفقيه ٣ : ١٠٥ / ٤٣٥ ، المقنع : ١٢٢.

٣ ـ المقنع : ١٢٢.

٤ ـ ورد مؤداه في الفقيه ٣ : ٩٩ / ٣٨٣.

٥ ـ المائدة : ٥ : ٤٢.

٦ ـ في نسخة « ش » : فقال رسول الله : يا بن مسعود رد عليه.

٢٥٣



٣٧ ـ باب النفقة والمآكل والمشارب والطعام

إعلم ـ يرحمك الله ـ أن الله تبارك وتعالى لم يبح أكلاً ولا شرباً إلا لما فيه المنفعة والصلاح ، ولم يحرم إلا مافيه الضرر والتلف والفساد ، فكل نافع مقوٍ للجسم فيه قوة للبدن فحلال وكل مضر يذهب بالقوة أو قاتل فحرام ، مثل : السموم ، والميتة ، والدم ، ولحم الخنزير ، وذي ناب من السباع ، ومخلب من الطير ، ومالا قانصة له منها. ومثل : البيض اذا استوى طرفاه ، والسمك الذي لافلوس له ، فحرام كله إلا عند الضرورة.

والعلة في تحريم الجري ـ وهو السلور ١ ـ وما جرى مجراه من سائر المسوخ البرية والبحرية ، مافيها من الضرر للجسم ، ( لأن الله تقدست آلاؤه ) ٢ مثل على صورها مسوخاً ، فأراد أن لايستخف بمثله.

والميتة تورث الكَلَبْ ، وموت الفجأة ، والآكلة.

والدم يقسي القلب ، ويورث الداء الدبيلة.

والسموم قاتلة.

والخمر يورث فساد القلب ، ويسود الأسنان ، ويبخر الفم ، ويبعد من الله ٣ ، و يقرب من سخطه ، وهو من شراب إبليس. وقال : ( شارب الخمر ملعون ) ٤ شارب الخمر كعبدة الأوثان ، يحشر يوم القيامة مع فرعون وهامان. وسنذكر إن شاء الله تعالى في

__________________

١ ـ في نسخة « ض » : « وهو السنور ». ولم ترد في نسخة « ش ». وما أثبتناه من مستدرك الوسائل ٣ : ٧٢.

والسلور : جنس سمك بحري ونهري « المعجم الوسيط ١ : ٤٤٧ ».

٢ ـ في نسخة « ض » : « لان تقدست اسماء ». وفي « ش » : « وان » وما أثبتناه من مستدرك الوسائل ٣ : ٧٢.

٣ ـ ورد مؤداه في الفقيه ٣ : ٢١٨ / ١٠٠٩.

٤ ـ ما بين القوسين ليس في نسخة « ش ».

٢٥٤

باب الخمر ما تورثه منه بتمامه.

واعلم أن كل صنف من صنوف الأشربة التي لاتغير العقل ، شرب الكثير منها لابأس به ، سوى الفقاع فإنه منصوص عليه لغير هذه العلة ١.

وكل شراب يتغير العقل منه كثيره وقليله حرام ، أعادنا الله وإياكم منها ٢.

وليكن نفقتك على نفسك وعلى عيالك قصداً فإن الله يقول ( يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ ) ٣ والعفو : الوسط ، وقال الله تعالى : ( وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا ) ٤.

وقال العالم عليه السلام : ضمنت لمن اقتصد ان لا يفتقر ٥.

واعلم أن نفقتك على نفسك وعيالك صدقة ، والكاد على عياله من حل كالمجاهد في سبيل الله ٦.

واعلم أنه جائز للوالد أن يأخذ من مال ولده بغير إذنه ، وليس للولد أن يأخذ من مال والده إلا بإذنه ٧.

وللمرأة أن تنفق من مال زوجها بغير إذنه ، المأدوم دون غيره ، وإذا أرادت الاُم أن تأخذ من مال ولدها فليس لها ، إلا أن تقوم على نفسها لترده عليه.

ولا بأس للرجل أن يأكل من بيت أبيه وأخيه واُمه واُخته وصديقه ـ ما يخشى عليه الفساد من يومه ـ بغير إذنه ، مثل : البقول والفاكهة وأشباه ذلك ٨.

وإذا مررت ببستان فلا بأس أن تأكل من ثمارها ، ولا تحمل معك شيئاً ٩.

__________________

١ ـ ورد تحريم الفقاع في الفقيه ٤ : ٣٠١ / ٩١١ ، والكافي ٦ : ٤٢٢ باب الفقاع ، والتهذيب ٩ : ١٢٤ / ٥٣٤.

٢ ـ ورد مؤداه في المقنع : ١٥٣ ، والهداية : ٧٦ ، والكافي ٦ : ٤٠٨ / ١ و ٢ و ٣ ، والتهذيب ٩ : ١١١ / ٤٨٠.

٣ ـ البقرة ٢ : ٢١٩.

٤ ـ الفرقان ٢٥ : ٦٧.

٥ ـ ورد باختلاف يسير في الفقيه ٢ : ٣٥ / ١٤٨.

٦ ـ المقنع : ١٢٢ ، الهداية : ٨٠.

٧ ـ المقنع : ١٢٤.

٨ ـ المقنع : ١٢٥ باختلاف يسير وتقديم وتأخير.

٩ ـ الفقيه ٣ : ١١٠ / ٤٦٤ ، المقنع : ١٢٤.

٢٥٥



٣٨ ـ باب الربا والسلم والدين والعينة

إعلم ـ يرحمك الله ـ أن الربا حرام سحت من الكبائر ، ومما قد وعد الله عليه النار ، فنعوذ بالله منها ، وهو محرم على لسان كل نبي وفي كل كتاب.

وقد أروي عن العالم عليه السلام أنه قال : إنما حرم الله تعالى الربا لئلا يتمانع الناس المعروف ١.

وروي أن أجر القرض ثمانية عشر ضعفاً من أجر الصدقة ، لأن القرض يصل إلى من لايضع نفسه للصدقة لأخذ الصدقة.

وأروي أنه إذا كان يوم القيامة رفع الله أعمال قوم كأمثال القباطي ٢ ، فيقول الله : إذهبوا فخذوا أعمالكم ، فإذا دنوا منها قال الله جل وعز : كن هباء. فصارت هباء ، وهو قوله : ( وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا ) ٣ ثم قال : أما والله لقد كانوا يصلون ويصومون ، ولكن إذا عرض لهم الحرام كانوا يأخذون ولم يبالوا.

وروي إذا كفل الرجل بالرجل ، حبس إلى أن يأتي صاحبه ٤.

وروي أن صاحب الدين يدفع إلى غرمائه ، إن شاؤا أجروه ٥ ، وإن شاؤا

__________________

١ ـ الكافي ٥ : ١٤٦ / ٨ ، التهذيب ٧ : ١٧ / ٧٢ باختلاف يسير ، من « إنما حرم الله ... ».

٢ ـ القباطي : جمع القبطية وهي ثياب رقيقة بيضاء تصنع بمصر « النهاية ٤ : ٦ ».

٣ ـ الفرقان ٢٥ : ٢٣.

٤ ـ ورد مؤداه في الفقيه ٣ : ٥٤ / ١٨٤ ، والمقنع : ١٢٧ ، والكافي ٥ : ١٠٥ / ٦ ، والتهذيب ٦ : ٢٠٩ / ٤٨٦ و ٤٨٧ ، من « وروي اذا كفل ... ».

٥ ـ في نسخة « ض » : « فإن شاؤا أخذوه ».

٢٥٦

استعملوه. وإن كان له ضيعة أُخذ منه بعضها ، وترك البعض إلى ميسرة ١.

وروي أنه لا تباع الدار ولا الجارية على الدين ٢.

وإذا كان على رجل دين إلى أجل ، فإذا مات الرجل فقد حل الدين ٣.

وروي : من كان عليه دين ينوي قضاءه ، ينصر من الله. حافظاه يعينانه على الأداء ، فإن قصرت نيته ، نقصوا عنه من المعونة بمقدار ما يقصر منه من نيته ٤.

أروي : أنه شكا رجل إلى العالم عليه السلام ديناً عليه ، فقال له العالم عليه السلام : اكثر من الصلاة.

وروي : ليس على الضامن غرم ، الغرم على من أكل المال ٥.

وروي أنه من أقرض قرضاً وضرب له أجلاً فلم يرد عليه عند انقضاء الأجل ، كان له من الثواب ـ في كل يوم ـ مثل صدقة دينار ٦.

وروي : كما لايحل للغريم المطل وهو موسر ، كذلك لايحل لصاحب المال أن يعسر المعسر ٧.

وأروي : من قدم غريماً له إلى السلطان ـ وهو يعلم أنه يحلف له ـ فتركه تعظيماً لله جل وعز ، لم يرض الله له يوم القيامة إلا بمنزلة ابراهيم الخليل عليه السلام ٨.

أروي : أنه سئل عن رجل له دين قد وجب فيقول : أخرني به وأنا أربحك ، فيبيعه حبة لؤلؤ تقوم بألف درهم بعشرة آلاف درهم أو بعشرين ألف ، فقال : لابأس.

وروي في خبر آخر بمثله : لابأس.

__________________

١ ـ ورد مؤداه في الفقيه ٣ : ١١٣ / ٤٧٩ ، والكافي ٥ : ٩٦ / ٤ ، والتهذيب ٦ : ١٨٦ / ٣٨٨. من « وان كان له ضيعة ... ».

٢ ـ الكافي ٥ : ٩٦ / ٣ ، التهديب ٦ : ١٨٦ / ٣٨٧.

٣ ـ الفقيه ٣ : ١١٦ / ٤٩٥ ، التهذيب ٦ : ١٩٠ / ٤٠٨.

٤ ـ الفقيه ٣ : ١١٢ / ٤٧٣ ، المقنع : ١٢٦ ، الكافي ٥ : ٩٥ / ١ ، التهذيب ٦ : ١٨٥ / ٣٨٤ باختلاف يسير.

٥ ـ لفقيه ٣ : ٥٤ / ١٨٦ ، الكافي ٥ : ١٠٤ / ٥ ، التهذيب ٦ : ٢٠٩ / ٤٨٥ ، من « وروي : ليس على الضامن ... ».

٦ ـ ثواب الأعمال : ١٦٧ : ٤ باختلاف يسير.

٧ ـ ثواب الأعمال : ١٦٧ : ٥ ، التهذيب ٦ : ١٩٣ / ٤١٨ باختلاف يسير.

٨ ـ ثواب الأعمال : ١٥٩ / ١ ، التهذيب ٦ : ١٩٣ / ٤١٩ باختلاف يسير.

٢٥٧

وقد أمرني أبي عليه السلام ففعلت مثل هذا ١.

وسئل عن الشاة بالشاتين والبيضة بالبيضتين ، فقال : لابأس إن لم يكن كيلاً ولا وزناً ٢.

وسئل عن حد الربا والعينة فقال : كلما يباع عليه فهو حلال ، وكل مافررت به من الحرام إلى الحلال فهو حلال ، وكل بيع بالنسية سعر يومه ما لم ينقص ، والصرف بالنسية ، والدينار بدينار وحبة وما فوقه ، وشراء الدراهم بالدراهم ، والذهب بالذهب ـ لتفضل ما بينهما في الوزن ـ حتى طعام اللين من الخبز باليابس والخبز النقي بالخشكار بالفضل ، وما لا يجوز فهو الربا ، إلا ان يكون بالسوي ومثله واشباهه.

واعلم أن الربا رباءان٣ ربا يؤكل وربا لايؤكل ، وأما الربا الذي يؤكل فهو هديتك إلى رجل يطلب الثواب أفضل منه ، فأما الذي لا يؤكل فهو ما يكال ويوزن ، فإذا دفع الرجل إلى رجل عشرة دراهم على أن يرد عليه أكثر منها ، فهو الربا الذي نهى الله عنه فقال : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا ) ٤ الآية. عنى بذلك أن يرد الفضل الذي أخذه على رأس ماله ، حتى اللحم الذي على بدنه مما حمله من الربا إذا تاب ، أن يضع عنه ذلك اللحم عن بدنه بالدخول إلى الحمام كل يوم على الريق ، هذا إذا تاب عن أكل الربا واخذه ومعاملته ٥.

وليس بين الوالد وولده ربا ، ولا بين الزوج والمرأة ربا ، ولا بين المولى والعبد ، ولا بين المسلم والذمي ٦.

ولو أن رجلاً باع ثوباً بثوبين أو حيواناً بحيوانين ـ من أي جنس يكون ـ

__________________

١ ـ الفقيه ٣ : ١٨٣ / ٨٢٣ و ٨٢٤ ، الكافي ٥ : ٢٠٥ / ١٠ و ١١ ، التهذيب ٧ : ٥٢ / ٢٢٧ و ٥٣ / ٢٢٨ باختلاف في ألفاظه.

٢ ـ الفقيه ٣ : ١٧٨ / ٨٠٧ ، التهذيب ٧ : ١١٨ / ٥١٣ ، الكافي ٥ : ١٩١ / ٨.

٣ ـ ليس في نسخة « ض ».

٤ ـ البقرة ٢ : ٢٧٨.

٥ ـ الفقيه ٣ : ١٨٢ / ٨٢١ ، المقنع : ١٢٥ باختلاف في ألفاظه ، من « اعلم أن الربا رباءان ... ».

٦ ـ المقنع : ١٢٦ ، الفقيه ٣ : ١٧٦ / ٧٩١ و ٧٩٢.

٢٥٨

لا يكون ذلك ربا ١ ، ولو باع ثوباً يسوى عشرة دراهم بعشرين درهماً ، أو خاتماً ما يسوى درهماً بعشر ـ ما دام عليه فص ـ لا يكون شيئاً فليس بالربا.

__________________

١ ـ ورد مؤداه في الفقيه ٣ : ١٧٧ / ٧٩٧ و ٧٩٨ ، والمقنع : ١٢٥ ، والكافي ٥ : ١٩٠ / ١ ، والتهذيب ٧ : ١١٨ / ٥١١.

٢٥٩



٣٩ ـ باب القضاء والأحكام

إعلم أن القضاء أربعة : قاض يقضي بالباطل وهو يعلم أنه باطل فهو في النار ، وقاض يقضي بالباطل وهو لا يعلم أنه فهو في النار ، وقاض قضى بالحق وهو لايعلم أنه حق فهو في النار ، وقاض يقضي بالحق هو يعلم أنه حق فهو في الجنة ، فاجتنب القضاء فإنك لا تقوم به ١.

واعلم أنه يجب عليك أن تساوي بين الخصمين حتى في النظر إليها ، حتى لايكون نظرك إلى أحدهما أكثر من نظرك إلى الثاني ٢.

فإذا تحاكمت إلى حاكم ، فانظر أن تكون على يمين خصمك ٣.

وإذا تحاكم خصمان فادعى لك واحد منهما على صاحبه دعوى ، فالذي يدعي بالدعوى أولاً أحق من صاحبه أن يسمع منه ، فإذا ادعيا جميعاً ، فالدعوى للذي على يمين خصمه.

واعلم أن الحكم في الدعاوى كلها ، أن البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه ، فإن نكل عن اليمين لزمه الحكم ، فإن رد المدعى عليه اليمين على المدعي إذا لم يكن للمدعي شاهدان فلم يخلف حق له ، إلا في الحدود فلا يمين فيها ، وفي الدم لأن البينة على المدعى عليه واليمين على المدعى لئلا يبطل دم امرئ مسلم ٤.

واعلم أنه لا يجوز شهادة شارب الخمر ، ولا اللاعب بالشطرنج والنرد ، ولا

__________________

١ ـ الفقيه ٣ : ٣ / ٦ ، المقنع : ١٣٢ باختلاف يسير.

٢ ـ ورد مؤداه في الفقيه ٣ : ٨ / ٢٧ ، والمقنع : ١٣٣ ، والكافي ٧ : ٤١٣ / ٣ ، والتهذيب ٦ : ٢٢٦ / ٥٤٣.

٣ ـ ورد مؤداه في الفقيه ٣ : ٧ / ٢٦ ، والتهذيب ٦ : ٢٢٧ / ٥٤٨.

٤ ـ الفقيه ٣ : ٣٩ عن رسالة والده ، المقنع : ١٣٢ ، الهداية : ٧٤.

٢٦٠