محاضرات في الإلهيّات

الشيخ علي الربّاني الگلبايگاني

محاضرات في الإلهيّات

المؤلف:

الشيخ علي الربّاني الگلبايگاني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
الطبعة: ١١
ISBN: 978-964-357-294-5
الصفحات: ٥٢٨

الفصل السادس :

النصوص الدينية

وتنصيب علي عليه‌السلام للإمامة

قد تبيّن بما قدّمناه من الأبحاث على ضوء الكتاب والسنّة ومن خلال مطالعة تاريخ الإسلام والمحاسبة في الأُمور الاجتماعية والسياسية ، وفي ظلّ هداية العقل الصريح ، أنّ خليفة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله وإمام المسلمين يجب أن يكون منصوباً من جانب الرّسول بإذن من الله سبحانه ، وعندئذ يلزمنا الرجوع إلى الكتاب والسنّة لنقف على ذلك القائد المنصوب فنقول : إنّ من أحاط بسيرة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله يجد علي بن أبي طالب وزير رسول الله في أمره ووليّ عهده وصاحب الأمر من بعده ، ومن وقف على أقوال النبيّ وأفعاله في حلّه وترحاله ، يجد نصوصه في ذلك متواترة ، كما أنّ هناك آيات من الكتاب العزيز تهدينا إلى ذلك ، ونحن نكتفي في هذا المجال بذكر آية الولاية من الكتاب ونتبعها بحديثي المنزلة والغدير :

٣٦١

آية الولاية

قال سبحانه : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) (١)

وقبل الاستدلال بالآية نذكر شأن نزولها ، روى المفسّرون عن أنس بن مالك وغيره أنّ سائلاً أتى المسجد وهو يقول : من يقرض الملي الوفيّ ، وعليّ راكع يشير بيده للسائل : اخلع الخاتم من يدي ، فما خرج أحد من المسجد حتى نزل جبرئيل ب : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ)(٢)

وإليك توضيح الاستدلال :

إنّ المستفاد من الآية أنّ هناك أولياء ثلاثة وهم : الله تعالى ، ورسوله ، والمؤمنون الموصوفون بالأوصاف الثلاثة ، وأنّ غير هؤلاء من المؤمنين هم مولّى عليهم ولا يتحقّق ذلك إلّا بتفسير الولي بالزعيم والمتصرّف في شئون المولّى عليه ، إذ هذه الولاية تحتاج إلى دليل خاص ، ولا يكفي الإيمان في

__________________

(١) المائدة : ٥٥.

(٢) رواه الطبري في تفسيره : ٦ / ١٨٦ ؛ والجصّاص في أحكام القرآن : ٢ / ٤٤٦ ؛ والسيوطي في الدر المنثور : ٢ / ٢٩٣ ؛ وغيرهم. وأنشأ حسّان بن ثابت في ذلك أبياته المعروفة ، وهي ،

أبا حسن تفديك نفسي ومهجتي

وكلّ بطي في الهدى ومسارع

أيذهب مدحي والمحبين ضائعاً

وما المدح في ذات الإله بضائع

فأنت الّذي أعطيت إذ أنت راكع

فدتك نفوس القوم يا خير راكع

بخاتمك الميمون يا خير سيد

ويا خير شار ثمّ يا خير بائع

فأنزل فيك الله خير ولاية

وبيّنها في محكمات الشرائع

٣٦٢

ثبوتها ، بخلاف ولاية المحبّة والنصرة ، إذ هما من فروع الإيمان ، فكلّ مؤمن محبّ لأخيه المؤمن وناصر له. هذا مضافاً إلى الاختصاص المستفاد من كلمة (إِنَّما) وأحاديث شأن النزول الواردة في الإمام علي عليه‌السلام ، فهذه الوجوه الثلاثة تجعل الآية كالنصّ في الدلالة على ما يرتئيه الإمامية في مسألة الإمامة.

فإن قلت : إذا كان المراد من قوله : (الَّذِينَ آمَنُوا) هو الإمام علي بن أبي طالب عليه‌السلام فلما ذا جيء بلفظ الجماعة؟

قلت : جيء بذلك ليرغب الناس في مثل فعله فينالوا مثل ثوابه ، ولينبِّه على أنّ سجيَّة المؤمنين يجب أن تكون على هذه الغاية من الحرص على البرّ والإحسان وتفقد الفقراء حتى إن لزمهم أمر لا يقبل التأخير وهم في الصلاة ، لم يؤخّروه إلى الفراغ منها. (١)

وهناك وجه آخر أشار إليه الشيخ الطبرسي ، وهو أن النكتة في إطلاق لفظ الجمع على أمير المؤمنين ، تفخيمه وتعظيمه ، وذلك أنّ أهل اللّغة يعبّرون بلفظ الجمع عن الواحد على سبيل التعظيم ، وذلك أشهر في كلامهم من أن يحتاج إلى الاستدلال عليه. (٢)

ربّما يقال : «إنّ المراد من الوليّ في الآية ليس هو المتصرّف ، بل المراد الناصر والمحبّ بشهادة ما قبلها وما بعدها ، حيث نهى الله المؤمنين أن

__________________

(١) الكشاف : ١ / ٦٤٩.

(٢) مجمع البيان : ٣ ـ ٤ / ٢١١.

٣٦٣

يتّخذوا اليهود والنصارى أولياء ، وليس المراد منه إلّا النصرة والمحبّة ، فلو فُسّرت في الآية بالمتصرّف يلزم التفكيك». (١)

والجواب عنه : أنّ السّياق إنّما يكون حجّة لو لم يقم دليل على خلافه ، وذلك لعدم الوثوق حينئذٍ بنزول الآية في ذلك السّياق ، إذ لم يكن ترتيب الكتاب العزيز في الجمع موافقاً لترتيبه في النزول بإجماع الأُمّة ، وفي التنزيل كثير من الآيات الواردة على خلاف ما يعطيه السّياق كآية التطهير المنتظمة في سياق النساء مع ثبوت النصّ على اختصاصها بالخمسة أهل الكساء. (٢)

حديث «المنزلة»

روى أهل السِيَر والتاريخ أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله خلّف علي بن أبي طالب عليه‌السلام على أهله في المدينة عند توجّهه إلى تبوك ، فأرجف به المنافقون ، وقالوا ما خلّفه إلّا استثقالاً له وتخوّفاً منه ، فضاق صدره بذلك ، فأخذ سلاحه وأتى النبيّ وأبلغه مقالتهم ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : «كذبوا ، ولكنّي خلفتك لما تركت ورائي ، فارجع واخلف في أهلي وأهلك ، أفلا ترضى يا عليّ أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى ، إلّا أنّه لا نبيّ بعدي؟». (٣)

__________________

(١) الإشكال للرازي في مفاتيح الغيب : ١٢ / ٢٨.

(٢) المراجعات : ١٦٧ ، الرقم ٤٤.

(٣) السيرة النبوية لابن هشام : ٢ / ٥١٩ ـ ٥٢٠. وقد نقله من أصحاب الصحاح ، البخاري في غزوة تبوك : ٦ / ٣ ؛ ومسلم في فضائل علي : ٧ / ١٢٠. وابن ماجة في فضائل أصحاب النبيّ : ١ / ٥٥ ؛ والإمام أحمد في غير مورد من مسنده ، لاحظ : ١ / ١٧٣ ، ١٧٥ ، ١٧٧ ، ١٧٩ ، ١٨٢ ، ١٨٥ ، ٢٣٠. ورواه ـ

٣٦٤

إضافة كلمة «منزلة» ـ وهي اسم جنس ـ إلى هارون يقتضي العموم ، فالرواية تدلّ على أنّ كلّ مقام ومنصب كان ثابتاً لهارون فهو ثابت لعليّ ، إلّا ما استثني وهو النبوّة ، بل الاستثناء أيضاً قرينة على العموم ولولاه لما كان وجه للاستثناء ، وكون المورد هو الاستخلاف على الأهل لا يدلّ على الاختصاص ، فإنّ المورد لا يكون مخصِّصاً ، كما لو رأيت الجنب يمسّ آية الكرسي مثلاً فقلت له لا يمسَّنَّ آيات القرآن محدث ، يكون دليلاً على حرمة مسّ القرآن على الجنب مطلقاً.

وأمّا منزلة هارون من موسى فيكفي في بيانها قوله سبحانه حكاية عن موسى : (وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي* هارُونَ أَخِي* اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي* وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي) (١).

وقد أوتي موسى جميع ذلك كما يقول سبحانه : (قالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يا مُوسى)(٢).

وقد استخلف موسى أخيه هارون عند ذهابه إلى ميقات ربّه مع جماعة من قومه ، قال سبحانه :

__________________

ـ كلّ من تعرّض لغزوة تبوك من المحدّثين وأهل السير والأخبار ، ونقله كلّ من ترجم علياً من أهل المعاجم في الرجال من المتقدمين والمتأخرين على اختلاف مشاربهم ومذاهبهم. وهو من الأحاديث المسلّمة في كلّ خلف من هذه الأمة. قال ابن عبد البرّ : «هو من أثبت الآثار وأصحّها». وبالجملة فحديث المنزلة ممّا لا ريب في ثبوته بإجماع المسلمين على اختلافهم في المذاهب والمشارب. انظر : المراجعات ، المراجعة ٢٨.

(١) طه : ٢٩ ـ ٣٢.

(٢) طه : ٣٦.

٣٦٥

(وَقالَ مُوسى لِأَخِيهِ هارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ)(١).

وهذا الاستخلاف وإن كان في قضية خاصّة ووقت خاصّ ، لكنّ اللفظ مطلق والمورد لا يكون مخصّصاً. ومن هنا لو فرض غيبة أُخرى لموسى من قومه مع عدم تنصيصه على استخلاف هارون كان خليفة له بلا إشكال. وهارون وإن كان شريكاً لموسى في النبوّة إلّا أنّ الرئاسة كانت مخصوصة لموسى ، فموسى كان وليّاً على هارون وعلى غيره.

حديث «الغدير»

حديث الغدير ، ممّا تواترت به السنّة النبويّة وتواصلت حلقات أسانيده منذ عهد الصحابة والتابعين إلى يومنا الحاضر ، رواه من الصحابة (١١٠) صحابياً ومن التابعين (٨٤) تابعياً ، وقد رواه العلماء والمحدّثون في القرون المتلاحقة ، وقد أغنانا المؤلّفون في الغدير عن إراءة مصادره ومراجعه ، وكفاك في ذلك كتب لمّة كبيرة من أعلام الطائفة ، منهم : العلّامة السيد هاشم البحراني (المتوفي ١١٠٧ ه‍) مؤلّف «غاية المرام» ، والسيد مير حامد حسين الهندي (المتوفي ١٣٠٦ ه‍) مؤلف «العبقات» ، والعلّامة الأميني (المتوفي ١٣٩٠ ه‍) مؤلف «الغدير» ، والسيد شرف الدين العاملي (المتوفي ١٣٨١ ه‍) مؤلف «المراجعات».

ومجمل الحديث هو أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أذَّن في الناس بالخروج إلى

__________________

(١) الأعراف : ١٤٢.

٣٦٦

الحجّ في السنّة العاشرة من الهجرة ، وأقلّ ما قيل إنّه خرج معه تسعون ألفاً ، فلمّا قضى مناسكه وانصرف راجعاً إلى المدينة ووصل إلى غدير «خمّ» ، وذلك يوم الخميس ، الثامن عشر من ذي الحجّة ، نزل جبرئيل الأمين عن الله تعالى بقوله :

(يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ).

فأمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يردّ من تقدّم ، ويحبس من تأخّر حتّى إذا أخذ القوم منازلهم نودي بالصلاة ، صلاة الظهر ، فصلّى بالناس ، ثمّ قام خطيباً وسط القوم على أقتاب الإبل ، وبعد الحمد والثناء على الله سبحانه وأخذ الإقرار من الحاضرين بالتوحيد والنبوّة والمعاد ، والإيصاء بالثقلين ، وبيان أنّ الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، أخذ بيد «عليّ» فرفعها حتى رؤي بياض إبطيهما وعرفه القوم أجمعون ، ثمّ قال : «من كنت مولاه ، فعليّ مولاه ـ يقولها ثلاث مرّات ـ».

ثمّ دعا لمن والاه ، وعلى من عاداه ، وقال : «ألا فليبلغ الشاهد الغائب».

ثمّ لم يتفرّقوا حتى نزل أمين وحى الله بقوله : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي) الآية.

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «الله أكبر على إكمال الدين وإتمام النعمة ، ورضى الربّ برسالتي والولاية لعليّ من بعدي».

ثمّ أخذ الناس يهنّئون عليّاً ، وممّن هنَّأه في مقدم الصحابة الشيخان أبو بكر وعمر كلّ يقول :

٣٦٧

«بخٍّ بخٍّ لك يا ابن أبي طالب ، أصبحت مولاي ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة».

دلالة الحديث

إنّ كلمة «المولى» استعملت في معاني أو مصاديق مختلفة وهي : المالك ، والعبد ، والمعتق (بالكسر) والمعتق (بالفتح) والصاحب ، والجار ، والحليف ، والابن ، والعمّ ، وابن العمّ ، والنزيل ، والشريك ، وابن الأخت ، والربّ ، والناصر ، والمنعم ، والمنعم عليه ، والمحبّ ، والتابع ، والصهر ، والأولى بالشيء والّذي وقع مورد الاختلاف بين الشيعة وأهل السنّة من هذه المعاني ، هي المحبّ والأولى بالشيء. فأهل السنّة يقولون ، المقصود من المولى في حديث الغدير هو المحبّة والمودّة ، والشيعة تقول : المقصود منها هو الأولى بالتصرف في أمور المؤمنين وهو معنى الإمامة. وهم يستشهدون على ذلك بقرائن حالية ومقالية. تجعل الحديث كالنصّ في أنّ المراد من المولى هو الأولى بالتصرّف في شئون المؤمنين على غرار ما كان للنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله من الولاية.

وأما القرينة الحالية ، فلأنّ لزوم المحبّة الإيمانية أمر عامّ شامل لكلّ مؤمن ومؤمنة وهو من الأمور الواضحة لكلّ مسلم ولا حاجة لبيانه أو التأكيد عليه في مثل ذلك الموقف الحرج وفي أثناء المسير ، ورمضاء الهجير ، والناس قد أنهكتهم وعثاء السفر وحرّ المجير ، حتّى أنّ أحدهم ليضع طرفا من ردائه تحت قدميه وطرفا فوق رأسه. فيرقى هنالك منبر الأهداج ،

٣٦٨

ويعلنهم النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله بما هو من الواضحات وهذا بخلاف الولاية بمعنى الأولى بالتصرف في شئون المسلمين لأنّ الأصل عدم ولاية أحد على غيره بهذا المعنى. هذا مضافاً إلى أنّ الدواعي والرغبات فيها كثيرة فتعيين المتولّى لأمور المسلمين بعد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله في مثل ذلك المحتشد العظيم كان مقتضى الحكمة والمصلحة.

وأما القرائن المقالية فمتعدّدة نشير إلى بعضها :

القرينة الأولى : صدر الحديث وهو قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «ألست أولى بكم من أنفسكم». أو ما يؤدّي مؤدّاه من ألفاظ متقاربة ، ثمّ فرَّع على ذلك قوله : «فمن كنت مولاه فعليّ مولاه» وقد روى هذا الصدر من حفّاظ أهل السنّة ما يربو على أربعة وستّين عالماً. (١)

القرينة الثانية : نعي النبيّ نفسه إلى الناس حيث إنّه يعرب عن أنّه سوف يرحل من بين أظهرهم فيحصل بعده فراغ هائل ، وأنّه يسدّ بتنصيب علي عليه‌السلام في مقام الولاية. وغير ذلك من القرائن الّتي استقصاها شيخنا المتتبّع في غديره (٢). الى غير ذلك من القرائن المحفوفة بها لحديث الغدير. (٣)

__________________

(١) لاحظ قولهم في كتاب الغدير ، ج ١ ، موزَّعين حسب قرونهم.

(٢) المصدر السابق : ٣٧٠ ـ ٣٨٣.

(٣) انظر : الإلهيات على هدى الكتاب والسنة والعقل : ٢ / ٥٩٨ ـ ٥٩٩ والغدير للعلامة الأميني : ١ / ٦٥١ ـ ٦٦٦. فقد ذكر الأخير عشرين قرينة متصلة ومنفصلة على ذلك.

٣٦٩

لما ذا أعرض الصحابة عن مدلول حديث الغدير؟

أقوى مستمسك لمن يريد التخلّص من الاعتناق بنصّ الغدير ونحوه ، هو أنّه لو كان الأمر كذلك فلما ذا لم تأخذه الصحابة مقياساً بعد النبيّ؟ وليس من الصحيح إجماع الصحابة وجمهور الأُمّة على ردّ ما بلغه النبيّ في ذلك المحتشد العظيم.

والجواب عنه أنّ من رجع إلى تاريخ الصحابة يرى لهذه الأُمور نظائر كثيرة في حياتهم السياسية ، وليكن ترك العمل بحديث الغدير وغيره من نصوص الإمامة من هذا القبيل ، منها «رزيّة يوم الخميس» رواها الشيخان وغيرهما (١) ومنها «سريّة أسامة» (٢) ومنها «صلح الحديبية» واعتراض لفيف من الصحابة (٣) ولسنا بصدد استقصاء مخالفات القوم لنصوص النبيّ وتعليماته ، فإنّ المخالفة لا تقتصر على ما ذكر بل تربو على نيّف وسبعين مورداً ، استقصاها بعض الأعلام. (٤)

وعلى ضوء ذلك لا يكون ترك العمل بحديث الغدير ، من أكثريّة الصحابة دليلاً على عدم تواتره ، أو عدم تماميّة دلالته.

__________________

(١) أخرجه البخاري في غير مورد لاحظ : ج ١ ، باب كتابة العلم ، الحديث ٣ ، وج ٤ / ٧٠ وج ٦ / ١٠ من النسخة المطبوعة سنة ١٣١٤ ه‍ ؛ والإمام أحمد في مسنده : ١ / ٣٥٥.

(٢) طبقات ابن سعد : ٢ / ١٨٩ ـ ١٩٢ ؛ الملل والنحل للشهرستاني : ١ / ٢٣.

(٣) صحيح البخاري : ٢ / ٨١ ، كتاب الشروط ؛ صحيح مسلم : ٥ / ١٧٥ ، باب صلح الحديبية ؛ والطبقات الكبرى لابن سعد : ٢ / ١١٤.

(٤) لاحظ : كتاب النصّ والاجتهاد للسيد الإمام شرف الدين.

٣٧٠

الفصل السابع :

السنّة النبويّة والأئمّة الاثنا عشر :

حديث اثني عشر خليفة

إنّ النبيّ الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله لم يكتف بتنصيب عليّ عليه‌السلام منصب الإمامة والخلافة ، كما لم يكتف بإرجاع الأُمّة الإسلامية إلى أهل بيته وعترته الطاهرة ، ولم يقتصر على تشبيههم بسفينة نوح ، بل قام ببيان عدد الأئمة الّذين يتولّون الخلافة بعده ، واحداً بعد واحد ، حتّى لا يبقى لمرتاب ريب ، فقد روي في الصّحاح والمسانيد بطرق مختلفة عن جابر بن سمرة أنّ الخلفاء بعد النبيّ اثنا عشر خليفة كلّهم من قريش ، وإليك ما ورد في توصيفهم من الخصوصيات :

١. لا يزال الدّين عزيزاً منيعاً إلى اثني عشر خليفة ؛

٢. لا يزال الإسلام عزيزاً إلى اثني عشر خليفة ؛

٣. لا يزال الدّين قائماً حتى تقوم السّاعة ، أو يكون عليكم اثنا عشر خليفة ؛

٣٧١

٤. لا يزال الدّين ظاهراً على من ناوأه حتّى يمضي من أمّتي اثنا عشر خليفة ؛

٥. لا يزال هذا الأمر صالحاً حتّى يكون اثنا عشر أميراً ؛

٦. لا يزال الناس بخير إلى اثني عشر خليفة. (١)

وقد اختلفت كلمة شرّاح الحديث في تعيين هؤلاء الأئمّة ، ولا تجد بينها كلمة تشفي العليل ، وتروي الغليل ، إلّا ما نقله الشيخ سليمان البلخي القندوزي الحنفيّ في ينابيعه عن بعض المحقّقين ، قال :

إنّ الأحاديث الدالّة على كون الخلفاء بعده اثني عشر ، قد اشتهرت من طرق كثيرة ، ولا يمكن أن يحمل هذا الحديث على الخلفاء بعده من الصحابة ، لقلّتهم عن اثني عشر ، ولا يمكن أن يحمل على الملوك الأُمويّين لزيادتهم على الاثني عشر ولظلمهم الفاحش إلّا عمر بن عبد العزيز ... ولا يمكن أن يحمل على الملوك العباسيّين لزيادتهم على العدد المذكور ولقلّة رعايتهم قوله سبحانه : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى).

وحديث الكساء ، فلا بدّ من أن يحمل على الأئمّة الاثني عشر من أهل بيته وعترته ، لأنّهم كانوا أعلم أهل زمانهم ، وأجلّهم ، وأورعهم ، وأتقاهم ،

__________________

(١) راجع : صحيح البخاري : ٩ / ٨١ ، باب الاستخلاف ؛ صحيح مسلم : ٦ / ٣ ، كتاب الإمارة ، باب الناس تبع لقريش ؛ مسند أحمد : ٥ / ٨٦ ـ ١٠٨ ؛ مستدرك الحاكم : ٣ / ٦١٨.

٣٧٢

وأعلاهم نسباً ، وأفضلهم حسباً ، وأكرمهم عند الله ، وكانت علومهم عن آبائهم متّصلة بجدّهم صلى‌الله‌عليه‌وآله وبالوراثة اللّدنية ، كذا عرّفهم أهل العلم والتحقيق ، وأهل الكشف والتوفيق.

ويؤيّد هذا المعنى ويرجّحه حديث الثقلين والأحاديث المتكثّرة المذكورة في هذا الكتاب وغيرها». (١)

أقول : الإنسان الحرّ الفارغ عن كلّ رأي مسبق ، لو أمعن النظر في هذه الأحاديث وأمعن في تاريخ الأئمّة الاثنى عشر من ولد الرسول ، يقف على أنّ هذه الأحاديث لا تروم غيرهم ، فإنّ بعضها يدلّ على أنّ الإسلام لا ينقرض ولا ينقضي حتّى يمضي في المسلمين اثنا عشر خليفة ، كلّهم من قريش ، وبعضها يدلّ على أنّ عزَّة الإسلام إنّما تكون إلى اثني عشر خليفة ، وبعضها يدلّ على أنّ الدّين قائم إلى قيام السّاعة وإلى ظهور اثني عشر خليفة ، وغير ذلك من العناوين.

وهذه الخصوصيات لا توجد في الأُمّة الإسلامية إلّا في الأئمّة الاثني عشر المعروفين عند الفريقين (٢) خصوصاً ما يدلّ على أنّ وجود الأئمّة مستمرّ إلى آخر الدهر ومن المعلوم أنّ آخر الأئمّة هو المهدي المنتظر الّذي يعدّ ظهوره من أشراط الساعة.

__________________

(١) ينابيع المودّة : ٤٤٦ ، ط استنبول ، عام ١٣٠٢.

(٢) وهم : علي بن أبي طالب ، وابناه الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة ، وعلي بن الحسين السجاد ، ومحمّد بن علي الباقر ، وجعفر بن محمّد الصادق ، وموسى بن جعفر الكاظم ، وعلي بن موسى الرضا ، ومحمّد بن علي التقي ، وعلي بن محمّد النقي ، والحسن بن علي العسكري ، وحجّة العصر المهدي المنتظر ـ صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ـ.

٣٧٣

حديث الثقلين

ومن نصوص إمامة العترة الطاهرة حديث الثقلين المتواتر عند الفريقين. فالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قرنهم بمحكم الكتاب وجعلهم قدوة لأولى الألباب فقال :

«إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم لن تضلّوا ، كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، وأنّهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض».

فيجب على الأمّة التمسك بالعترة الطاهرة كما يجب عليهم التمسك بالكتاب المجيد وكما لا يجوز الرجوع الى كتاب يخالف في حكمه كتاب الله سبحانه لا يجوز الرجوع الى إمام يخالف في حكمه أئمّة العترة الطاهرة. ومن تدبّر الحديث وجده يرمي الى حصر الخلافة في أئمّة العترة الطاهرة.

ثمّ إنّه قد تضافرت النصوص في تنصيص الإمام السّابق على الإمام اللاحق ، فمن أراد الوقوف على هذه النصوص ، فليرجع إلى الكتب المؤلّفة في هذا الموضوع. (١)

__________________

(١) لاحظ : الكافي ، ج ١ ، كتاب الحجّة ؛ كفاية الأثر ، لعلي بن محمد بن الحسن الخزاز القمي من علماء القرن الرابع ؛ إثبات الهداة للشيخ الحرّ العاملي ، وهو أجمع كتاب في هذا الموضوع.

٣٧٤

الفصل الثامن :

الإمام الثاني عشر

في الكتاب والسنّة

إنّ إفاضة القول في تعريف أئمّة أهل البيت عليهم‌السلام ببيان علومهم وفضائلهم ونتائج جهودهم في مجال العلوم الدينيّة ، وتربية الشخصيات المبرزة في مجال العلم والعمل ، وما لاقوه من اضطهاد خلفاء عصرهم يحتاج إلى موسوعة كبيرة ، ولأجل ذلك طوينا الكلام عن ذلك ، إلّا أن الاعتقاد بالإمام المنتظر لما كان أصلاً رصيناً من أبحاث الإمامة للشيعة ، وكان الاعتقاد به ـ في الجملة ـ مشتركاً بين طوائف المسلمين ، رجّحنا إلقاء الضوء على هذا الأصل على وجه الإجمال فنقول :

كلّ من كان له إلمام بالحديث ، يقف على تواتر البشارة عن النبيّ وآله وأصحابه ، بظهور المهدي في آخر الزمان لإزالة الجهل والظلم ونشر العلم وإقامة العدل ، وإظهار الدين كلِّه ولو كره المشركون ، وقد تضافر مضمون قول الرسول الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله :

٣٧٥

«لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم ، حتى يخرج رجل من ولدي ، فيملؤها عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً وظلماً». (١)

ولو وجد هنا خلاف بين طوائف المسلمين فهو الاختلاف في ولادته ، فإنّ الأكثريّة من أهل السنّة يقولون بأنّه سيولد في آخر الزمان ، لكن معتقد الشيعة بفضل الروايات الكثيرة هو أنّه ولد في «سُرَّمن رأى» عام ٢٥٥ بعد الهجرة النبويّة ، وغاب بأمر الله سبحانه سنة وفاة والده عام ٢٦٠ ه‍ ، وسوف يظهره الله سبحانه ليتحقّق عدله.

ونحن نكتفي في المقام بذكر فهرس الروايات الّتي رواها السنّة والشيعة :

١. البشارة بظهوره ٦٥٧ رواية

٢. إنّه من أهل بيت النبيّ الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله ٣٨٩ رواية

٣. إنّه من أولاد الإمام علي عليه‌السلام ٢١٤ رواية

٤. إنّه من أولاد فاطمة الزهراء عليها‌السلام ١٩٢ رواية

٥. إنّه التاسع من أولاد الحسين عليه‌السلام ١٤٨ رواية

٦. إنّه من أولاد الإمام زين العابدين عليه‌السلام ١٨٥ رواية

٧. إنّه من أولاد الحسن العسكري عليه‌السلام ١٤٦ رواية

٨. إنّه يملأ الأرض قسطاً وعدلاً ١٣٢ رواية

__________________

(١) لاحظ : مسند أحمد : ١ / ٩٩ وج ٣ / ١٧ و ٧٠.

٣٧٦

٩. إنّ له غيبة طويلة ٩١ رواية

١٠. إنّه يعمر عمراً طويلاً ٣١٨ رواية

١١. الإمام الثاني عشر من أئمّة أهل البيت عليهم‌السلام ١٣٦ رواية

١٢. الإسلام يعمّ العالم كلّه بعد ظهوره ٢٧ رواية

١٣. الروايات الواردة حول ولادته (١) ٢١٤ رواية.

ولم ير التضعيف لأخبار الإمام المهدي إلّا من ابن خلدون في مقدّمته ، وقد فنّد مقاله الأُستاذ أحمد محمّد صديق برسالة أسماها «إبراز الوهم المكنون من كلام ابن خلدون»(٢).

قال بعض المحقّقين من أهل السنّة ـ ردّاً لمزعمة ابن خلدون ـ :

إنّ المشكلة ليست مشكلة حديث أو حديثين ، أو رواية أو روايتين ، إنّها مجموعة من الأحاديث والآثار تبلغ الثمانين تقريباً ، اجتمع على تناقلها مئات الرواة وأكثر ، من صاحب كتاب

__________________

(١) وقد ألّف غير واحد من أعلام السنّة كتباً حول الإمام المهدي عليه‌السلام ، منهم ، الحافظ أبو نعيم الأصفهاني له كتاب «صفة المهدي» والكنجي الشافعي له «البيان في أخبار صاحب الزمان» وملّا علي المتّقي له «البرهان في علامات مهدي آخر الزمان» وعباد بن يعقوب الرواجني له «أخبار المهدي» والسيوطي له «العرف الوردي في أخبار المهدي» وابن حجر له «القول المختصر في علامات المهدي المنتظر» والشيخ جمال الدين الدمشقي له «عقد الورد في أخبار الإمام المنتظر» وغيرهم قديماً وحديثاً.

(٢) وأخيراً نشر شخص يدعى أحمد المصري رسالة أسماها (المهدي والمهدوية) قام ـ بزعمه ـ بردّ أحاديث المهدي ، وأنكر تلك الأحاديث الهائلة البالغة فوق حدّ التواتر ، جهلاً منه بالسنّة والحديث.

٣٧٧

صحيح. فلما ذا نردّ كلّ هذه الكمّية؟ أكلّها فاسدة؟! لو صحّ هذا الحكم لانهار الدين ـ والعياذ بالله ـ نتيجة تطرق الشك والظن الفاسد إلى ما عداها من سنّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله.

ثمّ إنّي لا أجد خلافاً حول ظهور المهدي ، أو حول حاجة العالم إليه ، وإنّما الخلاف حول من هو؟ حسني ، أو حسيني؟ سيكون في آخر الزمان ، أو موجود الآن؟ ولا عبرة بالمدّعين الكاذبين فليس لهم اعتبار.

وإذا نظرنا إلى ظهور المهدي ، نظرة مجردة ، فإنّنا لا نجد حرجاً من قبولها وتصديقها ، أو على الأقلّ عدم رفضها.

وقد يتأيّد ذلك بالأدلّة الكثيرة والأحاديث المتعدّدة ، ورواتها مسلمون مؤتمنون ، والكتب الّتي نقلتها إلينا كتب قيّمة ، والترمذي من رجال التخريج والحكم ، بالإضافة إلى أنّ أحاديث المهدي لها ما يصحّ أن يكون سنداً لها في البخاري ومسلم ، كحديث جابر في مسلم الّذي فيه : «فيقول أميرهم (أي لعيسى) تعال صلِّ بنا». (١) وحديث أبي هريرة في البخاري وفيه : «وكيف بكم إذا نزل فيكم المسيح بن مريم وإمامكم منكم». (٢) فلا مانع من أن يكون هذا الأمير وهذا الإمام هو المهدي.

__________________

(١) صحيح مسلم : ١ / ٩٥ ، باب نزول عيسى.

(٢) صحيح البخاري : ٤ / ١٦٨ ، باب نزول عيسى بن مريم.

٣٧٨

يضاف إلى هذا أنّ كثيراً من السّلف رضي‌الله‌عنهم ، لم يعارضوا هذا القول ، بل جاءت شروحهم وتقريراتهم موافقة لإثبات هذه العقيدة عند المسلمين. (١)

أسئلة حول المهدي المنتظر (عجّل الله تعالى فرجه الشريف)

إنّ القول بأنّ الإمام المهدي لم يزل حيّاً منذ ولادته إلى الآن ، وأنّه غائب سوف يظهر بأمر الله سبحانه أثار أسئلة حول حياته وإمامته أهمّها ما يلي :

١. كيف يكون إماماً وهو غائب؟

٢. لما ذا غاب؟

٣. كيف يمكن أن يعيش إنسان هذه المدّة الطويلة؟

٤. متى يظهر؟ (علائم ظهوره).

وقد قام العلماء المحقّقون من علماء الإمامية بالإجابة عليها في مؤلَّفات مستقلّة لا مجال لنقل معشار ممّا جاء فيها ، ونحن نكتفي في المقام بالبحث عنها على وجه الإجمال ، ونحيل من أراد التبسّط إلى المصادر المؤلَّفة في هذا المجال ، فنقول :

أ) كيف يكون إماماً وهو غائب؟

إنّ الغاية من تنصيب الإمام هي القيام بوظائف الإمامة والقيادة وهو

__________________

(١) الدكتور عبد الباقي ، بين يدي الساعة : ١٢٣ ـ ١٢٥.

٣٧٩

يتوقّف على كونه ظاهراً بين أبناء الأُمّة ، مشاهداً لهم ، فكيف يكون إماماً قائداً وهو غائب عنهم؟

والجواب عنه بوجوه :

الأوّل : إنّ عدم علمنا بفائدة وجوده في زمان غيبته لا يدلّ على انتفائها ، ومن أعظم الجهل في تحليل المسائل العلمية أو الدينية هو جعل عدم العلم مقام العلم بالعدم ، ولا شكّ أنّ عقول البشر لا تصل إلى كثير من الأُمور المهمّة في عالم التكوين والتشريع ، بل لا يفهم مصلحة كثير من سنن الله تعالى ولكن مقتضى تنزُّه فعله سبحانه عن اللّغو والعبث هو التسليم أمام التشريع إذا وصل إلينا بصورة صحيحة ، وقد عرفت تواتر الروايات على غيبته.

الثاني : إنّ الغيبة لا تلازم عدم التصرّف في الأمر مطلقاً ، وهذا مصاحب موسى كان ولياً من أوليائه تعالى لجأ إليه أكبر أنبياء الله في عصره كما يحكيه القرآن الكريم ويقول : (فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً* قالَ لَهُ مُوسى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً) (١).

فأيّ مانع حينئذٍ من أن يكون للإمام الغائب في كلّ يوم وليلة تصرّف من هذا النمط ، ويؤيّد ذلك ما دلَّت عليه الروايات من أنّه يحضر الموسم في أشهر الحجّ ، ويحجّ ويصاحب الناس ويحضر المجالس.

__________________

(١) الكهف : ٦٥ ـ ٦٦.

٣٨٠