الفقه المنسوب للإمام الرضا عليه السلام

الفقه المنسوب للإمام الرضا عليه السلام

المؤلف:


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: المؤتمر العالمي للامام الرضا عليه السلام
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٤٧
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة



٢٤ ـ باب آخر في غسل الميت والصلاة عليه

إعلم ـ يرحمك الله ـ أن تجهيز الميت فرض واجب على الحي ، عودوا مرضاكم وشيّعوا جنازة موتاكم ، فإنها من خصال الإيمان ، وسنة نبيكم صلّى الله عليه وآله وسلم ، تؤجرون على ذلك ثواباً عظيماً فإذا حضر ( أحدكم الموت ) ١ فاحضروا عنده بالقرآن ، وذكر الله ، والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

وغسل الميت مثل غسل الحي من الجنابة ، إلا أنّ غسل الحي مرة واحدة بتلك الصفات ، وغسل الميت ثلاث مرات على تلك الصفات ، تبتدئ بغسل ٢ اليدين إلى نصف المرفقين ثلاثاً ثلاثا ٣ ثم الفرج ثلاثاً ثم الرأس ثلاثاً ، ثم الجانب الأيمن ثلاثاً ثم الجانب الأيسر ثلاثاً ، بالماء والسدر. ثم تغسله مرة اُخرى بالماء والكافور على هذه الصفة ، ثم بالماء القراح مرة ثالثة ، فيكون الغسل ثلاث مرات ، كل مرة خمسة عشر صبة.

ولا تقطع الماء إذا ابتدأت بالجانبين من الرأس إلى القدمين ، فإن كان الإناء يكبر عن ذلك وكان الماء قليلاً ، صببت في الأول مرة واحدة على اليدين ، ومرة على الفرج ، ومرة على الرأس ، ومرة على الجنب الأيمن ، ومرة على الجنب الأيسر ، بإفاضة لايقطع الماء من أول الجانبين إلى القدمين ، ثم عملت ذلك في سائر الغسل ، فيكون غسل كل مرة واحدة على ما وصفناه.

ويكون الغاسل على يديه خرقة ، ويغسل الميت من وراء ثوب أو يستر عورته بخرقة.

__________________

١ ـ في نسخة « ض » : « أحدهم الوفاة ».

٢ ـ في نسخة « ش » : « تغسل ».

٣ ـ ليس في نسخة « ش ».

١٨١

فإذا فرغت من غسله حنطه بثلاثة عشر درهماً وثلث درهم كافوراً تجعل في المفاصل ، ولا تقرب السمع والبصر ، وتجعل في موضع سجوده.

وأدنى مايجزيه من الكافور مثقال ونصف ١.

ثم يكفن بثلاث قطع وخمس وسبع ، فأمّا الثلاثة : مئزر وعمامة ولفافة ، والخمس : مئزر وقميص وعمامة ولفافتان ٢.

وروي أنه لايقرب الميت من الطيب شيئاً ولاالبخور ، إلا الكافور ، فإن سبيله سبيل المحرم ٣.

وروي اطلاق المسك فوق الكفن وعلى الجنازة ٤ لأن في ذلك تكرمة للملائكة ، فما من مؤمن يقبض روحه إلا تحضر عنده الملائكة.

وروي أنّ الكافور يجعل في فمه وفي مسامعه وبصره ورأسه ولحيته ـ وكذلك المسك ـ وعلى صدره وفرجه.

وقال ( العالم عليه السلام ) ٥ : الرجل والمرأة سواء ، وقال العالم عليه السلام : غير أني أكره أن يجمر ويتبع بالمجمرة ٦ ، ولكن يجمر الكفن.

وقال العالم عليه السلام : تؤخذ خرقة فيشهدها على مقعدته ورجليه ، قلت : الإزار ، قال العالم عليه السلام : انها لا تعد شيئاً ، وإنما اُمر بها لكي لايظهر منه شيء. وذكر العالم عليه السلام أن ما جعل من القطن أفضل ٧. وقال العالم عليه السلام : يكفن بثلاثة أثواب : لفافة ، وقميص ، وإزار ٨.

وذكر العالم عليه السلام أن عليّاً عليه السلام غسل النبي صلّى الله عليه وآله

__________________

١ ـ التهذيب ١ : ٢٩١ / ٨٤٩ باختلاف يسير. من « وأدنى مايجزيه ... ».

٢ ـ ورد مؤداه في الفقيه ١ : ٩٢ / ١٨.

٣ ـ ورد مؤداه في الكافي ٣ : ١٤٧ / ٣ ، والتهذيب ١ : ٢٩٥ / ٨٦٣.

٤ ـ ورد مؤداه في الكافي ٣ : ١٤٣ / ٣ ، والتهذيب ١ : ٣٠٧ / ٨٨٩.

٥ ـ ليس في نسخة « ض ». وكذلك في الموارد الاتية.

٦ ـ ورد مؤداه في الكافي ٣ : ١٤٣ / ٤. من « وروي أن الكافور ... ».

٧ ـ ورد باختلاف يسير في الكافي ٣ : ١٤٤ / ٩ ، والتهذيب ١ : ٣٠٨ / ٨٩٤.

٨ ـ الفقيه ١ : ٩٢ / ٤٢٠ باختلاف يسير.

١٨٢

وسلم في قميصه ١ وكفنه في ثلاثة أثواب : ثوبين صحاريين ٢ وثوب حبرة يمنية ٣.

ولحد له أبو طلحة ، ثم خرج أبو طلحة ودخل علي عليه السلام القبر ، فبسط يده فوضع النبي صلّى الله عليه وآله وسلم فأدخله اللحد.

وقال العالم عليه السلام : إن علياً عليه السلام لما أن غسّل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفرغ من غسله ، نظر في عينه ٤ فرأى فيها شيئاً ، فانكب عليه فأدخل لسانه فمسح ما كان فيها ، فقال : « بأبي واُمي يارسول الله ( صلى الله عليك ) ٥ طبت حيّاً وطبت ميّتاً ».

قال العالم عليه السلام ٦ : وكتب أبي في وصيته : أن أكفنه في ثلاثة أثواب :

أحدها رداء له حبرة وكان يصلي فيه يوم الجمعة ، وثوب آخر ، وقميص ، فقلت لأبي : لم تكتب هذا ؟ فقال : إني أخاف أن يغلبك الناس ، يقولون : كفّنه بأربعة أثواب أو خمسة ، فلا تقبل قولهم. وعصبته بعد بعمامة ، وليس تعدّ العمامة من الكفن ، إنما تعد مما يلف به الجسد ، وشققنا له القبر شقاً من أجل أنه كان رجلا بديناً وأمرني أن أجعل ارتفاع قبره أربعة أصابع مفرجات ٧.

وقال العالم عليه السلام ٨ : تتوضأ إذا أدخلت القبر الميت ٩ ، واغتسل إذا غسلته ١٠ ولا تغتسل إذا حملته.

وإذا أردت أن تصلي على الميت فكبر عليه ١١ خمس تكبيرات يقوم الامام عند وسط الرجل وصدر المرأة ، يرفع اليد بالتكبير الأول ، ويقنت بين كل تكبيرتين ،

__________________

١ ـ مختلف الشيعة : ٤٤ ، وفيه « وقد تواترات الأخبار عليهم السلام ان علياً ... ».

٢ ـ نسبة إلى صحار قرية باليمن تنسب إليها الثياب ، « مجمع البحرين ـ صحر ـ ٣ : ٣٦١ ».

٣ ـ ورد باختلاف يسير في الكافي ٣ : ١٤٣ / ٢ والتهذيب ١ : ٢٩١ / ٨٥٠.

٤ ـ في نسخة « ض » : « عينيه ».

٥ ـ ليس في نسخة « ش ».

٦ ـ في نسخة « ض » : « قاله العالم عليه السلام ».

٧ ـ التهذيب ١ : ٣٠٠ / ٨٧٦ باختلاف يسير.

٨ ـ ليس في نسخة « ض » ، وكذا في الموارد الاتية.

٩ ـ التهذيب ١ : ٣٢١ / ٩٣٤.

١٠ ـ ورد مؤداه في الفقيه ١ : ٩٨ / ٤٥١.

١١ ـ ليس في نسخة « ش ».

١٨٣

والقنوت ذكر الله ، والشهادتين ، والصلاة على محمد وآله ، والدعاء للمؤمنين والمؤمنات ، هذا في تكبيرة بغير رفع اليدين ولا تسليم ، لأن الصلاة على الميت إنما هو دعاء وتسبيح واستغفار ١.

وصاحب الميت لا يرفع الجنازة ولا يحثو التراب ، ويستحب له أن يمشي حافياً حاسراً مكشوف الرأس.

وروي أنه يعمل صاحب كل مصيبة فيها على مقدارها في نفسه ، ومقدار مصيبته في الناس.

ويصلي عليه أولى الناس به ، فإذا وضعته عند القبر وجعلت رأس الميت مما يلي الرجلين ، وينتظر هنيهه ثم يسل سلاًّ رفيقاً فيوضع في لحده ، ويكشف وجهه ويلصق خده الأرض ، ويلصق أنفه بحائط ٢ القبر ، ويضع يده اليمنى على أذنه ٣.

وروي يضع فمه على أذنه ـ الذي يدفنه ـ ويذكر ما يجب أن يذكر من الشهادتين ، ويتبعه بالدعاء ٤ ، ويجعل معه في أكفانه شيئاً من طين القبر وتربة الحسين ابن علي عليهما السلام ٥.

ويغتسل الغاسل ، ويتوضأ الدافن إذا خرج من القبر ٦.

وتقول في التكبيرة الاُولى ٧ في الصلاة : أشهد أن لاإله الا الله وحده لاشريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، إنا لله وإنا إليه راجعون ، الحمد لله رب العالمين رب الموت والحياة ، وصلّى الله على محمد وعلى أهل بيته ، وجزى الله محمداً عنّا خير الجزاء ، بما صنع لاُمته ، ومابلغ من رسالات ربه ، ثم يقول : اللهم عبدك وابن عبدك وابن أمتك ، ناصيته بيدك ، تخلّى من الدنيا واحتاج إلى ماعندك ، نزل بك وأنت خير منزول به ، وافتقر إلى رحمتك وأنت غني عن عذابه. اللهم إنّا لانعلم منه إلا خيراً

__________________

١ ـ ورد مؤداه في الفقيه ١ : ١٠١ / ٤٦٩ ، والمقنع : ٢٠ ، والهداية : ٢٥.

٢ ـ في نسخة « ش » : « تجاه ».

٣ ـ ورد مؤداه في المقنع : ٢٠.

٤ ـ ورد مؤداه في الكافي ٣ : ١٩٥ / ٥.

٥ ـ ورد مؤداه في التذهيب ٦ : ٧٥ / ١٤٩ ، والاحتجاج : ٤٨٩.

٦ ـ ورد مؤداه في الكافي ٣ : ١٦٠ / ٢ ، والتهذيب ١ : ٤٢٨ / ١٣٦٤.

٧ ـ في نسخة « ض » : « ويقول في تكبيره الأول و ».

١٨٤

وأنت أعلم به منّا ١ ، اللهم إن كان محسناً فزد في إحسانه ( وتقبل منه ) ٢ وإن كان مسيئاً فاغفر له ذنبه وارحمه ، وتجاوز عنه برحمتك ، اللهم ألحقه بنبيك ، وثبته بالقول الثابت في الدنيا والآخرة ، اللهم اسلك بنا وبه سبيل الهدى ، واهدنا وإيّاه صراطك المستقيم اللهم ٣ عفوك عفوك.

ثم تكبر الثانية ، وتقول مثل ما قلت ، حتى تفرغ من خمس تكبيرات ٤.

وقال العالم عليه السلام : ليس فيها التسليم ٥.

فإذا أتيت به القبر فسله من قبل رأسه ، فإذا وضعته في القبر فأقرأ آية الكرسي وقل : بسم الله ، وفي سبيل الله ، وعلى ملة رسول الله ، اللهم افسح له في قبره ، وألحقه بنبيه صلى الله عليه وآله وسلم. وقل كما قلت في الصلاة مرة واحدة ، واستغفر له ما استطعت.

قال العالم عليه السلام : وكان علي بن الحسين عليه السلام ، اذا ادخل الميت القبر ، قام على قبره ثم قال : اللهم جاف الارض عن ( جنبيه ، وأصعد ) ٦ عمله ، ولقّه منك رضواناً ٧.

وعن أبيه ، قال : إذا مات المحرم ، فليغسل وليكفن كما يغسل الحلال ، غير أنه لايقرب الطيب ، ولايحنط ويغطى وجهه ، والمرأة تكفن بثلاثة أثواب : درع ، وخمار ، ولفافة ، ـ تدرج فيها ـ وحنوط الرجل والمرأة سواء.

وعن ابيه عليه السلام : أنه كان يصلي على الجنازة بعد العصر ، ماكانوا في وقت الصلاة حتى تصفار ٨ الشمس ، فإذا اصفارت ٩ لم يصلّ عليها ( حتى تغرب ) ١٠.

__________________

١ ـ ليس في نسخة « ض ».

٢ ـ ليس في نسخة « ش ».

٣ ـ ليس في نسخة « ض ».

٤ ـ الكافي ٣ : ١٨٤ / ٤ باختلاف يسير.

٥ ـ ورد باختلاف في الفاظه في الكافي ٣ : ١٨٥ / ٢ و ٣ ، والتهذيب ٣ : ١٩٢ / ٤٣٧ ، ٤٣٨.

٦ ـ في نسخة « ض » : « جنبه وصعد ».

٧ ـ الكافي ٣ : ١٩٤ / ١ ، والتهذيب١ : ٣١٥ / ٩١٥.

٨ ـ في نسخة « ش » : « تصفر ».

٩ ـ في نسخة « ش » : « اصفرت ».

١٠ ـ ليس في نسخة « ش » وقد ورد مؤداه في الكافي ٣ : ١٨٠ / ٢ ، والتهذيب ٣ : ٣٢٠ / ٩٩٦ ، والاستبصار ١ : ٤٧٠ / ١٨١٤ و ١٨١٦. من « وعن أبيه أنه كان ...».

١٨٥

وقال العالم عليه السلام : لابأس بالصلاة على الجنازة حين تغيب الشمس و حين تطلع ، إنما هو استغفار ١.

__________________

١ ـ التهذيب ٣ : ٣٢١ / ٩٩٩ ، والإستبصار ١ : ٤٧٠ / ١٨١٥.

١٨٦



٢٥ ـ باب آخر في الصلاة على الميت

قال عليه السلام : تكبر ، ثم تصلّي على النبي وأهل بيته ، ثم تقول : اللهم عبدك وابن عبدك وابن أمتك ، لاأعلم منه إلا خيراً وأنت أعلم به ، اللهم إن كان محسناً ( فزد في إحسانه وتقبل منه وإن كان مسيئاً فاغفر له ذنبه ) ١ وافسح له في قبره ، واجعله من رفقاء محمد صلى الله عليه وآله وسلم.

ثم تكبر الثانية وتقول : اللهم إن كان زاكياً ٢ فزكه ، وإن كان خاطئاً فاغفر له.

ثم تكبر الثالثة وتقول : اللهم لاتحرمنا أجره ، ولا تفتنّا بعده.

ثم تكبر الرابعة وتقول : اللهم اكتبه عندك في علّيين ، واخلف على أهله في الغابرين ، واجعله من رفقاء محمد صلّى الله عليه وآله وسلم.

ثم تكبر الخامسة وتنصرف ٣.

وإذا كان ناصباً فقل : اللهم إنّا لا نعلم إلا أنه عدوّ لك ولرسولك ، اللهم فاحش جوفه ناراً ، وقبره ناراً ، وعجله إلى النار ، فإنه كان يتولى أعداءك ، ويعادي أولياءك ، ويبغض أهل بيت نبيك ، اللهم ضيق عليه قبره. فإذا رفع فقل : اللهم لا ترفعه ولا تزكه.

وإذا كان مستضعفاً فقل : اللهم اغفر للّذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم.

وإذا لم تدر ما حاله فقل : اللهم إن كان يحب الخير وأهله ، فاغفر له وارحمه

__________________

١ ـ ما بين القوسين ليس في نسخة « ض ».

٢ ـ في نسخة « ض » : « زكياً ».

٣ ـ الكافي ٣ : ١٨٣ / ٢.

١٨٧

وتجاوز عنه ١.

وإذا ماتت المرأة وليس معها ذو محرم ولانساء ، تدفن كما هي في ثيابها ، وإذا مات الرجل وليس معه ذو محرم ولارجال يدفن كما هو ( في ثيابه ) ٢.

ونروي أن علي بن الحسين عليهما السلام لما أن مات ، قال أبو جعفر عليه السلام : « لقد كنت أكره أن أنظر إلى عورتك في حياتك ، فما أنا بالذي أنظر إليها بعد موتك ». فأدخل يده وغسل جسده ، ثم دعا اُم ولد له فأدخلت يدها وغسلت عورته ٣ ، وكذلك فعلت أنا بأبي.

قال جعفر عليه السلام : « صلّى عليّ على سهل بن حنيف ـ وكان بدريّاً ـ فكبر خمس تكبيرات ، ثم مشى ساعة فوضعه ، ثم كبر عليه خمساً اُخرى ، فصنع ذلك حتى كبّر عليه خمساً وعشرين تكبيرة » ٤.

وقال : إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، أوصى إلى علي عليه السلام : ألا يغسلني غيرك. فقال علي عليه السلام : يا رسول الله من يناولني الماء ؟ وإنك رجل ثقيل لاأستطيع أن اُقلّبك ، فقال : جبرائيل معك يعاونك ، ويناولك الفضل ٥ الماء ، وقل له فليغطّ عينيه ، فإنه لايرى أحد عورتي غيرك إلا انفقأت عيناه. قال عليه السلام : كان الفضل يناوله الماء ، وجبرائيل يعاونه ، وعلي عليه السلام يغسله ٦.

فلما أن فرغ من غسله وكفنه ، أتاه العباس فقال : يا علي ، إن الناس قد اجتمعوا على أن يدفنوا ٧ النبي صلّى الله عليه وآله وسلم في بقيع المصلّى ، وأن يؤمهم رجل منهم.

فخرج علي عليه السلام إلى الناس فقال : يا أيها الناس ، أما تعلمون أن رسول الله صلّى الله عليه وآله إمامنا حيّاً وميّتاً ؟ وهل تعلمون أنه صلى الله عليه وآله لعن من

__________________

١ ـ الفقيه ١ : ١٠٥ / ٤٩١.

٢ ـ ليس في نسخة « ش » وورد باختلاف يسير في الفقيه ١ : ٩٤ / ٤٣٠ ، والتهذيب ١ : ٤٤٠ / ١٤٢٣.

٣ ـ في نسخة « ض » : « مراقه ». ومراق البطن : ما رقّ منه « القاموس المحيط ـ رقق ـ ٣ : ٢٣٧ ».

٤ ـ الكافي ٣ : ١٨٦ / ٢ ، والتهذيب ٣ : ٣٢٥ / ١٠١١ ، والاستبصار ١ : ٤٨٤ / ١٨٧٦. باختلاف يسير من « قال جعفر عليه السلام : صلّى علي .... ».

٥ ـ المقصود به : الفضل بن العباس بن عبدالمطلب.

٦ ـ ورد مؤداه في الطرف : ٤٢ ، وإعلام الورى ١ : ١٤٤.

٧ ـ في نسخة « ش » : « يدفن ».

١٨٨

جعل القبور مصلّى ؟ ولعن من يجعل مع الله إلهاً ؟ ولعن من كسر رباعيته ، وشقّ لثته ؟

فقالوا : الأمر إليك فاصنع ما رأيت ، قال : وإني أدفن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم في البقعة التي قبض فيها. ثم قام على الباب فصلّى عليه ، ثم أمر الناس عشرة عشرة يصلون عليه ثم يخرجون » ١.

قال العالم عليه السلام : أول من جعل له النعش فاطمة ابنة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم صلوات الله عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها ٢.

__________________

١ ـ الكافي ١ : ٣٧٥ / ٣٧ باختلاف في ألفاظه.

٢ ـ الفقيه ١ : ١٢٤ / ٥٩٧ ، والتهذيب ١ : ٤٦٩ / ١٥٣٩.

١٨٩



٢٦ ـ باب الاعتكاف

قال العالم عليه السلام : وسئل عن الإعتكاف فقال : لايصلح الإعتكاف إلا في المسجد الحرام ، ومسجد الرسول ، ومسجد الكوفة ، ومسجد الجماعة ، ويصوم مادام معتكفاً ١.

ولاينبغي للمعتكف أن يخرج من المسجد ، إلا لحاجة لابدّ منها ، وتشييع الجنازة ، ويعود المريض ، ولايجلس حتى يرجع من ساعته ، واعتكاف المرأة مثل اعتكاف الرجل ٢.

قال العالم عليه السلام : كانت بدر في رمضان ، فلم يعتكف النبي صلى الله عليه وآله وسلّم ، فلمّا كان من قابل اعتكف عشرين يوماً من رمضان : عشرة لعامه ، و عشرة قضاء لمافاته عليه السلام ٣.

__________________

١ ـ الكافي ٤ : ١٧٦ / ٣.

٢ ـ ورد باختلاف يسير في الفقيه ٢ : ١٢٠ / ٥٢١ و ١٢٢ / ٥٢٩ ، والكافي ٤ : ١٧٨ / ٣.

٣ ـ الفقيه ٢ : ١٢٠ / ٥١٨ ، والكافي ٤٠ : ١٧٥ / ٢.

١٩٠



٢٧ ـ باب الحيض ، والإستحاضة ، والنفاس ، والحامل ، ودم القرحة والعذرة ، والصفراء إذا رأت ، وما يستعمل فيها

إعلم أن أقل مايكون أيام الحيض ثلاثة أيام ، وأكثر مايكون عشرة أيام ، فعلى المرأة أن تجلس عن الصلاة بحسب عادتها ، مابين الثلاثة إلى العشرة ، لا تطهر في أقل من ذلك ، ولا تدع الصلاة أكثر من عشرة أيام.

والصفرة قبل الحيض حيض ، وبعد أيام الحيض ليست من الحيض.

فإذا زاد عليها الدم ـ على أيامها ـ إغتسلت في كل يوم مع الفجر ، واستدخلت الكرسفة ١ وشدت وصلّت ثم لا تزال تصلي يومها مالم يظهر الدم فوق الكرسف والخرقة ، فإذا ظهر أعادت الغسل ، وهذه صفة ما تعمله المستحاضة بعد أن تجلس أيام الحيض على عادتها.

والوقت الذي يجوز فيه نكاح المستحاضة ، وقت الغسل وبعد أن تغتسل وتنظف ، لأن غسلها يقوم مقام الطهر للحايض ٢ ، والنفساء تدع الصلاة أكثره مثل أيام حيضها وهي عشرة أيام ، وتستظهر بثلاثة أيام ، ثم تغتسل فإذا رأت الدم عملت كما تعمل المستحاضة.

وقد روي ثمانية عشر يوماً ، وروي ثلاثة وعشرين يوماً ، وبأي هذه الأحاديث أخذ من جهة التسليم جاز.

والحامل إذا رأت الدم في الحمل كما كانت تراه ، تركت الصلاة أيام الدم ،

__________________

١ ـ الكرسف : القطن « الصحاح ـ كرسف ـ ٤ : ١٤٢١ ».

٢ ـ ورد مؤداه في الفقيه ١ : ٥٠ عن رسالة أبيه ، والمقنع : ١٥ ، والهداية : ٢١.

١٩١

فإن رأت صفرة لم تدع الصلاة ، وقد روي أنها تعمل ماتعمله ١ المستحاضة إذا صح لها الحمل فلا تدع الصلاة ، والعمل من خواص الفقهاء على ذلك ٢.

واعلم أن أول ماتحيض المرأة دمها كثير ، ولذلك صار حدّها عشرة أيام.

فإذا دخلت في السن نقص دمها ، حتى يكون قعودها تسعة أو ثمانية أو سبعة وأقل من ذلك ، حتى ينتهى إلى أدنى الحد وهو ثلاثة أيام.

ثم ينقطع الدم عليها ، فتكون ممن قد يئست من الحيض ٣.

وتفسير المستحاضة أن دمها يكون رقيقاً تعلوه صفرة ، ودم الحيض إلى السواد وله رقة ٤ فإذا دخلت المستحاضة في حد حيضتها الثانية ، تركت الصلاة حتى تخرج الأيام التي تقعد في حيضها ، فإذا ذهب عنها الدم إغتسلت وصلت.

وربما عجل الدم من الحيضة الثانية ، والحد بين الحيضتين القرء وهو عشرة أيام بيض.

فإن رأت الدم بعد اغتسالها من الحيض قبل استكمال عشرة أيام بيض ، فهو ما بقي من الحيضة الاُولى.

وإن رأت الدم بعد العشرة البيض ، فهو ما تعجل من الحيضة الثانية.

فإذا دام دم المستحاضة ومضى عليها مثل أيام حيضها ، أتاها زوجها متى ماشاء ، بعد الغسل أو قبله ٥.

ولا تدخل الحائض المسجد إلا أن تكون مجتازة ، ويجب عليها عند حضور كل صلاة أن تتوضأ وضوء الصلاة ، وتجلس مستقبل القبلة وتذكر الله بمقدار صلاتها كل يوم.

وإذا ٦ رات يوماً أو يومين فليس ذاك ٧ من الحيض ، مالم تر ثلاثة أيام متواليات ، وعليها أن تقضي الصلاة التي تركتها في اليوم واليومين.

وإن رأت الدم أكثر من عشرة أيام ، فلتقعد عن الصلاة عشرة ، ثم تغتسل يوم حادي

__________________

١ ـ في نسخة « ش » : « تعمل ».

٢ ـ ورد مؤداه في الفقيه ١ : ٥٦ / ٢١١ ، والكافي ٣ : ٩٦ / ٢ من « والحامل اذا رأت الدم ... ».

٣ ـ ورد مؤداه في الكافي ٣ : ٧٦ / ٥ ، والتهذيب ١ : ١٥٨ / ٤٥٢.

٤ ـ كذا ، والظاهر أن الصواب : حرقة.

٥ ـ ورد مؤداه في الكافي ٣ : ٩٠ / ٥ و ٦.

٦ ـ في نسخة « ض » : « وان ».

٧ ـ في نسخة « ش » : « ذلك ».

١٩٢

عشر وتحتشي وتغتسل ، فإن لم يثقب الدم القطن صلّت صلاتها ، كل صلاة بوضوء.

وإن ثقب الدم الكرسف ولم يسل صلت صلاة اللّيل والغداة بغسل واحد ، وسائر الصلوات بوضوء.

وإن ثقب الدم الكرسف وسال ، صلّت صلاة الليل والغداة بغسل ، والظهر والعصر بغسل ، وتؤخر الظهر قليلاً وتعجل العصر ، وتصلّي المغرب والعشاء الآخرة بغسل واحد ، وتؤخر المغرب قليلاً وتعجّل العشاء الاخرة.

فإذا دخلت في أيام حيضها تركت الصلاة.

ومتى ما اغتسلت على ما وصفت حلّ لزوجها أن يأتيها ١.

وإذا رأت الصفرة في أيام حيضها فهو حيض ، وإن ٢ رأت بعدها فليس من الحيض ٣.

وإذا أرادت الحائض بعدُ الغسل من الحيض فعليها أن تستبرئ والإستبراء أن تدخل قطنة ، فإن كان هناك دم خرج ولو مثل رأس الذباب لم تغتسل ، وإن لم يخرج اغتسلت ٤.

وإذا أرادت المرأة أن تغتسل من الجنابة فأصابها الحيض ، فلتترك الغسل حتى تطهر ، فإذا طهرت إغتسلت غسلاً واحداً للجنابة والحيض ٥.

وإذا رأت الصفرة أو شيئاً من الدم ، فعليها أن تلصق بطنها بالحائط ، وترفع رجلها اليسرى ـ كما ترى الكلب إذا بال ـ وتدخل قطنة ، فإن خرج فيها دم فهي حائض ، وإن لم يخرج فليست بحائض.

وإن اشتبه عليها الحيض بدم القرحة ـ فربما كان في فرجها قرحة ـ فعليها أن تستلقي على قفاها وتدخل أصابعها ، فإن خرج الدم من الجانب الأيمن فهو من القرحة ، وإن خرج من الجانب الأيسر فهو من الحيض ٦.

__________________

١ ـ الفقيه ١ : ٥٠ عن رسالة أبيه ، من « ولاتدخل الحائض المسجد ... » ، والهداية : ٢١ ، من « واذا رأت يوماً أو يومين ... » ، والمقنع : ١٥ ، من « وإن رأت الدم ... ».

٢ ـ في نسخة « ش » : « واذا ».

٣ ـ ورد باختلاف في ألفاظه في المقنع : ١٥.

٤ ـ الفقيه ١ : ٥٣ / ٢٠٣ ، والهداية : ٢٢.

٥ ـ الفقيه ١ : ٤٨ / ١٩١.

٦ ـ المقنع : ١٥ ، ١٦.

١٩٣

وإن افتضّها زوجها ولم يرقأ ١ دمها ، ولا تدري دم الحيض هو أم دم العذرة ، فعليها أن تدخل قطنة ، فإن خرجت القطنة مطوقة بالدم فهو من العذرة ، وإن خرجت منغمسة فهو من الحيض ٢.

واعلم أن دم العذرة لايجوز الشفرتين ، ودم الحيض حار يخرج بحرارة شديدة ، ودم المستحاضة ٣ بارد يسيل وهي لا تعلم ، وبالله التوفيق ٤.

__________________

١ ـ لم يرقأ لم ينقطع. « القاموس المحيط ـ رقاً ـ ١ : ١٦ ».

٢ ـ المقنع : ١٧.

٣ ـ في نسخة « ض » : « الإستحاضة ».

٤ ـ المقنع : ١٦ ، وأورده عن رسالة أبيه في الفقيه ١ : ٥٤ ، من « وإذا رأت الصفرة أو شيئاً من الدم .. ».

١٩٤



٢٨ ـ باب الزكاة

إعلم أن الله تبارك وتعالى فرض على الأغنياء الزكاة بقدر مقدور ، وحساب محسوب ، فجعل عدد الأغنياء في مائتين مائة وخمسة وتسعين ، والفقراء خمسة ، وقسم الزكاة على هذا الحساب ، فجعل على كل مائتين خمسة حقاً ، للضعفاء ، وتحصيناً لأموالهم ، لاعذر لصاحب المال في ترك إخراجه.

وقد قرنها الله بالصلاة ، وأوجبها مرة واحدة في كل سنة.

ووضعها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم على تسعة أصناف : الذهب والفضة ، والحنطة والشعير ، والتمر والزبيب ، والإبل والبقر ١ والغنم ، وروي على ٢ الجواهر والطيب وما أشبه هذه الصنوف من الأموال ٣.

وفي كل ما دخل القفيز والميزان ربع العشر ، إذا كان سبيل هذه الأصناف سبيل الذهب والفضة في التصرف فيها والتجارة ، وإن لم يكن هذه سبيلها فليس فيها غير الصدقة ( فيما فيه الصدقة ) ٤.

والعشر ونصف العشر فيما سوى ذلك في أوقاته.

وقد عفا الله عما سواها.

وليس فيما دون عشرين ديناراً زكاة ففيها نصف دينار ، وكلما زاد بعد العشرين إلى أن

__________________

١ ـ ليس في نسخة « ض ».

٢ ـ في نسخة « ض » : « عن ».

٣ ـ ورد مؤداه في الفقيه ٢ : ٨ / ٢٦ ، والمقنع : ٤٨ ، والهداية : ٤١ ، والكافي ٣ : ٥١٠ / ٣ و ٥١١ / ٤ من « و وضعها رسول الله ... ».

٤ ـ ليس في نسخة « ش ».

١٩٥

يبلغ أربعة دنانير فلازكاة فيه ، فإذا بلغ أربعة دنانير ففيه عشر دينار ، ثم على هذا الحساب ١.

وليس على المال الغائب زكاة ٢ ، ولافي مال اليتيم زكاة ٣.

وأول أوقات الزكاة بعد ما مضى ستة أشهر من السنة ، لمن أراد تقديم الزكاة ٤.

وليس على الغنم زكاة حتى تبلغ أربعين شاة ، فإذا زادت على الأربعين واحدة ففيها شاة ، إلى عشرين ومائة ، فإذا زادت واحدة ففيها شاتان ، إلى مائتين ، فإذا زادت واحدة ففيها ثلاث ، إلى ثلاث مائة ٥ ، فإذا كثر الغنم سقط هذا كله ويخرج في كل مائة شاة.

ويقصد المصدق الموضع الذي فيه الغنم ، فينادي : يامعشر المسلمين هل لله في أموالكم حق ؟ فإن قالوا : نعم ، أمر أن يخرج الغنم ويفرقها فرقتين ، ويخير صاحب الغنم في إحدى الفرقتين ، ويأخذ المصدق صدقتها من الفرقة الثانية ، فإن أحب صاحب الغنم أن يترك المصدق له هذه فله ذاك ويأخذ غيرها ، وإن لم يرد صاحب الغنم أن يأخذها أيضاً فليس له ذلك ، ولايفرق المصدق بين غنم مجتمعة ، ولايجمع بين متفرقة ٦.

وفي البقر إذا بلغت ثلاثين بقرة ففيها تبيع حولي ، وليس فيها إذا كانت دون ثلاثين شيء ، فإذا بلغت أربعين ففيها مسنة إلى ستين ، فإذا بلغت ستين ففيها تبيعان إلى سبعين ، فإذا بلغت سبعين ففيها تبيعة ومسنّة إلى ثمانين ، فإذا بلغت ثمانين ففيها مسنتان إلى تسعين ، فإذا بلغت تسعين ففيها ثلاث تبايع ، فإذا كثر البقر سقط هذا كله ، ويخرج من كل ثلاثين بقرة تبيعاً ، ومن كل أربعين مسنّة ٧.

وليس في الإبل شيء حتى يبلغ خمسة فإذا بلغت خمسة ففيها شاة ، وفي عشرة شاتان ، وفي خمسة عشر ثلاث شياة ، وفي عشرين أربع شياة ، وفي خمس وعشرين خمس شياة ، فإذا زادت واحدة فابنة مخاض ، وإن لم يكن عنده ابنة مخاض ففيها ابن لبون ذكر إلى خمسة وثلاثين ، فإن زادت فيها واحدة ففيها بنت لبون ، فإن ، لم يكن عنده وكان عنده ابنة مخاض أعطى

__________________

١ ـ ورد باختلاف في الفاظه في الفقيه ٢ : ٨ / ٢٦ ، والمقنع : ٥٠ ، والهداية : ٤٣ ، من « وليس فيما دون ... ».

٢ ـ التهذيب ٤ : ٣١ باختلاف في ألفاظه.

٣ ـ الفقيه ٢ : ٩ / ٢٧ ، والمقنع : ٥١ باختلاف يسير.

٤ ـ ورد مؤداه في الفقيه ٢ : ١٠ / ٢٩ ، والمقنع : ٥١.

٥ ـ في نسخة « ش » زيادة : « وواحدة ».

٦ ـ الفقيه ٢ : ١٤ / ٣٦ ، والمقنع : ٥٠.

٧ ـ الفقيه ٢ : ١٣ / ٣٥ ، والمقنع : ٥٠ ، والهداية : ٤٢ باختلاف يسير.

١٩٦

المصدق ابنة مخاض وأعطى معها شاة.

وإذا وجبت عليها ابنة مخاض ( ولم يكن عنده ) ١ وكان عنده ابنة لبون دفعها واسترجع من المصدق شاة ، فإذا بلغت خمسة وأربعين وزادت واحدة ففيها حقة ، و سميت حقة لأنه استحقت أن يركب ظهرها ، إلى أن يبلغ ستين ، فإذا زادت واحدة ففيها جذعة إلى خمسة وسبعين ، فإذا زادت واحدة ففيها ( بنتالبون ) ٢ إلى تسعين ٣ فإذا كثر الإبل ففي كل خمسين حقة ٤.

وليس في الحنطة والشعير شيء إلى أن يبلغ خمسة أوسق.

والوسق ستون صاعاً ، والصاع أربعة أمداد ، والمدّ مائتان وإثنان وتسعون درهماً ونصف.

فإذا بلغ ذلك وحصل بغير خراج السلطان ، ومؤنة العمارة للقرية ، أخرج منه العشر إن كان سقي بماء المطر أو كان بعلاً ٥ ، وإن كان سقي بالدلاء والغرب ٦ ففيه نصف العشر.

وفي التمر والزبيب مثل ما في الحنطة والشعير ، فإن بقي الحنطة والشعير بعدما أخرج الزكاة مابقى ، وحالت عليها السنة ، ليس عليها زكاة حتى تباع ويحول على ثمنها حول ٧.

ونروي أنه ليس على الذهب زكاة حتى يبلغ أربعين مثقالاً ، فإذا بلغ أربعين مثقالاً ففيه مثقال ٨ ، وليس في نيف شيء حتى يبلغ أربعين ٩ ، ولايجوز في الزكاة أن يعطى أقل من نصف دينار ١٠.

وإني أروي عن أبي العالم عليه السلام في تقديم الزكاة وتأخيرها ، أربعة أشهر أو ستة أشهر ، إلا أن المقصود منها أن تدفعها إذا وجب عليك ، ولايجوز لك تقديمها وتأخيرها لأنها

__________________

١ ـ مابين القوسين ليس في نسخة « ش ».

٢ ـ في نسخة « ض » : « ثني ».

٣ ـ في الفقيه زيادة : « فإذا زادت واحدة فحقتان إلى عشرين ومائة » ، وهو الصواب.

٤ ـ الفقيه ٢ : ١٢ / ٣٣ ، المقنع ، ٤٩ ، الهداية : ٤١.

٥ ـ البعل : كل نخل وشجر وزرع لايسقى ، أو ما سقته السماء « القاموس المحيط ـ بعل ـ ٣ : ٣٣٥ ».

٦ ـ الغرب : الدلو العظيمة « الصحاح ـ غرب ـ ١ : ١٩٣ ».

٧ ـ الفقيه ٢ : ١٨ / ٥٩ ، والهداية : ٤١ باختلاف يسير.

٨ ـ المقنع : ٥٠.

٩ ـ الفقيه ٢ : ٩ / ٢٦.

١٠ ـ الفقيه ٢ : ١٠ عن رسالة أبيه.

١٩٧

مقرونة بالصلاة ، ولايجوز لك تقديم الصلاة قبل وقتها ، ولا تأخيرها إلا أن يكون قضاء ، و كذلك الزكاة.

وإن أحببت أن تقدم من زكاة مالك شيئاً تفرج به عن مؤمن فاجعلها ديناً عليه ، فإذا دخل ١ عليك وقت الزكاة فاحسبها له زكاة ، فإنه يحسب لك من زكاة مالك ، ويكتب لك أجر القرض والزكاة ٢.

وإن كان لك على رجل مال ولم يتهيأ لك قضاؤه ، فاحسبها من الزكاة إن شئت ٣.

وقد أروي عن العالم عليه السلام أنه قال : نعم الشيء القرض ، إن أيسر قضاك ، وإن عسر حسبته من زكاة مالك ٤.

وإن كان مالك في تجارة ، وطلب منك المتاع برأس مالك ، ولم تبعه ـ تبتغي بذلك الفضل ـ فعليك زكاته إذا جاء عليك الحول. وإن لم يطلب منك برأس مالك فليس عليك الزكاة ، وإن غاب عنك مالك فليس عليك زكاته إلا أن يرجع إليك ، ويحول عليه الحول وهو في يدك ، إلا أن يكون مالك على رجل متى ما أردت أخذت منه ، فعليك زكاته فإن رجع إليك نفعه لزمتك زكاته ٥.

فإن استقرضت من رجل مالاً ، وبقي عندك حتى حال عليه الحول فعليك فيه الزكاة. فإن بعت شيئاً وقبضت ثمنه ، واشترطت على المشتري زكاة سنة أو سنتين أو أكثر من ذلك ، فإنه يلزمه دونك ٦.

وليس على الحلّي زكاة ولكن تعيره مؤمناً إذا استعاره منك فهو زكاته ٧.

وليس في مال اليتيم زكاة ، إلا أن يتّجر بها ، فإن اتجرت به ففيه الزكاة ٨.

__________________

١ ـ في نسخة « ض » : « حلّت ».

٢ ـ الفقيه ٢ : ١٠ / ٢٩ ، المقنع : ٥١.

٣ ـ الفقيه ٢ : ١٠ / ٣١ ، المقنع : ٥١.

٤ ـ الفقيه ٢ : ١٠ / ٣٠ ، المقنع : ٥١.

٥ ـ الفقيه ٢ : ١١ / ٣١.

٦ ـ الفقيه ٢ : ١١ / ٣١ ، والمقنع : ٥٣ بتقديم وتأخير.

٧ ـ الفقيه ٢ : ٩ / ٢٦ ، والمقنع : ٥٢.

٨ ـ الفقيه ٢ : ٩ / ٢٧.

١٩٨

وليس في السبائك زكاة ، إلا أن يكون فررت به من الزكاة ١ فعليك فيه زكاة ٢.

وإياك أن تعطي زكاة مالك غير أهل الولاية ، ولا تعطي من أهل الولاية ، ولا تعطي من أهل الولاية الأبوين ، والولد ، والزوجة ، والصبي ٣ ، والمملوك وكل من هو في نفقتك فلا تعطه ٤.

وليس ذكر في سائر الأشياء زكاة مثل : القطن ، والزعفران ، والخضر ، والثمار ، والحبوب ـ سوى ما ذكرتك ـ زكاة ٥ ، إلا أن يباع ويحول على ثمنه الحول ٦.

وإن اشترى رجل أباه من زكاة ماله فأعتقه فهو جائز.

وإن مات رجل مؤمن ، وأحببت أن تكفنه من زكاة مالك ، فاعطها ورثته فيكفنونه ، وان لم يكن له ورثة فكفنه أنت ، واحسب به من زكاة مالك ، فإن أعطى ورثته قوم آخرون ( ثمن كفنه ) ٧ فكفنه من مالك واحسبه من الزكاة ، ويكون ما أعطاهم القوم لهم يصلحون به شأنهم.

وإن كان على الميت دين ، لم يلزم ورثته القضاء مما أعطيته ، ولا مما أعطاهم القوم ، لأنه ليس بميراث ، وإنما هو شيء صار لورثته بعد موته ٨.

وإن استفاد المعتق مالاً فماله لمن أعتق ، لأنه مشتري بماله ، وبالله التوفيق.

__________________

١ ـ في نسخة « ض » زيادة : « فإن فررت به من الزكاة ».

٢ ـ الفقيه ٢ : ٩ / ٢٦ ، والمقنع : ٥١.

٣ ـ ليس في نسخة « ض ».

٤ ـ الفقيه ٢ : ١١ / ٣ ، والمقنع : ٥٢ ، والهداية : ٤٣.

٥ ـ ليس في نسخة « ش ».

٦ ـ المقنع : ٥١ باختلاف يسير.

٧ ـ في نسخة « ش » و « ض » : « من كفن » وما أثبتناه من البحار ٩٦ : ٦٧ / ٣٩.

٨ ـ الفقيه ٢ : ١٠ / ٣١ ، المقنع : ٥٢ باختلاف يسير.

١٩٩



٢٩ ـ باب الصوم

واعلم أن الصوم على أربعين وجهاً ، فعشرة واجبة صيامهن كوجوب شهر رمضان ، وعشرة أوجه صيامهن حرام ، وأربعة عشر وجهاً منها صاحبها بالخيار ، إن شاء صام وإن شاء أفطر ، وصوم الاذن على ثلاثة أوجه ، وصوم التأديب ، ومنها صوم الإباحة وصوم السفر والمرض.

أما الصوم الواجب :

فصوم شهر رمضان.

وصيام شهرين متتابعين ـ يعني لمن أفطر يوماً من شهر رمضان عامداً متعمداً ـ.

وصيام شهرين متتابعين في قتل الخطأ ـ لمن لم يجد العتق ـ واجب ، من قول الله تعالى : ( فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ ) ١.

والصوم في كفارة الظهار ، قال الله تعالى : ( فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ) ٢.

وصيام ثلاثة أيام في كفارة اليمين ( واجب لمن لايجد الاطعام ) ٣ ، قال الله تعالى : ( فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ ) ٤.

كل ذلك متتابع وليس بمفترق.

وصيام من كان به أذى من رأسه واجب ، قال الله تبارك وتعالى : ( أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ ) ٥ فصاحب هذه بالخيار ، فإن صام صام ثلاثة.

__________________

١ ـ النساء ٤ : ٩٢.

٢ ـ المجادلة ٥٨ : ٤.

٣ ـ ما بين القوسين ليس في نسخة « ش ».

٤ ـ المائدة ٥ : ٨٩.

٥ ـ البقرة ٢ : ١٩٦.

٢٠٠